Skip to main content

Full text of "دكتوراه حول سيد قطب ومنهجه في العقيدة - بين الموافقين والمخالفين (دراسة نقدية )"

See other formats


سده 


لما لماي 
جك 
ا ااه 
تأليف 
000 


1 العقيد ةيجامعةإب - البير ‏ 


771717 22-2 لتيكاقطي ومنعجه في العهيدة : 





4 


المقدمهة 


وى الم 
ا : 
- 


نْفْسِنًا وَم؟ 


1 


هَّ الْحَمَدَ كك ْمَدُهُ وَنَسْتَعِينْةُ وَنَسْتَعْفِئةُ وَنَتُوبُ إلَيْه ونعودٌ ف من شرو 
مقات اغالا تن تقوو الله تمض تق وك قتاره قل هادي ل 0 


الله و عدة لا كريك لل وأاسهة أن شهدا عرد سول 


م 


َوَجَهَاوَبتٌ مارجالا كنا وَضَآء تاها َف وَالدرعم نان َلك ريا 
1 [إسورة النساء»ء :1 ]. 
2س صب سه ساسا ره وه مور لا 2_6 2 اس مساح 
ركاها لذت عامنوا أ 20 ً 1 فووا قولا سينا ((09) يضح لم أعمللك ويغفر 
آ و سك لس 027 كو مده دده روج د 5 1 
كم نوي ومن بطع لم ورسولة فد فاز هوزا عظِيمًا 1 [سورة الأحزاب: 7١‏ 
.]0١‏ 
فإن أفضل العلوم ذة نفعاً وأعلاها منزلة هو العلم بما يجب على العبد 
نحو ربه والهه عز وجل من توحيد الله في ربوبيته وألوهيته 2 
وأمشفانة وضكانه ونان أن ذلك كلق الله كلد نووت الرسنن:» 


ص 


واتضزل الكتبء» قال سيحانه : وما رسلا من ملكت لكين رسول إلا 


و أ 7 لس سم سس لله سم 0 رو 


نوي إِليْهِأنَّهَآإِلَمَإِلَا أن آعبِدُون (1)90 [سورة الأنبياء:5 .]١‏ 


0. 


لالالالالا قار _ 





6 


وقد ختم الله الرسالات بمحمد © »الذي بُعث بالدين الحق 
على فترة من الرسل ». فدعا إلى صراط الله المستقيم » ونصح الأمة 
وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. 

ثم قام بأمر هذا الدين بعد النبي © أصحابه رضوان الله عليهم 
خير قيام ء فحملوا اللواء » ونشروا الدين» وأتم الله نعمته بإظهار 
دينه ولو كره الكافرون . 

ثم ظهرت الأهواء والبدع فتفرقت الأمة إلى طوائف وشيع متناحرة» حتى 
وصل حال المسلمين إلى قرن الضعف والهوان والشدة »القرن الرابع عشر 
المجري ( القرخ العشريق )هيت أريلت خلافتيه وتقامنه الكفان تادهم : 
وبعدت الأمة عن عقيدتها وهويتها الإسلامية . 
ومن عظيم فضل الله تعالى على هذه الأمة أن يبعث فيها الدعاة 
والمصلحون ؛ الذين يعملون على إعادتها إلى الله تعالى وتعريفها 
بأحكام الله في جميع شئون الحياة » كلما اختلت عقيدتهاء وفقدت 
توازنها» وصارت تتخبط في الظلمات . 

ومن أبرز أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة ( سيد قطب ) 

- رحمه الله - الذي عاش حيةة مليئة بالعطاء » واكتوى بنار 
المحنة . وقدم ملحمة رائعة في العمل والدعوة والصبر والثبات 
والاستعلاء » مع علمه التام بالثمن الذي يدفعه المخلصون من 
العلماء والمصلحين وقادة الفكر عبر التاريخ . 


لالالالالا قار _ 





6 


وقد انتشرت كتبه ومؤلفاته بعد قتله» وأقبل الناس على كتبه 
نهدا ود كا 2 وتقاقينا ونقداً 2 فظهرت أفهام خا مختلفة لفكره © ل بين 


جافب وغالٍ ومنصف ٠.‏ 


وكتب كثيرون عن( سيد قطب ) كتابات متنوعة » شملت أدبه. 
وفكره ومنهجه في التفسير والدعوة » والتغيير» والحركة بهذا الدين . 

كما كتب آخرون عن ( سيد قطب ) كتابات نقدية في مسائل 
متعددة » واتهمه البعض في عقيدته » فنسبوه إلى الصوفية الحلولية 
تارة » والى المعتزلة والأشاعرة تارة » وإلى الخوارج تارة أخرى. 

ومن خلال تتبعي لما كُتب عن (سيد قطب ) لم أجد من 
تعرض لبحث جهود سيد قطب ومنهجه في العقيدة » وتحقيق ما 
نسب إليه من مخالفات عقدية بموضوعية وتجرد » من خلال بحث 
أكاديمي يعنى بكل جوانب العقيدة عنده مقارنة بما عليه أهل السنة 
والجماعة» فرأيت أن أقوم بدراسة علمية لمنهج (سيد قطب ) في 
العقيدة . واستخرت الله تعالى » وتشاورت في ذلك مع أهل 
الاختصاص فوجدت منهم استحساناً وتأييداً لهذا الموضعع ء 
فحزمت أمري ». وتوكلت على الله وجعلت موضوع رسالتي للدكتوراه 
بعنوان : (سيد قطب- ومنهجه يذ العقّيدة) . 
أهمية الموضوع وأسباب اختياره : 

تتلخص أهمية الموضوع وأسباب اختياري له في الأمور 


-٠ الاتبة‎ 


5 





1 ا اق آلا 7 





6 


-١‏ أن (سيد قطب ) -“:رخمه الله أضد أغلام الفكر الإسلامئ 
المعاصرء قدم فكراً دعوياً مؤثراً » كان له أثرٌ واضحٌ في النهضة 
الإسلامية المعاصرة » حيث أثارت أفكاره ولا زالت الكثير من 
القضايا » وخاصة ما يتعلق منها بجانب العقيدة . 


-١‏ تأثر قطاع كبير من أبناء الصحوة الإسلامية المعاصرة 
بفكر(سيد قطب ) وأطروحاته؛. حتى أصبحت كتبه مرجعاً 
للدارسين والباحثين والمربين » فكان لا بد من إبراز شخصية 
( سيد قضب ) في الجانب العقدي من خلال كتبه ودراساته » 
باعتبار أن هذا الجانب من أبرز الجوانب التي ساهم ( سيد قطب 
) في إصلاحه والدعوة إليه . 

*- الوقوف على منهج (سيد قطب ) مفصلاً في أبواب العقيدة » 
وبيان مدى موافقته أو مخالفته لمنهج السلف في ذلك وأسباب 
المخالفة - إن وجدت -. 

5 - دراسة ما نسب إليه من مخالفات عقدية وبيان حقيقتها. 

ه- أنه لم يسبق أن كتب أحد عن (سيد قطب ) - حسب علمي- 
في مجال العقيدة على وجه شامل» بحيث جمع كل ما يتعلق 
بمنهجه في كل قضايا العقيدة ومباحثها في بحث شامل » ومقارنة 
ذلك بما عليه السلف . 


0 || 520 لصا 





ا قراءة جميع كتبه قراءة فاحصة . 


“- حصر المسائل المتعلقة بالعقيدة التي اشتملت عليها كتبه. 
4- تقسيم وتصنيف المسائل على أبواب العقيدة ومباحثها وفق 
ما رسمه السلف في كتبهم ومؤلفاتهم . 

ه- جمع كلام سيد المتفرق عن كل مسألة من مواضعه المختلفة » 
للتوصل إلى معرفة منهجه في تلك المسألة . 

5- حرصت على نقل كلامه بالنص في كل مسألة» ليقف القارئ 
على عباراته بدون تصرف فيها » ما لم تدع الحاجة إلى نقل كلامه 
بالمعنى » من أجل تلخيصه إذا كان طويلاً بحيث يصعب نقله 
بالنص ؛ وما لم تدع الحاجة إلى سوق كلامه المفرق مساقاً واحداً 
لإعطاء القارئ صورة متكاملة عن رأي سيد في المسألة إذا كان 
بعض كلامه يكمل بعضا ء وإذا تكرر كلامه على مسألة في أكثر 
من موضع وكان متقارباً نقلته من أحدها وأحلت على الأخرى . 

بأ فيض كل مسالة مس مسحائل ‏ المخنت :#الخطسوطن' التحروعية 
المتعلقة بها ثم أنقل كلام سيد قطب- رحمة الله - وأبيّن في نهاية 
كل مسألة ما إذا كان رأيه موافقاً لرأي أهل السنة والجماعة أو 
مخالفاً له. 


1 1 17 7 اش اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


6 





- قدأكرر كلام سيد قطب في أكثر من موضع وذلك لاشتماله 
أحياناً على أكثر من مسألة من مسائل العقيدة. 
1- عزوت الآيات القرانية الواردة في الرسالة إلى مواضعها 
بذكر اسم السورة ورقم الاآية. 
-٠‏ خرجت الأحاديث من مصادرها المعتمدة. فإن كان الحديث 
في الصحيحين أو احدهما اكتفيت به في التخريجء والا خرجته من 
كتب السنن وغيرها مبيناً درجته. 

. شرحت ما رأيت الحاجة إلى شرحه من الألفاظ الغريبة‎ -١ 

- ترجمت للأعلام المذكورين في صلب البحث في أول 
موضع ورد ذكره فيه.عدا الجاهليين . 
-١‏ ذيلت البحث بفهارس عامة لتيسير الاستفادة منه . 


7777-7-7 :2ك اتيكةاققطي ومنصجه في العقيدة يوت 


> 





خطة البحث: تتكون خطة البحث من مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة . 
المقدمة : وفيها أهمية البحث وأسباب اختياره ومنهج العمل فيه وخطته. 
الباب الأول: ( عصره و حياته ) 
وفيه ثلاثة فصول:- 
الفصل الأول : (عصره) 
وفيه ثلاثة مباحث :- 
الفيخة الأول :الكالة السئاسية: 
المبحث الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية. 
المبحث الثالث : الحالة العلمية والفكرية . 
الفصل الثاني :- ( حياته الشخصية ) 
وفيه ثلاثة مباحث :- 
العيحة: الأول :”امدنة وفيتكه ‏ وأسرقة , 
المبحث الثاني : نشأته وصفاته . 


المبحث الثالث : أعماله ووفاته . 


7777-7-7 2ك اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


> 





م م 


الفصل الثالث :- ( حياته العلمية ) 
وفيه ثلاثة مباحث :- 
المبحث الأول : تعليمه ورحلاته . 

المبحث الثاني : ثقافته ومؤلفاته . 
المبحث الثالث : جهوده في العمل الدعوي 
ومكانقة: الطلنية” +: 
الباب الثاني 
(منهجه في تقرير مسائل الإيمان والعقيدة ) 
وفيه ثلاثة فصول : - 
الفصل الأول : ( منهجه في تقرير العقيدة ) 

وفيه أربعة مباحث :- 
المبحث الأول : مصادر تلقي العقيدة عند سيد قطب . 
المبحث الثاني : منهجه في الاستدلال وتقرير مسائل العقيدة. 
المبحث الثالث : موقفه من الفلسفة وعلم الكلام . 


المبحث الرابع : موقفه من قضية تطور العقيدة ومقارنة الأديان. 


لالالالنالا اله _ 





> 


الفصل الثاني : ( منهجه في الدعوة إلى العقيدة ) 
وفيه ثلاثة مباحث : - 


المبحث الأول : أهمية العقيدة الإسلامية وخصائصها . 
المبحث الثاني : منهجه في عرض العقيدة والدعوة إليها . 
الفيهك الكالة # موقفه من المكالفيق .: 
الفصل الثالث : ( منهجه في تقرير مسائل الإيمان ) 

وفيه خمسة مباحث:- 
المبحث الأول: تعريف الإيمان وبيان حقيقته . 
المبحث الثاني : ثمرات الإيمان والتوحيد وآثارها في الحياة . 
المبحث الثالث : زيادة الإيمان ونقصانه وعلاقته بالإسلام . 
المبحث الرابع : الكبائر وأحكام مرتكبيها . 
الميحكة الخامن: التكفين : 

الباب الثالث : ( منهجه في التوحيد ) 
وفيه تمهيد و ثلاثة فصول : 
التمهيد :تعريف التوحيد وأقسامه. 

الفصل الأول : ( منهجه في توحيد الربوبية) 

وفيه أربعة مباحث :- 
المجحك الأرلن: وكوك لله ووكد نيك 


المبحث الثاني : موقفه من القول بقدم العالم . 


لالالالنالا اله _ 





> 


المبحث الثالث : موقفه من وحدة الوجود . 
المبحث الرابع : منهجه في الإيمان بالقدر . 
الفصل الثاني : ( منهجه في توحيد الأسماء والصفات) 


وفيه أربعة مباحث : 


المبحث الأول : توحيد الأسماء والصفات بين أهل السنة 
ومخالفيهم 
المبحث الثاني : منهج سيد قطب في تقرير منهج الأسماء 
والصفات 

المبحث الثالث : منهج سيد قطب في إثبات الأسماء الحسنى . 
المبحث الرابع : منهج سيد قطب في إثبات الصفات تفصيلاً. 

الفصل الثالث : (منهجه في توحيد الألوهية) 
وفيه ثلاثة مباحث :- 
المبحث الأول : تعريف توحيد الألوهية ومكانته في الدين . 
المبحث الثاني : منهجه في تقرير الألوهية وابطال الشرك . 
المبحث الثالث : خصائص الألوهية ومجالاتها . 
الفصل الرابع :(منهجه في نواقض التوحيد والإيمان ) 

وفيه تمهيد و ثلاثة مباحث :- 
التهميد : تعريف النواقض وأقسامها . 
المبحث الأول : الشرك . 


3 23 3 3 م 











> 


النحك الثاني #الكفسن: + 
المبحث الثالث : النفاق . 
الباب الرابع : ( منهجه في النبوات والمعاد ) 
وفيه تمهيد وثلاثة فصول :- 
الفبمة 5 ادن اقيم 
الفصل الأول:(الإيمان بالملائكة والكتب) 


وفيه ثلاثة مباحث : 

المبحث الأول : الإيمان بالملائكة وما يتعلق بهم . 

المبحث الثاني : الإيمان بالكتب وما يتعلق بها . 
المبحث الثالث : الإيمان بوجود الجن والشياطين وما يتعلق بهم. 

الفصل الثاني:(منهجه في الإيمان بالأنبياء والرسل). 

وفيه أربعة مباحث : 

المبحث الأول : الإيمان بالرسل وما يتعلق بهم . 

المبحث الثاني : الإيمان بنبوة محمد [] وما يتعلق بها . 

المبحث الثالث : منهجه في الصحابة رضوان الله عليهم. 
المبحث الرابع : منهجه في الإمامة والخلافة . 

الفصل الثالث : ( الإيمان باليوم الآخر والمعاد ) 


وفيه اربعة مباحث : 








المبحث الأول : الإيمان باليوم الآخر وأثره . 











3 23 3 3 م 





6 


المبحث الثاني : مقدمات اليوم الآخر . 


المبحث الثالث : اليوم الآخر ( يوم القيامة ) وما بعده . 
المبحث الرابع : الجنة والنار . 
الخاتمة : 
وفيها خلاصة البحث ونتائجه وتوصياته والمقترحات على هيئة 
نقاط . 
الفهارس العلمية للبحث وتشتمل :- 
-١‏ فهرس المراجع والمصادر . 
؟- فهرس الموضوعات . 
وفي الختام : أحمد الله تعالى وأشكره أولاً وأخيراً ظاهراً وباطناً 
على أن وفقني لإتمام هذا البحث ؛ سائلاً الله العلي العظيم أن 
يجعله خالصاً لوجهه الكسريم وأن ينفع بله. 
والكمال لله وحده وحسبي أني بذلت جهدي وطاقتي واس تفرغت 
وسعي . ولكن يبقى النقص والقصور من طبيعة البشر . فإن 
أحسنت فبتوفيق الله » وأشكره سبحانه على ذلك » وإن أخطدات أو 
قصرت فأستغفر الله وأتوب إليه » وحسبي أني كنت حريصاً أن لا 
يقع ذلك مني ء وأتوسل إليه سبحانه في طلب عفمه وغفرانه » 
بحسن النية وقصد الثواب » إنه هو الغفور الرحيم . 
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين »» 
الباحث 


سيت قطي ومنمجة في العقيدة ,وعم 





ترا لك 
ب “لك 


ه وحياته : 
وفيه ثلاثئة فصول : 
الفصل الول : عسصسره . 


الفصل الثاني : حياته الشخصية . 


الفصل الثالث : حياته العلمية . 


7777-7-7 1221 اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


6 





في هذا الباب سأحاول إن شاء الله - أن أرسم صورة واضحة للعصر 
الذي عاش فيه - سيد قطب - رحمه الله وحياته » لمعرفة المعالم والخطوط 
الرئيسة التي ساهمت في تكوين شخصيته وفكره » وأثرت في مراحل حياته 
ودعوته . 
وقضايا هذا الباب وجوانبه متعددة» يصعب تناولها بالتفصيل في باب 
واحدء وليس هذا هو هدف البحث إنما الهدف من هذا الباب رسم إطار 
عام للحياة التي كان لها أثر في شخصية - سيد قطب - وفكره » ومن ثم 
مكو الحديقا مخصيا فلك تاحيقين أسانهتين هنا 
الأولى:_عصره وواقع المجتمع الذي عاش فيه بأبعاده السياسية والاجتماعية 
والاقتصادية والعلمية والثقافية . 
الثانية : حياته الشخصية والعلمية في مراحلها المختلفة» وذلك من خلال 
الفصول الثلاثة الآتية : 
الفصل الأول : عصره - رحمه الله - . 
الفصل الثاني : حياته الشخصية . 
الفصل الثالث : حياته العلمية . 


1177 11 1 7 7ه 





6 


الفصل الأول 


لعل معرفة العصر الذي عاش فيه سيد قطب - رحمه الله - تعيننا على 
فهم كثير من آرائه ومواقفه » والمادة العلمية التي تشتمل عليها كتبه. فبيان 
أراء أيّ عالم أو داعية ومواقفه له علاقة وثيقة بظروف العصر الذي عاش 
فيه » بجوانبه السياسية والاجتماعية والعلمية وما يرتبط بها . 

وقد عاش سيد قطب - رحمه الله - في القرن الرابع عشر الهجري 
(5:١ه)‏ - القرن العشرين الميلادي (١٠م)‏ - حيث ولد عام 575١ه‏ 
(19105١م)‏ وتوفي عام 85/١١ه‏ (975١م).‏ 

وقبل استعراض أحوال العصر الذي عاش فيه يستحسن أن أذكر بصورة 
موجزة الملامح العامة لوضع العالم في هذه المدة » باعتبار أن القرنين 
الأخيرين من أكثر قرون التاريخ أحداثاً وتغيرات » تعرض العالم الإسلامي 
فيها لموجات وتياراتٍ حادة أثرت عليه سلباً وايجاباً . ومن أهمها: 
أولاً : نمو ا القومية : 

وقعت في أوروبا نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تغيرات وانقلابات 
وثورات كانت في معظمها تعبيراً عن الروح القومية وتجسيداً لفكرة الولاء 
للعنصر أو الأرض » وانتقلت هذه العدوى - القومية - إلى العالم 
الإسلامي في نهاية الخلافة العثمانية » حيث برزت الدعوة إلى القومية ( 
التركية ) بدلا عن ( الرابطة الإسلامية) » وسرت هذه الفكرة في العالم 


لالالالالا قلسل _ 





6 


العربي» حيث نشأ تيار جديد ينادي بالقومية العربية » وقد ساعد على 

انتشار هذه الفكرة أمورٌ منها : 

. ضعف الانتماء الديني الصحيح في نفوس كثير من المسلمين‎ -١ 

؟- المظالم التي حدثت في نهاية الخلافة العثمانية » وفساد بعض 
ولاة الأقاليم . 

"- تأثر المبعوثين إلى أوروبا بالثقافة الغربية السائدة هناك . 

4- حركات التبشير والاستشراق» ودعم القوى الغربية والاستعمارية 
لدعاة القومية وحركة الكشوفات الأثرية لربط البلاد الإسلامية 
بقوميات ما قبل الإسلام(') . 

ه- ظهور الاتجاهات المنحرفة والمخدرة للشعب كالتصوف المنحرف 

الذي دعمه الحكام العثمانيون المتأخرون لإشغال الناس عن مفاسد 

٠ الحكم‎ 

ثانياً : الاستعما 

كانت معظم البلدان العربية والإسلامية خاضعة للخلافة العثمانية 





حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي (49١م)‏ حيث شهدت تآمراً غربياً 
وتخطيطاً يهودياً صليبياً للسيطرة على العالم الإسلامي وخلافته » وشهدت 
بداية القرن العشرين (١٠م)‏ تنفيذ مخططات اليهود والنصارى على الخلافة 


” الاتجاهات الوطنية؛ د / محمد محمد حسين »المطبعة النموذجية - القاهرة - ط‎ )١( 
ص (ط ي).‎ -اه١4:.66-‎ 

وأوراق من تاريخ الإخوان المسلمين . جمعه أمين عبد العزيز » دار التوزيع » 
القاهرة » ط١‏ »عام ١٠٠5م‏ ١/لااءص0١٠ه‏ 115 








1 ا اق آلا 7 





0ك 


الإسلامية واستيلاء عملائهم (جمعية الاتحاد والترقي ) على الحكم في 


تركيا. 

وفي الربع الأول من القرن العشرين (١٠م)‏ نشبت الحرب العالمية 
الأولى (5١9١م)‏ وتحالفت تركيا مع ألمانيا ضد إنجلترا وفرنسا ومن معهما 
» وهزمت ألمانيا وتركيا وتم القضاء على سلطان الخلافة الإسلامية » 
واقتطعت الدول المنتصرة معظم البلدان التابعة للخلافة العثمانية » وقسمتها 


إلى دول صغيرة خاضعة لها لتبدأ معاناة أكبر في العالم الإسلامي. )١(‏ 





ولد الفكر الاشتراكي في أوروبا كرد فعل على مساوئ الرأسمالية وبعد 
الحرب العالمية الأولى وانتصار الثورة البلشفية في روسيا عام (1١91١م)‏ » 
ظهر المعسكر الشيوعي كقوة عالمية » وانقسم العالم إلى معسكرين شرقي 
وغربي (شيوعي ورأسمالي) واتجهت كثير من الدول العربية والإسلامية إلى 
الانضواء تحت المعسكر الشيوعي(") . وعملت الأنظمة في تلك البلدان 
غلى فرض النظرية الاشتراكية بالقوة من خلال الأحزاب والمنظمات 
انث شتراكية في العالم العربي والإسلامي عموماً وفي مصر خصوصاً بكافة 
الوشيائل: 11د 


. 58/١ : أوراق من التاريخ جمعة أمين سعيد‎ )١( 
القاهرة » طبعة عام مءص:7"5.‎ 





لالالالالا قار _ 





6 


رابعاً : سيادة الاتجاه المادي : وذلك بعد الثورة الصناعية حيث كان 
له تأثيره على جميع جوانب الحياة ووظائفها . 


خامساً : الغاء الخلافة الاسلامية : 


وذلك على يد مصطفى أتاتورك(١)‏ عام 747١ه‏ (1175١م)‏ وقد كان 
لهذا الحدث آثاره الخطيرة على العالمين الإسلامي والعربي ولا تزال إلى 
اليوم » حيث فقد المسلمون المظلة التي كانت تظلهم طوال ثلاثة عشر قرناً 
من الزمان » بالإضافة إلى ظهور الدعوة إلى محاربة فكرة الخلافة 
ومهاجمة من يدعو إليها في كثير من البلدان الإسلامية . (5) 


سادساً: نمو الدعوة إلى العلمانية () 


)١(‏ هو :مصطفى كمال بن علي رضا بك » ولد في سالونيك بتركيا عام ١18١م‏ »أحد 
ضباط الجيش التركي ءانقلب على الخلافة الإسلامية وألغاها عام 175١م‏ »وحولها إلى 
دولة علمانية »ترأس تركيا حتى هلك عام1”7١م‏ ءانظر : الموسوعة السياسية 
والعسكرية » د/فراس البيطار دار أسامة »الأردن »طبعة عام 7٠17م 355-757/١١‏ ., 
)١(‏ ينظر :الإسلام والخلافة في العصر الحديث : د/ محمد ضياء الدين الريس ص 
1 

() العلمانية : مصطلح غربي ظهر مع الثورة الفرنسية ويعني :إقصاء الدين عن 
الحياة وإقامتها في كل مجالاتها بعيدا عن توجيهاته » انظر : العلمانية د/سفر الحوالي » 
مكتبة الطيب »القاهرة .ط١ 5-3١ ص)ءه١ 4١8٠‏ 5» و العلمانية وثمارها الخبيثة لمحمد 
شاكر الشريفء دار الرياض للنشر . 








1 ا اق آلا 7 


6 


والديمقراطية('): بسبب الاستبداد والصراع الذي ظهر بين 
الكنيسة وعلماء الاكتشافات المادية والظلم الاجتماعي الناتج 
عنه. فكان الحل عندهم هو (فصل الدين عن الحياة) 
وخصوصاً إقصاءه عن الدولة» وحصره في علاقة العبد بربه . 
وبالتالي جاءت فكرة الديمقراطية والتي تقوم على حكم الشعب 
تفسة 'يتفنية نينخلا ,فنا نراه الأغلبية التيانية: 117 (050) 

وقد انتقلت هذه العدوى إلى العالم الإسلامي فظهرت الدعوة إلى فصل 
الدين عن الحياة» وبدأت رحلة إقصاء الشريعة الإسلامية واستبدالها 
بالقوانين الغربية والشرقية من ذلك الوقت ولا تزال »وليس هناك موجب لذلك 
إذ الإسلام لا يعارض أيّ علم أو اكتشاف ؛ لأنه دين العلم والعقل . 


)0( الديمقراطية : مصطلح غربي يعني : حكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق ما تراه 
الأغلبية النبابية» فهي تزع للحاكمية عن الله وإعطاذها للنشر» انظ + مذاغب فكرية 
معاصرة . محمد قطب » دار الشروق » بيروت؛: طق 5٠.7‏ ١هاء‏ ص 21١817‏ 
والملذيةة اكوا رسن 4 

ليه انظر : مذاهب فكرية معاصرة » محمد قطب ص ١8١‏ » والعلمانية » للحوالي » 


001 





لالالالنالا اله _ 





> 


سابعاً : انتشار موجة الانحلال الخلقي : 


حيث تعرض العالم الإسلامي لموجة من الانحلال الخلقي في بداية القرن 
العشرين الميلادي » فظهرت السينما والمسارح والمجلات الهابطة والقصص 
الخليعة المترجمة عن الأدب الإباحي الغربي » وزادت مظاهر التبرج والسفور 
والتعري على الشواطئ والاختلاط وحانات الخمور ومحلات البغاء » وساعد 
على ذلك الاحتلال والأنظمة الاشتراكية والغربية على حدٍ سواء . )١(‏ 





وظهور حركات التحرر الوطني المناوءة للاحتلال وكان للحركة 
الإسلامية عموماً أثر واضح في إذكاء روح الجهاد في الأمة وطرد 
المحتلين وان كانت ثمرات جهادها يقطفها غيرها !! 


)0( انظر : أوراق من التاريخ »جمعة أمين سعيد » ١‏ بتصرف . 








3 23 3 3 م 


6 


المبحث الأول 
الحالة السياسية 


عند البحث في الحياة السياسية في وقت ومكان محدد » ينصب الحديث 
عادة على السلطة المتولية على هذا القطر » والحوادث الداخلية» والأوضاع 
الخارجية المتعلقة به »ولما كان الحديث عن سيد قطب- رحمه الله - الذي 
عاش في مصر للفترة من 575١١ه‏ (1105١م)‏ إلى 85١١ه‏ (19155م) 2 
فسيكون حديثنا عن أحوال مصر وما يرتبط بها في تلك الفترة. 

* بسط العثمانيون سيطرتهم على مصر عام ؟175ه بعد معركة (مرج 
دابق ) مع المماليك » وأصبحت مصر ضمن الخلافة الإسلامية العثمانية 
00 . 

* وفي عام (/71١م)‏ كانت الحملة الفرنسية على مصر » واستمرت 
ثلاث سنوات أمضتها في قتال عنيف مع الشعب المصري حتى أجبرت 
على الرحيلء» وبعد رحيل الفرنسيين عن مصر حاولت إنجلترا فرض 
سيطرتها على مصر ودخلت في صراع مع الخلافة العثمانية 

* وفي بداية القرن 9١م‏ ظهر في مصر المغامر محمد علي باشا ("), 


)١(‏ تاريخ مصر السياسي : أمين سعيد . دار إحياء الكتب العلمية » القاهرة » طبعة 
غام 9517 ام ص17 

(؟) هو: محمد علي باشا »ولد في مقدونيا عام 754١م‏ »من أسرة ألبانية » أحد ضباط 
الجيش العثماني الذي أرسل لحماية مصر , استعان بالأوربيين فاستقل بمصر عن 
العثمانيين »كان مفتونا بالغرب وفي عهده بدأت البعثات إلى الغرب » ورحلة إقصاء 
الشرجعة واشتبدالها بالقواقين + هلك غام 1847م >.انظن + الموسوحة السيانية ,اله , 


351 





لالالالالا قار _ 





6 


وكان ضمن القوات العثمانية التي جاءت لحماية مصر » وبدأ نفوذه يزداد 
حتى أرغم العثمانيين على تعيينه حاكماً لمصر عام ١16١م‏ » ثم دخل في 
صراع معهم حتى عقدت معاهدة لندن عام ٠181م‏ والتي نصت على بقاء 
السيادة العثمانية على مصر مع ضمان عرش مصر في أسرة محمد علي 
باشا. ولأنه كان مفتوناً بالغرب فقد عمل على إرسال البعثات إلى دول 
أوروبا » واستقدام الخبراء الغربيين لتطوير الجيش والمناهج والقوانين في 


مصبنن 0010117 


* وظل أبناء محمد علي باشا يتوارثون عرش مصر بعد وفاته » وغرقت 
فشل الثورة العرابية عام 885١م‏ وأصبحوا ألعوبة في يد بريطانيا (5) . 

* وفي عام 5١3١م‏ قامت الحرب العالمية الأولى» فاستغلت بريطانيا 
الحرب» وأعلنت حمايتها على مصر في 8١/7١1915/1١م»‏ وبسبب سياسة 
بإذكاء روح الثورة والعداء لهاء فاشتعلت الثورة ضدها في كل مكان ٠‏ 

* وفي 5١/1177/7١م‏ ثار خلاف قوي بين القوى السياسية والملك حول 
الدستور » انتهى بوضع دستور عام 177١م‏ الذي أتاح للانجليز التدخل 


في شؤون مصرء ثم أجريت الانتخابات وفاز بها حزب الوفد وتولى شؤون 


)0( عصر محمد علي باشا » عبد الرحمن الرافعي » مكتبة النهضة » القاهرة » ط؟ 2 
عام 1561م عض 794 وما بعدها يتصرف , 


»م١155 الثورة العرابية » عبد الرحمن الرافعي » بيروت » دار نشر . ط” » عام‎ )١( 
9١ص‎ 


3 





لالالالالا قلسل _ 


0ك 





١ ١ 
وفي عام 175١م أعلن مصطفى كمال أتاتورك إلغاء الخلافة‎ * 
الإسلامية في تركيا » تلاها دعوات علماء العالم الإسلامي لعقد اجتماع في‎ 
القاهرة ذ في 73 1507م لحك داه لحرو ونيو اعد الجايفة‎ 
وانتهى الاجتماع قور الرضئول: الى انتحة > ةا ليان عله‎ 
ثم بدأت حملة شرسة على مسألة الخلافة وعلاقتها بالدين» وكان أول‎ 
؟‎ 

من تولى كبرها (علي عبد الرازق)(") في كتابه ( الإسلام وأصول الحكم ) 
حيث تحرك عدد من علماء المسلمين للرد عليه » ومناقشة أصحاب هذا 

الأتهام أي( ١)‏ + 


)١ (‏ في أعقاب الثورة المصرية : عبد الرحمن الرافعي ٠»‏ مكتبة النهضة ء القاهرة . 
ذا ضام 1385م 1ك 

)١(‏ موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية » د/أحمد شلبي » مكتبة النهضة 
المصرية » طه » عام 137١م‏ ؛ ه5/5"” » والاتجاهات الوطنية د/محمد محمد حسين » 
؟/” وما بعدها. 

(؟) هو :علي بن حسن بن أحمد عبد الرازق؛ ولد بمصرء عام ١ه‏ - 888١م‏ 
»عالم أزهري » تولى منصب القضاء بالمنصورة » سحبت منه شهادة الأزهر وفصل 
من القضاء بقرار من هيئة كبار العلماء في الأزهر بعد جلسة تأديبية حوكم فيها » بسبب 
تأليفه كتاب (الإسلام وأصول الحكم » توفي عام 17/5ه--175١‏ مء انظر : الأعلام 
» للزركلي 5 /7760 . 

(54) منهم : الشيخ: محمد رشيد رضا في كتابه (الخلافة أو الإمامة العظمى ) » والشيخ: 
محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر في كتابه ( حقيقة الإسلام 
وأصول الحكم » والشيخ: محمد الخضر حسينءفي كتابه ( نقض كتاب الإسلام وأصول 
الحكم :وشيخ الإسلام في تركيا: مصطفى صبري في كتابه (النكير ) . 


1 





لالالالنالا ره _ 





6 


وهكذا أصبحت مصر بعد سقوط الخلافة وطناً باهتاً » اقتطع من 


أصله » وأصبحت ضمن الإمبراطورية البريطانية » وان منحت في الظاهر 
ثوب الاستقلال» وعمل المستعمرون على إذكاء النعرة الوطنية فشهدت 
الساحة المصرية ظهور عدة أحزاب سياسية ذات اتجاهات غربية أو 
اشتراكية » لكن يجمعها كلها الدعوة إلى العلمانية » وتمجيد الغرب أو 
الشرق » وسيطرة كبار الملاك ورجال المال عليها » مما جعلها تقبل 
إلى مفاوضات سياسية بين طرفين لا تناقض بينهما أيدلوجياً ('). 

* وفي عام 975١م‏ تولى السلطة الملك فاروق2) » بعد وفاة أبيه و 
قام بالتوقيع على معاهدة مع بريطانيا بمباركة الأحزاب السياسية عدا 
الحزب الوطني الذي نجح في تأليب الشعب على الحكومة » فاضطرت 
فيما بعد إلى إلغاء المعاهدة(") . 

7 وفي عام ام قامت الحرب بين العرب واسرائيل 2 وشاركت 
مصر فيها . وكان لجماعة الإخوان المسلمين دور بارز في الجهاد ضد 
اليهود » وبعد الحرب أدرك اليهود والنصارى وأذيالهم خطورة الجماعة » 
)١(‏ تاريخ النضال بين الاستقلال والاحتلال : أنور الجندي » دار الطباعة » القاهرة » 
طبعة عام /ا115١م»‏ ص 55, ص ؟ 25 5 .»؛ والإخوان المسلمون والجماعات 
الإسلامية » زكريا سليمان البوصي .ء كلية الآداب » جامعة عين شمس » ص" 5» 7 
(١)هو‏ فاروق بن فؤاد الأول » ولد عام ١97١م‏ »شهدت مصر في عهده مفاسد 
»؛ تنازل عن العرش لابنه احمد بعد ثورة 107١م‏ ونفي إلى ايطاليا »مات سنة 
5 امءانظر : الموسوعة السياسية و العسكرية .51//9 558-48 . 


(؟) في أعقاب الثورة المصرية : عبد الرحمن الرافعي » 41/7 » وتاريخ مصر 
السياسي » أمين سعيد » ص57 .١‏ 


3 





لالالالالا قلسل _ 





ميد قطي ومنمجة في العقيدة توم 


> 








فضغطوا على الملك » فأصدر قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين في 
ديسمبر 14/8١مء‏ وعلى إثره ذبرت مؤامرة لاغتيال مؤ سسهاء فاغتيل 
الإمام حسن البنا(!)- رحمه الله - في 7١/1149/7١م‏ »وسادت مصر بعد 
ذلك موجه من الفوضى والإرهاب وزادت المظاهرات خاصة بعد معركة 
القناة في 4157/١/57‏ ١م‏ بسبب الفساد المستشري في البلاد » وكانت حركة 
الفتساط الأخوار 0 ) ترقى: لأحداف ومين الذركبة الاتتطباكن حلي 
النظام الملكي القائم » وأدرك النظام ما ينويه الضباط فقرر محاكمتهم » 
لكنهم استبقوا الأحداث » وقاموا بانقلاب ليلة الأربعاء 9155/17/71١مء‏ 
واختاروا اللواء محمد نجيب ('رئيساً للجمهورية » وجمال عبد الناصر (*) 


- ه١7575 هو : حسن بن أحمد بن عبد الرحمن البناء » ولد في الإسكندرية » سنة‎ )١( 
ه١5577 5مء تخرج من دار العلوم وأسس جماعة الإخوان المسلمين » اغتيل سنة‎ 
م١995‎ ١5 ترجمته في : الأعلام » للزركلي » دار العلم » بيروت؛. ط‎ رظناءم١1155-‎ 
,1 85-1١87 مص‎ 

(؟) هي حركة إخوانية الأصل؛ تكونت من ( الإخوان الضباط ثم وسعها جمال عبد 
الناصر وأدخل فيها غيرهمء ثم أعلن انفصالها عن الإخوان عام ١15١م‏ مع استمرار 
الضباط الإخوان فيها ومشاركتهم بالثورة » انظر : أسرار حركة الضباط الأحرار » 
حسين حمودة » دار الزهراء » القاهرة » ط” .» 391١م‏ » ص ١5١‏ وما بعدها » و 
تاريخ مصر السياسي » أمين سعيد ء ص7727 . 

(؟) هو: محمد نجيب » ولد في الخرطوم عام ١١1١ه‏ »درس في القاهرة »وشارك في 
الثورة »وتولى أول رئاسة للجمهورية »وخلعه عبد الناصر عام 155١م,‏ انظر : التاريخ 
الإسلامي . محمود شاكر ١١5/١7.‏ . » الموسوعة السياسية و العسكرية ص ”1179/7 
(4:) هو:جمال عبد الناصر حسين خليل » ولد في أسيوط عام/31١م‏ »وتربى في حارة 
اليهود في القاهرة »شارك في الثورة وتولى حكم مصر من عام 1355م-١117ام‏ 
“حيث مات بالفجأة »انظر :الأعلام للزركلي ١75/7٠‏ » والتاريخ الإسلامي » لمحمود 





لالالالنالا ره _ 





6 


رئيساً للوزراء » وتم إقصاء الملك فاروق من الحكم ٠‏ 

* وفي عام 4م أعفي محمد نجيب من الرئاسة وعين جمال عبد 
الناصر رئيساً لمصر(') , ولم تكن الحياة السياسية وغيرها في عهد عبد 
الناصر ونظامه أحسن حالاً من الحياة في ظل الملكية » بل زادت سوءاً » 
ونخر الفساد فيها » وظهرت فئات من النفعيين والمرتزقة والظالمين المدنيين 
والعسكريين ٠»‏ الذين عملوا على إذكاء الخلاف بين عبد الناصر والإخوان ٠‏ 
حتى تحول عبد الناصر إلى عدو لدود للإخوان وللإسلام عموماً ٠‏ 

*وفي 5١/١/154ام‏ قررعبد الناصر ضرب حركة الإخوان فأصدر 
مجلس قيادة الثورة أمراً بحل جماعة الإخوان مسبباً ذلك بخطورتها وتهديدها 
للأمن!! والتآمر ضد الوطن!!؛ وفي صباح اليوم التالي تم اعتقال قادة 
الإخوان» ثم أفرج عنهم بعد شهرين بسبب المظاهرات الضخمة التي قام بها 
الإخوان . 

* وفي 5/١٠/1154١م‏ أعلن عن محاولة الإخوان لاغتيال عبد 
الناصر فيما يعرف ب ' حادثة المنشية " ليكون ذلك وسيلة للقضاء على 
الإخوان ("2؛ والتي نتج عنها مذبحة ثانية للإخوان كانت أشد مما حدث 
لهم في عهد الملكية» حيث رُجَّ بهم في المعتقلات » وصّبّ عليهم صنوف 
شاكر ء المكتب الإسلامي » بيروت » ط »١‏ عام ١151هء175-151/17‏ »2 وعبد 
الناصر وعلاقاته » لأحمد عبد المجيد » دار الزهراء » القاهرة » ط 5١5. ١‏ ١ه‏ ءكاملا. 


)١(‏ الثورة والتنظيم السياسي» جلال يحيى » دار المعارف » القاهرة » طبعة عام 
11مءص"7١1.,‏ 


, انظر تفصيلات ذلك في : الإخوان المسلمون . لمحمود عبد الحليم » دار الدعوة‎ )١( 
الإسكندرية » ط عام 69امء ا وما بعدها.‎ 


"5 





7 5 5 55 1111717اشرر ادا 





من الاضطهاد والتعذيب الذي لا يوصف ., وشكلت لهم المحاكم العسكرية 
التي لا مثيل لها في التاريخ إلا محاكم التفتيش في الأندلس )١(‏ وكانت 
نهاية آلاف من الشباب على أعواد المشانق أو الموت في زنازين التعذيب 
٠‏ (ومَاتهَ تَقموأ من إلا " أن يُؤمُوأ له لْعَرِيزِ أحْمِيدٍ 1 [سورة البروج:8 ] . 

* وفي عام 915١م‏ أعلن عبد الناصر عن محاولة انقلاب عليه وهو 
في موسكوء بتدبير الإخوان وكانت على إثرها المذبحة الثالثة وكان ممن 
اكتوى بنارها سيد قطب وتنظيم 155١م‏ وكان ذلك كله بمباركة دول الكفر 


شرقية وغربية . 
ولم يكتف عبد الناصر بحربه على الجماعات الإسلامية بل عمل على 
إلغاء المحاكم الشرعية وتحويل الأزهر إلى جامعة عصرية » كما قضى 
على مكاتب تحفيظ القرآن وقام بتوزيع الأوقاف , وتأييد الدعوة البهائية , 
واحتضانها » وتشجيع الكتّاب الملحدين » وفرض النظام الاشتراكي والولاء 
واقمة شتان الرعلنية والقرووة 17 


» م١ مذابح الإخوان في سجون ناصر ء لجابر رزق » دار الوفاء » القاهرة » طا‎ )١( 
ه‎ ١57١٠. ١. و أيام من حياتي لزينب الغزالي . دار التوزيع » القاهرة‎ ء»١١”ص‎ 
٠ وما بعدها‎ 5١ عص‎ 

)١(‏ تاريخ الدعوة الإسلامية » أنور الجندي , دار القافلة » السعودية » طبعة عام 
17م .ص ”5 وما بعدها . 


ب" 





7777-7-7 (ؤ[ؤ©ج©ض©ظزد©ةجزدبت<آت#سسه أ ل 


> 





المبحث الثاني 
الحالة الاجتماعية والاقتصادية 
في هذا المبحث نستعرض معالم البناء الاجتماعي والاقتصادي 
للمجتمع المصري خلال الفترة التي عاش فيها سيد قطب وآثار ذلك على 
المجتمع من خلال المطلبين الآتيين : 
المطلب الأول : الحياة الاجتماعية . 


المطلب الثاني : الحياة الاقتصادية . 


18 


لالالالنالا ره _ 





6 


المطلب الأول 


الحياة الاجتماعية 

برزت على سطح الحياة الاجتماعية في مصر أوائل القرن العشرين 
الميلادي عدة ظواهر أثرت في الحياة الاجتماعية من أبرزها. 
-١‏ ظاهرة الاحتلال: وما صاحبها من مظالم وفساد أخلاقي واجتماعي 
وقهرء بالإضافة إلى ما نتج عنها من تخلف علمي وضياع للحقوق وتبعية 
وفساد للقيم. 
-١‏ ظاهرة النظام الطبقي : حيث ظهرت الطبقية الصارخة في المجتمع 
المصري وأنشأت نوعاً من الظلم الاجتماعي » أدى إلى الإحساس بالقهر 
والذل » وظهور موجه الانحلال الخلقي في أوساط شرائح المجتمع . 
فأثمرت جيلاً متغرباً في وطنه » فاقداً لمعالم الشخصية الأخلاقية. 

ونتيجة لذلك فقد ظهرت ثلاث طبقات في تركيبة المجتمع المصري هي :)١(‏ 
أ - الطبقة العليا : وتضم كبار الملاك وأصحاب الشركات والبنوك 
ووسائل الإنتاج ويعيش أفرادها حياة ملؤها الترف » وتسودها الثقافة 
الليبرالية الغربية نتيجة لاتصال أفرادها بالمجتمع الأوروبي من خلال 
البعثات ومدارس التعليم الأجنبية والتي لعبت دوراً كبيراً في نشر الثقافة 
الغربية في مصر . 


١1١١ ينظر : ميلاد ثورة »محمد عودة »دار الجمهورية » القاهرة »ط 10م ,عص‎ )١( 
1/١ » وما بعدهاء و أوراق من التاريخ » جمعة أمين سعيد‎ 


>53:35 





1177 11 1 7 كلاش _ 





6 


ب- الطبقة المتوسطة : وتضم التجار المتوسطين ٠‏ وأصحاب الملكيات 
المتوسطة وقطاعاً كبيراً من المثقفين والعاملين بالحكومة » الذين كان لهم 
تأثير واضح وقوي في المجتمع سلباً وايجاباً . 

ج - الطبقة الدنيا : وتضم الفلاحين والعمال » وتمثل الأغلبية في 
المجتمع المصري "707٠0"‏ ويعيش أفرادها حياة الفقر والحرمان » فلا 
يكادون يجدون لقمة العيش إلا بشق الأنفس » مما سبب انتشار الجهل 
والمرض والانحلال الخلقي في أوساط هذه الطبقة . 

- ظاهرة التحلل الأخلاقي والعقائدي : حيث انتشرت مظاهر الفساد 
»؛ وعمت المنكرات الخلقية في المجتمع؛» فظهرت الملاهي الليلية والحانات 
والخمارات.وأماكن البغاء المصرح بها !!! وعم الاختلاط في المدارس 
والنوادي والصالونات الأدبية» وظهر التعري على الشواطئ » والسفور 
والتبرج » وأصبحت الدعوة إلى هذه المنكرات علناً على صفحات الجرائد 
وفي وسائل الإعلام بصورة مقززة !! والأدهى والأمر أن تقوم الهيئات 
الحكومية بالدعاية للفساد الخلقي وحمايته واصدار افيض الا ا 

4 - حركة تحرير المرأة : بدأت حركة تحرير المرأة ( كما يزعم دعاتها 
) منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي » وكان من أوائل من دعا إليها 
قاسم أمين 25 حيث بدأ الدعوة إلى تحرير المرأة في كتابين أصدر أولهما 


)0( أوراق من التاريخ » جمعة أمين » 855-/85/١‏ ». بتصرف . 

)١(‏ هو :قاسم بن محمد أمين المصري .كردي الأصل » ولد عام 857/١م؛‏ كاتب 
وباحث » درس في فرنسا وعين مستشارا في المحكمة بمصر .من دعاة تحرير المرأة 
والتغريب »له عدة مؤلفات » مات عام 104١م‏ ءانظر : الأعلام للزركلي 185/0 » و 





لالالالالا قار _ 





> 


عام 1819م والآخر عام ١٠1١م‏ » وتطورت هذه الدعوة بسرعة مذهلة. 
وأعان على نشرها جو الثورة » وتزعم بعض النساء المدعومات من الغرب 
لجمعيات وحركات تحرير المرأة» » وعلى رأسهن هدى شعراوي (' كما 
كان للصحافة تأثيرها في معركة السفور والمؤامرة على المرأة المسلمة. 
واستغل التغريبيون ظروف المرأة المصرية باسم التعليم والتثقيف والتحرير!! 
حتى أخرجت من مكانها الطبيعي؛ وجعلت سلعة للترويج التجاري 
والسينمائي فامتلأت المصانع والمتاجر والحانات بالعاملات » وكسرت 
الحواجز بين الرجال والنساء وسقط الحجاب تدريجياً » رغم محاولة العلماء 
والمفكرين الوقوف أمام هذه التيارات ولكن الأمر كان أكبر من أن يقضى 
عليه (): 

ه-حركات التنصير: حيث استغلت الدول الغربية - النصرانية - ضعف 
المسلمين ووجود الأحزاب العميلة للغرب » فغزت العالم الإسلامي بحملات 
تنصيرية ضخمة .بدأت بشكل منظم منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي 


معركة السفور والحجاب » لمحمد أحمد إسماعيل المقدم » دار طيبة الرياض » ط” » 
عام ١505‏ هاء 35/١‏ وما بعدها. 

)١(‏ هي :هدى بنت محمد سلطان شعراوي .ولدت في المنيا عام ٠37١م‏ »ونشأت في 
القاهرة » وكان أبوها رئيسا لأول مجلس نيابي في مصر »تعد أول امرأة خلعت الحجاب 
في مصر .أسست جمعية الاتحاد النسائي وعملت على تغريب المرأة ماتت عام 
1ه بالقاهرة » انظر :التاريخ الإسلامي محمود شاكر 77/١7»‏ »هامش >7 . 

(؟) معركة الحجاب والسفورء محمد أحمد المقدم » 75/١‏ وما بعدها ء والإخوان 
المسلمون» محمود عبد الحليم » ١/؟1.‏ 


دن 





لالالالالا قار _ 





6 


وترأسها القس 'زويمر" ,2١(‏ فكثرت مؤتمرات التنصير في مصر والعالم 
الإسلامي » وانتشرت مدارس المنصرين في أغلب البلاد » كما استغل 
تنفيذ مخططاتهم قوتان : 
الأولى : قوة الاحتلال الصليبي ٠‏ الذي فتح الباب للحملات التنصيرية » 
بعد أن مهد لها بنشر الجهل والفقر والمرض . 
الثانية : قوة الحكام ٠‏ الذين أصبحوا يدينون بالولاء والطاعة للغرب 
العمل والتنقل والحماية !!! فانطلقوا في مصر يعملون على نشر الشبهات 
والطعن في العقائد الإسلامية » ونشر الانحلال الخلقي » واستهووا الشباب 
بالمال والنساء والمناصب مستغلين جهل الناس وحاجتهم (') . 
وبصورة عامة فقد كان المظهر الاجتماعي المصري في تلك الفترة فاحشاً 
سيئاً » صوره سيد قطب بقوله : 

" في مصر ما لا يحفظ التاريخ من فحش يعج وفحش يكتم . 
وليس هذا الفحش بقاصرٍ على ما ينصرف إليه الذهن أول وهلة » ولكنه 
فحش يشمل كل شيءٍ » يشمل الضمائر والأسرار » ويشمل الترف 


)١(‏ هو :صموئيل زويمر »منصر أمريكي :ولد عام 1871م » زعيم الإرساليات 
التنصيرية في الخليج » حرر مجلة العالم الإسلامي المعروفة بعدائها للإسلام والمسلمين 
؛ هلك عام 157١م‏ » انظر:المنجد في الأعلام » دار المشرق .بيروت » ط/؟ 

,7/8١ “ص‎ 


لله الإخوان المسلمون . محمود عبد الحليم » 635/١‏ ,. 


كر 








> 


7717117 11111111111111 سيت فطلب ومنمجه في العقيدة بوم 


الشخصي اليومي للألوف والملايين في مصر . فحش من الفقر » وفحش 
من الغنى » فحش من الحرمان وفحش من المتاع وبينهما فحش من 
التعوينة الثافية + زقائلة:فكذن مث الكشدوفة: العازؤية ١:‏ 212 , 


)١(‏ مجلة الرسالة » العدد 515 لسنة ١95١م‏ » ص١"‏ » نقلاً عن : سيد قطب حياته 
وأدبه » لعبد الباقي محمد حسين .دار الوفاء » المنصورة » ط”ء عام 5357١مء‏ ص] .١‏ 


ارد 








3 23 3 3 م 


6 


المطلب الثاني 


الحياة الاقتتصادية 


خضعت مصر للاحتلال البريطاني عام ١1887‏ م, وأقبل القرن 
العشرون وقد ارتبط الاقتصاد المصري بالاقتصاد العالمي في أوروبا ومن 
ثم تأثر اقتصاد مصر به سلباً وإيجاباً » ويمكن إيجاز ملامح الوضع 
الاقتصادي في مصر خلال تلك الفترة في الآتي : )١(‏ 
١‏ -خضوع مصر اقتصادياً للسيطرة الأجنبية » حيث قام المحتلون بربط 
اقتصاد مصر بالاقتصاد الإنجليزي ربطاً كاملآ من خلال : 
أ - تشجيع المستثمرين الأجانب على إقامة المشروعات الكبرى » وبيوت 
الأموال والبنوك . 
ب- فتح السوق المصرية للمنتجات الصناعية الأجنبية . 
ج - تحويل مصر إلى منطقة زراعية » نظراً لخصوبة الأرض ووفرة المياه 
فيها . 
د - تركيز الزراعة على محصول القطن فقط نظراً لحاجة الغرب إليه . 
واهمال الزراعات الأخرى. 


)١(‏ ينظر في ذلك : -١‏ تاريخ مصر السياسي . أحمد عبد الرحيم مصطفى . ص 5 ؟. 
-١‏ تاريخ مصر الاقتصادي . أمين مصطفى عفيفي » مكتبة الأنجلو 
المصرية » القاهرة » ط”اء عام 955١م‏ » ص588 
" - أوراق من التاريخ » جمعة أمين ء ص88 وما بعدها . 


53 





77-77-77 ز>ظ*آظ١ز٠(٠<<9©غشغإ|بإ(ع7إ_عّمّشمّ6آ“أاال‏ ا 1م 


6 





ه- اعتماد النقد المصري على أذونات الخزانة البريطانية » واعتماد النظم 
الربوية في التعامل التجاري . 

؟- سوء توزيع الملكية الزراعية » بسبب النظام الإقطاعي . حيث تركزت 
الملكية للأرض بيد فئة من كبار الملاك والشركات الاستثمارية » وقد شجع 
هذا الوضع على الدعوة إلى الاشتراكية واعادة توزيع الملكية فكان الحال ' 
كالمستجير في الرمضاء بالنار ". 

"- فرض الحكومات للضرائب الباهضة على المزارعين مما ضاعف 
مأساة الشعب وقد أدت هذه الأوضاع إلى انخفاض مستوى المعيشة للشعب 
» وتأثر الجانب الاجتماعي والأخلاقي بها . 


لالالالنالا اله _ 





> 


المبحث الثالث 


الحالة العلمية والفكرية 
في هذا المبحث نلقي الضوء على جانب مهم من جوانب الحياة. 
يدن لكان النلنى والنكرية والققاقي التسقس المكدوف قد الف الكذرف مرق 
خلال المطلبين الآتيين : 
المطلب الأول 


الحياة العلمية 


م 


دخل العالم الإسلامي في القرنين الأخيرين في غفوة علمية طويلة » 
متأثراً بالحَدّر الذي أنشأه الفكر الإرجائي من جهة » والتصوف المنحرف 
الذي غلب على البلاد الإسلامية في نهاية الخلافة العثمانية من جهة 
أخرىء بالإضافة إلى تأثير الاستبداد السياسي وفساد الأنظمة على بقية 
نواحي الحياة في المجتمع .)١(‏ 

ففي المجال العلمي حدث تقلص ضخم أبعد بالتدريج كل العلوم 
الدنيوية عن معاهد العلم » وفي باب العلوم الشرعية اقتصر فيه على فكر 
القرن الخامس الهجري ؛ مع ما في طريقة الدراسة من تخلف عن الصورة 
التي ينبغي أن تكون عليها » ورويداً رويداً فقدت الأمة حاستها العلمية ‏ 


)١(‏ واقعنا المعاصر . محمد قطب » مؤسسة المدينة » جدة » ط" » عام امء 


ص ١7١:‏ » بتصرف 9 


7” 





لالالالالا قار _ 





6 


وقلَ الإقبال على العلم » ففشا الجهل والأمية في الأمة » وجمدت العلوم 
الشرعية على صورتها التي كانت عليها قبل خمسة قرون » بما كان قد 
دخلها من غزو فكري إغريقي » وعلم كلام حوّل العقيدة إلى معضلات ٠.‏ 
وأفرغها من محتواها الحي ؛ وجعلها في صورة قضايا فلسفية » وتحول 
الطلاب غالباً إلى حفظة لا مفكرين ٠»‏ يتعالم الواحد منهم بمقدار ما يحفظ 
من المتون والحواشي !!» كما ظهر التعصب المذهبي الذي أذكى الخلاف 
والفرقة بين المسلمين عموماً » مع أنه لم يخل عصر من عصور الإسلام 
من عَالم بالمعنى الحق للعلم » ولكن قلتهم التدريجية أدت إلى فشو الجهل 
» وانتشار التقليد وأصبحت الحالة العلمية في ركود شبه تام في نهاية 
الخلافة الفتماسية (2)1: 

ثم وقع العالم الإسلامي في برائن الاحتلال الصليبي بعد إسقاط الخلافة 
الإسلامية مما أدى إلى ظهور التيارات المختلفة الداعية إلى إصلاح أحوال 
الأمة » والنهوض بالمجتمعات المسلمة » وقد احتدم الصراع بين اتجاهين 
متمايزين في التصور والأسلوب (') هما : 
الأول : الاتجاه الإسلامي للإصلاح والذي ترجع بداياته إلى دعوة الإمام 


محمد بن عبد الوهاب (اكريكية اش -ا"ه١١الاجه‏ -5.ى؟اجو""ل"ار/ااطا- 


.١756 المصدر السابق . محمد قطب » ص‎ )١( 

(؟) أوراق من التاريخ » جمعة أمين سعيد » .18/١‏ 

(") هو : محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي » ولد بالعيينة» ورحل إلى الحجاز 

والبصرة» ثم عاد إلى نجدء وقام بالدعوة إلى التوحيد فعاونه محمد بن سعود, فانتشرت 

دعوته في نجد ثم انتقلت إلى كثير من بلدان العالم» توفي عام 5١١١ه‏ »ء انظر : الأعلام 


د 





لالالالالا قلسل _ 





لظي ومنصمه فى العديسة تيبي 


7 ل 








١‏ ه"' في الجزيرة العربية » وتعتبر دعوته أول محاولة تجديدية في 
العصر الحديث » تدعو للعودة بالإسلام إلى ما كان عليه السلف متآأثرة 
بخطى شيخ الإسلام ابن تيمية -)١(‏ رحمه الله - حيث اهتمت بالعقيدة 
والتوحيد واحياء العلم الشرعي » ومحاربة البدع والخرافات » واحياء التفكير 
الإسلامي والاستمداد من الكتاب والسنة » وكان لهذه الدعوة أثرها في 
مصر بصورة جلية تمثلت في إنشاء بعض الجمعيات والجماعات 
الإسلامية من أهمها : 'الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة " 
بقيادة الشيخ السبكي (') "-رحمه الله - » وجماعة أنصار السنة " بقيادة 
الشيخ :محمد حامد الفقي - (')رحمه الله-» وكان لهم جهود طيبة في 
إعادة طبع ونشر عدد كبير من كتب السلف من مختلف العصور والبلدان 
» في شتى مجالات الحياة العلمية » وخاصة الكتب التي توجه النقد 


للزر كلي؛ :١737717‏ ومعجم المؤلفين» لعمر رضا كحالة» دار إحياء التراث» بيروت» 
بحت ,759/3١ ٠‏ 

)١(‏ هو :أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الدمشقي , الحراني »شيخ الإسلام 
؛ أبو العباس » ولد بحران سنة ١15ه‏ »وتحول إلى دمشق »كان ذا علم وشجاعة وجهاد 
»؛ صنف فى فنون متعددة » وسجن عدة مرات »توفى فى دمشق سنة /7/اه »انظر : 
النجوم الزاهرة ٠‏ لابن تغري بردي دار الكتب بيروت »ب.ت 771/4 » والبدر 
الطالع »للشوكاني »مطبعة السعادة » بيروت »ط 385١م ٠ 50-55/١‏ 

)١(‏ هو : محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب السبكي عفقيه مالكي » ولد سنة 
ههه تعلم في الأزهر ودرّس فيه» وأسس الجماعة الشرعية بمصرء توفي سنة 
هء انظر: الأعلام للزركلي 7 ٠ 1١81//‏ 

(") هو محمد بن حامد الفقي » ولد في البحيرة بمصر » حفظ القراآن صغيرا »وتخرج 
من الأزهرء وأسس جماعة أنصار السنة» توفي سنة /727١ه‏ »ء انظر: معجم المؤلفين 
08 . 


6 








ل 


7 17 17 17 7 سس 2 اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


للممارينانة الضوفية”الحاظكة : وكقي: العقيدة والأضول :+ 

بالإضافة إلى الدعوة السنوسية في ليبيا » والدعوة المهدية في السودان . 
كما ظهرت الدعوة الإصلاحية في مصر على يد جمال الدين 

الأفغاني(!) ومحمد عبده ('2» ومن جاء بعدهما كالشيخ رشيد رضا (") - 

رحمهم الله -» حيث حاول بعض أفرادها التوفيق بين الإسلام والحضارة 

الغربية!! واستخدام نتاج الفكر والفلسفات الغربية في مجال العلوم الشرعية. 
ثم ظهرت حركة الإخوان المسلمين بقيادة الإمام حسن البنا- رحمه 

الله- وكان لها أثركبير في الحياة العلمية » في مصر والعالم الإسلامي 

عموماً متأثرة في أحيان كثيرة بالحركات السابقة الذكر(؟) . 

الثاني: الاتجاه التغريبي : والذي بدأ إثر الحملة الفرنسية عام 197١م‏ 


-ه١7515 هو :جمال الدين بن صفدر بن علي الحسيني » ولد بهمدان » سنة‎ )١( 

1م تعلم في الأرهر#«وسافن إلى احجان والهند #وكني إلى بارون: تائر بالغري 

في دعوته للإصلاح » اتهمه البعض بالماسونية» ودافع عنه آخرون » توفي 

بالقسطنطينية سنة ١5١5‏ هه انظر: معجم المؤلفين ”/55 ٠ ١‏ 

)١(‏ هو :محمد بن عبده بن خير الله التركماني» مفسر ومتكلم وأديب وسياسيء ولد في 

الغربية بمصر سنة 777١ه‏ تعلم في الأزهرء وشارك في الثورة العرابية » ونفي إلى 

الشام ثم سافر إلى باريسء وعاد إلى مصرء وتولى القضاء والإفتاء» توفي في القاهرة 

سنة 7751١هء‏ انظر : الأعلام ١5٠0/5‏ ومعجم المؤلفين ٠ 717/٠١‏ 

بطرابلس » سنة7787١1ه-1855م‏ » رحل إلى بيروت والحجاز وأوربا ومصرء عين 

رئيسا للمؤتمر السوري »وأصدر مجلة المنار »وتوفي سنة 1555ه-9175١ام2‏ 
انظر: الأعلام ١7١7/5‏ ومعجم المؤلفين ٠ 3١١/9‏ 

(5:) أوراق من التاريخ » جمعة أمين » ١ه‏ وما بعدها بتصرف. 


0 








3 23 3 3 م 





6 


على مصر والمشرق العربي ويدور أصحاب هذا الاتجاه في إطار عقلية 
الغرب ونمط تفكيره » ورؤيته للحياة » حيث ظهر هذا التيار في مصر بقوة 
وساعد على ظهوره عدة عوامل منها : 
أ - الاحتلال الصليبي الغربي » وما صاحبه من فرض قوانين ونظريات 
ومناهج المحتل . 
ب- المدارس الأجنبية التي ظهرت في مصرهء وفيها تربى أبناء النخبة 
الحاكمة وكان لهم أثر في تغريب الحياة العلمية في مصر. 
ج - البعثات الدراسية إلى أوروبا » وتربية المبعوثين في المحاضن الغربية 
وفق النمط الغربي العلماني وتسليمهم زمام النواحي التعليمية والثقافية في 
البلاد بعد ذلك . 
ويمثل الاتجاه التغريبي : 
١-التيار‏ التحرري " العلماني ". 
؟- التيار الشيوعي. )١(‏ 

وكلا التيارين يقومان على النظريات والمناهج الاجتماعية والفلسفية 
والنفسية التي ظهرت في الغرب والشرق»ء المبنية على الفوضى المطلقة 
والإلحاد أو الفهم العلماني للدين ("). 
وقد عمل الغربيون على طبع الحياة العلمية في مصر بالطابع الغربي » 


)١(‏ ومن رموزه في مصر : سلامه موسى » ومحمد حسين هيكل » وطه حسين » وعلي 
عبد الرازق وغيرهم. 
)١(‏ أوراق من التاريخ » جمعة أمين » ١١8/١‏ وما بعدها . 





7777-7-7 20-11717337) سيد قطي ومنصجه في العقيدة توم 


6 





وتمكين التيار التغريبي من أبناء مصر من المناصب العلمية مما كان له 
أثر سيء على الحياة العلمية والتعليمية والثقافية في مصر كما سيأتي 
بيانه . 

وبعد قيام الثورة المصرية عام 157١م‏ بدأت مرحلة أكثر تدهوراً وسوءاً 
مما كان سابقاً بسبب النظام الاشتراكي الناصري الذي عمل على محاربة 
الفكر الإسلامي وتجفيف منابعه. 


لالالالنالا ره _ 





6 


المطلب الثاني 


الحالة الثقافية والأدبية 
هناك عدة عوامل أثرت في الحياة الثقافية والأدبية في مصر في بداية 
القرن العشرين الميلادي منها : التعليم ومؤسساته المختلفة » والبعثات 
العلمية » والصحافة » والترجمة » والمدارس الأدبية والنقدية » والتي أثرت 
بشكل مباشر في تقافة المجتمع المصري وفكر أبنائه ويمكن استعراض أهم 
العوامل إجمالاً فيما يأتي : 
أولا : مؤسسات التعليم : 
ظلت سياسة وزارة المعارف المصرية هي السياسة التي وضعها الإنجليز 
أيام الاحتلال» وكانت الأسس الجوهرية التي وُضعت للعملية التعليمية سواءً 
ما يتعلق بالأهداف أو الخطط أو المناهج تكفل دعم الاحتلال وتعضد 
وجوده في مصر » وتؤدي إلى محو مظاهر الحياة الإسلامية عن طريق : 
-١‏ القضاء على القيم الإسلامية في المتعلم . 
-١‏ تخريج جيل من أشباه المتعلمين ٠‏ الذين لا يصلحون لشيء في الحياة 
7- حشو الأذهان بالمعلومات ٠‏ واغفال مقومات التربية وخاصة الخلقية » مما 
يؤدي إلى انحلال الناشئة وفساد عقولهم .)١(‏ 
:-حصر التعليم الديني » وحصاره مادياً ومعنوياً » والحط من قيمته 
والسخرية بطلابه ومعلميه» والعمل على تشجيع التعليم اللاديني ورفع 


.١79/١ » أوراق من التاريخ » جمعه أمين‎ )١( 





77-77-77 27س . اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


6 





هفتح المدارس بدلاً عن المعاهد الأزهرية» وجعل الأولوية في الوظائف 
دون المدارس 5 

5- جعل مادة الدين من المواد الإضافية » ويلحق بها دروس اللغة العربية 
والتاريخ الإسلامي. 

- إنشاء المدارس الأجنبية في البلاد » لتقوم بنشر الثقافة العلمانية والفكر 

8- رفع شأن اللغة الإنجليزية على حساب اللغة العربية » وجعلها لغة 
التذريفن + 

14- تشجيع الاختلاط » وانشاء المدارس والجامعات المختلطة “وجعل 
الاختلاط من أسس التعليم. 

-٠‏ تخريب المناهج الدراسية تحت ستار " تطوير المناهج '" حيث تم 
استدعاء عدد من النصارى لتطوير المؤسسات التعليمية » بما في ذلك 
مؤسسات التعليم الديني كالأزهر ("). 

" ويزاد عدد المدارس ٠»‏ وتفتح الجامعة الأهلية » ثم تحول إلى جامعة حكومية » 


)١(‏ عوامل تقهقر الأمة المسلمة » د/ سليم القباطي » مكتبة الجيل» صنعاء » ط١‏ » عام 
/اكمء ص .٠١‏ 


ْ ٠١ المصدر السابق » د / سليم القباطي » ص4‎ )١( 








1 ا اق آلا 7 


6 


ثم تتلوها الجامعات ولكن كلها تمضي على المخطط الذي وضعه الإنجليز .)١(‏ 
ويلخص لنا " زويمر "() زعيم المنصرين في العالم الإسلامي ما فعله 
المحتلون في مصر وما جاورها بقوله في مؤتمر القدس عام 175١م‏ 'لقد 
قضينا في هذه الحقبة من التاريخ وبالتحديد منذ ثلث القرن التاسع عشر 
والى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية » إننا قد 
أعددنا نشئاً في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله » ولا يريد أن يعرفها . 
وأخرجنا المسلم من الإسلام ولم ندخله في المسيحية !!" (). 
ثانيا : الحياة الأدبية والثقافية : 
شهد مطلع القرن ال (١٠7م)‏ في مصر ظهور حركة أدبية واسعة » حيث 
انتشرت ظاهرة الأدب والكثّاب على نطاق واسع بسبب عدة عوامل منها : 
-١‏ انتشار المدارس والمعاهد والجامعات. 
-١‏ ظهور النوادي الأدبية والمجامع اللغوية . 
"- زيادة عدد الجرائد والمجلات التي تصدر في مصر. 
5 - حركة الترجمة للأدب الغربي ٠»‏ وتأثر طبقة الأدباء والنقاد به . 


)١(‏ واقعنا المعاصر » محمد قطب » ص72١7‏ وما بعدها بتصرف » و موسوعة تاريخ 
مصر . لأحمد حسين » دار الشعب » القاهرة » ب .وت ,١7717/9‏ 

)١(‏ هو: صموئيل زويمر » منصر أمريكي وزعيم الإرساليات البروتستانتية في الخليج 
“ولد عام 1717م » حرر مجلة العالم الإسلامي المعروفة بعدائها للإسلام والمسلمين 
»هلك عام 175١م‏ ءانظر :المنجد في الأعلام »دار المشرق » بيروت » ط 717 » 
ص١388‏ .. 

(؟) أساليب الغزو الفكري . د/ علي جريشة » دار الاعتصام » القاهرة » طبعة عام 
ممءصه5١7,.‏ 





1 ا اق آلا 7 








6 


ه- انتشار أدب الحداثة»القائم على الثورة على كل قديم » بسبب أن رموزه 
تخرجوا من الجامعات الغربية أو الأجنبية ووضعوا في مواضع القرار 
والتوجيه .)١(‏ 
وبناءً على ذلك فقد ظهرت في الحياة الأدبية والثقافية المصرية عدة 
اتجاهات» خاضت صراعاً ثقافياً وأدبياً على صفحات الجرائد والكتب 
والأندية ويمكن إجمالها فيما يأتي: 
أ - الاتجاه المحافظ: ويمثل أصحابه التوجه الإسلامي في الأدب؛. 


ويعتبرون امتداداً للأدب العربي القديم ("). 

ب- المثقفون ثقافة فرنسية: وهؤلاء تنكروا للأدب العربي القديم» وتأثروا 
بالأدب الفرنسيء وصاروا دعاة إليه كما حاولوا فرنسة الأدب العربي 
0 
وقد كان لسيد قطب - رحمه الله- صولة في الرد على أصحاب هذا 
الاتجاه في كتابه ( نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر ). 

ج- المثقفون ثقافة انجليزية : وهم أخف من القسم الثاني وكان لهم عناية 
بتلقيح الأصول العربية بالعناصر الغربية (؟). 


م١155 قصة الأدب المصري » عبد المنعم خفاجي ؛ المطبعة اللندنية » ط١ء عام‎ )١( 
ار‎ 

(؟) ويمثل هذا الاتجاه طه حسين ومحمد مندور وغيرهما ٠‏ 
)5( 


3 ويمثل هذا الاتجاه عباس العقاد »وابراهيم المازني : 





71711110 220202022-72737373737) هيد قطبم ومنصبه في العقيدة حت 





د - المثقفون ثقافة اشتراكية : ويمثلون الأدب الإباحي والشيوعي() . 
ونتيجة لذلك فقد شهدت الحركة الأدبية والثقافية في مصر حراكاً 
واشيغا ومعارك أدبية ضتارية كين أضبحات: الأتحاهات: الشايقة ::ززاة 
لذلك عدد الكتب والدوريات والمجلات » خاصة في الثلاثينات 
والأربعينيات من القرن العشرينء وباستثناء الاتجاه المحافظ نجد أن 


»والفصل بين الدين والحياة » وفقدان الثقة بالإسلام حضارة وثقافة» 
سواءً كان منطلقهم باسم القومية أو باسم التغريب ("). 


رفي رأسهم سلامة موسى وعبد العزيز فهمي . 

)١(‏ الاتجاهات الوطنية. د/,محمد محمد حسين » 73١7/7‏ وما بعدها »و دراسات في 
حضارة الإسلام . هاملتون جب » ترجمة د / إحسان عباس وآخرون » دار العلم » 
لإريوت رت كن 01" ويا يطها 





اتوك قطي ومنمجه فى العقيدة جم 





وفيه ثلاثة مباحث : 
المبحث الثاني : نشأته وصفاته . 


المبحث الثالث : أعماله ووفاته . 


7717117 !11111111117 عيد قطب ومنمجه في العقيدة بوم 


6 





المبحث الأول: 
اسمه ونسبه وأسرته 
وفيه مطلبان : 
المطلب الأول : إسمه ونسبه . 


المطلب الثاني : مولده وأسرته . 





1 11 1 17 7 شالس _ اتركاوقطك ومنعجه في العهيدة /حد 


ل 





المطلب الأول 
اسمة ونسبة 
أولاً : اسمه ولقبه : 
هو : لسان الدين ('“سيد بن الحاج قطب بن إبراهيم بن حسين 
1 
ثانياً : أصله ونسبه : 
اختلف الذين كتبوا عن حياة سيد قطب في تحديد أصله؛ء هل هو 
مصري ؟9 أم هندي ؟9 


١-يرى‏ بعض الباحثين أن سيد قطب يعود نسبه إلى أصلٍ هندي » 
وأن جده السادس جاء من الهند إلى مكة » للحج » ثم فدر له أو 


)١(‏ ولقب ( لسان الدين)أطلقه عليه السيد محب الدين الخطيب . رئيس تحرير مجلة 


الأزهر ء الذي قدم لكتاب سيد ( دراسات إسلامية) وحذفت المقدمة من الطبعات الأخيرة 
؛ لكنها منشورة في كتاب ( سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي ) لمحمد علي قطب » دار 


الحديث » بيروت . ط؟ ». ب .ت . ص7١١1- ١١١5‏ 

)١(‏ سيد قطب الأديب الناقد . د / عبد الله الخباص » مكتبة المنار ؛ الزرقاء » ط١‏ عام 
8 ص 2.29 و سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد . د / صلاح الخالدي » دار القلم » 
دمشق » ط؟ » عام 50٠6‏ اهاءصه©16١.,‏ 











7 17 17 17 7 11717اشالشة_ اتيكةاققطي ومنصجه في العقيدة يوت 


ل 


لأحد أبنائه أن يتوجه إلى مصر ويستقر في قرية ( موشا ) 
بالصعيد » ويتزوج فيها ويتوفى هناك » وسيد قطب نفسه هو الذي 
أشار إلى هذا » فقد ذكر أبو الحسن الندوي(١)-‏ رحمه الله - أنه 
زار القاهرة وقابل سيد قطب عام ١15١م‏ وعرض عليه زيارة الهند 
» وأن- سيداً - قبل الدعوة قائلآً : " عندي باعثان إلى هذه الزيارة 
: الباعث الديني »والباعث الطبيعي » أما الباعث الديني فواضح 
فإني أريد أن أزور هذه الأمة الإسلامية العظيمة » وأما الباعث 
الطبيعي فلأن جدنا السادس كان هندياً » وهو الفقير (عبد الله) 
")ولا تزال السحنة () الهندية موروثة في أسرتنا "(؟) . 


)١(‏ هو: علي بن عبد الحي بن فخر الدين »الحسنيء الهندي» ولد عام 117١م؛‏ من 
الدعاة والمفكرين المعاصرين» ورئيس ندوة العلماء في الهند له» عدة كتابات في الدفاع 
عن الإسلام» توفي معتكفاً يوم الجمعة 5 "١‏ رمضان 57١‏ ١ه‏ ءانظر: جهود علماء 
الحنفية في العقيدة» لشمس الدين الأفغاني» دار الصميعيء الرياضء؛ ط١‏ 20 ١515‏ هاء 

. 

)١(‏ ذكر الندوي أن اسمه ( عبيد الله)ولعله تصحيف » فقد ذكر محمد قطب للخالدي أن 
اسمه (عبد الله ) » وأما لقب (الفقير ) فهو يطلق على الرجل الصالح . انظر : سيد قطب 
للخالدي (سلسلة أعلام المسلمين الكتاب رقم ) دار القلم » بيروت » ط”؟ » عام١٠٠٠م»‏ 
ص .5١‏ 

() السحنة : لين البشرة والهيئة واللون. انظر :القاموس المحيط » ص5 ١55‏ . 

(4:) مذكرات سائح في الشرق الإسلامي» لأبي الحسن الندوي » مؤسسة الرسالة » 
بيروت », ط؟ » عام 11/5١1م»‏ ص”57١,‏ 








17 1 17 7 اشاس _ التلقكاونطك ومنمجه في العقيدة جد 


> 





ويؤكد ذلك بعض الذين كانت لهم صلة بأسرة سيد قطب , كالحاجة زينب 
الغزالي الجبيلي )١(‏ » التي ذكرت بأن أصل سيد هندي ("). 
-١‏ ينفي آخرون أن يكون أصله هنديا » ويرون أن أصله مصري » 
ويعتمدون على كلام أخيه الشيخ محمد قطب ٠‏ الذي ينفي حكاية الأصل 
الهندية » ويعلل كلام سيد لأبي الحسن الندوي بأنه كان من باب المجاملة 
والدعابة فقط . أو أنه ظنٌ مبعثه التشابه بين تقاطيع وجه العائلة ووجوه 
أهل:الينة 00 

وأياً كان أصله فنسبه الحقيقي هو الإسلام» لأنه وكما يقول سيد رحمه 
الله" جنسية المسلم عقيدته "(؟) ٠‏ 


)١(‏ هي : زينب الغزالي الجبيلي » ولدت عام 111١م‏ » في الدقهلية بمصر »لأسرة 
متدينة » أسست المركز العام للسيدات المسلمات عام 577١م‏ وانضمت بعدها إلى 
الإخوان المسلمين » وكانت ممن ابتلي في محنة عام 15م مع سيد قطب » وقد توفيت في 
ره ١٠٠كام‏ ودفنت في القاهرة انظر: علماء ومفكرون عرفتهم » لمحمد المجذوب» 
دار الشواف ؛ الرياض » ط 5 » عام 67م -:115. 

)١(‏ ممن أخبرتهم الأستاذ يوسف العظم » انظر : رائد الفكر الإسلامي » الشهيد سيد 
قطب » ليوسف العظم » دار القلم » دمشق » طبعة عام ٠14١م‏ » ص5١‏ . 

(؟) سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد » د / صلاح الخالدي » ص6 ؟ . 


(5:) عنوان أحد فصول كتاب ( معالم في الطريق ) لسيد قطب . 


وه 





لالالالنالا لقال _ 


> 





المطلب الثاني 


مولده وأسرته 


أولاً : مولده : 
ولد سيد قطب - رحمه الله - في 7٠١‏ شعبان سنة 775١هجرية .)١(‏ 
الموافق 9/١١/905١م‏ (0). في قرية ( موشا ) وهي إحدى قرى 
محافظة أسيوط في صعيد مصرء وتسمى ( بلد الشيخ عبد الفتاح ) 
ومعظم سكانها من المسلمين» ويسكن فيها بعض النصارى وتقع القرية بين 
جبلين صغيرين على جانب نهر النيل » وتحيط بها الأراضي الزراعية 
»وتمتاز بالنظافة والرقي النسبي عن القرى المجاورة (). 
ثانياً : أسرته : 
ولد سيد في أسرة لها مركز مرموق »ويحدثنا سيد نفسه عن أسرته بأنه 
" نشأ في أسرة ليست عظيمة الثراء لكنها ظاهرة الامتياز.. وكان والده 


غميدا للسدزة » وكذلك كانكث أمه مين .أسرة ماكلة أو أغرق .حيث جمعت 


)١(‏ لم أجد ذكر التاريخ الهجري لميلاد سيد عند من كتب عنه» لكني استنتجته بالمقارنة 
بين ميلاده وميلاد الإمام حسن البنا - رحمه الله - حيث ولد البنا في 5 ١/١١/5٠1١ام‏ 
الموافق 75 شعبان 775١ه.‏ أي بعد ميلاد سيد قطب بخمسة أيام . 

» سيد قطب الأديب الناقد . د / عبد الله الخباص » ص 791 » وسيد قطب للخالدي‎ )١( 
.١ ص5‎ 

(؟) سيد قطب للخالدي » ص75 . 


ىه 





لالالالنالا ره _ 





6 


أسرته بين الوجاهة الريفية » والرقي العلمي .)١('‏ 
وتتكون أسرة سيد قطب من : 
أ - والده : الحاج قطب إبراهيم » الذي كان عميداً للأسرة » ومحل تقدير 
أهل القرية نتيجة لما يتصف به من السجايا الطيبة » وحسن التعامل مع 
أهل القرية والعمال الذين يفدون إلى القرية » وكان رجلاً متديناً يحافظ على 
الصلاة في المسجد » ويصطحب أبناءه معه » وكان يتصدق على الفقراء 
والخدم ٠»‏ ويقيم الموائد في بيته بالمناسبات كالعيدين ورمضان وغيرها » 
ويجمع أهل القرية في بيته لقراءة القرآن » كما أنه أدى فريضة الحج ولقب 
ب 1 الحاج" 00 

وقد أشار سيد قطب إلى تدين والده بقوله : " لقد طبعت في حسي - 
وأنا طفل صغير - مخافة اليوم الآخر » لم تعظني أو تزجرني » ولكنك 
تعيش أمامي واليوم الآخر في حسابك » وذكراه في ضميرك وعلى لسانك » 
ل ار الذي عليك » وتسامحك في الحق الذي لك 
بأنك ت تخشى اليوم الآخر» وكنت تعفو عن الإساءة وأنت قادر على ردها 
لتكون كفارة لك في اليوم الآخر روكت تحرف أحرانا ينا هو ضرورة لك » 
لتجده ذخراً في اليوم الآخر" (). 

وبالإضافة إلى ذلك فقد كان لوالد سيد اهتمامات سياسية » حيث كان 


. 3١ص طفل من القرية» سيد قطب». الدار السعودية للنشر» جدة» ب. ت . د‎ )١( 

)١(‏ سيد قطبء. للخالدي » ص57. 

(؟) مشاهد القيامة في القرآن » سيد قطب , دار الشروق » بيروت » طه١»‏ عام 5 ١٠”م‏ 
2 


ص5 . 


عه 





لالالالنالا 7ه _ 





6 


عضواً في الحزب الوطني ومشتركاً في صحيفة " اللواء " وكانت له مشاركة 
في التحضير لثورة 6ام ل" 
بت والاكة : واشسمها #:قاظفة يبنت حسين عان '(0).؛ وكانث الزوعة 


الثانية لوالده » وكانت من أسرة مرموقة » عاشت مع والدها فترة في القاهرة 
قبل أن تستقر في القرية » ولها أربعة أخوة هم أخوال سيد » اثنان منهم من 
خريجي الأزهرء أحدهما - أحمد حسين عثمان- كان مشتغلاً بالصحافة 
وأقام سيد عنده في القاهرة أثناء دراسته . 

وكانت أم سيد امرأة متدينة » تحب سماع القرآن » وتحرص على 
الصلاة » وتقوم بنفسها بإعداد الطعام للعمال والقرّاء الذين يأتون لقراءة 
القرآن في البيت » وقد صور سيد حال أمه في إهدائه لها كتاب" التصوير 
الفني في القرآن" بقوله :" لطالما تسمعت من وراء الشيش - الستار- في 
القرية للقراء يرتلون في دارنا القرآن طوال شهر رمضان » وأنا معك - 
أحاول أن ألغوا كالأطفال فتردني منك إشارة حازمة » وهمسة حاسمة » 
فأنصت معك إلى الترتيل » وتشرب نفسي موسيقاه ولم أفهم بعد معناه . 
وحينما نشأتُ بين يديك بعثت بي إلى المدرسة الأولية في القرية » وأولى 
أمانيك أن يفتح الله علي فأحفظ القرآن » وأن يرزقني الله الصوت الرخيم 


)١(‏ سيد ق قطب للخالدي » ص؛ ”؟. 
)١(‏ عبقري الإسلام » سيد قطب », د . سيد بشير كشميري » دار الفضيلة » القاهرة » ب 
اتا ص1 .١‏ 


6 





لالالالالا قلسل _ 





> 


فأرتله لك كل آن .. " .)١(‏ وقد توفيت في القاهرة عام ٠55١م‏ » ورثاها 


د ال لطر ا 


ج - إخوته : أنجبت أم سيد خمسة أولاد : ابنين هما : سيد ومحمدء 
وثلاث بنات هن: نفيسة» وأمينة» وحميدة» ولعلنا لا نتعدى حدود البحث إذا 
أثبتنا شيئاً عنهم . 

-١‏ نفيسة قطب : وهي المولودة الأولى وتكبر سيد بثلاثة أعوام » حيث 
ولدت عام 107١م‏ » ونالها نصيب من المحنة كباقي أفراد أسرة قطب 
المجاهدة حيث سجنت وعذبت رغم شيخوختها » فقد كان عمرها 15عاماً : 
كما عذب ولدها ( رفعت ) وكان طالباً بكلية الهندسة حتى فاضت روحه 
في السجن الحربي » حيث رفض أن يشهد ضد خاله سيد » وكذا عذبوا 
ولدها الآخر (عزمي) الطالب بكلية الطب حتى كاد أن يموت » وهي 
الوحيدة التي ليس لها مشاركات أدبية مع إخوتها (). 

؟- أمينة قطب : وهي المولودة الثالثشة » تصغر سيد ببضعة أعوام؛ 
كافك كاضة أديية وشاهزة «أصدرك يكن القصبسن» :وخطدت لأكد 'قادة 


»م١9/٠‎ . التصوير الفني في القرآن - سيد قطب , دار المعارف » القاهرة » ط1‎ )١( 
. ص"‎ 

» سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد للخالدي » ص7" » وسيد قطب للخباص‎ )١( 
طن اا كان‎ 

(؟) سيد قطب للخالدي » ص٠‏ ؛ » وعبقري الإسلام للكشميري » ص١”‏ » وسيد قطب 
للخباص » ص65"5 . 


65 





1 1 17 7 #1901717اسر _ التلرّكة قطي ومنعجة في العفيدة 





الإخوان المسلمين واسمه ' محمد كمال السنانيري " (١)؛‏ عام 154١م‏ ؛ 
ولكنه أدخل السجنء وعرض عليها فسخ الخطوبة لكنها رفضت وظلت 
اعتقل زوجها عام ١31/8١م»‏ وعذب حتى مات في السجن وأشيع أنه انتحرء 
وأميذة ايضيا تالها'ها كال أفراة أسدركها ”مرق الاغتقال والتكنيي: الكفيا 'صبيرة 
وخرجت من السجن أقوى إيماناً (")؛ ولها قصائد في رثاء زوجها وأخيها 

سيدء في ديوانها ' رسائل إلى الشهيد" وفي بعض المجلات الإسلامية؛ 

وقد توفيت في 8/١/17١٠٠م‏ ودفنت في القاهرة . 

*- محمد قطب : وهو الشقيق الوحيد لسيد من أمه (). ولد في إيريل عام 
8م ء وأكمل دراسته الثانوية في القاهرة » والتحق بقسم اللغة الإنجليزية » ثم 
عمل بعد تخرجه موظفاً في وزارة التربية » واعتقل مرتين عام 154١م‏ » وعام 
5م . وعذب تعذيباً شديداً حتى أشيع أنه مات » ثم أفرج عنه عام 917١م‏ » 
فسافر إلى السعودية للعمل في جامعة أم القرى » وتزوج بعد عمر الخمسين وله 
عدة أبناء أكبرهم أسامة» مارس محمد قطب كتابة المقالات الأدبية » ونظم الشعر 


في شبابه » ثم اتجه نحو الفكر الإسلامي » وتأثر بأخيه سيد » وأصدر عدداً كبيراً 


)١(‏ هو: محمد كمال الدين السنانيري؛ أحد قيادات الإخوان المسلمين بمصر » سجن 

أكثر من عشرين عاماًءثم أفرج عنه فسافر إلى أفغانستان للجهاد ثم اعتقل بعد عودته 

منها » ومات في السجن عام١1/81١م‏ » من جراء التعذيب » انظر: من أعلام الحركة 

الإسلامية » للعقيل » صه 3707-7 , 

. سيد قطب للخالدي » ص١ 5- 45 . وسيد قطب للخباص » ص55‎ )١( 

(؟) كان لسيد أخ غير شقيق يكبره بعدة أعوام » أشار إليه في عدة مواضع من كتابه ( 
طفل من القرية ) ص532, .,.١51‏ 


كه 





لالالالالا قار _ 





6 


من الكتب والأبحاث الإسلامية الرصينة» ويعتبر في طليعة الدعاة الإسلاميين 
والمفكرين الحركيين في هذا العصر ٠‏ 

وكان لسيد فيه بصيرة نافذة حيث كان يعده ليخلفه من بعده » كما جاء 
في مقدمة ديوان "الشاطئ المجهول" : 

أخي ذلك اللفظ الذي في حروفه رموز وألغاز لشتى العواطف 


أخي أنت نفسي حينما أنت صورة لآمالي القصوى التي لم تشارفب 
فأنت عزائي في حياة قصيرة وأنت امتدادي في الحياة وخالفي(١)‏ 


وقد تحققت أمنية سيد في شقيقه » فمد الله في عمره » وحمل آراءه وأفكاره. (") 
4 - حميدة قطب : وهي المولودة الصغرىء وكانت لها اهتمامات أدبية في البداية 
حيث كانت تكتب الخواطرء ثم صارت لها اهتمامات إسلامية عندما توجهت 
الأسرة كلها للعمل الإسلامي؛ وقامت برعاية أسر الإخوان المعتقلين مع المجاهدة 
زينب الغزالي»وكانت حلقة وصل بين سيد في السجن وبين التنظيم الجديد خارج 
السجنء وقد اعتقلت عام155 ١م‏ ونالها نصيب من التعذيب والبلاء» وحكم عليها 
بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة قضت منها ست سنوات وأربعة أشهر . 
ثم أفرج عنها في بداية السبعينات ٠‏ وقد تزوجت من الدكتور حمدي مسعود . 
وتقيم معه في فرنسا("). 


ه١‎ 5١17 ديوان سيد قطب : جمع عبد الباقي محمد حسن » دار الوفاء » ط"؟ » عام‎ )١( 
. .صلا‎ 


ل 
() سيد قطب للخالدي » ص4/78 » وعبقري الإسلام » للكشميري عص 3٠‏ » وسيد 


لاه 





7717117 !111111111177 سيد قطب ومنمجه في العقيسة بوم 


> 





المبحث الثاني: 
نشأته وصفاته 


وفيه مطلبان : 
المطلب الأول : نشأته ومراحل حياته . 


المطلب الثاني : صفاته. 


مه 


لالالالنالا ره _ 





6 


المطلب الأول 


نشأته ومراحل حياته 


تكت حوناة بيخ تفلي تا زهي لوت وكانيلة وتفيلة تن الخلقات 
المتتابعة» كانت نهايتها نتيجة طبيعية لكل ما سبقها من تجارب وتقلبات 
بدأت في القرية» وتنوعت في القاهرة» ونضجت في أمريكا وبعد عودته منها 
» وانتهت بقتله عام 155١م‏ . 
وقد قسم الذين كتبوا عن سيد قطب حياته إلى مراحل متعددة مختلفة » نظراً 
لاختلاف هدف البحوث وطبيعتهاء بين بحوث أدبية » وفكرية » وحركية » ودعوية. 
لكني سأعتمد على تقسيم -سيد قطب -نفسه لمراحل حياته » فهو 
أضبط من غيره » حيث ذكر سيد لأبي الحسن الندوي عندما زار مصر أنه 
مر بخمس مراحل في حياته: 
المرحلة الأولى: نشأته في القرية على تقاليد الإسلام السائدة في عصره. 
المرحلة الثانية: انتقاله إلى القاهرة وانقطاع صلته بالنشأة الأولى وتبخر الثقافة 
الدينية عنده. 
المرحلة الثالثة: مرحلة الضياع والارتياب في الحقائق الدينية. 
المرحلة الرابعة : الإقبال على مطالعة القرآن لدواع أدبية . 
المرحلة الخامسة : تأثره بالقرآن وتدرجه في الإيمان "باه الإننافنية 007 


)١(‏ سيد قطب الأديب الناقد» د / عبد الله الخباص » ص .2١9‏ » وسيد قطب من الميلاد 


64 








1 ا اق آلا 7 





6 


وفيما يأتي استعراض موجز للمراحل مع بيان خصائص وملامح كل مرحلة 
وتأثيرها في فكره وحياته: 





(5.ؤ9١1-‏ ٠1ام)‏ 
ولد سيد قطب في قرية موشا عام 5م ء وعاش فيها أربعة عشر 
عاماً » وكانت الحياة العامة في القرية يغلب عليها طابع التخلف والسذاجة 
» سواءً في عقائدها أو معاملاتها وقد صور سيد قطب كثيراً من مظاهر 
الحياة في قريته » وأشار إلى بعض المعتقدات الخرافية والتصورات 
الأسطورية التي عايشها في طفولته » خاصة فيما يتعلق بالأولياء 
والمجاذيب» والتبرك بمشايخ الطرق الصوفية » والاحتفالات الدينية !! التي 
تقام يوم عاشوراء» و "١‏ رجب »ونصف شعبان » والاجتماع طوال ليالي 
شهر رمضان لقراءة القرآن في بيتهم » وان كان والداه أفضل من غيرهما 
فيما يتعلق بالخرافات السائدة في المجتمع نظراً لكونهما متنورين - إلى حد 
ما كما يقول-سيد( )+ مما جعل تأقن تلك الكرافاك شعيفاً على «منيد : 
بل كان في طفولته يكره الخرافات ويحاول إثبات بطلان كثير من 

المعتقدات الخرافية ('). 
وقد كان لحرص أبيه عليه؛ وعناية أمه به أثر في تربيته منذ الصغرء 
فقذ كان أبوه حريضياً على. اضسنطكاتة الن السك للضبلاة :© وكاكة امه 


. طفل من القرية » سيد قطب .» ص1 وما بعدها بتصرف‎ )١( 
. ١772-1١7١ طفل من القريةء ص‎ )١( 





لالالالنالا ره _ 





6 


تعتني به » فلم تكن تتركه يلعب في الشوارع كالأطفال » حفاظاً على 
ملابسه النظيفة » وحماية له من التلوث بأخلاق أولاد القرية وألفاظهم 
البنيئة .)١(‏ 


وعندما بدأ يميز فتح عينيه على بيت والده » ليجده بؤرة للحياة 
الاجتماعية في القرية ومركزاً للنشاط السياسي فيها » وعندما ناهز السادسة 
من عمره ألتحق بالمدرسة وقضى فيها السنة الأولى » ثم إن الوزارة استغنت 
عن الشيخ الذي كان يدرس في كتّاب القرية ('2» وعينت مدرساً آخر مكانه 
» فأطلق الإشاعات حول محاربة الوزارة للقرآن » ودعا الآباء إلى إرسال 
أولادهم إلى الكشّاب » ومع قناعة والد سيد بالمدرسة إلا أنه أرسله إلى 
الكُتّاب حياءً من الشيخ ٠‏ ولكن سيداً لم يقتنع من أول يوم بالدارسة في 
الكنّاب ومع تدخل مدير المدرسة ورفض أم سيد إرساله للكُتّاب في اليوم 
الثاني عاد سيد إلى المدرسة ليواصل فيها تعليمه حتى عام 918١م‏ (). 


* من ملامح هذه المرحلة : 

١‏ - حفظ سيد قطب للقرآن الكريم : حيث أقبل سيد على حفظ القرآن 
الكريم » وهو في السنة الثانية الابتدائية » وعمره حوالي 8 سنوات » وكان 
يسهر إلى نصف الليل ليحفظ » وجعل لنفسه برنامجاً يحفظ عشرة أجزاء 


(9المضدن السايق عن 1 

)١(‏ الكتّاب : غرف ملحقة بالمساجد يتم فيها تعليم الأطفال القرآن وأبجديات القراءة 
والحساب . 

() طفل من القرية » سيد قطب .» ص١7‏ وما بعدها » وسيد قطب للخالدي » ص7 » 
مه 


1١ 





1177 11 1 7 كلاش _ 





6 


كل سنة » وبعد ثلاث سنوات ٠»‏ أتم حفظ القرآن وعمره حوالي عشر سنوات 


» مما يدل على همته وعصاميته في طفولته » وكان خلال حفظه وقراءته 
يتلذذ بالتصويرات القرآنية » وإن لم يفهم معانيها الحقيقية .)١(‏ 

؟"-نشأته : لةمنذالصغر : حيث كان يحب تقليد 
الكبار في المحافظة على الصلاة في المسجد وحضور حلقات الوعظ » 
ومناقشة الواعظ أحياناً » وتحديه لما كان يشاع من قصص العفاريت 
والكورفانت(), 

“"-حب المطالعة والتزود من المعرفة الثقافية : فقد كان حريصاً على 
المطالعة وقراءة الكتب وعمل على تكوين مكتبة صغيرة في بيته » وان كان 
أغلبها دواوين شعر وقصص أو كتب شعوذة » لكنها ساهمت في صقل 
موهبته الشعرية وتوسيع مداركه الأدبية منذ الصغر (). 

؛- تربيته على الفضيلة والأدب ووقوفه في وجه الطلاب الذين كانوا 
يتعرضون للطالبات بعد خروجهن من المدرسة . 

ه- مشاركته في تثقيف أهل القرية_أيام ثورة 114١م‏ ضد الإنجليز» من 
خلال خطاباته في مجامع الناس والمسجد »ونظم بعض القصائد . 








وقد أنهى الدراسة الابتدائية عام 114١م‏ »ء ثم انقطع بعدها سنتين عن 


. طفل من القرية » سيد قطب . ص ١؛ » والتصوير الفني في القرآن » سيد قطب‎ )١( 
1 1/ صن‎ 

. وسيد قطب للخالدي » ص17‎ » ١١١ طفل من القرية » سيد قطب .» ص‎ )١( 

(*) طفل من القرية » سيد قطب » ص ١١1‏ وما بعدها . 


15 








3 23 3 3 م 





6 


الخواية سنيف القررة 0 
المرحلة الثانية : انتقاله ال , القاهرة وانقطا صلة ببنه ويين” النشأة 





الأولى (0٠357١-15755١م)‏ 

رحل سيد من القرية إلى القاهرة لمواصلة تعليمه فيها عام ١957١‏ 
مءونزل عند خاله » وعن طريقه تعرف على الأديب عباس العقاد (') »الذي 
فتح له أبواب مكتبته الضخمة »فاغترف سيد منها بنهم » وتأثر بأفكار 
صاحبها وآرائه في الأدب » وعن طريقه تعرف على حزب الوفد وانخرط في 


٠ وآراءه‎ 


وفي عام ام التتحق سيد بمدرسة المعلمين - إعدادية - وتخرج 
منها بعد ثلاث سنوات» عام 175١م‏ » ليواصل دراسته الثانوية . 


* من ملامج هذه المرحلة : 

-١‏ تعتبر هذه المرحلة نقطة تحول في حياة سيد قطب . حيث انقطعت 
صلته بنشأته الأولى » وتبخرت تقافته الدينية» بسبب انقلاب موازين 
الحياة في المدينة وتأثره بالجو العام القائم على الانبهار بالثقافة الغربية 
» وفساد القيم وصراع التيارات المختلفة التي كان في منأى عنها في 


. سيد قطب للخالدي » ص؟7‎ )١( 
هو :عباس محمود بن إبراهيم العقاد »ولد في أسوان سنة 5١١١ه »عمل في‎ )١( 
الأوقاف ثم معلما ثم انقطع للكتابة والتأليف »كان احد أعضاء المجامع العربية الثلاثة‎ 
وله دراية بالانجليزية والفرنسية »توفي في القاهرة سنة 7/7١هه انظر : الأعلام‎ 
0 للووكلن ا‎ 


17 





لالالالالا قار _ 





6 


تقناحفة الأول 00 


» كان للعقاد تأثير واضح في توجه سيد نحو الأدب بشكل خاص‎ -١ 

وانصرافه عن قضايا الفكر الإسلامي وعلومه . 
"- تأثر سيد بشخصية العقاد وأفكاره » والذي كان يعاني من جفاف روحي 
كما يقول- سيد- عنه (5). 
4 - تعتبر هذه المرحلة تمهيداً وتهيئة لمرحلة الضياع التي تلتها . 
المرحلة الثالثة : مرحلة الضياع والارتياب في الحقائق الدينية 
(1975-.154م): 

يقصد بمرحلة الضياع في حياة سيد قطب - رحمه الله - تلك الفترة 
الزمنية التي عاشها وهو قلق حيران» جاهل بهدفه ورسالته ووظيفته في 
الحياة » والتي ولّدت لديه صراعاً بين التصورات الإسلامية التي نشأ عليها 
والتسشورانته الماقية + 

وقد استمرت مرحلة ضياعه حوالي خمسة عشر عاماً بين عام 
6-.15١م,‏ أي أنها بدأت معه في المدرسة الثانوية - تجهيزية دار 
العلوم - واستمرت أثناء دراسته في الكلية» وأثناء عمله مدرساً في القاهرة 
ودمياط وبني سويف وحلوان ست سنوات » حتى انتقل عام ٠15١م‏ للعمل 
موظفاً في وزارة المعارف. ويمكن بيان أسباب ضياعه في هذه المرحلة 


. ١١4ص‎ » سيد قطب الأديب الناقد . د/ عبد الله الخباص‎ )١( 
 ملسملا الصلة بين العقيدة الحاكمية عند سيد قطب . د/ عبد العزيز الوهيبي », دار‎ (3 
الرياض .» ط”" ؛ عام 65 اهءص"51.‎ 


15 








1 ا اق آلا 7 





6 


وملامحها فيما يأتي : 

أولا : أسباب ضياع سيد قطب في هذه المرحلة (195575١-5140١م)‏ : 
-١‏ إقبال سيد قطب على الثقافة الأدبية الأوروبية » والتي تميزت في القرن 
م و 141١م‏ و ٠١1١م‏ بالسير نحو الفردية » وتنمية الاستقلال الفكري » 
والخروج على القيم السائدة » وعدائها للقيم والتصورات الإسلامية » وقد 
تشرب سيد هذه الثقافة فظهرت عليه أعراضها في آثاره الأدبية في تلك 
الفترة بنسب متفاوتة »حيث يبدو رجلا بائساً قلقاً ل'). 


وقد اعترف سيد قطب بأن سبب ضياعه هو : " تلقيه من الثقافة الغربية 
المقررات والتصورات والمبادئ والأفكار مع عدم إدراكه - أو نسيانه - 
للمقررات والتصورات الإسلامية » ومع ذلك فلم يكن نادماً على ذلك » 
لأنه عرف الجاهلية على حقيقتها وانحرافها وضآلتها .. ' (5). 

١-تأثر‏ سيد قطب بفكر العقاد وفلسفته » والإعجاب بشخصيته ومواهبه 
النقدية » وكان العقاد - كما يقول سيد - رجلا فكرياً محضاً » يعاني 
من جفاف روحي (') وقد وصل التأتر به إلى درجة التعصب له 
والذوبان في شخصيته فترة طويلة. 

"-حالة الضيق المادي التي عانى منها سيد قطب في هذه المرحلة » 


)١(‏ سيد قطب . خلاصة حياته ومنهجه في الحركة . محمد توفيق بركات » دار الدعوة 
٠‏ بيروت »ب .ات .» ص13١.‏ 

»م١5195 دار الشروق » بيروت » طه١ » عام‎ ٠ معالم في الطريق - سيد قطب‎ )١( 
. ء بتصرف يسير‎ ١545 ١ ص57‎ 

(؟) مذكرات سائح . لأبي الحسن الندوي » ص16 . 





لالالالالا قار _ 





6 


خاصة بعد وفاة والده وانتقال الأسرة إلى القاهرة وتوليه رعايتها » 
بالإأضنافة إلى تفسيته السامنة والمزهفة 000 

ثانياً : ملامح هذه المرحلة_: يمكن إجمال ملامح مرحلة الضياع التي 

عاشها سيد قطب فيما يأتي : 

» إعجاب سيد قطب بالثقافة المستوردة التي شاعت في تلك الفترة‎ - ١ 
ويظهر ذلك من خلال عدم رضاه عن مناهج كلية دار العلوم » وانتقاده‎ 
لها . لعدم اهتمامها باللغة الإنجليزية » ومطالبته بتغييرها وهو لا يزال‎ 
.)"( طالباً في الكلية‎ 

"-اهتمامه في هذه المرحلة بالشعر ثم بالنقد الأدبي » ونظرته في الصور 
والظلال والأحاسيس كتلميذ في مدرسة العقاد الأدبية » مقلداً له متبنياً 
لآراقة وأفكازه + متحادنا لمخالفيها » حيث دخل في معارك أدبية متعددة 
(') وكان مهتماً بتصنيف المذاهب الفنية كمدارس » ووضع السمات 
لكل مدرسة » كما كان حريصاً على إثبات وجوده كناقد أدبي في الساحة 
»كل ذلك جعل الأنظار تلتفت إليه » وبدأ الإعجاب به » حتى سمح له 
بإلقاء المحاضرات النقدية على مدرج الكلية وهو ما يزال طالباً فيها . 
يقول عنه أستاذه (5) وهو يقدم له في إحدى الندوات : " لو لم يكن لي 


. ١١ سيد قطب , محمد توفيق بركات » ص‎ )١( 

)١(‏ سيد قطب : د / صلاح الخالدي » ص76. 

(؟) كان أبرز هذه المعارك مع أنصار الرافعي وكذا مع طه حسين وتوفيق الحكيم 
وغيرهم »انظر :سيد قطب للخالدي عص ١717-2١١5‏ . 

(:) هو: الأستاذ /محمد مهدي علام؛ أستاذ الأدب بكلية دار العلوم حينها . 


11 





لالالالالا قلسل _ 





6 


تلميذ سواه لكفاني بذلك سروراًء يعجبني فيه جرأته الحازمة الرشيدة. 


واستقلاله برأيه وإن خالفناء وإنني أعد سيداً مفخرة من مفاخر دار العلوم 
0010 

*- زيادة نشاط سيد السياسي والاجتماعي في هذه الفترة » نظراً لارتباطه 
بحزب الوفد » وكتاباته في الصحف والمجلات في مختلف مجالات 
الكتابة من شعر ونثر ونقد ودعوة للإصلاح الاجتماعي ونقد لنظام 
الحكم والأوضاع السائدة في تلك الفترة . 

4 - تعد كتابات سيد في هذه المرحلة وأشعاره تعبيراً صادقاً عن رحلة 
ضياعه » وانعكاساً لما يعيشه من ترددٍ وحيرة وقلق وعذاب » حيث غلب 
على نتاجه الأدبي التساؤل والشكوى والتمرد على الوضع حاول السير 
" إلى القمة " فغاصت منه " الأقدام في الرمال " » واعتبر نفسه سائراً 

مرغماً فرداً في ' قافلة الرقيق " عاجزاً عن معرفة " السر (1) . 

ويعتبر ديوانه " الشاطئ المجهول ' الذي نشر عام 975١م‏ سجلاً 

لمرحلة ضياعه؛ في عنوانه ومحتواه وكان سيد يقول عنه فيما بعد أنه 
فق "كار اهلك 


٠١ص‎ » مهمة الشاعر في الحياة » سيد قطب , دار الشروق » بيروت » ب . ت‎ )١( 
. بتصرف‎ 

)١(‏ ما بين القوسين عناوين لأربع قصائد لسيد » تترجم عن ضياعه » انظر سيد قطب 
للخالدي » ص١7١.‏ 

(") ديوان ( الشاطئ المجهول ) لم يطبع إلا مرة واحدة » وهو في حكم المفقود » وكان 


سيد يتمنى في آخر حياته أن تصل يده إلى كل نسخة منه في أي بقعة في الأرض لتأتي 


11/ 





لالالالالا قار _ 





6 


وبالإضافة إلى ديوانه " الشاطئ المجهول " فقد صدر له كتابان نقديان 
في هذه المرحلة هما : مهمة الشاعر في الحياة عام 977١م‏ ونقد كتاب 
( مستقبل الثقافة في مصر ) لطه حسين »عام 354١م‏ » 
كما صدر له في هذه الفترة(ه550-17١م)‏ قرابة مائة وتسع وعشرين 
مقالة وقصيدة في عدد من الدوريات والمجلات مختلفة التوجه .)١(‏ 

ه- أن فترة ضياع سيد قطب هذه لم تكن على درجة واحدة » فقد بدأت 
معه في المدرسة الثانوية » وتفاعلت معه في كلية دار العلوم » وبلغت 


أوجها في آخر سنتين من الجامعة وأول سنتين من عمله مدرساً أي ما 
بين عام (1955-:9156ام) شم بدأت تضمعف تدريجياً حتى عنام 
9 
امه 
5- أن ضياع سيد قطب في هذه المرحلة كان ضياعاً فكرياً نظرياً » ولم يكن 
ضياعاً سلوكياً » فلم يعهد عنه أنه شرب الخمر أو ارتكب فاحشة أو مارس 
شذوذاً » ولو فعل ذلك لما شعر بالمعاناة والازدواجية ولما برزت الشكوى في 
نتاجه الأدبي ٠‏ يقول محمد قطب : " يختلف ضياع سيد عن ضياع باقي كبار 
الأدباء والشعراء والمثقفين المصريين في ذلك الوقت » وبخاصة ضياع أستاذه 
العقاد » لقد جمع أولئك المثقفون - ومنهم العقاد - بين النوعين من الضياع 
ضاعوا ضياعاً فكرياً » وضاعوا ضياعاً سلوكياً » وعاشوا حياة مليئة بانحراف 


عليها » كما صرح بذلك الأستاذ / يوسف العظم . أنظر : رائد الفكر الإسلامي » ليوسف 
العظم » ص7١”.‏ وسيد قطب للخالدي » ص١2 .١‏ 


.5٠"ص‎ » سيد قطب . لعبد الباقي حسين‎ )١( 
.١١5ص‎ » سيد قطب للخالدي‎ )١( 


16 








1 ا اق آلا 7 





6 


واثم ومنكرء أما سيد فلم يكن في ضياعه مثل هؤلاء » ولهذا تمزق وتألم 
عافن وا 01 
وهذا يرد ما ذكره البعض من أن سيداً كان من دعاة المجتمع 

العاري» وأن له مقالاً في جريدة الأهرام حول ذلك ("). وقد ناقش د/ 
الخالدي هذه الدعوى وبين عدم صحتها لافتقارها للتوثيق فلم يذكروا عدد 
الجريدة أو تاريخها أو سنتها » بالإضافة إلى أن سيداً كتب مقالات 
عديدة في هذه الفترة يحارب فيها الرذيلة ويدعو إلى الفضيلة » ويهاجم 
بشدة المنحرفين والفاسدين» ويرفض مظاهر العري على الشواطئ وسعار 
الشهوة والجنس ويحذر من آثارهاء وقد أورد الخالدي نماذج من مقالات 
سيد التي كتبها في الثلاثينات والأربعينات يحارب فيها الرذيلة ويرفض 
النظرة الغربية للحياة » ويدعو إلى مخالفتهاء مما يرجح بطلان تلك 
الرواية ('). 

- أن سيد قطب في ضياعه هذا لم يصل إلى حد الإلحاد » وإن كان 
يعيش حالة من القلق والشك وربما كان لأستاذه العقاد أثر في الحيلولة 
بينه وبين الاشتراكية والإلحاد . 


)١(‏ من كلمة لمحمد قطب في مناقشته لرسالة د / صلاح الخالدي سيد قطب والتصوير 
الفني عام ٠11١م‏ انظر : سيد قطب للخالدي » ص9١7.‏ 

» ذكر تلك الرواية الأستاذ / محمود عبد الحليم في كتابه الإخوان المسلمون‎ )١( 
وعبد الله الطنطاوي في مقدمته لكتاب الخالدي ) نظرية التصوير الفني عند‎ :0١ 
. سيد قطب 2 ص ج‎ 


511 








1 ا اق آلا 7 





6 


قت عكرت يعييد فطلي حررينين الث نت تعلق هده الفكرة» ونا كان 
عليه فيها من ضياع وتعب وقلق, وذلك في مرحلة توجهه الإسلامي 
وهو يتحدث عن أثر الإيمان فيقول : " ومن هذه المعرفة التي يقدمها 
الإيمان للمؤمن يستمد المؤمن الطمأنينة والسكينة والارتياح لما يجري 


0 
يذهب ؟ وماذا هو واجد هناك ؟ ومن هذه المعرفة تختفي مشاعر القلق 
لكب تسر ناكمل عن طن برمرفة الجنشا الوروك نورك 
المطوي من الطريق؛ وعدم الثقة بالحكمة التي تكمن وراء مجيئه وذهاب. 
ووراء رحلته في ذلك الطريق يختفي شعور كشعور الخيام )١(‏ الذي 

يعبر عنه بما ترجمته : 


لبست ثوب العمر لم استشر وحِرْتُ فيه بين شتى الفكز 
وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرٍ لماذا جئت ؟ أين المفز 


ويختفي شعور كالشعور الذي عشته في فترة من فترات الضياع والقلق » 
قبل أن أحيا في ظلال القرآن وقبل أن يأخذ الله بيدي إلى ظله الكريم » 
ذلك الشعور الذي خلعته روحي المتعبة على الكون كله » فعبرت عنه 
أقول: + 

وقف الكون حائراً أين يمضي ولماذا ؟ وكيف - لو شاء - يمضي 
عبث ضائع وجهد غبين 2 ومصير مقنّع ليس يرضي 


)١(‏ هو:عمر بن إبراهيم الخيام النيسابوري »شاعر وفيلسوف وفلكي , اشتهر برباعيته 
التي نظمها بالفارسية وعربتء وهي مليئة بالشكوك » كان على نهج ابن سيناء »مات في 
نيسابور سنة 5١ده‏ / انظر : الأعلام للزركلي 8/52" . 





لالالالالا قار _ 





6 


فأنا أعرف اليوم - ولله الحمد والمنة - أنه ليس هناك جهد غبين » 
فكل جهد مجزيٌّ » وليس هناك تعب ضائع » فكل تعب مثمر » وأن 
المصير مُرضٍ » وأنه بين يدي عادلٍ رحيم . 

وأنا أشعر اليوم - ولله الحمد والمنة - أن الكون لا يقف تلك الوقفة 


البائسة أبداً » فروح الكون تؤمن بربهاء وتتجه إليه» وتسبح بحمده؛ والكون 
يمضي وفق ناموسه.» الذي اختاره الله له في طاعة وفي رضا وفي تسليم 
وهذا كسب ضخم في عالم الشعورء وعالم التفكيرء كما أنه كسب ضخم 
في عالم الجسد والأعصاب » فوق ما هو كسب ضخم في مجال العمل 
لشاف قات والتافين 00 
المرحلة الرابعة : الإقبال على مطالعة القرآن لدواع أدبية -١914٠.‏ 
6ام : ا 

كان سيد قطب تلميذاً وعضواً فعالاً في مدرسة العقاد الأدبية والفكرية 
حتى نهاية الثلاثينات من القرن العشرين » ثم بدأ يبتعد عنها لأسباب أدبية 
وفكرية وعلمية تدريجياً » حتى خرج منها بعد أواسط الأربعينيات » ليُكَون 
مدرسة خاصة في الأدب والنقد والفكر هو رائدها » لكنه سرعان ما غير 
اهتماماته وأقبل على القرآن الكريم يدرسه دراسة أدبية » ويتذوقه تذوقاً 
جمالياً » وكانت بداية توجهه نحو القرآن بمقال على مجلة ' المقتطف " 
بعنوان " التصوير الفني في القرآن " تحدث فيه عن ظاهرة بلاغية أسلوبية 
بيانية في التعبير القرآني »هي ظاهرة " التصوير " وأعلن أن الموضوع 


)١(‏ في ظلال القران - سيد قطب . دار الشروق » القاهرة » بيروت » ط١”‏ » عام 
١م‏ ا ار 


الا 





لالالالالا قلسل _ 





6 


كبير » ويحتاج إلى دراسة أوسع » وظل الأمر كذلك حتى عام 355١م‏ 
حيث أصدر أول كتبه في هذه المرحلة وهو كتاب " التصوير الفني في 
القراآن 58 

يقول سيد في مقدمة الكتاب : " ومرت السنوات » وصور القرآن تُخايل 
لي » وتتراءى فيها آثار الإعجاز الفني . وكلما عدت إليها قوي في نفسي 
أن أتولى البحث الذي تركته فلم يحاوله أحد ٠‏ وأن أكمله وأتوسع فيه , 
وظللت على القرآن بين الحين والحين أتملى سوره الفريدة» فتزداد فكرة 
البحث في نفسي رسوخاً » ثم تشغلني عنه الشواغل » فيرتد أمنية في 
الضمير » ورغبة في الشعور » إلى أن شاء الله أن أتوفر عليه بعد خمسة 
أعوام كاملة من نشر البحث الأول في مجلة المقتطف " (5): 
ويضيف : " وحين انتهيت من التحضير للبحث » وجدتني أشهد في نفسي 
مولد القرآن الجديد » لقد وجدته كما لم أعهده من قبل أبداً "(). 

وبعد صدور هذا الكتاب أعلن سيد عن عزمه في إصدار ' مكتبة القرآن 
الجديدة " » وحدد هدفه من ذلك " أن يتوجه البحث في جمال التعبير القرآني كله 
هذا الاتجاه » وأن ينظر إلى هذا الجمال الخالد من زاوية أخرى غير زاوية 
البلاغة المعهودة القائمة على أساس المعاني والألفاظ " (؟). 


)١(‏ سيد قطب للخالدي » ص75 بتصرف. 

. التصوير الفني في القرآن » سيد قطب .» ص16‎ )١( 

(؟) التصوير الفني في القرآن » ص١٠‏ . 

(:) من مقال لسيد قطب في مجلة الرسالة » ج١‏ » العدد "551 » سنة 155١م‏ » نقلاً عن 
: سيد قطب للخالدي » ص١7372‏ . 


فى 





لالالالالا قار _ 





> 


وقد أقبل بعد ذلك -سيد - على القرآن يدرسه دراسة فكرية » وخرج 
بفكرته عن ' العدالة الاجتماعية في الإسلام " » وكانت بداية التحول عن 
الأدب والنقد والشعر إلى الفكر الإسلامي والعمل الإسلامي والدعوة إلى 
الإصلاح ومحاربة الفساد السياسي والاجتماعي ('). 


المرحلة الخامسة : " حياة سيد قطب الإسلامية " 

وهي المرحلة التي سماها سيد بمرحلة " تأثره بالقرآن وتدرجه في 
الإيمان " » وكان سبب تحوله نحو الإسلام هو قراءته ومطالعته للقرآن 
لدواع أدبية في واسط الأربعيني ات ونهايتهاء 
حيت اكتشف سيد الإسلامَ بمنظار النقد الأدبي "(). 
ويمكن تقسيم حياة سيد قطب الإسلامية إلى ثلاث مراحل هي: (") 
أ - مرحلة الإسلاميات الفنية ( ه: -/ا554١م‏ ). 
ب- مرحلة الإسلاميات الفكرية ( /ا5- 957١م‏ ) . 
ج - مرحلة الإسلاميات الحركية( 55- 555١م‏ ). 
وفيما يلي بيان كل مرحلة من المراحل الثلاث وملامحها : 


أ - مرحلة الإسلاميات الفنية (ه؛:-40ؤام): 


وهي المرحلة تعتبر امتداداً للمرحلة الرابعة من مراحل حياته وهي 


)١(‏ مدخل إلى ظلال القرآن . د / صلاح الخالدي » ص؟ ؟. 

» ١ط‎ » سيد قطب من القرية إلى المشنقة . عادل حمودة » سيناء للنشر » القاهرة‎ )١( 
. , عام /9417١مء ص588‎ 

(") رائد الفكر الإسلامي . ليوسف العظم » ص 535 .١‏ 


070 





لالالالنالا اله _ 





6 


دراسة القرآن لدواع أدبية » والتي توجت بتأليف كتاب " التصوير الفني في 
القرآن " » حيث ألف في عام 157١م‏ كتابه الثاني في مشروع " مكتبة 
القرآن الجديدة " وهو كتاب " مشاهد القيامة في القران " » وقد كرر سيد 


في أكثر من موضع أن هدفه من هذا المشروع هدفٌ فني بياني أدبي 
جماليّ » وأنه ينظر في أسلوب القرآن وتعبيره بعين الناقد الأدبي » ويتدبره 
بحاسته الأدبية النقدية الذوقية حيث يقول: " فهدفي هنا هدف فني خالص 
محض .ء لا أتأثر فيه إلا بحاسة الناقد الأدبي المستقلء فإذا التقت في 
النهاية قداسة الفن )١(‏ بقداسة الدين فتلك نتيجة لم أقصد إليها " (9) . 

ثم أعلن عن نيته في إصدار مجموعة من الكتب ضمن مشروع " 
مكتبة القرآن الجديدة " هي : 

- القصة بين التوراة والإنجيل . 

- النماذج الإنسانية في القرآن . 

- أساليب العرض الفني في القرآن . 

- المنطق الوجداني في القرآن (') . 
* من ملامح هذه المرحلة : 


:م١‎ 555 تخلي سيد قطب عن جميع الأحزاب السياسية في نهاية عام‎ -١ 


)١(‏ أرى أنه من الخطأ إطلاق لفظ القداسة على الفن »ولا أدري هل قصد سيد المعنى 
اللغوي ؟ أم عبر عن ما يراه أصحاب الفن ؟ أم أنها من آثار مرحلة الضياع التي 
عاشهاء وعموما فالأولى عدم إطلاق مثل هذا اللفظ دفعا للإيهام واللبس . 

. ١7ص‎ ». مشاهد القيامة في القرآن » سيد قطب‎ )١( 

(؟) مشاهد القيامة في القرآن » سيد قطب » ص" . 


7: 





لالالالالا قلسل _ 





6 


حيث أعلن خروجه منها وعدم انتمائه لأي حزب » معتبراً إياها أقزا 
لا تستحق عناء الحماسة لها والعمل من أجلها )١(‏ . ومع تركه 
للأحزاب فقد كان له جهود فردية ملحوظة في الدعوة إلى إصلاح 
الأوضاع » واستمر في كتابة المقالات في المجلات » كما أنشأ مجلتين 
لهذه الغاية هما : (مجلة العالم العربي ) و ( الفكر العربي ) . 
-١‏ استمرار سيد في عطائه الأدبي في هذه المرحلة » حيث صدرت له 
مجموعة من الكتب الأدبية - سيأتي التعريف بها قريبا - وهي : 

أ- الأطياف الأربعة بالاشتراك مع إخوانه محمد وأمينة وحميدة(5 155١م‏ ) 
ب- طفل من القرية ( 155١م‏ ) . 

ج - المدينة المسحورة (955١م)‏ . 

د- كتب وشخصيات (1155١م‏ ) . 

ه- أشواك ( رواية ) (1951١م)‏ . 

و - روضة الطفل ,٠‏ بالاشتراك مع أمينة السعيد (/551١م‏ ). 

ز - القصص الديني للأطفال بالاشتراك مع عبد الحميد السحار 


/7اء 4 ١م)‏ 1 
ح-الجديد في اللغة؛ والجديد في المحفوظات ٠‏ بالاشتراك مع 


كما صدر لةافئي هذه المدة "ه-غ9#١-‏ 117١م"‏ )0 (١‏ عشر قصائد 


)0( سيد قطب »للخالدي ع صضصأاا١.‏ 


» ١ط‎ » من أعلام | لمسلمين ( سيد 3 قطب د / صلاح الخالدي » دار القلم » دمشق‎ )١( 
.71١ص‎ » عام ١٠٠٠م » ص5 537220-77. سيد قطب للخباص‎ 





لالالالالا قار _ 





6 


وأكثر من )٠3٠١(‏ سبعين مقالاً في موضوعات شتى نشرت في كثير من 
السئلات: والدوز وات سفتلفة الاتها هات :200 
#اك تعتئر.هنذه المورحلة امتذاداً للموحلة السائقة »وتمهيدا لمزحلة 
الإسلاميات الفكرية حيث يلاحظ أن سيد قطب بدأ يدرس القرآن دراسة 
أدبية فنية » ثم ما لبث أن تعمقت صلته بالقرآن » وصارت معاني 
القرآن وحقائقه تشغل تفكيره » فوقف أمامها كثيراً يتدبرها » ويتعرف 
عليها » لتنقله إلى المرحلة التالية " الدراسات الفكرية " » حتى أنه لم 
يكمل مشروعه الأدبي " مكتبة القرآن الجديدة" الذي بدأه بكتابيه " 
التضبوير > ومقنا هذ القرامة " 
ب عد حضره نا 0 -"هؤام): 
وتبدأ هذه المرحلة من نهاية عام 417١م‏ » بعد تأليف سيد كتابه " مشاهد 
القيامة في القرآن " وبداية تأثره الفكري بالقرآن الكريم » ويعتبر كتاب " العدالة 
الاجتماعية في الإسلام " أول كتاب فكري لسيد في هذه المرحلة » والذي جاء في 
وقت نشط فيه الشيوعيون في الدعاية لمذهبهم » في ظل فساد نظام الحكم 
الملكي الذي يحميه الاحتلال الإنجليزي» وقد أحدث الكتاب ضجة » ولقي الحرب 
من الشيوعيين والغربيين والحكومة على حدٍ سواء. وفرح به شباب الحركة 
الإسلامية حينها وأقبلوا على قراءته وتداوله » وقد وقع سيد فيه في بعض 


)١(‏ سيد قطب » عبد الباقي حسين » ص 5 » وسيد قطب للخباص » ص 77١‏ وما 


بعدها . 


ك7 





1 ا اق آلا 7 











> 


الأخطاء منها إساءته في حق عثمان (١)ومعاوية‏ (')رضي الله عنهما حيث 

انتقده الشيخ / محمود شاكر(') - رحمه الله - وسيأتي الحديث عن ذلك -إن 
كما أصدر سيد عام 158١م‏ مجلة ( الفكر الجديد ) والتي أغلقت 

بعد ثلاثة أشهر بسبب تعرضها لمفاسد الحكم والقائمين عليه » ولما لم يجد 

القصر الملكي حجة قانونية لاعتقال سيد قطب ونظراً لحسن علاقته مع 

رئيس الوزراء(2). فقد رتبت له الحكومة بعثة علمية إلى أمريكا . لهدفين : 

. التخلص منه ومن كتاباته النقدية ونشاطه الإصلاحي‎ -١ 

. محاولة إفساده فكرياً وأخلاقياً في الغرب‎ - ١ 


وقد مكث في أمريكا من 5١/١١/1558١م‏ إلى١٠/11050/8م‏ - 


)١(‏ هو:عثمان بن عفان بن أمية »أمير المؤمنين ذو النورين أحد العشرة المبشرين 
بالجنة زوج ابنتي رسول الله وثالث الخلفاء» توفي شهيدا سنة 5ه »انظر: تذكرة 
الحفاظ للذهبيء دار الكتب العلمية» بيروتءطبعة عام 51/5١1ها١ ٠ 8/١‏ 

)١(‏ هو:معاوية بن أبي سفيان بن حرب القرشي الأموي » أمير المؤمنين» ولد قبل 
البعثة بخمس سنين» كان فصيحا وقوراء ولاه عمر الشام وبقي فيها حتى آلت إليه 
الخلافة سنة ١4ه‏ » وتوفي سنة ١ه‏ ء انظر: الإصابة في تمييز الصحابة؛ لابن 
حجرء دار الكتب العلمية» بيروت »طبعة ٠ 5١7/9” ءاه١ 57١‏ 

(") هو : محمود بن محمد شاكر » ولد في الإسكندرية » عام 109١م‏ » ونشأ في بيت 
متدين كان أبوه وكيلاً للأزهر » كان أديبا وناقدا » ساهم في إنشاء جمعية الشبان 
المسمين » وله عدة مؤلفات » كما قام بخدمة كثير من كتب التراث » توفي ١١‏ ربيع آخر 
سنة 157١هء‏ أنظر : شيخ العربية : محمود شاكر لإبراهيم الرضواني » مكتبة 
الخانجي - القاهرة » طه١5 ١‏ .»ص7١-١”‏ . 


8 





لالالالالا قلسل _ 





6 


وسيأتي الحديث عنها في رحلاته- 


وقد عاد من أمريكا بهمة عالية للإصلاح؛ وهدفب رفيع ورسالة إسلامية » 
فمارس دعوته الإصلاحية من خلال : 
١‏ - الكتابة في الصحف والمجلات . 
١‏ 0 الكتب الفكرية . 

- إلقاء المحاضرات والاشتراك في الندوات(') . 

يقول سيد عن هذه الفترة " واستغرقت عام ١0ام‏ في صراع شديد 
بالقلم والخطابة والاجتماعات ضد الأوضاع الملكية القائمة » والإقطاع 
والرأسمالية » وأصدرت كتابين في الموضوع » غير مئات المقالات في 
صحف الحزب الوطني والاشتراكي ومجلة الدعوة والرسالة وكل مجلة أو 
جريدة قبلت أن تنشر لي ؛ بلا انضمام لحزب أو جماعة معينة » وظل 
الحال كذلك إلى أن قامت ثورة 7١‏ يوليو سنة 187١م‏ "(0) . 
ملامح هذه المرحلة : 
١-تحول‏ سيد قطب في هذه المرحلة من الدراسات الأدبية إلى الفكر 

الإسلامي » ومن أهم كتبه الفكرية في هذه الفترة : 

أ - العدالة الاجتماعية في الإسلام (1559١م)‏ . 

ب- معركة الإسلام والرأسمالية ( ١95١م‏ ). 

ج- السلام العالمي والإسلام (١115م)‏ 


. سيد قطب للخالدي » ص”“3* 7 وما بعدها بتصرف‎ )١( 


. ١١ص.» لماذا أعدموني - سيد قطب - بدون دار النشر ولا تاريخ‎ )١( 


700 





لالالالالا قلسل _ 





6 


د - دراسات إسلامية ( ”555١م‏ ) . 


ه- في ظلال القرآن (حيث بدأ بإصداره منذ عام( ١157‏ م ) . كما 
صدرت له مجموعة من المقالات بلغت مائة وخمسين مقالة )١5١(‏ في 
عدد من الصحف والدوريات (0). 

؟- تميزت كتابات سيد ومقالاته بمحاربة الأوضاع والأفكار الفاسدة مما 
أدى إلى توسع الخلاف مع القصر الملكيء وإيفاده إلى أمريكا . 

"-انطلاقه في كتاباته من منطلق الإسلام» ومحاربته للتوجه الشيوعي 
والعلماني على حدٍ سواء » وإن كانت كتاباته لم تخلص تماماً من آثار 
الماضي بل فيها الغث والسمين » وخير ما يمثلها هو كتابه (دراسات 
إسلامية ) والتنبه لهذا الأمر ضروري لمن يدرس حياة سيد قطب . 
حتى لا يقع في إشكالات محيرة . 

4- أن الله تعالى خيّب ظن الماكرين الذين أرسلوه إلى أمريكا لإفساده » 
فحصل العكس حيث زاد توجهه نحو الإسلام في رحلته إلى أمريكا . 
وصار يحلل أمريكا وحضارتها ومناهجها » ويكشف عوارها » من منطلق 
إسلامي » وبعد عودته منها كان أكثر تمسكاً بالإسلام » وأعمق إيماناً 
بستلاحيمة + .لقيادة البشرنة (11., 

5- اشتراك سيد قطب في التخطيط لثورة (157١م‏ ) بفاعلية » وكان له 
تأثير في التمهيد لها » وكان قادتها وعلى رأسهم "جمال عبد الناصر" 

.5 ٠7ص‎ » سيد قطب », لعبد الباقي حسين‎ )١( 

» مدخل إلى ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي » دار عمار» الأردن » ط؟‎ )١( 


عام 57١‏ ١ه‏ ء ص؛ 5» وسيد قطب », لمحمد توفيق بركات » ص؛ ١‏ بتصرف . 


2 





لالالالالا قلسل _ 





> 


يأتون إلى منزله في حلوان ٠‏ كما تتلمذ كثير من الضباط على فكره وكتبه 

» وتأثروا بمقالاته » وكان محل احترامهم وتقديرهم ومستشاراً لهم(١).‏ 
5-زيادة صلته بقيادة الثورة بعد قيامهاء فكان هو المدني الوحيد الذي 

يحضر جلسات مجلس قيادة الثورة » وعرض عليه منصب وزير 

المغارك: فاعكدر + وسيل ميكرقرا مها هذا ليكة التدري ١0‏ فده 

شهور () . 

وقد أقام رجال الثورة حفل تكريم لسيد قطب ألقيت فيه الكلمات: 
والعجيب أنه بعد أن ألقى سيد كلمته وأشار فيها إلى أنه يتوقع أن 
يتعرض للسجن في العهد الجديد أكثشر من عهد الملكية وقف عبد 
الناصر ليقول له: " أخي الكبير سيد » والله لن يصلوا إليك إلا على 
أجسادنا جثثاً هامدة » ونعاهدك باسم الله بل نجدد عهدنا لك » أن نكون 
فذريك حت الموت !111 (9):, 


ويظهر من كلام سيد فراستة ونفاذ بصيرته » واستشرافه للمستقبل ؟ 


)١(‏ مدخل إلى ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي » ص5 ؟ » وسيد قطب » لمحمد 
توفيق بركات ص 515. 

[") هي هيئة أنشاها عبد الناصر بعد قيام الثورة لتكون واجهة للثورة وحزيا يدافعا عنهاء وفي حقيقة 
الأمر لتكون تنظيما يقف في وجه تنظيم الإخوان» وقد طلب من الإخوان حل تنظيمهم والانخراط 
فيها أكنهم رقضنوا :+ الظن .+ ضفحات مق التازيع ) لصبلاح قشادي:«ذار الشفاع» القويت .ل 3 معام 
١لمء.‏ ص708- ٠ 3١8‏ والإخوان المسلمون . لمحمود عبد الحليم » */ ١١/5‏ 

(*) مدخل إلى ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي » ص5 7» وسيد قطب », لمحمد توفيق 
بركات.» ص .53٠١‏ 

(:) سيد قطب للخالدي » ص4 7١‏ . 





لالالالالا قار _ 





6 


والعجيب أن تكون نهاية سيد على يد عبد الناصر بعد 4 ١عاماً‏ من 
كلمته هذه !!!. 


- زيادة الشقة بين الإخوان وعبد الناصر » وقيام سيد قطب بمحاولة 
الإصلاح كونه صديقاً للطرفين» لكن الأمر استفحل بسبب التدخلات 
الأجنبية والمؤامرة على الإخوان» وعندما تبين لسيد أن ما كان يرجوه في 
قيادة الثورة أصبح سراباً » فاصلهم وترك إغراءاتهم بعد أن رأى فلسفة 
الثورة ونظام هيئة التحرير يسير على غير ما يريد » فقرر الانحياز إلى 
صف الإخوان(20» ليبدأ مرحلة جديدة من حياته " الحركية " . 
ج - مرحلة الإسلاميات الحركية : -1١955(‏ 1555١م)‏ : 
ونقصد بالإسلاميات الحركية : الفهم الصحيح الشامل للإسلام كما 
هو في الكتاب والسنة » وإدراك خصائصه ومقوماته » ومعرفة طبيعته 
ومهمته والالتزام به في التصور والسلوك » ومواجهة الجاهلية وأصحاب 
الباطل به . 
وتبدأ هذه المرحلة بانضمام سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين في 
شهر مارس سنة 307١م‏ وتنتهي في 157/4/75١م‏ بإعدامه - رحمه الله -. 
وتعتبر هذه المرحلة أفضل مراحل حياة سيد قطب وأكثرها عطاءً وفكراً 
وتربية (") » حيث تمثل هذه المرحلة مرحلة النضج الفكري والحركي لسيد 
قطب ووصوله بالتدريج إلى كثير من الحقائق والتصورات العقدية والحركية 


,5١01-- ٠1 المصدر السابق » ص‎ )١( 
1 سيد قطب للخالدي » ص71791‎ )١( 


4 








1 ا اق آلا 7 





6 


» قدم فيها كثيراً من الكتب والأبحاث والدراسات الناضجة التي حوت 


خلاصة فهمه للإسلام » وتصوره للعمل والحركة والجهاد » وجعلت منه 
مفكراً إسلامياً حركياً. ولأهمية هذه المرحلة لا بد من الوقوف عندها ومعرفة 
خصائصها وملامحها وأطوارها منذ بدايتها عام 357١م‏ وحتى إعدامه عام 
5م من خلال النقاط الاتية : 
أولاً : انضمام سيد قطب إلى الإخوان 

- يرى البعض أن سيداً التفى بالمرشد العام الإمام حسن البنا » وسمع 
محاضرته فأعجب به؛ وأنه راجع له أصول كتابه ( العدالة الاجتماعية) » 
وطبعه له وهو في أمريكا » وأنه أهدى لشباب الإخوان كتابه المذكور وهم 
في السجون والمعتقلات (') . 

- ويرى آخرون أنه انضم إلى الإخوان عام ١15١م‏ » وعمل من 
حينها في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين (') . 

- والصحيح: أنه انضم إلى الإخوان في شهر مارس عام 157١م‏ بعد أن 
فاصل رجال الثورة حين تبين له انحرافهم عن ما كان يرجوه منهم» حيث صرح 
سيد قطب نفسه بذلك بقوله : " وكانت نتيجة هذه الظروف مجتمعة » انضمامي 


)١(‏ رائد الفكر الإسلامي ليوسف العظم » ص55 ١‏ » وسيد قطب , لعبد الباقي حسين» 
ص١"‏ » وسيد قطب لمحمد توفيق بركات » ص7١‏ » وسيد قطب ومنهجه في التفسير » 
لإسماعيل الحاج أمين » ص 8ه. 

)١(‏ العالم الرباني الشهيد سيد قطب » لعشماوي أحمد سليمان » ب. د » طبعة عام 
6481م »صه5” . وسيد قطب للخباص » صه ١١‏ » وسيد قطب , لعادل حمودة » 


٠٠١٠١ ص‎ 


م 





لالالالنالا ره _ 





6 


بالفعل سنة 157١م‏ إلى جماعة الإخوان المسلمين .)١("‏ 
وهذا التحديد من سيد نفسه يلغي ما أورده الباحثون من أقوال تخالفه (5) . 
ثانياً : أسباب انضمام سيد قطب إلى الاخ 





لم يكن انضمام سيد قطب إلى الإخوان بدون مقدمات» لكنه مر 
بخطوات متدرجة : 
فقد كان منذ عام 147١م‏ بعد توجهه لدراسة القرآن الكريم دراسة أدبية 
وفنية يكتب ويحاضر ويؤلف ويدعو إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي 
على أساس الإسلام من منطلق فردي ذاتي» بينما كان الإخوان المسلمون 
في هذه الفترة في أوج نشاطهم وقمة حركتهم » ومع أنه كان بمصر إلا أنه 
لم يلتق بالبناء ولم يكن على اطلاع على حقيقة حركة الإخوان المسلمين 
. يقول سيد : " ولم أكن أعرف إلا القليل عن الإخوان المسلمين إلى أن 
سافرت إلى أمريكا عام 558١م‏ " (') » وعندما صدرت الطبعة الأولى من 
كتابه " العدالة الاجتماعية في الإسلام " بواسطة أخيه محمد قطب » وهو 
في أمريكا فهم شباب الإخوان أنه يقصدهم بالإهداء بقوله : " إلى الفتية 
الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدا كما بدأ.. أولئنك 
الفتية الذين لا أشك أن روح الإسلام القوية ستبعثهم من ماضي الأجيال 


)١(‏ ناقش الدكتور / صلاح الخالدي الأقوال السابقة وبين عدم صحتها : انظر : سيد 
قطب من الميلاد إلى الاستشهاد » ص 78-575 7, 


م 





لالالالالا قار _ 





6 


. 3 1١ 5 5 . 5 :: 

إلى مقبل الأجيال في يوم قريب .. جد قريب ' )١(‏ ولم يكن الأمر كذلك 

- بعد عودته من أمريكا انشغل بالدعوة إلى إصلاح الأوضاع والتهيئة 
للثورة » والاشتراك في التخطيط لها »وبعد قيامها اكتشف التوجهات القائمة 
عليها فانحاز إلى الإخوان . 
الأسباب التي كانت وراء انضمام سيد قطب إلى الإخوان : 

-١‏ تحول سيد قطب في نهاية الأربعينيات إلى داعية للإصلاح المنبعث 
من عقيدة الإسلام وشريعته جعله قريباً نفسياً من الإخوان » حيث مثّل ذلك 
وحدة الهدف والمنطلق () » وقوي هذا الارتباط العاطفي بينه وبينهم منذ 
عودته من أمريكا عام ٠15١م‏ وحتى انضمامه إليهم عام 951١م‏ . 

؟- ما رآه في أمريكا من مظاهر الفرح والابتهاج عند الغربيين ميف 
لاغتيال الإمام حسن البناء» واهتمام الصحف والمحللين بالحادث » وكذا 
تحذير رجال المخابرات لسيد من حركة الإخوان وبيان عدائها للغرب 
والصهيونية » كل ذلك لفت انتباهه إليها ووجد نفسه تقترب منها : يقول 
سيد قطب موضحاً ذلك : " وقد قتل الشهيد حسن البناء وأنا هناك - في 
أمريكا- في عام 154١م‏ » وقد لفت نظري بشدة ما أبدته الصحف 
الأمريكية وكذلك الإنجليزية التي كانت تصل إلى أمريكا من اهتمام بالغ 
بالإخوان » ومن شماتة وراحة واضحة في حل جماعتهم وضربها » وفي 
قتل مرشدها » ومن حديث عن خطر هذه الجماعة على مصالح الغرب في 


. 5١8 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 


43 





لالالالالا قلسل _ 





6 


المقطلقة م روهاتى: تقافة اقرب نظا ركه قنهنا: «وشية رك كقنه حيذا لمحتن 


سنة ٠15١م‏ » اذكر منها كتاباً بعنوان: "التيارات السياسية والدينية في 
مصر الحديثة " (١2)؛‏ كل هذا لفت نظري إلى أهمية هذه الجماعة عند 
الصهيونية والاستعمار الغربي'("): 

؟- احترام شباب الإخوان له بعد عودته من أمريكا واعجابهم بفكره . 
وترددهم عليه وزياراتهم له » كان له أثر في اقترابه من الإخوان» بالإضافة 
إلى زيادة وعيه الإسلامي وجهوده العملية في الإصلاح2. يقول سيد : " 
فلما عدت نهاية عام ٠160١م‏ » بدأ بعض شبابهم يزورني ويتحدث معي 
0" 09 . 

4 - ما لاحظه بعد عودته من أمريكا من حرب عملاء أمريكا للإخوان » 
واتفاقهم مع كل الأعداء في الداخل والخارج على الإيقاع بالجماعة 
»وخاصة جمعية الفلاح التي أنشأتها أمريكا » واستقطبت رجال الفكر 
والأذب :والبياسة: 150 

ه- انحراف قيادة الثورة عن السير في خط الإسلام » جعل سيداً يفاصلهم 
وينحاز إلى حركة الإخوان باعتبارها في نظره حقلاً صالحاً للعمل للإسلام 
على نطاق واسع في المنطقة» يقول سيد : " واستغرقت في العمل مع رجال 
ثورة ١‏ يوليو حتى فبراير سنة 157١م‏ ء عندما بدأ تفكيري وتفكيرهم 


." وهو من تأليف: "جيمس هيوارث دن‎ )١ 


( 

( 

"') المصدر السابق » ص 1١‏ 

4) سيد قطب للخالدي » ص 53١‏ 


) 
) 
) 
) 








1 ا اق آلا 7 





6 


يفترق حول هيئة التحرير » ومنهج تكوينها » وحول مسائل أخرى جارية في 
ذلك الحين .. وفي الوقت نفسه كانت علاقاتي بجماعة الإخوان تتوثئق 
باعتبارها في نظري حقلاً صالحاً للعمل للإسلام على نطاق واسع في 
المنطقة كلها » بحركة إحياء وبعث شاملة » وهي الحركة التي ليس لها في 
نظري بديل يكافؤها للوقوف في وجه المخططات الصهيونية والصليبية 
الاستعمارية التي كنت قد عرفت عنها الكثير » وبخاصة في فترة وجودي 
في أمريكا وكانت نتيجة هذه الظروف مجتمعة انضمامي بالفعل سنة 
57 مم إلى جماعة الإخوان المسلمين " (') . 

25 فنا حقة وشبروؤرة وخود حرزكة إتجلامية توائسة ميخطط ات الحسهيوتية 
والصليبية في المنطقة والرامية إلى تدمير الحياة الإسلامية » فرأى أن 
انضمامه إلى الإخوان سيعمل على إحياء حركة الإخوان الموقوفة » يقول 
سيد : " .. وفي الوقت ذاته لا بد من محاولة الرد على تلك المخططات» 


5 


بإعادة حياة ونشاط الحركة الإسلامية» حتى ولو كانت الدولة لسبب أو 


أكثر لا تريد .. هذه رؤيتي للموقف التي انطلق منها التصميم على ضرورة 
العمل لحركة إسلامية + امتتداداً لحركة الإخوان السسحلمين 'المصبادرة 
الموقوفة » مع الانتفاع بالتجربة » وبالتجارب التي سبقتها.." (5). 

ثالثاً : طبيعة انضمام سيد قطب إلى الإخوان وعمله 





إن انضمام سيد قطب - رحمه الله- إلى الإخوان في هذا التوقيت 


. لماذا أعدموني . سيد قطب » ص ”ا‎ )١( 


(؟) المرجع السابق » ص ١07 2١5‏ بتصرف . 


1م 





لالالالالا قار _ 





6 


عجيب جداً ؛ لأنه يعرف أنهم مقبلون على فترة حرجة » ومحنة خطيرة » 
وكان على إطلاع بما يخططه لهم عبد الناصر وزبانيته من مؤامرات 
للإيقاع بهم» تنفيذاً لمخططات وتوجيهات أعداء الإسلام من القوى الخارجية 
والداخلية » فكان انضمامه دليلآ على صدق توجهه للعمل للإسلام “حيث 
رفض البقاء مع رجال الثورة وترك إغراءاتهم له بالمناصب » وذهب إلى 
الإخوان » وهذا لا يتفق بحالِتٍ من الأحوال مع منطق المتاجرة بالأفكار 
والمبادئ » بل يدل على نفسية سيد الصادقة والجريئة» ورغبته الجادة في 
خدمة الدين مهما كان الثمن . 





١-الإشراف‏ على جريدة " الإخوان المسلمون " 


؟- إلقاء حديث الثلاثاء في المركز العام للجماعة. 

؟- تمثيل الإخوان المسلمين في مؤتمر الدراسات الاجتماعية بدمشق في 
مارس عام 157 ام . 

*"- تمثيل الإخوان في المؤتمر الإسلامي في بيت المقدس في كانون أول 
عام 167١ام.‏ 

5:-الإشراف على الأمور الثقافية لقسم نشر الدعوة » وكتابة بعض الرسائل 
الشهرية للثقافة الإسلامية. 

يقول سيد:" ومع ترحيبهم-إجمالاً- بانضمامي إلى جماعتهم إلا أن مجال 
العمل بالنسبة لي في نظرهم كان في الأمور الثقافية لقسم نشر الدعوة» ودرس 


51 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 


/ا/ 





لالالالالا قار _ 





6 


الثلاثاء» والجريدة التي عملت رئيساً لتحريرهاء وكتابة بعض الرسائل الشهرية 
للثقافة الإسلامية أما الأعمال الحركية كلها فقد ظللت بعيداً عنها" )١(‏ 

هذه أعمال سيد منذ انضمامه للإخوان وحتى اعتقاله في ١١‏ يناير عام 
14م مع قيادات الإخوان» حيث مكث في السجن حتى مارس 155١م‏ 
ثم أفرج عنه » ثم اعتقل ثانية في أكتوبر 154١م‏ بعد حادثة المنشية؛ 
وحوكم وحكم عليه بالسجن لمدة خمس عشرة سنة )١5(‏ مع الأشغال الشاقة 
» قضى منها قرابة عشر سنوات وأفرج عنه في عام ام بعفو صحي 
(')- وسيأتي تفصيل محنته قريباً. رابعا : تنظيم )١5(‏ طبيعته 
وأهدافه : () 

توقف تنظيم الإخوان المسلمين بعد محنة عام 154١م‏ بسبب حل 
الجماعة واعتقال قيادتها وآلاف الأعضاء منها » وبينما كان سيد قطب - 
رحمه الله - يقضي فترة محكوميته في السجن قام بعض أفراد الإخوان 
بمحاولات لإحياء تنظيم الإخوان كان من أنجحها محاولة الشهيد عبد الفتاح 


(؟) سيد قطب - د / صلاح الخالدي » سلسلة من أعلام المسلمين - ص ٠١١‏ وما 
بعدها بتصرف . 

(؟) ينظر تفاصل التنظيم في : الموتى يتكلمون » لسامي جوهر ١ ٠‏ لمكتب المصري 

الحديث »القاهرة » ط؟ . عام 117١م‏ »ء ص 55 وما بعدها » وأيام من حياتي . لزينب 
الغزالي . دار الشروق . ب . ت » ص١"‏ وما بعدها » ومذابح الإخوان في سجون 

ناصر , لجابر رزق » ص377١‏ . 


م/م 





لالالالالا قار _ 





6 


إسماعيل(١)الذي‏ نشط في تجميع أفراد من الإخوان وترتيب أسرهم ("), 
وشكل قيادة خماسية للتنظيمء وقام بزيارة سيد قطب في سجنه في عام 
5م وطلب منه أن يكون أبآ روحياً لجماعة من الإخوان خارج السجن 
تريد من يصحح مفاهيمها حيث وافق سيد على ذلك ؛» وصارت كتاباته 
تأخذ طريقها إلى هذا التنظيم بواسطة عبد الفتاح إسماعيل وزينب الغزالي 
وأخته حميدة قطبء ووافق هذا الطلب قناعة في نفس سيد قطب الذي كان 


خلال فترة سجنه يفكر طويلاً في الأحداث ويرى ضرورة وجود حركة 
إسلامية كحركة الإخوان وعدم توقفها » كما أعاد سيد قراءة للقرآن في 
ضوء الأحداث الجارية وحاول أن يقارن بين طبيعة الإسلام والجاهلية 
ويركز على منهج وطبيعة الصراع بينهما » ويتكلم عن الجماعة المسلمة 
وتصوراتها لمواجهة الجاهلية » وكذا موقف الشعوب المسلمة من الأنظمة 
الجاهلية » مؤكداً على أن الحرب ضد الإسلام حرب شاملة في جميع 
ميادين الحياة » ولذلك لا يمكن مواجهتها إلا من خلال تجمع حركي 
إسلامي » مسترشداً بمواقف الصحابة وحركتهم بالقرآن . 

وقد حدد سيد قطب - رحمه الله - منهج التنظيم الجديد وأهدافه في 


الاتي : 


)١(‏ هو: عبد الفتاح عبده إسماعيل » ولد في دمياط عام 175١م‏ » أحد المقربين للإمام 
البنا ء وأول من عمل على إحياء تنظيم الإخوان بعد النكبة » وأحد قيادات تنظيم 15م » 
مشهود له بالعبادة والزهد والشجاعة » اعتقل مع سيد قطب وعذب واعدم معه في 

848 م المصدر : موقع إخوان أون لاين » على شبكة الانترنت . 

)١(‏ وكان ذلك بإذن المرشد العام للجماعة : الأستاذ/, حسن الهضيبي. 


14 





لالالالالا قار _ 





6 


» وجوب البدء مع الشباب المسلم - ومع الناس الآخرين - بالعقيدة‎ -١ 
. وبيان معنى الإيمان والإسلام والعبودية والتحاكم إلى الله‎ 

١-تربية‏ الشباب المسلم الفاهم لدينه -على الأساس السابق ( العقيدة ) - 
على الأخلاق الإسلامية وتوعيتهم بما يجري حولهم في المعسكرات 
المحلية والخارجية المعادية للإسلام . 

- عدم البدء بتنظيم الأفراد إلا بعد وصولهم إلى درجة عالية من فهم 
العقيدة » ومن الخلق والسلوك . ومن الوعي بكل ما يجري ويحدث . 

:-نقطة البدء في الحركة الإسلامية ليست هي المطالبة بإقامة النظام 
الإسلامية من خلال إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية » 
وانما بنقل المجتمعات - أو قطاعات مؤثرة فيها - إلى الإسلام وفق 
النقاط السابقة » لتطالب هي - أي المجتمعات - بتطبيق الإسلام . 

5- عدم محاولة فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء على الحكم 
من أعلى - الانقلابات - بل عن طريق تغيير تصورات المجتمع وقيمه 
وأخلاقه » والتزامه بالإسلام - أي إيجاد القاعدة المسلمة في المجتمعات 
» التي تعرف حقيقة الحكم الإسلامي وتريد أن تحكم به . 

5- حماية الحركة من الاعتداء عليها أو تدميرها ووقف نشاطها كما حدث 
للإخوان عام 58»: 5ه و لادم . وكما حدث للحركة الإسلامية في 
باكستان وغيرها » وذلك عن طريق وجود مجموعات مدربة تدريباً فدائياً 
- بعد تمام تربيتها الإسلامية على قاعدة العقيدة ثم الخلق - تتدخل 
عند الاعتداء على الحركة فقط » وفي الوقت نفسه يكون المضي في 


لالالالالا قلسل _ 





6 


البرنامج التربوي السابق )١(‏ . 
وعمل سيد على تربية أعضاء التنظيم الجديد على المنهج السابق من 
خلال طريقين: 
أ - وصاياه لأفراد الإخوان الذين كانوا ينقلون من سجن القناطر إلى سجن 
ظرةسقراءة كت معينة ومناقكنة أفكار متحددة ».وقد تكوتت أول أشرة 


إخوانية تتبنى منهج سيد قطب في سجن القناطر عام 157١م‏ » وبدأت 
تعمل في أوساط الإخوان في السجن حتى استطاعت خلال الأعوام 
1551 ام تنظيم عدد ( 55 ) فرداً وإقناع (50) آخرين بالمنهج من 
إجمالي عدد (18) فرداً في السجن » مما أدى إلى حدوث انقسام في 
صفوف الإخوان وأثار انزعاج مكتب الإرشاد للجماعة حول أفكار سيد 
ومنهجه فأرسل أعضاء مكتب الإرشاد من يستوضح الأمر من سيد ء 
فشرح لهم الأمر فوافقوه (5) 

ب- إمداد أعضاء التنظيم الذين كانوا خارج السجن بكتاباته عن طريق 
أخته حميدة» وكانت عبارة عن فصولٍ من " معالم في الطريق " و " في 
ظلال القرآن " 0). 
وبعد أن أطلق سراحه عام 155١م‏ بعفو صحي » قاد التنظيم من 

الناحية التربوية والفكرية وترك للقيادة الخماسية تسيير أمور التنظيم العملية 


. لماذا أعدموني » سيد قطب » ص47 »2 47 بتصرف‎ )١( 

(؟) المصدر السابق » ص 2”5 717 بتصرف . 

(") البوابة السوداء » لأحمد رائف ,» دار الزهراء » القاهرة » ط١‏ » عام 18م » 
ص5 7. 


1١ 








1 ا اق آلا 7 


6 


» وكان يجتمع بهم أسبوعياً أو كل شهر(١)‏ نظراً لحالته الصحية » وقد ركز 
اهتمامه في لقاءاته بهم على التربية العقدية » وخلال هذه الفترة عكف على 
قراءة بعض الكتب الشرعية؛ وكتب بعض البحوث وأكمل تفسير الظلال 


وطتؤنات" التصرون | لاسدامي : 

وفي عام 155١م‏ اكتشفت الحكومة أمر التنظيم وقامت باعتقال آلاف 
الأخوان رتفي شيل راعشام الفنظيم لقبذا محنة ينيف الثائية رالثي اكيت 
بمحاكمته واعدامه عام 157١م.‏ 
خامساً :علاقة سيد قطب بجماعة الإخوان المسلمين بعد إنشاء 
تنظيم_ 5 تم: 

تعتبر مسألة علاقة سيد قطب - رحمه الله - بالإخوان بعد إنشاء التنظيم 
الأقوان الكنية بجا 8 انمق الفننائن الع واد كولها كدن ين هزه 
البافتق والكتاب مرفي ازيناط حفاغة الأخراع التسلمين :وكيرهم + 
-١‏ حيث يرى بعض كتاب الإخوان ومفكريهم : أن سيد قطب - رحمه الله - في 
بداية تحوله إلى الإسلام قبل سفره إلى أمريكا كان ينوي إقامة تنظيم إسلامي 
دعوي » وأنه بدأ بتجميع بعض الشباب المسلم ثم صرف النظر في الموضوع 
بسبب سفره » وفي أمريكا سمع - سيد قطب - كثيراً عن جماعة الإخوان ولفت 
انتباهه اهتمام الغرب بها فقرر التعرف عليها » وبعد عودته إلى مصر اتصل 
بالإخوان وتعرف على جماعتهم »ثم انتظم في :صنفوف الجماعة بعد.مفاضاته 


. لماذا أعدموني » ص“7؛‎ )١( 


5 








1 ا اق آلا 7 





6 


لقادة الثورة (') » وعاش سيد إخوانياً منذ انضمامه للجماعة عام 157١م‏ وحتى 
استشهاده » ولم يختلف مع وجهات الإخوان » بل كان فكره امتداداً لفكر البنا 
('). حيث اتضحت المبادئ التي رسمها البنا بالمعالم التي حددها سيد قطب » 
وتفيق خط الجماعة بانكازة:0).. 


- يرى آخرون من كتّاب الإخوان وغيرهم : أن سيد قطب - رحمه الله‎ -١ 
اختلف مع بعض قيادات الإخوان أثناء سجنه بسبب أفكاره التي رأوا أنها‎ 
تخالف منهج الجماعة » وبالتالي نتج عن هذا الاختلاف انقسام في أوساط‎ 
الجماعة نفسها حول سيد قطب وفكاره وعلاقته بالجماعة » وتعمق الخلاف‎ 
بإنشاء التنظيم الإخواني الجديد المعروف بتنظيم 15م » والذي يقوم على‎ 
أفكار سيدء حيث ظهر كتاب" دعاة لا قضاة " للرد على بعض أفكار سيد‎ 
والتنظيم الجديد(*), بالإضافة إلى التهوين من شأن سيد قطب بقصد حماية‎ 
أفراد الجماعة من التأثر بأفكاره المخالفة لهم »ومع ذلك ظل سيد قطب‎ 


. بتصرف‎ 777 0717 ٠ رائد الفكر الإسلامي » ليوسف العظم » ص6”‎ )١( 

ه١‎ 57١ فكر سيد قطب , لمحمد أبو صعيليك , الدار الشامية » عمان » ط١ » عام‎ )١( 
ا‎ 

(؟) الطريق نحو حكم إسلامي » محمد علي ضناوي ء دار الإيمان » طرابلس » ب . ت 
». ص 73١‏ » آفاق التعاليم . سعيد حوى » ص١١.‏ وفكر سيد قطب , لمحمد أبو 
صعيليك » ص 6لا . 

(:) والكتاب عبارة عن مجموعة بحوث صدرت باسم المرشد العام :.حسن الهضيبي 
ينسبها بعضهم إلى قيادات الإخوان » وينسبها آخرون إلى المخابرات المصرية٠‏ 


0 





لالالالالا 117اقةلل _ 





6 


وأحذا مق كحضا كة الكوان المساميق حق نات 10 

*- يرى بعض الكتاب - وأغلبهم من خارج الإخوان - أن سيد قطب - 
رحمه الله- اختلف مع الإخوان في نهاية حياته وخرج عن جماعتهم » وأنشأ 
تنظيما جديدا مع بعض قياداتهم " حيث أفرزت الفترة من9554١-9170ام‏ 


وما واكبها من قمع مباشر ومتلاحق للإخوان مدرسة فكرية جديدة » هي 
مدرسة سيد قطب حرحمه الله - وما تفرع عنها من مدارس تشمل رؤىَ 
وأفكاراً خرجت عن فكر مؤسس الجماعة حسن البنا" (") . 
ن خلال دراسة حياة سيد قطب وعلاقته بالإخوان إلى الآتي: 
-١‏ أن سيد قطب - رحمه الله - لم يفكر في إنشاء تنظيم إسلامي قبل 
سفره إلى أمريكا » بل كان في هذه المرحلة داعية للإصلاح الاجتماعي من 
خلال الكتابة واللقاءات والندوات » دون أن يصل الأمر إلى الشروع في 
إنتباء اتتظيم ![بجااتني 100 

ءم١‎ 157 أن فكرة إنشاء تنظيم إسلامي وجدت عند سيد بعد قيام ثورة‎ -١ 
حيث أراد أن يجعل من "هيئة التحرير”" تنظيماً إسلامياً دعوياً »وكان‎ 
الاتجاه في أول الأمر معه » لكن سرعان ما تغلب العلمانيون على هيئة‎ 
التحرير وحولوا مسارها عن خط الإسلام » ففاصلهم سيد ورأى أن إنشاء‎ 
تنظيم جديد في ذلك الوقت غير مناسب », فقرر الانضمام إلى جماعة‎ 





():الجرعة الإسلاسة سجتوعة من الزلشتين + تخرين أن ركيد الله السي وبنقفية 
مدبولي » القاهرة » ب . ت » ص727١.‏ 

. 73١5١ الحركة الإسلامية » مجموعة من الباحثين » ص‎ )١( 

(؟) لماذا أعدموني » سيد قطب . ص ١١‏ . 


54 








3 23 3 3ه 





6 


الإخوان باعتبارهم الجماعة القائمة بهذا الواجب في تلك الفترة » ولأنها في 
نظره تمثل حقلاً يمكن العمل للإسلام من خلاله والاستفادة منه(١).‏ 

؟- بعد انضمام سيد إلى الإخوان عام 157١م‏ عمل معهم في الجوانب 
الدعوية والثقافية » وظل بعيداً عن العمل التنظيمي حتى اعتقل عام 155١م‏ » 
وحكم عليه بالسجن ١5‏ عاماً » وأثناء وجوده في السجن بدأ يعيد النظر في 
حركة الإخوان المسلمين وأوضاعها » ويقارن ذلك بأوضاع الجماعة الأولى " 
جيل الصحابة ". وانتهى به الأمر بعد سبع سنوات من التفكير إلى وضع 
تصور لمنهج عمل الحركة الإسلامية () وفي هذه الأثناء حاول بعض قيادات 
الإخوان إحياء تنظيم الإخوان المسلمين » فعرضوا الأمر على سيد في السجن 
فوافق على قيادة التنظيم الإخواني الجديد وامداده بالتصور المنهجي للعمل 
الأمر الذي أحدث خلافاً وجدلاً في أوساط الإخوان حول سيد قطب وأفكاره 
وتصوره الحركي الإسلامي » فناصره البعض والتحق بالتنظيم الجديد » وخالفه 
آخرون وظهر كتاب " دعاة لا قضاة " للرد على أفكاره التي خالفهم فيها » كما 
حاول المخالفون له التهوين من شأنه والطعن في قدرته التنظيمية نظراً لقصر 
المدة التي عاشها في الإخوان » وكل ذلك خوفاً من تأثر أفراد الإخوان بسيد 
قطب - رحمه الله ('). 


)١(‏ المصدر السابق » ص14 بتصرف 
)١(‏ لماذا أعدموني » سيد قطب . ص 717 38 . 
() كان ممن وافق سيد : مصطفى كامل وسيد عيد ورفعت الصياد وفوزي نجم » وكان 


ممن عارضهة: عبد الرحمن البنان وعبد العزيز جلال ومصطفى مشهور »انظر : سيد 
3 قطب للخالدي » ص27؟” و81 7؟, 








1 ا اق آلا 7 





6 


5 - من خلال دراسة تنظيم 155١م‏ والمبادئ التي قام عليها » نجد أن سيد 
ريه الت تحاول الانفاةة من تحرينة الأكوان و وكذا السفادة من 
قاعدتهم البشرية أيضاً » لإيجاد حركة إسلامية دعوية تسير على البرنامج 
الحركي الذي وض عه وتصوره لمنهج عمل الحركة الإسلامية. 
يقول سيد : " وانطلق التصميم على ضرورة العمل لحركة إسلامية » امتداداً 
لحركة الإخوان المسلمين المصادرة الموقوفة » مع الانتفاع بالتجربة 
وبالتجارب السابقة " .)١(‏ 

ويقول أيضاً بعد أن حدد منهج عمل الحركة الإسلامية :" وأصبحت 
هذه الصورة للحركة الإسلامية واضحة في حسي تماماً " وبقيت مهمة نقلها 
إلى أفراد ومجموعات أخرى من الإخوان بأية وسيلة . لبدءِ حركة على 
اساي 0 


5- من خلال النظر في القواعد التي حددها سيد لمنهجه في التنظيم 
الجديد نجد أنه يختلف مع الإخوان في بعض المسائل ومنها : 

أ- الاهتمام بالعقيدة » وتربية الأفراد على التصور العقدي الصحيح الذي لا 
غبش فيه منذ البداية حيث يرى سيد قطب أن سبب فشل الحركة الإسلامية 
ينبع من عدم إدراك أفرادها لمدلول كلمة التوحيد ' لا إله إلا الله " بجميع 
جوانبها . 

ب تقديم التربية على التنظيم » فكان شعاره التربية ثم التنظيم ولو طال الوقت. 


)١(‏ لماذا أعدموني ؛ سيد قطب . ص ١7‏ ل 
رن السسع رن الما معن قا 


15 





لالالالنالا ره _ 





6 


ج- استبعاد الانشغال بالعمل السياسي وعدم الدخول في لعبة الأحزاب لأن 
ذلك في نظره إضاعة للوقتء وانشغالاً عن تربية القاعدة المسلمة في 
الأفة (0), 


د- النظر إلى الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي والتي لا تطبق شرع الله 
على أنها أنظمة جاهلية يجب مفاصلتها والعمل على تغييرها بدلاآً من 
ترقيعها » واعطائها شرعية من خلال المشاركة في هيئاتها . 
ومن خلال تصريحات - سيد - السابقة » وكذا النظر في طبيعة 

وأهداف تنظيم 15م نستطيع القول : بأن سيد قطب - رحمه الله - عمل 

داخليء يحمل اسم الإخوان لكن بفكر متطورء وربما يكون هذا هو الموافق 

٠ للواقع‎ 


سادسًا : علاقة سيد قطب بالجماعة الاسلامية في الهند : 
الجماعة الإسلامية : جماعة أنشأها في شبه القارة الهندية الإمام أبو 


)١(‏ هو:أبو الأعلى ابن أحمد بن حسن الهندي »المودودي »مؤسس الجماعة الإسلامية 
في شبه القارة الهندية »مؤرخ وأديب وسياسي وخطيبءله مؤلفات كثيرة »كان مولعاً 
بابن تيمية »وكان له ميول إلى الماتريدية بحكم البيئة »انظر : من أعلام الحركة 


الإسلامية »للمستشار عبد الله العقيل» دار التوزيع» القاهرة » طبعة عام آم 2 
ص١٠5١1-ه6١١,‏ 


4/ 








1 ا اق آلا 7 





6 


والدعوة والعمل؛ وله مجموعة من الكتب والرسائل والأبحاث التي أوضح 
فيها الفكر الإسلامي وجوانبه ٠‏ و نقد الجاهلية المادية الغربية » ومهاجمة 
أفكارها وقيمها . 


وقد انتشرت كتبه ومؤلفاته في أوساط الشباب الإسلامي» وتركت 
آثارها واضحة لدى كثير من العاملين للإسلام » حيث ثُرجم الكثير منها 
إلى اللغة العربية وثشر في مصر في أواسط القرن العشرين الميلادي 
بواشكلة:" لكحه الشياب المسلم ": 

وقد تتلمذ سيد قطب - رحمه الله - على كتب المودودي » واطلع 
على رسائله التي نشرت في مصر قبل محنته » ومع أنهما لم يلتقيا » إلا 
أن أفكار المودودي تركت بصماتها في فكر سيد قطب » حيث تبنى كثيراً 
منها » وأضاف إليها » وكان يكثر من النقل عنها والإحالة إليها خاصة في 
الظلال . وكان يثني على المودودي ويصفه " بالمسلم العظيم " » وقد 
اعترف سيد قطب بانتفاعه بكتب المودودي » واعجابه بأفكاره » وموافقته له 
في كثير منها » وخاصة المصطلحات الأربعة (') . 


سابعاً : ملامح المرحلة الأخيرة من حياة سيد قطب " الإسلاميات 

الحركية": 

-١‏ تمثل هذه المرحلة نقلة نوعية في فكر سيد قطب وتوجهه الإسلامي. 
ونضوج آرائه ودراساته» وفيها كتب أهم كتبه الإسلامية الحركية وهي: 


. بتصرف‎ ١57 -١5/8 في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي » ص‎ )١( 


1/ 








1 ا اق آلا 7 





> 


- هذا الدين ( ٠95١م‏ ). 

- المستقبل لهذا الدين (315١م)‏ . 

- الإسلام ومشكلات الحضارة (؟955١م‏ ) . 

- خصائص التصور الإسلامي( 1957م ) . 

- في ظلال القرآن ( كان قد بدأه عام ؟555١م‏ ) . 

- معالم في الطريق ( 155١م‏ ) . 

- مقومات التصور الإسلامي ( كتب معظمه عام 555١م‏ على أوراق 

الإدعاء وطبع عام 185١م‏ ) . 
والكتب السابقة تشكل فكره في المرحلة الأخيرة » ولكن ذلك لا يعني 

خلوها مز سكن الأخطاء 

؟- تعرض سيد في هذه المرحلة للاعتقال والسجن مرتين خضع خلالهما 
لأنواع من التعذيب » ومع ذلك لم يلن جانبه » ولم يغير قناعاته » ولم 
ينزو على نفسه في السجن ولم تشغله آلامه وأمراضه بل استعلى 
عليها وجعل من سجنه فرصة للتأمل والتفكير وقراءة الأحداث والربط 
بينها » ويلاحظ أن أهم كتبه السابقة صدرت في السجن . 

*- بدأ سيد في نهاية المرحلة بعد خروجه من السجن عام 955١م‏ 
بمطالعة بعض الكتب القديمة والحديثة ككتب ابن القيم والمودودي 
وبعض التفاسير » وكان لذلك أثر في تطوره الفكري . 

؛- تحول سيد قطب من العمل الإسلامي العام إلى العمل التنظيمي 
الحركي القائم على المنهج التربوي والذي يؤكد على التربية على 
العقيدة واحياء مفاهيمها في الأفراد » وتربية القاعدة المسلمة في المجتمع 


0 


77-77-77 12222217 اتيكةاققطي ومنمجه في العقيدة يوت 


> 





لتتولى المطالبة بالحكم الإسلامي وتطبيقه ٠‏ وتصور سيد قطب لمنهج 
الحركة الإسلامية يركز على أهمية الوضوح التصوري الفكري » من 
خلال البدء بالعقيدة والبيان » ويعيد اعتبار أهمية العامل التربوي الذي 
يقوم على المجاهدة والأخذ بالعزائم والالتزام بالسلوك والممارسة العملية 
وهو في تصوره هذا يستبعد الانشغال السياسي والنقابي والمهني ٠»‏ توفيراً 
للوقت والجهد » كما أنه - رحمه الله - يلغي اللجوء إلى العنف حتى لا 
تؤخذ الجماعة بالعنف » فتطبيق النظام الإسلامي عنده لا يمكن تحقيقه 
إلا بعد نقل المجتمعات إلى الفهم الصحيح للإسلام » والتربية عليه مهما 
اقتضى ذلك من الزمن الطويل والمراحل البطيتة .)١(‏ 


. 731-75 ينظر: لماذا أعدموني » سيد قطب » ص‎ )١( 





717171717 اله _ 


022220 





المطلب الثاني 


صففاته 

يحسن بنا أن نعرض لملامح شخصية سيد قطب - رحمه الله - 

وصفاته الخَلقية والخُلّقية » لنتعرف عليه عن كثب , وذلك فيما يلي : 
أولاً : صفاته الخَلّقية : 

" كان سيد حنطي اللون؛ أسمر البشرة» أجعد الشعرء وقد عرف في 
لسانه لثغة محببة في الراء'(١).‏ 
وكان بعض الذي يطالعون مقالاته العنيفة » وكتاباته القوية » يظنونه رجلاً 
ضخم الجسم قوي البنية » حاد الصوت » لكن سرعان ما يزول ظنهم إذا 
قابلوا سيدا (). 

ولم يكن سيد يتمتع بصحة جيدة منذ صغره » فقد كان كثير المرض 
'يعاني من أمراض في معدته اضطرته إلى أن يحمل معه الدواء أينما 
ذهب " (). وفي آخر حياته أصيب بالتهاب رئوي ( الذبحة الصدرية ) 


. رائد الفكر الإسلامي » ليوسف العظم » ص»5©‎ )١( 
من هؤلاء محمه علي قطب والأستاذ علي الطنطاوي وأبو الحسن الندوي» ينظر‎ )١( 


كلامهم في : ثورة الفكر الإسلامي / لمحمد علي قطب » ص7١‏ » ومذكرات سائح في 
الشرق للندوي » ص172» وسيد قطب للخالدي » ص»60 . 


(') مع سيد قطب في فكره السياسي والديني » د / مهدي فضل الله . مؤسسة الرسالة » 
بيروت .» ط١ا‏ » عام 591١م‏ » ص؛ ؛ . 





لالالالالا قار _ 





6 


(')؛ وزادت أمراضه في السجن بعد اعتقاله وتعذيبه » حتى أنه قضى قرابة 


تسع سنوات في مستشفى السجن » أخرج بعدها بعفو صحي (). 
ثانياً : صفاته الخُلقية : 
معلوم أن الأخلاق منها ما هو جبلي فطريء ومنها ما هو مكتسب 
والدارس لشخصية سيد قطب - رحمه الله- يلاحظ بعض الصفات التي 
تحلى بها سواءً قبل التزامه بالإسلام أو بعد التزامه» ويمكن عرض بعض 

الأخلاق التي تحلى بها فيما يأتي: 

-١‏ الجدية والهمة العالية : وتتضح لنا صفة الجدية والهمة عند سيد 
قطب من خلال قضايا كثيرة ومواقف عديدة في مراحل حياته ومن 
الأمثلة على ذلك : 

أ - جديته وهمته في طفولته حيث قرر حفظ القرآن الكريم وعمره يقارب 
الثامنة» ووضع لنفسه برنامجاً يومياً حتى أتمه خلال ثلاث سنوات. 
ب- همته في مواصلة دراساته وعدم الاكتفاء بالتعليم الأساسي رغم 

صعوبة وضعه المادي . 

ج - جدية كتاباته النقدية والأدبية ومواجهته لمظاهر الفساد الاجتماعي 
والخلقي والسياسي في حين كان كثير من الكتّاب يتخذون من الكتابات 
الهازلة تجارة رابحة . 

د - جديته في المرحلة الأخيرة في الالتزام بالإسلام والدعوة إليه » والعمل 


51 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 
, 3” ليه المصدر السابق » ص‎ 








1 ا اق آلا 7 





6 


الحركي والتنظيمي لمواجهة الجاهلية والباطل دون كللٍ أو خوف . 

ه- عصاميته وعلو همته في فترة محنته وسجنه » ومعلوم أن السجن 
وحياته أمر صعب . خاصة لمن كان مسجوناً بظلم » أو يلاقي فيه 
الإيذاء والتعذيب » ولكن سيد قطب جعل من سجنه فرصة للتأمل 
والتفكير والبحث والتأليف مستعلياً على كل جراحه وآلامه . 
- شجاعته وقوة شخصيته : غُرف سيد قطب - رحمه الله - بشجاعته 
وقوة شخصيته حتى في حياة ما قبل الالتزام » ثم بعد التزامه بالإسلام 
أصبحت هذه الصفة أكثر من قبل وحتى تتضح هذه الصفة نسوق 
بعض الأمثلة والمواقف ومنها : 

أ - رغم تدليل والديه له في طفولته إلا أنه كان يمتاز بالشجاعة وقوة 
الشخصية بخلاف الأطفال في هذه السن » وقد ذكر عدة مواقف له 
في طفولته حول تحديه لبعض الخرافات والشائعات وقصص العفاريت 
التي كانت منتشرة في القرية .)١(‏ 

ب- تتجلى شجاعته وقوة شخصيته في رحلة دراسته الجامعية من خلال 
نقاشاتة: الكريفة ومعاركه الأدبية والنقدية وهو لا يزال ظاليا يقول عَنه 
أستاذه : " يعجبني فيه جرأته الحازمة » التي لم شَسْفْه فتصبح تهوراً » 
ولم تذل فتغدو جبناً » وإن هذه الجرأة الرشيدة التي دعته إلى 
الاستقلال برأيه في بحثه - حتى ولو خالفنا - لهي التي تجعله أحبّ 


١77-17١ ص‎ ٠» طفل من القرية - سيد قطب‎ )١( 








1 ا اق آلا 7 





6 


إلى قلوبنا " .)١(‏ كما تظهر أيضاً في قوة طرحه وكتاباته الإصلاحية 
التي تنتقد مظاهر الفساد والانحلال في المجتمع والقائمين عليها . 

ج - جرأته وشجاعته في المحاكمة وأثناء التحقيق» حيث كان يجيب على 
الأسئلة بمنتهى الشجاعة ودون تردد » وتظهر شجاعته في خلعه لثيابه 
أمام المحكمة ليرى الحاضرون آثار التعذيب الرهيب وهو يعرف ما 
ينتظره بعد ذلك (2» وفي بيان هذه الصفة يقول سيد : " إن الخوف 
والهلع والحرص والتخلف لا تطيل أجلاً والشجاعة والثبات والإقدام 
والوفناي للا تقصير عمترا :فلا كنا لخدو ول ناسية أغنية: الحرتاء » 
والأجل المكتوب لا ينقص منه يوم ولا يزيد ' (). 

“-عمق نظره وسعة أفقه : الذي يقرأ ما كتبه سيد قطب يجد أنه أحسن 

قراءة الأحداث الماضية والحاضرة والمستقبلية » فمن الماضي أحسن قراءة 

الدين والتاريخ والفلسفة » ومن الحاضر تعلم السياسة والفكر » وأما من 
المستقبل فقد استشرف الصراع بين الكفر والإسلام وطبيعة المعركة 
ووسائلها كما استشرف النصر للإسلام وانتشاره رغم كل المؤامرات التي 

تحالك ضدذه . 

ويرجع عمق نظرته للأحداث وسعة أفقه إلى أمور منها: 

أ - الإخلاص الذي نلمحه من خلال عباراته - والله حسيبه - فالإخلاص 


)١(‏ من مقدمة الأستاذ/, محمد مهدي علام لكتاب سيد( مهمة الشاعر في الحياة ) نقلآ 
عن سيد قطب للخالدي » ص م8 

. ١١7 مذابح الإخوان في سجون ناصر » جابر رزق » ص‎ )١( 

(؟) في ظلال القرآن » سيد قطب ١ ٠‏ / 487 . 





0 || 520 لصا 





يورث الفراسة . 
ب - إطلاعه- رحمه الله-على المخطط العالمي لضرب الإسلام؛ ممثلاً 
بالحركات الإسلامية في العالم الإسلامي» وتجلي ذلك له أثناء إقامته في 
أمريكا من خلال مناقشاته وحواراته مع العلماء والمختصين الغربيين ولقائه 
برجال من المخابرات ثم اتصاله برجال الثورة في مصر بعد ذلك .)١(‏ 
ج- سعة ثقافته » واطلاعُه على الثقافات المختلفة : حيث أتاح له ذلك 
التعرف على ما يدور في العالم في أغلب مجالات الحياة : يقول سيد " 
إن الذي يكتب هذا الكلام إنسان عاش أربعين سنة كاملة » كان عمله 
الأول فيها هو القراءة والإطلاع في معظم حقول المعرفة الإنسانية » ما 
هو من تخصصه .ء وما هو من هواياته» ثم عاد إلى مصادر عقيدته 
وتصوره » فإذا هو يجد ما قرأه ضئيلاً إلى جانب ذلك الرصيد الضخم - 
وما كان يمكن أن يكون إلا كذلك - وما هو بنادم على ما قضى فيه 
أربعين سنة من عمره » فإنما عرف الجاهلية على حقيقتها » وعلى 
انحرافها وضاآلتها وقزامتها » وعلى جعجعتها وانتفاشها » وعلى غرورها 
وا 
؟ - استعلاؤه بالإيمان : بعد أن وضع سيد قطب - رحمه الله - قدمه على 
طريق الإيمان الحق في المرحلة الأخيرة من مراحل حياته » تدرج في الرقي 
الإيماني » فارتفع عن مطامع الدنيا وآثر العيش في ظلال القرآن الكريم 


53١48» ١117 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 
١ 4" معالم في الطريق - سيد قطب » ص‎ )١( 


١.ه‎ 





لالالالالا قار _ 





6 


وتوجيهاته » وقد عبر عن ما يجده في نفسه من حلاوة الإيمان في رسالتين 
لة هن سحتئه الأحد [كوانيه() يقول في الأورلي؟" امنا انا فأجدني ور ب 


أي وقت مضى » في عقيدتي وإيماني » وفي وضوح هذه العقيدة وهذا 
الإيمان في نفسي » وفي وضوح إدراكي وتصوري لهذا الأمر ومقتضياته .. 
ووضوح الهدف والوسيلة والطريق والغاية » وكل هذا خير جزيل جميل » 
يرجح كل ما أديته ثمناً له » من راحتي وصحتي والحمد لله " 

ويقول في الثانية : " أهم من أن أشكرك - فيما اعتقد- أن أطمئنك 
عليّ » وأنا في وضعي الذي تعلمه .. لقد وجدت الله » كما لم أجده من 
قبل قط .. لقد عرفت منهجه وطريقه كما لم أعرفه من قبلء ولقد اطمأننت 
إلى رعايته » ووثقت بوعده للمؤمنين كما لم أطمئن من قبل قط .. وأنا بعد 
ذلك - على ما عهدتني - مرفوع الرأس لا أحنيه إلا لله » والله يفعل ما 
قناع وال غالب عل مزه :ولكق أكشق الخامن الأ يعلموك" 110 

ويقول في مقدمة الظلال: " لقد عشت في ظلال القرآن - هادئ النفس 
ا ل وو ا 
كل أمرء لد لتر عشت استشعر .اينجابية صنفاكة 
تعالى وفاعليتها " 7) »' لقد عشت في ظلال القرآن - أنظر من علو إلى 


)١(‏ هو: صديقه الأديب السعودي الأستاذ / أحمد عبد الغفور عطار »صاحب مجلة 
(كلمة الحق التي أصدرها من مكة ). 

(؟) مجلة ( كلمة الحق ) السنة الأولى - العدد الثاني - مايو 977١م‏ ص 4١‏ » نقلاً 
عن سيد قطب للخالدي » ص 516. 

(*) في ظلال القرآن » سيد قطب » ١5/1١‏ . 





لالالالالا قار _ 





6 


الجاهلية التي تموج في الأرض ٠»‏ وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة » 
أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال » 
وتصورات الأطفال » واهتمامات الأطفال . كما ينظر الكبير إلى عبث 
الأطفال " .)١(‏ 


ويبرز خلق الاستعلاء بالإيمان عند سيد قطب بوضوح في مواجهته 
للباطل وثباته أمام البلاء واعتزازه بدينه » وترفعه على المساومات 
والإغراءات التي واجهها في حياته » وكذا في مواجهته للطاغوت وقد طّلب 
إليه أن يعتذر أو يسترحم فيعفى عنه فقال : " لماذا استرحم ؟ إن كنت 
محكوماً بحق فأنا أقبل الحق » وإن كنت محكوماً بباطل فأنا أكبر من أن 
استرحم الباطل " »" إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة 
ليرفض أن يكتب حرفاً واحداً يقر به حكم طاغية ' ('). 
هذه النصوص وغيرها كثير تبين لنا الحالة الإيمانية التي كان يعيشها 
سيد قطب - رحمه الله - في آخر حياته؛ رغم قسوة الحياة المحيطة به في 
السجنء وتذوقه لحلاوة الإيمان واضح فيها. 
ه- صدقه وثباته : من أبرز صفات سيد قطب - ولا نزكيه على الله 
تعال- الصدق والثبات: 
* أما صفة الصدق فتبدو في كتاباته حتى قبل التزامه» مما جعل تعامله 
مع الساسة يكاد يكون مستحيلاً ففي عهد الملكية كان الكُتَّ:اب يتزلفون 


(1) المصدر السنايق 1١‏ 317 


شهيد عزام » بيشاور » ط١‏ »عبات 6و ص 





لالالالالا قلسل _ 





6 


للملك ويتقربون إليه » أما- سيد - فرغم فقره فقد كان أبياً صادقاً فيما 
يطرح. 

وبعد قيام الثورة لم يستطع أن يستمر مع قيادة الثورة إلا شهوراً معدودة 

ويظهر صدقه في تدينه -أيضاً - في تركه للمناصب والإغراءات بعد 
قيام الثورة وخلافه مع رجالها وانضمامه للإخوان المسلمين في وقت حرج ٠‏ 
الصدق واضحة في محاكمته وفي كتاباته بعد ذلك في الظلال والمعالم 
والخصائصء سأله أحد تلاميذه: لماذا كنت صريحا كل الصراحة في 
المحكمة التي تملك عنقك ؟ فقال : ' لأن التورية في العقيدة لا تجوز » 
وليس للقائد أن يأخذ بالرخص " (). 

ويقول: " لن نتدسس إلى الناس بالإسلام تدسسأ » ولن تُربّت على 
شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة » سنكون معهم صرحاء غاية الصراحة » هذه 
الجاهلية التي أنتم فيها تَجٌَّ والله يريد أن يطهركم " ("). 

* أما ثباته فأمر لا يخفى على كل من طالع مسيرة حياته» ويظهر ذلك من 
خلال: 

6 3 00000 : ُ ِ ما م 

أ - ثباته أمام الإغراءات التي تعرض لها في طريقه إلى أمريكا وفي أمريكا ('). 


.5 77 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 
(؟) معالم في الطريق » سيد قطب » ص1548.‎ 
) (؟) ينظر في ذلك في رحلته إلى أمريكا في ( الفصل القادم‎ 








لالالالالا قلسل _ 





6 


ب- ثباته أمام المحكمة والابتلاءات والتعذيب في السجن في محنته 
الأولى والثانية ('). 


ج- ثباته على الحق وعدم الاستجابة لمطالب الطغاة رغم المساومات 
والتهديدات التي استمرت حتى آخر لحظة من حياته ("). 

5- عفته - رحمه الله - : العفة هي: الكف عما لا يحل ولا يجمل (). 
والذي ينظر في حياة سيد قطب - رحمه الله - يجد خلق العفة 
والاستعفاف واضحاً حتى في مراحل ما قبل التزامه» ويمكن بيان تلك 
الصفة من خلال الأحداث الآتية: 

أ - غرف سيد قطب في طفولته وصباه بالوقوف في وجه الأعمال الشائنة 
التي كان يقوم بها بعض 
الطلاب في المدرسة نحو الفتيات» ويرجع ذلك إلى طبيعة البيئة ونوع 
التربية التي تلقاها من أبويه. 

ب- نلمح في سيد خلق العفة وعدم الإسفاف حتى في مرحلة شبابه 
وضياعه الفكري ويتضح ذلك من قصة حبه للفتاة القاهرية والتي كان قد 
خطبها ثم تبين له أنها كانت على علاقة عاطفية مع شاب آخر فتركها ' 
لأنه كان يريدها عذراء القلب والجسد " ويلحظ ذلك من إهدائه لقصة " 
أشواك " حيث جاء في مقدمتها : " إلى التي خاضت معي في الأشواك 


١ ينظر فقرة محنته » من هذا الفصل‎ )١( 
سيد قطب » للخالدي ,س١ 7 ةا‎ )١( 
) 


*') لسان العرب »لابن منظور “دار إحياء التراث » بيروت 0 55 “و 
المفردات للراغب الأصفهاني » دار القلم » بيروت .7 397١م‏ » ص517/7 . 








1 ا اق آلا 7 





6 


» فدميت ودّميت » وشّقيتُ وشقيّت » ثم سارت في طريق وسرت في 
طريق » جريحين بعد المعركة ». لا نفسها إلى قرارء ولا نفسي إلى 
ةو 1177 

ج - ومن قصص العفة عنده أيضاً ما وقع له وهو على ظهر الباخرة 
مسافراً إلى أمريكا حيث يذكر سيداً : ' أنه وقف في ليلة صافية مقمرة 
متأملا فأحس بحالة إيمانية تغمره » وراح يخاطب نفسه » أأذهب إلى 
أمريكا وأسير فيها سير المبتعثين العاديين الذين يكتفون بالأكل والنوم ؟ 
أم لا بد من التميز بسمات معينة ؟ وهل غير الإسلام والتمسك بآدابه 
والالتزام بمنهجه في الحياة » وسط المعمعان المترف المزود بكل وسائل 
الشهوة واللذة والحرام ؟ قال : " وأردت أن أكون الرجل الثاني - المسلم 
الملتزم - وأراد الله أن يمتحنني : هل أنا صادق فيما اتجهت إليه؟ أم 
هو مجرد خاطرة ؟ فما إن دخلت الغرفة حتى كان الباب يقرع » وفتحت 
فإذا أنا بفتاة هيفاء جميلة » فارعة الطول شبه عارية » يبدو من مفاتن 
جسمها كل ما يغري » وبدأتني بالإنجليزية : هل يسمح لي سيدي بأن 
أكون ضيفة عليه هذه الليلة ؟ فاعتذرت بأن الغرفة معدة لسرير واحدء 
وكذا السرير لشخص واحدء فقالت: وكثيراً ما يتسع السرير الواحد 
لشخصين !! واضطررت أمام وقاحتهاء ومحاولة الدخول عنوة لأن أدفع 
الباب في وجههاء لتصبح خارج الغرفة» وسمعت ارتطامها بالأرض 


للكشميري وءوص 27 





لالالالالا قلسل _ 





6 


الخشبية في الممر » فقد كانت مخمورة .)١("..‏ 

د - وفي أمريكا أطلعنا سيد قطب - رحمه الله - على محاولات عديدة 
لإغرائه واغوائه من خلال ملاحقة إحدى الفتيات له من ولاية إلى أخرى, 
ومحاولة إحدى الممرضات إغراءه وهو في المستشفى» وعرص عامل 
الفندق تلبية طلباته الجنسية !! وغيرها ('). وكان في كل المحاولات 


يترفع ويعف نفسه ويستعلي بإيمانه - رحمه الله - . 

1- كرمه وزهده : تربى سيد منذ طفولته على خلق الكرم عملياً في بيت 

والده في القرية » حيث كان والده رجلاً صالحاً كريماً يحب الإحسان إلى 

الناس وخاصة الغرباء الذين يفدون للعمل في القرية » وقد كلفه ذلك أن يبيع 

بعض الأراضي التي كان يملكها .. وقد ذكر سيد بعض المواقف التي أثرت 

في نفسه من كرم والده مع الآخرين ('). وفي حياة سيد كثير من الوقائع 

التي تدل على كرمه حتى قبل التزامه ومنها : 

أ-كان سيد قطب محاضراً في كلية دار العلوم » وفي أول يوم للدراسة 
لاحظ أحد الطلاب ببدلته القديمة على غير المعهود في أترابه الطلبة » 
وإذا بالأستاذ سيد قطب يستدعيه إلى مكتبه »ويطلب منه أن يخلع بدلته 


)١(‏ أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب ؛ د/ صلاح الخالدي ,دار القلم » دمشق » طم/ 
51 اهاءصسص 372 

)١(‏ ينظر تفاصيل ذلك في سيد قطب للخالدي » ص ١15‏ » وأمريكا من الداخل بمنظار 
سيد قطب للخالدي » ص 7 ٠‏ 58. 

(؟) طفل من القرية » سيد قطب . ص17 ١‏ وما بعدها » نقلآً عن سيد قطب للخالدي » 


. ١" ص‎ 


١1١١ 








1 ا اق آلا 7 


6 


» وقام سيد بخلع بدلته واعطائها له » بينما أخذ بدلته القديمة » ولم 
١ 1 1‏ 
يسمح له بالخروج إلا بعد أن لبسها !! .)١(‏ 
ب-كان الأستاذ / أحمد عبد الغفور عطار يزور سيد قطب في منزله في 
حلوان - في الأربعينيات - وكان أثاث غرفته متواضعاً بسبب حالته 


المادية » ثم زاره بعد أيام فوجد عنده أثاثاً جميلاً وجديداً فَسُّر بذلك » 
وزاره مرة ثالثه فوجد أثاثاً قديماً ؛ فاستغرب وبعد إلحاح منه أخبره -سيد 
-أنه باع الأثاث الجديد وقدم ثمنه مساعدة لأحد إخوانه ليتم مصروفات 
زواجه (5). 
وغيرهم بكرم بالغ فعندما كان يزوره أهله »عادة ما يحضرون له دجاجة 
أو إوزة مشوية » فكان يتناولها كما هي مغلفة ويقف في شرفة الدور . 
وينادي إخوانه في الطابق الأسفل ويعطيهم تلك الهدية يتقاسمونها فيما 
00000 

د - كان معه في زنزانته زميل له (5)؛ وكان مصاباً بانفصال غضروفي 
وكان علاجه يقتضي أن يبقى مستلقياً على ظهره ستة أشهرء فكان سيد 
- رحمه الله - يقوم بخدمته بنفسه ويطيب خاطره ويعتني به بكرم بالغ. 


» نقلآً عن سيد قطب للخالدي‎ .118777/3 /١ مجلة المجتمع » عدد 877 بتاريخ‎ )١( 
49:4 طن‎ 
.55 سيد قطب للخالدي » ص5‎ 3 


0( 
() المصدر السابق » ص 555. 
(4) هو : الأستاذ /مصطفى العالم . 


3 





لالالالالا قار _ 





6 


وشمل كرمه في سجنه الحيوان أيضاًء فقد كان عنده في السجن قط 
عجوزء وكان سيد يطعمه ويعتني به» ولما سئل عن سر اهتمامه به 
وهو عجوز ؟ فقال: لا يليق بنا أن نأخذ شبابه» ثم لا نرحمه في 
شيخويفكة 07 


*وأما زهده وترفعه عن ما في أيدي الناس رغم حالته المادية وفقره » فيحدثنا 
أحد أصدقائه(")بقوله : " أتصل بي سيد ذات يوم وطلب مني أن أحضر إليه 
ومعي بضعة عشر جنيهاً قرضاً ليشتري بها دواء » وهو مريض لا يملك ثمنه » 
فذهبت سريعاً ولما دخلت دهشت مما رأيت » فقد كان معه في الغرفة موظف 
دبلوماسي في سفارة دولة عربية وأمامه حقيبة مليئة بالأوراق المالية » تبلغ عدة 
الاكنامين الكنييات وهو ورهن سهد بإلحاح أن يأخذها » هدية من دولته » 
ليستعين بها على تمويل مشروعاته !! ونظرت إلى سيد الذي كان جالساً 
مريضاً » وهو حزينء بدأ عليه الغضب وهو يقول للرجل : إنني لا أبيع نفسي 
وفكري بأموال الدنيا » فأعد أموالك إلى حقيبتك !! » ثم التفت إليّ وقال : هل 
أحضرت المبلغ » فناولته وأنا في غاية الدهشة ٠‏ أما الرجل فقد أخذ حقيبته 
وخرج متعجباً مما رأى "(). 

وأكبر من ذلك: زهده في دنيا الطواغيت ومناصبهم رغم عرضها عليه 
وحتى اللحظة الأخيرة من حياته - رحمه الله - . 


.5 117 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 
6 (؟) سيد قطب للخالدي » ص‎ 


١117 





لالالالالا قار _ 





6 


٠-حبه‏ الخير للناس : يقول سيد قطب عن نفسه : " نفسي خيّرة » محبة 
» يغمر الحنان جوانبها .. تريد - لو استطاعت - أن تبسم لكل شيء»ء 
وأن يبسم لها كل شيء.. وهي تعشق الرضا والهدوء » وتتلمسهما في 
كل ناحية.. وتود لو كانت الحياة منبسطة هادئة.. تصطدم هذه الطبيعة 
بالواقع» فتحار وتتألم وتشكوء. وقد تغضب » وقد تنفعل » وقد تسخر 
وتهدد بالانتقام.. ولكنها مع ذلك تحتفظ بخيرها وحنانها في أشد ساعات 
الغشيب والانفعال.. حكى-إذا :انقهى ذلك الموقف عاد إليها حتانهنا 
وعادت تبحث عن مظاهر الود والمحبة بحث اللاهث المستزيد . 
عجبت لنفسي لا تراع من الأذى ويقتلها خَطّبٌ ينيخ على غيري ويا 
ربما أبكي لمن خلت بائساً على حين يقضي ليله باسم الثغر('). 
ويقول أيضاً : " عندما نعيش لذواتنا فحسب تبدو لنا الحياة قصيرة 
فوقلة ام وفددها :تمكن لخيركا قا النهياة فز طويلة فميقة زتها 
نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة حينما نعيش للآخرين» .. عندما تنمو في 
نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات 
كثيرة».. ونمنح أنفسنا طمأنينة وسعادة »حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا - 
إننا حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً » أو أطيب منهم 
قلباً » أو أرحب منهم نفساً » أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد صنعنا شيئاً 
كيرا + إن ل ل 5 
ضعفهم ..وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا 


)١(‏ المصدر السابق » ص 478-51٠‏ » بتصرف » ( من مقال لسيد في مجلة الأسبوع 
» العدد /1" سنة 13155١م)‏ . 


١1 








1 ا اق آلا 7 





6 


بقدر ما نستطيع.. دون أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية أو أن 
نتملق الناس ونثني على رذائلهم ... " .)١(‏ 

كما يبدو حبه للناس من خلال عمله الدؤوب في الدعوة إلى إصلاح 
الأوضاع ورفع المظالم والمعاناة عن الناس حتى قبل التزامه » وأما بعد 
الالتزام فيكفي أنه نذر وقته كله للعمل والدعوة » وجاهد الطغاة بقلمه 
ومواقفه » وفضح المؤامرات والأخطار المحدقة بالأمة نصحا لها وتحذيرا » 


وحرصاً منه على خير الناس وهدايتهم . 

كالثا : محاولات زواحة + قدّر الل لشية قلت" ح رحمه اثدات أن بفيش 

حياته على هذه الدنيا بدون زواج ! ولم يكن ذلك عزوفاً منه عن الزواج: 

أو إيثاراً للعزوبية رهبنة أو عداوة للمرأة » وانما لأنه لم يتمكن منه رغم 

بذله الأسباب » حيث أحب سيد حباً صادقاً شريفاً مرتين ! وخطب مرتين ! 

ولكنه غادر الدنيا بدون زواج : 

أ - تحدث سيد عن حبه الأول في القرية في بداية شبابه في كتابه " طفل 
من القرية " حيث ذكر أنه أحب فتاة تربطه بها صلة مصاهرة بعيدة - 
كانت ابنة عم زوجة عمه - وذكر صفاتها التي جعلته يعجب بها . 
وأحس أنها تبادله نفس الشعور » ولما ترك سيد قريته إلى القاهرة ظلت 
الفتاة عالقة بذاكرته » وعاد بعد ثلاثة أعوام ليكون أول سؤال له عنها ! 


فعلم أنها قد تزوجت » فاغرورقت عيناه بالدموع وانصرف (). 


5 أفراح الروح » سيد قطب .مركز الشرق العربي » ب» ت .ص ”, ه‎ )١( 
.7 58 طفل من القرية » سيد قطب . ص 55 » نقلاً عن سيد قطب للخباص » ص‎ )١( 





لالالالالا قار _ 





6 


ب - في أواخر الثلاثينات وبعدما تخرج من الكلية وعمل في الوزارة» تعرف 
على فتاة قاهرية وأحبها !! ثم تقدم لخطبتها من أهلهاء وفي حفل 
الخطوبة رأى الدمع في عينيها فألح عليها لتخبره السبب . فاعترفت له 
بأنها كانت قبل أن تتعرف عليه تعيش قصة حب مع ابن جيرانها 
الخبائط بالجيكن» عتذها تلآشتث أحلامه: ليعيشن سثوات من المعاناة 
والحيرة» فقرر فسخ الخطوبة لأنه يريد امرأة عذراء القلب والجسد('). وقد 


جعل سيد من تجربته هذه مادة لنتاج أدبي نثرا عا وجسّدها في 
رواية بعنوان : " أشواك " . واستمر تأثره بالحادثة زمناً حيث انصرف 
بعدها إلى الأعمال الأدبية » قبل توجهه إلى الفكر الإسلامي وانشغاله 
بحيث لم يجد فسحه من الوقت للتفكير في الزواج ("). ثم سافر إلى 
أمريكا وأقام فيها لمدة سنتين وعاد منها ليبدأ التفكير في الزواج وشرع 
في البحث عن شريكة حياته لكن الأعمال والشواغل المتلاحقة لم تدع له 
فرصة . حيث استغرقت أعمال سيد قبل الثورة وبعدها كل وقته (1) . 

ج - بعد انضمامه إلى الإخوان عام 357١م‏ خطب إحدى فتيات الإخوان؛ 
وكاد الزواج أن يتم إلا أن أحداث عام 154١م‏ حالت بينه وبين إتمام 
الزواج» فما كان منه إلا أن أعفى الفتاة من هذا الرباط (5)» ليبقى في 
السجن عشر سنوات. 


.74 + ٠١ المرجعين السابقين »ص‎ )١( 
,55017 275٠١ سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 

(*) سيد قطب للخالدي » ص 797 . 

(4:) سيد قطب ومنهجه في التفسير » إسماعيل أمين الحاج » ص 511. 


١175 





لالالالالا قلسل _ 








6 


د - بعد الإفراج عنه عام 355١م‏ » حاول سيد الزواج من فتاة أخرى » 
فأقدم على خطبة فتاة من الأخوات المسلمات ٠»‏ ولكن أحداث هذا العام 
وما تلاها حالت دون إتمام الزواج .)١(‏ 


وقد ذكر شقيقه محمد قطب أن سيداً قام بأكثر من محاولة للخطبة والزواج 
ولكنه لم يوفق في جميعها إلى ما يريد ('). ومما سبق يظهر أن 
محاولات زواج سيد كانت تفصل بينها فترات زمنية طويلة وذلك يعود إلى 
عدة أسباب منها: 

١-تحمل‏ سيد أعباء أسرته ورعايتها بعد وفاة والده ووالدته» مع ضيق ذات اليدء حيث 
وهب نفسه لرعاية إخوته وتعليمهم» كما ذكر لبعض رفاقه في السجن (). 

؟-الهزة العميقة التي تعرض لها سيد حين خاض تجربة الحب المخفقة التي جسدتها 
رواية( أشواك ) فكان إخفاقه عاملاً مهما من عوامل عزوفه عن الزواج لفترة زمنية . 

- انشغاله بالدعوة إلى إصلاح الأوضاع ومواجهة الظلم ثم سفره إلى أمريكا وانشغاله 
بعد عودته في الإعداد للثورة . 

4 - المحنة التي تعرض لها في آخر حياته من اعتقال وتعذيب ومرضٍ وطول سجن 
واعدام حالت دون إتمام محاولتين للزواج كما سبق(4): 


. م١115 المصدر السابق » ص 14 ( من مقابلة مع زينب الغزالي ) » عام‎ )١( 
سيد قطب للخباص » ص 172 . وحدثني هو بذلك عند لقائي به في منزله بمكة في‎ )١( 
ه١‎ 55747 رمضان عام‎ 

(؟) سيد قطب , لعبد الباقي حسين » ص 758 . 

(4:) سيد قطب للخباصء» ص 18» وسيد قطب للخالدي » ص 555. 


١١ا/‎ 





7717117 !111111111177 سيد قطب ومنمجه في العقيسة بوم 


6 





المبحث الثالث 
أعماله ووفاته 


وفيه مطلبان : 
المطلب الأول : أعماله ووظائفه . 


المطلب الثاني : محنته ووفاته . 


١1١8 





3 23 3 3 م 





6 


المطلب الأول 


أعماله ووظائفه 


أنهى سيد قطب دراسته الجامعية في كلية دار العلوم صيف عام 
1م ء ودخل معترك العمل الوظيفيء وتولى عدداً من الأعمال 


والوظائف هي : 

: التدريس‎ - ١ 
أ - عين مدرساً بعد تخرجه في 17/07/ “1977م في ( مدرسة الداودية)‎ 
. بالقاهرة‎ 


ب- انتقل للتدريس في مدرسة دمياط الابتدائية في /١‏ 175/9 ١م.‏ 

ج-انتقل للتدريس في مدرسةبني سويف في 175/١7/١1‏ ١م‏ نظراً لعدم مناسبة جو 
دمياطله لظروفه المرضية 

د - انتقل للتدريس في مدرسة حلوان بتاريخ ١/١١/9731١م‏ » وبقي فيها ثلاث 

سنوات . 
وقد قضى سيد قطب - رحمه الله- ست سنوات كمدرس في مدارس الوزارة» 
وهي المهنة التي أحبها لما فيها من صلة إنسانية كما يقول .)١(‏ 

- موظفاً في وزارة المعارف :_ وقد تولى سيد بعض الأعمال في الوزارة 

كالتالي : 


> سذزرا غزدا في عراقفة االعافة الخامة وق ك1 112 : 


١11 





لالالالالا قلسل _ 





6 


ب- موظفاً في إدارة الترجمة والإحصاء من تاريخ ١/١٠/150١م‏ . 
ج- مفتشاً في التعليم الابتدائي من تاريخ 5/17/١‏ 454١م‏ » وكان سبب نقله 
إلى التفتيش خلافه مع الوزير بسبب نشاطه الأدبي والسياسي . 

د - محرراً في إدارة الثقافة من تاريخ إبريل /555١م:‏ 
وخلال عمله في الوزارة كان يكتب المقالات العنيفة» ناقداً الأوضاع 
الداخلية» وسياسة التعليم المتردية مما آثار المسئولين عليه» وصرح وزير 
المعارف بضرورة فصله من الوظيفة» وقد آثار ذلك 'سيداً" فعزم الاستقالة 
من الوزازة» لكن: ذا عله يهيبين (0)الذق كا ضديقاً له يذل حهداً ليحول 
بينه وبين الاستقالة» وانتهى الأمر بترتيب بعثة علمية لسيد إلى أمريكا 
للتخصص في التربية وأصول المناهج -في الظاهر-وإن كان الهدف 
الأساسي هو التخلص منه ومن كتاباته ومحاولة إفساده فكرياً وخلقياً 
فسافر إلى أمريكا في 7/١١/315/8١م‏ » وبقي هناك حوالي سنتين» ثم 
عاد في 7؟/١١٠/1150١م.‏ 

ه- عين بعد عودته من أمريكا بوظيفة " مراقب مساعد" بمكتب وزير 
المعارف » ثم نقل إلى منطقة القاهرة الجنوبية التعليمية في 
كام : 

و - عين مراقبا مساعدا للبحوث الفنية والمشروعات بالوزارة في 


)١(‏ هو:طه بن حسين المصري .كاتب علماني مشهورء درس في باريس وعاد إلى 

مصر ء وتولى عمادة كلية الآداب ووزارة التعليم » ألف عددا من الكتب »كان شغوفا 

بالحياة الغربية وداعية إليها » مات في القاهرة سنة 1737١ه‏ ءانظر: الأعلام للزركلي 
لضفا 





3 23 3 3 م قلقلل . 





6 


مم ولكنه لم يبقَ في عمله هذا طويلاآً بسبب الخلاف 
المتزايد مع المسئولين في الوزارة فاضطر لتقديم استقالته من الوزارة في 
ا ول 00 


ولم يكن سيد قطب خلال فترة عمله في الوزارة مجرد موظف عاديء 
بل كان دائم التفكير في تحسين العملية العلمية والتربوية » فأخذ يضع 
الخطط », ويقدم الدراسات ويعد التقارير والمقترحات بكل جرأة وان 
غضب المسئولون . 
ومن المقترحات التي قدمها : 
١-مقترح‏ تعديل مناهج كلية دار العلوم . 
؟-مقترح لإصلاح دروس النحو والبلاغة والصرف والإملاء . 
'"-مقترح " مشروع الترجمة ". 


5 -مقترح " مشروع مكتبات المدارس ' 

5-مقترح " مشروع خطة تغيير نظام دراسة التاريخ " 

"-مقترح تحسين وإصلاح جهاز الوزارة - بعد عودته من أمريكا - . 
كما شارك في تأليف بعض المناهج الدراسية ومنها : 
-١‏ الجديد في اللغة العربية -١‏ الجديد في المحفوظات ”7- روضة 
العلفق 10م 


)١(‏ سيد قطب للخباص » ص 15 » وسيد قطب لعبد الباقي حسين » ص١7‏ » وسيد 
قطب للخالدي » ص2866 1 
)١(‏ سيد قطب للخباص » ص 15 » وسيد قطب للخالدي » ص 21 » 51/6 


١7١ 





لالالالالا قار _ 





6 


عمله مع قيادة ثورة 57م : 
بعد استقالته من الوزارة ونظراً لصلته بقادة الثورة قبل قيامهاء وتأثر 
كثير من ضباط الجيش الوطنيين بمقالات سيد . فقد جعلوه بمثابة 
المستشارء وكانوا يترددون على منزله في " حلوان " » وبعد نجاح الثورة 
قرر مجلس قيادتها أن يسند إلى سيد قطب منصب وزير المعارف فاعتذر 
؛ وكذا عرض عليه منصب المدير العام للإذاعة فاعتذر » ووافق أن يكون 
سكرتيراً عاماً لهيئة التحرير. ولما تبين له حقيقة أهدافها » استقال منها بعد 
أقل من شهر من تعيينه .)١(‏ 
أعماله بعد انضمامه إلى الإخوان | 5 يهنن امبتقالة سيك عر ”فينة 
التحرير بسبب قناعته بأن أهدافها غير إسلامية انضم إلى الإخوان 
المسلمين في مارس عام 157١م‏ » وقد تولى بعض الأعمال ذات الطابع 
الثقافي للجماعة » وظل بعيداً عن العمل الحركى يي التنظيمي حتى دخل 
السجن عام 154١م‏ » وقد سبق الإشارة إلى اعباقهمد الإخوان والتي 
ا 
- إلقاء درس الثلاثاء في المركز العام للجماعة . 
8 وكتابة بعض الرسائل الشهرية للثقافة الإسلامية . 


4 - ورئاسة تحرير جريدة " الإخوان المسلمون " 


١7 





77-77-77 22002-77373737 صيدد قطي ومنصجة في العقيدة ,بصت 





6 


ه- وتمثيل الإخوان في بعض المؤتمرات الخارجية في دمشق والقدس .)١(‏ 
وبعد دخوله السجن في محنته الأولى عام 155١م‏ انشغل بالكتابة 
والتأليف والإعداد في نهاية سجنه لتنظيم 15م » وبعد خروجه قاد 
التنظيم الإخواني الجديد فكرياً وتربوياً » وعندما اكتشف أمر التنظيم 
اعتقل وحوكم ثم قتل في 157١م‏ » بعد حياة حافلة بالعطاء الأدبي 
والفكري والحركي في كل مراحل حياته. 


)0( رائد الفكر الإسلامي المعاصر »ليوسف العظم ,ص 5535-58 ٠‏ 


١77 





لالالالنالا اله _ 





00005 


المطلب الثاني 


محنته ووفاته 


بعد خلاف سيد مع قيادة الثورة وانضمامه للإخوان عام 157١م‏ , 
بدأت شقة الخلاف بين الإخوان والنظام تتوسع عوفي 5١/١/155١ام‏ 
أصدر مجلس قيادة الثورة أمراً بحل جماعة الإخوان المسلمين » واعتبارها 
كباقي الأحزاب السياسية الممنوعة » معللاً ذلك ب :" قيامها بأعمال خطيرة 
تهدد الأمن » واتصالها بجهات خارجية » والتآمر على الوطن " .)١(‏ وفي 
نفس اليوم تم اعتقال قادة الإخوان ومنهم سيد قطب - رحمه الله - ليبدأ 
مرحلة الابتلاء والتي تعرض فيها لمحنتين : 

أ - المحنة الأولى : (") 
*وتبدأ باعتقاله في 5١/١/1554١م‏ مع قيادة الإخوان بعد حل الجماعة 
على يد جمال عبد الناصر » الذي عاهد سيداً قبل 4 ١‏ عاماً أن يفديه بدمه 
!!! » وقد نظم الإخوان مظاهرات حاشدة بعد إقالة عبد الناصر لمحمد 
نجيب من الرئاسة في 1514/7/75١م‏ مما اضطره إلى إعادته » والإفراج 


عر عي قط ركادة وخران يعد مي ورين امن عقاليم .. 


. "55 سيد قطب للخالدي » ص‎ )١( 

» ينظر تفاصيل " المحنة الأولى " في : سيد قطب للخالدي » صه 5 "وما بعدها‎ )١( 
والإخوان المسلمون لمحمود عبد الحليم » ؟/7517 وما بعدها » ومذابح الإخوان في‎ 
. سجون ناصر . لجابر رزق » ص”7١١ وما بعدها‎ 


١ 








1 ا اق آلا 7 





6 


*وبعد الإفراج ضاعف سيد قطب نشاطه الدعوي والإصلاحي ٠‏ حتى 
كانت حادثة " المنشية " في 7”/١٠/1154١م‏ » حيث أذيع نبأ محاولة 


اغتيال عبد الناصر على يد مجموعة من أفراد الإخوان في 
تمثيلية مكشوفة " لتقوم بعدها الحكومة بحملة اعتقالات واسعة طالت 
عشرات الآلاف من الإخوان وفي مقدمتهم " سيد قطب " - رحمه الله - 
وهو في الثامنة والأربعين من عمره » وفي السجن صب على - سيد قطب 
- وإخوانه صنوفٌ من العذاب الذي لا يوصف .» مما أدى إلى مضاعفة 
أمراضه السابقة واصابته بأمراض جديدة » بسبب تعرضه للضرب بالسياط 
والحرق والكي بالنار في أجزاء مختلفة من جسده أصيب على أثرها بنزيف 
رئوي حاد وتم نقله إلى المستشفى » وقدم بعد ذلك إلى " محكمة الثورة " 
التي أنشأها عبد الناصر لمحاكمة الإخوان » حيث قام سيد قطب أثناء 
محاكمته بنزع ثيابه في حركة جريئة ٠‏ ليرى الحاضرون آثار التعذيب 
الرهيب الذي تعرض له مع إخوانه » فضجت القاعة من هول ما رأت 
واضطر رئيس المحكمة إلى رفع الجلسة فوراً » وعاد سيد إلى السجن ليجد 
التنكيل جزاء ما قام به » ثم عقدت جلسات المحاكمة سرية » وحكم عليه 
في النهاية غيابياً - بالسجن خمسة عشر عاماً مع الأشغال الشاقة نظراً 
لعدم استطاعته حضور الجلسات بسبب المرض والتعذيب . 

*وبعد صدور الحكم نقل إلى سجن " طره " وهو من أسوأ سجون 
مصر . أعد لتحطيم نفسيات السجناء ودخل السجن مع حوالي 5٠٠١‏ فرد 
من الإخوان » وفي السجن شهد سيد قطب مذبحة الإخوان في 
70 مء حيث أطلق الجنود النار على السجناء في العنابر 


لالالالالا قلسل _ 





6 


والزنازين ليحصدوا واحدا وعشرين شهيدا وثلاثة وعشرين جريحا . 


*وتدهورت صحة سيد قطب بعد خمس سنوات من سجنه إلى حدٍ كبير 
» فاضطروا إلى نقله إلى مستشفى ' المنيل " الجامعي . ليقضي فيه ستة 
أشهر » ثم يعود إلى مستشفى سجن ' ليمان طره " وبعد سنة تدهورت 
صحته من جديد » فنقل إلى مستشفى " المنيل " لستة أشهر أخرى » ثم 
أعيد إلى السجن . 

*وفي عام 115١م‏ » تعرض سيد لانهيار حادٍ بعد إصابته بالذبحة 
الصدرية مع أمراضرت أخرى في الكلى والمعدة » فرأت الحكومة الإفراج 
عنه بعفو صحي ؛ ووافق ذلك اتصال الإخوان في العراق بالرئيس العراقي 
عبد السلام عارف(١)‏ ليتوسط عند عبد الناصر بإطلاقه » فأطلق في شهر 
مايو عام 14م ء وكان عبد الناصر وزبانيته يظنون أن سيداً لم يعد 
قادراً على فعل شيء بعد عشر سنوات من السجن والتعذيب والمرض ("). 

*ومما تجدر الإشارة إليه : أن سيد قطب في سجنه كان موضع احترام 
الجميع » حتى أطلق عليه لقب ( قاضي السجن ) 0), كما أنه جعل من 
سجنه فرصة للتأمل والبحث والتفكير في أمور الدعوة » ولم تشغله همومه 


انلو الموسوغة السيادية #ركم اب 


لله سيد قطب للخالدي توص 175١‏ 
08 المصدر السابق » ص 525, 


١5 





نالا لالالا 








وآلامه » فأصدر مجموعة من الكتب الفكرية والحركية خلال هذه المحنة 
وقد أشار سيد إلى بعض المواقف التي حصلت له في سجنه والتي هي من 
نعمة الله وفضله عليه ومنها : 

ةي ( إِديسَيَيِكُم تاس أَمََه مِنْهُ ويَزلُ عَليَكُم ين يسما 

مَأ لَظْهَرَكُم به وَيُذّهِب دكي ربو الشَّمِطن ولبرّبط عل فلو بكم وبِكِرَتَ به الْأهَدَامَ ) 

مره قا ها 1 اتحوت جن كرون لدان جنكلا طن حتود الله في معركة 
بدر » ثم ذكر حادثة وقعت له في السجن فقال : " ولقد كنت أمر على 
هذه الآيات ٠‏ وأقرأ أخبار الناس فأدركه كحادث وقع » يعلم الله سره » 
ويحكي لنا خبره » ثم إذا بي أقع في شدة » وتمر علي لحظات من الضيق 
المكتوم » والتوجس القلق في ساعة غروب .. ثم تدركني سِنَةٌ من النوم » 
لا تتعدى بضع دقائق » واصحوا إنساناً جديداً غير الذي كان » ساكن 
النفس ٠‏ مطمئن القلب » مستغرقاً في الطمأنينة الوائقة العميقة » كيف تم 
هذا ؟ كيف وقع هذا التحول المفاجئغ ؟ لست أدري ! ولكني بعدها أدرك 
قصة بدر ولحو 


سر م 


-١‏ في ظلال قوله تعالى ل وما جمينك فلا ميل 
أن من كدو وهو لْعَيرِ لديم ] [سورة فاطر آية ؟] . يقول سيد: " ويبقى أن أتوجه 
أنا بالحمد لله » على رحمة منه خاصة » عرفتها منه في هذه الآية » لقد 
واجهتني في لحظة جفافيٍ روحي » وشقاءٍ نفسي » وضيق بضائقة » 


وعسر من مشقة » واجهتني ذات اللحظة » ويسر الله لي أن أطلع منها 


.١ 585/7 » في ظلال القرآن‎ )١( 


١ /ا‎ 


ميد قطي ومنمجة في العقيدة وعم 








لالالالالا قار _ 





6 


على حقيقتها » وأن تسكب حقيقتها في روحي » كأنما هي رحيق أرشفة 
وأحس سريانه ودبيبه في كياني ٠»‏ حقيقة أذوقها لا معنى أدركه فكانت 
رحمة بذاتها » تقدم نفسها لي تفسيراً واقعياً لحقيقة الآية » التي تفتحت لي 
تفتحها هذا وقد قرأتها من قبل كثيراًت ومررت بها من قبل كثيراً » ولكنها 
اللحظة تسكب رحيقها » وتحقق معناها وتنزل بحقيقتها المجردة » وتقول 
هأنذا ...نموذجاً من رحمة الله حين يفتحها » فانظر كيف تكون ! إنه لم 
ضخمة أن يتفتح القلب لحقيقة كبرى من حقائق هذا الوجود »كالحقيقة 
الكبرى التي تضمنتها هذه الاية »نعمة يتذوقها الإنسان ويعيشها ولكنه قلما 
يقدر على تصويرها » أو نقلها للآخرين عن طريق الكتابة »وقد عشتها 
مرت بي في حياتي وهأنذا أجد الفرج والفرح والري والاسترواح والانطلاق 
من كل قيد ومن كل كرب ومن كل ضيق »وأنا في مكاني !إنها رحمة الله 
يفتح الله بابها ويسكب فيضها في أية من آياته » آية من القران تفتح كوة 
من النورء وتفجر ينبوعا من الرحمة » وتشق طريقا ممهدا إلى الرضا والثقة 
والطمأنينة والراحة في ومضة عين وفي نبضة قلب وفي خفقة جنان » اللهم 


حمدا لك » اللهم منزل هذا القران هدى ورحمة للمؤمنين " .)١(‏ 


.1975 /8 » في ظلال القرآن‎ )١( 


١78 





1 1 17 7 #1901717اسر _ التلرّكة قطي ومنعجة في العفيدة 





ب - المحنة الثانية : )١(‏ 

*في عام 157١م‏ أي قبل الإفراج عنه بسنتين عرض بعض أفراد 
الإخوان ومنهم عبد الفتاح إسماعيل - رحمه الله -على سيد فكرة إعادة 
إحياء تنظيم الإخوان وطلبوا منه قيادة التنظيم الجديد فوافق سيد على تولي 
مهمة الإشراف الفكري والتربوي للأعضاء من السجن » وبدأ يصحح لهم 
المفاهيم ويحدد لهم الخطوات ». وبعد خروجه من السجن عام 155١م‏ 
التقى بأعضاء قيادة التنظيم الجديد » وأوكل إليهم أمور التنظيم الإدارية » 
واكتفى بالقيادة الفكرية والتربوية » وكانت هذه الفترة - بداية الستينات - 
قد شهدت تسلط الشيوعيين على مختلف الوظائف , والذين قاموا بإطلاق 
إتتاعات ومتقتورالت حيّد:! لأحواق ‏ وكذا معطن مهارلات“ الفسرات ونبيتها 
للإخوان . الأمر الذي أدى إلى قيام الحكومة بحملة اعتقالات واسعة 
للإخوان » و كشف أمر التنظيم الجديد » الذي يقوده سيد قطب (1) , ليتم 
اعتقال سيد قطب مجددآ في 1915/8/1١م‏ » مع أعضاء التنظيم . 

*وفي 1155/8/7”10١م‏ أعلن عبد الناصر من موسكو اكتشاف مؤامرة 
لقلب نظام الحكم دبرها الإخوان بقيادة سيد قطب - لتبدأ محنة سيد قطب 


(1) ينكلن تقافتييل النكذة الثانية في »هيه تكلب للكالدي .من #077وها يعذهاءء ونين 
قطب للخباص » ص .١٠١8‏ وسيد قطب » لعادل حمودة  »‏ ص ١5١ومابعدهاء‏ 
ومذابح الإخوان » لجابر رزق » ص؛ .١١‏ 

)١(‏ يرى كثير من الباحثين والمؤرخين أن كشف التنظيم كان عن طريق " على 
عشماوي " أحد أفراد القيادة الخماسية»بقرينة عدم تعرضه للتعذيب كبقية أعضاء 
التنظيم » والإفراج عنه بعد ذلك وتيسير سفره وتامين إقامته في أمريكا . 


١8 








1 ا اق آلا 7 





6 


الثانية '» حيث: أصندر عبد الناصر- قانوثاً استثتائياً لمحاكمة الإخوان وفوضن 
المحاكم العسكرية بالتحقيق في القضية » ومكث سيد قطب منذ اعتقاله في 


8 م حبيس زنزانة انفرادية في السجن الحربي لمدة أربعة أشهر . 
*وفي 7/4١155/1ام‏ بدأت نيابة أمن الدولة في التحقيق مع سيد قطب 
حول طبيعة التنظيم وأهدافه » وأعضائه » وعلاقته بالإخوان .وكذا آراء سيد 
في الحاكمية والقوانين والجاهلية والتكفيرء ونظرته لجماعة الإخوان» ومنهج 
الحركة الإسلامية وغيرها ,)١(‏ واستمر التحقيق حتى ١7/7١/1955١م‏ 2 
وظل سيد أربعة أشهر بعد انتهاء التحقيق وقبل أن تبدأ محاكمته »عاش 
فيها ألواناً من التعذيب هو وأعضاء التنظيم وأفراد أسرته (أخوه محمد) الذي 
عذب حتى أشيع أنه مات وكذا أخواته (نفيسة وأمينة وحميدة ) وأبناء أخته 
نفيسة (عزمي بكر شافع ) و( رفعت ) الذي مات تحت التعذيب أمام خاله 


سيك . 

* كان سيد قد بلغ الستين من عمره. وكان مصابا بالذبحة الصدرية 
وموك الكت والمعة :»ومع هذا لوفم له لله وك وقد للهقركاية + 
ومن صور تعذيبهم له أنهم ربطوه في كرسي لمدة أربعة أيام حرموه فيها 
من الطعام والشراب » وكانوا يسكبون الماء أمامه» ومعروف أن مريض 
الكلى يحتاج إلى كميات كثيرة من الماء؛ حتى وصل الأمر بسيد أنه أوشك 


أن يفقد بصره 1 (). 


.١55-١١7ص‎ » انظر محاضر التحقيق في : الموتى يتكلمون » لسامي جوهر‎ )١( 


.١١5 مذابح الإخوان - جابر رزق » ص‎ )١( 








1 ا اق آلا 7 


6 


ورغم توصية الطبيب بترك سيد يمشي على رجله عند الاستدعاء إلا 
أن الزبانية » كانوا يضربونه بالسياط ويدفعونه مما جعله يصاب بأزمة قلبية 
ويسقط على الأرض » وخوفاً من أن يموت قبل المحاكمة » فقد جعلوه في 
زنزانة وعليها بطانية حتى يأتيه الهواء » وذات مرة رفع الهواء البطانية 
وصادف ذلك مرور زينب الغزالي أمام الزنزانة » فظنوا أنه رفعها عامداً 
ليتحدث معها » فانهالوا عليه بالسياط وهو يشرح لهم ما حدث !! 
“روفي 1355/4/5 اويذات محاكمة سيد قطب واخوانه » وعند خروجهم 
إلى المحكمة رأى سيد قطب مجموعة من إخوانه واقفون أمام مكتب 
التحقيق ينتظرون السيارات لنقلهم إلى المحكمة » فأخذ يتفرس في وجوههم. 
وعندما رأى جلدهم وصبرهم بكى ورفع يديه إلى السماء يدعو لهمء وأخذ 
على عاتقه أن يتكلم عن التعذيب الذي تعرضوا له » كيلا يضطر أحدهم 
السو فرطو لخد 410 
وحاول كثير من المحامين العرب ومنظمة العفو الدولية السماح لهم 
بالحضور والدفاع عن المتهمين دون جدوىء وقد كان سيد شجاعاً خلال 
جلسات المحكمة؛ جريئاً في كلامه؛ حول التنظيم وأهدافه وطبيعته. 
وعلاقته بالأفراد» والإخوان في مصر وخارجها » وقد استمرت محاكمته 
حوالي شهر حتى 8١/177/5١م‏ حيث أعلن حجز القضية للحكم » وظل 
سيد في السجن أربعة أشهر ينتظر صدور الحكم - رغم أنه موقنٌ بأنه 


,.١١1-١١5 المصدر السابق » ص‎ )١( 


١7١ 








1 ا اق آلا 7 





6 


الإعدام - يروي أحد المعتقلين مع سيد(١)‏ : أنه قابل سيداً في السجن وهما 
في طريقهما إلى المطبخ فسأله » ماذا تنتظر ؟ فقال سيد : بابتسامة صادرة 
من صدر مطمئتن : انتظر الوفود على ربي " ('). 

*ومما تجدر الإشارة إليه أن سيد قطب خلال فترة المحاكمة قدم تقريرين 
؛ أحدهما مطولا حول القضايا التي اتهم بها » وقد نشر هذا التقرير - بعد 
حذف ما لا يريده النظام - في كتيب باسم " لماذا أعدموني " أوضح فيه 
سيد كثيراً من القضايا التي دار حولها الجدل » واثبت فيه : " أنه آن الأوان 
أن يقدم إنسان مسلم رأسه ثمناً لإعلان وجود حركة إسلامية .."(). ونقل 
عنه قوله " ولقد عرفت أن الحكومة تريد رأسي هذه المرة » فلست نادماً 
لذلك ء ولا متأسفاً لوفاتي ٠‏ وإنما أنا سعيد للموت في سبيل دعوتي » 
وسيقرر المؤرخون في المستقبل من كان على الحق .." (؟). 

*وفي ١1157/8/15١م‏ أصدرت المحكمة حكمها بإعدام سيد قطب وستة 
من إخوانه (0): وبالمؤبد على خمسة وعشرين منهم » وبالسجن عشر 
سنوات على أحد عشر فرداً » وتم استدعاء المتهمين لإسماعهم الأحكام . 


(1) هو الأستاذ أحمد رائف . 

. 7377 البوابة السوداء لأحمد رائف » ص‎ )١( 

(؟) لماذا أعدموني » لسيد قطب » ص ٠ ١‏ 

(5:) الشهيد سيد قطبء إعداد جماعة أصدقاء الشهيد » بدون ناشر أو تاريخ .ص 5ه ٠‏ 
(ه) وهم: محمد هواش وعبد الفتاح إسماعيل واللذان أعدما معه »وأحمد عبد المجيد 


الشخصية المشبوهة حيث أفرج عنه وسهل سفره إلى أمريكا ليعيش هناك .انظر : سيد 
قطب للخالدي »ء ص7١5‏ 5 . 


لحرا 





لالالالالا قار _ 





6 


ويذكر أن سيدآت لما سمع النطق بالحكم قال:" الحمد لله لقد عملت خمسة 
كشن هاما انين :الها" 00 


وفاته : 

بعد صدور حكم الإعدام على سيد قطب - رحمه الله - حاول كثير من 
العلماء والملوك والساسة في العالمين العربي والإسلامي إنقاذ حياته » عن 
طريق البرقيات التي أرسلوها إلى الحكومة المصرية » فقامت الحكومة 
المصرية بعدة مساومات عرضت فيها على سيد أن يعلن تخليه عن دعوته 
؛ ويكتب اعتذاراً للطاغية - مقابل الإفراج عنه واعطائه من المناصب ما 
يريد » واستمرت تلك المساومات حتى الليلة الأخيرة من حياته » حيث 
استخدموا أخته المجاهدة ( حميدة ) والتي كانت تقضي محكومية السجن 
للتأثير عليه» لكنه رفض المساومة قائلاً : " لن اعتذر عن العمل مع الله 
' .كما رد على طلبهم أن يعلن بأن التنظيم كان على صلة بجهة ما 
وتنتهي القضية بقوله : ' والله لو كان هذا الكلام صحيحاً لقلته » ولما 
استطاعت قوة في الأرض أن تمنعني من قوله » ولكنه لم يحدث وأنا لا 
أقول كذباً أبداً " » ثم قال لحميدة : " إنهم لا يستطيعون ضرراً ولا نفعاً , 
وأن الأعمار بيد الله وهم لا يستطيعون التحكم في حياتي » ولا يستطيعون 
إطالة الأعمار ولا تقصيرها » كل ذلك بيد الله » والله من ورائهم محيط 
'"(). 


.5 مذابح الإخوان » لجابر رزق » ص86١١ » وسيد قطب للخالدي » ص27‎ )١( 


. 785 - ١47 أيام من حياتي » زينب الغزالي » ص‎ )١( 


را 





لالالالالا قلسل _ 





6 


ورد على طلبهم الاعتذار للطاغية بقوله : " إن إصبع السبابة الذي 
يشهد لله بالوحدانية في الصلاة » ليرفض أن يكتب حرفاً يقرّ به حكم 
طاغية" 0 


وكان ممن توسط لتخفيف الحكم عن - سيد قطب - الملك فيصل بن 
عبد العزيز آل سعود (' )فيك أرييل برقية يطلب عدم إعدام سيد . 
فوصلت عبد الناصر ليلا » فأمر بإعدامه ورفاقه قبل الفجر وعَرْض البرقية 
عليه صباحاً » ثم كتب اعتذارا للملك فيصل !!! (). 

وقبل طلوع فجر يوم الاثنين 957///75١م‏ تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً 
في سيد قطب ء واثنين من رفاقه(*)» وبدون الإجراءات المعتادة » وفي 
الساعة الرابعة والثلث صباحا نقلت الجثث بسيارة سوداء لدفنها بالمقابر في 
منطقة (الإمام الشافعي) بالقاهرة (7). 

وبذلك أسدل الستار على آخر صفحة من حياة سيد قطب- رحمه الله 
- حيث أحدث إعدامه ضجة في العالم الإسلامي وآلم قلوب المسلمين 
جميعاً » وباستشهاده عاشت أفكاره وتحقق قوله: " إن أصحاب الأقلام 


)0( المصدر السابق » وسيد قطب للخالدي » ص75 5. 


)١(‏ هو: فيصل بن عبد العزيز آل سعود .ولد في الرياض عام 05٠1١م؛وتربى‏ في بيت 
جده لأمه الشيخ :عبد الله بن عبد الطيف آل الشيخ » نظراً لوفاة أمه » شارك والده في 
السياسية 8593-855/7 , 


ا( 
(5) الموتى يتكلمون» لسامي جوهر ص ١19‏ . 


سيد قطب للخالدي » ص58 7١-5‏ 5. 


١ 








يستطيعون أن يصنعوا شيئاً كثيراء ولكن بشرط واحد.. أن يموتوا هم لتعيش 
أفكارهم» وأن يطعموا أفكارهم من لحومهم ودمائهم» أن يقولوا ما يعتقدون 
أنه حقء ويقدموا دماءهم فداءً لكلمة الحق! إن أفكارنا و كلماتنا تظل جثثاً 
هامدة» حتى إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدماء » انتفضت حية وعاشث 
يق الأحيان 13 


ه١ دراسات إسلامية » سيد قطب » دار الشروق » بيروت » طى» عام‎ )١1( 
,.١595 “ص‎ 








17171717 سيك قطي ومنصمه في العقيسة كيو | 


الفصل الثالسث 


تبجسسساتس؟ القسذشْفيصة 
وفيه ثلاثة مباحث: 
المبحث الأول: تعليمه ورحلاته. 
المبحث الثاني: ثقافته ومؤلفاته. 
المبحث الثالث: جهوده في العمل الدعوي ومكانته العلمية. 


١75 


|... اتات ليد ومنصمه نى العديسدة‎ 1077٠ 





المبحث الأول 
تعليمه ورحلاته 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول: تعليمه. 


المطلب الثاني: رحلاته. 


1١ 7/ 





1117171717 سيد قطي ومنعجه في العقيدة /يوت 


المطلب الأول 


تعليمه 


من خلال دراسة حياة سيد قطب في مختلف مراحلهاء نجد أنه 
تلقى العلم والمعرفة من طريقين: 
الأول: الدراسة النظامية: 

*حيث التحق بالمدرسة الابتدائية في القرية» ودرس فيها أربع 
سنوات حفظ خلالها القرآن الكريم بجهد ذاتي وعمره عشر سنوات. 

* ثم التحق بمدرسة عبد العزيز الأولية ( الإعدادية )» ودرس 

5 ثم التحمق بتجهيزية دار العلوم» وهي مدرسة تقوم بتدريس 
مقدمات الموضوعات العامة التي يدرسها الطالب في كلية دار العلوم ومدة 
الدراسة فيها أربع سنوات تعادل الثانوية. 

* ثم التحق بكلية دار العلوم» ودرس فيها أربع سنوات» وتخرج 
منها حاملاً الليسانس في الأدب (تخصص لغة عربية ) مع دبلوم في 
التربية» ودرس في الكلية علوم اللغة العربية كالنحو والصرف والبلاغة 
والأدب والنقد بالإضافة إلى بعض العلوم الدينية كالتفسير والحديث والفقه 


١7 





17 17 آل آل ال “هط | 


خدمات الكتب التي كانت تقدمها الكلية لمن أراد أن يستزيد من المعرفة 
حيث كانت الكلية تصرف للراغبين بعض الكتب غير المقررة ومنها كتاب 
الأمالي» والعقد الفريدء والكامل» وفقه اللغة وغيرها ('). 


الثاني: الدراسة غير النظامية: 

لم يقتصر سيد قطب - رحمه الله - في تحصيل العلم 
والمعرفة على الدراسة النظامية في المدارس أو الجامعة بل استفاد من 
مصادر المعرفة الأخرى ومنها: 

-١‏ الكتب والأبحاث والدراسات العربية والمترجمة: والتي كانت 
تعتبر مصدراً ثقافياً لسيد وأمثاله» وكان سيد حريصاً على قراءة كل ما 
تقع عليه يده من الكتب والأبحاث والدراسات الغربية المترجمة في شتى 
فنون المعرفة» حيث بدأت معه رحلة القراءة وهو لا يزال في القرية» ثم 
تعمقت صلته بالكتب أثناء وجوده في القاهرة واستفادته كثيراً من مكتبة 
أستاذه العقاد الكبيرة. 

1- الصحافة التي كانت تعتبر مدرسة معبرة عن الحركة 
الثقافية في مصرء وخاصة الاتجاه الأدبي» وكان كثير من رواد الأدب 
يكتبون فيها (')؛ وعلى صفحاتها دارت كثير من المعارك الأدبية 


» وسيد قطب للخالدي‎ »5١ سيد قطب » للخباص » ص 17/ ؛ وسيد قطب لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 
ص/اه لا‎ 
> كالرافي :والزيات والعقاك والمازش وكير‎ )6( 
١8 








717لا اال آل ا “هط | 


والفكرية بين مختلف الاتجاهات. 
-٠‏ الندوات العلمية والصالونات الأدبية التي سعى إليها -سيد- 
وحضدرها وكاضية تعره الشاة 0 . 

4 - رحلته إلى أمريكا في بعثة علمية مفتوحة لدراسة أصول 
التربية والمناهج واللغة الإنجليزية» حيث استفاد منها في تعلم اللغة 
الإنجليزية؛ واجراء كثير من الدراسات والمناقشات مع المختصين (). 

والملاحظ أن غالب تحصيله العلمي كان بجهدٍ ذاتي من خلال 
المطالعة والقراءة في مختلف الفنون» يقول عن نفسه أنه: " إنسان عاش 
يقرأ أربعين سنة كاملة» كان عمله الأول فيها هو القراءة والإطلاع في 
مختلف حقول المعرفة الإنسانية» ما هو من تخصصه وما هو من 
هواياته» ثم عاد إلى مصادر عقيدته وتصوره» فإذا هو يجد كل ما قرأه 
ضئيلاً إلى جانب ذلك الرصيد الضخم (). 

'"وكان يقضي عدة ساعات يومياً في البحث والإطلاع؛ بلغت 


عقن باعات في اليرم كحد أذ 2501 


. 55 لعبد الباقي حسين » ص‎ »٠ سيد قطب‎ )١ 
.7١ص‎ » ؟) أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب » د / صلاح الخالدي‎ 
.١7١ معالم في الطريق » ص‎ )'"“ 
.77 الشهيد سيد قطب - جماعة أصدقاء الشهيد» ص‎ )4 
١0 


) 
) 
) 
) 





0 





المطلب الثاني 
رحلاته 


كانت أول رحلة لسيد من قريته ( موشا ) إلى القاهرة للدراسة؛ 
حيث استقر بها بعد وفاة والده مع باقي أفراد الأسرة. وخلال فترة حياته رحل 
سيد خارج مصر ثلاث مرات لأهداف مختلفة نوجز الحديث عنها فيما يلي: 


١‏ - رحلته الء, أمريكا: 


قررت وزارة المعارف في عام 148١م‏ ابتعاث سيد قطب الذي 
كان يعمل في ديوانها إلى أمريكا لدراسة أصول التربية والمناهج في بعثة 
مفتوحة الزمن غير محددة لميدان الدراسة. 

ولكن ما سبب ابتعاثه؟ ولماذا إلى أمريكا؟ 

إن المتابع لحياة سيد قطب في الأربعينيات يلاحظ شدة تعامله 
مع القصر الملكي والحكومات ورؤساء الأحزاب في مقالاته الناقدة الجريئة؛ 
وكان هجومه يتركز على رجال الحاشية الملكية والإقطاع والأحزاب وعملاء 
الإنجليز» مما حدا بالقصر الملكي أن يوجه الحكومة باعتقال سيد إلا أن 
علاقته برئيس الوزراء حالت دون ذلك» ويضاف إلى ذلك حدته في رفض 
المظاهر السلبية في الوزارة» وعدم خضوعه للوزراء المتعاقبين ونقده 
الواضح لهمء وتقديم المقترحات والبرامج لإصلاح الوزارة» جعلهم يفكرون في 


١١ 





717لا اال آل ا “هط | 


الكقافين عه ين اكه لوى' عر 0 
# وق تكر حكن الباستيت.وكون سحو ميض الحكرجة النصرية 
والأمريكية في هذه المسألة ('). ويمكننا القول بأن إيفاده إلى أمريكا كان 
لأهداف منها: 
-١‏ التخلص منه ومن كتاباته النقدية للنظام. 
-١‏ محاولة إفساده أخلاقياً في الغرب. 
*- محاولة إفساده فكريَاً ليكون أحد العملاء الذين يعملون لخدمة 
الثقافة والفكر الغربي وعميلاً أمريكيا في مصرء كما تحول غيره من 
زملائه ليكونوا عملاء لفرنسا أو بريطانيا؟ 
8 : ِ 3 * . 
وقد سافر سيد إلى أمريكا في 9/١١154/1١م‏ (). على ظهر 
سفينة مصرية عبر المحيط الأطلسي إلى نيويورك ومعه ٠١٠١‏ راكباً ليس 
فيهم إلا ستة من المسلمين (5). 
وعلى ظهر السفينة جرت لسيد بعض الحوادث التي أشار إليها 
ومنها: 
أ - وقوفه في ليلة صافية مقمرة على ظهر الباخرة متأملآ» مما زاد 


. أمريكا من الداخل » د / صلاح الخالدي » ص5١-8١ بتصرف‎ )١ 
.524 ؟) سيد قطب من القرية إلى المشنقة » عادل حمودة » ص‎ 


7 سيد قطب حياته وأدبه » لعبد الباقي حسين » ص٠5‏ : 


0) 
(0 
0 

(:) في ظلال القرآن » سيد قطب » .١7/85/79‏ 
١١‏ 








17 17ل آل لل ال “هط | 


في إيمانه وتعظيمه لله تعالى» وتذكر نعمة الله عليه وعلى الناس في تسخير 
البحر» وتقدير الفلك تجري فيه ورعاية الله المحيطة بهم في خضم الأمواج 
المتلاطمة» فراح يسأل نفسه عن هدفه وحاله في أمريكاء ومن ثم قرر في نفسه 
التميز بالإسلام ومنهجه في خضم الحياة البهيمية .)١(‏ 

ب- بعد قراره بالتزام الإسلام منهجاً في أمريكا تعرض لفتنة 
على ظهر الباخرة بعد دخوله إلى غرفته حيث طرقت بابه فتاة شبه 
عارية تطلب منه السماح لها بالمبيت معه» وهنا أدرك أن الله أراد أن 
يختبر صدق توجهه ونيته» فاستعلى على الإغراء وأغلق الباب في 
00 

ج - بعد هذا النجاح والاستعلاء رأى نصرانياً يحاول نشر 
دعاية بين ركاب السفينة فاستيقظت مشاعر سيد الإيمانية» وذهب إلى 
قبطان السفينة ليسمح له بإقامة صلاة الجمعة» يقول سيد: " كنا ستة نفر 
من المنتسبين إلى الإسلام على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب 
المحيط الأطلسي إلى نيويورك» من بين عشرين ومائة راكب وراكبة 
أجانب ليس فيهم مسلم.. وخطر لنا أن نقيم صلاة الجمعة في المحيط 
على ظهر السفينة والله يعلم أنه لم يكن بنا أن نقيم الصلاة ذاتها أكثر 


2» 77-١١ص‎ » أمريكا من الداخل » د / صلاح الخالدي‎ )١( 
. صفة العفة عنده‎ 


5 





17 17ل آل لل ال “هم | 





مما كان بنا حماسة دينية إزاء مبشر كان يزاول عمله على ظهر 
السفينة» وحاول أن يزاول تبشيره معنا!! وقد يسر لنا قائد السفينة - وكان 
إنجليزياً- أن نقيم صلاتناء وسمح للبحارة المسلمين أن يصلوا معنا 
وقمت بخطبة الجمعة وامامة الصلاة» والركاب الأجانب متحلقون يرقبون 
صلاتناء وبعد الصلاة جاءنا كثير منهم يهنئوننا على نجاح " القداس 
'!!! فقد كان هذا أقصى ما يفهمونه من صلاتناء ولفت انتباهي سيدة 
نصرانية يوغسلافية كانت شديدة التأثر والانفعال» تفيض عيناها بالدمع؛ 
تسأل عن عبارات كانت ترد أثناء الخطبة والصلاة لها أثر خاص " 
تعني الآيات القرآنية " .)١(‏ 
ويظهر لنا أن سيد قطب تحول نفسياً وعملياً إلى الإسلام 
باعتزامه تمثل الإسلام في أمريكاء واستعلائه على فتنة المرأة في 
السفينة» وحميته لدينه أمام محاولات المنصّرء واقامة صلاة الجمعة في 
الباخرة. 
*ووصل سيد قطب إلى( نيويورك ) ثم إلى ( واشنطن ) ثم إلى 
(جريلي )» حيث بقي هناك قرابة عام أنهى فيه مهمته الأولى في تعلم اللغة 
الإنجليزية؛ واجراء المناقشات والدراسات في معهد المعلمين ملاحظاً ومنتقداً 
الانحراف الأخلاقي هناك؛ ثم واصل رحلته إلى مدينة ( دنفر ) ومنها إلى ( 


. بتصرف‎ ١787/7” » في ظلال القرآن » سيد قطب‎ )١( 
١ 55 





17 17 آل آل ال “هم | 





كاليفورنيا) حيث أقام طويلاً في ( سان فرانسيسكو) »)١(‏ وفيها هزه موقف 
عجيب لم يكن يتوقعه حيث أقيمت الاحتفالات والأفراح بمقتل الإمام حسن 
البناء- رحمه الله -0)؛ مما فتح عينه على الجماعة وعلاقتها بالغرب 
ومدى تخوف الغرب من الحركة الإسلامية» ثم انتقل إلى( سان ديجو) قبل 
عودته إلى مصر. 

* ذكر سيد قطب عدة محاولات لإغرائه واغوائه وإيقاعه في 
مستنقع الشهوات» وكيف أن الله أراد به الخيرء وأعانه على الاستعلاء 
بإيمانه والثبات على إسلامه؛ ولم يقف الأمر عند ذلك بل تعرض لمحاولات 
احتوائه فكرياً وسياسياً بواسطة رجال المخابرات الأمريكية والبريطانية ("). 

ويمكن الإشارة إلى بعض فوائد هذه الرحلة ومنها: 

-١‏ تحول سيد قطب نحو الإسلام ودخوله أمريكا بشخصية 
المسلم الملتزم بدينه بعد الحوادث التي مر بها في رحلته على الباخرة 
كا سيق 

-١‏ الإطلاع على مناهج التربية وأساليب التدريس في 
الجامعات والمعاهد العلمية الأمريكية من خلال الرحلات العلمية التي 
قام بها في عدة ولايات أمريكية» وكذا جلسات النقاش مع المختصين 


. وما بعدها » بتصرف‎ ١1 سيد قطب , للخالدي » ص5‎ )١( 
.١158-115ك (؟) سيد قطب للخالدي » ص‎ 








17 17ل آل لل ال “هط | 


في ميادين علمية وتربوية مختلفة. 

- التعرف المباشر على حقيقة الجاهلية وزيف الحضارة 
المادية الأمريكية والغربية لخلوها من القيم» وعدم وجود ما يستحق نقله 
منها للعالم الإسلامي .)١(‏ 

5:- قناعة سيد قطب بالإسلام كمنهج للتغيير والإصلاح» 
واطلاعه على مدى ما يكنه الغرب للإسلام ودعاته من حقدء وما 
يقومون به من مخططات للقضاء عليه» كل ذلك جعله يرجع من 
أمريكا مسلماً واعياً صاحب اتجاه عملي للدعوة الإسلامية والجهاد 
لإصلاح البلاد وإزالة ما فيها من فسادء فخيب الله ظنهم في بعثته 
وهاه عيا حك الأمروكدا» فاهيها لمخانيي فقاري الأعوانيت) كاقييفاً 
لمخططاتهاء مواجهاً لهم بالإسلام. 

* وكان سيد - رحمه الله - قد كتب سيد كتاباً عن الحياة في أمريكاء 
حال فته .ما هن ١‏ الكياة المختلفنة بلغة المؤمة واستعلاقه::ولكتة فقك من :ما فقد 
من كتبه ("). وقد جمع د/ صلاح الخالدي كل ما ذكره سيد قطب في كتبه عن 
أمريكا في كتاب باسم " أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب '. 


؟ - رحلته إلى دمشق: 


. ١ سيد قطب لعبد الباقي حسين »ء ص‎ )١( 
م١955 ذكر الشيخ / محمد قطب أن مسودة الكتاب وضعها سيد عند أحد معارفه أثناء اعتقاله عام‎ )١( 
. 5١ فقام بإحراقها خوفاً من المباحث » وانظر أيضا : أمريكا من الداخل للخالدي » ص‎ 
١55 





17 17ل آل لل ال “هط | 





بعد انضمام سيد إلى جماعة الإخوان المسلمين» أوفد إلى دمشق في 
5 م ليحضر مؤتمر " الدراسات الاجتماعية " فيهاء وقد شارك فيها ببحث 
بعنوان " التربية الخلقية كوسيلة لتحقيق التكامل الاجتماعي .)١(‏ والتقى بعد 
المؤتمر قيادات الإخوان المسلمين في سورياء كما ألقى محاضرة في جامعة 
دَمْشق ؛ وحاول ؤيارة: الأرن لكن الساظات منفته من 'الدتخول 0 

*-رحلته إلى القد 

حيث انتدبه الإخوان ليشارك في المؤتمر الإسلامي الذي نظمه الإخوان 
المسلمون» ودعوا له قادة الرأي والفكر والعمل في العالم الإسلامي» والذي انعقد في 
بيت المقدس في شهر ديسمبر عام 157١م‏ برئاسة علامة العراق المجاهد / أمجد 
الزهاوي(') - رحمه الله - وقد التقى سيد في هذا المؤتمر قادة الرأي والعمل 
الإسلامي في العالم (©). وكان عضواً في لجنة المؤتمر السياسية (©). 

*وكان لسيد نية في زيارة الهند كما أخبر بذلك أبا الحسن الندوي 


. نشره في كتابه » دراسات إسلامية ص 58 وما بعدها‎ )١( 

. ”8 رائد الفكر الإسلامي» ليوسف العظم » ص‎ )١( 

(") هو: أمجد بن سعيد الزهاوي؛ ولد في بغداد سنة ١٠١ه‏ » درس في إسلامبول » وتولى منصب 
القضاء وأسس مجموعة من الجمعيات الإسلامية في العراق » توفي سنة 7177١ه‏ » انظر : من أعلام 
الحركة الإسلامية »للعقيل » ص١١ ٠‏ 

(4) من القيادات التي ألتقاها سيد : الشيخ على الطنطاوي وعصام العطار وزهير الشاويش » وأديب 
الصالح » وعلال الفاسي وغيرهم . 

(5) رائد الفكر الإسلامي » ليوسف العظم » ص 8" » وسيد قطب للخالدي » ص 85” . 

١ /اٌ‎ 








]- 


.١67 مذكرات سائح للندوي » ص‎ )١( 
١/8 





| اتات تب ومنصمه ذى العديسد بيتك‎ ٠. 





المبحث الثاني 
ثقافته ومؤلفاته 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول: ثقافته وأدبه. 


المطلب الثاني: مؤّلفاته وكتبه. 


55 





1117171717 عت قطي ومنممه في العفيسة كيو | 


المطلب الأول 


ثقافته وأدبه 
المتتبع لمسيرة سيد قطب الثقافية والأدبية يجد عدة مصادر كان 
لها أثر في تكوينه الثقافي منها :)١(‏ 

-١‏ ثقافته في القرية: _حيث انتظم في المدرسة الأولية» وحفظ 
القران في سن مبكرة» كما ساعده جو المنزل على صقل شخصيته من 
خلال استماعه للأحاديث السياسية وإطلاعه على ما تنشره الجرائد 
وكذلك علاقته مع المدرسين واستعارته لبعض الكتب منهم» وشراء 
البعض الآخر ليكّون بذلك مكتبة متواضعة في بيته؛ وهذه الأمور 
مجتمعة ساعدت على نضج شخصيته الثقافية مبكراً. 

؟ - دراسته في القاهرة: سواءً في مدرسة المعلمين الأولية أو 
تجهيزية دار العلوم؛ أو كلية دار العلوم» حيث تلقى فيها كثيراً من المعارف» 


وشارك في كثير من النقاشات والندوات. 


*“-صلته بالعقاد والأدياء: حيث أفاد سيد من مجالسته للعقاد 
ومشاركته في الندوات التي كانت تقام والمعارك الأدبية» كما أفاد من مكتبة 


. وما بعدها‎ ١١١ سيد قطب الأديب الناقد » للخباص » ص‎ )١( 


١هث‎ 





7717117 7 استيصا قطي ومنعجة في العفيدة #هم 





لد | 


العقاد التي كانت تضم أعداداً كثيرة من الكتب في شتى حقول المعرفة(١).‏ 


؛ - مطالعاته الخاصة: حيث غرف سيد بحبه للمطالعة والقراءة 
منذ صغرهء وقد أشار سيد إلى كثرة مطالعاته والتي شملت كل ما تقع 
عليه يده من الفنون والمعارف العلمية والأدبية في شتى العلوم بقوله: ' 
إن الذي يكتب هذا الكلام إنسان عاش أربعين سنة كاملة» كان عمله 
الأول فيها هو القراءة والإطلاع في معظم حقول المعرفة الإنسانية.. ما 
هو من تخصصه. وما هو من هواياته» ثم عاد إلى مصادر عقيدته 
وتصوره فإذا هو يجد كل ما قرأه ضئيلاً إلى جانب ذلك الرصيد 
الضخم.. '(0). 
وبعد عودته من أمريكا وتوجهه نحو الإسلام أقبل على الثقافة 
الإسلامية يقرأها بنهم حتى ذكر أنه بلغ مجموع ساعات مطالعاته في اليوم 
عشر ساعات كحد أدنى في البحث والمطالعة ('). ويتضح ذلك من خلال 
إحالاته إلى الكتب والمراجع الإسلامية القديمة والحديثة في هوامش كتبه 
الإسلامية. 
ويمكن بيان جهوده الأدبية والثقافية في الأربعة الميادين الآتية: 
أولا: الشعر: بدأت تجربة سيد مع الشعر منذ وقت مبكر» حيث 


. ١3,”3"5 2 سيد قطب للخالدي » ص #كى هلا‎ )١( 

10 2١57” معالم في الطريق » سيد قطب . ص‎ )١( 

(؟) سيد قطب . للخباص » ص5 ١١ء‏ والشهيد سيد قطب ٠‏ جماعة أصدقاء الشهيد » ص 77. 
١١‏ 





17 117 اال 17 1 “هم | 





كان ينظم الأدبيات الشعرية في خطبه وكلماته ضد الاستعمار وأثناء ثورة 
8امء وان كان أغلبها أبيات متهالكة .)١(‏ ثم واصل طريقه في قول 
الشعر ودشن صدور أول ديوان له في يناير 175١م‏ بعنوان " الشاطئ 
التعوول؟" مهتونا عن :57 لصحي في ديكا ١‏ امك السيوان 
مرحلة ضياعه وقد قام الباحث / عبد الباقي محمد حسين بجمع قصائد 
سيد قطب خارج ديوانه المذكور فبلغت 7 قصيدة فيها ١555‏ بيتاً ('). 

وتعتبر المدة من (37575١-115:0١م)‏ مدة ازدهار شاعرية 
سيد قطب وبلوغه أقصى حد في قرض الشعر وإنشائه» حيث بدأ 
ول إنعاهه الدهري بيده بسينه تهزله إل النقل الأنجي بوالةاليقت: 

ويمكن تصنيف إنتاج سيد قطب الشعري حسب الأغراض 
الشعرية التي تناولها وذكر نماذج منها فيما يأتي: 

١‏ - التمرد الواقع - العزلة - النة 
الأمثلة على ذلك: 





حدثيني أنت يا نفس فما أفهم العالم أو يفهمني 
وله: إنني أنكرته اليوم كما أنه بالأمس قد أنكرني 


)١(‏ طفل من القرية » سيد قطب » ص ١5١‏ نقلآً عن سيد قطب للخالدي » ص وى 
)١(‏ سيد قطب لعبد الباقي حسين » س ١73١ ٠ ١١8‏ . 
(؟) المصدر السابق »ء ص 3١1‏ . 





17 117 اال 17 ا “هم | 





لم أجد في الكون إلا ألم إنما الوحدة أصلُ الشجن(١)‏ 


ضقت بالقيد فانطلق أيها الآبق الشرود 
قوله: ‏ قد تحررت فاستبق للصراعات من جديد 


أحياة تلك أم نار الجحيم بلظاها الهائج المستعر 
قوله: 22 لا. ففي نفسي من الشجو الأليم من حياتي فوق ما في سقر(”") 


- الضيا 





الأقدار): ومن الأمثلة على ذلك: 
قوله: 
الأرض غير الأرض في دورانها لتكاد من فرط السآمة لا تدور 
والريح غير الريح في جولانها ‏ لتكاد تكتم في جوانبها الزفير 
والناس غير الناس في آمالها. ليكاد يجثو اليأس في تلك الصدور 


وقوله : 


١5 سيد قطب » لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 
. ١55 المصدر السابق » ص‎ () 








0 


دعني ولا تنفس علي مواهبي خذها وخذ ألما بها ومتاعبي 
دعني فلست كما حسبت منعماً بمواهب ملكت عليّ مذاهبي 
دعني أعيش معذباً متألماً بمواهبي يا شقوتي بمواهبي 
وقوله : 

غريبٌ أجل أنا في غربة وإن حف بي الصحب والأقربون 
غريب بنفسي وما تنطوي عليه حنايسا قفؤادي الحنسون 
غريب فوا حاجتي للمعين ووا لهف نفسي للمخلصين(") 





الجمال): ومن الأمثلة على ذلك: 
قوله : 
إذانا ذكرت زمانا تقحنى بديع الرسوم جميل الأثر 
تراءى لنفسي عهد الصغر فتشتاق نفسي لعهد المصغر 
لعهد الرضاء وعهد الحبور وعهد الصفء القآايل الكدر 
وقوله: 
يا دثاراً نشأت:فيها ضيياً وصحبت الشباب في العنفوانٍ 
لك مني تحية وسلام أنت دار النتعيم والرضوان 


.١٠ ١١ -848 سيد قطب », لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 
١غ‎ 








17 17ل آل لل ال “هط | 


فيك يا دار من صباي رسوم» زاههي ات النف وس والألوانٍ 
هي عندي أعز من كل شيء 1 وهي تبقى وكل ماعرٌ فانٍ 
وقوله: 

مهبط الرجاء ومهبط الأحلام وطني عليك تحيتي وسلامي 
طاريف فكر من لقي اكه جاب نين تون رضي ركنن 
وترد إحساسي إليك إذا خلت نفسي إلى الآمال والأحلام(") 


4 - التأمل في (الحياة - النفس ): 

مسألة التأمل في الشعر العربي قديمة منذ العصر الجاهلي؛» 
وتمثلت في الحكمة والشعر الفلسفي. 

وقد ولج سيد قطب في قضية التأمل بفعل الحيرة والضياع الذي 
مُني به في مرحلة من مراحل حياته فظهر التأمل في شعره واضحاً في 
اتجاهية :)١(‏ 

الأول: تأمله للحياة التي وقف عاجزاً عن فهم سرها وطبيعتهاء 
وتمثل هذا الأمر في شعره في مرحلة الحيرة والاضطراب الفكري» وقد 
صور ذلك بعدد من القصائد منها قصيدة " في الصحراء " على لسان 
نخلتين يدور بينهما حوار فكري هو في الحقيقة صدى لما يدور في نفسه 


.١ المصدر السابق ص كول لاه ل له‎ )١( 
.١560 سيد قطب , لعبد الباقي حسين » ص‎ () 


١ هه‎ 








17 7ل آل آل 2 “هط | 


من حيرة في مرحلة الضياع: 
النخلة الصغيرة: 
ما لنا في ذلك القفر هنا بيذ وركة ا منة بخين قناكهياك؟ 
كل شيء صامت من حولنا وأراقكا تخيق خا هناك 


النخلة الكبيرة: 
أنا يا أختاه لا أدري الجواب ودفين السر لم يكشف لنا 
منذ ما أطلعت في هذا الخراب وأنا أسأل: ما شأني هنا 


الثاني: تأمله في نفسه وما يطرأ عليها من أحوال وتقلبات» ومن 
ذلك قوله: 
تطيف بنفسي وهي وسنانة سكرى2 هواتف في الأعماق سارية تترى 
هواتف قد حجبن يسرين خفية هوامس لم يكشفن في لحظة سترا 
وفيهن من يوحين للنفس بالرضا وفيهن من يلهمنها السخط والنكرا 


- الغزل: ومن النماذج: 





17 17 اال 17 ا “هط | 


هي أنت التي أطافت بنفسي وتراءت في خاطري من بعيد 
هي أنت التي تلاقيتِ روحاً مع روحي فهامتا في الوجود 
هي أنت التي تُحدث عنها خطراتي في يقظتي وهجودي(١)‏ 


* - الوصف ل ( الطبيعة - المشاهد الأخرى ): كالربيع والنيل 
والصبح والليل ومشاهد الحياة: 
يقول في وصف الوردة الذابلة: 
قدتولت وذوت نضرتها وبدت كالميت المحتضخر 
تفتح الأجفان أو تغمضها فتحة الضعف وغمض الخور 


ويصف النيل بقوله: 
هازجٌ بالنشيد تلو النشيد وهو يمضي إلى مداه البعيد 
ذكريات القرون قد صاغها ال نيل نشيداً فيا له من نشيد 
منذ فجر التاريخ لم يتبدل202< لحنه العذب من قديم جديد(") 


.١٠ ءوسيد قطب , لعبد الباقي حسين » ص‎ 0١ ديوان سيد قطب » جمع عبد الباقي حسين ص‎ )١( 
.7 55 ديوان سيد قطب » ص‎ )١( 





17 17ل آل لل ال “هط | 





/١-الرثاء:‏ يقول في رثاء أمه: 
زوديني من الرجاء الأصيل مشرقاً فيك في المحيا الجميل 
زوديخسيئ لكناد ينفحة زادي في صراع مع الحياة طويل 


كنت كالجذوة المشعة نورآ وهي اليوم في طريق الأفول 
فيك زادٌ يقوتا ويقينا عتحواف الطرييق بحية الللصول 


ويقول: 
جف الرثاء بخاطري المفجوع وصمت لا أفضي بغير دموعي 


إني ذهلت عن المصاب بوقعه حيناً ذهول الواهم المخدوع(١)‏ 


/-الوطنيات: وتمثلت قصائد سيد في مدح الثورة» والقضية 
الفلسطينية والدعوة إلى الجهاد ضد المستعمرين» ومن النماذج: 
عهداً على الأيام ألا تهزموا فالنصر ينبت حيث يهراق الدمُ 
في حيث تعتبط الدماء فأيقنوا أ وتوف تتهيم | كدوام وتعظتما 
تبغون الاستقلال؟ تلك طريقه ولقد أخذتم بالطريق فيمموا 
وهو الجهاد حمية جشامة ما إن تخاف من الردى أو تحجم 
إن الخلود لمن يطيق ميسر فليمض طلاب الخلود ويقدموا 


١545 سيد قطب », لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 





11717 117 17 ال-2 


ويقول أيضاً: 
في أيما بلد نعيش؟ وأيما 
عهد نسام الخسف فيه ونبتلى 
وحشية كشف الزمان حجابها 
الوكةن :يفتك حائعا ونعفه بحن 





]- 


2 ا إذا 3 . 2 : وئذ 7 
لابل أشد من الوحوش وأظلم 
فتكاته إذ ما يعب ويطعم )١(‏ 


أما بعد توجهه الإسلامي فلم نجد له إلا قصيدتان نظمهما في 


سجنه وهما أشهر قضائده» 


الأولى: بعنوان " أخي '؛ نظمها بعد أن لمح يداً تحييه من خلال قضبان 
السجن» فتأثر لذلك ونظم قصيدته» ومطلعها ('): 


.8 2١18 سيد قطب , لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 


.7١5 سيد قطب ., للكشميري » ص‎ )١( 





ل 


أخي أنت حر وراء السدود 
[ذا كفك عا ستيه 
أخي ستبيد جيوش الظلام 
فأطلق لروحك أشواقها 


أخى قد سرت من يديك الدماء 


سترفع قربانها للسماء 
أخي هل تراك سئمت الكفاح 
فمن للضحايا يواسي الجراح 


أخي إنني اليوم صلب المراس 


غدا سأشيح بفأس الخلاص 
أخي إن ذرفت علي الدموع 
فأوقد لهم من رفاتي الشموع 
أخي إن تَمْت نلق أحبابنا 
وأطيارها رفرفت حولنا 
وإني على ثقة من طريقي 
فإن عافني السوق أو عقني 
قد اختارنا الله في دعوته 
غمنا الذين قضوا نحبهم 

أخي فأمض لا تلتفت للوراء 





]- 


خي أنت حر بتلك القيود 
فتحاذا يسحنرك #بمةة اليتحد 
ويشرق في الكون فجر جديد 
ترى الفجر يرمقنا من بعيد 
أبت أن تشل بقيد الإماء 

مخض بة بوسام الخل ود 
وألقيت عن كاهليك السلاح 
ويرفعرايتهها من جديد 
أدكَ صخور ١‏ لجبال الرواس 

قوش الإقضاعي :إلى أن تشحهة 
وبللت قبري بهافي خشوع 
وسيروا بها نحو مجد تليد 
فروظيحات رتحيى أعنهعتة نحا 
فطوبى لنا في ديار الخلود 
إلى الله رب السّنا والشروق 

نإني أمين لعهدي الوثيق 
وانا سنمضي على سنته 

مكنا الحتقنيظ غلنئ نمكته 
رتست قمة كمحسس يه الما 





11717 اال 17 ا , ف | 


ولا تلتفت ههنا أو هناك ولا تتتطاليع لغير السماء 


لسنا بطير مهيض الجناح ولن نستذل ولن نستباح 
راني لأسمع صوت الدماء نوياً ينادي الكفاح الكفاح 
ماقان,ولكن للريت ونور أمضي على سنتي في يقين 
نإما إلى النصر فوق الأنام راما إلى الله في الخالدين 


11١ 





0 


والقصيدة الثانية بعنوان: " هبل " ومنها: 
من بعدما اندثرت على أيدي وا جل 
الأمججحههححكطناة ٠‏ .غشنافف إلينا النوو افك ضورف 
تتنشق البخور تحرقه أساطير الطغددددددددسدسدسسدة 
لنفنساق. من قيدت بالأسر في قيد الخنا 
وثن يقود جموعهم يا للخجل والارتبزة 


ههل ههبل.. ههِل هبل رمز الخيانة والجهالة والسخافة والدجل 
هتّافة التهريج ما ملوا الثناء زعموا له ما ليس عند الأنبياء 

ملك تجلبب بالضياء وذ ونون كبحة السحيماء 
هو فاتح.. هو عبقري ملهم ‏ هومرسل.هو عام ومعلّم 
ومن الجهالة ما قتل هبلٌ هبل.. هبلٌ هبل )١(‏ 


» 5١/ 52» م١518‎ . ١ط» شعراء الدعوة الإسلامية »لأحمد الجدع وحسني جرار »مؤسسة الرسالة‎ )١( 


وسيد قطب للكشميري » ص 7١5‏ 
١5‏ 





17 17 آل لل ا “هم | 





الجدير بالذكر: أن إنتاج سيد قطب الشعري غزير جداًء حيث 
يلاحظ كثرة إشاراته إلى دواوين شعرية عديدة له أثناء كتاباته ومقالاته؛ 
ولكن لم يجد الباحثون غير ديوانه الوحيد "الشاطئ المجهول '. والذي بدوره 
طبع مرة واحدة فقط ولعل مصير الدواوين الأخرى هو مصير كثير من 
كتبه التي حكم عليها بالحرق والإعدام من المكتبات ودور النشر أيام 


محنته 8ن 


ثانياً: القصة والرواية: 

كانت بداية سيد قطب مع فن القصة في عام ١17١م‏ حيث كتب 
أول قصة بعنوان ( الصداقة )» ثم توالت كتاباته في القصة القصيرة التي 
تعالج الوضع الاجتماعي آنذاك؛ وخاصة قضايا التبذل والانحطاط الذي 
وصلت إليه المرأة المصرية ومن أشهر القصص التي كتبها سيد قصة ( 
أشواك ) وهي قصة حب حقيقية فاشلة خاضها سيد نفسه في منتصف 
الأربعينيات. 

كما صدرت له مجموعة من القصص المستلهمة من التراث منها: 
-١‏ قصة المدينة المسحورة» وهي على غرار قصة ألف ليلة وليلة. -١‏ 


قصة الخريف. 7- قصة ( أحياء وأموات ). 5- روضة الطفل. ه- 


.١١5 سيد قطب . لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 
١1 





1717 آل آل ال “هط | 





طفل من القرية 0 
ثالثاً: المقالة:. كانت بداية حياة سيد الأدبية كاتباً للمقالة الصحفية: 
حيث نشرت له أول مقالة عام 577١م‏ وعمره ١5‏ عاماً (')؛ واستمر في 
كتابة المقالات المختلفة حتى أصبح في الثلاثينات من كتّاب المقالة 
البارزين في مصر. وفي الأربعينات اتسمت مقالاته بالنقد الأدبي 
والفكري حيث استمر على ذلك إلى أن عاد من أمريكا حيث تحولت 
وجهة مقالاته إلى الناحية الدينية والسياسية المعاصرة» بسبب تحوله إلى 
الفكر الإسلامي في بداية الخمسينيات. 
وقد جمع الباحثون في أدب سيد قطب مقالاته المختلفة فبلغت 
)١5١5(‏ مقالة تمثلت في أربعة ألوان من المقالات هي: -١‏ المقالة الأدبية -١‏ 
المقالة الاجتماعية "- المقالة السياسية 4- المقالة الدينية(). 
رابعا: النقد الأدبي: 
ظهر سيد ناقداً أدبياً عام 977١م‏ ولا يزال طالباً في السنة الأخيرة 
من الجامعة حيث قدم محاضرة نقدية بعنوان ( مهمة الشاعر في الحياة )؛ 
ثم بدأت معاركه النقدية بمهاجمة جماعة ( أبولو) في مقالات نقدية على 
صفحات الجرائد» ثم دخل في معركة أخرى مع الرافعيين» ثم هاجم كتاب ( 


."01 سيد قطب ء للخباص » ص 7717 وما بعدها » وسيد قطب ,لعبد الباقي حسين » ص‎ )١( 
.513 وسيد قطب ,لعبد الباقي حسين ص ا‎ » 5١7 ٠ 7١” (؟) سيد قطب ,. للخباص » ص‎ 
١1 





17 17ل آل لل 1 “هم | 





النقدي ( كتب وشخصيات ) وتوّج أعماله النقدية بكتابه ( النقد الأدبي - 
م 1 ع .6 95 ١‏ ا 
أصوله ومناهجه ) عام 148١م‏ وأهداه إلى عبد القاهر الجرجاني(١)‏ أول 
ناقدٍ عربي وقلت مقالاته النقدية الأدبية بعد توجهه الإسلامي ودخوله 
السجن ليتحول إلى معالجة القضايا الإسلامية والحركية في كتاباته ("). 


)١(‏ هو:عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني »من أئمة اللغة وواضع علم البلاغة »توفي سنة ١41ه‏ »من 
مؤلفاته أسرار البلاغة وغيرها » انظر : الأعلام للزركلي 58/52 .. 

(؟) الشوكاني وسيد قطب , الأبعاد الحضارية » د / حسن ناصر سرار » إصدار وزارة الثقافة » صنعاء » 
ط١‏ عام 4١٠٠م‏ » ص7؟١7١1.‏ 





17 117 117 17 ال-2 


المطلب الثاني 


مؤلفاته وكتبه 

من السمات التي تميز بها سيد قطب اهتمامه بالقراءة والبحث 
والمطالعة والدراسة منذ طفولته إلى شيخوخته» وقد ملأت المطالعة والبحث 
عليه وقته» واستوعبت جميع هواياته» وكان توجهه في أول حياته إلى الأدب 
والنقد والشعر عن طريق المقالة والقصيدة والقصة والمحاضرة» فكان نتاجه 
في هذه المرحلة نتاجاً أدبياً نقدياً أمتد حوالي عشرين عاماً من سنة 
6ام _- 65 امم. 

ومؤلفاته في هذه الفترة تمثل حياته قبل الالتزام بالإسلام» وما 
تعرض له في فترات مختلفة منها من غربة فكرية وقلق نفسي وتأثرٍ بالواقع 
المنحرف في تلك الفترة» ولذا نجد كتاباته في هذه المرحلة مليئة بالمخالفات 
والأخطاء العقدية والشرعية عموماً» حيث مثلت سجل اغترابه الفكري؛ 
وتبخر تقافته الدينية والشرعية» ومن الخطأ تقييم سيد قطب من خلال 
كتاباته في هذه المرحلة ٠‏ 

وبعد توجهه الإسلامي بحث وطالع وكتبء فكان نتاجه في 
المرحلة الإسلامية من حياته مختلفاً تماماً عن مرحلة ما قبل التزامه» وان لم 
تخل كتاباته ومؤلفاته الإسلامية من الأخطاء شأنه شأن البشر. 

وقد استمر عطاؤه الإسلامي ما يقرب من عشرين عاماًء من عام 


١11 


]- 








117 آل 117 17 ل “هم | 


١155-7‏ وتمثل نتاجه في كتب وأبحاث» وقليل منه كان مقالات 
وسنعرض في هذا المطلب لمؤلفاته عموماً في مراحل حياته مع 


أولا: مؤلفاته الأدبية: )١(‏ (مرتبة حسب سنة الإصدار ) 

١‏ - ' مهمة الشاعر في الحياة» وشعر الجيل الحاضر ': وأصل 
الكتاب محاضرة ألقاها سيد في كلية دار العلوم» وطبعها بعد ذلك عام 
177 ١م,‏ ويحتوي الكتاب على بيان الخلاف بين فهم الشعراء الشباب 
والشعراء الشيوخ للشعر ومهمة الشاعر في الحياة مع نماذج من شعر 
الفريقين ٠‏ 

-١‏ ديوان " الشاطئ المجهول ': ويحتوي على أربعة فصول» و 
(؟1) قصيدة تمثل سجلاً لحياة الضياع التي عاشها سيد بكل مآسيها 
وانحرافهاء وقد طبع عام 3175١م»‏ وهو في حكم المفقود حيث لم يطبع إلا 
مرة واحدة. 

*- نقد كتاب " مستقبل الثقافة في مصر ': حيث رد فيه على 
طه حسين دعوته إلى التغريب وقد طبع عام 153١م»‏ ويتضح من خلاله 
رفض سيد لدعوة التغريب والتبعية» حتى قبل توجهه الإسلامي. 


١ /ا1‎ 








17 117 الل 17 1 “هم | 


؛ - الأطياف الأربعة: وهو كتاب اشترك في تحريره مع إخوته ( 
حميدة وأمينة ومحمد ) ويحتوي على مجموعة من الخواطر والقصص 
والتأملات النفسية والقصائدء وصدر عام 955 ١م.‏ 

ه - طفل من القرية: ويتحدث الكتاب عن نشأة سيد في القرية» 
ووضع أسرته وحياة الناس في جوانبها المختلفة وهو أقرب إلى السيرة 
الذاتية وطبع عام 1545 ١م.‏ 

5- المدينة المسحورة: وهي رواية أسطورية خيالية؛ على نمط ( 
ألف ليلة وليلة )»ء صدرت عام 155١م.‏ 

1- كتب وشخصيات: وهو مجموعة من المقالات النقدية التي 
نشرها سيد قطب في بعض الصحف والمجلات خلال الأعوام 457- 
57م في النقد الأدبي» وصدرت الطبعة الأولى من الكتاب عام 955١م‏ 
ويتحدث عن أصول النقد الأدبي وطبيعته وعمل الناقد» كما يحتوي على 
نقد وتقييم أعمال مجموعة من الأدباء المعاصرين له(١)؛‏ ودراسة 
لشخصيات الأدباء» وقد وقع سيد قطب - رحمه الله - أثناء رده على 
بعض الكتأب في أخطاء في حق بعض الصحابة - رضي الله عنهم 
جميعاء وسيأتي بيان ذلك - إن شاء الله - عند الحديث عن موقفه من 
الصحابة. 


6 - أشواك: والكتاب عبارة عن رواية تسجل قصة حب حقيقية 


. ومنهم : طه حسين والمازني ومحفوظ وتيمور والسحار وغيرهم‎ )١( 
١ 





117 آل 117 17 ل “هم | 





شخصية عاشها سيد قطب نفسه مع خطيبته القاهرية» والتي تركها بعد أن 
عرف منها أنها كانت تحب شخصاً قبله» وصدر عام 955 ١م.‏ 

9- روضة الطفل: وهو عبارة عن مجموعة من القصص المسلية 
للأطفال» اشترك في تأليفها معه أمينة السعيد ويوسف مراد» وصدر عام 
/151١م.‏ 

- القصص الديني للأطفال: ويشتمل على عدد من قصص 
الأنبياء في القرآن الكريم» اشترك في تأليفه مع عبد الحميد السحار(")؛ 
وصدر عام 15417١م»‏ وقد حاول السحار إعادة طبعه عام 1755١م,‏ أثناء 
سجن سيدء فطلب منه حذف اسم سيد فرفض وفاءً له. 

؟ - الجديد في المحفوظات: وهما كتابان منهجيان ألفهما سيد 
قطب مع آخرين من رجال المناهج بالوزارة في نهاية الأربعينيات» وكانا 
مقررين على طلبة المدارس حتى عام 115١م»‏ حيث قامت الوزارة 


- النقد الأدبي أصوله ومناهجه: وهو آخر كتاب نقدي لسيد‎ -١* 
حيث تحول بعده إلى الدراسات الإسلامية - ويتحدث الكتاب عن وظيفة النقد‎ 
.م١5/ الأدبي وغايته وأصوله ومناهجه في القديم والحديث وصدر عام‎ 


)١(‏ هو :عبد الحميد بن جودة السحار » كاتب مصري » له مجموعة مؤلفات قصصية » توفي سنة 


5م ءانظر : الأعلام للزركلي 785/792 . 


١١84 








17 117 اال 17 اا1 “هط | 


ثانياً: مؤلفاته في الدراسات الإسلامية: 

ذكرنا في الحديث عن مراحل حياة سيد قطب أنه مر في مرحلته 
الإسلامية بثلاثة أطوار هي: الإسلاميات الفنية» ثم الإسلاميات الفكرية» ثم 
الإسلاميات الحركية» وفيما يلي استعراض لكتبه التي ألفها حسب الترتيب 
السابق: 
يي أفبي :وهو أول كتاب ألفه سيد في 
مرحلة الإسلاميات الفنية حيث بدأ يدرس القرآن لدواع أدبية وفنية» وأصل 
الكتاب مقال صدر عام 355 ١م‏ بنفس العنوان» وبعد 5" سنوات أي في عام 
5م أصدر سيد كتاب " التصوير الفني في القرآن " تحدث فيه عن 
نظرية التصوير الفني في القرآن» وبين خصائصهاء وعرض أمثلة عليهاء 
ومما يؤخذ عليه في الكتاب كلامه عن موسى - عليه السلام - بألفاظ لا 
تليق» واستعماله لكثير من الممسطلحات الفنية عند الحديث عن معاني 
الآيات» باعتباره في هذه المرحلة لم يكن قد تعمق في الدراسات الإسلامية؛ 
بل كان هدفه كما يقول في مقدمة كتابه(مشاهد القيامة) فنياً أدبياً محضاً لا 
علاقة له بالدراسات الإسلامية. 





ب ان: وهو الكتاب الثاني في 
مشروع سيد الذي أعلن عنه في الأربعينيات بعنوان ( مكتبة القرآن الجديدة 
)؛ ويتحدث الكتاب عن أفق من آفاق التصوير الفني في القرآن وهو ( 
مشاهد القيامة) فهو مكمل لكتاب التصوير الفني» وصدر عام 151 ١م.‏ 


١ 


17 117 الل 17 ا “هم | 





ويعتبر هذان الكتابان حصيلة مرحلة الإسلاميات الفنية» حيث تحول سيد 
يقدهنا اله الكتاياة الفكرية. 

57-(”) العدالة الاجتماعية في الإسلام: وهو أول كتاب فكري 
لسيد قطب» حيث وجد أثناء دراسته الأدبية للقرآن الكريم أنه يحتوي على 
قواعد الإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي» وقد كتبه قبل سفره إلى 
أمريكاء وهي الفترة التي نشط فيها الشيوعيون في مصرهء و الكتاب يتحدث 
عن علاقة الدين بالمجتمع مقارنة بين الإسلام والمسيحية. وكذا نظرة 
الإسلام إلى الحياة» وطبيعة العلاقة الاجتماعية في الإسلام» وعلاقتها 
بالتصور الإسلامي ( العقيدة) وأساليب الإسلام في تحقيقهاء موضحاً 
سيافنة الجقع:والجال :فى الإساام ونماتع مين الوافئع الكازيكن الإسائين: 
وصدر الكتاب عام 953١م‏ أثناء وجود سيد في أمريكا. 

ولما صدر الكتاب فرح الإخوان المسلمون حينها به وعملوا على 
نشره ودراسته - رغم أن سيد لم يكن بعد قد انضم إليهم - وذلك لأنه يؤيد 
توجههم الإسلامي في الإصلاح ويقف في وجه المشروع الشيوعي والغربي؛ 
بينما لقي الكتاب محاربة من الحكومة والشيوعيين معا 

*ويؤخذ على سيد في هذا الكتاب كلامه عن عثمان ومعاوية - 
رضي الله عنهما - وعهد بني أمية حيث رد عليه العلامة محمود شاكر 
آنذاك» وقد حاول سيد تعديل بعض ما انتقد عليه في الطبعة السادسة عام 
15م ومع ذلك لا تزال فيه كلمات غير سائغة شرعاً. 


١/١ 


ار سيداقطب ومنمبه في العقيدة كو 2 | 





١١‏ -(4) معركة الإسلام والرأسمالية: ويتحدث الكتاب عن 
المعركة بين الإسلام والرأسمالية» وعداوة الرأسماليين والشيوعيين للإسلام؛ 
ويتهم المسئولين بالتسبب في ضياع الأمة؛ ويعرض علاج الإسلام 
للمشكلات الاجتماعية؛ ويرد على بعض الشبهات حول طبيعة الحكم 
الإسلامي وكذا بيان أسباب العداء للإسلام» وألفه سيد بعد عودته من 
أمريكاء حيث كانت الأوضاع تزداد سوءاً» وصدر الكتاب عام ١15١م.‏ 
-ل(0) السلام العالمي والإسلام: صدر عام ١35١م‏ بعد ثمانية 
أشهر من الكتب السابقة وكانت تلك الفترة تشهد اضطراباً في الموازين 
والقوى بعد الحرب العالمية الثانية» والكتاب يتحدث عن طبيعة السلام في 
الإسلام وارتباطه بالعقيدة» وشموله لضمير الفرد ثم الأسرة ثم الجماعة ثم 
الدولة؛ كما يفضح الكتاب السياسة الاستعمارية الأمريكية في المنطقة. 
48-(5) دراسات إسلامية: وهو عبارة عن مجموعة مقالات 
نشرها سيد في أوقات متباعدة» قبل قيام الثورة وبعدهاء ثم جمعها بعد عودته 
من أمريكاء وأصدرها في كتاب عام 157١م»‏ ويضم الكتاب( )١5‏ مقالة 
-(") هذا الدين: وهو أول كتاب يؤلفه سيد قطب - 
الله - في السجن» حيث حكم عليه عام 155١م‏ بالسجن خمسة عشر 
عاماً» وبعد استقراره في السجن أصدر الكتاب عام 97٠‏ ١م»‏ وسبب تأليفه: 


ما لاحظه سيد على وجوه د بعض أفراد الإخوان بعد التعذيب من تزعزع الثقة 


١ا/‎ 


ار سيداقطب ومنمبه في العقيدة كو 2 | 





بالنفس أو الدعوة؛ فكان الكتاب إجابة للتساؤلات حول طبيعة هذا الدين 
ومنهجه في العمل والدعوة» ليطّمئن الدعاة ويعرفوا ملامح دينهم؛ والواجب 
عليهم نحوه. 

) المستقبل لهذا الدين: وصدر بعد كتاب ( هذا الدين‎ )83(-0١ 
مباشرة في عام ٠15١م ويعتبر مكملاً ومتمماً للكتاب الأول في دوافعه‎ 
وأهدافه ومهمته الحركية التربوية للدعاة» حيث تحدث الكتاب عن الإسلام‎ 
كمنهج للحياة» وعلاقة العقيدة بالنظام الاجتماعي» ورد على دعوى فصل‎ 
الدين عن الحياة ووضح آثارها في الواقع الغربي كنموذجء وبيّن أن‎ 
المخلص الوحيد هو هذا الدين.‎ 

؟"-(1) الإسلام ومشكلات الحضارة: وصدر عام 117١م‏ بعد 
الكتابين السابقين» ويعتبر مكملاً لكتاب ( المستقبل لهذا الدين )» تحدث فيه 
عن الفساد الناتج من قيادة الجاهلية الغربية للمجتمعات» وعرض المشاكل 
والحلول التي يقدمها الغربيون وبين عدم جدواهاء وقرر أنه لا حل 
لمشكلات الحضارة إلا بالإسلام» وقيام المجتمع الإسلامي في الواقع 






وكان سيد قد أعلن عتدسسنانقا كدوان ' فكرة الإسلام عن: الله والعون 
والعياة والافناق !زهو الحقه الأرك» وتحدة عن التضيرو اللسامي العا 


وأصول النظرة الإسلامية» وقد استغرق إعداد الكتاب أكثر من عشر سنوات 


١/7 





17 117 الل 17 ا “هم | 


(1157-195١م)‏ وهو أعمق كتبه وأكثرها تأصيلاً ومنهجية وله جزء ثانٍ 
بعنوان "مقومات التصور الإسلامي". 

)١1١1(-" 4‏ في ظلال القرآن: بدأ سيد يكتب الظلال على شكل 
مقالات في تفسير القرآن في مجلة ( المسلمون ) على حلقات متتابعة: 
وكانت أول حلقة في العدد ( ” ) / فبراير -157١م‏ / واستمر في إصدار 
سبع حلقات انتهت إلى الآية )٠١*(‏ من سورة البقرة» ثم بدا لسيد أن 
يصدر الظلال في كتاب مستقل» وليس حلقات في مجلة» فأعلن توقفه عن 
نشر حلقات الظلال في العدد العاشر / سبتمبر 157١م/‏ وأنه سينشره في 
ثلاثين جزءاً على رأس كل شهرين جزءاً» ووفى سيد بتعهده للقراء فأصدر 
في الفترة من ( أكتوبر 957١م‏ - يناير 155١م)‏ ستة عشر جزءاً. 

وفي عام 155١م‏ أدخل السجن في محنته الأولى» وأوقف ثلاثة 
شوق (ركايى: -امنارين) فاصم اللجزاين :السابيع ضفن والخامق فين من 
السجن!! ثم أفرج عنه؛ ولكنه لم يلبث أن أعيد إلى السجن في نوفمبر 
4 ام بعد حادثة المنشية» ولم يصدر شيئاً في الفترة الأولى من سجنه 
بسبب تعرضه للتعذيب وزيادة المرض عليه؛ وبعد محاكمته حكم عليه 
بالسجن ١5‏ عاماًء وتوقف التعذيب عنه وأراد الله له أن يكمل الظلال» ومع 
أن لوائح السجن تقضي بمنع دخول الورق والأقلام إلا أن الله يسر لسيد 
إكمال مشروعه» حيث كان قد تعاقد مع دار إحياء الكتب العربية على 
كتابة الظلال كتفسير للقرآن كله؛ فلما منع في السجن رفعت الدار شكوى 


١ 


17 117 الل 17 ا “هم | 





ضد الحكومة تطالبها بالتعويض )٠٠١ .٠١(‏ عشرة آلاف جنيه» فامتنعت 
الحكومة عن دفع التعويض» وسمحت لسيد بإكمال الظلال» والذي يظهر 
أن عمل الحكومة ليس سببه التهرب من دفع المبلغ» ولكنها أرادت إبطال 
ما يثيره الإخوان في الخارج ضدها بسبب سجن سيدء فكانت تدعي أن سيداً 
لوئن محتقلا دلي ضصبدور اكتاباقه المتتايعة شهريا !!] وق حينة: الحكرمة 
الشيخ / محمد الغزالي('). رقيباً دينياً يعرض عليه ما يكتبه سيد قبل طبعه» 
وقد أكمل سيد الظلال في نهاية الخمسينات» وفي عام ٠17١م‏ بدأ سيد 
بمراجعة الظلال وتنقيحه» حيث راجع منه ١7‏ جزءاً حتى عام 155١م‏ ثم 
اعتقل وأعدم ولم يستطع إكمال تنقيح الكتاب ('). 

)١1١1(-5‏ معالم في الطريق: وهو آخر كتاب صدر في حياة 
سيد قطب؛ وأصله فصول كتبها سيد من سجن ليمان طره - لأفراد التنظيم 
الإخواني الجديد - ويضم (؟١)‏ فصلاً في فقه الدعوة والحركة ويرى 
كثيرون أن الأفكار التي شملها الكتاب كانت سبباً في إعدام سيد 

)١5(-57‏ مقومات التصور الإسلامي: وهو خاتمة كتب سيد 


قطبء أودع فيه عصارة تجربته الإيمانية وتصوره وفكره» وختم به حياته؛ 


)١(‏ هو:محمد الغزالي السقا » ولد عام ١177‏ م » في بلدة البحيرة بمصر .وكان أبوه شديد الإعجاب 
بالإمام أبي حامد الغزالي متأثرا بنزعته الصوفية » درس في الأزهر وعمل خطيبا فيه »سجن عدة مرات 
»وله عدة مؤلفات .انظر : علماء ومفكرون عرفتهم .للمجذوب 755/١١‏ . 

)0( مدخل إلى ظلال القرآن د/ صلاح الخالدي ص 45-47 ٠بتصرف ٠‏ 

١ هما‎ 








17 117 الل 17 ا “هم | 


حيث كتب معظمه في سجنه عام 355١م‏ أثناء التعذيب على ورق 
الإدعاء التي قدمت له؛ مما يدل على همته وعزيمته؛ ويمثل هذا الكتاب 
القسم الثاني لكتاب ( خصائص التصور الإسلامي ) ويتحدث عن 
مقومات التصور الإسلامي وحقيقة 

الإلوهية والعبودية والكون والحياة والإنسان» وقد قام بإصداره أخوه محمد 
قطب عام 05٠5١-185١م.‏ 
هذه مجموعة كتب سيد قطب التي طبعت في مراحل حياته أو بعد موته. 

وهناك مجموعة من الكتيبات المطبوعة باسم سيد قطب» وهي في 
الحقيقة عبارة عن مقالات لسيد جمعها بعض الناشرين من الصحف 
والمجلات ونسقوا بينهاء أو أجزاء استلت من كتبه السابقة وهي: 

)١4(-1‏ أفراح الروح: وهو عبارة عن مجموعة من الخواطر 
والأفكار التي سجلها سيد بين عامي (1150-544١م)‏ في رسائل خاصة 
لإخوانه أو أصدقائه» وقامت الدار العلمية ببيروت عام ١31١م‏ بإصدارها 
باسم (أفراح الروح ). 

)15١(-‏ نحو مجتمع إسلامي: والكتاب في الأصل مقالات 
نشرها سيد في مجلة (المسلمون) على حلقات باسم ( نحو مجتمع إسلامي 
)» وقد أعلن سيد عن بحث يعده بنفس الاسم عام 5157١م»‏ ويبدوا أن 
السلطات أتلفت أصول البحثء وبعد استشهاده أخذت مكتبة الأقصى بعمان 
مقالات سيد المنشورة في مجلة ( المسلمون ) وطبعتها بنفس العنوان فظن 


١/1 


0 





الناس أنها هي البحث الذي أعلن عنه سيد وليس كذلك .)١(‏ 

)١15(-48‏ في التاريخ فكرة ومنهاج: وهو عبارة عن مقال نشر 
في حلقتين في ( مجلة المسلمون ) عام ١15١م»‏ وبعد استشهاد سيد 
طبعت الدار السعودية المقالتين وأضافت لهما مقالا آخر له بعنوان: 
التصور الإسلامي للأدب» ونشرتهما في كتيب بعنوان ( في التاريخ.. فكرة 
ومنهاج ). 

)١7(-‏ معركتنا مع اليهود: وهو عبارة عن مقالاات نشرها سيد 
في مجلة (الدعوة ) وأعادت نشرها الدار السعودية باسم ( معركتنا مع 

)١18(-١‏ لماذا أعدموني: وهو تقرير مفصل كتبه سيد بطلب 
من المحققين أثناء سجنه نهاية عام 155١م‏ ويعتبر إجابات لأسئلة محددة 
أو سؤال عام وجه إليه» ثم نشرته مجلة( المسلمون ) في حلقتين وأشارت 
إلى أنه مر بأيدي المحققين والمخابرات وحذف منه الأشياء التي تتعلق 
بالتعذيب وما لا يريد النظام نشره» ويتحدث التقرير عن علاقة سيد 
بالإخوان وبيان ما حدث في السجون وكذا طبيعة تنظيم 15م وعلاقة سيد 


بإخوان الخارج وغيرهم. 


.هالم١ سيد قطب للخالدي »عو ص‎ )١( 
١ 








17 17ل آل لل ال “هم | 





الظلال وطبعت مستقلة_منها: 
-١‏ تفسير سورة الشورى: وهو كتيب صدر عن الدار السعودية للنشرء 
حيث قامت باجتزائه من الظلال وطبعه مستقلا. 
؟-تفسير آيات الربا: وفعلت الدار السعودية بهذا الكتاب ما فعلته بسابقه 
حيث استلت من الظلال تفسير سيد لآيات الربا في سورتي البقرة وآل 
عمران وطبعته في كتيب مستقل .)١(‏ 
-قصة الدعوة 
5 - إسلام أو لا إسلام. 
ه- إلى المتثاقلين عن الجهاد. 
5- رسالة الصلاة. 
لات :استعلاء الإيمان (0). 


ثالثً: بحوث وكتب لسيد قطب لم تنشر: ' مفقودة ' 

لسيد قطب في الظلال وغيره إشارات إلى بحوث وكتب له تحت 
الإعداد» أو لديه نية في تأليفهاء وعند جمع هذه الكتب والأبحاث التي أشار 
إليها وجدتها كثيرة ولم تر النور ويرجع ذلك إلى سببين: 


)0( المصدر السابق 6ثعص "لاه . 
م//ا١ا‏ 





19771117 اسبصاقطيك ومنمجة في العقيدة /ج4 





| 


الأول: أن سيد ربما أعلن عن بدء البحث في موضوع ثم 
تحول منه إلى غيره وتركه إما بعد البدء به أو قبله. 
الثاني: إتلاف الطغاة لكثير من كتب سيد وبحوثه التي 
طبعت أو لم تطبع أثناء محنته الأولى والثانية» وفيما يأتي سرد 
عناوين البحوث والكتب المفقودة كما يلي: 
أ - البحوث الأدبية ('أوهي: 
-١‏ مهمة الشاعر في الحياة: وهو بحث كان ينوي تأليفه» واعتبر الكتيب 
المطبوع مقدمة له. 
0 أعلن عنها في كتابه ( مهمة الشاعر ) المطبوع 
- المراهقة ( أخطارها وعلاجها ): قال عنه: " أنا على وشك إخراج 
كتاب في التربية عن المراهقة: أخطارها وعلاجها ' 0). مما يدل على 
أنه كان جاهزاً لديه. 
-المرأة لغز بسيط: بحث أعده خلال عشر سنوات ونشرت خلاصة في 
مجلة الأسبوع عام 975١م‏ 
ه-المرأة في قصص توفيق الحكيم: أعلن عنه في مجلة الأسبوع عام 
5 امم. 


5- أصداء الزمن: ديوان شعري ثان لسيد وعد بإصداره عام 977١م‏ ثم تراجع 


)١(‏ سيد قطب للخالدي » ص هلاه » 8/اه. 
)( المصدر السابق ص كلاه ٠,‏ 
7و١‏ 





1977717717717 اسيصاقطيك ومنمجة في العقيدة /ج4 





| 


عن إصداره. 
- الكأس المسمومة: ديوان ثالث أعلن عنه ولم ينشره .)١(‏ 
- قافلة الرقيق: ديوان رابع أعلن عنه ولم ينشره. 
1- حلم الفجر: ديوان خامس أعلن عنه ولم ينشره. 
-٠‏ القطط الضالة: قصة مصورة:؛ أعلن أنها تحت الطبع. 
-0١‏ من أعماق الوادي: قصة أخرى أعلن أنها قيد التحرير. 
5 - المذاهب الفنية المعاصرة: بحث نقدي أعلن أنه تحت الطبع. 
-١‏ الصور والظلال في الشعر العربي: بحث نقدي آخر. 
-١ 5‏ القصة في الأدب الروي امف دين أيضاً أعلن أنه قيد البحث. 
65- شعراء الشباب. 
5- القصة الحديثة: بحث نقدي. 
- عرابي المفترى عليه: دراسة عن أحمد عرابي» وترجمة لحياته. 
- الشريف الرضي: دراسة عن الشريف وترجمة حياته. 
ب ) البحوث والدراسات الاسلامية: 


)١ (8‏ القصة بين التوراة والإنجيل. 
(-٠‏ 7 ) النماذج الإنسانية في القرآن. 
"(0١‏ ) المنطق الوجداني في القرآن. 
1( 5 ) أساليب العرض الفني في القرآن .)١(‏ 


٠ المصدر السابق ص47‎ )١( 





7977771777717 اسبصاقطيك ومنمجة في العقيدة /ج4 





| 


7 -( ه ) لحظات مع الخالدين. 

4 "-( 5 ) أمريكا التي رأيت. 

ع 9 » ) معالم في الطريق - ١‏ لجزء الثاني 

5" 1 ا 0 

5 500200 الدين. 

)١١(-4‏ تصويبات في الفكر الإسلامي المعاصر. 
)١5(-‏ نحو مجتمع إسلامي. 

.)'( هذا القرآن‎ )١8(-٠ 


وهذه الكتب بعضها أعلن عن نيته في كتابتها ولم يكتبهاء 
وبعضها كتبه و يظهر أن الطغاة أتلفوا أصول هذه البحوث ولم يبقّ منها 


3 


دسي ع . 
رابعاً: هل تخلى سيد عن بعض مؤلفاته: 

اختلف الباحثون في قضية تخلي سيد قطب عن كتبه الأدبية أو 
بعضها في آخر حياته» كونها تحمل أفكاراً لم يعد يؤمن بها بعد توجهه 


١ أشار إلى هذه الكتب الأربعة في كتابه ( مشاهد القيامة ) ص‎ )١( 
من الظلال طبعة عام‎ ١ أعلن سيد عن هذه الكتب في قائمة كتبه التي أثبتها في نهاية الجزء‎ )١( 
.ه/8٠١ 15مءانظر : سيد قطب للخالدي عص‎ 
0 








17 17 آل آل ا “هط | 


الإسلامي: 

أ - نقل بعض المقربين من سيد أنه بيّن أكثر من مرة في آخر 
حياته لمن حوله أن كتبه الأدبية تمثل مرحلة معينة أورد فيها بعض 
الآراء والأفكار التي لم يعد يؤمن بها أو يراها .)١(‏ 

وذكر بعض الناشرين لكتبه أنه تخلى عن كثير من كتبه 
الأدبية» وأنه فقط راض عن ستة كتب هي: ( هذا الدين - المستقبل لهذا 
الدين - الإسلام ومشكلات الحضارة - خصائص التصور الإسلامي - 
الظلال في طبعته المنقحة - معالم في الطريق ) ('). وقد أكد لي هذا 
الأمر أخوه الشيخ محمد قطب عند لقائي به في مكة. 

ب- ينكر بعض الباحثين فكرة تخلي سيد قطب عن أي من 
كتبه المطبوعة لعدم وجود نص منه على ذلك (). 


والذي يظهر لي من خلال قراءة جميع كتبه المؤلفة في آخر 
حياته» عدم إحالته في أي منها إلى كتبه الأدبية السابقة عدا كتابي ( 
التصوير الفني في القرآن - ومشاهد القيامة ) حيث أحال إليهما فقط من 
بين كتبه الأدبية» أما ما سواها من كتبه الأدبية فلم أجد أي إحالة عليها. 


٠ سيد قطب للخالدي ,ص ؟3.هة‎ )١( 
ذكر ذلك المستشار عبد الله العقيل» في مجلة المجتمع الكويتية »العدد:؟١١ تاريخ /9177/8ام‎ )١( 
٠ عص ” 7.وأكده لي الشيخ محمد قطب عند مقابلتي له بمكة‎ 
٠ 5٠١ ومنهم د/ صلاح الخالدي في كتابه : سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد ص‎ )"( 
١/0 





11717 اال 17 ا , ف | 





وعموماً: فالمثت مقدم على النافي» ومع ذلك فلا يمنع من 
الاستفادة من كتبه الأدبية السابقة على توجهه الإسلامي» فيما هو صواب» 
وذرك ما فنها مس خط أو اتحرافت كرتي كتنب مرحلة فييا الغث والسميض» 
ولكن لا يجوز تقييمه من خلالها ٠‏ 


١/7 





1717 11117 سيت قطي ومنصجه في العقيدة كج | 


المبحث الشالث 


جهوده في العمل الدعوي ومكانته العلمية 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول: جهوده في العمل الدعوي. 


المطلب الثاني: مكانته العلمية. 


١8 





0 


المطلب الأول 


جهوده في العمل الدعوي 

تبين لنا فيما سبق المراحل التي قطعها سيد قطب - رحمه الله - 
في مسيرته الحياتية» منذ ولادته وحتى استشهاده ووقفنا على مشارف حياته 
الأدبية» وغربته الفكرية» وبعد أن عرف الجاهلية على حقيقتها وفقه الله إلى 
الالتزام بالإسلام» فأقبل عليه باحثاً وكاتباً ومفكراً وداعية» وعاش بقية حياته 
في ظلال القرآن» يتذوقه» ويخوض به معركته ضد الباطل والجاهلية. 

والمتأمل في مسيرة سيد الإسلامية وتراثه الفكري» يجد أن له جهداً 
كبيراً في مجال الدعوة والحركة والفكرء ومواجهة الانحراف الفكري والسلوكي 
في المجتمع الإسلامي» حيث قدم عدداً من الكتب والأبحاث والدراسات» 
حوت خلاصة فهمه للإسلام وتدبره للقرآن» وتصوره للعمل والدعوة والتربية 
والحركة» وأراد أن يقود تياراً للتغيير في كل مجالات المجتمع اقتصادياً 
وسياسياً واجتماعياً وفكرياً بالمنهج الإسلامي الذي اقتنع به وثبت عليه. 
ويمكن بيان بعض جهوده في مجال العمل الدعوي والجوانب التجديدية عنده 
فيما يأتي: 
-١‏ الانتقال بالفكر الإسلامي من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم: 

يكاد يجمع الباحثون المنصفون على اعتبار سيد قطب - رحمه 
الله- رائد الفكر الإسلامي المعاصر»ء وأول مفكر انتقل من مرحلة " الدفاع 


١ هم‎ 





17 117 اال 17 اا1 “هم | 


على استحياء " أمام الجاهلية المادية المعاصرة» إلى مرحلة " هجوم الواثئق 
البصير" في حديثه عن الإسلام» وعرضه لحقائقه ومبادثه. 

فقد كان كثير من الدعاة والمفكرين الإسلاميين في عصره 
يضعون "الإسلام في قفص الاتهام " )١(‏ ويجعلون " الدين في موقف 
الدفاع '('). ويكتبون بأسلوب فيه كثير من الضعف والانهزامية. 

أما سيد - رحمه الله - فقد خالف هؤلاء جميعاء ودعا إلى 
الانتقال بالفكر الإسلامي من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم» وكان 
ينصح الدعاة بمواجهة الأفكار الباطلة باستعلاء الإيمان» وتقديم الإسلام 
للناس بجرأة وشجاعة وحسن عرض وأسلوبء معللاً ذلك بأنه: " ليس في 
إسلامنا ما نخجل منه؛ وما نضطر للدفاع عنه؛ وليس فيه ما نتدسس به 
للناس» أو نتلعثم في الجهر به على حقيقته» وإذا كان هناك من يحتاج 
للدفاع والتبرير والاعتذار فليس هو الذي يقدم الإسلام للناسء وانما هو ذاك 
الذي يحيا في الجاهلية المهلهلة المليئة بالمتناقضات وبالنقائص والعيوب.. 
وهؤلاء الذين يهاجمون الإسلام يُلجئون بعض محبيه الذين يجهلون حقيقته 
إلى الدفاع عنه كأنه متهم.. وكان بعضنا في أمريكا يتخذ موقف الدفاع 
والتبرير.. وكنت على العكس اتخذ موقف المهاجم للجاهلية الغربية» سواءً 
في معتقداتها الدينية المهلهلة.. أو في أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية 


. عنوان كتاب لشوقي أبو خليل‎ )١( 
١ك‎ 








17 117 الل 17 ا “هم | 


والأخلاقية المؤذية» فهذه التصورات عن الأقانيم والخطيئة والفداء.. لا 
تستقيم في عقل ولا ضميرء وهذه الرأسمالية باحتكارها ورباها.. والفردية 
والأثرة والتصور المادي التافه الجاف للحياة.. وحرية البهائم ( حرية 
الاختلاط )» وسوق الرقيق ( حرية المرأة )» والسخف والحرج في نظام 
الزواج والطلاق» والتفريق العنصري الحاد الخبيث.. وهي حقائق كانت 
تخجل أصحابها حين تعرض في ضوء الإسلام.. ولكن ناساً - يدعون 
الإسلام - ينهزمون أمام ذلك النتن الذي تعيش فيه الجاهلية؛ حتى 
ليتلمسون للإسلام مشابهات في هذا الركام المضطرب البائس في الغرب» 
وفي تلك المادية البشعة في الشرق أيضاً! .)١("‏ 
ولعل اطلاع سيد الكبير على نتاج الجاهلية في مختلف فروعه وألوانه» أعانه على 
معرفته لها على حقيقتهاء والوقوف على مقاتلهاء ومن ثم توجيه السهام إليها ٠‏ 

يضاف إلى ذلك حياته في ظلال القرآن حيث جعلته يشعر 
باستعلاء الإيمان» فنظر إلى الجاهلية وتعامل معها من علو (2). 

؟ - دخوله خندق المواجهة مع الجاهلية المعاصرة: 

معلوم أن الصراع بين الحق والباطل سنة كونية لا تنتهي إلا 


بانتهاء الحياة الدنياء وقد شاء الله تعالى أن تكون الجولة المؤقتة في 


. معالم في الطريق » سيد قطب » ص74١-71١ بتصرف يسير‎ )١( 
. وما بعدها‎ ١78 ينظر : فصل ( استغلاء الإيمان ) من معالم في الطريق لسيد +:ضن‎ )١( 
١ /ام/‎ 





17 17ل آل لل ال “هط | 





العصر الحديث ( للجاهلية الغربية ) .)١(‏ 

حيث وجهت ضربتها الكبرى للمسلمين» فألغيت الخلافة» وسقطت بلاد 
المسلمين فريسة للمحتلين وحُوربت العقيدة الإسلامية وأقصيت الشريعة؛ فنشأ جيل 
عق المسلميق على فكن الجاهلية الفاذية (0). 

ومما تميز به سيد قطب - رحمه الله - أنه عاش عصره بكل 
أوضاعه وملابساته» لذا نراه يناقش مشكلات عصره وقضايا واقعه؛ 
ويحرص على بحث ما يواجه الأمة من أخطار ويقدم الحلول الإسلامية 
نينا ,أفدكل:بذلك خددق المواتعينة :مع الباطل» واحة يكتدقت :زينفت الجاهلي: 
المعاصرة؛ ويعري مواقفها ومبادءها وأخلاقهاء ويفند تصوراتها وأفكارهاء 
تالجم نا مجهاء ويزتها بنيز الإنناقة روكعاملبمعها باتعلا الإيمان + 

كما حاول سيد جاهداً أن يجلي منهج القرآن في مواجهة الجاهلية: 
ويقف به في مواجهة الطغاة والظلمة» ويتكلم في مسائل حساسة» تهرّب 
الكثير منها رغم الحاجة إليهاء ربما لأنهم لا يقدرون على دفع تكاليف 
الكلام فيها. 


)١(‏ هذا هو الوصف الذي اختاره سيد ( للحضارة الغربية ) فهو يرى أن الحضارة هي الإسلام » إما ما 
عليه الغرب اليوم فهو جاهلية وليس حضارة » انظر: ( معالم في الطريق ) فصل : الإسلام هو 
الحضارة » ص5١١‏ . 

.”7١ مدخل إلى ظلال القرآن : د / صلاح الخالدي » ص‎ )١( 

١/84 





ل 





والمتأمل في كتابات سيد يجد له وقفات كثيرة ومتفرقة في وجه 
الهجمة الشرسة للجاهلية المعاصرة على العالم الإسلامي في كثير من كتبه 
وموافضه انعقافةة رأحه :نظن ليها مو زارية العفسدة والإنصان )يكين 
المطبوعين بطابع بالجاهلية الغربية الذين ينظرون إليها من زاوية التقدم 
المادي فيصبحون أسرى لهاء مهزومين نفسياً أمامهاء غير قادرين على 
موا سيف( 





وقف سيد قطب على كثير من الانحرافات والأخطاء في مجال 
الدعوة والعمل الدعوي والحركي الإسلامي المعاصر. وكان ينوي إصدار 
دراسة خاصة بالفكر الإسلامي وتصويب الأخطاء والانحرافات فيه بعنوان 
'تصويبات في الفكر الإسلامي المعاصر" لكنها فقدت مع جملة ما فقد من 
أبحاثه ومؤلفاته أيام محنته. 

ومن أبرز القضايا التي وقف سيد قطب- رحمه الله - عندهاء 
وبين خطأها وحاول أن يوضح الصواب فيها ما يأتي: 
أ - مفهوم الجهاد في سبيل الله وحقيقته وأهدافه ومقاصده ('). 
ب- مفهوم لا إله إلا لله (). 


لل مدخل إلى ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي » ص .١١5‏ 

.١ -1١477/9 295٠05 / "” » في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق » ؟/ ٠١5. 3٠٠١6‏ » ومعالم في الطريق » ص 5 . 
١/1‏ 





0 





ج - مفهوم العبادة وآفاقها .)١(‏ 
د - مفهوم الحاكمية وعلاقتها بالعقيدة ("). 
ه- مفهوم المصطلحات الأربعة (الله - الرب- العبادة - الدين ) (). 
و - مفهوم التميز والولاء والمفاصلة (5). 
ز - مفهوم الجاهلية في التصور الإسلامي (0). 
ح - مفهوم الحضارة .)١(‏ 
ط - مفهوم التغيير ووسائله ومراحله ("). 
كما بيّن سيد حرحمه الله - خطأ وفساد بعض مناهج التلقي 
والبحث وما نتج عنها من انحرافات وخاصة في مجال العقيدة ومنها: 
اخ قطية قطون |العقية ةن مفارفة اديه :50 


ب - قضية تقديم العقل على النقل .)١(‏ 


.١9١07 / 5 » المصدر السابق‎ )١( 

.١959٠ / 5 » المصدر السابق‎ )١( 

(") المصدر السابق » 5 /50775-5.70. 

(:) المصدر السابق » "58/1١‏ -.ه"؟. 

(5) المصدر السابق » ” / -١١85‏ 1086.. 

(5) معالم في الطريق » ص ١١5‏ 

(0) المصدر السابق » ص ١5-١٠١‏ » و هذا الدين لسيد قطب » دار الشروق » بيروت» ط/ » عام 

هء ص4 ٠١-‏ »ء وفي ظلال القرآن » .١9151//5‏ 
(6) في ظلال القرآن » 5 / ١8486‏ . 





0 





ج - قضية إنكار وتأويل الغيبيات ("). 
د- قضية علاقة الفلسفة وعلم الكلام بالعقيدة('). وغيرها 
5 في البحث وا 





وجد سيد - رحمه الله - أن كثيراً من الباحثين والدعاة وحتى 
الأزهر» يقومون بدراسات لا علاقة لها بالتحديات المعاصرة التي يواجهها 
الإسلام اليوم» فدعا إلى أن توجه الدراسات والبحوث والأنشطة العلمية إلى 
تطبيق المنهج الإسلامي على جميع جوانب الحياة (؟). 

كما دعا إلى دراسة التاريخ الإسلامي دراسة جديدة بعيداً عن 
دراسات المستشرقين التي يغلب عليها طابع المادية والعداء للإسلام (0). 

كما عمل من خلال كتاباته وبحوثه على إحياء وايضاح معالم 
المنهج الإسلامي في البحث والمعرفة ومن أبرز تلك المعالم: 
أ - الثقة المطلقة بالنص الشرعي والتسليم التام بمدلوله: واخضاع الظواهر 





-١هط‎ » و خصائص التصور الإسلامي » لسيد قطب ؛ دار الشروق‎ ١/٠ المصدر السابق‎ )١( 
. وما بعدها‎ ١ عام ص68‎ 

)١(‏ في ظلال القرآن :15191/9و07717-7377/5” مع الهامش.و4728-174117/6” ؛ وخصائص 
التصور الإسلامي ص١7‏ . و مقومات التصور الإسلامي “سيد قطب ,دار الشروق »بيروت »ط ه, 
17م ,“ص 565 

(") في ظلال القرآن » ٠١5 / ١‏ وخصائص التصور الإسلامي ص١٠‏ وما بعدها. 

(:) مقال لسيد في مجلة الرسالة » العدد 1717 - ١15١م‏ » نقلا عن : سيد قطب للكشميري » ص 48 .١‏ 

(5) في التاريخ فكرة ومنهاج » سيد قطب »دار الشروق » ط / » عام 1ه .٠)ص””‏ وما بعدها . 

١14١ 








17 17ل آل لل ال “هم | 


المخالفة - في ظاهرها - له؛ وازالة التعارض - المتوهم - بين مدلولات 
النص والواقع» وجعل النص هو الأساس وكل ما سواه تبع له(١).‏ 

ب- ربط النصوص بالواقع والتحرك بها في مواجهة الجاهلية: حيث حرص 
سيد على النظر إلى الواقع باستمرار مقوماً لانحرافاته» مطبقاً لنصوص 
القرآن عليه؛ داعياً العاملين للإسلام إلى التحرك به في الواقع» وخوض 
المعركة مع الجاهلية بالعقيدة» والتربية عليهاء تأسياً بالجيل الفريد - 
الصحابة رضوان الله عليهم - الذين كانوا يتلقون النتصوص في كل 
شؤون الحياة للعمل والتنفيذ» لا بقصد الثقافة» والإطلاع وتحصيل 
المعرفة - كما هو حالنا اليوم - فحولوا بذلك النصوص إلى فهم واقعي 
في الحياة("). 

يقول سيد - رحمه الله -: ' وَأَلْفُ كتاب عن الإسلام؛ وأَلْفُ خطبة في 
مسجد أو قاعة أو ميدانء ولف فلم في الدعاية للإسلام؛ وأَلْفُ بعثة من 
الأزهر أو غير الأزهر في كل مكان... كل أولئك لا يعُني غناء مجتمع 
صغير في ركن من أركان الأرض يعيش منهج الإسلام» ويعيش لمنهج 
الإسلام وتتمثل فيه خصائص هذا المنهج» وتتمثل فيه صورة الحياة في 
القباهة "0 


.315:0-976 في ظلال القرآن » سيد قطب » ١/75ه. ؟/‎ )١( 

. وما بعدها‎ ١ 5 انظر : فصل ( جيل قراني فريد) من / معالم في الطريق لسيد قطب .» ص‎ )١( 

2( الإسلام ومشكلات الحضارة » سيد قطب » دار الشروق » ط؟١‏ » عام 7ه ءصس /ا8/ 1١‏ ع 88ا. 
١05‏ 





7977717717 اسيصاقطيك ومنمجة في العقيدة /ج4 





| 


ج - الإيمان بعالم الغيب: حسب ما تقرره النصوصء وعدم الخوض فيه؛ 
واحترام العقل ومعرفة حدوده ومجاله ١‏ فلندع الغيب لصاحبه» وحسبنا ما 
ومعاشنا.. فذلك وحده أنفع للبشرية وأهدى .)١('‏ 

د - اعتماد المنهجية العلمية فى البحث: والقائمة على رفض الأساطير 
والإسرا ثيليات والموضوعات» وعدم التوسع في الخلافيات المذهبية والفقهية» أو 
الأتشكال ات وما لا يفيد0') " فالمنهج الإسلامي منهج واقعي جادء يواجه 
وقائع الحياة بالأحكام المشتقة لها من أصول شريعة الله مواجهة عملية واقعية " 
60 

ه- تجاوز عصر الخلاف الكلامي والجدلي: واستبعاد منهج الجدل النظري 
باعتباره مخالفاً للمنهج الإسلامي في المعرفة والبحث (؟). 

- التأكيد على قضايا الدعوة والتربية على العقيدة: حيث ركز سيد - 
رحمه الله - على القضايا المتعلقة بالدعوة والتربية على العقيدة كثيراً في 
كتاباته» حتى أصبحت هذه ل اك 1 
كما دعا المربين والدعاة إلى الوقوف أمام منهج القرآن في التربية؛ 
وطريقة النبي يل والالتزام بذلك في تربيتهم لأنفسهم ولمن حولهم» حتى 


. بتصرف‎ ١ » في ظلال القرآن » سيد قطب‎ )١ 
.1/1/ /” . في ظلال القرآن » سيد قطب‎ ) 
.1 8/5 » المصدر السابق‎ ( 


١7 





19771117 اسيصاقطيك ومنمجة في العقيدة /ج4 





| 


يحققوا ما يهدفون إليه .)١(‏ 
وقد كانت قضية العقيدة وبيان مدلول ( لا إله إلا الله ) باعتبارها 
منهج حياة؛ أهم مسألة استحودت على تفكير سيد - رحمه الله - وعمله» 
منذ بداية سجنه عام 155١م‏ وحتى لقي ربه» حيث أسهب في الحديث 
عن قضايا العقيدة ومباحثهاء وعرض حركتها الواقعية والإيجابية في 
التاريخ الإنساني من خلال رسالات الأنبياء» ومواقف الناس منها 
والصراع مع الجاهلية. 
كما حرص على الربط بين العقيدة والشريعة والمناهج والنظم 
والتوجيهات» وبيّن آثار العقيدة في حياة الفرد والمجتمع» وأهمية الربط بينهما 
وبين نظم الحياة لضمان الالتزام بتلك النظم. 
ادها 0 والدعاة إلى الاهتمام بالعقيدة» وأن تكون هي نقطة البدء 





ّ : ويقصد بالمنهج الخركي 
الطريقة التي يتبعها دعاة الإسلام 1 إلى أهدافهم المتمثلة في دار 
الإسلام وتطبيقه في واقع الحياة جملة وتفصيلاً ' (). ونظراً لاختلاف وجهات 


» في ظلال القرآن » سيد قطب 4/87/6"» في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي‎ )١( 
,”ث51١ ص‎ 

١١١م-ح‎ ٠١45 21١١١6 231١ -9//5 235485656. 359/١ » ينظر في ذلك : في ظلال القرآن‎ )١( 
. وما بعدها‎ ١5١ -1715ء ومعالم في الطريق»ء ص‎ 1788/9 » 

(؟) سيد قطب » لمحمد توفيق بركات » ص78 . 


١8 








17 117 الل 17 ا “هم | 


النظر حول الطريقة التي يتبعها الدعاة في العمل للإسلام» فقد حاول سيد قطب 
- رحمه الله - أن يبين معالم المنهج الحركي نظرياً وعملياً. 

*أما نظرياً: فقد تصدى لبيان معالم المنهج الحركي في كتابيه ( معالم 
في الطريق ) و ( في ظلال القرآن) ('). حيث وضح طرق التربية والدعوة» 
ومنهج العمل الإسلامي وخصائصه ومراحله وعقباته وقد قام بعض الباحثين 
بدراسة المنهج الحركي عند سيد قطب من خلال كتبه» وبيان خصائصه وخطواته 
0 

*وأما عملياً:_فيتمثل ذلك في التنظيم الذي أشرف عليه سيد (تنظيم 55 ) 
ودفع حياته ثمناً لذلك» والذي حاول فيه تطبيق معالم المنهج الحركي الذي أصّله 
نظرياً في كتاباته (). 

5- فضح حقيقة الجاهلية الغربية: وبيان حقيقة الأعداء ووسائلهم 
في حرب المسلمين حيث اطلع سيد على نتاج الجاهلية الغربية» وعرفها على 
حقيقتها فدفعه ذلك إلى كشف عوارها وبيان موقفها من الإسلام وفضح 


١٠١87. 3.01/5, /ا4:3 2 55ه‎ 2175/١ » ينظر في ذلك : معالم في الطريق » وفي ظلال القرآن‎ )١( 
.١١2١86 ؛‎ 
هو الباحث / محمد توفيق بركات في كتابه : سيد قطب : خلاصة حياته ومنهجه في الحركة » من‎ )١( 
. وهو بحث نفيس في بابه‎ » ١75-7١ ص‎ 
. (؟) ينظر قصة تنظيم 15م وأهدافه في ص 1ه من هذا البحث‎ 
١4ه‎ 








17 117 اال 17 ا “هط | 


مؤامراتها ودسائسها ضدهء ('). 

كما عمل سيد - رحمه الله - بعد عودته من أمريكا على فضح سياسة 
الغربيين ومواقفهم» وبيان عدائهم للإسلام من خلال كتبه ومقالاته وأحاديثه 
وتحليلاته» فكتب كتابات عديدة عن الصهيونية» والصليبية» والشيوعية» والرأسمالية» 
والعلمانية» والديمقراطية» والاستعمار وأساليبه» وفضائح الحضارة الغربية» وغيرها مما 
سيأتي في بيانه كل في موضعه من هذا البحث -إن شاء الله -. 

« هذه هي أهم الجوانب التجديدية عند سيد قطب وجهوده في الدعوة والعمل 
الإسلامي في الناحية النظرية والعملية. 


)١(‏ كان لسيد دراسة أعدها عن أمريكا في كتاب بعنوان " أمريكا التي رأيت " حلّل فيه أوضاع المجتمع 
مقالات سيد عن أمريكا في كتابه ( أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب وهو كتاب نفيس في موضوعه 


١85 





0 





المطلب الثاني 
مكانته العلمية وآراء العلماء فيه 


الفرع الأول: مكانته العلمية: 

مذ مني قلتت وبكفة أن حمق أكذن الدهاة المعاضئرين إنتاجاً 
أدبياًء حيث كانت لكتاباته ودراساته المنهجية والنقدية أكبر الأثشر في 
المدارس الأدبية وفي الاتجاهات الجديدة والعميقة في الأدب والنقد والحياة؛ 
ثم كان لدراساته الإسلامية المتنوعة وما رافقها من مواقف عملية تطبيقية 
أثر كبير في مسيرة الحركة الإسلامية المعاصرة» حيث يعد سيد قطب من 
أبرز المفكرين والدعاة المعاصرين الذين تركوا تأثيراً عميقاً في أوساط 
الضتحوة الإستلامية المعاصيرة. 

وتظهر مكانته العلمية من خلال الآتي: 

أولاً: كثرة مؤلفاته وكتبه: وخاصة الإسلامية منها إذا ما قورنت 
بالزمن الذي عاشه بعد التزامه وتوجهه الإسلامي» حيث بلغ مجموع كتبه 
المطبوعة في الدراسات الإسلامية )١7(‏ مؤلفاً بالإضافة إلى (؟١)‏ مؤلفاً 
في الدراسات الإسلامية فقدت ضمن ما فقد من تراثه(١).‏ وهذا العدد يعد 
ضخماً إذا عرفنا أنه قام به خلال ما يقارب خمسة عشر عاماً من حياته 


٠ د لمبحث الثاني‎ ١ ينظر : مطلب مؤلفاته وكتبه » في‎ )١( 
١ / 








1117171717 ميد قطي ومنعجه في العقيدة /يوت 


الإسلامية» قضى قرابة ثلاثة عشر عاما منها في السجون. 

ثانياً: الاهتمام بكتب سيد قطب ومؤلفاته: ويظهر ذلك الاهتمام 
من خلال الأتي (0. 

أ - اعتمادها كمصادر للثقافة الإسلامية. 

ب- اعتمادها كمصادر للمناهج الدعوية والتربوية عند كثير من 
الحركات الإسلامية المعاصرة. 

ج- نشرها واقتناؤهاء رغم محاربة الأنظمة لها ومصادرتها في 
كثير امن الأوقات. 

د - ترجمتها إلى اللغات الأخرى» حيث تُرجم كثير من كتب سيد 
إلى أكثر من عشر لغات غربية وشرقية ("). 

ثالثاً: إعداد الدراسات حول سيد قطب وتراثه: حيث لقي تراث سيد 





قلي اشوامنا كيزا فى أوبطاط الباكقن والكتاتي هرأ عدت محموعة نه 
الأطروحات والبحوث العلمية حوله: أديباً» وناقداً» وشاعراً» ومفكراً وحركياً 
ومفسراً وداعية ومنها: 
-١‏ سيد قطب وتراثه الأدبي والفكري» إبراهيم البليهي» كلية الشريعة؛ 
خامعة لكان عه ين سنهرة الانادعةة الرو صر لزلا امار م 


. 55 سيد قطب , للخباص » ص‎ )١( 


. 7٠١١ ليوسف العظم » ص‎ ٠ رائد الفكر الإسلامي‎ )١( 
١176 








17 17ل آل لل ال “هم | 


؟5- سيد قطب مع فكره السياسي والاجتماعي» مهدي فضل الله؛ جامعة 
السوربون» فرنساء 1175١م»‏ ( دكتوراه ). 

- العلاقة المجازية في ظلال القران»ء صلاح محمود شحاتة» الأزهر: 
117١م‏ ( دكتوراه ). 

4- سيد قطب ومنهجه في التفسير» إسماعيل الحاج أمين» الأزهر: 
48 امء (ماجستير) 

5- سيد قطبء حياته وأدبه» عبد الباقي محمد حسين» دار العلوم» القاهرة؛ 
٠م‏ (ماجستير). 

5- سيد قطب والتصوير الفني» صلاح عبد الفتاح الخالدي» جامعة 
الإمام محمد بن سعودء الرياض» 5٠٠‏ ١هء‏ ( ماجستير ). وطبع في 
كتابين: 

(سيد قطب الشهيد الحي ) و (نظرية التصوير الفني عند سيد قطب). 

- سيد قطب الأديب الناقد» احمد محمد البدوي» جامعة الخرطوم؛ 
١ممء(‏ دكتوراه ) 

/- سيد قطب الناقد الأدبيء عبد العزيز بن عبد الله الغدير» جامعة 
الإمام محمد بن سعودء الرياض 5٠١‏ ١هء‏ ( ماجستير ). 

4 - سيد قطب الأديب الناقدء عبد الله الخباص»؛ الجامعة الأردنية» 
17م ( ماجستير ). 

-٠‏ ظهور داعية إسلامي: التطور الفكري عند سيد قطبء عدنان أيوب 


١8 





17 17ل آل لل ال “هط | 


مسلمء جامعة ميتشغان الأمريكية. ”1187١م,‏ ( دكتوراه ) باللغة 
الإنجليزية. 

-١‏ عبقري الإسلام سيد قطب في ضوء آثاره وانجازاته الأدبية» سيد 
بشير كشميري» حيدر أبادء الهندء 11 ام ( دكتوراه ). 

5 - المنهج الفني في النقد عند سيد قطبء محمد أديب إدريسء دار 
العلوم» القاهرة, امم ( ماجستير ). 

-١‏ منهج التغيير في فكر سيد قطبء عبد القادر تومي» جامعة 
الجزائر» امم ( ماجستير ). 

14- الفكر الخركبي عند سيد قطب» عبده عمر شوري» الجامعة 
الإسلامية. ماليزياء امم ( ماجستير ). 

26 ظلال القران دراسة وتقويم» صلاح الخالدي» جامعة الإمام 
محمد بن سعود» الرياض هاه ( دكتوراه ). وطبع في ثلاثة 
كتب: ( مدخل إلى ظلال القرآن ) 

و(المنهج الحركي في ظلال القرآن ) و (في ظلال القرآن في الميزان ). 

5- سيد قطب من خلال معالم في الطريقء وائل محمد عبد الرحيم» 
جامعة الإمام محمد بن سعودء الرياض ه.ةآهى ( ماجستير ). 

- التيار الإسلامي في أدب سيد قطبء. حسني علي رضوانء الأزهرء 
(دكتوراه ). 


*”" 06 


0 





الجامعة الأردنية» 155١م,‏ ( ماجستير ). 
4- منهج سيد قطب في فهم أيات الدعوة» خير الدين خوجة, الجامعة 
الإسلامية» ماليزياء ١٠٠٠م‏ ( ماجستير ). 
-٠‏ منهج سيد قطب في الظلالء (تفسير ) أسماء عمر فدعقء جامعة 
أم القرىء مكةء 5١5‏ ١هء‏ ( دكتوراه ) 
-١‏ موارد سيد قطب في كتاب الظلال ومنهجه فيهاء جمع ودراسة» 
حنان قاسم العنزي» جامعة الملك سعودء 5475 ١هء‏ ( ماجستير ). 
1- سيد قطب فكره وأدبه» سميرة فياضء جامعة مانشسترء بريطانياء ( 
دكتوراه ). 
>7" - الصلة بين العقيدة والحاكمية عند سيد قطبء محمد عبد العزيز 
الوهيبي» جامعة الإمام محمد بن سعودء الرياضء» ( بحث تخرج ). 
4 7- الشوكاني وسيد قطب والأبعاد الحضارية في حياتهما وتفسيرهماء 
حسن ناصر سرارء جامعة الخرطوم» ٠١"‏ ٠م,‏ ( دكتوراه ). 
* كما ظهرت مجموعة من الكتب والدراسات والكتيبات حول سيد 
قطب وأفكاره وآرائه منها: 
١-سيد‏ قطب» خلاصة حياته ومنهجه في الحركة والنقد الموجه 
إليه» لمحمد توفيق بركات. 
-١‏ سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي لمحمد علي قطب. 
"- العالم الرباني الشهيد سيد قطب لعشماوي احمد سليمان. 


5 


0 





5 - الشهيد سيد قطب» لمجموعة من الكتاب. 

5- رائد الفكر الإسلامي الشهيد سيد قطبء» ليوسف العظم. 

1- سيد قطب بين العاطفة والموضوعية للمستشار سالم البهنساوي. 

- أضواء على معالم في الطريق» للمستشار سالم البهنساوي. 

/- سيد قطب من القرية إلى المشنقة» لعادل حمودة. 

4- سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهادء د/ صلاح الخالدي. 

-٠‏ منهج سيد قطب في الدعوة لجمال الدين شبيب. 

-١‏ في ظلال القران» دراسة استشراقية فرنسية» ل. اوليفييه كاريه؛ 
ترجمة: محمد عجاج. 

5- فكر سيد قطب ومنهج التغيير عنده ودفع شبهات عنه»؛ 
لمحمد أبو صعيليك. 

-١7‏ منهج التغيير عند الشهيدين: حسن البناوسيد قطبء للدكتور/ 
محمد أبو فارس. 

-١ 4‏ أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب» د/صلاح الخالدي. 

5- المنظور التاريخي في فكر سيد قطبء د/ عماد الدين خليل. 

57- المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلالء لعبد الله بن 
محمد الدويش. 

7-أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره» د/ ربيع المدخلي. 

- العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصمء د/ ربيع المدخلي. 


3 


ل 





5 -نظرات :فين كتابي النصوير الفني لسيد قطب»»؛ د/ ربيع المدخلي 

-٠‏ فكر سيد قطب بين رأيين» لسعد الحصين. 

-١‏ حق كلمة الألباني في سيد قطب لعلي حسن عبد الحميد. 

5 "-النهج السوي في تكفير سيد قطب وتابعه فيصل المولوي» 
لعبد الله الحبشيء زعيم طائفة الأحباش في لبنان. 

* وهناك عة من الكتب التي خدمت مؤلفات سيد قطب 





7- مفتاح كنوز في ظلال القرآن» لمحمد يوسف عباس. 

5 ؟- تخريج أحاديث ( في ظلال القرآن ) لعلوي السقاف. 

65- دستور الأسرة في ظلال القرآن» جمع: أحمد فائز. 

5- اليوم الأخر في ظلال القرآن» جمع: أحمد فائز. 

"- طريق الدعوة في ظلال القرآن» جمع: أحمد فائز. 

- قصص الرحمن في ظلال القرآن جمع: أحمد فائز. 

4- ديوان سيد قطبء؛ جمع عبد الباقي محمد حسين. 

هذا ما اطلعت عليه من الدراسات والبحوث والكتب التي تناولت 
سيد قطب حرحمه الله - ومؤلفاته وأراءه وأفكاره» وهناك عدد كبير من 
المقالات والمباحث والفصول في بطون كثير من الكتب حول سيد قطب 
وتراشه يطول بنا الأمر لو استعرضناها بالإضافة إلى بعض المواد 
الإعلامية التي تم بثها في قنوات عدة وعلى شبكة الانترنت. 


37 





17 117 اال 17 ا1 “هط | 


ع 


والملاحظ: أن أفكار سيد قطب وآراءه أثارت جدلاً واسعاً - ولا 
تزال - في الأوساط الإسلامية وغير الإسلامية رغم مرور أكثر من أربعين 
عاماً على استشهاده» وهذا مظهر من مظاهر قوة أفكاره وحيويتها لأنها لم 
تمت بموته» بل كان حالها كما قال هو: " انه ليس كل كلمة تبلغ إلى قلوب 
الآخرين فتحركهاء وتجمعها وتدفعهاء إنها الكلمات التي تقطر دماء لأنها 
تقتات قلب إنسان حيء كل كلمة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان» أما الكلمات 
التي ولدت في الأفواه» وقذفت بها الألسنة» ولم تتصل بذلك النبع الإلهي 
فقد ولدت ميتة» ولم تدفع بالبشرية شبراً واحداً إلى الأمام» إن أحداً لن 
يتبناهاء لأنها ولدت ميتة والناس لا يتبنون الأموات» إن أصحاب الأقلام 
يستطيعون أن يصنعوا شيئا كثيراً» ولكن بشرط واحدٍ: أن يموتوا هم لتعيش 
أفكارهم» أن يطعموا أفكارهم من لحومهم ودمائهمء أن يقولوا ما يعتقدون أنه 
حقء ويقدموا دماءهم فداءً لكلمة الحقء إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثاً 
هامدةً» حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء» انتفضت حية؛ وعاشت 
بين الأحياء» فإلى الذين يجلسون إلى مكاتبهم» ويكدون قرائحهم لينتقوا اللفظ 
الأنيق» وينمقوا العبارة الرنانة» ويلفقوا الأخيلة البراقة؛ إلى هؤلاء أتوجه 
بالنصيحة: وفروا عليكم كل هذا العناء» فان ومضة الروح» واشراق القلب» 
بالنار المقدسة» نار الإيمان بالفكرة.. هو وحده سبب الحياة» حياة الكلمات 
وحياة العبارات.... إنه لا بد من عقيدة» وقوة الكلمة إنما تنبع من أنها 


56 





17 17 آل 17 ال “هم | 


ترجمان العقيدة» والعقيدة هي التي يغذيها الناس بحياتهم فتوهب لهم الحياة ' 
0 


الفرع الثاني: أقوال العلماء في سيد قطب: 

تختلف وجهات نظر الناس عند تقييمهم لغيرهم بناءً على مواقفهم 
منهم ومن أفكارهم» بين مادح وذام»ء ومنصفب وغالء وبالتالي فمهما بلغت 
مَتَزلة التتحصن قلا بعد أن تجد فيه قولاً قادخاة#صنادراً عن :نعكن الثاسن 
بدافع الخصومة أو العصبية أو الحسد أو سوء الفهم أو التحامل وعدم 
الإنصاف أو غير ذلك. 

لكن العبرة بالجمهور وبالمنصفين من أهل العلم والدعوة» الذين 
يحكمون على الأشخاص من خلال البحث والتدقيق في أحوالهم وسيرتهم 
وعلمهم وعملهم بعين مجردة عن الهوى أو التعصب. 

وسيد قطب - رحمه الله - أحد الأشخاص الذين نجد أقوالاآً طيبة في 
مدحه والثناء عليه مع نقد ما عنده من الخطأ من عدد كبير من العلماء 
والدعاة» كما نجد من ناحية أخرى بعض الأقوال في ذمه والطعن فيه بل 
تبديعه وتفسيقه وتكفيره.!! 

وقبل أن أعرض أقوال الفريقين في سيد قطب - رحمه الله - لا بد 
من التنبيه على أمور منها: 


)0( دراسات إسلامية» سيد قطب »ص58 .١ 5 .-١‏ 
0 








17 117 الل 17 ا “هم | 


الأول: عند الحديث عن العلماء أو الدعاة والحكم عليهم بالجرح 
أو التعديل لابد من مراعاة بعض القواعد ومنها: .)'١(‏ 

-١‏ التجرد من الهوى والتحامل المجحفء والأحكام المسبقة 
ضده أو معه؛ وعدم محاكمته إلى صورة معينة في ذهن الناقد أو 
الباحث فإن ذلك مما ينافي الإنصاف والعدل. 

؟- النظر إلى مجموع المراحل التي مر بها الشخصء» والتفريق 
بين مراحل ما قبل الالتزام و مراحل ما بعد الالتزام» واعتماد ما كان 
عليه آخر حياته فالعبرة بالخواتيم» فمن الظلم كل الظلم أن نحكم على 
إنسانٍ من خلال حياته المنحرفة التي تاب منهاء ونغض الطرف عما 
بعدها من التوبة والاستقامة والالتزام» وبالعكس فإن العبرة بالخواتيم. 

؟- مراعاة الظروف والأجواء والملابسات المحيطة بحياة 
الشخصء وخاصة لحظة وقوعه في الخطأ فذلك يعيننا على فهم مراده 
وقصده مما أخطأ فيه» والدافع الذي حمله على الوقوع في ذلك الخطأء 
وان كان هذا لا يمنع من تخطئته؛ إلا أنه يمنع من تكفيره وتفسيقه 
وتضليله. 

4- رد الموهم من أقواله إلى الواضح والصريح منهاء والحكم 


)١(‏ تنظر هذه القواعد في: سيد قطب ما له وما عليه لعبد المنعم مصطفى حليمة موقع 
(1.6010 © 30109256. الاللاللا » وسيد قطب » د / صلاح الخالدي » ص575. (سلسلة من أعلام 


المسلمين). 








17 117 اال 17 اا1 “هم | 


على أفكاره من خلال كلامه الصريح الواضح وليس الموهم». فما من 
عالم إلا وله عبارات موهمة حمّالة أوجهاً» لو أخذت بمفردهاء وحوكم 
على أساسها لظلم وفهم خطأ وربما ضلل أو كُفرء ولكن عندما يجمع 
كلامه في الموضوع ويرد المبهم إلى الواضح فإن الصورة تتضح أكثرء 
ويكون الحكم أقرب إلى العدل والإنصاف. 
ه- النظر إلى مجموع حسنات العالم ومواقفه وأحواله؛ وأيضاً 
مجموع سيئاته وأخطائه وبيان الغالب وكذا معرفة درجة الخطأ وحجمه؛ 
وذلك لأن الأخطاء التي يقع فيها الناس على ثلاثة أقسام :)١(‏ 

أ - خطأ في الباعث والمقصد: وهذا خطأ منهجي ينصب على 
أساس العمل العلمي والباعث عليه» وهذا النوع يلغي العمل ويقضي على 
ما فيه من صواب جزئي لأن الباحث سيء النية وخبيث المقصدء ويمثل 
هذا النوع أعمال المستشرقين والعلمانيين الذين يدرسون الإسلام» ويوجد 
في دراساتهم بعض الصواب وبجانبه ركام من التشويه والتحريف 
والباطل. 

ب - خطأ في المنهج والخطة مع سلامة القصد والنية: حيث 
تكون النية حسنة؛ والمقصد هو خدمة الإسلام لكن يستعمل منهجاً 
خاطتئاً فيؤدي ذلك إلى الوقوع في الأخطاء الجسيمة وينتج عنها ركام من 
البإاطل والضلال»؛ مع وجود صواب في بعض الجزئيات» ويمثل هذا 





. سيد قطب » د /الخالدي » ص ١5ه- »؛ بتصرف‎ )١( 
5. 








117 آل 117 17 ل “هم | 


النوع من الخطأ أعمال ودراسات رجال الفرق المخالفة لمنهج أهل السنة 
والجماعة كالمعتزلة والخوارج والمرجئة» حيث اتبعوا منهجاً خاطتاً فقادهم 
إلى الخطأء فهولاء تترك نواياهم لله عز وجلء مع الحذر من الخطاء 
الذي وقعوا فيه لمخالفته منهج السلف. 

ج - خطأ في بعض خطوات الطريق مع سلامة المقصد 
وصواب المنهج: و ذلك مثل كتابات العلماء الذين يتصفون بسلامة 
المقصد وحسن النية وخدمة الإسلام» وكان منهجهم صحيحاً فقادهم إلى 
الصواب في الغالب» ولكن لأنهم غير معصومين كان وقوع الخطأ منهم 
في بعض القضايا والآراء والعبارات أمراً طبيعياً» وخير ما يمثل هذا 
النوع من الخطأ أخطاء علماء أهل السنة والجماعة في سائر فنون 
العلم؛ وهي أخطاء تنتقد» ويرد عليهم فيها ولا يتابعون عليهاء مع 
الاعتذار لهم والاستفادة من الحق الذي عندهم وهو كثير. 





-١‏ التجرد من الهوى وترك التعصب له أو عليه؛ والنظر في 
أقوال المحبين والمبغضين وأخذ ما نعتقد أنه حق و صوابء وبهذا يمكن 
أن نعرف الرجل على حقيقته» وأن ننتفع بما عنده من الصواب ونترك ما 
عنده مز الخطأ. 

؟- معرفة المراحل التي مر بها سيد قطب في حياته» والنظر 


ل ل 





17 117 الل 17 ا “هم | 


في ملامح كل مرحلة منهاء فلو أراد الإنسان أن يحكم على سيد من 
خلال كتاباته في مرحلة ما قبل الالتزام التي أنهاها بكتابه ( التصوير 
الفني في القرآن ) لخرج بطامات لا يستهان بهاء ولو أردنا الحكم عليه 
أيضاً من خلال كتاباته في مرحلة بداية التحول للإسلام والتي تجرأ فيها 
على الكتابة في مسائل لم يسبق إليها وقبل أن يتمكن من علوم الإسلام 
والتي يمثلها كتابه ( العدالة الاجتماعية ) لجانبنا الصواب»؛ وخاصة أن 
سيداً كما نقل عنه تخلى عن كثير مما كتبه فيهاء بل وعدّل بعض 
الأخطاء التي روجع فيها. 

والصواب أن ننظر في تلك المراحل مع ما لحقها من مرحلة 
النضج والالتزام والبلاء في الإسلام ونحكم عليه من خلال ما كتبه في 
حياته الجادة» والتي تعتبر ناسخة لما قبلها ويمثلها الظلال والمعالم 
والخصائص والمقومات وغيرها. 

؟- النظر إلى جميع جوانب سيد قطب: الإبداعية العلمية 
والمواقف الدعوية والجهادية وما تعرض له من بلاء وتعذيب بسبب 
صدعه بالحقء وثباته على الدعوة حتى ماتء وكان بإمكانه أن يريح 
نفسه من هذا العناء بكلمة اعتذار للطاغوتء لكنه أبى إلا أن يكون 
موقفه:مضدقاً لدعوته وما سطرته يده من معالم للدعوة» في حين أن 
بعض الدعاة يكتبون كتابات جيدة ومنمقة» لكن لا يواكبها مواقف عملية 
ترقى بصاحبها إلى مستوى الكلمات التي خطها في كتبه؛ بل ربما كانت 


0 


17 17ل آل لل ال “هط | 





مواقفهم العملية تكذبها!!. 

4 - أن سيد قطب - رحمه الله - قبل أن يلتزم بالإسلام كان 
أديباً حاذقاً.. اشتغل بالأدب وفنونه» تأليفاً وتدريساً حتى فاق فحول الأدب 
والبلاغة في زمانه - وهذا مما لا شك فيه - قد أثر على أسلوبه عندما 
كتب عن الإسلام في مراحله المتأخرة» لذا يجد القارئ أحياناً بعض 
العبارات والإطلاقات المشكلة على الأفهام يغلب عليها الطابع الأدبي 
البياني» والتي ينبغي النظر إليها في ضوء العبارات الواضحة الصريحة 
في نفس المسألة. 

ه- ضرورة جمع كلام سيد في المسألة من مواضعه المختلفة؛ 
والنظر فيه مجتمعاً للتعرف على حقيقة رأيه فيهاء وذلك لأن أي كاتب 
ربما تكلم عن المسألة الواحدة في أكثر من كتاب أو موضع؛ وربما كان 
له رأيّ متأخرٌ مخالفت” للمتقدم» وربما صرح بتغيير موقفه وتراجع عن 
خطئه في مكان آخرء وهذا هو الإنصاف المطلوب علمياً. 

فالباحث المنصف يفهم كلام الشخص بحسب ما تقتضيه 
نصوصه الأخرى» فيرد بعضها إلى بعض ويفسر بعضها ببعضء ولا 
يتمسك بكلمة يضع لها أقواساً ثم يعقد لها محكمة؛ وقد يخطئ المرء في 
اللفظ وهو يريد معنىَ صحيحاً» كما وقع للذي قال: ' اللهم أنت عبدي 


51 





17 117 الل 17 ا “هم | 


وأنا ربك'(0). يريد أنت ربي وأنا عبدك» وما كفر بذلك ولا أثم بل لعله 
كان مأجوراً فكانا 000 
ومع ذلك يجب الاعتراف بأن سيد قطب - رحمه الله - وقع في 
أخطاء في باب العقيدة وغيرهاء ومع ندرتها فهذا طبع البشر المجبولين على 
الخطأ والكمال عزيز» ومع هذا لا بد من بيان وجه الخطأ فيها وبيان الصواب 
أيضاً» ولا يتابع فيما أخطأ فيه. 
* أقوال العلماء والدعاة في سيد قطب: 
حديثتا هنا عن أراء العلماء والدعاة أصحاب التوجهات 
الإسلامية؛ أما العلمانيون وأعداء الإسلام من القوميين والشيوعيين 
والمستشرقين والغربيين عموماء فهؤلاء لا حجة في كلامهم لأنهم تولوا 
مهاجمة فكر سيد قطب من منطلق مهاجمة الإسلام نفسه» ومحاربة جنوده 
ورجاله» وموقف هؤلاء لا يستغرب» لأن حربهم لهذا الدين دعتهم إلى حرب 
كل من يدعو إليه ويقارعهم ويفضح مخططاتهم العدائية» ويعتبر سيد أبرز 
من دعا إلى مواجهة الجاهلية المعاصرة وفضح مخططاتهاء ويتركز نقد 
غير الإسلاميين لسيد حول: قضايا الحاكمية والعزلة والجهاد ودار الحرب» 


)0( جزء من حديث رواه مسلم » في باب الحض على التوبة » انظر : صحيح مسلم » دار ابن حزم » 
بيروت . ط١‏ » عام اه 
/ ؟/ا١‏ برقم /ا5/ا” . 
(؟) من كلام الشيخ / سلمان العودة في فتوى له عن سيد قطب » وستأتي. 
51١‏ 





ل 





ونظرته إلى الأنظمة والحضارة الغربية والتعامل معها ونحوها من القضايا 
00 
وباستقراء أراء العلماء والدعاة الإسلاميين حول سيد قطب -رحمه 
الله- نجد أنهم فئتان: 
الفئة الأولى: العلماء والدعاة المنصفون: وهم الذين تعاملوا مع 
فكر سيد وكتبه بمنهجية وموضوعية حيث بينوا المسائل التي اخطأ فيها 
ولم يوفق للصوابء وردوا عليها بموضوعية وتجردء إلا أن ذلك لم 
يمنعهم من الإنصاف والثناء عليه فيما أصاب فيه والاستفادة منه. 
الأول: الذين قرأوا كتبه واطلعوا عليها فجاء كلامهم بناء على نظرة 
تكاملية وليست جزئية. 
الثاني: الذين جاء كلامهم فيه بناءً على سؤال قدم لهم بطريقة 
معينة قُصِدَ منها استخراج حكم معينٍ منهم في سيدء لهذا رأيت أن 
أعرض كلام العلماء حسب السياق الذي جاء به حتى تتضح الصور: 
١‏ - الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -: 


)0( ويمثل هذا الاتجاه : د / نصر أبو زيد » وحسن عشماوي و د / حسن حنفي » ومحمد حسين هيكل» 
وغيرهم 
(؟) هو : الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز » أحد العلماء البارزين في هذا العصر »٠‏ كان فقيها ورعا 
٠‏ ومحدثا زاهدا » ولد سنة هء في لرياض » وحفظ القرآن قبل البلوغ » وفقد بصره عام داه 
51 





1717117-17 سيت قطي ومنصجه في العقيدة كج | 


- وانما جاء كلامه فيه بناءً على أسئلة محددة وجهت إليه عن بعض 
أخطاء سيد وهى: 
أ - سئثل رحمه الله - عن تفسير سيد قطب من ناحية العقيدة وخاصة 


سورة الإخلاص والمجادلة وبالذات قوله تعالى: ألم تَرَنَألَيعَُْمَاف اموت 


ع ما كور ةين توق الكل ] لاه طولخم حسَةَ إلا هوبا 2 ل 


وَمَا فى لاد 


تق ين كيك وكرام متف راثأ بيذ بتاهؤأيَلتتؤ َكل كه 


9 
١ 


عَلِيمْ 0 [سورة المجادلة:7]. فقال- رحمه الله -: " ما قرأت تفسير سيد 
قطبء بينما قرأت شيئاً منه» والتفسير عظيم مفيد» ولكنه لا يخلو من أخطاء 
ومن م لا أذكر الآن شيئاً يتعلق بما سألت عنه يحتاج إلى 
07 
ب 5500 الله- عن قول سيد في الاستواء: " إنه كناية عن الهيمنة 
على هذا الخلق" (2). فقال: " هذا كلام فاسدء هذا معناه الهيمنة» ما أتبت 
الاستواء» معناه إنكار الاستواء المعروف وهو العلو على العرش» وهذا باطل 


»وبرز في علوم الشريعة واللغة » تولى القضاء ثم رئاسة الجامعة الإسلامية ثم رئاسة إدارة الإفتاء 
والدعوة والإرشادء توفي عام ١57١‏ ه ءانظر : الدرر السنية في الأجوبة النجدية » جمع عبد الرحمن 
النجدي »ط" »عام 519 1ه ٠ 584/١52‏ 
)١(‏ موقع الإسلام الذهبي - أقوال العلماء في الجماعات . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 5 / 5554 7/6 5508. 
51 





17 1177 اتوص قطي ومنعجة في العهيدة 6ه 





لد | 


ل 0 في التفسير )١('‏ 
عن سيدنا موسى عليه السلام فقال: " الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة " (5). 
5 ' 3 : 8 . 

د - قرئ عليه كلام سيد في معاوية وعمرو بن العاص .)١(‏ - رضي 
الله عنهما - من كتاب " كتب وشخصيات" فقال: " كلام قبيح» سب لمعاوية 
وسب لعمرو بن العاصء فالله يعفو عنهم. وقوله خطأ وغلط ولا يكون كفراً فإن 
سية ليحكن "الصيكابة أر-واحة عن الضيخاتة مككن وفسق يينتتكحق أن بوذت 
الشرع» ثم سيل الشيخ - رحمه الله- ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا 
الكلام. فقال: ينبغي أن تحرق. ثم سألهم الشيخ: في جريدة؟ قالوا: في كتاب. 
فقال 0 ؛ فقال الشيخ. واكم كي 0 
, م ت وحننةه أبن 0:2 ), 





. تسجيلات منهاج السنة - الرياض‎ ١5417 من شريط لسماحته » درس في منزله عام‎ )١( 

(؟) المصدر السابق . 

(؟) هو : عمرو بن العاص بن وائل السهمي ٠‏ أمير مصر وفاتحها »أسلم قبل الفتح وأمَّرهِ الرسولكة 
والخلفاء من بعده وكان من الدواهي والعقلاء توفي سنة 4" ه أنظر : الإصابة لابن حجر 3١7/9‏ . 


(4:) شريط لسماحته» درس في شرح رياض الصالحين بتاريخ 7/١4‏ / 5١51١ه.‏ 

(5) هو : الإمام محمد ناصر الدين بن نوح الألباني » ولد في ألبانياء وتعلم في اسلامبول» ورحل إلى 
دمشقء يعتبر احد أعلام المسلمين المعاصرين في الحديثء له مؤلفات كثيرة» توفي سنة ١57١‏ هء 
انظر : علماء ومفكرون عرفتهم » محمد المجذوب. ٠ 781//١‏ 

1 





17171717 و2 | 





ويعتبر الشيخ الألباني من أكثر العلماء الذين يستدل الطاعنون بكلامهم في 
سيد قطبء وعند تتبع كلام الشيخ الألباني-رحمه الله - في سيد نجد ما 
بلي: 
صيغة المدح والتأييد» ففي مقدمة كتابه ' مختصر العلو " بعد أن انتقد 
موقف بعض الدعاة والجماعات في دعوتهم إلى جمع الناس دون اهتمام 
بأمر العقيدة وتصفيتها يقول: " فها هو الأستاذ الكبير - سيد قطب - 
رحمه الله - بعد أن قرر تحت عنوان: " جيل قراني فريد " أن هذه الدعوة 
وأنها لم تعد تخرج من ذلك الطراز مرة أخرى» تساءل عن السبب مع أن 
قران هذه الدعوة لايزال» وحديث الرسول وهديه العملي وسيرته الكريمة 
كلها بين أيدينا.... ثم أشار إلى أسباب ذلك ومنها: اختلاف النبع الذي 
يتلقى منه... ثم نقل الشيخ الألباني كلام سيد حول الجاهلية المعاصرة 
وطريقة مواجهتها في ثلاث صفحات. " .)١(‏ 
ب - مدحه لسيد في أثناء نقده بعض الأخطاء التي وقع فيها سيد 
- رحمةه الله 0 


١‏ - سثل - رحمه الله -: ' هل يُرَذْ على سيد قطب؟ فقال: نعم. 


)0 37 العلو غ ل الغفار 2 للشيخ الألباني »المكتب الإسلامي »“بيروت ١“‏ »عام ١.:ة١‏ ه عمص 
0 
ك دا 





17 117 الل 17 ا “هم | 





يْرَدّ عليه ولكن بهدوء وليس بحماسء يُرَدْ عليه هذا واجب؛ ليس الرد 
على المتحكل« متحصيو را تتسخضن اى اامتكاهر و وكام اي دن 
نعاديه» وننسى أن له شيئاً من الحسنات» يكفي أنه رجل مسلم؛ والرجل 








للإسلام؛ والذين قتلوه هم أعداء الإسلام.. ثم ذكر الشيخ مقاطعة الإخوان 
المسلمين له عندما قال أن سيد قطب يقول بوحدة الوجود ثم قال: " لكن 
في الوقت نفسه أنا لا أنكر عليه أنه كان مسلماًء وأنه كان غيوراً على 
الإسلام وعلى الشباب المسلم وأنه يريد إقامة الإسلام ودولة الإسلام... 
لكن : أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل 0 

1- سثئل - رحمه الله - عن منهج سيد قطب وأنه يجّهل الأمة 
ويكفرها في بعض كتاباته فقال: " رأينا فيه أنه رجل غير عالم وانتهى 
الأمر».. إن كنت تطمع أن نكفره فلستُ من المكفرين.. يكفي المسلم 
المنصف المتجرد أن يعطي كل ذي حق حقه» قال تعالى: | وَيَمَوْوِارَفُواأ 
لْمِحكَيَالَ والرَات بالقنا وَلَامَبَحَسْو لئاس أَقْيَةَهُمْ وَلَاسَََا ف 
لْانْضِ مفْسِدِنَ (1)0 [سورة هود:5]. ولا يحَسُوأ اناس أَشَْآءَهرَ ولَاتعنوا في 
الْدرْضِ مُفْسِدتَ 4 [سورة الشعراء:87١]...‏ الرجل كاتب ومتحمس 

)١(‏ الموقع الذهبي للإسلام على شبكة الانترنت » مفرغ من شريط للشيخ الألباني . وقد يفهم البعض من 
قول الشيخ (..وان له شيئاً من الحسنات ويكفي أنه رجل مسلم ) التحقير لسيد والتقليل من شأنه ومن 


جهوده في خدمة الإسلام .ونحن نكل النيات إل الله . 
15" 





17 17ل آل لل ال “هم | 





للإسلام الذي يفهمه؛ وكتابه " العدالة الاجتماعية " هو من أوائل 
تأليفه... ولما ألفه كان محض أديبء وليس بعالم» لكن الحقيقة أنه في 
السجن تطور كثيراء وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي».. لكن أنا 
اعتقد أن السجن يربي بعض النفوسء ويوقظ بعض الضمائر يكفي 
عنوانه الذي يقول" لا اله إلا الله منهج حياة ' أما إذا كان لا يفرق بين 
توحيد الإلوهية وتوحيد الربوبية فهذا لا يعني أنه لا يفهم توحيد الإلوهية 
وتوحيد الربوبية 
ج - سئل حرحمه الله - هل قلت بأن " معالم في الطريق" هو 
توحيد بأسلوب عصري؟ 
فأجاب: أنا أقول إن في هذا الكتاب فصل قيّم جداً: " لا اله إلا الله 
منهج حياة ".. والرجل ليس عالماً لكن له كلمات عليها نورء عليها علم ٠ )١(‏ 
د - سأله رجل عن سيد قطب - رحمه الله - فقال: " دعك وسيد 
قطبء هذا رجل نحن نجله على جهاده؛ لكنه لا يزيد على كونه كاتباً أديباً.. 
أخذ يكتب في التوحيد وبعبارات قوية تحيي في قلوب المؤمنين الثقة بدينهم 
وبإيمانهم» فهو في هذه الناحية جدد دعوة الإسلام في قلوب الشباب» وان 
كنا نلمس أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته ليحرر فكره 
من بعض المسائل التي كان يكتب حولها "(2). 


.) م١11919/9/1١8 للشيخ الألباني في‎ ٠ شريط بعنوان : ( رأي معتدل في سيد قطب‎ )١( 
) م١1337/١١/١5 شريط بعنوان : ( المنهج الصحيح لاستثناف الحياة الإسلامية » لشيخ الألباني في‎ )١( 
51/ 





1717ل ال لل ا “هم | 





فالألباني- رحمه الله- يرى أنه: "لا ينبغي أن ندندن حول كلمات سيد 
كثيراً» لأن كثيراً من تعابيره إنشائية بلاغية» وليست علمية ولا نتردد باستنكار 
مثل هذه التعابير» وبنفس الوقت ينتقد الشيخ الذين يأخذون كلامه في نقد سيد 
فقط أو يأخذون كلامه في مدحه فقطء ويقول: هؤلاء أهل أهواء " .)١(‏ 


518 





17 117 الل 17 ا “هم | 








الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - مع سيد قطب كحال سابقيه الشيخ ابن 
باز والألباني» حيث كان كلامه عن سيد بناءً على أسئلة أعدت بطريقة 
معينة يظهر أن السائل كان يقصد من خلالها استخراج حكم معين» مع 
تصريح الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في إجاباته بأنه ليس على 
إطلاع على كتب سيدء ومن أقواله: 
الأضاته لخدي "نذا قبل المكتر حي نخار زات سن قلت 
لكن الشيء الوحيد الذي لم اسمعه عنه» وقد سمعته من أحد طلبة العلم 
مؤخراً ولم أقتنع بذلك» فقد قال: إن سيد قطب ممن يقولون بوحدة الوجود 
وطبعاً هذا كفر صريح» فهل كان سيد قطب ممن يقولون بوحدة الوجود؟ 
فأجاب - رحمه الله -: " مطالعتي لكتب سيد قطب قليلة» ولا 
أعلم عن حال الرجلء لكن قد كتب العلماء فيما يتعلق بمؤلفه في 
التفسير " في ظلال القرآن " ملاحظات مثل ما كتبه الشيخ /عبد الله 
الدويش (1) - رحمه الله - وأخونا الشيخ / ربيع المدخلي(١)‏ فمن أحب 


» هو : محمد بن صالح بن عثيمين التميمي » ولد في عنيزة سنة 751١ه » وبرز في علوم كثيرة‎ )١( 
توفي‎ ٠ عمل مدرساً بالمعهد العلمي وكلية الشريعة بالقصيم » وكان له نشاط كبير في الدعوة والتأليف‎ 
. 15- "5 سنة ١57١هء انظر مقدمة مجموع فتاوى ابن عثيمين » ص‎ 

)١(‏ هو : عبد الله بن محمد الدويش ٠‏ ولد في الزلفي سنة 7377١ه‏ »ء وتلقى العلم على يد مجموعة من 
المشايخ » وعمل في التدريس ٠‏ وله أحد عشر كتابا مطبوعا » توفي سنة 504 ١ه‏ »ء انظر : تكملة 
معجم المؤلفين » لمحمد خير رمضان » دار ابن حزم » بيروت .» ط ١‏ » عام ٠ 5 0١ص » ه١ 5١‏ 

01 








17 17ل آل لل ال “هط | 


أن يراجعها فليراجعها '("). 

ب- سثل -رحمه الله - عن صاحب كتاب" في ظلال القرآن" 
ومنهجه في التفسير؟ فقال: " إنه كثر الحديث حول هذا الرجل وكتابه» وفي 
كتب التفسير الأخرى الغنى عن هذا الكتاب» وقد ذكر بعض أهل العلم 
كالدويش والألباني الملاحظات عليه.. ولم أطلع على هذا الكتاب بكامله؛ 
وانما قرأت تفسيره لسورة الإخلاص» وقد قال قولآً عظيماً - حيث إن تفسيره 
لها يدل على أنه يقول بوحدة الوجود» وكذا تفسيره للاستواء بأنه الهيمنة 
والسيطرة؛ ويجب على طلاب العلم ألا يجعلوا هذا الرجل أو غيره سبباً 
للخلاف والشقاق بينهم» وأن يكون الولاء والبراء له أو عليه '("). 

ج- ويقول أيضا: " ولسيد بعض المباحث الجيدة حسب ما 
نسمع من بعض الإخوان» وفي بعض الأشياء له أخطاء» وقد قال ابن 
رجب (5)- رحمه الله -: " يأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه؛ 


)١(‏ هو: ربيع بن هادي بن محمد بن عمير المدخلي ؛ ولد في صامطة عام 7559١ه‏ » ودرس في المعهد 
العلمي بها » حصل على الدكتوراه عام 5٠٠‏ ١هءيعمل‏ أستاذاً في الجامعة الإسلامية بالمدينة» له عدة 
مؤلفات » المصدر : موقع الدكتور المدخلي على شبكة الانترنت . 

. في شريط اللقاء المقترح الذي يتم بين الشيخ بن عثيمين وربيع المدخلي بجده‎ )١( 

(") مجلة الدعوة » العدد ١54١‏ ء بتاريخ 51١4/١/9‏ ١ه‏ . 

(5) هو : عبد الرحمن بن أحمد بن رجب ٠‏ الحنبلي » فقيه ومحدث وحافظ »ولد سنة اه »رحل إلى 
دمشق ومكة ومصرء له عدة مؤلفات ٠‏ توفي سنة 315/اه » انظر : شذرات الذهبء لابن العماد الحنبلي 
»دار الكتب العلمية بيروت » ب. ت ٠‏ 53/56” , و البدر الطالعء للشوكاني ٠ 778/١‏ 

ل 








17 117 اال 17 اا1 “هم | 


والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه " ...)١(‏ وإذا 
صدر من عالم معروف بالنصح للأمة ما يوهم الحق وما يوهم الباطل؛ 
فأحمله على أحسن المحملين» وعندما قاطعه السائل: بأنها مسألة 
عقيدة!! قال: عقيدة أو غير عقيدة» فالعقيدة كغيرها من حيث أنه قد يقع 
فيها الخطأء ثم ضرب أمثلة لاختلاف العلماء في أبدية النار» والصراط؛ 
والموزون يوم القيامة» ورؤية النبي يلد وعلاقة الروح بالبدن في القبرء 
حو ك1 





قطب ومؤلفاته إلا نادراً. 

ب- أن ما قرأوه عنه أو عرفوه إنما هو بعض مواطن الخطأ التي أطلِعوا 
عليها وطلب منهم الحكم على سيد قطب من خلالها. 

ج- الاكتفاء منهم بالإحالة إلى كُتب من كّتب عن سيدء دون تحقيق 
المسائل التي احتوتها هذه الكتب وبيان الصواب والخطأ مما انتقد فيه 
سيدء وهذا لا يعني أن كل ما ذكر في هذه الكتب صحيح؛ بل كثير 
مما ذكر فيها هو على غير حقيقته. 


)0( القواعد الفقهية » لابن رجب الحنبلي . دار المعرفة »“بيروت .ا ب.ا تء ص 3 ٠‏ 
)١(‏ من شريط للشيخ بن عثيمين / موقع الإسلام الذهبي ٠»‏ أقوال العلماء في الجماعات . 
5١‏ 





17 17ل آل لل ال “هم | 





د- رغم انتقادهم لسيد في ما أخطأ فيه مما عرض عليهم. إلا أنهم كانوا 
يثنون عليه ويذكرون حسناته وجهاده في جانب خطته. 





جاء كلام الشيخ بكر عن- سيد قطب- في معرض رده على الدكتور/ 
ربيع المدخلي الذي أرسل له نسخة من كتابه " أضواء إسلامية على عقيدة سيد 
قطب وفكره" لتقريظه والذي أبدى فيه مجموعة من الملاحظات على الكتاب ومنها: 

أ - عدم مطابقة عناوين الكتاب لموضوعه؛ وكونها عناوين استفزازية» جمعت في 
سيد قظب: أضول: الكفن والؤتدقة (). 

ب - افتقاد الكتاب لأصول البحث العلمي: الحيدة العلمية» وأمانة النقل والعلم وعدم 

هضم الحق 

ج - سوء فهم عبارات سيد الأدبية» والزامه بفهم الكاتب. 

د - اختلاف خطوط صفحات الكتاب» ونزول أسلوبه مقارنة بأسلوب سيد. 

ه- طغيان أسلوب التهييج» وافتقاد الرد لأدب الحوار» والتهجم والتشنج في العبارات 

00 


)١(‏ هو : بكر بن عبد الله أبو زيد القضاعي » ولد سنة 1775١ه‏ وعمل مدرساً بالجامعة الإسلامية وإماماً 
بالمسجد النبوي وعضواً في هيتة كبار العلماء ولجنة الفتوى ٠‏ له قرابة سبعين مؤلفاً في علوم الشريعة » 
توفي عام 579 ١ه‏ » انظر فتاوى اللجنة الدائمة ١5/١‏ 

(؟) انظر : فهرس كتاب ( أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره ) » د / ربيع بن هادي المدخلي » 
مكتبة الفرقان » عجمان » ط؟ » عام ١١٠٠م‏ » ص55 7. 

() الرسالة الذهبية للشيخ / بكر أبو زيد 

0 








17 17ل آل لل ال “هم | 


وتحدث - رحمه الله- بأنه لم يكن له عناية بقراءة كتب سيد قطب» 
ولكن هول ما ذكره المدخلي دفعه إلى قراءات متعددة في عامة كتب 
سيد يقول: " لكن هول ما ذكرتم» دفعني إلى قراءات متعددة في عامة 
كتبه» فوجدت في كتبه خيراً كثيراً» وإيماناً مشرقاً» وحقاً أبلجاً» وتشريحاً 
فاضحاً لمخططات أعداء الإسلام» على عثرات في سياقاته» واسترسال 
بعباراته ليته لم يفه بها! وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان آخرء 
والكمال عزيز... والرجل كان أديباً نقّادة» ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من 
خلال القران العظيمء والسنة المشرقة» وسخر قلمه ووقته ودمه في 
سبيلهاء فشرق بها طغاة عصره! وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى؛ 
وكشف عن سالفته!.. وطلب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار» وقال 
كلمته الإيمانية المشهورة: " إن إصبعاً أرفعه للشهادة» لن أكتب به كلمة 
تضارهاء أو كلمة نحو ذلك! فالواجب على الجميع الدعاء له بالمغفرة! 
والاستفادة من علمه؛ وبيان ما تحققنا خطأه فيه؛ وان خطأه لا يوجب 
حووانة يف عدن اهدو كنوه تار 


"7 








0 


0 

سئل الشيخ عن من يبدعون سيد قطب وينهون عن قراءة كتبه 
وكذا حسن البنا فأجاب: 

" لا يجوز التبديع والتفسيق للمسلمين» لقول الني #لةِ: ' من قال 
لأخيه يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه " ().. ثم إن سيد قطب 
وحسن البنا من علماء المسلمين ومن أهل الدعوة؛ وقد نصر الله بهما 
وهدى بدعوتهما خلقاً كثيراً» ولهما جهود لا تنكرء ولأجل ذلك شفع 
الشيخ/عبد العزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل وتلطف في 
الشفاعة فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال - عليه من الله ما يستحق - ولما 
قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلماً» وشهد بذلك 
الخاص والعام ونشر ذلك في الصحف والكتب بدون إنكار» ثم تلقى 
العلماء كتبهماء ونفع الله بهما ولم يطعن أحد فيهما منذ أكثر من عشرين 
عاماً».. وقد قرأت ما كتبه الشيخ / ربيع المدخلي في الرد على سيد ورأيته 
جعل العناوين لما ليس بحقيقته؛ فرد عليه الشيخ / بكر أبو زيد - حفظه 





)١(‏ هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين » ولد في القويعية عام 757١ه‏ »ء وتلقى العلم على يد 
مجموعة من المشايخ » حصل على الدكتوراه عام 5017 ١ه‏ » عمل مدرساً وخطيباً وعضواً في الإفتاء » 
انظر : موقع ابن جبرين على الانترنت . 

)١(‏ جزء من حديث رواه مسلم بلفظ (ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) 
انظر صحيح مسلم كتاب الإيمان /١‏ 79 برقم 5١‏ » وأحمد 77/5١ءبرقم 2»5١555‏ انظر : مسند 
الإمام أحمد » بتحقيق الأرناؤوط » مؤسسة الرسالة » بيروت » ط١‏ ء عام 57١‏ ١ه‏ ه"/ 359 . 

7 





17 117 اال 17 ا1 “هم | 





الله - وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي 
المساويا(). 
عيد الله ب* : بن قعود - رحمه الله -(): 
ثقل للشيخ أن أحد تلاميذه قال: " معالم في الطريق كتاب ملعون 
" فكتب إليه نصيحة يقول له: " نقل لي غير واحد عنك في اجتماع أخيار- 
نحسبهم كذلك- قولك في كتاب " معالم في الطريق ': " هذا كتاب ملعون 
".. سبحان الله!! كتاب أخذ صاحبه ثمنه قتلآ -نحسبه في سبيل الله- بدافع 
من الروس الشيوعيين لجمال كما يعرف ذلك المعاصرون للقضية» وقامت 
بتوزيع هذا الكتاب جهات عديدة في المملكة» وخلال سنوات عديدة» وأهل 
هذه الجهات أهل علم ودعوة إلى الله وكثير منهم مشايخ لمشايخك؛ وما 
سمعنا حوله منهم ما يستوجب ما قلته» لكنك - والله أعلم - لم تمعن النظر 
فيه قبل أن تغضبء وخاصة الموضوعات: جيل قرآني فريدء الجهادء لا إله 
إلا الله منهج حياة» جنسية المسلم عقيدته» الاستعلاء بالإيمان» هذا هو 
الطريق.. وغيرها مما تلتقي معانيه في الجملة مع ما ندين الله به» فكيف بك 


إذا وفك يون يذى الل وحائكك هذا 'التحصن: التذى وضفكة لأذاهنة 


)١(‏ فتوى للشيخ / عبد الله بن جبرين » الموقع الذهبي للإسلام على الانترنت ٠»‏ أقوال العلماء في الجماعات 
» بتصرف يسير . 

(1) هو: عبد الله بن حسن بن محمد آل قعودء ولد عام 751١ه‏ »ء تعلم على يد ابن باز وغيره » تخرج من 
كلية الشريعة » وعمل مدرسا بالمعاهد وعضوا في اللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء » توفي سنة 
5١اهء‏ انظر : فتاوى اللجنة الدائمة ٠ ١١-1//١‏ 

"" 





17 17ل آل لل ال “هم | 





زه لائك: هذه || جما 598 ملعون ١‏ إما إخبارية؟ أو دعائية» فكيف تجيب من 
حملها على الإخبارية عن علم الغيب؟! " .)١(‏ 





- الشي+ د بن عقلاء الشعيبي - رحمه الله - ('): 

يقول - رحمه الله -: ".. فإن المفكر الأديب سيد قطب له أعداء 
كثيرون» يختلفون في كيفية النقد وأهدافه والغايات منه» ويتفقون في مصالح 
مشتركة» وقبل أن أكشف بطلان مقالة الجراحين» والمطاعن الموجهة إلى 
تحرو كب ريصي ادك انيور اول لمداذا "كيلف ةلطع خا فت 1 رركن 
المستفيد من إسقاطه؟ 

إن سيد قطب - رحمه الله - يعد في عصره علماً من أعلام 
أصحاب منهج مقارعة الظالمين والكفر بهمء ومن أفذاذ الدعاة إلى تعبيد 
الناس لربهم» والدعوة إلى توحيد التحاكم إلى الله فلم يقض إلا مضاجع 
أعداء الله ورسوله كجمال عبد الناصر وأمثاله.. وما فرح أحد بقتله كما فرح 


)١(‏ مجموع رسائل ومقالات الشيخ عبد الله بن قعود »جمع : عبد الله آل مهنا » دار طيبة الخضراء » مكة 
عطاء عام ١571/‏ ديعص 756 ٠‏ 

)١(‏ هو: حمود بن عبد الله بن عقلاء الشعيبي الخالدي ». ولد في القصيم عام 55١١ه‏ وفقد بصره وعمره 
نمف منوات. )طلي ادلم على مجموضة مق التقباي كابق ناز والتقوطي #وكفوع من كلية ريد 
»كان قوياً في قول كلمة الحق » وله جهود كبيرة في الدعوة إلى الله » والتأليف ٠‏ توفي يوم الجمعة 
1ه انظر : ترجمته في : موقع الشيخ العقلاء على الإنترنت . 

"5 





ار سيداقطب ومنمبه في العقيدة كو 2 | 





أولئتك» ولقد ضاق أولتك الأذناب بهذا البطل ذرعاًء فلما ظنوا أنهم قد قتلوه 
اذأ ذم حي مفيحة وبشكلك كلم حماها »كزان قنولة بق الستلمين 4 :وزاد 
انتشار كتبه» لأنه دلل بصدقه وإقدامه على قوة منهجه» فسعوا إلى إعادة 
الطعن فيه رغبة منهم لقتل منهجه أيضاًء وأنى لهم ذلك؟ فاستهداف سيد 
قطب - رحمه الله - لم يكن استهدافاً مجرداً لشخصهء فهو ليس الوحيد من 
العلماء الذي وجدت له العثرات» فعنده أخطاء لا ننكرهاء ولكن الطعن فيه 
ليس لإسقاطه هو بذاته فقد قام إلى ربه ونسأل الله له الشهادة ولكن الذي 
لا زال يقلق أعداءه وأتباعهم هو منهجه الذي يخشون أن ينتشر بين 
الناس» واني إذ أسمع الطعن في سيد قطب حرحمه الله- لا استغرب ذلك 
لقوله تعالى: ج و و ي ي + ج .)١(‏ فكل من معه نور من النبوة أيضاً له 
أعداء من أهل الباطل بقدر ما معه من ميراث نبينا محمد عليه الصلاة 
والسلام» فماذا يضير سيداً طعن الطاعنين» بل هو رفعة له» وزيادة في 
حسناته» ولكن الذي يثير الاستغراب هو فعل أولئك الذي يدعون إتباع 
الحق» ومع ذلك ينقصون الميزان» ولا يزنون بالقسطاس المستقيم» والله 
تعالى يقول: (ويلُ لِلْمُطْففِنَ )لني ذا اهالوأ عل لاس يتسوفون( )وَإِدَا كالْوَهُمٌ أو 
وَرَوْهُمْ محْسِرُونَ (5)) [سورة المطففين:١-"]‏ ؛ فأولتك إذا أرادوا مدح أحد 
عليه من المآخذ ما يفوق سيداً بأضعافء قالوا كلمتهم المشهورة " تغمس 


٠ "١ سورة الفرقان » آية‎ )١( 
فس‎ 





717لا اال آل ا ميد قطي ومنهمجة في العقيدة 





أخطاؤه في بحر حسناته '. وقالوا: " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث " 
('). وغير ذلكء وإذا أرادوا ذم آخر كسيد - رحمه الله - الذي يعد مجدداً 
في باب ' إن الحكم إلا لله " سلكوا معه طريق الخوارج وكفروه بالمعاصي 
والزلات. 

وسيد قطب - رحمه الله - لا ندعي له العصمة من الخطأء بل نقول: 
إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها ولكنها لا تخل بأصل دعوته 
ومنهجه؛ كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منزلتهم وعلى 
سبيل المثال: ابن حجر (') والنووي ()» وابن الجوزي (4)؛ وابن حزم 


» تحقيق : أحمد شاكر » دار الكتب العلمية‎ ٠ رواه الترمذي في الطهارة » انظر : سنن الترمذي‎ )١( 
» برقم 577 » والنسائي في الطهارة » انظر : سنن النسائي » دار المعرفة‎ 37/١ ٠ بيروت » ب.ت‎ 
برقم 57 » وأبو داود برقم “71 » وصححه الألباني » انظر صحيح سنن أبي‎ 20/١ بيروت » ب.ا ت‎ 
٠ 78/١ اهاء‎ 57١ . مكتبة المعارف الرياض . ط؟‎ ٠ داود للألباني‎ 

)( هو : الحافظ أحمد بن علي بن محمد العسقلاني» أبو الفضل» محدث وأديب ومؤرخ؛ ولد بمصر 
سنة"/ا/اه » له مصنفات كثيرة منها : فتح الباري والإصابة وغيرهاء توفي سنة 55”7ه ءانظر :الضوء 
اللامع للسخاوي 55/١‏ والبدر الطالع للشوكاني 87/١‏ والأعلام للزركلي ١78/٠١‏ ومعجم المؤلفين 

ا 

() هو : الإمام يحي بن شرف بن مري النوويء أبو زكريا »ولد بنوى من حوران سنة ١11ه‏ »وقدم إلى 
دمشق كان فقيها ومحدثا ولغويا » من مؤلفاته : شرح مسلم وروضة الطالبين وغيرها » توفي سنة 115ه 
:انظر شذرات الذهب 55/5" » ومعجم المؤلفين ٠ 7١/7‏ 

(4) هو : عبد الرحمن بن علي بن محمد البغدادي أبو الفرج »المعروف بابن الجوزي؛» محدث وحافظ 
ومفسر وفقيه وواعظ »من مؤلفاته : المنتظم وجامع المسانيد وغيرها » توفي سنة 511ه » انظر : تذكرة 
الحفاظ ١١١/5‏ ومعجم المؤلفين ه/ه/ا١ ٠‏ 

الى 








17 17ل آل لل ال “هم | 


فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة» إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحداً من أبناء 
الأمة ولا أعلامها يمتنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم؛ وينكر 
فضائلهم» فهم أئمة إلا فيما أخطأوا فيه؛ وكذا الحال مع سيد - رحمه الله - 
فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية» وتعبيد الناس 
لربهم.. فكل من حقق ما يجب تحقيقه من أصل الدين» ينظر بعد ذلك في 
سائر منهجه فإن كان خطؤه أكثر من صوابه» وشره يغلب نفعه» فإنه يهمل 
قوله وتطوى كتبه ولا تروى» وعلى ذلك فالقول الفصل في سيد - رحمه الله 
- أن أخطاءه مغمورة في جانب فضائله؛ ودفاعه عن " لا إله إلا الله " 
ولاسيما أنه حقق أصول المعتقد الصحيح» وإن كان عليه بعض المآخذ 
وعبارات أطلقها لا نوافقه عليها - رحمه الله -. 
وختاماً: لا يسعني إلا أن أذكر أنني أحسب سيداً - والله حسيبه - 
يشمله قوله ك: " سيد الشهداء حمزة ورجل قام عند سلطان جائر فأمره 
ونهاه فقتله " (').. وأنقل كلمة له - رحمه الله- قبل إعدامه بقليل عندما 
)١(‏ هو : علي بن أحمد بن سعيد بن حزم » الفارسي القرطبيء كان فقيها حافظا متكلما »من مؤلفاته : 
المحلى والفصل في الملل » توفي سنة 51 5ه » انظر: سير الأعلام 84/١4‏ وشذرات الذهب 599/9 
)١(‏ أخرجه الحاكم » وقال صحيح الإسناد » انظر : المستدرك على الصحيحين » للحاكم النيسابوري » دار 
الكتب العلمية» بيروت» ب. تء» ١15/7”‏ ءبرقم 75٠١‏ » والطبراني في الأوسط برقم 47171 » وصححه 


الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني » دار المعارف »الرياض عط ١‏ » عام 7١5/١ ءاه١ 5١5‏ 


5383 





ار سيداقطب ومنمبه في العقيدة كو 2 | 





أعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه 
بالإعدام'الشهادة " وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهار ويحبط فسأله 
قائلاً: أنت تعتقد يا ا م ا عندك؟ فأجاب - 
رحمه الله - قائلاً: '" الشهيد هو الذي يقدم كنهاكة من زوكه وف أن حون 
الله أغلى عنده من حياته» ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله "» وله - 
رحمه الله - من المواقف والأقوال التي لا يشك عارف بالحق أنها صادرة 
عن قلب قد ملئ بحب الله ورسوله يه وحب التضحية لدينه» نسأل الله أن 
يرحمنا ويعفو عنا وإياه ('). 





سئل - حفظه الله - عن الفرق بين أحدية الوجود في تفسير 
الظلال» وبين فكرة وحدة الوجود الضالة فأجاب: بأن تفسير سيد قطب - 
في ظلال القرآن - ليس كتاب تفسيرء ولكنه قال: تحت ظلال القرآن» يعني 
كأنه يقول للمسلمين هذا القرآن نظام الأمة تعيش في ظلاله» استقوا من 
آدابه؛ وانهلوا من معينه الصافي» واقبلوا بقلويكم على القران لتجدوا فيه 
علاج مشاكلكم؛ وحل قضاياكم» وتفريج همومكم إلى آخره؛ والكتاب له 


(1) فرقم العيخ مره الحتلاء على الالترفك .+ 
)١(‏ هو : عبد العزيز بن محمد آل الشيخ » ولد في الرياض سنة 757١١ه‏ »ء وفقد بصره في شبابه درس 
في كلية الشريعة ب« وهل مدرينا وعصيرا في الإقناء رهن الاخافي تصنت الففقي الغام .في السعردية: 
انظر : فتاوى اللجنة الدائمة ٠ 1/١‏ 
لا 





17 17ل آل لل ال “هم | 





أسلوب عالٍ في السياق».. هذا الأسلوب الذي كتب به السيد كتابه قد يظن 
بعض الناس بادئ بدء من بعض العبارات أن فيها شركاًء أو أن فيها قدحاً 
في الأنبياء... ولو أعاد النظر في العبارة لوجدها أسلوباً أدبياً راقياً عالياً؛ 
لكن لا يفهم هذا الأسلوب إلا من تمرس في قراءة كتابه» والكتاب لا يخلو 
من ملاحظات كغيره.. لكن في الجملة أن الكاتب كتبه من منطلق غيرة 
وحمية للإسلام» واليجل صاحب تربية وعلوم ثقافية عامة» وما حصل منه 
في هذا التفسير يعتبر شيئاً كثيراً.. فيؤخذ منه المقاطع النافعة والمواقف 
الجديدة» والأشياء التي أخطأ فيها.. عذره قلة العلم والعصمة لكتاب الله 
ولقول محمد وَل. 

وبعد كلامه السابق سأله رجل: هل يعني كلامكم الدعوة إلى قراءته من 
قبل المبتدئين في طلب العلم؟ فأجاب: والله أنا أقول طالب العلم إن قرأ به 
يستفيد.. طالب العلم يميز... لكن ينبغي الإنصاف والاعتدال» وأن لا نحمل 
ألفاظه فوق ما تحتمله» ولا نسيء الظنء فالرجل له جهاد تعلمون أنه 
استشهد أو قتل شهيداً - رحمه الله - وله كتب كان فيها أخطاء فتراجع 
عنها لأنه ربما كتابة تفسير القرآن عدلت منهجه السابق» والقرآن لا شك أن 
من اعتنى به وأكثر من قراءته ينقله من حال إلى حال .)١(‏ 


. من محاضرة للشيخ / عبد العزيز آل الشيخ بتاريخ 5 ؟ / 5 / 577 ١ه ء الموقع الذهبي للإسلام‎ )١( 
3١ 





17 117 الل 17 ا “هط | 








سئل عن صحة ما يقال عن سيد قطب ومنهجه فأجاب: " أما عن سيد 
قطب فقد قرأت معظم كتبه وان شئت فقل: كل كتبه؛ كما قرأت كثيراً مما 
كتب عنه.. والملحوظ أن الناس في سيد وفي غيره يكون فيهم المتوسط 
المعتدل الذي ينظر بعين الإنصاف والتجرد والتحري.. ويكون فيهم 
المتطرف الذي يقع في التعصب والهوى؛ وسيان أن يكون التعصب ضد 
الشخص يحمل على رد الحق الذي معه وتصيد الأخطاء عليه» وتفسير 
كلامه على أسوأ الوجوه؛ وعدم الاعتبار بالمتقدم والمتأخر من كلامه.. أو 
أن يكون التعصب له مما يحمل على أخذ أقواله بدون تحفظء والغفلة عن 
أخطائه وعثراته والدفاع عنه بغير بصيرة» بل وربما اعتقاد العصمة في 
المتبوع بلسان الحال أو بلسان المقال... 

والذي أدين الله به أن الأستاذ / سيد قطب من أئمة الهدى والدين» ومن 
دعاة الإصلاح ومن رواد الفكر الإسلامي.. سخر فكره وقلمه في الدفاع عن 
الإسلام وشرح معانيه؛ ورد شبهات أعدائه؛ وتقرير عقائده وأحكامه» على 
وجه قل من يباريه أو يجاريه في هذا الزمان» وكان حديثه حديث المعايش 


)١(‏ هو : سلمان بن فهد بن عبد الله العودة » ولد سنة 7275١ه‏ ء في بريده » وتلقى العلم على يد 
مجموعة من المشايخ » وحصل على الدكتوراه عام 5١اهءاحد‏ الدعاة المعاصرين » له مجموعة من 
المؤلفات والأبحاث » وله نشاط دعوي عبر الدروس والقنوات والأشرطة والكتب » سجن خمس سنوات 
بسبب موقفه من أحدات الخليج وغيرها » يشرف على موقع ( الإسلام اليوم ) المصدر : موقع الإسلام 
اليوم ٠:‏ 

7 








117 117 اال 17 ا1 “هم | 


الذي لابس هَمَّ الإسلام قلبّه» وملك عليه نفسه؛ قد شغله الحزن على 
الإسلام والغضب له حتى عن ذاته وهمومه الخاصة:» وكتابه الظلال يعتبر 
إضافة كبيرة لدراسة التفسير» استطاع فيه أن يستوعب كثيراً مما كتبه 
المتقدمون» وأن يبنى عليه رؤيته الخاصة المتميزة» وفهمه الثاقب» ودرسه 
الغزير» وأن يقرن آي الكتاب بحياة الناس المعاصرة» حتى يشعر قارئه أن 
القرآن ليس كتاباً نزل لبيئة خاصة في المكان والزمان ولكن هداية للناس 
أجمعين».. وقد استفاد سيد من تفسير ابن كثير فائدة غنية» كما انتفع بما 
كتبه الشيخ / محمد رشيد رضا في المنار... ولكن يبقى الظلال شيئاً آخر 
غير هذا وذاك.. ووقع في الظلال عثرات.. لكنها يسيرة إلى جنب ما فيه من 
الخير والعلم والإيمان» كاضطرابه في باب الاستواء.. واطلاق توحيد 
الإلوهية على الربوبية.. مع أنه كان شديد الوضوح في إدراك هذه المعاني 
والحقائق وتقريرها.. وكتب فصولاً موسعة في موضوع الدعوة ومنهجهاء 
والموقف من المجتمعات المعاصرة.. كتب ذلك بعاطفة مشبوبة» ولغة قوية» 
وغيرة على الدين وعلى المسلمين» حملها بعض قارئيها ما لا تحتمل من 
المعاني واللوازم.. والخلاصة: أن سيد قطب وغيره من أهل العلم يؤخذ من 
قولهم ويترك» ويصيبون ويخطئون» ويردون ويرد عليهم» وهم إن شاء الله 
بين أجرٍ وأجرين» ولئن حرموا أجر المصيب في عشر مسائل أو مائة 
مسألة فلعلهم - بإذن الله - ألا يحرموا أجر المجتهد" .)١(‏ 


. من فتوى للشيخ / سلمان بن فهد العودة في سيد قطب » في موقع الشهيد سيد قطب . بتصرف‎ )١( 
"7 





0 





:)( - وحالشيخ / محمد حسان - حفظه ابن‎ ٠ 

سئل عن سيد قطب فقال: " نسأل الله - عز وجل - أن يجعل 
الشيخ سيد قطب - رحمه الله - عنده من الشهداء» فهو الرجل الذي قدم 
دمه وفكره وعقله لدين الله - عز وجل - نسأل الله أن يتجاوز عنه بمنه 
وكرمه؛» وأن يغفر لنا وله» وأن يتقبل منا ومنه صالح الأعمالء وأنا أشهد 
الله أني أحب هذا الرجل في الله» مع علمي يقيناً أن له أخطاءء وأنا أقول 
لو عاملتم يا شباب شيوخ أهل الأرض بما تريدون أن تعاملوا به الشيخ سيد 
قطب فلن تجدوا لكم شيخاً على ظهر الأرض لتتلقوا العلم على يديه» لأن 
زمن العصمة قد انتهى بموت المعصوم يله وكل كتاب بعد القرآن معرض 
للخلل ( ألا يديو لان وَوكانَ ِنع مه لوَجَدُوأفِهِ ميلم كيرا (2)) 
[سورة النساء: 2187 ثم ذكر المنهج الواجب التعامل به مع أهل العلم في 
أخطائهم» وبيّن أن الخطأ حتى في مسائل العقيدة واقع لبعض الأئمة 
الأعلام من أهل السنة فضلاً عمن سواهم» وبالتالي لا بد من التفريق عند 
النقد وبيان الأخطاء بين المبتدع المخالف لمنهج أهل السنة وبين المخطئْ 


)١(‏ هو: محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن حسان » ولد في الدقهلية بمصر » ونشأ في بيت علم » عمل 
مدرساً في جامع الإمام بالقصيم وخطيباً ويعد أحد الدعاة المشهورين في هذا العصر » له عدد كبير من 
الكتب والأشرطة والمواد الدعوية » انظر :موقع الشيخ محمد حسان على الانترنت . 

337 





717لا اال آل ا “هط | 





ممن هو على أصل منهجهم(1). 

* كما أثنى على سيد - رحمه الله - مجموعة من العلماء والدعاة 
وكثير من الكتاب والباحثين المنصفين من مختلف الجماعات الإسلامية لا 
يسع المجال لذكرهم هنا ('). 

وهذاك أيطنا شحموعة مخ العلفاء والدهاة الذي :تقهز ا حكن الخطاء 
سيد - رحمه الله - وحذروا منها لسبب أو لآخر مع عدم غلوهم في ذمه 
وتضليله والتحذير منه؛ بل كان نقدهم في الغالب منصبا على بعض 
القضايا العقدية والفقهية التي رأوا أن سيداً أخطأ فيها كالحاكمية» والتكفير» 
ووسائل التغيير» وقضية الرق» ودار الحرب» والجهاد» وتأويل الصفات» 
ونحوها ويمثل ذلك كتابات الشيخ عبد الله بن محمد الدويش - رحمه الله - 
الذي كتب كتابه " المورد الزلال في أخطاء الظلال " أصاب فيه في مسائل 
وأخطأ في مسائل ولكنه لم يغلٌ ولم يتحامل. 


)١(‏ من فتوى للشيخ / محمد حسان في سيد قطب , بتصرف ٠‏ انظر : الموقع الذهبي للإسلام » صفحة 
أقوال العلماء في الجماعات . 
(1] شيو القيع :صن التلسسان نه المرشه اماج العالك الإكران "هو الشنة | عبد العزام بت 
رحمه الله - والشيخ / محمد قطب - حفظه | لله - والشيخ / أبو بصير: عبد المنعم مصطفى 
حليمة » والشيخ / أبو محمد المقدسي.وغيرهم كثير ٠‏ 
ديف 





17 117 117 17 ال-2 





وكذلك الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان »)١(‏ حيث انتقد سيداً في 
مسألة الرق وغيرهاء ولكن يعذره ومع ذلك فقد نقل عن سيد في بعض 
مؤلفاته ومنها التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية (2). 

بالإضافة إلى عدد من العلماء والدعاة الذين ردوا على سيد قطب 
أو ناقشوا ما جاء في كتبه من أفكار هي على خلاف ما عندهم؛ أو رأوا 
أفرهيةذا كتوخهه اش أخطأ في 0 

* الفئة الثانية: وهي التي انصب جهدها في تتبع زلات سيد وعثراته 
جميع كتبه» حتى ما كتبه قبل التزامه بالإسلام» وجعلوا من ذلك مادة 
للتحذير منه ورميه بالضلال والبدعة والانحراف وافساد الدين» وحمّلوا 
ألفاظه ما لا تحتمل من المعاني واللوازم»؛ وغضوا الطرف عن محاسنه وما 
أصاب فيه بل اعتمدوا على العبارات الموهمة؛ وطبقوا مفهوم المخالفة 
واللازم في كثير من الأحيان» ويمثل هذا الاتجاه الدكتور/ ربيع بن هادي 





)١(‏ هو: صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان» ولد سنة 755٠ه‏ ء عمل مدرسا في كلية الشريعة والمعهد 
العالي للقضاء وعضوا في اللجنة الدائمة للإفتاء »له مجموعة من البحوث والمؤلفات »انظر : فتاوى 
اللجنة الدائمة » ٠ 1١-1//١‏ 
)١(‏ انظر: التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية » د/ صالح الفوزان » مكتبة المعارف ٠‏ الرياض » 
ط” .عام /501١ه‏ ء ص ١7-1١8‏ 
(؟) كأمثال : حسن الهضيبي ٠‏ وأبي الحسن الندوي »و محمود شاكر »وسالم البهنساوي » ومحمد السيد 
الوكيل والمغراوي والقرضاوي وعبد الله أبو عزة و محمد عمارة » وعبد الله النفيسي » وفهمي هويدي » 
وغيرهم » انظر : فكر سيد قطب ء لمحمد أبو صعيليك » ص 5١‏ وما بعدها . 

"1 








717لا اال آل ا “هم | 


مدخلي حيث انبرى يجمع هو وطائفة معه كل ما ظنه خطأ لسيد» سواءً من 
كتبه الأدبية القديمة أو الإسلامية» وأصدر مجموعة من الكتب في نقد سيد 
فيها الغث والسمين» وغالبها جانبه فيها الصواب. 

والذي ظهر لي من خلال مطالعتي لما كتبه عن سيد أنه لم يقرأ كل ما 
كتبه سيد حول القضايا التي أثارهاء ليكون حكمه مبنياً على نظرة كلية؛ بل 
حرص على جمع مواطن الخطأ وإن كان قد تراجع عنه؛ أو كان موهماً 
أوضحه سيد بصريح قوله في مكان آخرء أو كان يمثل مرحلة عاشها سيد 
قبل هدايته أو نقلاً من طبعات قبل تعديل سيد لهاء وقد سبق ذكر 
ملاحظات الشيخ / بكر أبو زيد على كلامه» وسيأتي بيان الأخطاء في ما 
كتبه د/ ربيع المدخلي عن سيد في كثير من القضايا في مواطنها من هذا 
البحث وكل من غالى في الطعن في سيد فإنما ينقل عن المدخلي ويحتج 
به ويحيل على كتبه. 


نردلا 





17 117 اال 17 ال1 “هط | 


يحسن أن نشير إلى الأسباب الحاملة على نقد سيد قطب أو 
الطعن فيه إجمالاً وهي: 

١‏ - الخلاف العلمى: وذلك كالنقد المتعلق ببعض القضايا العقدية أو 
الفقهية كموقفه من الصفات» وحديث الاحاد» والاجتهاد» والرق ونحوهاء 
حيث وقف المنصفون عند النقد العلمي وتجاوز غيرهم إلى القدح والذم 
والتجريح. 
-١‏ الخصومة الفكرية: ويتمثل ذلك في كتابات العلمانيين وأذيالهم في 
قضايا الحاكمية والعزلة والجهاد والأنظمة العلمانية ونحوها. 
- الحسد والغيرة والهوى والتحامل: حيث رأى البعض أنه لا يستطيع أن 
يكون في مكانة سيد»ء فعمد إلى القدح والذم وبالتالي النظر إلى المؤلفات 
بهدف التقاط الأخطاء والزلات فقط وتصنيفها على غير درجاتهاء و 
محاكمة سيد قطب إلى صورة معينة في ذهن الكاتب وتفسير كلامه تبعاً 
لها. 
4 - الحزبية البغيضة: والمتمثلة في كتابات بعض كُتَّاب الإخوان الذين 
ينتمون إلى الفصيل المخالف لسيد قطب وتنظيمه الإخواني الجديد؛ 
والذي بدأت بتوترات في المعتقلات وتفجرت خلافاً في أوائل السبعينيات» 
وتمثلت في تحقير سيد والحط من شأنه ومكانته» ثم سرت هذه الروح إلى 


لالدلا 


17 117 117 17 ال-2 


كتابات بعض الذين أرخوا لتجربة الإخوان من أبنائها (') أو بعض من 

خرجوا منها("). 

- التزلف إلى الحكام: وتجسيد العلاقات معهم من خلال نقدهم لمنهج 

سيد وأفكاره وموقفه من الأنظمة. 

5- مغالاة البعض في سيد: جعل آخرين يعمدون إلى القدح في سيد 

وافراغ أفكاره من محتواها حتى لا يتأثر بها الشباب المسلم - كما زعموا 
لاسصوع جب قات تورةا فكت تعزل الفوطدوف التعمناد على الفبارانت 

الموهمة وتطبيق مفهوم المخالفة واللازم (). 

تنبيه: بعد انتهائي من كتابة البحث أرسل لي بعض الطلاب 

المتأثرين بالدكتور/ ربيع المدخلي بعض الأوراق بعنوان: ( فتاوى العلماء 
في سيد قطب ) مصورة من عدة كتب غالبها من كلام المدخلي وبعضها 
كلام عام لبعض العلماء في معرض ردهم على سؤال معين» مفرغ من 
بعض الأشرطة ومنه كلام الشيخ ابن باز والألباني والعثيمين وقد سبق 
ذكرهاء بالإضافة لكلام بعض العلماء منهم: 


. كأمثال الأستاذ / محمود عبد الحليم‎ )١( 
. كأمثال د/ يوسف القرضاوي‎ )١( 
(؟) ينظر في ذلك : فكر سيد قطب , لمحمد أبو صعيليك » ص 53 -؟١7 » ومن أعلام المسلمين سيد‎ 
. قطب , د / صلاح الخالدي » ص 555 وما بعدها‎ 
58 


]- 











17 17 آل لل ا “هم | 


١‏ - الشيخ صالح بن محمد اللحيدان (1) تخي سنل هل هه 
في ظلال القرآن شك أو ريب بالنسبة للعقيدة؟ وهل تنصح باقتنائه أم لا؟. 
فأجاب: بل هو مليء بما يخالف العقيدة» فالرجل-رحمه الله - نسأل الله - 
أن يرحم جميع أموات المسلمين - ليس من أهل العلم؛ هو من أهل 
الدراسات المدنية وأهل الأدب» كان من الأدباء ثم شاء الله - جل وعلا - 
أن يتحول عما كان عليه» وكان في وقت نشط الناس في الكلام وإن قل 
العمل» وكان للكلام أثره فكان ما كان وكتب هذا الكتاب " في ظلال القرآن 
'.. وان شاء الله له حسنات ولكن له أخطاء في العقيدة وفي حق الصحابة؛ 
أخطاء كثيرة» وقد أفضى إلى ما قدم فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه" ('). 

-١‏ الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان: (') قيل له: أن 
أحد الإخوان (*) ينصح بقراءة الظلال والمعالم؟. فأجاب: أن الشباب 
ينصحون بعدم قراءتها ويقتصرون على دلالة القران والسنة وما كان عليه 





)١(‏ هو : صالح بن محمد اللحيدان »ولد في القصيم سنة ٠55١ه‏ ء درس في كلية الشريعة » وعمل 
رئيسا للمحكمة الكبرى في الرياض » وعضوا في هيئة كبار العلماء » انظر : الدرر السنية » 5/85/١5‏ 


(؟) من شريط لدرس بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي يوم ؟7/ ١٠518/5١ه‏ للشيخ اللحيدان . 
(”) هو : عبد الله بن عبد الرحمن آل غديان »ولد في الزلفي سنة 7515١ه‏ » تخرج في كلية الشريعة » 
وضل رقن التحكنة لخر + رفهر في اللجكة الداقرة للقفاء »رموه كناك اللمام فى السعردية : 
انظن + فتاوى اللجنة الذائمة اال #حل4 اء 

(4) هو عدنان عرعور . 

ل 





117171717 سيدقطب ومنمبه في العفيسة كه | 





الكتقاع" الأرنعة والصنضانة والتانعيو 2001 

9- الشيخ حماد دن محمد الاتضارف: 0 سئل عن قول سيد" ولا 
بد للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ 
من المسيحية والشيوعية معا مزيجاً كاملا يتضمن أهدافها جميعاً» ويزيد 
عليه التازق :والقنائيق بو التكفوال 7 (1),ففال” إن كان القاكل هيا فيحب 
أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً» وإن كان قد مات فيجب أن يبين أن 
هذا الكلام باطل» ولا نكفره لأننا لم نقم عليه الحجة " (؟). 


. من شرط أقوال العلماء في إبطال قواعد ومقالات عدنان عرعور‎ )١( 

(؟) هو : حماد بن محمد الأنصاري » ولد بجمهورية مالي » ورحل إلى مكة » واخذ عن علمائها » له 
مجموعة من المؤلفات » انظر: علماء ومفكرون » للمجذوب » ص ٠ 51١‏ 

(؟) معركة الإسلام والرأسمالية » لسيد قطب » دار الشروق ٠»‏ بيروت طبعة عام ١5١5‏ ه ء ص 5١‏ . 

(5) القول ذكره د/ ربيع المدخلي في كتاب العواصم ما في كتب سيد قطب من القواصم » دار الفرقان» 
عجمان»؛ ط”, عام١57‏ اهء ص 75 . 


5:١ 





سيت قطي ومنهجة في العقيدة 


سا م 
0 5 
٠‏ 6 
٠‏ 0 


منهجه في تقرير مسائل 
العقيدة والإيمان 
وفيه ثلائة فصول: 





لالالالانا 


|| 


الفصل الأول: مذهجه ني تقريسر العقيسدة 
الفصسل الثاني: منهجه ني الدعوة إلى العقيدة 


الفصسل الثالث: منهجه ني تقرير مسائل 
الإيمسان 





1 سيد قطي ومنهجه في العقيدة 





منهجه فسي تفسريسر العقيسدة 
وفيه أربعة مباحث: 
المبحث الأول: مصادر تلقي العقيدة عند سيد قطب. 
المبحث الثاني: منهجه في الاستدلال وتقرير مسائل العقيدة. 
المبحث الثالث:: موقفه من الفلسفة وعلم الكلام. 
المبحث الرابع: موقفه من قضية تطور العقيدة ومقارنة الأديان 


57 





1 عيت هليه ومنعمه فى العفيسة _ 6# ]| 


توطئة: 
في هذا الفصل عرض لمصادر تلقي العقيدة عند سيد 
قطبء وكيفية الاستمداد منهاء وما هي نظرته للمناهج المخالفة؛ 
وذلك من خلال صريح قوله» وواضح عباراته وطريقته في 
التأصيل. والدعؤة لما 'يعتقده» ومن .خلال نظرته النقدية لمناهج 
المخالفين» جاعلاً عبارته تتحدث عن ذلك قدر المستطاعء وذلك 
من خلال المباحث الاتية: 


2 


م 1010101001 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





المبحث الأول 
مصادر تلقي العقيدة عند سيد قطب 
تتمثل مصادر التلقي عند أهل السنة والجماعة لقضايا 
الاعتقاد في الوحي كتاباً وسنة» ويلحق بها الإجماع والعقل 
السليم والفطرة المستقيمة. وفي هذا المبحث نتعرف على موقف 
سيد قطب - رحمه الله - من هذه المصادر من خلال المطالب 


الاتبة: 


المطلب الأول: القرآن الكريم. 
المطلب الثاني: السنة النبوية. 
المطلب الثالث: الفطرة. 


المطلب الرابع: العقل. 


١5 


1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





المطلب الأول 


القرآن الكريم 


-١‏ القران في اللغة: مصدر من قرأء يقرأء قراءةٌ وقرآناًء بمعني: 
تلاء وهو المأثور عن السلفء فقد فسر ابن عباس(١)-‏ رضي الله 
عنهما- قوله تعالى: [إِنَّ ينا جمعة فاك (50) [سورة القيامة:١].‏ » 
بمعنى أن تقرأه» أو قراءته» ورجحه الطبري(") - رحمه الله - فقال: 
'والواجب أن يكون تأويله على قول ابن عباس من التلاوة والقراءة وأن 


)١(‏ هو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب » ابن عم رسول الله يي » صحابي 
جليل » حبر الأمة » وترجمان القرآن » فضائله ومناقبه كثيرة » ولد قبل الهجرة 
بثلاث سنوات في الشعب » وتوفي بالطائف سنة 18ه ء انظر : الاستيعاب في 
معرفة الأصحاب لابن عبد البر » دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ » عام 
6مم ء 55/95 ء والإصابة لابن حجر - ١١١/5‏ . 

)١(‏ هو : هو :محمد بن جرير بن يزيد الطبري » أبو جعفرء ولد في طبرستان سنة 
5 ١ه‏ ءواستوطن بغداد »كان إماماً حافظاً وفقيهاً مفسراً » له عدة مؤلفات من 
أشهرها تفسيره المسمى جامع البيان » توفي سنة ١٠"ه‏ ء انظر: سير أعلام 
النبلاء 717/١5‏ والأعلام » للزركلي 59/5. 


5765 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





يكون متصيدراً مق قول القائل«اقرات :القراق (1). 

وقيل: إنه مشتق من الجمع والضم.ء يقال: قرأت الشيءء فهو 
قزآن: أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض. ومئمي القرآن قرآناً 
؛لأنه يجمع السور فيضمهاء أو لأنه جمع القصص و«الأمر والنهي 
والوعد والوعيد» والآيات والسورء بعضها إلى بعض ("). 

والأول أرجح. 

5- القرآن في الاصطلاح:_" هو كلام الله تعالى؛ 

المنزك على محمد ك8 المكتوب في المصاحف» المنقول 
بالتواتر» المتعبد بتلاوته» للهداية والإعجاز " (). 


)١(‏ الأثر رواه البخاري في صححيه 5/١‏ » انظر : صحيح الإمام البخاري » دار 
ابن كثير » دمشق . طه عام 51١4‏ ١ه١١/5‏ ورجحه الإمام الطبري في تفسيره 
١ه‏ انظر : تفسير الطبري . دار الكتب العلمية بيروت .ط١‏ عام 7١5١ه‏ 
» وبه قال اللغوي اللحياني ٠‏ انظر : الإتقان في علوم القران» للسيوطي » دار 
الكتب العلمية بيروت .ط١‏ عام /1١٠5١ه ١١5-01١7/١‏ 

(؟) الصحاح » لإسماعيل بن حماد الجوهري - تحقيق أحمد عبد الغفور عطار » 
دار العلم للملايين- بيروت - ط؟ »عام 5939١ء 55/١‏ » ولسان العرب لابن 
منظور . 71-178 . الإتقان للسيوطي ١51601١55 /١‏ 

(؟) إرشاد الفحول ٠‏ للإمام الشوكاني» مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت » ط؛ » 

1ه ءص 57”7". 
ومناهل العرفان ٠‏ للزرقاني » دار الفكر - بيروت » ط عام 219/١١ ه١ 5١048‏ 

/ا 2" 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





حجية القرآن: القرآن الكريم عند جميع المسلمين حجة في 
جميع قضايا الدين الاعتقادية والعملية الإنشائية والخبرية» وهو 
الفرقان بين الحق والباطل» كما قال تعالى: (١تََرَكَ‏ الى نَل 
لْفْروَاتَ علّ عَبَدِو ليَكْوْنٌ للْصَلّمِيت نَدِرَا 120 [سورة الفرقان: .]١‏ 

أقام الله به الحجة على العالمين جميعاً فكل من بلغه هذا 
القرآن فقد أنذر به» وقامت عليه حجة الله (). 
كمصدر رئيس في استمداد وبحث مسائل العقيدة والاستد لال 
عليها. 

* حيث عاش حياته الإسلامية في ظلال القرآن وهي 
نعمة عظيمة ترفع العمر وتزكيه وتباركه» يقول - رحمه الله -. 
ا ا ا ل من الزمان» 
ذقت فيها من نعمته ما لم أذق في حياتي.. لقد ع عشت أسمع الله 
يتحدث إليّ بهذا القران.. وعشت دفي ظادل القرآن - أنظر 


ومباحث علوم القرآن» لمناع القطان » مكتبة المعارف » الرياض » ط ١‏ » عام 
51 هءص١7١‏ 
)١(‏ مختصر الصواعق المرسلة . للموصلي . دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ 
عام 5.٠5١ه‏ .ءص 5لا . 


5 





17 117 117 717 ال 





من علو إلى الجاهلية التي تموج في الأرضء والى اهتمامات 
أهلها الهزيلة.. عشت أتملى ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع 
النظيف للوجود وغلياته.. وأحس التناسق الجميل بين حركة 
الإنسان كما يريدها الله وحركة الكون.. وأرى الوجود أكبر بكثير 
من ظاهره المشهود.. وأرى الإنسان أكرم بكثير من كل تقدير 
عرفته البشرية من قبل للإنسان ومن بعد.. وبالتالي عشت هادئ 
النفس» مطمئن السريرة» قرير الضميرء أرى يد الله في كل 
حادث» عشت في كنف الله وفي رعايته» عشت استشعر إيجابية 
صفاته تعالى وفاعليتها.. وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا 
صلاح لهذه الأمة» ولا راحة لهذه البشرية إلا بالرجوع إلى الله 
ومنهجه الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم " .)١(‏ 

*وبناءَ على ذلك فقد وقف سيد قطب - رحمه الله - 
كثيراً في ظلال القرآن الكريم يتأمله» ويقف عند آياته» ويربط 
بينه وبين الواقع» فنراه كثيراً ما يتحدث عن القرآن الكريم 
وخصائصه وعن صفاته ووظيفته» وعن كيفية الانتفاع به في 
الحياة» ووجوه الإعجاز والجمال الفني في آياته» وطريقة القران 


في عرض العقيدة والأحداث عموماً. 


. بتصرف‎ ١5-١١ /١ - في ظلال القرآن - سيد قطب‎ )١( 
31 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





“لقد نظر سيد قطب - رحمه الله - إلى القرآن الكريم 
على أنه " كتاب هذه الدعوة وروحها وباعثها.. وقوامها وكيانهاء 
وحارسها وراعيها وبيانها وترجمانهاء وهو دستورها ومنهجهاء 
وهو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة - كما يستمد 
منه الدعاة - وسائل العمل ومناهج الحركة» وزاد الطريق " .)١(‏ 

" كما أنه كتاب هذه الأمة الحي» ورائدها الناصح: 
ومدرستها التي تلقت فيها دروس حياتها... وهو الرائد الحيء 
الباقي بعد وفاة الرسول يِه لقيادة هذه الأمة وتربيتها واعدادها 
لدور القيادة الراشدة الذي وعدها به كلما اهتدت بهديه» 
واستمسكت بعهدها معه؛ واستمدت منهج حياتها كله من هذا 
القرآن» واستعزّت به واستعلت على جميع المناهج الأرضية " 
0 

* الحكمة من إنزال القرآن:_اعتنى سيد قطب - رحمه الله - 
كثيراً ببيان الحكمة من إنزال القرآن» والمتمثلة في: " كونه هداية 
عامة للناس» وإنذاراً للبشرية وتذكيراً " 60' " وبياناً وتفصيلاً لكل 


)1( في ظلال القرآن "8/١‏ . 
(؟) المصدر السابق 551/١‏ 
(؟) المصدر السابق ١755/7”‏ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





شيء بحيث لا يحتاجون إلى مرجع آخر وراءه " 2١(‏ " أنزله الله 
منهجاً واضحاً كاملآء صالحاً لإنشاء حياة إنسانية نموذجية في كل 
بيئة :وق .كل .زماق. * (4)1:* بويجعله: فرقاناً بيق :الحق: والباطل 
والهدى والضلال؛ بما فيه من تفرقة بين نهج في الحياة ونهج وبين 
عهدٍ للبشرية وعهد " (). 

ولما كان القرآن كذلك فقد تكفل الله بحفظه: " فهو باق 
محفوظ لا يندثر ولا يتبدل. ولا يلتبس بالباطل» ولا يمسه 
التحريف.. ونحن ننظر اليوم من وراء القرون إلى وعد الله الحق 
بحفظ هذا الذكرء فنرى فيه المعجزة الشاهدة بربانيته.. رغم 
حرص أعداء الإسلام على تحريفه ورغم ضعف أمة الإسلام 
٠. 2. 5 5‏ للاضء 
في كثير من مراحل التاريخ '(*). 

واذا كانت الحكمة من إنزال القرآن - كما سبق - هي 
سيد قطب - رحمه الله - في هذا الصدد؟. 





المصدر السابق ١١78/9‏ 

المصدر السابق 65/ 55١/8‏ 

المصدر السابق » ه5//ا5 55 

المصدر السابق » 5١78-75١71//54‏ بتصرف . 
6١‏ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يرى سيد قطب- رحمه الله - أن فهم القرآن الكريم لا 
يتأتى إلا بعدة أمور منها: 

-١‏ وجوب الإنصات والاستماع للقرآن: وهذا الحكم 
عام في الصلاة وغيرهاء حيثما قرئ» فذلك هو الأليق بجلال 
القرآن وجلال قائله» فإذا قال الله. أفلا يستمع الناس وينصتون.. 
والإنصات أرجى لأن تعي النفوس وتتأثر وتستجيب " .)١(‏ 

١‏ - العكوف على القران بوعي وتدبر: لا مجرد تلاوة 
وترانيم» فتدبر القرآن يزيل الغشاوة ويفتح النوافذء ويسكب النورء 
ويحرك المشاعرء ويستجيش القلوب» ويخلص الضمائر وينشئ 
حياة للروح تنبض بها وتشرق وتستنير" ("). 

' إن هذا القرآن ينبغي أن يقرأ وأن يتلقى من أجيال الأمة 
المسلمة بوعي» وينبغي أن يتدبر على أنه توجهات حية» تنزل 
اليوم لتعالج مسائل اليوم ولتنير الطريق إلى المستقبل» لا على 
أنه مجرد كلام جميل يرئل» أو على أنه سجل لحقيقة مضت 


ولن تعود (). 


)1( المصدر السابق » ١575/9‏ بتصرف 
)١(‏ في ظلال القران 6# 5 
039 المصدر السابق 3 51/١‏ 





ارا عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





أي 


*- استصحاب الأحوال والملابسات المصاحبة 
للنزول:_وذلك لأن سمة " الواقعية الحركية " من أبرز سمات 
القران الكريم»ء فهي مفتاح التعامل مع القراآن وفهمه وادراك 
فزافية و أهدافض: 1د لذايث من اتتتععفات: «الأخؤال والمائسات 
والظروف والحاجات والمقتضيات الواقعية العملية التي صاحبت 
نزول النص القرآني.. لإدراك وجهة النص وأبعاد مدلولاته» 
ولرؤية حيويته وهو يعمل في وسط حي ويواجه حالة واقعة» كما 
يواجه أحياء يتحركون معه أو ضده.؛ وهذه الرؤية ضرورية لفقه 
أحكامه وتذوقهاء كما هي ضرورية للانتفاع بتوجيهاته كلما 
تكررت تلك الظروف والملابسات... وعلى الأخص فيما يواجهنا 
اليوم ونحن نستأنف الدعوة الإسلامية " .)١(‏ 





الحياة: 
يقول سيد: " فلن يُفهم القرآن إلا وهو يدرس في مجاله 
الحركي الهائل» ولن يفهمه إلا أناسيّ يتحركون به" (5), " 


والذين يتلمسون معاني القران ودلالاته وهم قاعدون.. يدرسونه 


٠ 5١55-5151١/4 » المصدر السابق‎ )١( 
. 77١7/9 » (؟) المصدر السابق‎ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العقسة _ و6 ]| 





دراسة بيانية أو فنية لا يملكون أن يجدوا من حقيقته شيئاً ' 
('2؛ " إن هذا القرآن لا يمنح كنوزه إلا لمن يقبل عليه بهذه 
الروح - روح المعرفة المنشئة للعمل - إنه لم يجيء ليكون 
كتاب متاع عقليء ولا كتاب أدب وفن» ولا كتاب قصة وتاريخ 
- وان كان هذا كله من محتوياته - إنما جاء ليكون منهاج 
حياة " 0 

ويقول ايضاً: " ولن ننتفع بهذا القرآن حتى نقرأه لنلتمس 
عنده توجيهات حياتنا الواقعة في يومنا وفي غدناء كما كانت 
الجماعة المسلمة الأولى تقرأه لتلتمس عنده التوجيه الحاضر في 
شؤون حياتها الواقعة» وحين نقرأ القرآن بهذا الوعي سنجد عنده 
ما نريد» وسنجد فيه عجائب لا تخطر على البال 

الساهي؛ سنجد كلماته وعباراته وتوجيهاته حية تنبض» 
وتتحرك وتشير إلى معالم الطريق».. وسنجد عندئذ في القرآن 
مناه و1 

ريفقيه: الشقنع اقفن لعزن مهو “الا امي الول 


. ١855/5 » المصدر السابق‎ )١( 
.١15/8 /5 معالم في الطريق - ص8١ » وفي ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف‎ 511/١ » (؟) في ظلال القرآن‎ 

ه 7 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- يو --] 





الأول... لذا لا بد أن نرجع إليه بشعور التلقي للتنفيذ والعمل» لا 
بشعور الدراسة والمتاع» نرجع إليه لنعرف ماذا يطلب منا أن 
نكون» لنكون " :)١(‏ 

ه- الإقبا ات سابقة: 
يقوك .سيد" قالمنهج الضحيع في استلهام: القران: آلا 
نواجهه بمقررات سابقة» عقلية كانت أو شعورية» ونحاكم إليها 
نصوصه أو نستلهم معاني هذه النصوص وفق تلك المقررات 
السابقة»ء لقد جاء النص القرآاني ابتداءً لينشئْ المقررات 
الصحيحة التي يريد الله أن تقوم عليها تصورات البشر وأن تقوم 
عليها حياتهم» فليست هناك إذاً مقررات سابقة نحاكم إليها كتاب 





الله» إنما نحن نستمد مقرراتنا من هذا الكتاب ابتداءً» ونقيم على 
هذه المقررات تصوراتنا ومقرراتنا وهذا وحده هو المنهج 
الصحيح في مواجهة القرآن الكريم» وفي استلهام خصائص 
التصور الإسلامي ومقوماته (). " وهذه هي القاعدة المأمونة 
في مواجهة النصوص القرآنية وفهمها '("): 


)1( معالم في الطريق » ص5١‏ » ٠١‏ بتصرف . 
(5) في ظلال القرآن 5/ ."لا 109و" . 


ده" 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- كوو --] 





5- الحفاظ على جو النص القرآني: وذلك من خلال " 
استبعاد المطولات والاستطرادات التي تحول دون فهم القران» 
وعدم الخوض في القضايا والأمور الخلافية سواءً في العقيدة أو 
في الفقه أو في التاريخ والقصصء لأنها تطمس معالم الجمال 
القرآني» وتُعَقِدُ فهمه " '2١(‏ فلابد أن ترد إلى القرآن جِدَّدثُه» 
وأن يستنقذ من ركام التفسيرات اللغوية والنحوية والفقهية 
والتاريخية والأسطورية '("): 

: ترك الاسرائيليات_وعدم_الاعتماد‎ _ -٠ 
النص_القرآني:_تمشياً مع منهج الإسلام في صيانة الطاقة‎ 
العقلية أن تبَدّد في غير ما يفيد» وفي ألا يقفو المسلم ما ليس‎ 
0 له به علم وثيق‎ 

ويلحق بالإسرائيليات كتابات غير المسلمين عموماً حول 
قضايا الإسلام وعلومه؛ " فالإسلام يتسامح في أن يتلقى المسلم 
عن غير المسلم أو عن غير التقي من المسلمين في علم 
الكيمياء البحتة أو الطبيعة أو الفلك أو الطب أو الصتاعة أو 


(؟) في ظلال القرآن » 77١6/5‏ . 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الزراعة أو الأعمال الإدارية والكتابية وأمثالهاء وذلك في 
الحالات التي لا يجد فيها مسلما تقياً يأخذ عنه في هذا كله.. 
لكنه لا يتسامح في أن يتلقى أصول عقيدته ولا مقومات 
تصوره؛ ولا تفسير قرانه وحديثه وسيرة نبيه» ولا منهج تاريخه 
وتفسير نشاطه؛ ولا مذهب مجتمعه» ولا نظام حكمه» ولا منهج 
سياسته؛ ولا موجبات فنه وأدبه وتعبيره.. الخ من مصادر غير 
إسلامية» ولا أن يتلقى من غير مسلم يثق في دينه وتقواه في 
شيء من هذا كله " :)١(‏ 

وهذا الموقف بناءً على تجربة سيد العلمية التي عاشهاء 
فيك ملم بلا جا متهي فنعو عول لاق كيت 
حقول المعرفة الإنسانية» وعرف الجاهلية على حقيقتهاء وتبينت 
له أهداف اليهود والنصارى ومن والاهم وعداوتهم للإسلام 
والمسلمين» ورغبتهم في إضلالهمء» وقيام مناهجهم على هذا 
العداء»ء ومن ثم يقرر أن من الغفلة المزرية الاعتماد على 
مناهج الفكر الغربي وعلى نتائجه كذلك في الدراسات الإسلامية 
(0). 


(1)مشالءافي الطزمق اصن 14 والعدالة الاجسناعية -”منية قطني حدار 
الشروق » بيروت » طبعة عام ١5١65‏ ه ص 5337 . 
)١(‏ معالم في الطريق » ص ١48-١4”‏ بتصرف 
/اه 7 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 








للوصول إلى فهم متكامل وازالة ما قد يبدو من تعارض ظاهري 
بين النصوصء» فالقرآن كله كلام الله» ولن يعارض بعضه 
بعضاء فلا بد إذن أن تكون هناك نسبة معينة بين هذا القول 
وذاك" :)١(‏ 

'" فالجمع بين النصوص والتنسيق بين مدلالوتها هو طريق 
الخلاص مما آثاره المتكلمون من الفرق الإسلامية والفلاسفة من 
جدل... فالتصور الإسلامي الصحيح هو الذي تنشئه النصوص 
القرانية مجتمعة» وهو تصور لا يوجد عندما تؤخذ النصوص فرادى 
وفق أهواء الفرق والنحل» وعندما توضع بعضها في مواجهة 
بعضها الآخر على سبيل الاحتجاج والجدل " (): 

وقد طبق سيد قطب - رحمه الله - هذا المنهج في فهم 
النصوص في كثير من القضايا في تفسيره» كقضية تعدد 
الزوجات» وقضية الانتفاع بالعمل في الآخرة؛ وموقف النصارى 
من المسلمين» وقضايا القدر والجبر والاختيار» وغيرها ("): 


. الهامش‎ 7١9/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
بتصرف‎ ١1٠0/79 » (؟) في ظلال القرآن‎ 
2,456 01١9/5 . ه85/١ ينظر تفاصيل ذلك في : في ظلال القرآن‎ )9( 
155ة؟.‎ 5-1١4... ل-1/5‎ 
ره"‎ 








القرآن مصدر العقيدة الأساس: 

يرى سيد قطب - رحمه الله - أن القرآن الكريم هو 
المصدر الأساسي في استمداد وبحث مسائل العقيدة والاستدلال 
عليهاء وأن منهج القرآن في عرض وتقرير العقيدة خصوصاًء 
ومنهجه في كل شئون الحياة عموماء هو المنهج الوحيد الذي 
ينبغي أن يلتزم به البشر باعتبار ذلك فرضاً لا خيار فيه " 
فالاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلة ولا تطوعاً ولا 
موضع اختيارء إنما هو الإيمان.. أو فلا إيمان " :)١(‏ 

ويقرر - رحمه الله - وجوب التلقي في أمور العقيدة 
وغيرها عن الوحي كمصدر وحيد في كثير من المواضع في 
كتاباته» مما جعل من الصعوبة نقل كلامه كله في هذا الباب» 
ونظراً لذلك فسأكتفي بإيراد مجموعة من النصوص على سبيل 
التمثيل: 

-١‏ يقول - رحمه الله - " تجيء العقيدة من مصدرها 
الإلهي» متمثلة في تبليغ الرسول وعمله - على عهد النبوات - 
ومتمثلة في دعوة الداعية بما جاء من عند الله وما بلّغه رسوله 


)0( في ظلال القرآن - سيد قطب » ١6/١‏ . 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





فلن :شذاق الزفان معة كلق 073 

؟- ويقول أيضاً: " فإنه لا ينبغي لبشر أن يتلقى في أمر 
فده لمن الاو فلا فين الما يكزل من عند دوين 
يأتي بسلطان من عنده؛ وإلا فهو واهن ضعيف " .)١(‏ 

*- ويقول أيضاً: " ومن ثم كان هناك مصدر واحد يتلقى 
كه النشن الصو (الضنادق: الكا ل نانك لحقيفة لوخرة كلا 
ولحقيقة الوجود الإنساني» ولغاية الوجود كله» ولغاية الوجود 
الإنساني» ومن هذا التصور يمكن أن ينبثق المنهج الوحيد 
الصحيح القويم.. مصدر واحد هو مصدر الرسالاتء وما عداه 
ضلال وباطل " (5). 

0-4 في ظلال قوله تعالى: (ِوَإِدَا قبل طم أتَبِعُأ م1 أَنرَلَ أله ما قَالُوا بل نَع مآ 

َلَْنَا عليه ء 3 و كت ءابأ ؤّهُمَ لا يمَيَنُورت يا وَلَا يَهَتَدُونَ 00 
[سورة البقرة: .]١7١‏ يقول سيد: " فالآية تندد بتلقي شيءٍ من أمر العقيدة 


عن غير ألثه ا (5). 


المصدر السابق - سيد قطب . ٠٠٠1/4‏ 
المصدر السابق » ه/ ١لا/ا7”‏ . 
في ظلال القرآن » 78١ /١‏ . 
في ظلال القرآن » ١55/١‏ 
3 








ويقول أيضا " وليس لمسلم أن يتلقى إلا من الله» وليس له أن 
يدع العلم المستيقن إلى الهوى المتقلب» وما ليس من عند الله فهو 
الهوى بلا تردد " ('2 " إن أمر التلقي أكبر من أن يعتمد المسلم 
فيه على رأي» إنما هو قول الله سبحانه» وقول نبيه يك نُحكّمه في 
هذا الشأن» ونرجع فيه إلى الله وإلى الرسول " ("): 

عند تعليقه على قصة تحويل الكعبة والدروس المستفادة 
منها يقول: " ثم هو نهي عن التلقي من غير الله. ومنهجه 
الخاص الذي جاءت هذه الأمة لتحقيقه في الأرضء فينبغي لها 
أن تستمد تقاليدها كما تستمد عقيدتها من المصدر الذي اختارها 
للقيادة. ٠(؟).‏ 

ه- في ظلال قوله تعالى: | ذلِكَ هدى أللَّهِ جدىيه- من يِشَآء 


7 م سح 07 01 


مِنْ عِبَادِى وَلَوْ أَضْرَّما لَحِِط عنهم ناك ايمَمَلُونَ (0)) [سورة الأنعام: 
00 


' وهذا تقرير لينابيع الهدى في هذه الأرض» 
فهدى الله للبشر يتمثل فيما جاءت به الرسل» وينحصمر 


'يقول سيد: 


١75/١ » المصدر السابق‎ )١( 

. ١55 معالم في الطريق » ص‎ )١( 

0( في ظلال القرآن » ٠ ١11--8/١‏ بتصرف . 
5" 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





المستيقن منه والذي يجب إتباعه في هذا المصدر الوحيد " :)١(‏ 
*- في ظلال قوله تعالى: ١‏ وَكَمَّتَكِلِمَتُ وَيْكَ اوعدا 
مدَل لكلاقد. وَهْوَلسَمِيمُ الْعليه (100) [سورة الأنعام: .]١١5‏ 
يقول سيد: " لقد تمت كلمة الله سبحانه صدقاً - فيما قال 
وقرر- وعدلاً- فيما شرع وحكم - فلم يبقّ بعد ذلك قولٌ لقائلٍ 
في عقيدة أو تصور أو أصلٍ أو مبدأ أو قيمة أو ميزان " ("): 

1- عند حديثه عن خصائص التصور الإسلامي يقرر 
بأنه " تصور رباني أي مأخوذ من مصدر رباني هو القرآن 
الكريم والسنة الشريفة " (): 

6- عند حديثه عن نزول عيسى - عليه السلام - آخر 
الزمان قال: 'وهو غيب من الغيب الذي حدثنا عنه الصادق 
الأمين وأشار إليه القرآن الكريم» ولا قول فيه لبشر إلا ما جاء 
في هذين المصدرين الثابتين إلى يوم القيامة " (؟): 


3 


)0( في ظلال القرآن 115/٠‏ . 
)( في ظلال القرآن "م 1195. 
(") مقومات التصور الإسلامي ص ١8١‏ ؛ وخصائص التصور الإسلامي ص 55 
» والعدالة الاجتماعية ص 7٠١‏ . 
5( في ظلال القرآن » 5/ 48 . 
1" 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





* أهمية مصدر التلقي في الوحي: 

تحدث سيد قطب كثيراً عن أهمية حصر مصدر التلقي 
في الوحي ويمكن إجمالها فيما يأتي: 

-١‏ أنه من لوازم التوحيد ومدلولات الشهادتين: 

يقول سيد - رحمه الله -: " وأول ما يلازم حقيقة التوحيد 
أن تتوحد الربوبية» فتتوحد العبودية لا عبودية إلا لله» ولا طاعة 
إلا لله ولا تلقي إلا عن الله» فليس إلا لله تكون العبودية وليس 
إلا لله تكون الطاعة» وليس إلا عن الله يكون التلقي.. التلقي في 
التشريع» والتلقي في القيم والموازين» والتلقي في الآداب 
والأخلاق.. والتلقي في كل ما يتعلق بنظام الحياة البشرية.. والا 
فهق الشنرك: أن "الكت 007 

ويقول أيضاً: " وكل من ينطق بالشهادتين: شهادة أن لا 
إل إلأ الله وأن محمد وسوك: ال لا يقال له إنه كنهد إلا أن 
يؤدي مدلول هذه الشهادة ومقتضاهاء ومدلولها هو ألا يتخذ إلا 
الله إلهآء ومن ثم لا يتلقى الشريعة إلا من اللهء فأخص 
خصائص الإلوهية التشريع للعباد» وأخص خصائص العبودية 
التلقي من الله.. ومدلولها كذلك ألا يتلقى من الله إلا عن محمد 


)1( المصدر السابق » 0/١‏ 
5 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بما أنه رسول اللهء ولا يعتمد على مصدر آخر للتلقي إلا هذا 
العف 001 

؟- أنه سبب لصلاح الأرض وراحة البشرية 

يقول - رحمه الله -: ".. إنه لا صلاح لهذه الأرضء ولا راحة 
لهذه البشرية» ولا طمأنينة لهذا الإنسان» ولا رفعة ولا بركة ولا 
طهارة» ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة.. إلا بالرجوع إلى 
الله.. والرجوع إلى الله.. له صورة واحدة وطريق واحد.. إنه العودة 
بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم.. 
إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها والتحاكم إليه وحده في 
شئونها والا فهو الفساد في الأرض» والشقاوة للناس والارتكاس 
في الحمأة» والجاهلية التي تعبد الهوى من دون الله " (5): 

- أنه يبعد المسلم عن الهوى والوهم والخرافة: 

يقول - رحمه الله -: " إن الطريق الأمثل في فهم القرآن 
وتفسيره وفي التصور الإسلامي وتكوينه» أن ينفض الإنسان من 
ذهنه كل تصور سابق.. وأن يبنى مقرراته حسبما يصور القرآن 
والحديث حقائق هذا الوجود.... وهذا التصور هو الذي يميز 


5/75 -5481/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
: بتصرف يسير‎ 0١ » المصدر السابق‎ (0 
>” 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المسلم ويقف به وسطاً بين الوهم والخرافة» وبين الإدعاء 
والتطاول» ومصدره هو القرآن والسنة " :)١(‏ 

؛- أنه سبب لوحدة المسلمين فكراً وسلوكاً: 

يوضح سيد - رحمه الله- أن اقتصار الصحابة - رضوان الله 
عليهم - على القرآن وحده في التلقي - باعتبار أن حديث النبي ك4 
وهديه أثر من آثار القرآن - كان سبباً في وحدة ذلك الجيل وتفرده» 
حيث حرص الرسول كد على أن يقصر النبع الذي يستقي منه ذلك 
الجيل.. في فترة التكوين الأولى.. على كتاب الله وحده لتخلص 
نفوسهم له وحده؛ ويستقيم عودهم على منهجه وحده؛ ولم يكن ذلك 
عن فقَرٍ في الحضارات والثقافات العالمية حوله» بل كان ذلك عن 
تصميم مرسوم ونهج مقصودهء فكان ذلك الجيل الفريد الموحد فكراً 
وسلوكاً. 

ولما اختلطت الينابيع بعد ذلك» ودخلت الفلسفة والمنطق والأساطير 
والإسرائيليات ورواسب الحضارات والثقافات» وعلم الكلام كان ذلك 
سبباً في الاختلاف والتفرق بعد جيل الصحابة (5): 


. 3791/5 » المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 
ه"‎ 





11 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الثاني 


السنة النبوية 
السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني من مصادر 
التلقي عند أهل السنة والجماعة. 
والسنة في اللغة: _تعني الطريقة والسيرة» حسنة كانت أو 
ففكة 210 
أما السنة في اصطلاح العلماء: فيختلف معناها باختلاف 
نوع العلم الذي يشتغلون به: 

-١‏ فالسنة عند المحدثين: ما أثر عن النبي # من قول أو 
عمل أو تقرير أو صفة خُلْقية أو خَلّقية أو سيرة» سواء كان ذلك 
قبل البعثة أم بعدها(")؛ إذ غرضهم معرفة ما كان عليه النبي 25 
في أحواله كلهاء سواءً أفاد حكماً شرعياً أأم لم يفد (). 


)١(‏ لسان العرب لأبن منظور . 59/56" » مختار الصحاح للرازي ٠‏ طبعة عام 
١م‏ عدار الفكر » بيروت؛» ص7١‏ 
(؟) السنة ومكانتها في التشريع» د/ مصطفى السباعي- المكتب الإسلامي - 
بيروت -ط؟ عام 9/8١١ه‏ » ص 47 
() أصول الحديث لمحمد عجاج الخطيب ٠‏ دار المنارة » جده » طك. 5١5١هاء‏ 
ص 77 . 
5 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





"١‏ - والسنة عند الفقهاء: ما ثبت عنه يي من حكم هو 
دون الفرض والواجب(١).‏ 

"- والسنة عند الأصوليين: " ما نقل عن النبي 5 من 
قول أو فعل أو تقرير ('). حيث إنهم عنوا بمصادر الشريعة 
ومناهج استنباط الأحكام وأخذها من النصوصء فنظروا إلى 
السنة من جهة كونها مصدراً أو دليلآء ولهذا يطلقون عليها اسم 
الدليل (')؛ وهذا هو المراد هنا. كما تطلق السنة في مقابل 
البدعة» ويراد بها ما هو مشروع دون ما هو مبتدع فتشمل كل 

ثبت بالدليل من كتاب أو سنة. 

* موقف سيد قطب من السنة_ومن خلال سبر 
مؤلفات سيد قطب» تبين لي أن له موقفين من السنة النبوية: 
الأول إيجابي» والآخر سلبيء وبيان ذلك فيما يأتي: 


<2 3 


أولا: موقف سيد قطب الإيجابي من السنة: ويتمثل 


/ العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء » تحقيق د‎ )١( 
. 3755/١ 2 ه١5.6٠ مؤسسة الرسالة - بيروت . ط١ عام‎ ٠ أحمد المباركي‎ 
77 وأصول الحديث لمحمد عجاج الخطيب » ص‎ 

)١(‏ الإحكام في أصول الأحكام للآمدي . المكتب الإسلامي » دمشق » ط؟ عام 
١ 25.5‏ وارشاد الفحول للشوكاني » ص72 

(؟) الإحكام للآمدي 1١59/١‏ . 

ا 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





ذلك في الا : 

-١‏ اعتبار الكتاب والسنة مصدرا الدين الإسلامي 
حيث يقرر سيد قطب - رحمه الله - أن الدين الإسلامي له 
مصدران هما الكتاب والسنة» خلافاً لمن يقول أن الإسلام هو 
القرآن وحده حيث يقول: " والناس لا يؤمنون ابتداءً إلا أن 
يتحاكموا إلى منهج الله» ممثلاً في حياة الرسول يه في أحكام 
الرسول» وباقياً بعده في مصدريه القرآن والسنة بالبداهة " ('). 

ويقول: " كان النبع الذي استقى منه ذلك الجيل - 
الصحابة - هو نبع القرآن» القرآن وحده» فما كان حديث رسول 
الله ينه وهديه إلا أثراً من آثار ذلك النبع» فعندما سئلت عائشة 
- رضي الله عنها(")- عن خلق رسول الله يهِ قالت: " كان 
خلقه القرآن " (7). .)١(‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن » ؟//41> 

(؟) هي : عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما » ولدت بعد البعثة بأربع 
سنين » تزوجها الرسول كا وهي بنت ست ودخل بها وهي بنت تسع » في السنة 
١‏ ه وهي من أحب نسائه إليه وأفقههن » روت كثيراً من السنة » توفيت سنة /ه 
ه ودفنت في البقيع انظر :الإصابة لابن حجر:/7559- 3501 . 

(؟) رواه مسلم برقم 745 » والإمام أحمد في مسندة برقم 75705 ٠‏ وصححه 
الأرناؤوط ٠»‏ انظر : سند الإمام أحمد بتحقيق الأرناؤوط ٠‏ مؤسسة الرسالة- 
بيروت . ط١‏ عام ١5اهء ١8*4١‏ : 

58 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ويقول: " إن الأصل الذي يجب أن ترجع إليه الحياة 
البشرية بجملتها هو دين الله ومنهجه للحياة.. إن شهادة أن لا إله 
إلا الله وأن محمداً رسول الله التي هي ركن الإسلام الأول» لا 
تقوم ولا تؤدى إلا أن يكون هذا هو الأصل.. وأن العبودية لله 
وحده مع التلقي في كيفية هذه العبودية عن رسول الله يل لا 
تتحقق إلا أن يعترف بهذا الأصلء ثم يتبع إتباعاً كاملاً بلا تلعثم 
ولا تردد» ( مآ أفاء اه عل رَسُولِه- مِنَ أَهْلٍ الفريك قله ولول وَلِذِى الْمَرَقَ 


5 


التي وَالْسككينٍ وان لي لِك لا كد ذولة ين لخي يسك وهآ 


غو مبدو .م داعو 0006 وه 
الرسول فحخزوه وه 


لْعِقَابٍِ 225 [سورة الحشر: 7]. 

ودين الله ليس غامضاً» ومنهجه للحياة ليس مائعاً» فهو 
محدد بشطر الشهادة الثاني-محمد رسول الله - فهو محصور 
فيما بلغه رسول الله يله من النتصوص.. وأن يرجع إلى كتاب الله 
وس وسنو له فرظ بن روف ان 11001 

ويقول أيضاً " الشريعة الإسلامية من صنع اللهء ومصدرها 
القرآن والسنة ". 


م 


جع سق سير وتوأ 


0 


2 0 


ىو 
شديد 


)1( معالم في الطريق » ص ١١‏ . 
0( معالم في الطريق » ص ٠١5١ - ٠١5‏ بتصرف . 
9ه"2”5”» 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ويقول أيضاً: " ومصدرها - أي الشريعة - هو القرآن 
سك “وسو لم" اللى "ويك هما وكا بهذا هديره” المسدروة قيهن افقة 
إسلامي تختلف حجيته بقياس بعضه إلى بعض (0). 

وعند حديثه عن خصائص التصور الإسلامي يقول: " 
ونقصد بوصف التصور الإسلامي بأنه تصور رباني أنه مأخوذ 
من مصدر رباني وهو القرآن الكريم والسنة الشريفة " ("). 

؟ - وجوب الوقوف عندما جاء في الكتاب والسنة: وعدم 
تجاوز ذلك وخاصة في قضايا الغيب وما أبهم من النصوص. 
فعند حديثه عن آيات موسى -عليه السلام - التسع يقول: " 
فأما كيف وقعت هذه الآيات فليس لنا وراء النص القرآني 
شيء» ولم نجد في الأحاديث المرفوعة إلى رسول الله ييه عنها 
شيء» ونحن على طريقتنا في هذه الظلال نقف عند حدود 
النص القرآني.... ولا سبيل لنا إلى شيء إلا من طريق الكتاب 
والفيكة الحتكيكة 210 

ويقول: " ونكتفي في مثل هذا الشأن من عوالم الغيب بما 


)١(‏ نحو مجتمع إسلامي - سيد قطب - دار الشروق - بيروت طبعة عام 
65 ها ص .م ١اه.‏ 
)١(‏ مقومات التصور الإسلامي - سيد قطب » ص ١8‏ . 
5( في ظلال القرآن كله . 
006 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يرد في النصوص المستيقنة من قرآن أو سنة " .)١(‏ 

*- وجوب طاعة الرسول يه وتحكيم قوله: 

يقول: " إنما هو قول الله سبحانه» وقول نبيه يِه نحكمه 
في هذا الشأن -التلقي - ونرجع فيه إلى الله والى الرسول» كما 
يرجع الذين آمنوا إلى الله والرسول فيما يختلفون فيه " ("). 

ثانياً: قف سيد قطب السلبي من السنة: 

يتمثل موقف- سيد قطب- السلبي من السنة بموقفه من 
قضية الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة» وقبل عرض موقف سيد 
من حديث الاحاد في العقيدة وسببه لا بد من التعريف بحديث 
الآحاد وبيان سبب الاختلاف في حجيته عند الفرق بإيجاز: 

-١‏ المراد بحديث الاحاد: 

يقسم علماء الحديث والأصول الأخبار الواردة عن النبي 
إلى قسمين: 

أ - متواتر: وهو" ما رواه جمع غفير يستحيل في العادة 

تواطؤهم على الكذب من أول الإسناد إلى منتهاه» وأن يكون مستند 


. ١585/9 » المصدر السابق‎ )١( 


١44 معالم في الطريق » ص‎ )١( 
1 








رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 


خبرهم الحس. 
> اخاة وه اناافقة تشوطا من شزوظ القوائض التنايقة 013 
١‏ - هل خبر الواحد يفيد العلم أم الظن: 
شقلت هذة المبتألة العلماء قذيماً وحديكا» وضفت” فيه 
المصنفات» وعليها بنى بعضهم قبول خبر الآحاد عموماً» وبنى 
عليها آخرون عدم الاحتجاج به في العقائد. 
وباستقراء آراء العلماء في ذلك نجد أن لهم في ذلك ثلاثة 


مذاهب: 


الأول: أن خبر الواحد يفيد العلم مطلقاً: سواء احتفت به 
قرائن أم لا ("). 
الثاني: أنه يفيد الظن مطلقاً: سواءً احتفت به قرائن أم 


- شرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني مع حاشية بن قطلوبغا » دار الوطن‎ )١( 
» الرياض - ط١ . عام ١57١هاء ص 770575 . وشرح ألفية السيوطي‎ 
.597-45 لأحمد شاكر » دار المعرفة حبيروت ب . ت.ء ص‎ 

(؟) وهذا قول بن حزم والكرابيسي عانظر: الإحكام للآمدي ”١/”‏ » وروضة الناظر 
لابن قدامه المقدسي . دار الكتاب العربي - بيروت . ط١‏ ء عام ١٠5١ه.»‏ ص 
١‏ . والإحكام في أصول الأحكام » لابن حزم » دار الكتب العلمية - بيروت - 
طاء عام 5.٠54١هء‏ ١/5١١ء‏ ومختصر الصواعق للموصلي » 757/9 . 
وارشاد الفحول للشوكاني » ص 97 

ا" 





111 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





لا وهذا مذهب جمهور المتكلمين والأصوليين» وبعض 
المحدثين والفقهاء .)١(‏ 

الثالث: أنه يفيد العلم إذا احتفت به قرينة أو أكثر: 
والقرينة قد تتعلق بالخبر» وقد تتعلق بالمخبر»ء وقد تتعلق بهما 
0 ويدخل في ذلك: 

-١‏ الاستفاضة: كالخبر الذي يرويه في أصله واحد ثم 
يستفيض ويشتهر. 

؟- ما تلقته الأمة بالقبول. 

“- ما اتفق على تخريجه البخاري ومسلم أو رواه 
أحدهما. 

كمي كارن مسلينلة بالأقة الحقاظ كوه 10 

فهذا الخبر ونحوه يفيد العلم عند الجمهورء يقول شيخ 
الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " وخبر الواحد المتلقى 


» هذا القول مروي عن ابن عقيلء وابن الجوزي » وأبي بكر الباقلاني» وغيرهم‎ )١( 
العلن 1 لالحعان اللخطدى: +0717 رشرح: الكرعيا المفيو لاتق الفسنان كان‎ 
العبيكان » الرياض . ط١ . 8١5١ه ء 351/5 . وفتح المغيث للسخاوي » دار‎ 
لفقي تسوه حديوز م ات طوعة عاج تاك 11 والمسشمف من‎ 
:» 57 ؛ وإرشاد الفحول للشوكاني » ص‎ 40٠ - 55 (؟) شرح نخبة الفكر » ص‎ 
. وما بعدها‎ 
ا"‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- كوو --] 





بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء " .)١(‏ ويقول أيضاً: ' 
وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل 
ونحوه» ولم يتواتر لفظه ولا معناه» ولكنه تلقته الأمة بالقبول 
عملا به أو تصديقاً له.. فهذا يفيد العلم اليقين» عند جماهير أمة 
محمد يَةٍ من الأولين والآخرين» أما السلف فلم يكن بينهم في 
ذلك نزاع؛ وأما الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب 
الأتنة الأريشظي 250 

الرابع: يفيد العلم في_بعض الأخبار_لا في_الكل: واليه 
ذهب بعض أهل الحديث» وهي أخبار الغيب التي لا يجب فيها 
أكثر من الاعتقاد مثل الصراط والميزان ونحوها من أخبار يوم 
القيامة. 


- حكم العمل بخبر الاحاد: 


)١(‏ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية » جمع عبد الرحمن النجدي » طبعة 
عامة 4١/١8 ٠ ه١ 5١4‏ . ورفع الملام عن الأئمة الأعلام » لابن تيمية » دار 
البصيرة - الإسكندرية - ط١‏ » عام 5479 ١ه‏ 2 ص 0ه 

(؟) حكاه عنه ابن القيم في مختصر الصواعق ,7177/١‏ 7077 » ونحوه في مجموع 

27١-547 /١8 الفتاوى‎ 

ونسب الشهاب هذا المذهب إلى فقهاء المذاهب الأربعة . انظر : المسودة في 

أصول الفقه لآل تيمية » تحقيق د / أحمد الدوري » دار الفضيلة » الرياض » طبعة 

. 41١/١ 4اهء‎ 5 


:ا" 





111 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





جمهور أهل العلم على العمل بخبر الآحاد» وهو مذهب 
الصبحاية :وكافة: التايعين وحما هين السلف» والكلقه: 

قال ابن عبد البر(١)‏ - رحمه الله -: " وأجمع أهل العلم 
من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول 
خبر الواحد العدل» وايجاب العمل به إذا ثبت» ولم ينسخه غيره 
من أثر أو إجماع؛» على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من 
لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع 
00 

وقول الجمهوربالعمل بحديث الآحاد يشمل مسائل الدين 
جميعاً سواءً مسائل العقيدة أو غيرهاء وإنما خالف بعض أهل 
الكلام ومن تبعهم ()» فقالوا: إن أخبار الآحاد لا يصح الأخذ 


)١(‏ هو : يوسف بن عبد الله بن محمد النمري - أبو عمر - ولد بقرطبة سنة 
6ه »ء كان فقيهاً حافظاً محدثاً كثير الشيوخ »ولي القضاء فترة » له مؤلفات 
جاوزت الأربعين »منها : التمهيد والاستيعاب والاستذكار وغيرها » توفي سنة 
4"7؛ه»ء في شاطبة بالأندلس » انظر : ترجمته في سير أعلام النبلاء » /١6‏ 
48 .ء وتذكرة الحفاظ » ”/ .١١7٠‏ 

(؟) التمهيد » لابن عبد البر » تحقيق أسامة إبراهيم » دار الفاروق » القاهرة » ط١‏ 
»عام 1١57١‏ هء 3/١‏ . 

(*) الإحكام للآمدي » 5 »؛ وشرح نخبة الفكر » لابن حجر » ص 7". وارشاد 
الفحول للشوكاني » ص ”17 . 

ا" 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بها في العقائد» لأن مبنى العقائد على القطعء وأخبار الآحاد 
ظنية» فلا يؤخذ بهاء فعندهم لا يقبل خبر الآحاد في الاعتقادات 
إلا إذا جاء موافقاً للعقل» فيستدل به تعضيداً لا احتجاجاً؛ والا 
رد وحكم ببطلانه(١2.‏ 


وبطلان القول بعدم الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة 
من وجوه عديدة منها: 

-١‏ أن التفريق بين المتواتر والآحاد في إفادة العلم؛ 
اصطلاح حادث لم يدل عليه كتاب ناطق ولا سنة ماضية» ولم 
يعرفه الصحابة ولا التابعون» فالرسول ونه صدقه المؤمنون فيما 
أخبر به دون حاجة منهم إلى تواتر المخبرين (')» وكذلك كان 
الرسول 6 يصدق أصحابه فيما يخبرونه به» وكذا الصحابة 


يصدق بعضهم بعضا فيما يخبر به عن رسول الله يلد ولم يقل 


/ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي » تحقيق د‎ )١( 
- عبد الكريم عثمان » مكتبة وهبة - القاهرة - ط١ عام 1ه ء ص 68لا‎ 
والإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد » لإمام الحرمين الجو يني‎ » 
مطبعة السعادة - مصر عام ٠15١م » ص 51" » وأساس التقديس » لفخر‎ - 
. 7١5 عص‎ ١774 الدين الرازي » مطبعة كردستان العلمية » عام‎ 

(؟) الرسالة » للإمام محمد بن إدريس الشافعي ٠»‏ تحقيق أحمد شاكر - المكتبة 
العلمية - بيروت - ب .ت . ص ٠ 5١٠١‏ 556 وما بعدها 


كا" 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





واحد منهم لمن حدثه: خبرك خبر واحد» لا يفيد العلم حتى 
يتواتر» وتوقف من توقف منهم حتى عضده آخر لا يدل على 
رد خبر الواحدء وإنما كانوا يستثبتون أحيانآء بدليل أنهم كانوا 
يتوقفون في تصديق الراوي في أمور فرعية لا علاقة لها 
بالعقيدة»ء وهكذا التابعون أخذوا عن الصحابة جماعات 
ووحداناً» كيفما اتفق دون طلب حصول التواتر ('). ولو كان 
هناك دليل قطعي على أن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد كما 
يزعمون لصرح بذلك الصحابة والتابعون رضي الله عنهم. 

؟- أن التفريق بين العقائد والأحكام في الأخذ بخبر 
الواحد إنما بني على أساس أن العقيدة لا يقترن بها عمل» 
والأحكام العملية لا تقترن بها عقيدة» وكلا الأمرين باطل وهو 
من بدع أهل الكلام؛ فما من حكم عملي في الإسلام إلا وهو 
مرتبط بأصل عقديء وقد أستدل بعض أهل العلم على إفادة 
خبر الواحد العلم بأن العمل فرع عن العلم ('). 

وعملياً يصعب التفريق بين الأحكام العملية وأحكام 


. 355-55١ /5 2 مختصر الصواعق . للموصلي‎ )١( 
انظر : شرح التلويح للتفتازاتي » دار الكتب العربية - مصر - ب . ت ؟/”‎ )١( 
؛ ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة» لعثمان بن علي حسن‎ 
.1١759/١ ءها١‎ 5١8- مكتبة الرشد » الرياض » ط؛‎ » 
اا‎ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





العقيدة» فالعقيدة يقترن معها عملء والعمل يقترن معه عقيدة؛ 
وسو" الله. 6 عنذما أرسل: احادا 'من. الصبحابة إلى المدينة 
واليمن وغيرها طلب منهم أن يبلغوا العقيدة والعمل بدون تفريق 
بينهماء وكان خبر هذا الواحد قطعياً وليس ظنياً ('). 

*- ما ذكره غير واحد من أهل العلم من قيام الإجماع 
على قبول خبر الواحد إذا صح في جميع مسائل الدين العلمية 
والعملية دون تفريق» والقول بالتفريق فيه خرق صريح لإجماع 
الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم ("). 

4 - أنه يلزم منه رد أكثر الأحاديث الثابتة المروية عن 
رسول الله يه بمجرد تحكيم العقل» كما أنه لا يسلم لهم ضابط 
في التفريق بين أصول الدين وفروعه (). 


» وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة للشيخ / محمد ناصر الدين الألباني‎ )١( 
.ء. ص75 وما بعدها,‎ ه١‎ 57١7 المكتبة الإسلامية » عمان » ط١؟ . عام‎ 
» ودراسات في السيرة لمحمد سرور زين العابدين » دار الأرقم » بريطانيا » طه‎ 
عام 5١5١ه ء ص79517.‎ 

(؟) مختصر الصواعق للموصلي . 57/7" » والأحكام لابن حزم » ١١7/١‏ وما 
بعدها وإرشاد الفحول للشوكاني » ص 15 . 

(؟) مختصر الصواعق للموصلي ٠ 577/7 ٠»‏ 18: »ء والأحكام لابن حزم » 
١/0١‏ وما بعدها .و مذكرة في أصول الفقه للشيخ / محمد الأمين الشنقيطي » 
دار القلم - بيروت - طبعة ١551١اها.ء‏ ص5١١5-©6١٠1.,‏ 

1 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يقول ابن القيم -)١(‏ رحمه الله -: " إن هذه الأخبار لو 
لم تفد اليقين» فإن الظن الغالب حاصل فيها ولا يمتنع إثبات 
الأسماء والصفات بهاء كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطلبية بهاء 
فما الفرق بين الطلب وباب الخبر» بحيث يحتج بها في أحدهما 
دون الآخرء وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة» فإنها لم تزل 
تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات كما تحتج بها في 
الطلبيات العمليات.. ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل 
الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات 
والقدر والأسماء والأحكام" ('). 

وعموماً فالأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد - سواءً قلنا 
أنها تفيد العلم أو الظن - هو الراجح» وأن التفريق في الأخذ 
بها بين العقائد وغيرهاء أو بين ما يسمى بأصول الدين وفروعه 


)١(‏ هو : محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي » شمس الدين أبو عبد الله 
» اشتهر بابن قيم الجوزية » فقيه حنبلي »ولد عام ١11هء‏ بدمشق » وتتلمذ على يد 
ابن تيمية وغيره » أوذي وحبس عدة مرات ٠‏ كان إماماً حافظاً برع في علوم كثيرة » 
توفي سنة ١5/اه‏ » انظر ترجمته في : البداية والنهاية لابن كثير ٠‏ مكتبة المعارف 
بيروت . طه ». عام ١م‏ » 524/1١5‏ . وطبقات الحفاظ للسيوطي » دار الكتب 
العلمية - بيروت - ط١‏ - عام 7٠5١ه‏ ا ص 50ه . 
(؟) مختصر الصواعق ٠‏ للموصلي » 4١١/7”‏ » ودراسات في السيرة النبوية لمحمد 
سرور » ص 3172 وما بعدها . 
532 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- يو --] 





تفريق حادث؛ لا يشهد له كتاب ولا سنة» ولا أثر عن أحد من 
السلف وأئمة الهدى. 


4 - حكم من رد خبر الاحاد: 

تنازع العلماء في حكم من رد خبر الآحادء فمنهم من 
كفره» ومنهم من فسقه ومنهم من لم يكفره ولم يفسقه .)١(‏ 

والصواب في هذه المسائل - والله أعلم - أن ذلك 
يختلف باختلاف الأخبار وباختلاف أحوال الأشخاص الرادين 
للخبر: 

- فأخبار الآحاد الصحيحة ليست على درجة واحدة من 
الصحة» كما أن الخبر المحتف بالقرائن يختلف عن ما لم 
تحتف به قرينة» وكذا الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول يختلف 
عن ما اختلفوا فيه. 

- وكذلك يختلف الأمر باختلاف الأشخاص» فقد يكون 
الشخص مجتهداًء فيظن أن هذا الخبر الصحيح قد عارضه ما 


هو أقوى منه؛ أو أنه لم يصح عنده؛ء أو نحو ذلك مما يعذر به 


)١(‏ انظر الخلاف في ذلك في : المسودة لآل تيمية » /١‏ ©5172 » وشرح الكوكب 
المنير لابن النجار . ؟/557- 57" . ومختصر الصواعق للموصلي » 
. 
1 





17 717 77 17 ال 





كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في كتابه ( رفع الملام عن الأئمة 
الأعلام ). 

- وقد يكون الشخص معانداً وصاحب هوىء» قصده رد 
الأحاديث ومخالفة ما أجمع عليه السلف لشبهة عقلية تلقاها من 
أهل الكلام المذموم» أو لقصد إبطال العمل بالسنة النبوية. 

- وقد يكون الشخص زنديقاً قصده الطعن في الإسلام. 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: " إن من رد الخبر 
الصحيح اعتقادآت لغلط الناقل أو كذبه أو لاعتقاد الراد أن 
المعصوم لا يقول هذاء أو لاعتقاد نسخه ونحوه؛ فرده اجتهاداة 
وحرصا على نصر الحقء» فإنه لا يكفر بذلك ولا يفسق» فقد رد 
فو واخة مرخ الصهابة عضر أكذا: ا الكداف لصحيف 10 

وعليه: ينبغي مراعاة ما سبق عند الحكم على الشخص 
في رده للحديث» والنظر في الحامل له على ذلك. 

ه- موقف سيد قطب من حديث الاحاد وسيبه: 

من خلال استقراء ما كتبه سيد قطب - رحمه الله - تبين 
1 

1خ إن سيد قطب مع إجماع العلماء في الاعتداد 


)1( مختصر الصواعق» للموصلي 2 محص : 
51١‏ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 








بالأحاديث الصحيحة بقسميها في مسائل الدين العملية. 

ب - أن سيد قطب مع إجماع العلماء في الاعتداد 
بالحديث المتواتر في باب العقائد. 

ج - أن سيد قطب - رحمه الله - خالف ما عليه جمهور 
أهل السنة والجماعة في مسألة الأخذ بحديث الآحاد في 
العقيدة» حيث صرح في موضعين من كتاب ( الظلال ) بأن 
حديث الاحاد لا يؤخذ به في العقيدة» ونص كلامه في 
الموضعين كما يأتي: 

الموضع الأ 

في سورة الأنفال عند حديثه عن كيفية تزيين الشيطان 
للكفار يوم بدر المذكور في قوله تعالى: ١‏ وَإِدْ وس لَهُمْ أَلشَّيِطَننٌ 
لتقف :36 ال لح يمت أي تاف +1 تف 
مَلَمَاترَكهْتٍ الْفعكَانِ مَكَصَ عَلَ عَقِسَيهِ وَكَالَفْ بر مَنحكْعْ إن أرئى ما 


لا تَرَوَ إن لاف أله وَآسَدُ ضَدِيدُ ألْهِكَابٍ ()) [سورة الأنفال: 
6]. 


مقرك: سين" زلف وومقة ف نهذ اللنة زالحادت. الذي شير 
إليه عدة آثار ليس من بينهما حديث عن رسول الله ل - 


0 


11 عي هطب ومنصجه في العقيسة- كوو --] 





ما رواه مالك )١(‏ في الموطأ بسنده - أن رسول الله يك قال: ' 
ما رئي إبليس يوماً هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ 
من يوم عرفة» وذلك مما يرى من تنزل الرحمة والعفو عن 
الذنوب» إلا ما رأى يوم بدر: قالوا: يا رسول الله وما رأى يوم 
بدر؟ قال: " أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة ". 

وفي هذا الأثر عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون» 
وهو ضعيف الحديث والخبر مرسل'7("). 

ثم أوردوا عدة آثار عن ابن عباس وغيره في بيان تمثل 
إبليس للمشركين في صورة 

رجل من مدلج ثم قال: " ونحن - على منهجنا في هذه 
الظلال - لا نتعرض لهذه الأمور الغيبية بتفصيل لم يرد به 


نص قراني أو حديث نبوي صحيح_متواترء فهي من أمور 


)١(‏ هو : الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي » الحميري » أبو عبد الله إمام 
دار الهجرة » أحد الأئمة الأربعة » قال عنه الشافعي : ( مالك حجة الله على 
خلقه بعد التابعين ) توفي سنة ١79‏ ه بالمدينة » انظر ترجمته في: وفيات 
الأعيان لأبن خلكان - دار صادر - بيروت - ب . ت . ١70/4‏ . 

)١(‏ الحديث رواه مالك والبيهقي وغيرهما » وضعفه الألباني » انظر : مشكاة 
المصابيح للخطيب التبريزي ٠»‏ تحقيق الألباني » المكتب الإسلامي » بيروت » 
ط"” . 5٠.5١هاء‏ 798/7 برقم 737٠١‏ » وضعيف الترغيب والترهيب ٠‏ للألباني 
» مكتبة المعارف » الرياض » ط١‏ عام ١57١ه‏ ء ”517/١‏ . 

1 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الاعتقاد التي لا يلتزم فيها إلا بنص هذه درجته» ولكننا في 
الوقت _ذاته_لا نقف موقف الإنكار والرفضء فالنص القرآني 
يثبت أن الشيطان زين للمشركين أعمالهم.. ولكننا لا نعلم 
الكيفية.. الكيفية فقط هي التي لا نجزم بهاء ذلك أن أمر 
الشيطان كله غيب ولا سبيل لنا إلى الجزم بشيء في أمره إلا 
في حدود النص المسلم» والنص هنا لا يذكر الكيفية إنما يثبت 
التحاضة:؟00(7: 

ثم حمل منكراً على مدرسة الشيخ محمد عبده في التفسير 
محاولتها تأويل كل أمر غيبي ينفي الحركة الحسية عن هذه 
العوالم (). 

ويفهم من خلال كلام سيد السابق: أنه جعل من منهجه 
في الظلال عدم التعرض لتفاصيل الأمور الغيبية إلا ما ثبت 
تفصيله بنص قرآني أو حديث صحيح متواتر» لكنه في الوقت 
ذاته لا ينكر أو يرفض أو يأول النصوص الواردة في ذلك كما 
فعل المتكلمون. 

الموخ 








الثاني: 


)١(‏ في ظلال القرآن » سيد قطب ١571/7‏ بتصرف يسير 
0( المصدر السابق 2 1 0 0 
0 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





السحر وطبيعته: :)١(_‏ تعرض سيد لمسألة سحر- لبيد بن 
الأعصم اليهودي- للنبي يِ فقال: " وقد وردت روايات - 
بعضها صحيح لكنه غير متواتر - أن لبيد بن الأعصم 
اليهودي سحر النبي ين - في المدينة» قيل أياماً» وقيل شهراً.. 
حتى كان يخيل إليه أنه يأتي النساء وهو لا يأتيهن في رواية؛ 
وحتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله في رواية» وأن 
السورتين نزلتا رقية لرسول الله وَل فلما استحضر السحر 
المقصود - كما أخبر في رؤياه - وقرأ السورتين انحلت العقد 
وذهب عنه السوء" 02 

وقد حاول سيد - رحمه الله - أن يبين سبب استبعاده 
لكون الروايات في حادث سحر النبي 6 هي سبب نزول 
السورتين بقوله: " ولكن هذه الروايات: 

- تخالف أصل العصمة النبوية في الفعل والتبليغ ٠‏ 


)١(‏ لسيد رحمه الله - رأي في حقيقة السحر - سيأتي بيانه - إن شاء الله - عند 
الحديث عن نواقض التوحيد . 

)0( في ظلال القرآن » 5/ 50٠08‏ وقصة سحر النبي يك رواها الإمام البخاري 
انظر : صحيح البخاري عدار ابن كثير - بيروت - طه ؛ عام 5١5‏ ١ه‏ ؛ كتاب 
الجزية » باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر ١١59/7‏ » برقم 3٠٠١5‏ » وأيضاً 
برقم 958" للاوه, زه , 5الاه, لاحت . 

هم" 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





- ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله يك وكل 
قول من أقواله سنة وتشريع. 

- كما تصطدم بنفي القرآن عن رسول الله يه أنه مسحور»ء 
وتكذيب المشركين فيما كانوا يدعونه من هذا الإفك» 
ومن ثم تستبعد هذه الروايات. 

- وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة» والمرجع 
هو القرآن» والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول 
الاغتقاد؛ وهذه الروايات ليست من المتوائر. 

- فضلاً على أن نزولهما في مكة هو الراجح مما يوهن 
أشاين الزواناك) الكهريمة 1071 1. 

ومن خلال كلام سيد السابق يتبين لنا ما يأتي: 

أولاً : إنكار سيد قطب لحادثة سحر النبي يك واستيعاده 

للأحاديث المثبتة لها في الصحيحين_لكونها كما يقول تخالف 

أصل العصمة وتخالف نفي القرآن للسحر عن الرسول كَ. وهنا 

وقع سيد قطب - رحمه الله - في ثلاثة أخطاء: 
*الخطأ الأول: ظنه أن سحر النبي يه الثابت في الحديث 

الصحيح يتعارض مع أصل العصمة» وهذا القول غير صحيح: 


. 50١8/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
21 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





' لأن الرسول 4ه معصوم بالإجماع من كل ما يؤثر خللآت في 
التبليغ والتشريع» وأما بالنسبة إلى الأعراض البشرية كأنواع 
الأمراض والآلام» ونحو ذلك فالأنبياء صلوات الله وسلامه 
عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر .)١(‏ 

قال القاضي عقوا ات رحمه الله -: " فظهر بهذا أن 
السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه؛ لا على 
معتقده».. فالسحر مرض من الأمراض» وعارض من العلل 
يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته" 
00 

إن وقوع المرض له بسبب السحر لا يجر خللاً لمنتصب 
النبوة» لأن المرض الذي لا نقص فيه في الدنيا يقع للأنبياء» 


» دار إحياء التراث الإسلامي » بيروت‎ ٠ ينظر : أضواء البيان » للشنقيطيي‎ )١( 
وعالم السحر والشعوذة » د/ عمر الأشقر » دار‎ . 454/7" 01١511 ء عام‎ ١ط‎ 
. 187 ص‎ ءاها١‎ 5١14 النفائس - الأردن » ط؟ » عام‎ 

)١(‏ هو : عياض بن موسى بن عمران » اليحصبي » أبو الفضل السبتي » ولد في 
سبته سنة 4776ه ء عالم المغرب وامام الحديث في وقته » كان من أعلم الناس 
بكلام العرب وأنسابهم » تولى قضاء سبته وغرناطة » توفي مسموماً » عام 
14هء انظر ترجمته في : وفيات الأعيان » ”587/7 . 

(') الشفا في تعريف حقوق المصطفى » للقاضي عياض اليحصبي » دار الكتب 
العلمية » بيروت »ب .ت . ؟/187. 

ا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ويزيد في درجاتهم في الآخرة - عليهم الصلاة والسلام- وحينئذٍ 
فإذا خيل له بسبب مرض السحر أنه يفعل شيئاً من أمور الدنيا 
وهو لم يفعله ثم زال ذلك عنه بالكلية بسبب إطلاع الله له على 
مكان السحر واخراجه إياه من محله ودفنه» فلا نقص يلحق 
بالرسالة من هذا كله» لأنه مرض كسائر الأمراض لا تسلط له 
على عقله» بل هو خاص بظاهر جسدهء حيث صار يخيل إليه 
تارة فعل الشيء من ملامسة بعض أزواجه وهو لم يفعله» وهذا 
في زمن المرض لا يضرء " ('). 

*الخطأ الثاني:_ظنه أن حديث السحر يتعارض مع 
الآيات القرآنية التي تكذب مزاعم المشركين الذين زعموا أن 
الرسول هَيةٌ رجل مسحور. 

" فهذا الحديث الصحيح الذي هو في أعلى درجات 
الصحة السبع لاتفاق الشيخين عليه وغيرهماء غير مصادم 
لنص القرآن الذي هو قوله تعالى إخباراً عن قول الكفرة ج ند ى 
ى ب د ج (25: لأن القرآن دل صراحة على أن السحر قد يؤثر 
في الأنبياء فيما لا يتعلق بالتبليغ والشرع؛ كما ذكر في قصة 


)1( دراسات في السيرة لمحمد سرور “ص 351 . 
)١(‏ سورة الإسراء » آية /ا؟ . 
4 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





موسى - عليه السلام - وقد علمنا فيما سبق أن تأثير السحر 
لا يمكن أن يصل إلى حد الإخلال في تلقي الوحي وتبليغه لأن 
النصوص دالة على عصمة الأنبياء في ذلك .)١(‏ 

*الخطأ الثالث:_قوله بأن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في 
العقيدة» وأن التواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد» 
وقد بينا خطأ هذا القول عند الحديث عن حكم العمل بخبر الآحاد. 

والذي يظهر لي أن موقف سيد هذا من حديث الآحاد كان 
سببه تأثره بالمدرسة الإصلاحية وأفكارها رغم انتقاده لها - حيث 
وجدت أن كلامه ليس إلا تلخيصاً لكلام الشيخ محمد عبده (")؛ 
وكذا قوله بأن إثبات السحر يمس العصمة النبوية. 

وقد حاول بعض المؤلفين أن يعتذر لسيد بأن كلامه هذا في 
تفسير سورة الفلق وهو لم يصل إليه عند مراجعته وتنقيحه للظلال 
ولو وصل إليه لغير رأيه ("). 

وهذا الكلام يدحضه وجود كلام سيد الأول في تفسير سورة 
الأنفال وهو في الجزء المنقح مما يدل على أن موقف سيد من خبر 


. ١88 عالم السحر والشعوذة» للأشقر » ص‎ )١( 
ينظر كلامه في : تفسير جزء عم . لمحمد عبده » مطبعة مجلة المنار القاهرة‎ )١( 
. 184-1819 -دط؟ ء عام 79١١اهاء ص‎ 
. 7517 (؟) سيد قطب لمحمد توفيق بركات » ص‎ 
1 





77779191911111130101101010تسيت هليم ومنهمه في العفيسة _ يوا ]| 





الآحاد ثابت لم يتغير .)١(‏ 

ولعل مما يخفف من موقف سيد من خبر الآحادء هو أنه لا يرد 
أخبار الآحاد على الإطلاق» ولا يقف منها موقف المنكرء كما قال 
صريحا: " ولكننا في الوقت ذاته لا نقف منه موقف الإنكار والرفض 
للق 


. 17 في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي » ص‎ )١( 
٠151919 في ظلال القرآن»‎ )١( 
399 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الثالث 


الفطرة 

الفطرة في اللغة: من فطر الشيء يفطرهء فطراً» وتأتي 
فتن ' لشو ا لالقة ا لكلف 00): 

وفي الاصطلاح:_هي ما جبل الله عباده عليه من معرفته 
وتوحيده» وتفسر أيضاً: بالإسلام والدين الحق ("). 

وجمهورأهل السنة والجماعة_متفقون على أن الناس 
مفطورون على معرفة الله تعالى ومحبته ورجائه وعبادته» وأن 
هذه الفطرة لو خُليت وعدم المعارض لبقيت على حالتها من 
السلامة والاستقامة ولكنها يعرض لها ما يغيرها ويحولها إلى 
الكفر أو الشرك. 

كما يرون أن مسائل الدين موافقة لفطر الناس - قبل 
التغيير والتحويل- فلا تجد مسألة منها إلا وفي الفطرة ما يشهد 
لها بالصحة والسلامة» سواءً المسائل المتعلقة بالربوبية أو 


» »ء والصحاح للأزهري‎ 73876787/٠١ ٠ لسان العرب ». لابن منظور‎ )١( 
211 
» الفطرة » حقيقتها ومذاهب الناس فيها » علي بن عبد الله القرني » دار المسلم‎ (0 
وما بعدها‎ ١5١ الرياض . ط١ عام 5١51١ه . ص‎ 
5353١ 





1 17 17 717 ال 





الإلوهية أو الأسماء والصفات أو الأحكام» فالإسلام بعقائده 
وشرائعه هو دين الفطرة فكل مسائله يوجد في الفطرة ما يؤيدها 
ويشهد لصحتهاء إما صراحة»؛ وذلك في الأصول الكبار» أو 
إحالة» بمعنى أن الفطرة لا تنفر من ذلك وهذا في تفاصيل تلك 
الأصول 0 

قال تعالى: ١‏ كََهِمْ مَجَهَكَ لين حَنِيِئًا فِطْرَتَ أله لت فَطرَ 
2 س عَليَا لا يَِيلَ لسَلَقِأسَهُ ذلك الزيث الَْبَمْ كر 

لماسلا يَعلمون '(:5)) [سورة الروم: .]"١‏ 

وقد اعتمد سيد قطب - رحمه الله - على الفطرة في 
قوير لمسائكل الاعتقادء واعقيوها ذليلاً من: أدلة: التوخيد -ومضدراً 
من مصادر الاعتقاد لكنه مصدر غير مستقلء» فالفطرة سبب 
هداية مركوز بالنفوس يكمّل بالرسل والكتب ("). 


وقد قرر سيد - رحمه الله - أن: " قضية التوحيد تعرض 


)1( ينظر في ذلك : مجموع فتاوى ابن تيمية » 5م 53315-936” , وشفاء العليل » 
لابن القيم »دار الكتاب العربي - بيروت - ط١‏ » عام 1ه ء صه:: وما 
بعدها .وايثار الحق » لابن الوزير » دارا لكتب العلمية » بيروت - ط” 2 عام 
أهل السنة » لعثمان علي حسن » 7١8-7١١ /١‏ بتصرف. 

(') انظر : في ظلال القرآن » ١١5915/7”‏ وما بعدها . 

50 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





في القرآن من زاوية الفطرة التي فطر الله عليها البشر» وأخذ 
31 الميثاق في ذات أنفسهم وذات 0 وهم بعد في عالم 
الذرء إن الاعتراف بربوبية الله وحده فطرة في الكيان البشري» 
فطرة أودعها الخالق في هذه الكينونة» وشهدت بها على نفسها 
تحكد وجودها: الذاكي وحكو ها سسشتخره في أعناقها مين .هذه 
الحقيقة» أما الرسالات فتذكير وتحذير لمن ينحرفون عن فطرتهم 
الأولى» فيحتاجون إلى التذكير والتحذير.. إن التوحيد ميثاق 
معقود بين فطرة البشر وخالق البشر منذ كينونتهم الأولى فلا 
حا 0 
يذكرونهم ويحذرونهم - ولكن رحمته وحدها اقتضت ألا يكلهم 
إلى فطرتهم هذه فقد تنحرف» وألا يكلهم إلى عقولهم التي 
أعطاها لهم فقد تضلء وأن يبعث إليهم رسلا مبشرين ومنذرين 
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " .)١(‏ 
" فالفطرة عهد مركوز في طبيعة كل حيء يقوم على 
معرفة العبد خالقه» والاتجاه إليه بالعبادة وما تزال في الفطرة 
هذه الجوعة للاعتقاد باش " (0). 


)0( في ظلال القرآن : ١791/9‏ . 
() المصدر السابق : .51/١‏ 
507 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





"' وتفرد الله تعالى بالإلوهية والملك والدين» والنعمة 
والتوجه» أمور تشهد بها فطرة البشر وخاصة حين يصهرها 
اليو وستف صني كانه الفزك 07 
" فالفطرة بذاتها تحس بوجود الخالق الواحد ما لم تفسد 
أو تنحرف" (0)» " وهي مجذوبة إلى الذي فطرها تتجه إليه أول 
فالتوجه إلى الخالق هو الأولى وهو الأول " (). 
وباستقراء كلام سيد قطب - رحمه الله - نجد: 
-١‏ أنه يرى أن الفطرة أحد مصادر العقيدة وأنها من 
دلائل التوحيد والإيمان- كما سيأتي-. 
-١‏ أن الإيمان والتوحيد أمر فطري في العباد (؟). 
"- أن منهج القرآن يقوم على مخاطبة الفطرة واحالة 
المخاطبين إلى فطرهم وغرائزهم. 
5- أن الفطرة قد تنحرف وتفسد نتيجة لعدة عواملء» وبالتالي فإن 
من رحمة الله تعالى إرسال الرسل وانزال الكتب لاستنقاذ 


المصدر السابق : 5/5/ا١؟‏ , 7051/5 . 

٠ 5750١14/8 المصدر السابق‎ 

المصدر السابق : 5155/5 . 

المصدر السابق ؟/ .1١١959 051١١58‏ 
0 





اا عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





الفطرة من الانحراف» وأنه سبحانه لا يحاسبهم على عهد 
الفطرة حتى يرسل إليهم الرسل ويفصل لهم الآيات (0). 
وبهذا نجده موافقاً لما عليه أهل السنة والجماعة في قضية الفطرة» ومخالفاً 
للمتكلمين الذين يقولون بأن المعرفة نظرية جدلية» وليست فطرية» فالله 
عندهم - أي المتكلمين - لا يعرف إلا بالنظر الجدلي وأن النظر 
والقصد إلى النظر هو أول واجب على المكلف ('). 


)01( في ظلال القرآن » ”/ ١798‏ . 

- ينظر كلامهم في : التمهيد والأوائل . للباقلاني » مؤسسة الكتب الثقافية‎ )١( 
بيروت - ط”5 ء عام 5١54١ه . ص "5 . وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي‎ 
» مؤسسة الرسالة » بيروت » ط؟‎ ٠ تحقيق / التركي والأرناؤوط‎ ٠» العز الحنفي‎ 
*هءص75.‎ 

ه50 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الرايع 


العقل 

العقل في اللغة: مصدر من عقلء يعقل» عقلآء فهو 
معقول وعاقل» وأصله: المنع» ويطلق العقل على معاني كثيرة 
منها: الحجرء والنهي» والدية» والملجأء والحصنء والقلب .)١(‏ 
وكلها معانٍ تدور حول المنع. 

وأما العقل في الاصطلاح: فقد أختلف في تعريفه وتحديد 
ماهيته» وباستقراء كلام العلماء والفرق نجد أن العقل يستعمل 
في أربعة معانٍ: 

الأول:_الغريزة المدركة التي بها يعلم الإنسان ويعقل» وهي 
فيه كقوة البصر في العين» وهي شرط في المعقولات» ومناط 
التكليف» وبها يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان ("). 


)١(‏ لسان العرب لابن منظور ٠‏ 51/1" وما بعدهاء والقاموس المحيط » للفيروز 
أبادي » مؤسسة الرسالة - بيروت » طه , عام"١5١ه‏ » ص 217١95‏ 

)١(‏ ينظر : إحياء علوم الدين ٠‏ لأبي حامد الغزالي » دار الكتاب العربي » بيروت 
5ط .ب .ت . ١/545١ء‏ ومجموع فتاوى ابن تيمية » 9//ا841” , /١5 + ”5٠١‏ 
5" . ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية » طبعة جامعة الإمام محمد بن 
سعود - الرياض »عام 5395 ١ه‏ ء 89/١‏ . 

5305 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الثاني:_العلوم الضرورية التي تقع ابتداء وتشمل جميع 
العقلاء» كالعلم بالممكنات والواجبات والممتنعات - وهذا تعريف 
الفلاسفة والمتكلمين للعقل(١).‏ 

الثالث:_العلوم النظرية التي تحصل بالنظر والاستدلال؛ 
ويتفاوت الناس فيها. 

الرايع: الأعمال التي تكون بموجب العلم» فلا عقل لمن لم 
يعمل يموحيما-هداء له- عقله. 200 فالتدزيق: الأكمل للعقن 
يكون بذكر معانيه السابقة مجتمعه» يقول صاحب القاموس: " 
والحق أنه نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية 
والنظرية " (')وفي كل معاني العقل المتقدمة لا يوصف بأنه 
جوهر قائم بنفسه خلافاً للفلاسفة ومن شايعهم من المتكلمين 
(*). بل العقل صفه أو عرض - عند من يتكلم بالجوهر 


» مؤسسة الزغبي » حمص‎ ٠» الحدود » لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي‎ )١( 
. 735١ طاء عام 597١اهاء ص‎ 

(؟) ينظر : مجموع فتاوى ابن تيمية » 787/4 » ومنهج الاستدلال لعثمان علي 
حسن .1١59 1/١ ٠‏ 

(؟) والقاموس المحيط » للفيروز أبادي » ص ١١95‏ » 

(5) ينظر : الحدود لابن سيناء » تحقيق أميليه حواشن - منشورات المعهد الفرنسي 
-القاهرة » ب . ت ٠‏ والتعريفات للجرجاني ص 2١‏ . 

501/ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





والعرض - يقوم بالعاقل» وكونه صفة يمنع كونه أول 
المخلوقات؛ لأن الصفة لا تقوم بنفسها .)١(‏ 

ومما سبق يتضح لنا:_أن العقل شرط في معرفة العلوم؛ 
وكمال وصلاح الأعمال» به يكمل العلم والعمل» لكنه ليس 
مستقلاً بذلك» إنه غريزة في النفسء» وقوة فيها بمنزلة قوة البصر 
التي في العين» فإذا اتصل به نور الإيمان والقراآن كان كنور 
العين إذا اتصل به نور الشمس والنار واذا انفرد بنفسه لم 
يببصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها (). 
الشخص الواحد " فالإنسان وان زعم في الأمر أنه أدركه وقتله 
علماً لا يأتي عليه زمان إلا وقد عقل ما لم يكن يعقل وأدرك ما 
لم يكن أدرك من قبل " (). 

وخالف في ذلك الفلاسفة والمتكلمون فقالوا: إن الناس 
متساوون في العقول» وذلك بناءً على أن العقل عندهم حجة 
عامة يرجع إليها الناس عند اختلافهم» ولو تفاوتت العقول لما 


. 79/8 /١4 » مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
. 5784- 58/8/١1 » مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
- (؟) الاعتصام » للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي » دار الفكر‎ 
. 777/7 . بيروت .ب.ات‎ 
55180 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





حصل ذلكء وهذا مبني على تعريفهم للعقل بأنه: " بعض العلوم 
الضرورية التي لا يختلف الناس عليها" والصواب ما تقدم .)١(‏ 

* مواقف الناس من العقل: 

جعل الله العقل دليلاً إلى الإيمان به» والتعرف عليه 
ومميزاً بين الحق والباطل. إلا أن الناس صاروا في شأن العقل 
نحلاً شتى واختلفت مواقفهم منه ويمكن إجمال ذلك فيما يأتي: 

الطائفة الأولى: غَلت في العقل» وأعطته فوق قدره فجعلته 
حاكماً على الوحيء ورقيباً عليه بل جعلت العقل محور المعرفة؛ 
وسبيل الوصول إلى الحقائق وميزان التحسين والتقبيح» فالدليل 
العقلي عند هؤلاء قطعي والسمعي ظنيء لذا قالوا بتقديم العقلي 
منظطلقاً ويمثل .هذه الطائفة المعتؤلة والفلامنفة .)١(‏ 

الطائفة الثانية: على النقيض من الأولى» عطلوا العقل» 
وخضعوا للذوق والشهوات» بل ذموا العقل وعابوه» وادعوا أن 
كثيراً من القوانين العقلية يمكن أن يأتي عليها البطلان» لذا 


)١(‏ ينظر : شرح الكوكب المنير » لابن النجار » ص 8١‏ . وأساس التقديس للفخر 
الرازي »ء ص 201 ١‏ ,» ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية » 0ه" 


وما بعدها . 
(؟) ينظر : الإرشاد للجو يني » ص 554 » وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد 
الجبارء» ص 828 . 


لحل 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





تجدهم يقررون أموراً يعرف كذبها بصريح العقل» ويمدحون 
أحوالاً لا تكون إلا مع زوال العقل والتمييز» كالجنون والوله؛ 
ويمثل هذه الطائفة غلاة المتصوفة ومن شايعهم .)١(‏ 

الطائفة الثالثة:_وهم أهل السنة والجماعة» الذين أعطوا 
العقل قدره» فلم يغلوا فيه ولم يرغبوا عنه» بل أعملوه في فهم 
آيَاك" الله 'الكونية والشرطية وجهلوة دلبلا مخ أدلة المعرفة عامة 
والدينية خاصة» تابعاً للوحي غير مستقلء ويرون أنه لا تعارض 
بين الشرع والعقل» فالوحي جاء بالأدلة العقلية صافية من كل 
كدرء وعرض مسائل الاعتقاد بأدلتها العقلية التي يجب على 
العقل النظر فيها وفهمها على وجهها. 

* موقف سيد قطب - رحمه الله - من العقل: 

من خلال استقراء كلامه- رحمه الله- يمكن بيان موقفه 
من العقل فيما يأتي: 

-١‏ يرى أن العقل هو أداة التمييز والمعرفة والهداية في 
الإنسان» وأن الناس يختلفون فيه» وأن العقل البشري يتأثر 
بالمؤثرات» لذا لا بد من ميزان ثابت ترجع إليه العقول جميعاً 


)1( ينظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ٠‏ 2" », ومنهج الاستدلال لعثمان علي 


.15177/١ ٠ حسن‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





هو الشرع: يقول - رحمه الله -: " إن للعقل البشري وزنه وقيمته 
بوصفه أداة من أدوات المعرفة والهداية في الإنسان.. لكن هذا 
العقل البشري هو عقل الأفراد والجماعات في بيئة من البيئات» 
متأثراً بشتى المؤثرات.. ليس هناك ما يسمى " العقل البشري " 
كمدلول مطلق إنما هو عقلي وعقلكء» وعقل فلان وعلان» 
وعقول هذه المجموعة من البشر» في مكان ماء وفي زمان ما.. 
وهذه كلها واقعة تحت مؤثرات شتى» تميل بها من هنا وتميل 
بها من هناك ولا بد من ميزان ثابت» ترجع إليه هذه العقول 
الكثيرةء فتعرف عنده مدى الخطأ والصواب في أحكامها 
وتصوراتهاء ومدى الشطط والغلو» أو التقصير والقصور في هذه 
الأحكام والتصورات» وقيمة العقل البشري هنا هو أنه الأداة 
المهيأة للإنسان ليعرف بها وزن أحكامه في هذا الميزان - 
الميزان الثابت الذي لا يميل مع الهوى» ولا يتأثر بشتى 
الفكترات "200 

ويقول أيضأة: " والإنسان مهيأ بطبعه للخير والشرء 
وعقله هو أداته للتمييزء ولكن هذا العقل في حاجة إلى ميزان 
مضبوط يعود إليه دائماً كلما غم عليه الأمرء وأحاطت به 


. 5930/7 » في ظلال القرآن‎ )١( 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الشبهات» وجذبته التيارات والشهوات» وأثرت فيه المؤثرات 
العارضة التي تصيب البدن والأعصاب والمزاج» فتتغير وتتبدل 
تقديرات العقل أحياناً من النقيض إلى النقيضء» هو في حاجة 
إلى ميزان مضبوط لا يتأثر بهذه المؤثرات ليعود إليه» وينزل 
على إرشاده ويرجع إلى الصواب على هداه؛ء وهذا الميزان الثابت 
العائل هر عدت انور 00 

ويقول: " العقل البشري لا يصلح وحده أن يكون ضابطاً 
موزوناً ما لم ينضبط هو على ميزان العقيدة الصحيحة» فالعقل 
يتأثر بالهوى كما نشهد في كل حينء ويفقد قدرته على المقاومة 
في وجه الضغوط المختلفة ما لم يضم إلى جانبه ذلك الضابط 
الو 0 

-١‏ يقرر سيد قطب - رحمه الله - أن الإسلام دين 
العقل»ء حيث يقول: " إن الإسلام دين العقل نعم؛ بمعنى أنه 
يخاطب العقل بقضاياه ومقرراته» ولا يقهره بخارقة مادية لا 
مجال له فيها إلا الإذعان» ويخاطب العقل بمعنى أنه يصحح 
له منهج النظرء ويدعوه إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات 


)1( المصدر السابق » ١75٠/9”‏ 94 
)0( في ظلال القرآن » 5930/7 . 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإيمان في الأنفس والآفاق» ليرفع عن الفطرة ركام الإلف 
والعادة والبلادة» وركام الشهوات المضلة للعقل 

والفطرة» ويخاطب العقل بمعنى أنه يكل إليه فهم مدلولات 
النصوص التي تحمل مقرراته» ولا يفرض عليه أن يؤمن بما لا 
يفهم مدلوله ولا يدركه» فإذا وصل إلى مرحلة إدراك المدلولات 
وفهم المقررات لم يعد أمامه إلا التسليم بها فهو مؤمن» أو عدم 
التسليم بها فهو كافر " .)١(‏ 

ويقول: أيكنا " 'إخ هذه الْرْسالة تخاطد العقل تمعد 
أنها توقظهء وتوجهه؛ وتقيم له منهج النظر الصحيح ' (2). 

©- يرى أن العقل الصرن لا يناقض الشرع الصحيح؛ 
حيث يقول: " وهذا لا يعني أن التصور الإسلامي مناقض أو 
مصادم للعقل البشري» 7 مقرراته -أي التصور الإسلامي - 
نوعان: 

نوع الإدراك البشري قادر على تصوره عند تلقيه من 
المصدر الرباني» ونوع هو غير قادر على إدراكه» ولكن منطقه 
اودترا مطيفم اق عن كقرة إدر اكير نبا ودر ميا 


)1( في ظلال القران 3 / /اءم 
()) المعيط السافف ارا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





هو أكبر من حدود إدراكه داخل في قدرة الله؛ وأن إخبار الله 
عن وجوده هو بذاته برهان هذا الوجودء وبرهان صحة 
الإخبار.. ومن ثم لا يقع التناقضء أو التصادم أبداً متى استقام 
العقل البشري والتزم حدوده ' .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " والقرآن هو الذي نستقي منه مقرراتنا 
العقلية» ومن ثم لا يصلح أن يقال: إن مدلول هذا النص 
يصطدم مع العقل.. " (1). 

5- أما قيمة العقل البشري» ووظيفته» ومجاله ودوره في 
قضية الإيمان والهدى» وفي قضية منهج الحياة ونظامها عند 
سيد قطب - رحمه الله - فيمكننا تلخيصه في النقاط الآتية: 

أ - دور العقل أن يتلقى عن الوحي ويفهم عنه ويزن 
الواقع بميزان الوحي» فالعقل لا يستقل بالمعارف الدينية» ولا يغني 
عن الوحي» يقول سيد حرحمه الله -: " ونقف من هذه اللفتة في 


د م2 مغ 


0 0 | بوك خله عمدلو. دي سن ب اه 
قوله تعالى: [ رسلا مسرن وَمُنَذِيِنَ لِعَلَا يَكوْنَلِلنَاس عل أله ى 


5 


بعد اسل وَكانَ ألَّهُ عَررًا حَكيما (0)) [سورة النساء: 15 .]١‏ 


-_- 


أمام قيمة العقل البشري ووظيفته ودوره في أخطر قضايا " 


5 في ظلال القران‎ )١( 





17 717 77 17 ال 





الإنسان" قضية الإيمان بالله» التي تقوم عليها حياته في الأرض 
في جذورها بكل مقوماتها واتجاهاتها وواقعيتها وتصرفاته» كما 
يقوم عليها مآله في الآخرة وهي أكبر وأبقى لو كان الله - 
سبحانه - وهو أعلم بالإنسان وطاقاته كلهاء يعلم أن العقل 
البشري الذي وهبه للإنسان» هو حسب هذا الإنسان في بلوغ 
الهدى لنفسه والمصلحة لحياته في دنياه وآخرته لوكله إلى هذا 
العقل وحده» يبحث عن دلائل الهدى وموحيات الإيمان في 
الأنفس والأفاق» ويرسم لنفسه كذلك المنهج الذي تقوم عليه 
حياته».. ولما أرسل إليه الرسل على مدى التاريخ» ولما جعل 
حجته على عباده هي رسالة الرسل إليهم وتبليغهم عن ربهم.. 
ولكن لما علم الله - سبحانه - أن العقل الذي آتاه للإنسان أداة 
قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدي بغير توجيه من الرسالة 
وعون وضبط - وقاصرة كذلك عن رسم منهج للحياة الإنسانية 
يحقق المصلحة الصحيحة لهذه الحياة» وينجي صاحبه من سوء 
المآل في الدنيا والآخرة.. شاءت حكمته وشاءت رحمته(١)‏ أن 
يبعث للناس بالرسلء وألا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ 


)١(‏ الأولى أن يقال : شاء الله بحكمته ورحمته 'فإن المشيئة من صفات الذات 
.(من إضافات الشيخ د/ عبد الوهاب الديلمي حفظه الله ) 
ه.* 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





[هَمَاها مَُرينَ حَقَّ َك رَسْولَا (5] [سورة الإسراء: ...]١5‏ 

وهذه تكاد تكون إحدى البدهيات التي تبرز من هذا النص 
القرآني أو إحدى مقتضياته الحتمية" .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " إن دور هذا العقل أن يتلقى عن الرسالة» 
ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول ومهمة الرسول أن يبلغ 
ويبين» ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما يرين عليها من الركام» 
وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان 
في الأنفس والآفاق» وأن يرسم له منهج التلقي الصحيح» ومنهج 
النظر الصحيحء وأن يقيم له القاعدة التي ينهض عليها منهج 
الحياة العملية المؤدي إلى خير الدنيا والآخرة" ('). 

ويقول أيضاً: " إن هذا العقل الذي وهبه الله للإنسان 
قادر على تلقي ذلك الوحي» وادراك مدلولاته» وهذه وظيفته.. ثم 
هذه هي فرصته في الفوز والهداية» وفي الانضباط بهذا 
الضابط الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من 

فأما حين يستقل هذا العقل البشري بنفسه بعيداً عن 


)١(‏ في ظلال القرآن » 7/ 6١5‏ بتصرف يسير 
(؟) في ظلال القرآن » ؟/ 8٠05‏ . 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الوحي؛ فإنه يتعرض حينئذ للضلال والانحراف وسوء الرؤية: 
ونقص الرؤية» وسوء التقدير» وسوء التدبير والذين يرون أن هذا 
العقل يغني عن الوحي - حتى عند فرد واحد من البشر مهما 
بلغ عقله من الكبر - إنما يقولون في هذه القضية غير ما يقول 
الله... فالله قد جعل حجته على الناس هي الوحي والرسالة» ولم 
يجعل هذه الحجة هي عقلهم البشريء ولا حتى فطرتهم التي 
فطرهم عليها من معرفة ربها الواحد والإيمان به. لأن الله 
سبحاته يعلم أن العقل وحده يضل وأن الفطرة وحدها تنحرف 
وأنه لا عاصم لعقل ولا لفطرة إلا أن يكون الوحي هو الرائد 
الهادي وهو النور والبصيرة " ('). 

ب - العقل البشري ليس نداً للوحي فضلاً عن أن يكون 
حاكماً عليه: وبالتالي فلا يجوز أن يكون العقل حاكماً على 
الوحي ومقرراته صحة وبطلاناً وليس له خيار في الأخذ بالنص 
أو تركه كما أنه لا يجوز للعقل معارضة الوحي بمقرراته. 

يقول سيد في ذلك: " وليس دور العقل أن يكون حاكماً 
على الدين ومقرراته من حيث الصحة والبطلان والقبول أو 


)1( المصدر السابق ٠١918--057١03917/ 7 ٠‏ بتصرف يسير » وينظر كذلك 
مقومات التصور الإسلامي » ص هع 556. 
الا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الرفض - بعد أن يتأكد من صحة صدورها عن الله» وبعد أن 
يفهم المقصود بها: أي المدلولات اللغوية» والاصطلاحية للنص 
- ولو كان له أن يقبلها أو يرفضها بعد إدراك مدلولهاء لأنه هو 
لا يوافق على هذا المدلول! أو لا يريد أن يستجيب له - ما 
استحق العقاب من الله على الكفر بعد البيان» فهو إذن ملزم 
بقبول مقررات الدين متى بلغت إليه عن طريق صحيح» ومتى 
فهم عقله المقصود بهاء إن هذه الرسالة تخاطب العقل بمعنى 
أنها توقظه وتوجهه وتقيم له منهج النظر الصحيح.. لا بمعنى 
أنه هو الذي يحكم بصحتها أو بطلانهاء وبقبولها أو رفضهاء 
ومتى ثبت النص كان هو الحكم؛ وكان على العقل البشري أن 
يقبله ويطيعه وينفذه» سواء كان مدلوله مألوفاً له أو غريباً عليه.. 
1 0 

إن دور العقل - في هذا الصدد - أن يفهم ما الذي 
يعنيه النص» وما مدلوله الذي يعطيه حسب معاني العبارة في 
اللغة والاصطلاح؛ وعند هذا الحد ينتهي دوره.. إن المدلول 
الصحيح للنص لا يقبل البطلان أو الرفض بحكم من هذا 
العقل» فهذا النص من عند الله والعقل ليس إلهاً يحكم بالصحة 


. 6١5/ في ظلال القرآن ؟‎ )١( 








أو البطلان وبالقبول أو الرفض لما جاء من عند الله. 

وعند هذه النقطة الدقيقة يقع خلط كثير.. سواء ممن 
يريدون تأليه العقل البشري فيجعلونه هو الحكم في صحة أو 
بطلان المقررات الدينية الصحيحة.. أو ممن يريدون إلغاء 
العقل» ونفي دوره في الإيمان والهدى» والطريق الوسط الصحيح 
هو الذي بيناه هنا.. من أن الرسالة تخاطب العقل ليدرك 
مقرراتهاء وترسم له المنهج الصحيح للنظر في هذه المقررات» 
وفي شؤون الحياة كلهاء فإذا أدرك مقرراتها - أي إذا فهم ماذا 
يعني النص - لم يعد أمامه إلا التصديق و الطاعة والتنفيذ» 
فهي لا تكلف الإنسان العمل بها سواء فهمها أم لم يفهمهاء وهي 
كذلك لا تبيح له مناقشته مقرراتها - متى أدرك هذه المقررات 
وفق مفهوم نصوصها - ليقبلها أو يرفضهاء ليحكم بصحتها أو 
خطثهاء وقد علم أنها جاءته من عند الله الذي لا يقص إلا 
الحق» ولا يأمر إلا بالخير. والمنهج الصحيح في التلقي عن الله 
هو ألا يواجه العقل مقررات الدين الصحيح - بعد أن يدرك 
المقصود بها - بمقررات له سابقة عليها.. إنما المنهج الصحيح 
أن يتلقى النصوص الصحيحة ويكون منها مقرراته هوء فهي 


أصح من مقرراته الذاتية وأقوم... 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





إن العقل ليس إلهاً ليحاكم بمقرراته الخاصة مقررات 
الله.... وليس هو حكماً في صحتها أو بطلانهاء وليس هو 
مأذوناً له في قبولها أو رفضها كما يقول من يبتغون أن يجعلوا 
من هذا العقل إلهاً يقبل من المقررات الدينية الصحيحة ما 
يقبل» ويرفض منها ما يرفض» ويختار منها ما يشاء» ويترك 
000 

ويقول: " فإذا قرر الله سبحانه حقيقة في أمر الكون» أو 
أمر الإنسان» أو أمر الخلائق الأخرى.. أو إذا قرر أمراً في 
الفرائضء» أو في النواهي.. فهذا الذي قرره الله واجب القبول 
والطاعة ممن يبلغ إليه» متى أدرك المدلول المراد منه.. واذا قال 
سبحانه عن طبيعة الكون والكائنات والأحياء والأشياء - فالحق 
هو ما قال» وليس للعقل أن يقول - بعد أن يفهم مدلول 
النصوص والمقررات التي تنشئها - إنني لا أجد هذا في 
مقرراتي أو في علمي أو في تجاربي» فكل ما يبلغه العقل في 
هذا معرض للخطأ والصواب. وما قرره الله سبحانه لا يحتمل إلا 
الحق والصوابء وإذا قال الله شيئاً في الحكم والربا والحجاب 
ومنهج الحياة البشرية» فالحق هو ما قاله -سبحانه - وليس 


. في ظلال القرآن » 607/7 بتصرف شديد‎ )١( 
806 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





للعقل أن يقول: ولكني أرى المصلحة في كذا وكذا مما يخالف 
عن أمر الله» أو فيما لم يأذن به الله ولم يشرعه للناس» فما يراه 
العقل مصلحة يحتمل الخطأ والصواب وتدفع إليه الشهوات 
والنزوات» وما يقرره الله سبحانه لا يحتمل إلا الصحة والصلاح» 
وكذلك ما قرره الله سبحانه من العقائد والتصورات» أو منهج 
الحياة ونظامها سواءً في موقف العقل إزاءه ' .)١(‏ 

ويقول: " وحقيقة أن الله جعل حجته على عباده في 
الرسل والنذارات ولم يجعلها في شهادة الفطرة ولا حكم العقل 
تجعل الذين يريدون أن يجعلوا من ' العقل " حكما على ' 
النص" وفيصلاً في" الشريعة '.. يطامنون من غلوائهم» فلا 
يتخذون من" العقل " إلهأء فهو يخطئ ويصيب» ويضل 
ويهتدي» ويتأثر بشتى المؤثرات والضغوطهء فلا بد أن يكون" 
النص" لا "العقل" هو الحكم؛» وأن يكون دور العقل هو تفهم 
النص و«التقيد به» لا الحكم على مدلوله بالصحة أو عدم 
الصحة» أو الحكم بقبوله أو رفضهء أو تعديله» فإن هذا لله وحده 
وليس لأحد من خلقه والعقل البشري من خلقه "(). 


. بتصرف‎ 6١/7 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. مقومات التصور الإسلامي » /ا/ط778-51‎ )١( 
81 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ج - العقل البشري له طاقة محدودة» فيجب إعماله في 
حدود طاقته ومجاله: 

يقول سيد قطب -رحمه الله-: " فأما محاولة إدراك ما 
وراء الواقع بالعقل المحدود الطاقة المحدود بحدود هذه الأرض 
والحياة عليهاء دون سند من الروح الملهم والبصيرة المفتوحة» 
وترك حصة للغيب لا ترتادها العقول.. فأما هذه المحاولة فهي 
محاولة فاشلة أولاً»ء ومحاولة عابثة أخيراً» فاشلة لأنها تستخدم 
أداة لم تخلق لرصد هذا المجال» وعابثة لأنها تبدد طاقة العقل 
التي لم تخلق لمثل هذا المجال.. ومتى سلّم العقل البشري 
بالبديهية العقلية الأولى» وهي أن المحدود لا يُدرِك المطلق» 
لزمه - احتراماً لمنطقه ذاته - أن يسلم بأن إدراكه للمطلق 
مستحيل» وأن عدم إدراكه للمجهول لا ينفي وجوده في ضمير 
الغيب المكنون» وأن عليه أن يكل الغيب إلى طاقة أخرى غير 
طاقة العقل.. وأن يتلقى العلم في شأنه من العليم الخبير الذي 
يحيط بالظاهر والباطن والغيب والشهادة... وهذا الاحترام لمنطق 
العقل في هذا الشأن هو الذي يتحلى به المؤمنون» وهو الصفة 
الأرلى فق ضفاف المقيم 11 


. 50/١ » في ظلال القرآن - سيد قطب‎ )١( 
لض‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ويقول أيضاً: " وما يملك العقل وهو محكوم بطبيعته 
الإنسانية هذه؛ أن يصل إلى قانون نهائي ولا أن يدرك حقيقة 
مطلقة.. فما أجدر الإنسان أن يتأدب في جناب الله» وما أجدر 
أن يلتزم حدود طبيعته وحدود مجاله» فلا يخبط في التيه بلا 
دليل ا 

وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ فَإِدَا سَوَّسُه وَنْفَحَت فيه من رُوجى 
مَفَعوا لَه سَجِدِينَ (15) [سورة الحجر: 5؟]. 

يقول - رحمه الله -: " ولا نملك أن نسأل كيف تلبست 
نفخة الله الباقي بالصلصال المخلوق الفاني» فالجدل على هذا 
النحو عبث عقليء بل عبث بالعقل ذاته» وخروج به عن الدائرة 
التي يملك فيها أسباب التصور والإدراك والحكم» وكل ما ثارمن 
الجدل حول هذا الموضوعء؛ وكل ما يثور إن هو إلا الجهل 
بطبيعة العقل البشري وخصائصه وحدوده؛ واقحام له في غير 
ميدانه» ليقيس عمل الخالق إلى مدركات الإنسان» وهو سفه في 
إنفاق الطاقة العقلية» وخطأ في المنهج من الأساس.. فالعقل 
حادث والحادث لا يملك وسائل الحكم على الأزلي في ذاته ولا 
في خلقه.. وهذه البدهية تكفي لتكف العقل عن إنفاق طاقته 


. 3955 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
لم‎ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





سفهاً في غير مجاله المأمون .)١(‏ 

وقد كثر نقد سيد قطب للمدرسة العقلية بسبب إعطائها 
العقل أكبر من حجمه» حيث جعلته حاكماً على النصوص» 
ومن ثم أوّلت ما لا يتفق مع مقررات العقل كما زعمواء حيث 
يقول: " لا بد أن ننبه إلى منهج مدرسة الأستاذ الشيخ محمد 
عبده» المتأثرة بفلسفة غريبة عن الإسلام وهي فلسفة " ديكارت " 
(") مما جعلها تركز تركيزاً (') شديداً على العقل وتعطيه أكثر 
من مجاله في مسائل العقيدة "(5). 

د - العقل ليس وحده أداة التحسين والتقبيح: 

يقول سيد - رحمه الله -: " إن العمل بشريعة الله يجب 
أن يقوم ابتداءً على العبودية والطاعة.. وبعد الطاعة يجوز 
للعقل البشري أن يتلمس حكمة الله - بقدر ما يستطيع - فيما 


. بتصرف‎ 5١54٠ /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 

)١(‏ هون:رينيه ديكارت »فيلسوف ورياضي وفلكي فرنسي » ولد عام ٠551١م»خدم‏ في 
الجيش وجال في أوروبا ثم استقر في هولندا »صاحب طريقة الشك المنهجي في 
التفكير » مات عام ٠50١م‏ ءانظر : المنجد في الأعلام ص١782‏ . 

() الصواب: تعتمد اعتمادا ( د/ الديلمي ) . 

(:) المصدر السابق ١588/7‏ الهامش (١)وينظر‏ في نقده لهذه المدرسة أيضاً 
5 .وخصائص التصور الإسلامي ص 7١-١8‏ . 

51 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أمر الله به أو نهى عنه - سواءً بينها الله أم لاء وسواءً أدركها 
العقل أم لا - فالحكم في استحسان شريعة الله في أمر من 
الأمور ليس هو الإنسان» إنما الحكم هو الله.. ومرد الأمر كله 
إلى اللنه.وهذا 'مقتضدئ ألوهيتةاتسيحانة ت:واستحسان: الإنسان 
أو استقباحه ليس هو الحكم في الأمرء وما يراه علة قد لا يكون 
هو العلة» والأدب مع الله يقتضي تلقي أحكامه بالقبول والتنفيذ 
سواءً عرفت حكمتها أو علتها أم ظلت خافية " .)١(‏ 

ويذكر أيضاً عند حديثه عن الأخلاق: " أنها بجملتها في 
الإسلام ترتكن إلى ما يحبه الله ويرضاه؛ ولا ترتكن إلى مجرد 
اختيار العقل البشري واستحسانه - كما يقول الفلاسفة والمعتزلة 
ةا 

تلك هي نظرة سيد قطب للعقل وموقفه منه وهي كما 
يقول ليس فيها انتقاص للعقل ولا لدوره في الحياة: " وليس في 
شيء من هذا الذي نقرره انتقاص من قيمة العقل ودوره في 
الحياة البشرية فإن المدى أمامه واسع في تطبيق النصوص 
على الحالات المتجددة بعد أن ينضبط بمنهج النظر وموازينه 


. في ظلال القرآن 178/7 بتصرف‎ )١( 
ام‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المستقاة من دين الله وتعليمه الصحيح والمدى أمامه أوسع في 
المعرفة بطبيعة هذا الكون وطاقاته وقواه ومدخراته» وطبيعة 
الكائنات فيه والأحياء» والانتفاع بما سخر الله له من هذا الكون 
ومن هذه الكائنات والأحياءء وتنمية الحياة وتطويرهاء وترقيتها - 
في حدود منهج الله» لا كما تبتغي الشهوات والأهواء التي تضل 
العقل وتغطي الفطرة بالركام " (") 

" فالعقل البشري حين يتحرك في إطار الوحي لا يتحرك 
في مجال ضيقء إنما يتحرك في مجال واسع جدأء يتحرك في 
مجال هو هذا الوجود كله» الذي يحتوي عالم الشهادة وعالم 
الغيب أيضاء كما يحتوي أغوار النفس ومجالي الأحداث 
ومجالات الحياة جميعا..؛ فالوحي لا يكف العقل عن شيء إلا 
عن انحراف المنهج» وسوء الرؤية» والتواء الأهواء والشهوات! 
وبعد ذلك يدفعه إلى الحركة والنشاط دفعاء فهذه الأداة العظيمة 
التي وهبها الله للإنسان.. العقل.. إنما وهبها له لتعمل وتنشط في 
حراسة الوحي والهدى الرباني.. فلا تضل إذأً ولا تطغى " ('). 


. 6808/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
3 ١١ 2 المصدر السابق‎ (0 
و51‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الثاني 
منهجه في الاستدلال وتقرير مسائل العقيدة 
يقوم منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال على مجموعة من 
القواعد هي بمثابة المعالم الرئيسة لمنهجهم في التعامل مع النتصوص 
الشرعية» وهي التي تميزهم عن غيرهم من أهل الأهواء والبدع ('). 
وفي هذا المبحث عرض لبعض تلك القواعد التي وجدت أن سيد 
قطب-رحمه الله - قد اتبعها في استدلاله بنصوص الشرع؛ ولا أزعم 
الخضان :ولأ" التقيوون» ونه هانةة :اك رهدل: اليه شعي ان 





وهي قاعدة أساسية عند أهل السنة والجماعة خلافاً للمتكلمين 


الذين يرفضون هذه القاعدة حتى قال بعضهم: إن التمسك في أصول 
العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين 


: جمع الباحث : عثمان بن علي حسن هذه القواعد عند أهل السنة في رسالته‎ )١( 
. 7١9 /١ منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة‎ 
51 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





العقلية والقواطع الشرعية كفر ,)١('‏ 
أما سية: فخلي - رحمه الله - فقد قرر هذه القاعدة في مواضع 
متعددة: 
* في ظلال قوله قعالى: (عيح كما ى التتوت والأنص مغر 
لْعيِ و لفك 100 [سورة الحديد: .]١‏ 
يقول: " هكذا ينطلق النص القرآني الكريم في مفتتح 
السورة» فتتجاوب أرجاء الوجود كله بالتسبيح لله» ويهيم كل شيء 
في السموات والأرضء فيسمعه كل قلب مفتوح غير محجوب 
بأحجبة الفناء» ولا حاجة لتأويل النص عن ظاهر مدلوله» فالله 
يقول» ونحن لا نعلم شيئاً عن طبيعة هذا الوجود وخصائصه 
أصدق مما يقول لنا الله عنه.. ف [سَبَمَ يله مَا ف التَمواتٍ وَالْارضٍ ) 
تعني: (سَبَحَ ماف ألمت وَالأرْضٍ ] ولا تأويل ولا تعديل! ولنا أن 
نأخذ من هذا أن كل ما في السموات والأرض له روح يتوجه 
بها إلى خالقه بالتسبيح» وان هذا لهو أقرب تصور يصدقه ما 
وردت به الآثار الصحيحة» وتجارب بعض القلوب في لحظة 
صفائها " ('). ثم أورد بعض الأحاديث في تسليم الشجر على 
)١(‏ شرح الكبرى للسنوسيءالمكتبة المصرية »#ب.تعص 505 . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 5/ /ا/541- 31378 . 
51 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





النبي وحنين الجذع ونحوها. 

* ويقول أيضاً: " وقد جرينا في هذه الظلال على قاعدة 
ألا نتزيد بشيءٍ في أمر الغيبيات التي يقص الله علينا طرفاً من 
خبرهاء وأن نقف عند حدود النص القرآني لا نتعداه.. وهو كاف 
بذاك قات جا تعوضن لفتمق امود 2107 

* وعند حديثه عن منع الشياطين من استراق السمع 
يقول: " فأما الذين يرون في هذا كله مجرد تمثيل وتصوير 
لحفظ الله للذكر من الالتباس بأي باطل وأنه لا يجوز أن يؤخذ 
على ظاهره. فسبب هذا عندهم أنهم يجيئون إلى القرآن 
بتصورات مقررة سابقة في أذهانهم أخذوها من مصادر أخرى 
غير القرآن ثم يحاولون أن يفسروا القرآن وفق تلك التصورات " 
00 

- الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة: 

وهذه القاعدة تتضح لنا من خلال ما سبق بيانه في 
المبحث الأول عند الحديث عن مصادر التلقي عند سيد قطب 
حيث تبين لنا من جملة النصوص التي دُكرت أن سيد قطب 


2» 7917/١ وينظر في الموضوع أيضاً‎ » 5555 /5 ٠ في ظلال القرآن‎ )١( 
. ارا لو‎ 
. 7077 » المصدر السابق‎ )١( 
81 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يعتمد على نصوص الكتاب والسنة وما يلحق بهما من مصادر 
كالعقل والفطرة في الاستدلال على الأحكام الشرعية والعقائد 
وان كان قد وقع في خطأ فيما يتعلق بموقفه من أحاديث الآحاد 
في العقيدة» لكنه كان مبايناً لمنهج الفلاسفة وعلماء الكلام 
والأديان المقارنة لمخالفتها لمنهج أهل السنة والجماعة في 
الاستدلال. 

يقول: " إنني لم أجد نفسي مرة واحدة في مواجهة هذه 
الموضوعات الأساسية- في حاجة إلى نص واحد من خارج هذا 
القرآن فيما عدا قول رسول الله كيه وهو من آثار هذا القرآن " ('). 

*- رفض التأ 

وهي من قواعد أهل السنة في الاستدلال بالنتصوص 
الشرعية» وقد رفض سيد - رحمه الله - التأويل وبين خطره في 
أكثر من موضع - وإن كان قد وقع في بعض التأويل أحياناً - 
كما يقول عن نفسه. 

يقول سيد " إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره؛ 
وفي التصور الإسلامي وتكوينه أن ينفض الإنسان من ذهنه 


كل تصور سابقء وأن يواجه القران بغير مقررات تصورية أو 


.١5381 , 1808 /9 , 541/5 وينظر أيضاً‎ 2١571 /* » المصدر السابق‎ )١( 
8 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





عقلية أو شعورية سابقة» وان يبني مقرراته كلها حسبما يصور 
القرآن والحديث حقائق هذا الوجود» ومن ثم لا يحاكم القرآن 
والحديث لغير القرآن» ولا ينفي شيئاً يثبته القرآن ولا يؤوله! ولا 
يثبت شيئاً ينفيه القرآن أو يبطله» وما عدا المثبت والمنفي في 
القرآن فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته.. 

نقول هذا بطبيعة الحال للمؤمنين بالقرآن.. وهم مع ذلك 
يؤولون نصوصه هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم وتصورات 
سابقة في أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود '. 

ثم يقول معلقاً على هذا في الهامش ' وما أبريء نفسي 
أنني فيما سبق من مؤلفاتي وفي الأجزاء الأولى من هذه 
الظلال قد أنسقت إلى شيء من هذا.. وأرجوا أن أتداركه في 
الطبعة التالية إذا وفق الله وما أقرره هنا هو ما اعتقده الحق 
بهداية من ةا وهذا الكلام ينبغي أن يكون قاعدة يرد إليه 
كل خطأ وقع فيه سيد - رحمه الله ١‏ 

ويقول أيضاً: " إن العقل البشري ليس هو الذي يصنع 
مقومات التصور الإسلامي.. إنما يتلقاها من مصدرها الرباني.. 
وهو متجرد من آية مقررات سابقة.. وعليه أن يتقيد فيما يتلقاه 


. مع الهامش‎ ١7721- 7377./5 في ظلال القرآن‎ )١( 
01 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





من ذلك المصدر الصحيح بالمدلول اللغوي أو الاصطلاحي 
للنص الذي وردت فيه.. بدون تأويل - ما دام محكماً.. فليس له 
أن يرفض هذا المدلول أو يؤوله - متى كان متعيناً من النص 
- بحجة أنه غريب عليه» أو صعب التصور عندهء أو أن 
منطقه لا يقره.. ويستوي في هذه القاعدة العقيدة والشريعة )١('‏ 

ويقول عند تفسير قوله تعالى: (ِسَبَحَ ماف اموت وَالْارضٍ 
وَهرَ ألْعيرٌ لَلكمْ ((10: " ولا حاجة لتأويل النص عن ظاهر 
مدلوله.. سبح ماف لمات وَالارضٍ 
وَالأَرَض 1 ولا تأويل ولا تعديل.. " ثم أورد مجموعة من الآيات 
والأحاديث التي تقرر هذه الحقيقة وعقب عليها بقوله: " ولا 
داعي لتأويل هذه النصوص الصريحة لتوافق مقررات سابقة لنا 
عن طبائع الأشياء غير مستمدة من القرآن " (5). " ولا نميل 
إلى المنهج الذي تتخذه مدرسة الشيخ محمد عبده في التفسير 
في محاولة تأويل كل أمر غيبي " (). 

ويقول: " وقد تأثر تفسير الأستاذ الإمام لجزء "عم "بهذه 


هه مس 


! تعني: (سَيّمَ ماف امات 


. مقومات التصور الإسلامي سيد قطب - ص 45 بتصرف‎ )١( 
في ظلال القرآن » 741/17/56 -4728" بتصرف.‎ )١( 
. ١59١/9 (؟) المصدر السابق‎ 

خض 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





النظرة تأثرا واضحاء وتفسير تلاميذه ..)١(‏ حيث صرح بعضهم 
مرات بوجوب تأويل النص ليوافق مفهوم العقل! وهو مبدأ 
خطر.. وإذا أوجبنا التأويل ليوافق النص هذه العقول الكثيرة؛ 
فإننا ننتهي إلى فوضى ' ("). 

كما أنكر على 'محمد إقبال " (') منهجه في معالجة قضايا 
الفكر الإسلامي حيث كانت النتيجة جموحاً في إبراز الذاتية 
الإنسانية» اضطر معه إلى تأويل بعض النصوص القرآنية تأويلاً 
تأباه طبيعتهاء كما تأباه طبيعة التصور الإسلامي " (). 

وكذلك ينكر سيد - رحمه الله - على الذين يؤولون النصوص 
الشرعية لتوافق المخترعات العلمية والنظريات» كما سيأتي بيانه عند 
موقفه من الإعجاز العلمي في القران الكريم " (0). 


. يقصد بهم : الشيخ رشيد رضا و الشيخ المغربي‎ )١( 

(؟) خصائص التصور الإسلامي : سيد قطب - ص 7٠١‏ . 

(؟) هو:محمد إقبال بن نور محمد » شاعر ومفكر وفيلسوف وسياسي هندي » ولد 
عام 1477م في البنجاب »وحصل على الدكتوراه من المانيا ورحل الى عدة دول 
“عمل محاضراً ومحاميا وكان له دور في تأسيس دولة باكستان الاشلامية » له 
قرابة عشرون كتاباً في السياسة والأدب والفكر » توفي سنة 1177١م,‏ انظر : 
معجم الفلاسفة ص١7‏ ومابعدها » وموقع اسلام أون لاين على شبكة الانترنت . 

([4): خضنائسن التضبور 'الأشلاني هن 1 2 

(5) في ظلال القرآن /١‏ 7387 » بتصرف 3١-‏ . 

رحلا 








كما منرم :ك رحفية اللن. كا ١‏ أن خاووك التضدوصن تانق هراك 
معينة هو من صفات أهل الكتاب وهو آفة رجال الدين حين يفسدون 
في كل أمة» وأن هذه الآفة موجودة في بعض المنتسبين إلى الدين 
الإسلامي» فالتأويل ليس إلا تحريفا للنصوص عن مواضعها لتوافق 
الأهواء " (')» وسيأتي بيان موقفه من التأويل عند الحديث عن توحيد 
الأسماء والصفات ومنهجه فيها ٠‏ 

4 - الرد عند التنازع إلى الكتاب والسنة: 
وهذه القاعدة مما تميز به أهل السنة والجماعة عن أهل البدع؛ فالله 
تعالى يقول: ( يام مساعنان اب ا ينكد كن 
َكَعَم في يء روه لأ سول إن كم ؤم 
وَأَحَسَنٌُ تَأُوِبَا ((5)) [سورة النساء: 54]. " والرد إلى الله تعالى رد إلى 
كتابه» والرد إلى رسوله رد إلى سنته ("). 


ص2 سمتارء 20 3 ىل سحقتر 
مون يألله وَالِوّو الآخر ذِكَ حير 


. 419/١ المصدر السابق‎ )١( 
شرح الطحاوية لابن أبي العز‎ » ١50 ينظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ؟/‎ )١( 
. /الالا‎ ١86 عض‎ 


571 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- كوو --] 





وقد قرر سيد قطب - رحمه الله - هذه القاعدة قائلاً: " 
إن المرجع فيما تختلف فيه وجهات لحرت السان الطاركة 
المتجددة والأقضية التي لم ترد فيها أحكام نصية.. إن المرجع 


سس ماج ورد 


هو الله ورسوله.. أي شريعة الله وسنة رسوله.. إفَإن رع في سَىْءٍ 
دوه إلَاللَهِ وَالرَسُولٍ ... )» وبهذا يبقى المنهج الرباني مهيمناً على 
ما يطرأ على الحياة من مشكلات وأقضية كذلك أبد الدهر في 
حياة الأمة المسلمة» وتمثل هذه القاعدة نظامها الأساسيء الذي 
لا تكون مؤمنه إلا به» ولا تكون مسلمة إلا بتحقيقه.. إذ هو 
يجعل الطاعة بشروطها تلك» ورد المسائل التي تجد وتختلف 
فيها وجهات النظر إلى الله ورسوله شرط الإيمان وحد الإسلام» 
شرطأً واضحاً ونصاً صريحاً إإِنَكُمْتوْممُوتَ هاليو الآن] .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " فَرْدُوهُ إِلَى اللّه وَالرَسُولِء أي: فردوه إلى 
أُضبول التصور الإسلامي الذي جاءكم من عند الله» والى 
أصول الشريعة الإلهية التي جاء بها رسول الله.. لا إلى أي 
أصل آخر.. ولا إلى أي ميزان آخر.. وفي هذه الحدود البينة 
يجيء دور الاجتهاد لاستنباط الأحكام الفرعية وتطبيقها على 


)1( في ظلال القرآن - سيد قطب - ؟/ /5481 . 
م 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ا المتجددة في واقع البشرية.. برد هذه الوقائع والأقضية 
التي لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة» إلى الله والرسول» أي إلى 
الأشقوله التى سنها أنه للكراء ويلهها كدري اش يه ' .)0١(‏ 





ه - درء التعارط 
العقل ا لا يخالف النص 5 عند أهل السنة 
والجماعة وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية هذه القاعدة في 


كتاب بهذا الاسم 3 تعارض العقل والنقل ) وقد ذكرنا قبل - 
عند الحديث عن موقف سيد قطب من العقل - أنه يرى أن 
العقل الصريح لا يناقض الشرع الصحيح وأنه " لا يقع التناقض 
أو التصادم أبداً متى استقام العقل البشري والتزم حدوده " ('). 

' فنصوص القرآن الكريم ومدلولاته لا يصح أن يقال أنها 
تصطدم مع العقل " (0). 

5- العمل با الذ الإيمان_بالمتشايه: 
اختلف العلماء في بيان معنى المحكم والمتشابه في القرآن 


[109.تترمناك التنسون” اللوااني. دسعه فتلي عدون 6-0 يميف 
(*) في ظلال القرآن - سيد قطب --6/ 5414 بتصرف . 
7 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الكريم على أقوال عديدة (2» والذي عليه أئمة السلف: أن 
الآيات المحكمات هي: الايات واضحة الدلالة التي لا التباس 
فيها على أحدء والتي فيها حجة الرب وعصمة العباد» ودفع 
الباطل» وأن الآيات المتشابهات هي: التي فيها اشتباه في 
الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم والتي ابتلى الله بها 
العباد كما ابتلاهم بالحلال والحرام» وأن الموقف الصحيح ما 
ذكره الله تعالى في قوله: ( هو الَدِىَ أَرَلَ عَليْكَ الككب مِنْهُ ايت 
كعات هن أ الككب وَأُكرُ متهت فَأَمَّ 00 4 بوذا مِتَبعُونَ مأ 


هو- 
سس ا قر رج سسم صرح < س1لى برضم بو لا آي 


و سس ييه إلا أمَدُوَالسخوْنَ في 


ووأ الأب 00 


ص  <‏ لاقي بر سا سا لابه هسم 


الِعل يمولون ءامنا يوه كل من عل 3 
[سورة آل عمران: 7]. 

فقوله تعالى: 7 مُنَّ أب ألكتب » أي أصله الذي يرجع إليه 
عند الاشتباه» وقوله ( وَلُمَد مُتَمَدِهَدكُ ) أي: تحتمل دلالتها موافقة 
المحكم» وقد تحتمل شيئاً آخر من حيث اللفظ والتركيب لا من 
حيث المراد.. فمن رد ما اشتبه إلى الواضح منه؛ وحكّم محكمه 


1١ 


ذه 


1 


8 


)١(‏ ينظر كلامهم في : الإتقان في علوم القرآن - للإمام السيوطي » 7/١‏ وما 
بعدها حيث ذكر أكثر من ثمانية أقوال . 
/ 7 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





على متشابه فقد اهتدى» ومن عكس انعكس(). 

وموقف سيد قطب - رحمه الله - من المحكم والمتشابه 
موافق لما ذكرنا عن السلف فهو يقول عند تفسيره الآية ' 
يكشف الله - الذين في قلوبهم زيغ - الذين يتركون الحقائق 
القاطعة في آيات القرآن المحكمة» ويتبعون النصوص التي 
تحتمل التأويل» ليصوغوا حولها الشبهات» ويصور سمات 
المؤمنين حقاً» وإيمانهم الخالص وتسليمهم لله في كل ما يأتيهم 
من عنده بلا جدال.. 

وكمثال للمحكم والمتشابه وموقف الناس منه» ذكر - 
سيد - رواية في سبب نزول الآية وهي أن نصارى نجران قالوا 
للنبي 5: ألست تقول عن المسيح: إنه كلمة الله وروحه؛ يريدون 
أن يتخذوا من هذا التعبير أداة لتثبيت عقيدتهم في عيسى - 
عليه السلام - وأنه ليس بشراء إنما هو روح الله - على ما 
يفهمون هم من هذا التعبير» بينما هم يتركون الآيات القاطعة 
المحكمة التي تقرر وحدانية الله المطلقة» وتنفي عنه الشريك 


. وما بعدها‎ ١7١ تفسير الطبري‎ -١ : ينظر كلام السلف في‎ )١( 
2 ا١ط‎ » تفسير ابن كثير » تحقيق د/ البناء » دار بن حزم » بيروت‎ -١ 
. وما بعدها‎ 574/7 :م١‎ 5١195 عام‎ 
5 





17 717 77 17 ال 





والولد في كل صورة من الصور.. 

ثم يقول: " على أن نص الآية أعم من هذه المناسبة» فهي 
تصور موقف الناس على اختلافهم من هذا الكتاب الذي أنزله 
الله على نبيه يد متضمناً حقائق التصور الإيماني ومنهج الحياة 
الإسلامية ومتضمناً كذلك أموراً غيبية لا سبيل للعقل البشري 
أن يدركهاء ولا أن يدرك منها أكثر مما تعطيه النصوص بذاتها. 

فأما الأصول الدقيقة للعقيدة والشريعة فهي مفهومة 
المدلولات قاطعة الدلالة مدركة المقاصد- وهي أصل هذا الكتاب 
- وأما السمعيات والغيبيات.. فقد جاءت للوقوف عند مدلولاتها 
القريبة والتصديق بها لأنها صادرة من هذا المصدر ( الحق ) 
ويصعب إدراك ماهيتها وكيفياتها.. وهنا يختلف الناس حسب 
استقامة فطرتهم» أو زيفها في استقبال هذه الآيات وتلك» فأما الذين 
في قلوبهم زيغ وانحراف وضلال عن سواء الفطرة فيتركون 
الأصول الواضحة الدقيقة التي تقوم عليها العقيدة والشريعة 
والمنهاج العملي للحياة ويجرون وراء المتشابه الذي يعول في 
تصديقه على الإيمان بصدق مصدرهه. والتسليم بأنه هو الذي يعلم( 
الحق ) كله» بينما الإدراك البشري نسبي محدود المجال» كما يعول 
فيه على استقامة الفطرة التي تدرك بالإلهام المباشر صدق هذا 


57 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 


19 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





الكتاب كله؛ وأنه نزل بالحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من 
خلفه.. يجرون وراء المتشابه لأنهم يجدون فيه مجالاً لإيقاع الفتنة 
بالتأويلات المزلزلة للعقيدة والاختلافات التي تنشأ عن بلبلة الفكر 
نتيجة إقحامه فيما لا مجال للفكر في تأويله: (َوَمَايَمْكمُ تَأَوِيكه: إل 
0٠١‏ 

وعند حديثه عن آيات السحر وبيانه لحقيقة السحر وتأثيره 
يقول: 'والمفهومات الواضحة المحكمة في هذه الآيات تغني عن 
المنعي وراة:المتشيائه فيا 2001 


. ء بتصرف‎ 7320- 559/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 314/١ » (؟) المصدر السابق‎ 
0 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الثالث 

موقفه من الفلسفة وعلم الكلام 

قبل الحديث عن موقف سيد قطب من الفلسفة وعلم 
الكلام يحسن أن اذكر تعريفاً موجزاً بهذين المصطلحين كي 
يمكن تصور حقيقتهما ولو في الجملة وذلك كالأتي: 

أولاً: تعريف الفلسفة: هي: كلمة يونانية مركبة من كلمتي 
( فيلا ) بمعنى محبة» و ( سوفيا ) بمعنى الحكمة. والفيلسوف 
هو الحكيم» وقد أطلقت الفلسفة قديماً على دراسة المبادئ 
الأولى» وتفسير المعرفة تفسيراً عقلياً .١(‏ 

وكانت الغاية منها عند أصحابها: البحث عن الحقيقة من 
خلال النظر العقلي المتحرر من كل قيد أو سلطة» وقد مرت 
الفلسفة بعدة مراحل» ونشأت في ظلها عدة مدارس تقوم الكثير 
منها على جحد الإله الحق(الصانع ) والقول بقدم العالم» وجحد 
النبوات والوحي والغيبيات(") 


» الموسوعة الميسرة في الأديان المعاصرة » الندوة العالمية للشباب الإسلامي‎ )١( 
/ وما بعدها . والمعجم الوسيط » د‎ ١١١8/7” . ه١‎ 5١4 الرياض . ط"” . عام‎ 
.7٠١ /37 ٠ إبراهيم أنيس وآخرون » دار الفكر -بيروت , ط؟ .ب ..ت‎ 

.١١؟5١-١١١9‎ 0/5 » الموسوعة الميسرة‎ )١( 

5١ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 








: هو:_علم يقتدر معه على إثبات 
العقائد الدينية (') بإيراد الحجج العقلية ودفع شبه الخصوم عنه (2). 


ويرجع الباحثون في علم الكلام سبب تسميته بهذا الاسم إلى 
أ - لكون أهم مسألة وقع فيها الخلاف بين أهل القبلة هي مسألة 
كلام الله تعالى. 
ب - لأنه إنما يتحقق بالمباحثة وادارة الكلام بين الجانبين. 
ج - لأنه أكثر العلوم خلافاً ونزاعاً فيشتد افتقاره إلى الكلام مع 
المخالفين والرد عليهم. 
د - لأن أبوابه ومسائله عُنونت بقولهم " الكلام في كذا " (0). 
ه- لأن المتكلمين لم يفيدوا علماًث لم يكن معروفاء وانما أتوا بزيادة 


)١(‏ يقول الشيخ الدكتور/عبد الوهاب الديلمي -حفظه الله- معلقاً على هذا :" هذا 
الوصف وإن كان ادّعاه أصحاب علم الكلام ليس على إطلاقه » بل قد يؤدي 
أحياناً إلى الشك في حقائق الإيمان » والدليل على ذلك أن أساطين هذا العلم 
ندموا في آخر حياتهم على أنهم أفنوا أوقاتهم فيما يوقع في الحيرة » ولا يوصل 
إلى حقيقة" . 

)١(‏ ينظر : شرح المقاصد للنفتازاني » عالم الكتب » بيروت » ط؟ » عام 
8 ١هء 155/١‏ » دراسات في الفرق والعقائد » د / عرفان عبد الحميد, 
مؤسسة الرسالة » بيروت » ط١‏ » عام ١5٠١5‏ هء ص ١355‏ . 

(9) شرح المقاصد للنفتازاني » ١655/١‏ . 

7 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كلام لا يفيد. 

و - لأن المتكلمين تكلموا حيث كان السلف الصالح يسكتون: )١(‏ 
ثالثاً: العلاقة بين الفلسفة 
الباحث في تاريخ علم الكلام والفلسفة يجد أن أكثر 

المتكلمين وان كانوا أرادوا الدفاع عن العقيدة في وجه الفلاسفة 

والملاحدة إلا أنهم تابعوا الفلاسفة في اعتمادهم على العقل 
والنواهورة: العقلية: المكزكة» وكاقتة: الفاسفة مضيدرا .أبناسيا عند 
المعتزلة كما يقول الشهرستاني('2)؛ حيث ذكر أن مقالة نفي 
الصفات إنما شرعت فيها- أي المعتزلة - بعد مطالعة كتب 
الفلاسفة وبلغ الاعتماد على الفلاسفة عند أهل الكلام إلى أن 





نقلوا عنهم واستمدوا منهم مقولاتهم في الله وصفاته وأفعاله ('). 


)١(‏ شرح العقيدة الطحاوية » ص ٠» ١١‏ 757 » ودراسات في الفرق د / عرفان عبد 
الحميد » ص ١717‏ . 

)١(‏ هو : محمد بن عبد الكريم الشهرستاني . أحد الأئمة الأشاعرة ولد عام 
41هء له تصانيف عديدة منها : الملل والنحل » ونهاية الإقدام » مات سنة 
هء انظر : وفيات الأعيان ”/ ”31 » وسير أعلام النبلاء » 355/77 . 
ومقدمة الملل والنحل ص ”7 

(؟) الملل والنحل » للشهرستاني » دار الفكر » بيروت »ب . ت . ص 556 وما 
بعدها » حيث قارن بين المعتزلة وبين الفلاسفة عند استعراض أراء رجال المعتزلة 

لام 





1 17 17 717 ال 





ويرى و الحسن الأشعري(١):‏ وهو الخبير بأهل الكلام 
أن النفاة للصفات أخذوا ذلك عن إخوانهم من المتفلسفة» وان 
كانوا لم يستطيعوا أن يظهروا ما أظهره الفلاسفة فأظهروا معناه 
بسبب خوفهم من السيف لو أفصحوا (). 

ثالثا: موقف أهل السنة والجماعة_من_الفلسفة 


الكلام» 


غني عن البيان موقف الإسلام من الفلسفة وخاصة 
الفلسفة الأرسطية الوثنية المنسوبة إلى المعلم الأول- حسب 


في أكثر من موضع » مما يدل على أنه يرى أن المعتزلة تأثرت كثيراً بالفلاسفة 
في مقولاتها » وينظر في ذلك : منهج الشهرستاني في كتابه الملل والنحل » د / 
محمد السحيباني » دار الوطن » الرياض » ط عام /1١5١ه‏ .» ص 73758 . 

)١(‏ هو :علي بن إسماعيل بن علي بن إسحاق الأشعري » أبو الحسن من نسل 
الصحابي - أبي موسى الأشعري 4ه »يعتبر مؤسس مذهب الأشاعرة »كان من 
الأئمة المجتهدين و المتكلمين » ولد عام 7٠١‏ وقيل 77١‏ نافح عن منهج 
المعتزلة ثم رجع في نهاية حياته الى منهج السلف كما صرح بذلك في كتاب ( 
الابانة ) » له عدة مؤلفات ٠‏ توفي سنة 775ه .انظر :سير أعلام النبلاء 
6 ». وتأريخ بغداد 3417/١١‏ . 

» مقالات الإسلاميين » لأبي الحسن الأشعري » تحقيق / محمد محي الدين‎ )١( 
. ١الال/5 مكتبة النهضة » القاهرة » ط١؟ » عام 85؟١ه ء‎ 

11 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





زعم الفلاسفة- أرسطو(')الذي كان يقول: " بقدم العالم» وإنكار 
البعث» ونفي علم الله بالجزئيات» وغيرها من المباحث» والذي 
فتن به بعض المسلمين قديماًء وصار منهم من يقرر فلسفته 
ويدافع عنهاء كابن سيناء (') وغيره» وحاولوا أن يمزجوا( 
الشريعة ) ب ( الحكمة ) اليونانية» وكلام الأنبياء بكلام 
الفلاسفة!! إلا أن الفلسفة ما زالت في العقل الإسلامي خارجة 
عن العقيدة الربانية» مضادة لهاء يصعب المزج والخلط بينهما 
لسبب بسيطء وهو أن مصدر العقيدة الإسلامية هو الوحي؛ 
ومصدر الفلسفة هو العقل الإغريقي الغارق في الوثنية» ولا 
يمكن الخلط بين الإلهي والوثني؟! 

لهذا كان موقف أهل السنة والجماعة من الفلسفة موقف 
الرفض والذم لهاء لمباينتها لمنهج الإسلام؛ وكان لهم جهود في 


» هو : أرسطو طاليس بن نيقوماخوس , من بلاد مقدونيا » تتلمذ على أفلاطون‎ )١( 
ويسمى عند الفلاسفة المعلم الأول » لأنه واضع التعاليم المنطقية » انظر : الملل‎ 
7 والنحل الشهرستاني عص547‎ 

(؟) هو : الحسين بن عبد الله بن سيناء » فيلسوف مشهور » كان هو وأبوه من 


القرامطة الباطنية » ولد في بخارى سنة ١ه‏ » وكان طبيباً وشاعراً له عدة 
مصنفات توفي بهمذان سنة 578ه »ء انظر : سير أعلام النبلاء » ١١8 /١١‏ 
رض 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





مواجهتها ونقدهاء وبيان فساد مقالات أهلهاء والإفتاء بحرمتهاء 
وحرمة نقلها ونشرها بين الناس. .)١(‏ 

إلى أن جاء الشيخ مصطفى عبد الرازق (') في بداية 
القرن الماضيء فقرر مصطلح ( الفلسفة الإسلامية ) ودعا 
إليهاء وأراد بذلك أن يرد على آراء بعض المستشرقين التي كانت 
تقول: بأنه لم يكن لعلماء المسلمين جهود في الفلسفة» وإنما 
كانوا مجرد نقلة وشارحين لتراث الإغريق» فأراد الشيخ أن 
يكشف أن للمسلمين جهوداً في علم الفلسفة و تطويرهاء وهو 
يقصد بذلك تراث المتكلمين الذين كان بينهم وبين الفلاسفة 
معارك جدلية في القضايا الإلهية!! (). 

ولكن الحقيقة أن المتكلمين لم ينطلقوا في نقدهم للفلسفة 


/5 ينظر في ذلك : مجموع فتاوى ابن تيمية »المجلد التاسع » " المنطق » وكذا‎ )١( 
2 514 85 ,ع ”هق 1١م كا‎ ١5٠ 5م‎ 2 ١٠.05 2قث٠ دهع 'اهمهى‎ 
والصفدية لابن تيمية وصون المنطق للسيوطي ؛ وشرح الطحاوية‎ :»: 5 
*؟0 وما بعدها.‎ 

(؟) هو : مصطفى بن حسن بن أحمد عبد الرازق »ولد في المنيا بمصر عام 
65مم وتتلمذ على محمد عبده » ثم درس في باريس وعاد فعمل أستاذا 
للفلسفة ثم وزيراً للأوقاف ثم شيخاً للأزهر » توفي عام 155١م‏ » انظر : الأعلام 
للزركلي 7١7/17‏ . . 

(؟) الموسوعة الميسرة » ١١7١/9‏ . 


71 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





من أصول المنهج الإسلامي الأصيل المستمد من الوحي ومن 
تراث السلف كما فعل أهل السنة والجماعة» وإنما انطلقوا من 
خلال أصولٍ عقلية» كامتناع تسلسل الحوادث؛ وأن ما لا يخلوا 
من الحوادث فهو حادث؛ء وأن ما قامت به الأعراض فهو جسم.. 
ونحو ذلك من الأصول الكلامية؛ فهم وان كانوا انتصروا لدين 
الإسلام في بعض الجوانب» إلا أنهم قد أدخلوا على المسلمين 
شراً عظيماً» بما انتحلوه من علوم كلامية ومنطقية ذات أصول 
فلسفية فأثارت الشبهات» وأفسدت الكثير من الفطر والفهوم. 
ولذا نجد أساطين المتكلمين يعترفون في أواخر أعمارهم 
بالحيرة والاضطراب والخطأ في مناهجهم والفشل في جدالهم» 
والباحث في تراث السلف يجد من نفسه قناعة راسخة بأن 
موقف السلف الرافض للفلسفة والناقد لها لم يكن من فراغ» بل 
لأنهم وجدوا أن الفلسفة وما نتج عنها تراث أجنبي» إغريقي 
النسب» وثني المصدرء مباين لمنهج الإسلام في المعرفة 
والاستدلال والجدل» ليس له علاقة بعلوم الإسلام» ولم يعرفه 
المسلمون الأوائل» أو يؤثر عن النبي 5 أو الصحابة أو 
التابعين وأئمة الهدي منها شيء» وانما تسربت هذه العلوم إلى 
الأمة الإسلامية من خلال احتكاكها بالحضارات المختلفة بعد 


7 


1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





الفتوحات الإسلامية» ومن خلال حركة الترجمة غير المنضبطة 
وغير المقننة في عصر العباسيين. 
ولذلك نجد علماء السلف يحذرون من علم الكلام باعتباره 

ناتجا من نواتج الفلسفة الإغريقية» وقد أورد شارح الطحاوية 
عدداً من النقول عن أهل العلم في ذمهم لعلم الكلام والتحذير 
منه» وبيان أن ما أرادوه من الدفاع عن العقيدة إنما زادت به 
الشكوك والشبه وكان حالهم كما قيل: 
يحللون بزعم منهم عقداً وبالذي وضعوه زادت العقد. 
>1١‏ يفول أب وتات رحمه الله -: " من طلب الدين 
-١‏ يقول الشافعي(') حرحمه الله-: 'حكمي في أهل الكلام أن 

يضربوا بالجريد والنعال» ويطاف بهم القبائل والعشائر ويقال: 


)١(‏ هو : يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري » الكوفي » أبو يوسف », إمام 
مجتهد » وعلامة محدث ٠»‏ قاضي القضاة عولد سنة 7١١ه‏ . صاحب أبا حنيفة 
وتفقه عليه » توفي سنة ١18١ه‏ ء انظر : سير أعلام النبلاء » 575/8 . 

. 717 /8 وسير أعلام النبلاء‎ » ١7 شرح العقيدة الطحاوية » ص‎ )١( 

() هو : محمد بن إدريس بن العباس الشافعي - القرشي » أحدا لأئمة الأربعة » 
كان من أشعر الناس واعرفهم بالفقه والحديث » ولد بغزة سنة ١5١ه‏ ء وتوفي 
بالقاهرة سنة 5 ١٠ه‏ ء انظر : وفيات الأعيان لأبن خلكان ١571/52‏ 

لالدلا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلاه'(١):‏ 

*-2 يقول أبو حامد الغزالي(؟)-رحمه الله-: وهو ممن بلغ 
النهاية في علم الكلام: " وأما منفعته- أي علم الكلام- فقد يُطن 
أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه وهيهات» 
فليس في الكلام وفاءٌ بهذا المطلب الشريف» ولعل التخبيط 
والتضليل فيه أكثر في الكشف والتعريف» اسمع هذا ممن خبر 
الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى منتهى 
درجة المتكلمين» وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخرى تناسب 
علم الكلام كعلم المنطق والفلسفة والأصول واللغة» وتحقق أن 
الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور» ولكن على 
. 1 07. 
الدور* 507) 

كما أورد كلاماً لبعض علماء الكلام الذين تراجعوا عنه 


. 79/5٠١ » وسير أعلام النبلاء‎ » ١8 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 

)١(‏ هو : محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي » اشتغل بعلم الكلام والفلسفة 
ردحاً من الزمن » ثم انتقل إلى التصوف «وأقبل في آخر حياته على الحديث » 
مات سنة ٠5‏ ده ء انظر : وفيات الأعيان لابن خلكان » 7١7/5‏ » وينظر شرح 
العقيدة الطحاوية » ص 5*؟5- /” 

(؟) إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي » /١‏ 31 » 

57 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





وندموا على الاشتغال به ومن ذلك: قول الفخر الرازي -)١(‏ 
رحمه الله -: " لقد تأملت الطرق الكلامية» والمناهج الفلسفية؛ 
فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً» ورأيت أقرب 7 
طريقة لقزآن» ١‏ اقرأ في الإثبات: (الرَحَنُ عل امرش أستوئ (8)) 
[سورة طه:5] ٠‏ واقرأ في النفي ١‏ لس كمِتَيوء تن ة تقاض 
لبَصِبرٌ 0 [سورة الشورى:١١]‏ » ثم ' ومن جرب مثل 
تجربتي عرف مثل معرفتي " ("): 
22-١‏ يقول الشهرستاني: 
لعمري قد طفت المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم 
فلم أرَ إلا واضعاً كف حائر على ذقن أو قارعاً سن نادم. 
2-5 ويقول الجويني(25): " يا أصحابنا لا تشتغلوا 


)١(‏ هو : محمد بن عمر بن الحسن التميمي ٠‏ فخر الدين الرازي » ولد سنة 5 5ه 
هء كان فقيهاً أصولياً وفيلسوفاً متكلماً من رؤساء الأشاعرة » توفي سنة "0ه ء 
انظر : شذرات الذهب , 5/ ١؟‏ » والأعلام للزركلي » 75١7/5‏ . 

(؟) شرح العقيدة الطحاوية » ص 544 ” 

(؟) هو : عبد الملك بن عبد الله بن يوسف .أبو المعالي الجو يني ٠»‏ إمام الحرمين 
أحد أئمة الأشاعرة »» ولد سنة 9١4ه‏ » له تصانيف كثيرة على مذهب المتكلمين 
» وذكر أهل السير رجوعه إلى مذهب السلفء توفي سنة 47ه » انظر: سير 

8 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالكلام» فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به 
". وقال عند موته: " لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل 
الإسلام وعلومهم» ودخلت في الذي نهوني عنه» والآن فإن لم 
يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجو ينيء وها أنا ذا أموت 
على عقيدة أمي " :)١(‏ 

وأهل السنة والجماعة من السلف ومن بعدهم عندما 
يذكرون مثل هذه الأقوال وتلك المواقف للمتكلمين إنما يقصدون 
التحذير والتنفير من سلوك مناهج المتكلمين والفلاسفة وبيان ما 
يؤول إليه حال من سلكها. 

رابعا: موقف سيد قطب - رحمه الله - من الفلسفة وعلم 
الكلام: 

أصبحت حمى ( الفلسفة الإسلامية ) و ( علم الكلام ) 
منتشرة في أغلب الجامعات والكليات الشرعية في العالم 
الإسلامي» وخاصة منذ بداية القرن الماضي!!» حيث ابتليت 
أغلب مناهج العقيدة الإسلامية بمباحث الفلسفة وعلم الكلام. 


أعلام النبلاء للإمام الذهبي مؤسسة الرسالة ب ٠ت‏ ط١‏ /لا١5‏ ١هاء /١8‏ 54: 
وما بعدها » وشذرات الذهب 758/9 . 
)١(‏ شرح العقيدة الطحاوية » ص 1545. 
8١‏ 





ارا عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





وقد كان لسيد قطب - رحمه الله - من الفلسفة وعلم 
الكلام موقف تميز به عن كثير من الدعاة المعاصرين» حيث 
عمل على إبراز تميز العقيدة الإسلامية عن الفلسفة وعلم 
الكلام فألف كتابه الفذا " خصائص التصور الإسلامي 
ومقوماته " والذي كشف من خلاله الخصائص الكبرى للعقيدة 
الإسلامية وهي ( الربانية» والثبات» والشمول» والتوازن» 
والإيجابية» والواقعية» والتوحيد ) وبيّن أن هذه الخصائص هي 
التي جعلت العقيدة الإسلامية تتميز كثيراً عن الفلسفة ومباحث 
علم الكلام ليصبح بينهما فارق شاسع هائل لا يمكن معه 
الخلط ولا الجمع بينهما. 

ويمكن بيان موقف سيد قطب من الفلسفة وعلم الكلام 
و منهجه في التعامل معهما من خلال المعالم الآتية: 

-١‏ قيام منهج الفلسفة والفكر الغربي عموماً 
التصورات الجاهلية المعادية للدين الحق: 

عاش سيد قطب - رحمه الله - ردحاً من حياته في دراسة 

كثيرٍ من العلوم والمعارف الإنسانية وخلص منها إلى نتيجة 
قررها بقوله: " إن اتجاهات الفلسفة بجملتهاء واتجاهات ( تفسير 
التاريخ الإنساني ) بجملتهاء ومباحث ( الأخلاق ) بجملتهاء 


5 


1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





واتجاهات دراسة ( الأديان المقارنة ) بجملتهاء واتجاهات ( 
التفسيرات والمذاهب الاجتماعية ) بجملتهاء كلها في الفكر 
الجاهلي - أي غير الإسلامي - قديماً وحديثاً - متأثرة تأثراً 
مباشراً بتصورات اعتقادية جاهلية» وقائمة على هذه التصورات» 
ومعظمها - إن لم يكن كلها - يتضمن في أصوله المنهجية 
عداءً ظاهراً أو خفياً للتصور الديني جملة» وللتصور 
الإسلامي على وجه الخصوص »١("‏ 

وبعد أن قرر أن مناهج الفلسفة والفكر الغربي عموماً 
تقوم على رواسب متمثلة في العداء لأهل التصور الديني جملة 
بسبب الملابسات النكدة» والحروب التي قامت في التاريخ 
الأوربي بين المشتغلين بالعلم وبين الكنيسة» بيّن أن تلك 
المناهج ونتاجها الفكري سيكون أشد عداءً للتصور الإسلامي» 
من خلال تمييع العقيدة والمفهومات الإسلامية» وتحطيم الأسس 
التي يقوم عليها تميز المجتمع المسلم في كل مقوماته» وتسميم 
الينبوع الإسلامي الصافيء وبالتالي تجب الحيطة والحذر أثناء 
دراسة العلوم البحتة من أيّةَ ظلال فلسفية تتعلق بهاء كما يجب 
أن نستلهم مقرراتنا من القرآن الكريم ونرمي بكل رواسب 


)1( معالم في الطريق » ص » بتصرف يسير . 
577 





17 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





الثقافات الجاهلية قديمها وحديثها على السواء .)'١(‏ 

؟- ضلال الفلاسفة في تصوراتهم للإله والكون 
والوجودء وعلاقة الخالق بالمخلوقات: 

بِيّن سيد قطب - رحمه الله - في مواطن كثيرة من كتبه 
ضلال الفلاسفة والمتكلمين في تصوراتهم للإله سبحانه» وكذا 
ضلالهم في تصورهم للكون والوجود» ولعلاقة الإله بالمخلوقات 
عموماً» ويعتبر كتابه '" خصائص التصور الإسلامي ومقوماته ' 
موضوعاً بالدرجة الأولى لبيان التصور الحق الذي جاء به 
الإسلام» مقارنة مع التصورات المنحرفة بما فيها تصورات 
الفلاسفة والمتكلمين. 

يقول :> رحمه ابلد ته " نقول: حيثما حاول العقل: البشتري 
أن يسلك طريقاً غير هذا الطريق- الوحي - جاء بالخبط 
والتخليط الذي الم يشهم في اتاريخ الفكر شري ينتري: في 
ذلك الجاهليات الوثنية.. والجاهليات اللاهوتية... والجاهليات 
الفلسفية وحيثما نظر الإنسان في هذه التصورات طالعته 
بالمضحكات... وهذا المشهد يتجلى بوضوح كامل حين يراجع 
الإنسان ذلك الجهد الطويل للفلسفة في شتى عصورها وفي 


. ١58-١57 ينظر كلامه بتوسع في : معالم في الطريق ص‎ )١( 
8 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





شتى مذاهبهاء إن الإنسان ليتملى حقائق العقيدة الإسلامية في 
القرآن» ثم يحاول أن يتلمسها في الفلسفة» فكأنما يخرج من 
الروض النضيرء الحي المكشوف» المتفتح الطليق» إلى القلعة 
الكثيبة من قلاع القرون الوسطىء» المليئة بالمنعرجات 
والسراديب.. ذات الهواء الراكد المكتوم... حيث لا يصل أبداً إلى 

لقد عجزت الفلسفة دائماً - بجميع مذاهبها - عن الاهتداء 
إلى الإله الحق» و( واجبُ الوجود ) أو ( السبب الأول ) أو ( 
الأحد ) الذي اهتدت إليه الفلسفة لم يكن أبداً هو( الله ) الحق 
الذي يهدي إليه ( الإسلام) في جميع الرسالات التي جاء بها 
الرسل من عند الله إن الإله الذي تبحث عنه الفلسفة - حين تبحث 
عن الله - هو قانون العالم وهيكله» وحياته ومشيثته» فلو كان ثمة 
عقل يدبر هذا الكون فإن الفلسفة تود أن تعرفه وتدرك كنهه حتى 
تسايره - في الفكر - مع الاحترام - فإذا لم يكن ثمة عقل مدبرء 
فإنها تود أن تعرف ذلك أيضاً حتى تواجهه بغير خوف هذا هو 
إله الفلسفة» وهو لا يعنينا في شيء لأن بحث الفلسفة عنه على 
هذا النحو لم يقدها يوماً إلى ( الحقيقة )!. 

إن الإله الحق هو " الله " الذي هدى إليه الإسلام» وهو خالق 


5 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الكون» وليس هو " قانون العالم وحياته ومشيئته "» هو: ( دَالَ رين ِف 
َعَطن كل شَىْءِ حَلْقَهُ. نه هدَئ (15 [سورة طه:٠0]‏ وهو الذي يدبر 
هذا العالم ويحركه بقدره» ولا يدري أحد كيف يتعلق قدره بهذا العالم 
لأن أحداً لم يزوّد بمعرفة كيفيات فعل الله» إنما الإنسان مزود فقط 
بإدراك آثار فعل الله ' :)١(‏ 

'" ولقد ضل كل من حاول من الفلاسفة والمتكلمين 
وصتقن كينياف أفعاله سيحاتة ويختطرا بخلطا فكيد ا 007 

' وكذلك عجزت الفلسفة عن الاهتداء إلى حقيقة العلاقة 
بين الله والعالم» والى كيفية تعلق مشيئته بما يجري في هذا 
العالم» لأنها حاولت أن تفسر هذه العلاقة» وأن تصور هذه 
الكيفية في حدود المألوف للعقل البشري في عالم الخلائق 
وكذلك جاء كل ما تصوره الفلسفة مختلآء لأن القاعدة التي قام 
عليها مختلة» وبمثل هذا العجز عالجت حقيقة أفعال الإنسان 
والعلاقة بين الإنسان والكون» وضربت في التيه في قضية " 
الجبر والاختيار " كما ضربت في التيه في قضية "المعرفة " 
ووقفت بالعقل في مقابل الحس والغريزة» وبالحياة في مقابل 


)1( مقومات التصور الإسلامي ص 5 ب لاع بتصرف 5 
)١(‏ في ظلال القرآن » "/ 7١751‏ . 
5" 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المادة»؛ وسارت بهذه القضايا في تلك الدروب المسدودة قرناً بعد 
قرون» ومدرسة بعد مدرسة.. وما تزال! !... 

إن هناك ظاهرة لم تتخلف قط في تاريخ الفكر والاعتقاد» 
وهي أنه حيثما أخذت الفلسفة من العقيدة أفادت واهتدت إلى 
بعض جوانب الحقيقة» وحيثما أخذت العقيدة من الفلسفة خسرت 
وأصيبت بالتخليط والانحراف والتعقيد " :)١(‏ 

وقد استعرض سيد قطب - رحمه الله - تصور الفلاسفة 
للإله وعلاقته بالكون» وأوضح سخافة أقوال الفلاسفة الكبار!! 
في كلامهم عن خلق الكون وعلاقته بالإله مقارناً ذلك بالتصور 
الإسلامي الواضح في هذه القضايا("): 

ويخلص - رحمه الله - إلى وصف تصورات الفلاسفة 
بأنها أشبه بحركات الأطفال وخوضهم»ء فيقول: " إن سائر 
التصورات حتى لكبار الفلاسفة الذين يعتز بهم تاريخ الفكر 
الإنساني - تبدو محاولات أطفال يخبطون ويخوضون في سبيل 
الوصول إلى الحقيقة» تلك الحقيقية التي تُعرض في القرآن 


. مقومات التصور الإسلامي » ص 47 - 48 بتصرف‎ )١( 
» ه١-5495ص (؟) ينظر كلامه - رحمه الله - في : مقومات التصور الإسلامي‎ 
,»١5١ . 98 ؛ وخصائص التصور الإسلامي » ص‎ 31٠06.» 56560 ؛.‎ 657 
. 310/9١ /5 ء في ظلال القرآن‎ ١75 ١٠١7.65١ , ٠0 
ا‎ 





17 717 77 17 ال 





عرضاً هادئاً ناصعاً قوياً بسيطاً عميقاًء يلتقي مع الفطرة التقاءَ 
مباشراً دون كدٍ ولا جهد ولا تعقيدء لأنه يطالعها بالحقيقة 
الأصيلة العميقة فيهاء ويفسر لها الوجود» وعلاقتها به» وعلاقة 
الوجود بخالقه تفسيراً يضاهي ما استقر فيها ويوافقه. 

وظانن حفيك راذا أطال«تضوراك كيان القلاسفة »را لاح 
العناء القاتل الذي يزاولونه وهم يحاولون تفسير هذا الوجود 
وارلاطاكقه كبا شارك 7الطلفل: :السيفين كل مطائلة برياضية 
هائلة» وأمامي التصور القرآني واضحاً ناصعاً هيناً ميسراً 
طبيعياًء لا عوج فيه ولا لف» ولا تعقيد ولا التواء» وهذا طبيعي» 
فالتفسير القرآني للوجود هو تفسير صانع هذا الوجود لطبيعته 
وارتباطاته.. أما تصورات الفلاسفة فهي محاولات أجزاء صغيرة 
عق هذا الريكوة التسين “الكو 4206 والعافية جعروفة لملل هذه 
المحاولات البائسة» إنه عبتٌ» وخلط» وخوضٌ.. حين يقاس إلى 


الصورة التي يعرضنها الفران» (1)* 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 


ل كرق أن ما عند الفلسفة حَمُوفا لسن إلا أريهاها وظدوداً 
وأساطير يقول حرحمه الله-: " واذا كانت أوهام الجاهلية وأساطيرها 
عن 'حقيقة الألوهية " ليست إلا ظناً بلا برهان عليه» فمثلها ولا شك 


. في ظلال القرآن » "/ 894 - 66و58‎ )١( 
ع‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أوهام الفلاسفة الذين يخبطون في التيه بلا دليل! " :)١(‏ 
*- مجافاة منهج الفلسفة وعلم الكلام للمنهج القرآذ 





أوضح سيد - رحمه الله - في مواضع كثيرة مجافاة 
منهج الفلسفة وعلم الكلام لمنهج القران الكريم سواءً في عرض 
التوحيد أوفي مخاطبة الفطرة ومن ذلك قوله - رحمه الله -: " 
لما كانت هناك جفوة أصيلة بين منهج الفلسفة ومنهج العقيدة؛ 
وبين أسلوب الفلسفة وأسلوب العقيدة وبين الحقائق الإيمانية 
الإسلامية وتلك المحاولات الصغيرة المضطربة المفتعلة التي 
تتضمنها" الفلسفات” والمباحت" :اللاهوئية النشرية:, 'فقذ يدت" 
الفلسفة الإسلامية "- كما سميت - نشازاً كاملا في لحن العقيدة 
المكتاسق! .ونشأ :مهن هذه |المحاولات تخليط كثين» كنات :ضفاء 
التصور الإسلامي» وصغر مساحته؛ وأصابه بالسطحية» ذلك 
مع التعقيد والجفاف والتخليط مما جعل تلك " الفلسفة الإسلامية 
' ومعها مباحث "علم الكلام " غريبة غربة كاملة على الإسلام 
وطبيعته وحقيقته ومنهجه وأسلوبه! " (5): 

ويقرر سيد أيضاً: ظاهرة تاريخية لم تتخلف قط في تاريخ 


(؟)؟ خضباكس الصو الأشلامي وص 1 
الا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الفكر والاعتقاد وهي أنه حيثما أخذت العقيدة من الفلسفة 
خسرت وأصيبت بالتخليط والانحراف والتعقيد وتبدو هذه الظاهرة 
واضحة في تلك الصورة الكابية المعقدة الكتيبة التي تسمى " 
الفلسفة الإسلامية " أو ' علم الكلام ' أو " علم التوحيد " - 
البعيدة عن طبيعة التصور الإسلامي وعن طبيعة المنهج 
الإسلامي ذلك عندما شاء ناسٌ من " المسلمين " أن يخلطوا 
التصور الإسلامي بمقولات الفلسفة!» وأن يعقدوا المنهج 
الإسلامي بمنهج الفلسفة.. :)١("‏ 

واستعرض سيد قطب في كتابه " مقومات التصور 
الإسلامي " المنهج القرآني في تقرير حقيقة الألوهية» وحقيقة 
الكون والإنسان» مبيناً طريقة القرآن في التعريف بالإله الحق 
سبحانه وبصفاته» ومقتضيات وجوده وآثار هذا الوجود في 
الكون» وفي مخاطبة الفطرة وتوجيهها (') ثم قال: " وهذا هو 
الفارق الأصيل بين خطاب المنهج القرآني... وبين خطاب 
الفلسفة واللاهوت وعلم الكلام للذهن بالتصورات التجريدية» أو 


.58 مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
وما‎ ١84 (؟) ينظر : مقومات التصور الإسلامي » فصل حقيقة الألوهية ص‎ 
7175/5 بعدها و 51437 . وفي ظلال القرآن‎ 
مه"‎ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





بالجدل البارد الذي لا يصل قط إلى الإقناع المؤثر المحيي 
للقلوب والعقول " :)١(‏ 

وينتقد منهج المعتزلة والمتكلمين المتأثرين بالفلسفة 
فيقول: " وكذلك تصبح البراهين الذهنية التجريدية على وجود الله 
- سبحانه - وهي التي اتجه إليها علماء التوحيد بتأثير منطق 
"أرسطو" والتي تعتمد على المقولات العقلية وحدها بعيدة في 
منهجهاء غريبة على المنهج الإسلامي» وهذا المنهج القرآني؛ 
لأنها أضعف أنواع البرهان في هذا المجال... 

ولقد أبعد المعتزلة وهم ينفون الصفات عن الله سبحانه 
لئلا يتعدد القدماء» لأن هذه الصفات إن كانت قديمة كذات الله 
تعدد القدماء! فهذا قياس ذهني بحت لا يتعامل مع الواقع؛ ولا 
ف الموع 

القراني - فالله سبحانه - قد وصف نفسه بصفات» ومن 
هذه الصفات ما يقرر وحدانيته وأزليته وأبديته واحاطته - 
سبحانه - بكل شيء إلى آخر أسمائه الحسنى.. إنما تابع 


)1( مقومات التصور الإسلامي ص ك5 
5١‏ 





17 717 77 17 ال 





المعتزلة منطق " أرسطو" الذهني» وتجريدات " أفلوطين " )١(‏ 
المهومة» ولم يتابعوا المنهج القراني» وهو المنهج الإسلامي 
الأصيل. وكذلك فعلوا فيما عرف في تاريخ الفكر الإسلامي 
بعنوان " فتنة خلق القرآن" لتلا يكون القرآن قديماً فيتعدد 
القدماء» والبحث على هذا النحو بجملته غريب على الفكر 
الإسلامي وعلى المنهج الإسلاميء فالقران وحي الله وكلامه 
وكن كرتن 
4 - رفض استعارة " القالب الفلسفي في عرض العقيدة 
ورفض مصطلح "الفلسفة الإسلامية ' 
دعا سيد قطب إلى إلغاء ما يسمى بمصطلح الفلسفة 
الإسلامية وعدم استعارة القالب الفلسفي في عرض العقيدة 
الإسلامية» وبين السبب بقوله: " إننا لا نحاول استعارة " القالب 
الفلسفي " في عرض حقائق "التصور الإسلامي" اقتناعاً منا بأن 
هناك ارتباطاً وثيقاً بين طبيعة " الموضوع " وطبيعة " القالب ". 


)١(‏ أفلوطين فيلسوف يوناني عولد سنة5 ٠٠م‏ » تأثر بفلسفة أفلاطون » وفسر كتب 
أرسطو في المنطق .وأسس المدرسة الأفلاطونية الحديثة في الإسكندرية »مات 
سنة ١17١م‏ ءانظر: الفهرست لابن النديم »المكتبة التجارية القاهرة »ب .ت » 
صلاه؟ . 

. 778 مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 

7 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وأن الموضوع يتأثر بالقالب» وقد تتغير طبيعته ويلحقها التشويه 
إذا عُرض في قالب في طبيعته وفي تاريخه عداءٌ وجفوةٌ وغربة 
عن طبيعته! الأمر المتحقق في موضوع التصور الإسلامي 

نحن نخالف " إقبال" في محاولته صياغة التصور 
الإسلامي في قالب فلسفي مستعار من القوالب المعروفة عند " 
| قليين' المثالبين" (') وعند ١‏ الوض بين | بدا لل 2 

إن العقيدة - إطلاقاً - والعقيدة الإسلامية - بوجه خاص 
- تخاطب الكينونة الإنسانية بأسلوبها الخاص» وهو أسلوب 
يمتاز بالحيوية والإبقاع واللمسة المباشرة» والإيحاء بالحقائق 
الكبيرة» التي لا تتمثل كلها في العبارة» ولكن توحي بها العبارة» 
كما يمتاز بمخاطبة الكينونة الإنسانية بكل جوانبها وطاقاتها 
ومنافذ المعرفة فيهاء ولا يخاطب " الفكر " وحده في الكائن 
البشري. 

أما الفلسفة فلها أسلوب آخرء إذ هي تحاول أن تحصر 


." من أمثال " هيجل‎ )١( 
. " (؟) من أمثال " أوجست كونت‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الحقيقة في العبارة» ولما كان نوع الحقائق التي تتصدى لها 
يستحيل أن ينحصر في منطوق العبارة - فضلاً عن أن جوانب 
أساسية من هذه الحقائق هي بطبيعتها أكبر من المجال الذي 
يعمل فيه " الفكر" البشري - فإن الفلسفة تنتهي حتماً إلى 
التعقيد والتخليط والجفاف» كلما حاولت أن تتناول مسائل 
العقيدة!. 

ومن ثم لم يكن للفلسفة دور يذكر في الحياة البشرية 
العامة» ولم تدفع بالبشرية إلى الأمام شيئاً مما دفعتها العقيدة؛ 
التي تقدمت البشرية على حدائها في تيه الزمن وظلام الطريق. 

لا بد أن تعرض العقيدة بأسلوب العقيدة» إذ أن محاولة 
عرضها بأسلوب الفلسفة يقتلها ويطفئ إشعاعها وإيحاءهاء 
ويقصرها على جانب واحد من جوانب الكينونة الإنسانية 
الكثيرة» ومن هنا يبدو التعقيد والجفاف والنقص والانحراف في 
كل المباحث التي تحاول عرض العقيدة بهذا الأسلوب الغريب 
عن طبيعتهاء وفي هذا القالب الذي يضيق عنها. 

ولسنا حريصين على أن تكون هناك " فلسفة إسلامية "! 
لسنا حريصين على أن يوجد هذا الفصل في الفكر الإسلامي؛ 


ولا أن يوجد هذا القالب في قوالب الأداء الإسلامية! فهذا لا 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- كوو --] 





ينقص الإسلام شيئاً في نظرناء ولا ينقص " الفكر الإسلامي ' 
بل يدل دلالة قوية على أصالته ونقائه وتميزه! " :)١(‏ 

ويقول: " وأنا أعلم أن هذا الكلام سيقابّل بالدهشة - على 
الأقل- سواء من كثير من المشتغلين عندنا بما يسمى " الفلسفة 
الإسلامية " أو من المشتغلين بالمباحث الفلسفية بصفة عامة 
ولكني أقرره وأنا على يقينٍ جازم بأن " التصور الإسلامي " لن 
يخلص من التشويه والانحراف والمسخ» إلا حين ثُلقِي عنه جملة 
بكل ما أطلق عليه اسم " الفلسفة الإسلامية " وبكل مباحث " 
علم الكلام " وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق الإسلامية 
المختلفة في شتى العصور أيضاًء ثم نعود إلى القرآن الكريم؛ 
نستمد منه مباشرة " مقومات التصور الإسلامي “» مع بيان 
'خصائصه " التي تفرده من بين سائر التصورات» ولا بأس من 
بعض الموازنات - التي توضح هذه الخصائص - مع 
التصورات الأخرى - أما مقومات هذا التصور فيجب أن تستقى 
من القرآن مباشرة وتصاغ صياغة مستقلة.. تماماً ' (5): 


وبعد أن قرر سيد - رحمه الله - رفضه لما سمي 


)1( خصائص التصور الإسلامي - سيد قطب - ص كل :لا 
)تتكس انط لكين | الساامي اص 1 


ده 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالفلسفة الإسلامية ومباحث علم الكلام يوضح أن هذا الموقف 
نابع من ثلاث حقائق هامة هي بمثابة الأسباب وهي: 

الحقيقة الأولى: أن ما وصل إلى العالم الإسلامي من 
مخلفات الفلسفة الإغريقية واللآهوت المسيحي وكان له أثر في 
توجيه الجدل بين الفرق المختلفة وتلوينه» لم يكن سوى شروح 
متأخرة للفلسفة الإغريقية» منقولة نقلآً مشوهاً مضطرباً في لغة 
سقيمة» مما ينشأ عنه اضطراب كثير في نقل هذه الشروح. 

الحقيقة_الثانية:_أن عملية التوفيق بين شروح الفلسفة 
الإغريقية والتصور الإسلامي كانت تنم عن سذاجة كبيرة؛ 
وجهلٍ بطبيعة الفلسفة الإغريقية وعناصرها الوثنية العميقة» 
وعدم استقامتها على نظام فكري واحد» وأساس منهجي واحدء 
مما يخالف النظرة الإسلامية ومنابعها الأصيلة. 

فالفلسفة الإغريقية نشأت في وسط وثني مشحون 
لاشو رايهم متاررنا ان “فده الرشوة رقو هده 
الأساطير» ولم تخل من العناصر الوثنية الأسطورية قطء فمن 
السذاجة والعبث- كان - محاولة التوفيق بينهما وبين التصور 
الإسلامي القائم على أساس التوحيد المطلق العميق التجريد 
لكل المشتغليق بالفلقيقة 'والجدل من المسامين قهموا 'ث خط بت 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ع 


تحت تأثير ما نقل إليهم من الشروح المتأخرة المتأثرة بالمسيحية 
أن "الحكماء " وهم فلاسفة الإغريق - لا يمكن أن يكونوا 
وثنيين» ولا يمكن أن يحيدوا عن التوحيد! ومن ثَمّ التزموا عملية 
توفيق متعسفة بين كلام " الحكماء " وبين العقيدة الإسلامية؛ 
ومن هذه المحاولة كان ما يسمى "الفلسفة الإسلامية ". 

الحقيقة الثالثة:_أن المشكلات الواقعية في العالم 
الإسلامي - تلك التي أثارت ذلك الجدل منذ مقتل عثمان - 
رضي الله عنه - قد انحرفت بتأويلات النصوص القرآنية؛ 
وبالأفهام والمفهوهات: اتحرافاً “فيديذ افلم بذات: المياحتة لثايية 
وجهات النظر المختلفة» كانت تبحث عما يؤيدها من الفلسفات 
والمباحث اللاهوتية. بحثاً مغرضاً في الغالب» ومن ثم لم تعد 
تلك المصادر - في ظل تلك الخلافات - تصلح أساساً للتفكير 
الإسلامي الخالص» الذي ينبغي أن يتلقى مقوماته ومفهوماته 
الخلافات التاريخية. 

ومن ثم يحسن عزل ذلك التراث جملة» عن مفهومنا 
الأصيل للإسلام» ودراسته دراسة تاريخية بحته» لبيان زوايا 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الانحراف فيه؛ وأسباب هذه الاتحراف. " :)١(‏ 
ه- الأسباب التاريخية 
بالفلسفة: 








تحدث سيد قطب حرحمه الله - عن الأسباب التي كانت 
وراء ظهور علم الكلام في العالم الإسلامي وأيضاً العلاقة بينه 
وبين الفلسفة ويمكن إجمال ذلك فيما يأتي: 

أ - اتساع رقعة الدولة الإسلامية واستقرارهاء وخلو حياة 
الناس من هموم الجهاد أدى إلى استسلامهم لموجات الرخاء 
والترف المادي والفكري. 

ب- ظهور الخلافات الفكرية بسبب المشكلات السياسية؛ 
والتي حاول أصحابها أن يجدوا لها سنداً من القرآن أو السنة 
بتأويللات صحيحة أو متعسفة. 

ج - قيام عدد من الخلفاء العباسيين بترجمة الكتب 
اليونانية الفلسفية» ومن أشهرهم الخليفة المأمون (") الذي كان 
يغدق الأموال الجزيلة على من يقوم بأعمال الترجمة» حتى 


. 15-١7 خصائص التصور الإسلامي - سيد قطب - ص‎ )١( 
» (؟) هو : الخليفة عبد الله بن هارون الرشيد » ولد سنة ١٠7١ه ء قرأ العلم والأدب‎ 
» كان ذا هيبة وحزم‎ ٠ وأمر بتعريب كتب الأعاجم » دعا إلى القول بخلق القرآن‎ 
. 777/5٠١ غزا الروم وتوفي سنة 4١1ه »ء انظر : سير أعلام النبلاء‎ 
1 





7ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يروى أنه كان يجزي المترجم وزن كتابه ذهباً. 

د - اختلاط المسلمين بالأمم الأخرى كالنصارى 
والمجوس وتأثرهم بثقافاتها وعلومها التي تقوم على الأسس 
الفلسفية. 

ه-عامل الدفاع والرد والحجاج الذي دفع فريقاً من علماء 
المسلمين إلى الخوض في هذه المباحثوالعلوم 

و - افتتان بعض المفكرين المسلمين بالفلسفة الإغريقية 
وبالمباحث اللاهوتية» وظنهم أن الفكر الإسلامي لا يستكمل 
نضوجه إلا إذا ارتدى زي الفلسفة وكانت له فيه مؤلفات!! 
فحاولوا إنشاء " علم الكلام " على نسق المباحث اللاهوتية 
ومنطق أرسطوء وعملوا على استعارة القالب الفلسفي ليصبوا فيه 
التصور الإسلاميء» كما استعاروا بعض التصورات الفلسفية 
وحاولوا التوفيق بينها وبين التصور الإسلامي :)١(‏ 

وقد أجمل سيد قطب الأسباب التي كانت وراء ظهور 
علم الكلام بقوله: " ولقد وقع في طور التاريخ الإسلامي - أن 
احتكت الحياة الإسلامية الأصيلة» المنبثقة من التصور 
الإسلامي الصحيح» بألوان الحياة الأخرى التي وجدها الإسلام 


)1( سيد قطب » لمحمد توفيق بركات » ص 3606. 
58 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





في البلاد المفتوحة» وفيما وراءها كذلك» ثم بالثقافات السائدة في 
تلك البلاد» واشتغل الناس في الرقعة الإسلامية - وقد خلت 
حياتهم من هموم الجهاد» واستسلموا لموجات الرخاء.. وجدّتت 
في الوقت ذاته في حياتهم من جراء الأحداث السياسية وغيرها 
مشكلات للتفكير والرأي والمذهبية... فاشتغل الناس بالفلسفة 
الإغريقية» وبالمباحث اللاهوتية التي تجمعت حول المسيحية» 
والتي ترجمت إلى اللغة العربية - ونشأ عن هذا الاشتغال الذي 
لا يخلو من طابع الترف العقلي في عهد العباسيين وفي 
الأندلس أيضاًء انحرافات واتجاهات غريبة على التصور 
الإسلامي الأصيلء التصور الذي جاء ابتداءً لإنقاذ البشرية من 
مثل هذه الانحرافات» ومن مثل هذه الاتجاهات وردها إلى 
التصور الإسلامي الإيجابي الواقعي» الذي يدفع بالطاقة كلها 
إلى مجال الحياة» للبناء والتعمير» والارتفاع والتطهيرء ويصون 
الطاقة أن تنفق في الثرثرة» كما يصون الإدراك البشري أن 
يطرح به في التيه بلا دليل. 

ووجد جماعة من علماء المسلمين أن لا بد من مواجهة 
آثار هذا الاحتكاك» وهذا الانحراف» بردود وايضاحات وجدل 
حول ذات الله - سبحانه - وصفاته. وحول القضاء والقدر» 


دن 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وحول عمل الإنسان وجزائه» وحول المعصية والتوبة» إلى آخر 
المباحث التي ثار حولها الجدل في تاريخ الفكر الإسلامي! 
ووجدت الفرق المختلفة خوارج وشيعة ومرجئة» قدرية وجبرية» 
سنية ومعتزلة.. إلى آخر هذه الأسماء. 

وكذلك وجد بين المفكرين المسلمين من فتن بالفلسفة 
الإغريقية - وبخاصة شروح فلسفة أرسطو - أو المعلم الأول 
كما يسمونه- وبالمباحث اللاهوتية - وظنوا أن " الفكر 
الإسلامي " لا يستكمل مظاهر نضوجه واكتماله أو مظاهر 
أبّهته وعظمته» إلا إذا ارتدى هذا الزي - زي التفلسف والفلسفة 
- وكانت له فيه مؤلفات! وكما يفتن منا اليوم ناسٌ بأزياء 
التفكير الغربية» فكذلك كانت فتنتهم بتلك الأزياء وقتهاء فحاولوا 
إنشاء " فلسفة إسلامية " كالفلسفة الإغريقية -وحاولوا إنشاء 
'علم الكلام " على نسق المباحث اللاهوتية مبنية على منطق 
أرسطو !. 

وبدلاً من صياغة التصور الإسلامي» في قالبٍ ذاتي 
مستقل» وفق طبيعته الكلية» الذي تخاطب الكينونة البشرية 
جملة» بكل مقوماتها وطاقاتهاء ولا تخاطب " الفكر البشري " 
وحده خطاباً بارداً مصبوباً في قالب المنطق الذهني.. بدلا من 


51١ 


1 17 17 717 ال 





هذا فإنهم استعاروا " القالب " الفلسفي ليصبوا فيه " التصور 
الإسلامي " كما استعاروا بعض التصورات الفلسفية ذاتهاء 
وحاولوا أن يوفقوا بينهما وبين التصور الإسلاميء» أما 
العض عات :فقن كانت :تكوة كلها تفار 00 

وبالتالي يخلص سيد - رحمه الله - إلى: " أن الجدل 
الكلامي الذي ثار بين علماء المسلمين إنما هو آفة من آفات 
الفلسفة الإغريقية والمباحث اللاهوتية عند اليهود والنصارى عند 
مخالطتها للعقلية العربية الصافية» وللعقلية الإسلامية الناصعة» 
وما كان لنا أن نقع اليوم في هذه الآفة» فنفسد جمال العقيدة 
وجمال القرآن بقضايا علم الكلام '(0): 

بهذه المعالم يتضح لنا موقف سيد قطب الرافض لما 
سمي ب "الفلسفة الإسلامية "و 'علم الكلام " وأسباب هذا 
الموقف وهو في جملته موافق لموقف السلف في نظرتهم 


للفلسفة وعلم الكلام. 


)1( خصائص التصور الإسلامي » سيد قطب - ص 1١1-‏ 
)0( في ظلال القرآن » /١‏ "اه . 
ليان 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الرايع 
موقفه من قضية تطور العقيدة ومقارنة 
الأديان 


أولاً: المقصود بتطور العقيدة: 

نظرية تطور العقيدة من النظريات الغربية» التي يقررها 
علماء مقارنة الأديان وتقوم هذه النظرية على " أن الإنسان لم 
يعرف العقيدة على ما هي عليه اليوم مرة واحدة» وانما تطورت 
في فتراتِ وقرونٍ متعاقبة شأنها شأن سائر العلوم والصناعات 
الإنسانية حيث عبد أول ما عبد الطوطم('2» ثم ترقى إلى أن 
وصل في النهاية إلى معرفة الله ". (5) 
والذي أوقعهم في هذا الضلال أمور منها: 
-١‏ ظنهم أن الإنسان الأول خُلق خلقاً ناقصاً» غير مؤهلٍ 


)١(‏ الطوطم : نوع من المعبودات البدائية» قد يكون جماداً أوحيواناً أو نباتاً » تتخذه 
العشيرة شعاراً ورمزاً لوحدتها أو قوتها » وتعتقد أنه جدها الأعلى ومنه تناسلت » 
فتقدسه بناء على ذلك ولا تسمح للنساء والغرباء بلمسه ». انظر : الأديان والفرق 
والمذاهب المعاصرة » لعبد القادر شيبة الحمد » مطبوعات الجامعة الإسلامية » 
المدينة النبوية » ط١‏ » ب..ات »ص ١١‏ . 

)١(‏ انظر : كتاب " الله " لعباس العقاد » دار الهلال » القاهرة » ب . ت » ص 
2.٠‏ 

حون 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





لتلقي الحقائق العظمى كاملة» فتصورهم عن الإنسان 
الأول تجعله أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان. 

-١‏ ظنهم أن الإنسان اهتدى إلى العقيدة بنفسه دون معلم أو 
مرشدء وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا بد إذا من أن يترقى 
في معرفة الله كما ترقى في العلوم والصناعات. 

-٠‏ اعتمادهم في بحثهم في تاريخ العقيدة على الأديان المحرفة 
والضالة» والتي تمثل انحراف الإنسان في فهم العقيدة» أو 
ضلاله في تفسير الوجود الإنساني .)١(‏ 

- والعجيب أن بعض الكتّاب المسلمين تأثروا بهذه النظرية 
الغربية» وروجوا لها ومنهم الأستاذ عباس العقاد في 
كتابه الذي بعنوان: " الله '. 
ثانياً-: قف الإاسلا 
المتأمل في آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن التوحيد 
وقكؤة” الرسيل: «والأتشاء: مكذ خلال أضيكات: ‏ القول: ايتطون 
العقائد» لأن الله سبحانه أخبر أنه خلق الإنسان منذ البداية خلقاً 





سويا مكتملا؛ لغاية واحدة هى عبادته وتوحيده» وجعله مؤهلاً 


» الشرك بالله تعالى » أنواعه وأحكامه » ماجد محمد شباله » دار الإيمان‎ )١( 
0 الإسكندرية » ط١ » عام 5.."ءص‎ 
533 








لذلك» وأنه عرّف الإنسان بنفسه منذ البداية» ولم يتركه يتعرف 
على ربه بطريق التأمل والتجريب - كما يقول علماء مقارنة 
الأديان!! - بل أرسل الرسل وأنزل الكتب على مدار التاريخ 
لتصحيح الانحراف الذي يقع على عقائد البشر وأحوالهم كلما 
انحرفوا عن التوحيد الحق. 

كما يقرر أيضاً أن آدم عليه السلام أهبط إلى الأرض 
موخذا يعرف .زبهة:وتشات “من ذريقة أمة كانت “علئ. التوحيد 
الخالصء» وانما حصل الانحراف عن التوحيد والوقوع في الشرك 
بعد موت آدم -عليه السلام- بنحو عشرة قرون» كما جاء عن 
ابن عباس حرضي الله عنه -: " كان بين آدم ونوح عشرة قرون 
كلهم على الإسلام ' ('). 

وأن سبب هذا الانحراف هو تقديسهم للصور والتماثيل؛ 
فكانت رسالة نوح -عليه السلام- لتصحيح الانحراف العقدي 
في البشرية؛ هكذا كلما اتحرفه البشر. عن التوحيد' .جات 
الرسل لإعادتهم إلى جادته» حتى خُتمت الرسالات برسالة محمد 
د 


)١(‏ تفسير الطبري » ١14/١‏ » والأثر رواه الحاكم في المستدرك 545/7 » وقال 
يح على شرط البخاري ووافقه الذهبي وله شاهد في حديث قتادة بسند 


٠ صيحوو‎ 
516 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كما انقزك ١‏ القرات” :ايكيا أن أل -ذهوة الريتل حكمينا هد 


التوحيد والاستسلام لله - سبحانه - مما يدل دلالة واضحة على 
بطلان قول علماء الأديان المقارنة بتطور العقيدة» بل وضلالهم 
في ذلك لأن المتتبع لتاريخ العقيدة كما يذكره القرآن الكريم يجد 
أن الأصل في بني آدم قاريكا :وقطرة بهو : الترحيذ روا الشركف 
ظارئ عني الشرية 10). 

كالكاً 0 موقت سد قطن مرك اتلرية انطو الشقيدة 





ومقارنة الأديان: 

يمكن إجمال موقف سيد قطب من قضية تطور العقيدة 
وبحوث علماء مقارنة الأديان عموماً في النقاط الآتية: 

-١‏ يرى أن بحوث علماء الأديان المقارنة تقوم ابتداءً على 
العداء للدين» وتستخدم منهجاً خاطئاً وبالتالي تأتي النتائج خاطئة 
حيث يقول سيد قطب - رحمه الله - بعد تتبعه للخط الحركي 
للعقيدة الإسلامية في تاريخ البشرية: " ومن هذا التتابع التاريخي - 
الذي يقصه الله سبحانه في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين 
يديه ولا من خلفه - يتبين خطأ المنهج الذي يتبعه علماء الدين 
المقارن» وخطأ النتائج التي يصلون إليها عن طريقه. 


. الشرك بالله تعالى » ماجد شباله ء ص 45 وما بعدها‎ )١( 
515 





17 717 77 17 ال 





خطأ المنهج: لأنه يتَبِع خط الجاهليات التي عرفته 
البشرية ويهمل خط التوحيد الذي جاءت به الرسل - صلوات 
الله وسلامه عليهم - وهم حتى في تتبعهم لخط الجاهليات لا 
يرجعون إلا لما حفظته آثار العهود الجاهلية التي يحوم عليها 
التاريخ - ذلك المولود الحدث الذي لا يعرف من تاريخ البشرية 
إلا القليل» ولا يعرف هذا القليل إلا على سبيل الظنء» والترجيح! 
- وحتى حين يصلون إلى أثر من آثار التوحيد الذي جاءت به 
الرسالات رأساً في إحدى الجاهليات التاريخية في صورة توحيد 
مشوه كتوحيد اخناتون(١2‏ مثلاآً في الديانة المصرية القديمة: 
فإنهم يتعمدون إغفال أثر رسالة التوحيد - ولو على سبيل 
الاحتمال - وقد جاء اخناتون في مصر بعد عهد يوسف - 
عليه السلام - وتبشيره بالتوحيد كما جاء في القرآن الكريم...؛ 
وهم إنما يفعلون ذلك لأن المنهج كله إنما قام ابتداء على أساس 
العداء والرفض للمنهج الديني» بسبب ما ثار بين الكنيسة 
الأوربية والبحث العلمي في كل صوره في فترة من فتراء” 
التاريخ» فبدأ المنهج وفى عزم أصحابه أن يصلوا إلى ما يكذب 





)١(‏ اسمه أفينوفيس . عاش في مصر في الفترة ١07- ١1117٠0‏ ق.م »من آثاره 
معبد الأقصر » انظر : المنجد في الأعلام عص١7‏ . 
8 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 








وفرك أجل هذ[ عاو امفيك «مككوفا “مقذ ‏ البذاية” لأنة نعم 
الوصول سلفاً إلى نتائج معينة» قبل البدء في البحث!. 

وحتى حين هدأت حدة العداء للكنيسة بعد تحطيم 
سيطرتها العلمية والاقتصادية الغاشمة فإن هذا المنهج استمر 
في طريقه» لأنه لم يستطع أن يتخلص من أساسه الذي قام 
عليه؛ والتقاليد التي تراكمت على هذا الأساس» حتى صارت من 
أصول المنهج!. 

أما خطأ النتائج:_فهو ضرورة حتمية لخطأ المنهج من 
أساسه» هذا الخطأ الذي طبع نتائج المنهج كلها بهذا الطابع؛ 
على أنه أياً كان المنهج وأياً كانت النتائج التي يصل إليهاء فإن 
تقريراته مخالفة مخالّفة أساسية للتقريرات الإلهية كما يعرضها 
القرآن الكريم» واذا جاز لغير مسلم أن يأخذ بنتائج تخالف 
مخالفة صريحة قول الله سبحانه في مسألة من المسائل» فإنه لا 
يجوز لباحث يقدم بحثه للناس على أنه 'مسلم "أن يأخذ بتلك 
النتائج» ذلك أن التقريرات القرآنية في مسألة الإسلام والجاهلية؛ 
وسبق الإسلام للجاهلية في التاريخ البشري» وسبق التوحيد 
للتعدد والتثنية.. قاطعة» وغير قابلة للتأويل» فهي مما يقال عنه: 


510 


17 117 117 717 ال 





إنه معلوم من الدين بالضرورة» وعلى من يأخذ بنتائج علم 
الأديان المقارنة في هذا الأمرء أن يختار بين قول الله سبحانه؛ 
وقول علماء الأديان» أو بتعبير آخر: أن يختار بين الإسلام 
وغير الإسلام» لأن قول الله في هذه القضية منطوقٌ وصريحٌ 
وليس ضمنياً ولا مفهوماً ' (') 

ويقول أيضاً: " وهذه الحقيقة- حقيقة أن أول عقيدة 
غرفت في الأرض هي الإسلام القائم على توحيد الدينوية 
والربوبية والقوامة لله وحده.. تقودنا إلى رفض كل ما يخبط فيه 
من يسمونهم "علماء الأديان المقارنة"وغيرهم من التطوريين 
الذين يتحدثون عن التوحيد بوصفه طوراً متأخراً من أطوار 
العقيدة» سبقته أطوارٌ شتى من التعدد والتثنية للآلهة» ومن تأليه 
القوى الطبيعية وتأليه الأرواح وتأليه الشموس والكواكب إلى 
آخن مآ :تخبط فيه هد النخوك التي “تفرم ابتداة ‏ غان .متهم 
ركد جدو الل كار ون ونش روش اهرة رعق ليقف إلى 
تحطيم قاعدة الأديان السماوية والوحي الإلهي والرسالات من 
عند الله» وإثبات أن الأديان من صنع البشرء وأنها من ثم 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ ١15415‏ بتصرف يسير 
921 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





تطورت بتطور الفكر البشري على مدار الزمان'(١).‏ 

ويقول أيضاً ".. ولكنهم - أي علماء الدين المقارن - إنما 
يتأثرون بمنهج في البحث يقوم على قاعدة من العداء الدفين 
القديم للكنيسة في أوربا - حتى ولو لم يلحظه العلماء 
المعاصرون - ومن الرغبة الخفية - الواعية أو غير الواعية - 
في تحطيم المنهج الديني في التفكير» وإثبات أن الدين لم يكن 
قط وحياً من عند الله» إنما كان اجتهاداً من البشر ينطبق عليه 
ما ينطبق على تطورهم في التفكير والتجربة والمعرفة العلمية 
سواءً بسواء» ومن ذلك العداء القديم» ومن هذه الرغبة الخفية 
ينبثق منهج علم الأديان المقارن» ويسمى مع ذلك" علماً " 
ينخدع به الكثيرون'("2 " وهو في الأساس موجة لتدمير القاعدة 
الأساسية لدين الله كله وهي أنه وحي من الله» وليس من وحي 
الفكر البشري المترقي المتطور(7) 

ونخ الأخطاء: المنيهية أيطبا أن .علماء الأديان المقارقة 
يلتقطون ظواهر معينة في تاريخ البشرية ليبنوا عليها النتائج» 


. 1١885 /5 » المصدر السابق‎ )١( 

)0( في ظلال القرآن 0/5 5. 

(؟) المصدر السابق » 4/ .١8/865‏ 
ام 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ويضرب سيد مثلاً لهذا الخطأ عندهم وهو اعتبارهم السحر 
مرحلة من مراحل تطور العقيدة حيث يقول: " كانت أرض 
مصر تموج بالكهنة - الذين يزاولون أعمال السحر - ففي 
الوثنيات كلها تقريباً يقترن الدين بالسحرء ويزاول السحر كهنة 
الديانات وسدنة الآلهة وهذه الظاهرة هي التي يلتقطها " علماء 
الأديان' فيتحدث بعضهم عن السحر كمرحلة من مراحل تطور 
العقيدة! ويقول الملحدون منهم: إن الدين سيبطل كما يبطل 
السحر! وأن العلم سينهي الدين كما أنهى عهد السحر!.. إلى 
آخر هذا الخبر الذي يسمونه 'العلم " )١(‏ 

- مناقشة - سيد قطب‎ -١ 
: العقيدة والرد‎ 





استعرض - سيد قطب حرحمه الله - نظرية تطور 
العقيدة ومراحلها كنموذج لمزالق وانحرافات بعض الكتّاب 
المسلمين الذين تأثروا بالنظريات الغربية المخالفة لمنهج 
وتقريرات القرآن الكريم من خلال ما كتبه أستاذه عباس العقاد 
حول تطور العقيدة. 

يقول - سيد: " وينزلق بعض من يكتبون عن الإسلام 
)١(‏ المصدر السابق » ”/ ١55/8‏ . 

ا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





مدافعين» فيتابعون تلك النظريات التي يقررها الباحثون في 
تاريخ الأديان- وفق ذلك المنهج الموجه! -من حيث لا 
يشعرون! وبينما هم يدافعون عن الإسلام متحمسين يحطمون 
أصل الاعتقاد الإسلامي الذي يقرره القرآن الكريم في وضوح 
حاسمء ومع أننا هنا في ظلال القرآن الكريم» لا نناقش الأخطاء 
والمزالق في الكتابات التي تكتب عن الإسلام لكننا ثُلم بنموذج 
رحد معرطوه فى مواية اليج لزاني والنقر اكه القراقة فى 
هذه القضية 

كتب الأستاذ العقاد في كتابه " الله " في فصل أصل 
العقيدة قائلاً: " ترقى الإنسان في العقائد كما ترقى في العلوم 
والصناعات.. فكانت عقائده الأولى مساوية لحياته الأولى 
وكذلك كانت علومه وصناعاته» فليست أوائل العلم والصناعة 
بأرقى من أوائل الديانات والعبادات» وليست عناصر الحقيقة في 
واحدة منها بأوفر من عناصر الحقيقة الأخرى... وينبغي أن 
تكون محاولات الإنسان في 

سبيل الدين أشق وأطول من محاولاته في سبيل العلوم 
والصناعات.. فالرجوع إلى أصول الأديان في عصور الجاهلية 
الأولى لا يدل على بطلان التدين» ولا على أنها تبحث عن 


ا" 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





محال وكل ما يدل عليه أن الحقيقة الكبرى أكبر من أن تتجلى 
للناس كاملة شاملة في عصر واحدء وأن الناس يستعدون 
لعرفانها عصراً بعد عصرء وطوراً بعد طورء وقد أسفر علم 
المقابلة بين الأديان عن كثير من الضلالات والأساطير التي 
آمن بها الإنسان الأول» ولا تزال لها بقية شائعة بين القبائل 
البدائية» أو بين أمم الحضارات العريقة» ولم يكن من المنظور 
أن يسفر هذا العلم عن شيء غير ذلكء ولا أن تكون الديانات 
الأولى على غير ما كانت عليه من الضلالة والجهالة» فهذه 
هي وحدها النتيجة المعقولة التي لا يترقب العقل نتيجة غيرهاء 
وليس في هذه النتيجة جديد يستغربه العلماء» أو يبنون عليه 
جديداً في الحكم على جوهر الدين» فإن العالم الذي يخطر له 
أن يبحث في الأديان البدائية ليثبت أن الأولين قد عرفوا الحقيقة 
الكونية الكاملة منزهة عن شوائب السخف والغباء إنما يبحث 
عن محال.. 

ثم كتب في فصل " أطوار العقيدة الإلهية " قائلاً: ' 
يعرف علماء المقابلة بين الأديان ثلاثة أطوارٍ عامة مرت بها 
الأمم البدائتية في اعتقادهم بالآلهة والأرباب وهي: دور التعدد 
ودور التمييز والترجيح» ودور الوحدانية. 


7 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





- ففي دور التعدد كانت القبائل الأولى تتخذ لها أرباباً 
تعد بالعشرات» وقد تتجاوز العشرات إلى المئات» ويوشك في 
هذا الدور أن يكون لكل أسرة كبيرة ربٌ تعبده» أو تعويذه تنوب 
عن الرب في الحضور وتقبل الصلوات والقرابين. 

- وفي الدور الثاني وهو دور التمييز والترجيح تبقى 
الأرباب على كثرتهاء ويأخذ رب منها في البروز والرجحان على 
سائرهاء إما لأنه رب القبيلة الكبرى التي تدين لها القبائل 
الأخرى بالزعامة» وتعتمد عليها في شؤون الدفاع والمعاش» واما 
لأنه يحقق لعباده جميعاً مطلبآً أعم وألزم من سائر المطالب 
التي تحققها الأرباب المختلفة. 

- وفي الدور الثالث تتوحد الأمةء فتجتمع إلى عبادة 
واحدة تؤلف بينها مع تعدد الأرباب في كل إقليم من الأقاليم 
المتفرقة» ويحدث في هذا الدور أن تفرض الأمة عبادتها على 
غيرها كما تفرض عليها سيادة تاجها وصاحب عرشهاء ويحدث 
أيضاً أن ترضى من إله الأمة المغلوبة بالخضوع لإلههاء مع 
بقائه وبقاء عبادته كبقاء التابع للمتبوع... ولا تصل الأمة إلى 
هذه الوحدانية الناقصة إلا بعد أطوارٍ من الحضارة تشيع فيها 
المعرفة ويتعذر فيها على العقل قبول الخرافات التي كانت 


57 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





سائغة في عقول الهمج وقبائل الجاهلية» فتصف الله بما هو 
أقرب إلى الكمال والقداسة من صفات الآلهة المتعددة في 
أطوارها السابقة» وتقترن العبادة بالتفكير في أسرار الكون 
وعلاقته بإرادة الله وحكمته العالية» وكثيراً ما يتفرد الإله الأكبر 
في هذه الأمم بالربوبية الحقة» وتنزل الأرباب الأخرى إلى مرتبة 
البزلفكة: أو | لارقادية المت زوكيق فوم التسليرة لم11 

وبعد أن استعرض سيد كلام العقاد السابق حول تطور 
العقيدة ناقشه بقوله: " وواضحٌ سواءً من رأي الكتاب نفسه» أو 
مما نقله ملخصاً من آراء علماء الدين المقارن أن البشر هم 
الذين ينشئون عقائدهم بأنفسهم» ومن ثم تظهر فيها أطوارهم 
العقلية والعلمية والحضارية والسياسية» وأن التطور من التعدد 
إلى التثنية إلى التوحيد تطور زمني مطرد على الإجمال”» وهذا 
واضح من الجملة الأولى في تقديم المؤلف لكتابه وهي قوله: " 
موضوع هذا الكتاب نشأة العقيدة الإلهية منذ أن اتخذ الإنسان 
رباً» إلى أن عرف الله الأحد» واهتدى إلى نزاهة التوحيد". 

والذي لا شك فيه أن الله - سبحانه - يقرر في كتابه 


الكريم» تقريراً و سبحاة انها شيئاً آخر غير ما يقرره صاحب 


. بتصرف يسير‎ ١18854 -1١887/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
لام‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كتاب " الله " متأثراً فيه بمنهج علماء الأديان المقارنة» وأن الذي 
يقرره الله - سبحانه - أن آدم - عليه السلام - وهو أول البشر 
عَرَف حقيقة التوحيد كاملة» وعَرَف نزاهة التوحيد غير مشوبة 
بشائبة من التعدد والتثنية» وعَرَّف الدينونة لله وحده بإتباع ما 
يتلقى منه وحدهء وأنه عَرّف بنيه بهذه العقيدة فكانت هناك 
أجيال في أقدم تاريخ البشرية لا تعرف إلا الإسلام ديناء والا 
التوحيد عقيدة.... وأنه لما طال الأمد على الأجيال المتتابعة من 
ذرية آدم انحرفت عن التوحيد» ربما إلى التثنية وربما إلى 
التعددء ودانت لشتى الأرباب الزائفة حتى جاءها نوح عليه 
السلام بالتوحيد من جديد» وأن الذين بقوا على الجاهلية أغرقهم 
الطوفان جميعاً ولم ينج إلا المسلمون الموحدون الذين يعرفون ' 
نزاهة التوحيد " وينكرون التعدد والتثنية وسائر الأرباب 
والعبادات الجاهلية» ولنا أن نجزم أن أجيالاً من ذراري هؤلاء 
الناجين عاشت كذلك بالإسلام القائم على التوحيد المطلق» قبل 
أن يطول عليهم الأمد» ويعودوا إلى الانحراف عن التوحيد من 
جديد.. وأنه هكذا كان شأن كل رسول: (وَمَآ أَرسَلكَا من قيلت 
من يَسُول لاو له كلمل نأْعجْدُون (2)) [سورة الأنبياء: 


.] 5 


كا" 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





' والذي لا شك فيه أن هذا شيء» والذي يقرره علماء 
الأديان المقارنة ويتابعهم فيه مؤلف كتاب " الله " - أي العقاد 
- شيءٌ آخرء وبينهما تقابل تام في منهج النظر وفي النتائج 
التي ينتهي إليها.. وآراء الباحثين في تاريخ الأديان ليست سوى 
نظريات يعارض بعضها بعضاً» فهي ليست الكلمة النهاية حتى 
في مباحث البشر الفانين! " .)١(‏ 

وقد تعرض سيد قطب حرحمه الله - في أكثر من 
موضع لقضية تطور العقيدة وبيان ضلالهاء حيث نجده 
يستعرض تاريخ الأنبياء من لدن آدم -عليه السلام -ويقرر بأن 
آدم هبط إلى الأرض مسلماً لله متبعاً لهداه» وما من شك أنه 
علّم بنيه الإسلام جيلآ بعد جيل» وأن الإسلام هو أول عقيدة 
عرفتها البشرية في الأرضء» حيث لم تكن معها عقيدة أخرى؛ 
فإذا نحن رأينا قوم نوح - وهم من ذرية آدم 

بعد أجيال لا يعلم عددها إلا الله - قد صاروا إلى هذه 
الجاهلية... فلنا أن نجزم أن هذه الجاهلية طارئة على البشرية 
بوثنيتها وأساطيرها وخرافاتها وأصنامها وتصوراتها وتقاليدها 
جميعاً» وأنها انحرفت عن الإسلام إليها بفعل الشيطان المسلط 


. 1١886 -1١8854 /4 » في ظلال القرآن‎ )١( 
فس‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





على بني آدم» وبفعل الثغرات الطبيعية في النفس البشرية» تلك 
الثغرات التي ينفذ منها عدو الله وعدو الناس» كلما تراخوا عن 
الاستمساك بهدي الله واتباعه وحده» وعدم اتباع غيره معه في 
كبيرة ولا صغيره ولقد خلق الله الإنسان ومنحه قدراً من 
الاختيار- هو مناط التكليف - وبهذا القدر يملك أن يستمسك 
بهدى الله وحده فلا يكون لعدوه من سلطان عليه» كما يملك أن 
ينحرف - ولو قيد شعره - عن هدى الله إلى تعاليم غيره؛ 
فيجتاله الشيطان حتى يقذف به - بعد أشواط إلى مثل تلك 
الجاهلية الكالحة التي انتهت إليها ذراري آدم - النبي المسلم - 
بعد تلك الأجيال التي لا يعلمها إلا الله " .)١(‏ 

وفي كتاب " مقومات التصور الإسلامي' يعرض سيد 
قطب قصة التوحيد في الرسالات ويقرر: " أن آدم - عليه 
السلام - أبو البشر.. عرف إلهه الواحد.. الله رب العالمين» 
ودان له بالتوحيد» وعرف أنه مستخلف في الأرض عنه» وأنه 
مأمور باتباع هديه وحده» وشريعته وحدها هو وذريته من 


بعده... 00 


. ١8857 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
من سورة الأعراف‎ "6 - ٠١ ينظر الآيات‎ )١( 
0١ 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





ونوح - عليه السلام - أبو البشر الثاني.. عرف إلهه 
الواحدء الهادي الرحيم» عالم الغيب والشهادة» القاهر فوق عباده» 
الذي إليه المرجع والمصيرء وعرف أن توحيد الله هو الآصرة 
التي انقطعت بينه وبين ولده.. فلم يعد من أهله» وكانت قضية 
هذا التوحيد هي التي دارت عليها المعركة» وانتهت بالطوفان» 
فلم ينج بعدها إلا الموحدون.. .)١(‏ 

وهود -عليه السلام - عرف إلهه الواحد» الفاطر الرازق» 
واهب القوة» القاهر الآخذ بناصية كل دابة» الذي يستخلف في 
أرضه من يشاء»ء وأرسله الله إلى قومه بهذا التوحيد» ودارت 
المعركة على هذه القضية» وعليها كان التحديء» وفيها كانت 
الفياية:00. 

وصالح - عليه السلام - كذلك عرف إلهه الواحد 
الخائق الستتفلف اده قن الأرظويت وارمتل: ال قزية"فيذا 
التوحيد»ء وعلى هذه القضية دارت المعركة» وكانت النجاة 
للموحدين والدمار للمشركين(") 


)١(‏ ينظر الآيات 7١‏ -48 من سورة هود 
)١(‏ ينظر الآيات ٠10- 5٠‏ من سورة هود 
(؟) ينظر الآيات 58-51١‏ من سورة هود . 

ا 








وشعيب - عليه السلام - عرف إلهه الواحد الرازق» 
الموفق الرحيم.. وبهذا التوحيد أرسل إلى قومه الذين كانوا 
يعرفون مصائر عادٍ وثمود وقوم لوط في الجزيرة العربية قريباً 
منهم.. لكنهم انحرفوا عن التوحيد وهلك من هلك ونجا من 
نجا... وعُرف التوحيدُ من جديده ' .)١(‏ 

وابراهيم - عليه السلام - أبو الأنبياء» وأبو الأمة 
الإسلامية» وأبو نبيها الكريم - عليه صلوات الله وسلامه - عرف 
الله الواحدء بصفاته التي عرفته بها الأمة المسلمة في آخر الزمان» 
وأقام لهذا التوحيد منارته الباقية - بيت الله العتيق - وعلّم بنيه 
إسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط ويوسف هذا التوحيد ("). 

وبعقيدة التوحيد هذه أرسل موسى -عليه السلام - في نسل 
يعقوب» وعليها دارت المعركة وأنجى الله الموحدين وأغرق أعداءهم 
(). ثم وقع الانحراف في بني إسرائيل من بعد موسى عليه 


عاتم 


. ينظر الآيات : 854- 15 من سورة هود‎ )١( 

» من سورة البقرة‎ ١73-١715 » ينظر الآيات : 81-59 من سورة الشعراء‎ )١( 
. من سورة يوسف‎ 50-7 

(9) ينظر الايات : 55-574 من سورة غافر » والآيات 18-٠١‏ من سورة 
الشعراء . 


5 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وبالتوحيد دان عيسى -عليه السلام - وكان آخر أنبياء بني 
إفتراككق 510 ثم وقع الشرك بعد رفعه وحُرّف دينه؛ فلا عبرة إذن 
بالانحرافات والانتكاسات التي وقعت في عقائد النصارى من بعده» 
ولا علاقة لها بخط العقيدة في الرسالات السماوية. 


0 


والى هذا التوحيد أمر رسول الله يَنِدِ أن يدعوهم: [قَلَ يتاهْلَ 


أ[ آ آ ‏ هه ال ا ا 01 به ور رك ترح د 
ألْكتب تَعَالَوَا إلى كلمت وَل بَيِنَمَا وَبَيْتَو ألا هَبْدَ ميد إلا اله وا مُمْركَ 
سه ب ري > سه له > | عوم بك مع م لس ص 6 سار ارام 
بو شيك ولا يَتَحْدَ يعض يمنا أربابا من :دون الله فإن تورلا فمولوا 


سْهَدُوأ ا (59)) [سورة آل عمران: 15]. (5). 

وهكذا تتجلى ذ في المنهج القرآني قصة قضية التوحيد في 
تاريخ البشرية كله» وكيف كان التوحيد قاعدة دين الله كله في 
الرسالات كلهاء على مدار العصور والقرون» فيتبين من هذا 
الخط الذي توسعنا عامدين في عرضه في القرآن الكريم: 

أولا: أهمية هذا الأصل» باعتباره قاعدة التصور 
الإسلامي. 

ثانيا: خطأ منهج علم الأديان المقارنة عن ( تطور ) 
عقيدة التوحيد» بدون استثناء الرسالات السماوية» بل بالإغفال 


. ينظر الآيات : 15-45 من سورة آل عمران‎ )١( 
58 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المتعمد لاستقلال هذه الرسالات عما صاغته عقول البشرية من 
ركام العقائد والتصورات» واعتبار ما جاءت به الرسالات مجرد 
تطور في المحاولات البشرية في مجال الاعتقاد. 

ثالثاً:_خطر هذا المنهج على العقيدة الصحيحة» لمناقضته 
للمنهج القرآني» ومخالفته عن قول الله في هذه القضية» وخطورة 
وقوع بعض الشارحين للإسلام أو المدافعين عنه في هذا المزلق 
الذي تحفره الداروينية والمناهج الأوربية الشاردة من الكنيسة» ثم 
قراءة الراغبين في الإسلام لمؤلفات هؤلاء المنزلقين»ء وهم 
يحسنون الظن بهم» لأنهم يرونهم متحمسين للإسلام» مدافعين 
عنه» فينزلقون وراءهم في منهج مناقض لمنهج القرآن... والأمر 
هنا أمر عقيدة.. فما يؤمن بالله من لا يصدق قوله في قضية 
العقيدة.. وما يؤمن بالقرآن من يتخذ منهجاً مناقضاً لمنهج 
القران!. 

لقد كانت قضية توحيد الله - سبحانه حوافراده بالألوهية؛ 
والعبودية له وحده بلا شريك» والدينونة له بلا منازع» هي قضية 
الاعتقاد الأولى والحقيقية»ء في جميع الرسالات» في جميع 
العصور. 

لقد كانت عقيدة التوحيد هبةً خالصةً من الله للبشرء 


انيلا 


1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





عرّفها لهم عن طريق الرسل» ولم تكن من صنع هؤلاء البشرء 
ولا هم تدرجوا في كشفها حتى كشفوهاء كما تدرجوا في العلوم 
والصناعات حتى أتقنوها.. فقد جاءتهم في الرسالات السماوية 
منذ فجر التاريخ كاملة حاسمة. 

وجائز أن يقال: إن البشرية تقبلت عقيدة التوحيد التي 
حافت :ينها الرينا نت تدرنحيا + تسالة بعذ رييالة > كانت كل 
رسالة تترك في ضميرها استعداداً أكبر لقبول عقيدة التوحيد 
وكان الترقي في هذا الاستعداد يتطور وينمو كلما تهيأ لها مزيدٌ 
من المعرفة والتجربة والنمو الاجتماعي والسياسي» وكان عدد 
أتباع الرسل يزداد» ومجال التوحيد يتسع» وآثاره في الحياة 
الواقعية للبشرية تنموء كما تنمو آثاره في ضمائرها وأخلاقها.. 

جائز أن يقال هذا - بتحفظ وليس على إطلاقه - لأن 
الخط - كما قلنا من قبل - لم يكن مطرداً دائما ولا صاعداً 
ذاقماً»» :وكانت: ‏ هنالك ذاتمأ انتكاسات ٠‏ وارتكاسات :وكات الخط 
صاعداً عند الرسالة هابطاً عندما يطول الأمد.. ودليلنا هذا الذي 
فيه خلائف الأمة المسلمة اليوم وصورة التوحيد في مجالاته 
كلهاء بينها وبين صورته عند الجماعة المسلمة الأولى فرق 
هائلٌ بعيدٌ» يجعل الأمة المسلمة على دين» وخلائفها هذه على 


نذا 


17 117 117 717 ال 





دين آخرء لا علاقة له بالإسلام إلا في الاسم فلكل منهما ملة؛ 
ولكل منهما دين! ولكن القول على ذلك النحو جائزء ولا 
مناقضة فيه للمنهج القراني. 

أما غير الجائز فهو أن يقال: إن عقيدة التوحيد لم تعرف 
إلا بعد أن قطعت إليها البشرية أشواطاً من " التطور ".. كأن 
عقيدة التوحيد كانت صناعة بشرية: - وهي هبة إلهية - وكأن 
الرسل لم يكونوا إلا صورة للتطور البشري في العقائد التي 
جاءوا بها - متطورة - ولم يكن يوحى إليهم! أو كأن الله - 
سبحانه - كان يوحي إليهم بالاعتقاد في الأرواح والطواطم 
والآلهة المتعددة» ثم يوحي إلى المتأخرين منهم فقط بعقيدة الإله 
الواحد! وذلك وقت استعداد البشر في الأطوار المختلفة لإدراك 
صورة من صور الاعتقاد!. 

وما كان الأمر كذلك أبداً.. إنما كانت عقيدةً واحدةٌ» وديناً 
واحداء قاعدته هي هذه: توحيد الإلوهية وافراد الله سبحانه بهاء 
وتعبيد الناس لربهم الواحد بلا شريك» ثم تختلف الشرائع وتنمو 
حتى تكتمل في الرسالة الأخيرة.. أما أصل العقيدة فلا تغيير في 
جوهره» لأنه بدونه لا تكون عقيدة في الله ولا تستقيم.. " .)١(‏ 


)1( مقومات التصور الإسلامي عص ١١.١‏ . 
528 


عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- يو --] 





وبعد تقريره لما سبق يقول: " وحقيقة أن أول عقيدة غرفت 
في الأرض هي الإسلام القائم على توحيد الدينونة والربوبية 
والقوامة لله وحدهء تقودنا إلى رفض كل ما يخبط فيه من 
يسمونهم " علماء الأديان المقارنة " وغيرهم من التطوريين الذين 
يتحدثون عن التوحيد بوصفه طوراً متأخراً من أطوار العقيدة: 
سبقته أطوار شتى من التعدد والتثنية للآلهة» ومن تأليه القوى 
الطبيعية وتأليه الأرواح» وتأليه الشموس والكواكب.. إلى أخر ما 
تخبط فيه هذه البحوث التي تقوم ابتداءَ على منهج موجه 
بعوامل تاريخية ونفسية وسياسية معينة» يهدف إلى تحطيم 
قاعدة الأديان السماوية والوحي الإلهي والرسالات من عند الله؛ 
واثبات أن الأديان من صنع البشرء وأنها من شَّتم تطورت 
بتطور الفكر البشري على مدار الزمان!. 

وينزلق بعض من يكتبون عن الإسلام مدافعين» فيتابعون 
تلك النظريات التي يقررها الباحثون في تاريخ الأديان - وفق 
ذلك المنهج الموجه - من حيث لا يشعرون! وبينما هم يدافعون 
عن الإسلام متحمسين يحطمون أصل الاعتقاد الإسلامي الذي 
بقرره القرآن الكريم في وضوح حاسم حين يقرر أن آدم -عليه 
السلام - هبط إلى الأرض بعقيدة الإسلام» وأن نوحاً - عليه 


تاذنا 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





السلام - واجه ذراري آدم الذين اجتالتهم الشياطين عن الإسلام 
إلى الجاهلية الوثنية بذلك الإسلام نفسه.. القائم على التوحيد 
المطلق.. وأن الدورة تجددت بعد نوح فخرج الناس من الإسلام 
إلى الجاهلية وأن الرسل جميعاً أرسلوا بعد ذلك بالإسلام.. القا 
على التوحيد المطلق.. وأنه لم يكن قط تطور في أصل الاعتقاد 
- إنما كان الترقي والتركيب والتوسع في الشرائع المصاحبة 
للعقيدة الواحدة- وأن ملاحظة ذلك التطور في العقائد الجاهلية 
لا يدل على أن الناس صاروا إلى التوحيد بناء على تطور في 
أصل العقيدة» إنما يدل على أن عقيدة التوحيد على يد كل 
رسول كانت تترك رواسب في الأجيال التالية - حتى بعد 
انحراف الأجيال عنها - ترقي عقائدهم الجاهلية ذاتها» حتى 
تصير أقرب إلى أصل 2 الرباني» أما عقيدة التوحيد في 
أصلها فهي أقدم في تاريخ البشرية من العقائد الوثنية جميعاً! 
وقد وجدت هكذا كاملة منذ وجدتء لأنها ليست نابعة من أفكار 
البشر ومعلوماتهم المترقية» إنما هي آتية لهم من عند الله 
سبحانه» فهي حق منذ اللحظة الأولى» وهي كاملة منذ اللحظة 
الأولية 

هذا ما يقرره القرآن الكريم» ويقوم عليه التصور 


1 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإسلامي» فلا مجال - إذن - لباحث مسلم - وبخاصة إذا 
كان يدافع عن الإسلام! أن يَعْدل عن هذا الذي يقرره القرآن 
الكريم في وضوح حاسم إلى شيء مما تخبط فيه نظريات علم 
الأديان المقارنة.. النابعة من منهج موجه كما أسلفنا.. ' .)١(‏ 
'وما من شك أنه حين يقرر الله - سبحانه - أمراً ويبينه 

في كتابه الكريم هذا البيان القاطع» ويقرر غيره قولاً آخر فان 
قول الله يكون أولى بالإتباع» وخاصة ممن يدافعون عن 
الإسلام» فهذا الدين لا يخدم بنقض قاعدته الاعتقادية التي تقوم 
على أن التوحيد هو الأصل في تاريخ البشرية» كما أنه لا يخدم 
بترك تقريراته إلى تقريرات علماء الأديان المقارنة الذين يعملون 
وفق منهج موجه لتدمير القاعدة الأساسية لدين الله كله» وهي 
أنه وحي من الله» وليس من وحي الفكر البشري المترقي 
ال ار 

ومن خلال ماسبق يتبين لنا بوضوح موقف سيد قطب - رحمه 
الله - من قضية تطور العقيدة وبحوث علماء الأديان المقارنة من 
الغربيين أو من تأثر بهم من المسلمين والذي يقوم على: 


.1887- 31845 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. المصدر السابق » / 65 بتصرف‎ (0 


1 








11 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 


-١‏ بيانه لحقيقة عداء علماء الأديان المقارنة في بحوثهم 
وكتاباتهم للدين وحرصهم على تحطيم أسس العقيدة 
الإسلامية. 
-١‏ بيانه لخطأ نظرية تطور العقيدة سواءً في المنهج التي 
قامت عليه؛ أو في النتائج التي توصلت إليها. 

"- تقريره لمنهج القرآن في عرض العقيدة وبيان مخالفة 
نتائج بحوث علماء الأديان المقارنة لما يقرره القرآن في 
قضية تاريخ العقيدة. 

#عتنقذه. الشنذيد البعسن “الكتاب: المسلمين. .الذيخ : تأثروا 
ببحوث علماء الأديان المقارنة الغربيين» ورده عليهم من 
خلال استعراض خط العقيدة التاريخي في القرآن الكريم» 
وجعل ما يقرره القراآن هو الفيصل في هذا الباب. 

5 تحذ يره من الأخذ عن غير المسلمين» وبيانه لمدى 
تغلغل مناهج الفكر الغربي في أوساط المفكرين 
المسلجوة :لك 


)1( للتوسع في معرفة موقف سيد من تطور العقيدة بنظر أيضا : في ظلال القرآن 
١١05 556/١‏ ل 
1/1 





19 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





والخلاصة: من خلال ما سبق تبين لنا أن سيد قطب - 
رحمه الله - كان في الجملة موافقاً لمنهج السلف في طريقة 
تلقي وفهم وتقرير العقيدة والاستدلال عليهاء حيث رفض مناهج 
المتكلمين والفلاسفة وعلماء مقارنة الأديان» وبيّن مخالفتها 
لمنهج القرآن في تقرير العقيدة» وان كان قد وقع في هذا الباب 
في خطأ جزئي فيما يتعلق بموقفه من حديث الآحاد. 


ا لا ا ا ‏ 385 1 25025 :/ الخال 
هما ء. "584/3566375766١ . 1988. 1955755١9454‏ » ومقومات التصور 
الإسلامي » ص 55 9م .٠١١-‏ 

1 








ا رالا كع ضرت قطي ومنصجة في العقيدة 





الفصل الثانسي 
منهجه فسي الدعوة إلسى 
العفسدة 


المبحث الأول: أهمية العقيدة وخصائصها. 
المبحث الثاني: منهجه في عرض مسائل العقيدة والدعوة إليها. 
المبحث الثالث: موقفه من المخالفين. 


55 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الأول 
أهمية العقيدة الإسلامية وخصائصها 

'جاء الإسلام وفي العالم ركام هائل من العقائد 
والتصورات» والفلسفات والأساطير» والأفكار والأوهام» والشعائر 
والتقاليد»ء والأوضاع والأحوال» يختلط فيها الحق بالباطل 
والصحيح بالزائف» والدين بالخرافة» والفلسفة بالأسطورة» والحياة 
الإنسانية - بتأثير هذا الركام الهائك - تتخبط في فسادٍ 
وانحلال» وفي ظلح وذلٍ» وفي شقاءٍ وتعاسة» لا تليق بالإنسان» 
بل لا تليق بقطيع الحيوان! .)'١(‏ 

" ومراجعة ذلك الركام.. تكشف عن عظمة الدور الذي 
جاءت هذه العقيدة لتؤديه في تحرير الضمير البشري واعتاقه: 
وفي تحرير الفكر البشري واطلاقه» وفي تحرير الحياة» والحياة 
تقوم على أساس التصور الاعتقادي كيفما كان'(2). 

" ولقد جاء الإسلام لينشئ أمة» يسلمها قيادة البشرية» لتنأى بها 
عن التيه والركام» فإذا هذه الأمة اليوم تترك مكان القيادة» وتترك 


0( المصدر السابق 6ءص 5٠١٠‏ . 
50١‏ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





منهج القيادة» وتلهث وراء الأمم الضاربة في التيه والركام " .)١(‏ 

لذا كانت الحاجة إلى بيان العقيدة وخصائصهاء ومن هذا 
المنطلق عمل سيد قطب- رحمه الله - على بيان أهمية العقيدة 
الإسلامية وبيان خصائصها التي تميزها عن ذلك الركام من 
التصورات الضالة» وبيان رسائل الأعداء في محاربتهاء وبيان 
ذلك في المطالب الآتية: 


المطلب الأول 
أهمية العقيدة الإسلامية 
عمل سيد قطب - رحمه الله - جاهداً على بيان أهمية 
العقيدة الإسلامية في حياة البشرء وضبط علاقاتهم وانتظام 
أمورهم» ويمكن بيان أهمية العقيدة عنده من خلال النقاط الآتية: 
-١‏ العقيدة الإسلامية أساس الرابطة بين البشر: 


" فالعقيدة هي الوشيجة الأولى التي يتلاقى عليها الناس 
في الإسلام» حين لا يلتقون على نسب ولا أرومة (') ولا جنس 


)1( المصدر السابق » ص ١١‏ بتصرف . 
)١(‏ الأرومة:أي الأصل ٠‏ انظر لسان العرب ١77/١‏ . 
55 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ولا أرض.. فالإنسان في نظر الإسلام إنسان بروحه» ومن ثم 
فهو يتلاقى على العقيدة أخص خصائص الروح فيه» ولا يلتقي 
على مثل ما تلتقي عليه البهائم من الأرض والجنس والكلاً 
والمرعى والحد والسياج» والولاية بين فرد وفرد» وبين مجموعة 
ومجموعة» وبين جيل من الناس وجيل» لا ترتكن إلى وشيجة 
أخرى غير وشيجة العقيدة» يتلاقى فيها المؤمن والمؤمن» 
والجماعة المسلمة والجماعة المسلمة والجيل المسلم والأجيال 
المسلمة من وراء حدود الزمان والمكان» ومن وراء فواصل الدم 
والنسب»ء والقوم والجنس» ويتجمعون أولياء - بالعقيدة وحدها - 


ل موموروو 


والله من ورائهم ولي الجميع ( رك أَوْلَ ْنَا سِبِاِرْهِيم لَلَذِينَ أتبعوه 
وَعنذا أليّىْ ولس امَو وق وَلخالْمَؤْمنيَ (2)) [سورة آل عمران: 
... وهذه الصورة هي ارقي صورة للتجمع الإنساني يليق 
بالكائن الإنساني» ويميزه عن القطيع» كما أنها الصورة الوحيدة 
التي تسمح بالتجمع بلا قيود» لان القيد الوحيد فيها اختياري.. 
فهو عقيدة يختارها بنفسه فينتهي الأمرء على حين لا يملك أن 
يغير جنسه أو قومه أو لونه أو طبقته إن كانت الرابطة هي 
الجنس أو القوم أو اللون أو الطبقة» ومن ثم تبقى الحواجز 
قائمة أمام التجمع الإنساني ما لم ترد إلى رابطة العقيدة... 


507 


11171 7 سيد قطي ومنسبجة في العقيدة 





والبشرية إما أن تعيش - كما يريدها الإسلام أناسي تتجمع على 
العقيدة.. وإما أن تعيش قطعاناً خلف سياج الحدود الأرضية أو 
حدود الجنس واللون.. وكلها حدود مما يقام للماشية في المرعى 
حتى لا يختلط قطيع بقطيع!!! ' .)١(‏ 

" ومن ثم ينبغي أن تكون العقيدة - في المجتمع 
الإنساني الذي يبلغ ذروة الحضارة الإنسانية هي آصرة التجمع؛ 
فعقيدة المؤمن هي وطنه؛ وهي قومه؛ وهي أهله» وهي جنسيته " 
0 

؟- العقيدة الإسلامية سبب انتظام الحياة وصلاحها: 

' إن الحياة لا تستقيم ولا تصلح إلا على أساس الإيمان 
بالله الواحد» والعبودية لإله واحد» وإن الأرض لتفسد حين لا 
تتمحض العبودية لله في حياة الناس.. وما صلحت الأرض قطء 


ولا استقامت حياة الناس إلا أيام أن كانت عبوديتهم لله وحده؛ 


. بتصرف‎ 4١7-417/١ في ظلال القرآن‎ )١( 

١١421١76 01١/١ » وينظر أيضاً الظلال‎ . ١688/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
ومعالم في‎ ,.. 665350556051415 
وما بعدها » وهذا الدين »ء ص‎ ١ الطريق فصل " جنسية المسلم عقيدته" ص54‎ 
. 84 

8 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





عقيدة وعبادة وشريعة " .)١(‏ 

' إنه لا صلاح لهذه الأرضء ولا راحة لهذه البشرية» ولا 
طمأنينة لهذا الإنسان» ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة» ولا تناسق 
مع سنن الكون وفطرة الحياة» إلا بالرجوع إلى الله... عن طريق 
العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في 
كتابه... إنه أمر العقيدة من أساسها.. ثم هو أمر سعادة هذه 
البشرية أو اكنقاكي "220 

' فالتوحيد حقيقة أولية يقوم عليها هذا الوجود كله.. وهو 
قاعدة لا تصلح الحياة البشرية كلها في أصولها وفروعها إلا إذا 
قامْث غلية 207 


م4 


"- العقيدة الاسلامية تجعل الانسان متناسقاً مع | 





4 


السنن الا 

" إن صاحب العقيدة» مدرك لسنن الله متعرف إلى مشيئة 
الله. مطمئن إلى قدرة الله» إنه يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب 
الله له» وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه» وأن ما أخطئه لم يكن 


)0( في ظلال القرآن ؛ #/رةة3١.‏ 
(؟) المصدر السابق » »١5/١‏ بتصرف ,٠‏ وينظر أيضا الظلال ١107/5‏ و958١‏ 


0( المصدر السابق » ه/ 2٠‏ »ء بتصرف. 
506 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ليصيبه ومن ثم لا يتلقى الضراء بالجزع» ولا يتلقى السراء 
بالزهو. " .)١(‏ 

" إن العقيدة التي تقف صاحبها أمام النبتة الصغيرة؛ 
وهي توحي إليه أن له أجراً حين يرويها من العطش» هي عقيدة 
جميلة فوق أنها عقيدة كريمة» عقيدة تسكب في روحه السلام» 
وتطلقه يعانق الوجود كله» ويعانق كل موجود» ويشيع من حوله 
الأمن والرفق والحب والسلام» وبالتالي يشعر بأنه يمضي على 
سنة الله مع هذا الكون كله» قانونه قانونه» ووجهته وجهته» فلا 
صدام ولا خصامء ولا تبديد للجهد» ولا بعثرة للطاقة» وقوى الكون 
تتجمع إلى قوته» وتهتدي بالنور الذي يهتدي به» وتتجه إلى 
الله زهو معها بتحه إلى انه 200 

' إن العقيدة الدينية فكرة كلية تربط الإنسان بقوى الكون 
الظاهرة والخفية».. وتفسر للفرد علاقاته بما حوله من الناس 
والأحداك ؛والأشياء" 00 " فالإنسان - بفطرته - لا يملك أن 
يستقر في هذا الكون الهائل ذرة تائهة مغلقة ضائعة» فلا بد له 


. 548/١ » المصدر السابق‎ )١( 

0( المصدر السابق 00١‏ » بتصرف. 

(؟) ينظر : فصل " العقيدة والحياة " في كتاب السلام العالمي والإسلام ص ه وما 
بعدها . 


50 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





من رباط معين بهذا الكون يضمن له الاستقرار فيه» ومعرفة 
مكانه في هذا الكون الذي يستقر فيه» فلا بد له إذن من عقيدة 
تفسر له ما حوله» وتفسر له مكانه فيما حوله» فهي ضرورة 
فطرية شعورية.. وكم كان شقاء الإنسان وحيرته وضلاله حين 
أخظأ خقيقة هذا الارتياظ وهذا التفسين *10). 





'" إن التشريعات والتوجيهات - في منهج الله - إنما 
تنبتق كلها من أصل واحدء وترتكز على ركيزة واحدة» إنها تنبئق 
من العقيدة في الله» وترتكز على التوحيد المطلق الذي هو سمة 
هذه العقيدة»؛ ومن ثم يتصل بعضها ببعض» ويتناسق بعضها 
مع بعض... ويصعب فصل جزئية منها عن جزئية».. ومن 
العقيدة في الله تنبع كل التصورات الأساسية للعلاقات الكونية 
والحيوية والإنسانية التي تقوم عليها المناهج الاجتماعية 
والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والعالمية» والتي تؤثر في 
علاقات الناس بعضهم ببعضء في كل مجالي النشاط الإنساني 
ف رضن 005 


)1( خصائص التصور الإسلامي ءعءص 655 . 
0( في ظلال القران 2 ولا بتصرف . 
/55 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





'" كما أن العقيدة هي المحور الذي تشد إليه الخيوط 
جميعاً والا فهي أنكاث» فالعقيدة هي التي تجعل للعمل الصالح 
باعثاً وغاية» فتجعل الخير أصيلاً ثابتاً يستند إلى أصل كبير 
"01 

لهذا نجد القرآن" يربط بين العقيدة والشعائر» فهي منبثقة 
من العقيدة وقائمة عليهاء والشعائر تعبير عن هذه العقيدة» ورمز 
لها " (') " فالإسلام عقيدة» تنبثق منها شريعة» يقوم على هذه 
الشريعة نظام» وهذه الثلاثة مجتمعة مترابطة متفاعلة هي 
الإسلام " (). 

ه- العقيدة الإسلامية قاعدة الدعوة الإسلامية: 

كانت قضية العقيدة هي القضية الكبرى التي ظل النبي 
ثلاثة عشر عاماً في مكة يقررها. واستمر كذلك بعد الهجرة 
يؤكدها ويربطها في كل التشريعات وتفصيلات الأحكام» ولقد 
شاءت حكمة الله أن تكون قضية العقيدة هي القضية التي 
تتصدى الدعوة لها منذ اليوم الأول للرسالة وأن يبدأ رسول الله 


.5١915 /5 » المصدر السابق‎ )١( 

.5577 /5 » المصدر السابق‎ )١( 

(؟) المصدر السابق » ©/ 7385757 . 
0 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





ين أولى خطواته في الدعوة» بدعوة الناس أن يشهدوا أن لا إله 
إلا الله» وأن يمضي في دعوته يعّرف الناس بربهم الحق» 
ويعبدهم له دون سواه.. وأصحاب الدعوة إلى دين الله» وإقامة 
نظامه في الحياة» خليقون أن يقفوا طويلاً أمام هذه الظاهرة 
الكبيرة.. " .)١(‏ 

" فالعقيدة إذا استقرت في النفوس» استقر معها في نفس 
الوقت النظام الذي تتمثل فيه العقيدة في الواقع» فالانطلاق من 
العقيدة ضرورة من ضرورات النشأة الصحيحة وضماناً من 
كساناك النقا 0 

7 اذل :يكو أن “نكو وفيزيا ” الأصحات» الدفوة 
الإسلامية» أنهم حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين 
يجب أن يدعوهم أولاً إلى اعتناق العقيدة» حتى لو كانوا يدعون 
أنفسهم مسلمين!.. يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو أولاً إقرار 
عقيدة لا إله إلا الله بمدلولها الحقيقي... ولتكن هذه القضية هي 
أساس دعوة الناس إلى الإسلام كما كانت أساس دعوتهم إلى 


. بتصرف‎ ٠ ٠٠١5/7 » في ظلال القرآن‎ )١( 
1 ١٠00 2 المصدر السابق‎ 0 
881 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإسلام أول مرة " ('). 

*- العقيدة الإسلامية أساس المعركة مع الأعداء: 

'"القران الكريم يربي وعي المسلم بحقيقة المعركة التي 
يخوضها مع أعدائه... إنها معركة العقيدة» فالعقيدة هي القضية 
القائمة بين المسلم وكل أعدائه» وهم يعادونه لعقيدته ودينه» قبل 
أي شيء آخر )0 

" إنها معركة العقيدة» وليست معركة الأرض» ولا الغلة 
ولا المراكز العسكرية» ولا هذه الرايات المزيفة كلهاء» فهي معركة 
العقيدة في صميمها وحقيقتها وإن لونوها بألوان شتى (). 

-٠‏ العقيدة الإسلامية مصدر ا 

" العقيدة هي صخرة النجاة» وخط الدفاع» ومصدر القوة 
الدافعة للأمة المسلمة " (5). " والعقيدة هي السلاح الأول في 
المعركة» فالأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي 
شيئاً كثيراً في ساعة الشدة '(7)؛ " وهي الركيزة الثابتة في حياة 


سيب الثيات: 


6 
٠ 








رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المؤمن» تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو على هذه الركيزة» 
وتتجاذبه الأحداث والدوافع فيثبت هو بالصخرة التي لا تتزعزع؛ 
وتتهاوى من حوله الأسناد» فيستند هو إلى القاعدة التي لا 
تحول ولا تزول» هذه هي قيمة العقيدة في حياة المؤمن» ومن ثم 
يجب أن يستوي عليها متمكناً منهاء واثقاً بهاء لا يتلجلج فيها ولا 
ينتظر عليها جزاءً» فهي في ذاتها جزاء» ذلك أنها الحمى الذي 
يلجأ إليه» والسند الذي يستند عليه. أجل هي في ذاتها جزاء 
يدرك المؤمن قيمته حين يرى الحيارى الشاردين من حوله 
تتجاذبهم الرياح» وتتقاذفهم الزوابع» ويستبد بهم القلق بينما هو 
بعقيدته مطمئن القلب» ثابت القدم» هادئ البال» موصول بالله؛ 
1 ا 

'والعقيدة هي النجم الهادي الثابت على الأفق يتجه إليه 
المؤمن وسط الأنواء والزوابع» فلا يضل ولا يحيد»... وقد جاءعت 
ليعرف أصحابها طريقهم ووجهتهم إلى اللهء ويقودوا من وراءهم 
البشر في غير ما تلجلج ولا تردد لاست 007 


. 54١7/4 » المصدر السابق‎ )١( 
. 5١59 المصدر السابق » ه/‎ )١( 








المطلب الثاني 
خصائص العقيدة الإسلامية 


للعقيدة الإسلامية خصائصها المميزة» التي تجعل لها 
طبيعتها الخاصة المتفردة عن ما سواهاء وهذه الخصائض تتعدد 
وتتوزع» ولكنها تتجمع عند خاصية واحدة تنبثق منها وترجع 
إليها هي خاصية الربانية» فهي وحي من الله سبحانه» وهي 
العقيدة الوحيدة اليوم على ظهر الأرض الباقية على أصلها 
الرباني» وما حولها من عقائد في عالم اليوم ما هو إلا تصورات 
بشرية الأصل» أو سماوية دخلها التحريف والتبديل» وهذا ما 
يجعل للعقيدة الإسلامية قيمتها الفريدة اليوم. 


وقد حاول سيد قطب - رحمه الله - أن يبِيّن خصائص 
العقيدة ومقوماتها فألف كتابه " خصائص التصور الإسلامي 
وامقوماته: ” وراف أ تحدئد ‏ هذة الخضياقض. مسالة: ضيوورية 
لأسباب كثيرة منه: 


-١‏ أنه لابد للمسلم من تفسير شامل للوجود» يتعامل معه على 
أساسه» ويبين له طبيعة الحقائق الكبرى التي يتعامل معها 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وطبيعة العلاقات والارتباطات بين هذه الحقائق. 
؟- ليعرف المسلم حقيقة مركزه في هذا الوجودء وغاية وجوده؛ 
وبالتالي يعرف دوره في هذا الوجود. 
*- ليحدد المسلم منهج حياته ونظامه بناء على التفسير 
الشامل للوجود ومعرفة مركزه ودوره فيه. 
5 - لأن الإسلام جاء لينشئ أمة ذات طابع متميز متفرد» لقيادة 
البشرية وتحقيق منهج الله في الأرضء» وإنقاذ البشرية من 
القيادات والمناهج والتصورات الضالة» وإدراك المسلم لخصائص 
العقيدة الإسلامية ومقوماتها يكفل له أن يكون عنصراً صالحاً 
في بناء هذه الأمة المتميزة وقادراً على القيادة والإنقاذ .)'١(‏ 
ونظراً لبعد الناس عن تدبر القرآن وما فيه من حقائق 
ترتبط بالعقيدة» ولانتشار المناهج الفلسفية والكلامية التي شوهت 
جمال العقيدة الإسلامية والتأثر بالفكر الغربي» فقد حاول سيد 
قطب - رحمه الله - أن يقدم للناس حقائق " التصور الإسلامي 
" عن الله والكون والحياة والإنسان» من خلال النصوص القرانية 
مصحوبة بالشرح والتجميع والتبويب» بهدف استجاشة المسلمين 


)1( خصائص التصور الإسلامي» ص 6- 1 بتصرف 5 
7 








لتحقرق الدركة بالديق' عك :ضوع هذا التضنود ,)١(‏ 

ويمكننا استعراض خصائص العقيدة الإسلامية التي 
تحدث عنها سيد قطب - رحمه الله - بإيجاز في ما يأتي: 

أولاً: الربانية: 

الخاصية الأولى للعقيدة الإسلامية أنها " ربانية " أي 
صادرة من الله تعالى وليست نتاج فكر بشري» ولا بيئة معينة ولا 
فترة من الزمن خاصة» ولا عوامل أرضية على وجه العموم؛ إنما 
هي هدى موهوب للإنسان هبة خالصة من خالقه - سبحانه - 
رحمة بهء وبهذه الصفة تتميز العقيدة الإسلامية عما سواهاء 
وهي مفرق الطريق بين العقيدة الإسلامية والتصورات الأخرى؛ 
وثنية كانت أو فلسفية أو سماوية محرفة. 

وهذا ما يعطيها قيمتها الكبرى» ويجعلها وحدها مناط 
الثقة مبرأة من النقص والجهل والهوى موافقة للفطرة الإنسانية 
مُلبية لحاجاتها في جميع جوانبهاء ودور الإنسان هنا هو تلقي 
هذه العقيدة من مصدرها الرباني» وادراكها وتطبيقها في واقع 
الكياة 


2. 


وهذه الخاصية تكشف لنا عن رحمة الله بهذا الإنسان» 


ع 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





حين لم يدعه يصنع تصوره الاعتقادي لنفسه» لجهل الإنسان 
بحقيقة نفسه وحقيقة الكون الذي يعيش فيه» وحقيقة الخالق جل 
وعلا. كما تكشف لنا عن حكمة الله ورعايته في حفظ أصول 
العقيدة الإسلامية بعيدة عن تحريف البشر لتبقى العقيدة 
الإسلامية ملاذآت للبشرية تفيء إليها فتجد فيها الهدى والسكينة 
والاطمئنان. 

وحتى تتبين عظمة هذه الخاصية من خصائص العقيدة 
الإسلامية "الربانية" فقد استعرض سيد - رحمه الله - واقع 
التصورات البشرية التي حاولت قديماً وحديثاً تفسير الكون 
والحياة والإنسان وما نتج عنها من تيه وشقاءٍ وتعاسة نتيجة 
لجهل الإنسان وتخبطه (')2.. ثانياً: الثبات: 

ويقصد به ثبات مقومات العقيدة الإسلامية» وقيمها 
الذاتية» فهي لا تتغير ولا تتطور حينما تتغير " ظواهر" الحياة 
الواقعية» و" أشكال " الأوضاع العلمية» وهذا الثبات لا يقتضي " 
تجميد " حركة الفكر والحياة» ولكنه يقتضي السماح لها بالحركة 
لكن داخل هذا الإطار الثابت وحول هذا المحور الثابت. 


)1( ينظر في بيان هذه الخاصية كلام سيد في خصائص التصور ص 5:5- :7 





1991 عبد وليه ومنصجه في العقيسة _ وا ]| 





ومن نماذج المقومات والقيم الثابتة في العقيدة الإسلامية: 
-١‏ حقيقة الألوهية وما يتعلق بها. 
"- حقيقة الوجود الإلهي ووحدانيته وقدرته و تدبيره للخلق. 
؟- حقيقة أن كل ما سوى الله مخلوق له لا يشاركه في شيء 
من خصائص الألوهية 
5 - حقيقة عبودية الأشياء والأحياء لله تعالى عبودية مطلقة. 
ه- حقيقة أن الإيمان بأركانه الستة شرط لصحة الأعمال 
وقبولها. 
5- حقيقة أن الله لا يقبل من الناس ديناً سوى الإسلام. 
-٠‏ حقيقة أن الإنسان بجنسه مخلوق مكرم مستخلف في 
الأرض مسخر له كل ما فيها. 
7- حقيقة أن أصل الناس واحد أن التفاضل بينهم بالتقوى 
والعمل الصالح. 
1 - حقيقة أن غاية الوجود الإنساني هي العبادة للهء بمفهومها 
الشامل. 
٠-حقيقة‏ أن رابطة التجمع الإنساني هي العقيدة والمنهج 
الإلهي فقط. 
١0-حقيقة‏ أن الدنيا دار البلاء وعمل» والآخرة دار حساب 


17 117 117 717 ال 





وجزاء. 

هذه وغيرها من المقومات والقيم كلها ثابتة» غير قابلة 
للتغيير ولا للتطور» وفي إطارها تتحرك ظواهر وأوضاع الحياة. 

وهذا الثبات في مقومات العقيدة الإسلامية وقيمها مهم 
لضبط حركة البشر على الهدى لكونها تمثل الميزان الذي 
يرجعون إليه في كل ما يعرض لهم في الحياة» فلا يضلون ولا 
يتأرجحون» كما هو الحال عند الأمم التي لا تدين بالإسلام 
وعفيدته» أو عند من في عقيدته غبش. 

وهو كذلك يقي الفكر الإسلامي والمجتمع الإسلامي من 
لوثه المادية والإلحاد» ويثبت الطمأنينة في المجتمع المسلم 
والضمير المسلم ويضمن تماسك الحياة الإسلامية. وبالتالي فإن 
من ينادي بزعزعة هذه الثتوابت العقدية باسم التجديد أو 
الإصلاح هو عدوٌ للبشرية ب 00 

ثالثاً: الشمول: 

والشمول من خصائص العقيدة الإسلامية» ويقابله النقص 
والخطأ والمحدودية في التصورات البشرية» ويتمثل الشمول في 


وقو اق قري امسا 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





صورٍ شتى: 

-١‏ الشمول في رد كل الوجود وما فيه إلى إله واحد. 

؟- الشمول في تقرير ألوهية الله وحدة» وعبودية ما سواه له. 
"- الشمول في خطاب التصور الإسلامي للكيان الإنساني 
كله روحاً وعقلاً وجسماً. 

5- الشمول في عرض حقائق الإسلام كلهاء عبادات» 
ومعاملات» وتشريعات )١(‏ 


رابعاً: التوازن: 

من مقومات العقيدة الإسلامية» وهو صمام الأمان في 
الحفاظ عليها من الإفراط والتفريط وللتوازن في العقيدة 
الإسلامية مظاهر عديدة منها: 
-١‏ التوازن بين ما لا يدركه العقل البشري من الغيبيات» وما 
يدركه من الماديات والمحسوسات 
؟- التوازن بين المشيئة الإلهية والمشيتة الإنسانية أو ما يسمى 
عند المتكلمين" الجبر والاختيار' 
-١‏ التوازن بين عبودية الإنسان لله» وسيادته على الكون بأمر 
)١(‏ ينظر في بيان صفة الشمول » خصائص التصور الإسلامي » ص 90- 


هء وفي ظلال القرآن ١١/9/ا؟ .37١١9//5 ٠‏ 
مع 





م 1010101001 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





الله. 

4- التوازن بين الخوف والرجاء. 

- التوازن بين الوحي والعقل في المعرفة الإسلامية. 

”- التوازن بين فاعلية الإنسان في الكون» وفاعلية الكون في 
انها قرا 
خامسا : الإيجابية الفاعلة: " إن العقيدة الإسلامية تنشئ 
في القلب حياة بعد الموت» وتطلق فيه نوراً بعد الظلمات» 
حياة يُعيد بها تذوق كل شيءء وتصور كل شيء» وتقدير 
كل شيء بحس آخر لم يكن يعرفه قبل هذه الحياة» ونوراً 
يبدو كل شي تحت أشعته في مجاله' جديداً كما لم .يبدو 
من ل 0 

فالإسلام بعقيدته دين إيجابية ليس فيه سلبية ولا انعزالية 
كما هو الحال في النصرانية وغيرها. 


(1) ينظو اتفاضيل خاضة التوارن :في خصتائطن التضنون الإسلامي + طن لات 
١ - 5‏ 
1 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ومن مظاهر الإيجابية والفاعلية في العقيدة 
الإسلامية: 
-١‏ الإيجابية الفاعلة المؤثرة في صفات الله تعالى كما تعرضها 
العقيدة الإسلامية»ء بخلاف تصورات البشر لصفات الاآلهة» 
والتي تقوم على السلبية والانفكاك عن حياة البشرء كما هو 
الحال في تصورات الفلاسفة والمجوس واليهود والنصارى 
وغيرها من عقائد البشر 
؟- إيجابية المؤمن في الكون والحياة» ويتمثل ذلك في: 
أ - إيجابية المؤمن في إيمانه» فالإيمان عقيدة وعمل وفق 
المنهج الإلهي. 
ب- إيجابيته في العمل الصالح. 
ج- إيجابيته في حركته العملية لإيجاد الإسلام في الواقع. 
ولتحقيق الإيجابية في الواقع فإن الله - تعالى - أعان 
الإنسان بما وهبه من قوى واستعدادات» ومنهج مرسوم يسير 
علية:00): 


. ١ك‎ 
5 








سادساً: الواقعية: 

وهي تعني التحقق في عالم الواقع» فليست خيالية أو 
نظرية» بينما الواقعية عند الآخرين: تعني الرضا بالواقع والقبول 
به وان خالف ما عليه الإنسان من عقيدة والتخلي عما يخالف 
الواقع وإن كان حقاًء وهذا المعنى مرفوض في الإسلام. 

* ومن مظاهر الواقعية في العقيدة الإسلامية والتصور 
الإسلامي: 

-١‏ التعامل الواقعي مع الوجود الحقيقي القائم وحقائقه 
الموضوعية القائمة: ( الله - الكون -الإنسان ) فالله موجودء 
موصوف بصفات الجمال والجلال والكمال» وصفاته لها آثار 
إيجابية فاعلة مؤثرة» والكون واقع قائم بذاته» مخلوق موجود 
محسوسء له بداية وله نهاية» والوجود الإنساني وجود واقعي 
قائم» نظّمه الإسلام تنظيماً محدداً .)١(‏ 

-١‏ الواقعية في تحقيق المنهج الإسلامي» فالتكاليف 
الإسلامية واقعية لأن الله لم يكلف نفساً إلا وسعهاء والمؤمن 


باستظطاعته أن : ينفذها تحد. أن يستعيق كاش " 'وحيثما سار 


2 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإنسان مع هذه العقيدة» وجد اليسر ومراعاة الطاقة البشرية 
والحالات المختلفة للإنسان» والظروف التي يصادفها في جميع 
البيئات والأحوال» العقيدة ذاتها سهلة التصورء إلهٌ واحدٌ ليس 
كمثله شيء» أبدع كل شيء» وهداه إلى غايته ووجوده؛ وأرسل 
رسلا تذكر الناس بغاية وجودهمء وتردهم إلى الله الذي خلقهم 
والتكاليف بعد ذلك كلها تنبتق من هذه العقيدة» في تناسب 
مطلق لا عوج فيه ولا انحراف» وعلى الناس أن يأتوا منها بما 
في طوقهم بلا حرج ولا مشقة " .)١(‏ 

" ثم هي العقيدة التي تعترف بالإنسان إنسانا» لا حيواناً: 
ولا حجراً» ولا ملكا ولا شيطاناً تعترف به كما هوء بما فيه من 
ضعف وقوة» وتأخذه وحده شاملة مؤلفة من جسدٍ ذي نوازع: 
وعقلٍ ذي تقدير؛ وروح ذي أشواق» وتفرض عليه من التكاليف 
ما تيظيفةة"وترا عق الشكيق رن لقلا ليه والظد نارياو مقهةارن 
إعنات» وتلبي حاجات الجسد والعقل والروح في تناسب يمثل 
الفطرة. ثم تحمل الإنسان بعد ذلك تبعة اختياره للطريق الذي 
يختار " (). 


. "8957/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7١١7/97 » ء وينظر أيضاً‎ 545/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
4. 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





سابعاً: التوحيد: 

التوحيد هو الحقيقة الأساسية التي ترتكز عليها العقيدة 
الإسلامية وهو كذلك سمة من سماتها التي تنفرد بها من بين 
التصورات الاعتقادية والفلسفية السائدة في الأرض جميعاً. 

والتوحيد هو الخاصية البارزة في كل دين جاء به من 
عند الله رسول.. ولكن التحريفات والانحرافات التي وقعت في 
تاريخ البشرية وطغيان الجاهليات على الديانات السماوية لم تبق 
في الأرض كلها عقيدة صحيحة قائمة على التوحيد المطلق إلا 
عقيدة الإسلام. 

وخاصية التوحيد تقوم على أن الوجود يقوم على " ألوهية 
وعبودية "» الله وحده هو الإله الخالق وكل ما سواه مخلوق عبد 
خاضع له سبحانه» وهما وجودان متمايزان منفصلان» لا كما 
يعتقده أصحاب الحلول والاتحاد ووحدة الوجود وغيرهم من 
أصحاب العقائد المنحرفة» ومن مقتضيات التوحيد المطلق في 
العقيدة الإسلامية إفراد الله سبحانه بخصائص الألوهية 
والربوبية» والتوجه إلى الله وحده في كل أعمال الإنسان وأحواله؛ 
وهو بذلك يثمر نتائج إيجابية في حياة المسلم منها: 
- توحد حياة المسلم وانضباط حركته وتناسق أعماله وتصوراته 


5 


م 1010101001 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





مع منهج التوحيد 

- الاستقامة في العمل والتعامل»؛ وعدم الانحراف أو الغلو. 

- جمع قدرات وطاقات الشخصية المسلمة على هدف العبودية 
لله وحده. 

- تحرير المؤمن من الخضوع أو العبودية لغير الله» وتربيته 
على الشعور بالعزة والكرامة ('). 

وبالتالي: فالعقيدة الإسلامية: " منهج حياة متكامل» يميز الأمة 
المسلمة عن غيرها من الأمم(). 

-"عقيدة تتميزبالوضوح والاستقامة والنصاعة» فلا شيء فيها 
١ ّ ١ 7‏ 

يقوم على الظن أو الوهم" ('). 

- و" تقوم على العنصر الأخلاقي وتحميه في عالم الشعور 
والواقع» وفي علاقات الفرد والمجتمع" (؟). و" تمثل الجمال 
والتكامل والتناسق في كل مقوماتها وجوانبها" (). 


» وفي ظلال القرآن‎ » 3٠١7-1١84 ينظر: خصائص التصور الإسلامي »ص‎ )١( 
. 
. ١59/١ » ؟) في ظلال القرآن‎ 
. 7571/4 » المصدر السابق‎ )* 
. المصدر السابق » 5//ا51""‎ )5 
. 5١ مقومات التصور الإسلامي » ص‎ ) 
4 


5 


) 
) 
) 
) 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الثالث 


وسائل الأعداء وأساليبهم في محاربة العقيدة الإسلامية 

سبق معنا عند الحديث عن أهمية العقيدة الإسلامية 
القول: بأنها تمثل أساس المعركة بين الإسلام وأعدائه على 
مختلف أسماتهم» " وأن ملل الكفر قد تختلف مع بعضهاء وقد 
تتخاصم شيع الملة الواحدة فيما بينهاء ولكنها تلتقي دائماً في 
المعركة ضد الإسلام والمسلمين»ء وهي معركةٌ عقيدة في 
صميمها وحقيقتها ولكن الأعداء يلونونها بألوان شتى» ويرفعون 
عليها أعلاماًة شتى» في خبث ومكرٍ وتورية لأنهم قد جربوا 
حماسة المسلمين لدينهم وعقيدتهم حين واجهوهم تحت راية 
العقيدة» ومن ثم راحوا يغيرون أعلام المعركة» فلم يظهروها حربا 
باسم العقيدة على حقيقتهاء خوفاً من حماسة العقيدة وجيشانهاء 
إنما أعلنوها باسم الأرضء والاقتصادء والسياسة» والمراكز 
العسكرية وما إليهاء وألقوا في روع المخدوعين الغافلين منا أن 
قضية العقيدة قد صارت حكاية قديمة لا معنى لهاء ولا يجوز 
رفع رايتها وخوض المعركة باسمهاء فهذه سمة المتخلفين 
المتعصبين» ذلك كي يأمنوا جيشان العقيدة وحماستهاء بينما هم 


6 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





في قرارة نفوسهم - الصهيونية العالمية والصليبية العالمية 
بالإضافة إلى الشيوعية العالمية - جميعاً يخوضون المعركة 
أولاً وقبل كل شيء لتحطيم هذه الصخرة العاتية - العقيدة 
الإسلامية - التي نطحوها كثيراً فأدمتهم جميعاً!! " .)١(‏ 

ولقد اطلع سيد - رحمه الله - على عظم المؤامرة على 
الإسلام وعقيدته من خلال حياته الأولى التي عاشها بعيداً عن 
الإسلام» يقرأ ما تكتبه الجاهلية ودعاتها المعاصرون» وكذلك 
من خلال إطلاعه على جهود اليهود والنصارى والعلمانيين 
أثناء وجوده في أمريكا وبعد عودته منها الأمر الذي جعله 
يحذر من أساليبهم في محاربة العقيدة الإسلامية» ويفضح كثيراً 
من الرايات التي يرفعونهاء في مواضع كثيرة من كتاباته بعد 
التزامه بالإسلام. 

ويمكن بيان جهود سيد قطب - رحمه الله - في فضح 
وسائل أعداء الإسلام في حربهم للعقيدة الإسلامية والتحذير 
منهاء وذلك كما يأتي: 


. بتصرف‎ » ٠١8/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
605 








أولاً: إخفاؤهم العداء للعقيدة ورفع راية للمعركة غير راية 
العقيدة: 

من الحقائق التي ينبغي أن يتأملها المؤمنون الداعون 
إلى الله في كل أرض وفي كل جبل حقيقة: أن المعركة بين 
المؤمنين وخصومهم هي في صميمها معركة عقيدة» وليست 
شيتاً آخراً على الإطلاق» وأن خصومهم لا ينقمون منهم إلا 
الإيمان» ولا يسخطون منهم إلا العقيدة» إنها ليست معركة 
سياسية ولا معركة اقتصادية ولا معركة عنصرية» ولو كانت 
شيئاً من هذا لسهل وقفها... إنها قضية عقيدة» ومعركة 
عقيدة»... وهذا ما يجب أن يستيقنه المؤمنون حيثما واجهوا عدواً 
لهم؛ فإنه لا 0 لشيء إلا لهذه العقيدة ( وما تَتَموأمِئهم إل أن 
موأ بأسَّهِ العريز 1 ميل ميد ((م)) [إسورة البروج: 8].. وقد يحاول 
أعداء المؤمنين أت يرفعوا للمعركة راية غير راية العقيدة» راية 
اقتصادية» أو سياسية» أو عنصرية كي يموهوا على المؤمنين 
حقيقة المعركة» ويطفئوا في أرواحهم شعلة العقيدة.. ويخدعوهم 
عن سلاح النصر الحقيقي... ونحن نشهد نموذجاً في تمويه 
الراية في محاولة الصليبية العالمية اليوم أن تخدعنا عن حقيقة 
المعركة.. وأن تزور التاريخ» فتزعم لنا أن الحروب الصليبية 


/ا3ة 


1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كانت شعاراً للاستعمار.. كلا.. إنما الاستعمار الذي جاء متأخراً 
ف قر روه سيد القن ته ا وى قري 
كانت في القرون الوسطى" .)١(‏ 
ثانياً: إثارة الشبهات لزعزعة العقيدة والتشكيك فيها: 

' إن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربونها في 
الميدان بالسيف والرمح فحسبء ولم يكونوا يؤلبون عليها 
الأعداء ليحاربوها بالسيف والرمح فحسب.. إنما كانوا يحاربونهاء 
أولاً في عقيدتهاء كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك» ونثر 
الشبهات» وتدبير المؤامرات» كانوا يعمدون أولاً إلى عقيدتها 
الإيمانية التي منها انبثق كيانهاء ومنها قام وجودهاء فيُعملون 
فيها معاول الهدم والتوهين» ذلك أنهم كانوا يدركون - كما 
يدركون اليوم - أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخلء ولا 
تَهْن إلا إذا وهنت عقيدتهاء ولن يغلبوها على الأرض إلا إذا 
غلبوها على العقيدة وكلما ارتقت وسائل الكيد لهذه العقيدة 
والتشكيك فيهاء والتوهين من عراهاء استخدم أعداؤها هذه 
الوسائل المترقية الجديدة ولكن لنفس الغاية القديمة ١‏ وَدّت 


)1( معالم في الطريق » ص ١‏ -5025” », بتصرف يسير . 
16 





101010100 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





طَِمَةٌ من أَمَلٍ الكتب ل يُضِلوك وَمَا يُضِدُوس إل أنشَهُمْ وما 
مَمْعرُورت (8)) [سورة آل عمران: 14]. .)١('‏ 

" وتبرز هذه الوسيلة من وسائل حرب العقيدة في كتابات 
المستشرقيةالذرن «,مدوبورن : هذ[ 'الذيق. تدزاعة: حاذة ‏ حميفة 
فاحصة:» لا لأنهم يبحثون عن الحقيقة - كما يتوهم السذج من 
أهل هذا الدين - ولا لينصفوا هذا الدين وأهله» - كما يتصور 
بعض المخدوعين حينما يرون اعترافاً من باحث أو مستشرق 
بجانب طيب في هذا الدين! - كلا! إنما هم يقومون بهذه 
الدراسة الجادة العميقة الفاحصة» لأنهم يبحثون عن مقتل لهذا 
الدين» لأنهم يبحثون عن منافذه ومساربه إلى الفطرة ليسدوها أو 
يميعوهاء لأنهم يبحثون عن أسرار قوته ليقاوموه منهاء لأنهم 
يريدون أن يعرفوا كيف يبني نفسه في النفوس ليبنوا على غراره 
التصورات المضادة التي يريدون ملء فراغ الناس بها " ('). 


. و71855/50 بتصرف‎ ”54 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 37١5177 » في ظلال القرآن‎ (0) 
1 





7ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ثالثاً: ربط الناس بمفاهيم وقيم وضعية مقام المفاهيم والقيم 
العقدية: 

' إن أشق ما تعانيه حركات الإسلام الحقيقية اليوم هو 
الغبش والغموض واللبس الذي أحاط بمدلول لا إله إلا الله 
ومدلول الإسلام في جانب وبمدلول الشرك والجاهلية في 
الخانت: الآخن واختلاط: الشارات: والعناوين:... وقد عمل أعذاع 
الإسلام على توسيع هذه الثغرة» وتمييع الحقائق العقدية 
وتلبيسها حتى أصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة 
المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى 
قول رسول الله ي .)١(‏ 

وأعذاء الحين ""يوتحهون" اليه تحهودا 'لا فكل: وخملات: ا 
تنقطع» ويستخدمون في تحريفه عن وجهته وفي تميع طبيعته 
كل الوسائل وكل الأجهزة وكل التجارب.. أنهم يضعون نظريات 
تأخذ شكل العقيدة والدين» لتحل محل العقيدة الإسلامية بوصفها 
قديمة غير متطورة وغير مناسبة لواقع البشر اليوم " ("). 

" ولأنهم يعلمون أن قاعدة المجتمع المسلم التي يقوم 


)1( المصدر السابق » بتصرف . 
() المصدر السابق » ”/507 ١‏ بتصرف . 
رت 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





عليها وتمثل نقطة القوة والحركة فيه هي العقيدة» فقد عملوا على 
توهين تلك القاعدة - العقيدة - وإقامة أصناماً تعبد من دون الله 
- اسمها تارة " الوطن " وتارة " القوم " وتارة " الجنس " وظهرت 
هذه الأصنام على مراحل التاريخ تارة باسم " الشعوبية " وتارة 
باسم " الجنسية الطورانية " وتارة باسم " القومية العربية " وتارة 
بأسماءٍ شتى تحملها جهات شتى؛ تتصارع فيما بينها داخل 
المجتمع الإسلامي.. إلى أن وهنت القاعدة الأساسية - العقيدة 
- تحت المطارق المتوالية والإيحاءات الخبيثة المسمومة» 

فأصبحت تلك" الأصنام " مقدسات يعتبر المنكر لها 
خارجاً على دين قومه» أو خائناً لمصالح بلده!! )١("‏ 

كما عمل الأعداء على زعزعة العقيدة الإسلامية 
والتشكيك فيها أيضاًء من خلال الدس والتشويه» فقد دسوا في 
التراث الإسلامي ما لا سبيل إلى كشفه إلا بجهد قرون» ولبسوا 
الحق بالباطل فيه.. دسوا ولبسوا في التاريخ الإسلامي... وفي 
الحديث النبوي.. وفي التفسير القرآني.. وما يزالون من خلال 
المستشرقين وتلاميذهم الذين يشغلون مناصب القيادة الفكرية 


. "15/5 21١8531/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
5١ 





111 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





و00 


رابعا: إيجاد المأجورين من المسلمين لتحريف الإسلام من 
الداخل: 

" إن للقوى المناهضة للإسلام اليوم في أنحاء العالم 
جيشاً جراراً من العملاء في صورة أساتذة وفلاسفة» ودكائرة 
وباحثين وكتّاب وشعراء وفنانين وحرفيين» يحملون أسماء 
المسلمين» لأنهم انحدروا من سلالة مسلمة! وبعضهم من " 
غلفاف"" النسليذ نه هذ الكيت تمن العم م1 
أ- خلخلة العقيدة في النفوس بشتى الأساليب» في صورة بحث 
وعلم وأدب وفن وصحافة. ب- توهين قواعدها من الأساس. 
ج- التهوين من شأن العقيدة والشريعة على سواء. 
د- تأويلها- أي العقيدة - وتحمليها ما لا تطيق. 
ه-الدق المتصل على " رجعيتها '!. 
و- والدعوة إلى التفلت منهاء وإبعادها عن مجال الحياة إشفاقاً 
عليها من الحياة أو إشفاقاً 
على الحياة منها!. 


)١(‏ المصدر السابق » 7١78/5 + 4١4/١‏ بتصرف. 
.1 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ز- ابتداع تصورات وقواعد للشعور والسلوك تناقض وتحطم 
تصورات العقيدة ومثلهاء وتزين تلك التصورات المبتدعة بقدر 
تشويه التصورات والمثل الإيمانية. 

ح- إطلاق الشهوات من عقالها وسحق القاعدة الخلقية التي 
تستوي عليها العقيدة النظيفة لتخر في الوحل الذي ينثرونه في 
الأرض نثراً. 

ط- تشويه التاريخ كله وتحريفه» وكذا تحريف النصوص (0). 
خامساً: إشاعة ثقافة الإلحاد والعلمنة: 

عمل أعداء الإسلام في العصر الحاضر على نشر 
واشاعة ثقافة الإلحاد والشيوعية والعلمنة وكان وراء ذلك اليهود 
ومن والاهم»ء حيث عملوا على دعم المذاهب الإلحادية 
كالشيوعية والوجودية الداروينية وغيرها من المذاهب المادية 
الإلحادية لتدمير قاعدة الحياة البشرية» ولما لم يفلحوا في تحويل 
العالم الإسلامي إلى الإلحاد» وخاصة بعد فشل تجربة أتاتورك» 
وصعود نجم الصحوة الإسلامية التي تحمل مشاعل العقيدة 
الإسلامية من جديد في وجه الإلحادء فقد تحول اهتمام وخطط 


. بتصرف‎ 4١5/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
ارت‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أعداء الإسلام جميعاً إلى نشر ثقافة العلمنة» وتحويل الدين إلى 
مجرد مشاعر وشعائر» وطرده من واقع الحياة» وايهام المعتقدين 
به أنهم يمكن أن يظلوا مؤمنين بالله مع أن هناك أرباباً أخرى 
تشرع لحياتهم من دون الله :)١(‏ 

" والعلمانيون اليوم لا يستطيعوا أن يتبجحوا تبجح 
الشيوعيين الملحدين» فينفعون وجود الله جملة ويتنكروا للدين 
علانية» إنما يلجأون إلى أسلوب خبيث حيث يقولون. إنهم 
يحترمون الدين! ويزعمون أن ما يشرعونه للناس له أصل من 
هذا الدين! ليخدروا العاطفة الدينية» وهو أسلوب ألأم وأخبث من 
أسلوب الشيوعيين الملحدين " ("). 
سادساً: محاربة حملة العقيدة الحقة: وذلك من خلال: 

-١‏ الدعاية الاعلامية وتشويه صورة حملة العقيدة: 

'" حيث عملوا على تشويه العقيدة واثارة الغبار حولها 
وحول نبيها 5 بشتى الأساليب» كي لا ينضم إليها مؤمنون 
جددء فمنع الناس من الانضمام إلى راية العقيدة قد يكون أيسر 


-1١770/96317١75 ينظر كلام سيد حول ذلك في :في ظلال القرآن » ؟/‎ )١( 
1 
٠. ١5.37 المصدر السابق » ا يي يا » بتصرف » ؟/‎ (0 
2 





17 117 117 717 ال 





من فننة الذين عرفو حقيقتها وذاقوها:* (20. 
" - إغراء حملة العقيدة ومساومتهم لتركها أو بعضها: 
وهو أسلوب قديم استعمله الكفار مع النبي #َِ كثيراً يشير 
إليه قوله سبحانه: ( وَإِن حادوأ فد لمِفْتَنوتك عَن ألَدِىَ كمه 


صد 
مب د م 4 ل سس سيور سا 


إنفترى علينا غيره. وإذ 


مح ردابو 


كدت تكن إِليْهِمْ سكا فيلا (0)) [سورة الإسراء: 5-07 7]. 
فهي إذاً محاولات في صور شتى لم يفصلها النص هنا لكنها مفصلة في 
كتب السير» هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله يله هي محاولات 
أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً» محاولة إغرائهم لينحرفوا 
ولو قليلآ عن استقامة الدعوة وصلابتهاء ويرضوا بالحلول الوسط مقابل 
مغانم كثيرة»؛ وهي تعديلات طفيفة في البداية لكنها تنتهي إلى الانحراف 
الغافل يعن الطريق "0 

كما يشير إلى هذه المحاولة أيضاً قوله تعالى: (وَدُوا لو 


مومعو 


مومع ل شم سر ل وه 4 هع سر م 
| لَأَتَحَدُوكَ خللا (5) وَلَوْلَا أن َبَتَك لَقَدَ 


دهن مَبُدَهِدورت (0)) [سورة القلم: 1]. فهي المساومة إذن» 
والالتقاء في منتصف الطريقء كما يفعلون في التجارة» وفرق 
بين الاعتقاد والتجارة كبير! فصاحب العقيدة لا يتخلى عن 


)١(‏ في ظلال القرآن » 5/ 79785 ء 
)١(‏ في ظلال القرآن » 7١45/5‏ » بتصرف .2 7569/56 ء 
عله 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





شيء منهاء لأن الصغير منها كبير بل ليس في العقيدة صغير 
وكبيرء إنها حقيقة واحدة متكاملة الأجزاء " .)١(‏ 

*- الحرب الاقتصادية للتضييق على حملة العقيدة: 

ويظهر هذا الأسلوب واضحاً في قوله تعالى عن 


20 


المنافقين: ( هم الَذِنَ يَمُوُونَ لا فِفُوا عل مَنْ عند رَسُولٍ أله حون 
شرا مقع الققو ةو لض وكا اللتزؤيت لذ متكورة 10 
[سورة المنافقون: "]. " وهي مقولة يتجلى فيها خبث الطبع ولؤم 
النحيزة (')» خطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان 
يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان في حرب العقيدة 
ومناهضة الأديان.. هي خطة قريش عندما قاطعت الرسول 26 
وبني هاشم في الشعب.. وهي خطة المنافقين في المدينة.. وهي 
خطة الشيوعيين في حرمان المتدينين في بلادهم من بطاقات 
التموين» ليموتوا جوعاً أو يكفروا بالله ويتركوا الصلاة».. وهي 
خطة غيرهم ممن يحاربون الدعوة إلى الله وحركة البعث 
الإسلامي في بلاد الإسلام» بالحصار والتجويع ومحاولة سد 


. في ظلال القرآن » 58/5""؟ و3084‎ )١( 
(؟) النحيزة : الطبيعة» ونحيزة الرجل طبيعته » وجمعها نحائز » انظر: لسان‎ 
. 70/١5 العرب‎ 


كا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أسباب العمل والارتزاق» وهكذا يتوافر على هذه الوسيلة 
الخسيسة كل خصوم الإيمان» من قديم الزمان إلى هذا الزمان» 
ناسين قوله سبحانه: (هُمْ الذينَيعُوونكا ُفِفُواعَكَ مَنَ عند رَسُولٍ 
جوع ل .)١‏ 
يَفْقَهُون00)) (0) 

4؛- سحق حملة العقيدة وتصفيتهم: 

وهذه الوسيلة لا يلجأون إليها إلا بعد فشل الوسائل 
السابقة في فتنة حملة العقيدة - غالباً - لأن من عرف حقيقة 
الفقدة وذاقها يصحفك! فتنقة: (10) 
الدين والعقيدة على مر الزمان وما سحق طلائع البعث 
الإسلامي اليوم إلا حلقة في مسلسل حرب العقيدة وأصحابها 
0 

* مواجهة أساليب الأعداء في حرب العقيدة: 


. 351/4 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. (؟) في ظلال القرآن » 7785/5 » بتصرف‎ 
4/5ملا؟اء‎ 201591790315: /9 2595/١ ٠ ينظر في ذلك المصدر السابق‎ )"( 
. ١85 ومعالم في الطريق » ص‎ 
فد‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أشار سيد قطب إلى المنهج القرآني في مواجهة أساليب 
الأعداء في حرب العقيدة الإسلامية حيث كان القرآن الكريم: 
أولاً:_يأخذ الجماعة المسلمة بالتثبيت على الحق الذي هي عليه. 
وثانياً: ينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها أهل الكتاب. 
وثالثاً:_يجلو لهم الحقيقة الكبيرة التي يتضمنها هذا الدين الذي 
يحملونه. 
ورابعاً: يقنع الجماعة المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه 
الأرض» ودورها ودور العقيدة التي تحملها في تاريخ البشرية. 
وخامساً: يحذرها من كيد الكائدين» ويكشف لها نواياهم 
ووسائلهم القذرة وأهدافهم الخطرة» وأحقادهم على الإسلام 
والمسلسق” 
وسادسآً: يأخذها بتقرير حقيقة القوى» وموازينها في هذا 
الوجود» فيبين لها هزال أعدائها وهوانهم على الله»ء وضلالهم 
وكفرهم».. كما يبين لها أن الله معهاء وهو مالك الملك " :)١(‏ 


)1( في ظلال القرآن » /١‏ 5 »؛ بتصرف يسير . 
26 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الثاني 
منهجه في عرض العقيدة والدعوة إليها 


كان من قواعد منهج سيد قطب في التفسير " بيان أهمية 
العقيدة وأثرها '" من خلال استلهامها من القرآن الكريم؛ 
وامتتحضان القن الذئ كزلك فيه الأباك يعدن الإمكان .+ 
وتجاوة الخلقتم الكلامين: والجذلن: الاي كان خول: فضايا العقيده 
اللسيية 


5 


وكان من قواعد منهجه أيضاً أن تعرض العقيدة كما هي 
في سياق القرآن الكريم» فهو قالبها الأصيل» رافضاً عرض 
العقيدة في قالب الفلسفة أو علم الكلام كما فعل رجال الفرق 
الكلامية )١(‏ 

وقد وقف سيد قطب من خلال تأمله لنصوص القرآن 
والحياة في ظلالهاء على طريقة القرآن في عرض العقيدة؛ ومن 
ثم إدراك سر تفاعل الصحابة الكرام بحقائق العقيدة.. وقارن بين 


هذا وبين عرض المتأخرين للعقيدة» حتى أصبحت قضايا نظرية 


)1( ينظر : المنهج الحركي في ظلال القراآن »د/ صلاح الخالدي »و ص 555 2 
الك 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ونتيجة لذلك فقد كان سيد - رحمه الله - يركز كثيراً 
على منهج عرض العقيدة» والدعوة إليها وبيان خصائصها 
ومقوماتها ليعود لها صفاؤها ونقاؤهاء ويعود لها دورها العملي 
ومهمتها الإيجابية في الحياة )١(‏ 

ويقوم منهج سيد قطب - رحمه الله - في عرض مسائل 
العقيدة والدعوة إليها على الآتي: 

-١‏ بيان عناية الإسلام ا إلى ت أ 
العقيدة:_وتحديد التصور الصحيح الذي يستقر عليه الضمير 
في أمر الله وصفاته» وعلاقته بالخلائق» وعلاقة الخلائق به 
على وجه القطع واليقين»ء من خلال إرساء التوحيد الكامل 
الخالص.. الذي لا تشوبه شائبة من قريب ولا بعيد.. وهذا الجهد 
المتطاول تمثله النصوص القرآنية الكثيرة» والتي تكشف عن 
عظمة الدور الذي تقوم به العقيدة في تحرير الضمير البشري؛ 
واطلاقه من التخبط بين شتى الأرباب وكل هذا يتجلى من 
خلال مراجعة ركام الجاهلية من العقائد والتصورات» حيث تبدو 


4 





)1( ينظر : في ظلال القرآن في الميزان » د/ صلاح الخالدي » ص 58 » وما 
بعدها بتصرف . 
2 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





العقيدة الإسلامية عندئذ رحمة بما فيها من جمال وبساطة 
ووضوح وتناسق» وتجاوب مع الفطرة (0). 

؟- الاهتمام بتصحيح التصور الاعتقادي وإقامته_ على 
قاعدة التوحيد الكاملء باعتبار العقيدة تمثل القاعدة والمحور لكل 
نشاط إنساني (2؛ لذلك نجد أن المنهج القرآني لم يبدأ بعلاج 
رذائل الجاهلية وانحرافاتها السلوكية» وإنما بدأ من عقدة النفس 
البشرية الأولى» عقدة العقيدة» بدأ باجتثاث التصور الجاهلي 
الاعتقادي جملة من جدوره؛ء واقامة التصور الإسلامي الصحيح» 
وبين للناس فساد تصوراتهم» بدأ من شهادة أن لا إله إلا الله 
وطالت فترة إنشاء لا إله إلا الله حتى بلغت نحو ثلاثة عشر عاماً؛ 
كانت الغاية فيها تعريف الناس بإلههم الحق» وتعبيدهم له حتى إذا 
خلصت نفوسهم لله» وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما 
يختاره اللهء عندئذ بدأت التكاليف» وتنقية رواسب الجاهلية 
الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأخلاقية والسلوكية» بدأت في 
الوقت الذي يأمر الله فيطيع العباد بلا جدال0). 


. 7ءبتصرف‎ 5 -77/١ - في ظلال القرآن - سيد قطب‎ )١( 
. 155/7 » (؟) في ظلال القرآن‎ 
. بتصرف‎ » 4117-١ » المصدر السابق‎ 039 

ا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





*وأصحاب الدعوة إلى دين الله» وإقامة النظام الذي يتمثل 
فيه هذا الدين في واقع الحياة» خليقون أن يقفوا طويلاً أمام هذه 
الظاهرة الكبيرة».. ظاهرة تصدي القرآن المكي خلال ثلاثة عشر 
عاما لتقرير هذه العقيدة» وعدم تجاوزها إلى شيء من تفصيلات 
النظام الذي يقوم عليها مع أن هناك طرقاً أخرى أيسر منها 
للوصول إلى قلوب العرب بدون هذا العناء» كطريق القومية» أو 
الثورة على الطبقات» أو الدعوى الإصلاحية الأخلاقية» ولكن الله 
سبحانه وتعالى - وهو العليم الحكيم - لم يوجه رسول الله هَل إلى 
مثل هذه الطرق التي لا تقوم على العقيدة. ولكن عندما تقررت 
العقيدة في النفوس بعد هذا الجهد الشاق» قام الدين في الأرض 
وتطهرت من كل الرذائل» فمنهج القرآن يجعل من بناء العقيدة 
وتمكينها وشمولها لشعاب النفس كلها ضرورة من ضرورات النشأة 
الصحيحة» وضماناً لاستقرار النظام الذي يقوم عليها (')» ويصبح 
تصحيح المخالفات القانونية أو الانحراف الأخلاقي أو السلوكي أو 
التعبدي بعيداً عن إصلاح القاعدة الأساسية " العقيدة " اشتغالاً 


)1( المصدر السابق » تي ل 0ل 3 ١5‏ ١بتصرف‏ , ومعالم في الطريق: 
القضزل طلبيعةا المنيه الذزا في مون ١4:‏ وها ها 
لخره 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالفرع دون الأصل .)١(‏ 

؟ - الوضوح والتميز في الدعوة !| 
بالواقع المنحرف:_وذلك لأن دين الله ليس رايةً ولا شعاراً ولا 
وراثة» إن دين الله حقيقة تتمثل في الضمير وفي الحياة سواءء 
تتمئل في عقيدة وشعائر ونظام يصرف الحياة» وكل اعتبار 
غير هذا الاعتبار تمييع للعقيدة ('). 

إن كلمة الحق في العقيدة لا ينبغي أن تجمجم ()! إنها 
يجب أن تبلّغ كاملة فاصلة» وليقل من شاء من المعارضين لها 
كيف شاءء وليفعل من شاء من أعدائها ما يفعل» فإن كلمة 
الحق في العقيدة لا تملق الأهواء» ولا تراعي مواقع الرغبات.. 
إن كلمة الحق في العقيدة حين تصدع تصل إلى مكامن القلوب 
التي يكمن فيها الاستعداد للهدى.. وحين تجمجم لا تلين لها 
القلوب التي لا استعداد فيها للإيمان وهي القلوب التي قد يطمع 
صاحب الدعوة في أن تستجيب له لو داهنها في بعض 
الحقيقة! (9). 





)١(‏ في ظلال القرآن » ١7720١/”‏ بتصرف. 

(؟) المصدر السابق » 350/5 . 

(') قال في القاموس : 'والجمجمة أن لا يبين كلامه " . 
(4) في ظلال القرآن » 178/7 . 


2 





17 117 117 717 ال 





وحين يجمجم صاحب الدعوة ويتمتم ولا يبين عن الفارق 
الأساسي بين واقع الناس من الباطل وبين ما يدعوهم إليه من 
الحق» وعن الفاصل الحاسم بين حقه وباطلهم.. حين يفعل ذلك 
مراعاة للظروف والملابسات» وحذراً من مواجهة واقع الناس.. 
فإنه يكون قد خدعهم وآذاهم» لأنه لم يعرفهم حقيقة المطلوب 
منهم كله ('), 

إن محاولة بلورة العقيدة الإسلامية في صورة " نظرية 
مذهبية " على الورق كالنظرية الأرضية» دون مواجهة أوضاع 
الجاهلية المنحرفة في واقع الناس محاولة ذليلة.. وأذل منها 
محاولة من يضعون على الإسلام أقنعة أخرى مما يروج عند 
الناس كالاشتراكية» والديمقراطية وما إليهاء ظانين أنهم يخدمون 
الإسلام.. إن الإسلام هو الإسلام» والاشتراكية هي الاشتراكية؛ 
والديمقراطية هي الديمقراطية.. ولا ينبغي للداعية أن يستجيب 
لإغراء الزي الرائج من أزياء الهوى البشري ("): 

ينبغي آلا نتدسس للناس بالإسلام تدسساًء ولا رتت على 
شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة» بل نكون معهم صرحاء غاية 


)1( المصدر السابق 4 14/7 بتصرف . 
() المصدر السابق » ٠١87/7‏ بتصرف . 
رت 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الصراحة(') والصراحة والقوة والحسم في إلقاء كلمة العقيدة لا 
تعني الخشونة والفظاظة» بل تعني عدم المداهنة في بيان كلمة 
الحق كاملة في العقيدة وعدم اللقاء في منتصف الطريق في 
الحقيقة ذاتها» فالحقائق الاعتقادية ليس فيها أنصاف حلول 
فالتلطف في دعوة الناس إنما يكون في الأسلوب لا في الحقيقة 
حق 

*- بناء العقيدة والدعوة | ن خلال الحركة 
الواقع لا مجرد الدراسة النظرية 

" إن المنهج القراني لا يقدم العقيدة في صورة " نظرية " 
للدراسة» فهذا مجرد علم لا ينشئ في عالم الضمير ولا في عالم 
الحياة شيئاً» ولا يعصم من الهوىء ولا يرفع من ثقلة الشهوات 
شيئاً» ولا يدفع الشيطان» بل ربما ذلل له الطريق وعبدها " ("): 

' إن القرآن يخوض بهذه العقيدة معركة حية واقعية.. مع 
الركام المعطل للفطرة» في نفوس آدمية حاضرة.. فشكل النظرية 
والجدل الذهني ليس هو الشكل المناسب... لقد كان القراآن وهو 


. ١ا/ال‎ -١57 : يراجع : فصل" نقله بعيدة" من كتاب معالم في الطريق ص‎ )١( 
في ظلال القرآن » ”/ 141/458 » بتصرف » وينظر أيضاً : مقومات‎ )١( 
التصور الإسلامي . ص 75 » وما بعدها‎ 
. ١599//9 » (؟) في ظلال القرآن‎ 
ع‎ 





17 117 117 717 ال 





يبني العقيدة في ضمائر الجماعة المسلمة يخوض بهذه 
الجماعة المسلمة معركة ضخمة مع الجاهلية من حولهاء ومع 
رواسب الجاهلية في ضميرها وأخلاقها وواقعها.. ومن هذه 
الملابسات ظهر بناء العقيدة لا في صورة نظرية» ولا في صورة 
لاهوت» ولا في صورة جدل كلامي» ولكن في صورة تكوين 
تنظيمي مباشر للحياة» ممثل في الجماعة المسلمة ذاتهاء وانه 
لمن الضروري لأصحاب الدعوة الإسلامية أن يدركوا طبيعة 
هذا الدين ومنهجه في الحركة على هذا النحو.. ليعلموا أن 
مرحلة بناء العقيدة التي طالت في العهد المكي لم تكن مرحلة 
تلقي " النظرية " ودراستهاء لكنها كانت مرحلة البناء القاعدي 
للعقيدة وللجماعة وللحركة وللوجود الفعلي معاً.. وهكذا ينبغي أن 
تكون كلما أريد إعادة هذا البناء مرة أخرى. ومن هنا ندرك خطأ 
وخطر محاولة تحويل العقيدة الإسلامية الحية التي يجب أن 
تتمثل في واقع تام حي متحرك إلى ' نظرية " للدراسة والمعرفة 
الثقافية لمجرد أننا نريد أن نواجه " النظريات " البشرية الهزيلة 


)١(‏ في ظلال القرآن » ؟/7١10- ٠١١54‏ و”/ ١5517‏ بتصرف ». ومقومات 
التصور الإسلامي» ص١١‏ » ونحو مجتمع إسلامي ثءص 35. 
فر 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ه- الابتعاد عن المناهج الكلامية والفلسفية في_ عرض 
العقيدة والدعوة !| 

" لم يلجأ المنهج القرآني إلى الأسلوب الجدلي الذي وجد 
فيما بعد عند المتكلمين والفلاسفة» لأن الله يعلم أن هذا 
الأسلوب لا يصل إلى القلوب ولا يتجاوز منطقة الذهن الباردة؛ 
التي لا تدفع إلى حركة ولا تؤدي إلى بناء حياة " :)١(‏ 

لذا لا بد أن تعرض العقيدة بأسلوب العقيدة» إذ أن 
محاولة عرضها بأسلوب الفلسفة يقتلها ويطفئ إشعاعها... لأن 
هناك جفوة أصيلة بين منهج الفلسفة ومنهج العقيدة» وبين 
أسلوب الفلسفة وأسلوب العقيدة»ء وبين الحقائق الإيمانية 
الإسلامية» وتلك المحاولات المضطربة التي تضمنتها الفلسفة 
والمباحث اللاهوتية» حيث تبدوا " الفلسفة الإسلامية " - كما 
سميت - ومعها مباحث "علم الكلام " غريبة غربة كاملة على 
الإسلام وطبيعته ومنهجه وأسلوبه.. أدت إلى تخليط كثيرٍ شاب 
صفاء التصور الإسلامي وأصابه بالسطحية» ولن يخلص 
التصور الإسلامي من التشويه والانحراف والمسخ» إلا حين 
نلقي عن جملة بكل ما أطلق عليه اسم " الفلسفة الإسلامية ". 


.١0755 في ظلال القرآن » ”؟/‎ )١( 
خة‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وبكل مباحث " علم الكلام '» وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق 
الإسلامية المختلفة في شتى العصورء ونعود إلى القرآن نستمد 
منه عقيدتنا ونعرضها بمنهجه وأسلوبه .)١(‏ 

5- عرض العقيدة من خلال الحقائق الكونية ومخاطبة 





' إن المنهج القراني في تكوين التصور الإسلامي يتكئ 
على ما في السموات والأرض ويستلهم هذا الكون» ويوجه إليه 
النظر والسمع والقلب والعقل» ويجعل الكون كله معرضاً لآيات 
الإيمان ودلائله» وصفحة مفتوحة للحواس والقلب» تبحث فيها 
عن آيات الله وترى دلائل وجوده ووحدانيته. 

ومشاهد الكون حاضرة أبداً.. لكنها تفقد جدتها في نفوس 
الناس بطول الألفة والتكرار ومع ذلك نجد القرآن يجعل من 
مألوفات البشر قضايا كونية كبرى» يكشف فيها عن حقيقة 
الألوهية» وينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة» ويجعل منها دلائل 
وبراهين تراها الأبصار وتتأثر بها المشاعر» ولا يتخذ طرائق 


, 77-٠ خصائص التصور الإسلامي » فصل: 'كلمة في المنهج " ص‎ )١( 
بتصرف . و ينظر كذلك موقف سيد قطب من الفلسفة وعلم الكلام في الفصل‎ 
. الأول من هذا الباب‎ 

0 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الجدل الذهني البارد والقضايا المنطقية التي لا حياة فيها ولا 
حركة» تلك التي وفدت على التفكير الإسلامي من خارجه 
فظلت غريبة عليه» وفي القرآن المثل والمنهج والطريق .)'١(‏ 

-٠‏ _عرض_العقيدة من 
بالحسنى: باعتبار" أن نشر العقيدة بالإقناع والحجة هو قاعدة 
هذه الحركة (). 

وقكية العقيذة © كما جاع يها هذا 'الديق بت قطية 





اقتناع بعد البيان والإدراك» وليست قضية إكراه.. ولقد جاء الدين 
ليخاطب الإدراك البشري بكل قواه وطاقته»ء يخاطب العقل 
المفكر والبداهة الناطقة» والوجدان المنفعل» والفطرة المستكنة " 
(). " ويقف البشر أمام مشاهدات الكون وأطواء النفس التي لا 
يملكون إنكارهاء ولا يملكون تعليلها بغير التسليم بوجود الخالق 
الواحد المدبر القدير» ويعرض القرآن على الكفار مشاهد وأسئلة 
حول خلق السموات والأرض وإنزال الماء وإنبات النبات» وبسط 
الأرض وإجراء الأنهار وتثبيت الجبال وإجابة المضطر وهداية 


» ء. 5/ 737254 ء بتصرف يسير‎ 5455 /921١877 /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 455/5 911.5 , وينظر ايضاً, 58.9 مره هلا‎ 
. ” الهامش‎ ١588/7” » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 791/١ » (؟) المصدر السابق‎ 
681 








وغيرها مما يملأ صفحة هذا الوجود من حولهم» ويأخذهم بما 
هو مستقر في فطرهم مما لا يملكون معه إلا الإقرار بالله وحده؛ 
فوجود الكون بما فيه والإنسان لا يملك أحد إنكاره» ولا يملك 
الإدعاء بأنه وجد من دون موجدء أو أن الخلق هم الذين 
أوجدوه» وبالتالي لا بد من التسليم بوجود إله خالق قدير واحدء 
حيث يردهم في النهاية إلى هذه الحقائق التي يغفلون عنها في 
تحد وافحام: 7 أَإِلَهٌ مَعَ اللّهِ قل هَاثوا بُرْهَائَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقين» 
(". إذاً لا بد من أن نعرض العقيدة وندعوا إليها من خلال 
طريقة القرآن» فنستخدم مشاهد الكون وحقائق النفس لإيقاظ 
الفطرة» واستجاشة المشاعر بما هو مركوز فيهاء ونصل بهذا 
إلى تقرير الحقائق العميقة الثابتة في تصميم الكون» وأغوار 
النفس والتي لا تقبل المراء الذي يقود إليه المنطق الذهني البارد 
والمسمى ب ١‏ علم الكلام لل 2 

أما الجدل في دعوة المخالفين في العقيدة فينبغي أن 
يكون بالتي هي أحسن. ذلك أن الداعية لا يدعو لشخصه ولا 


)1( سورة النمل » آية 55 . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 7555/8 . 3557 ء بتصرف . 
0 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





لقومه» بل يدعو إلى سبيل الله».. والدعوة بالحكمة» والنظر في 
أحوال المخاطبين وظروفهم وطريقة دعوته وتنوعهاء من موعظة 
حسنة» ورفق وجدلٍ بالتي هي أحسنء» تؤلف القلوب النافرة؛ 
وتجعل المدعو يحس باحترام الداعي له» ويعرف أن هدف 
الداعي كشف الحقيقة في ذاتهاء ومنفعة المدعو» وليس الغلبة 
في الجدل (). 

8- الدعوة إلى العقيدة من خلال القدوة: 

إن المطابقة بين العقيدة التي ندعو إليها وبين السلوك 
أمر يجعل الناس يثقون بالداعية وما يدعو إليه " فالدعوة إلى 
البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه هي الآفة التي 
تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم» ولكن في الدعوات 
ذاتهاء وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم» لأنهم يسمعون قولاً 
جميلاًء ويشهدون فعلاً قبيحاً فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل» 
وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة وينطفئ في 
قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان» ولا يعودون يثقون في الدين 
بعدما فقدوا ثقتهم برجال الدين. إن الكلمة لتنبعث ميتة» وتصل 
هامدة مهما تكن طنانة رنانة متحمسة» إذا هي لم تنبعث من 


. »؛ بتصرف‎ 73٠0١5- 7+01/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
2١ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





قلب يؤمن بهاء ولن يؤمن إنسان بما يقول حقاً إلا أن يستحيل 
هو ترجمة حية لما يقول» وتجسيماً واقعياً لما ينطق.. عندئذ 
يؤمن الناس» ويثق الناس» ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا 
بريق.. إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينهاء وتستمد 
جمالها من صدقها لا من بريقهاء إنها تستحيل يومئذ دفعة 
حياة» لأنها منبتقة من حياة. 

والمطابقة بين القول والفعل» وبين العقيدة والسلوك» ليست 
مع هذا أمراً هيناء ولا طريقاً معبداًء إنها في حاجة إلى رياضة 
وجهد ومحاولة» والى صلة بالله واستمداد منه» واستعانة بهديه» 
فملابسات الحياة وضروراتها واضطراراتها كثيراً ما تنأى بالفرد في 
واقعه عما يعتقده في ضميره» أو عما يدعو إليه غيره» والفرد الفاني 
ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته» لأن قوى 
الشر والطغيان والإغواء أكبر منه» وقد يغالبها مرة ومرة ومرة 
ولكن لحظة ضعف تنتابه فيتخاذل ويتهاوى» ويخسر ماضيه 
وحاضره ومستقبله» فأما وهو يركن إلى قوة الأزل والأبد فهو قوي 
قوي» أقوى من كل قويء قوي على شهوته وضعفه» قوي على 
ضروراته واضطرارا ته» قوي على ذوي القوة الذين يواجهونه(1) 


)1( المصدر السابق » ١‏ بتصرف يسير . 
5 





17 717 77 17 ال 








' وذلك لأن منهج القرآن منهج هداية قبل كل شيء» فهو 
يخاطب البشرية ويرغبها في التوبة إلى الله والرجوع إلى منهجه 
ويرهبهم من التولي وينذرهم العذاب الأليم في الدنيا والآخرة .)١(‏ 

إن الذي يقرأ القرآن ويستحضر أحداث السيرة يشعر بالقوة 
الغالبة والسلطان البالغ الذي كان القرآن يواجه به النفوس 
ويروضها حتى تسلس قيادتها راغبة مختارة.. ويرى أنه كان 
يواجه النفوس بأساليب متنوعة تنوعاً عجيباً.. تارة يواجهها بما 
يشبه الطوفان الغامر من الدلائل الموحية والمؤثرات الجارفة! 
وتارة يواجهها بما يشبه الهراسة الساحقة» التي لا يثبت لها شيء 
مما هو راسخ في كيانها من التصورات والرواسب! وتارة 
يواجهها بما يشبه السياط اللاذعة تلهب الحس فلا يطيق وقعها 
ولا يصبر على لذعها! وتارة يواجهها بما يشبه المناجاة الحبيبة 
والمسازة الودود «القن قيفو الها المشاغن :وتأندن: لها القلوب؛ 
وتارة يواجهها بالهول المرعب والصرخة المفزعة التي تفتح 
الأعين على الحظر الداهم القريب» وتارة يواجهها بالحقيقة في 
بساطة ونصاعة لا تدع مجالا للتفلت عنها ولا الجدل فيهاء 


. و7”5417/560‎ ٠ بتصرف‎ ١515/7 » المصدر السابق‎ )١( 
رحد‎ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وتارة يواجهها بالرجاء الصبوح والأمل الذي يهتف لها ويناجيهاء 
وتارة يتخلل مساربها ودروبها ومنحنياتها فيلقي عليها الأضواء 
التي تكشفها لذاتها فترى ما يجري في داخلها رأي العين.. 
ومئات من اللمسات.. واللفتات.. والهتافات.. والمؤثرات» يطلع 
عليها قارئ القرآن وهو يتبع تلك المعركة الطويلة» وذلك العلاج 
البطيء» ويرى كيف انتصر القرآن على الجاهلية " ('). 





١‏ الأذى في 

"' البلاء لا بد منه لتربية النفوس.. لا بد منه ليؤدي 
المؤمنون تكاليف العقيدة» كي تعز على نفوسهم بمقدار ما أدوا 
في سبيلها من تكاليف» والعقائد الرخيصة التي لاا يؤدي 
أصحابها تكاليفها لا يعز عليهم التخلي عنها عند الصدمة 
الأولى» فالتكاليف هنا هي الثمن النفسي الذي تعز به العقيدة 
في نفوس أهلها قبل أن تعز في نفوس الآخرين» وكلما تألموا 
في سبيلهاء وكلما بذلوا من أجلهاء كانت أعز عليهم وكانوا 
أضن بهاء كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها إلا حين يرون ابتلاء 


7177/7 /5 : في ظلال القرآن » 5/ 357-7597 ء بتصرف »وينظر أيضاً‎ )١( 


265 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أهلها بها وصبرهم على بلائها.. إنهم عندئذ سيقولون في 
أنفسهم: لو لم يكن ما عند هؤلاء من العقيدة خيراً مما يبتلون به 
وأكبر ما قبلوا هذا البلاء ولا صبروا عليه» وعندئذ ينقلب 
المعارضون للعقيدة باحثين عنهاء مقدرين لها مندفعين إليها" ('). 

'" إن الصراع والصبر عليه يهب النفوس قوة» ويرفعها 
على ذواتهاء ويطهرها في بوتقة الألم فيصفو عنصرها ويضيء» 
ويهب العقيدة عمقاً وقوة وحيوية» فتتلألاً حتى في أعين أعدائها 
وخصومهاء وعندئذ يدخلون في دين الله أفواجاً كما وقع» وكما 
يقع في كل قضية حق» يلقى أصحابها ما يلقون في أول 
الطريق» حتى إذا تبتوا للمحنة أنحاز إليهم من كانوا يحاربونهم 
وناصرهم أشد المناوئين وأكبر المعاندين. 

وحتى لو لم يقع هذا فإنه يقع ما هو أعظم منه في حقيقته؛ 
أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض وشرورها 
وفتنتها»ء وتنطلق من إسار الحرص على الدعة والراحة» والحياة 
نفسها في النهاية» وهذا كسب للبشرية كلهاء يرجح جميع الآلام 


)01( في ظلال القرآن » .١156 /١‏ 
هع 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وجميع البأساء والضراء التي بعاييا المقطوة 0 
١-الد‏ 





" إن أعداء الأمة المسلمة يحاربونها أولاً في عقيدتها 
بالدس والتشكيك» ونثر الشبهات» وتدبير المناورات» لإدراكهم أن 
الأمة لا تهن إلا إذا وهنت عقيدتهاء ولا تهزم إلا إذا هزمت 
روحها وتترقى وسائل الكيد لهذه العقيدة والتوهين من عراها 
بترقي حياة البشرء وقد كان القرآن الكريم يدفع هذا السلاح 
المسموم - الشبهات - بأن يأخذ الجماعة المسلمة بالتثبيت 
على الحق الذي هي عليه» وينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها 
الأعداء» ويجلو الحقيقة التي يتضمنها هذا الدين ويقنع الجماعة 
المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه الأرضء ودورها ودور العقيدة 


ني تحملها 3 ا البشرية» كما كان يحذرها من كيد 
وأهدافهم الخطرة» وأحقادهم 0 الإسلام 50 
7- الدعوة إلى العقيدة من خلال إزاحة الطواغيت 





)1( المصدر السابق » 0/١‏ » بتسرف يسير » وينظر كذلك . 2518/9 
4 . 
0( المصدر السابق » /١‏ 5ه" ؛ بتصرف يسير . 
2 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





قها بالجهاد: 

" لقد انتضى الإسلام السيف» وناضل وجاهد في تاريخه 
الطويل» لا ليكره أحداً على الإسلام» ولكن ليكفل عدة أهداف 
كلها تقتضي الجهاد: 
-١‏ جاهد الإسلام أولاً ليدفع عن المؤمنين الأذى والفتنة» ويكفل 
لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم وعقيدتهم» فالاعتداء على 
العقيدة والإيذاء بسببها وفتنة أهلها عنها أشد من الاعتداء على 
الحياة ذاتهاء فالعقيدة أعظم قيمة من الحياة» وإذ كا هأدونا 
للمؤمن أن يدفع عن حياته وماله فمن باب أولى هو مأذون له 
أن يدفع عن عقيدته» وكل الحروب على مدى تاريخ الصراع 
بين الإسلام والكفر كانت موجهة إلى العقيدة» لذا لا بد من 
الجهاذ لحماية العفيدة, 
-١‏ جاهد الإسلام ثانياً لتفرير حرية الدعوة - بعد تقرير حرية 
العقيدة - حيث جاء بأكمل تصور للوجود والحياة» وأرقى نظام 
للبشرية» ولا بد من إبلاغه للبشرية فمن شاء بعد البيان والبلاغ 
فليُمن ومن شاء فليكفر».. ولكن ينبغي قبل ذلك أن تزول 
العقبات عن طريق إبلاغ هذا الخير للناس كافة.. وأن تزول 


الحواجز التي تمنع الناس أن يسمعوا وأن يقتنعواء ومن هذه 


لا 


1 عيت هليه ومنعمه فى العفيسة _ 6# ]| 





الحواجز: النظم الطاغية التي تصد الناس عن الاستماع إلى 
الهدى وتفتن المهتدين» فجاهد الإسلام ليحطم هذه النظم 
الطاغية» ويقيم مكانها نظاماً عادلاً يكفل حرية الدعوة إلى الحق 
في كل مكانء وما يزال هذا الهدف قائماً» وما يزال الجهاد 
مفروضاً على المسلمين ليبلغوه إن كانوا مسلمين! " )'١(‏ 


»ء3١9٠0‎ 22017457١ بتصرف يسير. وينظر أيضاً‎ » 715 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
.١1145 ةد‎ 
4 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المبحث الثالث 
موقفه من المخالفين 
توطئة: 


من معالم منهج السلف الصالح في العقيدة قيامه على أمرين 
هما: 

الأول:_بيان العقيدة الإسلامية الصحيحة» والاهتمام 
يممناترها» تأضيل واننثة لآلا وفهما. 

الثاني:_الرد على المناوئين لهذه العقيدة» والمخالفين لها 
من أهل الأديان الأخرى والفرق المنحرفة وسائر طوائف أهل 
البدع والأهواء» وتفنيد شبهاتهم وافتراءاتهم في العقيدة والشريعة. 

وجهود علماء أهل السنة والجماعة في بيان هذين الأمرين 
ثيرة جداً ابتداءً من القرن الثالث الهجريء وإلى يومنا هذاء ففي 
كل عصر نجد من يقوم بالمنافحة عن العقيدة» والرد على 
الأباطيل المنتشرة في عصره؛ ويقف في وجه التيارات المنحرفة. 

وسنقف في هذا المبحث على موقف سيد قطب - رحمه 
الله - من الديانات والفرق والحركات الموجودة في عصره 
ومنهجه في الرد على الانحرافات العقدية عند المخالفين. ومعلوم 


2:1 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أن سيد - رحمه الله - عاش في بداية القرن الثالث عشر 
الهجري - العشرين الميلادي- وهي فترة شهدت صراعاً بين 
الأديان والحضارات» وظهرت فيها كثير من الأفكار والحركات 
والجماعات مختلفة التوجه والأهداف» وزاد فيها خط الانحراف 
عن العقيدة الصحيحة. 

وقد كان لسيد - رحمه الله - مواقف واضحة من 
المخالفين عقدياً» و في كتاباته الإسلامية كشف وفضح لحقيقة 
كثير من التوجهات والشعارات التي عاصرها. 

كما ركز- كثيراً- على منهج القرآن في العقيدة والحركة 
بهاء والذي يقوم على: 

ّ بيان الحق واظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين 
الصالحين. 

7 بيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الظالمين 
المجرمين» وذلك لسببين: 

الأول: أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي 
رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر 

الثاني: لأن قوة الاندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور 
صاحب الحق بأنه على الحق» ولكن كذلك من شعوره بأن الذي 





يحاده ويحاربه إنما هو على الباطل .)١(‏ 

ومن هنا يرى سيد: " أنه يجب على كل حركة إسلامية 
أن تبدأ بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين» ووضع العنوان 
المميز لكلٍ منهما في عالم الواقع لا في عالم النظريات» فيعرف 
أصحاب الدعوة والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن 
حولهم» ومن هم المجرمون» بحيث لا يختلط 

السبيلان» ولا يتشابه العنوانان ولا تلتبس الملامح والسمات 
بين المؤمنين والمجرمين وهذا التميز بين الطريقين كان واضحاً 
في حياة المسلمين الأولى» بينما المشقة تكمن اليوم في 
الغموض والغبش الذي أحاط بمدلول الإسلام في جانب ومدلول 
الشرك والجاهلية في جانئب آخر مما أدى إلى عدم استبانة 
طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين» 
زالمقالذاط الشارات. والعتار يس :00 

وبناءً على ذلك يمكن أن نبين موقف سيد قطب من 
المخالفين في المطالب الاتية: 


. بتصرف يسير‎ ٠١١١ /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
ء بتصرف.‎ 457839415 ., 109/509 051١١5 (؟) في ظلال القرآن » ؟/‎ 
١ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الأول 


موقفه من أهل الكتاب 

والمقصود بأهل الكتاب: اليهود والنصارى .)١(‏ وقد حكم 
الإسلام في أهل الكتاب بحكمين: 

حكم علمي: في بيان حقيقة ما هم عليه من الاعتقادات 
والأعمال وتعيين مسمّاهم في باب أسماء الدين والإيمان» وبيان 
جزائهم في باب وعيد الله. 

حكم عملي: في وصف معاملتهم» وما يختصون به من 
أحكام دون سائر الناس. 

والمتتبع لكلام سيد - رحمه الله - يجد أنه عمل على 
بيان هذين الحكمين من خلال بيان انحرافات أهل الكتاب» 
وتحريفاتهم والرد على كثير من ضلالاتهم العقدية وغيرها. 

كما حاول من خلال كتاباته وخاصة في الظلال تبصير 
الجماعة المسلمة بحقيقة ما عليه أهل الكتاب من انحراف في 
تاريخهم القديم والمعاصر» وبيان معالم العلاقة التي ينبغي أن 
تحكم تعامل المسلمين مع أهل الكتاب وغيرهم من الكفار. 


. ”07 تفسير الطبري» ؟/‎ )١( 








أما ما يتعلق بالحكم الأول " العلمي " عند سيد قطب 
فيمكن بيانه من خلال المعالم الآتية: 

-١‏ كفر أهل الكتاب وبطلان ما هم عليه من الدين: 

وقف سيد كثيراً في ظلال الآيات التي تتحدث عن كفر 
اليهود والنصارى» وبين ضلال عقائدهم ووثنيتها ومضاهاتها 
لعقائد المشركين» وبين أن وصف الكفر والضلال والوثنية 
ينطبق على حال أهل الكتاب على عهد رسول الله يله وعلى 
حالهم اليوم وغداً وفي كل حين» مهما تكن دعواهم في الإيمان 
بالله.. لأنهم لم يؤمنوا برسوله الأخير محمد يي ولما هم عليه 
من انحراف التصور للحقيقة الإلهية ('). وكذا وقوعهم في 
الشرك بصوره المتعددة من: شرك في الوحدانية بادعائهم أن 
عزيرابن الله» وأن المسيح ابن اللهء ومن شرك في الحاكمية 
باتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله (5)»؛ وكذا كفرهم 
باليوم الآخرء ومحاربتهم لدين الله الحق وقتلهم الأنبياء وصدهم 
عن سبيل الله كثيراًء وغيرها من مظاهر الكفر والشرك والوثنية 


. 5174 في ظلال القرآن ؟/ 157 » بتصرف وينظر أيضاً » ١/لالاه , ؟/‎ )١( 
: ينظر في ذلك الظلال » ااا"‎ (0 
؟عمة‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





التي قررها القرآن الكريم عنهم .)١(‏ 

؟- عداوتهم للإسلام وأهله وبيان أساليبهم في حربه: 

تناول سيد في كتاباته وخاصة في الظلال الحديث عن 
أهل الكتاب وأعمالهم العدوانية المستمرة ضد الإسلام» موضحاً 
أن هذا الموقف هو من جبلتهم النكدة الشريرة التي ينغل الحقد 
في صدورها على الإسلام وعلى نبي الإسلام» نظراً لأن هذه 
الأمة المسلمة تحمل الرسالة الموجهة إلى الجنس البشري 
وتحفظ العهد والميثاق الذي نقضه أهل الكتاب» لذلك فالصراع 
مستمر ودائم وقد تجلت أحقاد اليهود والصليبين على الإسلام 
وأهله منذ مجيئه ولا تزال الحروب التي تشنها قوى الصليبية 
واليهودية مستمرة في صور متعددة ("): 

- في صورة حروب صليبية. 


- أو في صورة حملات تنصيرية أو استشراقية. 


21556 إلى‎ ١57١/5 39537 9487651474648١8 /١ . المصدر السابق‎ )١( 
وما‎ ١٠١١ »ء ومقومات التصور الإسلامي »ص‎ . 5158/6. 3157/5 » 
. 78 بعدها » خصائص التصور الإسلامي » ص‎ 

)١(‏ في ظلال القرآن لسيد قطب » 4١5 ٠» ٠١8/١‏ » وينظر في ظلال القرآن رؤية 
استشراقية فرنسية : تأليف أوليفيه كاريه » ترجمة / محمد رضا عجاج » دار 
الزهراوي » القاهرة » ط١ء‏ عام *١5١ه‏ . ص ١77‏ وما بعدها . 

2. 








- أو في صورة غزو ثقافي وبلبلة فكرية. 

- أو من خلال تجنيد العملاء من أبناء المسلمين. 

- أو في صورة حرب اقتصادية. 

- أو في تحالفات مع الوثنية حيثما وجدت ضد الإسلام. 

- وفوق ذلك احتضان وكفالة الأوضاع التي تتولى 
سحق حركات الإحياء والبعث الإسلامية في كل مكان على 
وجه الأرض» والباس القائمين بهذه الأوضاع أثواب البطولة 
الزائفة ودق الطبول من حولهم ليستطيعوا الإجهاز على الإسلام 
في زحمة الضجيج العالمي حول الأقزام الذين يلبسون أردية 
الأبطال!.. 

وما سجله التاريخ إلى اليوم من مواقف اليهودية 
والصليبية ينبغي أن يعيه الواعون اليوم وغداء فلا ينساقوا وراء 
حركات التمييع الخادعة أو المخدوعة.. التي تخدر مشاعر 
المسلمين تجاه المعسكرات التي تضمر لهم الحقد وتبيت 
الكيد.. وضرر هولاء المخدوعين لا يقل عن ضرر أعدى 
الأعداء(١).‏ 


» 57/١ : في ظلال القرآن » 7/ 957 و157-955 بتصرف »ء وينظر أيضاً‎ )١( 
على هدكك عصحل2 :22015 ”2:15 11 ,» 5155”ه5525تق 156و‎ 


هه 





17 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





- أما سبب عداوتهم للإسلام وأهله فقد أخبر القرآن 
الكريم بأنه: الحقد والحسد وكراهية الخير والهداية لهذه الأمة؛ 
قال سبحانه ( يحيعُونَ اله وَاَلَدبنَ َامَمُوأ وَمَا يدَْعُوت إِلَّه هم وَمَا 
مَمْعرُوكَ 1257 [سورة البقرة: 4] فمن هذا السبب انبعثت دسائسهم 
وتدابيرهم كلها في حرب الإسلام وأهله (). 


58 35 و« 7 






جاءت آيات كثيرة في القران الكريم تتحدث عن صفات أهل 
الكتاب وتبين خصائصهم ونفسياتهم» وقد وقف سيد في ظلال هذه 
الآيات» مقارنا بين ما ذكره الله تعالى عنهم في الماضي وبين ما 
هم عليه في الحاضرء ومن أبرز صفاتهم الحسدء والنفاق والخيانة؛ 
والمكر والخديعة» والمعصية والعدوان» والبخل والشحء» والجبن» 
وقسوة القلوب» والذلة والمسكنة» والإفساد في الأرضء» ونقض 
الكيونة وكير 27 
4 - مناقشة انحرافاتهم العقدية ودعاواهم الباطلة: 


» 178623595863657 . ومعركتنا مع اليهود سيد قطب , دار الشروق 
٠»‏ بيروت؛. ط١‏ »عام 56 هءصس ١٠5-م5.‏ 

5١7"0037١5/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 

0( المصدر السابق » “5/١‏ 0 








111717-7 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 


استعرض سيد - رحمه الله - عقائد أهل الكتاب ومقولاتهم ودعاواهم 
التي حكاها الله عنهم» وناقشها وبين ضلالهاء ورد على مزاعمهم 
وافتراءاتهم في كثير من المواضع ومن أهم القضايا التي ناقشها سيد- 
رحمه الله-: 

أ- دعواهم أن عزيرابن الله» وأن المسيح ابن الله .)١(‏ 

ب- ألوهية المسيح عليه السلام (). 

ج- الخطيئة والتوبة عند النصارى0). 

05> النكليت وتعلافقه «العقاند الرقية '(2). 

ه- الرهبانية (©). 


. وما بعدها‎ ٠١5 /١ ٠ المصدر السابق‎ )١( 

(؟) المصدر السابق 1595/١‏ 48010/5--8557/4819 وما بعدها. 1545-, 
15 !وما بعدها, 5555/5 .5١991‏ 

(؟) المصدر السابق ٠ 5١ /١‏ ”/ 775١ءوالسلام‏ العالمي في الإسلام»سيد قطب» 
دار الشروقء القاهرة» ط7١‏ . عام 91597١م2»‏ ص ”7ه 

(:) المصدر السابق , ؟”/ ١515٠ -1١558/95 28١5‏ ء والمستقبل لهذا الدين - 
سيد قطب دارا لشروق » القاهرة » ط ١5‏ » عام 5575 ١ه‏ . ص 5" وما بعدها 


(5) المصدر السابق » 5/ 55365" . 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





و- زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وأن النار لن تمسهم إلا أياماً 
معدودة 0 

ح- شركهم في الحاكمية باتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً 
من دون الله 7'). وبناءً على الحكم العقدي الواضح في كفر 
أهل الكتاب وفسقهم ووثنيتهم وضلالهم عن الدين الحق فقد 
جاءت أحكام الشرع الإسلامي بمعاملتهم في الجانب العملي 
معاملة تجمع بين التزام الحق ولزوم العدل» بين تميز أهل 
حق على من يعيش في كنف المسلمين ويستظل بولايتهم. 
فالأحكام العملية المتعلقة بأهل الكتاب» نوعان: 

النوع الأول: أحكام مقصودة لحفظ الدين وتميز المسلمين» 
وتتمئل في وجوب كون الدين كله لله بإسلامهم أو إعطائهم 
الجزية أو قتالهم» وكذا تحريم موالاتهم ومحبتهم ومودتهم والتشبه 
بهم والحذر من كتبهم و مروياتهم وكتابتهم. 

النوع الثاني: أحكام متعلقة بحفظ الحقوق وقيام العدل 
والإحسان» وتتمثل في عدم الإكراه على الدين والعدل في 


. 851 / 855 المصدر السابق » ؟/‎ )١( 
.3155393-1551/19 » (؟) المصدر السابق‎ 


مه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





معاملتهم وحفظ ذمتهم والصدقة على فقرائهم وحل طعامهم 
ونسائهم والتعامل معهم بيعاً وشراءً واجارة ونحوها(' أوخفاء الفارق 
بين هذين النوعين من الأحكام يؤدي إلى الوقوع في الإفراط أو 
التفريط 

ومن خلال استقراء كلام سيد قطب- رحمه الله -في هذا 
الباب نجد أنه يميز بين هذين النوعين من الأحكام في كلامه 
عن أهل الكتاب فيقرر أن: " سماحة الإسلام مع أهل الكتاب 
شيء واتخاذهم أولياء شيء آخرء ولكنهما يختلطان على بعض 
المسلمين الذين لم تتضح في نفوسهم الرؤية الكاملة لحقيقة هذا 
الدين ووظيفته والذين ينقصهم الحس النقي بحقيقة العقيدة» كما 
ينقصهم الوعي الذكي بطبيعة المعركة وطبيعة موقف أهل 
الكتاب فيهاء ويغفلون عن التوجيهات القرانية الواضحة 
الصريحة فيهاء فيخلطون بين دعوة الإسلام إلى السماحة في 
معاملة أهل الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون 
فيه مكفولي الحقوق» وبين الولاء الذي لا يكون إلا لله ورسوله 
وللجماعة المسلمة» ناسين ما يقرره القرآن من أن أهل الكتاب 


)١(‏ ينظر في ذلك :دعوة التقريب بين الأديان » د / أحمد القاضي » دار بن 
الجوزي 2 الدمام 6طكدء عام ؟"ةاهء 0١‏ اوما بعدها 
1ه 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بعضهم أولياء بعض في حرب الجماعة المسلمة وأنهم لن 
يرضوا عن المسلم إلا أن يترك دينه ويتبع دينهم» وأنهم مصرون 
على الحرب للإسلام.. إلى آخر هذه التقريرات الحاسمة. 

إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب» ولكنه 
في تمكين دينه لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب.. 
ومهما أبدى لهم من السماحة فلن يرضوا عنه... ومن السذاجة 
والغفلة أن نظن أن لنا وإياهم طريقاً واحداً نسلكه للتمكين للدين 
أمام الكفار والملحدين» فهم مع الكفار الملحدين إذا كانت 

١ 4‏ 
المعركة مع المسلمين .)١(‏ 

ويمكن بيان موقف سيد قطب من هذين النوعين من 
الأحكام المتعلقة بأهل الكتاب فيما يأتي: 





-١‏ كون الدين كله لله: حيث يقرر- سيد - أن الإسلام 
جاء! بكرن إعلذا عاماً لتعرين"الإساق" في" الأرضن :من 
العبودية لغير الله في كل صورهاء ولا يتم ذلك إلا بقيام الجماعة 


2 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المسلمة التي تبلغ هذا الدين وتجاهد في سبيل أن يكون الدين 
كله للهء إما بدخول الناس في الإسلام» وإما بإزاحة الحواجز 
المادية من الطواغيت والأوضاع لإفساح المجال أمام الناس 
لاختيار عقيدتهم بعيداً عن 

الضغوط.. من خلال كسر شوكة السلطات القائمة على 
غير دين الحق حتى تستسلم» وتعلن استسلامها بقبول إعطاء 
الجزية فعلاً. 

والهدف_ من الجزية: أنهم يعلنون استسلامهم وعدم 
مقاومتهم للدعوة الإسلامية» والمساهمة في نفقات الدفاع عن 
أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وحرماتهم التي يكفلها لهم الإسلام؛ 
وكذلك للمساهمة في بيت مال المسلمين الذي يضمن الكفالة 
والإعاشة لكل عاجز عن العمل بما في ذلك أهل الذمة» وبذلك 
يكو الديخ كله نثر :)١(‏ 

؟- حرمة_موالاتهم أو ائتمانهم واتخاذهم بطانة من 
دون المؤمنين: حيث بين- سيد - أن الولاية التي نهى الله 
عنها هي ولاية التناصر والتحالف معهم؛ فضلاً عن إتباع شيء 


. بتصرف‎ ١77383763733 15847 /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
65١ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





في بعض الأحكام العملية وبين اتخاذهم أولياء» فالولاء ارتباط 
وتناصر وتواد» وهذا لا يكون في قلب يؤمن بالله حقاً إلا 
للمؤمنين» فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى - 
وبعضهم أولياء بعض - ثم يبقى له إسلامه وايمانه» وتبقى له 
عضويته في الصف المسلم الذي يتولى الله ورسوله والذين 
أمنوا:. 'فهةا :مفزف الطويق: 07 

- حرمة محبتهم ومودّتهم في الدين: أما تحريم محبتهم 
ومودتهم فلأنه لا يجتمع في قلب واحد ودّان» وذ لله ورسوله» 
وود لأعداء الله ورسوله! فإما إيمان أولا إيمان» أما هما معاً فلا 
يجتمعان» فالمفاصلة العقيدية الشعورية بين المسلم وغير المسلم 
يجب أن تتم من اللحظة الأولى» أما المفاصلة العملية فقد 
كلوق فقن الدتعرة قل تحففها ب 10 

:- النهي عن التشبه بهم:_والنهي عن التشبه بهم قائم 
ا 500 
الشعور بالتفرد»ء ومن هنا كان النهي عن التشبه بمن دون 


» بتصرف‎ 141١-9094 5.8307/5-467 . 7810/١ , المصدر السابق‎ )١( 
. 78٠١ ومقومات التصور الإسلامي » ص‎ 
5//ا3155.‎ , "5١5/56 » (؟) المصدر السابق‎ 
حت‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





باطنة» كالنهي عن طريقتهم في الشعور والسلوك سواء» ولم يكن 
نذا تفص ول تمريةا تبدرد تكانات انزافنا' كان ككلرة حدق 
إلى ما وراء الشكليات» نظرة إلى البواعث الكامنة وراء الأشكال 
الظاهرة» وهي التي تفرق قومات عن قوم» وعقلية عن عقلية» 
وتصوراً عن تصور وضميرا عن ضميرء وخلقا عن خلق» 
واتجاهاً في الحياة كلها عن اتجاه» لذلك نهى النبي 5 عن 
التشبه بغير المسلمين في مظهرٍ أو لباس» وعن التشبه في 
حركة أو سلوك» وعن التشبه في قول أو أدب - لأن وراء هذا 
كله الشعور الباطن الذي يميز تصور ومنهج وسمة الجماعة 
المنلمة عن غيرها .)١(‏ 
عدم التلقي عنهم والاغترار بكتاباتهم: حذر سيد حرحمه 
الله - كثيرا من التلقي عن غير المسلمين عموما وأهل 
الكتاب خصوصا وكذا الاغترار بكتاباتهم والاعتماد عليها 
لافتقارها إلى الموضوعية والصواب» خاصة في أمر العقيدة 
والشريعة والمنهج» أما الانتفاع بالعلوم البحتة مع ربطها 


)1( المصدر السابق 4 0١‏ بتصرف . 
اك 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالإيمان فذلك لا ضير فيه (').. 
"- ثانياً: الأحكام المتعلقة بحفظ الحقوة,2 وقبام العد 





يقول سيد: " قضية العقيدة - كما جاء بها هذا الدين - 


قضية اقتناع بعد البيان والإدراك وليست قضية إكراه وغصب 
وإجبار» ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشري بكل قواه 
وطاقاته»ء يخاطب العقل المفكر» والبداهة الناطقة» ويخاطب 
الوجدان المنفعل» كما يخاطب الفطرة المستكنة» يخاطب الكيان 
البشري كلهء والإدراك البشري بكل جوانبه» في غير قهر 
بالخارقة المادية التي قد تلجئ مشاهدها إلجاءً إلى الإذعان؛ 
ولكن وعيه لا يتدبرهاء وادراكه لا يتعقلها لأنها فوق الوعي 
والإدراك» فإذا كان هذا الدين لا يواجه الحس البشري بالخارقة 
المادية القاهرة» فهو من باب أولى لا يواجهه بالقوة والإكراه 
ليعتنق هذا الدين تحت تأثير التهديد أو مزاولة الضغط والإكراه 
بلا بيان ولا إقناع.. عكس المسيحية التي كانت قبله حيث 
فرضت بالقوة في ظل الدولة الرومانية.. فلما جاء الإسلام أعلن 


)01( في ظلال القرآن » 24/١‏ 
5 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





50 مه 0 
رسج د و 9 ع مم ديه 6 دج سا د 2 تن ا جرد سر 
يَحْمْرٌ بالطلغوت ودومس.. . يَالى فقا؛ استمسك بالعروة الوثقّ لا انقصام 


رررقه 


ا وَآسَّه بيع عَلِمْ (85) [سورة البقرة: 555] حيث يتجلى فيه تكريم 
الله للإنسان واحترام إرادته وفكره ومشاعره» وترك أمره لنفسه فيما 
يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد» وتحميله تبعة عمله.. 
وهذه أخص خصائص التحرر الإنساني.. الذي تنكره المذاهب 
المعاصرة على الإنسان في عالم اليوم.. والتعبير هنا في صورة 
النفي المطلق ١]آ‏ إِْاه في أَلرنِ)أي نفي جنس الإكراه» وليس 
مجرد نهي عن مزاولته.. ولا تناقض بين مبدأ (]آ كاه ف لذن ) 
ومبدأ ( الجهاد ) كما يزعم المغرضون من المستشرقين أو 
المهزومين من المسلمين» فالجهاد في الإسلام شرع لأهداف 
اس مما 

أ- دفع الأذى والفتنة عن المؤمنين وحماية أموالهم 
وأنفسهم وعقيدتهم. 

ب- تقرير حرية الدعوة - بعد تقرير حرية العقيدة - 
لإيصال الإسلام لكل الناس وبيانه لهم فمن شاء بعد البيان 
والبلاغ فليؤمن ومن شاء فليكفر» ولكن قبل ذلك لا بد من إزالة 
الحواجز والعقبات التي تمنع الناس من سماع الإسلام وفهمه.. 


6 


1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





من خلال جهاد الطواغيت والنظم الطاغية التي تحول بين 
الناس وبين معرفة الإسلام. 

ج- إقامة النظام الإسلامي في الأرض وحمايته» وتحرير 
البشر من العبودية للبشر في جميع صورهاء وبالتالي يكفل 
صيانة الحرمات حتى لمن لا يعتنقه ممن يعيش في ظله "(). 

ولابد هنا من التفريق بين ما ذكره سيد من عدم إكراه غير 
المسلم على الدخول في الإسلام وبين حكم الإسلام فيمن دخل 
الإسلام تم ارتد عنه» فلا يصح الاستدلال بالآية على جواز 
الارتداد عن الدين. 
؟ - الإحسان إليهم والعدل في معاملتهم وحفظ ذمت 
يقول سيد: " فالإسلام دين سلام» وعقيدة حبء ونظام 
يستهدف أن يظلل العالم كله بظله» وأن يقيم فيه منهجه؛ وأن 
يجمع الناس تحت لواء الله أخوة متعارفين متحابين» وليس هناك 
من عائق يحول دون اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه عليه وعلى 
أهله» فإذا سالموهم فليس الإسلام براغب في الخصومة» وحتى 
في حالة الخصومة فإنه يستبقي أسباب الود في النفس بنظافة 
السلوك وعدالة المعاملة» انتظاراً لليوم الذي يقتنع فيه خصومه 





٠ بتصرف‎ 5915-790/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
26 





رار عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بأن الخير أن ينضووا تحت لوائه الرفيع.. والى أن يتحقق ذلك 
رخص الله للمؤمنين في موادة من لم يقاتلوهم في الدين» ورفع 

عنهم الحرج في أن يبروهم» وأن يتحروا العدل في معاملاتهم 
فلا يبخسونهم من حقوقهم شيئاً.. لكنه نهى أشد النهي عن الولاء 
لمن قاتلوهم في الدين.. وهذه القاعدة في معاملة غير المسلمين 
هي أعدل القواعد التي تتفق مع طنيعة :هذا “النين "10" حيثك 
يأمرهم بإقامة العدل مع الشعور بالكره والبغض ("). 

"- حل طعامهم ونسائهم وزيارة مريضهم: 

يقول سيد: " فمن سماحة الإسلام مع غير المسلمين 
الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي " دار الإسلام " 
تربطهم به روابط الذمة والعهد من أهل الكتاب» أنه ع 
بأن يترك لهم حريتهم الدينية» ثم يعتزلهم» فيصبحوا في المجتمع 
الإسلامي مَجْفُوين معزولين - أو منبوذين - إنما يشملهم بجو 
من المشاركة الاجتماعية» والمودة والمجاملة والخلطة» فيجعل 
طعامهم حلاً للمسلمين وطعام المسلمين حلاً لهم كذلك (') ليتم 


. في ظلال القرآن » 7555454/5 بتصرف‎ )١( 

. 867 المصدر السابق » ؟/‎ )١( 

(') القول بحل نساء أهل الكتاب اليوم فيه نظر ٠»‏ لاعتبارات جدّت في عقائدهم 

وسلوكهم وقوانينهم » ومع ذلك نجد سيد قطب يميل إلى الرأي القائل بتحريم نكاح 
5 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





التزاور والتضايف والمؤاكلة والمشاربة» وليظل المجتمع كله في 
ظل المودة والسماحة» وكذلك يجعل العفيفات من نسائهم - 
وهن المحصنات بمعنى العفيفات الحرائر - طيبات للمسلمين» 
وهي سماحة لم يشعر بها إلا اتباع الإسلام من بين سائر اتباع 
الديانات والنحل» فالكاثوليكي المسيحي يتحرج من نكاح 
الأرثوذكسية أو البروتستانتية أو المارونية المسيحية» ولا يقدم 
على ذلك إلا المتحللون عندهم من العقيدة.. وهكذا يبدو أن 
الإسلام هو المنهج الوحيد الذي يسمح بقيام مجتمع عالمي؛ لا 
عزلة فيه بين المسلمين وأصحاب الديانات الكتابية في ظل 
المجتمع المسلم فيما يختص بالعشرة والسلوك» أما الولاء 
والنصرة فلها حكم آخر " .)١(‏ 


الكتابية إذا كانت تعتقد بألوهية عيسى أو بنوته » أو التثليث أو أن عزير ابن الله 
لكونها في هذه الحالة مشركة » ويستدل بقول ابن عمر " لا أعلم أعظم شركاً من أن 
تقول ربها عيسى ' وهو حديث أخرجه البخاري . ينظر في ظلال القرآن /١ ٠‏ 
55-1552 . 


)1( في ظلال القران 2 81 بتصرف » ومع ذلك نجد سيد يميل إلى الرأي 
القاتل بتحريم نكاح الكتابية إذا كانت تعتقد بألوهية عيسى أو بنوته » أو التثليث 
أو أن عزير ابن الله لكونها في هذه الحالة مشركة » ويستدل بقول ابن عمر " لا 

11 





19911 عي هليه ومنصمه في العفيدة_ أيه ]| 





ولسيد حرحمه الله - نصوص أخرى في عدد من مؤلفاته 
(') يتحدث فيها عن موقف الإسلام من أهل الكتاب فيما يتعلق 
بالعدل معهم والإحسان فيما يتعلق بالعشرة والسلوك» ربما يفهم 
منها من يقرأها في معزل عن النصوص التي سبق بيانها في 
موقفه من أهل الكتاب أن سيد يميع قضية الولاء والبراء» ويدعو 
إلى موادة الكفار! (5). 


أعلم أعظم شركاً من أن تقول ربها عيسى " وهو حديث أخرجه البخاري . ينظر 
في ظلال القرآن » /١‏ 547-9556 . 
)١(‏ ينظر: في ظلال القرآن 5454/56" - 5555 , ونحو مجتمع إسلامي » ص 
-5١٠1و ١75-1١4‏ ء والسلام العالمي ص ١١5‏ وما بعدها . 
)١(‏ ينظر : أضواء على عقيدة سيد قطب وفكره » د / ربيع المدخلي »ص 54؟١5-‏ 
0١‏ . 
658 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المطلب الثاني 
موقفه من الأديان الوثنية والمذاهب المادية المعاصرة 
الفرع الأول: موقفه من الوثنية: 


يقول سيد - رحمه الله -: " إن الأساطير والتصورات 
الوثنية قد يبدو لنا اليوم أنها انتهت وانقضت» ولم تعد ذات 
موضوع يعالجه التصور الإسلامي الصحيح» ولكن الحقيقة غير 
ذلك» فما يزال مئات الملايين من البشر في الهند واليابان 
والتبت وسيلان والفلبين» ومساحات شاسعة في أفريقية» وقبائل 
متفرقة في استراليا وأمريكا.. ما تزال هذه المئات من الملايين 
البشرية غارقة في أساطير الوثنية وتصوراتها عن " حقيقة 
الألوهية " وعن " حقيقة الكون " تبعآت لذلك» وما يزال أمام 
التصور الإسلامي الصحيح لهذه الحقائق الأساسية مجال عمل 
مفتوح. 

إن بعض العقائد الهندية تتصور.. أن هذا الكون يفنى 
ويتجدد في أدهار معلومة» وذلك بفعل " الكارما " أو" ما ينبغي 
أن يكون " وذلك مع اعتقادها بوجود إلهي له حالات ثلاث لكل 


ا 


17 117 117 717 ال 





حالة منها اسم " فشنو " و " سيفا" و" كرشنا ". 
كما أن بعضها يرى أن هذا الكون المادي " عدم " لا 
وجود له؛ ولكن الوجود الإلهي وهو الوجود الحقيقي حين " يحل 
" في هذا العدم» فإنه يتجلى في الصورة المادية» ومن ثم فكل ما 
وك لك الكون رونا هو بون لان شرق ١‏ جرد لابين ا 
العدم! ولقد اختفت من السطح آلهة الإغريق الوثنية التي كانت 
تتوزع اختصاصاتها في النجوم والكواكب» والقوى الطبيعية: 
والظواهر الكونية» فإله للشمسء وربة للقمرء وربة للغدران 
والعيون» واله للمرعى» وإله للحب» وآلهة للنسل... الخ ولكن هذه 
الآلهة ما تزال كامنة في عقل الأوربيين والأمريكان ورثة الوثنية 
الإغريقية الرومانية» وما تزال تلوّن تصوراتهم الأدبية في شعرهم 
وقصصهم» ثم تلوّن نظرتهم إلى الكون وشعورهم تجاهه 
فاصطلاح " الانتصار على الطبيعة " هو اصطلاحٌ وثنئّ 
ناشئٌ من تلك التصورات القديمة» وهو أعمق في مشاعرهم من 
التصورات المسيحية الطارئة عليهم» وبخاصة بعد عصر 
النهضة التي اعتمدت على التراث الإغريقي الروماني أكثر مما 
اعتمدت على المسيحية. 
ومما يؤسف له أن هذه التضورات الوثنية تتسرب إلينا - 


الا 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





نحن المسلمين - مع الأدب الغربي ومع الفلسفة الغربية» وتندس 
في عقولناء وتظهر في تعبيراتنا وآدابنا كما لو كانت أصيلة 
فيناء وإذا كان الأوربي معذوراً في هذاء لأنه وريث تلك الوثنية 
فهو على الأقل " أصيل " في ذلك التراث الوثني.. أما نحن.. 
فماذا!!. 

كذلك ما يزال للوثنيات الشرقية جذورها الكامنة وراء 
الرسالات السماوية» بل إن بعض الحركات كحركة الحزب 
القومي السوري تقوم على أساسهاء وتحاول استحياءها واستحياء 
تصوراتهاء فالوثنية الفينيقية هي قاعدة تصورات هذا الحزب» 


وبها يتغنى في أدبه وفي خطته السياسية كذلك» إنه يتغنى ' 
بعشتروت ' و " آدونيس " وبقية الآلهة الوثنية القديمة. 

وفي وقتِ من الأوقات حاول بعضهم في مصر استحياء 
الوثنية الفرعونية» وكان سلامة موسى(١)‏ على رأس هذه 
المحاولة لكنها أخفقت» لأنها حركة ضد الخط التاريخي! ولكنها 
تتخفى الآن لتظهر في صورة أخرى في حركة " الفولكلور ' 


)1( سلامة موسى » كاتب مصري نصراني »ولد سنة “امام واشتهر بنزعته 
التغريبية وميوله النصرانية والمادية » درس في لندن . له عدد من المؤلفات 
.مات سنة 158١م‏ ء انظر: الأعلام للزركلي ٠١/72‏ . 


لاع 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





واستحياء: التصوزات الشعبية 'القديمة المستندة إلى. التصورات 
الفرعونية الوثنية» وأصلها حركة خبيثة للتغطية على الإسلام 
ونوره! فالوثنية لم تنته ولم تنقضش» ولم تصبح غير ذات موضوع 
ضع ا ا 
في بقاع كثيرة .)١(‏ 

كما يرى - أيضاً - أن أسباب بقاء الوثنية هو عدم 
وصول الحق إلى البشرية» " لأنه لا مجال أمام القلب البشري 
إلا أن يستقيم على فطرته فيعرف إلهه الحق ويتخذه رباً» 
ويستسلم لشرعه ويرفض ربوبية ما عداه»... واما أن يتيه في 
دروب الجاهلية والوثنية ومنعرجاتها تطلب إليه طواغيت 
الجاهلية والوثنية شتى الطقوس لعبادتهاء وشتى التضحيات 
لإرضائهاء ثم تعدد الطقوس في العبادات والتضحيات» حتى 
ينسى الوثني أصولهاء ويؤديها وهو لا يعرف حكمتها والإسلام 
وحده هو دين التوحيد الذي جاء ليحرر الناس من العبودية 
بعضهم لبعض ومن عبوديتهم لشتى الآلهة والأرباب» ويحرر 
الضمير البشري من أوهام الوثنية في كل صورها وأشكالهاء 
سواءً في أعماق الضمير أم في شعائر العبادات» أم في أوضاع 


إن 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الحياة وشرائع الحكم والنظام .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " إننا اليوم نشهد - بعد أربعة عشر قرناً 
من نزول القرآن - أنه حينما انفك رباط القلب البشري بالإله 
الواحد» تاه في منحنيات الوثنية التي لا عداد لها.. وذكر من 
الأمثلة للوثنية المنتشرة في العالم الإسلامي اليوم ما يحصل في 
صعيد مصر وريفها من مظاهر الوثنية والقرابين لغير الله ("). 

كما نبه على صنوف وألوان من الوثنية والشرك» عند من 
يزعمون أنهم يوحدون الله ويسلمون له ومن ذلك: أن الناس 
يقيمون لهم اليوم آلهة يسمونها " القوم " ويسمونها " الوطن " 
ويسمونها " الشعب " إلى آخر ما يسمون» وهي لا تعدو أن 
تكون أصناماً غير مجسدة كالأصنام الساذجة التي كان يقيمها 
الوثنيون» إننا نخدع أنفسنا حين نقف بالوثنية عند الشكل 
الساذج للأصنام والآلهة القديمة».. إن شكل الأصنام والوثنية 
فقط هو الذي تغيرء والشعائر اتخذت لها عنوانات جديدة.. أما 
طبيعة الشرك وحقيقته فهي قائمة وراء الأشكال والشعائر 
المتغيرة» وما يجري اليوم في الأرض كلها أمثلة تكشف عن 


. في ظلال القرآن » ؟/ 184-9144 بتصرف‎ )١( 
. بتصرف‎ ١5١5 /5 0330/5 » (؟) المصدر السابق‎ 
6 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





حقيقة الوثنية السائدة والأصنام المعبودة المقامة اليوم بديلآً عن 
تلك الوثنية الصريحة والأصنام المتطورة» ويجب ألا تخدعنا 
الأشكال: المتغيرة للوثتية والشرك” عن حقيقتها الثابتة .)١(‏ 

" والناس ما كانوا ليخرجوا من الجاهلية الوثنية بكلياتهم 
حتى تكون العقيدة وحدها هي قاعدة تجمعهم من خلال الدينونة 


هده والظق كنك وحوو "03 


الفرع الثاني: موقفه من المشركين: 

تركز كلام سيد قطب - رحمه الله - حول المشركين من 
خلال بيان الشرك والتحذير منه وبيان صفات أهله والموقف 

أما بيان الشرك وحقيقته وأنواعه وآثاره فسيأتي الكلام 
عنها في الفصل الرابع من الباب الثالث عند حديثنا عن نواقض 
التوحيد - إن شاء الله -» ونقتصر هنا على بيان موقف سيد 
من المشركين» وذلك كما يأتي: 

أ - من هم المشركون؟: 


يعرف - سيد قطب - المشركين بأنهم: " الذين يشركون 


.18917/5 0151 -1517/9 » في ظلال القرآن‎ )١( 
.١1891/5 » المصدر السابق‎ )١( 


هنوع 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالله أحداً في خصائص الألوهية سواء في الاعتقاد بألوهية أحدٍ 
مع اللهء أو بتقديم الشعائر التعبدية لأحدٍ مع اللهء أو بقبول 
الحاكمية والشريعة من أحدٍ مع الله» ومن باب أولى من يدعون 
لأنفشهغ واحدة من هذه .)١(‏ 

وهذا يعني أن غير المسلمين سواءً كانوا أهل كتاب أو 
وثنيين أو غيرهم يطلق عليهم مصطلح " المشركون " ويدخل 
في المصطلح أيضاً بعض من ينتسبون إلى الإسلام ويقعون في 
الشرك على اختلاف درجات الشرك بين أكبر وأصغر. 

ب- صفات المشركين وخصائصهم: 

أشار سيد - رحمه الله - إلى بعض صفات المشركين 
التي ذكرها القرآن الكريم» ومنها: 

.)( غفلتهم وعدم استخدامهم للعقل والنظر‎ 2-١ 

0 كبرياؤهم وعنادهم واعراضهم عن الحق 20 

7 كفرهم بالله وصدهم عن سبيله (5). 


.١١79/؟‎ » المصدر السابق‎ )١( 

. 5184/5 231559١ » في ظلال القرآن‎ )١( 

(9) المصدر السابق . 37١523699503955‏ #/هءهكء 4/ددمل 
هإحده” 535182 . 

(4) المصدر السابق » ١505/8‏ . 


كلا 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





0-5 حقدهم على الإسلام وأهله ونجاسة نفوسهم .)١(‏ 

ه- انحراف فطرهم عن الحق ونفورهم منه ("). 

5- افتراؤهم وكذبهم على الله (). 

0-7 نفننهم في طلب الآيات مع التكذيب بها (5). 

ج- عداؤهم للإسلام وأهله: 

بِيّن سيد - رحمه الله -أن هناك وحدة هدب - تجاه 
الإسلام والمسلمين - تجمع الذين كفروا من أهل الكتاب والذين 
كفروا من المشركين. واستعرض الآيات القرآنية المختلفة التي 
تقرر ذلك بوضوح وجزم» و تبين مدى العداء الذي يحملونه» 
وأن هذا العداء 5 دائمة وليمن حالة مؤقتة» ويتبين ذلك 
بوضوح من خلال استعراض الواقع التاريخي لمواقف المشركين 
جميعاً من الإسلام وأهله ©). 


د- حدود التعامل مع المشركين: 


1-3 
/الاع 





م 1010101001 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





يرى - سيد- أن أهل الإسلام لا لقاء بينهم وبين أمم 
الشرك كلهاء فهما أمتان مختلفتان وبالتالي فإن المفاصلة هي 
التي تحكم العلاقة بينهماء ولا بد أن تقوم العلاقة معهم على 
الاق 

0-١‏ بغضهم وعداوتهم وعدم موالاتهم» باعتبار أن 
الدعوة والتذكير فقط (). 

*-2 تحريم مصاهرتهم وبيان العلة في ذلك (). 
على إبراز منهج القران الكريم في الرد على مقولات المشركين 
وشبهاتهم الفاسدة» وبيّن بطلان عقائد الشرك كافة عند 
استغواضه للآيات المتكلقة يذلك (5): 


)١(‏ في ظلال القرآن "51١/6 6937765309/5 8 586/١ ٠‏ » ومقومات 
التصور الإسلامي » ص 80" 

.١١7591١؟ال61١48‎ 950170-33 المصدر السابق » ؟/‎ )١( 

(") المصدر السابق » 73١9/١‏ »ء وما بعدها . 

(5) المصدر السابق . ؟/ ,27١01١/5 51١57/51١517 631١817‏ هإدده؟ 
؛ .هلا .”3 , ههه . 


الك 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الفرع الثالث: موقفه من الإلحاد: 

شهد القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلادي» 
انتشاراً كبيراً لموجة الإلحاد وظهور كثير من النظريات 
والمذاهب المادية والإلحادية في العالم. 

وقلع اهير :شو حركية لنت تلك الموكلة بعرت دم 
خلال قراءاته واطلاعه» وكذا من خلال حياته في الغرب على 
كثير من تلك المذاهب والنظريات» وبعد توجهه نحو الإسلام 
عمل على فضح حقيقة المذاهب الإلحادية ومناقشة أصحابها 
وتعرية اللافتات التي يرفعونها في المجتمع المسلم خصوصاً 

ويمكن استعراض موقفه من الإلحاد ومذاهبه بإيجاز فيما 
داكي 

-١‏ تعريف الإلحاد: 

الإلحاد هو: التظاهر بإنكار وجود الله ونبذ الاعتقاد 
والتدين إطلاقاًء وهو بهذا المفهوم لوثةٌ حديثةٌ عارضةٌ شاذدٌ 
ليس لها في ضمير البشرية جذور وليس لها في الفطرة البشرية 
روافد» وليس لها في الكينونة البشرية ولا في الحياة البشرية 
عواملٌ بقاءٍ ولا امتداد .)١(‏ 


)1( مقومات التصور الإسلامي » ص 5١٠١‏ 
1 





17 117 117 717 ال 





ذلك أن العرب في الجاهلية لم يكونوا ينكرون وجود الله 
وربوبيته» وكذلك لم تكن الجاهليات الأخرى تنكر هذه الحقائق 
- باستثناء قلة من الفلاسفة الماديين من الإغريق - .)١(‏ 

فمسألة'وجود"إله لم تكن قط قضية جدية من قضايا 
الاعتقاد في تاريخ البشرية» إنما كانت القضية الجدية دائماً هي 
تصور حقيقة الألوهية وبخاصة ما يتعلق منها" بصفة التوحيد' 
فالمعركة كانت بين الاعتقاد الحق والاعتقادات الباطلة» ولم 
تكن بين" الإيمان"على إطلاقه» " والإلحاد " على إطلاقه (). 

-١‏ أسباب وجود الإلحاد وانتشاره: يرجع سيد- رحمه 
اش سيب وجود الإلحاد إلى: 

أ- انحراف الفطرة وفسادهاء بسبب ما يطرأ عليها من 
عوامل شتى تغطي على حقيقة اتجاهها إلى ربها ومعرفتها 
بوحدانيته. 
ومن الصراع الوحشي مع الكنيسة. 

ج- إنكار الكنيسة للدوافع الفطرية للناس» مع استغراقها 


)01( في ظلال القرآن » ؟/ 31١51‏ . 
0( مقومات التصور الإسلامي » ص عفدل (١5‏ . 
١م‏ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 








هي في اللذائذ المحرمة. 

د- جهود اليهود في استغلال الواقع التاريخي المنحرف 
للنصارى» ودفعهم بعيداً عن دينهم ليسلس لهم قيادهم» 
واستخدامهم كالحمير على حد تعبير "التلمود " و " بروتوكولات 
حكماء صهيون " وما كان لليهود أن يبلغوا ذلك إلا باستغلال 
التاريخ الأوربي النكد لدفع الناس إلى الإلحاد هرباً من الكنيسة. 

ه- الصدام بين الكنيسة بعقائدهم المحرفة» وبين النهضة 
العلمية في أورباء واتجاه فلسفات عصر التنوير والمذاهب 
الوضعية المادية إلى الإلحاد. 

و- استعمال القوة الرسمية في فرض الإلحاد ونشره في 
الشعوب بالحديد والنار» كما حصل إبان الثورة البلشفية في 
روسياء وكذا ما حصل ممن سار في فلكها من الأنظمة التي 
حكمت كثيرا من شعوب العالم .)١(‏ 


2١5.05 لاهن‎ /# 1١5537١431١١5 في ظلال القرآن » ؟/‎ )١( 
وفي التاريخ فكرة‎ ٠ وما بعدها » بتصرف‎ ٠٠١ ومقومات التصور الإسلامي ص‎ 
. ومنهاج - سيد قطب - ص 85 وما بعدها‎ 

١ 





ات 0 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإلحادية» وناقش أصحابها فيها مبيناً ضلالهم فيها من خلال 
استعراض المنهج القرآني» وكذا الاستشهاد بالأبحاث العلمية 
للعلماء الغربيين الذين وصلوا في نهاية دروبهم إلى الإقرار بالله 
('). ومن المقولات الإلحاديةالتي ناقشها - سيد - ورد عليها: 

أ-“تشيأة الحياة وحقيقتها (1). 

ب- إنكار الغيبيات (). 

ج- إنكار الخالق سبحانه (5). 

د- التفسير المادي للتاريخ (0). 

ه- النظرة المادية للإنسان ..)١(‏ 


:- مصير الالحاد وواجينا نحوه: 


)١(‏ ظلال القرآن » ؟/ ٠١77‏ وما بعدها . ومقومات التصور الإسلامي» ص 
50 

ءا١ه#‎ /8 39.6 ١.4 ينظر في ذلك: في ظلال القرآن » ؟/‎ )١( 
.١ 5 لال‎ 

(؟) ينظر في ذلك: المصدر السابق » ١١5/5 ٠٠ 5٠ /١‏ وما بعدها 

(5) ينظر في ذلك : في ظلال القرآن » ؟/ ٠١505 /5 20١510١50١‏ 5/ 
5 . 

(©) ينظر: المصدر السابق » ”/ 7١578‏ . 

(5) ينظر: المصدر السابق 6378٠60/9 256/١ ٠‏ 47/5 5584/5651 عوما 
بعدها » ومقومات التصور الإسلامي.» ص 37 . 

1 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يرى سيد - رحمه الله - بما أن الإلحاد لوثة عارضة في 
تاريخ البشرية ليس لها جذور في الوجود والفطرة» وانما بدأت 
كمناورة في وجه الكنيسة» ثم استغلها اليهود لرغبتهم في تدمير 
قاعدة الحياة البشرية» فإن مصيرها حتمأَثُ إلى الفناء والاندثار 
من هذا الوجود» وينبغي ألا تأخذنا ضجة الإلحاد والملحدين» 
فنظن أنها موجة كاسحة» أو نظن أنهم كثيرون! فحتى البلاد 
التي تفرض الإلحاد بالحديد والنار والسجون والجواسيس» أحنت 
رأسها في ساعة العسرة للعقيدة والتجأ الشعب الروسي في وجه 
الهجوم الهتلري إلى الدين والكنيسة» ذلك لأن الدين حاجة 
فطرية في النفس البشرية كحاجة الطعام والشراب لحفظ الذات» 
وحاجة النسل لحفظ النوع سواء.. والكائن الذي لا ترتبط أجهزته 
الفطرية بالكون وبارئه هو مسخ لا تكتب له الحياة طويلاً ولا 
الامتداد .)١(‏ 


أما واجب المسلمين نحو الإلحاد: " فهو الوقوف في وجه 
المد الإلحادي بالمنهج القراني الفريد الذي يملك مقومات 
الخلاص للبشرية من بربرية الحضارة المادية ومصيدة الإلحاد 
)١(‏ ينظر: في ظلال القرآن » 5١5١/5 376737 /956055١ /١‏ »ء ومقومات 


التصور الإسلامي .ص ١١7‏ بتصرف . 
6 





17 117 117 717 ال 





والشيوعية» وعلى المسلم ألا ينخدع بكثرة وقوة أصحاب الإلحاد» 
وضعف المسلمين» فيستعظم الأمرء ويستكثر مواجهة هذه 
البشرية الضالة بكلمة الحق الفاصلة.. فالجاهلية وان عمّت 
الأرض جميعاً فواجب الداعية مواجهتها .)١(‏ 

" وينبغي أن يواجه الإلحاد بالإسلام الصافي النقي» وألا 
ينخدع المسلم بالشعارات التي تنادي بالتعاون مع أهل الأديان 
المحرفة من أهل الكتاب للوقوف في وجه المد الإلحادي» ذلك 
لأن القرآن يقرر أن أهل الكتاب أعداء للدين الحق» وأنهم في 
حرب دائمة معه» وأنهم يقفون وراء النظريات المادية والإلحادية» 
فلا يعنيهم حرب المادية الإلحادية بقدر ما تعنيهم حرب 
الإسلام» ذلك لأن المادية الإلحادية من وجهة نظرهم عرضٌ 
طارئٌ وعدوٌ موقوت» بينما الإسلام أصل ثابتٌ وعدوٌ مقيم؛ 
وبالتالي فالدعوة إلى تناصر الأديان وتعاونها في وجه الإلحاد 
إنما هي دعوة مموهة لتمييع اليقظة الإسلامية» والانتفاع بجهد 
المستغفلين المخدوعين» وليكون المسلمون وقوداً للمعركة مع 
الملحدية .)١(‏ 


. بتصرف‎ 14١ /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
.52٠ 2 » المصدر السابق‎ (0 
م2‎ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الفرع الرا ابع: موقفه من النظريات الإلحادية والمادية: 

أ قذ عية " الاشتراكية ": 

يعد سيد قطب - رحمه الله - في طليعة الكُتَّاب 
الإسلاميين الذين حاربوا الشيوعية والاشتراكية» والمطلع على 
كتبه يجد أنه عمل على بيان حقيقة الشيوعية الإلحادية 
ومجافاتها للفطرة»ء وعدائها للدين» وتحالفها ضد الإسلام 
والمسلمين» حيث يقرر في كتاباته: 

2-١‏ "أن الشيوعية مؤسسة يهودية كالماسونية» وأنها 
إحدى ركائز الخطة اليهودية في تدمير العالم - غير اليهودي 
- عن طريق سلب الدين منه» وابعاده عنه كونه المقوم 
الأساسي للحياة" .)١(‏ 

0-١‏ '" أن الشيوعية من الوجهة النظرية تقوم على 
جهالة عميقة بالنفس البشرية وطبيعتها وتاريخهاء فضلاً على 
الجهالة العميقة بالحقيقة الكونية وتفسير الكون والحياة» فهي: 

- تصور جميع الدوافع الإنسانية قائمة على جوعة 
المعدة والصراع على لقمة الخبز. 


- وتصور جميع الحركات التاريخية منبثقة من تغير 





. ١١ العدالة الاجتماعية - سيد قطب - ص‎ )١( 
د‎ 





17 117 117 717 ال 





أدوات الإنتاج. 

- وتلغي أهم مقومات الإنسان التي تفرق بين تاريخه 
وتاريخ البهيمة!. 

- وتلغي أهم وظائف الإنسان وهي كونه العامل 
الإيجابي الأول في هذه الأرض وفي البشرية 

- وتفترض أن الناس سيتحولون ملائكة خيرين» ينتج كل 
منهم أقصى ما في طوقه؛ ولا يأخذ إلا قدر ما يكفيه» وكل هذا 
بدون رقابة وبدون حكومة» وبدون عقيدة سماوية تطمعه في 
جنة أو تخيفه من نار» وبدون أي سبب معقول.. اللهم إلا ذلك 
الانقلاب الخرافي العجيب» الذي يتم في طبائع البشر» بمجرد 
تحطيم عناصر البرجوازية» وتسليم الأمر للبروليتاريا.. وحين 
يكون هذا الجهل العميق وهذه الخرافة الطاغية هما أساس 
التصور الماركسي» فإننا لا ننتظر أبداً أن يقوم على أساسه 
واقع عملي في الحياة التي يزاولها البشر»ء إلا أن يكون فيه من 
الاعتساف قدر ما في هذا التصور من رغبة جامحة في مجانبة 
حقائق الفطرة التي تصطدم اصطداماً عنيفاً بذلك التصورء ومن 
ثم اضطرت الماركسية -عند التطبيق العملي - أن تتخلى عن 
أهم مقدساتها الماركسية! وعللت هذا التخلي الذي يكاد يكون 


كم 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كاملا بأن الماركسية مذهب متطورء على حين أنه ليس هناك 
بنذ شد وحتشة 'والحدميات: اكتشاك النظرية الما ركيييظ 12007 

*-" أن الشيوعية مذهب يعادي الدين والفطرة» ويضطهد 
المسلمين» ويحارب الإسلام بوسائل شتى ومن وسائل الشيوعيين 
في حربهم للإسلام أنهم في البداية كتموا خططهم وحقيقتهم من 
الدين» وحاولوا الظهور بمظهر محبب للشعوب إلى حين تمكنهم 
من القوة» وعند ذلك عمدوا إلى استئصال شأفة الدين من خلال: 

أ- القضاء على القضاة والمفتين والمدرسين والوعاظ 
والخطباء والآئمة والمؤذنين. 

ب- احتلال المدارس والجوامع والمساجد» وتحويلها إلى 
مسارح واصطبلات خيول أو مخازن أو أندية وسينما. 

ج- إلغاء المحاكم الشرعية وديار الإفتاء. 

د- جمع نسخ القرآن واحراقهاء وكذا الكتب الدينية. 

ه- الاعتقال والتعذيب والنفي لمن بقي على دينه بوسائل 


7 لوكا 9 دنيئة 2 


)١(‏ المستقبل لهذا الدين - سيد قطب - دار الشروق » القاهرة » طة ١‏ » عام 
65 هءعص 080ه- ١اه.‏ 
(؟) دراسات إسلامية - سيد قطب -. ص ٠١5- 7٠١١‏ بتصرف ٠‏ وفي التاريخ 
كر راد دسي شل يور 8 
ام 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 








يرجع سيد قطب سبب انتشار الشيوعية في أوروبا إلى " 
عقم الحضارة الأوربية والأمريكية في أن تعطي الناس شيئاً 
جديداً في حقل الحرية الحقيقية والمساواة» والأخوة» وهي 
الشعارات التي رفعتها الثورة الفرنسية ثم ما لبثت أن سقطت» 
وتحول الغرب إلى الحقل المادي الصناعي وهنا برزت الفكرة 
الشيوعية أو التفسير المادي للتاريخ» لأنها تمثل في عالم 
المبادئ مساحة أوسع من المساحة التي انتهت إليها مبادئ 
الثورة الفرنسية في العالم الغربي» وتشغل الجماعات الإنسانية 
بهدف أكبر من الهدف الفردي» التي تمثله الوجودية في فرنسا 
والبرجماتية في أمريكا ومن هنا كان الاندفاع الأوربي إلى 
الشيوعية بسبب الخواء المطلق في الحضارة الغربية وانعدام 
الغذاء الفكري» ولم يكن أمامهم إلا فكرة الشيوعية لإشباعه. 

أضف إلى ذلك أن الشيوعية هي الامتداد الطبيعي للفكرة 
المادية عن الحياة» وهي الفكرة التي اعتنقها العالم الغربي منذ 
قيام حضارته على أساس الحضارة الرومانية المادية.. 

والخلاف بين فكرة الشيوعية والأفكار السائدة في الغرب 
الآن ليس اختلافاً في طبيعة التفكير إنما هو اختلاف في مدى 


م 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





التفكيرء وطريقة التنظيم» فالفكرة المادية عن الحياة واحدة: 
والفرق هو بين حرية الاستثمار المطلق في الغرب» وبين ملكية 
الدولة لكل شيء في الشرق" 0 

علاقة الشيوعية بالإسلام: 

يقرر سيد رحمه الله " أن الإسلام هو الإسلام؛ 
والاشتراكية هي الاشتراكية.. ذلك منهج الله وهذه وتلك من 
مناهج البشر ومن تجارب البشر.. وبالتالي فالخلط بينهما 
ووضع هذه الأقنعة على الإسلام ظناً أن في ذلك خدمة له؛ إنما 
هو في الحقيقة تمييع للإسلام واضلال للناس " (). 

" إن الاشتراكية قد تلتقي مع الإسلام في بعض النقاط 
في الجانب الاقتصادي؛ مثل محاولة ضمانٌ حدٍ أدنى لائق 
للأفراد من حيث العمل والمسكن والصحة» والتقريب بين مختلف 
طوائف المجتمعء ونحوهاء ولعل هذا الالتقاء هو الذي أوجد 
شبهة عند الدعاة الإسلاميين الذين يتحدثون عن" الإسلام 

" و" اشتراكية الإسلام " و" الاشتراكية الإسلامية" وما 

إليها 7 الواقع 


)1( نحو مجتمع إسلامي - سيد قطب دص : 55- 55 بتصرف . 
(؟) في ظلال القرآن » ”/ ٠١7‏ بتصرف . 
)2 





17 117 117 717 ال 





أ - أن أسبقية النظام الإسلامي تمنع من إعطائه وصفاً 
لاحقاًء هذا من ناحية الشكل. 

ب - أما من ناحية الموضوع: 

-١‏ فالإسلام نظام متكامل تجيء فيه هذه الاتجاهات 
مرتكنة إلى أصول ثابتة» ومعتمدة على فكرة كلية متناسقة 
الأجزاء متصلة بالعقيدة في الله. بينما الاشتراكية فكرة مادية عن 
الحياة لم تتناول غير الجانب الاقتصادي في حياة المجتمع. 

-١‏ أن النظام الإسلامي كليّ ودائمٌ» بينما الاشتراكية 
جزئيةٌ ووقتية» وبالتالي لا يجوز ربطه- أي الإسلام - بنظام 
ولدته ضرورة طارئة ومصيره إلى التحور أو الزوال. 

“- أن الإسلام هوالأصل الذي ينبغي أن تقرن 
الاشتراكية إليه فيقال: أن فيها ما يشبه الإسلام في كيت وكيت» 
ولا يجوز أن يقرن الإسلام إليهاء وهو سابق عليها ب(١)قرنا‏ 
من الوجهة التاريخية 

4- هناك فارق موضوعي أصيل وهو أن الاشتراكية 
بسبب أنها مذهب مادي اقتصادي بحت مجرد من العناصر 
الأدبية التي تمازج النظام الاجتماعي في الإسلام» يمكن أن 
يقوم في ظلها استعمارء دونما حرج ولا تعارض مع صلب 


٠ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





النظام الاشتراكيء الأمر الذي لا يمكن أن يتم في ظل النظام 
الاجتماعي الإسلامي بسبب قيامه على العقيدة. 

د- أن النظام الاجتماعي في الإسلام نظام إنساني 
عالمي؛ أما النظام الاشتراكي فنظام قومي محليء وهذا الفارق 
الأساسي في طبيعة النظامين تترتب عليه فروق كثيرة» تجعل 
المشابهات بينهما مجرد اتفاقات ظاهرية وجزئية 

1- أن النظام الشيوعي تصطدم فكرته بفكرة الإسلام 
من أساسها - وأن التقت معه في بعض المظاهر- فالمادية 
الجدلية التي تنفي كل مؤثر في الحياة تصطدم منذ الخطوة 
الأولى بالعقيدة في الله التي تقول أن هناك إرادة عليا في الكون 
تصرفه وفق ناموس ثابت» ( نه آم الى مدكلة 0 
لِسَنَةَأمَهبَدِيلَا (5)) [سورة الفتح: .]١ ١‏ 

والمادية التاريخية تصغر من قيمه الدور الإنساني في 
الحياة أو تنفيه» وتجعل الدور الأساسي لأداة الإنتاج» بينما 
الإسلام يَعْد الإنسان خليفة الله في الأرضء ويجعل له الدور 
الأساسي في كل ما ينشأ على وجهها من تغييرات وبالتالي 
فالنظرة التكريمة للإنسان تختلف اختلافاً جذرياً وتترك طابعها 


١ 


1 17 17 717 ال 





في حياة الإنسان ' .)١(‏ 

'" وهذا يعني أن النظرة الإسلامية إلى الإنسان تقدم على 
أساس تفرده بخصائصه الإنسانية» إلى جانب ما يشارك فيه 
الحيوان من مطالب التكوين العضوي - المتمثلة بالطعام 
والشراب والمسكن والجنس- فالعقيدة وحرية التفكير والإرادة 
والاختيارء هي مطالب أساسية للإنسان كالطعام والشراب 
والمسكن والجنس.. بل هي أعلى منها في الاعتبار» لأنها 
مطالب زائدة في الإنسان على الحيوان» واهدارها يعني إهدار 
آدميته» فالنظام الإسلامي لا يهدرها في سبيل الإنتاج كما تفعل 
الشنيوعية ('), 

"إن الإسلام يقر مبدأ الملكية الفردية» ويخالف النظرة 
الشيوعية في هذا الاتجاه" (). 

' وأخيراً فإننا نخرج بالحقيقة التي لا اعتساف فيها وهي: 
أن النظام الإسلامي ليس هو الرق» وليس هو الإقطاع» وليس 
هو الرأسمالية» وليس هو الاشتراكية» وليس هو الشيوعية» إن 


. نحو مجتمع إسلامي ص85-١1 بتصرف يسير‎ )١( 

. بتصرف يسير‎ 7١5415 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) معركة الإسلام والرأسمالية - سيد قطب - ص 5٠‏ . 
2.5 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





النظام الإسلامي هو فقط النظام الإسلامي " .)١(‏ 

مصير الشيوعية في نظر سيد قطب: 

بناء على الحقائق التي أوردها - سيد - عن طبيعة 
النظام الاشتراكي» ومجافاته للطبيعة والفطرة ومعاداته للدين» 
فإن مصيرها إلى الزوال. 

وقد تنبأ سيد - رحمه الله - أن أقصى مدى يتصوره للمد 
الشيوعي لن يتجاوز الجيل الذي عاشه وبداية الجيل الذي بعده؛ 
أي مع نهاية القرن العشرين الميلادي حيث يقول: 

" فأقصى مدى أتصوره للمد الشيوعي لن يتجاوز جيلنا 
هذا الذي نحن فيه» وأوائل الجيل القادم إذا سارت الأمور سيرتها 
الحالية» ولن يكتمل هذا القرن العشرين حتى تكون الشيوعية قد 
سيطرت على الحضارة الغربية.. وعندئذ ينتهي صراع الشيوعية 
والرأسمالية» اللتان هما خطوتان في فكرة واحدة هي الفكرة 
المادية» لا فكرتان مختلفتان كما تحاول كلتاهما أن تزعم في 
معرض الدعاية» وعندئذ.. يبدأ الصراع الحقيقي بين الفكرتين 
الرئيسيتين في العالم: الفكرة الإنسانية - ويمثلها الإسلام -. 
والفكرة المادية وتمثلها الشيوعية في آخر مراحلهاء كما مثلها 


)١(‏ نحو مجتمع إسلامي - سيد قطب - ص 85 11١-‏ بتصرف يسير 
ع 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





الدولة الرومانية وأوربا وأمريكا بكافة النظم التي سادت فيها- 
وفي نهايتها هذا النظام الشيوعي.. ونحن لا نشك في النتيجة 
الأخيرة لهذا الصراعء ولا نرتاب لحظة في أن العاقبة للإسلام؛ 
بحكم أنه فكرةٌ تسمح للحياة بالنمو الدائم في ظلهاء وبحكم أنه 
نظام يسمح لجميع قوى الإنسانية أن تعمل» ويمنح الزاد 
المناسب لكل جوعة من جوعاتها: فكرية أو روحية أو مادية؛ 
وبحكم أنه نظام عالمي يمكن للبشرية كلها أن تستظل بلوائه " 
00 

" فالشيوعية في ذاتها فكرة صغيرة» لا تستحق الاحترام 
عند من يفكرون تفكيراً إنسانياً أعلى من الطعام والشراب» وعند 
من يعرفون أفكاراً أخرى عرفتها الإنسانية قبل الشيوعية» وهي 
أعدل وأرقى 11 

ثانياً: موقفه من الداروينية: 

قبل الحديث عن موقف سيد قطب من نظرية " دارون" 


)1( نحو مجتمع إسلامي » ص 020-96 
(؟) معركة الإسلام والرأسمالية - سيد قطب - . ص 7١‏ . 
3 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





(') ينبغي أن نعرف أن سيد - رحمه الله - في تعامله مع 
52006 الحديثة عموماًء يرى عدم الخلط بين الحقائق الثابتة 
اليوم وتنفى غداً» كلما تقدمت وسائل البحث وطرقه ('). 

فهو يرى: " أن كل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية 
العامة بما يصل إليه العلم من نظريات متجددة متغيرة - أو 
حتى بحقائق علمية ليست مطلق كما أسلفنا - يحتوي على 
خطأ منهجي أساسيء كما أنها تننطوي على معان ثلاثة كلها لا 
يليق بجلال القرآن الكريم: 

الأولى: الهزيمة النفسية الداخلية التي تخيل للبعض أن 
اه هو المهيمن والقران تابع» ومن هنا يحاولون تثبيت القرآن 

والثالثة:_التأويل المستمر مع التمحل والتكلف لنصوص 


)١(‏ هو:شارلس روبرت دارونء عالم أحياء انجليزي » ولد عام 604١م‏ »صاحب 
فلسفة إلحادية مادية » قال بنظرية النشوء والارتقاء » مات عام 1887١م»‏ انظر 
:الموسوعة العربية الميسرة 5/١٠‏ »والموسوعة الفلسفية للحنفي عص77١‏ . 

. 7558/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 

ه5: 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





القراق التوافق'التظطرياظة الفتغيرة 00 

الداروينية: " نظرية غربية ظهرت في القرن (59١م‏ ) على 
يد " دارون" وهو عالم أحياء إنجليزي» وتقوم هذه النظرية على 
فرضية أن الحياة بدأت خلية واحدة» وأن هذه الخلية نشأت في 
الماء» وأنها تطورت حتى انتهت إلى خلق الإنسان» فالإنسان 
ليس إلا طوراً من أطوار الترقي الحيوانية "'("). 

وسبب انتشارها هو صبغها بصيغة " العلم " وظهورها 
في وقت الانسلاخ من كل المقررات الكنسية في أورباء وكذلك 
تشجيع اليهود على نشرها لغرض في نفوسهم وغاية في 
مخططاتهم ها 

وقد أثارت نظرية 'دارون" دهشة العالم عند ظهورهاء وتأثر 
بها بعض المفكرين المسلمين» وحاول بعضهم التوفيق بينها 
وبين النصوص القرآنية في قضية بدء الخلق ' (؟). 


. 77175/4 : بتصرف وينظر‎ ١867/١ » المصدر السابق‎ )١( 
. ١( »ء الهامش‎ 5553 /5 , ١8* /١ » (؟) المصدر السابق‎ 
. ومقومات التصور الإسلامي » ص؟750‎ » 5١57 /5 » (؟) في ظلال القرآن‎ 
منهج الشيخ / حسين الجسر في كتابه " الرسالة الحميدية " طبعة إدارة الطباعة‎ )4( 
2 77١ص‎ » ه١١557ةنس‎ - المنبرية‎ 

5ظ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أما سيد قطب - رحمه الله - فكان موقفه من هذه 
النظرية هو موقف الرفض والإبطال والتعجب من الذين حاولوا 
التوفيق بينها وبين النصوص القرآنية. 

ففي ظلال الآيات التي تتحدث عن بدء الخلق وعن خلق 
آدم وخلق الإنسان عموماًء تعرض سيد لنظرية دارون» مبيناً 
مصادمتها للنصوص القرآنية» ومستعرضاً أسباب بطلانها والتي 
يمكن إجمالها في الآتي: 
-١‏ أنها مجرد نظرية وليست نتائجها نهائية» فقد دخل عليها 
من التعديل في أقل من قرن من الزمان ما يكاد يغيرها نهائياً. 
-١‏ ظهور النقص فيها نظراً لقياسها على معلومات ناقصة عن 
وحدات الوراثة التي تحتفظ لكل نوع بخصائصه ولا تسمح 
بانتقال نوع إلى نوع آخر .)١(‏ 
©- أن اعتماد نظرية النشوء والارتقاء على الحفريات» ووجود 
أطوار مترقية من الحيوانات هو مجرد نظرية " ظنية " وليست " 


والشيخ محمد عبده وتلميذهما الشيخ رشيا رضا ٠»‏ انظر : منهج الشيخ محمد رشيد 
رضا في العقيدة » لتامر محمد متولي ٠‏ دار ماجد عسيري » جدة ,»ط١‏ » عام 
5 هيع صس ”555 -5595. 
)فى .ظلان القراني 3394و والسلك وكتفؤة المضانة نيد قلي صن 
5 وما بعدها . 
/ا 








يقينية " لأسباب منها: 

أ- أن تقدير أعمال الصخور ذاته في طبقات الأرض 
ليس إلا ظناً! فهو مجرد فرض كتقدير أعمار النجوم من 
إشعاعهاء وليس هناك ما يمنع من ظهور فروض أخرى تعدلها 
أو تغيرها. 

ب- على فرض العلم اليقيني بأعمار الصخور ليس 
هناك ما يمنع من وجود " أنواع " من الحيوان في أزمان متوالية 
بعضها أرقى من بعض» بفعل الظروف السائدة في الأرض» 
ومدى ما تسمح به من وجود أنواع تلائم هذه الظروف السائدة 
في حياتهاء ثم انقراض بعضها حين تتغير الظروف السائدة 
بحيث لا تسمح لها بالحياة» ولكن هذا لا ' يُحتّم " أن يكون 
بعضها " متطوراً " من بعض. وحفريات " دارون " وما بعدها لا 
تستطيع أن تثبت أكثر من هذاء وعندئذ تكرر نشأة النوع 
الإنساني مستقلة في الزمن الذي علم الله أن ظروف الأرض 
تسمح بالحياة والنمو والترقي لهذا النوع» وهذا ما ترجحه 
النصوص القرآانية في نشأة البشرية .)١(‏ 

0-4 أن تكوين الإنسان تكوين خاص متفرد» يزيد على 


.5١55-17١53/4 3556-5155 /*” » في ظلال القرآن‎ )١( 
لد‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





مجرد التركيب العضوي الحيوي الذي يشترك فيه مع بقية 
الأحياء» وأيا كانت نشأة الحياة» ونشأة الأحياء فإن الإنسان 
ينفرد بخاصية الروح الإلهي المودع فيه» والتي تجعل منه إنساناً 
متفرداً عن الأحياء الأخرى» وهذه الروح لم تجيء للإنسان بعد 
مراحل أو أطوار.. فلم يجيء على الإنسان زمان كان فيه مجرد 
حي من الأحياء - بلا روح إنساني خاص - ثم دخلته هذه 
الروح. 

وقد اضطرت الداروينية الحديثة على يد - جوليان 
هاكسلي )١(‏ - أن تعترف بشطر من هذه الحقيقة الكبيرة» وهي 
تقرر" تفرد الإنسان " من الناحية الحيوية والوظيفية» ومن ثم 
تفرده من الناحية العقلية» وما نشأ عن ذلك كله من تفرده من 
الناحية الحضارية. 

فتفرد الإنسان من الناحية البيولوجية والفسيولوجية 
والعقلية والروحية الذي اضطر الداروينيين المحدثين - وفيهم 
الملحدون بالله كلية - للاعتراف به» دليل مرجح على تفرد 
النشأة الإنسانية وعدم تداخلها مع الأنواع في تطور عضوي» 


)١(‏ هو : أحد علماء الداروينية الحديثة» أبطل جذور نظرية دارون فيما يخنص 
الإنسان 2 انظر :معجم الفلاسفة ,ص 1535 3 
1ظ 








وبالتالي فالتوفيق عسير بين ما انتهت إليه الداروينية الحديثة 
من تفرد الإنسان» وبين القاعدة التي تقوم عليها الداروينية» وهي 
قاعدة التطور المطلق» وتطور الإنسان عن الحيوان .)١(‏ 

ه- أن هذه النظرية تصادم النصوص القرآنية وهذا 
من اظهر الأدلة على بطلانهاء يقول سيد - رحمه الله -: " إن 
مجموع النصوص القرآنية في خلق آدم عليه السلام» وفي نشأة 
الجنس البشري» ترجح أن إعطاء هذا الكائن خصائصه 
الإنسانية» ووظائفه المستقلة كان مصاحباً لخلقه» وأن الترقي في 
تاريخ الإنسان كان ترقياً في بروز هذه الخصائص ونموهاء 
وتدريبها واكتسابها الخبرة العالية» ولم يكن ترقيآً في ' وجود " 
الإنسان من تطور الأنواع حتى انتهت إلى الإنسان كما تقول 
الداروينية " (). " فالواقع المشهود يكذب هذا الفرض لتفسير 
الصلة بين الحيوان والإنسان» ويقرر أن الحيوان لا يحمل هذه 
الخقضائصن فيقف دائماً عند حدود جنسه الحيواني لا يتعداه؛.. 
ويبقى النوع الإنساني متميز بأنه يحمل خصائص تجعل منه 


» بتصرف يسير‎ 5١473-731470/4 1١١55 /"” » في ظلال القرآن‎ )١( 
. والإسلام ومشكلات الحضارة » ص ”55 وما بعدها‎ 
5١57/5 . 1755/59 » (؟) في ظلال القرآن‎ 


6. 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





إنساناً» وهي ليست نتيجة تطور آلي» إنما هي هبة مقصودة من 
قو كارسوة 7:00 وأقصتى رسا يقال إقى<تظطونة اللشتوع والارفاء 


او ور 


لا تعارض مفهوم قوله تعالى: جح د د ت ن 3 3ج "أرلة نر البق 
وا كتوق رالا كنا رين مايا اين البرك 
شَىْءِ حي ألا : مين (1)5 [سورة الأنبياء: ]"١‏ في أن الماء هو 
مصدر الحياة الأولى كما يقول" دارون " وما سوى ذلك 
فيصطدم بالنصوص القرآنية("). 
واضافة إلى ما سبق من بيان سيد لأدلة بطلان هذه 
النظرية» فإنه يرى أيضاً أن فيها تحقيراً للإنسان وتجريداً له من 
كل عنصر روحيء فإيحاءات الداروينية ومثلها الفرويدية 
والماركسية» هي أبشع ما تبتلي به الفطرة البشرية»؛ حيث توحي 
إلى البشر بأن كل سفالة وكل قذارة» وكل حقارة؛ء هي أمر 
ل ا ان 
يخجل.. وهي جناية على البشرية تستحق المقت والازدراء (0). 


. في ظلال القرآن » 7559/5 الهامش‎ )١( 
. 7131075 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
5 المصدر السابق 3 كر" 3 وهذا الدين »ء ص ا الهامش‎ (0 


هم.١‎ 





1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ثالثاً: موقفه من الوجودية: 

الوجودية:_اتجاه فلسفي إلحادي يغلو في قيمة الإنسان 
ويبالغ في التأكيد على تفرده» وأنه صاحب نفكير وحرية وارادة 
ولا يحتاج إلى موجه» وتقوم الفلسفة الوجودية على أساس القول 
بالعدمية والتعطيل؛ فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي 
لنين. بغابة والحناء* كلا .سعف 3ن[ كلمن اممط ون ديا 
بالانتحار. 

وقد ظهرت الوجودية في أوروبا كرد فعلٍ على تسلط 
الكنيسة وتحكمها بالإنسان بشكل متعسف باسم الدين والإله؛ 
وتأثرت بعد ذلك بالحركات الإلحادية الأخرىء كالعلمانية وغيرها 
0 

ويرى سيد - رحمه الله -أن مأساة " الوجودية " الكبرى 
هي تصورها النكد والخبيث للوجود الكوني والبشري» حيث ترى 
أن الوجود الكوني» بل والوجود الجماعي للبشرية ذاتها معاكساً 
في طبيعته للوجود الفردي الإنساني» متجهاً بثقله الساحق إلى 
سحق هذا الوجود الإنساني! هذا التصور البائس ينشئ حالة من 


3 التوشوعة الميدرة فى لافنا والم ذاه الها مده المعرة ادليه اشنا 
الإسلامي » الرياض 6طكدء عام 55كاهء / ١‏ وما بعدها. 
؟مءه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الانزواء والانكماش والعدمية! أو ينشئّ حالة من الاستهتار 
والتمرد والفردية! وفي كلتا الحالتين لا يكون إلا القلق المضني! 
والبؤس النفسي والعقلي» والشرود والتيه» تيه التمرد أو تيه العدم؛ 
وهما سواء. 

وهي ليست مأساة " الوجودية " وحدها من مذاهب الفكر 
الأوربي» إنها مأساة الفكر الأوربي كله - بكل مذاهبه واتجاهاته 
- بل مأساة الجاهلية كلها في جميع أزمانها وبيئاتهاء المأساة 
التي يضع لها الإسلام حداً بعقيدته الشاملة» التي تنشئ في 
الإدراك البشري تصوراً صحيحاً لهذا الوجودء وما وراءه .)١(‏ 


رابعاً: موقفه من العلمانية والديمقراطية: 

العلمانية: مصطلح غربي ظهر مع الثورة الفرنسية» 
ويعني: إقصاء الدين عن الحياة» واقامة الحياة في كل مجالاتها 
بعيداً عن توجيهات الدين والإله» ولها صورتان: 

١-العلمانية‏ غير الملحدة: وهي الذي ل« تنكر وجود الله» 
ولكني] :كن أحقينه في الحكم والتتتريع 

؟-العلمانية الملحدة: وهي التي تنكر الدين كله» وتنكر 


)1( في ظلال القران 2 سد بتصرف يسير . 
؟.ه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الخالق» وتحارب من يدعوا إلى الإيمان ('). 

وقد تعرض سيد قطب - رحمه الله - للعلمانية في كثير 
من كتبه» مبيناً أسباب نشأتها ودخولها إلى العالم الإسلامي؛ 
وكذا آثارها في الحياة» وحكم الإسلام فيها وفي أهلهاء 

ويمكن بيان ذلك في النقاط الاتية: 

أ- أسباب نشوء العلمانية 
ذكر سيد قطب أن نشأة العلمانية في أوروبا ترجع إلى 
عدة أسباب منهاء - 

-١‏ طغيان الكنيسة في الغرب» الأمر الذي جعل الناس 
يهربون من الكنيسة الطاغية الباغية» ومن إلهها الذي تزعم أنها 
تنطق باسمه وتُحَرَّم على الناس أن يتفكروا وأن يتدبروا» وتفرض 
عليهم باسمه الإتاوات الباهضة» والاستبداد المنفر»ء وصكوك 
الغفران» وقرارات الحرمان» ومحاكم التفتيشء» فلما همَّ الناس أن 
يقخاصووا مف هذا «الكانوون ‏ تخاضيوا خض «الكنسة ووناع انها 
لكنهم لم يقفوا عند حد الاعتدال» فتخلصوا كذلك من إله الكنيسة 
وسلطانه» ثم تخلصوا من كل دين يقودهم في حياتهم الأرضية 


. ٠١ العلمانية وثمارها الخبيثة » محمد شاكر الشريف » ص‎ )١( 


.مه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بمنهج الله» وكانت الشقوة وكان البلاء .)١(‏ 

-1١‏ عجز الديانة المسيحية في أوروبا عن قيادة الحياة 
الاجتماعية للأمم التي عاشت عليهاء بسبب الانفصال بين القيم 
الروحية والقيم العملية» نتيجة لعدة ملابسات تاريخية من ناحية» 
ولكونها جاءت موقوتة لزمن ثم عاشت بعد زمنها من ناحية 
أكوى» ومن تاحية أكرئ كان للعدارة المستحكية .بين" النهوذ 
والمسيح -عليه السلام - وأتباع دينه أثر في الانفصال بين 
التوراة المتضمنة للشريعة والإنجيل المتضمن للتهذيب الأخلاقي 
والروحيء فلما وقع ذلك الانفصال في الدين المسيحي» عجزت 
المسيحية عن أن تكون نظاماً شاملا للحياة البشرية» واضطر 
أهلها إلى الفصل بين القيم الروحية والقيم العملية في حياتهم 
كلها! (5) 

:- الجفوة التي قامت في الغرب بين الدين والعلم» وبين 
الكنيسة والفكرء والفصام النكد بسبب سياسة تكميم الأفواه 
وتعطيل الأفكار المتحررة من الجهل والخرافة» والتصادم بين 
النظريات العلمية الحديثة وبين مقررات الكنيسة المحرفة» كل 


)01( في ظلال القرآن » 758 . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 4٠٠١ /١‏ بتصرف . 


.مه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ذلك جعل الناس يكرهون الكنيسة والدين ويعادونهما ('). 

4 - التحالف غير الشريف بين أرباب الكنيسة وبين 
الملوك والحكام» والتقاء مصلحتيهما في تسخير الجماهير 
واستغلال الدهماء بعد عصور من النزاع بينهماء جعل الناس 
ينظرون إلى الدين على أنه مسخر لإخضاع الملايين 
للمستبدين ورجال الدين فكان لا بد من الخروج عليه ("). 

5- تحول الكنيسة ورجالها إلى الإقطاع وانضمامها إلى 
تسكن روات الأسوال كي الخنا هن 00 


ب- دخولها العالم الإسلامي: يقول سيد: " نظرية العلمنة 
استوردت من الغرب إلى العالم الإسلامي ذلك أن قصة العزلة 
بين الدين والدنيا لم تنبت في العالم الإسلامي» ولم يعرفها 
الإسلام» ولكنه التلقف لما عند الغربيين والمحاكاة دون التفتيش 
عَم أصنول هذه التظريات وأسيات نشاتيا (0). 


٠١ العدالة الاجتماعية » ص‎ )١( 

(1): المصلدن السايق »صن :4 . 

(") المصدر السابق » ص ١١‏ » والمستقبل لهذا الدين » فصل "الفصام النكد " 
ص 55-75 . 

(:) العدالة الاجتماعية » ص 8 بتصرف يسير 


كمه 





1010101000 عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





ويلخص سيد قطب - رحمه الله - أسباب استيراد 
المسلمين لهذه النظرية بالآتي: 
-١‏ الجهل بحقيقة الدين الإسلامي. 
؟- الجهل بطبيعة المجتمعات وقوانين الحياة. 
- الكسل العقلي والنفسي عن مراجعة الرصيد الإسلامي من الأنظمة 
والتشريعات. 
5- التقليد المضحك للاتجاه الغربي أو الشرقي في فصل الدين عن 
الحياةء حيث اقتضت ذلك طبيعة نشأة الدين عندهم دون أن تقتضيها 
طبيعة نشأة الإسلام .)١(‏ 
ه- جهود الصليبية والصهيونية العالمية في غرس الزعامات العلمانية 
في العالم الإسلامي ودعمها كما فعلوا مع " أتاتورك " الذي فرض 
العلمانية بقوة الحديد والنار. 
5- الاغترار بالدعاية الغربية التي تخدر مشاعر المسلمين» من خلال 
إظهار احترام الدين بقصره على بعض جزئياته» والباس الجاهلية ثوب 
الإسلام. 
- ترويج المستشرقين للفكر العلماني والعمل على نشره والدعاية له (") 


)1( المصدر السابق » ص ١86١‏ بتصرف . 
)١(‏ في ظلال القرآن » ”/ ١١7١‏ ء بتصرف . 
/اءه 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





- الاستعمار الصليبي للعالم الإسلامي وجهوده في زحزحة الشريعة 
الامتلاسية وقصلها عن الحناة 107). 





بعد أن استعرض سيد - رحمه الله - أسباب نشأة 
العلمانية في الغرب بيّن أننا نحن المسلمين لا علاقة لنا بهذا 
كله» فظروفنا التاريخية وطبيعة الإسلام وظروفه ليست في 
شيء من ذلكء وبالتالي فلا مبرر للعلمانية في العالم الإسلامي 
للأسباب الآتية: 
-١‏ أن التشريع الإسلامي جاء شاملاً للدنيا والدين» متضمناً 
للقوانئين والنظم التي توجه الفرد والمجتمع في جميع نواحي 
الحياة إلى قيام الساعة» وليس فيه الانفصال بين الدين والدنيا. 
؟- أن الإسلام لا كهانة فيه ولا وساطة بين الخلق والخالق» 
وباستطاعة كل مسلم في أي مكان من الأرض أن يتصل بربه 
بلا كاهن ولا قسيس» فليس في الإسلام " رجل دين " بالمعنى 
المفهوم في الغرب» حيث لا تصح مزاولة الشعائر التعبدية إلا 
بحصوره. 
-٠‏ أن الحاكم في الإسلام لا يستمد ولايته من " الحق الإلهي " 


. 7 المستقبل لهذا الدين » ص‎ )١( 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ولا من الوساطة بين الله والناس» وإنما يستمدها من الجماعة 
الإسلامية - أي باختيار أهل الحل والعقد له- كما يستمد 
السلطة ذاتها من تنفيذ الشريعة التي يستوي في فهمها وتطبيقها 
والاحتكام إليها الناس جميعاً على السواء» فليس للحاكم إلا تنفيذ 
الشريعة» فلا صراع إذاً بين علماء الدين والسلطان على رقاب 
العباد ولا أموالهم» وليست هناك مصالح اقتصادية ولا معنوية 
يتنازعونهاء وليست هناك سلطة روحية وأخرى زمنية في الإسلام 
كما كان الحال بين الأباطرة والباباوات. 

5- أن الإسلام لا يعادي العلم ولا يكره العلماء بل يجعل العلم 
المؤدي إلى معرفة الله-وكل علم صحيح يؤدي إلى هذه الغاية- 
فريضة مقدسة داخلة في الطاعات الدينية 'طلب العلم فريضة 
على كل مسلم(") 

ه- أن التاريخ الإسلامي لم يعرف تلك الاضطهادات المنكرة 
المنظمة لرجال الفكر والعلم» كما عرفتها محاكم التفتيش» 
والمرات القليلة النادرة التي عوقب فيها رجال على أفكارهم تعد 


)١(‏ رواه ابن ماجة من كتاب العلم » ينظر : سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد 

القز ويني » دار المعرفة بيروت ط١‏ عام ١51١5‏ ه 197/١١‏ وصححه الألباني في 

صحيح سنن ابن ماجة » مكتبة المعارف - الرياض ط١‏ عام 17/١ ه١ 5١١/‏ 
4ه 





17 717 77 17 ال 





شاذة» فلا جفوة إذاً بين الدين والعلم الصحيح» في طبيعة 
الإسلام وتاريخه كما كان في أوربا. 
5- أن الإسلام لا يقر ظلم الحكام» ولا يسمح للعلماء بالسكوت 
عنه» بل يجعل أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» وقد 
حفظ التاريخ كثيرا من النماذج في مواجهة الطغاة من الحكام. 

وبناءَ على ما سبق فليس هناك سبب واحد لتنحية الإسلام 
عن المجتمع» لا من طبيعته الخاصة» ولا من ظروفه التاريخية 
كالأسباب التي لازمت المسيحية في أوربا فعزلت الدنيا عن 
الدين» وتركت للدين تهذيب الضمير وتطهير الوجدان» بينما 
تركت للقوانين الوضعية تنظيم المجتمع وتسيير الحياة ' .)١(‏ 

العلمانية وآثارها على البشرية: 

إن الافتراق بين النشاط المادي وبين المنهج الرباني» 
وافتراق الدنيا والآخرة» والدين والحياة» ووجود الفصام بين منهج 
الله وحياة الناس لا يثمر في الحياة البشرية إلا آثاراً سيئة» وقلقاً 
وحيرةً وشقَاءُ قلب وبلبلة خاطر» عندما يحاول الناس الاحتفاظ 
بعقيدتهم في الله» ويحاولوا معها مزاولة الحياة في المجتمع الذي 
يقوم نظامه كله وأوضاعه وتصوراته ووسائل الكسب فيه على 


د - ة 





. بتصرف يسير‎ ١5-١١ العدالة الاجتماعية » ص‎ )١( 


هأ٠‎ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





غير منهج الله» فتتصادم فيه العقيدة والخلق والسلوك الديني مع 
الأوضاع والقوانين والقيم والموازين في المجتمع. 

ولا يجوز أن تخدعنا ظواهر كاذبة» في فترة موقوتة» 
عندما نرى أمما لا تؤمن ولا تقيم منهج الله وهي موفورة الخيرات 
ثيرة الإنتاج» فهو رخاءً موقوت حتى تفعل السنن الثابتة فعلها 
الثابت» وحتى تظهر كل آثار الفصام النكد بين الإبداع المادي 
والمنهج الرباني» وقد ظهرت الآن بعض هذه الآثار في صور 
شتى منها: 

١‏ - سوء توزيع الثروات في هذه الأممء مما يجعل 
المجتمع حافلاً بالشقاء والأحقاد والمخاوف. 

؟ - الانحلال النفسي والخلقي الذي يؤدي عاجلاً أو 
آجلاً إلى تدمير الحياة المادية ذاتها. 

* - القلق العصبي والأمراض المتنوعة التي تجتاح 
الأمم. 

4- الخوف الذي تعيشه البشرية كلها من الدمار العالمي 
المتوقع .)١(‏ 

ه- الديمقراطية وعلاقتها بالعلمانية: 


. بتصرف‎ 175-9477 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
ه١‎ 





ارا عبد هليه ومنصمه فى العفسة _ و6 ]| 





الديمقراطية:_مصطلح غربي يطلق على نظام الحكم 
الذي يقوم على حاكمية الشعب» وهي مركبة من كلمتين: "ديمو"' 
و" كراتس" وتعني حكم الشعب أو سلطة الشعبء بمعنى أن 
الشعب يحكم نفسه بنفسه عن طريق المجالس النيابية وبنظام 
الأغلبية» حيث تمارس هذه المجالس حق التشريع المطلق 
وإصدار القوانين بناءً على رأي الأغلبية فيهاء والديمقراطية وليدة 
للعلمانية» فعندما ثار الأوربيون على النظام الديني الذي كانت 
تمثله الكنيسة وأعلنوا إقصاءه وعزله عن الحياة في جوانبها 
العملية» لم يكن أمامهم إلا النظرية الديمقراطية القائمة على 
حاكمية الشعوب عن طريق المجالس النيابية ('). 

ولسيد قطب - رحمه الله - موقف من النظام الديمقراطي 
يتمثل في الاني: 

-١‏ الديمقراطية نظام وضعي بشري لا يجوز الخلط 

يقول سيد: " لم استسغ حديث من يتحدثون عن " 
اشتراكية الإسلام " و " ديمقراطية الإسلام " وما إلى ذلك من 
الخلط بين نظام من صنع الله سبحانه وأنظمة من صنع البشرء 


)١(‏ مذاهب فكرية معاصرة » محمد قطب 
١ه‏ 





رار عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





تحمل طابع البشر وخصائصهم من النقص والكمال والخطأ 
والصواب» والضعف والقوة» بينما نظام الإسلام الرباني بريء 
من هذه الخصائصء كامل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من 
خلفه» " )١(‏ 

-١‏ الديمقراطية في الواة الأقلية 
للأكثرية: 

يقول سيد: " والحقيقية أن حكاية الاختيار الحر من 
الشعب خرافة» والجماهير تحس في أعماقها بضخامة هذه 
الخرافة» لأن الناخب يدرك أنه غير حر في إبداء إرادته 
الحقيقة» وعيشه ولقمة الخبز التي تحفظ حياته في يد صاحب 
رأس المال الذي ينتخبه» وعلى فرض المستحيل في استمتاع 
الناخب بحريته المطلقة وهو يختار الرجال للبرلمان» فهذا 
البرلمان بحكم تكوينه من طبقة معينة تقل فيها العناصر التي 
هي من الجماهير حقيقة لا دعاية» فسيكون ما يسنه من 
تشريعات في مصلحة رؤوس الأموال('). " بل ليس 
للديمقراطيات الشعبية من اسمها نصيب إلا كنصيب " العالم 


. ١57 العدالة الاجتماعية » ص‎ )١( 
. ١57 السلام العالمي والإسلام - سيد قطب - ص‎ )١( 
ولد‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الحر " من اسمه» فالديمقراطيات التي تحكم حكما دكتاتوريا 
مباشراء تحرسه الجاسوسية الرهيبة ولها أجهزتها وأقلامها 
وألسنتهاء وهي تستحق منا المكافحة كما نكافح الاستعمارء 
ويكفينا راية الإسلام " (0). 

ويقول أيضاً " لقد هربت أوروبا من الله وثارت عليه(") 
في أثناء هروبها من الكنيسة وثورتها عليها وظن الناس أنهم 
سيجدون إنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم ومصالحهم في ظل 
الأنظمة الفردية ( الديمقراطية ) وعلقوا كل آمالهم على الحريات 
والضمانات التي تكفلها لهم الدساتير الوضعية والأوضاع 
النيابية البرلمانية» والحريات الصحفية» والضمانات القضائية 
والتشريعية» وحكم الأغلبية المنتخبة... إلى آخر هذه الهالات 
التي أحيطت بتلك الأنظمة» ثم ماذا كانت العاقبة؟ كانت العاقبة 
هي طغيان ' الرأسمالية " ذلك الطغيان الذي أحال كل تلك 
الضمانات» وكل تلك التشكيلات» إلى مجرد لافتات» والى مجرد 
خيالات!ء ووقعت الأكثرية الساحقة في عبودية ذليلة للأقلية 


)١(‏ دراسات إسلامية - سيد قطب - ص ١17”‏ بتصرف. 
(؟) لا ينبغي استعمال مثل هذا التعبير في حق الله تعالى » ويمكن أن يقال : 
تمردت على شرع الله ( د/ الديلمي ). 


:اه 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الطاغية» التي تملك رأس المال؛» فتملك معه الأغلبية البرلمانية! 
والدساتير الوضعية! والحريات الصحفية! وسائر الضمانات التي 
ظنها الناس هناك كفيلة بضمان إنسانيتهم وكرامتهم وحريتهم» 
في معزل عن الله!!! " ('2 بل ليس للديمقراطيات الشعبية من 
اسمها نصيب إلا كنصيب " العالم الحر " من اسمه 
فالديمقراطيات الشعبية هي الديمقراطيات التي تحكم حكماً 
ديكتاتورياً مباشراء تحرسه الجاسوسية الرهيبة ولها أجهزتها 
وأقلامها وألسنتهاء وهي تستحق هنا المكافحة كما نكافح 
الاستعمار ويكفينا راية الإسلام (5). 
الإسلام في أنظمة ١‏ 5 3: 
(الاشتراكية والرأسمالية والعلمانية والديمقراطية ) 
قبل الحديث عن حكم الإسلام في أنظمة الحكم غير 
الإسلامية» نشير إلى بعض الحقائق التي قررها سيد - رحمه 
الله - فيما يتعلق بالعلاقة بين الإسلام وبين النظم والنظريات 
الأخرى؛ في مواضع كثيرة من كتبه» وهذه الحقائق هي: 


الحقيقة الأولى: " أن حقيقة الدين الإسلامي لا تكمل إلا 





. بتصرف يسير‎ ١1547 /4 في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف‎ ١67 (؟) دراسات إسلامية » ص‎ 


هاه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بالاتباع الكامل لما جاء به النبي كنم عن ربه - جل وعلة - 
في كل شئون الحياة» فليس لهذا الدين صورة إلا هذه الصورة " 
0 

الحقيقة_الثانية:_"' أن طبيعة الدين الإسلامي تأبى أن 
ينفصل عن الدنياء أو أن ينحصر في الأخلاقيات والشعائر 
النعبدية: أو في بركن ضيق من أركان الحياة البشرية (1) وذلك 
لأن الإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة» فيقوم على هذه الشريعة 
نظام» ومن العقيدة والشريعة والنظام تتكون شجرة الإسلام كما 
تتكون كل شجرة من جذر وسابق وثمرة» فلا ساق ولا ثمار بلا 
جذور ضاربة في الأعماق» ولا قيمة لجذور لا تنبت ساقاًء ولا 
جدوى في ساق لا تعطي أكلها للحياة» لذلك حرص الإسلام 
على أن يكون الحكم لشريعته في الحياة قال تعالى: [ِوَمَن لَّمَ 
يحخكر بمآأنرَلَ لَه وليك هم الْكَيُونَ [سورة المائدة: ؛ 4]. 

وبذلك تختفي من الإسلام أسطورة فصل الدين عن الدولة لأنه لا 
دولة بلا دين» ولا دين بلا شريعة ونظام 6 


. بتصرف‎ ١51470318٠ /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 75 المستقبل لهذا الدين عص‎ )١( 
- (؟) دراسات إسلامية - سيد قطب - ص 35 » ومعركتنا مع اليهود - سيد قطب‎ 
.1١5519/9# 2 5٠0 /١ ٠ ص 4؛ »ء وفي ظلال القرآن‎ 
5ه‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الحقيقة_الثالثة:_" أن ما سوى الإسلام من النظم فهي 
جاهلية» مهما تعددت أشكالها وبيئاتها وأزمانهاء وهي تقوم على 
أساس عبادة العباد للعباد» وهو ما جاء الإسلام ليحرر البشرية 
منه ويوحد العبودية لله في الأرض(2 'وبالتالي فلا يجوز 
الخلط بين الإسلام وغيره من النظم والمناهج» فالإسلام هو 
الإسلام والاشتراكية هي الاشتراكية»ء والديمقراطية هي 
الديمقراطية» ذلك منهج الله»ء وهذا وتلك من مناهج البشر 
وتجاربهم'("). 

الحقيقة الرابعة:_" أن حياة الناس في الأرض لا تصلح 
إلا بهدي الإسلام وقيادته ومنهجه» لا تصلح بالإقطاع 
والرأسمالية» كما أنها لا تصلح بالشيوعية والاشتراكية العلمية؛ 
ولا تصلح بالثيوقراطية» كما أنها لا تصلح بالدكتاتورية أو 
الديمقراطية! فكلها سواء في كونها من مناهج العمي الذين 
يقيمون من أنفسهم أربابا من دون الله فتضع هي مناهج الحكم 
والحياة» وتشرع للناس ما لم يأذن به الله» وتعبدهم لما تشرع» 
فتجعل دينونتهم لغير الله» وآية هذا الذي نقوله هو هذا الفساد 


. ١١١9 المستقبل لهذا الدين - سيد قطب - .» ص‎ )١( 
. 7١81 في ظلال القرآن » ؟/‎ (0) 
/ااه‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الذي يعم وجه الأرض اليوم في جاهلية القرن العشرين وهذه 
الشقوة التي تعانيها البشرية في مشارق الأرض ومغاربها سواء 
في ذلك أوضاع الإقطاع والرأسمالية وأوضاع الشيوعية 
والاشتراكية العلمية» وسواء في ذلك إشكال الدكتاتورية في الحكم 
أو الديمقراطية» إنها كلها سواء فيما تلقاه البشرية من خلالها من 
فساد وتحلل وشقاء وقلق لأنها كلها من مناهج العمي الذين لا 
يعلمون " (0). 

الحقيقة الخامسة: " أن واجب الدعاة إلى هذا الدين في 
الأرض» أن ينزلوا تلك اللافتات الخادعة المرفوعة على 
الأوضاع والنظم الجاهلية المختلفة» وتعرية الجاهلية من ردائها 
الزائف وإظهارها على حقيقتها شركاً وكفرأ» دون تحرج - 
فالتحرج في غير موضعه يعوق انطلاقة الحركة الإسلامية في 
مسيرتها لتمكين الدين " ('). 

وبناء على ما سبق: فإن سيد قطب - رحمه الله - يرى 
أن الأنظمة العلمانية على اختلاف مسمياتها تمثل أنظمة 
طاغوتية جاهلية» تتعارض مع شهادة لا إله إلا الله ". 


)0( في ظلال القران 2 3 23 006 
)١(‏ المصدر السابق » ”*/ ١514701١5545‏ » بتصرف يسير . 


ه١/م‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بل يرى أن شرك العلمانيين اليوم أعظم من شرك 
الجاهليين» وأن الإيمان بالعلمانية هو تنصل من الدين وكفر 
وشرك يناقض أصل الإسلام» القائم على الاستسلام لله تعالى 
في شؤون الحياة فيقول - رحمه الله -: " وفي قصة شعيب تبدو 
القضية واضحة جادة» فقد كان مدار المعركة على التشريع 
للمعاملات الاقتصادية والسياسية» تبعاً لما دعاهم إليه من 
توحيد الله» فكانوا يستغربون الربط بين هذا وبين الإيمان بالله 
وحده والصلاة» فكانوا يقولوا مثلما يقول اليوم ناس - وبعضهم 
يزعمون أنهم مسلمون - ويحملون أسماء إسلامية» وقد يذهبون 
إلى المساجد فيصلون!: ما للدين ونظام المجتمع؛ وماله 
والتشريع لحياة الناس الاجتماعية والاقتصادية! وما لإدخال 
الدين في التشريع والسياسة والحياة الدنيا وهو مختص بالاعتقاد 
والعبادة والدار الآخرة؟ واذا سمحوا للدين بالوجود فإنهم يسمحون 
له عقيدة تستكن في الضميرء» وعبادة تؤدي بالشعائرء» وهذه 
وذاك هما نصيب الله في الحياة عندهم» وحدود اختصاصهم» ثم 
يزعمون أنهم مسلمون!! وما هم بالمسلمين!! " .)١(‏ 

-ويقول في ظلال قوله- تعالى-عن أهل الكتاب_ج 335 ف 


. ١55 مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
11 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





ف ذذ ق ج )١(‏ معلقاً على إعراض أهل الكتاب عن الاحتكام 
إلى كتاب الله مع ادعائهم الإيمان: " ومثل أهل الكتاب من 
يزعمون اليوم أنهم مسلمون» ثم يُدعَون إلى كتاب الله ليحكم 
بينهم فيتولون ويعرضون» وفيهم من يتبجحون ويتوقحون 
ويزعمون أن حياة الناس دنيا لا دين! وأن لا ضرورة لإقحام 
الدين في حياة الناس العملية.. ثم يزعمون أنهم مسلمون!.. وهو 
نفس الظن الذي كان يظنه أهل الكتاب.. وهؤلاء وأولئك سواء 
في تنصلهم من أصل الدين وتملصهم من حقيقته التي يرضاها 
ارش " 02 

ويقول أيضاً: " والجاهلية على شركهم لم يكونوا يتبجحون 
تبجح الجاهليات الحديثة التي تقول: ما للدين وشئون الحياة؛ 
وتزعم أنها صاحبة الحق في اتخاذ الأوضاع والشرائع والقيم 
والموازين.. من دون الله " ("). 

' فالجاهلية اليوم ليست أفضل من جاهلية قوم شعيب 
فالشرك الذي كان يزاوله قوم شعيب هو ذاته الشرك الذي تزاوله 


. 54 سورة آل عمران » آية‎ )١( 
. 387 /١ » (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 31١١8٠6 (؟) المصدر السابق » ؟/‎ 
بكه‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





البشرية بجملتها اليوم»ء من الفصل بين العقيدة والشعائرء 
والشريعة والتعامل... وهذا هو الشرك في حقيقته وأصله» حيث 
يوجد بيننا اليوم من يستنكر وجود صلة بين العقيدة والأخلاق» 
ويتساءلون في استنكار: ما للإسلام وسلوكنا الشخصي؟ ما 
للإسلام والعري في الشواطئ؟ ما للإسلام وزي المرأة؟ ما 
للإسلام والطاقة الجنسية؟ ما للإسلام والتدخل في الاقتصاد.. 
وما تستقيم عقيدة في القلب ثم تترك شريعة الله في السلوك» ولا 
يمكن أن يجتمع التوحيد والشرك في قلب واحد» والشرك ألوان 
منه هذا اللون الذي نعيش به الآن - العلمانية - وهو يمثل 
أصل الشرك وحقيقته التي يلتقي عليها المشركون في كل زمان 
ومكان " 0 

وعموما: " فالمسلم بحكم إيمانه بالله وعلمه بأن ما أنزل 
على محمد ييه هو الحق» يرفض كل منهج للحياة غير منهج 
الله وكل مذهب اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي كذلك» 
فمجرد الاعتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من صنع غير 
الله هو بذاته خروج من دائرة الإسلام لله... وفوق أنه يخالف 
بالضرورة مفهوم الإسلام الأساسي» فهو في الوقت ذاته يسلم 


. بتصرف‎ ١120-١915 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
0١ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الخلافة في هذه الأرض للعميان الذين ليس من ورائهم إلا 
الفنناد 000 


الفرع الخامس: موقفه من الاستشراق: 

الاستشراق هو: تيار فكري يقوم على دراسة الشرق 
الإسلامي وحضارته» ويصوغ أصحابه التصورات الغربية عن 
العالم الإسلامي من منطلق الصراع الحضاري في الغالب (") 

وهو مؤسسة من مؤسسات الغزو الفكري» وأداة من أدوات 
وأهدافهم ووسائلهم في حرب الإسلام» وحذر كثيراً من التلقي 
عنهم والاعتماد على كتاباتهم» ويمكن إجمال ذلك في الآتي: 

-١‏ حقيقة المستشرقين وأهداة 

يرى - سيد قطب - '" أن المستشرقين هم: الأداة الفكرية 
للاستعمار الصليبي الصهيوني " (). " وأنهم طليعة الهجوم 


. بتصرف‎ 7٠١75 /54 المصدر السابق:‎ )١( 
٠. 590/5 ه‎ 1١54١8 ٠ (؟) الموسوعة الميسرة » الندوة العالمية - الرياض » ط"؟‎ 
. بتصرف‎ 
. ١١7١ /” » (؟) في ظلال القرآن‎ 
"هه‎ 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





على هذا لدي واهلة 2007 

انهم يك جعة. خل تدسون نذا الشيع. قرانية الافيق: 
عميقة» وينقبون عن أسرار قوته» وعن مداخله إلى النفوس 
ومساربه فيهاء ويبحثون بجدٍ: كيف يستطيعون أن يفسدوا القوة 
الموجهة في هذا الدين؟ كيف يُلقون بالريّب والشكوك في قلوب 
أهله؟ كيف يحرفون الكلم عن مواضعه؟ كيف يصدون أهله عن 
العلم الحقيق :نه؟ كيت يحولوفة من تخزكة دافعة: تخطم؛ الياظل 
والجاهلية وممترد خلظا م الناافي"الأرسن رتطاره المتدين كلن 
هذا السلطان وتجعل الدين كله للهء إلى حركة ثقافية باردة» والى 
بحوث نظرية ميتة» والى جدلٍ لاهوتي أو فقهي أو طائفي فارغ؟ 
كيف يفرغون من مفهوماته في أوضاع وأنظمة وتصورات 
غريبة عنه مدمرة له» مع إيهام أهله أن عقيدتهم محترمة 
متعيونةة كنت .في "القيانة' يطلتزن “قرع «اللعقيدة ابتضدورا خخ 
بتفجرواك: والطا مالف أخرق لبحوم :على للحتو الخاطفي 
الباقية من العقيدة الباهكة: 

إضم رسون هذا (الذيق كراسة حجاذة عنيقة خض نا 


لأنهم يبحثون عن الحقيقة - كما يتوهم السذج من أهل هذا 


. ١19/9 » المصدر السابق‎ )١( 
0 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الدين - ولا لينصفوا هذا الدين وأهله - كما يتصور بعض 
المخدوعين حينما يرون اعترافاً من باحث أو مستشرق بجانب 
طيب في هذا الدين! كلا! إنما هم يقومون بهذه الدراسة الجادة 
العميقة الفاحصة: 

أ- لأنهم يبحثون عن مقتل لهذا الدين! 

ب- لأنهم يبحثون عن منافذه ومساربه إلى الفطرة 
ليسدوها أو يميعوها! 

ج- لأنهم يبحثون عن أسرار قوته ليقاوموه منها! 

د- لأنهم يريدون أن يعرفوا كيف يبني نفسه في النفوس 
ليبنوا على غراره التصورات المضادة التي يريدون ملء فراغ 
الناس بها! وهم من أجل هذه الأهداف والملابسات كلها يعرفونه 
كنا يعرفون انمه "00 

"' إن البحوث التي تكتب عن الإسلام في هذه الفترة 
تصدر بمعدل كتاب كل أسبوع بلغة من اللغات الأجنبية... 
وتنطق هذه البحوث بمدى معرفة أهل الكتاب بكل صغيرة 
وكبيرة عن طبيعة هذا الدين وتاريخه» ومصادر قوته» ووسائل 
مقاومته» وطرق إفساد توجيهه» ومعظمهم - بطبيعة الحال - لا 


)0( في ظلال القرآن 056 . 
اه 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





يفصح عن نيته هذه؛ فهم يعلمون أن الهجوم الصريح على هذا 
الدين كان يثير حماسة الدفاع والمقاومة فحركات المقاومة كانت 
تعتمد على الوعي الديني أو على الأقل العاطفة الدينية - 
واستمرار الهجوم على الإسلام ولو في صورة فكرية سيظل يثير 
حماسة الدفاع والمقاومة» لذلك يلجأ معظمهم إلى طريقة أخبث» 
يلجأ إلى إزجاء الثناء لهذا الدين» حتى ينوم المشاعر المتوفزة؛ 
ويخدر الحماسة المتحفزة» وينال ثقة القارئ واطمئنانه» ثم يضع 
السم في الكأس ويقدمها مترعة.. هذا الدين نعم عظيم. ولكنه 
ينبغي أن يتطور بمفهوماته وتنظيماته ليجاري الحضارة 
الإنسانية الحديثة! وينبغي ألا يقف موقف المعارضة للتطورات 
التي وقعت في أوضاع المجتمعء وفي أشكال الحكم» وفي قيم 
الأخلاق» وينبغي في النهاية أن يتمثل صورة عقيدة في القلوب» 
ويدع الحياة الواقعية تنظمها نظريات وتجارب وأساليب الحضارة 
" الإنسانية " الحديثة! ويقف فقط ليبارك ما تقرره الأرباب 
الأرضدية من التجازب والأساليب.. ويذلك يظل ديناً عظيماً!!! 
وفي أثناء عرض مواضع القوة والعمق في هذا الدين - 
وهي ظاهرياً تبدو في صورة الإنصاف الخادع والثناء المخدر - 
يقصد المؤلف قومه من أهل الكتاب» لينبههم إلى خطورة هذا 


همه 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الدين» وإلى أسرار قوت» ويسير أمام الأجهزة بهذا الضوء 
الكاشف ليسددوا ضرباتهم على الهدف! " .)١(‏ 

' وبهذا نعلم أن المستشرقين يعملون جميعاً في حقل 
واحد في حرب الإسلام» وتحريف منهجهء وقتل إيحاءاته 
الموحية في حس المسلمين» كي يأمنوا انبعاث هذا الروح الذي 
لم يقفوا له مرة في ميدان " ("). 





يقول سيد: " إن عمل المستشرقين خلال القرون 
المتطاولة من الدس في التراث الإسلامي لا سبيل إلى كشفه إلا 
بجهد قرون» فقد عمدوا إلى وسائل كثيرة» تحت أقنعة وشعاراء” 
ثيرة في حربهم لهذا الدين» ومن ذلك: 

أ- الدس والتلبيس: وله صور كثيرة منها: 

- الدس والتلبيس في التاريخ الإسلامي وأحداثه ورجاله 

- الدس والتلبيس في الحديث النبوي» حتى قيض الله له 
رجاله الذين حققوه وحرروه إلا ما ند عن الجهد الإنساني 
المحدود. 


. بتصرف يسير‎ ٠١55-7١5١ /7 ٠ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 3795 /١ » المصدر السابق‎ )١( 
5ه‎ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





- الدس والتلبيس في التفسير القرآني» حتى تركوه تيها لا 
يكاد الباحث يفيء فيه إلى معالم الطريق. 

- الدس والتلبيس في الرجال» فالمئات والألوف كان 
دسيسة على التراث الإسلامي وما يزالون» فتلاميذ المستشرقين 
هم الذين يشغلون مناصب القيادة الفكرية اليوم في البلادء 
والعشرات من الشخصيات المدسوسة على الأمة المسلمة في 
صورة أبطال مصنوعين على عين الصهيونية والصليبية ليؤدوا 
لأعداء الإسلام من الخدمات ما لا يملك هؤلاء الأعداء أن 
يؤدوه ظاهرين!.. في العالم الإسلامي اليوم جيش جرار من 
العملاء»؛ في صورة أساتذة وفلاسفة ودكاترة وباحثين - وأحياناً 
كُتَابِاً وشعراء وفنانين وصحفيين - يحملون أسماء المسلمين» 
هذا الجيش من العملاء موجه لخلخة العقيدة في النفوس بشتى 
الأساليب» في صورة بحث وعلم وأدب وفن وصحافة» وتوهين 
قواعد العقيدة» والتهوين من شأنها وشأن الشريعة» وتأويلها 
وتحمليها ما لا تطيق» والدق المتصل على " رجعيتها " والدعوة 
للتفلت منهاء وأبعادها عن مجال الحياة إشفاقهاً عليها من الحياة 
أو إشفاقاً على الحياة منها! وابتداع تصورات ومُثل وقواعد 
للشعور والسلوك تناقض وتحطم تصورات العقيدة ومثلهاء وتزيين 


/امىه 


رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





التصورات المبتدعة بقدر تشويه التصورات الإيمانية واطلاق 
الشهوات من عقالها وسحق القاعدة الخلقية» وتشويه التاريخ كله 
وتحريف النصوص("). 

ب- تشويه الجهاد في الإسلام: 

" من خلال تصوير الإسلام على أنه حركة قهر بالسيف 
للإكراه على العقيدة» والمستشرقين الخبثاء يعرفون جيداً أن هذه 
ليست هي الحقيقة» ولكنهم يشوهون بواعث الجهاد الإسلامي 
بهذا الطريقة " (5). " بل يزعم بعض المستشرقين أن الفتوحات 
التي بدأت في عهد رسول الله وسارت في طريقها في عهد 
الخليفتين الراشدين بعده مجرد عدوى من الروح الإمبراطورية 
السائدة في الارضن 207 

وقد وقف سيد - رحمه الله - طويلاً في عدة مواضع من 
كتبه حول مزاعم المستشرقين حول طبيعة الجهاد في الإسلام؛ 


وكشفقة و ابح افد ويوا حكة 50). 


ا" , 5-586؟؟5, 5:55 , كم 71-7 2 ا ا 
"مه 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





كما حمل على بعض الباحثين المهزومين تحت ضغط 
الواقع» والذين حاولوا التماس الأعذار الدفاعية التي تقوم على 
نفي مزاعم المستشرقين بإدعاء أن الجهاد في الإسلام ليس إلا 
دفاعياً» وغفلوا عن طبيعة الإسلام ووظيفته» وحقه في " تحرير 
الإنسان ' ابتداءً» فالإسلام ليس نحلة قوم» ولا نظام وطنء ولكنه 
منهج إله» ونظام عالم.. ومن حقه أن يتحرك ليحطم الحواجز 
من الأنظمة والأوضاع التي تقلل من حرية " الإنسان " في 
الاختيار» وحسبه أن لا يهاجم الأفراد ليكرههم على اعتناق 
عقيدته إنما يهاجم الأنظمة والأوضاع ليحرر الأفراد من 
التأكيراك الفاهدة: المقبد» للفظرة» المقيذة لكزية الككتيار 1 

ج- تشويه موقف الإسلام من أهل الكتاب: حيث يزعم 
المستشرقون - اليهود والصليبيون - سواء أن محمداً يه - لم 
يهاجم اليهود - بزعمهم بهذا القرآن إلا بعهد أن يئس في 
المدينة من استجابتهم له» أما في مكة وأول عهده بالمدينة فكان 
يحاسنهم طمعاً في إسلامهم. 


١‏ ع للا ء 4/ 1155-7151 ل الات تكلا تلرضككن 
همات :ككل ومه” . 

)١(‏ في ظلال القرآن » ١5457/”‏ بتصرف . ودراسات إسلامية » ص 7” وما 
بعدها . 


21 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وقد رد سيد قطب عليهم هذا الافتراء: بأن القرآن هاجم 
أهل الكتاب في سورة الأعراف وهي مكية وبيّن فيها الحق في 
شأنهم» مما يدمغ أولئك الزاعمين من المستشرقين بالافتراء على 
التاريخ بعد الافتراء على الله ورسوله .)١(‏ 

د- زعمهم أن رسالة محمد يل خاصة بالعرب: 

يقول سيد حرحمه الله- في ظلال قوله تعالى: (وَمذا 


82 مسجلاو وراارف برلا سير مم رود سح لعا 20 2ع 0 لالع سل ولع 
كتتب أنزلته مبارك مَصَيِّق الْذِى بن يديه ولننذر آم القرئ ومن حَوها 


- 


مك ل عع د متي .مر وه حدر باح ساسا لص لستغت سا 57 
لذن يوون بلحو يمون يوْدوَهُمَ عَلَ صَلَاتهم يحَافِظوتَ (00)] [سورة 
الأنعام: 17] 


وليس المقصود كما يتصيد أعداء الإسلام من المستشرقين 
أن تقتصر الدعوة على أهل مكة ومن حولهاء فهم يقتطعون هذه 
الآية من القرآن كله» ليزعموا أن محمداً يخ ما كان يقصد في 
أول الأمر أن يوجه دعوته إلا إلى أهل مكة وبعض المدن 
حولهاء وأنه إنما تحول من هذا المجال الضيق الذي ما كان 
خياله يطمح في أول الأمر إلى أوسع منه فتوسع في الجزيرة 
كلهاء ثم همَّ أن يتخطاها.. لمصادفات لم يكن في أول الأمر 


(1)6 "لمعن انناف 1 
وعه 





17 717 717 77 ال 





على علم بها! وذلك بعد هجرته إلى المدينة وقيام دولته بها!ء 
وكذبوا ففي القرآن المكي وفي أوائل الدعوة قال سبحانه لرسوله 
2 ا أَدَسَلَمتلك إِلَّا ممه لِلْصَلَيِيَ 13 [سورة الأنبياء: 
وما ايسَلَكَ إِلَّا كانه نين بَثيرا وَكذرًا وَلكنَ 
أكثر الئاس لا يعَلموست (120) [سورة سبأ: 18]» ولعل الدعوة 
يومذاك كانت محصورة في شعاب مكة يحيط بها الكرب 
اللي 

يناع ما سيق: يحذر سيد - رحمه الله - من الأخذ 
عن المستشرقين وتلقي المعارف منهم» لأنهم ليسوا منصفين في 
كتاباتهم» فيقول - رحمه الله -: " وليست البلية أن يكون 
المستشرقون الذين يكتبون مثل هذا الكذب هم طليعة الهجوم 
على هذا الدين وأهله.. إنما البلية الكبرى أن كثيراً من السذج 
الأغرار ممن يسمون أنفسهم بالمسلمين يتخذون من هؤلاء 
المزورين على نبيهم ودينهم» المحاربين لهم ولعقيدتهم أساتذة 
لهم» يتلقون عنهم في هذا الدين نفسه» ويستشهدون بما يكتبونه 
عن تاريخ هذا الدين وحقائقه» ثم يزعم هؤلاء السذج الأغرار 


. 3١١5/8 في ظلال القرآن » ؟/‎ )١( 
0١ 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





أدة أنهم 1 مثقفون 1 00 


الفرع السادس: موقفه من القومية: 

ظهرت الدعوة إلى القومية العربية في نهاية القرن التاسع 
عشر الميلادي تأثراً بموجة القوميات التي سادت أوروباء وكرد 
فعلٍ أيضاً على الدعوة إلى القومية التركية التي ظهرت في 
نهاية الخلافة العثمانية» بالإضافة إلى الانحراف الفكري عند 
كثير من الكُتّاب والمثقفين العرب المتأثرين بالثقافة الغربية. 

وقد كتب سيد عدة مقالات في الرد على دعاة القومية» 
وكان يرى أنه لا مانع من أن يجتمع العرب تحت راية العروبة 
تجمعاً وقتياً يهدف إلى تجمع أكبر منه» باعتبار ذلك خطوة في 
طريق الوحدة الإسلامية أو كما يسميها " الكتلة الإسلامية '". 
على اعتبار أنه لا تعارض بين العروبة والإسلام بهذا المعنى؛ 
فأرض العرب كلها جزء من أرض الإسلام» فإذا نحن حررنا 
الأرض العربية فإننا نكون قد حررنا بضعة من جسم الوطن 
الإسلامي» نستعين بها على تحرير سائر الجسد الواحد الكبير» 
بشرط أن نحررها باسم الإسلام» ويكون الهدف " هو التمكين 


. 17812- 311/9 7/92 في ظلال القرآن‎ )١( 
01 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





لرسالتنا الإسلامية ". 

أما دعوة القومية القائمة على أن " العروبة " شيء 
منفصل عن 'الإسلام © وأن الإسلام لبى حاجة العرب في 
زمان معين ومكان معين» وقد اختلف الزمان وتبدل المكان» فلا 
يجوز أن نحبس " الطاقة " العربية في عقائد وقيم ونظم كانت 
تلائم سكان الجزيرة قبل أكثر من عشرة قرون» وقبل أن يتقدم 
الناس فكراً وعلماً وحضارةً ('2؛ فيرى سيد " أنها تكشف عن 
جهل عميق بكل شيءء سواءً عن الإسلام أو عن العروبة» ومن 
العبث أن تناقش مثل هذه الجهالة» فمن الأوليات في الإسلام 
أو في العروبة: أن الأمة العربية ليست سوى بضعة من جسم 
الوطن الإسلامي» ولن تكون إلا كذلك " ('). 

وقد دعا سيد كثيراً إلى " الكتلة الإسلامية '"» وهي تعني: 
تجمع العرب والمسلمين تحت راية الإسلام لمواجهة التكتلات 
الدولية (')» ويعتبر ذلك الطريق الوحيد» فالعالم بتكتلاته إنما 
يتنازع علينا نحن المسلمين» ولذلك مزقنا إلى دول صغيرة 


)١(‏ هذا الكلام لساطع الحصري » أحد دعاة القومية العربية » وقد ذكره سيد في 
دراسات إسلامية ورد عليه » انظر دراسات إسلامية » ص .١55‏ 
)١(‏ دراسات إسلامية » ص58١‏ . 
(") المصدر السابق » ص ١54‏ و ١م/‏ 
إرفرك 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





وقوميات ليسهل عليه ابتلاعناء والذين يدعون إلى القوميات إنما 
يحاولون تيسير عملية الالتهام والابتلاع على إحدى الكتلتين 
الشرقية أو الغربية» وهي في الحقيقة دعوات يقوم بها مأجورون 
لحساب الاستعمار الغربي أو الشرقي .)١(‏ 

ويبرر دعوته إلى ' الكتلة الإسلامية " بأننا لا يمكن أن 
نعيش فرادى داخل الحدود الهزيلة حدود القومية العربية 
الضيقة» وكذلك لا يمكن أن ننظم إلى إحدى الكتلتين اللتين 
تتنازعان علينا وعندئذ يتحتم الطريق الثالث» طريق واحد لا مفر 
من أن نسلكه مخلفين وراءنا دعاة القومية المحلية الهزيلة» 
ودعاة القومية العربية الضيقة» ينعمون بخيالات القرون 
المناضية:(00): 

وفي معرض كلامه عن فساد دعوى القومية» وأنها لن 
تحمي شيئاً للعرب ولا لغيرهم» بين سيد - رحمه الله - أن 
الإسلام وحده هو الذي حمى الوطن الإسلامي في الشرق من 
هجمات التتار والصليبيين على حد سواء» ولو انتصر التتار أو 
الصليبيون ما بقيت قومية عربية ولا جنس عربي ولا وطن 


0( المصدر السابق » ص ٠١5-١١”‏ بتصرف يسير . 
:"هه 





17 117 117 717 ال 





عربي» والأندلس قديماً وفلسطين حديثاً كلاهما شاهد على أنه 
حين يطرد الإسلام من أرض فإنه لا تبقى فيها لغة ولا قومية 
00 

وذكر سيد أمثلة ونماذج لأنظمة وشخصيات حمت 
الوطن الإسلامي وليست من العرب» كالمماليك الذين صمدوا 
في وجه بني جنسهم التتار تحت راية الإسلام» وبقيادة روحية 
إسلامية من الإمام المسلم " ابن تيمية " الذي قاد التعبئة 
الروحية وقاتل في مقدمة الصفوف وغيرهم (')' والإسلام هو 
الذي كافح في الجزائر مائة وخمسين عاماً بعد أن تحطمت 
العروبة ومقوماتهاء وهو الذي كافح الاستعمار في جنوب 
السودان وطرابلس ومراكش (). 


الفرع السابع: موقفه من دعوى التقارب الديني: 
الدعوة إلى التقارب الديني أو وحدة الأديان» دعوى كفرية 
تناقض أصول الإسلام» ويمكن بيان موقف سيد قطب منها في 


. 190 المستقبل لهذا الدين - سيد قطب - عص‎ )١( 

(؟) ذكر منهم سيد : صلاح الدين الأيوبي الذي حمى العروبة من الاندثار هو 
كردي لا عربي حفظها بالإسلام » وكذلك فعل الظاهر بيبرس » والمظفر قطز » 
والملك الناصر 

(؟) المستقبل لهذا الدين » ص 9١-9٠‏ . 


همه 


ميت قطي ومنصجه في العقيدة 4ه - -] 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





النقاط الآتية: 

2-١‏ المفهوم الإسلامي لوحدة الأديان: 

يرى سيد - رحمه الله - أن المفهوم الإسلامي لوحدة 
الأديان يعني: أن الديانات السماوية واحدة في مصدرها تحمل 
حقاً واحداً هدفه حياة البشرية» وأن دين الأنبياء واحد في أصوله 
قبل أن يطاله التحريف بعد موت الأنبياء .)١(‏ وهذا هو ما يفهم 
من مصطلح وحدة الأديان بالمفهوم الإسلامي أي وحدة 
مصدرها وهدفها وأصولها. 

2-5 بطلان كل الأديان بعد مجيء الإسلام: 

يقرر سيد: ' أنه بعد بعثة النبي ك2 بالإسلام لم يعد هناك 
دين له قيمة يصح التعبد به سواه؛» فقول الله تعالى: (إِنَّ أَلَدِنَ 
امنأ ولت هَادُوأ وَألتٌصرَئ وَالصَّدِيتَ من عاص يال وَالوِْ 
لآ وَعَِلَ صلِحَا فَلَهُمْ أجْرْهُم عند رَيْهِمْ وَلَاحَوَفُ عَم وَلَاهُمْ 
كروت (09) [سورة البقرة: 17]. معناه أن من آمن بالله واليوم 
الآخر من هؤلاء جميعاً وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم.. 
ذلك كليفا قل البعقة المتحمقية» أما: يدها" فقن ' تهدة” تنكل 


.١"ل6‎ 215048 //921141/ /5 2 3”54/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
0 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





الإانفان اعون 205 

"' فالدين هو الإسلام» وليس هناك دين غيره يعترف به 
الإسلام» لأن الله سبحانه يقول هذاء يقول! إِنَّ ليت عند الله 
لِإِسَكمٌ ] [سورة آل عمران: .]١5‏ ويقول: ( وَمَن يَبيَ ير الإسكع 
دِينًا فلن يِقَبَلَ مِنْهُ 1 [سورة آل عمران: 85]؛ وبعد رسالة محمد 
يي لم يعد هناك دين يرضاه الله ويقبله من أحد إلا هذا " 
الإسلام"' في صورته التي جاء بها محمد يَِهْ وما كان يقبل قبل 
بعثته لم يعد الآن يقبل'("). 

' ولا يتم الإسلام إلا باقتناع المسلم إلى درجة اليقين 
الجازم» الذي لا أرجحة فيه ولا تردد بأن دينه هو الدين الوحيد 
الذي يقبله الله من الناس - بعد رسالة محمد ونه - وبان منهجه 
الذي كلفه الله أن يقيم الحياة عليه منهج متفرد» لا نظير له بين 
سائر المناهجء ولا يمكن الاستغناء عنه بمنهج آخرء ولا يمكن 
أن يقوم مقامه منهج آخرء ولا تصلح الحياة البشرية ولا تستقيم 
إلا أن تقوم على هذا المنهج وحده دون سواه» ولا يعفيه الله ولا 
يغفر له ولا يقبله إلا إذا هو بذل جهد طاقته في إقامة هذا 
)١(‏ في ظلال القرآن ١٠/لاه‏ . 


)0( في ظلال القرآن » ”/ 1١6‏ . 
لاه 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





المنهج بكل جوانبه الاعتقادية والاجتماعية.. ولم يقبل عن 
منهجه بديلاً ولا في جزء منه صغير» ولم يخلط بينه وبين أي 
منهج آخر في تصور اعتقاديء ولا في نظام اجتماعي» ولا في 
أحكام تشريعية» إلا ما استبقاه الله في هذا المنهج من شرائع من 
قبلنا من أهل الكتاب " .)١(‏ 

*-- وجوب مفاصلة غير المسلمين: 

يرى سيد" وجوب المفاصلة الكاملة بين المسلم وبين كل 
من ينهج نهجاً غير منهج الإسلام» وكل من يرفع راية غير راية 
الإسلام '(0) " فإتباع الإسلام وحده هو مفرق الطريق» فما 
يمكن أن يختلط هذا الدين بغيره من المعتقدات والتصورات» ولا 
أن تختلط شريعته ونظامه بغيره من المذاهب والأوضاع 
والنظريات» وما يمكن أن يكون هناك وصفان اثنان لأي شريعة 
أو أي وضع أو أي نظام.. إسلامي.. وشيء آخر..!! إن 
الإسلام إسلام فحسب... ووقفه المسلم أمام أي عقيدة ليست هي 
الإسلام هي وقفة المفارقة والرفض منذ اللحظة الأولى " (). 


)1( المصدر السابق 2 117 : 

(؟) المصدر السابق 2؟/ 911 . 

09 في ظلال القران 2 و ١8‏ بتصرف يسير . 
١ه‏ 





1ر1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





4- ضلال من يدعون إلى التقارب بين الأديان أو 
التعاون بينها لمواجهة الإلحاد: 

وذلك بناءً على أن ما سوى الإسلام فهو باطل» وبالتالي 
فالمسلم مكلف أن يدعو أهل الكتاب إلى الإسلام» كما يدعو 
الملحدين والوثنيين سواء.. ولا يستقيم أن يعترف المسلم بأن ما 
عليه أهل الكتاب - بعد بعثة محمد 4# - هو دين يقبله الله» ثم 
يدعوهم مع ذلك إلى الإسلام! إنه لا يكون مكلفاً بدعوتهم إلى 
الإسلام إلا على أساس واحد هو أنه لا يعترف بأن ما هم عليه 
دين» وأنه يدعوهم إلى الدين١).‏ 

' فالذين يحاولون تمييع المفاصلة الحاسمة بين الإسلام 
وغيره باسم التسامح والتقريب بين أهل الأديان السماوية؛ 
يخطئون في فهم معنى الأديان» كما يخطئون في فهم معنى 
التسامح فالدين هو الدين الأخير وحده عند الله» والتسامح يكون 
في المعاملات الشخصية لا في التصور الاعتقادي ولا في 
النظام الاجتماعي " ("). 

' كما أن وجود أهل الكتاب - اليهود والنصارى - بعد 


)1( المصدر السابق ره 11 ٠.‏ 
(6) التعيخر الننايق د ار 4 
ؤ2 





رار 1 عي هطب ومنصجه في العقيسة- وو --] 





بعثة النبي 5 ليس معناه أن الله يقبل منهم ما هم عليه» أو 
يعترف لهم بأنهم على دين إلهي».. ومن ثم فليس هناك جبهة 
تدّين يقف معها الإسلام في وجه الإلحاد!. هناك " دين " هو 
الإسلام» وهناك " لا دين " هو غير الإسلام» ثم يكون هذا " 
اللادين" عقيدة أصلها سماوي ولكنها محرفة» أو أصلها وثني 
باقية على وتنيتهاء أو إلحاد ينكر الأديان تختلف فيما بينها 
كلهاء ولكنها تختلف كلها مع الإسلام» ولا حلف بينها وبين 
الإسباقة ورا و00 

' وبعض الأغرار والسذج ممن ينتسبون إلى الإسلام 
يدعون إلى التعاون بين الإسلام وأهل بقية الأديان للوقوف في 
وجه تيار الإلحاد» في الوقت الذي يقوم فيه أهل بقية الأديان 
بذبح من ينتسبون إلى الإسلام في كل مكان» ويشنون عليه 
حرباً تتسم بكل بشاعة الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش» عن 
طريق الاستعمار المباشر» ودعم الحركات العلمانية والمذاهب 
المادية المنحرفة والمستشرقين» والذي يراجع فقط ما حكاه القرآن 
عن حرب أهل الكتاب للإسلام والمسلمين» والذي يراجع التاريخ 
بعد ذلك يدرك مدى الإصرار العنيد منهم على الوقوف لهذا 


. 51١5/5 » المصدر السابق‎ )١( 


هئة٠‎ 





00 





الذي واراكة 'فتنكوه تمق الوهوة دكن المسائك ©0101 
فكيف يكون التقارب بين الإسلام وبين الأديان الأخرى 


في ظل ما سبق من حقائق؟؟. 


. بتصرف‎ ١141-1178 /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
2١ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المطلب الثالث 


موقفه من بعض الفرق والجماعات الإسلامية 

ينسب بعضهم سيد قطب - رحمه الله - إلى بعض 
الفرق :(1) :وكثيراً هآ كانت-هذه النشية يسيك عيازات امرهمة أو 
قضايا جزئية» أو بسبب إشادته ببعض المظاهر السليمة عند 
بعض الفرق» ففهم بعضهم أنه يزكي هذه الفرق أو أن منهجه 
هو منهجها. 

ومن خلال بحثي لم أجد سيداً ملتزماً بمنهج إحدى 
الفرق المخالفة لمنهج أهل السنة في قضايا العقيدة» حتى يمكننا 
تصنيفه عليها كما فعل البعض من خلال جزئيات وافق بها هذه 
الفرقة أو تلك. 

بل وجدت في كتاباته الإسلامية نقداً واضحاً لبعض 
الفرق التي اتهم أنه منها كالمعتزلة والصوفية وغيرهاء سواءً نقده 
لمناهجها أو لبعض الأخطاء والانحرافات الموجودة عندهاء 

وفيما يأتي عرضنٌ لكلامه في بعض الفرق والجماعات 
الإسلامية وموقفه منها: 


١7١صع انظر : أضواء إسلامية على عقيدة يسد قطب » د/ ربيع المدخلي‎ )١( 
»والجماعات الإسلامية » لسليم الهلالي.‎ ١0007 0 ال ل ل ا ا‎ 
5ه‎ 








اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


الفرع الأول: موقفه من المعتزلة:. 

سبق أن بيّنا موقف سيد قطب من علم الكلام 
والفلسفة» ورفضه لمنهج المتكلمين والفلاسفة جملة في تقرير 
العقيدة» ونقده لهذا المنهج وطريقة تعامله مع قضايا العقيدة. 

ومن خلال استقراء كتب سيد قطب نجد أن حديثه 
انصب على الإنكار المجمل على الفرق الكلامية»؛ سواءً في 
المنهج الذي اعتمدته أو في بعض القضايا التي ناقشتها 
كالتأويل ونفي الصفات وقضايا القدر ونحوهاء وكان ذلك على 
سبيل التعميم؛ ما عدا تعرضه للمعتزلة في أكثر من موضع 
بالاسم والرد عليهم في بعض المسائل ويمكن بيان ذلك في 
الاكن: 

أولا : التعريف بالمعتزلة: 

المعتزلة إحدى الفرق التي نشأت في الصدر الأول 
وتأثرت بالمنهج الكلامي الفلسفي وخالفت منهج أهل السنة 
والجماعة في كثير من القضايا العقدية» كنفي الصفات» والقول 
بخلق القرآن ومسألة الصلاح والأصلح واللطف الإلهي ونفي 
القدرء وكذا موقفهم من مرتكب الكبيرة والرؤية والشفاعة» 
والخروج على الحكام وغيرها من القضاياء واتخذت لنفسها 
منهجاً يقوم على خمسة أصول مشهورة هي: 


7ه 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





١‏ ) التوحيد: يتضمن نفي الصفات خشية التشبيه والتجسيم 
وتعدد القدماء. 

؟ ) العدل: ويقصد به أن الله لا يفعل القبيح ولا يريده؛ وبالتالي 
فهو لا يخلق أفعال العباد ثم يعذب عليها. 

" ) الوعد والوعيد: ويقصد به وجوب نفاذ الوعد والوعيد الإلهي 
وعدم إخلافه. 

) المنزلة من المنزلتين: ويقصد به أن مرتكب الكبيرة في 
الدنيا في منزلة بين الإيمان والكفر»ء وأما في الآخرة 
فيوافقون الخوارج. في أنه مخلد في النار. 

5 ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ويقصد به الخروج 
على الحاكم حال ظلمه أو فسقه بأي وسيلة .)١(‏ 

وقد وافقت المعتزلة بعض الفرق الأخرى كالجهمية 
والخوارج في بعض القضايا والآراء العقدية (5). 





قبل الحديث عن موقف سيد من المعتزلة يجب التنبيه 


57 ينظر في ذلك : شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي عص‎ )١( 
وما بعدهاء والملل والنحل » للشهرستاني » ».2 وه‎ 

(؟) العقيدة بين السلف والمتكلمين »أ .د : حسن محمد شبالة » ص ١١‏ وما 
بعدها . 


6: 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





إلى قضية مهمة» وهي أن البعض ينسب إلى سيد نفي الصفات 
والقول بمذهب المعتزلة والجهمية النفاة بناءً على بعض 
العبارات الموهمة في حديثه عن بعض الصفات الإلهية كما هو 
الحال عند حديثه عن الرؤية والقرآن وغيرهاء أو لاضطراب 
كلامه حول بعض الصفات كالاستواء وتفسيره على خلاف ما 
فسره السلف في بعض المواضع؛ ويجعل من ذلك دليلاآً على أن 
سيد ليس من السلف بل هو معتزلي جهمي .)١(‏ 

والواقع أنه من خلال استعراض كلام سيد لآيات 
الصفات وجدته يثبت الصفات على المعنى اللائق بها خلافاً 
للفرق الكلامية» وما كان من كلام موهم في بعض الصفات فقد 
وجدت له كلاماً واضحاً في مكان آخرء كما وجدت اعترافاً منه 
بأنه وقع في التأويل لبعض الأمور وتصريحه بتراجعه إجمالا 
عن منهج التأويل ونقده له» وأنه سوف يأتي على ما كان أوله 
إن مُدَ له في العمر - وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل إن شاء الله 
عند الحديث عن موقف سيد قطب من الأسماء والصفات في 
الباب الثالث -. 

وعموماً يمكننا القول: بأن سيد - رحمه الله - لم يكن 
)١(‏ ينظر :كلام د / ربيع المدخلي في : أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب » 


مكتبة الفرقان » عجمان » ط” » عام هديص 5ا١-١81م١ا.‏ 


هه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





في مسائل العقيدة ملتزماً لمنهج المعتزلة ولا غيرهم من الفرق 
المخالفة لأهل السنة» بل كان مخالفاً لهم في منهج الاستدلال 
كما سبق» وكذا في كثير من المسائل العقدية التي خالفوا فيها 
أهل السنة والجماعة. 

وبالتالي لا يمكننا القول بأن سيد قطب كان معتزلياً أو 
خارجياً أو جهمياً في عقيدته لمجرد أنه وافق رأيه رأي أيّ فرقة 
من هذه الفرق في مسألة من مسائل العقيدة» بل نجده كثيراً 
يدعو إلى تجاوز خلافات هذه الفرق والإقبال على أخذ العقيدة 
فخ متصيدرها قبل كشوي التكلافة بي الذرق :والمةا هن 111 





١‏ - لم أجد فيما كتبه سيد - رحمه الله - أنه تبنى منهج 
المعتزلة في تقرير مسائل العقيدة» ولا أصولهم المعروفة» 
وبالتالي لا يمكننا القول بأنه معتزلي. 

5- في كتاباته نقد كثير للمعتزلة في قضايا كثيرة خالفوا فيها 

منهج السلف ومن ذلك: 

أ- رفضه لمنهج علماء الكلام عموماً في تقرير مسائل 


- ينظر : في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي »دار عمار‎ )١( 
. هادص "اه‎ ١47١ الأردن ط؟ عام‎ 


65 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





العقيدة - كما سبق بيانه - في موقفه من علم الكلام والفلسفة. 
ب-- نقده للمعتزلة خصوصاً في اعتمادهم على منهج علم 
الكلام وتأثرهم بالفلسفة الغربية في معالجة قضايا العقيدة وما 
نتج عن ذلك من نفيهم للصفات الإلهية. 
يقول - رحمه الله - " وكذلك تصبح البراهين- 
الذهنية التجريدية على وجود الله سبحانه وهي التي اتجه إليها 
علماء التوحيد - بتأثير منطق أرسطو - والتي تعتمد على 
المقولات العقلية وحدها بعيدة في منهجها وغريبة على المنهج 
الإسلامي وهذا المنهج القرآني» لأنها أضعف أنواع البرهان في 
هذا المجال» وادعاها للجدل والمراء. 
ولقد أبعد المعتزلة وهم ينفون الصفات عن الله - 
سبحانه - لثلا يتعدد القدماء» لأن هذه الصفات إن كانت قديمة 
كذات الله تعدد القدماء! فهذا قياس ذهني بحت لا يتعامل مع 
الواقع» ولا مع المنهج القرآني» فالله - سبحانه - قد وصف نفسه 
بصفاته» ومن هذه الصفات ما يقرر وحدانيته وأزليته وأبديته 
واحاطته - سبحانه - بكل شيء... إلى آخر أسمائه الحسنى: 
سيم ِل ما فى اتوت وَالْرْضَ وَهْوَ اعرد لفك 10 1 ملك لوت 


رصح حم مو ير عر سر سام 4و5 م ور صء ىع 06201 و 2 و 
وَاَلْارضٍ ب - ويميث وهو عل مل سَىَء مَرِيِر )هو الأول وَالْآحْرَ والظهر 


ع 


أَزِى 


م 


2 ار بش سا 
َالبَاطنْ وَهْرَيكلٍ سَىْءِ عَلِمْ ((5) [سورة الحديد: .]١ -١‏ ( هواه ا 


/اّه 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة /ج6 





ِلَاهر َيه المي 07 ا 
أأيفنب ل إله لكو العف التدوش القلة التزيى التوجيرة 
لعزي الككاة التضك ‏ بتبكا ألو 2ن سخور 0 د 
أسُّ الْكَلِقُ ألبارئ ا هم لغتو مي ميم لد عا التكواة 
وَالْارْضٍ وَهْوَالْعَري لكر (80)) [سورة الحشر: 5-١١‏ 1]. 

إنما تابع المعتزلة منطق أرسطو الذهنيء وتجريدات " 
أفلوطين ' المهّومة! ولم يتابعوا المنهج القرآني» وهو المنهج 
الإسلامي الأصيلء وكذلك فعلوا فيما عرف في تاريخ الفكر 
الإسلامي بعنوان " فتنة خلق القرآن" والبحث على هذا النحو 
بجملته غريب على المنهج الإسلامي ' .)١(‏ 

ويقول: " إن لله سبحانه صفاته أو أسماءه الحسنى» 
ولكن البشر لا يملكون إدراك " كيفية " هذه الصفات فهو 
سبحانه سميع يسمع» بصير يرىء عليم يعلم» ولكن البشر لا 
يدركون كيفية شيء من ذلك بالقياس إليه سبحانه» فالله ليس 
كمثله شيء» فلا يمكن أن يدرك البشر إذن كيفيات صفاته؛ ولا 
كيفيات أفعاله» وليس لهم أن يقيموا شيئاً من ذلك كله على ما 


:هه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





يعرفونه من أنفسهم» 3 من سواهم في خلق الل "(0). 

وككنينة لذا سف النضن السارف أن سيد د همه الت 
يقبنت: الضصفات تمعانيها اللأتقة بها ويخنالف التفاة المؤولية» 
وكلامه لا يحتاج إلى تعليق. 


ج- مخالفته للمعتزلة في موقفهم من العقل: وقد مرٌ 
معنا عند الكلام عن مصادر التلقي الحديث عن دور العقل 
عند المعتزلة في قضايا العقيدة وأنه مقدم على الشرع؛ ورأينا 
كيف أن سيداً يخالفهم في ذلك ويقرر ما يقرره أهل السنة 
والجماعة من مسألة علاقة العقل بالنقل ودوره في الحياة (). 


د- نقده لهم في مسألة العلاقة بين المشيئة الإلهية 
والمشيئة البشرية» وكذا في أفعال العباد: حيث يرى أن للإنسان 
مشيئة وارادة في حدود المشيئة الإلهية المطلقة» وأن الله خالق 
الإنسان وأفعاله» والإنسان كاسب لهذه الأفعال باختياره» خلافاً 
لمذهب المعتزلة في ذلك وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء 


الله عند الكلام عن القدر. 


» مقومات التصور الإسلامي » ص 724 » وينظر أيضاً : في ظلال القرآن‎ )١( 
000000 ع كىة ل21 ه/‎ 
. (؟) يراجع كلام سيد في المطلب الرابع من المبحث الأول من هذا الباب‎ 
2 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ه- نقده لهم في تأويل النصوص مع اعترافه بأنه وقع 
في بعض التأويل وتراجعه عنه: 

حيث ينتقد الذين يرون أن الملائكة والشياطين إنما هما 
تعبيران عن قوى الخير والشرء ولا يوجد خلق حقيقي لهماء بأنهم 
إنما جاءوا بهذه التصورات من مقررات ذهنية سابقة أخذوها من 
غير القرآن» ثم جاءوا ليحاكموا نصوص القرآن والحديث إليها! 
واضطروا مع هذا لتأويل النصوص تتوائم هذه المقررات الذهنية. 

وفي الهامش يعلق سيد - رحمه الله - على موقف 
المؤولين بقوله: " وما أبرئ نفسي أني فيما سبق من مؤلفاتي؛ 
وفي الأجزاء الأولى من هذه الظلال قد انسقت إلى شيء من 
هذاء وأرجو أن أتداركه في الطبعة التالية إذا وفق الله» وما أقرره 
كنا هق. هنا اعتقده الحق جهدانة ع ازنك" 00 


و- نقده للمعتزلة ولعموم المتكلمين في عدم جمعهم 
النصوص المتعلقة بالموضوعات التي ناقشوها حتى تتضح لهم 
الحقائق؛ حيث كاقت الفزق الكلاميدة عموما تشاول الآينات 
بطريقة تجزيئية فتأتي الأحكام قاصرة وخاطئة» وضرب لذلك 
أمثلة بمسائل " القضاء والقدر ' و " الجبر والاختيار ' و " 


. بتصرف‎ 710721 -7107٠6 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 


56 ٠ 





هيت قطي ومنعجة في العقيدة 


الإرادة والكسب " التي شغلت علماء الكلام عموماً. 

يقول - رحمه الله - " ومن مراجعة النصوص - 
والتنسيق بين مدلولاتها جميعاً يخلص لنا طريق واحد بعيد عن 
ذلك الجدل الذي آثاره المتكلمون من الفرق الإسلامية... فالفهم 
الصحيح للآيات لا يكون إلا بجمعها والنظر فيها مجتمعة؛ 
وعدم أخذها فرادى وفق الأهواء أو وضع بعضها في مواجهة 
نظن كل بل الخد" كما تجلت: الفرق, والفذل (00): 


ز- مخالفته للمعتزلة في كثير من القضايا العقدية ومن 
أبرزها: 
-١‏ قضية الرؤية. 
؟- قضية الشفاعة. 
"- قضية وجوب إرسال الرسل على الله. 
4- قضية خلق القرآن. وغيرها مما سيأتي بيانه كل في 


موضعة. 
الفرع الثاني: موقفه من التصوف والصوفية 
مرّ معنا في الباب الأول أن ما كتبه سيد من مؤلفاته 
ينقسم إلى قسمين: 


أهه 


// 


3 2 
2 


1 





م" 





اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 





الأول:._ما كتبه قبل التزامه بالإسلام» وهو يمثل 
في مجمله كتاباته الأدبية والنقدية ودواوينه الشعرية» ويمثل 
جزء منه سجلاً معبراً عن حالة ضياعه وانحرافه الفكري 
باعترافه هو» و في هذا القسم عدد من الأخطاء المنتقدة 
عليه. 


والثاني: ما كتبه بعد التزام بالإسلام» وهو على نوعين 

يكنا : 

أ- ما كان في بداية توجهه نحو الإسلام» أي في مرحلة دراس” 
للإسلام ذرايكة أدرينة»وفية أيكندا عدة من الأخطاء 
المنتقدة عليه. 

ب- ما كتبه بعد التزامه بالإسلام وخاصة ما كان في آخر 
حياته» وهو يمثل ما استقر عليه من آراء» ونسبة 
الأخطاء فيه قليلة. 


وقد أخذ البعض كتابات سيد المختلفة في مراحلها 
السابقة» واستخرج منها أقوالاً استند إليها في نسبة سيد إلى 
التصوف والحلول والاتحاد. 

ومن خلال إطلاعي على ما كتبه الناقدون لسيد في 
هذا الباب وجدت أنهم اعتمدوا في حكمهم عليه بالتصوف على 
ما داكي 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





-١‏ إما عبارات وأقوال وأبيات شعرية قالها في فترة ما قبل 
التزامه بالإسلام» وخاصة في دواوين ضياعه وقصصه 
الأدبية. 

-١‏ وإما عبارات موهمة حَلَّق فيها سيد بأسلوبه الأدبي بعيداً 
جعلت من يقرأها دون أن يضم إليها صريح عباراته في هذا 
الباب يرى أنها هي عبارات أهل الحلول والاتحاد 
والتصوف. 

"- واما استشهاد أو إشادة منه ببعض أقوال المتصوفة التي 
يرى أنها صحيحة في بابها كاستشهاده بأبيات رابعة 
العدوية(١)‏ في حقيقة الحب ونحوها. 

وبناءً على ما سبق يمكننا بيان موقف سيد من 
التصوف فيما يأتي: 





يفهم من كلام سيد أنه يفرق بين التصوف المنحرف 


)١(‏ هي رابعة بنت إسماعيل العدوية » أم الخير مولاة آل عتيك البصرية » لها 
أخبار في العبادة والنسك » توفيت بالقدس سنة 75١هء‏ انظر: وفيات الأعيان 
لأبى ا »دار الكتب العلمية » بيروت » ط١‏ » عام 5١9‏ ١ه‏ . 778/5 2 


الأعلام 70/5 . 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


وبين الزهد الذي كان عليه الرعيل الأول و الذي يسميه البعض 
بالتصوف الصادق» حيث يقول سيد مستشهداً على حقيقة الحب 
السنادق ينين العية ووفةه "وحن العية'لزيه تهمنة لهذا العو ذا 
يدركها إلا من ذاقها.. وهو أمر قلما استطاعت العبارة أن 
تصوره؛ إلا فلتات قليلة من كلام المحبين» وهذا هو الباب الذي 
تفوق فيه الواصلون من رجال التصوف الصادقين- وهم قليل 
من بين ذلك الحشد الذي يلبس مسوح التصوف ويعرف في 
سجلهم الطويل-" )١(‏ 

ويطلق لفظ العابد الصوفي على الفضيل بن عياض 
(") الزاهد فيقول: " وقد روي عن الفضيل العابد الصوفي أنه 
كان إذا قرأ هذه الآية إوَلَبَْوَتَحَ حَقٌّ َم الْمْحَهِيِنَ مك2 
اصن ويُوا حارف (0)) [سورة محمد: ]"١‏ بكى وقال: اللهم 
لا تبلناء فإنك إن بلوتنا فضحتناء وهتكت أستارنا وعذبتنا " ('). 

ب- نقده لعدد من معتقدات الصوفية ويدعها: 


. في ظلال القرآن» 7/ 118 » بتصرف يسير‎ )١( 

)١(‏ هو : الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي - الخرساني ٠‏ أبو علي » ولد 
بسمرقند وارتحل في طلب العلم » كان يقطع الطريق ثم تاب وجاور في الحرم » 
وكان عابداً فاضلاً ورعاً . توفي سنة 817١ه‏ انظر : سير أعلام النبلاء 47١/7‏ 
وشذرات الذهب 8517/١‏ 

(*) في ظلال القرآن 7599/5 . 








حيث أشار سيد إلى عددٍ منها في مواطن مختلفة من كتبه 
منكراً عليهم فيهاء ومن هذه البدع والشركيات التي تعرض لها 
ما يأتي: 

١‏ - الاعتقاد بالخراذ المكامات 





النذور للأولياء والمزارات: 

يعتبر سيد ' أن الاستسلام للوهم والخرافة شديد 
الضرر بالغ الخطورة " ,)١(‏ ' وإننا لنشهد اليوم - بعد أربعة 
0 هذا القرآن بهذا البيان - ( أي بيان أوهام 
الجاهليين في التقرب لغير الله وتقديس الأوثان ) - أنه حيثما 
أنفك رباط القلب البشري بالإله الواحد» تاه في منحنيات ودروب 
لا عداد لهاء وخضع لربوبيات شتىء وفقد حريته وكرامته 
ومقاومته.. ولقد شهدت في هذا الجانب الخرافي وحده في صعيد 
مصر وريفها عشرات من الأوهام تطلق لها بعض صنوف 
الحيوان» للأولياء والقديسين في ذات الصورة التي كانت تطلق 
بها للآلهة في الزمان القديم! ' (). 


000 ا ا 20 


*وفي ظلال قوله تعالى: ( وجعلون لِمَا لا يعلمون ضيبا هما 


هم تمه شتا عَمَا ْم تفرد (2) [سورة النحل: 01]. 


)1( المصدر السابق 3 16/١‏ 5 
)0( في ظلال القرآن 0 . 








يستعرض سيد أوهام المشركين في الجاهلية في تقربهم لغير الله ثم 
يقول: ' وهكذا تبدو المفارقة في تصورهم وفي تصرفهم على السواءء 
الرزق كله من الله؛ والله يأمر إلا يُعبد سواه» فهم يخالفون عن أمره؛ 
فيتخذون الآلهة وهم بأكدوة من رزقه فيجعلونه لما نهاهم عنه! 
وههذا تقدى المفازقة واسنيكة تحاهزة غهينة مستتكرة! وها يزان ناس 
بعد أن جاءت عقيدة التوحيد وتقررت» يجعلون نصيباً من رزق الله 
لهم موقوفاً على ما يشبه آلهة الجاهلية» ما يزال بعضهم يطلق 
عجلاً يسميه " عجل السيد البدوي " يأكل من حيث يشاء لا يمنعه 
أحدء ولا ينتفع به أحدء حتى يذبح على اسم " السيد البدوي " لا على 
اسم الله! وما يزال بعضهم ينذرون للأولياء ذبائح يخرجونها من 
ذمتهم لا لله» ولا باسم اللهء ولكن باسم ذلك الولي» على ما كان أهل 
الجاهلية يجعلون لما لا يعلمون نصيباً مما رزقهم الله» وهو حرامٌ 
تترو عن لهذا الرحةة حراة" السدع ول سا :اند ألقذ علعه أنه كل 
لغين اللديه! "(0) 

*وفي ظلال قوله تعالى: ( وَمَاكَانَ صَلا م عند نالعال 
تك وقَصضيد 2 وشا ١‏ العداتة كما محرت كم ررك 12 [إسورة 
الأنفال: © "]. 


)١(‏ في ظلال القرآن : 5/ /ا/511 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





يستعرض -سيد -حالة المشركين في عبادتهم» والتي كانت 
صفيراً بالأفواه وتصفيقات بالأيديء وهرجاً ومرجاً لا وقار فيه 
ولا استشعار لحرمة البيت؛ ولا خشوع لهيبة الله» ويذكر أثر ابن 
عمر - رضي الله عنها - )١(‏ ' إنهم كانوا يضعون خدودهم 
على الأرض ويصفقون ويصفرون ثم يقول: " وان هذا ليخطر 
بالبال صور العازفين المصفقين الصاخبين الممرغين خدودهم 
على الأعتاب والمقامات اليوم في كثير من البلاد التي يسمونها 
" بلاد المسلمين "! .)١(‏ 

*كما يرى سيد - رحمه الله - أن بعثة محمد يةِ كانت مهمتها 
تحطيم الطواغيت وعلى رأسها طاغوت الشرك بالله في عالم 
العقيدة» وهو طاغوت ضخم عميق الجذور في مسارب الشعور 
الإشداني »وما كزان البشرية نان مقه تسد كل تدا للك الخريعي 
السماوية وبعد كل كفاح الرسل وكلما انحرفت الجماهير عن 
الإدراك الصحيح لدين الله لتقت بطاغوت الشرك في صوره 
الكثيرة» وما التمسح بأعتاب الأولياء والقديسين في صورته التي 


)١(‏ هو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي » هاجر قبل أبيه » وأول 
مشاهده الخندق » كان من المكثرين من الرواية » وكان يقتدي به في كل أمره » 
توفي سنة 75 ه انظر : أسد الغابة 7717/79 » والأعلام ١80/4‏ 

)0( في ظلال القرآن 6055 . 





لالالالانا 








يزاولها العوام» إلا صورة من صور ذلك الطاغوت» تتزيا بزي 
الدين ودين الله كله منها براء! .)١(‏ 

١‏ - انحرافهم في مفهوم الولاية: 

يقول سيد مبيناً حقيقة الأولياء: ' وأولياء الله 
الذين يتحدث عنهم القرآن هم المؤمنون حق الإيمان» 
المتقون حق التقوىء والإيمان ما وقر في القلب وصدقه 
العمل» والعمل هو تنفيذ ما أمر الله به واجتناب ما نهى 
الله عنه» هكذا يجب أن نفهم معنى الولاية لله» لا كما 
يفهم العوام من أنهم المهبولون المخبولون الذين يدعونهم 
بالأولياء! '(). 

*- طريقة الذكر الصوفي والموالد: 

ينتقد سيد طريقة الطرق الصوفية في الذكرء 
ويبين أن الذكر المأمور به " ليس الذكر بالشفة واللسان 
فقط»ء ولكن بالقلب والجنان» الذكر الذي يخفق به القلب» 
فلا يسلك صاحبه طريقاً يخجل أن يطلع عليه الله فيه 


)1( دراسات إسلامية سيد قطب - . ص ١١‏ » بتصرف يسير . 
)0( في ظلال القرآن » ”/ 378٠65‏ . 





ميد قطي ومنهجة في العقيدة 





2 17 117 117 17 


ولا يأتي صغيره أو كبيرة إلا وحساب الله فيهاء فهذا هو 
الذكر المأمور به» والا فما هو ذكرٌ لله إذا كان لا يؤدي 
إلى الطاعة والعمل والسلوك والإتباع ('2» " وقد وجه 
الله عباده المؤمنين إلى طريقة الدعاء بقوله 7 اذْعُوا 
رَبَكُمْ تَضَرُعاً وَحْفْيَةَ إِنَهُ لا يُحِبُ الْمُعْتَدِينَ) (")؛ فهو 
توجيه إلى أنسب حالة نفسية صالحة» إلى الدعاء 
والإنابة تضرعاً وتذللات» وخفية لا صياحاً وتصدية! 
فالتضرع الخفي أنسب وأليق بجلال الله وبقرب الصلة 
بين العبد ومولاهء وفي الحديث أن النبي يَلةٍ كان مع 
أصحابه في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير» فقال 
رسول الله كةِ: " أيها الناس أربعوا ( أي أرفقوا وهونوا ) 
على أنفسكم؛ إنكم لستم تدعون أصمَّ ولا غائباً» إنكم 
تدعون سميعاً قريباً وهو معكم " (). 

فهذا الحس الإيماني بجلال الله وقربه معاً هو 


)١(‏ المصدر السابق » ؟/ ١5717‏ بتصرف يسير 

(؟) سورة الأعراف » الآية هه 

(؟) رواه البخاري في الجهاد ٠‏ باب ما يكره في رفع الصوت ٠١31/9‏ برقم 7/5٠١‏ 
» ومسلم في الذكر ١65459/5‏ برقم 7705 . 


8ه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الذي يؤكده المنهج القرآني هنا... ذلك أن الذي يستشعر 
جلاله - سبحانه - فعلاً يستحيي من الصياح في دعائه: 
والذي يستشعر قرب الله حقاً لا يجد ما يدعوا إلى هذا الصياح " 
00 

'" فذكر اسم الله ليس هو مجرد ترديد هذا الاسم الكريم 
باللسان» على عدة المسبحة المئوية أو الألفية! إنما هو ذكر 
القلب الحاضر مع اللسان الذاكر" (). 

كما يَعَرض سيد بطريقة الذكر الصوفي بقوله: " 
والإسلام الذي يقي من الشيوعية ليس هو الأوراد والتسابيح 
والتراتيل» وليس هو الطقطقة بالمسابح والإنشاد في الأذكار: 
وليس هو صوريخ المولد ولا زنفة المحمل» كلا ليس هذا 
الإسلام؛ وان كان الاستعمار قد استخدم هذا النوع من الإسلام 
أعواماً طويلة في هذا الشرق على أيدي عملائه من مشايخ 
الطوق: المعروقيف 10003 


4 - دعاء غير الله واتخاذ الواسطة: 
القلوب في حالة الضيق تتوجه إلى الله تعالى لأنها 


)1( في ظلال القرآن » ”/ ١١3/8‏ » بتصرف يسير . 

. 31/55 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 

039 معركتنا مع اليهود - سيد قطب - » ص 6 ا 
وكه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





تشعر بالفطرة أن لا عاصم لها سواه» وفي الفرج تتلهى بالنعمة 
والمتاع فتضعف صلتها بالله» وتزيغ عنه ألواناً من الزيغ تبدو 
في الشرك به؛ وتبدو كذلك في صور شتى من تأليه قيم 
وأوضاع ولو لم تدع باسم الإله! 

ولقد:يشتة انَحَرَاف الفظرة وفسادها فإذا يهم في 
مناظة الفجو لا يلها إذى :الله وك يلها إلى بعص اليه 
يدعوها للنصرة والإنقاذ والنجاة؛ بحجة أنها ذات جاه أو منزلة 
عند الله؛ أو بغير هذه الحجة في بعض الأحيان» كالذين يدعون 
الأولياء لإنقاذهم من مرض أو شدة أو كرب فهؤلاء أشد انحرافاً 
من مشركي الجاهلية الذين رسم القرآن نموذجهم '/(). 

"فالأشااة فى تضداعةه ورضبوكه ينف الوساطة بين 
الله وعباده حتى عن رسول الله يي فالرسول لا يملك من أمر 
الناس شيئاًء ومهمته البلاغ وليس له من مطمع في أجر أو 
عَرَضِ من أعراض الدنيا يناله ممن يهتدون إلى الإسلام» وليس 
هناك إتاوة ولا نذر ولا قربان يقدمه المسلم عند دخوله.. ليس في 
الإسلام كاهن يتقاضى ثمن كهانته» ولا وسيط يقبض ثمن 
وساطته» ليس هناك " رسم دخول " ولا " ثمن لتناول سر ولا 
تركة ولا:انحقيال! "نذمهى وتناطة هنذا الدوق ورا م ةتمنا 


.7١1/ا/‎ /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
ه١‎ 





اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 





يحول بين القلب و الإيمان» ومن كل ما يقف بين العبد وربه 
١ 1‏ 
من وسطاء وكهان  .)١(‏ 


6 


ه - السلبية في الحياة: 

جاء الإسلام بمنهج عظيم في إصلاح النفوس البشرية 
عبان الخكاء حون ارط رز تعريطلة كدق لاطي في أكون 
أصحاب الطرق الصوفية يجد أنهم لم يلتزموا منهج القرآن في 
التعامل مع الدنياء بل ابتدعوا طرقاً ومناهج سلوكية لتربية 
النفوس - بزعمهم - كان من نتائجها السلبية في حياة الفرد 
والمجتمع بدعوى الزهد في الدنيا. 

*وقد تكلم سيد - رحمه الله - كثيراً عن منهج القرآن 
في التعامل مع الحياة» وعن التصور الذي أنشأه الإسلام حول 
الدنيا وموقف المسلم منهاء وهو: " تصور لا إهمال فيه للحياة 
الدنيا ولا سلبية فيه ولا انعزال» وما وقع من إهمالٍ وسلبية 
وانعزالِ وخاصة في بعض حركات " التصوف ' والزهد ليس 
نابعاً من التصور الإسلامي أصلآء إنما هو عدوى من 
التصورات الكنيسة الرهبانية» ومن التصورات الفارسية؛ ومن 
بعض التصورات الإشراقية الإغريقية المعروفة بعد انتقالها 


)1( المصدر السابق 2 ه/ :لاه" ع 5" بتصرف . 


ده 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


للمجتمع الإسلامي. 

فالنماذج الكبيرة التي تمثل التصور الإسلامي في 
أكمل صورة» لم تكن سلبية ولا انعزالية فهذا جيل الصحابة كله 
الذين قهروا الشيطان في نفوسهم؛ كما قهروه في الأنظمة 
الجاهلية السائدة من حولهم في الأرض.. كان يدرك قيمة الحياة 
الدنيا كما هي في ميزان اللهء وهو الذي عمل للآخرة بتلك الآثار 
الإيجابية الضخمة من واقع الحياة» وهو الذي زاول الحياة 


بحيوية ضخمة؛ وطاقة فائقة» في كل جانب من جوانبها الحية 
الكثيرة .)١(‏ 

' فالإسلام عدو التبطل باسم العبادة والتدين»... 
وتمضية الوقت في التراتيل والدعوات بلا عملٍ منتج ينمي 
الحياة أمر لا يعرفه الإسلام» ولا يُقَرٌ عليه تلك الألوف المؤلفة 
في مصر التي لا عمل لها إلا إقامة الصلوات في المساجد أو 
تلاوة الأدعية والأذكار في الموالد " (5). 

" ولن يتحقق الإسلام بمجرد أن يذهب الناس إلى 
المساجد ويحتفلوا بالمولد النبوي الشريف»ء ويلقوا الخطب في 
مدح سيد المرسلين! ولا بأن تعج الأرض بالمجاذيب والدراويش» 


. 37١7/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. معركة الإسلام والرأسمالية- سيد قطب - ص 8ه‎ )١( 
1ه‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





يتلون الأدعية» ويقيمون الأذكار» ويحملون المسابح ويُتَمتِمون 
أو يهدرون!.. إنما يتحقق بأن يحكم الإسلام الحياة ويصرفها في 
كل جوانبها " .)١(‏ 

' والإسلام يطارد الدجالين» الذين يجمعون حوله 
التراهات والخرافات» لأنه عقيدة بسيطة واضحة لا تعتمد على 
المعجزات والكزامات والشفاعات والدعوات:.. إنما تعتمد على 
العقيدة المستقيمة» والسلوك النظيف والعمل الصالح؛ والجد 
والإنتاج» ولو حكم الإسلام فسيكون أول عمل له أن يطارد 
المتبطلين الذين لا يعملون شيئاً ويعيشون باسم الدين» والدجالين 
الذين يُلبّسون وضوح الإسلام بغموض الأساطير» ويستغفلون 
باسمه عقول الجماهير» والدراويش الذين لا يعرف لهم الإسلام 
مكاناً في ساحته ولا عملاً في دولته» وهم في مصر كثيرٌ جد 
كثير "(0. 


5- بناء المساجد على القبور: 
يرى سيد أن بناء المساجد على القبور هو من طريقة 
اليهود والنصارى في اتخاذ المعابد على مقابر الأنبياء 


)1( المصدر السابق » ص 60-59 بتصرف . 


. 720 -!4 وينظر ذلك ص‎ , ٠١5-١١5 معركة الإسلام والرأسمالية » ص‎ )١( 
5ه‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





والقديسين» وما يصنعه من يصنعه من المسلمين اليوم إنما هو 
تقليد لهم» ومخالفة لهدي النبي ي الذي يثبت عنه أنه قال: ' 
لعن الله اليهود والنصارىء اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم 
ما 0 


-'٠‏ التصوف والاستعمار: 

يرى سيد أن الإسلام بالمفهوم المنحرف الذي عليه 
بعض اطرق الصوفية والمتمثل في الأوراد والتسابيح والتراتيل» 
والطقطقة بالمسابح والإنشاد في الأذكار» ول صواريخ المولد 
وزفة المحمل» وغيرهاء لا يقي من الاستعمار الشيوعي وغيره؛ 
بل إن الإسلام بهذا المفهوم قد استخدمه الاستعمار وحماه في 
الشرق الإسلامي أعواماً طويلة» على يد عملاثئه من مشايخ 
الطرق المعروفية :000 

ويقرر أن هناك تعاوناً بين المستغلين من رجال 
الإقطاع ومشايخ الطرق» وبين الاستعمار»ء فيقول: " إن العهود 


» 575 برقم‎ ١54/١ رواه :البخاري في كتاب المساجد باب الصلاة في البيعة‎ )١( 
5١8 / ١ ومسلم في كتاب المساجد » باب النهي عن بناء المساجد على القبور‎ 
86١/5 برقم 573 واللفظ له » والنسائي ؟/0٠5-١: » وأحمد‎ 

. 5555 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) معركتنا مع اليهود - سيد قطب - .» ص9”- 5١0‏ . 


دكه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الإقطاعية هي التي ترزق المشايخ المتبطلين» والدراويش 
المهبولين» وتخلع عليهم وتعترف بوجودهمء لأن هذه كلها أجهزة 
لتخدير الجماهير عما هي فيه من حرمان وشقاء " ('). 

"وقةايناعة الاتعمار غلك :تقنوية الفكزة الانناضسية 
كلهاء من خلال أولئك الذين اصطلح الناس على أن يسموهم 
رجال دين من الأشياخ والدراويش» بينما هم يمتلون جمود 
الفكرء وضيق الأفق» أو يمثلون الخرافة والجهالة» ثم يصبغون 
ذلك كله بضييقة الحو فيظهرو نه يقينا تناكها ستثرا 10 

ويرى سيد أيضاً أن المستغلين والطغاة لا يستطيعون 
مواجهة الأمة بعدائهم للإسلام وعقيدته» وبالتالي فهم يعمدون 
إلى الخرافات والطرق لتخدير الشعوب ويكون الإسلام ستاراً 
وهمياً» وعندئذ لا ضير على الطغاة من الإسلام حين يكون 
تمتمة بالشفاهء وطقطقة بحبات المسابح» أو أدعية وتراتيل» أو 
محملاً يطاف به سبعاً» ويسلم مقود الجمل الذي يحمله رسمياًء 
أو مولداً تطلق فيه " السواريخ " أو مشيخة طرقء أو نقابة 
أشراف تُخلع فيها الخلع وتمنح فيها الألقاب.. إلى آخر أجهزة 
التخدير التي يستغلها الطغاة والمستغلون ليلهوا بها الجماهير 


. 7 معركة الإسلام والرأسمالية - سيد قطب - ص‎ )١( 


. ٠٠١ معركة الإسلام والرأسمالية » ص‎ )١( 
5ه‎ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


عن دينها الحق.. وحينئذ يخلو الاستعمار إلى الاستغلال» ويخلو 
الاستغلال إلى الاستعمار وتتلاقى مصلحتهما المشتركة في دفع 
خطر الإسلام الحق» الذي لو اندفع لأغرق هؤلاء وهؤلاء " :)١(‏ 

هذا ما وجدته من كلام سيد حرحمه الله - حول 
المتصيؤفة وتعقائد هده وأما نما اتبيه مرخ الكون تويكدة الوجرد- 
فسيأتي الكلام عنه مفصلاً إن شاء الله -. 
الفرع الثالث: موقفه من مدرسة الإمام محمد عبده " العصرانية " 

قامت مدرسة الإمام محمد عبده وتلاميذه في مصر 
على منهج متأثر بفلسفة ديكارت الغربية التي تعطي العقل أكثر 
من مجال في مسائل العقيدة وبالتالي اضطرت إلى تأويل كثير 
من الغيبيات والنصوص. 

ويمكن بيان موقف سيد قطب- رحمه الله - من 
هذه المدرسة في النقاط الآتية: 

أولاً: بيان سيد لمذ دوافعها: 

بين سيد الدوافع التي كانت وراء نزعات هذه 
المدرسة فيما يأتي: 


)1( المصدر السابق » ص 5 بتصرف . 
/اكه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





أ - البيئة الفكرية الجامدة التي عاصرها 
الإمام محمد عبده؛ والتي أغلقت باب الاجتهاد؛ 
وأنكرت على " العقل " دوره في فهم شريعة الله؛ 
واستنباط الأحكام منهاء واكتفت بالكتب التي ألفها 

المتأخرون في عصور الجمود العقلي. 
ب - النزعة الخرافية الشائعة التي سيطرت على 

العقلية العامة في تلك الفترة وصبغت كتاباتها. 
ت - كشرة الأساطير والإسرائيليات التي حشيت بها 

كتب التفسير والرواية. 

ث- وصول الفتنة بالعلم الحديث إلى ذروتهاء 
وخاصة بعد الفتوحات العلمية التي حصل فيها العلم على 
انتصارات عظيمة» وكذلك سيادة الفلسفة التي تؤله العقل 
وبخاصة فلسفة ديكارت. 

ج- هجوم المستشرقين على التصور الإسلامي 
وعقيدة القضاء والقدر فيه» واتهامه بتعطيل العقل البشري 
والجهد البشري عن الإيجابية في الحياة بسبب هذه العقيدة. 

ح - انتشار موجة الإلحادء ووصول موجة الشك 
في مقولات الدين إلى قمتهاء حيث حاولت هذه المدرسة أن 


اه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


ترد إلى الدين اعتباره على أساس أن كل ما جاء به موافق 
للعقل .)١(‏ 
ويقول: " ومن ثم اجتهدت هذه المدرسة في تنقية 
الدين من الخرافات والأساطيرء وحاولت أن تنشئ عقلية دينية 
تفقه السنن الكونية» وتدرك ثباتها واطرادها وترد إليها الحركات 
الإنسانية» كما ترد إليها الحركات الكونية في الإجرام والأجسام ' 
2 
" ولكن مواجهة ضغط الخرافة من جهة» وضغط الفتنة 
بالعلم من جهة أخرىء تركت آثارها في تلك المدرسة» من 
المبالغة في الاحتياط» والميل إلى جعل مألوف السنن الكونية 
هو القاعدة الكلية لسنة الله» فشاع في تفسير الإمام محمد عبده 
وتلاميذه الرغبة الواضحة في رد الكثير من الخوارق إلى مألوف 
سنة الله دون الخارق منهاء وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم ما 
يسمونه " المعقول ؛ والى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل 
الغيبيات. 
ومع إدراكنا وتقديرنا للعوامل البيئية الدافعة لمثل هذا 


- في ظلال القرآن » 5/ 79174 , "/ 1584 ء وخصائص التصور الإسلامي‎ )١( 
. بتصرف‎ ١1 » ١8 لسيد قطب - . ص‎ 
. 19108 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
1ه‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الاتجاه؛ فإننا نلاحظ عنصر المبالغة فيه» واغفال الجانب الآخر 
للتصور القراني الكامل» وهو طلاقة مشيئة الله وقدرته من وراء 
السنن التي اختارهاء سواء المألوف منها للبشر أو غير المألوف 
200 

والملاحظ في كلام سيد في النص السابق: أنه كان 
دقيقاً في النقد» مهذباً في الأسلوب» منصفاً في العرض» فقد هدم 
منهجها بقوله: ' واغفال الجانب الآخر للتصور القرآاني 
الكامل... مع وصفها بالمبالغة» لكنه ساقه بأسلوب الداعية؛ 
الذي يدغدغ عواطف الجماهير للتأثير فيهم واصلاحهم؛ بدلاً 
من التشهير والهدم غير النافع في الدعوة. وسيأتي أيضاً 
إنصافه مع هذه المدرسة بعد نقده لبعض أخطائها. 

ثانياً: نقده لبعض أخطاء هذه المدرسة: ومنها: 

أ - مغالاتها في العقل وجعله نداً للوحي: 
ويرجع سيد قطب هذا الانحراف في فكر المدرسة العقلية إلى 





عدة أسياق هي : 
١‏ - تأثرها بالفلسفة الغربية وخاصة فلسفة ديكارت التي 
تغالي في العقل (1). 


. 39308 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
١ هامش‎ ١584 /” » (؟) المصدر السابق‎ 


ولاه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





؟ - رغبتها في مواجهة البيئة الجامدة؛ من خلال إثبات 
قيمة " العقل " تجاه 'النص " وإحياء فكرة " الاجتهاد ' 
ومحاربة الخرافة والجهل والعامية في ' الفكر الإسلامي 
" - الرد على هجوم الغربيين على الإسلام وعقيدته. 

فلما أرادوا مواجهة الجمود العقلي في الشرق» 
والفتنة بالعقل في الغرب جعلوا " العقل البشري " نداً 
للوحي" في هداية الإنسان» ولم يقفوا به عند أن يكون 
جهازاً من أجهزة الكائن البشري يتلقى الوحي» ويدرك ما 
يدركه ويسلم بما هو فوق إدراكه؛ بما أنه غير كلي ولا 
مطلق» ومحدود بحدود الزمان والمكان» بينما الوحي 
يتناول حقائق مطلقه وليس على العقل إلا التسليم بها 
لأنه لا سبيل له إلى إدراكها" (١2؛‏ " والمغالاة في العقل 
عند هذه المدرسة جعلتها تضيق نطاق الخوارق 
والغيبيات» وتُأول النصوص لتوائم ما يسمونه " معقولاً ' 
كنا ساقي :(0): 


)١(‏ خصائص التصور الإسلامي » ص ١١‏ بتصرف يسير » ويراجع فصل الربانية 
أيضاً من نفس الكتاب . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 5978/5 . 
١/اه‏ 








ب -تأويل الغيبيات ورد الخوارق: 
' وهذا الخطأ هو نتيجة للخطأ السابق المتمثل في 
تعظيم دور العقل وجعله نداً للوحي وحاكماً على النصء» وسببه 
المبالغة في الاحتياط من الخرافة» والميل إلى جعل مألوف 
السنن الكونية هي القاعدة الكلية لسنة الله» لهذا شاع في كتابات 
رواد هذه المدرسة رد الكثير من الخوارق إلى مألوف سنة الله 
دون الخارق منهاء وإلى تأويل بعضها بحيث يلاثم ما يسمونه ' 
المعقول " والى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل الغيبيات " 
20 حثى صرح بعضهم بوجوب تأويل النص ليوافق مفهوم 
العقل: (5): :وهو اهيدا خظطنة خإظلاق كلمة" المقل: "برد لامر 
إلى شيء غير واقعي! فهناك عقلي وعقلك وعقل فلان وعقل 
علان» وليس هناك "عقل مطلق" لا يتناوبه النقص والهوى 
والشهوة والجهل؛ يحاكم النص القرآني إلى " مقرراته '"» واذا 
أَويَينًا التأويل ليواقق النصى هذه العقول الكثيرة فإننا ننتهي إلى 
فوضى! 
وقد نشأ هذا كله من الاستغراق في مواجهة انحراف 


5917/8/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
(؟) هو الشيخ / عبد القادر المغربي » كما صرح بذلك سيد » في: خصائص‎ 
التضيون: نامي عمو‎ 


دناه 





اسيك قطي ومنمجة في العفيدة 





تفن ولو" أخذا الامو ”في :ذاقه لكرشن لوقل بكاقة زينكاق عله 
بدون غلو ولا إفراط» وبدون تقصير ولا تفريط كذلك» وغرف 
للوحي مجاله» وحفظت النسبة بينهما في مكانها الصحيح ' .)١(‏ 

ومن القضايا التي أولتها هذه المدرسة ورد عليها سيد 
فيها ما يأتي: 

١‏ - تأويلهم لعالم الملائكة والشياطين: 

'" حيث يرون أن الملائكة والشياطين أو الجن لا يمكن 
أن يكون لهم وجود مجسم على هذا النحو أو أن تكون لها 
تحركات حسية وتأثيرات واقعية! ومن شم يرون أن الملائكة 
تمثيل لقوة الخير والطاعة والشياطين تمثيل لقوة الشر 
والمعصية» والرجوم تمثيل للحفظ والصيانة.. الخ " ("). 

* وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ وَإِدْوين لَهُمْآلسَِّطنٌ أَعَملَهُمَ 
نك لحك الو روت الاين ترق اذ لحك ولكامازات 


ام 


م ًَ -_- لي 0 يض حر 02-2 سس رس مسح - 
لْفِسَئَانِ كص عل عَقبَيهِ وَقَالَ ِف بَرى مَنِحكُم إن أرى ما لا مَرَوْن ف 


و ع 


ماف أله وَآسَّهُ سَدِيدُ لكاب (20)) [سورة الأنفال: 48].: 
تعرض سيد لم نهج المدرسة العقلية بالنقد وذلك لتأويلهم 


)1( خصائص التصور الإسلامي » ص ”٠‏ عبتصرف يسير . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 30/90/56 . 
؟لاه 





اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 





للغيبيات بقوله: " في هذا الحادث يثبت النص القرآني أن 
الشيطان زين للمشركين أعمالهم وشجعهم على الخروج.. ثم 
خذلهم وتركهم يلاقون مصيرهم وحدهمء لكننا لا نعلم الكيفية 
التي زين لهم بها أعمالهم» والتي قال لهم بها: لا غالب لكم 
اليوم والتي نكص بها كذلكء الكيفية فقط هي التي لا نجزم بها 
ذلك لأن أمر الشيطان كله غيبء ولا سبيل لنا إلى الجزم بشيء 
في أمره إلا في حدود النص المسلم» والنص هنا لا يذكر الكيفية 
إنما يثبت الحادث. 

فإلى هنا ينتهي اجتهادناء ولا نميل إلى المنهج الذي 
تتخذه مدرسة الشيخ محمد عبده في التفسير من محاولة تأويل 
كل أمر غيبي من هذا القبيل تأويلاً معيناً ينفي الحركة الحسية 
عن هذه العوالم.... ثم ذكر سيد كلام الشيخ محمد عبده وميله 
إلى تفسير أفعال الملائكة والشياطين بأنها مجرد ملابسة أرواح 
المؤمنين أو المشركين» وقال: " وكل هذا مبالغة في تأويل هذه 
النصوص المتعلقة بأمور غيبية» ولا ضرورة لهذا التأويل» لأنه 
ليس هناك ما يمنع من الدلالة الصريحة للألفاظ فيها  .)١(‏ 

؟-تاأ الأيا 

ذكر سيد - رحمه الله - أنهم يفسرون الطير الأبابيل 


. بتصرف يسير‎ ١5737-15721/” » في ظلال القرآن‎ )١( 
لاه‎ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


التي أرسلها الله على أصحاب الفيل بأنها ميكروبات الجدري؛ 
وأن الطير قد تكون هي الذباب والبعوض التي تحمل 
الميكروبات» فالطير هو كل ما يطير» وتصريحهم بأن هذا 
التفسير هو ما يصح الاعتماد عليه» وما عداه لا يصح قبوله 
إلا بتأويل إن صحت روايته. 

ثم رد عليهم سيد بأن هذا التفسير نابع من منهجهم 
في تضييق نطاق الخوارق والغيبيات وأن سنت الله ليست فقط 
هي ما يعرفه البشر وما عرفوه»... وبالتالي لا يصح الوقوف 
أمام هذه الخارق مترددين» أو مؤولين لها - متى صحت الرواية 
- 00 

# د بالدفاع» وق بأن الا 
التعا الكفار هو | 

صدرت كتابات كثيرة للمستشرقين وغيرهم من 
الصليبين والصهيونيين تتهم الإسلام بأنه دين العنف وأنه انتشر 
بحد السيف» ورغبة في الدفاع عن الإسلام قام بعض المفكرين 
في حماسة للدفاع عنه؛ لكنهم اسقطوا قيمة " الجهاد ' وهم 
يدفعون عنه هذا الاتهام» معتذرين بأن الجهاد في الإسلام إنما 
هو " الدفاع " فقطء وأن الإسلام قام على الإقناع والحجة؛ وأن 


. 3”908- 5915/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 


هلاه 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


الأصل في العلاقة مع غير المسلمين هي المعاهدات السلمية 
ما لم يقع اعتداء على المسلمين في دارهم. 

وقد أنكر سيد - رحمه الله - هذا القول وقرر أن 
الجهاد في الإسلام على نوعين: 

الأول: _جهاد الرد في حالة هجوم الأعداء على بلاد 
ملسي 

الثاني: _جهاد الطلب» وهو باق إلى قيام الساعة؛ 
والهدف منه ليس إكراه الناس على اعتناق الإسلام بالسيف» 
وانما إزاحة الطواغيت التي تستعبد البشر من دون الله» وتحول 
بينهم وبين معرفة الإسلام وفهمه» ثم بعد ذلك يترك لهم حرية 
الدخول في الإسلام» أو البقاء على مللهم في ظل عدل الإسلام 
ورايته. 

وبيّن - رحمه الله - أن هناك حقيقة واضحة يلمسها 
حتى أصحاب هذا القول وهي: عدم إمكانية التعايش بين 
الإسلام والأديان الأخرى بناء على المعاهدات السلمية إلا في 
فكرات موقوتة لا تمثل قاعدة دائمة» وأن الأصل هو العداء 
والصراع بناءً على عدم إمكانية التعايش الدائم بين المعسكرين؛ 
بسبب الاختلاف الجذري بين طبيعة المنهج الإسلامي ومناهج 
العبيد في الأرض» وعدم التقائهما على شيء» وهذا هو السر 


كلاه 


7171717 79777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





وراء نقض العهود والاعتداء من أعداء الإسلام عليه" .)١(‏ 

4 - الإعجاب بالغربيين ومنا فهم بالأحرار: 

يقول سيد: " يجب أن ينتبه إلى دلالة مثل هذه 
العبارات ( الأحرار ) في مدرسة الشيخ محمد عبده وتلاميذهاء 
فقد كانت هذه المدرسة بجملتها متأثرة بمناهج تفكير وبأفكار 
غربية غريبة على منهج التفكير الإسلامي الخالص» وكان هذا 
التأثر يجعلها تنظر إلى كُتَّاب أوروبا المناهضين للكنيسة 
بوصفهم أحراراًء وكذلك الكْتّاب الذين يكتبون عن الديمقراطية 
والحرية الغربية والأوضاع الأوربية نظرة استحسان» وكانت 
تدعو إلى الأخذ بما تسميه " الصالح من هذه الأفكار 
والأوضاع " بناءً على ذلك التأثرء وهذا مزلق خطيرء كان 
يعطف عليه " لورد كرومر" وأمثاله من الصليبين! والأمر في 
حاجة إلى نظرة أعمق وأوسعء والى استقلال» واستغناء بالمنهج 
الاعاقم ا 

ه-انتفاع الكافر بالحسنات يوم القيامة: 


)١(‏ ينظر في ذلك : في ظلال القرآن » :١589 ١548/7‏ وخصائص التصور 
الإسلامي » ص ١١‏ » والسلام العالمي والإسلام » ص ».١154‏ وما بعدها ء 
ومعالم في الطريق » ص 55- 90 . 

. ١5371//79 » في ظلال القرآن‎ )١( 

/الاه 








يرى الشيخ محمد عبده أن قوله تعالى: فمن فشكل 
مِتْقَالَ دَرَّوَ حي مَرَهْ (1)9 [سورة الزلزلة: 7]. عام في المسلم 
والكافرء وينكر على من نقل الإجماع بأن الكافر لا تنفعه في 
الآخرة حسنة ولا يخفف عنه عذاب سيئة ماء وأنه لا أصل له. 


وقد عقب عليه سيد - رحمه الله - بأن المسألة لم 


تجيء من إجماع؛ ولكنها من نصوص قرآنية صريحة» هي 
أصل بذاتها على عدم انتفاع الإنسان بعمل بدون إيمان» مهما 
كان هنالف 0777 

- إنصافه مع مدرسة محمد عبده: 

مع هذا النقد الذي سبق من سيد لما عند أصحاب هذه 
المدرسة نجده يشيد بما عندهم من صواب فيقول: " ولست ابتغي 
أن أنقص من قدر تلك الجهود العظمية المثمرة في إحياء الفكر 
الإسلامي وانهاضه التي بذلها الأستاذ الإمام وتلاميذه».. وانما أريد 
فقط التنبيه إلى أن دفعة الحماسة لمقاومة انحراف معين قد تنشئّ 
هي انحرافاً آخر وأن الأولى في منهج البحث الإسلامي هو عرض 
حقائق التصور الإسلاميفي تكاملها الشامل» وفي تناسقها الهادي. 
ووفق طبيعتها الخاصة وأسلوبها الخاص(). 
)١(‏ في ظلال القرآن » 5917/5 بتصرف يسير . 


لحك 





* موافقته لبعض آراء المدرسة العقلانية: 

بالرغم من موقف سيد قطب - رحمه الله - الرافض 
لمنهج المدرسة الإمام محمد عبده في التعامل مع النصوص إلا 
أنه قال ببعض الآراء الموافقة لما عند هذه المدرسة ومن ذلك: 

١‏ - قوله بعدم الاحتجاج بحديث الأخاد قن العقيدة» 
وقد سبق الكلام عنه في مصادر التشريع. 

-١‏ إنكاره لمسألة سحر النبي 5» مبرراً ذلك بنفس 
المبررات التي ذكرها الشيخ محمد عبده في المسألة .)١(‏ 

”*- تأويله لبعض النصوصء وقد اعترف هو بذلك» 
وأخبر عن تراجعه عنها في الجملة وعزمه على تصحيحها إن 
مد في عمره ('). 

* موقفه من المفكر الإسلامي محمد إقبال: 

كان لإقبال - رحمه الله - جهود في مواجهة بعض 
الانحرافات في الفكر الإسلامي في البيئة الشرقية» حيث كتب 
عدة بحوث في الرد عليها. 


اتوك قطي ومنهجه في العقيدة /ه5 


م" 





وقد تحدث سيد عن جهود' إقبال" ونبه إلى بعض 
الانحرافات عنده وأسبابها فقال: " لقد واجه " إقبال " في العالم 


. ”ا/93١‎ /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
اه‎ 








الشرقي بيئة فكرية " تائهة " في غيبوبة " إشراقات " التصوف 
العجمي ' كما يسميه» فراعه هذا " الفناء " الذي لا وجود فيه 
للذاتية الإنسانية» كما راعته» " السلبية " التي لا عمل معها 
للإنسان ولا أثر في 000 هذا هو الإسلام بطبيعة 
الحال- كما واجه من ناحية أخرى التفكير الحسي في المذهب 
الوضعيء ومذهب التجريبيين في العالم الغربي» كذلك واجه ما 
أعلنه " نيتشه" )١(‏ في كتاب" هكذا قال زرادشت " (') عن مولد 
الإنسان الأعلى " السوبرمان " وموت الإله! وذلك في تخبطات 
الصراع التي كتبها 'نيتشه" وسماها بعضهم " فلسفة '!. 

حيث أراد" إقبال" أن ينفض عن "الفكر الإسلامي" وعن 
"الحياة الإسلامية" ذلك الضياع والفناء والسلبية كما أراد أن يثبت 
للفكر الإسلامي واقعية "التجربة" التي يعتمد عليها المذهب 
التجريبي ثم المذهب الوضعي! 

ولكن النتيجة كانت جموحاً في إبراز الذاتية الإنسانية؛ 
اضطر معها إلى تأويل بعض النصوص القرآنية تأويلاً تأباه 


)١(‏ هو: نيتشه فرويد نيس -١/855‏ ١٠1١م‏ ء فيلسوف مثالي ألماني ٠‏ ولد عام 
١0امءيعتبر‏ رائد الأيدلوجية الألمانية الفاشية » له عدة مؤلفات» انظر : المنجد 
في الأعلام /57. 

: هو:مصلح ديني»ومتنبئ عند الفرس الأقدمين »توفي نحو 587 ق.م » انظر‎ )١( 
. المنجد في الأعلام ص778‎ 

عه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





طبيعتهاء كما تأباه طبيعة التصور الإسلاميء لإثبات أن الموت 
ليس نهاية للتجربة» ولا حتى القيامة» فالتجربة والنمو في الذات 
الإنسانية مستمران أيضاً- عند إقبال - بعد الجنة والنارء مع أن 
التصور الإسلامي حاسم في أن الدنيا دار ابتلاء وعمل وأن 
الآخرة دار حساب وجزاء» وليست هناك فرصة للنفس البشرية 
للعمل إلا في هذه الدارء كما أنه لا مجال لعمل جديد في الدار 
الآخرة بعد الحساب والجزاء؛ ولكن هذا الغلو إنما جاء من 
الرغبة الجارفة في إثبات " وجود ' الذاتية» واستمرارهاء أو ال " 
أنا " كما استعاره إقبال من اصطلاحات هيجل الفلسفية» ومن 
ناحية أخرى اضطر إلى إعطاء اصطلاح " التجربة " مدلولاً 
أوسع مما هو في '" الفكر الغربي " وفي تاريخ هذا الفكرء لكي 
يمد مجاله إلى ' التجربة الروحية " التي يزاولها المسلم ويتذوق 
بها الحقيقة الكبرى» " فالتجربة " بمعناها الاصطلاحي الفلسفي 
الغربي لا يمكن أن تشمل الجانب الروحي أصلاً لأنها نشأت 
ابتداءَ لنبذ كل وسائل المعرفة التي لا تعتمد على التجربة 
الحسية. 

ومحاولة استعارة الاصطلاح الغربي» هي التي قادت 
إلى هذه المحاولة التي يتضح فيها الشد والجذب والجفاف 
أيضاً» حتى مع شاعرية 'إقبال" الحية المتحركة الرفافة! ولست 


م١‎ 





197777777171717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


ابتغي أن انقص من قدر تلك الجهود العظيمة المثمرة في إحياء 
الفكر الإسلامي وإنهاضه التي بذلها... الشاعر" إقبال " - رحمه 
الله - وإنما أريد فقط التنبيه إلى أن دفعة الحماسة لمقاومة 
انحراف معين؛ قد تنشئ هي انحرافاً آخرء وأن الأولى في منهج 
البحث الإسلامي هو عرض حقائق التصور الإسلامي في 
تكاملها الشامل» وفي تناسقها الهادئ ووفق طبيعتها الخاصة 
واجتلروف )!تقاض 0 


“مه 








اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


الفصل الثالث 


منهجه في تقرير مسائل الإيمسان 

تعد مسائل الإيمان من أوائل القضايا التي وقع 
الخلاف في مسمياتها في هذه الأمة» وتعددت فيها الأقوال 
وتنوعت»؛ ابتداءً بخلاف الخوارج للصحابة في مسألة عصاة 
الموحدين واخراجهم من الإسلام واستحلال دمائهم» ثم خلاف 
المعتزلة لأهل السنة وقولهم بالمنزلة بين المنزلين» ثم خلاف 
المرجئة وقولهم: إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان» وما تبع ذلك 
من تفريعات حول تعريف الإيمان وحقيقته وعلاقة العمل به؛ 
وزقادقةة وتقضنافده وهيررها ميق السدائل: 


"مه 





797777717771717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





وسأذكر هنا أبرز قضايا الإيمان التي حصل الخلاف 
فيها بين الفرق» مبيناً رأي أهل السنة والجماعة وموقف سيد 
قطب من هذه القضايا وذلك في المباحث الآتية: 
المبحث الأول: تعريف الإيمان وبيان حقيقته. 
المبحث الثاني: ثمرات الإيمان والتوحيد وآثاره في 
الحياة. 
المبحث الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه وعلاقته 
بالإسلام. 
المبحث الرابع: الكبائر وأحكام مرتكبيها. 
المبحث الخامس: التكفير. 


:مه 





197777777171717 اسوعاقط ومنمجة في العقيدة /جم 


المبحث الأول 
تعريف الإيمان وبيان حقيفته 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول: تعريف الإيمان لغة وشرعا. 


المطلب الثاني: حقيقة الإيمان وعلاقته بالعمل عند 


وداه 





اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


المطلب الأول 


تعريف الإيمان لغة وشرعا 


6 


تمهيد: 

عند البحث في المعاجم اللغوية عن معاني الحقائق 
الشرعية لا بد من التنبه إلى أمرٍ مهم جداً وهو أن المعاجم 
اللغوية وضعت لضبط الألفاظ لا لتحديد المعاني» واذا حاولت 
تحديد المعنى فإنها لا تبالي بأن تعرف الشيء بنفسه أو بأنه 
غير ضده؛ أو ببعض معانيه كقولهم: الدواء ما يتداوى به 
والحلال ضد الحرام» والدعاء: النداء» مع أنه ليس كل دعاء 
نداء ونحو ذلك. 

وبالتالي فإن الاستدلال بالمعاني اللغوية على الحقائق 
الشرعية لا يكون بدلالة المطابقة ('2؛ لأن الحقائق الشرعية في 
الأعم الأغلب تكون أخص من الإطلاقات اللغوية» وذلك 
بإضافة القيود والشروط الشرعية إلى مدلولات الألفاظ اللغوية» 
وليس معنى هذا إهمال الدلالات اللغوية» وإنما لا بد من النظر 


» دلالة المطابقة : هي دلالة اللفظ على تمام معناه . انظر : شرح المسلم‎ )١( 
- للملوي » بهامش حاشية الصبان . مطبعة مصطفى الحلبي - مصر -ط>؟‎ 
. 55 ,5ه١ عام لا5 ١ه ا ص‎ 


كمه 








في مراد الشارع واطلاقاته» والمستمر المعهود من مراده بهذا 
اللفظ أو ذاك» فنفسر الحقائق الشرعية على ضوء مراد الشارع 
ولا نقتصر على معنى من معاني اللفظ الذي قد انضم إليه في 
العرف الشرعي ما يخصصه ويقيده ويحكم عليه» ومن ذلك لفظ 
الإيمان. 


أولا: الإيمان في اللغة: 

تقول المعاجم اللغوية إن الإيمان هو: ' التصديق " (0)؛ ولكن 
هل التصديق مطابق للفظ " الإيمان '؟ وهل كل تصديق إيمان؟ 
الحقيقة أن ثمة فروق بين " آمن " و " صدق " منها: 


١‏ - أن " آمن ' يتعدى بالحرف»ء إما بالباء مثل قوله تعالى: 


| 3 5 --- بحي 
١‏ ثَالوا يبان ل ودكك) وس افيد متو 
و و سه 82 و< ّّ سا و هذه ع 
كلد ار ونا تين ل رو مع طوواة 


1 .0 2 5 آ ته أ لم 
2219 أي: بمصدقء وقوله تعالى: [ءَامَنَ1 0 مآ أنزلإِليِه من 


م 


مخ و 


04 2 ََ 4 ا ا ا ب سه 
ل ون كل ءامن الله ومل يكو وكيوء ورسيوء لا نفرق بيت 


ه١١45 مطبعة البابي الحلبي - القاهرة - ط؟ » عام‎ ٠ تهذيب اللغة للأزهري‎ )١( 
ولسان العرب لابن‎ » 1/4 ٠» والقاموس المحيط » للفيروز أبادي‎ » ١7/15 » 
ء ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس - دار الجيل - بيروت‎ 7377/١ منظور‎ 
. 175/1 بعت‎ 


/امه 





سرح قطي ومنمجه في العقيدة /62 





سا ال حاووء هر 


أحَدٍ من رسو هلوأ سَيِعَنَاوَأَطْعنا عْفْرَائك ربا وَإِلِتكَاَلْمَصِيرٌ 
(8©)) [سورة البقرة: 18]؛ وإما باللام مثل قوله تعالى: [ # فَنَامَنَ 
لوط ونان مهار إل رََإِنَههْوَالْمَرِ د فكي د (0)) [إسورة 
العنكبوت: 51]؛ فيكون بمعنى التصديق. 
أما إذا تعدى بنفسه فيكون معناه التأمين: أي إعطاء الأمان 
كقوله تعالى: ١‏ أَلَذِى أَطْعَمَهُم من جوع 00 مَنْ حَوَي (2)) 
[إسورة قريش: 5]. فهو شد أخافة نا 1 " فإنه يتعدى 
بنفسه دون حرف كقولنا " صذقه ". 
-١‏ من حيث الاشتقاق اللغوي نجد أن الإيمان مشتق من 
الأمن» الذي هو ضد الخوف 0 فآمن أي: صار داخلاً 
في الأمن» فهو متضمن مع التصديق معنى الائتمان 
والأمانة» كما قال إخوة يوسف (ِوَمَآآَسَيِمُؤْمِنِ لَاوََوَ كن 
به ولا تطمئن إليه ولو كنا صادقين» فالتصديق وحده لا 
يدل على ذلك ('). 
- أن الإيمان لا يقال إلا في الأمور الغيبية التي تعتمد 


صَدِقِينَ 107 [إسورة يوسف: /١١]ء؛‏ أي: لاتقر بخبرنا ولا 


. 3١ -9٠0 المفردات في غريب القرآن » للراغب الأصفهاني » ص‎ )١( 
اليذالك‎ 





شتوك قطيك ومنهجة في العقيدة 





على أمانة المخبرء أما المشاهد المحسوس فيقال فيه: 
صدوق. 
:- أن مقابل الإيمان الكفر» ومقابل التصديق: الكذب. 
فالخلاصة إذن: أن الإيمان تصديق وزيادة» وهو إلى 
الإقرار أقرب منه إلى التصديق(١).‏ 
وهذا هو ما أكد عليه - سيد قطب - رحمه الله -»: 
فإنه لم يذهب إلى أن الإيمان هو التصديق فقطء بل قرر أنه 
تصديق وإذعان» مع ثقة واطمئنان. 
* يقول سيد: " والتعبير عن عدم التصديق والثقة 
والائتمان والاطمئنان بقوله تعالى: إيَحَتَذْرو ب إلتَكم ذا وَجَعْشمَ 


2ح ساس 


لهم فل لا تدروأ ف لتحكم قد انا أله مر نِن لسارت 
[سورة التوبة: 15] ذو دلالة خاصة» فالإيمان تصديق 
وثقة وائتمان واطمئنان» تصديق بالقول» وائتمان بالعقل» 
واطمئنان بالقلب وثقة من المؤمن بربه» وثقة متبادلة بينه وبين 
المؤمنين معه؛ وللتعبير القرآني دائماً دلالته وايحاؤه 000 


)١(‏ بسط القول في هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيميه في عدة مواضع منها 
مجموع الفتاوى »١77/7‏ والإيمان » المكتب الإسلامي - بيروت - طا- 
هءص 7715 »ء وما بعدها . 

(؟) في ظلال القرآن » ص ١516‏ . 

"1 





17 117 117 17 ال-2 





* ويقول أيضاً: ' وفعل الإيمان حين يعدى باللام 
يعني الاطمئنان والثقة " )١(‏ 

* ويقول أيضاً: فقوله تعالى: ١‏ وَِنَ جك في التوحيد 
وفي الدين [ِكَمُلْ َسَلَبوَجهىَ ينه وَمَنِ تَبَعَنْ 1 [سورة آل عمران: »]٠١‏ 
والتعبير بالاتباع ذو مغزى هناء فليس هو مجرد التصديق إنما 
هو الإتباع " ('). 

ويقول أيضاً: " فالإيمان تصديق القلب بالله وبرسوله؛ 
التصديق الذي لا يرد عليه شك ولا ارتياب» التصديق المطمئن 
الثابت المستيقن الذي لا يتزعزع ولا يضطربء ولا تهجس فيه 
الهواجس» وا 000 فيه القلب لرلخسير 0 





اختلف الناس فيما يقع 1 اسم الإيمان اختلافاً كثيراً: 
١‏ - جمهور أهل السنة والجماعة على أن الإيمان: " 
تصديق بالجنان» وإقرار باللسان وعمل بالجوارح والأركان " 


. 5١5/١ » المصدر السابق‎ )١( 
.580/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 5949/5 » المصدر السابق‎ )"( 
ووه‎ 





آذ و لل اسرت قطي ومنمجه في العقيسة /ج0 





(') مع اختلاف عباراتهم في ذلك» كقول بعضهم " الإيمان 
قول وعمل '" ويقصدون: قول القلب واللسان» وعمل القلب 
واللسان والجوارح ("). 

١‏ - المرجئة تقول: الإيمان هو تصديق بالجنان وقول 


)١(‏ وهذا القول مروي عن : ابن مسعود وحذيفة وعمر وعلى ومعاذ وابن عباس 
وأبي الدر داء من الصحابة » والحسن وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير » وزيد 
بن أسلم ومجاهد من التابعين » وعبد العزيز بن أبي سلمة والليث والأوزاعي والثوري 
» وابن عيينة و الفضيل بن عياض من الفقهاء » وهو قول الأئمة الثلاثة مالك 
والشافعي وأحمد . 
انظر : -١‏ شرح أصول اعتقاد أهل السنة لأبي القاسم اللالكائي دار طيبة - 
الرياض » ط" عام 1١57١‏ ه 11١١/5‏ 

. 778/9 التمهيد لابن عبد البر»‎ -١ 

- مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري » ص ”717 . 

4 - شرح السنة للبغوي » "9/١‏ . 

ه- مجموع فتاوى ابن تيميه » 3١59/37‏ . 

5- فتح الباري لابن حجر » دار الفكر - بيروت طبعة عام ١5١1١‏ » 
١إلاء‏ . 

/ا- الإيمان لابن منده » 7517/١‏ . 

8- الفصل لابن حزم » ١848/7”‏ . 

4- الشريعة للآجري » ص ١١8‏ . 

. 555 شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص‎ -٠ 
ء وشرح أصول اعتقاد أهل السنة‎ ١١1 (؟) انظر : الشريعة للآجري » ص‎ 

» 511١/5 » للألكائي‎ 
ك١‎ 








19911111717177 تتوكاقطي ومنصجه في العقيدة 24/7 





م" 


باللسان» وهذا مشهور عن بعض الفقهاء(١)»‏ فالأعمال 
غير داخلة في مسمى الإيمان. 
* - بعض الماتريدية والأشاعرة يقولون: الإيمان هو: التصديق 
القلبي» وأما الإقرار باللسان فركن زائد (5). 
؛ - الكرامية تقول: الإيمان هو الإقرار باللسان فقط ("). 
د- الجهمية تقول: الإيمان هو المعرفة بالقلب (4). 
5 - الخوارج والمعتزلة يقولون: الإيمان فعل الطاعات المفترضة كلها 
بالقلب واللسان وسائر الجوارح» فهم يوافقون أهل السنة والجماعة في 
التعريف فقطء ويخالفونهم في جعلهم الإيمان شيئاً واحداً إذا ذهب 


بعصهة ذهب كله 2 


)١(‏ انظر : أصول الدين للبغدادي ٠‏ 58 ؟» والمواقف في علم الكلام للإيبجي ص 
5 .؛ والإرشاد للجويني ص ”777 ٠‏ وشرح العقيدة الطحاوية ص55 . 

(؟) المصادر السابقة . 

(*) انظر : السنة للخلال » ص 755 ٠‏ ومقالات الإسلاميين للأشعري » ص ١ 5١‏ 
» والشريعة للآجري » ص ١١١‏ » والفرق بين الفرق » للبغدادي » ص 777 » 
ومجموع الفتاوى لابن تيميه 003/7 ٠»‏ وشرح العقيدة الطحاوية ص .55٠١‏ 

(5) المصادر السابقة نفسها. 

(5) انظر : الإيمان لابن منده . "9١1/١‏ » والإرشاد للجوو يني » ص ””” 2 
وفتاوى ابن تيميه » 5٠١/1‏ » والمواقف للإيجي »ء ص 27”85 

؟ه 





2 117993333331717 عيد قط ومنمجه في العقيدة 





والراجح من الأقوال السابقة هو قول أهل السنة 
والجماعة من أن الإيمان اعتقادٌ وقول وعملء للأدلة الثابتة 
من الكتاب والسنة والإجماع )١(‏ والتي تدل على دخول 
الأعمال في مسمى الإيمان. 


. 317١/54 » للألكائي‎ 


؟وه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المطلب الثاني 


حقيقة الإيمان وعلاقته بالعمل عند سيد قطب 

أولاً: يقرر سيد قطب - رحمه الله - أن " مدلول 
الإيمان - في القرآن - واضح وجازم لا تميع فيه» ولا تفصيص 
)ولا تأويل:مما 'اتنتضه التطويلات الفقيية فيما بعد.. 

ويرى أن السبب في هذا الخلاف هو: وجود الفرق 
والمذاهب والتأويلات ودخول الناس في الجدل والفروق المنطقية 
الذهنية» وكذا بسبب الفرق المذهبية والسياسية ودخول الناس في 
الاتهامات ودفع الاتهامات» حيث صار النبز بالكفر» ودفع هذا 
النبز لا يقومان على الأصول الواضحة البسيطة لهذا الدين» 
إنما يقومان على الغرض والهوى ومكايدة المنافسين والمخالفين! 
عندئذ وجد من ينبز مخالفيه بالكفر لأمور فرعية» ووجد من 
يدفع هذا الاتهام بالتشدد في التحرج والتغليظ على من ينبز 
غيره بهذه التهمة» وهذا وذلك غلوٌ سببه تلك الملابسات 
التاريخية» أما دين الله فواضح جازم لا تميع فيه ولا تقصيص 
ولا غلو ' ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه 


5 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


العمل ١7‏ أوكل ما وراء ذلك فهو من صنع تلك الخلافات 
والتأويلقك: 0 

ثانياً:_يوافق سيد قطب - جمهور أهل السنة والجماعة 
- في تعريف الإيمان وعلاقته بالعمل» حيث يرى أن الإيمان 
الحق مركب من الاعتقاد والقول والعمل» وقد أكد على هذا في 
مواضع متعددة من الظلال وغيره ويمكن عرض بعض أقواله 
فيما يأتي: 


' يقرر- سيد- في أكثر من موضع أن‎ 0-١ 
الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل " (')؛ ففي‎ 
07 ظلال قوله تعالى: (وَأَعلِيعُوا أله وَرَسُ وله إن كُشْر مُؤْمِِينَ‎ 
يقول: ' فلابد للإيمان من صورة عملية‎ ]١ [سورة الأنفال:‎ 


واقعية» يتجلى فيهاء ليثبت وجوده ويترجم عن حقيقته» وكما 
قال رسول الله هَنِْ: " ليس الإيمان بالتمني» ولا بالتحلي ولكن 


)١(‏ الأثر رواه ابن أبي شيبة في المصنف ١١‏ / 505 » وغيره عن الحسن 
البصري ؛ وهو صحيح الإسناد . انظر أقوال التابعين في مسائل الإيمان والتوحيد 
. عبد العزيز المبدل . دار التوحيد - الرياض . ط١‏ عام ١575‏ ه/؟/ ١١75‏ 
؛ 61 ١١ا.‏ 

(؟) في ظلال القرآن » ”/ ١١٠١‏ بتصرف يسير . 

(؟) المصدر السابق » /١‏ *4” , 4/9/ا5 1 .١6506‏ 


هوه 








هو ما وقر في القلب وصدقه العمل ' (١)؛‏ ومن ثم يرد مثل 
هذا التعقيب كثيراً ذ في القرآن لتقرير هذا المعنى» الذي يقرره 


قول رسول الله ولد 000 الإيمان وتحديده» واخراجه من أن 
يكون كلمة تقال باللسان أو تمنياً لا واقعية له في عالم العمل 
والواقع" (). 

؟- يقول: " والإيمان ليس كلمات تقالء ولا مشاعر تجيش» 
ولا شعائر تقام» ولكنه طاعة لله والرسول» وعمل بمنهج الله 
الذي يحمله الرسول.. يقول الإمام شمس الدين أبو عبد الله 
محمد بن قيم الجوزية في كتابه " زاد المعاد في هدي خير 
العباد ": " ومن تأمل في السير والأخبار الثابتة في شهادة 
كثير من أهل الكتاب والمشركين له وَلةِ بالرسالة وأنه صادق» 
فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام» علم أن الإسلام أمرٌ 
وراء ذلك» وأنه ليس مجرد المعرفة فقطء ولا المعرفة والإقرار 


فقطء بل المعرفة والإقرار والانقياد والتزام طاعته ودينه ظاهراً 
وباطناً ) 2). 


)١(‏ لا يصح رفع الحديث إلى الرسول يلِةِ وانما هو من قول الحسن البصري كما 
سبق في الصفحة السابقة ٠‏ انظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 
للألباني » مكتبة المعارف - الرياض . طه 2 ١508‏ ه 5١1/5‏ برقم ٠١94‏ . 

. ١55/9 » في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق » /١‏ 81" . 

5ك 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





7- ويقول أيضاً: " والدين الذي يقبله الله من الناس ليس هو 
مجرد تصور في العقلء ولا مجرد تصديق في القلب - إنما 
هو القيام بحق هذا التصديق وذلك التصور - بتحكيم منهج 
الله في أمر العباد كله "» " وليس مجرد الاعتقاد بالقلب ولا 
الشهادة باللسان ", " فليس اعتقاداً أو شعوراً فحسب ولكن 
كذلك عملاً وطاعة وإتباعاً للمنهج العملي المتمثل في أحكام 
الكتاب.. " .)١(‏ 

4 - ويقول أيضاً " والتوحيد ليس هو مجرد التصديقء إنما 
هو الإتباع».. والتعبير بقوله تعالى: كّ كِ كك كٌ 5 3 ىق 
كُك) [سورة آل عمران: ١٠1]؛‏ ذو مغزى» فليس هو مجرد 
النطق باللسانء أو الاعتقاد بالجنان إنما هو كذلك 
الاستسلام» استسلام الطاعة والإتباع " (؟). 

5- يقول أيضاً: " وقد كانت العصبة المسلمة الأولى تعلم 
أن للإيمان حقيقة لا بد أن يجدها الإنسان في نفسه؛ وأنه 


ليس الإيمان دعوىء ولا كلمات لسان» ولا هو بالتمني» فقد 


. بتصرف‎ 7728 -119/1/١ » المصدر السابق‎ )١( 
. 5 ١ 4 المصدر السابق‎ (0 


/او6 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





روى: " أن الحارث بن مالك الأنصاري )١(‏ مثر برسول الله 
» فقال له: " كيف أصبحت يا حارث؟ " قال: أصبحت 
مؤمناً حقاً. قال: " انظر ما تقول» فإن لكل شيء حقيقة» فما 
حقيقة إيمانك؟ " قال: عزفت نفسي عن الدنياء فأسهرت ليلي» 
وأظمأت نهاري؛ وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاء وكأني 
أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيهاء وكأني أنظر إلى أهل 
النار يتضاغون فيها. فقال: " يا حارث عرفت فألزم ' ثلاثاً 
("). فالإيمان مشاعر وراءها عمل وحركة؛ وليس كلمة تقال 
باللسان ومن ورائها واقع يشهد بعكس ما يقوله اللسان " (). 
5- ويقول أيضاً: " والإيمان الحق هو المستكن 
في الضميرء والى جواره العمل الظاهر في الحياة» فهو 
ثمرة الإيمان الدالة على وجوده وحيويته وانبعاثه " (5). 


)١(‏ هو: هو الحارث بن مالك الأنصاري صحابي ٠»‏ انظر ترجمته في : أسد الغابة 
في معرفة الصحابة لابن الأثير » دار الفكر - بيروت ٠»‏ طبعة عام ١1957‏ م » 
١لا‏ . 

(؟) رواه الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان ١1/77‏ وسنده ضعيف . انظر : 
موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة ٠‏ مجموع مؤلفين ٠‏ مكتبة 
المعارف - الرياض »ط١‏ عام ١5١9‏ ه 75/56 

(؟) في ظلال القرآن » ١572/7”‏ بتصرف. 

(4) في ظلال القرآن » 554١/5‏ بتصرف يسير . 

كه 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





"- ويقول أيضاً: " فمن مقتضيات الإيمان أن 
تقرين القلص :فى يضيوزة العدل لفسال .ؤهة اما فحنت 
أن يدركه من يدعون الإيمان" (١2)؛‏ "ومن المبادئ الكلية في 
الإسلام أنه لا قيمة لقولٍ بلا عمل فالعمل هو المعتبر» أو 
هي الوحدة بيخ الكلمة المنطوقة والحركة الواقعة وهي مناظ 
الحكم والتقدير'("). 
ات وعدد تين آينة الرينا يفول "والخضن يلق 
إيمان الذين أمنوا على ترك ما بقي من الرباء فإنه لا إيمان 
بغير طاعة وانقياد وإتباع لما أمر الله به؛ والنص القرآني لا 
يدعهم في شبهة من الأمرء ولا يدع إنساناً يتستر وراء كلمة 
الإيمان» بينما هو لا يطيع ولا يرتضي ما شرع الله؛ ولا ينفذه 
في حياته؛ ولا يُحكّمه في معاملاته؛ فالذين يفرقون في الدين 
بين الاعتقاد والمعاملات ليسوا بمؤمنين مهما ادعوا الإيمان» 
وأعلنوا بلسانهم أو حتى بشعائر العبادة الأخرى أنهم مؤمنون 
0 
4- ويقول أيضاً: " إن هذا الدين يعلن عن طبيعته 


. 75 ء‎ 86/١ » المصدر السابق‎ )١( 
. 1١/١ » المصدر السابق‎ )'( 
. ”؟0/١‎ » المصدر السابق‎ )"( 
68 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


وعن حقيقته في كل مناسبة» إنه ليس مجرد عقيدة تستكن في 
الضميرء كما أنه ليس مجرد شعائر تؤدى وطقوسء إنما هو 
الإتباع الكامل لرسول الله ينه فيما يبلغه عن ربهء وفيما 
يشرعه ويَسُنه وفي قوله تعالى_إوَاتَيِعُوهُ لعا َعَلَكمْ 
تَمَتدُورت (10) [سورة الأعراف: ]١58‏ بعد الأمر 
بالإيمان بالله ورسوله» لفتةٌ عظيمةً وهي: لو كان الأمر في 
هذا الدين أمر اعتقاد وكفى لكان في قوله [تَحَامِسُواً بأللّه 
وَرَسُوَلِهِ 1 [سورة الأعراف: ]١58‏ الكفاية .)١(‏ 

-٠‏ في ظلال قوله تعالى يقول: " وهنا نرى 
للإيمان صورة حركية ظاهرة ومشاعر قلبية باطنة» 
ذلك أن الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل» 
العمل هؤ الذلالة” الذاهرة للإيمان» القن 8 بد مرخ 
ظهورها للعيان لتشهد بالوجود الفعلي لهذا الإيمان" 
0 

7- ويقول أيضاً: " ذلك أن المنهج الإسلامي 


)1( المصدر السابق » ١١١/7‏ بتصرف يسير . 
(؟) في ظلال القرآن » ”/ ١5717‏ وما قبلها . 
000 





لالالالنانا 





منهج عقيدة وعمل يصدق العقيدة» فمحك الصدق هو 
العمل الظاهر» يراه الله ورسوله والمؤمنون. , 00 


-١‏ في ظلال قوله تعالى: ! إِنَّ لد م 
تى هس أقوم ويتشّر الْمَْمِننَ الَذِنَ يعَمَلُونَ ألصَاِحَاتٍ أن ل 
لا يا (1) [سورة الإسراء: 5] يقول: " وهذه 
قاعدته- أي القرآن -الأصيلة في العمل والجزاء» فعلى 
الإيمان والعمل الصالح يقيم بناءه» فلا إيمان بلا عمل 
ولا عمل بلا إيمان» الأول مبتور لم يبلغ تمامه» والثاني 
مقطوع لا ركيزة له» وبهما معاً تسير الحياة على التي 
هي أقوم» وبهما معاً تتحقق الهداية بهذا القرآن" ("). 

5- في ظلال قوله تعالى:: (هْمَنْيَعَمَلُ برح 
لصَّلِحَدتٍ وهو مُؤْمن كَكَاكُفْرَادسَعيِة وَإِنَالمكبوت 
'()) [سورة الأنبياء: 44] يقول " هذا هو قانون العمل 
والجزاء» لا بد من الإيمان لتكون للعمل الصالح قيمته؛ ولا بد 



















١ 


. ١7١8/9 » المصدر السابق‎ )١( 
. 77١8/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





من العمل الصالح لتكون للإيمان ثمرته؛ بل لتثبت للإيمان 
حقيقته .)١("‏ 

" إن الإيمان الصحيح متى استقر في القلب 
ظهرت آثاره في السلوك» والإسلام عقيدة متحركة لا تطيق 
السلبية» فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقق 
مدلوها في الخارج» ولتترجم نفسها إلى حركة والى عمل في 
عالم الواقع... فالمؤمنون تصدق أفعالهم أقوالهم.. والإيمان 
تكيف في النفس وانطباع في القلب» وعمل في الواقع... " 
0 

5- ويقول ' والعمل الصالح هو الثمرة الطبيعية 
للإيمان» والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي 
تستقر فيها حقيقة الإيمان في القلب» فالإيمان حقيقة إيجابية 
متحركة؛ ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها إلى 
تحقيق ذاتها في الخارج في صورة عمل صالح.ء هذا هو 
الإيمان الإسلامي» لا يمكن أن يظل خامداً لا يتحركء كامناً 


لا يتبدى في صورة حية خارج ذات المؤمن فإن لم يتحرك 


. 54.6٠ في ظلال القرآن » 951/5؟1” » وكذا‎ )١( 
2 0/1 2 المصدر السابق 2 / هه" بتصسرف يسير وينظر أيضاً‎ (0 
. 55846 م‎ 2 1 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت» شأنه شأن الزهرة 
لا تمسك أريجها فهو ينبعث منها انبعاثاً طبيعياً» والا فهو 
غير موجود! ومن هنا قيمة الإيمان» إنه حركة وعمل وبناء 
وتعمير يتجه إلى الله» إنه ليس انكماشاً وسلبية؛ وانزواء في 
مكنونات الضميرء وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل 
في حركة» وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة 
بناء كبرى في صميم الحياة .)١('‏ 
هذه النقولات وغيرها كثير تدل على أن سيد - رحمه 
الله- يقرر معتقد أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان 
وعلاقته بالعمل» ويخالف ما عليه تيار الإرجاء الذي جعل 
الإيمان قولاً باللسان ورسماً بالخيال تكذبه الأعمال؛ فالإيمان 
الصحيح يقتضي العمل وهذا ما قرره الأئمة المحققون ودلت 
عليه نصوص الكتاب والسنة واجماع السلف. 


. 5951/5 ٠ المصدر السابق‎ )١( 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المبحث الثاني 
ثمرات الإيمان والتوحيد وآثاره في الحياة 


" الإيمان هو أصل الحياة الكبير» الذي ينبثق منه كل 
فرع من فروع الخيرء وتتعلق به كل ثمرة من ثماره» والا فهو 
مقطوع من شجرته» صائر إلى ذبولٍ وجفافب» والا فهي ثمرة 
شيطانية ليس لها امتداد أو دوام» وهو المحور الذي تشد إليه 
جميع خيوط الحياة الرفيعة» والا فهي مفلتة لا تمسك بشيء»؛ 
ذاهبة بدداً مع الأهواء والنزوات» وهو المنهج الذي يضم شتات 
الأعمال» ويردها إلى نظام تتناسق معه وتتعاون وتنسلك في 
طريق واحد وفي حركة واحدة» لها دافع معلوم» ولها هدف 
مرسوم" 2 

بهذه الكلمات التي سطرها سيد - رحمه الله - عن 
أثر الإيمان - أبدأ هذا المبحثء والذي أعرض فيه كلامه - 
رحمه الله - عن ثمرات الإيمان والتوحيد وآثاره في حياة البشرية 


في مختلف جوانبهاء ونظراً لكثيرة النصوص في هذا الباب 
فسأحاول اختصار وجمع كلامه على هيئة نقاط ومنها: 


. "955 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 








7171717 7977777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 






١-الايمان‏ هو الصلة الكبرى بين العبد وريه 
سبحانه: 

يقول سيد: ' وهذه الحقيقة الكبيرة تؤكدها نصوص 
القرآن دائماً» وهي من تفضل الكريم-سبحانه- على عباده 
المؤمنين» حيث يجعل صفهم صفه؛ وأمرهم أمرهء وشأنهم شأنه؛ 
يضمهم- سبحانه- إليه» ويأخذهم في كنفه؛ ويجعل عدوهم 
عدوه؛ وما يوجه إليهم من مكر موجهاً إليه - سبحانه - وهذا 
هو التفضل العلوي الكريم» الذي يرفع مقام المؤمنين وحقيقتهم 
إلى هذا المستوى السامق» والذي يوحي بأن حقيقة الإيمان في 
هذا الوجود هي أكبر وأكرم الحقائق» والذي يسكب في قلب 
المؤمن طمأنينة لا حد لهاء وهو يرى الله - جل شأنه - يجعل 
قضيته هي قضيته؛ ومعركته هي معركته؛ وعدوه هو عدوه؛ 
ويأخذه في صفه» ويرفعه إلى جواره الكريم؛ فماذا يكون العبيد 
وكيداهم :وقد اعهد واذالهم:الصنفيلن 007 

؟- الإيمان يمنح القلب الطمأنينة والسلام والمشا 
النظيفة والاهتمامات الرفيعة: 

يقول سيد: " فالإيمان هو المرشد الذي ينبغي للإنسان 
أن يتوخاه ويحرص عليه.. فما يتدبر الإنسان نعمة الإيمان» وما 


. 49/١ » المصدر السابق‎ )١( 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





تمنحه للإدراك البشري من تصور ناصع واضحء وما تمنحه 
للقلب البشري من طمأنينة وسلام» وما تثيره في النفس البشرية 
من اهتمامات رفيعة ومشاعر نظيفة» وما تحققه في المجتمع 
الإنساني من نظام سليم قويم دافع إلى تنمية الحياة وترقيتهاء ما 
يتدبر الإنسان نعمة الإيمان على هذا النحو حتى يجد فيها 
الزشد الذئ الا يرفضه الااسفيف:: "007 

" فالقلب المؤمن يدرك قيمة الاهتداء بعد الضلال» 
قيمة الرؤية الواضحة بعد الغبش» قيمة الاستقامة على الدرب 
بعد الحيرة» قيمة الطمأنينة للحق بعد الأرجحة» قيمة التحرر من 
الغبودية للعبيذ بالعبودية لله وحده» قيمة الأهتمامات الرفيعة 
الكبيرة بعد اللهو بالاهتمامات الصغيرة الحقيرة»ويدرك أن الله 
منحه بالإيمان كل هذا الزاد.. ومن ثم يشفق من العود إلى 
الضلال.. وفي بشاشة الإيمان حلاوة لا يدركها إلا من ذاق 
جفاف الإلحاد وشقاوته المريرة»وفي طمأنينة الإيمان حلاوة لا 
يدركها إلا من ذاق شقوة الشرود والضلال!" ("). 

'وقيمة الإيمان كذلك الطمأنينة النفسية والثققة 


)1( في ظلال القرآن » /17" » بتصرف يسير . 
0( المصدر السابق 4 /١‏ ا الى 
0 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





بالطريق» وعدم الحيرة» أوالتردد» أوالخوف أواليأس" ('). 

"-الإيمان نور يضيء للعبد دروب الحياة: 

يقول سيد: ' إن الإيمان نور» نور واحد في طبيعته 
وحقيقته» وما من حقيقة أصدق ولا أدق من التعبير عن الإيمان 
بالنور» إن الإيمان نور يشرق به كيان المؤمن أول ما ينبثق في 
ضميره» تشرق به روحه فتشف وتصفو وتشع من حولها نوراً 
ووضاءة ووضوحاًء نور يكشف حقائق الأشياء» وحقائق القيم 
وحقائق التصورات» فيراها المؤمن واضحة بغير غبش» بيّنة 
بغير لبس مستقرة في مواضعها بغير أرجحة» فيأخذ منها ما 
يأخذ ويدع ما منها ما يدع في هوادة وطمأنينة وثقة وقرار لا 
أرجحة فيه نور يكشف الطريق إلى الناموس الكوني فيطابق 
المؤمن بين حركة الناموس الكوني من حوله ومن خلاله؛ 
ويمضي في طريقه إلى الله هيناً ليناً لا يعتسف ولا يصطدم 
بالنتوءات» ولا يخبط هنا وهناك؛ فالطريق في فطرته مكشوف 
معروف» وهو نور واحد يهدي إلى طريق واحد» فأما ضلال 
الكؤر؛ فظلناك شق /مدوعة: "210 

" والإيمان بالله نور يشرق في القلب» فيشرق به هذا 


)1( المصدر السابق 4 ه51 ٠‏ 
0( المصدر السابق 34 5١‏ . 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الكيان البشري المركب من الطينة الغليظة ومن نفحة روح الله؛ 
نام كاذ من اكبواق فته النقطة لكان جا سو حلي 
من لحم ودم كالبهيمة.. والإيمان بالله نور تشرق به النفس» 
فترى الطريق.. ترى الطريق واضحة إلى الله» لا يشوبها غبش 
ولا يحجبها ضباب» غبش الأوهام وضباب الخرافات» أو غبش 
الشهوات وضباب الأطماع؛ ومتى رأت الطريق سارت على 
هدى لا تتعثر ولا تضطرب ولا تتردد ولا تحتار ١‏ 
والإيمان بالله نور تشرق به الحياة» فإذا الناس كلهم 
عباد متساوون» تربط بينهم أصرتهم في الله».. الإيمان بالله نورء 
نور العدل» ونور الحرية؛ ونور المعرفة» ونور الأنس بجوار الله 
والاطمئنان إلى عدله ورحمته وحكمته في السراء والضراءء ذلك 
الاليتفاك الذي يشيع النيو دفي العس عب الشتكن فين السراء 
على نور في إدراك الحكمة من البلاء " .)١(‏ 
" إن الإيمان نورء نور في القلب» ونور في الجوارح» 
ونور في الحواس» نور يكشف حقائق الأشياء والقيم والأحداث 
وما بينها من ارتباطات ونسب وأبعاد» فالمؤمن ينظر بهذا النور 
نور الله فيرى تلك الحقائق ويتعامل معهاء ولا يخبط في طريقه. 


والإيمان بصرء يرى» يرى حقيقة صادقة غير مهزوزة 


. 7١85/5 » في ظلال القرآن‎ )١( 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ولا مخلخلة؛ ويمضي بصاحبه في الطريق على نور وعلى ثقة 
واطمئنان. 

والإيمان ظل ظليل تستروحه النفس ويرتاح له القلب» 
ظل من هاجرة الشك والقلق والحيرة في التيه المظلم بلا دليل! 

والإيمان حياة» حياة في القلوب والمشاعرء حياة في 
القصد والاتجاه» كما أنه حركة بانية مثمرة قاصدة» لا خمود فيها 
ولا همودء ولا عبث فيها ولا ضياع '(0). 

" والإيمان تفتح ورؤية» وادراك واستقامة» فهو نور بكل 
مقومات النور.. ويجد الإنسان في قلبه هذا النور» فتنكشف له 
حقائق هذا الدين» ومنهجه في العمل والحركة» تكشفاً عجيباً» يجد 
الإنسان به التناسق الشامل في طبيعة هذا الدين وحقائقه» والتكامل 
الجميل في منهجه وطريقته».. يجد الإنسان في قلبه هذا النور 
فتتكشنفه له خقاثةق: الوجودة وحقائق' الحيئاة؛ وحقائق: الناسن: وحقائق 
الأحداث التي تجري في هذا الكون وفي عالم الناس.. يجد الوضوح 
في كل شأنٍ وفي كل أمرٍ وحدث» يجد الوضوح في نفسه وفيما 
حوله» يجد الوضاءة في خواطره ومشاعره وملامحه؛ يجد الراحة في 
باله وحاله ومآله» يجد الرفق واليسر في أموره.. " (). 
)1( المصدر السابق » 1 : 


0( المصدر السابق» اك ١‏ بتصرف . 
1048 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





5 -الإيمان نقطة تحول في حياة البشر: 

يقول سيد: " إن الإيمان بالله هو نقطة التحول في 
حياة البشرية من العبودية لشتى القوى» وشتى الأشياء» وشتى 
الاعتبارات» إلى عبودية واحدة تتحرر بها النفس من كل 
عبودية» وترتفع بها إلى مقام المساواة مع سائر النفوس في 
الصف الواحد» ثم ترتفع بها فوق كل شيء وكل اعتبارء وهو 
نقطة التحول كذلك من الفوضى إلى النظام» ومن التيه إلى 
القصدء ومن التفكك إلى وحدة الاتجاه»ء فهذه البشرية دون إيمان 
بتائلهالواشع ءالا كعرت" لها" فحنا مسقب ولا جاو بطو ل 
تعرف لها نقطة ارتكاز تتجمع حولها في جد ومساواة؛ كما 
يتجمع الوجود كله واضح النسب والارتباطاتء والأهداف 
والعلاقات " .)١(‏ 


ه-الايمان هو سبب الثيات والاستعلاء والنصر: 

يقول سيد: " لا بد من الإيمان ليملك الدعاة إلى الخير 
الآمرون بالمعروف»ء الناهون عن المنكر» أن يمضوا في هذا 
الطريق الشاق» ويحتملوا تكاليفه وهم يواجهون طاغوت الشر في 
عنفوانه وجبروته» ويواجهون طاغوت الشهوة في عرامتها 


. 159/١ المصدر السابق‎ )١( 
11٠ 








وشدتهاء ويواجهون هبوط الأرواح» وكلل العزائم» وثقلة المطامع؛ 
وزادهم هو الإيمان» وعدتهم هي الإيمان» وسندهم هو اللهء وكل 
زاد سوى الإيمان ينفذ» وكل عدة سوى عدة الإيمان تُقَلَث» وكل 
مكة كين فكد اللمريفها 210 

ويظهر أثر الإيمان في الثبات والاستعلاء في نماذج 
كثيرة ذكرها القران 00 منها: قصة 0 0 السلام عندما 
قال لقومه: مجعو مركم وَشركاءك شُرّ لا يكن مركم عَليَكر عْمَةَ كر 
أَقَصُوَأ إِلَنَ وَلَا نْظِرون (10 [سورة يونس: ]7١‏ حيث يظهر 
التحدي الصريح المثير الذي لا يقوله القائل إلا وهو مالئٌ يديه 
من قوته» واثق كل الوثوق من عدته» حتى ليُغري خصومه 
بنفسه» ويحرضهم بمثيرات القول على أن يهاجموه! فماذا كان 
وراء نوح -عليه السلام - من القوة والعدة؟ وماذا كان معه من 
قوى الأرطن جميعاً؟ 

كان معه الإيمان» القوة التي تتصاغر أمامها القوى؛ 
وتتشياءل أمامها :القكرة» وعحة ‏ أعاميا الققديز ء وكات ورا ع الله 
الذي لا يدع أولياءه لأولياء الشيطان!. 

إنه الإيمان بالله وحده ذلك الذي يصل صاحبه 


. 558/١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
>1١ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





بمصدر القوة الكبرى المسيطرة على هذا الكون بما فيه ومن 
فيه» فليس هذا التحدي غروراً» وليس كذلك تهوراً» وليس انتحاراً 
إنما هو تحدي القوة الحقيقية الكبرى للقوة الهزيلة الفانية التي 
تتضاءل وتتصاغر أمام أصحاب الإيمان. 

وأصحاب الدعوة إلى الله لهم أسوة حسنة في رسل 
اللهء وانه لينبغي لهم أن تمتلئ قلوبهم بالثقة حتى تفيضء وإن 
لهم أن يتوكلوا على الله حده في وجه الطاغوت أياً كان! " :)١(‏ 

ومن النماذج التي يظهر فيها الاستعلاء بالإيمان: 
قصة سحرة فرعون واجابتهم على تهديده لهم بالقتل والصلب 
والقطع؛ يقول سيد - رحمه الله - معلقاً على ذلك " ولكن النفس 
البشرية حين تستعلن فيها حقيقة الإيمان» تستعلي على قوة 
الأرضء وتستهين ببأس الطغاة؛ وتنتصر فيها العقيدة على 
الحياة» وتحتقر الفناء الزائل إلى جوار الخلود المقيمء إنها لا 
تقف لتسأل: ماذا ستأخذ وماذا ستدع؟ ماذا ستقبض - ماذا 
ستدفع؟» ماذا ستخسر وماذا ستكسب؟ وماذا ستلقى في الطريق 
من صعاب وأشواك وتضحيات؟ لأن الأفق المشرق الوضيء 
أمامها هناك» فهي لا تنظر إلى شيء في الطريق. إنه الإيمان 
الذي لا يفزع ولا يتزعزع؛ كما أنه لا يخضع أو يخنع.ء الإيمان 


. 378511١79 » في ظلال القرآن‎ )١( 
1١ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاهاء ويستيقن من الرجعة إلى ربه 
فيطمئن إلى جواره» ويقف الطغيان عاجزاً أمام الإيمان" ('). 

كما يظهر أثر الإيمان الحقيقي في النصر " فمتى 
استقرت حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين» وتمثلت في واقع 
حياتهم منهجاً للحياة» ونظاماً للحكم» وتجرداً لله في كل خاطرة 
وحركة» وعبادة لله في الصغيرة والكبيرة» فلن يجعل الله للكافرين 
على المؤمنين سبيلاء وهذه حقيقة لا يحفظ التاريخ الإسلامي 
كله واقعة واحدة تخالفها؛ 

وأنا أقرر في ثقة بوعد الله لا يخالجها شكء أن 
الهزيمة لا تلحق بالمؤمنين» ولم تلحق بهم في تاريخهم كله؛ إلا 
وهناك ثغرة في حقيقة الإيمان» إما في الشعورء وإما في 
العمل».. وبقدر هذه الثغرة تكون الهزيمة الوقتية» ثم يعود النصر 
للمؤمنين حين يعودون!.. وقد يكون الابتلاء لشتكمل حقيقة 
الإيمان.. وليس بيننا وبين النصر في أي زمان وفي أي مكان 
إلا أن نستكمل حقيقة الإيمان» ونستكمل مقتضيات هذه الحقيقة 
في حياتنا وواقعنا كذلك.. غير أنه يجب أن نفرق دائماً بين 
حقيقة الإيمان» ومظهر الإيمان؛ إن حقيقة الإيمان قوة حقيقية 


)١(‏ في ظلال القرآن 170١1/*‏ » وينظر أيضاً » 755/١‏ , 7849/4 , 5910/5 ؟ 
اكلا ك5 . 
1 





711717 729777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





ثابتة ثبوت النواميس الكونية» ذات أثر في النفس وفيما يصدر 
عنها من الحركة والعمل؛ وهي حقيقة ضخمة هائلة كفيلة حين 
تواجه حقيقة الكفر المنعزلة المبتوتة المحددة أن تقهرهاء ولكن 
حين يتحول الإيمان إلى مظهرء فإن حقيقة الكفر تغلبه.. لآن 


1 فيقة" أي شيء أقوى 0 1 ] 1 أي شيء 1 0 


؟-الايماك يفتح العقل ويذهب بلادة الألفة والغفلة: 





يقول سيد: " فالقلب الذي ينوره الإيمان يستقبل مشاهد 
الكون بحس متجدد»ء وتفتح وحساسية» يقدر الجمل والتناسق 
والكمال؛ فالإيمان رؤية جديدة للكون» وإدراك جديد للجمال" ("). 


-الايمان سبب لوحدة الكينونة الإنسانية وتناسقها 
إن الإيمان والتوحيد الحق له أثر شامل في كيان 
الإنسان» يقول سيد: ' يرد الكينونة الإنسانية إلى مصدر واحدء 
تتلقى منه التصورات والمفاهيم والقيم والموازين والشرائع 
والقوانين» وتجد عنده إجابة عن كل سؤال يجيش فيهاء وهي 
تواجه الكون والحياة والإنسان» بكل ما يثيره كل منها من 


. 7854 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
: بتصرف‎ ١ المصدر السابق‎ (0 
115 








علامات الاستفهام» عندئذ تتجمع هذه الكينونة شعوراً وسلوكاً؛ 
وتصوراً واستجابة في شأن العقيدة والمنهج» وشأن الاستمداد 
والتلقي» وشأن - والحركة» وشأن الدنيا والآخرة فلا تتفرق 
افا ولة "تقد إلى كنف السدل والأفاق ورولة دك ركف الطرق 
على غير اتفاق» وعندما تتجمع على هذا النحو تصبح في خير 
التي" 1 
' وعن طريق الإيمان ينشأ إدراك حقيقة هذا الوجود»... 

وبه يستطيع الإنسان أن يتعامل مع الكون» وهو يعرف طبيعته 
كما يعرف قوانينه التي تحكمه» ومن ثم ينسق حركته هو مع 
حركة هذا الوجود الكبير» ولا ينحرف عن النواميس الكلية» 
فيسعد بهذا التناسق» ويمضي مع الوجود كله إلى بارئ الوجود 
فطاع ولظياف وناك" 07 
-ت ازين القيم والعلاقات والوجود: 

يقول سيد: " إن مقاييس هذه الأرض وموازينها لا تمثل 
الحقيقة التي ينبغي أن تستقر في ضمير صاحب العقيدة».. ومن 


)1( المصدر السابق 4+ بتصرف يسير . 
(؟) المصدر السابق 5/ "١6١‏ » وينظر أيضاً الصفحات 3.075 2 7945, 


116 








ثم يبقى صاحب العقيدة في أفق الحقيقة الكبيرة مستعلياً على 
واقع الأرض الصغير مهما تضخم هذا الواقع وامتد واستطال» 
يتعامل مع القيم الإيمانية الثابتة التي لا تهتز لخلل يقع في 
موازين الحياة الدنيا الصغيرة الخادعة» وتلك وظيفة الإيمان في 
حياة أصحاب العقائد المختارين لتعديل قيم الحياة وموازينهاء لا 
للتعامل بها والخضوع لمقتضياتها " .)١(‏ 

فالإيمان ضروري في الحياة " ليضع الميزان الصحيح 
للقيم» والتعريف الصحيح للمعروف والمنكرء فاصطلاح الناس 
لا يكفي» بل قد يعم بسببه الفساد وتضطرب الموازين... والإيمان 
هو الذي يقيم التصور الصحيح للوجود وعلاقته بخالقه» 
وللإنسان وغاية وجوده ومركزه الحقيقي في هذا الكون» ومن هذا 


التصور العام تنبثق القواعد الأخلاقية في الحياة " ("). 
- الإيمان هو الذي يجعل للعمل وزناً عند الله: 


يقول سيد: " فكل ما يعمل في الدنيا من الأعمال 
الصالحة إذا لم تقم على الإيمان فإنها هباءء فالإيمان هو الذي 
يجعل العمل الصالح منهجاً مرسوماً؛ وأصلاً قاصداًء لا خبط 


)0( في ظلال القرآن 5 بتصرف يسير . 
0( المصدر السابق 7/0١‏ بتصرف يسير . 


115 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





فشواء ولا خزوة طاركة ولا حركة سسكورة. :قاذ قيمة لعمل مفرد 
لا يتصل بمنهج» ولا فائدة لحركة مفردة ليست حلقة من سلسلة 
ذات هدف معلوم» لأن الإيمان يصل الإنسان بربه فيجعل لعمله 
قيمة ووزناً» ويجعل له مكانه في حساب هذا الكون وبنائه» ولهذا 
تعدم أعمال المشركين قيمتها(١).‏ 

" فالإيمان هو المنهج الذي يضم شتات الأعمال؛ 
ويردها إلى نظام تتناسق معه وتتعاون وتنسلك في طريق واحد»ء 
وفي حركة واحدة» لها دافع معلوم» ولها هدف مرسوم» ومن ثم 
يهدر القرآن قيمة كل عمل لا يرجع إلى هذا الأصلء ولا يشد 
إلى هذا المحورء ولا ينبع من هذا المنهج» والنظرية الإسلامية 
صريحة في هذا كل الصراحة؛ فهي تهدر قيمة العمل ما لم 
يستند إلى الإيمان ("). 

وفي ظلال قوله تعالى ! ومن يَعْمَلّ مِنَّ ألصَلِحَتٍ 
من كر أو أنقّ وَهْوَ مُؤونٌ دولك يَدَخْلُونَ ند وكا يِظلَمُونَ 
يرا 15 [سورة النساء: ]١١5‏ يقول سيد: " وهو نص صريح 
في اشتراط الإيمان لقبول العمل وأنه لا قيمة عند الله لعمل لا 


. 5559/5 المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 








يصدر عن الإيمان» ولا يصاحبه الإيمان» وذلك طبيعي 
ومنطقي لأن الإيمان بالله هو الذي يجعل العمل الصالح يصدر 
عن تصور معين وقصد معلوم كما يجعله حركة طبيعية 
مطردة؛ لا استجابة لهوى شخصيء ولا فلتة عابرة لا تقوم على 


قاعدة. 


وهذه الألفاظ الصريحة تخالف ما ذهب إليه الأستاذ 
الإمام الشيخ محمد عبده - رحمه الله - في تفسيره لجزء " 
عند قوله تعالى (هَمَن يَمَمَلٌ مِتْقَالَ دَرَوَ حيرا يَرَه ضَ( 
[سورة الزلزلة: "] إذ رأى أن النص لعمومه هذا يشمل المسلم 
وغير المسلم» بينما النصوص الصريحة الأخرى تنفي هذا 
قناع 30 

-٠‏ الإيمان يمنح الإنسان سعة التصور ومعنى 

صي الشقاء: 

يقول سيد: " إن هناك حقيقة ضخمة يغفل عنها 
الكثيرون» وقد يغفل عنها بعض المؤمنين وهي أن الإيمان هو 
كبرى المنن التي ينعم الله بها على عبدٍ من عباده في الأرض» 
إنه أكبر من منة الوجود الذي يمنحه الله ابتداءً لهذا العبد» وما 





. 5559/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
116 








79777771777717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


يتعلق به من الالاء. 

فأول ما يصنعه الإيمان في الكائن البشري» حين تستقر 
حقيقته في قلبه» هو سعة تصوره لهذا الوجود»ء ولارتباطاته هو به؛ 
ولدوره هو فيه» وصحة تصوره للقيم والأشياء والأشخاص والأحداث 
من حوله؛ وطمأنينته في رحلته على هذا الكوكب الأرضي» حتى 
يلقى الله وأنسه بكل ما في الوجود حوله» وأنسه بالله خالقه وخالق 


هذا الوجود وشعوره بقيمته وكرامته» واحساسه بأنه يملك أن يقوم 


بدور مرموق يُرضي عنه الله» ويحقق الخير لهذا الوجود كله بكل 
ما فيه وكل من فيه. 

فمن سعة تصوره أن يخرج من نطاق ذاته المحدودة في 
الزمان والمكان.. إلى محيط الوجود كله فيشعر بكرامته ورفعته في 
الوجود».. ويشعر أنه فرع من شجرة طيبة باسقة عميقة الجذورء 
وهذا الشعور يكفي ليجد للحياة طعماً آخر " .)١(‏ 


. 788١ /5 » المصدر السابق‎ )١( 
511 





79959593131313131313131313-1-11-1171سيت قطي ومنمجه في العقيدة و2 





المبحث الثالث 
زيادة الإيمان ونقصانه وعلاقته بالإسلام 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول: زيادة الإيمان ونقصانه. 


المطلب الثاني: العلاقة بين الإيمان والإسلام والإحسان. 


1 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المطلب الأول 


زيادة الإيمان ونقصانه 

قضية زيادة الإيمان ونقصانه مرتبطة بقضية علاقة 
العمل بالإيمان» فأهل السنة والجماعة الذين يرون دخول 
الأعمال في مسمى الإيمان يرون بالتالي أن الإيمان يزيد 
بالطاعات وينقص بالمعاصيء ويستدلون على هذا بأدلة كثيرة 
مسق الكقاتي :و السكة وأقناة الصبحاية والكايسيرة ».وركذا ميان 
والنظر والواقع ('' فإن العاصي لا يعصي إلا بعد ضعف وازع 
الدين في قلبه» والمتقي لله يتقيه ويؤمن به لقوة الوازع في قلبه» 
وهذا معنى زيادة الإيمان ونقصانه. 

بينما يرى المخالفون لأهل السنة أن الإيمان لا يزيد 
ولا ينقص» بناءً على أن الإيمان عندهم هو التصديقء وأن 
الأعمال خارجة عن مسمى الإيمان» والتصديق شيء واحد لا 
تمكق أن يدخلة زياقة» وأما إذا'فقاضن: فيكون شتكا وكفرا لأنه 


)١(‏ ينظر في ذلك : الشريعة للآجري ص ١١١‏ وما بعدها » والسنة لعبد الله بن 
الإمام أحمد "١5/١‏ » والإيمان لابي عبيد القاسم بن سلام ص ؟7 » والإيمان 
لابن أبي شيبه ص "5١‏ » وكتاب الإيمان من صحيح البخاري ١١/١ ٠‏ والإيمان 
لابن تيمية ص؛ ١وما‏ بعدها . وشرح أصول الاعتقاد للألكائي 155/5 وما بعده 
وفتح الباري 57/١‏ وما بعده . 

0 





717 17ل آل آل ا سيصاقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





شيء واحد إذا ذهب بعضه ذهب كله. 

وهؤلاء عندهم شبهات عقلية عارضوا بها النصوص 
الشبرعيةتافقنها ورد كانينا كفن متة خلماء أهل السيكة قديماً 
وحديقاً .)0١(‏ 

وقبل ذكر موقف سيد قطب - رحمه الله - من زيادة 
الإيمان ونقصانه يحسن التنبيه إلى أن كل دليل على زيادة الإيمان 
فهو يدل على نقصانه باللزوم» وذلك لأن الزيادة تستلزم النقص» 
ولأن ما جاز عليه الزيادة جاز عليه النقصء ولأن الزيادة لا تكون 
إلا عن نقصء وهذا ما عليه أئمة العلم. 

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - (): " إن كان 
فل ؤافظه كت أس؟ الكفا قنت اما تفتكا وكيم كذ يفطن 00 

2 ي ١‏ و يمان يرد يدص 


)١(‏ ينظر في الرد عليهم : كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية » وشرح صحيح 
مسلم للنووي ١531-١5/8/١‏ » والمنهاج في شعب الإيمان للحسن بن الحسين 
الحليمي 55١ » 55/١‏ » والتمهيد لابن عبد البر 755/34 وما بعدها . 

(؟) هو : الأمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني » أبو عبد الله 
. الإمام حقاً وشيخ الإسلام صدقاً » قال قتيبة أحمد إمامنا ومن لم يرضى فهو 
مبتدع » ولد في بغداد سنة ١55‏ ه ء وطلب العلم على أكثر من ١٠١‏ شيخاء 
ثبت في فتنة خلق القرآن وحفظ الله به السنة » توفي سنة 75١‏ ه . انظر : سير 
الأعلام 1717/١١‏ ء وحلية الأولياء لأبي نعيم » دار الكتب العلمية - بيروت ط١‏ 
عام ١54/8‏ هء ١7/9‏ 

(؟) رواه الخلال في السنة 588/5 . 

3 





عتك تطبه ومنصجه فى العفيسة ينك 





ووز البخاري 00 “رحمه الله حافي صحيحه بعص 
الآيات التي تدل على زيادة الإيمان في باب زيادة الإيمان 
ونقصداكة مسد لآ يهنا' َل الزيادة والنقصان.معا. 
البخاري- يستدل لذلك بآيات من القرآن مصرحة بالزيادة؛ 
وبثبوتها يثبت المقابل» فإن كل قابل للزيادة قابل للنقصان 
٠.‏ .ىا ١‏ 5 
صروره 0 

موقف سيد قطب - رحمه الله - من زيادة الإيمان 
ونقصانه 

يتم سيد قطب بأنه يرى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص 


الموضع الأول: قوله: " إن الإيمان وحدة لا تتجزأ ' 


)١(‏ هو : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي مولاهم البخاري » أبو 
عبد الله » حبر الإسلام الحافظ الكبير » ولد في بخار عام ١15‏ ه ع»حفظ 
تصانيف بن المبارك وهو صبي » نشأ يتيماً » أكثر من الرحلة وطلب العلم 
وسمع من أكثر من ألف شيخ » قال عن نفسه :أحفظ مائة ألف صحيح حديث 
ومأتي ألف حديث ضعيف . توفي سنة 155ه انظر : تذكرة الحفاظ للذهبي 
"5ه .١‏ وتهذيب التهذيب لابن حجر 57/4 . 

(؟) فتح الباري 17/١‏ . 

117 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


('). حيث يقول الشيخ الدويّش: " الموضع السابع والعشرون: 
قال - أي سيد قطب - 738/١‏ على آية النساء " إن الذين 
يكفرون بالله ورسله.. " الآيات» إن الإيمان وحدة لا تتجزأ. أقول 
- أي الدويش -: هذا خلاف قول أهل السنة والجماعة لأن 
عندهم أن الإيمان ذو شعب كما في الحديث المتفق عليه " 
الإيمان بضع وسبعون شعبة" (')» والناس متفاضلون فيه وأما 
من يقول: إن الإيمان شيء واحد فهم أهل البدع.. ثم ذكر 
نقولات عن بعض أهل العلم في ذلك '(). 

وعند رجوعي إلى الظلال» وجدت الشيخ- رحمه الله- 
اجتزأ من كلام سيد قوله: " إن الإيمان وحدة لا تتجزأ " واستدل 
بها على أن سيد يقول بأن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا 
ينقصء ورحم الله الشيخ الدويّش لو أنه ذكر كلام سيد في سياقه 
كاملا لين له وللقارف أ :مقضكف مذ :م اللفظ غيز ما ذكره: 


فسيد تحدث في ظلال قوله تعالى: ( إنَّ ألديت يَكَمُرُونَ يألّه 


. 718/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
برقم 4 »ومسلم في‎ ١7/١ رواه البخاري في كتاب الإيمان » باب أمور الإيمان‎ )١( 
55 برقم‎ 55-525/١ الإيمان باب عدد شعب الإيمان‎ 
المورد العذب الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال » للشيخ / عبد الله بن‎ )'( 
ص56ة‎ ه١‎ 5١١ محمد الدويش .» دار العليان » بريده » ط١ » عام‎ 
"4 








2 
سح سه 2 أذ اه 


مروعو عر د بر 4ك 0 : مغرو 5 ميق 2 م 
ورسلهء ويريدولرمت أن يغرفوا بين الله ورسلوء ويفولورت دومن 


عض وَتَححمْرُ بض وَبِيدُونَ أن يَتَحِدُوأ بَينَ دَلِكَ سَيبِلًا 
وليك حم الكَيود حَدَا وَعْتَدما لكر عَدَهَا مُهِيكا (3) وان 
اموا ال ودشي وَلمْ عرفأ نَأل ينهم ولك سوك يُوْتِيهمَ 
أُجُورَهُم وك أله حَهُورا حِيمًا ()) [سورة النساء: .]١51-١ 5٠‏ 

بقوله: " كان اليهود يدّعون الإيمان بأنبيائهم وينكرون رسالة 
عيسى ورسالة محمد - عليهما السلام - كما كان النصارى 
يقفون بإيمانهم عند عيسى -عليه السلام - فضلاً عن تأليهه 
وينكرون رسالة محمد يله وكان القرآن ينكر على هؤلاء وهؤلاء؛ 
ويقرر التصور الإسلامي الشامل الكامل عن الإيمان بالله 
ورسله؛ بدون تفريق بين الله ورسله» وبدون تفريق كذلك بين 
رسله جميعاً» فالتوحيد المطلق لله يقتضي توحيد دينه الذي 
أرسل به الرسل للبشرء وتوحيد رسله الذين حملوا هذه الأمانة 
للناس» وكل كفر بوحدة الرسل أو وحدة الرسالة هو كفر 
بوحدانية الله في الحقيقة».. لذلك عبر السياق هنا عمن يريدون 
التفرقة بين الله ورسله» - بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل - 


وعمن يردون التفرقة بين الرسل - بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا 


8 


للعو 


ببعضهم - عبر عن هؤلاء وهؤلاء بأنهم - الذين يكفرون بالله 


1 





ورسله - وعد التفرقة بين الله ورسله» وتفرقتهم بين بعض رسله 
وبعض كفراً بالله وبرسله؛ إن الإيمان وحدة لا تتجزأء الإيمان 
بالله إيمان بوحدانيته- سبحانه- ووحدانيته تقتضى وحدة الدين 


الذئ ازتضناه للناش:: وتقتصى :وحدة الرسل الثيق جاءوا بهذا 
الدين من عنده - لا من عند أنفسهم ولا في معزل عن إرادته 
ووحيه - وحدة الموقف تجاههم جميعاً» ولا سبيل إلى تفكيك هذه 
الوحدة إلا بالكفر المطلق» وان حسب أهله أنهم يؤمنون ببعض 
ويكفرون ببعض.. أما المسلمون فهم الذين يشتمل تصورهم 
الاعتقادي على الإيمان بالله ورسله جميعاً بلا تفرقة» فكل الرسل 
عندهم موضع اعتقاد واحترام» وكل الديانات السماوية عندهم 
حق - ما لم يقع فيها التحريف فلا تكون عندئذ من دين الله " 
0 

ومن السياق يتبين أن سيد قطب - رحمه الله - لم 
يكن يقضداما أثنان إلية الشنيخ الدويش: من أن الإيمان لا يزيد 
ولا ينقض وإنما السياق يتحدث عن الوحدة والترابط بين الإيمان 
بالله والإيمان برسله دون تفريق بين الله ورسله أو به بين الرسل 
تحكتهم ينعن فالإيمان :يبهذا المفيوم وحدة لا تتجزات كما قال 
سيد - وهو حرس اانه نحط ا العبارة نفسها 


. 798/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
5,5 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





بدون السياق لا تفيد مانسب إلى سيد. 

الموضع الثاني:_" قول سيد- رحمه اشك- في ظلال 
قوله تعالى: (ِوَإِدا تلت عَليِمَ َيه رَادحجُمَ يمنا وَعَلَ رَيّهم يَتَوكُونَ 
'(5)؟ [إسورة الأنفال: :]١‏ والقلب المؤمن يجد في آيات هذا 
القرآن ما يزيده إيماناً» وما ينتهي به إلى الاطمئنان» إن هذا 
القرآن يتعامل مع القلب البشري بلا وساطة» ولا يحول بينهم 
وبينه شيء إلا الكفر الذي يحجبه عن القلب ويحجب القلب 
عنه» فإذا رفع هذا الحجاب بالإيمان وجد القلب حلاوة هذا 
القرآن» ووجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تبلغ إلى 
الاطمئنان ". يقول في الهامش معلقاً: " هنا تعرض قضية " 
الإيمان يزيد وينقص " وهي قضية من قضايا الفرق» وقضايا 
علم الكلام في فترة الترف العقلي والفراغ من الاهتمامات 
العدلية الجادة: فلا تدكل تكن لاخ افييا !001 

حيث أورد بعضهم كلام سيد الذي ذكره في الهامش 
ليستدل به على أن سيد قطب ينكر زيادة الإيمان ونقصانه ("). 
دم سيد قطب يد ذلك؟ 

الجواب: إن المنصف الذي يقرأ النص السابق يجد: 
)١(‏ في ظلال القرآن "/ره/ا4١‏ . 


. موقع سحاب على شبكة الانترنت‎ )١( 
1 /ا‎ 








أولاً: أن قول سيد بأن قضية الحديث عن زيادة الإيمان 
ونقصانه والاختلاف الذي حصل فيها إنما هو نتيجة للترف 
العقلي والجدل الكلامي الفارغ» هو حقء فالأصل أن لا يحصل 
خلاف في هذه القضية طالما نصوص الشرع تصرح بوضوح 
وجلاء بأن الإيمان يزيد وينقص» وطالما وفهم الصحابة - 
رضوان الله عليهم - لتلك النصوص وعباراتهم الصريحة تدل 
على هذه الحقيقة» فإن الاختلاف فيها إنما وقع بسبب المهاترات 
الكلامية بين الفرق التي انصرفت عن النصوص الشرعية 
وخاضت في قضايا مُسِلَّمة» وبالتالي فعدم الدخول فيها الآن هو 
الأصوب والأسلم» وهذا ما أراده سيد من كلامه في الهامش 
بدليل أن سياق النص نفسه يدل على أن سيد يرى بأن الإيمان 
يزيد وينقص فهو يصرح في بداية النص " بأن المؤمن يجد في 
آيات هذا القرآن ما يزيده إيماناً وما ينهي به إلى الاطمئنان " 
ويؤكد ذلك بقوله ".. ووجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في 
الإيمان تبلغ إلى الاطمئنان " ويضيف بعد ذلك قوله " وكما أن 
إيقاعات القرآن على القلب المؤمن تزيده إيماناًث» فإن القلب 
المؤمن هو الذي يدرك هذه الإيقاعات التي تزيده إيماناً» لذلك 
يتكرر في القرآن تقرير هذه الحقيقة في أمثال قوله تعالى: [إِنَّ 
فى دَلِكَ ديت لَمَوْمِ يُؤْمِمُونَ (50)) [سورة العنكبوت: 4 ؟]» ومن ذلك 


15 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





قول أحد الصحابة - رضوان الله عليهم - كنا نؤتى الإيمان 
قبل أن نؤتى القرآن» ثم ذكر تذوق الصحابة للقرآن وتفاعلهم 
معه وضرورة قيام العصبة المؤمنة التي تتحرك بهذا القرآن فقال 
' وهذه العصبة المؤمنة التي تتحرك بهذا القرآن لإعادة إنشاء 
هذا الدين في واقع الناس هي التي تتذوق هذا القرآن» وتجد في 
تلاوته ما يزيد قلوبها إيماناً لأنها ابتداء مؤمنة وليس الإيمان 
عندها بالتمني» لكن ما وقر في القلب وصدقه العمل .)١("‏ 

ثانيا: أن سيد -رحمه الله- بالإضافة إلى تصريحه في 
النص السابق بزيادة الإيمان قد صرح في مواضع كثيرة بأن 
الإيمان يزيد - وبالتالي ما دام قابلاً للزيادة فهو قابل للنقصان 
أيضاً- ومن ذلك: 


: م 2 20 0 دس ترم +7 
-١‏ في ظلال قوله تعالى: ( فَأمًا ليت اموأ فزاد تهم إِيمدنًا 


32008 0 و 


وَهرٌ مسْتَِسْرُونَ 150 [سورة التوبة: 4 7١]؛‏ يقول: " فأما الذين آمنوا 
فقد أضيفت إلى دلائل الإيمان عندهم دلالة فزادتهم إيماناً» وقد 
خفقت قلوبهم بذكر ربهم خفقة فزادتهم إيماناء وقد استشعروا 
عناية ربهم بهم في إنزال آياته عليهم فزادتهم إيماناً وأما الذين 
في قلوبهم مرض ورجس من النفاق فزادتهم رجساً إلى رجسهم.. 


116 








ولفن ندا و ال 000 


-١‏ في ظلال قوله تعالى: (لْديَ كَالَ لال 
َدَ جَمَعُوأ لك فأَحَْوْهْمْ َرَادَهُمْ يمنا وَكَالوأحَسَبْنا اللَهُوَيَمَ ألْوحكِيلٌُ 
() [سورة آل عمران: 21١7‏ يقول: " وهكذا تتضافر مثل هذه 
الصور الرفيعة على إعلان ميلاد تلك الحقيقة الكبيرة في تلك 
النفوس الكبيرة التي لا تعرف إلا الله وكيلاآًء وترضى به وحده 
وتكتفي» وتزداد إيماناً به في ساعة الشدة " ('). 

*- في ظلال قوله تعالى: ( هْوَاَلدىَ أَنزْلَ اَلسَكْنَةَ فى موب 


أ[ 2110 و هه 3 


لْمَؤْمِِينَ ليردادوا إيملنا مع إِيمنهم 0 وَلَهِ حَمُودُ الْسَمْوَاتِ والارضٍ وَكَانَ أله 
ِِيمَاحَكمَا (/4)) [سورة افج ]. 
يقول: " ولما كان الله يعلم من قلوب المؤمنين يومئذ أن ما 
جاش فيها جاش عن الإيمان والحمية الإيمانية لا لأنفسهم ولا 
لجاهلية فيهم» فقد تفضل عليهم بهذه السكينة ليزدادوا إيمانآة 
. 1 ؟ 

مع إيمانهم " (0). 

: - ويقول: 1 وما يشمن قلب على صفاء الإيمان 


)1( في ظلال القرآن 7 . 
)١(‏ في ظلال القرآن .550/١‏ 
(؟) في ظلال القرآن ”:9١1//5‏ . 
> 





سيد قطي ومنمجه في العقيدة /ج6 





ونقاوته وهو يقدم على كبائر الذنوب والمعاصي ولا يتجنبهاء 
وما يصاح قلب للقيادة وقد فارقه صفاء الإيمان وطمسته 
المعصية وذهبت بنوره " .)١(‏ 

ثالثاً: أن سيد - رحمه الله - يقرر تفاوت درجات 
ومقافانته الأيفات عند" البق ومن ذلك 

تين ريق .على قهية الجنيزة يفول "نو لكل هذا 
الاننتعزاضن أن يصمونل لنا اليوم كييك كافك " العدنرة © كما 
ينقل لنا لمحة من الجو الذي عاشه المجتمع المسلم في تلك 
الفقزة» يتجلك فيهنا تفاوت المقامات الإيمانية؛ من اليقين الجاد 
عند طائفة» إلى الزلزلة والأرجحة تحت مطارق العسرة عند 
طائفة» إلى القعود والتخلف - بغير ريبة - عند طائفة» إلى 
النفاق الناعم عند طائفة» إلى النفاق الفاجر عند طائفة» إلى 
النفاق” المتامو اغنه طاففة 20 


102 اله 
-١‏ في ظلال قوله تعالى: إءَامَنَ الرسول يمآ أَنْرِلإِلهِ مِن 
َي وَالْمَوْموْنَ عل ءام مه ملكو يعبو- سير قر بي أحلرٍ 
نشيو كاذا عين لتنا زاك رقا وك التي 89 


. "١55/5 المصدر السابق‎ )١( 
. ١771/9 (؟) المصدر السابق‎ 
"١ 








79777771777717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


[سورة البقرة: 186]. يشير إلى تفاوت مقامات الإيمان فيقول: ' 
وايمان الرسول:يما أنزل ليه من.ربهفق إيمان اللقي الناشري» 
تلقي قلبه النقي للوحي العلي.. وهي درجة من الإيمان لا مجال 
لوصفهاء فلا يصفها إلا من ذاقهاء ولا يدركها من الوصف - 
على حقيقتها - إلا من ذاقها كذلك» فهذا الإيمان إيمان الرسول 
ييِدُ هو الذي يكرم الله عباده المؤمنين فيجمعهم في الوصف مع 
الرسول الكريم على فارق ما بين مذاقه في كيان الرسول 6 
بطبيعة الحال» وكيان أي سواه ممن لم يتلق الحقيقة المباشرة 
م63 

والخلاصة أن سيد قطب يرى أن الإيمان يزيد و 
ينقصء ونسبة القول بعدم زيادة الإيمان ونقصانه إليه غير 


. ”50/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
(؟) ينظر في ذلك أيضاً : في ظلال القرآن في الميزان للدكتور صلاح الخالدي‎ 
. ص :7 5لا‎ 
50 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المطلب الثاني 


مراتب الدين والعلاقة بينهما 
الدين الإسلامي يتضمن ثلاث مراتب هي: مرتبة 
الإسلام و الإيمان و الإحسانء وللعلماء في مسألة العلاقة بين 
هذه المراتب» وخاصة العلاقة بين الإسلام والإيمان أقوال هي: 
-١‏ القول الأول: أن الإسلام هو الكلمة - أي الشهادتين - 
والنطق بهاء أما الإيمان فلا بد فيه من العمل مضافاً إلى 
التعطف:00), 
-١‏ القول الثاني: أن الإسلام هو الأعمال الظاهرة كالصلاة 
والزكاة ونحوهاء أما الإيمان فهو المذكور في حديث جبريل 
المشهور من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم 


الآخر والقدر خيره وشره ("). 


)١(‏ ينظر : السنة لأبي بكر الخلال ص ”207:50 » وشرح مسلم للنووي 
0/؛»؛ ومجموع الفتاوى لابن تيمية 754/17 . 

(5) نظن : كترج السدة للهوي 004/7١‏ بوشرع مسام للتووي 174/7بوا يمان 
لابن تيمية ص١48»‏ وجامع العلوم والحكم لابن رجب تحقيق الارناؤوط » 
مومصية الزوسالة وروت كنا يعات الك قر يهن 1406 و3117 وجدرع العيدة 
الطحاوية ص588 . 

ا 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


*- القول الثالث: أنهما مترادفان» ولا فرق بينهما .)١(‏ 

: - القول الرابع:_أنهما إذا اجتمعا افترقا بحيث يطلق الإسلام 
على الأعمال الظاهرة ويطلق الإيمان على الأعمال 
الباطنة» كما في حديث جبريل ويكون الإيمان أعلى مرتبة 
من الإسلام مع تضمنه له. فهما غير مترادفين في حالة 
افتراقهماء وإذا افترقا اجتمعاء بحيث إذا أفرد اسم الإيمان 
فإنه يتضمن الإسلامء وإذا أفرد اسم الإسلام فإنه يتضمن 
الإيمان .)١(‏ 
وهذا هو الذي عليه الجمهورء وهو الراجح للأدلة 
الصريحة من الكتاب والسنة. 


أما الإحسان فالجميع متفقون على أنه أعلى مراتب 
الدين» وهو يتضمن مرتبة الإسلام والإيمان جميعاً. 
أما سيد - رحمه الله - فإنه يرى: 


١‏ - أن لفظ الدين يشمل المراتب الثلاث مجتمعة» فلا 


)١(‏ ينظر : صحيح البخاري كتاب الإيمان ١١/١‏ »2 31 » وتعظيم قدر الصلاة 
لبنح ريخ انين ' الفلنووي. قفن الدان +“ الففيفة ا دطلاة + هام 4ه 
0 ..؛ وشرح العقيدة الطحاوية ص488 . 

٠١5 وجامع العلوم والحكم لابن يجب ص‎ » 55١0 شرح العقيدة الطحاوية » ص‎ )١( 
وما بعدها.‎ 

11 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





يتحقق المدلول الشرعي للدين إلا بالإيمان الباطن 
والاستسلام الظاهر والإخلاص لله 
يقول - رحمه الله -: " الدين ليس كلمات تقال باللسان» 
إنما الدين منهج حياة» منهج يشمل العقيدة المستسرة في 
الضميرء والعبادة المتمثلة بالشعائرء والعبادة التي تتمثل 
في إقامة نظام الحياة كلها على أساس هذا المنهج ' .)١(‏ 
-١‏ أن الإسلام والإيمان إذا أطلق أحدهما شمل مراتب 
الدين كلها باطنة وظاهرةً» فالإسلام إذا أطلق شمل الاعتقاد 
والعمل الظاهرء " فالإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة» يقوم 
على هذه الشريعة نظام وهذه الثلاشة مجتمعة مترابطة 
متفاعلة هي الإسلام " ('). 

وكذلك لفظ الإيمان إذا أطلق شمل قضايا العقيدة 
والعمل» ومما يدل على ذلك قوله تعالى: [ إِنَّمَا الْمُؤْمِبْوْتَ 


ص و > م هوس وو ما سا ظ ماح اس رو و 


م ل اس في رو م مو و 12104 2 
| ذبن إذا ذكرالله وجلت قلوبهم وإذا تَليِتٌ علَيوِمْ ءإيننه.زادتهم إيمنا 


)١(‏ في ظلال القرآن 354/7 . وينظر في مفهوم الدين أيضاً : في ظلال القرآن 
0/0 . 1747 ,. 707./4 .5985/6 »ع ومقومات التصور الإسلامي 
ص*” . 177 » ومعالم في الطريق ص 7١‏ » والمستقبل لهذا الدين ص ١7‏ » 
والعدالة الاجتماعية ص8ل/اء .١87‏ 

. 587١/5 , ”هال/١ ينظر في ظلال القرآن‎ )١( 

"1 





اسيك قطي ومنمجة في العفيدة 





كر كل > 221111110 
وعلل ربهم يتو 0 29 ألذرت يقيموت الصَّلزه ومِما رزق' 


6 


َفِقُونَ (9) أوْلَيِكَ هُمْ الْمَؤْمئُونَ حم 
وَمَعْفِرَهُ ورف كَرِيمٌ 1280 [سورة الأنفال: ١-4]؛‏ يقول 
سيد معقباً على هذه الآيات: " تلك هي الصفات التي حدد 
الله بها - في هذا المقام - الإيمان وهي تشتمل الاعتقاد 
في وحدانية الله والاستجابة الوجدانية لذكره» والتأثر القلبي 


باناقة ولق كل عليه ,وهم واقاينة" الفمتاةة توا لاتفاق مرك 


0 
و 


. عدم ف > مس اج 
طُمّ درجلت عند رَيَّهِمْ 


ا 

*"- أن الإيمان مرتبة أعلى من مرتبة الإسلام» فهو وإن كان 
يطلق على العقيدة القلبية إلا أنه لا يتحقق مدلوله إلا 
بالأعمال الظاهرة في الواقع» وأن الإنسان قد يحكم له 
بالإسلام إذا نطق به» ولكن حقيقة الإيمان مرتبة فوق ذلك» 
ويشير إلى هذا قوله تعالى عن الأعراب: يمون عَلْكَ أَنَأمَكماً 


درء مه 
٠‏ له ١‏ 













2و و 4 رسسكاء 2 سام سرلكء - 
اله يمن عاك أن هد دا 


50 [سورة الحجرات: 1١]ء‏ فحقيقة الإيمان لم تكن قد استقرت 


ينه فى تلك القلوقي يولم ترق حالاوفة عنما كلق باتني 00 





. ١51/ا/‎ /" في ظلال القرآن‎ )١( 
. وما بعدها‎ "75٠ /5 ينظر في ظلال القرآن‎ )١( 
فتن‎ 








وفي ظلال قوله تعالى: ( بَلَ مَنْ أَسَلَمّ وجَهَهُ لَه وهو 
يسن قكه: لزه عند ويد وكا حَوَتُ عَليهِمْ ولا هم يرون 03 
[سورة البقرة: »]١١7‏ يقول: " أي اخلص ذاته كلها لله ووجه 
مشتاعرة. كلها" اليه« وحلطن لذن اوها اقل .سمة: الإنناتم 
الأولى: إسلام الوجه - والوجه رمز على الكل -ولفظ اسلم 
يعني الاستسلام المعنوي والتسليم العملي... ومع هذا لابد من 
الدليل الظاهر على هذا الاستسلام: '" وهو محسن ". فسمة 
الإسلام هي الوحدة بين الشعور والسلوك» وبين العقيدة والعمل» 
وبين الإيمان القلبي والإحسان العملي )١('‏ 
5- أن الإحسان هو أعلى درجات الإيمان والإسلام» وهو كما 
قال كَ: " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " 
(')؛ وحين تصل النفس إلى هذه المرتبة؛ فإنها تفعل 
الطاعات كلهاء وتنتهي عن المعاصي كلهاء وتراقب الله في 
الصغيرة والكبيرة وفي السر والعلن على السواء " ("). 


.٠١5 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) رواه البخاري في كتاب الإيمان » باب سؤال جبريل للنبي كَل ١/١‏ برقم 5٠١‏ » 
ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان 44-45/١‏ برقم 
م 

(؟) في ظلال القرآن /١‏ 20151 7/5كلاء 357. 

> 








117717717 اسوعاقط ومنمجة في العقيدة /جم 


وهذه المراتب الثلاث مترابطة متكاملة هي سمة هذا 
الدين هي الوحدة بين الشعور والسلوك بين العقيدة والعمل» بين 
الإيمان القلبي والإحسان العملي» بذلك تستحيل العقيدة منهجاً 
للحياة كلهاء وبذلك تتوحد الشخصية الإنسانية بكل نشاطها 
اها ف 007 


. ٠١5/١ المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 








7171717 777777 اسوعاقط ومنمجة في العقيدة /جم 





المبحث الرابع 
الكبائر وأحكام مرتكبيها 
أولاً: تعريف الكبائر: 
أشارت نصوص الكتاب والسنة إلى أن الذنوب تنقسم 
إلى كبائر وصغائر منها: قوله تعالى: !إن ينوا كبَايْرَ ما 


12 _- 
دح ع “0-00 0 





ة النساء: 2١‏ _وقوله تعالى: ١‏ ألَدنَ يبو كير لإ 


3 


آ رح هل ره 


وَالْقَْحِسَ إِلَّا لمم ) [سورة النجم: ١7‏ 
وقوله تعالى: 


عو و ِِ ا 
٠.‏ 


يَلئْنَا ما 







و 


قد 7 وعلاعده آأخ22 


وَوجَدُوأ مَاحَمِلُوأ حاضيا ولايظام ويك أحدًا ة الكهف: 49 
ومن السنة قوله وَل: '" اجتنبوا السبع القويقانك.: الحديق 00:1 

وقوله كِ: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول 
اللهء قال: الإشراك بالل».. الحديث" (5): 


)١(‏ رواه البخاري : في كتاب : الوصايا ٠١١7/7”‏ » برقم 753١1١5‏ » ومسلم في 
الإيمان باب بيان الكبائر 58/١‏ برقم 85 . . 
(؟) رواه البخاري : في كتاب : الشهادات باب ما قيل في شهادة الزور "/ 153 
“برقم 701١‏ ومسلم في الإيمان باب الكبائر 58/١‏ برقم 81 . 
18 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





* وقد اختلف العلماء في ضابط الكبيرة وتعريفهاء 
على أقوال عديدة» تزيد على عشرين قولآًء وأكثرها متقاربة؛ 
وبعضها ضعيف :))١(‏ 

وأرجح تعاريف الكبيرة أنها " ما ترتب عليه حذ 
في الدنياء أو تُوعٌّد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب " 
0 

وهذا التعريف مرجعه إلى ما ذكره الله ورسوله فهو حدْ 
متلقى من خطاب الشارع» ولأنه المأثور عن كثير من السلف 
بخلاف غيره من الأقوال» كما أنه يمكن به التفريق بين 
الضفائن والكناكذ' (): 

وجقاء علنى التعريفت السائق قليين: هفاك حذة معين 
لعدد الكبائرء وما قيل في حدها من أنها ثلاث أو سبع أو سبع 
عشرة أو سبعين أو سبعمائة فليس منضبطاء لأن أنواع الكبائر 


)١(‏ انظر هذه الأقوال في : فتح الباري لابن حجر 7١/٠١‏ 5. وشرح مسلم للنووي 
37-5 » ومدارج السالكين لابن القيم دار الكتاب العربي ب.ت ط"اعام 
5ه "6١/١‏ ». وشرح العقيدة الطحاوية ص 575 . 

. 5575 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 

() وهو قول بن عباس وبن جبير ومجاهد والحسن والضحاك ورجحه شيخ الإسلام 
ابن تيمية »انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية /١١‏ 555 » وتفسير الطبري 755/8 
» وشرح العقيدة الطحاوية ص576 . 

556 








اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


غير محصورة بعدد» وما ورد منها في بعض الأحاديث فليس 
المقصود منه حصرها أو عدهاء بل يذكر منها ما يناسب الحال 


ثانياً: حكم مرتكب الكبيرة: 

مسألة حكم مرتكب الكبيرة من مسائل الأسماء 
والأحكام (')' والتي ظهرت في آخر عصر الصحابة - رضي 
الله عنهم- (') والناس فيها طرفان ووسط ويمكن بيان ذلك 
بإيجاز فيما يأتي: 

أ - حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة: 

يعتقد أهل السنة والجماعة أن من ارتكب كبيرة - خلا 
الشرك بالله - ولم يستحلهاء فإنه لا يكفر بل يسمى مؤمناً 
ناقص الإيمانء أو مؤمناً بإيمانه فاسقاً بكبيرته؛ وأن التوبة 
تجبهاء وان مات ولم يتب منها فهو تحت مشيئة الله تعالى» إن 
كنات عفن" 3ه تنياة ابقذاع4 وأمخلة اللحنة تفضدلا» وإن شاء عذبه 


بقدر ذنبه ثم يخرجه من النارء ويدخله الجنة» لأنه لا يخلد في 


)١(‏ المراد بالأسماء : أسماء الدين مثل : مؤمن ومسلم وكافر وفاسق ٠‏ والمراد 
بالأحكام : أحكام أصحاب هذه الأسماء في الدنيا والآخرة » انظر : مجموع فتاوى 
ابن تيمية م 5 . 

. والفرق بين الفرق للبغدادي ص,”7‎ » 50/١ انظر : الملل والنحل للشهرستاني‎ )١( 

5:١ 





7171717 17 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





الغا “موه وهنة بجا دلت عليه تمن الكقاني:والفيقة فتقم 
مجموعها. (") 





-١‏ يرى الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر خارج عن 
الإيمان في الدنياء ومخلد في النار في الآخرة. 

"- أما المعتزلة فترى أن مرتكب الكبيرة يخرج من 
الإيمان لكنه لا يدخل في الكفرء وهذه هي المنزلة بين المنزلتين 
عندهم هذا في الدنياء أما في الآخرة فقد وافقوا الخوارج في 
الحكم عليه بالخلود في النار وان كان عقابه دون عقاب الكفار. 
0 

ج - حكم مرتكب الكبيرة عند المرجئة: 

ترى المرجئة أنه لا يضر مع الإيمان ذنب» كما لا 
ينفع مع الكفر طاعة:» وبالتالي فالكبائر لا تؤثر في إيمان 
مرتكبهاء فمرتكب الكبيرة في الدنيا مؤمن كامل الإيمان ولا 


2١١/١ ينظر كلام أهل السنة وأدلتهم في : صحيح البخاري » كتاب الإيمان‎ )١( 
وشرح الطحاوية‎ :5٠0//8 والتمهيد لابن عبد البر 51/5» وتفسير الطبري‎ 
. 2379 ص 453 » وشرح الواسطية لهراس ص‎ 

٠7١7 -ا/.١ انظر في ذلك : شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار » ص‎ )١( 
والملل‎ » 77١-770/١ » .و مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري‎ 
2157-١/5/١ والنحل للشهرستاني‎ 

1 








يدخل النار في الآخرة .)١(‏ 


ثالثاً: موقف سيد قطب - رحمه الله - من الكبائر وأهلها: 
-١‏ يرى سيد قطب أن الذنوب تنقسم إلى 
كبائر وصغائر: 


- 2 20 


ففي ظلال قوله تعالى: [ إن حتييوا ككباير ها د 
عن لكي عدي سَيْكَانَكُم وَنحِلكُم 2 | حل كينا 0 
يقول- رحمه الله -: " في مقابل اجتناب الكبائر يعدهم الله 
برحمته وغفرانه» وتجاوزه عما عدا الكبائر» مراعاة لضعفهم الذي 
يعلمه - سبحانه - وتيسيراً عليهم؛ وتطميناً لقلوبهم وعوناً لهم 
على التحاجز عن النار باجتناب الفواحش الكبار... ألا ما أسمح 
هذا الدين! وما أيسر منهجه! على كل ما فيه من هتاف بالرفعة 
والسمو والطهر.. وعلى كل ما فيه من التكاليف والحدودء 
والأوامر والنواهي التي يراد بها إنشاء نفوس زكية طاهرة» وانشاء 
مجتمع نظيف 55 إن هذا الهتاف وهذه التكاليف» لا تغفل في 


)١(‏ ينظر كلامهم في : الملل والنحل للشهرستاني ١"9 /١‏ » والتمهيد لابن عبد 
البر 57/5 5» والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان » لأبي الفضل السكسكي » 
مكتبة المنار » ط١‏ » عام ١5048‏ » ص ”". وشرح العقيدة الطحاوية ص 
5. 

17 





سيدقطيه ومنمجه في العفيدة /ج0 





الوقت ذاته - ضعف الإنسان وقصوره - ولا تتجاوز به حدود 
طاقته وتكوينه» ومن ثم هذا التوازن بين التكليف والطاقة» وبين 
الأشواق والضرورات» وبين الدوافع والكوابح» وبين الترغيب 
والترهيب» والتهديد والإطماع» فحسب هذا الدين من النفس 
البشرية أن يتم اتجاها لله» وأن تبذل غاية الجهد في طاعته 
ورضاه. فأما بعد ذلك فهناك رحمة الله... ترحم الضعيف» 
وتعطف على القصور» وتقبل التوبة وتكفر الذنب» وآية بذل 
الطاقة اجتناب كبائر ما نهى الله عنه» أما مقارفة هذه الكبائر - 
وهي واضحة ضخمة بارزة - فهي دليل على أن النفس لم تبذل 
المحاولة المطلوبة... وحتى هذه - أي الكبائر - فالتوبة منها 
في كل وقت مع الإخلاص مقبولة برحمة الله التي كتبها على 
نفسه» وقد قال فيها: | وَالَدَِ إِدَاَمَنُا محمد أو ظلموا نشم 
كرُوأ أله مَأسْمَغكر ديهم وَمَن يَمْفِرٌ لومت إلا اله وَلَمْ يصِرُوأ 
عَكَمَا قَصَلْوَأوَهُمَ يَقَلَمُوست 157 [سورة آل عمران: .]١ ١5‏ 

وعدهم من المتقين. إنما نحن بصدده هنا هو تكفير السيئات والذنوب 
مباشرة من الله» متى اجتنبت الكبائر وهذا هو وعد الله هنا وبشراه 


للمؤمنين ". (1) 


. بتصرف يسير‎ 541١ -51540/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
545 





ويقول أيضاً: " والله يعلم ضعف 


ا 





المحلوق البشري» فيجعل الحد الذي يصلح به 
للقيادة والذي ينال معه ما عند اللهء هو 
احتاب كبائر الإثم والفواحش» لا صغائر الثم 
والذنب» وتسعه رحمته بما يقع منه من هذه 
الصغائر لأنه أعلم بطاقته» وهذا فضل من 
اللهء وسماحة ورحمة بمذا الإنسان» توحب 


الحياء من الله "000 


)١(‏ المصدر السابق 5140/7- 54١‏ بتصرف يسير 





15 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ويتكر يكح برتحمة الله ك فظن تعمل يرن الشقلات 01(7ى 
رضي الله عنه - وهو المتحرج المتشدد الشديد الحساسية 
بالمعصية عندما قدم ناس من مصرء فقالوا لعمر - رضي الله 
عنه -: إنا نرى أشياءً في كتاب الله» أمر أن يعمل بهاء فلا 
يعمل بهاء فجمعهم عمر في بهو (")» فأخذ أدناهم 5-0-0 فقال: 
أنشدك اللهء وبحق الإسلام عليك» أقرأت القرآن كله؟ قال: نعم. 
قال: فهل أحصيته في نفسك؟ فقال: اللهم لا - ولو قال: نعم؛ 
لخصمه -» قال: هل أحصيته في بصرك؟ هل أحصيته في 
لفظك؟ هل أحصيته في أثرك... ثم تتبعهم حتى أتى على 
آخرهم؛ فقال: ثكلت عمر أمه! أتكلفونه أن يقيم الناس على 
كتاب الله؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات» وتلا_قوله تعالى 


1 عِلَحكُم مُدَحَل ريما 1 [إسورة النساء: ١١‏ ]. ' 80 


» هو:الخليفة الراشد والإمام العادل عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى‎ )١( 
ثاني الخلفاء الراشدين » شهد الوقائع كلها »وهو أول من دون الدواوين واتخذ بيت‎ 
المال وفتح الفتوحات » قتله أبو لؤلؤة المجوسي عام ١ه ءانظر:الإصابة لابن‎ 
. 55/5 حجر 74/7 .والأعلام للزركلي»‎ 

2 البهو : هو البيت المقدم أمام البيوت ٠‏ أو الواسع من الأرض الذي ليس فيه جبال 

» أو مكان البقر » انظر : لسان العرب 78/١‏ 

(؟) في ظلال القرآن 551/7 . 

151 





سبدقطيه ومنمجه في العفيدة /ج© 





؟"-عدد الكبائر: 


يرى- سيد- أن الكبائر غير محصورة بعدد» وأنها 
تختلف عدداً 0 بيخ بيثة وييكة؛ يقول”* " أما هنا" هي 
القتائر افقنتة وردت أهاديئة تحدهد أنزاعنا سيسات 
تستقصيها - وذلك بدليل احتواء كل حديث على مجموعة 
تزيد أو تنقصء مما يدل على أن هذه الأحاديث كانت تعالج 
حالات واقعة» فتذكر من الكبائر - في كل حديث - ما 
يناسب الملابسة الحاضرة؛ والمسلم لا يعسر عليه أن يعلم " 
الكبائر " من الذنوب» وإن كانت تختلف عدداً ونوعاً بين 
بيئة وبيئة» وجيل وجيل! 0 
*- حكم مرتكب الكبيرة عند سيد قطب: 
يرى سيد-رحمه الله- أن مرتكب الكبيرة - عدا الشرك 
- لا يخرج من الإسلام» وأنه في الآخرة تحت مشيئة الله إذا 
مات ولم يتب منهاء ففي ظلال قوله تعالى: | إِنَألَهَ لا يَمَفْرآن 
ا 1 وَمَن مُشَرِكَ اسه فَمَرِ فرع إِتَما 
عَظِيمًا()1 [سورة النساء: 158 يقول: " إن الشرك انقطاع ما 
بين الله والعباد» فلا يبقى لهم معه أمل في مغفرة» إذا خرجوا من 


/ا 5 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


هذه الدنيا وهم مشركون.. أما ما وراء هذا الإثم المبين الواضح 
الظاهرء والظلم العظيم الوقح الجاهرء أما ما وراء ذلك من 
الذنوب والكبائر فإن الله يغفره - لمن شاء - فهو داخل في 
حدود المغفرة - بتوبة أو من غير توبة كما تقول بعض 
الروايات المأثورة الواردة - ما دام العبد يشعر بالله» ويرجو 
مغفرته ويستيقن أنه قادر على أن يغفر له وأن عفوه لا يقصر 
عن ذنبه - وهذا منتهى الأمد في تصوير الرحمة التي لا تنفذ 
ولا تحد»ء والمغفرة التي لا يوصد لها باب» ولا يقف عليها بوّاب!. 

جاء في الصحيحين عن أبي ذر -)١(‏ رضي الله عنه 
- قال: " خرجت ليلة من الليالي» فإذا رسول الله ع يمشي 
وحده؛ وليس معه إنسان. قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه 
أحد. قال: فجعلت أمشي في ظل القمرء فالتفت فرآني» فقال: " 
من هذا؟ ' فقلت: أبو ذر - جعلني الله فداك - قال: " يا 
أبا ذر تعال ' قال: فمشيت معه ساعة. فقال لى: " إن 
المكثرين هم المقلون يوم القيامة» إلا من أعطاه الله 
خيراًء فجعل يبثه عن يمينه وشماله وبين يديه ووراءه» 


)١(‏ هو : جندب بن جنادة بن سفيان الغفاري » صحابي جليل » أول من حيا النبي 
بتحية الإسلام » سكن دمشق واستقدمه عثمان إلى المدينة » ثم سكن الربذة حتى 
مات سنة 7" ه انظر : سير أعلم النبلاء 45/7 والتهذيب 10/١7‏ . 

17 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وعمل فيه خيراً " قال: فمشيت معه ساعة» فقال لي: ' 
اجلس ها هنا" فأجلسني في قاع حوله حجارة» فقال " 
أجلس ها هنا حتى أرجع إليك " قال: فانطلق في الحرة» حتى 
لا أراه» فلبث عني» حتى إذا طال اللبث.. ثم إني سمعته وهو 
مقبل يقول: " وإن زنى وان سرق ". قال: فلما جاء لم أصبر 
حتى قلت: يا نبي الله - جعلني الله فداك - من تكلمه في 
جانب الحرة؟ فإني سمعت أحداً يرجع إليك» قال: " ذلك جبريل» 
عرض لي جانب الحرة» فقال بشر أمتك أنه من مات لا يشرك 
بالله شيئاً دخل الجنة» قلت أيا جبريل» وان سرق وان زنى؟ ' 
قال: 'نعم'. قلت: وان سرق وان زنى " قال نعم» وان شرب 
الفيين 00 

*وفي الحديث الآخر: قال رسول الله يِ: ' ما من 
نفس تموت لا تشرك بالله شيئاً» إلا حلت لها المغفرة» إن شاء 


الله عذبهاء وان شاء غفر لها . إن الله لا يغفر أن يشرك به 


)١(‏ رواه البخاري في كتاب الجنائز » باب في الجنائز 5١7/١‏ برقم ١١6١‏ ومسلم 
في الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة 11-910/١‏ برقم 44 
وأحمد ١57/5‏ برقم 7١75417‏ . واللفظ له . 

58 





717 17ل آل آل ا سيصاقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " ('). 
*وعن ابن عمر رضي الله عنهما - قال: ' كنا 
أصحاب النبي 5 لا نشك في قاتل النفس» وآكل مال 00 


0-1 


وقاذدف المحصنات» وشاهد الزور» حتى نزلت | إِنَاللَهَ يَعفْرآن 


آذآ هآ مه 5 


مركيو وَيَمْفْرُ امون لِك لِمَن يهاه وَمَن شرك بأو مَقَدِ أ 
عَظِيمًا() ؛ فأمسك أصحاب النبي يلخ عن الشهادة ' 

*وفي الحديث أن النبي يه قال: " قال الله عز 
وجل: من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا 
أبالي» ما لم يشرك بي شيئاً " ("): 

وفي هذا الحديث الأخير لمحة كاشفة» فالمهم هو 
شعور القلب بالله على حقيقته - سبحانه - ومن وراء هذا 
الشعور الخير والرجاء والخوف والحياء» فإذا وقع الذنب فمن 


200 


0 


)١(‏ رواه ابن أبي حاتم 475/5 وفي سنده ضعف أنظر : تفسير ابن كثيرء تحقيق 
:مصطفى السيد وآخرون ٠»‏ مكتبة أولاد الشيخ » القاهرة » ط١‏ » عام 5١‏ هاء 
5 . 
)١(‏ رواه ابن أبي حاتم 1ه » وفي سنده الهيثم بن جماز » وهو ضعيف » 
المصدر السابق 0/5 . 
(*) رواه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس 8 برقم دةع١١.‏ 
10-6 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وزاقة هذه [للزيات تمك التقرق قوفل ال 2007 

ويقول أيضاً: " وقد وصم الله اليهود بالشركء لأنهم كانوا 
يتخذون أحبارهم أرباباً من دون الله - وقبلوا منهم التحليل والتحريم.. 
فجُعلوا بذلك مشركين - الشرك الذي يغفر الله كل ما عداه» حتى 
الكبائر - " وان زنى وان سرق وان شرب الخمر “. وداخل هذا 
النطاق- أي إفراد الله بالإلوهية - يبقى المسلم مسلماً والمؤمن مؤمناً؛ 
ويطمع أن يغفر له ذنوبه ومنها كبائره» أما خارج هذا النطاق فهو 
الشرك الذي لا يفغره الله أبداً... إذ هو شرط الإيمان وحد الإسلام (0). 

ونقول: ايكيا :"زلا عفراق: لذفى القدزاك ات مك ات حداهدة 
عليه - بينما باب المغفرة مفتوح لكل ذنب سواه» عندما يشاء الله 
والسبب في تعظيم جريمة الشرك وخروجها من دائرة المغفرة» أن من 
يشرك بالله يخرج عن حدود الخير والصلاح تماماً» وتفسد كل فطرته؛ 
بحيث لا تصلح أبداً ' (2). 
موافق لأهل السنة في مسألة الكبائر وأحكام أهلهاء مخالف للمرجئة 
والخوارج والمعتزلة. 


51/4 -51/8 في ظلال القرآن ”؟/‎ )١( 
. المصدر السابق / 6 بتصرف يسير‎ (0 
. 76٠١ /” (؟) المصدر السابق‎ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


المبحث الخامس 


التكفير 
توطئة: 


من أبرز القضايا التي أثيرت حول سيد قطب - رحمه 
الله - قضية التكفيرء حيث وجهت له تهمة تكفير أعيان 
الْمَسَلمَيق حكاما ومككومين :دوق ضوائظ»يشاء: على عباراف له 
في الظلال وغيره؛ كما سيأتي بيانه. 


والسبب في ذلك يعود إلى أحد الأمور الآتية: 

.- سوء فهم لكلام سيد - رحمه الله‎ -١ 

١‏ - الجهل بأصول التكفير عند أهل السنة والجماعة. 

- العداء وسوء القصد والرغبة في تشويه فكر سيد 

فلي كنرحيية القت كوف من تائيرهة 
4 - عدم جمع كلامه المتفرق حول الموضوع 

والاعتماد على العبارات الموهمة أو المقطوعة من سياقهاء 
دون النظر في الضوابط التي وضعها - سيد - أثناء 
الكلام عن هذه القضية. وقد رأينا مجموعتين تخرجان 
بنتائج خاطئة من قراءة كلام سيد حول الموضوع: 

الأولى: الجماعة التي ظهرت في مصر في السبعينات 


6 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





8 


والهجرة "؛ والتي توكأت على كلام سيد وراحت تبحث في كتبه 
عن عبارات موهمة أو مقطوعة من سياقها وتحملها ما لا 
تحتمل؛ وخرجت بتكفر المسلمين عموماً إلا من كان في 
جماعتهم .)١(‏ 


باسم "الجماعة الإسلامية” واشتهرت باسم " جماعة التكفير 


الثانية: مجموعة من الذين قرأوا كلام سيد قراءة 
مبسترة» رافقها سوء الفهم أو التقصير في البحث» وربما سوء 
النية والقصدء فرفعت أصواتها بالشجب والاستنكار» وراحت تتهم 
سيد في عقيدته وفكره وتنسب إليه كل بلية وكل انحراف يحدث 
في الواقع المعاصر. 

وانطلاقاً من أمانة البحث والموضوعية فلا بد من 
جمع ما تفرق من كلام سيد» والنظر في سياق النصوص 
لمعرفة الأسس التي بني عليها كلامه والضوابط الواردة فيهاء 
وعرض ذلك على منهج أهل السنة والجماعة لمعرفة مدى 
الموافقة أو المخالفة وذلك من خلال المطالب الآتية: 


)١(‏ هذه الجماعة تزعمها شكري مصطفى . وانظر: في مناقشة آراء الجماعة والرد 
عليها : سيد قطب بين العاطفة الموضوعية ٠»‏ للمستشار :سالم البهنساوي » 
والحكم بما أنزل الله وأهل الغلو» لمحمد بن سرور زين العابدين . 

67 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





2 17 117 117 17 


المطلب الأول 
التكفير عند أهل السنة ومخالفيهم 
باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت فيه الفتنة» وكثر فيه 
الافتراق» وتشعبت فيه والاراء» والناس فيه على طرفين 
ووسط: 

الطائفة الأولى: تكفر بكل ذنبء فمرتككب 
الذنوب والكبائر عندهم يخرج من الإيمان» ويدخل في 
الكفر كما تقول الخوارج؛ أو يكون في منزلة بين 
المنزلتين كما تقول المعتزلة» وفي الآخرة أوجبوا له الخلود 
في النار. 

الطائفة الثانية: لا تكفر أحداً من أهل القبلة 
بأي ذنب» فتنفي التكفير نفياً عاماً» وهم المرجئة؛ حيث 
يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله» كما لا ينفع 
مع الكفر طاعة. 

الطائفة الثالثة: وهم أهل السنة والجماعة» وهم 
وسط بين الطائفتين. حيث لا يكفرون بكل ذنب كما تفعل 
الخوارج» ولا ينفون التكفير كما تفعل المرجئة. 

فمنهج التكفير عند أهل السنة والجماعة يقوم 
على أسس منها: 





797777717771717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


-١‏ التحذير من التكفير بغير علم؛ كونه حكماً شرعياً 
مرجعه إلى ما جاء في الكتاب والسنة. 
؟- التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين» 
فالأول هو تنزيل الحكم بالكفر على الفعل والقول دون 
الحكم على الفاعلء والثاني تنزيل الحكم على شخص 
الفاعل. 
'"- لابد لتكفير المعين من توفر شروط في الفاعل 
هي: البلوغ والعقل والتعمد والاختيارء وفي الفعل أن يكون الفعل 
أو القول مما ثبت بالأدلة الشرعية أنه كفر مخرج من الملة. 
كما يشترط انتفاء الموانع كالجهل والخطأ والتأول 
السائغ والإكراه» بالإضافة إلى قيام الحجة .)١(‏ 


)١(‏ تنظر هذه القواعد في : مجموع فتاوى ابن تيميه 555/5 777/٠٠١١‏ »وضوابط 
التكفير لراشد الراشد »مكتبة الرشد ء الرياض عط ١‏ ععام 5471 ١ه‏ “ص ”5 وما 
بعدها .وقواعد التكفير لعبد النعم حليمة أبو بصير عدار البشير »الأردن ؛ط١‏ 
»عام 6١ة١اه.‏ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





المطلب الثاني 
سيد قطب وقضية التكفير 

الذين يتهمون سيد قطب بتكفير المسلمين يعتمدون 
على مجموعة من النصوص الموجودة في كتبه» لذا كان لا بد 
من جمع هذه النصوص وتحليلها لتعطينا فكرة كاملة عن منهج 
الرجل في التكفيرء وهذه النصوص على قسمين: 

القسم الأول: نصوص تشرح آيات فيها أحكام بالكفر 
على بعض الأعمال ٠‏ 

القسم الثاني: نصوص تصف واقع المسلمين المعاصر 
وتقارن بينه وبين ما جاء في القرآن الكريم» بغرض إظهار مدى 
الانحراف الذي أصاب الأمة الإسلامية في دينها في كثير من 
القضايا المعاصرة» وفيها عبارات موهمة إذا لم تضم إلى غيرها 
أو قطعت من سياقها فهم منها القارئ التكفير. 

لذا كان لا بد من عرض هذه النصوص في سياقها 
كاملة والتعقيب على كل نص بما يدل عليه في سياقه ثم 
استخلاص النتائج» وبيان ذلك في الفرعين الآتيين: 


الفرع الأول: وقفات مع النصوص: 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





-١‏ النص الأول: 

يقول - رحمه الله - في تفسير سورة إبراهيم - عليه 
السلام -: " إن الغاية الأساسية من البلاغ والإنذارء هي أن 
يعلم الناس " أنما هو إله واحد" فهذه هي قاعدة دين الله التي 
يقوم عليها منهجه في الحياة» وليس المقصود بطبيعة الحال 
مجرد العلم» إنما المقصود هو إقامة حياتهم على قاعدة هذا 
العلم... ونحن لا ندرك مرامي هذا القرآن قبل أن ندرك حدود 
العقيدة في هذا الدين» وقبل أن ندرك مدلولات " شهادة أن لا إله 
إلا الله» وأن محمداً رسول الله " على المستوى الواسع البعيد» 
وقبل أن نفهم مدلول العبادة لله وحده ونحدده بأنه الدينونة لله 
وحده لا في لحظات الصلاة؛ ولكن في كل شأن من شؤون 
الحياة. 

ثم يقرر سيد - رحمه الله - أن عبادة الأصنام لا 
تتمثل في الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في 
الجاهلية» أو غيرهم في شتى الوثنيات» لأن هذه صورة من 
بون الشترك:فقط»»بينضا 'الشرك:نالله المخالقف لشهادة” أن :كا 
إله إلا الله " يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها 
الدينونة في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده» ويكفي 
أن يدين العبد لله في جوانب من حياته بينما هو يدين في 


/ا 1 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





جوانب أخرى لغير الله حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته؛ 
وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة» 
والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي 
للشرك في أعماق طبيعته» إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في 
ألوهيته وحده؛ ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم 
والحج وسائر الشعائر» بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته 
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله 
ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات 
من صنع غير الله» ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه 
لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات 
والأزياء - مخالفة لشرع الله وأمره - إن هذا العبد يزاول الشرك 
في أخص حقيقته» ويخالف عن شهادة " أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله " في أخص حقيقتهاء وهذا ما يغفل عنه الناس 
اليوم فيزاولونه في ترخص وتميع» وهم لا يحسبونه الشرك الذي 
كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان " ('). 

ثم يوضح ' أن الأصنام ليس من الضروري أن تتمثل 
في تلك الصور الأولية الساذجة» فالأصنام ليست سوى شعارات 
للطاغوت» يتخفى وراءها لتعبيد الناس باسمهاء وضمان دينونتهم 


. بتصرف يسير‎ 7١١5-4 في ظلال القرآن‎ )١( 
مه‎ 





71717777 استرص قطي ومنعجه في العهيدة جم 





له من خلالهاء إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصرء 
إنما كان السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائها يتمتم 
حولها بالتعاويذ والرقى» ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق 
لتعبيد الجماهير وتذليلها!. 

فإذا رفعت ' القومية " شعاراً» أو رفع " الوطن " شعاراً» 
ررقم" شهدم #ههار ارترفيت:" الطيكة الفنمار| حركم أيه 
الناتى غلم عياف بهذن العها رانك صرق قوق اللدء وضلن الشصيكية 
لها بالنفوس والأموال والأخلاق والأعراضء بحيث كلما 
تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته» مع مطالب 
تلك الشعارات ومقتضياتهاء نُحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته 
وتعاليمه» ونفذت إرادة تلك الشعارات - أو بالتعبير ١‏ 





الدقيق: إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات - كانت هذه 


هي عبادة الأصنام من دون الله» فالصنم ليس من الضروري أن 
يتمثل في حجر أو خشبة» ولقد يكون الصنم مذهباً أو شعاراً! 
إن الإسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية والخشبية! 
ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة؛» من موكب الرسل 
الموصولء ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام وتلك 
العذابات والآلام لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار 
والأخشاب!. 





إنما جاء الإسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله 
وحده في كل أمر وفي كل شأنء» وبين الدينونة لغيره في كل 
هيئة وفي كل صورة» ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل 
وضع وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة؛ 
وتقرير ما إذا كانت توحيداً أو شركاً؟ دينونة لله وحده أم دينونة 
لشتى الطواغيت والأرباب والأصنام!. 

والذين يظنون أنفسهم في " دين الله " لأنهم يقولون 
بأفواههم " نشهد أن لا إله إلا الله» وأن محمداً رسول الله ' 
ويدينون لله فعلاً في شؤون الطهارة والشعائر والزواج والطلاق 
والميراث» بينما هم يدينون فيما وراء هذا الركن الضيق لغير 
الله» ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله - وكثرتها مما يخالف 





منهم الأصنام الجديدة» فإذا تعارض دين أو خلق أو عرض مع 
مطالب هذه الأصنام» نبذت أوامر الله فيها ونفذت مطالب هذه 
الأصنام. 

الذين يظنون أنفسهم " مسلمين " وفي " دين الله " 
وهذا حالهم» عليهم أن يسنفيقوا لما هم فيه من الشرك 


11 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





إن دين الله ليس بهذا الهزال الذي يتصوره من 
يزعمون أنفسهم " مسلمين " في مشارق الأرض ومغاربهاء إن 
دين الله منهج شامل لجزئيات الحياة اليومية وتفصيلاتهاء 
والدينونة لله وحده في كل تفصيل وكل جزئية من جزئيات 
الحياة اليومية وتفصيلاتها - فضلآت على أصولها وكلياتها - 
هي دين اللهء وهي الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه 
وان الشرك بالله لا يتمثل فحسب في الاعتقاد بألوهية غيره معه؛ 
ولكنه يتمثل ابتداءً في تحكيم أرباب غيره معه. 

وان عبادة الأصنام لا تتمتل في إقامة أحجار 
وأخشاب» بقدر ما تتمثل في إقامة شعارات لها كل ما لتلك 
الأصنام من نفوذ ومقتضيات! ولينظر الناس في كل بلد لمن 
المقام الأعلى في حياتهم؟ ولمن الدينونة الكاملة؟ ولمن الطاعة 
والإتباع والامتثال؟ فإن كان هذا كله لله فهم في دين اللهء وان 
كان لغير الله - معه أو من دونه - فهم في دين الطواغيت 
والأصنام.. والعياذ بالله. ( مََذَابَكَمٌ تين وَلسدَووا يو وَلِيعَلموَاأَََا هو 


لويد وَليَدَمأوثوا الأب :(2)) [سورة إبراهيم: ؟5] ١‏ (0). 


. 75١١5 -957١١5 /54 في ظلال القرآن‎ )١( 
>55 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


والمتأمل في النص السابق يجد أن سيداً - رحمه الله 
- يشخّص واقعاً أليماً لبعض المسلمين في هذا العصرء يتمثل 
في سوء فهمهم لمدلول التوحيد والعبادة» ولمعنى ومقتضيات 
شنيافة خأن الا إله إلا :اش وآن هذا رسنوك اش حؤكذا ستذاحة 
فهم البعض لمعنى الأصنام» ومعنى الشرك وحصره في صورته 
الحسية التي كان عليها المشركون من أصنام وآلهة؛ وكذا 
انحسار مفهوم الدين وقصره على بعض جوانبه الشعائرية دون 
النظر في الأوضاع التي تناقض أصل الدين في باقي جوانب 
الحياة الإنسانية. 
ومن خلال هذا يضع سيد صفات محددة لمن يحكم 
عليه بالكفر والشرك منها: 
أ - الدينونة لغير الله في مناهج الحياة والشرائع والقوانين. 
ب- الخضوع - مع الرضى - للشرائع البشرية المخالفة صراحة 
لشريعة الله 
ج- بذل ما يملكون للأصنام المعنوية الجديدة. 
ه- تقديم مطالب الأصنام العصرية ونبذ أوامر الله إذا تعارأضت 
مطالب الأصنام مع دين الله. 


11 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ولا شك أن من توفرت فيهم الصفات السابقة مجتمعة 
فإن أهل السنة والجماعة لا يقولون فيهم خلاف قول سيد " إنهم 
مشركون " (0). 

؟-النص الثاني: 

في ظلال قوله تعالى: (وَكَدَِكَ مُتضِلُ الت وَلِتسيَرينَ 
سبل الْمجَرِمِينَ (50)) [سورة الأنعام: 55] يوضح سيد - رحمه الله 
- منهج القران في العقيدة والحركة بها والذي يقوم على بيان 
الحق وإظهاره» وكذا بيان الباطل وكشفه؛ وذلك لأن إنشاء اليقين 
الاعتقادي بالخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل 
ليوجد الاندفاع بالحق عند أصحابه. 

ويقرر أنه لا بد أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد 
سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين» ووضع العنوان المميز لكل 
منهما في عالم الواقع لا النظريات» بحيث لا يختلط السبيلان» 
ولا تلتبس ملامحهما. 

ويؤكد سيد - رحمه الله - على أن هذا التحديد 
والوضوح كان كاملاًء في حياة الرعيل الأول من هذه الأمة 
بفعل منهج القرآن في بيان سبيل المؤمنين وسبل المجرمين» ثم 


117 





711717 729777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





يقارن ذلك بوضع المسلمين المعاصر في هذا الباب ويقول: " 
ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم 
ليست في شيء من هذاء إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس 
من سلالات المسلمين» في أوطان كانت في يوم من الأيام داراً 
للإسلام» يسيطر عليها دين» وتحكم بشريعته؛ ثم إذا هذه 
الأرض» واذا هذه الأقوام تهجر الإسلام حقيقة» وتعلنه اسماآ واذا 
هي تتنكر لمقومات الإسلام اعتقاداً وواقعاًء وإن ظنت أنها تدين 
بالإسلام اعتقاداً! فالإسلام شهادة" أن لا إله إلا الله "» وشهادة 
أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد بأن الله - وحده - هو 
خالق هذا الكون المتصرف فيه وأن الله - وحده - هو الذي 
يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله؛ وأن الله - 
وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه 
في شأن حياتهم كله؛ وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله - بهذا 
المدلول- فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد» كائناً ما كان 
اسمه ولقبه ونسبه؛ وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله 
إلا الله - بهذا المدلول - فهي أرض لم تدن بدين الله» ولم 
تدخل في الإسلام بعدء وفي الأرض اليوم أقوام من الناس 
أسماؤهم أسماء المسلمين» وهم من سلالات المسلمين» وفيها 
أوطان كانت في يوم من الأيام داراً للإسلام» ولكن لا الأقوام 





11 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





اليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان 
اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول» وهذا أشق ما تواجهه 
حركات الإسلام الحقيقية اليوم في هذه الأوطان مع هؤلاء 
الأقوام!. 
أشق ما تعانيه هذه الحركات هو الغبش والغموض 
واللبس الذي أحاط بمدلول ' لا إله إلا الله " ومدلول الإسلام في 
جانب» وبمدلول الشرك وبمدلول الجاهلية في الجانب الآخر. 
أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق 
الشارات والعناوين» والتباس الأسماء والصفات» والتيه الذي لا 
تتحدد فيه مفارق الطريق!. 
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة؛ 
فيعكفون عليها توسيعاً وتمييعاً وتلبيساً وتخليطاً حتى يصبح 
الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام! تهمة 
تكفير " المسلمين "» ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر 
مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهمء لا إلى قول الله 
ولا إلى قول رسول الله ي!. 
هذه هي المشقة الكبرى» وهذه كذلك هي العقبة الأولى 
التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل!. 


6 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين 
وسبيل المجرمين» ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في 
كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة» وألا تأخذهم فيه خشية ولا 
خوفء وألا تقعدهم عنها لومة لاثم ولا صيحة صائحء انظروا! 
إنهم يكفرون المسلمين! 

إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون! 
إن الإسلام بِيّنٌ والكفر بيّنء الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - 
بذلك المدلول- فمن لم يشهدها على هذا النحو» ومن لم يفهمها 
في الحياة على هذا النحوء فحكم الله ورسوله فيه أنه من 
الكافزيت الظالموق الفامتقينة المحرييك 00 

* والمتأمل في هذا النص يجد: أن سيداً - رحمه الله 
- كان حريصاً على بيان حقيقة الإسلام وحقيقة الكفر والشرك 
وبيان طريق المسلمين وطريق المجرمين من خلال منهج القرآن 
الكريم»؛ حيث شدد على ضرورة معرفة الدعاة والحركات لمدلول 
- لا إله إلا الله - الشامل» وتعريف الناس بهذا المدلول وكشف 
محاولات الأعداء في تمييع هذا المدلول حتى تبقى الجماهير 
مخدوعة في حقيقة ما هي عليه. 


. بتصرف يسير‎ ١١١7-١١١6 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
1ع"‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ويوضح سيد أن مدلول - لا إله إلا الله - يعني إفراده 
سبحانه في اعتقاد ربوبيته وخلقه وتصرفه في الكون وافراده 
سبحانه أيضاً في ألوهيته بتقديم الشعائر التعبدية وكل مناشط 
الحياة له وحده؛ وإفراده سبحانه في تلقي الشرائع والأوامر 
والخضوع لها " وهذا هو المفهوم الشامل بحيث أن أي فرد أو 
قوم أو أرض لا تحقق هذا المدلول في الواقع؛ فليست في دين 
الله. 
فسيد - رحمه الله - يضع تعريفاً للمسلم؛ بحيث أن 
كل من لم ينطبق عليه هذا التعريف فهو كافر هذا التعريف 
تحدده الصفات التالية: 
أ - الإيمان بالله تعالى خالقاً ومتصرفاً في الكون 
وحده لا شريك له. 
ب- تقديم الشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله لله 
وعدا للا قترياقة لمر 
ج - تلقي الشرائع من الله وحده والخضوع لحكمه 
سبحانه في شؤون الحياة كلها. 
هذه الصفات هي معنى لا إله إلا الله» وبها يكون 


111/ 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وبالتالي فسيد لا يكفر بإطلاق لكنه ينبه إلى نوع من 
الكفر لا ينتبه إليه الكثير»ء وهو ما يتعلق بالشرط الثالث أي 
تلقي الشرائع من غير الله والخضوع لغير حكمه سبحانه؛ أو ما 
يسميه سيد ب " شرك الحاكمية '» وله - رحمه الله - أدلته في 
تكفير أصحاب هذا النوع من الشرك سيأتي بيان بعضها عند 
التعقب على النص التالي ٠‏ 

وما ذكره سيد هنا هو ما عليه أهل السنة والجماعة 
قاطبة» في تكفير كل من لم يفرد الله سبحانه في ربوبيته وفي 
ألوهيته وحاكميته. 

كما يظهر في النص أن سيداً - رحمه الله - ما كان 
حريصاً على إصدار أحكام الكفر على أفراد معنيين بقدر ما 
كان حريصاً على الصدع بحقيقة الإسلام وازالة الغبش الذي 
ران على سبيل المسلمين وسبيل المجرمين ليشحذ همم الدعاة 
والحركات الإسلامية لبيان الحق في هذا الباب الذي ضل فيه 
كثير من الناس و التبس عليهم أمره. 

* وفيه إشارة أيضاً إلى أن من يجهر بهذا الحق فإن 
الأعداء سيتهمونه بتهمة " تكفير المسلمين " حتى يحجزوا بينه 
وبين الناس» ومع ذلك فإن سيداً - يرى أن من الواجب على 


116 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الذعاة المضدى في نيان الحق :في :هذا البناب حون خوق" مما 
سيقال عنهم. 

* ويقرر سيد أيضاً أن مرجع الحكم على الناس 
بالكفر ليس لأعراف الناس وأهوائهم وإنما لما يقرره الله تعالى 
ورسوله يل ويؤكد على أن مفهوم الإسلام بيّن ومفهوم الكفر 
بِيّنء فمن لم يكن في الإسلام فهو الكفر. 

_- النص الثالث: 

في ظلال قوله تعالى: ١‏ وَِنتِْعَ كر من ف الْأرْضٍ 
نوك عَن سيبل أن ييحن إلا ألطنَ وَإِنْ هم إلَا يصون (05) 
[سورة الأنعام: ]١١7‏ يقول سيد: " ولقد كان أكثر من في 
الأرض - كما هو الحال اليوم بالضبط - من أهل الجاهلية لم 
يكونوا يجعلون_الله هو الحكم في أمرهم_كله» ولم_يكونون 
يجعلون شريعة الله التي في كتابه هي قانونهم كله» ولم يكونوا 
يستمدون_تصوراتهم وأفكارهم_ومناهج تفكيرهم_ومناهج حياتهم 
من هدى الله وتوجيههء ومن ثم كانوا - كما هو الحال اليوم - 
في ضلالة الجاهلية» لا يملكون أن يشيروا برأي ولا بقولٍ ولا 
بحكم يستند على الحق ويستمد منه» ولا يقودون من يطيعهم 
ويتبعهم إلا إلى الضلال» كانوا - كما هم اليوم - يتركون العلم 
الفمشكق بوره القزق اعدو رالكلن والخقين :ل يشزياه 


111 








إلا إلى الضلال» ولذلك حذر الله رسوله من طاعتهم واتباعهم 
كي لا يضل عن سبيل الله.. هكذا على وجه الإجمال» وان 
كانت المناسبة الحاضرة حينذاك هي مناسبة تحريم بعض 
الذبائح وتحليل بعضها كما سيجيء في السياق ٠‏ 

فالذي يحكم على العباد بأن هذا مهتدٍ وهذا ضال هو 
الله وحدهء الذي يعلم بحقيقة العباد وفق الميزان الإلهي» وليس 
وفق قيم المجتمع وأحكامه المتغيرة من مكان 0 وزمان لخن 
وبالتالي فا 






ع ليون 0000 
وفي ظلال قوله تعالى: (ول ا كوايبًا يدوا سم أله 
ون لطت ا نَ إل أوَلِيَايهِمٌَ جد تن 
طَعسموهع لِنَكُمْ لمسرووْنَ 1000 [سورة الأنعام: ]١١١‏ يقول سيد: ' 


وأمام هذا التقرير نقف لنتدبر هذا الحسم وهذه الصراحة في 
شأن الحاكمية والطاعة والإتباع في هذا الدين. 


إن النص القرآني لقاطع في أن طاعة المسلم لأحد 
من البشر في جزئية من جزئيات التشريع التي لا تستمد من 


2 


. بتصرف يسير‎ ١١915 -1١1565 /7 في ظلال القرآن‎ )١( 
34 








شريعة الله» ولا تعتمد على الاعتراف له وحده بالحاكمية.. 
إن طاعة المسلم في هذه الجزئية تخرجه من الإسلام لله» 
إلى الشرك بالله. 

وفي هذا يقول ابن كثير(') حرحمه الله-: 
تعالى [ِوَإِنَ أطُعسموهع إِنَّكم لمسْرووْنَ (15) [سورة الأنعام: »]١7١‏ أي: 
حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره؛» فقدمتم عليه 
غيره فهذا هو الشركء كقوله ( أتدُوأ أتبسارف وَرُمَحتفُع 


وقوله 


أرٌبابًا مّن دون أله 1 [سورة التوبة: ١؟].‏ الآية» وقد روى في 


تفسيرها عن عدي بن حاتم(")- رضي الله عنه- أنه قال: يا 


» هو: الإمام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير » قرشي النسب‎ )١( 
ه تتلمذ على يد شيخ‎ 7١١ دمشقي الدار » كان مفسراً ومؤرخاً وفقيهاً » ولد سنة‎ 
الإسلام ابن تيمية وله مصنفات كثيرة » توفي سنة 154 ه ودفن مع ابن تيمية‎ 
ومعجم‎ ١57/١ في مقبرة الصوفية بدمشق , انظر : البدر الطالع للشوكاني‎ 
714/7 المؤلفين‎ 

)١(‏ هو : عدي بن حاتم بن عبد الله بن حشرج الطائي » أسلم سنة /اه وثبت مع 
قومه يوم الردة » شهد فتح المدائن » توفي سنة 1ه , انظر : الخلاصة للخز 
رجي ص 754 

1 








رسول الله ما عبدوهم. فقال: " بلى: إنهم أحلوا لهم الحرام؛ 
وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم» فذلك عبادتهم إياهم )١)‏ 


وعن السدي (') في تفسير قوله تعالى: ! أَعََدُواً 


أَحَبَارَهُمٌ ورهب كع وَرَهبكيَهُمٌ أن انا بايا من دوب للد 4» قال: "استنصحوا 
الرجال» ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهمء ولهذا قال تعالى: (ِوَمَآ 
مرو له ل ونا تمي "غرف اللي 11 انيه 
الذي إذا حرم الشيء ف فهو الحرام» وما حلله فهو الحلال »؛ وما شرعه 
4 وى * 11 ”5 

* فهذا قول السدي وذاك قول ابن كثيرء وكلاهما 
القراني وصرامته ووضوحه» ومن حسم التفسير النبوي للقرآن 
عند نفسه» ولو في جزئية صغيرة إنما هو مشركء وان كان في 
الأصل مسلماً ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك 


)١(‏ رواه :الترمذي في أبواب التعبير 55١/54‏ برقم 5091 » وأحمد 8/4/ا7اء 
والبيهقي في السنن الكبرى ٠ ١17/١‏ وحسنه الألباني في غاية المرام ص١٠‏ 
)١(‏ هو : إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة » أبو محمد الحجازي » ثقة » 
تابعي انظر : سير أعلام النبلاء 755/0 . 

(؟) انظر تفسير ابن كثير ١555/5‏ . 
ا" 








أيضاً» مهما بقي بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه 
بينما هو يتلقى من غير الله» ويطيع غير الله. 

*وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم - في ضوء هذه 
التقريرات الحاسمة - فإننا نرى الجاهلية والشرك - ولا شيء 
غير الجاهلية والشرك - إلا من عصم الله» فأنكر على الأرباب 
الأرضية ما تدعيه من خصائص الألوهية» ولم يقبل منها شرعاً 





ولا حكماً - إلا في حدود الإكراه ) .)١(‏ 
* والمتأمل في هذا النص يجد: 
- أن سيداً - رحمه الله - يقرر إتباعاً للنص 
القرآاني الصريح وللحديث النبوي الشريف ولكلام السلف 
وأهل العلم كالسدي وابن كثيرء أن طاعة الشياطين - من 
الإنس والجن - والتحاكم إليهم واتباعهم» شرك وخروج عن 
الإسلام» وهذه أدلته في الحكم - أصحاب هذا النوع من 
الشرك بالكفر» فلا يمكن أن تجتمع دعوى الإسلام مع التلقي 
من غير الله وطاعة غير الله. 
-كما نجده يقرر أن واقع الأرض اليوم - إلا من 
عصم الله - ينطبق عليه اسم الشرك والجاهلية في ضوء 
التقريرات الحاسمة في هذا الباب. 


.1١١918-1١51/ في ظلال القرآن "؟/‎ )١( 
ا"‎ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


- وهنا لفته مهمة: وهي أن سيداً - رحمه الله - 
يستثني من حكمه بالشرك والكفر من عصمه الله فأنكر 
على هذه الأرباب ما تدعيه من خصائص الألوهية ولم يقبل 
منها شرعاً ولا حكماً إلا في حدود الإكراهء وكلامه هنا هو 
ما تدل عليه الأدلة من النصوص الشرعية في استثناء 
المكره من أحكام الكفر. 

5 - النص الرابع: 

بعد أن بِيِّن سيد - رحمه الله - ضلال أصحاب مقارنة 
الأديان في نتائجهم حول تطور العقيدة» ومخالفة ذلك لما قرره 
القران في هذا الباب» استعرض الخط الحركي للعقيدة الإسلامية 
في التاريخ البشري» وحرص الشيطان على إخراج الناس من 
الإسلام إلى الجاهلية المتمثلة في الدينونة لغير الله» يقول: " هذه 
الرؤية تفيدنا في تقدير موقف البشرية اليوم» وفي تحديد طبيعة 
الدعوة الإسلامية كذلك»؛ إن البشرية اليوم - بجملتها - تزاول 
رجعية شاملة إلى الجاهلية التي أخرجها منها آخر رسول - 
محمد يِه - وهي جاهلية تتمثل في صور شتى: 

- بعضها يتمثل في إلحادٍ بالله سبحانه؛ وإنكارٍ 
لوجوده» فهي جاهلية اعتقاد وتصور كجاهلية الشيوعيين. 


1 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





- وبعضها يتمثل في اعتراف مشمه بوجود الله 
سبحانه» وانحراف في الشعائر التعبدية» وفي الدينونة 
والإتباع والطاعة» كجاهلية الوثنيين من الهنود وغيرهم» 
وكجاهلية اليهود والنصارى كذلك. 

- وبعضها يتمثل في اعتراف صحيح بوجود الله 
سبحانه» وأداءٍ للشعائر التعبدية» مع انحراف خطير في 
تضنور دلالة شهأةة أن لآ إلة إلا الل.وأن محمداً رسول اش 
ومع شرك كامل في الدينونة والإتباع والطاعة» وذلك 
كجاهلية من يسمون أنفسهم 'مسلمين" ويظنون أنهم أسلموا 
واكتسبوا صفة الإسلام وحقوقه بمجرد نطقهم بالشهادتين 
وأدائهم للشعائر التعبدية مع سوء فهمهم لمعنى الشهادتين» 
ومع استسلامهم ودينونتهم لغير الله من العبيد! وكلها 
جاهلية» وكلها كفر بالله كالأولين» أو شرك بالله كالآخرين. 

- إن رؤية واقع البشرية على هذا النحو الواضح؛ 
تؤكد لنا أن البشرية اليوم بجملتها قد ارتدت إلى جاهلية 
شاملة» وأنها تعاني رجعية نكدة إلى الجاهلية التي أنقذها 
منها الإسلام مرات متعددة» كان آخرها الإسلام الذي جاء 
به محمد يِل وهذا بدوره يحدد طبيعة الدور الأساسي 


1 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





لطلائع البعث الإسلامي» والمهمة الأساسية التي عليها أن 
تقوم بها للبشرية» ونقطة البدء الحاسمة في هذه المهمة. 

- إن على هذه الطلائع أن تبدأ في دعوة البشرية 
من جديد إلى الدخول في الإسلام كرة أخرى والخروج من 
هذه الجاهلية النكدة التي ارتدت إليهاء على أن تحدد للبشرية 
مدلول الإسلام الأساسي وهو الاعتقاد بألوهية الله وحده؛ 
وتقديم الشعائر التعبدية لله وحده والدينونة والإتباع والطاعة 
والخضوع في أمور الحياة كلها لله وحده؛ء وأنه بغير هذه 
المدلولات كلها لا يتم الدخول في الإسلام ولا تحتسب للناس 
صفة المسلمينء ولا تكون لهم تلك الحقوق التي يرتبها 
الإسلام لهم في أنفسهم وأموالهم كذلك» وأنَّ تخلف أحد هذه 
المدلولات كتخلفها جميعاً» يخرج الناس من الإسلام إلى 
الجاهلية» ويعمهم بالكفر أو بالشرك قطعاً. 

- ولا بد أن يصل الأمر إلى ذلك المستوى من 
الحسم والوضوح في نفوس العصبة المسلمة التي تعاني 
مواجهة الجاهلية الشاملة في هذه الفترة النكدة من حياة 
البشرية» فإنه بدون هذا الحسم وهذا الوضوح تعجز طلائع 
البعث الإسلامي عن أداء واجبها في هذه الفترة الحرجة من 
تاريخ البشرية» وتتأرجح أمام المجتمع الجاهلي» وهي تحسبه 


كلا 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





مجتمعاً مسلماً وتفقد تحديد أهدافها الحقيقة» بفقدانها لتحديد 
نقطة البدء من حيث تقف البشرية فعلآ» لا من حيث تزعم!! 
والمسافة بعيدة بين الزعم والواقع» بعيدة جداً " .)١(‏ 
* والتأمل في النص السابق يجد: 
أن سيداً - رحمه الله - يعرض ص ورا للجاهلية 
المعاصرة متمثلة بالإلحاد والوثنية واليهودية والنصرانية» ويلحق 
بها صورة أخرى عند المسلمين وهي صورة الشرك في الدينونة 
الكاملة والإتباع والطاعة ويجعلها كلها شركاً وكفراً. 
ويؤكد على أن الخروج من هذه الجاهليات السابقة 
كلها يكون بالعودة إلى الإسلام بمفهومه الصحيح الذي يشمل 
الاعتقاد والتعبد والدينونة والطاعة لله في كل أمور الحياة. 
فإذا لم يحقق الناس الإسلام بهذا المفهوم فهم في 
الشرك؛ وإذا حققوا بعضه وتركوا بعضه فهم أيضاً في الشرك 
مهما زعموا الإسلام. 
ويقرر أنه يجب على الدعاة إلى الإسلام اليوم فهم 
القضية بهذا الشمولء والانطلاق من هذا الوضوح حتى تكون 
الانطلاقة صحيحة. 


.1155--1١9558 /4 في ظلال القرآن‎ )١( 
384 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وهذه أمور لا خلاف فيهاء والنص عام وليس فيه 
تكفير للأفراد بقدر ما فيه بيان الواقع ومدى مخالفته لما يجب 
أن يكون عليه المسلمون. 

ه - النص الخامس: 

تحدث سيد - رحمه الله - عن عظمة القرآن الكريم» 
وتأثيره في النفوس البشرية» وضرب مثالاً لجيل الصحابة - 
رضوان الله عليهم - وكذا موقف الجاهلية القديمة في جهالتها 
واعراضها عن القرآن وطلب الخارقة المادية غير القرآن» مقارناً 
ذلك بإعراض الجاهلية المعاصرة عن القرآن بسبب غرورها بما 
فتحه الله عليها في عالم المادة. 

ثم أستعرض جهود اليهود والصليبيون في صرف الأمة 
عن القرآن فقال: " كما يحول بينهم وبين هذا القرآن كيد أربعة 
عشر قرناً من الحقد اليهودي والصليبي» الذي لم يكف لحظة 
واحدة عن حرب هذا الدين وكتابه القويم» وعن محاولة إلهاء 
أهله عنه؛ وابعادهم عن توجيهه المباشر بعد ما علم اليهود 
والصليبيون من تجاربهم الطويلة أن لا طاقة لهم بأهل هذا 
الدين ما ظلوا عاكفين على هذا الكتاب» عكوف الجيل الأول» 
لا عكوف التغني بآياته وحياتهم كلها بعيدة عن توجيهاته! وهو 
كيد مطردٌ مصرٌ لئيمٌ خبيث؛ ثمرته النهائية هذه الأوضاع التي 


1 


7171717 177 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





يعيش فيها الناس الذي يسمون اليوم بالمسلمين وما هم 
دالماتامت ها لم فككموا فتن .يعن نهم شريعة بهذا القوق "00 

* والتأمل في النص يجد: أن كلام سيد في نهاية 
النص واضح. فهو يقرر أن من لم يحكّم شريعة هذا الدين في 
حياته كلها فليس بمسلم وإن زعم أنه مسلم. 

>- النص السادس: 

في ظلال قوله تعالى: ( وَدَرِ ألرييت أغصَدُوا يتيج لَعِبَا 
ليو ولوق لخر الك ١‏ انشرة "الاهاف.] اليه قفون 
سيد: " ولا نزال تجدنا في حاجة إلى تقرير من هم المشركون؟ 
إنهم الذين يشركون بالله أحداً في خصائص الألوهية» سواء في 


الاعتقاد بألوهية أحد مع الله» أو بتقديم الشعائر التعبدية لأحد 





مع الله أو بقبول الحاكمية والشريعة من أحد مع الله ومن باب 
أولى من يَدّعون لأنفسهم واحدة من هذهء مهما تسموا بأسماء 
المسلمين» فلنكن من أمر ديننا على يقين " ("). 

ثم يوضح - رحمه الله - حكم مجالسة المشركين 
وأهل الفسق والبدع» وأنه لا يجوز إلا بقصد الموعظة والتذكير 


.١5571 /" في ظلال القرآن‎ )١( 
.١١79 /” في ظلال القرآن‎ )١( 
5118 





711717 729777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





والدعوة» ويورد أقوالاً لبعض السلف في المنع من مجالسة أهل 
البدع ثم يقول: " فهذا كله في صاحب البدعة وهو على دين 
الله» وكله لا يبلغ مدى من يدعي خصائص الألوهية بمزاولته 
للحاكمية» ومن يقره على هذا الإدعاءء فليس هذا بدعة مبتدع؛» 
ولكنه كفر كافر» أو شرك مشركء مما لم يتعرض له السلف 
لأنه لم يكن في زمانهم» فمنذ أن قام الإسلام في الأرض لم 
يبلغ من أحد أن يدعي هذه الدعوى» وهو يزعم الإسلام» ولم يقع 
شيء من ذلك إلا بعد الحملة الفرنسية التي خرج بعدها الناس 
من إطار الإسلام - إلا من عصم الله - وكذلك لم يعد في قول 
هؤلاء السلف ما ينطبق على هذا الذي كان» فقد تجاوز كل ما 
تحدثوا عنه يمثل هذه الأحكام " .)١(‏ 

والمتأمل في النص يجد: أن سيداً - رحمه الله - يقرر 
أنه يُحكّم على الإنسان بالشرك والكفر إذا أشرك مع الله أحداً 
في خصائص ألوهيته إما: 

- بالشرك في اعتقاد ألوهية غير الله. 

- أو بتقديم الشعائر التعبدية لغير الله. 

- أو بقبول الحاكمية والتشريع من غيره سبحانه. 


- ومن باب أولئ ومن يدعى لنفسه واحدة من هذه. 





.١١7٠0 المصدر السابق ؟/‎ )١( 
4 








- وعند حديثه عن أحوال المسلمين في تحاكمهم 
لغير شرع الله» يقرر كفر من: 
- ادعى خصائص الألوهية بمزاولته للحاكمية. 
- وكل من يقره على هذا الأمر. 
وأن هذا النوع من الكفر أي كفر الحاكمية حدث بعد 
عصر السلف»ء وشمل اليوم أكثر الأرض إلا من عصم الله. 
1- النص السابع: 


وه وصضطة را > ٍ 
في ظلال قوله تعالى: ١‏ ألم تَرَإِلَ أَلَدِس نَ مُرَكونَ أنضسهُم بل 
و ح00- و 7 ا 2 كت لح ا سه سس م مذ 
لله يرق من يسَآه ولا يظلمون متيلا ((8) أنظر صف يَفَرُونَ عَلَ اذَه لكب 


وَكَّ يد إِتّمًا مُبِينَا (11 [سورة النساء: 50-49]» يستعرض- 
سيد - دعوى اليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم لن تسمهم 
النار إلا أياماً معدودات وأنه لن يهتدي إلا من كان هوداًء 
واتخاذ أحبارهم أرباباً من دون الله يحلون ويحرمون» إلى غير 
ذلك من الأفعال التي تناقض الدعوىء ويقارن ذلك بحال بعض 
المسلمين اليوم فيقول: " وما شأن هؤلاء اليهود إلا شأن من 
يزعمون الإسلام اليوم» ويحسبون أنهم من أمة محمد يل وأن الله 
لا بد ناصرهم» ومخرجهم لهم اليهود من أرضهم. بينما_هم 
كلكو انمنلكا ‏ كاسلذ هف كيزة انك "الى «هو *متيحة الهداف 


11 





لالالالانا 





في أرض كان المسلمون يسكنونها ذات يوم! ويقيمون فيها دين 
انه ويخكمون فنيهة في الكاة. 

والله يعجب رسوله يَلةِ من أمر أولئك اليهود الذين 
يزكون أنفسهم» وأمر "المسلمين" المعاصرين أعجبء وأشد إثارة 
للتعجب والعجب!!.. والله سبحانه يشهد على اليهود أنهم - 


يزكون أنفسهم ويدعون أن الله راض عنهم - يفترون عليه 
الكذب» ويشنع بفعلتهم هذه» ويوجه الأنظار إلى بشاعتها 

وما أرى أننا - الذين ندعي الإسلام لأننا نحمل 
أسماء المسلمين» ونعيش في أرض كان يسكنها 
المسلمون! بينما نحن لا نجعل الإسلام فى شىء من 
منهجنا في الحياة؛ ما أحسبنا ونحن ندعي الإسلام فنشوه 
الإسلام بصورتنا وواقعناء ونؤدي ضده شهادة منفرة منه! ثم 
ونحن ندعي أن الله مختار لنا لأننا أمة محمد ي بينما دين 


محمد ومنهجه مطرود من واقع حياتنا طرداًء ما أحسبنا إلا في 
مثل هذا الموضع الذي يعجب الله - سبحانه - منه رسوله ل 


ا 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ويدمغ أصحابه بافتراء الكذب على الله وارتكاب هذا الإثم 
المبين» والعياذ بالله!. 

إن دين الله منهج حياة؛ وطاعة الله هي تحكيم هذا 
المنهج في الحياة» والقرب من الله لا يكون إلا بطاعته فلننظر 
أين نحن من دينه ومنهجه؛ ثم لننظر أين نحن من حال هؤلاء 
اليهود الذين يعجب الله منه حالهم ويدمغهم بإثم الافتراء عليه 
في تزكيتهم لأنفسهم! فالقاعدة هي القاعدة والحال هو الحال؛ 
لبن الأهه غلك :ننه نسحب ولا دين ونث مظان 718 0 

*والمتأمل في النص يجد: أن - سيداً - يتحدث عن 
واقع أمة على الإجمال» ويستعرض حال فئة منها في مجتمعات 
مختلفة انسلخت من الدين» ونبذته من حياتها وأصبحت تتحاكم 
في أقضيتها واقتصادها واجتماعها وآدابها وأخلاقها وتقاليدها 
إلى غير شريعة الله ولا شك أن من كان هذا حاله فدعواه 
الإسلام كدعوى اليهود أنهم شعب الله المختار سواء بسواء. 

ويلفت سيد النظر في نهاية النص إلى أن مقصده 
تنبيه المسلمين اليوم إلى أن يعرفوا معنى الإسلام المتمثل في 
طاعة الله وتحكيم منهجه في الحياة كلهاء ويدعوهم إلى النظر 


. 58٠. -51/9 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
م‎ 








اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


في واقعهم وعرضه على دين الله بمفهومه الشامل لينظروا أين 
هم» وماذا يعني انتماؤهم للإسلام؟ 

- النص الثامن: 

في ظلال قوله تعالى: ( يَمَحَقُامَه الَأ وير ألصَدَقت 
َأَلَهُ لا يُحِبٌ كل كن رِلئم (150) [سورة البقرة: 1027]؛ يقول سيد: ' 
وهذا التعقيب هنا قاطع في اعتبار من يُصرون على التعامل 
الربوي_- بعد تحريمه - من الكفار الآثمين» الذين لا يحبهم 
اللهء وما من شك أن الذين يحلون ما حرم الله ينطبق عليهم 
وصف الكفر والإثم» ولو قالوا بألسنتهم ألف مرة: لا إله إلا الله 
محمد رسول الله» فالإسلام ليس كلمة باللسان» إنما هو نظام 
حياة ومنهج عملء وانكار _جزء_منه كإنكار_الكل» وليس في 
حرمة الربا شبهة» وليس في اعتباره حلالاً واقامة الحياة على 
أساسه إلا الكفر والإثم والعياذ بالله " .)١(‏ 

والمتأمل في النص يجد: أن سيد قطب يستند إلى 
نص الآية الذي يعتبر المرابي المستحل للربا كافراً آثماً» فكلامه 
في المرابي المستحل» الذي ينكر حرمته ويصر على التعامل به 





. "74 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
584 








19717171717717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


بدليل قوله: " يصرون على التعامل الربوي " و " يحلون ما حرم 
الله "و " إنكار جزء منه كإنكار الكل ' 

ولا شك أن كلام سيد هنا مواقف لرأي أهل السنة 
والجماعة الذين يكفرون من أنكر جزءاً من الإسلام أو استحل 
يحزاها :أو يساق هزاف 210:1 


. 7١7 ينظر : في ظلال القرآن في الميزان » د/ صلاح الخالدي ص‎ )١( 
11 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





8 النص التاسع: 


أمهؤ- 
َه 8« 


في ظلال قوله تعالى: [ يتما ألَذبنَ امَنُوأ إن تُطِيعو نينا 
َس ونأ آلكِتب بردو بَْدَِموْكَفيَ 1 [سورة آل عمران: 
٠‏ يبين سيد - رحمه الله - أن المسلم الحق في كل زمان 
ومكان يرى في هذا التحذير الإلهي سوطاً يلهب الضمير 
ويوقظه» ويفزعه أن يرى نفسه منتكساً إلى الكفر بعد الإيمان» 
وخاصة أن آيات القرآن وهدي النبي ينه باق وفيهما العصمة؛ 
ويسوق بعض الأحاديث التي فيها النهي عن التلقي عن أهل 
الكتاب وغيرهم من الكفار وخاصة ما يتعلق بأمور العقيدة وما 
يرتبط بها من تشريعات. 

ويقول معقباً على ما سبق: ' فأما التلقي عنهم - أي 
أهل الكتاب - في التصور الإيماني» وفي تفسير الوجود» وغاية 
الوجود الإنساني» وفي منهج الحياة وأنظمتها وشرائعهاء وفي 
منهج الأخلاق والسلوك أيضاًء أما التلقي في شيء من هذا 
كله؛ فهو الذي تغير وجه رسول الله - لأيسر منه (١)؛‏ وهو 


)١(‏ يشير إلى حديث عمر - رضي الله عنه - عندما عرض صحفا من التوراة على 
رسول الله ين فتغير وجهه عليه الصلاة والسلام » وقال : والذي نفسي بيده لو 
أصبح فيكم موسى - عليه السلام - ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم » إنكم حظي 


111 








الذي حذر الله الأمة المسلمة عاقبته» وهي الكفر الصراح» هذا 


هو توجيه الله سبحانه» وهذا هو هدي 7 يي فأما نحن الذين 
نزعم أننا مسلمون» فأرانا نتلقى في صميم فهمنا لقرآننا وحديث 
نبينا يله عن المستشرقين وتلامذة المستشرقين! وأرانا نتلقى 
فلسفتنا وتصوراتنا للوجود والحياة من هؤلاء وهؤلاء» ومن 
الفلاسفة والمفكرين: الإغريق والرومان والأوربيين والأمريكان! 
وأرانا نتلقى نظام حياتنا وشرائعنا وقوانيننا من تلك المصادر 
المدخولة! وأرانا نتلقى قواعد سلوكنا وآدابنا وأخلاقنا من ذلك 
المستنقع الآسن» الذي انتهت إليه الحضارة المادية المجردة من 
روح الدين» أي دين» ثم نزعم - والله - أننا مسلمون! وهو زعم 
إثمه أثقل من إثم الكفر الصريح فنحن بهذا نشهد على الإسلام 
بالفشل والمسخ» حيث لا يشهد عليه هذه الشهادة الآثمة من لا 
يزعمون - مثلنا - أنهم مسلمون!.. ' .)١(‏ 

والمتأمل في النص يجد: أن سيداً - رحمه الله - يبين 
فيه الواقع السيئ ومظاهر السوء فيه» من باب الدعوة إلى 
رفضه وتغييره؛ ولا شك أن الذين يتلقون المناهج والنظم 


من الأمم » وأنا حظكم من النبيين " والحديث رواه أحمد 7817/7 » وحسنه 
الألباني والأرناؤوط »انظر : مسند أحمد بتحقيق الأرناؤوط 57؟/ 55 
)١(‏ في ظلال القرآن 55٠/١‏ وما قبلها . 
/ 





عتك تطبه ومنصجه فى العفيسة ينك 





والتشريعات والتصورات من الكفار» ويرضون بها لأنها أصلح 

وأحسن عندهم من مناهج وتشريعات وتصورات الإسلام فهؤلاء 

لا يشك أحد في كفرهم (١)؛‏ وهذا ما يفهم من كلام سيد السابق. 
-٠‏ النص العاشر: 


يقول سيد: ' والنص يتحدث عن فريق من القاعدين» 
أولئك الذين يظلون قاعدين في دار الكفر لا يهاجرون» تمسك 
بهم أموالهم ومصالحهم؛ أو يمسك بهم ضعفهم عن مواجهة 
متاعب الهجرة وآلام الطريق - وهم قادرون لو أرادوا واعتزموا 
التضحية - أن يهاجرواء والآية تصور مصيرهم عند الموت. 

وهذا النص كان يواجهه حالة واقعة في مكة وغيرها - 
بعد هجرة الرسول َيِه وقيام الدولة المسلمة - حيث بقي 


)١(‏ ينظر في ذلك : تحكيم القوانين للشيح محمد بن إبراهيم آل الشيخ وفتاوى رسائل 
الشيخ محمد بن إبراهيم طبعة الحكومة . مكة المكرمة؛ ط١ء‏ عام ١55995‏ ه 
756-5555 , وحكم الجاهلية » لأحمد شاكر » مكتبة السنة - القاهرة 
“طء ١عام ١5١7‏ هءص 55-56 . 

116 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





مسلمون لم يهاجروا إما بسبب أموالهم ومصالحهم» أو للعوز 
كالشيوخ والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة» وقد فتن 
بعضهم عن دينه فعلآء واضطر بعضهم إلى إظهار الكفر تقية؛ 
ومشاركة المشركين عبادتهمء وكانت هذه القضية جائزة لهم يوم 
أن لم تكن لهم دولة يهاجرون إليها - متى استطاعوا - فأما 
بعد قيام الدولة» ووجود دار الإسلام» فإن الخضوع للفتنة» أو 
الالتجاء للتقية» وفي الوسع الهجرة والجهر بالإسلام والحياة في 
دار الإسلام... أمر غير مقبول... 

ثم يستثني من لا حيلة لهم في البقاء في دار الكفر» 
والتعرض للفتنة في الدين» والحرمان من الحياة في دار الإسلام 
من الشيوخ والضعفاءء والنساء والأطفال» فيعلقهم بالرجاء في 
عفو الله ومغفرته ورحمته» بسبب عذرهم البين وعجزهم عن 
الفرار. 

ويمضي هذا الحكم إلى آخر الزمان» متجاوزاً تلك 
الحالة الخاصة.. يمضي حكماً عاماً يلحق كل مسلم تناله الفتنة 
في دينه في أي أرضء وتمسكه أمواله ومصالحه» أو قراباته 
وصداقاته» أو إشفاقه من آلام الهجرة ومتاعبها - متى كان 
هناك في الأرض في أي مكان - دار للإسلام يأمن فيها على 


101 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





دينه» ويجهر فيها بعقيدته» ويؤدي فيها عباداته» ويحيا حياة 
إسلامية في ظل شريعة الله " .)١(‏ 

*والمتأمل في النص يجد: أن - سيداً- يتحدث عن 
القاعد وسط الكفار» الذي فتن عن دينه وارتد فعلاً مع وجود 
مكان يهاجر إليه لدينه» ولا خلاف في كفر المرتدء أما من بقي 
معذوراً فإنه مستثنى من ذلك. 

وهذا النص يفسر لنا كلام سيد في النص الآخر عن 
الهجرة بالدين حيث يقول: " ولقد ظل شرط الهجرة قائماً حتى 
فتح مكة؛ حين دانت أرض العرب للإسلام ولقيادته وانتظم 
الناس في مجتمعه» فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد وعملء» كما 
قال ي. غير أن ذلك إنما كان في جولة الإسلام الأولى التي 
حكم فيها الأرض ألفا ومائتي عام تقريباً» ولم ينقطع فيها حكم 
شريعة الإسلام» وقيام القيادة المسلمة على شريعة الله وسلطانه؛ 
فأما اليوم وقد عادت الأرض إلى الجاهلية وارتفع حكم الله 
سبحانه عن حياة الناس في الأرض وعادت الحاكمية إلى 
الطاغوت في الأرض كلها ودخل الناس في عبادة العباد بعد إذ 
أخرجهم الإسلام منها.. الآن تبدأ جولة جديدة أخرى للإسلام؛ 
كالجولة الأولى - تأخذ - في التنظيم كل أحكامها المرحلية؛ 


. في ظلال القرآن ؟/ 47/ا - 45 بتصرف‎ )١( 
53 





ا 


قتي قطي ومنمجة في العفيدة 6ج 





حتى تنتهي إلى إقامة دار إسلام وهجرة» ثم تمتد ظلال الإسلام 
مرة أخرى - بإذن الله - فلا تعود هجرة ولكن جهاد وعمل كما 
حذك في الحولة الأولي!5:(١).‏ 

-١‏ النص الحادي عشر: 

في ظلال قوله تعالى: ١‏ قُلَ َعَم أسَه أَيِدُ وَل مار لسوت 


د 
2 اع بين انه آذ له 


ال مضق اكه إن نر كروت اردق أن وك 
تَكْوْنَكَ من الْمتْركِينَ (00) [سورة الأنعام: ]١5‏ يقرر سيد - 
رحمه الله - أن قضية اتخاذ الله وحده وليآء بكل معاني كلمة 
(الولي) أي اتخاذه وحده رباً ومولى معبوداً يدين له العبد 
بالعبودية ممثلة في الخضوع لحاكميته وحده؛ ويدين له بالعبادة 
فيقدم له شعائرها وحدهاء واتخاذه وحده ناصراً يستنصر به؛ 
ويعتمد عليه ويتوجه إليه في الملمات» هي قضية العقيدة في 
صميمهاء فإما إخلاص الولاء لله - بهذه المعاني كلها - فهو 
الإسلام» واما إشراك غيره معه في شيء منها فهو الشرك الذي 
لا يجتمع في قلب واحد هو والإسلام!.. 

قضية واحدة محددة» لا تقبل لينا ولا تميعاً» إما إفراد 
الله سبحانه بالتوجه والتلقي والطاعة والخضوع والعبادة 


. ١659/9 » في ظلال القرآن‎ )١( 
514١ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





والاستعانة» والإقرار له وحده بالحاكمية في كل أمر من هذه 
الأمور» ورفض إشراك غيره معه فيهاء وولاء القلب والعمل في 
الشعيرة والشريعة له وحده بلا شريك إما هذا كله فهو الإسلام: 
واما إشراك أحد من عباده معه في شيء من هذا كله فهو 
الشرك! الذي لا يجتمع في قلب واحدٍ مع الإسلام. 

قد أمر رسول الله يَنِكِ أن يعلن هذا الاستنكار في وجه 
المشركين الذين كانوا يدعونه إلى الملاينة والمداهنة ليجعل 
لآلهتهم مكاناً في دينه مقابل أن يدخلوا معه في هذا الدين؛ 
وليترك لهم بعض خصائص الألوهية يزاولونها إبقاءً على 
مكانتهم وكبريائهم ومصالحهم» وأولها تقاليد التحريم والتحليل في 
مقابل أن يكفوا عن معارضته ويجعلوه رئيساً فيهم» ويجمعوا له 
من مالهم» ويزوجوه أجمل بناتهم وفي وجه هذه المحاولة 
المزدوجة أمر رسول الله كةِ أن يقذف بهذا الاستنكار العنيف» 
وبهذا الحسم الصريح وبهذا التقرير الذي لا يدع مجالاً للتمييع 
00 

فها هو ذا رسول الله ييه يؤمر من ربه هذا الأمر» ثم 
هاهو ذا يواجه المشركين الذين يتخذون من دون الله أولياء 
يجعلون لهم بنعض خصائص الألوهية مع الله» ويدعونه أن 


. ٠١55 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
514١ 





11111717 كترتقطييه ومنصجه في العقيدة 





يقرهم على هذا الذي هم فيه ليدخلوا هم فيما جاءهم به! كأن 
ذلك يمكن أن يكون!! وكأنه يمكن أن يجتمع الإسلام والشرك 
في قلب واحد على هذا النحو الذي كانوا يتصورونه؛» والذي لا 
يزال يتصوره ناسٌ في هذا الزمان» من أنه يمكن أن يكون 
الإنسان مسلماً لل» بينما هو يتلقى من غير الله في شؤون 
الحياة» وبينما هو يخضع لغير الله ويستنصر بغير الله» ويتولى 
غيرا لله!.. هاهو ذا يواجه المشركين ليبين لهم مفرق الطريق بين 
دينه ودينهم» بين توحيده وشركهم» بين إسلامه وجاهليتهم.. انه 
لا موضع للقاء ولا المصالحة! .)١("‏ 

ثم يعود سيد ليعرض حقيقة التوحيد والولاء والمفاصلة 
باعتبارها قضية العقيدة الكبرى؛ وينبه الدعاة اليوم إلى أهمية 
وضوح هذه القضية لديهم فيقول: " قضية الولاء والتوحيد 
والمفاصلة هي قضية هذه العقيدة الكبرى وان العصبة المؤمنة 
اليوم لخليقة بأن تقف أمام هذا الدرس الرباني وقفة طويلة» وهي 
تواجه الجاهلية الشاملة في الأرض كما كانت تواجهها العصبة 
الأولى لتحدد على ضوئها موقفهاء وترسم طريقها على هداها.. 

لقد استدار الزمان كهيئة يوم جاء هذا الدين إلى 
البشرية» وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم 


.١١65-1٠ه© في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
ا"‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





تنزل هذا القرآن على رسول الله » ويوم جاء القرآن مبنياً على 
قاعدته الكبرى " شهادة أن لا إله إلا الله ".. بمعناها الذي عبر 
عنه ربعي بن عامر(١)‏ قائد المسلمين إلى قائد الفرس وهو 
يسأله: " ما الذي جاء بكم؟ " فيقول: ' الله ابتعثنا لنخرج من شاء 
من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده؛ ومن ضيق الدنيا إلى 
سعة الدنيا والآخرة» ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. وهو 
يعلم أنهم لا يعبدون كسرى بوصفه إلها خالقاً للكون» ولا يقدمون 
له شعائر العبادة المعروفة» ولكنهم إنما يتلقون منه الشرائع؛ 
فيعبدونه بهذا المعنى الذي يناقض الإسلام وينفيه» فأخبره أن 
الله ابتعثهم ليخرجوا الناس من الأنظمة والأوضاع التي يعبد 
فيها العباد» ويقرون لهم بخصائص الألوهية - وهي الحاكمية 
والتشريع والخضوع لهذه الحاكمية والطاعة لهذا التشريع - ( 
وهي الأديان).. إلى عبادة الله وحده والى عدل الإسلام. 

لقد استدار الزمان كهيئة يوم جاء هذا الدين إلى 
البشرية بلا إله إلا الله» فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد» 
وإلى جوار الأديان» ونكصت عن لا إله إلا الله» وان ظل فريق 
منها يردد على المآذن ( لا إله إلا الله ) دون أن يدرك مدلولهاء 


)١(‏ هو: ربعي بن عامر ٠»‏ أحد قادة الفتوحات في العراق » له ذكر في معركة نهاوند 
٠‏ ولي إمارة طبرستان » انظر : الإصابة لابن حجر » 755/79 . 
135 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددهاء ودون أن يرفض 
شرعية ' الحاكمية " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف 
الألوهية - سواء ادعوها كأفراد» أوكتشكيلات تشريعية» أو 
كشعوب» فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة» فليس لها 
إذن حق الحاكمية» إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية» وارتدت 
عن لا إله إلا الله» فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية؛ ولم 
تعد توحد الله»ء وتخلص له الولاء. 

البشرية بجملتهاء بما فيها أولئك الذين يرددون على 
المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات ( لا إله إلا الله ) 
بلا مدلول ولا واقع» وهؤلاء أتقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة؛ 
لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - 
ومن بعد أن كانوا في دين الله. 

فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلاً أما 
هذه الآيات البينات» ما أحوجها أن تقف أمام آية الولاء ١‏ قُلَ أَعْرَ 


سن 


4 0 7 0 ك7 عكر ذه لوت و 53 ع 

أسَ أَحِدُ ولا فاطر السَمَوَاتِ والأرضٍ وهو يطعم ولا يطعم ل إِيّ مث 3 

0 و 2# سر اد _ عد 2 ِب م صجواحم سب 5 

أكورت أولٌ من أسد ولا تولك من الْمتْرِكِينَ 0 [سورة 
.ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله ولياً - بكل معاني " الولي " 


3 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الإسلام لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس» 
ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير 
الله في الضمير أو في الحياة» الأمر الذي تزاوله البشرية كلها 
بدون استثناء» ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعاً من 
عبادة العباد إلى عبادة الله وحده؛ وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها 
سول الله فل والحماغة الفسلنة الأرك 0077 

* والمتأمل في النص يجد: أن كلام سيد يدور حول 
ردة البشرية إلى الجاهلية متمثلة في حاكمية غير الله الذي 
تزاوله البشرية كلها اليوم» وأنه لا ينفي عن البشرية اليوم وصف 
الجاهلية في هذا الباب وجود بعض شعائر الإسلام في 
المجتمعات المسلمة» لأن بعض هذه الشعائر تقام دون أن يدرك 
الناس مدلولهاء أو دون أن يقصدوهء مثل ترديد " لا إله إلا الله " 
والتي تعني 'رفض حاكمية غير الله ومنهجه في الحياة ' بينما 
المجتمعات تحكم بغير شرع الله» وتقبل ولا ترفضء» فمن كان 
ذلك حاله من المجتمعات فهو في ردة عن معنى لا إله إلا الله 
وعن التوحيد الذي جاء به رسول الله جل 

5- الئخص الثاني عشر: 


. بتصرف يسير‎ ٠١58-٠١ في ظلال القرآن ؟/ /1ه‎ )١( 
"555 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





في تعليقه على الآيات التي تتحدث عن غزوة بدر في 
سورة الأنفال وفي ظلال قوله تعالى: (ِوَلوَ كبرت وَأَنَّ أنَهَ مَمَ 
لْمُؤْميِنَ () [سورة الأنفال: 9١]؛‏ يقول سيد: " فإن معرفتهم - 
أي مشركو العرب - بالله سبحانه لم تكن قليلة ولا سطحية ولا 
غامضة؛ كما يتصور الناس اليوم من خلال تأثرهم ببعض 
التعميمات التاريخية ولم يكن شرك العرب متمثلاً في إنكار الله 
- سبحانه - ولا في عدم معرفتهم الحقيقة» إنما كان يتمثل أكثر 
ما يتمئل في عدم إخلاصهم العبودية له» وذلك بتلقي منهج 
حياتهم وشرائعهم من غيره» وهو ما لم يكن منفقاً مع إقرارهم 
بألوهية الله »)١(‏ ومعرفتهم لحقيقته. 

ثم يذكر نصوصاً من السيرة تدل على معرفة 
المشركين بالله وعدم إنكارهم له أو لربوبيته» كقول الأخنس بن 
شريق لبني زهرة وهم مشركون: " قد نجى الله لكم أموالكم.. ' 
ومثل استفتاح أبي جهل نفسه في بدر بقوله: " اللهم اقطعنا 
للرحم وأتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة '» وكقوله لحكيم بن 


زام: " كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد . 


)١(‏ يطلق سيد لفظ الألوهية ويقصد به معنى شاملا يشمل الربوبية والألوهية عند 
أهل السنة وسيأتي بيان ذلك في الباب القادم إن شاء الله . 
/551" 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ويقرر أنهم كانوا يستحضرون حقيقة الألوهية - أي 
الربوبية - وانما كان شركهم الحقيقي يتمثل في تلقي منهج 
حياتهم وشرائعهم من غير الله» الذي يعرفونه ويعترفون به على 
هذا النحوء الأمر الذي يشاركهم فيه اليوم أقوام يظنون أنهم 
مسلمون - على دين محمد - كما كان المشركون يظنون أنهم 
مهتدون على دين أبيهم إبراهيم!.. 

أما تلك الأصنام التي عبدوها فما كان لاعتقادهم 
بألوهية لها كألوهية الله -سبحانه- فقد صرح القرآن الكريم 
بحقيقة تصورهم الاعتقادي فيهاء وبسبب تقديمهم الشعائر لها 
في قوله تعالى: أ الت اغَخَدُواْ ين دُونيء أويسآَمَاَكْبُدُهُمَ إل 
بويا إِلَ لَه رُلَيّح 1 [سورة الزمر: "]» فهذا كان مبلغ تصورهم 
لهاء مجرد شفعاء عند الله» وما كان شركهم الحقيقي من هذه 
الجهة» ولا كان إسلام من أسلم منهم متمثلاً في مجرد التخلي 
عن الاستشفاع بهذه الأصنام» والا فإن الحنفاء» الذين اعتزلوا 
عبادة الأصنام هذه وقدموا الشعائر لله وحده ما اعتبروا مسلمين 
0 إنما تمثل الإسلام في الاعتقاد والشعائر وافراد الله سبحانه 
بالحاكمية» والذين لا يفردون الله سبحانه بالحاكمية - في أي 


عم 


. كلام سيد هذا عن الحنفاء فيه نظر‎ )١( 
5 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





زمان ومكان - هم مشركون» لا يخرجهم من هذا الشرك أن 
يكون اعتقادهم أن لا إله إلا الله - مجرد اعتقاد - ولا أن 
يقدموا الشعائر لله وحدهء فإلى هنا يكونون كالحنفاء الذين لم 
يعتبرهم أحد مسلمين - إنما يعتبر الناس مسلمين حين يتمون 
حلقات السلسلة» أي حين يضمون إلى الاعتقاد والشعائر إفراد 
الله سبحانه بالحاكمية ورفضهم الاعتراف بشرعية حكم أو قانون 
أو وضع أو قيمة أو تقليد لم يصدر عن الله وحدهء وهذا وحده 
هو الإسلام؛ لأنه وحده مدلول شهادة: أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول اللهء كما عرف هذا المدلول في الاعتقاد 
الإسلامي وفي الواقع الإسلامي سواء! ثم أن يجتمع هؤلاء الذين 
يشهدون أن لا إله إلا الله على هذا النحو وبهذا المدلول في 
تجمع حركي بقيادة مسلمة وينسلخوا من التجمع الجاهلي 
وقيادته الجاهلية. 

وهذا ما ينبغي أن يتبينه الذين يريدون أن يكونوا " 
مسلمين " فلا تخدعهم عن حقيقة ما هم فيه خدعة أنهم 
كموق أعتقاد] ‏ وتمد ا فا هذا وده أ يعمل الاين * 
مسلمين " ما لم يتحقق لهم أنهم يفردون الله - سبحانه - 
بالحاكمية ويرفضون حاكمية العبيد» ويخلعون ولاءهم للمجتمع 
الجاهلي ولقيادته الجاهلية. 


18 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





إن كثيراً من المخلصين الطيبين تخدعهم هذه 
الخدعة» وهم يريدون لأنفسهم الإسلام ولكنهم يخدعون عنه؛ 
فأولى لهم أن يستيقنوا صورة الإسلام الحقيقية والوحيدة» وأن 
يعرفوا أن المشركين من العرب الذين يحملون اسم " المشركين " 
لم يكونوا يختلفون عنهم في شيء! فلقد كانوا يعرفون الله 
بحقيقته - كما تبين - ويقدمون له شفعاء من الأصنام وكان 
شركهم الأساسي يتمثل - لا في الاعتقاد - ولكن في 

إن العصبة المسلمة التي تجاهد لإعادة نشأة هذا 
الدين في الأرض في عالم الواقع يجب أن تستيقن هذه الحقيقة 
بوضوح وعمقء ويجب ألا تتلجلج فيها أي تلجلج؛ ويجب أن 
تعرف الناس بها تعريفاً صريحاً واضحاً جازماً» فهذه هي نقطة 
البدء والانطلاق» فإذا انحرفت الحركة عنها - منذ البدء - أدنى 
انحراف ضلت طريقها كله؛ وبنت على غير أساس مهما توافر 
لها من الإخلاص بعد ذلك والصبر والتصميم على المضي في 
الويف 02007 


لما 








اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 


-١‏ النص الثالث عشر: 

في ظلال قوله تعالى: ( وَوَحَنِئَآ إل موس ولحو أن توا 
لتيكا ضر يهنا وَلتصَنوا يوْقَصَكُمْ هنل اموا آصَلة ودر 
َلْمُؤميرت 10 [سورة يونس: 87]» يقول سيد: " وتلك هي 
التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية» وهما ضروريتان 
للأفراد والجماعات» وبخاصة قبيل المعارك والمشقات» ولقد 
يستهين قوم بهذا التعبئة الروحية» ولكن التجارب ما تزال إلى 
هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأول في المعركة؛ 
وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئاً 
في ساعة الشدة» وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة 
المؤمنة ليكون لها فيها أسوة» ليست خاصة ببني إسرائيل» فهي 
تجربة إيمانية خالصة»؛ وقد يجد المؤمنون أنفسهم _ذات_ يوم 
مطاردين_ في المجتمع الجاهلي» وقد عمت الفتنة»_ وتجبر 





الطاغوتء وفسد الناس» وأنتنت البيئة» وكذلك كان الحال على 


عهد فرعون في هذه الفترة»» وهنا يرشدهم الله إلى أمور: 
« اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها - ما 


أمكن فى ذلك - وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة 





7171717 7977777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 









على نفسهاء لتطهرهاء وتزكيهاء وتدربها وتنظمها حتى يأتي 


وعد الله لهاء» 


ع اهقو الا معام العاهاية؛ واتعياة يتوت العصسية 
المتكلنة ميد انحد» تين "فيه تالانهزال “ضرع المتحتدم الساهلن» 





وتزاول فيها عبادتها لربهاء على نهج صحيح؛ وتزاول بالعبادة 
ذاتها توعا من التنظيم فى .حو العيادة الطهود 002 

هذا النسن اتشيطمنة اهن أ سيةا "ب ريقمة ادك 
يسمي المساجد اليوم معابد جاهلية ويدعوا إلى اعتزالها! 
وبالتالي فهذا دليل على أنه يقول بكفر المجتمعات الإسلامية 
وأفرادها 0" 

*والذي يتأمل النص السابق يجد: أن سيداً - رحمه 
الله - لم يطلق قوله ويلقيه على عواهنه كما فهم البعض» بل 
بيّن- رحمه الله - المناسبة وهي قوله: " وقد يجد المسلمون 
فبدهد ذا :نوع متطارذين فنئ, المتحتف» الحنا هك #وقد” يعبت 








الفتنة» وتجبر الطاغوتء وفسد الناسء» وأنتنت البيئة " وهي 
الخاللة القي كانتت تشع العضتخةالمومتة عن قوم فوس 


. 318515 /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
ينظر في ذلك : أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره . د/ ربيع‎ )١( 
. 04 المدخلي » ص‎ 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


عليه السلام - على عهد فرعون» ففي هذه الحالة يرشدهم الله 
إلى اعتزال معابد الجاهلية» ولا شك أن الأمر إذا وصل بالمسلم 
إلى الحالة التي ذكرها سيد من ظهور الفتنة؛ واضطهاد من 
يغشون المساجدء وتعقبهم في أنفسهم بالاعتقال والحبس» وفي 
أموالهم بالمصادرة» وأعمالهم بالفصلء وأن يكون المجتمع قد 
نتن» وفسدت بيئته» مع تجبر الطاغوت كما كان الأمر في عهد 
فرعون» فهنا لا تثريب على الفئة المضطهدة أن تعتزل المساجد 
وتصبلي في البيوث: 
قى أمر آخرء أن يطلة 

المساجد أنها معابد جاهلية؟ 

والجواب: أنه يمكن أن توصف بعض المساجد بأنها 
معابد جاهلية» كما هو الحال بالنسبة لمعابد القاديانية (') التي 
تزعم أن ( الميرزا غلام أحمد ) نبي مطبوع بطابع سيدنا محمد 
وتقام فيها العبادات المحرفة. 


» القاديانية :حركة نشأت عام ١٠1١م »بدعم من الاستعمار الانجليزي في الهند‎ )١( 
على يد ميرزا غلام أحمد » أحد عملاء الاستعمار الانجليزي» الذي ادعى أنه‎ 
المهدي » ثم زعم أن روح المسيح حلت فيه » ثم ادعى النبوة ونسخ الجهاد » ثم‎ 
. ادعى الألوهية » انظر : الموسوعة الميسرة » ص778‎ 


07. 





اسيك قطي ومنصجه في العقيسة 22 





وأيضاً يمكن أن يقبل وصف بعض المساجد بأنها 
معابد الجاهلية في الحالات التي تُمَارس فيها أعمال جاهلية: 
كالصلاة إلى القبور الموجودة فيها والطواف حولها والتمسح بها 
ودعاء الأموات ونحو ذلك. 

وكذلك أيضاً المساجد التي يتخذها بعض الحكام أداة 
لأعمال الجاهلية كالتصفيق له والهتاف له ولجاهليته. 

وهذ | كل روشق اند مسكة: المنافقين «ستنحة الضيراز. 


ودجو ماماجح 


في قوله تعالى: (وألدييت اذا مَسَحِدَا وْرَارًا وحكفراً فقا 


ا للوبوية ناذا لمن عام الله توه نو كل لكل إن 


دلا ألْحْسَئ وأَمَه يقد تب كرفب 7 ام لقي 
ع عَلَّ !2 ح_- 5 > 
فد عل - وكين أل تور أحن أن تَقُوم فِيَهِ 2 كرد قرا خ رركت أن 


0 ثُ ألْمُطلقيت (0)) [سورة التوبة: »]١٠١8-1١ ٠17‏ 
حيث نهى الله النبي يِل أن يصلي فيه؛ لأنه مسجد للضرارء كما 
أن الله تعالى قد وصف صلاة الجاهلية بقوله! وَمَاكَانَ صَلانم 
عِنْدَ لنت إل وله ا ونأ الْعذابَ بمَا كُشْرَ 


تكفرورت 150 [سورة الأنفال: هم] ' .)١(‏ 


. سيد قطب بين العاطفة والموضوعية » لسالم البهنساوي » ص 75 وما بعدها‎ )١( 


بتصرف. 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





ولعل سيد يقصد اعتزال المساجد عندما تكون العبادة 
فيها على منهج غير صحيح كما تشير إليه عبارته " وتزاول 
فيها - أي البيوت - عبادتها على منهج صحيح " .)١(‏ 
فإذا كان حال بعض المساجد ما ذكر فهي من 
معابد الجاهلية» أمنا إطلاق الوصف: على المساجد. عموماً 
فلا يصح» وان صح اعتزال الصتلاة:فنها لبنينب الحوفة أو 
نحوه والله أعلم. 
١ 4‏ - النص الرابع عشر: 
في ظلال قوله تعالى! # وَمَا كات الْمَؤْممُوْنَ ليَنفروأ 


لله سا 


حَ 
هه ع 0 


كانه ملوَلانهَرَمِ نكل فَفَوَ مَنْوُمَ طَيِمَة لَتَمَقَهُوأ في أَلرِسِنِوَلسَذِرُوأ 
َوَمَهُمَ دا جَعْوَأ لوح حَلَهُمْ يحَدَورت (5)) [سورة التوبة: ,]١١١‏ 
يقرر سيد - رحمه الله - أن هذا الدين منهج حركيء لا يفقهه 
إلا من يتحرك به» وبالتالي فالفقه الإسلامي هو وليد للحركة 
بالإسلام» وليس العكسء قد وجدت الدينونة لله وحدة» ووجد 
المجتمع الذي قرر أن تكون الدينونة فيه لله وحدهء والذي نبذ 
شرائع الجاهلية وعاداتها وتقاليدهاء والذي رفض أن تكون شرائع 
البشر هي التي تحكم أي جانب من جوانب الحياة فيه» ثم أخذ 


. 7١8515//" في ظلال القرآن‎ )١( 





لالالالنانا 


27-7 اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





هذا المجتمع يزاول الحياة فعلاً وفق المبادئ الكلية في الشريعة 
- إلى جانب الأحكام الفرعية التي وردت في أصل الشريعة؛ 
وفي أثناء مزاولته للحياة الفعلية في ظل الدينونة لله وحده 
واستحياء شريعته وحده تحقيقاً لهذه الدينونة» جدت له أقضية 
فرعية بتجدد الحالات الواقعية في حياته» وهنا فقط بدأ استنباط 
الأحكام الفقهية» وبدأ نمو الفقه الإسلامي» فالحركة بهذا الدين 
هي التي أنشأت ذلك الفقه» والحركة بهذا الدين هي التي حققت 
نموه» ولم يكن قط فقهاً مستنبطاً من الأوراق الباردة» بعيداً عن 
حرارة الحياة الواقعة! من أجل ذلك كان الفقهاء متفقهين في 
الدين» يجيء فقههم للدين من تحركهم بهء ومن تحركه مع 
الحياة الواقعة لمجتمع مسلم حى» يعيش بهذا الدين» ويجاهد فى 
سبيله» ويتعامل بهذا الفقه الناشئ بسبب حركة الحياة الواقعة. 
ثم يقول: " فأما اليوم.. افمنيان1) "ابيت هو المجتمع 
المسلم الذي قرر أن تكون دينونته لله وحده والذي رفض بالفعل 


النينونة الأحذ مث العنيد: والذ قدرن أن نون تنبزيعة اللد 





شريعته؛ والذي رفض بالفعل شرعية أي تشريع لا يجيء من 
هذا المصدر الشرعي الوحيد؟ لا أحد يملك أن يزعم أن هذا 


الإسلام» ويفقه منهجه وتاريخه؛ إلى محاولة تنمية الفقه 


كملا 





الإسلامي أو " تجديده " أو " تطويره " في ظل مجتمعات لا 
تعترف ابتداء بأن هذا الفقه هو شريعتها الوحيدة التي بها 
تعيشء ولكن المسلم الجاد يتجه ابتداء لتحقيق الدينونة لله وحده؛ 
وتقرير مبدأ أن لا حاكمية إلا لله؛ وأن لا تشريع ولا تقنين إلا 


ينهدا م قبرزتفكه ويتدها كحقيقاً لتك الديدونة "213 

يركف لطبا قر يلين تشيون مور الخفر غلن أن 
سمة هذا القرآن هي الواقعية والحركية» وأنه لا بد من أن 
استصحاب الأحوال والملابسات والظروف والحاجات 
والمقتضيات الواقعية والعملية التي صاحبت نزول النص 
القرآني».. وأنه لا يرى هذه الرؤية اليوم إلا الذين يتحركون فعلاً 
بهذا الدين في مواجهة الجاهلية الحاضرة؛ كما كانت الجماعة 
المسلمة الأولى تواجهه الجاهلية في عصرهاء وبالتالي فنحن 
اليوم في شبه الموقف لا في مثله وهذا الاختلاف يقتضي 
اجتهاداً " جديداً في ' فقه الحركة ' يوائم بين السوابق التاريخية 
للحركة الإسلامية الأولىء» وبين طبيعة الفترة الحاضرة 
ومقتضياتها المتغيرة قليلاً أو كثيراًء هذا النوع من الفقه هو الذي 
تحتاج إليه الحركة الإسلامي الوليدة أما الفقه الخاص بأنظمة 
الدولة» وشرائع المجتمع المنظم والمستقرء فهذا ليس أوانه» إنه 


. بتصرف‎ ١776 -11775/” في ظلال القرآن‎ )١( 
7 





7171717 79777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم 
قاعدة التعامل فيه هى شريعة الله والفقه الإسلامي!! هذا النوع 
من الفقه يأتي في حينه؛ وتفصل أحكامه على قدر المجتمع 
المسلم حين يوجد» ويواجه الظروف الواقعية التي تكون محيطة 
بذلك المجتمع يومذاك» إن الفقه الإسلامي لا ينشأ في فراغ؛ ولا 
تستنبت بذوره في الهواء! " .)١(‏ 

كما يقرر - رحمه الله - أن نقطة المتاهة تبدأ من 
افتراض أن المجتمعات القائمة اليوم هي المجتمعات الإسلامية؛ 
لأنها بتركيبها العضوي الحاضرء تعتبر بالقياس إلى طبيعة 
النظام الإسلامي وأحكامه الفقهية فراغاً لا يمكن أن تطبق فيها 
أحكام النظام الإسلاميء لأنها قائمة أصلاً على قيم وموازين 
واعتبارات وأخلاق وتصورات مختلفة تماماً عن التركيب 
العضوي للمجتمع المسلم»... ثم ضرب أمثلة لكثير من القضايا 
التي تبحث اليوم في ظل غياب الحكم الإسلامي كقضايا 
الإمارة واختيار الإمام وأهل الشورىء والبنوك وشركات التأمين» 
وتحديد النسل وغيرها من القضايا التي نتجت عن غياب 
حاكمية الشريعة واستبدالها بالقوانين الجاهلية» وبالتالي لا يمكن 


3 في ظلال القرآن ؟/١7١7- 5 بتصرف يسير » وينظر أيضاً‎ )١( 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


تطبيق قواعد النظام الإسلامي وأحكامه على مجتمعات السيادة 
فيها لقوانين الجاهلية. 

ويرى أنه لا بد من إيجاد المجتمع المسلم أولاً بتركيبه 
العضوي الطبيعيء ليكون وسطاً صالحاً لتطبيق الفقه 
الإسلامي» وساعتها قد يحتاج ذلك المجتمع الإسلامي - إلى 
البنوك وشركات التأمين وتحديد النسل وغيرها وقد لا يحتاج. 

ومن هنا تظهر محنة هؤلاء الباحثين عندما يتصورون 
أن هذا الواقع الجاهلي هو الأصل الذي يجب على دين الله أن 
يطابق نفسه عليه! ولكن الأمر غير ذلك تماماً» إن دين الله هو 
الأصل الذي يجب على البشرية أن تطابق نفسها عليه؛ وأن 
تحور من واقعها الجاهلي» وتغير حتى تتم هذه المطابقة» وهذا 
التحور يكون بتحقيق ألوهية الله في الأرضء وتحرير الناس من 
العبودية للطاغوت» بتحكم شريعة الله وحدها في حياتهم... 

وقد آن للإسلام أن يستعلي في نفوس دعاته؛ فلا 
يجعلوه مجرد خادم للأوضاع الجاهلية» والمجتمعات الجاهلية؛ 
والحاجات الجاهلية» وأن يقولوا للناس - وللذين يستفتونهم بوجه 
خاص - تعالوا أنتم أولاً إلى الإسلام؛ وأعلنوا خضوعكم سلفاً 
لأحكامه» أو بعبارة أخرى تعالوا أنتم أولآً فادخلوا في دين الله؛ 
وأعلنوا عبوديتكم لله وحده؛ وأشهدوا أن لا إله إلا الله بمدلولها 


06. 


111 استرص قطي ومنعجه في العهيدة جم 





الذي لا يقوم الإيمان والإسلام إلا به وهو إفراد الله بألوهيته في 
الأرض كإفراده بالألوهية في السماء» وتقرير ربوبيته - أي 
حاكميته وسلطانه - وحده في حياة الناس بجملتهاء وتنحية 
ربوبية العباد للعباد» بتنحية حاكمية العباد للعباد» وتشريع العباد 
للعباد» وحين يستجيب الناس - أو الجماعة منهم - لهذا القول» 
فإن المجتمع المسلم يكون قد بدأ أولى خطواته في الوجودء وهذا 
المجتمع يكون حينئذ هو الوسط الواقعي الحي الذي ينشأ فيه 


الفقه الإسلامي الحي وينموء لمواجهة حاجات ذلك المجتمع 
المستسلم لشريعة الله فعلا. 

' وهذا لايعني - بحال - أن الأحكام الشرعية 
المنصوص عليها في الكتاب والسنة ليست قائمة الآن فعلاً من 


الوجهة الشرعية» ولكنه يعنى فقط أن المجتمع الذي شرعت هذه 





الأحكام له؛ والذي لا تطبق هذه الأحكام إلا فيه - بل الذي لا 


3 


تعيش هذه الأحكام إلاابه - ليس قائماً الآن فعلاء ومن 
وفلف يفناج ذلك 





وادراك هذا الأمر بهذه الطريقة هو نقطة البدء في 
العمل الحقيقي البنّاء لإعادة هذا الدين إلى الوجود الفعلي» بعد 


هذا الوجود الحقيقى للا 
البشر محل شريعة الله فى خلال القرنين الأخيرين» وخلا وجه 





ال٠‎ 


اتتحاقطي ومنعجه في العفيدة 6و2 





الأرض من الوجود الحقيقي للإسلام وإن بقيت المآذن 
والمساجد» والأدعية والشعائر» تخدر مشاعر الباقين على الولاء 
العاطفي الغامض لهذا الدين» وتوهمهم أنه لا يزال بخير» وهو 
يمحى من الوجود محواً "('). 

والملاحظ في هذه النصوص التي نقلتها على طولها: 
أن سيداً - رحمه الله - يبيّن وضع المجتمع المسلم الأول الذي 
نشأ على عهد رسول الله ي» والذي كانت الدينونة فيه لله وحده 
في جميع شؤون الحياة»؛ وفي ظل مزاولة المجتمع للحياة الفعلية 
في ظل الدينونة لله وحده نمى الفقه الإسلامي واستنبط الفقهاء 
الأحكام لما استجد في حياتهم الواقعية من خلال حركتهم بهذا 
الدين. 

ويقارن بين ذلك المجتمع وبين المجتمعات الإسلامية 
اليوم في هذا الأمر! ويخلص من خلال استقراء وضع الأنظمة 
والمجتمعات القائمة اليوم إلى أنه لا يوجد فيها دولة مسلمة ولا 
مجتمع مسلم قرر أن تكون دينونته لله وحده في كل شئون 
حياته وأن تكون قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه 


الإسلامي» ويرفض فعلاً أي تشريع لا يجيء من شريعة الله 


. بتصرف‎ ٠١١7-56٠0 5 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ذف‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





سبحانه» بسبب علمانية هذه المجتمعات وقيام الأنظمة التي 
تحكمها على إقصاء شريعة الله كلياً أو جزئياً وكلاهما سواءغ. 

وإذائ فمحاولة تنمية الفقه الإسلامي وتطويره في ظل 
مجتمعات لا تعترف ابتداءً بأن هذا الفقه هو شريعتها الوحيدة؛ 
يتنافى مع واقعية هذا الدين» فكثير من الاختلالات في الواقع 
سببها غياب الحكم الإسلامي واستبداله بقوانين الجاهلية. 
وبالتالي لا يمكن تطبيق قواعد النظام الإسلامي وأحكامه على 
مجتمعات السيادة فيها لقوانين الجاهلية. 

ومن هنا يرى سيد - رحمه الله - أن الواجب على 
الدعاة أن يستعلوا بالإسلام» وأن يجهروا للناس بحقيقة الأوضاع 
القائمة اليوم وبعدها عن شرع الله وأن يدعوا المجتمعات إلى 
العودة إلى الدين وتحكيم شريعة الله وحدها في الحياة» فهذا هو 
بداية الطريق للعمل الجاد للدين. 

ويقرر أن هذا الكلام لا يعني أن الأحكام الشرعية 
المنصوص عليها في الكتاب والسنة ليست قائمة الآن فعلآ من 
الوجهة الشرعية» ولكن يعني فقط أن المجتمع الذي شرعت هذه 
الأحكام له والذي لا تعيش هذه الأحكام إلا به - ليس قائماً 
الآن فعلآء بسبب إقصاء حاكمية الشريعة خلال القرئيين 
الماضيين من الوجود في المجتمعات الإسلامية أو أغلبها. 


لل 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





* وكلامه هنا_عن عدم وجود الدولة المسلمة اليوم هو 
نفس كلامه في" المعالم " عن عدم وجود الأمة المسلمة اليوم 
حيث يقول في مقدمة المعالم: ' والأمة المسلمة جماعة من 
البشر تنبثئق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم 
وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي» وهذه الأمة بهذه 
المواصفات قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من 
فوق ظهر الأرض جميعاً " (0). 

فانقطاع وجود الأمة المسلمة عند سيد - من خلال 
كلامه في مواضع متفرقة- يعني: سيادة التشريعات العلمانية " 
اللادينية " على كافة مرافق البلاد الإسلامية» كلياً أو جزئياً 
بحيث يمكن القطع بأنه لا يوجد مجتمع الدينونة فيه لشريعة الله 
وحدها فقط في كل جوانب الحياة» بحيث تنبثق حياة المجتمع 
تصوراته وأوضاعه وأنظمته وقيمه وموازينه من المنهج 


الإشلامي وحده. 


. 7 معالم في الطريق . سيد قطب ص‎ )١( 
راف‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





والقول بعدم وجود الأمة المسلمة بهذا المفهوم لا يعني 
أن أفراد الأمة المسلمة كفار كما فهم البعض من خلال كلام 
سيد السابق 0 
الدولة ومؤسساتها الدستورية من تشريعية وتنفيذية وقضائية» ولا 
يتعلق هذا الحكم بالأفراد ٠‏ 

ويوضح سيد نفسه هذا الأمر عندما سئل عن معنى 
قوله بانقطاع وجود الأمة المسلمة منذ مدة فقال: " لا بد من 
تفسير مدلول كلمة " الأمة المسلمة " التي أعنيهاء فالأمة 
المسلمة هي التي تحكم في كل جوانب حياتهاء الفردية والعامة» 
والسياسية والاجتماعية» والاقتصادية بشريعة الله ومنهجه؛ وهي 
بهذا الوصف غير قائمة الآن» وان كان هذا لا يمنع من وجود 
الأفراد المسلمين» لأنه فيما يختص بالفرد الاحتكام يكون إلى 
عقيدته وخلقه» وفيما يختص بالأمة» الاحتكام إلى نظام حياتها 


كلها " (). 


)١(‏ انظر : مجلة الشهاب اللبنانية العدد "١‏ . صفر عام 557١ه‏ . مقال كتبه: 
عبد الله أبو عزة » نقلآً عن : أضواء على معالم في الطريق للمستشار سالم 
البهنساوي ص .١5‏ 

(؟) جاء ذلك في محاضر تحقيقات نيابة أمن الدولة» القضية 7١/1155١م‏ ءانظر 


: الموتى يتكلمون » لسامي جوهر » ص ١7١7”‏ وكذلك: أضواء على معالم في 
:الا 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





فمن أعلن الإسلام باللسان» ولم يظهر ما يوجب كفره؛ 
لا نستطيع الحكم عليه بالكفرء يقول سيد: ' فالله أمر المسلمين 
إذا خرجوا غزاة ألا يبدأوا بقتال أحد أو قتله حتى يتبينواء وأن 
يكتفوا بظاهر الإسلام في كلمة اللسان» إذ لا دليل هنا يناقض 
كلنة لقب 11/7 
ه١-‏ النص الخامس عشر: 

في فصل " لا إله إلا الله منهج حياة " من كتابه 'معالم 
في الطريق'» يقرر سيد - رحمه الله - أن العبودية لله وحده هي 
شطر الركن الأول في العقيدة الإسلامية المتمثل في شهادة: أن 
لا إله إلا الله؛ وأن التلقي عن رسول الله يل في كيفية هذه 
العبودية» هو شطرها الثاني» المتمثل في شهادة أن محمداً 
رسول الله. 

وأن "المسلم "هو الذي يتمثل هذه القاعدة بشطريها 
ويقوم بمقتضياتها المتمثلة ببقية أركان الإيمان وأركان الإسلام. 

وأن "المجتمع المسلم "هو الذي تتمثل فيه تلك القاعدة 
ومقتضياتها جميعاً» وبغير ذلك لا يكون مسلما. 


الطريق ٠‏ للمستشار سالم البهنساوي » ص 75١‏ » 76 » ومعالم في الطريق ص 
0 
)١(‏ في ظلال القرآن ١؟//االا ٠‏ 
ك0 








2 17 117 117 17 


ثم يخلص إلى أن ما سوى المجتمع المسلم بهذا 


المفهوم فهو جاهليء ويحدد المجتمع الذي يلحقه وصف 
الجاهلية فيقول: " إن المجتمع الجاهلي هو: كل مجتمع غير 
0 أرفقا التحدية الفوسهوعي: فلنا؛ زه كل 
مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في 
التصور الاعتقفادي» وفي الشعائر التعبدية» وفي الشرائع 
القانونية» وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار " المج 








الجاهلي " جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً!!. 
* تدخل فيه المجتمعات الشيوعية: 
أولاً: بإلحادها في الله - سبحانه - وبإنكار وجوده 
أصلاً ورجع الفاعلية في هذا الوجود إلى " المادة " أو 
ثانيا: بإقامة نظام العبودية فيه للحزب.. لا لله 
سبحانه» وما ترتب على ذلك التصور والنظام من إهدار 
* وتدخل فيه المجتمعات الوثنية» وهي ما تزال قائمة 
في الهند واليابان والفلبين وأفريقية: 
أولاً: بتصورها الاعتقادي القائم على تأليه غير الله - 


معه أو من دونه 0 





5لا 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


وثانياً: بتقديم الشعائر التعبدية لشتى الآلهة والمعبودات 
التي تعتقد بألوهيتها. 
وثالثاً: بإقامة أنظمة وشرائع المرجع فيها لغير الله 
وشريعته» سواء استمدت هذه الأنظمة والشرائع من المعابد 
والكهنة والسدنة والسحرة والشيوخ» أو استمدت من هيئات 
'مدنية علمانية " تملك سلطة التشريع.. ولها الحاكمية العليا 
باسم الشعب أو باسم الحزب أو باسم كائن من كان.. 
* وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية ذ 
أرجاء الأرض جميعاً: 
أولاً: بتصورها الاعتقاد المحرّفء الذي لا يفرد الله 
- سبحانه - بالألوهية» بل يجعل له شركاء في صورة من 
صور الشركء سواء بالبنوة أو بالتثليث» أو بتصوير الله 
سبحانه على غير حقيقته» وتصور علاقة خلقه به على 
غير حقيقتهاء كقولهم "عزيرابن الله " و " المسيح ابن الله " 
و" انر خالك تاكقة 7 "نف ]ال مكار لك "و تحن أنخاء ائلذ 
وأحباؤه " (0). 
ثانيا: بشعائرها التعبدية» ومراسمها وطقوسها المنبثقة 
من التصورات الاعتقادية المنحرفة الضالة. 


. من سورة المائدة‎ ١8 ٠ 55 » ينظر الآيات : " من سورة التوبة و ”/ا‎ )١( 
70010 





111 استرص قطي ومنعجه في العهيدة جم 





ثالثا: بأنظمتها وشرائعهاء وهي كلها لا تقوم على 
العبودية لله وحده بالإقرار له وحده بحق الحاكمية» بل تقيم 
هيئات من البشر لها حق الحاكمية العليا.. وقد وصمهم الله 
قديماً بالشرك لأنهم جعلوا هذا الحق للأحبار والرهبان 
وقبلوا ما بشرعونه 10 
فأولى أن يوصموا اليوم بالشرك والكفر»ء وقد جعلوا ذلك 
لناس منهم ليسوا أحباراً ولا رهباناً.. وكلهم سواء. 
* وأخيراً يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك 
وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد 
ألوهية أحد غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله 
أيضاً» ولكنها تدخل في هذا الإطار: 
- لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتهاء 
فهي - وان لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله - _تعطي أخص 
خصائص الألوهية لغير_الله» فتدين بحاكمية غير الله» فتتلقى 
من هذه الحاكمية نظامها وشرائعهاء وقيمها وموازينهاء وعاداتها 
وتقاليدهاء وكل مقومات حياتها تقريباً» والله يقوله عن الحاكمين: 


)١(‏ ينظر : الآية "١‏ من سورة التوبة 
للا 





سيصاقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





عه 


ا 2 سا مسلا 000 0 21 
[وَمَن لَمَ يحتكم يمآ أنرْلَ أَلَهُ كأؤلتيك هم الكهرونَ (0)) [سورة 


المائدة: ؛ ؛]. 

عن المحكومين: أل تَرَ إِكَ اليح يَرْعْمُونَ أَتَّهُمّ ءَامَنُوا 
يمَآأرل 1 وما اول من قَبَلِكَ برِيِدُونَ أن يسَحَاكُموَا إل الطلعوت وَقَدَ 
روأ أن يَكَمُرُواْ يو )الى أن يقول: ١‏ فلا وَرَيَكَ لا ونوكت حَقٍّ 
يكوك هِمَا صَكرَ يَيَتَهْرَْ َم لا يجذواف أتطييهم حرجا ًا 
فَصََيْتَ وَمُسَلْموا ليما '(0)) [سورة النساء: .]15-7٠‏ كما أنه - 
سبحانه - قد وصف اليهود والنصارى من قبل بالشرك والكفر 
والحيدة عن عبادة الله وحدهء واتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من 
دونه» لمجرد أن جعلوا للأحبار والرهبان ما يجعله الذين يقولون 
عن أنفسهم أنهم " مسلمون " لناس منهم!» وأعتبر الله سبحانه 
ذلك من اليهود والنصارى شركاً كاتخاذهم عيسى ابن مريم ربا 
يؤلهونه ويعبدونه سواءء فهذه كتلك - خروج من العبودية لله 
وحدهء فهي خروج من دين الله» ومن شهادة أن لا إله إلا الله. 

وهذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة " علمانيته " 
وعدم علاقته بالدين أصلآء وبعضها يعلن أنه " يحترم الدين " 
ولكنه يخرج الدين من نظامه الاجتماعي أصلآًء ويقول أنه 
ينكر" الغيبية " ويقيم نظامه على " العلمية " باعتبار أن" 


07281 


711717 729777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





العلمية" تناقض" الغيبية"! وهو زعم جاهل لا يقول به إلا 
الخناك 0 

وبعضها يجعل الحاكمية الفعلية لغير الله ويشرع ما 
يشاء ثم يقول عما يشرعه من عند نفسه: هذه شريعة الله!.. 
وكلها سواء في أنها لا تقوم على العبودية لله وحده» فإذا تعين 
هذاء فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها 
يتحدد في عبارة واحدة: " أنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه 
المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره " والسبب أن الإسلام لا 
ينظر إلى العنوانات واللافتات والشارات التي تحملها هذه 
المجتمعات على اختلافهاء إنها كلها تلتقي في حقيقة واحدة 
هي: ' أن الحياة فيها لا تقوم على العبودية الكاملة لله وحده؛ 
وهي من ثم تلتقي - مع سائر المجتمعات الأخرى- في صفة 
اكد تصلفة "ااهل 001 

هذا النص - الذي نقلته على طوله - يعالج فيه سيد 
- رحمه الله - فكرة أساسية وهي: متى يكون المجتمع مسلماً؟ 


» يراجع ما جاء في تفسير قوله تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو‎ )١( 
وما بعدها‎ ١١١7 /” في ظلال القرآن‎ 
بتصرف‎ ٠١-45 معالم في الطريق . فصل " لا إله إلا الله منهج حياة " ص‎ )١( 


ال٠‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





حيث يقرر: أن المجتمع يكون مسلماً إذا كانت العبودية فيه 
خالصة لله وحده» في الجانب الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية؛ 
وفي الشرائع القانونية على حدٍ سواء. وما لم يكن كذلك من 
المجتمعات فهو مجتمع غير مسلم أو " جاهلي ' والنتيجة التي 
أوضحها أنه يدخل في إطار المجتمع الجاهلي: 
١‏ - المجتمعات الشيوعية. 
؟ - المجتمعات الوثنية. 
- المجتمعات اليهودية والنصرانية المعاصرة. 
5 - المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة. 
وهذه العبارة الأخيرة تمسك بها أناس وبنو عليها القول بأن سيد قطب 
يكفن السحتسعاكه» السسنلفة وهام الناين توق شبوابط 207 
*والذي يقرأ النص كاملاً يجد: 
أولً.أن سيداً - رحمه الله - ينطلق من فكرة أساسية 
عنده؛ في اعتبار هذه المجتمعات جاهلية وهي: " أن الجاهلية 
ليست إسماً لمرحلة تاريخية سابقة للإسلام وكفى؛ بل إنها 
تنطبق انطباقا حرفياً على كل وضع - بصرف النظر عن 
اعتبارات الزمان والمكان - إذا كان هذا الوضع مشابهاً لتلك 


)١(‏ ينظر : أضواء على عقيدة سيد قطب وفكره » د / ربيع المدخلي ص 75 » وما 
بعدها . 


اكلا 








اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 


المرحلة التاريخية السابقة للإسلام؛ فكل وضع يتصرف في 
شؤون الناس بغير شريعة من الله هو جاهلية» ولا عبرة بعد ذلك 
باختلاف الأشكال التي يتمثل فيها هذا التصرف " .)١(‏ 

فهو يرى أن "الجاهلية " كما يصفها الله ويحددها قرآنه 
هي: حكم البشر للبشرء لأنها عبودية البشر للبشر» والخروج 
عن عبودية الله» ورفض ألوهية الله» والاعتراف في مقابل هذا 
الرفض بألوهية بعض البشرء وبالعبودية لهم من دون الله؛ 
وبالتالي ليست فترة من الزمان» ولكنها وضع من الأوضاع؛ هذا 
الوضع يوجد بالأمسء» ويوجد اليوم» ويوجد غداً» فيأخذ صفة 
الجاهلية» المقابلة للإسلام. 

والناس - في أي زمان وفي أي مكان - إما أن 
يحكمون بشريعة الله - دون فتنة عن بعض منها -ويقبلونها 
ويسلمون بها تسليماً» فهم إذن في دين الله؛ واما أن يحكمون 
بشريعة من صنع البشر - في أي صورة من الصور- ويقبلونها 
فهم إذن في جاهلية» وهم في دين من يُحكّمون بشريعته وليسوا 
بحال في دين الله» والذي لا يبتغي حكم الله يبتغي حكم 


)١(‏ في ظلال القرآن ”7/ 17١14‏ و77550اء2 
7 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الجاهلية» والذي يرفض شريعة الله يقبل شريعة الجاهلية ويعيش 
في الجاهلية» وهذا هو مفرق الطريق " .)١(‏ 

فالجاهلية إذن عند سيد مرتبطة ارتباطاً مباشراً 
بالحاكمية» فإذا كانت الحاكمية في مجتمع ما ليست لله؛ فهذا 
المجتمع في جاهلية. 

ثانيا: أن وصف سيد للمجتمعات بالجاهلية هو وصف 
قاصر على المجتمع ومناهجه وقوانينه كشخصية معنوية 
مستقلة عن شخصيات أفراده» ويتضح ذلك من خلال كلامه 
عن الجاهلية في مواضع مختلفة» حيث نجده أنه يفرق بين 
المجتمع كشخص اعتباري أو معنوي» يتمثل في المؤسسات 
الحستوريةء وبين الأفراد الذين يعيشون فيه 

فالمجتمع والأمة يحكم لها بالإسلام إذا كان نظام 
حياتها في جميع جوانبها إسلامياً» أي قائماً على شريعة الله 
وحده؛ فإذا لم يكن المجتمع والأمة كذلك فلا تسمى إسلامية 
لعدم توفر مقومات هذا الوصف وتوصف بالجاهلية. 

لكن هذا لا يمنع من وجود الأفراد والمسلمين» لأنه 
فيما يخص الفرد يكون الاحتكام إلى عقيدته وخلقه؛ وفيما 
يخص الأمة والمجتمع يكون الاحتكام إلى نظام حياتها. 


.505 في ظلال القرآن‎ )١( 
على"‎ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وبالتالي فوصف المجتمع بالجاهلية أو الكفر لا يلحق 
كل الأفراد» إذا كانوا متمسكين بالإسلام كما أن وصف المجتمع 
بالإسلام لا يعني أن كل فرد فيه يكون مسلماً» فالمجتمعات 
والدول والأنظمة غير الأفراد فيمكن أن يكون المجتمع أي 
النظام والدولة كافراً وأكثر مواطنيها مسلمون» والعكس قد يكون 
المجتمع أي النظام والدولة مسلمة وفيها غير مسلمين» وهذا ما 
عناه سيد من كلامه عن عدم وجود الآمة المسلمة أو المجتمع 
المسلم اليوم ('2؛ فالذي يحدد الصفة العقائدية لمجتمع ما هو 
العلاقات التي تنظم شؤون الأفرادء لا مجموع صفة الأفراد ('). 
ثالثاً: إذا تقرر ما سبق نستطيع أن نفهم كلام سيد عن 
جاهلية المجتمعات هو جاهليتها في نظمها وأخلاقها وسائر 
شؤون حياتهاء فوصفها بالجاهلية مرتبط بحاكمية العباد للعباد» 
ورقحن شاكميتة الله" المطلفة للعجاد» وهةا الرفكن لحاكمية الله 
المطلقة للعباد وهو كفر صريحء وقد وضح سيد حيثيات هذا 
بقوله: " وهذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة علمانيته " أي 


"لادينيته " وعدم علاقته بالدين أصلاء وبعضها يعلن أنه يحترم 


١١7 الموتى يتكلمون » لسامي جوهر » ص‎ )١( 
/ في ظلال القرآن في الميزان » د/ صلاح الخالدي . نقلآ عن مقال للشيخ‎ )١( 
.ه١191 فيصل مولوي » في مجلة الشهاب » العدد ” سنة‎ 
07: 








711717 729777 اسوعاقط ومنمجة في العقيدة /جم 






الدين ولكنه يخرج الدين من نظامه الاجتماعي أصلاً.. وبعضها 
يجعل الحاكمية الفعلية لغير الله؛ ويشرع ما يشاء ثم يقول عما 
يشرعه هذه شريعة الله؛ وكلها سواء في أنها لا تقوم على 
العبودية لله وحده؛ وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه 
المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض 
الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره؛ 
لأن الإسلام لا ينظر إلى العنوانات واللافتات والشارات التي 
تحملها.. لأنها كلها تلتفي في حقيقة واحدة هي أن الحياة فيها لا 
تقوم على العبودية الكاملة لله وحدهء فهي جميعاً تشترك في 
ضفة :" الجاهلية " 217 
فحكمه على المجتمعات الإسلامية اليوم بالجاهلية 

ليس بناءً على صفة أفرادهاء وإنما على الأنظمة والمناهج 
والتشريعات والمبادئ والأعراف الموجودة اليوم وأغلبها قائمة 
على غير شريعة الله فهي إذن جاهلية. ولا بد من التفريق بين 
كلاثة أمون في كلام سيد: 

)١‏ النظام الذي يحكم المجتمع. 

؟) المجتمع والأفراد بصفتهم الجماعية. 

*) الأفراد بصفتهم الفردية. وبيان ذلك كما يلي: 


(0)امخالة. في الظويق تن 1 + 
7*5 





لالالالنانا 


27-7 اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الأمر الأول: النظام الذي يحكم المجتمع والأمة» وهو 
مجموعة القوانين والتشريعات والمبادئ والنظم التي تصرف 
شؤون الناسء والنظم القائمة اليوم في المجتمعات نظم جاهلية 
قائمة على غير شريعة الله كما يقول سيد: لأن " بعضها يعلن 
صراحة علمانيته وعدم علاقته بالدين أصلاً وبعضها يقصر 
الدين على بعض جوانب الحياة فقط» وبعضها يجعل الحاكمية 
الفعلية لغير الله ويعطي حق التشريع المطلق لغير الله سبحانه 
أفراداً أو هيئات. 

الأمر الثاني: المجتمع والأفراد ( بصفتهما الجماعية 
لا الفردية ) ممن يعيشون في ظل الأنظمة وهؤلاء يحكم عليهم 
بالجاهلية والكفر إذا كانوا راضيين بحكم غير الله ويقبلون 





وهنا التبرايظ في تكتدر ,المحقيع يخزيفتة لداعي 
وأضنحة فى كام سيد البانارق وعيره نكيت بول في النضن 
السابق: " والناس في أي زمان وفي أي مكان - إما أن 
يحكمون بشريعة الله - ويقبلونها ويسلمون بها تسليماً» فهم إذن 
في دين الله» واما أن يحكمون بشريعة من صنع البشر - في 
أي صورة من الصور - ويقبلونهاء فهم إذن في جاهلية» وهم 
في دين من يحكمون بشريعته» وليسوا بحالٍ في دين الله والذي 


ككال/ا 





يقبل شريعة الجاهلية ويعيش في الجاهلية وهذا هو مفرق 
الطريق" .)١(‏ 

ويقول أيضاً: مبيناً أن شرط تكفير المجتمع هو رضاه 
بحكم غير الله وإرادته التحاكم إلى الطاغوت في ظلال قوله 


تعالى: ( أل تَرَإِكَ لا مون 1 إِليَكَوَمَا أنز 
من قَبَلِكَ يدون أن يَتَحَاكَمُوا إل لسوت وقد ادر روأ أن يكفروا يده 
وَضُرِيدُ ألسَّمِطنُّ أن يضِلَهَُ صَكلَ بَعِيدَا (5)) [سورة النساء: :]1١‏ ' 

ألم تر هذا العجب ال قوم يزعمون الإيمان» ثم يهدمون 
هذا الزعم في آن؟!» قوم يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك.. ثم 
لا يتحاكمون إلى ما أنزل إليك..؟ إنما يريدون أن يتحاكموا إلى 
شيء آخرء والى منهج_آخر_والى _حكم _آخرء يريدون أن 
يتحاكموا إلى الطاغوت الذي لا يستمد مما أنزل إليك وما أنزل 
من قبلك... وهم_لا يفعلون هذا عن_جهل ولا عن ظنء إنما 
يعلمون يقيناً ويعرفون تماماً أن هذا الطاغوت محرم التحاكم 


. 0 في ظلال القرآن‎ )١( 
7” 





7171717 79777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





إليه» ' وقد أمروا أن يكفروا به " فليس في الأمر جهالة ولا ظن» 
بل هو العمد والقصد.. " .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " وحين تنظر إلى وجه الأرض اليوم؛ 
فإننا نرى الجاهلية والشرك - ولا شيء غير الجاهلية والشرك - 
إلا من عصم اللهء فأنكر على الأرباب الأرضية ما تدعيه من 
خصائص الألوهية ولم يقبل منها شرعاً ولا حكماً.. إلا في 
حدود الإكراه' (0). 

فسيد يشترط لإطلاق حكم الكفر على المجتمع إرادة 
التحاكم إلى الطاغوتء والرضى بغير حكم الله وهذا هو ما 
اتفق عليه علماء المسلمين في جميع الأمصار والأعصار (). 

الأمر الثالث: الأفراد بصفتهم الفردية؛ وهؤلاء يكون 
الحكم عليهم -كما يقول سيد -من خلال عقيدة كل فرد وخلقه: 
فمن أعلن الإسلام باللسان» ولم يظهر ما يوجب كفره لا 


)١(‏ في ظلال القرآن 1154/7 بتصرف يسير .. وينظر أيضاً 845/7 » مقومات 
التصور الإسلامي ص 2159 .١18٠‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن » .١١9///9‏ 
(") مقومات التصور الإسلامي » ص ١١‏ من مقدمة محمد قطب للكتاب . 
71 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





نستطيع أن نحكم عليه بالكفر إذا لم يكن هناك دليل يناقض 
قول اللسان .)١(‏ 

* فهذه التفرقة بين الأمور الثلاثة واجبة لفهم فكر 
الرجل ومنهجه في التكفير على حدٍ سواء. 

وبسبب عدم التفرقة بينها وقع من وقع في الخلط بين 
الحكم على الأفراد المعينين بالكفر وبين الحكم على النظام 
الذي يحكم بغير شريعة الله والمجتمع الذي يتقبل ويرضى غير 
شرع الله فادعى أن سيد يكفر المجتمعات المسلمة وأعيان 


الناس بدون ضوابط ("). 


الفرع الثاني: حقيقة نسبة تكفير المسلمين إلى سيد قطب 
ينطلق القائلون بأن سيد قطب يكفر المسلمين عموماً 
بدون ضوابط من منطلقات هي: 


)١(‏ ينظر كلام سيد في : في ظلال القرآن ”/ 7 » والموتى يتكلمون لسامي 
جوهر » ص 2٠١7”‏ نقلاً عن محاضر التحقيق 
)١(‏ ينظر في الموضوع أيضاً : مجلة المنار الجديد العدد؟١‏ ذو الحجة 5475١هاء‏ 
مقال بعنوان هوية الفرد وهوية المجتمع » نظرات في فكر سيد قطب , للدكتور 
طارق عبد الحليم ص ١١”‏ . 
)22 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





أولاً: النصوص التي يصف فيها سيد 
المجتمعات الإسلامية بالجاهلية والردة» أو ينفي عنها 
صفة الإسلام. 

ثانيا:_أقوال تنسب فكرة التكفير إلى كتابات سيد 
سواءً أقوال جماعات التكفير التي اتخذت من بعض 
الأأفاظ والنتصوص عند سيد متكثاً لهاء أو بعض 
الشخصيات التي نسبت التكفير إلى كتابات سيد. 


ويمكن بيان حقيقة الأمرين فيما يلي: 
أولاً:_أما النتصوص التي يستند إليها القائلون بأن 
سيد قطب يكفر المسلمين بدون ضوابطء فقد تبين لنا من 
خاولع هراضن القصموصر :النايكة موده كسيد ةن 
نصاًء والوقفات التي تلت كل نص ما يأتي: 
-١‏ أن كلام سيد كان منصباً في أغلبها على وصف 
واقع المسلمين الأليم المتمثل في الجهل بحقيقة " لا إله إلا الله " 
وهي حقيقة يجدها كل من قرأ بتجرد» ويؤكد هذه الحقيقة أيضاً 
كل من عرفه وعاصره ومنهم أخوه محمد قطب حيث يقول: " 
إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين» هو بيان 
المعنى الحقيقي ل ' لا إله إلا الله " شعوراً منه بأن كثيراً من 
الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته؛ وبيان المواصفات 


كلا 


اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة» شعورا منه بأن 
كثيرا شن :هذه المواضفاك قد أهمل أو غفك. عنه الثائن» ولكنةه 
مع ذلك حرص حرصاً شديداً على أن يبين أن كلامه هذا ليس 
مقصوداً به إصدار أحكام على الناسء وإنما المقصود به 
تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة» ليتبينوا لأنفسهم: إن 
كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي» أم أنهم بعيدون عن 
هذا الطريق» فينبغي عليهم أن يعودوا إليه. 

ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: " نحن دعاة 
ولسنا قضاة " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس» 
ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله» لآن الناس لا 
يعرفون مقتضاها الحقيقي» وهو التحاكم إلى شريعة الله. 

كما سمعته أكثر من مرة يقول: " إن الحكم على 
الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس 
في أيديناء ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس» 
فشيلا عن كوننا دغؤة لسكا ؤولة» ذهرة مهمتها 'ديان الحقائق 
للناس؛ لا إصدار الأحكام عليهم " .)١(‏ 


)١(‏ رسالة من محمد قطب إلى صهره كمال السنانيري حول فكر الشهيد » نشرت في 
اذل المجشع :الكريفية نكن قوم م اه وهم الريانة ف كنات ” 
7 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وذكرت زينب الغزالي أيضاً بعد حوارٍ لها مع سيد 
استغرابه من فهم البعض لكلامه على أنه تكفير للأفراد 
بأعيانهم» وأن هذا فهم خاطئ سيوضحه في الجزءٍ الثاني من 
المعالم (')؛ وأن كلامه كان لبيان حقيقة أن المجتمعات ابتعدت 
عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه الصفة (2). 

وقد جاء في محاضر التحقيق عن سيد قوله: " وقد 
قلت له (5)- إننا لم نكفر الناس» وهذا نقل مشوه؛ إنما نحن 
نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة وعدم تصور 
مدلولها الصحيح والبعد عن الحياة الإسلامية» إلى حالٍ تشبه 
حال المجتمعات الجاهلية» وإنه هرم حل هذا لا تكو نقطة 
البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي» ولكن 


الحكم وقضية تكفير المسلم » لسالم البهنساوي » ص .١1725‏ وقد ذكر لي هذا 

)١(‏ أعدمت أصول هذا الكتاب قبل نشره » انظر سيد قطب ( من أعلام المسلمين) 
» د/ صلاح الخالدي » ص ؟؟”؟ 

)١(‏ من حوار مع زينب الغزالي » في مجلة المجتمع الكويتية » العدد 555 لعام 
»؛ ص 3١‏ ء وينظر في ظلال القرآن في الميزان » د/صلاح الخالدي ص 
/ 51 

(") أي عبدالرؤوف أبو الوفاء مندوب الإخوان إليه بعد البلبلة التي حصلت في 

أوساط الأخوان حول فكر سيد. 


070 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





تكون: إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية» فالمسألة 
تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على 
القاكب:10): 

؟- في بعض النصوص: كان الحديث عن تكفير من 
فعل بعض الأعمال الكفرية على سبيل العموم استناداً إلى 
النص القرآني الذي يتحدث عن الموضوعء؛ كما في حديث سيد 
عن تكفير مستحل الربا وكذا الحاكم بغير ما أنزل الله؛ 
والمحكوم بغير ما أنزل الله إذا كان مريداً راضياً بذلك رافضاً 
لحكم الله» حيث يجد القارئ في كلام سيد ضوابط عند إطلاقه 
لفظ الكفن والشرك قي مراةةة كما سيف 17). 

"- بالنسبة لتكفير أعيان الناس وأفرادهم في المج 
المسلم» فالظاهر من النصوص السابقة أن سيداً - رحمه الله- 
قيد ذلك بأمور منها: 

أ - بلوغ الحجة للمعين وفهمها:_حيث يقول: " فكل 
من بلغه هذا القران من الناسء بلغة يفهمها ويحصل منها 





. 3172 575 لماذا أعدموني ص‎ )١( 


٠ ينظر النصوص السابقة‎ )١( 
00 








7171717 7977777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 









محتواه» فقد قامت عليه الحجة به؛ وبلغه الإنذار» وحق عليه 
العذاب إن كذب بعد البلاغ 00 

ب- إرادة الكفر والرضا به وعدم الإكراه: حيث يقول: " 
وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم - في ضوء التقريرات 
الحاسمة - فإننا نرى الجاهلية والشرك - ولا شيء غير 
الجاهلية والشرك - إلا من عصم الله فأنكر على الأرباب 
الأرضية ما تدعيه من خصائص الألوهية» ولم يقبل منها شرعاً 





ولا حكماً... إلا في حدود الإكراه " ('). 

ويقول أيضاً: " على أنه بالرجوع إلى أصل القضية؛ 
وهي أن الحاكمية وحق تعبيد الناس وتشريع الشرائع لهم؛ء هي 
أولى خصائص الألوهية» التي لا يدعيها لنفسه مؤمن ولا يقره 
عليها مؤمن بالله كذلك» وأن الذي يدعي حق الحاكمية» وحق 
تعبيد الناس لما يشرعه لهم من عند نفسه؛ إنما يدعي حق 
الألوهية» وأن الذي يقره على هذا الادعاء أو يحتكم إلى ما 
يشرعه للناس من عند نفسه - إلا مكرهاًء كارهاًء منكراً باليد أو 
اللسان أو القلب - فإنما يقره على ادعاء صفة الألوهية» وأن 


من يرفض تحكيم شريعة الله في كل شؤون الحياة» إنما يرفض 





.١٠١55 /” في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١١948 /” في ظلال القرآن‎ )١( 


070 





7171717 79777 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 





الاعتراف بألوهية الله سبحانه ولو في جانب من جوانب هذا 
الكون» وهو حياة البشرية - وأنه من يقره على هذا الرفض فإنما 
يشترك معه في رفض ألوهية الله سبحانه في هذا الجانب - وأن 
الذي يرفض ألوهية الله لا يمكن أن يقال عنه إنه مسلم لله - 
مما يزعم ذلك بلسانه - طالما أن هذا الزعم مصحوب بفعل 
يناقض مدلوله» وهو إرادة التحاكم إلى الطاغوت وعدم التحا 
إلى شريعة الله» ومن باب أولى الحكم بالطاغوتء؛ وعدم الحكم 
بما أنزل الله... وأن الحكم بما أنزل الله لا يتحقق إلا بالحكم 
بنص شريعة الله» والرجوع فيما يختلف فيه مما ليس فيه نص 
إلى الله والرسول لا إلا أي مصدر آخر سواه.. ' ('). 

والمتأمل في النص يجد: أن سيداً وضع قيودا وطتوابطل 
للحكم بكفر الشخص منها: 

-١‏ الرضاء والإقرار بالكفر. 

؟- إرادة التحاكم إلى غير الله. 

- رفض حكم الله. 

5 - وقبول حكم غير الله من غير إكراه؛» وأنه يستثنى 
الكاره والمكره؛ والمنكر بيده أو بلسانه أو بقلبه من هذا الحكم؛ 





. ١ملء‎ - ١ مقومات التصور الإسلامي سيد قطب »ع ص 48/ا‎ )١( 
0“ 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وهو ما عليه أهل السنة والجماعة من اعتبار مسألة الرضا 
وانعدام الإكراه سبباً في التكفير لمن فعل مكفراً. 
وقد سبق معنا أن سيد - رحمه الله - يفرق بين تكفير 
المجتمع بصفته الجماعية كنظام ومؤسسات وقوانين وشرائع» 
وبين أفراد هذا المجتمع؛ حيث يرى أن الفرد المسلم يحكم له 
بالإسلام إذا نطق بالشهادتين ولم يعمل ما يناقضهاء والحكم 
على الفرد بناءً على عقيدته وعمله .)١(‏ 
ثانيا: شهادة بعض الأفراد على سيد بتكفيم 
١‏ 5 
باستقراء ما كُتب حول سيد نجد أن بعضهم ينسب 
إليه تكفير عموم المسلمين وأعيانهم بدون ضوابط» مستدلاً 
بأقوالٍ لأفراد على أنها شهادات على سيد تثبت ما نسب إليه؛ 
وأصحاب هذا الأقوال مشارب شتى: 
١‏ - إما كتاب من التيار العلماني أو الاشتراكي الذي يحمل 
العداء لكل ما هو إسلامي. 
؟- واما جماعات التكفير والهجرة بناء على فهمهم لنصوص 
من كلام سيد قطب. 


كاكلا 








79777771777717 اسوعاقطي ومنمجه في العقيدة /جم 


؟- وإما بعض رموز وأفراد حركة الإخوان المسلمين (20؛ أو 
تغط المنتسية فقي 210 
- وإما بعض المنتمين إلى التيار السلفي (). 
وكلام هؤلاء كلهم في شهاداتهم على سيد بالتكفير ليس 
فيها نص واحد يدل على أن أحداً منهم سمع سيداً - رحمه الله 
- يقول ' إن أفراد المسلمين اليوم كفاراً بالتعيين '"» وانما جميعهم 
ينسبون هذا الأمر إلى سيد بناءً على فهمهم للنصوص التي 
سبق ذكرهاء والتي يطلق فيها سيد وصف الجاهلية على 
المجتمعات الإسلامية أو ينفي صفة الإسلام عنها أو عن 
بعض الأفراد» كما سبق بيانه من خلال استعراض تلك 
النصوص. 


)١(‏ منهم: فريد عبد الخالق »في كتاب " الإخوان المسلمون في ميزان الحق "ص 
5 . ود/ يوسف القرضاوي » في أولويات الحركة الإسلامية ص ١١١‏ 
.ومصطفى مشهور. 

» 7٠١ ومنهم : على عشماوي » في كتابه التاريخ السري للإخوان المسلمين ص‎ )١( 
ل‎ 

(؟) كأبي ععزة وكان من قيادة الإخوان سابقاً » و الدكتور/ربيع المدخلي وغيره » 
ينظر: مجلة الشهاب اللبنانية » عدد 7١‏ بتاريخ /١7‏ 057/ 197١هاء‏ وأضواء 
على عقيدة سيد قطب », ربيع المدخلي ص 5" وما بعدها. 

07 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





وقَهُمْ هؤلاء ليس حجة كافية لإثبات التهمة؛ بل إن 
المتأمل في كلامهم جميعاً يجد أن وراء ذلك: 

- إما العداء الديني كما هو حال العلمانيين ٠‏ 

- أو الخلاف التنظيمي أو الفكري مع سيد كما هو 
حال بعض من تكلم فيه من الإخوان أو السلفيين. 

- أو عدم فهم مقصود كلامه وضوابطه لعدم جمعه 
للتصيوضي. الستفرقة» أو “#غين ذلك يهن الأسسات: 

واذا كان هؤلاء يستندون إلى شهادة بعض الأفراد في 
نسبة التكفير لسيد بناءً على فهمهم لعباراته» فإن هناك أيضاً 
عدداً من العلماء المعاضرين له نفوا هذا التهمة استتاداً إلئ 

" أخوه الشيخ محمد قطب - حيث يقول عن سيد:‎ -١ 
ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: نحن دعاة ولسنا قضاة؛‎ 
إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس» ولكن مهمتنا‎ 
تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله» لأن الناس لا يعرفون مقتضاها‎ 
.' الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله‎ 

كما سمعته أكثر من مرة يقول: " إن الحكم على 
الناس يستلزم وجود قرنية قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس 
في أيديناء لذلك نحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس 


مرف 





فخبلة كيم كززنكا دهؤة ولمتنا ذولة) دهؤة شتا يان الحقائق 
للناس» لا إصدار الأحكام عليهه" .)١(‏ 

؟- الحاجة زينب الغزالي - رحمها الله -: " سئلت هل 
كان فكر سيد هو تكفير المجتمع - أي أفراده - قالت: " هذا 
وهم توهمه بعض تلاميذ سيد» لقد جلست معه عندما سمعت 
بتلك الشائعة» وقلت له: إن منزلتي عند السيدات المسلمات 
تجعلهم يحترمنني احتراماً عظيماً» ولكنهم مستعدون أن ينسفوا 
كل هذا الاحترام» إذا علموا أنني أقول عنهم أو عن أحد من 
أقاربهم: إنهم كفار» واستغرب نفسه هذا القول» وتبين أن هذا فهم 
خاطئ لما كتبه» وبين أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني من 
المعالم. إن سيداً لم يكن يكفر الأفرادء بل كان يرى أن 
المجتمعات ابتعدت عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه 
العلقة 7 


)١(‏ مجلة المجتمع الكويتية » العدد 71١‏ عام 515١ه‏ »ء نقلآً عن كتاب الحكم 
وقضية تكفير المسلم » لسالم البهنساوي ص774. 
)١(‏ مجلة المجتمع الكويتية » العدد 5565: جماد آخر 6ه ء ص "١‏ وكذلك 
فكر سيد قطب , لمحمد أبو صعيليك ص28. 
0 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





*- المرشد العام الثالث للإخوان المسلمين - عمر 
التلمساني -)١(‏ رحمه الله - حيث يقول: ' وتمتاز مؤلفاته - 
أي سيد- بالنقمة على الظلم في كل مظاهره؛ والحرص على 
رفع المعاناة عن كل الطبقات وما أراد الشهيد الأستاذ سيد قطب 
في يوم من الأيام أن يكفر سلما :و ثرة ترداده " للمجتمع 
الجاهلي ' لم يقصد بها تكفير المجتمع» ولكن تشديد النكير 
على الظلمة والطغاة والمستغلين... وهو أسلوب تعرفه اللغة 
العربية» والذين يعرفون الشهيد سيد قطبء ودماثة خلقه» وحجم 
أذقة 4 بوتواطيهه وركة مشاغرة يعرقرك أنه ل يكفن كذ 1 
*- الأستاذ / عبد العليم خفاجي» حيث يقول: " لم 
يستطع فريق من الشباب أن يروا صلة بين طاعة قلوب هذه 
الوحوش الضارية وبين صحة انتسابها إلى الإسلام في إنسانيته 
المشرقة بالنور» فجرت من بعضهم أحكام تصف هؤلاء الظلمة 
من الحكام بالكفرء هم والمشاركين والساكتين عن الحق من 


)١(‏ هو:عمر بن عبد الفتاح التلمساني »ولد في القاهرة سنة ١557١ه‏ »تخرج من 
كلية الحقوق وعمل محامياءعرف بالزهد والتواضع والجرأة في قول الحق ؛ تولى 
منصب المرشد العام للإخوان بعد الهضيبي » توفي سنة 5٠5١ه‏ ء انظر : من 
أعلام الحركة الإسلامية للعقيل عصه-١٠‏ .. 

(؟) ذكريات لا مذكرات ٠‏ عمر التلمساني » دار الطباعة الإسلامية » القاهرة » 
طبعة عام 9/5١م»‏ ص 38١‏ » وسيد قطب للخالدي ص .55٠‏ 

76 





اتتصاقطي ومنعجه في العفيدة /و2 





مجموع هذه الأمة» واخذوا يسيئون فهم ما ورد في كتب الشهيد 
سيد قطب لتدعيم موقفهم» وحملنا الأخ إبراهيم الطناني المرحل 
إلى سجن طرة للعلاج رسائل للأستاذ سيد قطب بتفاصيل تفكير 
وسلوك هؤلاء الأخوة فأرسل منكرا عليهم ذلك قائلا: إنهم قد 
فهموني خطأ» وفي مرة ثانية قال غاضباً: لقد وضعت حملي 
على حمارٍ أعرج ' ('). 

- الدكتور عمر الأشقر(")» حيث يقول: " ولم يتفق 
الإخوان على أن سيداً كان يصرح في لقاءاته وجلساته وأحاديثه 
بتكفير المجتمع؛ ولكن كثيراً من كتاباته قد يُستنتج منها تكفير 
المجتمعات والأفراد» وتلك الاستنتاجات أمر طبيعي لتفاوت 
الأفهام أحياناً» ولتعمق المؤلف في معنى معين للتأكيد على 


)١(‏ حين غابت الشمس .ء لعبد المنعم خفاجي » دار الوفاء » القاهرة عب .ت 
»ص ؛ 55 » وفكر سيد قطب لمحمد أبو صعيليك ص 88 ٠‏ 

(؟) هو :عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقرء من علماء أهل السنة المعاصرين » 
ولد في نابلس بفلسطين سنة ٠15١م‏ » درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة 
النبوية » وحصل على الدكتوراه من الأزهر »له أكثر من ثلاثة عشر مؤلفاً في 
علوم الشريعة » يعمل أستاذاً في الجامعة الأردنية . المصدر : موقع الشيخ 
الأشقر على الانترنت . 

7:١ 








19171 7979971713137131313131313131313193939اااسيدقطي ومنمجه في العهيسة اوم 


فكرة ما... كما أن سيدا نفى هذا الرأي عن ن فسه أثناء 
التخم و10 


)١(‏ مجلة المجتمع الكويتية عدد 65 » جماد آخر7”٠:١‏ -<دءص 55 55» وفكر 
سيد قطب , لمحمد أبو صعيليك ص 3 


7”: 








وفيه تمهيد وأربعة فصول: 


التمهعيد: تعريف التوحيد وأقسامه. 


الربوبيسة. 


الفصل الثاني: منهجه في توحيد 
الأسماء والصفات. 


الفصل الثالث: منهجه في توحيد 


الالوضية. 
الفصل الرابج: نواقض التوحيد 
والإيمان. 


7:7 





799919131313131313131317717-1171سيك هدي ومنمجه في العقيدة /22 


التمهيد: 
وفيه مطلبان: 
المطلب الأول: تعريف التوحيد وأقسامه. 


المطلب الثاني: مفهوم التوحيد. 


2ك 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المطلب الأول: تعريف التوحيد وأقسامه 


الفرع الأول: تعريف التوحيد لغة واصطلاحاً: 
أولا: التوحيد في اللغة: 
مصدر وحّدء يوحّدء توحيداً» ومعناه: 'إما جَعَلَه واحدا» أو 
اعتقده واحداً ". فمادة ( وَحَدَ) في معاجم اللغة تدور حول انفراد 
الشيء بذاته أو صفاته أو أفعاله» وعدم وجود نظير له فيما هو 
واحد فيه. 00 
فالتوحيد لغة له معنيان: 
الأول: _جعل المتعدد واحداًء فمن جمع بين أقطار متفرقة 
يقال له: وحّدها. 
الشاني: اعتقاد الشيء واحداًء وهذا بمعنى النسبة إلى 
الوحدانية» ولا يتحقق إلا بنفي الحكم عما سوى الموحّدء واثباته له. 
ثانياً: التوحيد اصطلاحاً: 
تنوعت عبارات العلماء في تعريفهم للتوحيد والذي عليه أهل 
السنة والجماعة أن التوحيد هو: " إفراد الله بالعبادة مع الجزم بانفراده 


)١(‏ انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس ص 2.40/6 والقاموس المحيط للفيروز 
أبادي ص ؛ »5١‏ والتعريفات للجرجاني دار الريان - القاهرة ص 15 
هىغ2”» 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.. ' .)١(‏ 

فالتوحيد في الاصطلاح يتضمن ثلاثة أمور: توحيد الربوبية 
وبيان أن الله وحده خالق كل شيءء وتوحيد الإلهية وهو استحقاقه 
سبحانه وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له» والكلام في الصفات (). 


الفرع الثاني: أقسام التوحيد وأنواعه عند أهل السنة ومخالفيهم: 
أولاً: أقسام التوحيد عند أهل السنة والجماعة: 
لأهل السنة والجماعة طريقتان في بيان أقسام التوحيد 
وأنواعه: 
الأولى: تقسيم التوحيد إلى قسمين هما: 

١‏ - توحيد المعرفة والإثبات: ويسميه البعض التوحيد" العلمي" 
أو "الاعتقادي الخبري" ويقصد به ما يجب على 
المكلف اعتقاده في حق الله تعالى ذاتآت وأفعالاً 
وصفاتاً» وهو توحيد الله تعالى بأفعاله وصفاته. 

"- توحيد الطلب والقصد والإرادة: ويسميه البعض بالتوحيد " 


)١(‏ انظر: الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم الأصفهاني تحقيق محمد ربيع 
المدخلي» دار الاية» الرياض» ط”؟ عام ١51١5‏ ه 1/١‏ 53323270-739521»؛ ودرء تعارض 
العقل والنقل لابن تيمية 4// 55 ؟. 

.7 5 شرح العقيدة الطحاوية»؛ ص‎ )١( 

يي «” 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


العملي ' ويقصد به: توحيد الله بأفعال العباد ('). 
الثانية: تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع هي: 
-١‏ توحيد الربوبية: وهي انفراد الله بالخلق والتصريف. 
؟- توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات أسماء الله تعالى 
وصفاته على الوجه اللائق به سبحانه. 
"- توحيد الألوهية: وهو إفراد الله بأفعال العباد ('). 
الأول: أنه لا تعارض بين التقسيمين السابقين عند أهل 
السنة فمن جعل التوحيد قسمين فقد جمع الربوبية والأسماء 
والصفات في نوع واحد باعتبار مايجب لله في ذاته» وجعل 
الألوهية نوعاً آخر. ومن جعله ثلاثة أقسام فقد فصل في 
التقسيم. 
الثاني: أن هذا التقسيم نابع من استقراء النتصوص الواردة 
في الكتاب والسنة والتي تحدثت عن كل نوع من أنواع التوحيد. 


)١(‏ ينظر في ذلك: مجموع فتاوى ابن تيمية 2717/١‏ ومدارج السالكين لابن القيم 
»45٠ -545 /“‏ ومعتقد أهل السنة والجماعة» لمحمد بن خليفة التميمي» دار 
الحريري - القاهرة» ١‏ / 1 

(؟) ينظر في ذلك: شرح الطحاوية ص 5 5» وفتح المنان للألوسي ص ١0ه»؛‏ 
وشرح الواسطية لابن عثيمين» دار ابن الجوزي - الرياض - طءة» عام ١575‏ ه 
ص 7١‏ دهم 


/ا 7 








7 17 17 ل سيص قطي ومنمجه في العفيدة و2 


يقول ابن القيم - رحمه الله -: ".. كل سورة في القرآن فهي 
متضمنة للتوحيد» بل نقول قولاً كلياً: إن كل آية في القرآن الكريم 
فهي متضمنة للتوحيد» شاهدة به داعية إليه» فإن القرآن: 
- إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله» فهو التوحيد 
العلمي الخبري - الربوبية والأسماء والصفات -. 
_ واما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له؛ وخلع ما يعبد من 
دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي - الألوهية -. .)١(‏ 
فدليل التقسيم عند أهل السنة هو: الاستقراء» وهو دليل معتبر في 
شتى العلوم والمعارف. 


.55٠ -5 59 //* مدارج السالكين» لابن القيم‎ )١( 
7 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


الثالث: أن تقسيم التوحيد عند أهل السنة والجماعة إلى 
أقسام لا يعني استقلال كل قسم عن الآخر بل هو تقسيم 
اصطلاحيء فأقسام التوحيد متلازمة يكمل بعضها بعضاًء ولا 
يمكن الاستغناء بأحدها عن الآخرء بل لا ينفع أحدها بدون 
الآخر .)١(‏ 

الرابع: أن السبب في تقسيم أهل السنة والجماعة للتوحيد 
هو انحسار المفاهيم الشرعية الصحيحة عند كثير من المسلمين 
للألفاظ والنصوصء وخاصة بعد حركة الترجمة لعلوم المنطق 
والفلسفة» واختلاط المسلمين بثقافات الشعوب المفتوحة» وكذلك 
ظهور المفاهيم الضالة في باب التوحيد عند كثير من الفرق 
المنتسبة للإسلام كالفلاسفة والمتكلمين والمتصوفة» وقصرهم 
للتوحيد على بعض جوانبه دون بعض ("). 

مما حدا بأهل السنة إلى إبراز المفهوم الصحيح للتوحيد 
من خلال بيان ما يشتمل عليه من أنواع. 


بدن تحرف / رشاد سالم» جامعة الإمام» الرياض» ط١ء‏ عام 5٠05‏ ١هء‏ ؟/ 
84> وشرح الطحاوية؛ ص ”"35» ودعوة التوحيد لهراس "١-553‏ مكتبة ابن 
تيمية» القاهرة؛ ط١»‏ عام /ا١5‏ ١ه.‏ 
(3) ينكلن؟ الشبرك الله أنواعه واجكامة ماج قيالة كن :88 وما يدها 
4؛2"26, 








7171717 1977 اتوصاقط ومنمجه في العقيدة /#جم 





-١‏ أقسام التوحيد عند المتكلمين: 

يقتصر أغلب )١(‏ علماء الكلام في تعريفاتهم للتوحيد 
على إثبات الذات والصفات ونفي التعدد دون التعرض لتوحيد 
الألوهية مع ما رافق ذلك من نفي أوتأويل للصفات أو بعضهاء 
" فالله واحد في ذاته لا شبيه له» وواحد في صفاته الأزلية لا 
نظير له؛ وواحد في أفعاله لا شريك له '(2). 

ويلاحظ: أن كلامهم يقتصر على توحيد الربوبية والأسماء 
والصفات» ولعل ذلك يرجع إلى دخولهم معترك الرد على الفلاسفة 
والملاحدة» فكان جل كلامهم في إثبات وجود الله وربوبيته. 


)١(‏ هناك من المتكلمين من يذكر الألوهية في مفهوم التوحيد» كالباجوري في تحفة 
المريد ص 54» وشرح العقائد النسفية» ص 9”» وضوء المعاني في شرح بدء 
المعالي» للملا علي القاري» دار السعادة» تركياء ص ؟١.‏ 

)١(‏ اشرح الأصول الخمسة:» للقاضي عبد الجبارء ص »١78‏ ولملل والنحل 
للشهرستاني» .57/١‏ 








؟ - الصوفية: ذهبت طوائف من المنتسبين إلى التصوف 
إلى تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هي: 

أ - توحيد العامة: وهو توحيد الجمهور من غير الصوفية» الذي 
يعرفونه بالسمع وبالظواهر. 

ب - توحيد الخاصة: وهو الذي يثبت بالمكاشفات. 


ج - توحيد خاصة الخاصة: وهو التوحيد القائم بالقدم (')» وهو 
ما انتهى اليه القائلون بالحلول والاتحاد والفناء. 

بل يرى بعضهم أن التوحيد أمر غامض لا يمكن التعبير عنه 
كما يقول الشبلي('):'ما شم روائح التوحيد» من تصور عنده التوحيد ' 
00 

ولا شك أن تقسيم غلاة الصوفية للتوحيد مخالف لما دلت عليه 


)١(‏ ينظر في تقسيم الصوفية للتوحيد: منازل السائرين» لأبي إسماعيل الهروي» 
مطبعة البابي الحلبي»ء مصر -ط6"- ب. ت» ص2 4» وروضة التعريف بالحب 
الشريف» للسان الدين الخطيب»؛ دار الفكر» ب. ت ص 5372» بيروت» وقوانين 
حكم الإشراق للشاذلي» الكليات الأزهرية - القاهرة - ١ه‏ - ص 17. 

(؟) هو: أبوبكر دلف بن جحدر» وقيل ابن جعفر» خرساني الأصلء بغدادي المولد 
والمنشأء من كبار الصوفية صحب الجنيد وتوفي ببغداد سنة 775ه» انظر: سير 
أعلام النبلاء 16/ /51؟. 

(5) الرسالة القشيرية» لأبى القاسم القشيري» دار الكتب الحديثة» القاهرة» ب. ت - 
؟/ 587؛ وروضة التعريف للخطيب؛ ص444» وقوانين حكم الإشراق للشاذلي 


.٠١ ص‎ 








7999913131313131313177-11171سيكهطي ومنمجه في العقيدة /22 


النصوص الشرعية من الكتاب والسنة» حيث جعلوا " توحيد العامة " 
وهو ما جاءت به الرسل أدنى مراتب التوحيد» وكأن توحيد بعض القوم 
أكمل من توحيد الرسلوأدق» كما أن قولهم يفضي إلى القول بالحلول 
والاتحاد واسقاط الشرائع .)١(‏ 


)١(‏ ينظر في ذلك: شرح العقيدة الطحاوية ص05-517» والشرك بالله أنواعه 
وأحكامه» ماجد شبالة» 5 77 وما بعدها. 
0“ 








امتوكة قطي ومنهجة في العقيدة جه 


المطلب الثاني 
مفهوم التوحيد 


_الفرع الأول: مفهوم التوحيد عند سيد قطب 

ركز سيد قطب - رحمه الله - كثيراً على بيان مفهوم 
التوحيد الذي جاء به الإسلام» سواءً في وقفاته في ظلال كثير 
من الآيات أو في كتابه خصائص التصور الإسلامي ومقوماته 
والذي ألفه لبيان مفهوم التصور الإسلامي " العقيدة " كما 
جاءت في نصوص القرآن الكريم والسنة. 

ومن خلال ما كتبه في هذا الباب نجد أن مفهوم التوحيد 
عنده يعني: إثبات وجود الله سبحانه وتعالى وافراده بالربوبية 
والألوهية؛ وإثبات تفرده في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله فلا 
شريك له في شيء من ذلك .)١(‏ 

وستأورد بع المقتطفات من كلامه لتعذر إيزاد جميع 
النصوص في هذا الباب: 

-١‏ يقول - رحمه الله -: " إن الإسلام لما كان بصدد 
تقرير العقيدة الصحيحة» قرر أن عقيدة الإسلام القائمة على 


)١(‏ ينظر في حقيقة التوحيد عند سيد: كتاب مقومات التصور الإسلامي جملة» 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





توحيد الله - سبحانه - وافراده بالألوهية والربوبية والقوامة 
والسلطانء بالاعتقاد في ألوهيته وحده؛ والتقدم إليه بالشعائر 
التعبدية وحده؛ والاعتراف بالحاكمية له وحده؛ والحكم بشريعته 
وحدهاء والتحاكم إلى هذه الشريعة دون سواهاء جعل هذا كله 
هو الدين» الذي لا يقبل الله من الناس غيره؛ وأن كل ما عداه 
باطل» وشرك أو كفر " .)١(‏ 

؟- ويقول: " والمنهج القرآني يركز ابتداءً على التوحيد.. 
فالله سبحانه ذات واحدة لا تتعدد ولا تتبعض ولا تندمج معها 
ذوات أخرىء ولا تتلبس بها في صورة من صور الاندماج أو 
التلبس» هذه الذات الواحدة متصفة بصفات تنفرد بها كذلك فلا 
يشاركها فيها أحد؛ ومن وحدانية الذات وتفردها بهذه الصفات 
تتضح وحدانية الفاعلية والتأثير في الكون وما فيه ومن فيه: 
وحدانية الخلق والإنشاءء ووحدانية الملك والرزق والقوامة 
والتدبيرووحدانية الهيمنة والسلطان في الدنيا وفي الآخرة سواء" 
"٠ )"(‏ وما دام الله تعالى هو المتفرد بالخلق والتدبير والقوامة... 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي» سيد قطب ص ١5861١١5 -١١7‏ وما بعدها. 
)١(‏ المصدر السابق» ص ”57 7. 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





الخ» فيجب إذن أن يكون هو ( الإله ) المتفرد بالألوهية» الذي 
يتوجه إليه عباده وحده بالطاعة والاتباع لحكمه وشرعه 0 

”- ويقول أيضاً " إن توحيد الألوهية» وتوحيد الربوبية» 
وتوحيد القوامة» وتوحيد الحاكمية؛» وتوحيد مصدر الشريعة» 
وتوحيد منهج الحياة» وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس الدينونة 
الشاملة» إن هذا التوحيد هو الذي يستحق أن يرسل من أجله 
كل سرك الول 1101 

ويقرر - رحمه الله - أن الاختلاف على حقيقة التوحيد 
كفرء بناءً على أن التوحيد هو دين الله الذي اختاره لعباده وهو 
الإسلام بمفهومه الشامل (). 


ويتضح من خلال النصوص السابقة أن سيداً - رحمه 
الله - يفهم التوحيد على أنه إفراد الله سبحانه في ذاته وصفاته 
وأفعاله وأفعال العباد أيضاًء وهذا أمر واضح في غالب كتاباته. 

ومع ذلك فله رأي في مفهوم الألوهية والربوبية يخالف ما 
درج عليه أهل السنة والجماعة ويمكن بيان ذلك في الفرع الثاني 


٠ 


.587 مقومات التصور الإسلامي؛ء ص 5:8 "و‎ )١( 
.١507 /5 في ظلال القرآن‎ )2( 
50 المصدر السابق»‎ 09 








77771777 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





الفرع الثاني: مفهوم الألوهية والربوبية بين السلف وسيد قطب 

يثير البعض قضية " عدم وضوح الربوبية والألوهية عند 
سيد قطب وفي ذهنه " .)١(‏ ويدلل على ذلك ببعض النصوص 
التي يتحدث فيها سيد عن الألوهية والربوبية وموقف المشركين 
منهماء ومن خلال جمع كلام سيد حول الربويية والألوهية تبين 
لي: أن سيد قطب لم يكن يجهل الفرق بين الربوبية والألوهية 
كما قيل عنه» ولم يكن عنده غبش في الرؤية لحقيقية الألوهية 
والربوبية» بل كانت الرؤية عنده لحقيقة التوحيد واضحة كما 
سبق ولكن الأمر يتعلق بقضية أخرى وهي: أنه- رحمه الله - 
كان له رأي في مفهوم الألوهية والربوبية» مخالف لما تعارف 
عليه كثير من أهل السنة» ولذلك التبس على من لم يجمع 
كلامه الأمر فظن أنه يجهل الفرق بينهما. 

وحتى يتضح الأمر يمكن بيان مفهوم الألوهية والربوبية 
عند أهل السنة والجماعة»؛ وعند سيد» وحقيقة الخلاف وسببه 


فيما يأتي: 


ع 


أولاً: مفهوم الربويية والألوهية عند السلف: 


)١(‏ عنوان لفصل في كتاب أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب " للدكتور / ربيع 
المدخلئ. ضن 35. 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





يرى جمهور السلف أن الربوبية تعني: " إفراد الله سبحانه 
وتعالى بأفعاله» أي الاعتراف بأنه سبحانه رب كل شيء ومالكه 
وخالقه ورازقه وأن له وحده التدبير وتصريف الأمور كلهاء وأن 
الألوهية تعني: " إفراد الله تعالى بالعبادة واستحقاقه سبحانه لذلك 

١ ل‎ 

دون سواه 0 

ويرون أيضاً أن العلاقة بين الربوبية والألوهية علاقة 
تضمن واستلزام» فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية» فهو 
منه كالمقدمة من النتيجة» فإن العبد إذا علم أن الله سبحانه هو 
ربه الذي لا شريك له في ربوبيته» كانت العبادة حقا لا ينبغي 
الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية» لكون الأخير داخل ضمن 
الأول» فإنه لا يعبد الله إلا من يعتقد ربوبيته» وأما توحيد 
الأسماء والصفات فهو شامل للنوعين السابقين» فهو يقوم على 
إفراد الله بالأسماء الحسنى والصفات العليا التي لا تنبغي إلا 
له» ومنها كونه واحداً في ربوبيته وألوهيته وفي الجملة فالأنواع 


-47 47؛ وشرح العقيدة الطحاوية؛ ص‎ /١ ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
٠ ١7ص وتيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد»ء‎ »6" 
/اه“ا‎ 








سيك قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 


الثلاثة متلازمة متكاملة يكمل بعضها بعضاًء ولا ينفع أحدها 

ويرون أن الإقرار بربوبية الله لا يكفي لإسلام صاحبه ما 
لم يخلص لله عبادته؛ لأن الله سبحانه أخبر أن المشركين كانوا 
يقرون بربوبية الله ووجوده» ومع ذلك لم يدخلهم ذلك في الإسلام 
لأنهم كانوا ينازعون في الألوهية» فيشركون معه غيره. 

وبناءً على المفهوم السابق للألوهية والربوبية والعلاقة 

- أن المطلوب هو توحيد الألوهية الذي يتضمن توحيد 
الربوبية (1). 

- وأن المشركين كانوا يسلمون بالربوبية وينازعون في 
الألوهية» حيث أخبر الله عنهم أنهم يقرون بأن الله هو الخالق 


والرازق وحده؛ كما في قوله تعالى (ِوَلين سَأتَُم َّلق لصوت 


ع مص م5 


بالأت لرل الكل تنتظ ين ب[ اده اتلترن ‏ 179 وكدم لا 
يفردونه بالعبادة وحده» بل يجعلون له شركاء وأنداداً (5). 


)١(‏ ينظر في ذلك: درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية» 4/4 54" ومنهاج السنة له 
أيضاء "١1/7‏ وشرح العقيدة الطحاوية ص76 و/ا” و١5‏ 

.51 شرح العقيدة الطحاوية»؛ ص‎ )١( 

(5) سورة لقمان: الآية 255 وسورة الزمر الآية /5. 

(؟) شرح العقيدة الطحاوية»ء ص 2559 55. 


0 








والخلاصة: أن توحيد المعرفة والإثبات الذي حقيقته 
الإيمان بذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله مستلزم لتوحيد الطلب 


والقصد الذي حقيقته إفراد الله بأنواع العبادات كلهاء وأن أنواع 
التوحيد متلازمة لا ينفع أحدها دون الآخرء ولا ينفك أحدها عن 
الآخرء وأن التقسيم اصطلاحي لبيان حقيقة التوحيد ومفهومه 
الشامل كما جاء في نصوص الشرع. 

ثانيا: مفهوم الربوبية والألوهية عند سيد قطب - رحمه 
الله -: لسيد قطب - رحمه الله - في معنى الربوبية والألوهية 
رأي مخالف ما عليه السلف ويتلخص تعريفه لهما كما يلي: 

أ- مفهوم الألوهية عند سيد قطب: 

يرى سيد أن مصطلح الألوهية مصطلحٌ واسعٌ وشامل» له 
خصائص ومظاهر ومجالات متعددة» فالألوهية تمثل الحقيقة 
الكبرى في الحياة ويندرج تحتها الربوبية والحاكمية والقوامة 
والتشريع وغيرها. 

ففي ظلال قوله تعالى ١‏ قل اللَمُرَّ مَيكَ الْمكِ مُوْقِ المالك من 
تَمَاء وَبَنِعٌ لْمْلكَ من تَعَآهُ وَتحِرُمن فك ل مَنْكّمَةِ 1 [سورة آل عمران 
5] الآية» يوضح سيد أن للألوهية مظهرين: مظهر في تدبير 
الكون» ومظهر في حياة البشرء فيقول: " يلقن الله رسوله َل 


وكل مؤمن أن يتجه إلى الله؛ مقرراً حقيقة الألوهية الواحدة: 


ةظ2, 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وحقيقة القوامة الواحدة في حياة البشر وفي تدبير الكون» فهذه 
وتلك كلتاهما مظهر للألوهية وللحاكمية التي لا شريك فيها ولا 
شبيه.. وفي جمعه بين تدبير الله وتصريفه لأمور الناس ولأمور 
الكون إشارة إلى الحقيقة الكبيرة حقيقة الألوهية الواحدة القوّامة 
على الكوخ :والناين 210:7 

ومظهر الألوهية في الكون وفي حياة البشر يندرج تحته 

كل خصائص ومقومات العقيدة عند سيد قطب ومنها: 
أل الزيويية يقل مظاشرها هقد السلق اميق الكل 
والرزق والملك» والقدرة والقهرء والسلطان المتمثل في ربوبية 
الله لكل وني و وسكت اكه للعياة فى ملعنة بعلم الشيرت 
والأسرار» وتقليب الأبصار والليل والنهار» وحشر الخلائق» 
والحكمة والخبرة» والإحسان والرحمة؛ فكل هذه المظاهر 
هي من خصائص الألوهية عند سيد حيث يقرر - رحمه 


الله - أن الألوهية تعني - في جملة ما تعنيه - الاعتراف 


)١(‏ في ظلال القرآن /١‏ 2587 485 بتصرف يسير. 
07 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





بأن الله - سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت 
المدبر المتصرف القادر على كل شيء .)١(‏ 

-١‏ التشريع للبشر: يقول سيد: " وأظهر خصائص 
الألوهية بالقياس إلى البشرية: تعبيد العبيد» والتشريع لهم 
في حياتهم؛ وإقامة الموازين لهم» فمن ادعى لنفسه شيئاً من 
هذا كله فقد ادعى لنفسه أظهر خصائص الألوهية وأقام 
نفسه للناس إلها من دون ا 

*- الت التحريم: " فالتحليل والتحريم هو شأن الله 
وديا رانين اهن خصدا تك ل 1 

؛ - إفراد الله بالحاكمية والطاعة (؟). 

د- التوجه إلى الله بالعبودية والدينونة له في كل أمر 
في حياة المسلم (”). 


)١(‏ ينظر في ذلك: في ظلال القرآن ؟/ 820157511973170 اك 
4 75/638055 ". ومقومات التصور الإسلامي ص 59 وما بعدها» 
وص ١57‏ وما بعدها. 

»453 /5 4937 24/87 »5.1/ /١ وو ينظر أيضا:‎ 505 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
.١77 »؛ ومقومات التصور ص‎ 

(59) في ظلال القرآن» .51١ /١‏ 

(:؟) ينظر المصدر السابق» ؟ / 5قتك 51ل 15535/52115126 
.١1/‏ 

(5©) المصدر السابق .55٠‏ 


كلا 





عَيَت قطيج ومنعجه في العفيدة ' 


ب- مفهوم الربوبية عند سيد قطب: 

يرى سيد - رحمه الله - أن الربوبية مظهر من مظاهر 
الألوهية الشاملة» وهي تعني عنده: الحاكمية والتشريع والقوامة 
والسلطان في حياة البشر» والدينونة لله وحده. 

ففي ظلال قوله تعالى: [دَلِكمْ أمَدْرَكيَْ ل إِلَهَإِلَّا هو كيين 
كل توتو عبد وَهْوَعَلَكُل مَنْءِرَحكيلٌ 1 [سورة الأنعام:7١٠]‏ ؛ 
يقول سيد: " إن تفرد الله سبحانه بالخلق» يفرده سبحانه بالملك» 
والمتفرد بالخلق والملك يتفرد كذلك بالرزق» فهو خالق خلقه 
ومالكهم وهو كذلك يرزقهم من ملكه الذي ليس لأحد شرك فيه.. 
فإذا تقررت هذه الحقائق - الخلق والملك والرزق» تقرر معها - 
ضرورة وحتماً- أن تكون الربوبية له سبحانه؛» فتكون له وحده 
خصائص الربوبية» وهي القوامة والتوجيه والسلطان الذي 
يخضع له ويطاعء والنظام الذي يتجمع عليه العباد» وتكون له 
وحده العبادة بكل مدلولاتهاء ومنها الطاعة والخضوع 
والاستسلام.. "(1). 

ويقول - رحمه الله -: " إن فرعون لم يدع الألوهية 
بمعنى أنه خالق هذا الكون ومدبره» أو أن له سلطاناً في عالم 
الأسباب الكونية» إنما كان يدعي الألوهية على شعبه المستذل! 


.١١517 في ظلال القرآن» ؟/‎ )١( 
7 








هيت قطي ومنعجه في العقيدة ' 


بمعنى أنه هو حاكم هذا الشعب بشريعته وقانونه» وأنه بإرادته 
وأمره تمضي الشئون وثقضى الأمور- وهذا ما يدعيه كل حاكم 
يحكم بشريعته وقانونه وتمضي الشئون وتقضى الأمور بإرادته 
- وهذه هي الربوبية بمعناها اللغوي والواقعي " .)١(‏ 

ويقول: ' والربوبية تتمثل في الدينونة له وحدهء فلا 
يتقدمون بالشعائر إلا له ولا يحكمون في أمرهم كله غيره؛ وهذا 
معنى قوله: (دلكم امهرد ]كله إّ 4 كن سكن وبر ا 
[سورة الأنعام:7١٠]‏ . فالعبادة هي العبودية» وهي الدينونة» وهي 
الإتباع والطاعة» مع إفراد الله سبحانه بهذه الخصائص (). 

فالألوهية أعم من الربوبية» والربوبية مظهر من 
مظاهرهاء فالألوهية لها مجالان: 

الأول:_الخلق والرزق والإحياء والإماتة والتقدير والتدبير» 
وتسيير أمور الكون والتحكم بنواميسه وسننه. 

والشاني:_الحاكمية والقوامة والسلطان والتشريع في حياة 
الناس» وتوجيه حياتهم واخضاعهم» ودينونتهم» وتعبدهم لله» وهذه 
يطلق عليها سيد مصطلح الربوبية. 


.7115 +18817 /5 وينظر أيضاً‎ 2١1757 /* في ظلال القرآن‎ )١( 
/4 219559241944 23857 //* في ظلال القرآن */ 201751 وينظر أيضاً‎ )١( 
,01 


كلا 











7171717 1977 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





يقول سيد: " إن الأمر في دين الله كله هو: لمن الألوهية 
في هذه الأرض؟ ولمن الربوبية على هؤلاء الناس؟ وعلى 
الإجابة على هذا السؤال في صيغتيه هاتين» يترتب كل شيء 
في أمر الناس أجمعين: لمن الألوهية؟ ولمن الربوبية؟ " ('). 

ج- العلاقة بين الألوهية والربويية عند سيد قطب: 

من خلال ما سبق يتبين لنا أن الصلة بين الألوهية وبين 
الربوبية عند سيد قطب هي صلة الأصل بالفرع والكل بالجزء» " 
فالربوبية إحدى خصائص الألوهية الحقة ' (25» ' والربوبية من 
مقتضيات الألوهفية (') "فسن مسظلزمات الإقترار بتفزذ الله 
بالألوهية والقوامة» الإقرار بالعبودية له وحده وتحكيمه في شأن 
العبيد كله» واستسلام العبيد لإلههم» وطاعتهم للقيوم عليهمء 
واتباعهم لكتابه ولرسوله 6 '(*). 

' إن الذي يستحق أن يكون ربا يعبد ويطاع أمره ويتبع 
القاهر في الوجود» فيجب تبعاً لذلك أن يتوحد الرب» وسلطانه 


.556 /١ المصدر السابق»‎ )١( 
ويه في ظلال القرآن» هلال‎ 
٠ ١875/9 المصدر السابق»‎ )5( 
//17/ا”.‎ 1١ المصدر السابق»‎ )5( 
دذل[,‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





القاهر في حياة الناس» وما يجوز لحظة واحدة أن يعرف الناس 
أن الله واحد» وأنه القاهر» ثم يدينوا لغيره ويخضعوا لأمره 
ويتخذوا بذلك من دون الله رباً» إن الرب لا بد أن يكون إلهاً 
يملك أمر هذا الكون ويسيره» ولا ينبغي أن يكون العاجز عن 
تسيير أمر هذا الكون كله رباً للناس يقهرهم بحكمه؛ وهو لا 
يقهن !هذا الكون كله بامرو:"10) 

فالدين والإيمان والإسلام بمفهومه الشامل يقوم على 
الألوهية والربوبية بمفهومهما الشامل أيضاً حيث يقول سيد: " 
لمن الألوهية؟ ولمن الربوبية؟ لله وحده - بلا شريك من خلقه - 
فهو الإيمان إذن» وهو الإسلام» وهو الدين» لشركاء من خلقه 
معه» أو لشركاء من خلقه دونه» فهو الشرك إذن أو الكفر 
المبين... فالعبرة بالقاعدة التي تستند إليها أوضاع الناس» أهي 
إخلاص الألوهية والربوبية لله - بكل خصائصها - أو إشراك 
أحد من خلقه معه؛ أو استقلال خلقه بالألوهية والربوبية بعضهم 
على بعض" (2). 

ويقول أيضا: ' إن الإسلام يعني توحيد الألوهية من 
ناحية الاعتقاد والتصور والتوجه بالعبادة والشعائر» وتوحيد 


.١985 /5 المصدر السابق»‎ )١( 
ه له.؛ ووه بتصرف يسير.‎ /١ وه المصدر السابق‎ 
كف‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الربوبية من ناحية الدينونة والإتباع والطاعة والخضوع: أي 
توحيد القوامة والحاكمية والتوجيه والتشريع " ('). 

ويقول أيضاً: " إن دين الله منهج للحياة» قاعدته أن يكون 
السلطان كله في حياة الناس كلها لله وهذا هو معنى عبادة الله 
وحده ومعنى ألا يكون للناس إله غيره» والسلطان يتمثل في 
الاعتقاد بربوبيته لهذا الوجود وانشائه وتدبيره بقدرة الله وقدره» 
كما يتمثل في الاعتقاد بربوبيته للإنسان وإنشائه وتدبير أمره 
بقدرة الله وقدره» وعلى نفس المستوى يتمثل في الاعتقاد بربوبية 
الله لهذا الإنسان في حياته العملية الواقعية وقيامها على شريعته 
وأمره» تمثله في التقدم بشعائر العبادة له وحدهء كلها حزمة 
واحدة غير قابلة للتجزئة» والا فهو الشرك وهو عبادة غير الله 


معه» و من دونه , 2 





تدبير أمر الكون والبشرء وتعريفه للربوبية بأنها الحاكمية 
والقرامة والتلطان. على البشى نوزين: 


.١155 المصدر السابق ؟/‎ )١( 
.١1708 /7” في ظلال القرآن»‎ )5( 
7" 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


-- أن المشركين المعاصرين لنزول القرآن الكريم 
كانوا يعترفون بالألوهية - كما عرفها هو - ويقرون بهاء فلم 
تكن هي موضع الإنكار منهم؛ ولا موضع الجدل مع الرسول 
يل ويقصد بالألوهية التي كانوا يسلمون بها: تدبير الله لأمور 
الكون ونواميسه» وتفرد الله بالخلق والرزق في حياة الناس» وهو 
ما يسمى عند أهل السنة بالربوبية. 

- آنا الكمن :الذي كانوا يتكروقه فهو " الريويية اب 
كما عرفها سيد - بمعنى ربوبية الله للناس وكونه وحده هو 
الحاكم المشرع المطاع. وأن يفردوه بالحاكمية والقوامة 
والسلطان» حيث كانوا يرفضون هذاء ويمنحون هذه الصلاحيات 
لرؤسائهم وكبرائهم وزعمائهم» أو أعرافهم وتقاليدهم ومورثاتهم 
('). وسأورد مجموعة من النصوص المتعلقة بالموضوع لزيادة 


الإيضاح: 
-١‏ في ظلال قوله تعالى ( لصت انارلحك تقار | أقلا 
تَدَكْرُوَت 4 [سورة يونس:"] 'يقول سيد - رحمه الله -: " وقد قلنا: 


إن قضبية الألرهية الم.تكق: محل إنكار حذي من 'المكتركين» فقد 
كاتو(يمتزقون عأن الك <مديهاند صروي ,الاق انراز الديتي 


.١54 في ظلال القرآن في الميزان» د/ صلاح الخالدي ص‎ )١( 
0 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


الاعتراف لم تكن تتبعه مقتضياته» فلقد كان من مقتضى هذا 
الاعتراف بألوهية الله على هذا المستوى أن تكون الربوبية له 
وحده في حياتهم» والربوبية تتمثل في: الدينونة له وحده فلا 
يتقدمون بالشعائر التعبدية إلا له» ولا يحكمون في أمرهم كله 
غيره» وهذا معنى قوله تعالى: (دَِحْمْ ندري تأمفذرا ) 
فالعبادة هي العبودية» وهي الدينونة» وهي الإتباع والطاعة؛ مع 
إفراد الله سبحانه بهذه الخصائص كلهاء لأنها من مقتضيات 
الاعخراف«بالألوية#وفي الجاظيات كلها يتضبر مجال 
الألوهية»؛ ويظن الناس أن الاعتراف بالألوهية في ذاته هو 
الإيمان» وأنه متى اعترف الناس بأن الله إلههم فقد بلغوا الغاية؛ 
وف أن يرا على الالوضية متتضاها وى اللريويية» أي التيتودة 
لله وحده» ليكون هو ربهم الذي لا رب غيره» وحاكمهم الذي لا 
لاق 'لأحد, | لا مطاف( 1. 

2-5 وفي ظلال قوله تعالى: ( وَلَنِ سَأَلتَهُم من حَلَقَ 


صد 


مير خب عر احير ابر سمو عر ره 01 


ذل م + 0 بح سل سمح لس لم 7ب مو دده وو سظ ل 

المّموات والارض وسكر النّمس والقمر لفون الله فَأَفَ يوْمَّكْنَ + [سورة 
العنكبوت الآيات 0-5١‏ 55] يقول: " وهذه الآيات ترسم صورة 
لعقيدة العرب آنذاك» وتوحي بأنه كان لها أصل من التوحيد» ثم 


.١771 /9 في ظلال القرآن»‎ )١( 
7 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وقع فيها الانحراف... كانوا إذا سئلوا عن خالق السماوات 
والأرض» ومسخر الشمس والقمر» ومنزل الماء من السماءء 
ومحيي الأرض بعد موتها بهذا الماء يقرون أن صانع هذا كله 
هو الله» ولكنهم مع هذا يعبدون أصنامهم؛ أو يعبدون الجنء أو 
يعبدون الملائكة ويجعلونهم شركاء لله في العبادة» وان لم 
يجعلوهم شركاء في الخلق فهو تناقض عجيبء تناقض يعجّب 
الله منه في هذه الآيات ( دَأنَ بوك ) " .)١(‏ 

"- ويقول أيضاً: " ولم يكن العرب في جاهليتهم ينكرون 
أن الله هو خالق هذا الكون» وخالق الناس ورازقهم كذلك من 
ملكه الذي ليس وراءه ملك تقتات منه العباد!.. لذلك لم يكن 
الإسلام يواجه في الجاهلية العربية إلا الانحراف في التوجه 
بالشعائر التعبدية لآلهة - مع الله - على سبيل الزلفى والقربى 
من الله!. والا الانحراف في تلقي الشرائع والتقاليد التي تحكم 
حياة القانن 2009 

5- ويقول أيضاً: " إن التخلي عن تكاليف الأمة المسلمة 
في الأرض خيانة لله والرسول» فالقضية الأولى في هذا الدين 


7 ا 


٠. في ظلال القرآن ه/ .هلا؟‎ )١( 
.١١57 المصدر السابق ؟/‎ )5( 
2 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


سبحانه - بالألوهية» والأخذ في هذا بما بلغه محمد يلد وحده: 
والبشرية في تاريخها كله لم تكن تجحد الله البتة» ولكنها إنما 
كانت تشرك معه آلهة أخرىء أحياناً قليلة في الاعتقاد والعبادة 
وأحياناً كثيرة في الحاكمية والسلطان - وهذا هو غالب الشرك 
ومعظمه - ومن ثم كانت القضية الأولى لهذه الدين ليست هي 
حمل الناس على الاعتقاد بألوهية الله» ولكن حملهم على إفراده 
- سبحانه بالألوهية - وشهادة أن لا إله إلا الله أي إفراده 
بالحاكمية في حياتهم الأرضية - كما أنهم مقرون بحاكميته في 
نظام الكون - تحقيقاً لقول الله تعالى: [ وَهْوَاَلََى فالسَمَ إلَهُ 
َف ايض إِلَدَوَهْرٌ لكي م اميم 1 إسورة الزخضرف:؛1] » كذلك 
كانت هي حملهم على أن الرسول هو وحده المبلغ عن الله 
ومن ثم الالتزام بكل ما يبلغهم إياه " ('). 

5- ويقول أيضاً " فتوحيد الدينونة لله وحده هو مفرق 
الطريق بين الفوضى والنظام في عالم العقيدة وبين تحرير 
البشرية من عقال الوهم والخرافة والسلطان الزائف» أو استعبادها 
للأرباب المتفرقة ونزواتهم» وللوسطاء عند الله من خلقه! 


وللملوك والرؤساء والحكام الذي يغتصبون اخص خصائص 


.١5517 /7” في ظلال القرآن‎ )١( 
0١ 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الألوهية - وهي الربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية - 
فيعبدون الناس لربوبيتهم الزائفة المغتصبة.. 

وما كان الخلاف على مدار التاريخ بين الجاهلية 
والإسلام» ولا كانت المعركة بين الحق والطاغوت على 
ألوهية الله - سبحانه - للكون» وتصريف أموره في عالم 
الأسباب والنواميس الكونية إنما كان الخلاف وكانت 
المعركة على من يكون هو رب الناس الذي يحكمهم 
بشرعه» ويصرفهم بأمره» ويدينهم بطاعته؟. 

لقد كان الطواغيت المجرمون في الأرض يغتصبون هذا 
الحق ويزاولونه في حياة الناس».. وكانت الرسالات والرسل 
والدعوات الإسلامية تجاهد دائماً لانتزاع هذا السلطان 
المغتصب من أيدي الطواغيت ورده إلى صاحبه الشرعي" .)١(‏ 

5- ويقول أيضاً: " ويكرر إبراهيم - عليه السلام - في 
كل فقرة من فقرات دعائه الخاشع المنيب كلمة " ربنا " أو " رب 
". فإن لهجان لسانه بذكر ربوبية الله له ولبنيه من بعده ذات 
مغزىء إنه لا يذكر الله - سبحانه - بصفة الألوهية» إنما يذكره 
بصفة الربوبية» فالألوهية قلما كانت موضع جدال في معظم 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ ١857‏ بتصرف يسير. 
452 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الجاهليات - وبخاصة في الجاهلية العربية - إنما الذي كان 
دائماً موضع جدل هو قضية الربوبية» فقضية الدينونة في واقع 
الحياة الأرضية» وهي القضية العملية الواقعية المؤثرة في حياة 
الناس» والتي هي مفرق الطريق بين الإسلام والجاهلية» وبين 
التوحيد والشرك في عالم الواقع.. والقرآن وهو يعرض على 
مشركي العرب دعاء أبيهم إبراهيم والتركيز فيه على قضية 
الربوبية كان يلفتهم إلى ما هم فيه من مخالفة واضحة لمدلول 
هذا الدعاء " .)0١(‏ 

"- ويقول في المقومات: " لقد كانت معركة العقيدة 
الأصلية الطويلة على " السلطان " على " الحاكمية " على تعبيد 
البشرية وكانت في صميمها تدور حول الإجابة على هذا 
السؤال: لمن تكون الألوهية والربوبية والقوامة والحاكمية في نظام 
الأرض وفي حياة الناس؟ لله وحده؛ أم لشتى الآلهة والأرباب؟. 
لقد كان الجاهليون في كل زمان ومكان - بما في ذلك هذا 
الذي نحن فيه - على استعداد - في معظم الأوقات - 


)١(‏ المصدر السابق 5/ 7١١١‏ بتصرف يسيرء وينظر أيضاً كلامه في المواضع 
الآتية من الظلال 9498/5 م9159/ه1407 :/ 
65 2 ؛؛ وخصائص التصور الإسلامي ص 58» ومقومات 
التصور الإسلاميء ص77١.‏ 

0 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





للاعتراف بألوهية الله وربوبيته وقوامته وسلطانه في نظام 
الكون» وفي عالم الآخرة» وحتى الماركسيون اللينينيون الملحدون 
قد تركوا للناس - في شدة الحرب الثانية - أن يعتقدوا في الله 
كما يحبون وأن يذهبوا إليه في الكنائس! 

ولكن المعركة الحقيقية مع الجاهليين قديماً وحديثاً إنما 
كانت وتكون حول ألوهية الله - سبحانه- وربوبيته وقوامته 
وسلطانه هنا في أنظمة الأرضء وفي حياة الناس كانت حول 
حق الحاكمية لمن هو؟ حول تحديد السلطة العليا التي يرجع 
إليها الناس في حياتهم الدنياء وفي نظام مجتمعهم» وفي شكل 
حكمهم» ولمن تكون؟. 

ونالت هذه القضية - من أجل أنها القضية الكبرى 
والقضية الحقيقية في معركة العقيدة - عناية ملحوظة في القرآن 
الكريم - سواءً وهو يقص قصة الصراع حولها في الرسالات 
السابقة» أم وهو يقررها في حياة الأمة المسلمة بشتى وسائل 
التقرير» ويعرضها بشتى طرق العرضء ويتتبع مساربها في 
دروب النفس البشرية» وفي دروب الواقع البشري على السواء. 

ومن ثم لم يكن التصور الإسلامي مجرد تصور 
اعتقادي» أو شعائر تعبدية ثم ينتهي الأمر ويتم الدين! إنما كان 
مسألة واقعية حركية» كان هذا السؤال دائماً معروضاً " لمن 


لاا 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الملك في الأرض؟ ولمن الحكم في حياة البشر؟ ولمن السلطة 
التي تتعبد الناس؟ وحول هذا السؤال والإجابة عليه كانت 
المعركة أولاً في عالم الضمير» وثانياً في واقع الحياة. 

فأما الذين قالوا: إن الملك لله وحده في الأرض كما أن له 
الملك وحده في نظام الكون وعالم الأسباب وأن الحكم لله وحده 
في حياة البشر»ء وأن السلطة التي تتعبد الناس لله وحده؛ وأن 
كتاب الله وحده وشريعته وحدها هي القانون» فقد كانوا هم 
"المسلمين" في كل زمان ذلك أن هذا مناط الإسلام لله والمدلول 
المباشر لشهادة أن لا إله إلا الله. 

وأما الذي قالوا: إن ذلك كله - أو بعضه - للبشر لا لله» 
وأن له مملكة السماة ومملكة الآكرة وأ لين شاولا لدينيه أن 
يهيمن على أنظمة الأرض» وفي حياة الناس وأوضاع المجتمع؛ 
وأن لنا أن نتولى بأنفسنا أو بتشكيلاتنا البشرية هذا كله - أو 
بعضه - غير متقيدين بنص ما شرعه الله» وغير محتكمين إلى 
كتابه - فقد كانوا هم " الكافرين"؛ ذلك أن هذا يتضمن رفض 
ألوهية الله - سبحانه - وربوبيته وقوامته وسلطانه في الأرض» 
حتى ولو اعترفوا بوجوده واشرافه على نظام الكون وحياة الآخرة 
- فشهادة أن لا إله إلا الله: معناها: أنه سبحانه في السموات 
وفي الأرض إلهء والإله هو وحده الذي له الربوبية والقوامة 


:ا 





7171717 1977 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





والسلطان في نظام الأرض وفي حياة الناس» كما أن له هذا كله 
في نظام الكون وفي الدار الآخرة " .)١(‏ 

ه - مستند سيد قطب في تفسيره للألوهية والربوبية: 

يظهر من خلال كلام سيد عن الألوهية والربوبية» بأنه 
استند في تفسيره لهما إلى ما يلي: 

-١‏ اللغة: اعتمد سيد قطب في نفسيره للألوهية والربوبية 
على معاني الرب والإله في اللغة» والتي نقلها أيضاً عن أبي 
الأعلى المودودي - رحمه الله -(")» وبالعودة إلى كتب اللغة 
نجد: 

أ- أن لفظ " الإله " في اللغة يدل على عدة معاني منها: 
أيه إلآهة» وألوهة وألوهية: أي (عَبدَ). وألة أََهَاً: أي (تحير)» وأله 
إلية: أي (لجأ )» وأله عليه: أي ( اشتد جزعه )» وآ بالمكان: 
أي( أقام )» وتأله: أي(تنسك وتعبد )» وتأله: أي (أدعى 
الألوهية)» والتأليه: ( القول بوجود إله مدبر لكون ) (0). 


(١)مقومات‏ النصبون السلا كن 78 لم1 

ء١ط ينظر: المصطلحات الأربعة لأبي الأعلى المودودي» دار الفكرء الكويت؛‎ )١( 
.١15 صءه١5٠0١ عام‎ 

إة مختار الصحاح لأبي بكر الرازي» دار الفكر» بيروت» عام 5٠1١‏ ١هء‏ ص ؟١7-‏ 
27 والمعجم الوسيط» إعداد مجمع اللغة العربية طبعة المكتبة الإسلامية» تركياء 
د.ا ت؛» ص 5/١‏ 7. 


هالا 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وأما كون مصطاح الألوهية يتضمن الخلق والرزق 
والتدبير فقد جاء في لسان العرب: 'ولا يكون إلهاً حتى يكون 
معبوداً» وحتى يكون لعابده خالقاً ورازقاً ومدبراًء وعليه مقتدراً» 
فمن لم يكن كذلك فليس بإله؛» وإن غبد ظلماً» بل هو مخلوق 
ومتعبد " .)١(‏ 

وقد اعتمد سيد قطب ومن قبله المودودي - رحمهما الله 
- على المعنى اللغوي في جعل تدبير الكون من مضامين 
الألوهية» كما سبق. 

35 - أن لفظ الرب في اللغة يطلق ويراد به عدة معان 
منها: المالك» والسيد المطاع» والمربي» والقيم والمنعم» والمصلح 
للشيء» يقال: ربيت القوم: أي سستهم؛ ومنه قول ابن عباس 
رضي الله عنه: لأن يربني بنو عمي أحب إلي من أن يربني 
غيرهم» أي يكونون علي أمراء وسادة متقدمين ('). 

وهذه المعاني للرب في اللغة - أوردها سيد قطب ومن 
قبله المودودي حيث يقول سيد: " الرب: هو المالك المتصرف» 
ويطلق في اللغة على السيد» وعلى المتصرف للإصلاح والتربية 


.5١8 /١7 لسان العرب لابن منظور‎ )١( 
بتصرف.‎ 10١ -759395 /١ المصدر السابق‎ )١( 
دالا‎ 








والتصرف للإصلاح والتربية يشمل العالمين - أي جميع 
الخلققة 007 

فسيد هنا يستند إلى اللغة في تفسير الربوبية بالحاكمية 
والسلطان والأمر والتشريع والإخضاع. 

؟ - استعمالات القرآن ١‏ 

استند - سيد - أيضاً إلى بعض الآيات القرآنية التي 
جاء فيها ذكر الربوبية بمعنى الحاكمية والسلطان ومنها: قوله 
تعالى عن يوسف: [وَك1 رك طن أتَهُ كج مهما درن ند 
رَيَلتَ ) [سورة يوسف:!:] » يقول سيد: ' أي اذكر حالي 
ووضعي وحقيقتي عند سيدك وحاكمك الذي تدين بشرعه 
وتخضع لحكمه» فهو بهذا ربكء فالرب هو السيد والحاكم 
والقاهر والمشرع؛ وفي هذا توكيد لمعنى الربوبية في المصطلح 
الإسلامي» ومما يلاحظ أن ملوك الرعاة لم يكونوا يدعون 
الربوبية قولاً كالفراعنة» ولم يكونوا ينتسبون إلى الإله أو الآلهة 
كالفراعنة» ولم يكن لهم من مظاهر الريوبية إلا الحاكمية وهي 
نص في معنى الربوبية " (5). 


77 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
.١157 /5 في ظلال القرآن‎ )2( 
58 





سيك قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





يرى سيد أن ربوبية فرعون التي ادعاها والتي عبر عنها 
مرة بقوله: ١‏ أَنَأمَكِمٌالْكقَ) [سورة النازعات:: ]١‏ » ومرة بقوله: (ما 
َِسَتُ لَحكُم يَنْإِلَّدهِ عرف ) إسورة القصص:8] إنما كانت بمعنى 
حاكميته لهم وسلطانه فيهم حيث يقول: " أما قول فرعون لقومه: 
( اث لحك يمر » فيفسره قوله الذي حكاه القرآن 


عي ين بت يتن 


عنه: (ويَادَى فِرَعَون فى فو 4 قَالَ يمَوَمٍ ألِيّسَ لي ملك مِصَرَ وَهَدَذِهِ 


رح عومسم 2 سح عد رس يمد س2 بطر بج سه لوو ان لح ساس مط 2 
لْدَدهرُ حجر من حَحَىَأقلا تبْصِرَوتَ 150 أَمَْنَأحَيرٌ ينهدا الى هو 

2 رس لك - رس برت جه ل برضز هس رعر ىن ساسا سه رسم سا 
مَهِيِنُ ولا يَكَادُ ين (50) فلولا أل عليه أسَورة من ده أَوْ ج3 مَعَهُ 
2001 ووم ح- 

المإِحكة مفترزيرت 1 إسورة النخرف الآيات ١ه-‏ "5] , 


وظاهرٌ أنه كان يوازن بين ما هو فيه من ملك ومن أسورة 
الذهب الذي يحلى بها الملوك» وبين ما فيه موسى من تجرد 
من السلطان والزينة» وما قصد بقوله: # مَاعَِنَتُ لَحكُم ينلد 
َرَى »2 إلا أنه الحاكم المسيطر الذي يسيرهم كما يشاءء والذي 
يتبعونه بلا معارض» والحاكمية على هذا النحو ألوهية كما يفيد 
المدلول اللغوي» وهي في الواقع ألوهية» فالإله هو الذي يشرع 
للناس وينفذ حكمه فيهم» سواء قالها أو لم يقلها " .)١(‏ 


.١7654 /7” في ظلال القرآن‎ )١( 
00/01 








وقتكلة ل سوق أنظنا امحفيف عدي بن حاتم - رضي الله 
عنه -» عندما دخل على النبي ي فوجده يقرأ قوله تعالى: ( 


ل ارح لواح س# لير مح 


ترا أَحَبَارَهُمْ و وَرَهْبِكنَهُم أ رساب من دون ألنَّهِ 1 إسورة 
التوبة:١"]‏ قال فقلت: يا رسول الله: إنهم لم يعبدوهم. فقال: " 
بلى: إنهم حرموا عليهم الحلال» وأحلوا لهم الحرام» فاتبعوهم فتلك 
عيافقهم إياف: 00017 
حقيقة الخلاف: مما سبق يتبين لنا ما يأتي: 
أولاًأن جمهور السلف يرون أن مصطلح الألوهية 
خاص بالعبادة والتوجه إلى الله وافراده بذلك» وأن مفهوم 
الربوبية خاص بتدبير وتسيير الكون وما فيه» وتدبير أمور 
الخلق في مجالات الخلق والرزق والضر والنفع وغير ذلك. 
أما سيد قطب فيرى أن الألوهية مصطلح عام يشمل 
تدبير وتسيير أمور الكون» وتدبير وتسيير أمور الناس في 
مجالات الخلق والرزق والإماتة والإحياء وغير ذلك» ويرى 
أن الربوبية من مضامين الألوهية وهي تعني في جملة ما 
تعنيه: إفراد الله وحده بالحاكمية والقوامة والتشريع والتوجيه 
والدينونة والسلطان. 


)١(‏ سبق تخريجه ص 
(2) في ظلال القرآن ”7/ 51736 .١‏ 
1" 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


ثانياً: أن العلاقة بين الألوهية والربوبية عند الجميع 
علاقة ترابط وتلازم وتضمنء» وأنهما بمجموعهما يمثلان 
التوحيد والإيمان المطلوب الذي لا يقبل الله من أحد سواه. 
ثالثاً: أن جمهور السلف وكذا سيد - وإن اختلفا في 
تحديد مصطلح الألوهية والربوبية إلا أنهم متفقون على أن 
الذي كان يجحده المشركون وينكرونه هو الدينونة لله 
والتقفرب إليه وحده بلا شريك وهو ما يسميه علماء السلف 
(ألوهية )» ويسميه سيد قطب ( ربوبية )» أما مسألة الخلق 
والرزق وتدبير أمور الكون ووجود الله قبل هذا فلم يكن أحد 
من المشركين يخالف فيه. 
وبالتالي فالجميع متفقون على حقيقة الأمر الذي كان 
يجحده وينكره المشركون وان اختلفوا في تسميته هل هو 
ألوهية أم ربوبية. 
رابعاً: أن مفهوم جمهور السلف للألوهية والربوبية 
أوضح وأضبطهء وإن كان سيد قد اعتمد في بيان 
مفهومهما على اللغة وبعض النصوص الشرعية كما 
خامسا: أن سيداً - رحمه الله - كان أكثر تركيزاً على 
مفهوم الحاكمية والطاعة والتشريع» وربطها تارة بالربوبية 


0010 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وأخرى بالألوهية باعتبار الربوبية من مجالات الألوهية؛ 

والسبب في ذلك أن كثيراً من السلف لم يكن قد ظهر في 

عصرهم ما عايشه سيد - رحمه الله - من إقصاءٍ 

لحاكمية الشريعة» واستبدالها كلياً أو جزئياً بالقوانين 

البشرية فكان كلامه في هذا أكثر وأعمق. 

وبناءً على سبق: نرى أنه وان كان ما ذكره السلف أضبط 
في مفهوم الألوهية والربوبية إلا أنه لا يوجد خلاف حقيقي بينه 
وبين ما ذكره سيد من حيث حقيقة التوحيد التي تشتمل على 
الأمرين - الألوهية والربوبية - والعلاقة بينهماء وحقيقة ما كان 
ينكره المشركون منهما وان اختلفا في تسميته» بالإضافة إلى أن 
سيداً بنى رأيه على مدلول اللغة وبعض النصوص الشرعية؛ 
وتأثر أيضاً بكتابات الإمام أبي الأعلى المودودي حرحمه الله - 
والذي كان على نفس الرأي. 


72 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الفصل الأول 
منهجه ني توحيد الربوبيسة 


يتضمن توحيد الربوبية عند جمهور أهل السنة والجماعة إثبات 
وجود الرب سبحانه» ووحدانيته وانفراده بالخلق والرزق والتدبير وسائر 
أفعاله سبحانه. 
وفي هذا الفصل سأعرض للقضايا المتعلقة بهذا النوع من أنواع 
خلال المباحث الاتية: 
المبحث الأول: وجود الله ووحدانيته. 
المبحث الثاني: موقفه من القول بقدم العالم. 
المبحث الثالث: موقفه من وحدة الوجود. 
المبحث الرابع: منهجه في الإيمان بالقدر. 


70 


هيت قطي ومنعجه في العقيدة ' 


المبحث الأول 
وجود الله ووحدانيته 

مسألة وجود الله تعالى لم تكن موضع استدلال في القرآن 
الكريم» بل كانت هي نفسها دليلاآً - في الكتاب العزيز - استدل 
به على ألوهية الله واستحقاقه للعبادة. 

فهي مسألة بدهية فطرية حتى عند ذوي العقول المنحرفة 
من المشركين» كما قال الله تعالى عنهم: إوَلّين ماله مَنْ حَلَقَ 
لسوت وَالْارسَ فو للد ل ا حنة ينه سرهم لايَلئُو ) 
[سورة لقمان:15] . وظلت المسألة بدهية في عصر النبوة والقرون 
المفضلة كذلك» حتى كانت الفلسفة اليونانية ودخولها إلى العالم 
الإسلامي فنشأت مباحث لم تكن من قبل» ومنها مسألة النقاش 
والاستدلال على وجود الله تعالى» وكان "المتكلمون" المسلمون 
هم الطرف الإسلامي في هذا النقاش. 

" وأما في هذا العصر فقد كثرت فيه الملاحدة والمعطلة؛ 
وتجددت للكفار على اختلاف فرقهم شبهات جديدة» يتوكؤون 
على مسائل من العلوم العصرية» وحدثت للناس آراء ومذاهب 
منها ما يفضي إلى فساد الحياة " .)١(‏ 


.١ منهج محمد رشيد رضا في العقيدة» د. تامر محمود متولي ص15‎ )١( 
ما‎ 











اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


ومع أنهم - أي الملاحدة - لا يقدرون على تقديم أدلة 
على إلحادهم وكل ما يقدمونه شبة واهية» فإن العلماء والدعاة 
في هذا العصر كانوا مضطرين للخوص في مسألة إثبات وجود 
الله تعالى ووحدانيته وبيان شبهات وأفكار الملاحدة الجاحدين 
ولسان حالهم: " لو لا كثرة الضعفاء؛ مع كثرة الدخلاء فيناء 
الذين نطقوا بألسنتناء واستعانوا بعقولنا على أغبيائناء» لما تكلفنا 
كشف الظاهرء واإظهار البافة 4107 

ومن هؤلاء الدعاة والمفكرين سيد قطب - رحمه الله - 
والذي تعرض في كتاباته لشبهات الملحدين وبين في ظلال 
كثير من الايات الدلائل القرآنية على وجود الله - سبحانه - 
ووحدانيته. وهذا ما نعرض إليه في المطالب الآتية: 


المطلب الأول 
مناهج الاستدلال على وجود الله وموقف سيد قطب منها 
اخلفت ناهج القزق. ف :طرق لأسف لال على رحد اذ 
تعالى ويمكننا إيجاز مسالكهم فيما يأتي: 
أولاً: منهج المتكلمين: 
1ن التوكجدة انعسي حمنال الذيخ الفافتي دار :كلق" العلميدة ا لتو بت 


54 صما١ة.ه-‎ ١ط‎ 
1 








سلك المتكلمون في إثبات وجود الله تعالى طرقاً متعددة 
وكان عمدتهم في ذلك 'حدوث العالم " ذهاباً منهم إلى أن 
الحدوث هو العلة المحوجة إلى مؤثر» وأنه إذا ثبت أن العالم 
حادث؛ كان لا بد له من محدث يخرجه من حيز العدم إلى 


حيز الوجود وقد بين ذلك الإيجي(١)‏ بقوله: "قد :هلست أن 
العالم إما جوهر أو عرضء وقد يستدل على إثبات الصانع بكل 
والخ نوها ماي متكافة أن كلوقه فياه يكرد ري 10 

وقد ذكر ابن رشد )١(‏ هذا المسلك على أنه للأشاعزة» إلا 
أنه أشار إلى موافقة المعتزلة لهم فيه بقوله: " وأما المعتزلة فإنه 
لم يصل إلينا في هذه الجزيرة من كتبهم شيء نقف منه على 
طرقهم التي سلكوها في هذا المعنى ويشبه أن تكون طرقهم من 


)١(‏ هو: عبدالرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الإيجي؛ ولد بإيج من أعمال فارس 
بعد السبعمائة» وكان إماما في فنون متعددة» له عدة مؤلفات» سجن ومات في 
السجن بكرمان» عام 557/ه» انظر: الدرر الكامنة لابن حجر: 7"77/7؛ والأعلام؛ 
1 ؟. 

(2) المواقف في علم الكلام» للإيجي» دار عالم الكتب- بيروت» ب. ت» ص 5. 

(؟) هو: محمد بن أحمد بن محمد بن رشد - الحفيد - أبو الوليد» فيلسوف وفقيه 
مالكي شهير» ولد في قرطبة سنة ١57ه»‏ له عدة مؤلفات» توفي سنة 5525ه» 
انظر: الديباج المذهب» لابن فرحون» ؟751//7. 

هالا 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





جنس طرق الأشاعرة " (1). والأمر كما قال ('). 


ثانياً: منهج الفلاسفة: 

سلك الفلاسفة في إثبات وجود الله تعالى طريق الوجوب 
والإمكان؛ وقسموا الموجودات إلى واجب وممكن بدلاً من قديم 
وحادث» وذلك لأنهم لا يقولون بحدوث العالم» فاستدلوا بالإمكان 
بدل الحدوث» وقد لخص الإيجي مسلكهم بقوله: " المسلك الثاني 
للحكماء وهو أن- في الواقع - موجوداً» فإن كان واجباً فذاك» 
وان كان ممكناً احتاج إلى مؤثر» ولا بد من الانتهاء إلى 
الواجب والا لزم الدور والتسلسل '" (') وهذا محال. 

وخلاصة كلام الفلاسفة: أن الممكن لا يوجد إلا لعلة 
تغايره» وذلك أن الممكن إما أن يحتاج إلى غيره ليكون موجوداً 
أو لا يحتاجء والثشاني باطل» فإذا تقرر احتياج الممكن إلى 
الغير» فإن الغير إما أن يكون واجباً واما ممكناً» والكلام في 
الممكن الثاني كالكلام في الممكن الأول. فإما أن ينتهي الأمر 


)١(‏ مناهج الأدلة في عقائد الملة» لابن رشد» تحقيق د/ محمد قاسم» ط"2 مكتبة 
الأنجلو المصرية» القاهرة؛ ب. ت» ص .١6١‏ 
(1) انظر كلام المعتزلة في: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبارء ص37. 
09 ينظر: المواقف في علم الكلام» للإيجي ص © وكذا الإشارات والتنبيهات» لابن 
سيناء .7١/7”‏ 
كلالا 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





إلى واجب؟ أو يدور أو يتسلسل إلى غير نهاية. 

وهذه الطريقة كما هو ظاهر طريقة عقلية نظرية جدلية؛ 
مبنية على مقدمات منطقية أعقد وأطول من مقدمات المتكلمين 
في مسألة " حدوث العالم " وهي مع ذلك أشد فساداً منها وأسوأ 
لزه 200 


ثالثاً: موقف سيد قطب من منهج المتكلمين والفلاسفة في إثبات 
وجود الله: 

سبق الحديث عن موقف سيد - رحمه الله - من الفلسفة 
وعلم الكلام (2» وتبين لنا أنه يرفض منهج المتكلمين والفلاسفة 
في عرض قضايا العقيدة عموماً» ويرى أنها مناهج بينها وبين 
منهج القرآن في عرض العقيدة جفوة» وبناء على ذلك لا يصح 
استعارة القالب الفلسفي في عرض حقائق العقيدة لأن ذلك يقتلها 
ويطفئ إشعاعها " وبالتالي تصبح البراهين الذهنية التجريدية 
على وجود الله - سبحانه - وهي التي أتجه إليها علماء التوحيد 
- بتأتير منطق أرسطو - والتي تعتمد على المقولات العقلية 


)١(‏ ينظر في نقد منهج الفلاسفة: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 8/١‏ وما 
بعدهاء والنبوات لابن تيمية» دار الكتب العلمية» بيروت» ط عام 9857١م»‏ 
ص ”485-17 ومنهاج السنة 2١ 48/١‏ وما بعدها. 

)١(‏ ينظر: المبحث الثالث - الفصل الأول - الباب الثاني. 

اام 








وحدهاء بعيدة في منهجهاء وغريبة على المنهج الإسلامي وهذا 
المنهج القرآني» لأنها أضعف أنواع البرهان في هذا المجال؛ 
وأذعاها للحدك والمزاع 107). 


فسيد - رحمه الله - يرى أن المنهج القرآني وحده هو 
المنهج الحقء وأن طريقة القرآن في عرض قضايا العقيدة 
وحدها هي الطريقة الصحيحة» ويقرر بيقين جازم أن " التصور 
الإسلامي " لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ إلا حين 
نلقي عنه جملة بكل ما أطلق عليه اسم " الفلسفة الإسلامية " 
وبكل مباحث " علم الكلام " وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق 
الإسلامية المختلفة ثم نعود إلى القرآن الكريم» ومنهجه في 
عرض العقيدة (). 

ومن خلال تتبع ما ذكره سيد - رحمه الله - من استدلال 
على قضية وجود الله سبحانه نجد أنه يركز على الأدلة الشرعية 
الواردة في القرآن الكريم» ويؤكد أن منهج القرآن في إثبات 
الوهنوة الإلهي هو المنهج الحق» القائم على أن معرفة الله 
والإقرار بوجوده أمر فطري في النفوس. 


)١(‏ ينظر كلام سيد في: خصائص التصور الإسلامي ص 2575-٠١‏ ومقومات 
التصور الإسلامي ص78 7. 
(؟) خصائص التصور الإسلامي ص .١7‏ 

لك 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





كما نجده يتعرض بالنقد لمناهج المتكلمين والفلاسفة في إثبات 
الوجود الإلهي كونها مناهج تجريدية تقوم على أن معرفة الله لا 
تحصل إلا بالنظر والاستدلال حسب مقدماتهم في ذلك. 

ولذلك عمل على عرض حقائق العقيدة من خلال المنهج القراني 
وحده؛ رافضاً كل التصورات التي جاءت بها الفلسفات أو التي 
يتمحلها بعض الملحدين باسم " العلم" ('). 

يقول - رحمه الله -: " فالمنهج القرآني لا يجعل " وجود الله " - سبحانه 
- قضية يجادل عنها فالوجود الإلهي يفعم القلب البشري - من خلال 
الرؤية القرآنية والمشاهدة الواقعية على السواء - بحيث لا يبقى هنالك 
مجال للجدل حوله؛ إنما يتجه المنهج القرآني مباشرة إلى الحديث عن آثار 
هذا الوجود في الكون كله» والى الحديث عن مقتضياته كذلك في الضمير 
البشري وفي الحياة البشرية " ("). ' وهذا هو الفارق الأصيل بين خطاب 
المنهج القرآني للكينونة البشرية.. وبين خطاب الفلسفة واللاهوت وعلم 
الكلام للذهن بالتصورات التجريدية أو بالجدل البارد الذي لا يصل قط إلى 
الإقناع المؤثر المحيي للقلوب والعقول " (). 


)١(‏ ينظر كلام سيد في هذا الشأن في: مقومات التصور الإسلامي ص ٠٠١‏ وما 
بعدها. 
)١(‏ المصدر السابق ص 5١١‏ -؟١58,‏ 
(9) المصدر السابق ص ٠١5‏ بتصرف يسير. 
4 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


المطلب الثاني 


منهج سيد قطب في تقرير وجود الله ووحدانيته والاستدلال 
عليه 


م 


في هذا المطلب نقف على منهج سيد قطب - رحمه الله - في 
الاستدلال على وجود الله تعالى ووحدانيته» والطرق التي سلكها في هذا 
الباب والتي تتمثل في: 
-١‏ الاستدلال بالفطرة. 
؟- الاستدلال بالآيات الكونية في الآفاق والأنفس. 
"- الاستدلال بالأدلة العقلية. 
4- الاستدلال بالمعجزة. وذلك في الفروع الآتية: 
الفرع الأول: الاستدلال بالفطرة 
يرى - سيد قطب - أن الإقرار بوجود الله ووحدانيته 
وربوبيته للخلق أمر فطري مركوز في النفس البشرية» فما من 
مولود إلا ويولد على هذه الفطرة» وبالتالي يجعل من الفطرة 
دليلآ أصيلاً على وجود الله ومعرفته. 
2-١‏ يقول- رحمه الله -: " إن الفطرة بذاتها تحس 
بوجود الخالق الواحدء ما لم تفسد وتنحرف" :»)١(‏ وذلك " لأن 


.55١14/© في ظلال القرآن‎ )١( 
2” 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الفطرة مجذوبة إلى الذي فطرهاء تتجه إليه أول ما تتجه؛ فلا 
تنحرف عنه إلا بدافع آخر خارج على فطرتهاء ولا تلتوي إلا 
بموثل آخو اليس :من طبيشتهاة والتريجة إلى التخالق: هو الأزل» 
وهو الأول» وهو المتجه الذي لا يحتاج إلى عنصر خارج عن 
طبيعة النفس وانجذابها الفطري " (')» ' وما يملك الإنسان حين 
يستفتي فطرته؛ ويعود إلى ضميره أن ينكر هذه الحقيقة 
الوأضبحة الناظقة 5(:7): 

2-١‏ كمايقرر أن ' فطرة الإنسان تبرز عارية حين 
يمسه الضرء ويسقط عنها الركام» وتزول عنها الحجب» 
وتنكشف عنها الأوهام» فتتجه إلى ربهاء وتنيب إليه وحده؛ وهي 
تدرك أنه لا يكشف الضر غيره؛ وتعلم كذب ما تدعي من 
شركاء أو شفعاء"220» " فالمضطر في لحظات الكربة والضيق 
ليك السدملها لذ انف جد عو ليكتيت: هفه الخين والسوم ذلك 
حيق تميق التحلفة وتشكة' الختقدة» رادل لقنو وتكينازئ 
الأسناد» وينظر الإنسان حواليه فيجد نفسه مجرداً من وسائل 
النصرة وأسباب الخلاص في هذه اللحظة تستيقظ الفطرة فتلجأ 


)١(‏ المصدر السابق 6/؟5951. 
(") المصدر السابق 77295/6. 
(9) المصدر السابق .5"١05١/6‏ 
ال ى”, 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





إلى القوة الوحيدة التي تملك الغوث والنجدة» ويتجه الإنسان إلى 
الله ولو كان قد نسيه من قبل في ساعات الرخاء... " .)١(‏ 

وبناءَ على ما سبق " فإن القران الكريم لم يجعل قضية 
وجود الله قضيته» لعلم الله أن الفطرة ترفض هذه اللوثة - أي 
الإلحاد - إنما القضية هي قضية توحيد الله وتقرير سلطانه في 
حاة العاة "لكر 

"-- ثميقرر أن الفطرة ترفض وتبطل دعوى الإلحاد 
وانكار وجود الله فيقول: " فمسألة 'وجود ' إله لم تكن قط قضية 
جدية من قضايا الاعتقاد في تاريخ البشرية» إنما كانت القضية 
الجدية دائماً هي تصور حقيقة الألوهية» وبخاصة ما يتعلق 
منها "بصفة التوحيد " الذي جاء به دين الله كله.. إن لوثه إنكار 
وحؤة الله أصصلا ونية الأعتقاة والكنديق إطلافاء لوقة خديقة 
عارضة شاذة» ليس لها في ضمير البشرية جذور» وليس لها في 
الفطرة البشرية روافد» وليس لها في الكينونة البشرية ولا في 
الحياة البشرية عوامل بقاء ولا امتداد» إنها لوثة نبعت ابتداءً من 
تحريف النصرانية في أورباء حتى لم تعد تحتوي على عنصر 
الحق الذي تعرفه الفطرة في دين الله ثم بعد ذلك من الصدام 
)١(‏ في ظلال القرآن ©51548/6. 


ويه المصدر السابق ل ١‏ 
ك22, 








الذي وقع بين الكنيسة بعقائدها المحرفة وسلوكها الشائن وبين 
النهضة العلمية في أورباء وامتدت موجتها في فلسفات عصر " 
التنوير" ثم في المذاهب " الوضعية المادية " وفي "الداروينية" 
القديمة والحديثة» كما امتدت إلى الأوضاع السياسية 
والاجتماعية والاقتصادية» بعد نشأة " القوميات " في أوربا.. ثم 
انتهت هذه العوامل مجتمعة متداخلة متفاعلة إلى هذه اللوثة 
التي تبدو أعراضها في هذا الإلحاد المطلق» الذي طنينه أكبر 
من حجمه؛ وضجته أكبر من حقيقته؛ وهي لوثة طارئة 
عارضة:» وشاذة منافية للفطرة البشرية» ولم يكد القرن العشرين 
يستهل حتى بدأت موجة جديدة في أوربا ذاتهاء تبحث عن الله 
بل تواجه الله - سبحانه - في نهاية كل درب تسلكه وهي في 
لوو را ار 

ويقول: " والملحدون هم أمساخ شائهو الفطرة؛ ينكرون 
الفطرة» ويعاندون ما يجدونه في أنفسهم من إلحاحهاء وعندما 
صعد أحدهم إلى الفضاء الجويء ورأى ذلك المشهد الباهر 
للأرض ككرة معلقة» هتفت فطرته: ما الذي يمسكها هكذا في 
الفضناء؟5 99 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص ٠٠١‏ وما بعدها بتصرف يسير. 
(5) في ظلال القرآن ”/ ١505‏ بتصرف يسير. 
”0 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





" فالإلحاد تقاومه الفطرة» والفطرة أغلب '" .)١(‏ " والفطرة 
البشرية بها حاجة ذاتية إلى التدين» والى الاعتقاد بإله» بل إنها 
حين تصح وتستقيم تجد في أعماقها اتجاهاً إلى إله واحد؛ 
واحساساً قوياً بوجود هذا الإله الواحد... وبالتالي كانت وظيفة 
العقيدة الصحيحة ليست هي إنشاء هذا الشعور بالحاجة إلى إله 
والتوجه إليه فهذا مركوز في الفطرة» ولكن وظيفتها هي تصحيح 
تصور الإنسان لإلهه» وتعريفه بالإله الحق الذي لا إله غيره؛ 
تعريفه بحقيقته وصفاته؛ لا تعريفه بوجوده واثباته ثم تعريفه 
بمقتضيات وجود الله في حياته» والشك في حقيقة الوجود الإلهي 
أو إنكاره» هو بذاته دليل قاطع على اختلالٍ بيّن في الكينونة 
البشرية» وعلى تعطل أجهزة الاستقبال والاستجابة الفطرية فيهاء 
وهذا التعطل لا يعالج - إذن - بالجدل» وليس هذا هو طريق 
العلاج» إنما يعالج باستحياء أجهزة الاستقبال واستجاشة كوامن 
الفطرة» لتعود إلى حياتها وعملها " ("). 

4 - يربط سيد قطب - رحمه الله - بين الفطرة وبين 
العهد الإلهي أو الميثاق الأول» الذي أخذه الله تعالى على بني 
آدم بربوبيته تعالى لهم واقرارهم بذلك. فعند قوله تعالى: [ أَلَذِيَ 
)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص .٠١"‏ 


2 





سيك قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





يصون عهَدَ أله مِنْ بعد مِِكَفِوء 1 [سورة البقرة:7؟] » يقول: " و. 
الله المعقود مع البشر يتمثل في عهود كثيرة: إنه عهد الفطرة 
المركوز في طبيعة كل حي» أن يعرف خالقه وأن يتجه إليه 
بالعبادة» وما تزال في الفطرة هذه الجوعة للاعتقاد بالله» ولكنها 
تضل وتنحرف فتتخذ من دون الله أنداداً أو شركاء وهو عهد 
الاستخلاف في الأرض الذي أخذه الله على آدم - عليه السلام 
- بقوله: [فَإِمَا يَأَيََتَكم ين هُدَى فم يم هُدَاىَ فَلَاحَوَفُ عَلومَ ولا 
هم رون (0) ولد كوأ وكدوأَايََآ أؤكيك أسْح ب النَارِهُمْ يا 
خَِدُونَ 1 [سورة البقرة الآيات 81-78] » وهو عهوده الكثيرة في 
الرسالات لكل قوم أن يعبدوا الله وحده؛ وأن يحكموا في حياتهم 
مكيهه وقوضك 110 

ويوضح الارتباط بين الفطرة والميثاق أكشر في ظلال 
قوله تعالى: (ِوَإِدْ أحَدَ رَبك مِنْبََ ادم من ظهورهر دَرَيتو وَأَشَبَدَه 
داو واس و ”سا 


عل أَنفسهم الست برد اويل مهدا اك تتولراين الْتبنمة نا 


2 سمه سم 


كن عن هذا غَنفَلِينَ 0 أو تَفولُوا ا شرك َابَآوْنَا من قَبَلُ كنا 
كيو 1 يا قل التتزارة 1 [نسورة الأعرافهالاباتك 


.ه7-ه1/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
هلآ[‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





]١75--‏ » بقوله: 'وهنا تعرض قضية التوحيد من زاوية 
جديدة» وزاوية عميقة تعرض من زاوية الفطرة التي فطر الله 
عليها البشرء وأخذ بها عليهم الميثاق في ذات أنفسهم» وذات 
تكوينهم» وهم بعد في عالم الذر!. 

إن الاعتراف بربوبية الله وحده فطرة في الكيان البشري» 
فطرة أودعها الخالق في هذه الكينونة وشهدت بها على نفسها 
بحكم وجودها ذاته» وحكم ما تستشعره في أعماقها من هذه 
الحقيقة» أما الرسالات فتذكير وتحذير لمن ينحرفون عن فطرتهم 
الأولى» فيحتاجون إلى التذكير والتحذير. 

إن التوحيد ميثاق معقود بين فطرة البشر وخالق البشر 
منذ كينونتهم الأولى» فلا حجة لهم في نقض الميثاق - حتى لو 

يبعث إليهم بالرسل يذكرونهم ويحذرونهم - ولكن رحمته 

وحدها اقتضت ألا يكلهم إلى فطرتهم هذه فقد تنحرف»؛ وألا 
يكلهم كذلك إلى عقولهم التي أعطاها لهم فقد تضلء وأن يبعث 
إليهم رسلا مبشرين ومنذرين لثلا يكون للناس على الله حجة 
فقد الرقل 0٠‏ 

' وهنا تعرض قضية الفطرة والعقيدة في صورة مشهد - 
على طريقة القرآن الغالبة - وانه لمشهد فريد» مشهد الذرية 


.١391/79 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المكنونة في عالم الغيب السحيق» المستكنة في ظهور بني آدم 
قبل أن تظهر إلى العالم المشهود» تؤخذ في قبضة الخالق 
المربي» فيسألها " ألست بربكم؟ " فتعترف له - سبحانه - 
بالربوبية» وتقرر له - سبحانه - بالعبودية» وتشهد له - سبحانه 
- بالوحدانية» وهي منقورة كالذر» مجموعة في قبضة الخالق 
العظيم! 

إنه مشهد كوني رائع باهرء لا تعرف اللغة له نظيراً في 
تصوراتها المأثورة! وإنه لمشهد عجيب فريد حين يتملاه الخيال 
البشري جهد طاقته! وحينما يتصور تلك الخلايا التي لا 
تحصىء» وهي تجمع وتقبض» وهي تخاطب خطاب العقلاء - 
نهنا ركني قبي ]من الكتناتعن: النتنهنة الفني أردهيا يلها 
الخالق المبدع - وهي تستجيب استجابة العقلاء» فتعترف وتقر 
وتشهد» ويؤخذ عليها الميثاق في الأصلاب!. 

وإن الكيان البشري ليرتعش من أعماقه وهو يتجلى هذا 
المشهد الرائع الباهر الفريد» وهو يتمثل الذر السابح» وفي كل 
خلية حياة» وفي كل خلية استعداد كامن» وفي كل خلية كائن 
إنستاتي :مكتيل الصفات» نظن الأذرم له بالتضاء والظهون: في 
النتورة 'الاتكنوكة له فى طتدنون الوكوة اللتحهون ورقطع بعلي 
نفسه العهد والميثاق» قبل أن يبرز إلى حيز الوجود المعلوم!. 


/ا722, 


سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


لقد عرض القرآن الكريم هذا المشهد الرائع الباهر 
العجيب الفريد» لتلك الحقيقة الهائلة العميقة المستكنة في أعماق 
الفطرة الإنسانية وفي أعماق الوجود. 

عرض القرآن هذا المشهد قبل قرابة أربعة عشر قرناً من 
الزمان» حيث لم يكن الإنسان يعلم عن طبيعة النشأة الإنسانية 
وحقائقها إلا الأوهام! ثم يهتدي البشر بعد هذه القرون إلى 
طرف من هذه الحقائق وتلك الطبيعة» فإذا " العلم " يقرر أن 
"الناسلات "؛ وهي خلايا الوراثة التي تحفظ سجل ' الإنسان " 
وتكمن فيها خصائص البشر وهم بعد خلايا في الأصلابء إن 
هذه "الناسلات" تحفظ سجل ثلاثة آلاف مليون من البشر 
وتكمن فيها خصائصهم كلهمء ولا يزيد حجمها على سنتيمتر 
مكعبء أو ما يساوي ملء قمع من أقماع الخياطة؛ كلمة لو 
قيلت للناس يومذاك لاتهموا قائلها بالجنون والخبال! وصدق الله 


86 مه 1 


00 ( سَبْرِيهِمٌ يناف اَلْدَّفَاقِ وف نَفْسِمٌ حَقٌَ حول يتبين 
ل خَقُ أوَلَم يَكْفِ يريك أنَهُ ع كل شيع سيد (00) 


فصلت:7؟0] . 


76 


4. 














روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما - قال: " مسح 
ربك ظهر أدم؛ فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة» 


,/ 








وروي مرفوعاً وموقوفاً على ابن عباسء قال ابن كثير: إن 
الموقوف أكثر وأثبت .)١(‏ 

فأما كيف كان هذا المشهد؟ وكيف أخذ الله من بني آدم 
من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم؟ وكيف خاطبهم ' 
ألست بركم " وكيف أجابوا " بلى شهدنا "؟ فالجواب عليه: أن 
كيفيات فعل الله - سبحانه - غيب كذاته» ولا يملك الإدراك 
البشري أن يدرك كيفيات أفعال الله ما دام أنه لا يملك أن يدرك 


ذات الله.. إذ أن تصور الكيفية فرع عن تصور الماهية» وكل 


ور 00 224 


( مسو إلى الا وق 
لمر 0 2 أ أله مَاسَاءُ وَييَبتٌُ ) [سورة الرعد 5] ٠‏ ( 
السو سمطو يهف" 1 انجوزة الزفين ]2 رلك 


روح ردخ ساس 


222000 إسورة الفجر ؟'] » إمَايَكُوربٌ من وي مَلامَةٍ 


'[سورة فضسلت 15 سمو 


هْوّرَابعْهُمْوَلَا حمْسَةٍ إِلّا هُوَسَاوِسُهُمْ 1 [سورة المجادلة 7] » إلى 
)١(‏ رواه: أحمد 2577/١‏ والحاكم في المستدرك» 44/7 5» ورجاله ثقات» وصححه 
الأرناؤوط في مسند أحمد» 7517/4. 
)١(‏ سورة الأعراف الآية 254 ويونس "2 والرعد 5؛ والفرقان 55» والسجدة 4» 
والحديد ؟.. 
1" 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





التسليم بوقوعه» دون محاولة إدراك الكيفية» إذ أن تصور الكيفية 
فرع عن تصور الماهية كما قلناء والله ليس كمثله شيء» فلا 
سبيل إلى إدراك ذاته ولا إلى إدراك كيفيات أفعاله» إذ أنه لا 
سبيل إلى تشبيه فعله بفعل أي شيء ما دام ليس كمثله شيء»: 
وكل محاولة لتصور كيفيات أفعاله على مثال كيفيات أفعال 
خلقه» هي محاولة مضللة» لاختلاف ماهيته - سبحانه - عن 
ماهيات خلقه وما يترتب على هذا من اختلاف كيفيات أفعاله 
عن كيفيات أفعال خلقه» وكذلك جهل وضل كل من حاول من 
الفلاسفة والمتكلمنيق تا وضبف كيفييات: أفغال الله وخلطوًا خلظأا 
كبذيداً. 

على أن هناك تفسيراً لهذا النص: بأن العهد الذي أخذه 
الله على ذرية بني آدم هو عهد الفطرة فقد أنشأهم مفطورين 
على الاعتراف له بالربوبية وحده أودع هذا فطرتهم فهي تنشأ 
عليه» حتى تنحرف عنه بفعل فاعل يفسد سواءها ويميل بها 
عن فطرتها " ('). 

ثم ذكر كلام ابن كثير-رحمه الله - في أن بعض السلف 
والخلف يرون أن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على 
التوحيد» واستعرض ما ذكروه من مرجحات لهذا القول» وقال 


.١7957/9 في ظلال القرآن‎ )١( 








و 2ج سر لخر 


2000 
ع2 


3 اه 6 يصاع كو ا 2 20 َو ء. ديو 
أخذ ربك مِنْ بف ادم مِن ظهورهم ذريهم وَأشْبَدَم عَإج أنفسهم الست 


وي ماح سد ب 


ريم الوأ سَهدئاً أل تَعُووأيم الََِْمَةَِ حْتَاعَنَ هَدَا 1 على 
وجهه لا على سبيل الحال لأنه في تصورنا يقع كما أخبر عنه 
الله سبحانه؛ وليس هناك ما يمنع أن يقع حين يشاؤه؛ ولكنا 
كذلك لا نستبعد هذا التأويل الذي اختاره ابن كثير» والله أعلم 
أي ذلك كان. 

وفي أي من الحالين يخلص لنا أن هناك عهداً من الله 
على فطرة البشر أن توحده؛ وأن حقيقة التوحيد مركوزة في هذه 
الفطرة» يخرج بها كل مولود إلى الوجود فلا يميل عنها إلا أن 
يُفْسِد فطرته عامل خارجي عنها! عامل يستغل الاستعداد 
البشري للهدى وللضلال» وهو استعداد كذلك كامن تخرجه إلى 
حيز الوجود ملابسات وظروف .)١(‏ 

خلاصة ما ذكره سيد في باب استدلاله بالفطرة على 
وجود الله وربوبيته هي: 
-١‏ أن الإقرار بوجود الله وربوبيته ووحدانيته أمر فطري مركوز 


في فطرة البشر. 


)١(‏ الصدر السابق ١14 -١7935/9‏ بتصرف. 
١6م‏ 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





- أن الفطرة قد تنحرف بسبب عوامل عدة»؛ لكنها تبرز عارية 
وقت الشدة ويظهر فيها الإقرار الفطري بربها. 
"- أن منطق الإلحاد شاذ في التاريخ والفطرة» وأن الفطرة تأباه 
0 
- أن الفطرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالميثاق الإلهي الذي أخذه الله 
على البشر سواء كان الميثاق بلسان الحال " الفطرة " أو 
بلسان المقال " الإشهاد في عالم الذر ". 
وهذه هو الذي عليه جمهور السلف في باب الاستدلال بالفطرة. 





إن هذا الكون الفسيح المترامي الأطراف» وما حواه من مخلوقات 
بديعة على اختلاف أنواعهاء وتعدد أشكالهاء وتباين أوصافهاء ليشهد 
أن لهذا الكون خالقاً أوجده» ومدبراً أحكم أمره وتسييره. 

والمتأمل في القرآن الكريم يجده غنياً بالآيات الكونية: 
وحافلاً بالدلائل القطعية الداعية إلى التفكر والتدبرء فيما هو 
محسوس ومشاهد في الآفاق والأنفس» حيث تشكل دلائل الآفاق 
والأنفس في القرآن الكريم الأساس العقلي في تقرير وجود الله 
ووحدانيته» وعظمته سبحانه؛ قال تعالى: ( أَولم ينظروا في مَلَكْوْتِ 
لسَّمْوتِ وَالْارضِ وَمَاحَلَقَ النَّهْمِن شَّىَو 1 [سورة الأعراف:85١]‏ ؛ 00 
سبحانه: ( سَيْرِيِهِم َاِْتِنَاق الْدَفَاقِ وَف أنَفيمَ حَقّ يبي لَهُمَ أنه أ 





سيت قطي ومنمجه في العقيدة 4227 


وَلَمْ يكف بِرَيِكَ أَنَهُ عل[ م سَيِيدٌ 1 [سورة فصلت:57] » وقال 
سبحانه: ( وف الكْضٍ ءَنتٌ ومين (5) وف أَدِْ5: ألا يُهِرُونَ 1 [سورة 
الذاريات الآيات ]١١-٠٠‏ . 

ودلائل الآفاق والأنفس تتفرع إلى أربعة أنواع من الأدلة 
هي: 

١-دليل‏ الخلق. 

اعليل القسوية 

"-دليل التقدير. 

-دليل الهداية. 

وقد جمعت في قوله سبحانه وتعالى (الَيِىحَقَ شَرَّى'ن )الى 
در مهدا ؟ [سورة الأعلى الآيات ]"-١‏ ' (1). 

وهي أدلة عقلية تدركها العقول بداهة وبأدنى تأمل - تقرر 
وجود الله ووحدانيته. 

وسأعرض في هذا الفرع دلائل الآفاق والأنفس من خلال 
أدلة الخلق والتسوية والتقدير والهداية» مورداً نماذج من كلام 
سيد حول هذه الأدلة لصعوبة إيراد كل النصوص المتعلقة بهاء 
ولأن الهدف هو بيان منهجه في تقرير وجود الله ووحدانيته 
وربوبيته من خلال آيات الله في الآفاق والأنفس. 


.١7١ص‎ ءها١‎ 575 ء١ط شفاء العليل» لابن القيم» دار الكتاب العربي» بيروت؛‎ )١( 
.م‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





أولاً: دليل الخلق: 

ورد ذكر الخلق ومشتقاته في القرآن الكريم في ما 
يزيد عن ماتتي آية )١(‏ تتحدث عن مظاهر الخلق في 
الآفاق والأنفس» ويطلق الخلق في هذه الآيات على 


معنيين: 
الأول: إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء» كخلق 
السموات والأرض وما فيهما. 
الثاني: إيجاد الشيء من الشيء» كخلق الإنسان من 
تراب» ومن ماء (5). 
ويعتبر دليل الخلق في القرآن من أقوى البراهين 
والأدلة على وجود الله ووحدانيته لذا لا غرابة أن تكون أول 
آية تنزل على الرسول يل هي قوله تعالى: ( أرا بس رَيْكَ 
لِك حَلقَ (0) خَلقَ لاضن مِنَعَلَقِ 1 [سورة العلق الآيات -١‏ ؟] » 
حيث نبهت الآيات إلى مظاهر الخلق في الآفاق والأنفس. 
يقول الفخر الرازي: ' إن الله سبحانه أطلق الخلق الذي 
يتناول كل مخلوق» ثم عين خلق الإنسان فكان كل ما يُعلم 


)١(‏ انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي. 
)١(‏ انظر: الدلالة العقلية في القرآن ومكانها في تقرير العقيدة. د/ عبد الكريم 
عبيدات» دار النفائس. الأردن. ط١اء 2١547١‏ ص7559. 

:6م 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





حدوثه داخلاً في قوله " الذي 00 

ودليل الخلق فطري وظاهر للعقول» ومن ثم فالاستدلال 
به على وجود الله ووحدانيته متيسر لكل ذي عقلء لا يدفعه إلا 
مكابر أو جاحدء " وقد أجمع أهل الملل الدينية وسائر الفرق 
الإسلامية على أن الطريق إلى معرفة الله تعالى واضح؛ 
والآيات الدالة على الصانع ووحدانيته وصفاته أكثر من أن 
تحصى... ومن أصدق من الله قيلاً فيما هدى الناس إليه من 
الاعتبار بخلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار وما 


بية 0 2 
أ) أدلة الخلة فى الآفاة د الله ووحدانيته: 


إن صفحة الكون زاخرة بالشواهد العديدة الدالة على 
الخلق» بل كل مخلوق في الكون دالٌ بذاته على وجود الله 


)١(‏ التفسير الكبير( المسمى: مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي» دار الكتب العلمية» 
بيروت» ط١ا»‏ عام ١اه»‏ 1/1 . 

() الدين الخالص» لمحمد صديق خان» وزارة الأوقاف» قطرء ط١ء‏ عام 577 ١اه»‏ 
1 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





ووحدانيته وقدرتة كما قال أبو العتاهية .)١(‏ 





فيا عجباً كيف أم كيف يجحده 
ولله في كل تحريكة وتشتكينة أينذا تجتا قد 


وفي كل شيء له آية كذل علني أشه ولس 2) 


ومن ثم جاءت الدعوة في القرآن الكريم للعقل إلى التدبر 
والتفكر والتذكر» وغيرها من الألفاظ التي تدعوه إلى الوقوف 
على آثار قدرة الله وبديع صنعه الماثلة للعيان في السموات 
والأرض. 

ويرى سيد أن القرآن يخاطب العقل البشري بدليل الخلق 
ودليل الحياة» ممثلين في الآفاق والأنفس» خطاباً موحياً موقضاً 
للفطرة» لا خطاباً جدلياً لاهوتياً أو فلسفياً! حيث يواجهها بحركة 
الخلق والإحياء وحركة التدبير والهيمنة» في صورة التقرير لا في 


)١(‏ هو: إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان العنزي» ولد قرب الكوفة سنة 
٠ه»ء‏ وتوفي ٠ه.‏ شاعر معروف» كان أكثر شعره في الزهدء وكان على 
مذهب الزيدية» انظر: الأعلام 1517//5. 

(1) الجامع لشعب الإيمان للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي» الدار 
السلفية» الهند»ء ط١ء‏ عام 505 ١هء »"57/١‏ ونسبها لأبي العتاهية» وهي في 





عَيَتَ قطي ومنعجه في العفيدة ' 


صورة الجدل(١).‏ 


ويمكن استعراض نماذج من كلامه في ظلال بعض 
الآيات على سبيل التمثيل كما يأتي: 

-١‏ في ظلال قول الله تعالى: ( قل أنظروأ مَادَافِ 
لسوت وَالْارْضٍ وَمَاتنٍالآيات وَالنْدُرٌُ عن فو وِلَاموِْبُونَ ) [سورة 
يونس:١١11]‏ » يقول سيد: ' وسواءًٌ كان عقب الآية استفهامٌ أو 
تقريرٌ فمؤداه واحدء فإن ما في السموات والأرض حافل بالآيات» 
ولكن لا يستفيد منها إلا المؤمنون» والمخاطبون بهذا القرآن أول 
مرة لم يكن لديهم من المعرفة العلمية بما في السماوات والأرض 
إلا القليل - ولكن الحقيقية - أن بين الفطرة البشرية وبين هذا 
الكون الذي نعيش فيه لغة خفية غنية! وأن هذه الفطرة تسمع 
لهذا الكون - حين تتفتح وتستيقظ - وتسمع منه الكثير! - 
والمنهج القرآني في تكوين التصور الإسلامي في الإدراك 
البشري يتكئ على ما في السموات والأرضء ويستلهم هذا 
الكون» ويوجه النظر والسمع والقلب والعقلء والنظر إلى 
السموات والأرض يمد القلب والعقل بزادٍ من المشاعر 
والتأملات؛ والاستجابات والمؤثرات وسعة الشعور بالوجود 


.١١557/؟ في ظلال القرآن»‎ )١( 








اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





والتعاطف معه» وذلك كله في الطريق إلى امتلاء الكينونة 
البشرية بالإيقاعات الكونية» الموحية بوجود الله» وبجلال الله» 
وبتدبير الله» وبسلطان الله» وبحكمة اللهء وعلم الله " .)١(‏ 

؟- وفي ظلال قوله تعالى: [ إِنَفاسَمَوتوالار ضٍلَآينتِ 
َلََوْينَ 1 [سورة الجاثية:"] )> يقول سيد: ' والآيات المبثوثشة في 
السماوات والأرض لا تقتصر على شيء دون شيء» ولا حال 
دون حالء فحيثما مد الإنسان ببصره وجد آيات الله تطالعه في 
هذا الكون العجيب.. وأي شيء ليس آية؟ هذه السماوات 
بأجرامها الضخمة وأفلاكها الهائلة».. وهذه الأرض الواسعة 
العريضة.. وما أودعه الله فيها من خصائص.. وكل شيء في 
هذه الأرض وكل حي.. آية.. وكل جزء من كل شيء ومن كل 
حي في هذه الأرض.. آية.. والصغير الدقيق كالضخم الكبير.. 
الورقة الصغيرة في الشجرة الضخمة أو النبتة الهزيلة آية.. آية 
في شكلها وحجمها ولونها وملمسها وفي تركيبها ووظيفتهاء 
والشعرة في جسم الحيوان أو الإنسان آية» في خصائصها ولونها 
وحجمها.. والريشة في جناح الطائر.. آية.. وحيثما مد الإنسان 
ببصره في الأرض أو في السماء تزاحمت الآيات وتراكبت» 


.18757/79 في ظلال القرآن‎ )١( 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وأعلنت عن نفسها لقلبه وسمعه وبصره.. وكلها تشير إلى اليد 
الصانعة المبدعة» التي لا يقدر على فعل شيء من ذلك أحد 
من خلق اش " ,)١(‏ 

"- في ظلال قوله تعالى: ( وَمِنْءَايْهء خَلْقٌ اَلسَموْتِ 
وَلْدرَضِ وَمَاتَضِهِمَا مكايو وَهْوَعَكَجَمعهمَ إدَا يَضَآهُ قَدِيْرٌ ) [سورة 
الشورى:3 ؟] » يقول سيد: " وآية السماوات والأرض لا تحتمل 
جدلاً ولا ريبة» فهي قاطعة في دلالتهاء تخاطب الفطرة بلغتهاء 
وما يجادل فيها مجادل وهو جادء إنها تشهد بأن الذي أنشأها 
ودبرها ليس هو الإنسان» ولا غيره من خلق الله ولا مفر من 
الاعتراف بمنشئ مدبر» فإن ضخامتها الهائلة» وتناسقها الدقيق» 
ونظامها الدائب؛ ووحدة نواميسها الثابتة» كل أولئك لا يمكن 
تفسيه غقلاً إلا علن أساس أن هناك إلها أنشاها ويديرهاء أمنا 
الفطرة فهي تتلقى منطق هذا الكون تلقياً مباشراً» وتدركه 
وتطمئن إليه قبل أن تسمع عنه كلمة واحدة من خارجها!. 

وننطوي آية السماوات والأرض على آية أخرى في 
ثناياها " وما بث فيهما من دابة " والحياة في هذه الأرض 


وحدها - ودع عنك ما في السماوات والأرض من حيوات أخرى 


.5918/ في ظلال القرآن 7777/5 بتصرف وأيضاً‎ )١( 
م‎ 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





ري و 1 
ويستعرض- سيد - دلالة الخلق في الآفاق الكونية عند 
كثير من الآيات ومن النماذج يضما : 
-١‏ الليل والنهار وهما من أعجب آيات الله وبدائع صنعه؛ 
وفيهما دلالة على ربوبية الله وحكمته (2). 
”- البحار والمحيطات» وما أودع الله فيها من عجائب مخلوقاته 
0 
"- الرياح والمطر والسحاب والبرق (54). 
- الزرع والنبات والشجر (7). 
ف القسيون القن 00 
الجبال والأنهار ("): 
وفيما سبق كفاية لبيان استدلال سيد بدليل الخلق في 


الكون على وجود الله ووحدانيته وربوبيته. 


)١(‏ في ظلال القرآن "١5/5‏ بتصرف يسير. 
(") المصسدر السابق ١مك‏ الاك 5/5ئ ات ه17 م7 
5 
(59) في ظلال القرآن .5١57/4 2155/١‏ 
(؟) المصدر السابق 679/١‏ 2.1 5.65.0/5: 323517 ه/ه؟١5.‏ 
(6©) المصدر السابق 55/5 .5١‏ 
(1) المصدر السابق 5/؟75.٠7”,,‏ 35656 78/5؟50. 
(2') المصدر السابق 54/؟51١5.‏ 
8١6‏ 








وهذه الأدلة تمثل الجانب الثاني من آيات الله الدالة على 
وحدانيته» وقد ورد الحديث عنها في آيات كثيرة من القرآن 
الكريم» وقف سيد - رحمه الله - عندها كثيراً. ومن ذلك: 


8 2 


0-١‏ في ظلال قوله تعالى: ( وَمِنْءَاييَهءَأَنحَلْفَكُم مّن 


وه اسم عو وو 1 


تراب ثم ذا تمسر تنتشرويت 4 إسورة الروم:١٠١]‏ . 
يقول سيد: " والشراب ميت ساكن» ومنه نشأ الإنسان» وفي 


ره حت سسحت سه را 


موضع آخر في القرآن جاء: ( وَلْمَدَ حَلشَالٍإضَسْنَ من سَلدييِّنطِينٍ ) 
[سورة المؤمنون:؟١]‏ » فالطين هو الأصل البعيد للإنسان» ولكن هنا 
يذكر هذا الأصل ويعقبه مباشرة بصورة البشر متحركين منتشرين» 
للمقابلة في المشهد والمعنى بين التراب الميت الساكن والبشر الحي 
المتحرك... وهذه المعجزة الخارقة من آيات القدرة... والنقلة ضخمة 
من صورة التراب الساكن الزهيد إلى صورة الإنسان المتحرك الجليل 
القدر» نقلة تثير التأمل في صنع الله» وتستجيش الضمير للحمد 
والتسبيح لله " .)١(‏ 
؟- في ظلال قوله تعالى: (حَلَفَكرْيِْنَفْيوبَِوَ تُمَجَعَلَ 

مِبادَوَجَهَ وَأرَلَ لكر مِنَالاتَعن ته روج لفك في بظون 


)١(‏ في ظلال القرآن 7777/6 7؟. 
١1م‏ 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


2 >> مركاره عسي يكل 4 ام 0 20 ثرء دو 
هنيكم حَلْقَامَنْ بعد حَلْقٍ في ظَلْمتٍ ثلث ذَلِكم الله ربكم له 
.له جحل _ 2 : 


1 


كاد 


لْتَزف ل إِلَهَ لهو أن رفون 1 [سورة الزمر9] ..يقول سيد" 
بعد أن لفت الله أنظار العباد في الآيات قبلها إلى أفاق الكون 
الكبير» ينتقل إلى لمسة في أنفس العباد» ويشير إلى الحياة 
القريبة منهم في أنفسهم.. وحين يتأمل الإنسان في نفسه - نفسه 
التي لم يخلقها - والتي لا يعلم عن خلقها إلا ما يقصه الله 
عليه... يجد وحدة التصميم.. وحدة الإرادة المبدعة لهذه النفس 
الواحدة بشقيها.. والإشارة إلى مراحل خلق الأجنة من النطفة إلى 
المضغة إلى العظام إلى الخلق الواضح في ظلمات الكيس 
والرحم والبطن» ويد الله تخلق هذه الخلية الصغيرة خلقاً من بعد 
خلق» وتتبع هذه الرحلة القصيرة الزمن» البعيدة الآماد وتأمل 
التغيرات والأطوار» وتدبر تلك الخصائص العجيبة التي تقود 
خطى هذه الخلية الضعيفة في رحلتها العجيبة في تلك الظلمات 
وراء علم الإنسان وقدرته وبصره» هذا كله من شأنه أن يقود 
القلب البشري إلى رؤية يد الخالق المبدعء والإيمان بالوحدانية 
الظاهرة الأثر في طريقة الخلق والنشأة " ('). 


)١(‏ في ظلال القرآن "١50-7075976‏ بتصرف. 
١1م‏ 











١‏ في ظْ لا قوله تعالى: نحن َو لشم فا دك تُصِدفُونَ 


دح في 


© (50) أفرَعَيمُ َاتمَُونَ '(0) َأَسَْ تحلفوئة: آَم تحن لَلْفِفُونَ 1 [إسمورة 
الواقعة:57 -58] . يقول سيد: " وأمر النشأة الأولى ونهايتها وأمر 
الخلق والموت» أمر منظور ومألوف وواقع في حياة الناس» 
فكيف لا يصدقون أن الله خلقهم؟ إن ضغط هذه الحقيقة على 
الفطرة أضخم وأثقل من أن يقف له الكيان البشري أو يجادل 

ودور البشر في أمر الخلق لا يزيد عن أن يودع الرجل 
ما يُمني في رحم المرأة» ثم ينقطع عمله وعملهاء وتأخذ يد القدرة 
في العمل وحدها في هذا الماء المهين» في خلقه وتنميته» وبناء 

هيكله ونفخ دا حت مدر ركم 
كل إنسان» وهذا يكفي لتقدير هذه المعجزة والتأثر بهاء ولكن 
قضمة :هذه الخلية الوؤاحدة كذ أن ثمتى» إلن أن:تصدير كلقا 
قصة أغرب من الخيال» قصة لا يصدقها العقل لولا أنها تقع 
فعلاآً ويشهد وقوعها كل إنسان. 

د ككف ا علاييم الخلايا؛ كل ا 


م1١‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الإنسان» هذه عظام؛ وتلك عضلاتء وأخرى جلد» وهذه 
أعصابء ثم هذه خلايا لعمل عين» وهذه لعمل لسان» وهذه 
لعمل أذن وهذه لعمل غددء وهي أكثر تخصصاً من سابقتها 
وكل منها تعرف مكان عملهاء فلا تخطئ خلايا العين مثلاً 
فتطلع في البطن أو القدم وهكذا.. ' .)١(‏ 

' فخلق الإنسان عجيبة كبرى» في تكوينه الجسماني» 
والروحي» وتوالده وتوارثه ومراحل حياته وعمل أجهزته؛ فكل 
جزئية فيه خارقة من الخوارق الإلهية الدالة على وجوده سبحانه 
ووحدانيته وربوبيته ("). 

ولسيد وقفات كثير مع دليل الخلق في الأنفس في ظلال 
كنوكهن الات 

دليل الخلق ونفي والمصادفة: 

إن القرآن الكريم وهو يعرض دلائل الخلق في الآفاق 
والأنفس - كما سبق - يقرر بطلان المصادفة في خلق الكون 


اح دسح ذه 


ومافيه»وفي ذلك يقول تعالى: | آم خُلِفوأمِنَ عَبِرِسَىْءِ أَمَ هم 


(١)‏ في ظلال القرآن 55517/5-/1457/8" بتصرف. 
)١(‏ المصدر السابق 121779/5" وما بعدها. 
(') منها: سورة آل عمران الآية (8)؛ و الروم الآيات (8: 4٠‏ )» و غافر الآية (510) و 
فصلت الآية (*5.0 )» و الذاريات الآيات ١-7١(‏ ) وسورة الملك 00 ). 
81م 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





-ه 
ج ةس 


لْحَيِفوس (0) م حلفأ خَلَيْوا الكوت والاري بل لا فون 1 إسوورة 
الطور الآيات 5*- 5"] . والاستدلال بهذه الآيات على ربوبية الله 
ووحدانيته وبطلان المصادفة قائم على أن لكل مخلوق خالق؛ 
وأن الخالق غير المخلوق ويستحيل أن يكون الشيء هو خالقاً 
ومخلوقاً في نفس الوقت وبالتالي: 

- فالإنسان إما أن يكون خلق من غير خالق وهذا محال 
لتعارضه مع مبدأ السببية» فمستحيل أن يوجد أثر بلا مؤثر. 

-- وما أن يكون الإنسان هو خالق نفسه وهذا محال 
' لأن من لا يقدر أن يزيد في حياته بعد وجوده وتعاطيه أسباب 
الكياة عدبباعة واحدةك كيف يكوق خالقا لنفين:0١).‏ 

-2 وإذا بطل الاحتمالان تعين أن يكون للإنسان 
خالقاً خلقه» وهو الإله الحق. 

* وأما ما يتعلق بالسماوات والأرض فإما: 
- أن تكون خلقتا من غير شيء»ء وهذا محال لتعارضه مع مبدأ 
السببية. 
- وإما أن تكونا خلقت نفسهاء وهذا محال أيضاً. 
- وإما أن تكون من خلق الإنسان» وهذا محال عقلات وواقعاً. 


.الال/١ مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم‎ )١( 


1م 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


فإذا بطل ما سبق لم يبقى إلا أن تكون السماوات 
والأرض من خلق خالقٍ هو الله عز وجل .)١(‏ 

وفي ذلك يقول سيد - رحمه الله -: ' ووجودهم - أي 
الناس - هكذا من غير شيء أمر ينكره منطق الفطرة ابتداءً؛ 
ولا يحتاج إلى جدلٍ كثير أو قليل. 

أما أن يكونوا هم الخالقين لأنفسهم فأمر لم يدعوه ولا 
يدّعيه مخلوقء وإذا كان هذان الفرضان لا يقومان بحكم منطق 
الفطرة» فإنه لا يبقى إلا الحقيقة التي يقولها القرآن» وهي أنهم 
جميعاً من خلق الله الواحد الذي لا يشاركه أحد في الخلق 
والإنشاءء كذلك يواجههم بوجود السماء والأرض حيالهم؛ فهل 
هم خالقوها؟ فإنها لم تخلق نفسها بطبيعة الحال كما أنهم لم 
يخلقوا أنفسهم ' م حَلَمُا لسوت وَالْاَرْصَ بل لَابُوقِْنَ '. وهم - 
ولا أي عقل يحتكم إلى منطق الفطرة - لا يقولون: إن السماوات 
والأرض خلقت نفسها أو خُلقت من غير خالق» وهم كذلك لا 
يدعون أنهم خلقوهاء وهي قائمة حيالهم سؤالاً حياً يتطلب جواباً 
على وجوده! " ("). 


)١(‏ الدلالة العقلية في القرآن» د/ عبد الكريم عبيدات ص 7185 وما بعدها. 
(1) في ظلال القرآن 7799/5- "5٠0٠‏ وينظر أيضاً 75655/0. 
5م 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


ويقول أيضاً بعد أن رد على تصورات الفلاسفة ومقولاتهم 
في قضية خلق الوجود: " إن المادة من خلق الله سبحانه؛ 
والصورة التي تظهر فيها من خلق الله كذلك» وهذه كتلك طوع 
إرادته» يتحقق وجودها بقدره كما أرادها وشاءها... 

وخلق كل شيء وكل حي عن إرادة وقصد» وتحقق خلقه 
ووجوده بقدر من الله خاصء فلا مكان للمصادفة العمياء في 
هذا الكون» كما أنه لا مكان للحتمية الآلية على السواء. 

لا مكان للمصادفة لأن كل حادث يحدث إنما يتم بقدر 
من الله خاص ( إِتَاملّ شَىْءِ حَلفَتمِْصَدَرٍ 1 [سورة القمر:44] » [مَآأْصَابَ 
من مُصِيبَة فى لاض ولاو أنش سك لانن ححِئب يَنِقِدَلِ أ يها 


إِنَّ للك عل الله ١‏ 0 [إسورة الحديد :7 ؟] وغيرها . وتسقط بذلك 


كل المقولات " الفلسفية " أو ١"‏ لعلمية " التي تزعم مثلاآً أن 
الأركن وححك مصسادفة» وأخ الهياة وحدث مصعادفة:.. .وعذلك 
تسقط كل التصورات التي تنسب الآثار للمصادفات في حياة 
البقد *(1) 

ثانيا: دليل التسوية: 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص كه”- لاه ؟ بتصرف يسير. 
114 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


ويقصد بالتسوية إحسان الخلق» وإكمال الصنعة؛ بحيث 
يكون المخلوق مهيئاً لأداء وظيفته وبلوغ كماله المقدر له 
وحعلة مسة نا معت ١‏ مكذاسفي | للأهزاءة تحيث: لا تحصيل تفارت 
بقل “المقصيزة ينه . 

وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تتضمن دليل التسوية في 
الآفاق وفي الأنفس ومظاهرها. 

أ ) أما مظاهر التسوية في الافاق: 

ففي ظلال قوله تعالى: ( الْرِىَلَسَحَ علَّعَنءِ َلَقَة ويد 
حَلْقَالِاِشنِ مِنطِينٍ ) [سورة السجدة:"] » يقول سيد-رحمه الله - 
".. اللهم إن هذا هو الحق الذي تراه الفطرة» وتراه العين» ويراه 
القلب» ويراه العقل الحق المتمثل في أشكال الأشياء» ووظائفهاء 
وفي طبيعتها منفردة» وفي تناسقها مجتمعة وفي هيئاتها أحوالها 
ونشاطها وحركاتهاء وفي كل ما يتعلق بوصف الحسن 
والإحسان من قريب أو من بعيد» سبحانه! هذه صنعته في كل 
شيء» هذه يده ظاهرة الآثار في الخلائق.. يتجلى في كل شيء 
الإحسان والإتقان» فلا ا ولا قصورء ولا زيادة عن حد 


.71١ص الدلالة العقلية في القرآن» د/ عبد الكريم عبيدات‎ )١( 
14م‎ 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


صنعة أو وظيفة».. كل شيء وكل خلق مصنوع ليؤدي دوره في 
اليحوة» سعد لأداغ هذا الدوز إعداذا دقيفا هزودا بالاستعدادات 
والخصائص التي تؤهله لذلك.. إن هذا الوجود جميل؛ وإن جماله 
لا ينفذ» والجمال مقصود فيه 00 

وقد وقف سيد - رحمه الله - عند كثير من مظاهر 
التسوية في الآفاق مستدلاً بها ومنها: 

١‏ - السماء: ففي ظلال قوله تعالى: (الِْى حَلَقَ سَبَمَ 
موت ياوا مَا ترك فى خَلق تمن ون توي تنيع اضر هَلْ ركان 
فُطُورٍ 5 اتج الِصَرَكرنٍ ينمِبليَكَ الْبِصَرُ حَاسِنَوَهْوَ حَسِيِدٌ ) 
[سورة الملك الآيات *- 4] . يقول -سيد- " والقرآن يوجه النظر 
إلى خلق الله» في السماوات بصفة خاصة وفي كل ما خلق 
بضيفة هامة. 4 وهو يتحدف يكيالة كبالا يرة البصير حاجنا 
كليل مبهوراً مدهوشاً.. فليس في خلق الرحمن - خلل ولا نقص 
ولا اضطراب.. وأسلوب التحدي يثير الاهتمام والجد في النظر 

والجمال في تصميم الكون مقصود كالكمال؛ بل إنهما 
اعتباران لحقيقة واحدة» فالكمال يبلغ درجة الجمال؛ ومن شم 


.7559/8 في ظلال القرآن 7804/0 - 605 "بتصرف» وينظر أيضاً‎ )١( 
8م‎ 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


يوجه القرآن النظر إلى جمال السماوات بعد أن وجهه إلى 
كمالهاء فمشهد النجوم في السماء جميل جمالاً يأخذ بالقلوب» 
وهو جمال متجدد تتعدد ألوانه بتعدد أوقاته» ويختلف من صباح 
إلى مساء»؛ ومن شروق إلى غروب» وكله جمالء يأخذ 
بالألباب.. والقرآن يوجه النفس إلى جمال السماء والكون كله؛ 
لأن إدراك جمال الوجود هو أقرب وأصدق وسيلة لإدراك جمال 
خالق الوجودء وهذا الإدراك هو الذي يرفع الإنسان إلى أعلى 
أفق يمكن أن يبلغه» لأنه حينئذ يتهيأ فيها للحياة الخالدة.. وان 
أسعد لحظات القلب البشري هي التي تهيئه وتمهد له ليتصل 
بالجمال الإلهي ا 
وفي ظلال قوله تعالى [ َنم أَمَدحَلَمَ حَلَْاا متها رم 

سَمَكها شَوَّنهَا 1 [سورة النازعات الآيات 717- 18] » يقول: " وسمك 
كل شيء قامته وارتفاعه؛ والسماء مرفوعة في تناسق وتماسك 
وهذه هي التسوية» والنظرة المجردة» والملاحظة العادية» تشهد 
بهذا التناسق المطلق» والمعرفة بحقيقة القوانين التي تمسك هذه 
الحقيقة الهائلة التي لم يدرك الناس بعلومهم إلا طرفاً منها وقفوا 


تجاهها مبهورين» تغمرهم الدهشة» وتأخذهم الروعة» ويعجزون 


)١(‏ في ظلال القران 3134-5395 بتصرف. 
١م‏ 











عن تعليلها بغير افتراض قوة كبرى مدبرة مطلقة» ولو لم يكونوا 
من المؤمنين بدين من الأديان إطلاقاً!! ('). 
-١‏ الأرض: يقول سيد- رحمه الله - في ظلال قوله 


تعالى: (وَالاصَ بد لِك مه (5) احج ينها مها ومَرحَهَا ((50) 


بام يو دا 


ال اسماة [سورة التازغات الآينات + ©#علا"] + ' ودحو .الأرطن 
تمهيدها وبسط قشرتهاء بحيث تصبح صالحة للسير عليهاء 
وتكوين تربة صالحة للإنبات» وإرساء الجبال وإخراج الماء 
والننات لتعيش ‏ الأحياء فنها وتستقر "00 

والخلاصة: أن كل شيء في الوجود مسوىّ في صنعته؛ 
كامل في خلقته؛ معد لأداء وظيفته؛ وهو دال على وجود الله 
وربوبيته. 

ب ) مظاهر التسوية في الأنة 

وتبدو جلية في كل عضو من أعضاء الإنسان» فقد 
أحسن الله خلقه» كما قال سبحانه [لعَدََلَقََاَلْإشَنَ فق أَحمَن تَنُويِوِ ) 
إسورة التين:؟] » وقال: ( الى حَلمَكَ صَوَدكَ مََدَكَ) [سورة الانفطار 


8-7 


.7171 -971١7 /4 وأيضاً‎ 58١7/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.7175 -971١51/5 بتصرف» وأيضاً‎ 738١1 -7817/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
م١‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





يقول سيد: " إن خلق الإنسان على هذه الصورة الجميلة 
السوية المعتدلة» الكاملة الشكل والوظيفة أمر يستحق التدبر 
الطويل والشكر العميقء والأدب الجم» والحب لربه الكريم... 
الذي اختار له هذه الصورة السوية.. إذ الإنسان مخلوق جميل 
التكوين» سوي الخلقة معتدل التصميم» وان عجائب الإبداع في 
خلقه لأضخم من إدراكه هوء وأعجب من كل ما يراه حوله؛ وان 
هذا الجمال والسواء والاعتدال» لتبدو في تكوينه الجسدي» وفي 
تكوينه العقلي» وفي تكوينه الروحي سواء» وهي تتناسق في 
كيانه في جمال واسنواء ".. ثم يستشهد على ذلك بما ذكره 
العلماء من عظمة خلق الإنسان والأجهزة التي عندهء في كمالها 
وتناسقها وجمالهاء كل واحد منها عجيبة:» لا تقاس إليها كل 
العجائب الصناعية التي يقف الإنسان مدهوشاً أمامها ' .)١(‏ 

ولو ذهبنا نتأمل مظاهر التسوية في الإنسان لأصابنا 
التعب كما أصابنا من التأمل في الوجود من حولناء وكلها دليل 
على عظمة الله ووحدانيته وقدرته وربوبيته. 


ثالثاً: دليل التقدير: 


)١(‏ في ظلال القرآن 5849/5 وما بعدها بتصرفء وينظر أيضاً 7459/5 وما 
بعدها. 


م 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





يقصد بالتقدير: جعل الأشياء على مقدار مخصوص 
كذوق زحادة أو :تتضيان + نمسعنا اقتتردت: التحكية الأليفة 17 
بحيث لو افترضنا خلاف ذلك تطرق الفساد إلى كل مخلوق. 
والتقدير في مخلوقات الله على ضربين: 

-١‏ ضرب أوجده بالفعل» بأن أوجده كاملاً دفعة لا تعتريه 
الزيادة والنقصان إلى أن يشاء الله أن يفنيه أو يبدّله. 
كالسماو اوها فييا. 

-١‏ ضرب جعل أصوله موجودة بالفعل» وأجزاءه بالقوة» وقدره 
على وجه لا يتأتى منه غير ما قدرّهِ فيه» كتقديره في النواة 
أن ينبت منها النخيل دون التفاح» وتقدير مني الإنسان أن 
يكور "مده الأنمام وى ساك الخيراناف 017 

وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم التقدير في عدة 
مواضع يمكن الإشارة إلى أمثلة منها في مجالي الكون 

والإنسان: 

أ - مظاهر التقدير في ١‏ 


.590 المفردات للراغب الأصفهاني ص‎ )١( 
.596 المصدر السابق» ص‎ )١( 
م‎ 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


ظاهرة التقدير تبدو في كل ما خلق الله -عز وجل- في 
الأرض وفي السماءء فقد نظّم الله أجزاء هذا الوجود على أحسن نظام 
وأدلّة غلى كمال قدرة خالقة وكمال علمة وحكمقه ولطفه (0). 

ومن الآيات الجامعة في هذا الباب قوله تعالى (وَحَلَقَ 
كن نَىْ فَعَدَره. قبا ؟ [سورة الفرقان:] . حيث وقف سيد طويلاً 
في ظلال هذه الآية قائلاً: ' كل شيء.. كل صغير وكل كبير 
كل ناطق» وكل صامتء كل متحرك وكل ساكن» كل ماضٍ 
وكل حاضرء كل معلوم وكل مجهول» كل شيء خلقناه بقدر. 

قدر يحدد حقيقته.. ويحدد صفته» ويحدد مقداره» ويحدد 
زماتة:ويحدد مكاته» ويحكة ازرقاطة يسائر ما حوله من .أشياءء 
وتأثيره في كيان هذا الوجود. 

إن هذا النص القراني القصير اليسير» ليشير إلى حقيقة 
كتلكية طاكلة كناملة تفنبداقها "هذا" الرهود كلف حقيقة يدركها 
القلب جملة وهو يواجه هذا الوجودء ويتجاوب معه» ويتلقى عنه» 
ويحس أنه خليقة متناسقة تناسقاً دقيقاًء كل شيء فيه بقدر يحقق 
هذا التناسق المطلقء الذي ينطبع ظله في القلب جملة وهو 
يوائكه هذا الوحود. 
)١(‏ مفتاح دار السعاة لابن القيم» دار ابن عفان» الرياض» ط١ء‏ عام 515١اه»‏ 


5 *» وما بعدهاء وشفاء العليل لابن القيم؛ صس77١.‏ 
“م 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


ثم يبلغ البحث والرؤية والتجربة من إدراك هذه الحقيقة 
القدر الذي تهيئه هذه الوسائل ويطيقه العقل البشري» ويملك 
مغرفته عن هذا الطريق؛ ووراء هذا القدر يبقى دائماً ما هو 
أعظم وأكمل» تدركه الفطرة» وينطبع فيها بتأثير الإيقاع الكوني 
المتناسق فيها وهي ذاتها بعض هذا الكون المتناسق المخلوق 
كل شيء فيه بقدر. 

ولقد وصل العلم الحديث إلى أطراف من هذه الحقيقة؛ 
فيما يملك أن يدركه منها بوسائله المهيأة لهء ووصل في إدراك 
التناسق بين أبعاد النجوم والكواكب وأحجامها وكتلها وجاذبيتها 
بعضها لبعض إلى حد أن يحدد العلماء مواقع كواكب لم يروها 
بعد» لأن التناسق يقتضي وجودها في المواضع التي حددوهاء 
فوجودها في هذه المواقع هو الذي يفسر ظواهر معينة في 
حركة الكواكب التي رصدوهاء ثم يتحقق هذا الذي فرضوه؛ ويدل 
تحققه على الدقة المتناهية في توزيع هذه الأجرام؛ء في هذا 
الفضاء الهائل» بهذه النسب المقدرة التي لا يتناولها خلل أو 
اضطراب!. 

ووصل في إدراك التناسق في وضع هذه الأرض التي 
نعيش عليهاء لتكون صالحة لنوع الحياة التي قدرها الله أن تكون 
فيها إلى حد أن افتراض أي اختلال في أي نسبة من نسبها 


هم 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





يودي بهذه الحياة كلهاء أولا يسمح أصلاً بقيامهاء فحجم الأرض 
وكتلتها وبعدها عن الشمسء» وكتلة هذه الشمس» ودرجة حرارتها 
- وميل الأرض على محورها بهذا القدر وسرعتها في دورتها 
حول نفسها وحول الشمس» وبعد القمر عن الأرضء» وحجمه 
وكتلته» وتوزيع الماء واليابس في هذه الأرض».. إلى آلاف من 
هذه النسب المقدرة تقديراً» لو وقع الاختلال في أي منها لتبدل 
كل شيء ولكانت هذه النهاية المقدرة لعمر هذه الحياة على هذه 
الأرض!. 

ووصل في إدراك التناسق بين عدد كبير من الضوابط 
التي تضبط الحياة» وتنسق بين الأحياء والظروف المحيطة بهاء 
وبين بعضها البعض.. إلى حد يعطي فكرة عن تلك الحقيقة 
العميقة الكبيرة التي تشير إليها الآية. 

فالنسبة بين عوامل الحياة والبقاء» وعوامل الموت والفناء» 
في البيئة وفي طبيعة الأحياء محفوظة دائماً بالقدر الذي يسمح 
بنشأة الحياة وبقائها وامتدادهاء وفي الوقت ذاته يحد من 
انتشارها إلى الحد الذي لا تكفي الظروف المهيأة للأحياء في 
وقت ما لإعالتهم واعاشتهم! ' .)١(‏ 


"43107 -5495/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
5م‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





كما أشار سيد- رحمه الله- إلى شيء من هذا التوازن 
في علاقات بعض الأحياء لبعض وفي تناسق بناء الكون وفي 
ظروف الأرضن »تاقلا عن .غلماء الأحياة: والظطيعة بوالفلك كثيراً 
من مظاهر التناسق والتقدير في أجزاء الكون» وما فيه من 
أحياء وأشياء (')؛ ويخلص إلى: " أن تركيب هذا الكون 
وتركيب كل شيء فيه لمما يدعو إلى الدهشة حقاً» وينفي فكرة 
المصادفة نفياً باتأ» ويظهر التقدير الدقيق الذي يعجز البشر 
عن تتبع مظاهره في جانب واحد من جوانب هذا الكون الكبير» 
وكلما تقدم العلم البشري فكشف عن بعض جوانب التناسق 
العجيب في قوانين الكون ونسبه ومفرداته» اتسع تصور البشر 
لمعنى ذلك النص القرآني الهائل (وَعَلقَ كل تَىَءِ فَعَدَده يرا ). 
00 

ب - مظاهر التقدير في الأنفس: 

مظاهر التقدير في الإنسان تبدو في كل عضو من 
أعضائه» وكل خلية من خلاياهء وكل جهاز من أجهزة جسده؛ 


2355/8 ينظر في ذلك: المصدر السابق 5/4؟57, ه/لمئه7-. ه255‎ )١( 
7151 كلا‎ 
.1948/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 
اام‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وقد نبه العلماء قديماً وحديثاً على مظاهر التقدير في خلق 
الأشارة 0 

وقد ذكر سيد - رحمه الله - أمثلة من التقدير الإلهي في 
خلق الإنسان» وأشار إلى عجائب من كمال التكوين الإنساني 
ودقته واحكامه» ويظهر ذلك في الأجهزة العامة لتكوين الإنسان 
الجسديء الجهاز العظمىء والعضلي» والجلدي» والهضمي» 
والدموي» والتنفسي» والتناسلي واللمفاوي» والعصبي والبولي» 
وأجهزة الذوق» والشم» والسمع» والبصر»ء كل منها عجيبة لا 
تقاس إليها كل العجائب الصناعية التي يقف الإنسان مدهوشاً 
أمامهاء وينسى عجائب ذاته وهي أضخم وأعمق وأدق بما لا 
يقاس '(0). 

ثم نقل معلومات عن بعض الكتب العلمية تبين تقدير الله 
في عمل بعض أجهزة الإنسان وأعضائه كاليد والعين واللسان 
والأعصاب والمعدة وأجهزة الهضم والعقل والمخ؛ وغيرهاء 
مسق لآ كذلاك كل وحوة :لله وزكذرنقه بوعظيكة وحكمكه 00 


)١(‏ ينظر في ذلك: الدلائل والاعتبار على الخلق والتدبر للجاحظ ص ١‏ ؛وما 
بعدهاء و الحكمة في مخلوقات الله للغزالي ص 5١‏ وما بعدهاء و العلم يدعوا 
للإيمان» لكريسي موريسون ص ١17‏ وما بعدها. 

(") في ظلال القرآن 8548/5". 

(؟) المصدر السابق 985/8/5- ٠86م",.‏ 

6م 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





رابعاً: دليل الهداية: 


يقصد بالهداية: إعطاء كل مخلوق من الخلق والتصوير 
ما يصلح به لما خلق له؛ وارشاده إلى ما يصلح في معيشته 
ومطعمه ومشربه ومنكحه وتقلبه وتصرفه »2١(‏ وكما أن التسوية 
من تمام الخلق» فإن الهداية من تمام التقدير» وإذا كان الخلق 
هو إعطاء الوجود العيني الخارجي للمخلوقات» فإن الهداية 
إرشاد هذه المخلوقات ودلالتها لما خلقت له» مما يحفظ بقاءها 
ويقيها في حياتها("). 

والذي يظهر أن الهداية تختص بكل ما فيه روح؛ لأن 
الإلهام الفطريء الذي أودعه الله المخلوقات يستلزم ممارسة 
عملية من طعاج وشراب ودفاع عن النفس وغير ذلك مما 
اقبام لبمار في مسر وري هذا ما ذكره ابن القيم في 
تفسير قوله تعالى ( مَلْرَباىََعَْ كل َنْءِ حلفم حَدَئ) [سورة 
طه:.ه] » حيث قال: " والآية شاملة لهداية الحيوان كله» ناطقه 


وكهكفية»ظيوه وكنواية» فصعيسة وا غكنه 00 


)١(‏ شفاء العليل لابن القيم» ؟١١‏ بتصرف. 
)١(‏ شفاء العليل لابن القيم 55»؛ 74. 
() شفاء العليل لابن القيمء؛ ص15. 

1م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وأكثر ما ينبه العلماء على مظاهر الهداية في عالم 
الحيوان لأن الدلالة فيها أعظم؛ وقد وقف سيد قطب عند هذه 
الدلالة» وأشار إليها في مواضع متعددة. 

يقول سيد- رحمه الله - في ظلال الآية السابقة " ربنا 
الذي وهب الوجود لكل موجود في الصورة التي أوجده بها 
وفطره عليهاء ثم هدى كل شيءٍ إلى وظيفته التي خلقه لهاء 
وأمده بما يناسب هذه الوظيفة ويعينه عليهاء ' وثم " هنا ليست 
للتراخي الزمني» فكل شيء مخلوق ومعه الاهتداء الطبيعي 
الفطري للوظيفة التي خلق لهاء وليس هناك افتراق زمني بين 
خلق المخلوق وخلق وظيفته؛ إنما التراخي في الرتبة بين خلق 
الشيء واهتدائه إلى وظيفته» فهداية كل شيء إلى وظيفته أعلى 
مر كانة راف كاسي عاذ ١١‏ انف الوسكت» حسمن كين انام 
الأوهنة اتشالفة النتكورة لهذا" الرحوة» د الرحيه - زحينة خافه 
على الصورة التي خلق عليها - وهبة هدايته للوظيفة التي خلق 
لهاء وحين يجول الإنسان ببصره وبصيرته في جنبات هذا 
الوجود الكبير تتجلى له آثار تلك القدرة المبدعة المدبرة في كل 


)000 الغفل: الذي لم يجرب الأمور» انظر: لسان العرب» 0 6/١‏ وشفاء العليل لابن 


القيمى ص58١.‏ 
م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





كائن صغير أو كبير "(0). ويذكر سيد نماذج لهداية المخلوقات 
لا يسع المجال لعرضها (). 

وهكذا رأينا أن سيدا - رحمه الله - ركز كثيرا على 
الآيات الكونية في الآفاق والأنفس في مجال الخلق والتسوية 
والتقدير والهداية» وأشار إلى أنها من أدَّل الدلائل على وجود 
الخالق سبحانه ووحدانيته واتقان صنعه وعجيب تدبيره» ولطيف 
حكمته؛ والتأمل فيها يملأ القلوب بالإيمان بالله» واستشعار 
قدرته» ولتكون ثمرة هذا التأمل والنظر عبودية خالصة لله قائمة 
على براهين وحجج تشهد بها آياته في الآفاق والأنفس(). 
الفرع الثالث: الاستدلال بالأدلة العقلية " انتظام الكون وعدم فساده 

من الأدلة على وجود الله وربوبيته أيضاً: الأدلة العقلية؛ 
وهي نوع من الأدلة الشرعية التي جاء بها القرآن الكريم» والتي 
تقوم على ضرب الأمثلة والمقاييس العقلية المفيدة بناءً على 
المقدمات المعلومة بخلاف طريقة أهل الكلام في هذا الباب (5). 


)١(‏ في ظلال القرآن ؛ / 77١7‏ بتصرف يسير. 
)١(‏ ينظر على سبيل المثال: في ظلال القرآن 5 / 819 1- ."55٠‏ 
(9) ينظر: مقومات التصور الإسلامي؛ ص 7717 -555. 
(؟) ينظر: شرح العقيدة الطحاويةء؛ ص 58. 
ام 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





ومن هذه الأدلة العقلية التي ذكرها القرآن على وحدانية 
الله وربوبيته: " دليل انتظام الكون وعدم تطرق الفساد إليه ". 

يقول ابن القيم- رحمه الله-: " وانتظام أمر العالم: العلوي 
والسفلي وارتباط بعضه ببعضء وجريانه على نظام محكم لا يختلف 
ولا يفسدء أدل ذليل .على أن مديّره واحد» لا إله غيزه " .)١(‏ 

وقد نبه القران على ذلك في مواضع منها: 

-١‏ في ظلال قوله تعالى ( لَوكَانَ فِيما ههلا أنه لفسا 
فَمْبْحَنَ اللو لعش عَم يصِهُونَ 1 [سورة الأنبياء 17] » يقول سيد: ' 
وهذا الدليل الكوني مستمدٌ من واقع الوجود.. فالكون قائم على 
الناموس الواحد الذي يربط بين أجزائه جميعاً» وينسق بينها وبين 
حركات هذه الأجزاء وحركة المجموع المنظم» هذا الناموس 
الواحد من صنع إرادة واحدة لإله واحد» فلو تعددت الذوات 
لتعددت الإرادات؛ ولتعددت النواميس تبعاً لها - فالإرادة مظهر 
الذات المريدة: والخاموس مظهر -الأرادة النافةة -ولاتعدمت 
الوحدة التي تنسق الجهاز الكوني كله» وتوحد منهجه واتجاهه 
وسلوكه» ولوقع الاضطراب والفساد تبعاً لفقدان التناسق» هذا 


(1) الضنواغق النريلة في الرد على الجهية رالمظلة: لانن القيرة تحفيق :3 علي 
الدخيل الله؛ دار العاصمة» الرياض» ط"؟ عام 5١/8‏ اهء 555/7. 
م 








التناسق الملحوظ الذي لا ينكره أشد الملحدين لأنه واقع 


محسوس. 

وان الفطرة السليمة التي تتلقى إيقاع الناموس الواحد 
للوجود كله»؛ لتشهد شهادة فطرية بوحدة هذا الناموس» ووحدة 
الإرادة التي أوجدته؛ ووحدة الخالق المدبر لهذا الكون المنظم 
المنسق» الذي لا فساد في تكوينه؛» ولا خلل في سيره " بحن 
0 

ل الحكنة 
والكناقة 9 امن اللحقةلال ووه ة"الكورن وفاسيفه عاك هرد 
الله ووحدانيته وربوبيته» لأنه لو كان هناك إله مع الله لكان له 
إرادة وخلق» وبالتالي تتعدد الإرادات والنواميس التي تظهر فيها 
تلك الإرادات» وعندئذ يحصل الخلاف والتضارب والتصادم بين 
هذه النواميس والإرادات فيفسد الكون» فانعدام ذلك وصلاح 
الكون وانتظام أمره دليل على وجود إله واحد في هذا الكون. 


)١(‏ في ظلال القرآن» / الاك 
العقل والنقل 3/ 57 وما بعدها» وشرح العقيدة الطحاوية ص ". وتفسير 
الطبري 4 . 


م 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


رمه > ب مهو 


-١‏ في ظلال قوله تعالى: ‏ ماحد لمن ولد مَمَاحات 


0 ذل حت ور و 21 ساح 2ج لتر سا سا 


فقو ذا لكل رفبو 2 :13 تفز ع1 تر لكان 
لل مايص فوت 1 [سورة المؤمنون:١1]‏ » يوضح سيد - رحمه 
الدب أن الت مسحهافه -سنتل على وخدانيضة ورترييضه في 
هذه الآية بأنه لو كان مع الله إله آخر ( إَِا لَدَمَبَكلٌ إِكَهيمَاحَكقَ 
4» أي: يستقل بما خلقه» يصرفه حسب ناموس خاص» فيصبح 
لكل جزء من الكون» أو فريق من المخلوقات ناموس خاص لا 
يلتقي فيه بناموس عام يصرف الجميع؛ ' ولعلا بَعضَهُم عل بْحْضٍ ' 
بغلبة سيطرته وتصريفه على الكون الذي لا يبقى ولا ينتظم إلا 
بناموس واحد» وتدبير واحد. 

كل هذ الصون الا ودر ليا فى الكرن» الذي قكنوة ورحدة 
تكوينه بوحدة خالقه» وتشهد وحدة ناموسه بوحدة مدبره» وكل 
جزء فيه وكل شيء يبدو متناسقاً مع الأجزاء ا بلا تصادم 
ولا تنازع ولا اضطراب ف ( بحن الله عَمَايصِفور 1114 

ووجه الاستدلال في هذه الاآية على وجود الله ووحدانيته: 


- أن وجود العالم دليل على وجود خالق له. 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 747 بتصرف يسير. 
م 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


- وأن هذا الخالق لو كان معه إله آخر لكان لكل منهما 
- ولو كان لكل منهما نصيب لكان كل منهما محتاج إلى 
الآخر وبالتالي لا يكون كل منهما إلهاً مستقلاً كاملاً. 
- وعند ذلك سيحاول كل منهما مغالبة الآخر والانفراد» وعندئذ 
سيعتزل كل إله بما خلق من أشياء وينفرد بهاء وبذلك يفسد أمر 
الكون.والمخلوقات» ولنا كان أمر الكوق منتظما لأ خلل. فيه ونا 
اخضطرات ولا فساد كان ذلك" ذليلاً غلى وحدائية الله ووؤجودة 
وتفرده بالخلق والتدبير .)١(‏ 
؟- قوله تعالى: ‏ َم خْيفوأِنَ عَِسََءِ آَمَهُمُ الْكَيِقُوت (20) آم 
خَلَثُوا التموات وَالارَ سبل لّابوقِوُهَ ) [سورة الطسور 6ب جم] ؛ 
ويسمى هذا الدليل بدليل " السبر والتقسيم " فالسبر: اختبار 
الفروض للتعرف على الفاسد منها والصحيح. والتقسيم: 
الحصر لها بحيث لا يبقى مزيدٌ قطعاً أو ظناً» والفروض 
الممكنة هنا ثلاثة: 
الأول: أن يكونوا خلقوا من العدم: وهو ممتنع ضرورة» إذ العدم 
نقيض الوجود» فلا يكون العدم سبباً للوجود. 
)١(‏ ينظر كلام العلماء في ذلك في: منهاج السنة لابن تيمية " / 277 وتفسير 


الطبري 3/ 55 


هلم 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الثاني: أن يكونوا هم الخالقين: وهو مبني على الجمع بين 

النقيضينء إذ هو مبني على فرض وجودهم في حال 

عدمهم وهو ممتنع ضرورة إذ العدم نقيض الوجود. 
الثالث: أن يكون الخالق غيرهم: وهو الله سبحان وتعالى وهو 

المطلوب إشاتة0١).‏ 

يقول سيد - رحمه الله -: " ووجودهم - أي الناس - 
هكذا من غير شيء أمر ينكره منطق الفطرة ابتداءً ولا يحتاج 
إلى جدلٍ كثير أو قليل» أما أن يكونوا هم الخالقين لأنفسهم 
فأمر لم يدعوه ولا يدّعيه مخلوق. 

وإذا كان هذان الفرضان لا يقومان بحكم منطق الفطرة؛ 
فإنه لا يبقى إلا الحقيقة التي يقولها القرآن وهي: أنهم جميعاً من 
خلق الله الواحد الذي لا يشاركه أحد في الخلق والإنشاء " ('). 

والخلاصة: أن دليل انتظام الكون وعدم فساده دليل عقلي 
قوي على وحدانية الله ووجوده وربوبيته» لا تملك العقول إلا 


التسليم به. 


)١(‏ انظر: شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية» دار الكتب الحديثة» القاهرة» د. ت» 
ص”2١»‏ والمدخل لدراسة العقيدة» د. إبراهيم البريكان» دار ابن عفان» الرياض» 
طهء عام اهءص5 15-1 

(") في ظلال القرآن 5/ »2"5.٠.-7:999‏ وكذلك 5/ 3565. 

ككلم 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الفرع الرابع: الاستدلال بالمعجزات وخوارق العادات 

الاستدلال بالمعجزات على وجود الله ووحدانيته وربوبيته 
أمر متفق عليه بين أهل السنة والجماعة والمتكلمين» وذلك 
بالاستدلال بمقدمات النبوة ومعجزات الرسالة على إثبات وجود 
الله تعالى وربوبيته. حيث يستدل بها على إثبات صدق النبوة» 
واذا ثبت صدق النبي أو الرسول وجب تصديقه فيما أخبر به 
وأهم ذلك وجود الخالق ووحدانيته وربوبيته. 

وأيضاً فالمعجزة بذاتها أمر خارق للعادة فهي أخص في 
ولإلتها هرة الحرافت المدقادة 10 

فالاستدل بالمعجزات من الطرق الشرعية السليمة التي 
أشار إليها القرآن الكريم. 

وقد أشار سيد - رحمه الله - إلى هذا الدليل» أثناء 
حديثه عن قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون الذي أنكر 
ربوبية الله بقوله: " وما رب العالمين " فعرض عليه موسى عليه 
السلام معجزة واضحة تدل على صدق ما أدعاه من وجود الله 
الذي أرسله إلى فرعون وقومه ليؤمنوا به» لأنه هو وحده القادر 
على كل شيء؛ إذ دلت المعجزة على وجوده وكمال قدرته على 


.7191-11/4/١١ مجموع فتاوى ابن تيمية؛‎ )١( 


ام 





سيك قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





جميع خلقه بمن فيهم فرعون الذي تكبر وادعى الربوبية 
والألوهية حتى بعد مشاهدته المعجزة استكباراً وعناداً ٠‏ 

ففي ظلال قوله تعالى: [ قَالَ عو مَمَاربُ علي (50) 
َل رَبُ لسوت وَالْارْضِ وما هاا نهم مُوقِدينَ (5) فَاللِمَنَ وله 
لصون (80) لبف ورَثْءَبآيكث الْاوَلِينَ (50) فلن سول الى 
أي 5 لجز (5) َرَت ارق واب وَمَاََدكُم تنو 
قَالَ لنِ أعَعَذْتَ إلا حر لابََمَلنَكَ من المسجويي (50) دَالَ وو 
لق عَصَاه ود تبان مين 5 وَبح بده ذا هىببضَة للتطربن (1)50) 
[سورة الشعراء الآيات / 77 - ”"] . يقول سيد - رحمه الله -: " 
إنه - أي فرعون قبحه الله - يسأل: أي شيءٍ يكون رب 
العالمين الذي تقول: إنك من عنده رسول؟ سوال المتنكر للقول 
من أساسه» والمستغرب للمسألة حتى ليراها غير ممكنة 
التصور. 

فيجيبه موسى عليه السلام - بالصفة المشتملة على 
ربوبيته - تعالى- للكون المنظور كله وما فيه ( قَالَ رب 


لسَّمنوتِ والارض وَمَابنْئهُماًإن هُمْ مُوقِنِِنَ 4» وهو جواب يكافئ ذلك 
التجاهل ويغطيه - إنه رب هذا الكون الهائل الذي لا يبلغ إليه 


م 


سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


سلطانك - يا فرعون ولا علمك... وفيه توجيه نظره إلى الكون 
والتفكير فيمن يكون ربه. 

ثم بعد استغراب فرعون لجواب موسى وتعجيبه لقومه 

منهءيهجم عليه موسى بصفة أخرى إ قَالَرةٌ كورب ءابَآي5م 
الْأَوَِينَ 4 وهي أشد مساساً بفرعون ودعواه وأوضاعه.. لذا نجده 
' يتهم موسى بالجنون حتى يبعد القلوب عن التأثر بكلامه 
وتصديقه - شأن الطغاة - ولكن هذا التهكم والاتهام لا يفت 
في حار ا ا 0 
لاي له َعَقِلْيَ 4؛ حيث يلفت 
الأنظار إلى هذين الحدثين 0 وهما يتكرران كل يوم- 
الشروق والغروب- حيث لا يجرؤ فرعون ولا غيره أن يدعي 
تصريفهماء فمن يصرفهما إذن؟ سؤال هز العقول(١)؛‏ وهنا 
خشي فرعون من يقظة القلوب فأخذ يهدد بالبطش والسجن» 
وهي حجة الطغاة وعلامة العجز أمام دلاثئل الحق» وكأن 
فرعون أراد إغلاق صفحة الحوارء فإذا بموسى يفتحها من جديد 


ع عامس 


ببرهان جديد: ( مَلَ أوَلَو حِنْنْكَ سَىْءِ مُبينِ4 » أي ببرهان واضح 


)١(‏ وهذه وما قبلها من الدلائل الكونية على وجود الله وحدانيته كما سبق بيانه في 
الفرع الثاني من هذا المبحث. 
9 











اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


على صدق رسالتي! وفي هذا إحراج لفرعون» فلو رفض 
الإصغاء لبرهانه المبين لدل على خوفه؛ لذا قال: 7 فَأَتِ يدهن 
حكنت ين أصَّدِدِقِنَ 6 في أن لديك شيئاً مبيناً. 

هنا كشف موسى عن معجزتيه الماديتين» وقد أخرهما 
حتى بلغ التحدي من فركون أقصنا كر لق عصَاه فداه تباث بين 
2 وب بده قدا هىَبَِضَاُ لِلتَظرِينَ 4. ومعجزة الحياة التي تدب من 
حيث لا يعلم البشرء معجزة تقع في كل لحظة:» ولكن الناس لا 
يلقون لها بالا لطول الألفة والتكرار»ء أو لأنهم لا يشهدون 
التحول على سبيل التحديء فأما في مثل هذا المشهد فالأمر 
يزلزل ويرهب " .)١(‏ 

وما ذكره سيد هنا هو نفسه ما أشار إليه شيخ الإسلام 
ابن تيمية حيث يقول بعد سوقه للآيات سالفة الذكر: " فهنا قد 
عرض عليه موسى - عليه السلام - الحجة البينة» التي جعلها 
دليلآً على صدقه في كونه رسول رب العالمين» وفي أن له إلهاً 
غير فرعون يتخذه... فبيّن أن المعجزة تدل على الوحدانية 
والرسالة» وذلك لأن المعجزة - التي هي فعلٌ خارقّ للعادة - 
تدل بنفسها على ثبوت الصانع كسائر الحوادث» بل هي أخص 


)١(‏ في ظلال القرآن 7597/0 - 7514 بتصرف. 
:56م 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





من الحوادث المعتادة في الدلالة» ولهذا يسبح الرب عندها 
ويعظم... وتدل بظهورهاعلى الرسولء وإذا تبين أنه رسول تقرر 
بها الربوبية والرسالة " ('). 
المبحث الثاني 

موقف سيد قطب من القول ب " قدم العالم " 

القول بقدم العالم مشهور عن بعض الفلاسفة؛ وأول من 
قال به منهم هو 'أرسطو" وتبعه ابن سيناء وغيره» حيث اتفقوا 
على عدم الحدوث الزماني» بمعنى أن يكون لوجود العالم بدء 
زماني مسبوق بزمن سابق وعدم مستمر» فصورة العالم ومادته 
عند هؤلاء الفلاسفة قديمة أزلية» وان لم تظهر إلا بعد فترة من 
الزماق 00): 

أي أن العالم كان في حالة " ممكن الوجود " ثم تحرك 


بشوق منه نحو " واجب الوجود " - وهو الله - فانتقل من مرتبة 


إمكان الوجود إلى مرتبة الوجود. 


)١(‏ مجموع الفتاوى /١١‏ 7" بتصرف» وينظر كلام العلماء في ذلك في: الاعتقاد 
والهداية للإمام البيهقي ص ٠٠١‏ والصواعق المرسلة لابن القيم / .١١95‏ 
(5) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 4 / 7/85. 

:م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وقد ناقش سيد - رحمه الله - مسألة " قدم العالم " عند 
الفلاسفة» وبين فسادهاء وأكتفي هنا بنقل نص واحد حول 
المسألة لتعذر نقل كل ما يتعلق بالموضوع: 

تقول د ريصينة اشاس ا"والك تتكحانه خلق ذا الكو 
مريداً أن يخلقه على الصورة التي أنشأه عيها وليس الأمر كما 
يقول أرسطو: إن الله لم يرد إيجاد هذا الكون» لأنه مستغن 
بذاته» فلا حاجة به إلى خلق ما لا حاجه به إلى خلقه؛ لأن 
خلقه لا يزيد في كماله» وإلا لكان كمال الله ناقصاً قبل خلق 
الكون كما أنه إذا لم يكن خلقه يكمل هذا الكمال فإن يكون 
عبثاً! وإنما هذا الكون كان ممكن الوجود» فتحرك بشوق منه 
نحو واجب الوجود - وهو الله - فانتقل من مرتبة إمكان الوجود 
إلى مرتبة الوجود!. 
إن هذا الذي يقوله أرسطو - أكبر الفلاسفة - ليس إلا 
ات ذهن بشري لا يرتكن إلى أي أساس صحيحح؛ وهو 
يقيس الله - سبحانه - وتصرفه إلى البشر وتصرفاتهم» وخلق 
الله للكون لا يقتضي حتماً أن يكون لنقص في كماله سبحانه؛ 
حتى ينفيه عنه أرسطوء كما أنه لا يمكن أن يكون عبثاً إنما الله 
هو الذي يقدر حكمة خلقه. 


4.6 


55م 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





كما أنه يقال لأرسطو: إذا كان هذا الكون - قبل وجوده 
بالفعل - ليس موجوداً» فكيف تحرك من مرتبة إمكان الوجود 
إلى مرتبة الوجود الفعلي؟ ما الذي تحرك فيه وهو ليس بشيء؟ 
وهذا الشوق الذي حركه نحو واجب الوجود أين كان مقره في 
شيء لا وجود له؟ ثم من الذي أودع شوقاً في شيء لا وجود 
له؟ إنها تصورات واهنة يعجب الإنسان كيف تصدر عن ذهن 
أكبر الفلاسفة لولا أن يتذكر أن الذهن البشري حين يقحم نفسه 
في غير مجاله على نحو ما تصنع الفلسفة بجملتهاء وهي 
تتحدث عن ذات الله وصفاته وأفعاله من عند نفسهاء لا يمكن 
أن يأتي بغير هذه التصورات الواهنة! " .)١(‏ 

كما أن قولهم بأن الحياة حالة أو خاصية ملازمة لمادة 
الكون أو كامنة فيها بطبيعتهاء زعم بغير دليل يقبله العقل» إذ كيف 
يمكن لخاصية في مادة الكون أن تظل كامنة ما لا يحصى من 
ملايين السنين - على اعتبار أن الكون قديم موجود بذاته كما 
يقولون - فلا تتحرك لتظهر إلا منذ كذا مليون سنة فيما يقدرون؟ 
دون أن تكون هناك إرادة قاصدة في كمونها أو في ظهورها؟ إن 
العقل البشري بمنطقه الذاتي يرفض هذا التصور " ("). 


7م 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


وبعد أن استعرض سيد قطب عدداً من النصوص القرآنية 
الدالة على أن الله خلق الكون وما فيه بعد أن لم يكن وأنه أوجد 
جميع المخلوقات من عدمء قال - رحمه الله -: ' إن الله سبحانه - 
كما تقرر هذه النصوص - خلق الكون وما فيه ومن فيه» خلقه 
خلقاً» وأنشأه إنشاءً - سواءً في ذلك مادته أو صورته ' .)١(‏ 

ومما سبق نجد: أن سيداً - رحمه الله - يرفض فكرة ' 
قدم العالم " سواءً في صورته أو مادته كما يقول الفلاسفة؛ 
ويقرر بأن العالم حادث مخلوقٌّ بعد أن لم يكن» ويجعل من 
حدوث العالم وخلقه دليلا على وجود الخالق سبحانه كما سبق 
عند الحديث عن الاستدلال بالخلق على الربوبية. 


.550١ المصدر السابق ص‎ )١( 
5م‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المبحث الثالث 
موقفه من وحدة الوجود 

من أبرز القضايا التي أثيرت حول عقيدة سيد قطب - 
رحمه الله - قضية اتهامه بالقول 'بوحدة الوجود" وفي هذا 
المبحث نعرض لهذه القضية من خلال المطالب الاتية: 

المطلب الأول: معنى وحدة الوجود عند القائلين بها. 

المطلب الثاني: سبب اتهام سيد قطب بالقول بوحدة 
الوجود ومناقشته. 

المطلب الثالث: سيد قطب ونقض وحدة الوجود. 


المطلب الأول 


معنى ' وحدة الوجود '" عند القائلين بها 
وحدة الوجود: مذهب فلسفي لا ديني» يقول بأن الله 
والطبيعة والكون حقيقة واحدة» وأن الله هو الوجود المطلق؛ 
ويقوم هذا الاعتقاد على أن العالم بما فيه إنما هو التجلي 
الإلهي الدائم الذي كان ولا يزال» فالموجود واحد هو الله» وهو 


4-3 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





عين المخلوقات» فكل شيء هو الله واختلاف الموجودات هو 
اختلاف في الصور والصفات مع توحد الذات" .)١(‏ 

ويوضح ابن القيم - رحمه الله - هذه العقيدة بقوله: " 
وقول أهل الإلحاد القائلين بوحدة الوجود» وأنه ما ثم وجود قديم 
خالق» ووجود حادث مخلوق» بل وجود هذا العالم هو عين 
وجود الله» وهو حقيقة وجود هذا العالم - فليس عند القوم رب 
وعبد» ولا ملك ومملوكء ولا راحم ومرحوم» ولا عابد ومعبود... 
بل الرب هو نفس العبد وحقيقته» والمالك هو عين المملوك» 
والراحم هو عين المرحوم؛ والعابد هو نفس المعبودء وانما 
التغاير أمر اعتباري بحسب مظاهر الذات وتجلياتها ('). 

وهذه العقيدة وجدت عند بعض غلاة الطرق الصوفية في 
العالم الإسلامي» ولها وجود أيضاً اليوم في بعض الاتجاهات 
الغربية كالوجودية وغيرهاء وكلها متفقة على أنه ليس الوجود إلا 
اللهء وما في الكون من ظواهر فإنما هي مظاهر لحقيقة واحدة؛ 
هي الحقيقة الإلهية- تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - (). 


.797 الموسوعة الميسرة» ؟/‎ )١( 
.5١ -5٠6 /١ مدارج السالكين لابن القيم»‎ )5( 
(؟) ينظر كلام أصحاب وحدة الوجود في:‎ 
فصوص الحكم لابن عربي» تحقيق د / أبي العلا عفيفي» دار الكتاب العربي»‎ - ١ 
,.550 310/115 بيروت» بءات؛ ص لات‎ 
55م‎ 








المطلب الثاني 


سبب اتهام سيد قطب بالقول بوحدة الوجود 

عند النظر في كلام الذين نسبوا القول بوحدة الوجود إلى 
سيد - رحمه الله - نجد أنهم اعتمدوا في ذلك على أمرين: 

الأمر الأول: نصوص شعرية ونثرية - لسيد قطب - 
رحمه الله - في كتابين أدبيين له في فترة ضياعه وانحرافه 
الفكري هما: " ديوان الشاطئ المجهول "» وقصة " سندباد 
عضوو 00 

الأمر الثاني: كلام أدبي موهم في تفسير سورتي الحديد 
والإخلاص ().؛ وهذان الأمران هما اللذان اعتمد عليهما د / 


-١‏ جواهر المعاني في فيض أبي العباس التيجاني» لعلي بن حرازم 
الفارسي» دار الجيل» بيروت» طبعة عام ٠0154481 /١ ه١ 5١04‏ 
#-الإنسان الكامل» لعبد الكريم الجيلي» مطبعة الحلبي» مصرء ط 4» ب. 
نت 1/١‏ 337. 
5 - الموسوعة الميسرة» ”" / 2915 وما بعدها. 
)١(‏ ينظر في ذلك كلام د / ربيع المدخلي في كتابه: الحد الفاصل: ص55 وما 
بعدها. 
(1) يوط ايدو لساري فسن" 10 رأصو اه داش ون ميد كيد ابكار 
ودع السكلي صن 0 اويا مضدها» والمررة الزلالاللدووان اين 01 
/ 6 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





ربيع المدخلي حيث يقول تحت عنوان: " أطوار سيد قطب في 
وحدة الوجود ": 

أولًنعق بها وهو في سن الكهولة في حدود عام ( 
م - 555١ه‏ ) في ديوانه الشعري في قصيدته إلى 
الشاطئ المجهول.. ثم ذكر المدخلي ستة أبيات حول الموضوع: 
وأتبعها بشرح لها من مقدمة سيد لديوانه المذكور» واستعرض 
مجموعة أبيات أخرى من الديوان. 

ثانياً:_وفي شيخوخته في حدود سنة 155١م‏ - تحمس 
للدفاع عن عقيدة النيرفانا(')» فمدحها وذب عنها وعن أهلها 
وهي تتضمن عقائد وثنية مثل وحدة الوجود والتناسخ»... 

ثم استشهد ببعض نصوص من كلام سيد في نقده لكتاب" 
سندباد عصري "(0) 00 أن سيدا يمدح النيرفانا وأهلها. 

ثالثاً:.في حدود سنة 0١‏ مم تظاهر سيد بنفي القول 


بوحدة الوجود في أول تفسير سورة البقرة بأسلوب بارد!!.. 


)١(‏ عقيدة النيرفانا تعني: نجاة الروح وصلاحها بعد دورة التناسخ» حيث لم تعد في 
حاجة إلى تناسخ جديد» فتنجو من الجولان وتتحد بالخالق الذي صدرت عنه 
وتفنى» وهي أسمى أهداف الحياة عند الهندوس والبوذيين» الموسوعة الميسرة. 
,١١ 1-1‏ 

أ شرعتات للقورر احسرو فر 

4-4 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





رايعاً: في نهاية الخمسينات عاد سيد إلى تقرير عقيدة 
وحدة الوجود والقول بالحلول والجبر (!!! ) في تفسيره سورتي 
الحديد والإخلاص لا 

أما كلام سيد في تفسير سورتي الحديد والاخلاص فقد 
اعتمد عليه الشيخ الألباني - رحمه الله -وغيره في نسبة القول 
بالحلول والاتحاد إلى سيدء حيث يقول في لقاء لمجلة المجتمع 
الكويتية معه عن عبارات سيد قطب في تفسير سورتي الحديد 
والإخلاص: " ظاهر كلامه " أنه لا وجود إلا وجود الحق وهذا 
فوت عي قول القاكلية بوتسدة الرحود:: كل ما ثراء سينك فهو الل 
وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات ليست شيئاً 
غير الله... وعلى هذا تأتي بعض الروايات التي تفصل هذه 
الضلالات الكبرى» بما يرى من بعض الصوفيين القدماء من 
كان يقول: " سبحاني ما أعظم شأني ' وآخر يقول ' ما الجبة 
إلا الله " وهذا الكلام كله في هذين الموطنين من التفسير " (). 


)١(‏ انظر: الحد الفاصلء د / ربيع المدخلي ص 55- 7١‏ بتصرف. 
(1) مجلة المجتمع الكويتية» العدد »57٠١‏ ص75 نقلاً عن: في ظلال القرآن في 
الميزان» د / صلاح الخالدي» ص /17/ا- /7. 
1.11 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


وحتى نعرف حقيقة الأمر لا بد من الوقوف عند السببين 
السابقين لنرى مدى دلالتهما على ثبوت التهمة من عدمها وذلك 
من خلال الفرعين الآتيين: 
الفرع الأول: مناقشة السبب الأول: ' الاعتماد على كلام سيد في 
كتبه السابقة لإلتزامه' 

سبق الحديث عن مرحلة " الضياع والانحراف الفكري" 
التي مر بها سيد قطب والتي استمرت قرابة خمسة عشر عاماً 
من حياته» وألف فيها مجموعة من الكتب الأدبية المتنوعة شعراً 
ونثراًء ومنها ديوانه المعروف باسم " الشاطئ المجهول " وقصة 
" سندباد عصري '» وعنهما نقل الدكتور/ ربيع المدخلي الأبيات 
والكلام الذي استشهد به على أن سيداً يقول بوحدة الوجود ٠‏ 

وهذه المرحلة في حياة سيد لا يصح تقييمه من خلال ما 
كتبه فيهاء لأنها مرحلة تمثل ضياعه وجاهليته كما يقول عن 
نفسه؛ والديوان المذكور أثر من آثار تلك المرحلة الجاهلية في 
حياته» يؤكد هذا اعتراف سيد نفسه بوضعه في هذه المرحلة 
فعند حديثه عن أثر الإيمان بعد التزامه بالإسلام يقول: " ومن 
هذه المعرفة التي يقدمها الإيمان للمؤمن يستمد المؤمن 
الطمأنينة والسكينة والارتياح لما يجري حوله ولما يقع» فهو 


يعرف من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ واإلى أين يذهب؟ وماذا هو 


وعم 


0” 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة 6ه 





واجد هناك؟.. ومن هذه المعرفة تختفي مشاعر القلق والشك 
والحيرة الناشئة عن عدم معرفة المنشأ والمصيرء وعدم معرفة 
المطوي من الطريق» وعدم الثقة بالحكمة التي تكمن وراء مجيئه 
وذهابه» ووراء رحلته في ذلك الطريق»... يختفي شعور كشعور 
الخيام الذي عبر عنه بما ترجمته: 
لبست ثوب العمر لم أستشر وحِرتُ فيه بين شتى 
الفكروسوف أنضو الثوب عني ولم أدرٍ لماذا جئت؟ أين المفر 
ويختفي شعور كالشعور الذي عشته في فترة من فترات 
الضياع والقلق» قبل أن أحيا في ظلال القرآن وقبل أن يأخذ الله 
بيدي إلى ظله الكريم» ذلك الشعور الذي خلعته روحي المتعبة 
على الكون كله» فعبرت عنه أقول: 
وقف الكون حائراً أين يمضي 
ولماذا؟ كيف - لو شاء - يمضي 
عبث ضائعٌ وجهدٌ غبينٌ 
ومصيرٌ مقنعٌ ليس يزرضي 
فأنا أعرف اليوم - ولله الحمد والمنة - أنه ليس هناك 
جهد غبين فكل جهد مجزي» وليس هناك تعب ضائع فكل تعب 
مثمرء وأن المصير مرضء وأنه بين يدي عادلٍ رحيم؛ وأنا 
أشعر اليوم - ولله الحمد والمنة - أن الكون لا يقف تلك الوقفة 


م6١‎ 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





البائسة أبدأ» فروح الكون تؤمن بربها وتتجه إليه وتسبح بحمده 
والكون يمضي وفق ناموسه الذي اختاره الله له» في طاعة» وفي 
رضىّ وفي تسليم " (0). 

وفك ذلك أيضبا :ها "تكله مع استز وو عق ومة ذلك قو 
الأستاذ / يوسف العظم عن سيد: " غير أن أستاذنا في أخريات 
عهدنا به؛ كان يصرح بأن الديوان " أثر من آثار جاهليته؛ وكم 
كان يحب أن تصل يده إلى كل ما جاء فيه في كل نسخة 
وصلت أي بقعة في الأرض حتى يأتي عليه " ("). 

فكيف يصح محاكمة الشخص إلى كلام قاله في مرحلة 
يرى هو نفسه أنها تمثل حالة الجاهلية عنده؛ وإلى ديوان كان 
يتمنى بعد التزامه أن تصل يده إليه في أي مكان من الأرض 
لتمزقه» مما يدل على أنه تخلى عمّا كان في هذه المرحلة - 
والتوبة تجب ما قبلها. 

أما ما يتعلق بمدح سيد لعقيدة النيرفانا - كما يقول 
المدخلي - فبيان ذلك كالآتي: 


3969 71965 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.57١ سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد» د / صلاح الخالدي ص‎ )2( 
6م‎ 








أولاً:أن هذا الكلام الذي ذكره سيد كان في أحد كتبه 
الأدبية السابقة لمرحلة التزامه بالإسلام» وهي مرحلة لا يجوز 
محاكمته إلى ما فيها خاصنة: إذا كان لدما ينقضها بعد التزامة, 

ثانياً: أن سيداً - رحمه الله - بعد التزامه بالإسلام؛ 
تعرض لعقيدة النيرفانا وما فيها من حلول وتثليث بالنقد في آخر 
كتبه (خصائص ومقومات التصور الإسلامي) مما يدل على أن 
كلامه السابق كان في مرحلة معينة» وجاء من خلال نقده 


الأدبي وتصويره لواقع ما يعيشه أهل تلك الديانة. 

يقول سيد: " كان التوحيد هو قاعدة كل ديانة جاء بها 
من عند الله رسول» والقرآن يقرر هذه الحقيقة ويؤكدهاء ويكررها 
في قصة كل رسولء؛ كما يقررها إجمالاً على وجه القطع 
واليقين... 

ولكن هذا التوحيد الذي جاء به الرسل جميعاً؛ خرف 
ودخلت فيه الأساطير في شتى المعتقدات» سواء في الديانات 
التي تنسب إلى السماء» أو في الوثنيات التي اختلطت فيها بقايا 
الديانات السماوية بالأساطير في شتى الأزمان... 

ثم ذكر نماذج للانحراف عن التوحيد ومنها: الهندوكية 
التي اعترفت بواحد هو وحده ' الموجود " وهو " براهما " 
وجعلت من صفاته: التفرد بالكمال بالخير والدوام والأزلية 


هم 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وجعلت ما عدا هذا الواحد الموجود " عدما " لا وجود له» فهذه 
الأكوان وما فيها عدم» لكنها من جانب آخر جعلت ' الوجود " 
الذي هو الخير والكمال يحل في " العدم " الذي هو الشر 
والنقص» ف (براهما ) حال في كل جزء من أجزاء هذا العالم - 
الذي هو عدم - فكل جزء من أجزاء هذا العالم - بما في ذلك 
الإنسان - مؤلفٌ إذن من وجود وعدم؛ من خيرٍ وشرٍء من 
كمالٍ ونقص» من بقاء وفناءٍ!. 

ومهمة الهندوكي إذن هي المحاولة المستمرة لتخليص 
الوجود والخير والكمال والبقاء الذي في كيانه من العدم والشر 
والنقص والفناء» " ليصير " براهما.. ومن هنا حرصه على إفناء 
جسمه الذي هو العدم لينطلق ' الوجود " الحال فيه» ويصبح 
طليقاً " وهذه هي درجة ' النيرفانا " وهي تمثل الخلاص والعودة 
أوزا هنا" !: 

ومع ذلك فقد شاب هذا التوحيد - على ما به من حلول 
- شائبة من" التثليث" إذ اعتبروا " براهما " صورة من صورٍ 
ثلاث للإله الواحد»ء الإله " براهما " في صورة الخالق» والإله " 
فشنو " في صورة الحافظء والإله " سيفا " في صورة الهادم» ثم 
جعلوا " الكارما " هي " القدر" الغالب على الآلهة وعلى 
الأفلاك؛ وهو الذي يكرر على العالم دورات الخلق والفناء» فلم 


هم 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





تسلم عقيدة التوحيد حتى في صورتها تلك المليئة بالإحالات " 
00 

ويقول أيضاً " أما الأساطير والتصورات الوثنية فقد يبدو 
لنا اليوم أنها انتهت وانقضتء ولم تعد ذات موضوع يعالجه 
التصور الإسلامي الصحيح» ولكن الحقيقة غير ذلكء» فما يزال 
مثات الملايين من البشر في الهند واليابان والتبت وسيلان 
والفلبين... وغيرها غارقة في أساطير الوثنية وتصوراتها عن " 
حقيقة الألوهية " وعن ' حقيقة الكون" تبعاً لذلك» وما يزال أمام 
التصور الإسلامي الصحيح لهذه الحقائق الأساسية مجال عمل 
مفتوح. 

إن بعض العقائد الهندية - تتصور - كما أسلفنا - أن 
هذا الكون يفنى ويتجدد في أدهار معلومة» وذلك بفعل " الكارما 
' أو " ما ينبغي أن يكون" وذلك مع اعتقادها بوجود إلهي له 
حالات ثلاث» كما أن بعضها يرى أن هذا الكون المادي" عدم " 
لا وجود له ولكن الوجود الإلهي وهو الوجود الحقيقي حين " 
يحل " في هذا العدم» فإنه يتجلى في الصورة المادية ومن ثم 


)١(‏ خصائص التصور الإسلامي» سيد قطب» ص ١17-1١3١‏ بتصرفب يسير. 


دهم 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





فكل ما نرى في الكون إنما هو من أثر" حلول ' الوجود الإلهي 
في هذا العدم: ثم ذكر أمثلة للوثنيات عند مختلف الأمم" .)١(‏ 

ومن هذين النصيين نجد أن سيداً ينتفد عقيدة النيرفاناء 
تكتلباافم ١‏ علي ره القراقة مركي تويانة ركية قائنة جلي 
أساطين وخرافات:وتناقضات كفكرة الحلول والتلييث وغيزهاء 
وأنها تمثل الانحراف عن التوحيد» وهذان النصان في آخر ما 
كتبه سيد» مما يدل على أن ما ذكره الدكتور/ المدخلي واستدل 
به كان في فترة من فترات الضياع الفكري لسيد كما أسلفناء وأنه 
بعد أن التزم بالإسلام عمل على توضيح التصور الإسلامي 
ونقد ما سواه بما في ذلك عقيدة النيرفانا. 


الفرع الثاني: مناقشة السبب الثاني: " الاعتماد على كلام أدبي 
موهم في الظلال' 

يحسن بنا هنا أن نستعرض عبارات سيد قطب التي 
أشار إليها ناقدوه وجعلوها مادة اتهام له بالقول بوحدة الوجود 
في سياقهاء ثم نقف معها وقفات تحليلية» لتتضح لنا حقيقة 
الأمرء وذلك كما يأتي: 


4 


النص الأول: " في تة ة الحديد ' 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي» سيد قطب» ص 56" وما بعدها. 


كم 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ابتدأ- سيد- بتقديم للسورة ومحاورهاء ثم ذكر أن مدارها 
يقوم على تحقيق 'حقيقة الإيمان" في القلب» وما ينبثق عنها من 
خشوع وتقوى وخلوص وتجرد وتضحية» حيث واجهت القلب 
الشرى سمهرعلة مق عطاك :اله اانه فنا تدريت يفاين 
الإيحاء الآسر بالخلوص له» نتيجة للشعور بحقيقة الألوهية 
المتفردة» وسيطرتها المطلقة على الوجود ورجعة كل شيء إليها 
في نهاية المطافء» مع نفاذ علمها إلى خبايا القلوب والصدورء 
واتجاه كل شيء إليها بالعبادة والتسبيح. 

وفي مطلعها حشدت خصائص الألوهية الفاعلة المؤثرة 
المبدعة؛ المحيطة بكل شيء والمهيمنة عليه؛ العليمة بكل 
شيء» وهي تشرف من عَلٍ على الوجود وما فيه ومن فيه» حيث 
تهز القلوب وتجول بها في الوجود كله» فلا تجد إلا الله» ولا ترى 
إلا الله» ولا تحس بغير الله؛ ولا تعلم لها مهرباً من قدرته ولا 
مخبأ من علمه ولا مرجعاً إلا إليه» ولا متوجهاً إلا لوجهه الكريم. 

وينطلق النص في مفتح السورة بالتسبيح لله» فتجاوب 
معه أرجاء الوجود كله بالتسبيح للهء ويهينم كل شيء في 
السماوات والأرض» فيسمعه كل قلب مفتوح غير محجوب 


باضكية الفا 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ويقرر: أننه لا حاجة لتأويل الخص .عن ظاهر: مدلولة: 
فهو يدل على أن كل ما في السماوات والأرض له روح يتوجه 
بها إلى خالقه بالتسبيح» كما تدل على ذلك كثير من النصوص 
والآثار الصحيحة في الكتاب والسنة .)١(‏ 

ثم بعد هذه المقدمة للسورة يقول: " - وما يكاد يفيق - 
أي القلب البشري - من تصور هذه الحقيقة الضخمة التي تملا 
الكيان البشري وتفيض» حتى تطالعه حقيقة أخرى لعلها أضخم 
وأقوى» حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة» 
فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده -سبحانه - ومن ثم 
فهي محيطة بكل شيء - عليمة بكل شيء " هُوَ الأول وَالآخز 
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلَّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ". الأول» فليس قبله 
شيء»؛ والآخر فليس بعده شيء»؛ والظاهر فليس فوقه شيء 
والباطن فليس دونه شيء. 

الأول والأخر مستغرقاً كل حقيقة الزمان» والظاهر 
والباطن مستغرقاً كل حقيقة المكان وهما مطلقتان» ويتلفت القلب 
البشري فلا يجد كينونة لشيء إلا لله» وهذه كل مقومات الكينونة 
قابقة لهادون سواه حتى وحود هذا القلج"ذاقه :لا يتحفق: إلا 
مستمداً من وجود الله فهذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي 


)١(‏ في ظلال القرآن 417-1954155" بتصرف. 
م/م 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الذي يستمد منه كل شيء وجوده؛ وهذه الحقيقة هي الحقيقة 
الأولى التي يستمد منها كل شيء حقيقة» وليس وراءها حقيقة 
ذاتية» ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود " وهو بكل شيء 
عليم " علم الحقيقة الكاملة فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة 
الإلهية وصادرة عنهاء فهي مستغرقة إذن بعلم الله اللدني بهاء 
العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته مهما علم 
المخلوقون عن ظواهر الأشياء!. 

فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في قلبء فما احتفاله 
بشيء في هذا الكون غير الله» وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود 
- في ذلك القلب ذاته - إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى؟ 
وكل شيء وهمٌ ذاهب» حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله» المتفرد 
بكل مقومات الكينونة والبقاء؟. 

وان استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله قطعة من هذه 
الحقيقة» فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار فإن هذه الآية 
القرانية حسبه ليعيش في تدبرها وتصور مدلولهاء ومحاولة 
الوصول إلى هذه المدلول الواحد وكفى!. 

ولقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى» وهاموا 
بها وفيها وسلكوا إليها مسالك شتى» بعضهم قال: إنه يرى الله 
في كل شيء في الوجود»ء وبعضهم قال: إنه رأى الله من وراء 


4 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





كل شيء في الوجود» وبعضهم قال: إنه رأى الله فلم ير شيئاً 
غيره في الوجود» وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا عن 
ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجالء إلا أن ما يؤخذ عليهم - 
على وجه الإجمال - هو أنهم أهملوا الحياة بهذا التصورء 
والإسلام في توازنه المطلق يريد من القلب البشري أن يدرك هذه 
الحقيقة» ويعيش بها ولهاء بينما هو يقوم بالخلافة في الأرض 
بكل مقتضيات الخلافة» من احتفال وعناية وجهاد وجهد لتحقيق 
منهج الله في الأرض» باعتبار هذا كله ثمرة لتصور تلك الحقيقة 
تصوراً متزناً» متناسقاً مع فطرة الإسلام وفطرة الكون كما خلقها 
لك 0 





الثاني: " في تذ الإخلاص ': 

بيّن سيد في مقدمة السورة» " أن الأحدية التي أمر رسول 
الله ين أن يعلنها [كُلْهُوٌَآسّهُ د ) [سورة الاخلاص:١]‏ هي عقيدة 
للضمير» وتفسير للوجود» ومنهج للحياة.. و( دَلهِوَأسَهُ عد © وهو 
لفظ أدق من لفظ " واحد " لأنه يضيف إلى معنى " واحد " أن 
لا شيء غيره معه؛ وأنه ليس كمثله شيء. 

إنها أحدية الوجود» فليس هناك حقيقة إلا حقيقته» وليس 
هناك وجود حقيقي إلا وجوده؛ وكل موجود آخر فإنما يستمد 


.558٠0 0-7418 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
5م‎ 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


وجوده من ذلك الوجود الحقيقي» ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة 
الذاتية. 

وهي - من ثم - أحدية الفاعلية» فليس سواه فاعلاً لشيء 
أو فاعلاً في شيء» في هذا الوجود أصلآًء وهذه عقيدة في 
الضمير وتفسير للوجود أيضاً. 

فإذا استقر هذا التفسير»ء ووضح هذا التصورء خلص 
القلب من كل غاشية ومن كل شائبة» ومن كل تعلق بغير هذه 
الذات الواحدة"المتفردة يخقيفة"الوهود وحقيفة الفاعلية» كلصن 
من التعلق بشيء من أشياء هذا الوجود - إن لم يخلص من 
الشعور بوجود شيء من الأشياء أصلاً - فلا حقيقة لوجود إلا 
ذلك الوجود الإلهي» ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية؛ 
فعلام يتعلق بالقلب بما لا حقيقة لوجوده ولا فاعليته!. 

وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة؛ 
ومن التعلق بغير هذه الحقيقة» فعندئذ يتحرر من جميع القيود» 
وينطلق من كل الأوهاق» يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود 
كثيرة» ويتحرر من الرهبة وهي اصل قيود كثيرة» وفيم يرغب 
وهو لا يفقد شيئاً متى وجد الله؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية 


إلا ش؟. 


اله 


سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا 
حقيقة الله»ء مستصحبة رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر 
انبثتق عنها - وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء 
يراهء ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئاً في الكون إلا الله 
لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله. 

كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب» ورد كل شيء»؛ 
وكل حدثء وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت» 
وبه تأثرت» وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة 
بتقريرها في التصور الإيماني» ومن شم كان ينحي الأسباب 
الظاهرة دائماً ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله» (وَمَارَميك إِدْ 


رَمَيْنتَ ولكرج أنَهَرئ 4 [سورة الأنفال:7١]‏ » [ْوَما اَلتبَرٌ إِلَامن 


0 اه 1 


عند شه 1 [إسورة لأخنفال:١٠]‏ » (ِوَمَاتَسَاءُونَإِلَا أن نشاء الله 
[سورة الإنسان ++ 8] وغيرها. 

وبتنحية الأسباب الظاهرة» ورد الأمر إلى مشيئة الله 
وحدهاء تنسكب في القلب الطمأنينة» ويعرف المتجه الوحيد 
الذي يطلب عنده ما يرغب» وينفي عنده ما يرهب» ويسكن تجاه 
الفواعل والمؤثرات والأسباب الظاهرة التي لا حقيقة لها ولا 


وجود!. 


كم 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وهذه هي مدارج الطريق التي حاولها المتصوفة فجذبتهم 
إلى بعيد! ذلك أن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا الطريق 
إلى هذه الحقيقة وهم يكابدون الحياة الواقعية بكل خصائصهاء 
ويزاولون الحياة البشرية والخلافة الأرضية بكل مقوماتهاء 
شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله؛ وأن لا وجود إلا وجوده؛ 
وأن لا فاعلية إلا فاعليته» ولا يريد طريقاً غير هذا الطريق ' 
22 

ثم يقرر سيد بعد هذا أنه من هذا التصور لأحدية الله 
ينبثق منهج كامل للحياة» قائم على ذلك التفسير وما يشيعه في 
النفس من تصورات ومشاعر واتجاهات» منهج لعبادة الله وحده؛ 
الذي لا حقيقة لوجود إلا وجوده؛ ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعليته؛ 
ولا أثر لإرادة إلا إرادته. 

ومنهج للاتجاه إلى الله وحده في الرغبة والرهبة» في 
السراء والضراء» في النعماء والبأساء والا فما جدوى التوجه إلى 
غير موجود وجوداً حقيقياًء والى غير فاعل في الوجود أصلاً؟. 

ومنهج للتلقي عن الله وحدهء في كل شؤون الحياة؛ 
ومنهج للتحرك والعمل لله وحده؛ ومنهج يربط بين القلب البشري 


,5 00179 -4.237 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
1م‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وما حوله من الموجودات»؛ وكل ذلك لتحقيق الخلافة في الأرض 
والقيادة بكل أعبائها. 

ثم يقول: " ومعنى أن الله أحد: أنه الصمدء وأنه لم يلد 
ولم يولد» ولم يكن له كفواً أحدء ولكن القرآن يذكر هذه التفريعات 
لزيادة التقرير والتوضيح ". 

' الله الصمد " ومعنى الصمد اللغوي: السيد المقصود 
الذي لا يقضى أمر إلا بأذنه» والله - سبحانه - هو السيد الذي 
لا سيد غيره» فهو أحد في ألوهيته والكل له عبيدء وهو المقصود 
وحده بالحاجات»؛ المجيب وحده لأصحاب الحاجات»؛ وهو الذي 
يقضي في كل أمر بإذنه» ولا يقضي أحد معه» وهذه الصفة 
متحققة ابتداءً من كونه الفرد الأحد» و" لم يكن له كفواً أحد ' 
أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ» لا في حقيقة الوجود»ء ولا في 
حقيقية الفاعلية ولا في أي صفة من الصفات الذاتية» وهذا 


كذلك يتحقق أنه" أحذ " :ولكن للتوكية والتفضبيك: "(0, 





إن شامق كي الفعمين التنادقرق والنتواف الاي بوره فيد 
يجد ما يأتي: 


5ك 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





أولاًئ_أنه لا يوجد فيهما تصريح من سيد بالقول بوحدة 
الوجود. 

ثانياً: أن كلام سيد في النص الأول كان حديثاً عن ' 
الحقيقة الإلهية ' وأن الله الخالق لهذا الكون وما فيه؛ والعالم 
بكل شيء والمحيط به» والفاعل الحقيقي فيه» وكل ما في 
الوجود خاضع لله عز وجلء لا يخرج عنه أمره؛ وأن الله في 
علاه يشرف على الوجود وما فيه ومن فيه» وأن كل ما في 
الوجود يسبح خالقه حقيقة. وتصور هذه الحقيقة على هذا النحو 
يجعل المسلم يحيا في ظلالهاء ويتلمس آثارها في حياته وعند 
ذلك لا يلتفت إلى شيء غير الله؛ ولا يحفل بشيء سواه؛ لأنه 
وحده هو الحق. 

ثالثاً: أن كلام سيد قطب في النص الثاني كان عن '" 
أحدية الوجود ' التي لا تكون إلا لله» وليس عن " وحدة الوجود " 
بالمفهوم المنحرف» فهو يتحدث عن أحدية الوجود التي ينتج 
عنها " أحدية الفاعلية " التي ينتج عنها نفي فاعلية الأسباب 
الظاهرة كلهاء ورد كل شيء وكل حدث وكل حركة في هذا 
الكون إلى الله وحده - سبحانه - وينتج عن ذلك تنحية 
الأسباب الظاهرة عن التأثير في هذا الكونء والانتباه إلى 
المسبب الذي خلق هذه الأسباب ووجهها كيف شاء. 


1م 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





رايعاً: أن كلام سيد السابق في الموضعين هو دعوة 
للمسلم والداعية على وجه الخصوص أن يعيش هذه الحقائق 
الإعتقادية ويحيا بهاء ويتلمس آثارها التربوية والعملية والحركية 
على نفسه؛ وفي شعوره وكيانه وحياته وحركاته» بحيث لا يرجو 
إلا الله» ولا يخاف إلا من الله» لأنه لا فاعلية حقيقة في الوجود 
إلا لله وهذا له أثر عظيم في حياة الداعية» حيث يجعله يتحرك 
بدينه» ويؤدي خلافته ويسعى جاهداً لتحقيق منهج الله في 
الأرض. 

إذآّزفهدف سيد من كلامه السابق في النصين هو تقرير ' 
حقيقة الألوهية " لهدف اعتقادي تربوي عملي حركي» فهو 
يخاطب الدعاة بذلك ليكونوا عقيدتهم ويعيشوا بهاء ويتحركوا 
بدينهم» ويتوجهوا بقلوبهم وكيانهم كله إلى خالقهم» الأحد في 
وجوده وفاعليته» فتمتلئ قلوبهم طمأنينة ويقيناً وثباتاً وجهاداً 
وعقيدة وتوحيداً» وتوكلاً واستعانة ('). 

وهذه هي إيجابية العقيدة الصحيحة:» لذا نجد سيد - 
رحمه الله - في كلامه ينتقد المتصوفة ويأخذ عليهم سلبياتهم 
وانعزاليتهم التي قادتهم إلى القول بوحدة الوجود أو التي كانت 


نتيجة لعقيدة وحدة الوجود عندهم. 


)١(‏ في ظلال القرآن في الميزان» د/ صلاح الخالدي ص 7١‏ وما بعدها بتصرف. 
كم 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





خامساً: أن العبارات التي وردت في كلام سيد حول نفيه ' 
للوجود المخلوق ' أو " الكينونة المخلوقة " أو نحوها من 
العبارات؛ لا يعني نفي الوجود الفعلي لذلك» وإنما يمكن حملها 
على نفي وجود الفاعلية والتأثير» ووجود البقاء الذاتي؛ 
والاستقلال الذاتي» لأن الله وحده هو المتفرد بكل مقومات 
الوجود الحق الفاعل المؤثر» وما سواه سبحانه فإنما يستمد 
وجوده وفاعليته من إيجاد الله له. 

فنفي سيد للوجود الآخر لغير الله؛ لا يعني بالضرورة نفي 
الوجود الفعلي الواقعي - فهذا قائم مسلم - بل قد يكون مقصده 
نفي التأثير والفاعلية عنه؛ فيكون المعنى أن ما سوى الله موجود 
وقائم له مكان وحيز لا ينكرء ولكنه لا فاعلية له ولا تأثير» ولا 
يملك حركة ولا ضراً ولا نفعاً» وعندما يدعو- سيد - كل داعية 
إلى أن يعيش هذه الحقيقية» ويتعمق فيهاء حتى لا يرى إلا يد 
الله» ولا يرى شيئاً في الكون إلا الله؛ فإنه لا يقصد بذلك الرؤية 
العينية البصرية» وانما يقصد بذلك الرؤيا القلبية الشعورية» رؤيا 
المشاعر والأحاسيسء فالعين ترى الموجودات القائمة في 
الوجود» لكن القلب والمشاعر ينفيان عنها الفاعلية والتأثير ('). 


)١(‏ المصدر السابق» د/ صلاح الخالدي ص 7١‏ بتصرف. 
/اكم/ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





سادسآً: أن عبارات - سيد قطب - في نفي الوجود 
والرؤية والتي سبق بيان مقصده منها يوجد في كلام كثير من 
أهل السنة والجماعة مثلها أو أقوى منهاء ومقصد سيد من هذه 
للألفاظ قد يكون هو مقصدهم منهاء ومن الأمثلة على ذلك: 

- تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله‎ 2-١ 
" عن النوع الثاني من أنواع الفناء في الله وعبادته وهو ما سماه‎ 
الفناء عن شهود السوى " فقال: " فإذا قوي على صاحب هذا‎ 
الفناء» فإنه يغيب بموجوده عن وجوده؛» وبمشهوده عن شهوده»‎ 
وبمذكوره عن ذكره» وبمعروفه عن معرفته» حتى يفنى من لم‎ 
يكن - وهي المخلوقات العبد فما سواه - ويبقى من لم يزل»‎ 
وهو الرب تعالى» والمراد فناؤها في شهود العبد وذكره» وفناؤها‎ 
.)١( " عن أن يدركها أو يشهدها‎ 

ويقول في موضع أخر: ' إذا قال أحد المشايخ: ما أرى 
غير الله أولا أنظر إلى غير الله ونحو ذلك فمرادهم بذلك: ما 
أرى رباً غيره» ولا خالقاً ولا مدبراً غيره» ولا إلهاً لي غيره ولا 
نظن إلى غير نتحنة له او هرقا مفه أوعزيها 41 10 


»ها١‎ 57١ العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية» دار الفضيلة» الرياض» ط١» عام‎ )١( 
وما بعدها.‎ »١5 ص‎ 
.١6؟ةيميت العبودية» لشيخ الإسلام ابن‎ )1( 


16م 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





2020-5 يقول ابن القيم - رحمه الله - " والجحد في 
الشهود لا في الوجود» أي يجحده أن يكون مشهودا فيجحد 
وجوده الشهودي العلميء لا وجوده العيني الخارجي»ء فهو أولاً: 
يغيب عن وجوده الشهودي العلميء ثم ينكر ثانياً: وجوده في 
علمه» وهو اضمحلاله جحداً» ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى 
درجة أخرى أبلغ منهاء وهي اضمحلاله في الحقيقة» وأنه لا 
وجود له البتة» وانما وجوده قائم بوجود الحق» فلولا وجود الحق 
لم يكن هو موجوداً ففي الحقيقة: الموجود إنما هو الحق وحده؛ 
والكائنات من أثر وجوده؛ فهذا معنى قولهم: إنها لا وجود لها 
ولا أثر لهاء وأنها معدومة وفانية ومضمحلة " .)١(‏ 

*-2- يقول الإمام أبو إسماعيل الهروي (') عن الفناء: 
'" هو اضمحلال ما دون الحق علماً» ثم جحداً ثم حقأ» وهو 
على ثلاث درجات: 


)١(‏ مدارج السالكين» لابن القيم 2١54/١‏ وما بعدها. 

(1) هو: عبدالله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي أبو إسماعيل» ولد بقندهار 
سنة 551:ه» محدث ومؤرخ ومتكلم» له عدة مؤلفات» توفي سنة ١4/8ه»‏ انظر 
سير أعلام النبلاء 2557/١١‏ ومعجم المؤلفين .١75/5‏ 

158 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الدرجة الأولى: فناء المعرفة في المعروفء وهو الفناء علماً» وفناء 
العيان في المعاين وهو الفناء جحداً» وفناء الطلب 
ين الوكوة وهو “الفا كفا . 
والدرجة الثائنية: فناء شهود الطلب لإسقاطه؛ وفناء شهود المعرفة 
لإسقاطهاء وفناء شهود العيان لإسقاطه. 
زالفوحة الخالفة: القنا مجع شيوة القذا دوفو الفتاء. كفا 0107 
ولا شك أن كلام أبي إسماعيل الهروي هنا أكثر تصريحا 
من كلام سيد السابق ولذا اتهم - أي الهروي - بالقول بوحدة 
الوجود» بناء على ما سبق من كلام له في النصء ولكن ابن 
القيم - رحمه الله - دافع عن الهروي في كلامه السابق بقوله: ' 
وحاشا شيخ الإسلام - الهروي - من إلحاد أهل الإلحاد؛ وإن 
افكت عدا ركه وزو خن اال مقيفة زلن" 07), 
ويرد أيضاً على من يتهم الهروي بالقول بوحدة الوجود 
فيقول: ' وهذا كذب على شيخ الإسلام وليس مراده: فناء شهود 
العيان» فيفنى عن مشاهدة المعاينة» ويغيب بمعاينة عن 
معاينته» وليس مراده: انتفاء الشهود والتغاير بين المعاين 
والمعاين» وانما مراده: انتفاء الحاجب عن درجة الشهود» لا عن 


)١(‏ منازل السائرين لأبي إسماعيل الهرويء ص177. 
)١(‏ مدارج السالكين لابن القيم .١7١/١‏ 
ام 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





حقيقة الوجود»ء وفرق بين إسقاط الشيء عن درجة الوجود 
العلمي الشهوديء وإسقاطه عن رتبة الوجود العيني الخارجي؛ 
فشيخ الإسلام - بل مشايخ القوم المتكلمين بلسان الفناء - هذا 
مرادهم ا " وليس مرادهم فناء موجود ما سوى الله في 
الخارج؛ بل فناؤها عن شهودهم وحسهمء فحقيقة: غيبة أحدهم 
عن سوى مشهوده؛ بل غيبته عن شهوده نفسه " ("). 

سابعاً: أن في كلام - سيد- في النصين المذكورين 
عبارات واضحة يفرق فيها بين الخالق والمخلوقء والإله والعبد» 
فيثبت المغايرة بينهماء حيث يثبت ' متوجهاً ومتوجّهاً إليه" و" 


ومسبحاً ومسبّحاً بحمده ' و" ومستمداً ومستمّداً منه" و" طالباً 
ومطلوباً منه " و" راهباً ومرهوباً منه» و" وقاصداً ومقصوداً " و" 
سائلاً ومسؤلاً مجيباً " و" إلهاً وعبيداً '" ونحو ذلك من الألفاظ 
الواردة في كلام سيد وهي كلها تثبت المغايرة وتبطل دعوى 
'وحدة الوجود " عنده. 

وواكد ذلنك' أيضنا أن سيدا عاركنه الله ح تحمل فاده 
استشعار هذه الحقيقة - حقيقة الألوهية - كما أوضحها هي 
الإقبال على عبادة الله وإفراده سبحانه بها وتحقيق منهجه في 
)١(‏ المصدر السابق .١77/١‏ 


(5) المصدر السابق .١726 /١‏ 
لام 





11171711717 سيد قطي ومنهجة في العقيدة وت 


ا 





الأرضء بينما القائلون بوحدة الوجود يرون أنه لا داعي لعبادته 

وحده؛ فكل ما عبد في الأرض فهو معبود بحق لأنه ليس في 

الوجود إلا اللهء أو أنه لا داعي للعبادة أصلاً فالعبد هو الله " .)١(‏ 
وقد يصر البعض بعد ما سبق بيانه على أن يفهم من 

كلام سيد في الموضعين السابقين» قوله بوحدة الوجود» وقد 

نسمح له بذلك» إذا لم نجد لسيد قطب كلاماً صريحاً قاطعاً في 

نقض " وحدة الوجود "؛ فهل يوجد لسيد كلامٌ صريحٌ في ذلك؟ 
الجواب: نعم وهو ما سنعرضه في المطلب الآتي: 


)١(‏ ينظر كلامهم في: فصوص الحكم لابن عربي ص ٠‏ 5 5» والإنسان الكامل 
للجيلي »57/١‏ و الموسوعة الميسرة ”/ 7315. 


“الم 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


المطلب الثالث 


سيد قطب ونقض " وحدة الوجود " 
من خلال قراءة ما كتبه سيد في كتبه الإسلامية وخاصة 
الأخيرة منها كالظلال في طبعته المنقحة والخصائص 
والمقومات نجد أن له - رحمه الله - كلاماً كثيراً في نقد لفكرة " 
وحدة الوجود " وإبطالها بل واعتبارها كفراً لا يقول به مسلم. 
ويمكن تصنيف النصوص الواردة في هذا الموضوع إلى 





العباد هو مقام العبودية: 
2-١‏ ففي ظلال قوله تعالى: ( وَإِنَ كنم في ريبما 
كُسْرَ صَدِونَ 4 [سورة البقرة:1] . يقول سيد - رحمه الله -: 'ويبدأ 
هذا التحدي بلفتةٍ لها قيمتها في هذا المجال؛ يصف الرسول 
#بالعبودية لله» ولهذا الوصف في هذا الموضوع دلالات منوعة 
متكاملة فهو: أولاً: تشريف للنبي 4# وتقريب بإضافة عبوديته لله 
تعالى» دلالة على أن مقام العبودية لله هو أسمى مقام يدعى إليه 
بشر ويدعى به كذلك» وثانياً: تقرير لمعنى العبودية في مقام دعوة 


لام 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





الناس كافة إلى عبادة ربهم وحده؛ء واطراح الأنداد كلها من دونه؛ 
فها هو ذا النبي يل في مقام الوحي - وهو أعلى مقام - يدعى 
بالعبودية لله» ويشرف بهذه النسبة في هذا المقام .)١(‏ 

-١‏ وفي ظلل قوله: إوَهْوَالْعنُ الْعظِيمٌ ) [سورة 
البقرة:155] » يقول - رحمه الله -: " وهذه الصفات تقرر حقيقة 
وتوحي للنفس بها وتفرد الله سبحانه بالعلو» وتفرده سبحانه 
بالعظمة على سبيل القصر والحصرهء فلم يقل ' وَهْوَ عَلِيْ عَظيمُ 
"» ليت الصفة مجرد إتباتء ولكنه قال: ' ألْمَنُ الْعظِيمٌ " 
ليقصرها عليه سبحانه بلا شريك!. 

إنه المتفرد بالعلو» والعظمة؛ وما يتطاول أحد من العبيد 
إلى هذا المقام إلا ويرده الله إلى الخفض والهونء والعذاب في 
الآخرة.. ويعلو الإنسان ما يعلو»؛ ويعظم ما يعظم؛ فلا يتجاوز 
مقام العبودية لله العلي العظيم» وعندما تستقر هذه الحقيقة في 
نفس الإنسان فإنها تثوب إلى مقام العبودية وتطامن من كبريائه 
وطغيانه؛ وترده إلى مخافة الله ومهابته والشعور بجلاله 
وعظمته؛ والأدب في حقه " (1). 


.58/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
الى‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





"- 2 وفي ظلال قوله تعالى: ! لَن يْتَحكِفٌ ألْمَسِيعُ 
1 اله ولا المليكة الترون ١‏ السو النناء 5" 
يقول سيد: " فالمسيح ابن مريم لن يتعالى عن أن يكون عبداً 
لله» لأنه - عليه السلام - وهو نبي الله ورسوله - خير من 
يعرف حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية» وأنهما ماهيتان مختلفتان 
لا تمتنجان وهو خير من يعرف أنه من خلق الله؛ فلا يكون 
خلق الله كال أو بعضاً من الله؛ وهو خير من يعرف أن 
العبودية لله - فضلاً على أنها الحقيقة المؤكدة الوحيدة - لا 
تنقص من قدره؛ فالعبودية لله مرتبةً لا يأباها إلا كافزٌ بنعمة 
الخلق والإنشاءء وهي المرتبة التي يصف الله بها رسله وهم في 
أرقى حالاتهم وأكرمها عنده» وكذلك الملائكة المقربون وفيهم 
روح القدس جبريل عليه السلام " .)١(‏ 

5- ويقول - رحمه الله - بعد أن بين قيمة حقيقة التوحيد 
في الحياة البشرية في كل جوانبها على السواء: " إن هذه الحقيقة 
ليست أهميتها في تصحيح التصور الإيمانيء وان كان هذا 
التصحيح في ذاته غاية ضخمة يقوم عليها بناء الحياة كله» بل إن 
أهميتها كذلك في حسن تذوق الحياة» وبلوغ هذا التذوق أعلى 


.37١ /” في ظلال القرآن‎ )١( 
هام‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





درجات الكمال والتناسق» فقيمة الحياة الإنسانية ذاتها ترئفع حيت 
تصبح كلها عبادة لله» وحين يصبح كل نشاط فيها - صغر أم 
كبر- جزءاً من هذه العبادة» أو كل العبادة» متى نظرنا إلى المعنى 
الكبير الكامن فيه وهو إفراد الله سبحانه بالألوهية» والإقرار له 
وحده بالعبودية.. هذا المقام الذي لا يرتفع الإنسان إلى ما هو 
أعلى منه؛ ولا يبلغ كماله الإنساني إلا في تحقيقه» وهو المقام الذي 
بلغه رسول الله يل في أعلى مقاماته التي ارتقى إليهاء مقام تلقي 
الوحي من الله» ومقام الإسراء أيضاً " .)١(‏ 

5- ويقول أيضاً: " وفي موضوع التكريم لرسول الله يل 
وفي مقام التعظيم يصفه بالعبودية» كما في مقام الإسراء 
والمعراج؛ ومقام الدعاء والمناجاة» وكذلك مقام تنزيل الفرقان 
عليه... والوصف بالعبودية في هذه المواضع له دلالته على 
رفعة هذا المقام» وأنه أرفع ما يرتفع إليه بشر من بني الإنسان» 
كما أن فيه تذكيراً خفياً بأن مقام البشرية حين يبلغ مداه لا يزيد 





على أن يكون مقام العبودية لله ويبقى مقام الألوهية متفردا 


تالفاكلة#يكهردا دن كل نشمفة تيرك أن مشنانية: ذلك أن مكل 
مقام الإسراء والمعراج» أو مقام الدعاء والمناجاة» أو مقام الوحي 
والتلقي كان مزلة لبعض أتباع الرسل من قبل» منها نشأت 


.١91593/54 المصدر السابق‎ )١( 
كلام‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





أساطير البنوة لله» أو الصلة القائمة على غير الألوهية 
والعبودية» ومن ثم يحرص القرآن على توكيد صفة العبودية في 
هذا المقام» بوصفها أعلى أفق يرتفع إليه المختارون من بني 
الاتسام 07 

5- وفي ظلال قوله تعالى: [مُلْإِنّ رثن أعبدَمه مِصَالَهُ 
لنَ 1 [سورة الزمر:١١]‏ » يقول - رحمه الله -: " وهذا الإعلان 
من النبي يي بأنه مأمور أن يعبد الله وحده؛ ويخلص له الدين 
وحده؛ وأن يكون بهذا أول المسلمين وأنه يخاف عذاب يوم 
عظيم إن هو عصى ربه.. هذا الإعلان ذو قيمة كبرى في 
تجريد عقيدة التوحيد كما جاء به الإسلامء فالنبي 8 في هذا 
المقام هو عبد الله» هذا مقامه لا يتعداه» وفي مقام العبودية يقف 


ذات الله سبحانه متفردة فوق < 





العبادء وهذا هو المراد» وعند ذلك يقر معنى الألوهية» ومعنى 
العبودية» ويتميزان فلا يختلطان ولا يشتبهان وتتجرد صفة 
الوكذائجة (الد تسمه قفاوا تويك :ور بيهم 10 

2-7 ويقول - رحمه الله - أيضاً: " وفي مقالة الجن 
ما يشهد بوحدانية الله ونفي الصاحبة والولد» وإثبات الجزاء في 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 75141- 548 ابتصرف يسير. 


(2) في ظلال القرآن ©/ .5"٠١055‏ 
الام 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الآخرة وأن أحداً من خلق الله لا يعجزه في الأرض ولا يفلت من 
يديه ويفوته» وتتكرر هذه الحقيقة فيما يوجه للرسول هَيةِ من 
مَك بن مدا )لسو الجن ] : 
فهذه الشهادة تقرر أن الألوهية لله وحده؛ وأن العبودية هي 
أسمى درجة يرتفع إليها البشر " .)١(‏ 

واكتفى بهذه النتصوص في هذا الجانب في تقرير سيد 
لحقيقة الألوهية وأن العباد لا يمكن أن يرتفعوا عن مقام العبودية 


أبدا. 


7 و سس 2 مان راصم 
الخطاب ( قَلْإِنَما أذعوا رق ملآ 





ونظراً لكثرة النصوص في هذا الجانب فسأكتفي بإيراد 
مجموعة منها على سبيل التمثيل ومنها: 
-١‏ في ظلال قوله تعالى: (من ذَا الَذِى يَشْهَمُ عِندهءٍ 


َه 


ا 

دنهم ) [سورة البقرة:155] . يقول سيد: " وهذه صفة أخرى من 
صفات اللهء توضح مقام الألوهية» ومقام العبودية» فالعبيد جميعا 
يقفون في حضرة الألوهية موقف العبودية» لا يتعدونه ولا 


يتجاوزونه» يقفون في مقام العبد الخاشع الخاضع؛ لذا لا يقدم 


)١(‏ في ظلال القرآن 7177/5 بتصرف. 
ام 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


بين يدي ربه» ولا يجرؤ على الشفاعة عنده؛ء إلا بعد أن يؤذن له 
فيخضع للإذن ويشفع في حدوده؛ وهم يتفاضلون فيما بينهم» 
ويتفاضلون في ميزان الله؛ ولكنهم يقفون عن الحد الذي لا 
يتجاوزه عبدء 

وفي ظل هذه الحقيقة تبدو سائر التصورات المنحرفة 
للذين جاءوا من بعد الرسل فخلطوا بين حقيقة الألوهية وحقيقة 
العبودية» فزعموا لله سبحانه خليطاً يمازجه أو يشاركه بالبنوة أو 
بغيرها من الصور في أي شكل وفي أي تصورهء أو زعموا له 
سبحانه أنداداً يشفعون عنده فيستجيب لهم حتماً» في ظل هذه 
الحقيقة تبدو تلك التصورات كلها مستنكرة مستبعدة» لا تخطر 
على الذهن» ولا تجول في الخاطرء ولا تلوح بظلها في خيال» 
وهذه النصاعة التي يتميز بها التصور الإسلامي» فلا تدع 
مجالاً لتلبيس أو وهم أو اهتزاز في الرؤية» الألوهية ألوهية؛ 
والعبودية عبودية» ولا مجال لالتقاء طبيعتهما أدنى التقاء» والرب 
رب» والعبد عبد»ء ولا مجال لمشاركة في طبيعتهما ولا التقاء؛ 
فأما صلة العبد بالرب ورحمة الرب للعبد والقربى والود والمددء 
فالإسلام يقررها دون ما حاجة إلى خلط بين طبيعة الألوهية 
وطبيعة العبودية؛ ودون حاجة إلى الغبش والركام والزغللة 


ام 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





والاضطراب الذي لا تتبين فيه صورة واحدة واضحة ولا ناصعة 
ولا 0000 

"- ويقول أيضاً: " وعقب الإيضاح الحاسم بإعلان 
الوحدانية المطلقة لذات لله وصفاته.. يجيء الحديث عن 
وحدانية الجهة التي تتتزل منها الأديان والكتب والرسالات.. 
وهي الله سبحانه.. واذن فلا اختلاط ولا امتزاج بين الألوهية 
والعبودية 001 

"- في مقدمته لسورة النساء ذكر أن السورة تعالج بناء 
التصور الإسلامي الصحيحء وتواجه العقائد المنحرفة ثم قال: ' 
وفي ثنايا هذا التصحيح يتقرر التصور الإسلامي الصحيح: 
ويتمخض الأمر كله في أن يكون: ألوهية وعبودية» ألوهية الله 
وحده» وعبودية كل من عداه؛ وهي القاعدة الكبرى في العقيدة 
الإسلامية " 0). ' والله - سبحانه - تعالى عن الشركة وعن 
المشابهة» ومقتضى كونه خالقاً يستتبع.. بذاته أن يكون غير 
الخلق» وما يملك إدراك أن يتصور إلا هذا التغاير بين الخالق 


)١(‏ في ظلال القرآن» /١‏ 78 بتصرف يسير. 
(5) المصدر السابق ؟/797. 
(5) المصدر السابق ؟/ 797. 

:0م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





والخلق والمالك والملك " ('2» " ويمضي السياق في البيان 
لتقرير أكبر قضايا التصور الاعتقادي الصحيح؛ وهي حقيقة أن 
ألوهية الخالق تتبعها عبودية الخلائق» وأن هناك فقط: ألوهية 
وعبودية» ألوهية واحدة وعبودية تشمل كل شيءء وكل أحد في 
هذا الوجود»... لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة 
وحدانية الله - سبحانه - وحدانية لا تثلبس بشبهة شرك أو 
مشابهة في صورة من الصورء وعني بتقرير أن الله ليس كمثله 
شيء» فلا يشترك معه شيء في ماهية ولا صفة ولا خاصية؛ 
كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين الله - سبحانه - وكل شيء 
- بما في ذلك كل حي - وهي أنها صلة ألوهية وعبودية؛ 
ألوهية الله وعبودية كل شيء له.. ألوهية وعبودية» ولا شيء 
غير هذه الحقيقة» ولا قاعدة إلا هذه القاعدة» ولا صلة إلا صلة 
الألوهية بالعبودية» وصلة العبودية بالألوهية:» ولا تستقيم 
تصورات الناس وحياتهم إلا بتمحيص هذه الحقيقة من كل 
غبش وشبهة وضلال.. ويستيقنون حقيقة الصلة بينهم وبين 
ربهم» هو إله لهم وهم عبيدهء هو خالق لهم وهم مخاليق» هو 
مالك لهم وهم مماليك» وهم كلهم سواء في هذه الصلة لا بنوة 


.5١5/؟ المصدر السابق»‎ )١( 
م4١‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





لأحد» ولا امتزاج بأحد» ومن ثم لا قربى لأحد إلا بشيء يملكه 
كل أحد ويوجه إرادته إليه فيبلغه: التقوى والعمل الصالح " .)١(‏ 

" وهنا يقول القرآن كلمة الفصل في ألوهية المسيح وبنوته 
وألوهية روح القدس» وفي كل أسطورة»... فعيسى- عليه السلام 
- خير من يعرف حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية؛ وأنهما 
ماهيتان مختلفتان لا تمتزجان " ("). 

" ومن ثم تتوارد النصوص.. في تقرير الألوهية الواحدة 
ونفي كل شرك أو تثليث أو خلط بين ذات الله - سبحانه - 
وبين غيره» أو بين خصائص الألوهية وخصائص العبودية على 
الإطلاق"0). 

" وهو - سبحانه - مالك كل شيء» وخالق كل شيء» 
والخالق غير المخلوق» وكل شيء مخلوق» وبذلك تتجلى 
نصاعة العقيدة الإسلامية» وتزيد جلاء أمام ذلك الركام من 
الانحرافات والتصورات والأساطير والوثنيات» وتبرز الخاصية 
الأولى للعقيدة الإسلامية في تقرير حقيقة الألوهية» وحقيقة 
العبودية» والفصل التام الحاسم بين الحقيقتين» بلا غبش ولا 


)١(‏ في ظلال القرآن 878/7- 8١9‏ بتصرف يسير 
(5) المصدر السابق ؟/١57.‏ 
() المصدر السابق ؟5757/7. 

م/م 








ا 2 "الفين المطلق :مين "الدات 
الإلهية» وذوات الحوادث " 

5 - ويقول أيضا: " والوصف بالعبودية في هذه المواضع 
- الإسراء والمعراج والدعاء والمناجاة والوحي والتلقي - له 
دلالته على رفعة هذا المقام» وأنه أرفع ما يرتفع إليه بشر من 
بني الإنسان» كما أن فيه تذكيراً خفياً بأن مقام البشرية حين يبلغ 
مداه لا يزيد على أن يكون مقام العبودية لله ويبقى مقام الألوهية 
متفرداً بالجلالة» متجرداً من كل شبهة شرك أو مشابهة " (). 

" وفي مقام العبادة يقف العبيد كلهم صفاً» وترتفع ذات الله 
سبحانه متفردة فوق جميع العباد» وهذا هو المرادء وعند ذلك يقر 
معنى الألوهية ومعنى العبودية» ويتميزان» فلا يختلطان ولا يشتبهان 
واكدوة: حتف الوك انين زان نحا فوا اتوت تي 13011 
ووضوح الصلة بين الخالق والمخلوق» وبين مقام الألوهية ومقام 
العبودية على حقيقتهما الناصعة؛ مما يصل هذه الخليقة الفانية 
بالحقيقة الباقية في غير تعقيد» وبلا وساطة في الطريق " (7 


)١(‏ المصدر السابق 855/7 بتصرف يسير. 
(") المصدر السابق 51//5؟5. 
(9) في ظلال القرآن ©/ 1554/8. 
١‏ المصدر السابق» 5/ 23١545‏ وينظر أيضاً 5/ 5557. 
(©) المصدر السابق 5/ 59556. 
ىم 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





هذه بعض النصوص الواردة في الظلال» وهناك غيرها 
كثيرة يمكن الرجوع إليها .)١(‏ 

وبالإضافة إلى ما سبق فإن هناك أيضاً نصوص في 
كتاب " خصائص التصور الإسلامي ومقوماته " وهو آخر كتب 
سيد - رحمه الله - يوضح فيها تميز الحقيقة الإلهية عن 
سواهاء وينكر أي خلط بينها وبين غيرها في أي صورة من 
الصور ومن هذه النصوص: 

20-5 يقول في الخصائص: ' إن الإسلام يبدأ فيفصل 
فصلاً تاماً كاملا بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية» وبين 
مقام الألوهية ومقام العبودية» وبين خصائص الألوهية»؛ 
وخصائص العبودية» بحيث لا تقوم شبهة» أو غبش حول هذا 
الفصل الحاسم الجازم؛ الله ليس كمثله شيء»ء فلا يشاركه أحد 
في ماهية أو حقيقة:» والله هو الأول والأخر والظاهر والباطن» 
فلا يشاركه أحد في وجودء وكل من عليها فان» ويبقى وجه ربك 
ذو الجلال والإكرام فلا يشاركه أحد في بقاء " ('). 


(') ينظر: في ظلال القران» 053١/8077 //5 54/١‏ مكلا لاهلا الالال 
1/5 
(؟) خصائص التصور الإسلامي» ص .١56‏ 
8/4 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





" ويقوم التصور الإسلامي على أساس أن هناك - 
ألوهية وعبودية» ألوهية يتفرد بها الله سبحانه - وعبودية يشترك 
فيها كل من عداه وكل ما عداه» وكما يتفرد الله - سبحانه - 
بالألوهية كذلك ' يتفرد" تبعاً لهذا بكل خصائص الألوهية» وكما 
يشترك كل حي وكل شيء - بعد ذلك - في العبودية» كذلك 
يتجرد كل حي وكل شيء من خصائص الألوهية» فهناك إذن 
وجودان متميزان» وجود الله ووجود ما عداه من عبيد الله 
والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق» والإله 
بالعبيد» وهذه هي القاعدة الأولى في التصور الإسلامي» ومنها 
تنبثق وعليها تقوم سائر القواعد الأخرى .)١('‏ 

20-5 يقول في المقومات: ' إن حقيقة الألوهية وحقيقة 
العبودية في التصور الإسلامي تقوم على أساس أن هناك 
ألوهية واحدة لهذا الوجود؛ء ذات خصائص غير قابلة للشركة» 
وعبودية شاملة تتمثل في جميع الخلائق من أشياء وأحياء... 
عن مشيئة الله الواحد سبحانه صدرت كل هذه الخلائق» وبقدر 


الله تقوم وتتحرك لا شرك في هذه الألوهية" ('). " إن التصور 


2١854 297١5 خصائص التصور الإسلامي ص 0١5١؛ وينظر أيضاً: ص /الاء‎ )١( 
5١5 د١١‎ ١ 5/ 
.57" مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 

امم 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الإسلامي يفصل فصلا تاماً بين طبيعة الألوهية وطبيعة 
العبودية» وبين مقام الألوهية ومقام العبودية» وبين خصائص 
الألوهية وخصائص العبودية» فهما لا تتماثلان ولا تتداخلان» 
كذلك يبين التصور الإسلامي بياناً حاسماً: من هو " الله" 
صاحب الألوهية» ومن هم " العبيد " الذين تتمثل فيهم العبودية. 

إن الألوهية واحدة لا تتعددء هي ألوهية الله سبحانه؛ 
والعبودية تتمثل في كل ما وراء ذلك» وكل ما وراء ذلك فهو من 
خلق الله؛ لم يوجد بذاته» كما أنه لا يقوم بذاته» إنما هو مخلوق 
أوجده اللهء وهو مكفول يكفله الله» وهو متأثر يتحرك ويتغير 
يقدر اله" (0). 

" إنها العبودية الشاملة أمام الألوهية المتفردة» قاعدة هذا 
التصورء ونقطة الاستقرار الثابتة فيه» والسمة المميزة له» ومفرق 
الطريق بينه وبين كل تصور آخر... هذه العبودية الشاملة 
يتعلق وجودها ابتداء» ويتعلق تدبيرها وكفالتها بالألوهية 
المتفردة» والعلاقة بين الألوهية المتفردة والعبودية الشاملة هي 
علاقة الخلق والملك والرزق والهيمنة والقوامة بكل معانيها 
ووظائفها ومقتضياتها" ("). 


| /استكرماتت لصيو ادا يي .الاق 
(5) مقومات التصور الإسلامي ص ١١٠١‏ بتصرف يسير. 
كم 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


' والتركيز في المنهج القراني ابتداءً على ' التوحيد " لا 
على الوجود» توحيد الذات الإلهية» فالله سبحانه ذات واحدة لا 
تتعدد» ولا تتبعض» ولا تندمج معها ذوات أخرىء ولا تتلبس بها 
كذلك فلا يشاركها فيها أحدء ومن وحدانية الذات وتفردها بهذه 
الصفات تتضح وحدانية الفاعلية والتأثير في الكون وما فيه 
ومن فيه؛ وحدانية الخلق والإنشاءء ووحدانية الملك والرزق 
والقوامة والتدبير» ووحدانية الهيمنة والسلطان في الدنيا والآخرة " 
00( 


لسيد قطب ذ 





في ظلال فونه تداق ركلا ةا مق بن 


مما موت وَالارْض كَل له َنود (©) بي اموت وَالارْض" 
وَإِذَا فص أَحَ) فَإنما يمُولُ لهم فن فَيَكْوْنُ 1 [سورة البقرة الآيات -١١5‏ 
7]ايقول سيد: ' وهنا نصل إلى فكرة الإسلام التجريدية 
الكاملة عن الله سبحانه» وعن نوع العلاقة بين الخالق وخلقه 
عن طريقة صدور الخلق عن الخالق» وهي أرفع وأوضح تصور 
عن هذه الحقائق جميعها... 


.175- 21١5 المصدر السابق ص "5 27 وينظر أيضاً: ص‎ )١( 
امم‎ 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





والنظرية الإسلامية: أن الخلق غير الخالق» وأن الخالق 
ليس كمثله شيء» ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة " 
وحدة الوجود " على ما يفهمه غير المسلم من هذا الاصطلاح: 
أي بمعنى: - أن الوجود وخالقه وحدة واحدة. 

- أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق. 

- أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده؛ أو على أي 
نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس 

فالوجود وحدة في نظر المسلم على معنى أخر: وحدة 
صدوره عن الإرادة الواحدة الخالقة» ووحدة ناموسه الذي يسير به» 
ووحدة تكوينه وتناسقه واتجاهه إلى ربه في عبادة وخشوع " (). 

هذه النقولات الكثيرة وغيرها تدل دلالة واضحة على أن 
سيداً - رحمه الله - كان موقفه من قضية وحدة الوجود» هو 
موقف المنكر لها الرافضء وأن كلامه الموهم لا يدل على أنه 
يقول بهاء لأن عباراته واضحة في التفريق بين مقام الألوهية 
ومقام العبودية» وكذا إنكار أي خلط بينهما في أي صورة من 
الصور - كما سبق - بالإضافة إلى كلامه الصريح في نقضها 
واعتبارها مصطلحاً لا يقول به مسلم. 


٠١5 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
ىم‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وإذآذفلا يصح الانطلاق من كلامه الأدبي الموهم لتقرير 
موقفه من هذه المسألة ما دام أن له كلاماً واضحاً بيناً كثيراً 
وخاصة في الطبعة المنقحة من الظلال وفي آخر كتبه 
'خصائص ومقومات التصور الإسلامي » ومن باب أولى لا 


يصح الاعتماد على كلامه في أشعاره أو قصصه السابقة 
لالتزامه بالإسلام. 
تنيبهك: 


أورد الدكتور / ربيع المدخلي في كلامه عن وحدة الوجود 
عند سيد قطب أن- سيداً- قررها في بداية حياته ثم نفاها أول 
الظلال ثم عاد يقررها في آخر الظلال في سورة الحديد 
والإخلاصء وقرر أن كلام سيد قطب في سورتي الحديد 
والإخلاص هو ما استقر عليه في النهاية» وحاول أن يستدل 
لهذا القول بأن سيداً - كتب الأجزاء الثلاثة الأخيرة من الظلال 
بعد أن استقر على المنهج الحركي في فهم القرآن والحركة به 
وبالتالي فكلامه في سورة الحديد والإخلاص هو المعتمد " .)١(‏ 

1 م الدكتور المدخلي وقفات: 

الأولى: أن المدخلي يناقض نفسه بنفسه في كتبه» ففي 


كتاب أضواء على عقيدة سيد قطب»؛ يستعرض كلام سيد في 


.١55 أضواء على عقيدة سيد قطب» د / ربيع المدخلي ص‎ )١( 
6/1 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





سورة البقرة ويقول: " هذا الكلام الجيد القوي الذي هاجم فيه 
وحدة الوجود مهاجمة من يعرف أنها كفر وضلال» وأنها عقيدة 
غير المسلمين» ومهاجمة دارس يعرف أصنفها وأشكالها 
لاطي 07 

ولكنه في رده على الشيخ / بكر أبو زيد في كتاب الحد 
الفاصل يقول في كلام سيد نفسه في سورة البقرة: " وفي حدود 
سنة ١15١م‏ تظاهر بنفي القول بوحدة الوجود في أول تفسير 
سورة البقرة بأسلوب بارد لا ندري ما باعثه! " ()' فما الذي 
تغير!!! 

الثانية:يقرر أن كلام سيد في تفسير سورة الحديد 
والإخلاص ينقض ما قاله في تفسير سورة البقرة بناءً على أنه 
ثبت واستقر على تفسير الأجزاء الثلاثة الأخيرة من الظلال لأنه 
انطلق منها بمنهجه الفكري والدعوي والحركي (): 

أقول: هذا الاستدلال غير موفق» فصحيح أن سيداً كتب 
الأجزاء الستة والعشرين من الظلال بطريقة معينة» ثم تحول إلى 
منهج جديد في الكتابة بعد ذلك» فأكمل به الظلال» لكنه أيضاًء 


() المصدر السابق» د / ربيع المدخلي»ء ص ©". 
6م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





عاد بالمنهج الجديد ليعيد النظر في تفسيره من أوله بناءً على 
إدراكه الجديد وراجع ونقح منه ثلاشة عشر جزءاً من أول 
الظلال» فيكون ما قرره في تفسير سورة البقرة هو الحق لأنه 
كان بعد تفسير سورة الحديد والإخلاص وهذا ما ذكره الخالدي 
نفسه (0)' ولا أدري لماذا رجح الدكتور / ربيع العكس رغم أنه 
اعتمد على كلام الخالدي وهو واضح. 

الثالثة: نقل الدكتور / المدخلي كلام الخالدي في مراحل 
تأليف الظلال» ولما وصل إلى المكان الذي ذكر فيه الخالدي 
أ بيدا > كقي الأهزاء العشنزة الأولئ هن الطبعة الكالقة 
المنقحة بتركيز شديدء وعلى منهج جديد فكان يقف عند الآيات 
طويلاً.. إلى آخر كلام الخالدي حول منهج سيد فيهاء وكذلك 
كلام الخالدي في أن سيداً راجع الأجزاء ١-١١‏ من الظلال 
بعد خروجه من السجن عام 955١م‏ وحتى منتصف 155 ١م.‏ 

أقول: لما وصل إلى هذه النقطة المهمة أسقطها كلها وهي 
أكثر من نصف صفحة ونقل ما بعدها والفقرة التي أسقطها 
الدكتور ربيع من كلام الخالدي هي قوله: '" كتب سيد قطب 
الأجزاء العشرة الأولى من الطبعة الثالثة المنقحة بتركيز شديد» 


)١(‏ مدخل إلى ظلال القرآن» د / صلاح الخالدي» ص 48- 650» وسيد قطب من 
الميلاد إلى الاستشهاد ص 57 ه» /: ه 
١‏ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وعلى منهج جديد»ء وبطريقة جديدة» فكان يقف عند الآيات 
طويلاء ويسجل خواطره حولهاء ويتعرض للحديث عما توحي به 
من قضايا في العقيدة والحركة» أو الفقه والتشريع؛ أو السياسة 
والاقتصادء أو التاريخ والاجتماع؛ أو غير ذلك» وكانت أطول 
وقفاته وأعمقها وأنضجها تلك التي تتعلق بالعقيدة والحركة؛ 
والألوهية والعبودية والحاكمية والتشريع. 

وكان الجزء السابع هو أكثر الأجزاء تركيزاء وأنضجها 
فكراء إذ توسع في الحديث عن العقيدة ومباحثهاء وفي مقدمته 
الطويلة لسورة الأنعام وأثناء تفسيره لها. 

وفي الأجزاء الثلاثة الباقية من الطبعة المنقحة - الحادي 
عشر والثاني عشر والثالث عشر - لم يقف طويلا عند الآيات» 
لأنه قال معظم ما يريد قوله في الأجزاء السابقة وصار يعقب 
على الدروس والسور! وقد كتب هذه الأجزاء الثلاثة في الفترة 
التي أطلق سراحه فيهاء من نهاية عام 975١م‏ وحتى منتصف 
5 " 

ثم عاد لينقل كلام الخالدي ابتداءً من قوله: كان سيد 
قطب يريد أن يعيد كتابة أجزاء الظلال من الرابع عشر حتى 
السابع والعشرين» وأن يفسرها على أساس منهجه الحركي 


45 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الجديدء أما الأجزاء الأخيرة فسيتركها على ما هي عليه لأنه 
ألفها على أساس ذلك المنهج(١):‏ 

والذي يظهر - والله اعلم- أن إسقاط هذا الجزء من كلام 
الخالدي ليسلم الاستدلال على أن سيداً إنما اهتم بالمنهج 
الحركي فقط في الطبعة المنقحة» بدليل أنه نقل بعدها كلام 
الخالدي في أن- سيداً - لن يعدل شيئاً في الأجزاء الثلاثة 
الأخيرة» فالهدف إثبات أن كلام سيد في سورتي الحديد 
والإخلاص ناسخ لكلامه في سورة البقرة» وهي مغالطة مكشوفة» 
لأن كلام الخالدي يقرر أن ما في سورة البقرة كان بعد ما في 
سورتي الحديد والإخلاصء وأما قول الخالدي: بأن سيداً لن 
يغير شيئا في الأجزاء الأخيرة وهوما بنى عليه المدخلي كلامه 
فهو مجرد رأيء لأنه لا يوجد ما يدل على أن سيداً لن يغير 
شيئا في الأجزاء الأخيرة إذا وصل إليها! 

وعموما كان الأحرى بالدكتور ربيع أن يقول ما قاله 
الشيخ الدويش - رحمه الله - حيث استعرض كلام سيد في 
سورة الإخلاص ونقده؛ ثم قال " ولعله - أي سيد - لم يقصد ما 
يفهم من قول الاتحادية» ونحن إنما قصدنا التنبيه على كلامه 


)١(‏ مدخل إلى ظلال القرآن» د / صلاح الخالدي»ء ص 00» وسيد قطب من الميلاد 
إلى الاستشهاد ص 255 /505. 
47 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





لثلا يغتر به من لا يفهمه؛ وأما هو - أي سيد - فله كلام 
صريح في الرد على الاتحادية كما قال في كتابه خصائص 
التصور الإسلامي ومقوماته ص ١151 -١55‏ ' إن الإسلام 
يبدأ فيفصل فصلا تاماً كاملاً بين حقيقة الألوهية وحقيقة 
العبودية... ' ثم نقل كلام سيد كاملا " :)١(‏ 

وحتى لو لم يكن لسيد كلام صريح في نقض وحدة 
الوجود فإن كلامه في سورتي الحديد والإخلاص موهم محتمل» 
وبالتالي فلا يصح الجزم باتهامه» فما بالك وله كلام صريح 
حاول بعضهم بطريقة أو بأخرى إيطال دلالته بمنهج ينافي 
الأمانة العلمية كما سبق. 


.5١6 -7١ 4 المورد الزلال؛ للدويش ص‎ )١( 
54 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


المبحث الرابع 
منهجه في الإيمان بالقدر 

الإيمان بالقدر داخل في توحيد الربوبية» لأن الأصل فيه 
هو الإيمان بربوبية الله التامة» فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء 
لمق أمق انه قادر عترر :لكف لكف( ١‏ )بوليذا ووه عق أنق 
عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: " القدر نظام التوحيد؛ 
فمن وحد الله وآمن بالقدر تم توحيده؛ ومن وحد الله وكذب 
بالقدر نقض تكذيبّه توحيده " (')» كما أن للقدر تعلق أيضاً 
بتوحيد الأسماء والصفات» لأنه من صفات كمال الله. 

وموضوع الإيمان بالقدر وما يرتبط به» من الموضوعات 
التي تكلم فيها سيد قطب - رحمه الله - في مواضع متفرقة من 
كتبه» ومجموع كلامه في هذه المواضع شامل لأغلب المسائل 
التي يتكلم عنها علماء العقيدة في باب القدر. 

وسوف أعرض منهجه في مسائل القدر من خلال 
المطالب الاتية: 


)١(‏ ينظر في ذلك: شرح الطحاوية ص 2١١72‏ وتيسير العزيز الحميد شرح كتاب 
التوحيد ص 537. 

»589/5 الأثر رواه الإمام أبو القاسم اللالكائي في شرح أهل اعتقاد أهل السنة‎ )١( 
وفي سنده ضعف.‎ 


م 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المطلب الأول: تعريف القدر ومكانة الإيمان به في الدين. 


المطلب الثاني: منهجه في إثبات القدر وموقفه من الفرق 


المخالفك. 


المطلب الثالث: أفعال العباد والعلاقة بين المشيئة الإلهية 
والمشيئة البشرية. 


المطلب الرابع: قضايا متعلقة بالقدر. 
المطلب الأول 


تعريف القدر ومكانة الإيمان به في الدين 
أ - في اللغة: القَدر والقذر- بفتح الدال واسكانها - 
لغتان بمعنى: مبلغ الشيء وكنهه ونهايته ('). 
وقَدَرِتُ الشيء - بتخفيف الدال وفتحها - قَذْراً وقَدَرَا إذا 
أحطت بمقداره» ويأتي أيضاً بمعنى القضاء ('). 
ب - في الاصطلاح: القدر يعني: " تقدير الله للأشياء في 
القدم وعلمه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده؛ وعلى صفات 


(1) فتح الباري .157/١‏ 
5 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





مخصوصة. وكتابته لذلك» ومشيثئته لها ووقوعها على حسب ما 
قدرهاء وخلقه لها " .)١(‏ 

قال ابن القيم - رحمه الله -: " والإيمان بالقدر يعني: 
الإيمان بعلم الله تعالى السابق» وكتابته وارادته ومشيئته وخلقه 
لأفعال عباده مع إثبات قدرتهم المؤثرة في هذه الأفعال " ("). 

ج - علاقة القدر بالقضاء: القضاء في اللغة وفي الشرع 
يأتي على عدة معان منها: الأمر» والحكم» والخلق» والصنع؛ 
والوفاء»ء والفراغ من الشيء» والإتمام» والقتل» والإحصاءء 
والتقدير» والإعلام (). 

وقد ذكر العلماء أقوالاً كثيرة في علاقة القدر بالقضاء 
0 )؛ 

١‏ - أنهما مترادفان. 


»ها١‎ 5٠5 انظر: لوامع الأنوار للسفاريني» مؤسسة الخافقين» دمشق ط؟ عام‎ )١( 
"1/١ 

09 هدي الساري مقدمة فتح الباري» لابن حجر» دار الفكر» بيروت» ط عام 
0١‏ هءص 75 .١1‏ 

(5) ينظر الأقوال في: المفردات للراغب للأصفهاني ص 577؛ ولوامع الأنوار 
للسفاريني ١/5545؛‏ والتعريفات للجرجاني ص ١5١١‏ 2157 وفتح الباري 
51/1 


كه 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


١‏ - أن القضاء يعني: الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في 
الأزل» والقدر يعني: الحكم بوقوع الجزئيات لتلك الكليات على 
سبيل التفصيل. 
وهناك أقوال أخرى أوصلها بعضهم إلى سبعة »)2١(‏ وكلها مبنية 
على اجتهادات وليس هناك دليل 
وعموماً فالقضاء والقدر - بحسب معناهما في اللغة والشرع - 
بينهما رابط قوي فكل منهما يأتي بمعنى الآخر» ومعاني القضاء 
ترجع إلى إحكام الأمر واتقانه وانفاذه» كما أن معاني القدر 
ًَ 0 7 
ترجع إلى التقدير 7). 

" فهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر لأن أحدهما بمنزلة 
الأساس والآخر بمنزلة البناء» فمن رام الفصل بينهما فقد رام 
هدم البناء 5 5) 


)١(‏ انظر: القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة» د / عبد الرحمن المحمود» الدار 
الدولي - الرياض- طاء 5١5اهء‏ ص 253٠١‏ 337 
)١(‏ القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة»ء ص 7" وقد ذكر أنه لا فرق بينهما 
ولا فائدة من هذا الخلاف. 
القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة»ء ص 55. 
(5) معالم السنن للخطابي 57/5. 
فده 








د - مكانة الإيمان بالقدر في الدين ودرجاته: الإيمان 
بالقدر ركن من أركان الإيمان» لا يصح الإيمان إلا به» قال 


تعالى [ نَمل سَنْءِ حَلتَتَهْسَدرٍ 1 [سورة القمر:؟؛] » وقال تعالى: ( 


و مع مدي ردج وو 


5 1 مَرَاللّهِ قدرا مَقَدُويًا ) [سورة الأحزاب :]| »؛ وقال 5 في حديث 
جبريل: " الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم 
الآخر» وتؤمن بالقدر خيره وشره .)١("‏ 

والإيمان بالقدر عند أهل السنة والجماعة على درجتين 

الدرجة الا 

تبتان هما: ١‏ الكتابة: 

وتعني: أن الله علم كل شيء جملة وتفصيلاًء ما كان وما 
يكون» علماً أزلياً قبل أن يخلق الخلق» وأن الله كتب ذلك في 
اللوح المحفوظ» كما جاء في الحديث الصحيح قال 4#: '" كتب 
الله 0 الخلاكق قدل: أن»حخلق السمازاك والاركن محمسية 

سنة " 2 


الدرجة الثانية: 


)١(‏ سبق تخريجه ص 
(5) رواه مسلم في كتاب القدر 572917» باب حجاج آدم وموسى» 2»1571/١‏ برقم: 
0 . والترمذي في كتاب القدرء 599/5. 

01 





سيك قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





وتشتمل على مرتبتين هما: الإرادة والمشيئة» والخلق 

وتعني: أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» وأنه لا 
يكون في ملكه إلا ما يريد وأنه على كل شيء قديرء وما من 
مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا والله خالقه» بما في ذلك 
العباد وأفعالهم» قال سبحانه وما تَنَامُونَإِلَا نَمِنَ سه رَبٌ الْعَلِيِيتَ ) 
[سورة التكوير:؟ ؟] . 

وقال تعالى: [ أنه كَدِقُ كل مَوْءِ وَهْوَ عَككل شَْءِوَكِيلٌ 
1 [سورة الزمر:؟1] » وقال سبحانه: | وَآسَهُ حَلَفَْرَوَمَاتكَمَُونَ 
إسورة الصافات:17] » وعلى هذا الاعتقاد كان إجماع السلف 

و - موقف الفرق من القدر: 

الدرجة الأولى من الإيمان بالقدر - العلم والكتابة - كان 
ينكرها غلاة القدرية قديماًء حيث قالوا: إن الأمر أنفء أي: 
مستأنف» ويقصدون بذلك أن الله أمر العباد ونهاهم وهو لا يعلم 
أزلاً من يطيعه ممن يعصيه؛ ويعلمه عند حدوثه. 


)١(‏ ينظر في ذلك: السنة لابن أبي عاصم» تحقيق الألباني» المكتب الإسلامي» 
بيروت» ط"” عام 5١”‏ ١هء‏ ص »55/١‏ والسنة للإمام عبد الله بن أحمد ؟/5ه0 3 
وشرح أصول أهل السنة للألكائي ٠583/7‏ والإيمان لابن منده 2177/١‏ ومجموع 
فتاوى ابن تيمية 8/ ١١7/7 217/8 ٠77‏ وشفاء العليل لابن القيم ص .١١١‏ 

4 








7999131313131313131717-11171سيكهطي ومنمجه في العقيدة /22 


وقد اندثرت هذه الطائفة» وصار جمهور القدرية يقرون 
بتقدم العلم والكتابة» وانحصر الخلاف في مسألة عموم المشيئة 
والخلق - وهي الدرجة الثانية في الإيمان بالقدر - وهي التي 
يتكرها القدرية»:واشفيرفة يسسانة خلق أفعان اليك 410 
وسيأتي الحديث عنها مفصلاً. 


)١(‏ ينظر: الإيمان لإبن تيمية» ص 7593-7515 بتصرف. 
١.0و‏ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المطلب الثاني 


منهجه في إثبات القدر وموقفه من الفرق المخالفة 

باستقراء كلام- سيد قطب - في باب القدر نجد أنه 
تناول قضية " القضاء والقدر " في ضوء المنهج القرآني 
مستلهماً النصوص القرآنية الواضحة الجازمة في شأنهاء مؤكداً 
على عدم مواجهة النصوص بمقررات سابقة - عقلية أو 
شعورية - أو محاكمة النصوص القرآنية إليهاء باعتبار أن 
النصوص القرآنية جاءت ابتداءً لتنشئ المقررات الصحيحة التي 
يريد الله أن تقوم عليها عقيدة البشر وتصوراتهم وحياتهم .)١(‏ 

وفيما يلي بيان لمنهج سيد قطب - رحمه الله - في 
تقريره لقضايا القدر: 

أولاً: أسباب ضلال الفرق في باب القدر: 

بيّن سيد حرحمه الله - أساس خطأ الفرق الكلامية 
والفلاسفة في تناولهم لقضايا القدر وأن منشأ انحرافهم وضلالهم 
فيها يعود إلى عدة أسباب منها: 

2-١‏ تقليدهم لمنهج الفلسفة الإغريقية في تناول 
الموضوع؛ وتأثرهم به أكثر من تأثرهم بالمنهج القرآني في علاج 


.١5 خصائص التصور الإسلامية ص‎ )١( 
4.١ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





هذه القضية» ولذلك ظهر في مباحثهم التعقيد والجفاف والنقص 
والاتخرلت 00 

2-1 أنهم تعاملوا معها بالمنطق الذهنيء دون 
استصحاب الملامسة الباطنية للحقيقة والتجربة الواقعية في 
التعامل معها. " فتصور قضايا القدر يحتاج إلى استخدام منطقة 
أخرى من مناطق الإدراك البشري وراء منطقة المنطق الذهني - 
وهي المنطقة الوحيدة التي استخدمتها الفرق الكلامية كلها في 
تاريخ الفكر الإسلامي» فلم توفق إلى فهمها (). 

؟-20 قياسهم لأقدار الله وأفعاله بمقاييسهم البشرية 
الصغيرة» واعمالهم للعقل فيما وراء حدوده (). 

2-5 مواجهتهم للنصوص الشرعية بمقررات عقلية 
سابقة» ثم محاكمتهم النصوص إلى مقرراتهم (4). 
القدر والتنسيق بين مدلولاتها بل أخذوها فرادى وفق أهواء كل 


.١78 المصدر السابق ص‎ )١( 

(2) في ظلال القرآن ”/ 5 .١7١‏ 

(9) المصدر السابق ”7/ »١737١‏ وخصائص التصور الإسلامي ص .١71‏ 

(5) في ظلال القرآن ”/ 67377326561775 311724» وخصائص التصور 
الإسلامي ص .١78‏ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





فرقة» ووضعوا بعضها في مواجهة البعض الآخر على سبيل 
الاحتجاج والجدل ('). 

ونتيجة لذلك فقد ضربت هذه الفرق في التيه في هذه 
القضية» ولم تعد إلا بالحيرة والتخليط. 

ولسيد قطب إشارات متفرقة وتصويبات لآراء الفرق 
المختلفة في هذا الباب» ومن ذلك قوله: " والذين أثاروا قضايا 
القضاء» والقدر» والجبر» والاختيار» وارادة العبد وكسبه» ليجعلوا 
منها مباحث لاهوتية تخضع لما تتصوره عقولهم من فروض 
وتقديرات» إنما يجانبون منهج القرآن في عرض هذه القضية في 
صبووكها' التيرية المسفطة 0:7 

وبناءً على ذلك فقد حاول - رحمه الله - تجنب أخطاء 
الفرق في معالجة قضية القضاء والقدرء حيث لم يعرضها في 
الصورة التي عرضتها فيها الفرق الكلامية؛ وانما عرضها كما 
هي في سياق النصوص القرآنية مجتمعة؛ فكانت كما يقول: " 
قضية سهلة ميسرة» لم تلتو عليه " ("): 

ثانياً: مراتب القدر وموقف سيد مذ 





.١75 وخصائص التصور الإسلامي ص‎ »١5٠٠0/” في ظلال القرآن‎ )١( 
.٠١55 /7 في ظلال القرآن‎ )"( 
مع الهامش.‎ ١87١ /” (؟) المصدر السابق‎ 

46 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


ذكرنا في التمهيد أن الإيمان بالقدر يشمل على درجتين 
تشتمل على أربع مراتب هي: العلم؛» والكتابة» والإرادة والمشيئة؛ 
والخلق. 

وبالنظر إلى ما قرره سيد في هذا الباب نجد أنه يثبت 
مراتب القدر السابقة» ويقرر عموم التقدير لكل شيء موافقاً في 
ذلك لأهل السنة والجماعة وبيان ذلك فيما يلي: 

أ- الدرجة الأولى" درجة العلم والكتابة ": 

أثبت سيد- رحمه الله-علم الله السابق والمحيط وقرر: " 
أن الله يعلم كل ما يكون قبل أن يكون" .)١(‏ 

' وأن علم الله أزليٌ» ومكشوفٌ له ما الخلائق صائرون 
إليه» دون أن يحتاج ذلك إلى بروز العمل منهم؛ لأن علم الله 
شامل محيط غير متوقف على زمان ولا على حركة ينشأ بعدها 
الفعل في عالم العباد الحادث " (1). 

يوضح سيد أن في قول الله تعالى: (وَعنِدَهُ مَمَاتِحُ اَي لا 
َتلنها إلا هيمك ماف الور وَالروَمَا مَمَمطك ون ورد إلا يتكتها ل 
حَبَّةِ فى ظلْمت الْأرضِ وَلَارَطب ولا ياب إلا فككب مين ) [سورة الأنعام:59] 
» صورة لعلم الله الشامل المحيطء الذي لا يند عنه شيء في 


.١717/١ المصدر السابق‎ )١( 


)١(‏ المصدر السابق 0 بتصرف يسير. 


ه. 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


الزمان ولا في المكان» في الأرض ولا في السماءء في البر ولا 
في البحرء في جوف الأرض ولا في طبقات الجوء من حي 
وميت» ويابس ورطب. 

إن الخيال البشري لينطلق وراء النص يرتاد أفاق المعلوم 
والمجهول وعالم الغيب وعالم الشهادة» ومفاتحها كلها عند الله لا 
يعلمها إلا هو" ('). 

" وعلم الله الكامل الدقيق لا يخفى عليه شيء في السماء 
والأرض»ء ولا يتأثر بالمؤثرات التي دنسي وتمحوء فهو كتاب 
يضم علم كل شيء ويحتويه " ('). 

ويرد - سيد- على الجبرية في احتجاجهم بالعلم على 
الجبر فيقول: ' وعلم الله - الأزلي الذي لا يتعلق بزمان ولا 
حركة في عالم العباد الحادث - ليس هو الذي يدفع هذه 
الخلائق إلى الضلال الذي تستحق به جهنم؛ إنما هم كما تنص 
الأسة: ( ولق در ِجَهئَدَ مكنا تلن انيلم 
فهو يها كم ألا رود يبا وهم 361 ليون يبا ولك 


رو معد ايو 


دج وم ره وى ول 4خ ار ا مه 5 
كالاهلو بل هم أضل أوْليِكَ هم الْعتفلوت ) [سورة الأعراف:1729] »2 


وو 


ُلُوبُ ل 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟7/ ١١١١‏ وما بعدها بتصرف. 
(2) في ظلال القرآن 5/ 5557. 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


فهم لم يفتحوا قلوبهم ليفقهواء ولم يفتحوا أعينهم ليبصروا آيات 
الله الكونية» ولم يفتحوا آذانهم ليسمعوا آيات الله المتكررة؛ 
فعطلوا هذه الأجهزة» ومن ثم عاشوا أضل من الأنعام؛ فلا 
عجب أن يجري فيهم قدر الله وفق مشيئته» فكانوا - كما هم في 
علم الله القديم - حصب جهنم منذ كانوا " .)١(‏ 

وقني ظلئل قوله قعات :[تتيرا التذهامناة ورت رغنك 
أَمألْحكِبٍ ) إسورة الرعد:؟"] » " يقول سيد: ' فما انقضت 
حكمته يمحوه؛ وما هو نافع يثبته وعنده أصل الكتاب» 
النتضيق لكل ما يثك وها عدوي فحثة صدر الككاب كله وهو 
المتصرف فيه حسبما تقتضي حكمته؛ ولا راد لمشيئته ولا 
اعتراض 0 

ويقول أيضاً: " فكل شيء عند الله بمقدار» وكل أمر 
مرهون بوقته المرسومء إنما تقع الأمور في مواعيدها وفق حكمة 
الله الأزلية التي تضع كل شيء في مكانه وكل حادث في إبانه؛ 
وتمضي في تصريف هذا الكون وما فيه ومن فيه» وفق النظام 
المقدر المرسوم في إمام مبين " (0). 
)١(‏ في ظلال القرآن ١10١/7‏ بتصرف يسير. 


(2) في ظلال القرآن 5/ .5١56‏ 
(5) المصدر السابق ©/ ١/ا59.‏ 








سيت قط ومنعجه في العقيدة ' 


ب- الدرجة الثانية " درجة المشيئة والخلق ": 

يقرر سيد-رحمه الله- أن كل ما سوى الله فإنه مخلوق 
بمشيئته وقدره سبحانه» وأنه لا مكان للصدفة ولا يوجد في 
القوق رما “يشالت بنشيكة اله.منيحانه ومن التصبوطن في هذا 
الباب ما يلي: 

) فنى ظتلال قوله تمالن: ١ن عْء حَلقيعدَرٍ‎ ٠ ١ 
إسورة القمر:44] يقول: " وهنا يتجه البيان إلى الناس كافة.. ليقر‎ 
في قلوبهم حقيقة قدر الله وحكمته وتدبيره».. فكل صغيرة وكبيرة‎ 
مخلوقة بقدرء مصرفة بقصدء مدبرة بحكمة» لا شيء جُزافء ولا‎ 
شيء عبثء ولا شيء مصادفة» ولا شيء ارتجال» ( إِتَاملّ شَيْءِ‎ 
لَه حَلمَتمْبِقَدَرٍ 1 كل شيءٍء كل صغيرٍ وكل كبيرء كل ناطق وكل‎ 
صامت»؛ كل متحرك وكل ساكن» كل ماضٍ وكل حاضر» كل‎ 
معلوم وكل مجهولٍ» كل شيءٍ خلقناه بقدر.. قدر يحدد حقيقته»‎ 
ويحدد صفته» ويحدد مقداره» ويحدد زمانه» ويحدد مكانه ويحدد‎ 
رفباظة سات ما خولةا من أشنياءا:وقاتي فى قيان :هذا الوجوة‎ 
)١١ 


.1770/7 في ظلال القرآن */ 2577 وينظر أيضاً‎ )١( 
4544 











) وفي ظلال قوله تعالى: [إِنَ لَه عَلَكُنَ سَىَمَرِيِرٌ‎ -١ 


[سورة آل عمران: 55 ]١‏ . يقرر: ١‏ أن مقتضى قدرته أن تنفذ سننه» 


وَأ يحكم كاموسيةة وأ تمضي الأمور وفق حكمه وارادته.. 
كدق اللنتذاكها شوحزراء كل أسر نحدة» ومق ورا ء كك حركة 
وكل نأمة» وكل انبثاقه في هذا الكون».. كل حركة محسوبٌ 
حسابها في تصميم هذا الكون» ومقدرٌ لها علتها ونتائجها... 
هناك ناموس ثابت وسنن حتمية.. ومن وراءها إرادة فاعلة 
ومشيئة طليقة» ووراء الناموس والسنن والإرادة والمشيئة حكمة 
مدبرةٌ يجري كل شيء في نطاقها... وكل هذا يقع موافقاً لقدر 
الله ومشيئته» ويحقق في الوقت ذاته حكمته وتقديره " .)١(‏ " فكل 
ما يجري في الأرض إنما يجري بمشيئة الله» ويتحقق بقدر الله " 
(") 

' فما يمكن أن يقع في هذا الكون ما يخالف مشيئته 
سبحانه» فهي مشيئة مطلقة»؛ ومعها القدرة الفاعلة " (2), ' 
فالتصور الإسلامي يقوم على اعتقاد أن كل حدث يجري في 
الكون - ولو أنه يجري وفق الناموس الذي قدره الله - إنما يقع 


)١(‏ في ظلال القرآن 5١54 /١‏ بتصرف يسير. 

(") المصدر السابق ؟8/8/5١١.‏ 

("') المصدر السابق 2584/١‏ وينظر أيضاً 17171/5. 
40114 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ويتحقق بقدر خاص ينشئه ويبرزه في عالم الواقع» وأن الأمر 
القديم بجريان السنة» لا يتعارض مع تعلق قدر الله بكل حادث 
فردي من الأحداث التي تجري وفق هذه السنة.. إن التصور 
الإسلامي في هذا الجانب ينفي العفوية والمصادفة في كل ما 
يجري في الكون ابتداءً من نشأته وبروزه إلى كل حركة فيه؛ 
وكل تغيير وكل تعديل» كما ينفي الجبرية الآلية التي تتصور 
الكون كأنه آلة فرغ صانعها منها وأودعها القوانين التي تتحرك 
بها ثم تركها تتحرك حركة آلية جبرية حتمية وفق هذه القوانين 
التي تصبح بذلك عمياء!! إنه يثبت الخلق بمشيئة وقدر» ثم 
يثبت الناموس والسنة الجارية ويجعل معها القدر المصاحب 
لكل حركة من حركات الناموس ولكل مرة تتحقق فيها السنة» 
القدر الذي ينشئ الحركة» ويحقق السنة وفق المشيئة الطليقة 
من وراء السنن والنواميس الثابتة.. " ('). 

؟- ويقول في المعالم: " إن التصور الإسلامي يقوم على 
أساس أن هذا الوجود كله من خلق الله» اتجهت إرادة الله إلى 
كونه فكان» وأودعه الله - سبحانه - قوانينه التي يتحرك بهاء 
والتي تتناسق بها حركة أجزائه فيما بينهاء كما تتناسق بها 


)١(‏ في ظلال القرآن 7 بتصرف يسير. 
41٠١‏ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





آذ ته أ ا وه 


حركته الكلية سواء» إِإِنِّمَا َوْْنَا لتَىتء ذا أردئه أن تَقُولٍ لذن 


ءُُ 


آ آ ته ا لا 


يبَكْوْنُ 1 [سورة النحل:٠4]‏ » [وَدَلَقَ كل تَىْءِ فعَدَدهء لفيا [سورة 
الفرقان: ؟] . 

إن وراء هذا الوجود الكوني مشيئة تدبره» وقدراً يحركه؛ 
وناموساً ينسقه إلى ما شاء الله» كما أن هذا الوجود خاضع 
مستسلم للمشيئة التي تدبره» والقدر الذي يحركه والناموس الذي 
ينسقه» بحيث لا يخطر له لحظة واحدة أن يتمرد على المشيئة» 
أو أن يتنك اللقدن :أى أنه يغالفت:الخاموين "00 

" ومشيئة الله وخلقه شاملة لكل ما في الوجود بما في 
ذلك الإنسان وأفعاله» والذي يقرأ القرآن يجد في نصوصه سعة 
مفهوم القدر في التصور الإسلامي» وبيان المجال الذي تعمل 
فيه المشيئة الإنسانية في حدود هذا القدر المحيط. 

في التصور الإسلامي ليست هناك مشكلة في الحقيقة 
حيث يواجه الأمرء بمفهوم هذا التصور وايحائه؛ إن قدر الله في 
الناس هو الذي ينشئ ويخلق كل ما ينشأ وما يُخلق من 
الأحداث والأشياء والأحياء؛ وهو الذي يصرف حياة الناس 
ويكيّفهاء شأنهم في هذا شأن هذا الوجود كله» كل شيء فيه 


141١ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





مخلوق بقدرء وكل حركة تتم فيه بقدرء ولكن قدر الله في الناس 
يتحقق من خلال إرادة الناس وعملهم في ذات أنفسهم وما 
يحدثون فيها من تغييرات.. وكون مرد الأمر كله إلى المشيئة 
الإلهية الطليقة» لا يبطل هذا ولا يعطله .)١('‏ 

وسيأتي مزيد بيان لعلاقة المشيئة الإلهية بالمشيئة 
البشرية عند الحديث عن أفعال العباد. 

ثالثاً: ثمرة الإيمان بالقدر: 

بناءً على ما سبق من علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه 
لكل ما في الكون» يقرر سيد: " أن على المؤمن أن يرجع الأمر 
بحاله وكليته إلى من بيده الملك وهو على كل شيء قدير" (0). 

ويوضح الفارق بين صاحب العقيدة وغيره: ب " أن 
صبناكت "العقدة ةيدرك لويتن :الل ستصدرقة: الل متحيكة الل 
مطمئن إلى قدر الله إنه يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له 
وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه» وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ 
ومن ثم لا يتلقى الضراء بالجزع» ولا يتلقى السراء بالزهو ولا 


1] تاه لقيو الانطائه توب ددني ار ا 
أيضاً في ظلال القرآن /١‏ 765. 
(2) في ظلال القرآن /١‏ 555. 

141” 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





تطير نفسه لهذه أو تلك» ولا يتحسر على أنه لم يصنع كذا 
ليتقي كذاء أو ليستجلب كذاء بعد وقوع الأمر وانتهائه! 

فمجال التقدير والتدبير والرأي والمشورة» كله قبل الإقدام 
والحركة» فأما إذا تحرك بعد التقدير والتدبير - في حدود علمه؛ 
وفي حدود أمر الله ونهيه - فكل ما يقع من النتائج» فهو يتلقاه 
بالطمأنينة والرضى والتسليم» موقناً أنه وقع وفقاً لقدر الله وتدبيره 
وحكمته» وأنه لم يكن بد أن يقع كما وقع؛ ولو أنه هو قدم 
أسبابه بفعله.. فأما الذي يفرغ قلبه من العقيدة في الله على هذه 
الصورة المستقيمة فهو أبداً مستطارٌ» أبداً في قلق! أبداً في " لو 
"و" لولا "و" يا ليت " و" واأسفاه "! " .١(‏ 

" وفائدة التصور الإسلامي الصحيح للقدر: أنه ينفي عن 
القلب البلادة» بلادة الآلية والجبرية» ويدعه أبداً في يقظة 
ورقابة» كلما حدث حدثٌ وفق سنة الله؛» وكلما تمت حركة وفق 
ناموس اللهء انتفض هذا القلب» يرى قدر الله المنفذء ويرى يد الله 
الفاعلة» ويسبح لله ويذكره ويراقبه» ولا يغفل عنه بالآلية الجبرية 
ولا ينساه» وهذا تصور يستحيي القلوب» ويستجيش العقول» 
ويعلقها جميعاً بفاعلية الخالق المتجددة» وبتسبيح البارئ 


.535/8/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
01 








المطلب الثالث 


أفعال العباد والعلاقة بين المشيئة الإلهية والمشيئة البشرية 
اختلفت أقوال الفرق في قضية أفعال العباد ومدى العلاقة 
بين المشيئة الإلهية والمشيئة البشرية ويمكن عرض الخلاف 
وسببه باختصار» ومن ثم النظر في موقف سيد قطب- رحمه 
الله - من هذه القضية وذلك في الفروع الآتية: 


الفرع الأول: سبب الخلاف وأقوال الفرق في مسألة أفعال العباد 
أولاً: سبب خلاف الفرق في مسألة أفعال العباد: 





سبب خلاف الفرق في مسألة أفعال العباد هو: أنه يوجد 
مسألتان متعارضتان في الظاهر: 

الأولى: ما دلت عليه أدلة الشرع وأيدته البداهة» من أن 
الإنسان يقدم على ما يفعله مختاراً غير مكره» ولذلك فإنه 


-ه 


سيحاسب عليه كما قال سبحانه: (لِِجَرَىَ الدِبنَ سوأ يمَا عِلُوأ ويجزِىَ 


3 


لبن لَحْسَبُوَا الى ) [سورة النجم:١"]‏ . 


.١7599/7” المصدر السابق‎ )١( 
11 





هيت قطي ومنعجه في العقيدة ' 


والثانية:_هي ما دل عليه الدليل من أن إرادة الله ومشيئته 
وخلقه وراء عمل الإنسان كما قال سبحانه: [وَماتَمَامُونَ إل أن 


سَاء أله رَبٌّ ألْعْلَمِيتَ 1 [سورة التكوير:19] . 
وقد جمعت هاتين المسألتين آيةٌ واحدة وهي قوله تعالى 


د 2ه رد د د ع لد د ل سس سم 
م 


(وَوَ ضَآء اله لجع1حكم أمَهَ واحِدَهٌ وللكن يضِلْ من يَسَآء 
َيهُدى مهمون َمَاْمْر مون ] [سورة النحل:4] . حيث 
ذهب كل فريق إلى ترجيح إحدى المسألتين على الأخرى والأخذ 
ببعض الأدلة في سبيل دعواه. 

ثانياً: أقوال الفرق في مسألة أفعال العباد: 





أ - المعتزلة: ذهبت المعتزلة إلى أن إرادة الإنسان هي 
المتصرفة وحدها في أفعاله؛ وأنه الخالق لهاء لذا فهو المسؤول 
عنها والمحاسب عليهاء وأنها خارجة عن إرادة الله وخلقه؛ ولا 
تدخل تحت قدرته؛ فالله لا يهدي ضالآ» ولا يضل مهتدياً ويريد 
ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يريد» وقالوا بأن العلم الأزلي غير 
ملزم بل هو صفة كشف عن العلوم؛ ولم تنكر المعتزلة أن 
القدرة التي يخلق بها العبد فعله هي من الله» ولكنها قدرة قبل 
القع صبالحة السدين 20 


)١(‏ انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبارء ص 77:”؟. 
141 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وأذلة الكتاب والسدة متوائرة: على :بطلا هذا النذهت (0. 


ب - الجبرية: وقد وقفوا بالطرف المقابل للمعتزلة» فقالوا: 
أن إرادة الله تعالى هي المتصرفة وحدها وهو الخالق لأفعال 
العباد» وهم لا إرادة لهم ولا اختيار» بل هم مجبورون عليهاء 
وتنسب إليهم مجازاً واذا ثبت الجبر فالتكليف أيضاً جبر("). 

ولا شك أن الجبرية أحق بالذم من المعتزلة» ومذهبهم أشد 
فساداً وأسوأ لازماً من مذهب المعتزلة لأن فيه إيطال للشرائع؛ 
وإسقاط للأمر والنهي (). 


ج - الأشاعرة:_حاول الأشاعرة التوسط بين المعتزلة 
والجبرية في هذا الباب ومذهبهم في القدر ليس واحداًء وقد 
تطور المذهب من أبي الحسن الأشعري ومروراً بالباقلاني(؟) ثم 


)١(‏ انظر: شفاء العليل لابن القيم؛ ص ١1١‏ وما بعدها. 

(؟) انظر: مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري» 2577/١‏ والملل والنحل 
للشهرستاني» ١/7١١؟‏ والفرق بين الفرق للبغدادي»ء ص »5١١‏ وشفاء العليل» لابن 
القيمو» ص ٠ل‏ 

(") انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية .٠١5 -١١1/4‏ 

(؟) هو: محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني» ولد في البصرة سنة 1777ه» من 
كبار علماء الكلام» انتهت اليه الرئاسة في مذهب الأشاعرة» سكن بغداد وتوفي بها 
سنة ١7‏ 4هء انظر: شذرات الذهب ١58/9‏ والأعلام للزركلي .١7/5‏ 

1431 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الجويني» والذي استقر عليه مذهبهم - بعد إثبات علم الله تعالى 
وكتابته وقدرته وإرادته وخلقه - أن العباد لهم قدرة وارادة في 
الفعل» لكنها غير مؤثرة فيه» بل الله تعالى هو الخالق لها 
وقدرته هي المؤثرة وحدها .)١(‏ 

والملاحظ على كلامهم: أنه إذا كانت قدرة الإنسان غير 
مؤثرة بحال» فحقيقة مذهبهم هو مذهب الجبرية» هذا وقد سمى 
الأشعرية مذهبهم هذا بمذهب الجبر المتوسط (0). 

د ) الماتريدية: وقد حاولوا أيضاً التوسط إلا أنهم مالوا 
إلى المعتزلة» فالبرغم من إقرار الماتريدية بعلم الله وارادته وخلقه 
لأفعال العباد ("2» إلا أنهم قالوا بوجود إرادة جزئية للعبد يوجه 
بها فعله المترجح بالإرادة الكلية نحو جانب معين» وهذه هي 
نقطة الفرق بينهم وبين الأشعرية» فالإرادة عند الماتريدية تنقسم 
إلى إرادة كلية هي مخلوقة لله تعالى وهي اسم لصفة الإرادة 
التي من شأنها ترجيح أحد المقدورين على الآخر»ء والى إرادة 


-١7” 5417"”؛ وأصول الدين للبغدادي ص‎ -7١17 انظر: التمهيد للباقلاني ص‎ )١( 
.35 -85 والملل والنحل للشهرستاني ص‎ » 5 
- انظر: موقف البشر تحت سلطان القدر» لمصطفى صبري» المطبعة السلفية‎ )5( 
5ه,‎ 25٠١0 القاهرة - ط١ -557اهء ص‎ 
انظر: التمهيد لقواعد التوحيد» لمحمود بن زيد اللامشي الماتريدي» دار الغرب‎ )9( 
.11 الإسلامي» بيروت»؛ ط؟”ء» 31315١م» ص‎ 
1 /ا‎ 








7171717 1977 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





جزئية غير مخلوقة لله - وهي كما فسروها - تعلق تلك الصفة 
- الإرادة الكلية - بجانب معينء فالجزئية تأتيها من تعينها 
بقعو م210 

وهذه الإرادة الجزئية هي من قبيل الحال المتوسط بين 
الموجود والمعدوم» وقد أقر متأخروا الماتريدية بأن مذهبهم هو 
يذهب الععولة 1 

ه- موقف أهل السنة والجماعة من أفعال العباد: 

يرى أهل السنة والجماعة أن الله تعالى خالق كل شيء 
ومليكه؛ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن» والعبد مأمور بطاعة 
الله» منهي عن معصيته؛ وكل ذلك بقدر الله تعالى» ولا حجة 
لأحد على الله ٠‏ 

وحاصل كلامهم: " أن أفعال العباد هي أفعال لهم حقيقة؛ 
ومفعولة ومخلوقة للرب فالعبد فعلها حقيقة» والله خالقه وخالق ما 
فعَل من القذرة والأرادة وخالق فاعليفة * 02 


.517 مواقف البشرء لمصطفى صبري ص 5ه-‎ )١( 
صرح بذلك زاهد الكوثري» وهو ماتريدي. انظر: موقف العقل والعلم من رب‎ )١( 
.5957 العالمين. لمصطفى صبري» دار إحياء التراث - بيروت» د. ت» ؟/‎ 
2١١1 /8 وكذا‎ »585 »5١5 /46 ينظر في ذلك: مجموع فتاوى ابن تيمية»‎ )9( 
.15٠ص وشفاء العليل» لابن القيمو؛ ص 55 7» وشرح العقيدة الطحاوية»؛‎ 
118 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وأثر قدرة العبد في أفعاله يوضحه ابن القيم بقوله: " 
الفعل وقع بقدرة الرب خلقاً وتكويناً» كما وقعت سائر المخلوقات 
بقدرته وتكوينه» وبقدرة العبد سبباً ومباشرةً» والله خلق الفعل؛ 
والعبد فعله وباشره» والقدرة الحادثة وأثرها واقعان بقدرة الرب 
ومشيئته " .)١(‏ 

لهذا نجد أن أهل السنة والجماعة يأخذون كل دليل 
صحيح عند القدرية والجبرية» ف " كل دليل صحيح يقيمه 
الجبري فإنما يدل على أن الله خالق كل شيء» وأنه على كل 
شيء قدير» وأن أفعال العباد من جملة مخلوقاته» وأنه ما شاء 
كان وما لم يشأ لم يكن» ولا يدل على أن العبد ليس بفاعل في 
الحقيقة ولا مريد ولا مختار» وأن حركاته بمنزلة حركة المرتعش 
والأشجار» وكل دليل صحيح يقيمه القدري» فإنما يدل على أن 
العبد فاعل لفعله حقيقة» وأنه مريد مختار له حقيقة» وأن إضافته 
ونسبته إليه إضافة حقء ولا يدل على أنه غير مقدور لله تعالى؛ 


وانه واقع بغير مشيئته وقدرته. 


تيمية 89/8" ولوامع الأنوار للسفاريني» "١7 /١‏ وشرح العقيدة الطحاوية 
ص١‏ 5151-585., 


418 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


فإذا ضممت ما مع كل طائفة منهما من الحق إلى حق 
الأخرى؛ فإنما يدل على ما دل عليه القرآن وسائر كتب الله 
المنزلة» من عموم قدرة الله ومشيئته لجميع ما في الكون» من 
الأعيان والأفعالء وأن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقة» وأنهم 
يستوجبون عليها المدح والذم» وهذا هو الواقع في نفس الأمرء 
فإن أدلة الحق لا تتعارضء والحق يصدق بعضه بعضاًء 
ويستفاد من أدلة كل فريق بطلان قول الآخر " (). 
الفرع الثاني: موقف سيد قطب من قضية أفعال العباد 

لسيد قطب - رحمه الله - كلام كثير ومتناثر حول 
قضية أفعال العباد والعلاقة بين المشيئة الإلهية والمشيئة 
البشرية ومن خلال جمع كلامه نستطيع تصور موقفه من هذه 
القضية» وذلك كما يأتي: 

أولاً: طلاقة المشيئة الإلهية وعمومها لكل شيء: 

يقرر- سيد- طلاقة المشيئة الإلهية وعمومها لكل شيء 
بما في ذلك مشيئة البشرء وأن للإنسان إرادة ومشيئة لكنها 
داخله في عموم المشيئة الإلهية: 


. 7 
0 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





١‏ - يقول: "إن وراء السنن الإرادة المدبرة والمشيئة 
الطاففنة روا لو املق خطا قبا #نزيكة] 1"( ١00‏ اابوقوة: لكان 
والطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته» ومخلوقتان بإرادته 
ومشيئته ' ('). ' فما يمكن أن يقع في هذا الكون ما يخالف 
مشيئته - سبحانه - ومن مشيئته سبحانه أن يكون هذا الكائن 
البشري كما هو - بتكوينه هذا واستعداداته للهدى وللضلال» 
وأن يكون موكولاً إلى نفسه في اختيار طريقه إلى الهدى وإلى 
الضلال؛ ومن ثم فكل ما ينشأ عن هذا التكوين واتجاهاته داخل 
في إطار المشيئة» وواقع وفق هذه المشيئة "(). 

؟- ويقول أييا: '" وقدر اناميا ونا كل اه 
يحدث؛ ومن وراء كل حركة وكل نأمة وكل انبثاقة في هذا 
الكون كله».. لم يقع مصادفة ولا جزافاً» ولم يقع عبثاً ولا سدىء 

إن التصور الإسلامي يبلغ من الشمول والتوازن في هذه 
القضية ما لا يبلغه أي تصور آخر في تاريخ البشرية» هناك 


.١7/١ في ظلال القرآن‎ )١( 

.89107/ وينظر أيضاً ؟/‎ »355/١ المصدر السابق‎ )١( 

(؟) المصدر السابق /١‏ 23585 وينظر أيضاً 5/ 337417 
45 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ناموس ثابت وسنن حتمية» وهناك وراء الناموس الثابت والسنن 
الحتمية إرادة فاعلة ومشيئة طليقة» وهناك وراء الناموس والسنن 
والإزاةةوالمكديةة يحكينة فريس كشري كل شي قي :طاقيا؛ 
والناموس يتحكم والسنن تجري في كل شيء - ومن بينها 
الإنسان - والإنسان يتعرض لهذه السنن بحركاته الإرادية 
المختارة» وبفعله الذي ينشئه حسب نفكيره وتدبيره» فتنطبق عليه 
وتؤثر فيه» ولكن هذا كله يقع موافقاً لقدر الله ومشيتته» ويحقق 
في الوقت ذاته حكمته وتقديره.. وإرادة الإنسان وتفكيره وحركته 
وفاعليته هي جزء من سنن الله وناموسه يفعل بها ما يفعل» 
ويحقق بها ما يحقق في نطاق قدره وتدبيره» فليس شيء منها 
خارجاً على السنن والناموس ولا مقابلاً لها ومناهضاً لفعلها - 
فالإنسان ليس ندا شولا عدوا له واه > سيحافه- كين :وهت 
الإنسان كينونته وفكره وارادته وتقديره وتدبيره وفاعليته في 
الأرضء لم يجعل شيئاً من هذا كله متعارضاً مع سننه - سبحانه 
حاولا ناميا امشرتقة ولا خارها كذلك عق الحكمة ا لأخيرة وراء 
قدره في هذا الكون الكبيرء ولكن جعل من سننه وقدره أن يقدر 
الإنسان ويدبرء وأن يتحرك ويؤثرء وأن يتعرض لسنة الله فتنطبق 
طناك ران جلك كرد هذا التعرسى كلما .لاه أنه اورجه 


57 





وتعب» وسعادة وشقاوة» وأ يتحقق من وراء هذا التعرض 


ونتيجتة» قد الله المحيظة بكل قنئء :في تتناسق وتوازن * (0)., 

؟ ) في ظلال قوله تعالى: (إن يُرِيِدَآإضلنحا يُوَقْقٍ الَهُ 
ييا 1 [سورة النساء:ه؟] » يقول سيد فهما يريدان الإصلاح» 
والله يستجيب لهما ويوفق» وهذه هي الصلة بين قلوب الناس 
في حياة الناس» ولكن الناس يملكون أن يتجهوا وأن يحاولواء 
وبقدر الله - بعد ذلك - يكون ما يكون " ("). 

' فإرادة الإنسان وحركته إنما يقعان في إطار من مشيئة 
الله الطليقة» وقدره الفاعل؛ والله بكل شيء محيط؛ وإرادة الإنسان 
وحركته - في إطار المشيئة الطليقة والقدر الفاعل - يتعاملان 
مع الوجود كله؛ ويتأثران ويؤثران فيه 2 ' وقد قضت مشيئة الله 
وجرت بها سنته؛ أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف 
هؤلاء البشر» وأن تنفذ فيهم سنته بناءً على تعرضهم لهذه السنة 


)١(‏ في ظلال القرآن »05١5 /١‏ بتصرف يسير» وينظر أيضاً عم لرهكه- 
كلاه ١‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن ؟/ 55ت /551. 
557 








بسلوكهم» والنص صريح في هذا لا يحتمل التأويل _- (إتَ أله 


لو ارس ل عر 


لا يمير مَابقَومٍ حَق يكرأ مسيم 1 لغورة ال 

4 ) في ظلال قوله تعالى: ( وَمَا تَمَامُونَإلَد أن يما أسَّد رَثُ 
لْعْلَمِيتَ ) [سورة التكوير:19] » يقول سيد: 'وذلك كي لا يفهموا 
أن مشيئتهم منفصلة عن المشيئة الكبرى؛ التي يرجع إليها كل 
أمرء فإعطاؤهم حرية الاختيار» ويُسر الاهتداء» إنما يرجع إلى 
تلك المشيئة المحيطة بكل شيء كان أو يكون» وهذه النصوص 
التي يعقب بها القرآن الكريم عند ذكر مشيئة الخلائق» يراد بها 
تصحيح التصور الإيماني» وشموله للحقيقة الكبيرة: حقيقة أن 
كل شيء في هذا الوجود مرده إلى مشيئة الله» وأن ما يأذن به 
للناس من قدرة على الاختيار هو طرف من مشيئته ككل تقدير 
آخر وتدبير» شأنه شأن ما يأذن به للملائكة من الطاعة 
المطلقة لما يؤمرون» والقدرة الكاملة على أداء ما يؤمرون» فهو 
طرف من مشيثته كإعطاء الناس القدرة على اختيار أحد 
الطريقين بعد التعليم والبيان. 

لا بد من إقرار هذه الحقيقة في تصور المؤمنين» ليدركوا 
ما هو الحق لذاته» وليلتجئوا إلى المشيئة الكبرى يطلبون عندها 


.7١ 553/5 في ظلال القرآن» */95؟227‎ )١( 
513 








729777777171717 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





العون والتوفيق» ويرتبطون بها في كل ما يأخذون وما يدعون 
في الطريق " .)١(‏ 
ثانياً: التوازن بي المشيئة الا 





المشيئة الإنسانية المحدودة: 

يقول سيد: " والعلاقة بين المشيئة الإلهية والمشيئة 
البشرية هي القضية المشهورة في تاريخ الجدل في العالم كله 
وفي المعتقدات كلهاء وفي الفلسفات والوثنيات كذلك باسم قضية 
' القضاء والقدر ' أو " الجبر والاختيار “ والإسلام يثبت 
للمشيئة الإلهية الطلاقة - كما أسلفنا - ويثبت لها الفاعلية التي 
لا فاعلية سواها ولا معهاء وفي الوقت ذاته يثبت للمشيئة 
الإنسانية الإيجابية» ويجعل للإنسان الدور الأول في الأرض 
وخلافتهاء وهو دور ضخم يعطي للإنسان مركزاً ممتازاً في نظام 
الكون كله ويمنحه مجالاً هائلاً للعمل والفاعلية والتأثير» ولكن 
في توازن تام مع الاعتقاد بطلاقة المشيئة الإلهية» وتفردها 
بالفاعلية الحقيقية من وراء الأسباب الظاهرة» وذلك باعتبار أن 
النشاط الإنساني هو أحد هذه الأسباب الظاهرة» وباعتبار أن 
وجود الإنسان ابتداءً وارادته وعمله وحركته ونشاطه داخل في 


.5845 -78517 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 








عَلَأَّهِ مَسِيرٌ 1 [سورة الحديد:؟1] » ( قل ل بصِسَدَ إلا مَا َب 


سام امه .6 


سم 2 آم ا عه ك0 مه 
لله نا هو مَولَننا وعل الله فلْسَتَوَكل الْمَؤّمِنوت 4 إسورة 


ود عد 
0 56 2 7 ل سرس ىن < اعد ام ديه دم ب« أ-ه و تن 
سييكة يقولوا ذوء مِنْ عِنرِك قلكل منْعِنْدٍ الله مالي هؤلاء القوم لا يكادور 


و كذلك في الجانب الآخر: [إرت أيه لا عَير مَابقَوَمٍ 


َه 


سي ارد سجر 26 و سس مم لفا 


َع 2 عي لا 1 اعت 
حق بحرأ ما يأنفسهم 1 [سورة الرعد: ]١ ١‏ » [ بل لاسن علام نقييه- بصيرة 
وَث لاير1 [سورة القيامة ١4‏ 115 » [ وَتفْين وَمَاسَونهَا (() 
هه هه 0 > 2ه 0002 لح سا سه سه له يت ل 
َأهْمَهَا جُورَهَا وتوا (4) قد أفلح من رَكنهَا (ز0) وَقَدَحَابَ مَن دَسَّنهَا ) 
[سورة الشمس الآيات /ظ- .]١١‏ 


ع 


- ثم يقرأ بعد هذا وذاك: إ كلانه تذكرة (00) فَمَنمَ 


ًُُ 


0 5 رن روط ةو سر د ف مامش رس ا ر و لخ ص مدل رهم فى مده 
ذحكرد (00) وما يَددرون إل أن يما مد هو أَهْلُ النَتَوى وَأَهْلُ الْعْفِرََ 14 [سورة 


)١(‏ سورة النساء» الآية 28» وينظر أيضاً الآية ١54‏ آل عمران. 
4155 








3 ح 2 ع قط 720 اه لسعم م 
المدثر الآيات 54- 55] (إنَّ هذ دذكرة فمن شَاءَ أعحَذَإِلَ ريه 


سه ل سم صا 


سيلا مَاتَمَامُوت | * أن مشاه أده 1 [شورة الإفسنان الآيات: 85 


هي ار رط 


]لما ك5 ا صم 5-276 
عد شيك إِنَّ لَه َكل سَىَ و مَرِسِرٌ (50) وَمآ صب يوم التق 
ْمَعَن وِبِِدْنِ الله وَلِيعَلَمَ الْمَؤْمِنينَ 1 [سورة آل عمران:58١- ]١55‏ ' 

-- :يقرأ الأنسان أمثال هذه المسجموعات المنوعة الثلاثة 
فيدرك منها سعة مفهوم ' القدر" في التصور الإسلامي» مع 
بيان المجال الذي تعمل فيه المشيئة الإنسانية في حدود هذا 
القدن المتحيط: 

- لقد ضربت الفلسفات والعقائد المحرفة في التيه - في 
هذه القضية - ولم تعد إلا بالحيرة والتخليط» بما في ذلك من 
خاضوا في هذه القضية من متكلمي المسلمين أنفسهم» ذلك أنهم 
قلدوا منهج الفلسفة الإغريقية» أكثر مما تأثروا بالمنهج الإسلامي 
في علاج هذه القضية. 

فى التصجون لاقي لببنت نشاف “«متتكلة "في 
الحقيقة» حين يواجه الأمر بمفهوم هذا التصور وإيحائه - إن 
قدر الله في الناس هو الذي ينشئ ويخلق كل ما ينشأء وما 
يُخلق من الأحداث والأشياء والأحياء» وهو الذي يصرف حياة 


47 / 





الناس ويكيفهاء شأنهم في هذا شأن هذا الوجود كله» كل شيء 
فيه مخلوق بقدرء وكل حركة تتم فيه بقدرء لكن قدر الله في 
الناس يتحقق من خلال إرادة الناس وعملهم في ذات أنفسهم 
وما يحدثون فيها من تغييرات ' إِنَّ الله لآ يُغَيَرْ مَا بِقَوْم حَتََّى 
يُعَيَرُوا مَا بِأَنْفْسِهِمْ " وكون مرد الأمر كله إلى المشيئة الإلهية 
المطلقة؛ لا يبطل هذا ولا يعطله؛ فالأمران يجيئان مجتمعين 
أحياناً في النص القرآني الواحد» كما رأينا في المجموعة الثالثة 
في هذه النماذج» ونحن إنما نفترض التعارض والتناقض» حين 
ننظر إلى القضية بتصور معين نصوغه من عند أنفسنا عن 
حقيقة العلاقة بين المشيئة الكبرى» وحركة الإنسان في نطاقهاء 
إلا أن المنهج الصحيح هو ألا نستمد تصوراتنا في هذا الأمر 
من مقررات عقلية سابقة بل نستمدها من نصوص القرآن.. 


ذه ا 


فالذئ قال: (هَمَن سك أَعَحَدَإِلَ ري ءهو الذي قال: 


تو 


وَمَاكَمَآمُوتَإِلَا أن يِسَآهَ أسّهُ 1 » وهو قال: ( بَلِالْاضَنُ عَ1تنيه- بَصِرَةُ 


- - هوه لج رو موده 
ولق مَعَاذر) » وهو قال: (عَمَنَيردِ نيه يهن 
ل ا ا 
يصعدَ فى اله و 4 [سورة الأنعام ]١ ١:‏ وهو قال في الوقت 


لس لس سا 


نفسه: وما ريك يدم لِلْحِيدِ 1 [سورة فصلت ا 


157 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ولا بد إذن - وفق تصور المسلم لإلهه وعدله في جزائه؛ 
وشمول مشيئته وقدره - من أن تكون حقيقة النسب بين 
مدلولات هذه النصوص في حساب الله» من شأنها أن تسمح 
لاديف مقو مف | لللجاجنة فى الاقجاء ولعي ابقوم طلناه 


5 


التكليف والجزاء» دون أن يتعارض هذا القدر مع مجال المشيئة 
الآلهية المظلفة» المحيظة بالثان: والأفناء والأحذات:" (0). 
ثالثاً: حقيقة أفعال العباد: 





ينتقد سيد قطب - رحمه الله - أولاً: الذين خاضوا في 
قضايا القدر ومنها أفعال العباد بعيداً عن المنهج القرآني فيقول: 
" والذين أثاروا قضايا القضاء القدر» والجبر والاختيار» وارادة 
العبد وكسبه» ليجعلوا منها مباحث لاهوتية» تخضع لما تتصوره 
عقولهم من فروض وتقديرات» إنما يجانبون منهج القران في 
عرض هذه الحقيقة في صورتها الواقعية التقديرية البسيطة» التي 
تقرر أن كل شيء إنما يكون بقدر من الله وأن اتجاه الإنسان 
على هذا النحو أو ذاك داخل في حدود فطرته التي خلق الله 
عليهاء والتي جرى بها قدر الله فكانت على ما كانت عليه» وأن 
اتجاهه على هذا النحو أو ذاك تترتب عليه نتائج وآثار في 


يسير» وينظر أيضاً مقومات التصور ص8 4» وفي ظلال القرآن 5/ /931". 
45 








الدنيا والآخر يجري بها قدر الله أيضاً قدرالله فتكون» وبهذا يكون 
مرجع الأمر كله إلى قدر الله» ولكن على النحو الذي يرتب 
غلى إرادة الأشماة «الموهوية لذها يؤقفة'قدن الل حة» ولس وراء 
هذا التقرير إلا الجدل الذي ينتهي إلى المراء! " .)١(‏ 

أما نظرة - سيد- إلى قضية أفعال العباد فأسوق هنا 
0 كلامه يبين ذلك: 


لق قار 1 ا 0 27 حَسَنَةَ فُرَلَه 
َصَابكَمِن سَيَةٍ و ف نَفَيِكَ ويلك لدان : مول وَكن باه وَسَهِيدًا 1 إسورة 
النساء الآيات 17- 4"] » يقول - رحمه الله -: " إن القضية التي 
تتناولها هذه الآيات» هي جانب من قضية كبيرة؛ القضية 
المعروفة في تاريخ الجدل والفلسفة في العالم كله باسم " قضية 
القضاء والقدر ' أو " الجبر والاختيار " وقدر وردت في أثناء 
حكاية قول ذلك الفريق من الناس» ثم في الرد عليهم وتصحيح 


4.6 


دصورهم. 


:15/ وينظن أيضاً: خصائص القضون صن‎ )١35-/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
9 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


والقرآن يتناولها ببساطة واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض 


و روقد 2 


فلنعرضها كما وردت وكما رد عليها القرآن الكريم: [قَلُكلٌ مِنَ 
عِندٍ أنه فال موك الْمَوِّ لا يكَادُوَ يَفْقَهُونَ حَرِينًا 1 [سورة النساء:28] . 

إن الله هو الفاعل الأول والفاعل الواحد» لكل ما يقع في 
الكون» وما يقع للناس» وما يقع من الناس» فالناس يملكون أن 
يتجهوا وأن يحاولوا- ولكن تحقق الفعل- أي فعل- لا يكون إلا 
بإرادة من الله وقدر. 

فنسبة إنشاء الحسنة وانشاء السيئة وايقاعها بهم للرسول 
َه وهو بشر منهم مخلوق مثلهم - نسبة غير حقيقة - تدل 
على عدم فقههم لشيء ما في هذا الموضوع. 

إن الإنسان قد يتجه ويحاول تحقيق الخير» بالوسائل التي 
أرشد الله إلى أنها تحقق الخير» ولكن تحقق الخير فعلاً يتم 
بإرادة الله وقدره» لأنه ليست هناك قدرة - غير قدرة الله - تنشئ 
الأشياء والأحداث» وتحقق ما يقع في هذا الكون من وقائع واذن 
يكون تحقق الخير - بوسائله التي اتخذها الإنسان وباتجاه 
الإنسان وجهده - عملاً من أعمال القدرة الإلهية. وإن الإنسان 
قد يتجه إلى تحقيق السوء» أو يفعل ما من شأنه إيقاع السوء؛ 
ولكن وقوع السوء فعلآء ووجوده أصلاً لا يتم إلا بقدرة الله وقدر 
اللهء لأنه ليس هناك قدرة منشئة للأشياء والأحداث في هذا 


17١ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


الكون غير قدرة الله. وفى الحالتين يكون وجود الحدث وتحققه 
من عند اللهء وهذا ما تقرره الآية الأولى. 
ا بذ : اكاشاي ك مسح ساس سم محالم ا سس 2 
أما الاية الثانية: (َمَاأْصَابِكَمِنَ حسكق ]لله وما أصابكمن مَيَتََ 


مم لع 


َتنك ) فإنها تقرر حقيقة أخرى؛ ليست داخلة ولا متداخلة 
مع مجال الحقيقة الأولى» إنها في وادٍ آخرء والنظرة فيها في 
زاوية أخرى: 

إن الله - سبحانه - قد سنّ منهجاً وشرع طريقاً» ودل 
على الخير وحذر من الشرء فحين يتبع الإنسان هذا المنهج؛ 
ويسير في هذا الطريق» ويحاول الخير» ويحذر الشر»ء فإن الله 
يعينه على الهدى كما قال سبحانه: ١‏ وَاَدِينَ هدوح لتيب 
سبْلَنَا 1 [سورة العنكبوت:11] » ويظفر الإنسان بالحسنة» ولا يهم 
أن تكون من الظواهر التي يحسبها الناس من الخارج كسباًء 
إنما هي الحسنة فعلاً في ميزان الله تعالى» وتكون من عند الله؛ 
لأن الله هو الذي سن المنهج وشرح الطريق ودل على الخيرء 
وحذر من الشر. 

وحين لا يتبع الإنسان منهج الله الذي سنه؛ ولا يسلك 
طريقه الذي شرعه؛ ولا يحاول الخير الذي دل عليه؛ ولا يحذر 
من الشر الذي حذره منه» حينئذ تصيبه السيئة» السيئة الحقيقة: 


547 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /62 





سواء في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاًء ويكون هذا من عند 
نفسه لأنه هو الذي لم يتبع منهج الله وطريقه. 

وهذا معنى غير المعنى الأول» ومجال غير المجال 
الأول» كما هو واضح فيما نحسبء ولا يغير هذا من الحقيقة 
الأولى شيئاًء وهي أن تحقق الحسنة»؛ وتحقق السيئة وقوعهما لا 
يتم إلا بقدرة الله وقدره» لأنه المنشئ لكل ما ينشأء المحدث لكل 
ما يحدث» الخالق لكل مآ يكون» أي كانت ملابسة إزادة النأاس 
وعملهم في هذا الذي يحدث وهذا الذي يكون " (20. ' والقضية 
التي تمثل هذه النصوص جانباً منهاء أو التي تذكر بهاء وهي 
قضية " الجبر والاختيار" وإلى أي حد تعمل إرادة الإنسان فيما 
يحدث منه أو يحدث له؟ وكيف تكون له إرادة يقوم عليها 
الحساب والجزاءء بينما إرادة الله هي المنشئة لكل ما يحدث» 
ونفقة إرادة الإشتان 'تفتنة واتحاهة وعملة.. إلى اخ هذه القفصية: 

فالنتصوص القرانية تقول: إن كل ما يحدث بإرادة الله 
وقدره» وتقول في الوقت ذاته» إن الإنسان يريد ويعمل ويحاسب 
على إرادته وعمله» والقرآن كله كلام الله ولن يعارض بعضه 
بعضاء فلا بد إذن أن يكون هناك مجال لإرادة الإنسان وعمله 
يكفي لحسابه عليه وجزائه: دون أن يتعارض هذا مع مجال 


.71١5 في ظلال القرآن ؟/ 18/ا-‎ )١( 
0 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


الإرادة الربانية والقدر الإلهي» كيف؟ هذا ما لا سبيل لبيانه» لأن 
العقل البشري غير كفء لإدراك عمل الله! " .)١(‏ 


المطلب الرابع 
قضايا متعلقة بالقدر 


الفرع الأول: الهدى والضلال 

وهذه المسألة هي قلب أبواب القدر ومسائله» وقد اتفقت 
رسل الله من أولهم إلى آخرهم» وكتبه المنزلة عليهم على أن الله 
سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاءء وأن الهدى والضلال 
بيده لا بيد العباد» وأن العبد هو الضال أو المهتديء فالهداية 
والإضلال فعله سبحانه وقدره» والاهتداء والضلال فعل العبد 
وكسبه (0). 

- وأهل السنة والجماعة على أن الهداية مراتب: 

أولها: الهداية العامة: وهي هداية كل نفس إلى مصالح 
معاشها وما يقيم حياتهاء وهذه أعم المراتب ويشير إليها قوله 


تعالى: ( وَلَِىَكَدَرَ مَهدَئ ) [سورة الأعلى:؟] . 


)١(‏ المصدر السابق ؟/ 7١9‏ الهامش ( »)١‏ وينظر أيضاً: خصائص التصور 
الإسلامي ص .١171‏ 
)١(‏ شفاء العليل لابن القيم» ص .١١7‏ 

35: 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





والثانية:_هداية البيان والدلالة والتعليم والدعوة إلى مصالح 
العبد في معاده» وهذه أخص من الأولى لأنها تتعلق بالمكلفين» 
ويشير إليها قوله تعالى: | وَأمَا تود فَهَرَيسَهُمَ فَاسْسحَبوا الع عل 
َمْدَى ) [سورة فصلت:7١]‏ . 

الثالثة: وهي هداية التوفيق» وهي المستلزمة للاهتداء» 
ومشيئة الله لعبده الهداية وخلقه دواعي الهدى )١(‏ وإليها يشير 


قوله تعالى [ من يبد أَمَهُ فَهَوَ آلْمَهَمَيِ 1 [سورة الكهف:7١]‏ » وقوله 


لي او رح اجو دس سخ 7< 212 هه 2< 2 15 
[ من يشا اللَّهُ يصَلِلُهُ ومن سَنَايجَعله عل راط مَسْيَّقِيوٍ 1 إاسورة 


الأنعام:9] » والأخيرة هي التي حصل فيها الخلافء وأنكرها 
العرلة 2132 

أما سيد قطب - رحمه الله - فيقرر ما قرره أهل السنة 
والجماعة في هذه المسألة بناءًَ على ما جاء في نصوص الشرع 
من أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء»ء ويمكن بيان موقفه 
من مسألة الهدى والضلال فيما يأتي: 


.١١7 شفاء العليل لابن القيمء ص‎ )١( 
انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبارء ص557. وشفاء العليل‎ )١( 
.١ 5١ص لابن القيم؛‎ 
1 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


أولاً: قرر سيد قطب - رحمه الله - مجموعة من الحقائق 
الأساسية في باب الهدي والضلال يرتكز عليها فهم المسألة 
وهي: 
-١‏ "أن أمر القلوب وهداها وضلالها ليس من شأن 
أحد من خلق الله - ولو كان هو رسول الله ييه إنه من أمر الله 
وحده» فهذه القلوب من صنعه. ولا يحكمها غيره» ولا يصرفها 
سواه» ولا سلطان لأحد عليها إلا الله» وما على الرسول إلا 
البلاغ» فأما الهدى فهو بيد الله يعطيه من يشاء” " وأن الهدى 
والضلال كلاهما إنما يتم بقدر الله» وأن هؤلاء وهؤلاء في 
قبضته وسلطانه وفي إطار مشيئته وقدره " ('). 
؟- ' أن الله -عز وجل- خلق الإنسان باستعداد مزدوج للهدى 
والضلال» عن اختيار وحكمة» لا عن اقتضاء ولزوم؛ وأنه 
سبحانه أودع في الإنسان الفطرة» وأعطاه العقل المميز 
للهدى والضلال ثم أرسل الرسل بالبينات لإيقاظ الفطرة إذا 
تتطلكة: وهدابة العل: إذا ل 10:5 

"- أن اتجاه الإنسان إلى طلب الهدى أو اتجاهه إلى الضلال» 
كلاهما ينشأ من خلقته التي فطره الله عليها بمشيئته؛ فهذا 


.1١١87 /9 "315 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
9ه0ا3,‎ /541851414.0/9 23١8١ المصدر السابق ؟/‎ )١( 
4 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


الاتجاه وذاك مخلوق ابتداءً بمشيئة الله» والنتائج التي تترتب 
على هذا الاتجاه وذاك من الاهتداء والضلال إنما ينشئها 
الله بمشيئته كذلك؛ فالمشيئة فاعلة ومطلقة» و" كل أمر 
مرجعه في النهاية إلى إرادة الله المطلقة... فمن اهتدى ومن 
ضل كلاهما يتصرف داخل حدود المشيئة التي خلقتهم بهذا 
لاستعداد المزدوج» ويسرت لهم التصرف في هذا أو ذاك في 
يحذون المقيكة الطليقة ووفة قد ابلح القدورهة "210 

5- " أن قدر الله يجري بهداية من يجاهد للهدى " (), ' 
فالهدى بيد الله» يعطيه من يشاء ممن يعلم - سبحانه - أنه 
يستحق الهدى ويسعى إليه " (2» " وقد تكفل الله بهداية من 
يوتبه ويرعت بهد في الندى “فزن أعبنق انعم 
مواهبه اللدئّية من حواس ومشاعر ومدارك» ووجهها إلى 
إدراك دلائل الهدى في الكون والنفس» وما يجيء به الرسل 


من آيات بينات فإنه يؤمن ويهتدي" (5): 


.797269/5 1١85/5 المصدر السابق‎ )١( 
.١5٠٠١/79 المصدر السابق‎ )"( 
"١15/١ (؟) المصدر السابق‎ 
.١8571١ (؟) المصدر السابق ؟/‎ 
0 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





" كما تكفل سبحانه بألا يُضل قوماً بعد إذ هداهم حتى 
يبين لهم ما يتقونه قال سبحانه: ( وَأَيِيسَ بَهَدُواضِا نينم 
سبلن وَنَ ألم ألْمُحَيِِنَ )1 [سورة العنكبوت:11] » وقال: [ وَمَا 
حكات أنَهْلِِضِلَ هَوْمَا بَكَدَإِذْ هدهع حَقٌٍّ بي لهم مَايَتَقُوَ 
إِنَّ أَسَمَبكُلُ شَىْءِ عَلِيمٌ 1 [سورة التوبة:5١١]‏ وليس وراء ذلك عدل» 
وليس بعد ذلك رحمة في ما 3 لحني 117 

' وأن قدر الله يجري أيضاً بإضلال من أعرض عن 
لاقل الهفات واناقة 7 (71)50:فإذ| يعطل الاسان موا نه وأخلق 
مداركه وسترها عن دلائل الإيمان» فإنه يقسو قلبه» ويستغلق 
عقله؛ وينتهي بذلك إلى التكذيب والجحود»ء والى ما قدره الله 
للمكذبين الجاحدين من جزاء " ()؛ " ويستوي في ذلك الجزاء 
الدنيوي كالطبع على القلوب بسبب استهتارهم بالإنذار ' (4)) ' 
أو فسقهم وزيادة ضلالهم '(0) " أو العذاب الأخروي " فالله 
تعالى جعل للهدى والضلال سنناً» وترك الناس لهذه السنن 


.777 مقومات التصور الإسلاميء ص‎ )١( 
.575١1/5 في ظلال القرآن»‎ )"( 
.١8571١/59 المصدر السابق‎ )( 
,29/١ المضصدن السايق.‎ )4( 
.الا"١‎ / 5١/١ المصدر السابق‎ )5( 
لي‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





يسيرون» ويتعرضون لعواقبهاء من هذه السنن أن الإنسان مهيأ 
للهدى والضلال؛ وفق ما يحاوله لنفسه من السير في طريق 
الهدى أو طريق الضلال. 

فالذي يستحق هداية الله بمحاولته واتجاهه يهديه الله 
وهذا هو المهتدي حقاً لأنه اتبع هدى الله؛ والذين يستحقون 
الضلال بالإعراض عن دلائل الهدى وآياته لا يعصمهم أحد 
من عذاب الله؛ " فلن تجد لهم أولياء من دونه ' ويحشرهم يوم 
القيامة في صوره مهينة مزعجة " على وجوههم ' يتكفأون ' 
عمياً وبكماً وصماً " مطموسين محرومين من جوارحهم التي 
تهديهم في هذا الزحام. جزاء ما عطلوا هذه الجوارح في الدنيا 
عن إدراك دلائل الهدىء و" مأواهم جهنم" في النهاية» لا تبرد 
ولا تفتر " .)١(‏ 

5- في ظلال قوله تعالى: [ مَن يبد أللَهُ مَهِوَالْمْهْسرِفَ 
وَمَن يُضصَلِل مأوْلهِكُ هم َليِرُونَ ؛ [سورة الأعراف:178] » يقول 
سيد: ' والله يهدي من يجاهد ليهتديء كما قال سبحانه: ! وَلَدِينَ 


عدوأ ضِنا لييح شبلنا ) [إسورة ١‏ 3 لعنكبوت:193] ٠‏ 


.57؟5١‎ /5 المصدر السابق‎ )١( 
438 





سيت قط ومنعجه في العقيدة ' 


وكما قال: (إرك أله للا يمير مَابِقَوَوٍ حَقٌ يَيروأمَايأَهمَ ) 
فصر الوذ 13] “كت قنال: ا ا 
وَتَقوهَا () قد أفْلمَ من رَكها () وَقَدَحَابَ مَن وَسَّْهَا 4 اسورة 
الشمس الى ٠. ]١‏ 

كذلك يضل الله من يبغي الضلال لنفسه» ويعرض عن 
دلائل الهدى وموحيات الإيمان» ويغلق قلبه وسمعه وبصره 
دونهاء وذلك كما جاء في الآية التالية في السياق: إ وَلَقَدَ دََأن 


7 إن برص< ود فر سح لا سس ص َّ 
لِجَهَتَمَ مكيرا َس أن لاني هم لوب لا يمَمَهُونَ يبا وَطَمَ عبن لا 
اس وو ص وح وم بز و در برخ 


ببْصِرَونَ يها وطح دان لا يسْمَعُونَ 8 ١‏ وليك6 لحم بل هم صل وليك هم 

لْعَهْلُوَ ) [سورة الأعراف:74١]‏ » وقوله تعالى: ! فى لوبهم مَرَصٌ 
فَرَادَهُم أله أَسَهُمَرَضا) [إسورة البقرة:١٠]‏ » وقوله: [ إِنَ الدِينَ كفروأ 

تلاك يي ينيك :ل نيدت عدي لاط جك 


حَدينَ فآ أب يكن كلِكَ كَل أنه سيا 1 [سورة النساء:5١-159]‏ , 
ومن مراجعة مجموعة النصوص الذي تذكر الهدى 
والضلال والتنسيق بين مدلولاتها جميعاً يخلص لنا طريق واحد 
بعيد عن ذلك الجدل الذي أثاره المتكلمون من الفرق الإسلامية 
والذي آثاره اللاهوت المسيحي والفلسفات المتعددة حول قضية 
القضباء: والقدي بعموها. 


15٠ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





إن مشيئة الله سبحانه التي يجري بها قدره في الكائن 
الإنساني؛ هي أن يخلق هذا الكائن باستعداد مزدوج للهدى 
والضلال» وذلك مع إيداع فطرته إدراك حقيقة الربوبية الواحدة 
والاتجاه إليهاء ومع إعطائه العقل المميز للهدى والضلال» ومع 
إرسال الرسل بالبيان لإيقاظ الفطرة إذا تعطلت وهداية العقل إذا 
ضلء ولكن يبقى بعد ذلك كله الاستعداد المزدوج للهدى 
والضلال الذي خلق الإنسان به» وفق مشيئة الله التي جرى بها 
قدره. 

كذلك اقتضت هذه المشيئة أن يجري قدر الله بهداية من 
يجاهد للهدى» وأن يجري قدر الله كذلك بإضلال من لا يستخدم 
ما أودعه الله من عقلء وما أعطاه من أجهزة الرؤية والسمع في 
إدراك الآيات المبثوثئة في صفحات الكون» وفي رسالات الرسل» 
الموحية بالهدى. 

وفي كل الحالات تتحقق مشيئة الله ولا يتحقق سواهاء 
ويقع ما يقع بقدر الله لا بقوة سواه» وما كان الأمر ليكون إلا أن 
الله شاءه هكذاء وما كان لشيء ليقع إلا أن يوقعه؛ قدر الله 
فليس في هذا الوجود مشيئة أخرى تجري وفقها الأمورء كما أنه 
ليس هناك قوة إلا قدر الله لينشئ الأحداث» وفي إطار هذه 
الحقيقة الكبيرة يتحرك الإنسان بنفسه» ويقع له ما يقع من الهدى 


115:١ 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





والضلال أيضاً. وهذا هو التصور الإسلامي الذي تنشئه 
مجموعة النصوص القرآنية مقارنة متناسقة حين لا تؤخذ فرادى 
وفق أهواء الفرق والنحل» وحين لا يوضع بعضها في مواجهة 
البعض الآخرء على سبيل الاحتجاج والجدل. 

وفي هذا النص الذي يواجهنا هنا: ( من يبد أَلَهُ فهو 
الْمْمَئَدِىٌوَمَن يُضْدِل َأوْلهكَ هم لكتيرُونَ ) يقرر أن من يهديه الله 
- وفق سنته التي صورناها في الفقرة السابقة- فهو المهتدي 
حقاًث» الواصل يقيناً الذي يعرف الطريق ويسيرعلى الصراط: 
ويصل إلى الفلاح في الآخرة» وأن الذي يضله الله- وفق سنته 
تلك - فهو الخاسر الذي خسر كل شيء» ولم يربح شيئاً مهما 
ملك ومهما أخذ» فكل ذلك هيام : 

ويؤيد ما ذهبنا إليه في فهم الآية السابقة وأخواتها نص 
الآية التالية: (وَلَقَدَ دَرَانا لِجَهئَمَ كديرا ين يْلْنَ والإذين لم 
ةيقن ال 1 و 201113 الست يا 
وليِكَ ءلمو بلْ هم أَصَلُ وليك هْمْ تلوت )» إن هولاء الكثيرين 
من الجن والإنس مخلوقون لجهنم» وهم مهيأون لها! فما بالهم 
كذلك؟ هناك اعتباران: 


3:١ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 


الاعتبار الأول: أنه مكشوف لعلم الله الأزلي أن هؤلاء 
الخلق صائرون إلى جهنم» وهذا لا يحتاج إلى بروز العمل الذي 
يستحقون به جهنم إلى عالم الواقع الفعلي لهم؛ فعلم الله سبحانه 
شامل محيط غير متوقف على زمان ولا على حركة ينشأ بعدها 
الفعل في عالم العباد الحادث. 

الاعتبار الثشاني: أن هذا العلم الأزلي- الذي لا يتعلق 
بزمان ولا حركة في عالم العباد الحادث - ليس هو الذي يدفع 
هذه الخلائق إلى الضلال الذي تستحق به جهنمء إنما هم كما 
تنص الآية: (ِلَم فوب لَايَْمَهُونَ يه وَلَم عن لا يرون وهم 
ااقنمم له ووظهر:القلري القن اعطوها لها 
ودلاثئل الإيمان والهدى حاضرة في الوجود»ء وهي الرسالات 
تدركها القلوب المفتوحة والبصائر المكشوفة - وهم لم يفتحوا 
أعينهم ليبصروا آيات الله الكونية» ولم يفتحوا آذانهم ليسمعوا 
آيات الله المتلوة» لقد عطلوا هذه الأجهزة التي وهبوها ولم 
يستخدموهاء لقد عاشوا غافلين لا يتدبرون.. ثم يكونون أضل من 
الأنعام الموكولة إلى استعداداتها الفطرية الهادية» ثم هم يكونون 


من ذرء جهنم! يجري بهم قدر الله إليهاء» وفق مشيئته حين 


157 





فطرهم باستعداداتهم تلك» وجعل قانون جزائهم هذاء فكانوا - كما 
٠. 0 3 ٠.‏ ف ٠.‏ لل ١‏ 
هم في علم الله القديم - حصب جهنم منذ كانوا! " .)١(‏ 
3 0 ظلال 1 000 يوه 0 


ا 2000 


َلسَمَكِ ْ [سورة الأنعام:9؟ ]١‏ ل سيد أيضاً: ' من يقدر الله له 
الهداية وفق سنته الجارية من هداية من يرغب في الهدى ويتجه 
إليه بالقدر المعطى له من الاختيار بقصد الابتلاء يس صدره 
لإسَكمْ ' فيتسع له؛ ويستقبله في يسر ورغبة» ويتفاعل معه؛ 
ويطمئن إليه» ويستروح به ويستريح له» ومن يقدر له الضلال 
وفق سنته الجارية من إضلال من يرغب عن الهدىء ويغلق 
فطرته عنه [ يجَصَلْ صَدَرَهصَيَقَاحَجَا ْنَا يَصَكَدُ في أَلسَمَلَهِ 1 فهو 
مغلق مطموس يجد العسر والمشقة في قبوله... 

وتصور الحقيقة التي يقرر هذا النص وأمثاله في القرآن 
الكريم في النصوص التي تتعلق بالتعامل والارتباط بين مشيئة 
الله - سبحانه - واتجاهات البشرء وما يصيبهم من الهدى 
والضلال» وما ينالهم بعد ذلك من جزاء أو ثواب وعقاب» إن 
هذا كله يحتاج إلى استخدام منطقة أخرى من مناطق الإدراك 
البشري وراء منطقة المنطق الذهني!. 


,1١50١-185٠6٠ //" في ظلال القرآن‎ )١( 
4145 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وكل ما ثار من الجدل بشأن هذه القضية سواء في تاريخ 
الفكر الإسلامي» وبخاصة بين المعتزلة وأهل السنة والمرجئة - 
أو في تاريخ اللاهوت والفلسفة - وكل القضايا والتعبيرات عنهاء 
موسوعة بطابع المنطق الذهني. 

إن قصور هذه الحقيقة يحتاج إلى استخدام منطقة أخرى 
من مناطق الإدراك البشري وراء منطقة المنطق الذهني» وكذلك 
يقتضي التعامل مع ' الواقع الفعلي " لا مع " القضايا الذهنية " 
فالقرآن يصور الحقيقة الفعلية في الكينونة البشرية وفي الوجود 
الواقع» وهذه الحقيقة يتراءى فيها التشابك بين مشيئة الله وقدره» 
وبين إرادة الإنسان وعمله في محيط لا يدركه المنطق الذهني 
كله. 

فإذا قيل: إن إرادة الله تدفع الإنسان دفعاً إلى الهدى أو 
الضلال »2١(‏ لم تكن هذه هي الحقيقة الفعلية. 

واذا قيل: إن إرادة الإنسان هي التي تقرر مصيره كله 
(")؛ لم تكن هذه هي الحقيقة الفعلية. 


)١(‏ وهذا قول الجبرية. 
(1) وهذا قول المعتزلة. 
ه15 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





إن الحقيقة الفعلية تتألف من نسب دقيقة - وغيبية كذلك 
- بين طلاقة المشيئة الإلهية وسلطانها الفاعل» وبين اختيار 
العبد واتجاهه الإرادي بلا تعارض بين هذه وتلك ولا تصادم... 

كذلك يحتاج تصور هذه الحقيقة كما هي في واقعها 
الفعلي إلى تذوق كامل في تجربة روحية وعقلية» إن الذي تتجه 
فطرته إلى الإسلام يجد في صدره انشراحاً له»ء هو من صنع الله 
قطعاًء فالانشراح حدثٌ لا يقع إلا بقدر من الله يخلقه ويبرزه» 
والذي تتجه فطرته إلى الضلال يجد في صدره ضيقاً وتقبضاً 
وعسراً» هو من صنع الله قطعاًء لأنه حدثٌ لا يتم وقوعه الفعلي 
إلا بقدر من الله يخلقه ويجري به كذلك» وكلاهما من إرادة الله 
بالعبد» ولكنها ليست إرادة القهرء إنما هي الإرادة التي أنشأت 
السنة الجارية النافذة من أن يبتلي هذا الخلق المسمى بالإنسان 
بهذا القدر من الإرادة» وأن يجري قدر الله بإنشاء ما يترتب على 
استخدامه لهذا القدر من الإرادة في الاتجاه للهدى والضلال... 

وحين توضع قضية ذهنية في مواجهة قضية ذهنية» 
وحين يتعامل معها بدون استصحاب الملامسة الباطنية الحقيقية 
والتجربة الواقعية» فلا يمكن أن يتم تصور كامل وصحيح لهذه 
الحقيقة. وهذا ما وقع 


355 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





في الجدل الإسلامي وفي غيره كذلك " .)١(‏ 

ويقول سيد: 'وقد جرينا على هذه القاعدة في تفسير آيات 
المشيئة» فلم تلتو علينا حتى الآن وعلى الله التوفيق" ("). 

ومن خلال هذه النصوص التي ذكرناها عن سيد في 
مسألة الهدى والضلال يتبين لنا خلاصة رأيه في المسألة» وهو 
في هذه القضية موافق لما عليه أهل السنة والجماعة. 

الفرع الثاني: القدر والأسباب 

إن الإيمان بالقضاء والقدر يشمل اعتقاد أن الأمور 
جميعها تسير وفق ما سبق فيه القضاء وجرت به المقاديرء 
ولكن هذا لا يعني أن يترك العبد العمل والأخذ بالأسباب فقد 
قضت حكمة الله ومشيئته تعلق الأسباب بمسبباتهاء وارتباطها 
لهاء وبقائها عليهاء والأسباب نفسها مما قضي وقدر. 

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن بعضهم قوله: " 
الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد» ومحو الأسباب أن 
تكون أسباباً نقص في العقل» والإعراض عن الأسباب في الكلية 
قدح في الشرع؛ ومجرد الأسباب لا توجب حصول المسبب» 
فنزول المطر لا يكفي لحصول النبات» بل لا بد من ريح مربية 


)١(‏ في ظلال القرآن ”7/ ١7١5 2٠7١7‏ بتصرف يسير. 
(2) المصدر السابق ١87١/7”‏ الهامش١.‏ 
447 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





بإذن الله؛ ولا بد من صرف الانتفاء عنه؛» فلا بد من تمام 
الشروط وزوال الموانع» وكل ذلك بقضاء الله وقدرهء وكذلك 
الولدء لا يوجد بمجرد الإنزال في الفرج بل لا بد من أن الله شاء 
خلقه فتحبل المرأة وتربيه في الرحم» وسائر ما يتم به خلق من 
الشروط وزوال الموانع'(١).‏ 

والعبد ينال ما قدر له بالسبب الذي أقدر عليه ومكن منه 
وهيئ له؛ فإذا أتى بالسبب أوصله إلى القدر الذي سبق له في 
أم الكتاب» وقد فطر الله سبحانه عباده على الحرص على 
الأسباب التي بها مرام معاشهم ومصالحهم الدنيوية بل فطر على 
ذلك سائر الحيوان'(')»؛ وهكذا تفهم العلاقة بين القدر والأسباب 

-- موقف سيد - رحمه الله - من مسألة 
العلاقة بين القدر والأسباب: 

يربط سيد قطبحرحمه الله- بين القدر والأسباب ربطاً 
قوياًء حتى جعل الأسباب أو السنن داخلة في مفهوم القدر - 
الواسع - ويقرر أن قدر الله ومشيئته عامة وهي وراء الأسباب» 
وأن الأسباب التي تعارف الناس عليها ليست هي التي تنشئ 
النتائج» إنما قدر الله ومشيئته وراء ذلك كله» -١‏ يقول: " وفي 


.7١/8 مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
شفاء العليل لابن القيم ص ١ه - 5 بتصرف يسير.‎ )١( 
1/ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





ظلال القرآن تعلمت أنه لا مكان في هذا الوجود للمصادفة 
العمياء ولا للفلتة العارضة ( نَمل تَْءِ فصر 1 [سورة القمر 
4 .. وكل أمر لحكمة ولكنها قد تغيب عن النظرة الإنسانية.. 
والأسباب التي تعارف عليها الناس قد تتبعها آثارها وقد لا 
تتبعهاء والمقدمات التي يراها الناس حتمية قد تعقبها نتائجها وقد 
لا تعقبهاء ذلك أنه ليست الأسباب والمقدمات هي التي تنشئ 
الآثار والنتائج» وإنما هي الإرادة الطليقة التي تنشئ الآثار 
والنتائج؛ كما تنشئ الأسباب والمقدمات سواء (ِلَاتَّدْرى لَمَنَّ اه 


و 4 يي بير 8 مض 0 0 سرس هر 
يحدث بعد ذالك أمَرا 1 [سورة الطلاق:١]‏ » ( وما نشاءوت إلا أن دشاء الله 


آ-ه 


ل ل صل سس سر 


رَبّلْصَلَمِيتَ ) [سورة التكوير:15] » والمؤمن يأخذ بالأسباب لأنه 
مأمور بالأخذ بهاء والله هو الذي يقدر آثارها ونتائجها" .)١(‏ 

-١‏ في ظلال قوله تعالى: [وَمَاهُم بِصَارنَ بهم يِنَ أَحَرٍ 
ِلَّا بإدْنِ أله 4 [سورة البقرة:؟١٠]‏ . يقول سيد: " فبأذن الله تفعل 
الأسباب فعلهاء وتنشئ آثارها وتحقق نتائجهاء وهذه قاعدة كلية 
في التصور لا بد من وضوحهاء في ضمير المؤمن تماماً؛ 
وأقرب ما يمثل هذه القاعدة في مثل هذا المقام. أنك إذا عرضت 


)١(‏ في ظلال القرآن .١7 /١‏ وينظر أيضاً: خصائص التصور الإسلامي - سيد 
1441 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





يدك للنار فإنها تحترق» ولكن هذا الاحتراف لا يكون إلا بإذن 
الله فالله هو الذي أودع النار خاصية الحرقء وأودع يدك 
خاصية الاحتراق بهاء وهو قادر على أن يوقف هذه الخاصية 
حين لا يأذن لحكمة خاصة يريدهاء كما وقع لإبراهيم - عليه 
السلام -. 

وكذلك السحر الذي يفرقون به بين المرء وزوجه» ينشئ 
هذا الأثر بإذن الله» وهو قار على أن يوقف هذه الخاصية حين 
لا يأذن لحكمة خاصة يريدهاء وهكذا بقية ما تتعارف عليه بأنه 
مؤثرات وآثار» كل مؤثر مودع خاصية التأثير بإذن الله» فهو 
يعمل بهذا الإذن» ويمكن أن يوقف مفعوله كما أعطاه هذا 
التفسول حيق اق" 00 إن إراقة أبنه ملك الحم الشيرية 
نواميس لا تتخلفء وسنناً لا تتبدل» وحين توجد الأسباب تتبعها 
النتائج فتنفذ إرادة الله وتحق كلمته».. وارادة الله هنا ليست إرادة 
للتوجيه القهري الذي ينشئ السبب»ء ولكنها ترتب النتيجة على 
النضف 3 0 

' والله يرد الأمر كله إليه؛ ويصحح عقيدة المسلم 
وتصوره» فاستجابة الله لاستغاثة المؤمنين في بدر وامدادهم لهم 


.57 وينظر: مقومات التصور الإسلامي ص‎ »45/١ في ظلال القرآن»‎ )١( 
بتصرف.‎ ١١١4/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ثهة‎ 








تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 


بالملائكة» كل ذلك ليس إلا بشرى لتطمئن به القلوب» أما 
النصر فلم يكن إلا من عند الله» ليفهم المسلمون أنه ليس هناك 
لاما أن ترا 

' وقد حرص القرآن الكريم على تقرير هذه القاعدة في 
التصور الإسلامي» وعلى تنقيتها من كل شائبة» وعلى تنحية 
الأسباب الظاهرة والوسائل والأدوات أن تكون هي الفاعلة» لتبقى 
الصلة المباشرة بين العبد والرب بلا حواجز ولا عوائق ولا 
سنال ولا :ومس ليومتل 3 هق 6 اللوكنيات: يكرك هده الكفيقة 
في أخلاد المسلمين على نحو بديع هادئ عميق مستنير. 

عرفوا أن الله هو الفاعل - وحده - وعرفوا كذلك أنهم 
مأمورون من قبل الله باتخاذ الوسائل والأسباب وبذل الجهدء 
والوفاء بالتكاليف» فاستيقنوا الحقيقة وأطاعوا الأمرء في توازن 
شعوري وحركي عجيب " (). 

"- ويقول أيضاً: " فالأمر له - سبحانه - من قبل ومن 
بعد.. لا مقيد لمشيئته» والمشيئة التي تريد النتيجة هي ذاتها التي 
تيسر الأسباب» فلا تعارض بين تعليق الشيء بالمشيئة» ووجود 


)١(‏ المصدر السابق ”/ ١587‏ بتصرف. 
(2) في ظلال القرآن .57١ /١‏ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





الأسباب والنواميس التي تصرف هذا الوجود كله صادره عن 
المشيئة الطليقة» وقد أرادت هذه المشيئة أن تكون هناك سنن لا 
تختلف» وأن تكون هناك نظم لها استقرار وثبات».. والنصر 
والهزيمة أحوال تنشأ عن مؤثرات وفق تلك السنن التي اقتضتها 
تلك المشيئة الطليقة. 

والعقيدة الإسلامية واضحة ومنطقية في هذا المجال؛ 
فهي ترد الأمر كله إلى اللهء ولكنها لا تعفي البشر من الأخذ 
بالأسباب الطبيعية التي من شأنها أن تظهر النتائج إلى عالم 
الشهادة والواقع» أما أن تتحقق تلك النتائج فعلاً أو لا تتحقق 
فليس داخلاً في التكليف» لأن مرد ذلك في النهاية إلى تدبير 
اللهء وقد ترك الأعرابي ناقته طليقة على باب مسجد رسول الله 
ودخل يصلي قائلاً: " توكلت على الله " فقال له الرسول ي4: 
' اعقلها وتوكل" (20» " فالتوكل في العقيدة الإسلامية مقيد 
بالأخذ بالأسباب» ورد الأمر بعد ذلك إلى الله" ("). 


)١(‏ الحديث رواه الترمذي في صفة القيامة 0077/4» والبيهقي في شعب الإيمان 
”0 والحاكم "571/7 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 57/١‏ "برقم: 
0١‏ ؛ صحيح سنن الترمذي؟/١١5.‏ 

(1) في ظلال القرآن 5/ 7758 بتصرف يسير. 

,ه16 








2-5 وفي مقومات التصور الإسلامي يقول سيد: " 
والناس يتعاملون مع النواميس الثابتة - في جملتها - وقد شاء 
الله أن يجعلهم قادرين على إدراك بعض هذه النواميس» 
والتعامل معها.. وفي تصور المسلم لا يقوم " السبب ' ولا 
العادةا ولأ المألوفة هخ النؤاميس»تهاكزا مين العية ل الله به 
وبالوجود كله من حوله» في كل حالة وفي كل لحظة:» فالمشيئة 
الإلهية في تصوره - كما هي في الحقيقة - طليقة من وراء تلك 
النواميس» ومع هذا فالمسلم يتعامل مع النواميس الثابتة» ويأخذ 
بالأسباب التي تتلاءم مع هذه النواميس لأنه مأمور أن يأخذ بها 
- وأخذه بها عبادة وطاعة - ويتعامل مع سنة الله» وهو يعلم 
أن لا تبديل لسنة الله» لا بسبب حتميتها على الله» ولا بسبب 
جبرية آلية فيها هي ذاتهاء ولكن الله أراد ألا يبدلهاء وجرى قدره 
باطرادها - إلا أن يشاء ذلك - مع تعلق كل حادث ينشأ بقدر 
خاص ينشئه» وفي هذا يختلف التصور الإسلامي تماماً ويتميز 
عن كل تصور آخر... فهو لا ينتهي إلى إهمال الأسبابء أو 
إقامة النشاط بلا قواعد» ولا إلى جهل النواميس واهمال التعامل 
معهاء كما أنه لا ينتهي إلى إغلاق الأبواب دون مشيئة الله 
الطليقة؛ وقدره الجديد» أمام واقع الأسباب والنواميس» ولا يختنق 


تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





بالجبريات الآلية والحتميات الطبيعية والتاريخية " »)١(‏ " وبذلك 
تسقط كل المقولات التي تنسب الآثار نسبة مباشرة إلى غير 
مشيئة الله وقدره " ("2)» " فالمسلم يأخذ بالأسباب لأنه مأمور 
بالأخذ بها ويغمل وفق السخة» لأنة مأمون تمراغاتياء لا لأنه 
يعتقد أن الأسباب والوسائل هي المنشئة للمسببات والنتائج» فهو 
يرد الأمر كله إلى خالق الأسباب» ويتعلق به وحده من وراء 
الأسباب» بعد أداء واجبه من الحركة والسعي والعمل واتخاذ 
١‏ ب» عد : لله ا 
الأسباب» طاعة لأمر الله " (5) 


الفرع الثالث: الاحتجاج بالقدر 

إذا كان الإيمان بالقدر واجباً وركناً من أركان الإيمان» 
فإنه لا يجوز الاحتجاج بالقدرعلى ترك العمل المشروع» أو على 
عمل الممنوع. 

فأهل السنة والجماعة يؤمنون بالقدر ولا يحتجون به. 
وأول من احتج بالقدر إبليس(*)» ومن بعده المشركون كما أخبر 
الله عنهم» حيث تشبئوا بالقدر والمشيئة دفعاً لما هم عليه من 


55 مقومات التصور الإسلامي - سيد قطب - ص‎ )١( 
.7 517 المصدر السابق ص‎ )١( 

(”؟) خصائص التصور الإسلامي» سيد قطب» ص .١70‏ 
(؟) انظر: سورة الحجر» الآية 59. 








الشرك والكفر»ء ظناً أن ذلك ينجيهم من عذاب الله» فأبطل الله 
زعمهم. 

ثم جاء بعدهم الجبرية ومن نهج نهجهم من الجهمية؛ 
فاحتجوا بالقدر على المعاصي وفتحوا باب شرٍ مستطير للدعوة 
إلى الفسوق والفجور مستدلين ببعض الآيات والأحاديث» التي 
أسَاعوا فهيهها .)١(‏ 

موقف سيد قطب - رحمه الله - من الاحتجاج بالقدر: 

وقف سيد قطب عند هذه المسألة وقرر ما قرره القرآن 
الكريم وما عليه أهل السنة والجماعة من أن للعبد مشيئته 
وقدرته؛ وأنها خاضعة لمشيئة الله وقدرته؛ وأنه لا يجوز 
الاحتجاج بالقدرعلى المعاصي. 

يقول - رحمه الله -: " والذين يحيلون ضلالهم وشركهم 
وخطاياهم على إرادة الله بهم» وعلى قضائه فيهمء إنما يغالطون 
في هذه الإحالة» والله سبحانه يجبههم بالحق» وهو يحكي د 
في هذا الشأن ويسفهها (وَكَالَ الزرت أَتْرَعألَرَ سا أنه 


عون 2 يل دير ره بض و يع 01 
دويهةه من شىّءٍ غحّن ولا ءَابَاوْنا ولاعم حر امن دويدو ا 


)١(‏ لبيان مذهبهم الفاسد ينظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص »"١١‏ والملل والنحل 
للشهرستاني »87/١‏ ومجموع الرسائل الكبرى لابن تيمية ؟/ 2٠١1-99‏ وشفاء 
الغليل لابن القيم ص 58. وفتح الباري لابن حجر /١١‏ 095.-0175-5. 


ده 








و: سا ساح كم صاعد و لطر مو 


كَل اديت من ميلم فَهَلْ عل اسل إِلَّا الم ألْضِيِنُ 1 اسورة 
النحل:5"] » فدل هذا على إنكار الله عليهم قولهم وعلى أ 
الضلالة إنما حققت عليهم- بعد النذارة - بفعلهم " .)١(‏ 

وعند الآيات التي ذكرت احتجاج المشركين بالقدرعلى 
ضلالهم؛ بين- رحمه الله - الموقف الحق في ذلك» ويمكننا 
استعراض كلامه على الآيات فيما يأتي: 


000 70114 (1 00 : د 5 أن‎ ١ 

١‏ في ظلال قوله تعالى: ( سَمِمُول الزن أشَرَوا لو سَآءَ 
لت 0 ات َو كَدَكَكَدَ 
3 4 5 06 و أقن ابن جد اع 

لذت من مَبَلِهِمَ حَقَّ ذَاهُو 0 


إن تَتَيمْوْ ِل 0 شر إلا حَوْصُوقٌ (0) قل مدأ 

لبيك لَوْضَا لَهَدَسَكْ أَبمَعِينَ 1 [سورة الأنعام الآيات ]١ 51-١44‏ » 
يقول سيد" وعندما يصل السياق إلى هذا الحة من تصميق 
الخناق عليهم» وسد الذرائع في وجوههم يواجه مهربهم الأخير 
الذي يحيلون عليهم شركهم وضلال تصوراتهم وتصرفاتهم» إنهم 
يقولون: إنهم مجبرون لا مخيرون فيما اعتسفوا من شرك 
وغبلال» فل كان ابل لآ يزيد متهم القتزك والقبلال لمتعهم منة 
بقدرته التي لا يعجزها شيء... وقضية الجبر والاختيار كثر 


.٠١55/7 في ظلال القرآن»‎ )١( 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





فيها الجدل في تاريخ الفكر الإسلامي بين أهل السنة والمعتزلة 
والمجبرة والمرجئة.. وتدخلت الفلسفة الإغريقية؛ والمنطق 
الإغريقي» واللاهوت المسيحي في هذا الجدلء فتعقد تعقيداً لا 
تعرفه العقلية الإسلامية الواضحة الواقعية» ولو أخذ بمنهج 
القرآن المباشر الميسرالجاد» ما اشتد هذا الجدل؛ وما سار في 
ذلك الطريق الذي سار فيه. 

ونحن نواجه قول المشركين هذا والرد القراني عليه» فنجد 
قضية واضحة بسيطة محددة: ( سَيَعُولُ اَن أَمْرَوا لوَ سَاءَ أسَثْمآ 
أَشْرححَا وََاءَاسَآؤْنَاوَلَا حرَمَامِنمَيَءٍ )» فهم يحيلون شركهم هم 
وآباؤهم وتحريمهم ما حرموه مما لم يحرمه الله؛ وادعاءهم أن هذا 
من شرع الله بغير علم ولا دليل» يحيلون هذا كله إلى مشيئة الله 
بهم» فلو شاء الله ما أشركوا ولا حرموا فكيف واجه القرآن الكريم 
هذه المقولة؟. 

لقد واجهها بأنهم كذبوا كما كذب الذين من قبلهم» وقد ذاق 
المكذبون من قبلهم بأس الله» وبأس الله ينتظر المكذبين الجدد ( 
كَدَك كدب لت رن فلم حفاصي )؛ وهذه هي 
الهزة التي قد تحرك المشاعرء وتوقظ من الغفلة» وتوجه إلى 
العبرة. 





اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 


واللمسة الثانية كانت بتصحيح منهج الفكر والنظر إن الله 
أمرهم بأوامرء ونهاهم عن محظورات» وهذا ما يملكون أن يعلموه 
يعلمونه؟ واذا لم يعلموه يقيناً فكيف يحيلون عليه: [قُلَ هَل 


عد 
و 
إن 


عِنْدَحكُم ين ِو َْجوه دان كَيَِوْت إِلَّا لظن ون أَثْرٌ إلا 
حضون إن لله أوامر ونواهي معلومة علماً قطعياً» فلماذا يتركون 
هذه المعلومات القطعية؛ ليمضوا وراء الحدس والخرص في وادٍ 
لا يعلمونه؟. 

هذا هو فصل القول في هذه القضية.. إن الله لا يكلف 
الناس أن يعلموا غيب مشيئته وقدره حتى يكيفوا أنفسهم على 
حسبه؛ إنما يكلفهم أن يعلموا أوامره ونواهيه» ليكيفوا أنفسهم على 
حسبهاء وهم حين يحاولون هذا يقرر الله سبحانه أنه يهديهم إليه؛ 
ويشرح صدورهم للإسلام» وهذا حسبهم في القضية التي تبدو 
عندئذ - في واقعها العملي - يسيرة واضحة:» بريئة من غموض 
ذلك الجدل وتحكماته. 

إن الله قادر لو شاء على أن يخلق بني آدم ابتداءً بطبيعة 
لا تعرف إلا الهدى» أو يقهرهم على الهدىء أو يقذف بالهدى في 
قلوبهم فيهتدوا بلا قهر» ولكنه - سبحانه - شاء غير هذا: شاء أن 
يبتلي بني آدم بالقدرة على الاتجاه إلى الهدى أو الضلال» ليعين 


1/ 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





من يتجه منهم إلى الهدى على الهدىء وليمد من يتجه منهم إلى 
الضلال في غيه وفي عمايته» وجرت سنته بما شاء. ( فل نه 
في أيسر صورة يدركها الإدراك البشري» فأما المعاظلة فيها 
والمجادلة فيها غريبة على الحس الإسلامي وعلى المنهج 
الإسلامي» ولم ينته الجدل فيها في أي فلسفة أو أي لاهوتٍ إلى 
نتيجة مريحة؛ لأنه جدل يتناول القضية بأسلوب لا يناسب 

إن طبيعة أي حقيقة هي التي تحدد منهج تناولها وأسلوب 
التعبيير عنها كذلكء الحقيقة المادية يمكن تناولها بتجارب 
المعامل» والحقيقة الرياضية يمكن تناولها بفروض الذهن» 
والحقيقة التي وراء هذا المدى لا بد أن تتناول بمنهج آخر هو 
منهج التذوق الفعلي لهذه الحقيقة في مجالها الفعلي» ومحاولة 
التعبير عنها بغير أسلوب القضايا الذهنية التي عولجت بها في 
كل ما جرى حولها من الجدل قديماً وحديثاً. 

ولقد جاء هذا الدين ليحقق واقعاً عملياً» تحدده أوامر ونواه 
واضحة» فالإحالة على المشيئة الغيبية دخول في متاهة» يرتادها 
العقل بغير دليل» ومضيعة للجهد الذي ينبغي أن ينفق في العمل 


اقتو قطي ومنعجة في العقيدة 





الإيجابي الواقعي المشهود ' .)١(‏ " فعلم الله الأزلي ليس هو 
الذي يدفع هذه الخلائق إلى الضلال " (). 
"- في ظلال قوله تعالى: ([وَكلَاَليَ أَد شار م 


١ 


و 
لله 


ام 


هه 


عاتن و كوامن: تو ف ولك انان ولد سايق 
دونو من من كَدَِكَ مَحَلَ تمن 0 
البلغ الْسِين (0) © وَلتديمذكن مكل مور ا 
أعبد وأ لله هَ ولحَتَنبوأ اديت ب فَمِنْهُم 5 
عالقا قالط ارا كيك 
كات عَتْقِبَة ألْمَكرْبي ) [سورة النحل الآيات ه*- 85] ؛ 
يقول سيد: " إنهم يحيلون شركهم وعبادتهم آلهة من دون 
الله هم وآباؤهم» وأوهام الوثنية التي يزاولونها من 
تحريمهم لبعض الذبائح وبعض الأطعمة.. إنهم يحيلون 
هذا كله على إرادة الله ومشيئته» فلو شاء الله - في 
- ألا يفعلوا شيئاً من هذا لمنعهم من فعله 


,1١7710-1775 /9 في ظلال القرآن‎ )١( 
.١5٠1/79 المصدر السابق‎ )"( 
6 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





وهذا وهم وخطأ في فهم معنى المشيئة الإلهية» وتجريد 
للإنسان من أهم خصائصه التي وهبها له الله لاستخدامها في 
الحياة.. 

فالله سبحانه لا يريد لعباده الشرك» ولا يرضى لهم أن 
يحرموا ما أحله لهم من الطيبات» وارادته هذه ظاهرة منصوص 
عليها في شرائعه على ألسنة الرسل الذين كلفوا بالتبليغ وحده؛ 
فقاموا به وأدوة!" وَلَقَدْ يننا في كَل أكة ويتولاً أن !غتذوا الله 
وَلْحْكيو] 'التاكرة “فهذا أمره وهذه إزادخه لعياده. 

والله تعالى لا يأمر الناس بأمر يعلم أنه منعهم خلقة من 
القدرة عليه» أو دفعهم قسراً إلى مخالفته» وآية عدم رضاه عن 
مخالفة أمره هذا ما أخذ به المكذبين ( سِيرواأ فى الأرض فَانظروأ 
كبك كانت عَلقبَةُ المكزبيته 1. 

إنما شاءت إرادة الخالق الحكيم أن يخلق البشر باستعداد 
للهدى وللضلالء وأن يدع مشيئتهم؛ حرة في اختيار أي 
الطريقين» ومنحهم بعد ذلك العقل يرجحون به أحد الاتجاهين؛ 
بعد ما بث في الكون من آيات الهدى ما يلمس العين والأذن 
والحس والقلب والعقل حيثما اتجهت أناء الليل وأطراف النهارء 
فوضع لهذا العقل ميزاناً ثابتاً في شرائعه التي جاءت به رسله؛ 
يثوب إليه العقل كلما غم عليه الأمرء ليتأكد من صواب تقديره 


15١ 





أو خطئه عن طريق الميزان الثابت الذي لا تعصف به الأهواء» 
ولم يجعل الرسل جبارين يلوون أعناق الناس إلى الإيمان» ولكن 
مبلغين ليس عليهم إلا البلاغ» يأمرون بعبادة الله وحده واجتناب 
كل ما عداه من وثنية وهوى وشهوة وسلطان» ففريق استجاب 


(مِنْهُم مَنْهَدَى أََّهُ) وفريق شرد في طريق الضلال إ[وَسْهُم 
ئَنْ حَقَّتَ عَليَهِ ألصَّكَلَة ؛. 
وهذا الفريق وذلك كلاهما لم يخرج عن مشيئة الله 
وكلاهما لم يقسره الله قسراً على هدى أو ضلالء إنما سلك 
طريقه الذي شاءت إرادة الله أن تجعل إرادته حرة في سلوكه 
بعدما زودته بمعالم الطريق في نفسه وفي الآفاق. 

وكذلك ينفي القرآن الكريم بهذا النصء وَهْمَ الإجبار الذي 
لوح به المشركونء والذي يستند إليه كثير من العصاة 
والمنحرفين. 

والعقيدة الإسلامية عقيدة ناصعة واضحة في هذه 
النقطة» فالله يأمر عباده بالخير وينهاهم عن الشرء ويعاقب 
المذنبين أحياناً في الدنيا عقوبات ظاهرة يتضح فيها غضبه 
عليهم؛ فلا مجال بعد هذا لأن يقال: إن إرادة الله تتدخل 
لترغمهم على الانحراف ثم يعاقبهم عليه الله! إنما هم متروكون 
لاختيار طريقهم» وهذه هي إرادة الله» وكل ما يصدر عنهم من 


15 





خيرٍ أو شرٍ من هدىّ أو ضلالٍ» يتم وفق مشيئة الله على هذا 
المعة الذي ة لتأه )١('‏ 


"- وفي ظلال قوله تعالى: ( وَكَالوا َو ضَّ اَليَمَنُ مَاعِدَكَهُمْ 


مَالَهُم ذلك مِنْ عل إن هُمٌإِلَا 00 [سورة الزخرف: ]٠١‏ 

» يقول سيد: " إنهم يحاولون التهرب حين تحاصرهم 

الحجج» وتتهافت بين أيديهم الأسطورة» فيحيلون على 

مشيئة الله» يزعمون أن الله راض عن عبادتهم الملائكة؛ 

ولو لم يكن راضياً ما مكنهم من عبادتهم» ولمنعهم من 

ذلك منعاً! 

وهذا القول احتيال على الحقيقة» فإن كل شيء يقع في 
هذا الوجود إنما يقع وفق مشيئة الله» هذا حق» ولكن من مشيئة 
الله أن جعل للإنسان قدرة على اختيار الهدى واختيار الضلال؛ 
وكلفه اختيار الهدى ورضيه له» ولم يرض له الكفر والضلال» 
وإن كانت مشيئته أن يخلقه قابلآً للهدى أو الضلال. 

وحين يحيلون على مشيئة الله إنما يخبطون خبطاً؛ فهم 
لا يوقنون أن الله أراد لهم أن يعبدوا الملائكة - ومن أين يأتيهم 
اليقين؟ - (مَالَهُم يلك ا 


دسجو و 


00 3 . 
مِنْ عِلم إن هلم إلا ييخرصون 1 ويدبعون 


.,73١091١-9511١ /5 في ظلال القرآن»‎ )١( 
رحدل‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





الأوهام والظنون ١‏ ليع كتنبا ين ِو فَهُم يه مُسَتَمَسِكوْنَ ) 
يستندون إليه في دعواهم.. ويرتكنون إلى ما عندهم فيه من 
دليل!!. 

وهكذا يأخذ عليهم الطريق من هذه الناحية» ويوحي إليهم 
كذلك أن العقائد لا يخبط فيها خبط عشواء ولا يرتكن فيها إلى 
ظنٍ أو وهمء إنما تستقي من كتاب من عند الله يستمسك به من 
فقاو 00 


الفرع الرابع: التكليف بما لا يطاق 

مسألة التكليف بما لا يطاق من المسائل المتفرعة عن 
الاستطاعة» لأن الطاقة هي الاستطاعة (')»؛ وهي مسألة وقع 
فيها الخلاف بين المتكلمين أنفسهم من الجهمية والمعتزلة 
والأشاعرة» فمذهب الجهمية جواز تكليف ما لا يطاق» كأمر 


الأعمى أن يبصرء وأمر الرّمن أن يسير إلى مكة(')؛ ومذهب 


.7١87 -9591405 في ظلال القرآن» ه/‎ )١( 

(1) قال الجرجاني: " الاستطاعة» هي عرض يخنفه الله تعالى في الحيوان» يَفعل أو 
يُفعل به الأفعال الاختيارية» والاستطاعة والقدرة والقوة والوسع» والطاقة متقاربة في 
المعنى في اللغة. 
أما في عرف المتكلمين فهي: عبارة عن صفة بها يتمكن الحيوان من الفعل 
والترك» انظر التعريفات للجرجاني ص 5"50. 

(") انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 8/ 75917. 

51 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





المعتزلة منع تكليف ما لا يطاقء قالوا: لأنه قبيح؛ والله منزه عن 
فعل القبيح» فلا يجوز صدوره منه» وهذا تابع لقولهم بالتحسين 
والتقبيح العقليين .)١(‏ 

أما الأشاعرة فلم يتفقوا في هذه المسألة حيث أطلق 
بعضهم جواز تكليف ما لا يطاق» وفصل بعضهم فيه ("). 

وأما السلف فلم يؤثر عنهم كلام في هذه المسألة» ولذلك 
قال شيخ الإسلام بعد أن حكى نزاع المتكلمين: " وإذا عرف هذا 
فإطلاق القول بتكليف ما لا يطاق من البدع الحادشة في 
الإسلام كإطلاق القول بأن العباد مجبورون على أفعالهم؛.. 
وليس في السلف والأئمة من أطلق القول بتكليف ما لا يطاق» 
كما أنه ليس فيهم من أطلق القول بالجبر» وإطلاق القول بأنه 
يجبر العباد كإطلاق القول بأنه يكلفهم ما لا يطيقون» هذا سلب 
قدرتهم على ما أمروا به» وذلك سلب كونهم فاعلين قادرين " 
0 

ويظهر لنا من كلام شيخ الإسلام الصلة بين القول 
بالجبر» والقول بجواز تكليف ما لا يطاق. 


.١77 انظر: الحكمة والتعليل في أفعال الله ص‎ )١( 
وشرح العقيدة الطحاوية ص‎ »47١ -459 /4 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية؛‎ )١( 
.55864459 /١954590 /١١ 2.378 /5 وفتح الباري لابن حجر‎ »551“ 
.5559// انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ١/55»؛ ومجموع الفتاوى‎ )9( 
145 








729777777171717 اقتوكة قطي ومنهجه في العفيدة جه 





موقف سيد قطب من مسالة التكليف بما لا يطاق: 

قرر- سيد- مذهب أهل السنة والجماعة في أن تكاليف 
الشرع كلها داخلة في طاقة الإنسان واستطاعته؛ وليس فيها ما 
هو فوق طاقتهم: 

١‏ - في ظلال قوله تعالى: (إرت اله ,الكاس رَدُوتُ بحي 
[سورة البقرة:5 ]١‏ ' يقول: أي " أنه يعرف طاقتهم المحدودة؛ فلا 
يكلفهم فوق طاقتهم " )١(‏ " فالتكاليف التي يفرضها الإسلام 
على المسلم كلها من الفطرة ولتصحيح الفطرة؛ لا تتجاوز 
الطاقة» ولا تتجاهل طبيعة الإنسان وتركيبه».. ومن ثم لا يحار 
ولا يقلق في مواجهة تكاليفه» يحمل منها ما يطيق حمله؛ 
ويمضي في الطريق إلى الله في طمأنينة وروح وسلام ' ("). ' 
لأن العقيدة الأشلامية تعترفنة بالإتسان إنسانا» لا .حيواتا ولا 
حجراًء ولا ملكاً ولا شيطاناًء تعترف به كما هوء بما فيه من 
ضعف وما فيه من قوة» وتأخذه وحدة شاملة مؤلفة من جسدٍ ذي 
نوازع وعقلٍ ذي تقديرء وروح ذي أشواق» وتفرض عليه من 
الك لها وللنو بود عي اللنيووه فين التكانيقع ‏ القااقة ور 
مشقة ولا إعنات.. ١‏ لا دكلث أنه شْسا إلا وْسَعْها 1. 

.١77/١ في ظلال القرآن‎ )١( 


(") في ظلال القرآن /١‏ 580:5-56048,. 
كايا 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وهكذا يتصور المسلم رحمة ربه وعدله في التكاليف التي 
يفرضها عليه في خلافته للأرض» وفي ابتلاثئه وجزائه على 
عمله في النهاية فلا يتبرم بتكاليفه» ولا يستثقلها. 

وهو يؤمن أن الله الذي فرضها عليه أعلم بحقيقة طاقته؛ 
ولو لم تكن في طاقته ما فرضها عليه» وهذا التصور يسكب في 
القلب الراحة والأنس» ويستجيش عزيمة المؤمن للنهوض 
بتكليفه» لأنه يحس أنها داخلة في طوقه؛ ولو لم تكن داخلة في 
ظطوقه ما كتنيا ال علية " (21, 

؟- في ظلال قوله تعالى: (مَحَبِهِدُوأ ف الوق جهادو هو 
بسكم وَمَاجَعَلَ عَلِيكدرْ ف لين منَحَرَجِ 1 [سورة الحج 28] » يقول 
سيد: " وهو تكليف محفوف برحمة الله».. وهذا الدين كله 
بتكاليفه وعباداته وشرائعه ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته " 
(') ' وما يكلف الله الفئة المؤمنة هذا التكليف»ء إلا وهو يعلم 
أن فطرتها تطيقه» فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها " (). 


/5 241591١ بتصرف يسيرء وينظر أيضاً ؟/‎ 5454 /١ المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 
.5555 /5 في ظلال القرآن‎ )2( 
.١5177 /9” المصدر السابق‎ )5( 
4/ 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


- في ظلال قوله تعالى ( وَلاتْكَْكُ تَنْسَاإِلَا وسَعَهَاوَدبككبُ 
تيلخ بلك وم لالظلرة) [سورة الفومحون؟؟)]::.يقول نيذه * لقد شبزع 
الله التكاليف وفق ما يعلم من استعداد النفوس وهو محاسبهم 
وفق ما يعملونه في حدود الطاقة» لا يظلمون بتحميلهم ما لا 
يطيقون» ولا يبخسهم شيئاً مما يعملون.. والعلة في عدم طاعتهم 
ليست هي تكليفهم بما هو فوق الطاقة» إنما العلة أن في قلوبهم 
غبرة قرس الك 1101ل 

4- في ظلال قوله تعالى: ( مهما سطع وَأسْمَعوأ 
وَأَطِيِعُوأ 1 [سورة التغابن:5١]‏ » يقول- سيد-: " وهذا هتاف للذين 
آمنوا بتقوى الله في حدود الطاقة والاستطاعة» وفي القيد ' ما 
استطعتم " يتجلى لطف الله بعباده وعلمه بمدى طاقتهم في تقواه 
وطاعته» وقد قال رسول الله : 'إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما 
استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه " (')؛ " فالطاعة في الأمر 
ليس لها حدود» ومن ثم يقبل فيها ما يستطاع؛ أما النهي فلا 
تجزئة فيه فيطلب بكامله دون نقصان" 227 " فالتصور 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 477 بتصرف يسير. 
(1) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 715//5 رقم /185» ومسلم 
في الحج ؟/35لارقم .١73717‏ 
(؟) في ظلال القرآن 5/ .755٠0‏ 
158 








اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





3 


الإسلامي يُعلّم المسلم أن الله فرض عليه تكاليف واضحة» 


ونهاه عن أمور كذلك واضحة» وهذه وتلك محددة لا شبهة فيها 
ولا غبش» معلومة للإنسان» ويحاسب عليها بعد ذلك - وطريق 
المسلم أن ينهض بالتكاليف الواضحة - ما استطاع - وأن 
يجتنب النواهي المحددة كما تهيء وما كان الله - سبحانه - 
ليكلفه شيئاً يعلم أن لا طاقه له به» أو أنه ممنوع بمانع قهري 
عن النهوض بههء أو أنه مدفوع بدافع قهري لا يقاوم لإتيانه... 
وما يؤمن بالله من لا يؤمن بأن الله لا يكلفه بشيء فوق طاقته؛ 
ولا ينهاه عن شيء ليس في مقدوره الانتهاء عنه وفي هذه 
الكفاية " .)١(‏ 


الفرع الخامس: الحكمة والتعليل في أفعال الله 

وهذه المسألة من المسائل المتعلقة بأفعال الله» وما يحكم 
به في عباده قدراً أو شرعاً» وقد حصل حولها خلاف بين أهل 
السنة وبين بعض الفرق. 

وهذه المسألة كما يقول ابن القيم - رحمه الله -: " من 
أجل مسائل التوحيد المتعلقة بالخلق والأمر بالشرع والقدر" ("). 


)١(‏ خصائص التصور الإسلامي ص ١١5 -١554‏ بتصرف يسير» وينظر أيضاً: 
الإسلام ومشكلات الحضارة؛ ص 4 5. 
)١(‏ مفتاح دار السعادة لابن القيم "/ 57. 
151 





0” 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة 6ه 





والمراد بالحكمة والتعليل في أفعال الله: هل أفعال الله 
وأوامره معلّلة بالحكم والغايات؟ 

وقبل ذكر موقف سيد قطب - رحمه الله - منها يمكن 
استعراض اراء الفرق بإيجاز كالاتي: 

2-١‏ أهل السنة والجماعة: يرون أن لله تعالى فيما 
يقضيه حكماً وأسراراً قد تكون معلومة للعباد» وقد تكون خفية 
عنهم» وأن أفعال الله سبحانه تعلل بالحكم والغايات الحميدة 
التي تعود على الخلق بالمصالح والمنافع» ويعود إلى الله تعالى 
حبه ورضاه لتلك الحكم؛ وهذه الحكم مقصودة» ويفعل لأجل 
حصولهاء كما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة " ('). 
؟- المعتزلة: يثبتون الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى؛ 

لكنهم يوجبون على الله بمقتضى الحكمة أموراً» ويمنعون 
عليه أموراً لمخالفتها مقتضى الحكمة في زعمهم وبمحض 
عقولهم 2 


)١(‏ ينظر: فتح الباري لابن حجر »45٠ /١5 +77١ /١‏ ومنهاج السنة لابن تيمية 
0 ؛ والقضاء والقدر للمحمود ص8 : ”؛ والحكمة والتعليل في أفعال الله د / 
محمد ربيعء ص .5١‏ 

)١(‏ المغني في أبواب العدل والتوحيد» القاضي: عبد الجبارأحمد الهمذاني» تحقيق: 
النجار» طبعة القاهرة عام 77/25١ه»‏ كتاب التكليف 11/8 وما بعدهاء والقضاء 

0008 








لك الأشا عكره :يرون أن أفعال الله لا تتوقف على 


الحكّم؛ بل الحِكّمٌ مترتبة على الأفعال وحاصلة عقيبها فهي 
ليست مقصودة ومطلوبة بالفعل .)١(‏ 

4- الفلاسفة والجهمية: ينفون الحكمة والتعليل في 
أفعال الله ويقولون: إن الله تعالى خلق المخلوقات وأمر 
بالمأمورات لا لعلة ولا لداع ولا باعث؛» بل فعل ذلك لمحض 
المشيئة وصرف الإرادة(") ْ 

قف سيد قطب من الحكمة والتعليل في أفعا 
الله 

يرى سيد قطب حرحمه الله- أن الله تعالى فاعلٌ مختار» 
وأن فعله عن علم وحكمة» وأن حكمته موافقةً لمشيئته سبحانه؛ 
وأن الحكمة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي» وأن الواجب 


والقدر للمحمود ص 2757 5 5 ”2 والحكمة والتعليل في أفعال الله؛ د / محمد ربيع 
ص 5ه. 

)١(‏ انظر: المحصول للرازي» تحقيق د/ جابر العلواني» مؤسسة الرسالة» بيروت» 
ط”ء عام ١51١ه»‏ 2197/5 ونهاية الأقدام للشهرستاني ص 7537» وشرح 
المواقف للإيجي ص 55"» والإرشاد للجويني ص18 "وما بعدهاء والحكمة والتعليل 
د / محمد ربيع ص 55. 

(5) الإشارات لابن سيناء» 7/ ١٠5١؛‏ وشرح الإشارات للطوسي ”/ 2١5١‏ ومجموع 
فتاوى ابن تيمية // ؛ 5» والقضاء والقدر د / عبد الرحمن المحمود ص": ؟. 

0 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





التسليم سواءً عرفنا الحكمة أو لم نعرفهاء كما أنه من الأدب في 
حق الله تعالى عدم السؤال عن الحكم والغايات الخفية وعدم 
الجزم بشيء لم يُنص عليه أنه حكمة وعلة. 

ويمكن بيان موقفه هذا من خلال النقاط الآتية: 

-١‏ يقرر سيد أن وراء كل حدث وكل حُكم علة 
وحكمة لله سبحانه» وليس من الضروري إدراكها حتى نؤمن بها 
فيقول: " وكل شيء عند الله بمقدارء وكل أمرٍ مرهونٌ بوقته 
المرسوم؛ وإنما تقع في مواعيدها وفق حكمة الله الأزلية التي 
تضع كل شيء في مكانه» وكل حدث في إبانه " )١(‏ 

ويقول عند حديثه عن الحكمة من الإفطار في السفر 
والمرض بعد أن قرر أن العلة هي إرادة اليسر بالناس: " ونحن 
لاندري حكمة الله كلها في تعليقه - أي الفطر- بمطلق 
المرض والسفر إطلاقاً فقد تكون هناك اعتبارات أخرى يعلمها 
الله» ويجهلها البشر.. وما دام الله لم يكشف عن علة الحكم 
فنحن لا نتأولهاء ولكن نطيع النصوص ولو خفيت علينا 
حكمتهاء فوراءها قطعاً حكمة؛ وليس من الضروري أن نكون 


نحن ندركها.. 


51171١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ع1‎ 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





والأولى على كل حال أن نأخذ الأمور بالصورة التي 
أرادها الله في هذا الدين فهو أحكم منا وأعلم بما وراء رخصه 
وعزائمه من مصالح قريبة وبعيدة» وهذا هو جماع القول في هذا 
المع 0 
وينتقد بعض المفكرين الإسلاميين - قديماً وحديثاً - 
الذين يجعلون للعقل سلطة الحكم النهائي في قضايا الدين؛ 
ويقرر أن الدين من عند الله ثم يقول: " وبالتالي متى أصبحت 
هذه القاعدة الكبرى مسلماً بهاء أصبح من منطق الإدراك 
البشري أن يسلم بعد ذلك تلقائياً بكل ما ورد في هذاء ولا يهم 
عندئذ أن يرى "المصلحة " متحققة فيه في اللحظة الحاضرة؛ 
فالمصلحة متحققة حتماً ما دام من عند الله " 20). ' فحكمة 
الخالق قد تدرك بعد مراميها وقد لا تدرك» دون أن ينفي عدم 
إدراكنا لها وجودها " (). 
؟- أنه ليس من الأدب مع الله الإغراق في البحث عن الحكم 
- أو قصرها على حكمة معينة بناءً على تصور العقل 
البشريء والجزم بأنها هي العلة دون أن يكون عليها نص 


)١(‏ المصدر السابق ١511-١154 /١‏ بتصرف. 

(2) في ظلال القرآن ”/ 777. 

.555 1/١09 1740١ /” المصدر السابق‎ )5( 
0 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





صريح. يقول - رحمه الله -: " إن بعض الباحثين في 
حكمة التشريعات والعبادات الإسلامية» يندفعون أحياناً في 
تعليل هذه الأحكام»؛ بصورة توحي بأنهم استقصوا هذه 
الحكمة» فلم يعد وراء ما استقصوه شيء» وهذا منهج غير 
سليم في مواجهة النصوص القرآنية والأحكام التشريعية؛ ما 
لم يكن قد نص على حكمتها نصّء وأولى أن نقول دائماً: 
إن هذا ما استطعنا أن نستشرفه من حكمة النص أو الحُكُم؛ 
وأنه قد تكون دائماً هنالك أسرار من الحكمة لم يؤذن لنا في 
استجلائها! وبذلك نضع عقلنا البشري - في مكانه - أمام 
النصوص والأحكام الإلهية» بدون إفراط ولا تفريط. 
أقول هذا - لأن بعضنا - ومنهم المخلصون - يحبون أن 
يقدموا النتصوص والأحكام الإسلامية للناس» ومعها حكمة محددة؛ 
مستقاة مما عرفه البشر من واقعهم؛ أو مما كشف عنه " العلم 
الحديث " وهذا حسن - ولكن في حدود - ما أشرنا إليه .)١('‏ 
وعند حديثه عن عدم فرض الجهاد في مكة» يقول: يا 
حكمة هذا - أي عدم فرض الجهاد في مكة - فلسنا في حلٍ 
من الجزم بهاء لأننا حينئذِ نتألى على الله ما لم يبين لنا من 
حكمة» ونفرض على أوامره أسباباً وعللآء قد لا تكون هي 


)000 المصدر السابق ”/ 555. 


37: 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الأسباب والعلل الحقيقية» أو قد تكون» ولكن يكون وراءها 
أسباب وعلل أخرى لم يكشف لنا عنهاء ويعلم - سبحانه- أن 
فيها الخير والمضلحة. 

وهذا هو شأن المؤمن أمام أي تكليف» أو أي حكم في 
شريعة الله - لم يبين الله سببه محدداً جازماً حاسماً - فهمها 
خطر له من الأسباب والعلل لهذا الحكم أو لذلك التكليفء أو 
لكيفية تنفيذ هذا الحكم» أو طريقة أداء ذلك التكليفء مما يدركه 
عقله ويحسن فيه» فينبغي أن يعتبر هذا كله مجرد احتمالء ولا 
يجزم - مهما بلغت ثقته بعلمه وعقله وتدبره لأحكام الله - بأن 
مارآه هو حكمة» هو الحكمةٌ التي أرادها الله - نصاً وليس 
وراءها شيء» وليس من دونها شيء. 

فذلك التحرج هو مقتضى الأدب الواجب مع الله 
ومقتضى ما بين علم الله ومعرفة الإنسان من اختلاف في 
الطبيعة والحقيقة» بهذا الأدب نذكر ما يتراءى لنا من حكمة 
وسبب» على أنه مجرد احتمال» وندع ما وراءه لله» لا نفرض 
على أمره أسباباً وعللاً لا يعلمها إلا هوء ولم يحددها هو لنا 
ويطلعنا عليها بنص صريح. الم 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/ ١5 -1١7‏ بتصرف يسير. 
1 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





وعند الحديث عن تحريم الخمر يقول: "ولا نريد أن ندخل 
في الجدل الذي آثاره المعتزلة حول الحكم بأن الخمر رجس» 
هل هو ناشئ عن أمر الشارع - سبحانه - بتحريمهاء أم أنه 
ناشئ عن صفة ملازمة للخمر في ذاتهاء وهل المحرمات 
محرمات لصفة ملازمة لهاء أم أن هذه الصفة تلزمها من 
الإسلامي. 

والله حين يحرم شيئاً - يعلم - سبحانه - لم حرمه؛ سواءً 
ذكر سبب التحريم أو لم يذكر» وسواء كان التحريم لصفة ثابتة 
في المحرم»ء أو لعلةٍ تتعلق بمن تناوله من ناحية ذاته أو من 
ناحية مصلحة الجماعة. 

فالله سبحانه هو الذي يعلم الأمر كله؛ ولا يقولن أحد: إذا كان 
التحريم لصفة ثابتة في المحرم فكيف أبيح إذن قبل تحريمه!! فلا بد 
أن لله - سبحانه - حكمة في تركه فترة بلا تحريم» ومرد الأمر كله 
إلى الله» وهذا مقتضى ألوهيته حسبحانه -. 

واستحسان الإنسان واستفتاحه ليس هو الحكم في الأمرء 
وما يراه علة قد لا يكون هو العلة» والأدب مع الله يقتضي تلقي 


ع1 


اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





أحكامه بالقبول والتنفيذ» سواء عُرِقَت حكمثها أو علتها أم ظلت 
خافية والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ('). 
"- للمؤمن أن يقف عند الحِكّم والعلل التي جاءت صريحة في 
بعض الأحكام والنتصوص» وأن يستشرف بعض الحكم مما 
ليس منصوصاً عليه صراحة لكن في ظل الضوابط السابقة. 
ومن أمثلة تعامل سيد مع النوعين السابقين ما يأتي: 
أ - الإيمان والتسليم بالحكم المذ : ومن 
الأمثلة: 
الأول: قوله تعالى: ١‏ وَمَا حَلَنَتُ لْذْنَوَاَلانيَ إلا يمدو ) 
إسورة الذاريات:57] » حيث يقول سيد: " وهذا النص الصغير 
يحتوي على حقيقة ضخمة هائلة.. ذات جوانب متعددة أول هذه 
الجوانب: أن هنالك غاية معينة لوجود الجن والإنس» تتمثل في 
وظيفة من قام بها فقد حقق غاية وجوده» ومن قصر فيها أو 
نكل عنها فقد أبطل غاية وجودة.. وهي العبادة " ('). 
الثاني: قوله تعالى: (ومَا جَمَلَْا الْتبَلهَ لكت عَكيْ]إِلَا تَعْلَمَ من 
يب ألرَسُولَ مِمّن يَنَقبُ عَلَ عَقِبَيَهِ 1 [سورة البقرة:"4 ]١‏ . حيث يقول 


06. 


يفيذ: " لقة كان كحويل! القيلتة أولا حق القعمة التى اسهد 


.3178 /” في ظلال القرآن‎ )١( 
.١781/ /5 في ظلال القرآن‎ )"( 
ف‎ 





اسيك قطي ومنعجة فى العقيدة /22 





الأقصى لحكمة تربوية أشارت إليها الآية» فقد كان العرب 
يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم» ويعدونه عنوان مجدهم 
القومي» ولما كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله وتجريدها 
من التعلق بغيره وتخليصها من كل نعرة وكل عصبية لغير 
المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة».. فقد نزعهم نزعاً من 
الاتجاه إلى البيت الحرام» واختار لهم الاتجاه - فترة - إلى 
المسجد الأقصىء ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية.. 
وليطهر من يتبع الرسول اتباعاً مجرداً من كل إيحاءٍ آخر؛ 
إتباع الطاعة الوائقة الراضية المستسلمة» ممن ينقلب على 
عقبيه اعتزازاً بنعرة جاهلية. حتى إذا استسلم المسلمون واتجهوا 
إلى القبلة التي وجههم إليها الرسول يَيْء وفي ذات الوقت بدأ 
اليهود يتخذون من هذا الوضع حجة لهم؛ صدر الأمر الإلهي 
الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام».. فتوجه المسلمين فترة إلى 
المسجد الأقصى كان لحكمة خاصة كما سبق وتحويلهم إلى 
المسجد الحرام كان لحكمة التميز عن اليهود والنصارى أيضاً ' 
0 

ب - الأمور التي لا تبدو لنا حكمتها نصاً هي على 


.١77-175/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
07/1 





سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


١‏ - أمور لا يمكن إدراك العلة والحكمة فيها: وفي هذه الحالة 
يجب على المؤمن التسليم بها دون خوض أو سؤال عن العلة؛ 
وقد ذكر سيد - رحمه الله - من أمثلة ذلك: 

قوله تعالى: ( عَلَيْهَا تسْعَة عَشَرَ » »)١(‏ يقول سيد: ' 
فأما المؤمنون فقد تلقوا كلمات الله بالتسليم اللائق بمن وثق 
بربه» فلم يعد يماري في خبره وقوله؛ وأما المشركون فتلفقوا هذا 
العدد بقلوب خاوية من الإيمان والتوقير لله.. وراحوا يتهكمون 
عليه ويسخرون منه.. عند ذلك نزلت الاآيات التالية تكشف عن 
حكمة الله من ذكر هذا الجانب الغيبي وذكر هذا العدد (وََاجَمَ 
عب ار ِل تيك ماجسنا كتف ب َه يَلَدنَكَفَروا 1.. فهم لا يعرفوا 
مواضع التسليم ومواضع الجدل» وما دام هذا الأمر غيبياً» فلا 
مجال للجدل فيه.. 

أها لماذا كانوا شبعة عشر "أي كان مدلول هذا الغدد: " 
فهو أمر يعلمه الله» الذي خلق كل شيء بقدرء وهذا العدد كغيره 
من الأعداد» والذي يبغي الجدل يمكنه أن يجادل وأن يعترض 
على أي عدد آخر وعلى أي أمر آخر بنفس الاعتراض» لماذا 
كانك السماوات سيعا» لماذا كان خلق الإنسان من صتلضبال: 
وخلق الجان من مارج من نار؟ لماذا كان حمل الجنين تسعة 


.". سورة المدثرء الآية‎ )١( 
417 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


أشهر ؟ لماذا تعيش السلاحف آالاف السنيت؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ 
والجواب: لأن صاحب الخلق والأمر يريد ويفعل ما يريد هذا 
هو فصل الخطاب في مثل هذه الأمور " .)١(‏ فالله لا يسأل 
هنا نفدل 

ب- ما يمكن إدراك بعض حكمه: وهنا يقف المؤمن 
عندها لكن دون جزم بأنها هي وحدها ومن الأمثلة على ذلك: 

قوله تعالى: ( وَلَاتَكحوَاْمَانَكَمَ بآ وْكُم يت اليس إِلَّامَا 
قد سَلَفَ إِنَهُه كان فَحِمَدٌ وَمَقْكّا وَمسَآءَ مكبيللا ؟ [سورة النساء:؟؟] ؛ 
يقول سيد: " ويبدو لنا في حكمة هذا التحريم ثلاثة اعتبارات» 
وان كنا نحن البشر لا نحيط بكل حكمة التشريع» ولا يتوقف 
خضوعنا له وتسليمنا به» ورضاؤنا إياه على إدراكنا أو عدم 
إدراكنا لهذه الحكمة» فحسبنا أن الله قد شرعه لنستيقن أن وراءه 
حكمة وأن فيه مصلحة. 

نقول: يبدو لنا من حكمة هذا التحريم ثلاثة اعتبارات: 

الأول: أن امرأة الأب في مكان الأم. 

الثاني: ألا يخلف الابن أباهء فيصبح في خياله نداً» وكثيراً 
ما يكره الزوج زوج امرأته الأول فطرة وطبعاً» فيكره أباه ويمقته. 


.7715/4 في ظلال القرآن 758/5" بتصرف» وينظر أيضاً‎ )١( 
9. 








سيت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





الثالث: ألا تكون شبهة الإرث لزوجة الأب» الأمر 
الذي كان سائداً في الجاهلية» وهو معنى كريه يهبط 
بإنسانية المرأة والرجل سواء. 
لهذه الاعتبارات الظاهرة - ولغيرها مما يكون لم يتبين لنا 
حاجعل. هذا العمل شتيعا.. وفاحشة ويقتا 00 
وينظر أيضاً كلام سيد عن الحكمة من تأخير العذاب للمشركين 


وغيرها 0 


الفرع السادس: الأجل والتقدير 

تواترت الأدلة من الكتاب والسنة على أن الآجال مقدرة 
معلومة» وأنها لا تغيّر ولا تبِدَّلء ولا يُزاد فيها ولا يُنقصء قال 
تعالى (يكَلْ أيقِ ونا جص لل اليتون مامد ميوت [سورة 
يونس:41] » وقال تعالى: إِلِكُيٍّ مَل حِنَابٌ 1 [سورة الرعد:8"] ؛ 
وغيرها. 

وفي الحديث أن أم حبيبة (") رضي الله عنها - قالت: 


21 ١ ا ا 07 أ‎ 3 3 2 ١ 
وبأخي‎ )١( اللهم أمتعني بزوجي رسول الله» وبأبي أبى سفيان‎ 


.7017 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 

(5) المصدر السابق 7251/6 7. 

(؟) هي: رمله بنت أبي سفيان بن صخر» ولدت قبل البعثة ب ١7‏ سنة هاجرت مع 

زوجها إلى الحبشة» ثم ارتد وتنصر وثبتت هي فأبدلها الله خيراً منه رسول الله » 
م4 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





معاوية» فقال النبي 5ة: قد سألت الله لآجالٍ مضروبة وأيام 
معدودة» وأرزاق مقسومة» لن يعجل شيئاً قبل حله ولن يؤخر 
شيئاً عن حله؛ ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في 
النار وعذاب في القبر كان خيراً وأفضل " (). 

فالله قدر وقضى أن هذا يموت بالمرض وهذا بالقتل وهذا 
بغيره من الأسباب» فالمقتول ميت بأجله كغيره من الأسباب. 

وخالف المعتزلة فقالوا: المقتول مقطوع عليه أجله» ولو لم 
يقتل لعاش إلى أجله» فكأن له أجلان» وهذا باطل لأنه لا يليق 
أن ينسب إلى الله تعالى أنه جعل له أجلاً يعلم أنه لا يعيش 
إليه البتة» أو يجعل أجله؛ أحد الأمرين كفعل الجاهل 
بالعواقب("). 

موقف سيد قطب من قضية الاجل والتقدير: 


توفيت سنة؛ 4ه انظر: الاستيعاب 5175/4 والإصابة 5918/4 وسير أعلام النبلاء 
ام . 

#6 هو: صخر بن حرب بن أمية» أبو سفيان القرشي الأموي» ولد قبل النبي‎ )١( 
بعشرين سنة» أسلم عام الفتح» وتزوج الرسول 44 ابنته أم حبيبة قبل أن يسلم» توفي‎ 
.180-110/8 سنة 5” ه انظر: الإصابة لابن حجر ؟/‎ 

(1) رواه مسلم في كتاب القدرء 577/5 ١رقم‏ 25577 وأحمد في المسند .59٠ /١‏ 

(1) شرح العقيدة الطحاوية ص 1١١1‏ -178. 

14 





تيت قطي ومنعجه فى العفيدة /و2 





قرر سيد قطب - رحمه الله - في هذه المسألة ما قررته 
النصوص الشرعية» وما عليه أهل السنة والجماعة حيث يقول: 
١‏ إن كل أمين مرهونٌ بوقته الموسوم؛ وان الأمور تقع في 
مواعيدها وفق حكمة الله الأزلية» التي تضع كل شيء في مكانه 

١ 1 3 4 2 6. ٠. 
.)١( " ومن فيه وفق النظام المقدر المرسوم في إمام مبين‎ 

ويقول أيضاً: " إن لكل نفس كتاباً مؤجلاً إلى أجل 
مرسومء ولن تموت نفس حتى تستوفي هذا الأجل المرسوم؛ 
فالخوف والحرص والتخلف لا تطيل أجلآاً» والشجاعة والثبات 
والإقدام لا تقصر عمراً» والأجل المكتوب لا ينقص منه يوم ولا 
يزيد.. فكلٌ يموت في موعده المضروب بأجله المكتوب " (1). 
'وآذا حل الأخل شعن صناغية بقخمية إلية." 2'). 

" والنهاية واحدة: موت أو قتل في الموعد المحتوم والأجل 

.)5 1 3# 


.751١ في ظلال القرآن ه/‎ )١( 
.5 817/١ في ظلال القرآن‎ )2( 
.531//١ المصدر السابق‎ )5( 
.538 /١ (؟) المصدر السابق‎ 
لذي‎ 








7999131313131313131717-11171سيكهطي ومنمجه في العقيدة /22 


" فالموت حتمٌ في موعده المقدر» ولا علاقة له بالحرب 
والسلم» أو حصانة المكان التي يحتمي به الفرد أو قلتهاء أو 
بالتعرض للناس في الجهاد.. إنما العلاقة بين الموت والأجل» 
بين الموعد المقدر وحلول ذلك الموعد '" )١(‏ " وا لناس كلهم 
شوقن كفنا مهي الأحل 0 


.ل١5 المصدر السابق ؟/‎ )١( 
المصدر السابق ؟١/ 2"57 وينظر أيضاً ؟/755.‎ )١( 
48 








الفصل الشانسي 


منهجه في توحيد الأسماء والصفسات 
ويحتوي على أربعة مباحث: 
المبحث الأول: توحيد الأسماء والصفات بين أهل 
السنة والجماعة ومخالفيهم. 
المبحث الثاني: منهج سيد قطب في تقرير توحيد 
الأسماء والصفات. 
المبحث الثالث: منهج سيد قطب في إثبات 
الأسماء الحسنى. 
المبحث الرابع: منهج سيد قطب في إثبات 
الصفات. 





المبحث الأول 
توحيد الأسماء والصفات بين أهل السنة ومخالفيهم 


المطلب الأول 


المقصود بتوحيد الأسماء والصفات ومنهج أهل السنة فيه 

أولاً: تعريفه: 

التوحيد:_جعل الشيء واحداًء والأسماء: جمع اسمء وهو: 

العلم على الذات والصفات. 
والصفات: جمع صفة» وهي ما تقوم بالذات .)١(‏ 
وتوحيد الأسماء والصفات: هو إفراد الله سبحانه وتعالى 

بأسمائه الحسنى وصفاته العلى» التي أثبتها لنفسه» أو أثبتها له 
الرسول يلد على الوجه الذي يليق به سبحانه» ونفي ما نفاه عن 
تنه ستيحاته أن تقاه بعنة :ينول ان ع 10 

منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء 


والصفات: " هوأن يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه» أو أثبته له 


. ١١5/7 وفتاوى اللجنة الدائمة»‎ » 55 /١ بدائع الفوائد لابن القيم‎ )١( 
وأعلام السنة للحكمي مكتبة الرشد الرياض ط؛ عام‎ . 57/١ الباري لابن حجر‎ 
. 5ه ص لاه‎ 


15 





1717 7717 11 استصاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





رسوله يلد وينفى عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله و 
إثباتاً من غير تمثيل؛ وتنزيهاً من غير تعطيل؛ على حد قوله 
تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيع الببصِيرز »© (سورة 
الشورى » الآية )١١‏ 

" فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به 


نفسه وبما وصفته به رسله» نفيا واثباتأً» فيثبت لله ما أثبته 


لنفسه؛ وينفي عنه ما نفاه عن نفسه؛ وقد عُلم أن طريقة سلف 
الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات من غير تكييف 
(') ولا شفل (5) .ومق. كين 'تحريف (0)ءولة تعطيل (5). 


ممائلة ١ ١‏ ا إثباتاً بلا ت: بد وكزييا دذة ليل» فقوله 
تعالسى: كةو ةب رد للإلحاد 


)١(‏ التكييف : هو حكاية كيفية الصفة » وأنها على هيئة كذا وكذا » أو السؤال عنها 
)١(‏ التمثيل : هو إثبات مثيل للشيء » والفرق بينه وبين التشبيه » أن التشبيه يقتضصي 
المشابهة أو المساواة في أكثر الصفات ٠‏ والتمثيل يقتضي المماثلة أو المساواة من كل 
وجه » وقد يطلق أحدهما على الآخر . 

(") التحريف » التغيير » ويقصد به » تغيير النص لفظأً أو معنى . 

(:) التعطيل : نفي الصفات الإلهية أو إنكار قيامها بالذات » وهو مأخوذ من العطل 
الذي هو الفراغ والترك ٠‏ وهذه التعريفات مستقاة من : شرح الواسطية لهراس ص ١؟-‏ 
»١‏ وفتح رب البرية بتلخيص الحموية لابن تيمية ص 554- 55 . 

1 /1/ 








,)١( والتفظيل!‎ 


المطلب الثاني 


المخالفون لمنهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء 
والصفات 

المخالفون لأهل السنة والجماعة في باب الأسماء 

والصفات طوائف عديدة؛ خلاصة أقوالهم كما يأتي ('): 
-١‏ الجهمية: وهم طائفتان: 

الأولى: الغلاة منهم- ومعهم الباطنية والقرامطة-: وهم 

الذين يصفون الله بالسلوب المحضة:» فيسلبون عنه النقيضين» 
فيقولون لا موجود ولا معدوم» ولا حي ولا ميت... وهكذا. 

الثانية: الذين يثبتون ذاتاً مجردة عن الصفات» أي يثبتون 

وك ذا طلقا يتحرط الاطتلاق» قيتسورن: السماءوالصيسفات؛ 


ويصفونه بالسلوب. 


27١-٠7١ وشرح الواسطية لهراس ص‎ »72١5 الرسالة التدمرية لابن تيمية ص‎ )١( 
.58 وأعلام السنة للحكمي ص /اه-‎ 

)١(‏ ينظر في ذلك : مقالات الإإسلاميين للأشعري 191-9597١71‏ 17م 
والفرق بين الفرق للبغدادي ١15‏ ., والملل والنحل للشهرستاني ي /١‏ "41- 74- /الم- 
٠١5 -18١4 -45 -48‏ . ومجموع فتاوى ابن تيمية 5/ 21١١-١١‏ وشرح 
الطحاوية ص 57 وما بعدها » والأسماء والصفات للأشقر ص ١55‏ . 

14 








؟ - المعتزلة: وهم قسمان: 
الأول: من ينفون الصفات ويثبتون الأسماء على أنها 
أعلام محضة تدل على الذات. 
الثاني: من ينفون الصفات؛ ويثبتون الأسماء على أنها 
بمعنى متعلقاتهاء فالسمع بمعنى المسموع والبصر بمعنى 
المبصر.. الخ. 
وحاصل مذهبهم نفي الصفاتء أما الأسماء فهي عندهم 
مترادفة لا تدل على صفة وإنما تدل على الذات فقط. 
- الأشاعرة: وهم يثبتون الأسماءء أما الصفات فلهم 
فيها قولان: 
الأول: إثبات سبع صفات - وهي التي يسمونها العقلية - 
وهي العلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والحياة؛ 
ويسمونها أيضاً صفات المعاني. 
الثاني: التفويضء وهو التصريح بعدم معرفة معناها 
وكيفياتهاء فهي مجهولة المعنى مجهولة الكيف. 


418 





4- المشبهة الممثلة: وهم الذين غلوا في جانب 
الإثبات» فمثلوا صفات الله بصفات خلقه فقالوا: لله يدان كأيدي 
المخلوقين» وسمع كسمع المخلوقين... الخ» وهؤلاء جماعة من 
الشيعة الغالية (')؛ ويلحق بهم الكرامية ()" (). 
والملاحظ عند الفرق السابقة أنها قسمان: 

قسم غلا في التنزيه حتى وقع في النفي والتعطيل؛ وقسم غلا في الإثبات حتى 
وقع في التشبيه والتمثيل. فالنفاة أحسنوا في التنزيه» وأساءوا في نفي 
المعاني الثابتة لله» والمشبهة أحسنوا في الإثبات» وأساءوا في التشبيه 
6 

أما أهل السنة فقد أخذوا الحسنين عن الفريقين وتركوا السيئتين فأثبتوا ونزهوا. 


(1) وفع ة انكية: امنحاب مايق :لمعيه والحزاليتينة» إتناغ هسام دق يناك 
الجواليعي. الراقحبي + والبودسيةة أجاع جرسن:القمي والشسيطانية< تناع شبيطان 
الطاق . 

(5): أتباع محمد بن كرام السجستاني . 

9 الزشالة الفحفيه لابن كبنيية عع ”ناوشر الرافسظية لمرلئن ملاسو 
وأعلام السنة للحكمي ص /اه- 58. 

(4) اتكلى :شرج العقيدة اللتحاوية هن 512: 

13 








المبحث الثاني 


منهج سيد قطب في تقرير توحيد الأسماء والصفات 

قبل بيان منهج سيد قطب في تقرير الأسماء والصفات 
يجدر الإشارة إلى أن البعض أتهم سيداً بمخالفة منهج السلف 
في باب الأسماء والصفات» وأنه تبنى منهج الخلف القائم على 
نفي أو تأويل الصفات :)2١(‏ بل صرح بعضهم أن سيداً غلا في 
نفي الصفات كالجهمية ()» وأدخله بعضهم في المعتزلة 
والأشاعرة ('). 

وكلهم يعتمدون على كلام عام أو خطأ جزيء في تفسيره 
لبعض الصفات خلافاً لما هو عند أهل السنة والجماعة» ثم 
يطلقون الحكم في نسبته تارة إلى المعتزلة وتارة إلى الجهمية 
وتارة إلى الأشاعرة! !. 

والقضايا التي استدلوا بها على نسبة سيد إلى غير منهج 


)١(‏ الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة » تأليف / سليم الهلالي » دار 
البصيرة الإسكندرية » ب . ت .» ص 5١8‏ . 
)١(‏ أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب . د / ربيع المدخلي » ص ١754‏ . 
(") المفسرون بين التأويل والإثبات للشيخ / محمد بن عبد الرحمن المغراوي » مؤسسة 
الرسالة - بيروت- ط١‏ -.؟:5اهاء م١‏ وما بعدها . 

5500 








أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات سيأتي بيانها 
كل في موضعها من هذا البحث 

لكن الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من خلال استقراء 
منهج سيد في هذا الباب هي: أن سيداً - رحمه الله - لم يتبنى 
منهج أي فرقة من الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة سواءً 
الجهمية أو الأشاعرة أو المعتزلة أو غيرهم» وكونه وافق هذه 
الفرقة أو تلك في مسألة من المسائل لا يعني بالضرورة أنه 
ينتمي لهذه الفرقة» أوأنه يتبنى منهجها في العقيدة. 

بالإضافة إلى أن سيداً - رحمه الله - نقد جميع الفرق 
الكلامية في منهج تعاملها مع الأسماء والصفات سواءً النفاة أو 
المؤولة أو المشبهة» وسواءً كانوا من متكلمي المسلمين أو من 
الفلاسفة على حدٍ سواء - كما سيأتي - وعمل على بيان منهج 
القرآن في تقرير الأسماء والصفات» وتميزه عن مناهج المتكلمين 
والفلاسفة وغيرهم. 


ومع هذا فسيد قطب - رحمه الله - بشر يخطئ ويصيب»ء والعصمة 
لمن عصم الله من أنبيائه لهذا نجد لسيد أخطاء ومخالفة لما عليه 


أهل السنة في تفسير بعض الصفاتء وهذا أمر بدهي عنده وعند 


غيره. 


وفيما يأتي بيان وتجلية لمنهج سيد قطب في باب الأسماء والصفات. 


44 





المطلب الأول 


بيان عناية الإسلام في تحديد التصور في الله وصفاته 


ركز سيد قطب - رحمه الله - في كتاباته كثيراً على 
بيان عناية الإسلام بأمر العقيدة عموماً» واهتم بتحديد التصور 
في الله تعالى وصفاته - سبحانه - وكذا بيان منهج القرآن في 
عرض الأسماء والصفات ومميزات هذا المنهج عن غيره من 
المناهج» ويمكننا بيان ذلك فيما يأتي: 

أولاً: بيان عناية الإسلام بتحديد التصور في الله 
وصفاته: 

يقول سيد: " لقد جاء الإسلام وفي العالم ركام من العقائد 
والتصورات والأساطير والفلسفات.. يختلط فيها الحق بالباطل» 
والصحيح بالزائف» والدين بالخرافة.. والضمير الإنساني تحت 
هذا الركام يتخبط في ظلمات وظنون. 

وكان التيه الذي لا قرار فيه ولا يقين ولا نورء هو ذلك 
الذي يحيط بتصور البشرية لإلههاء وصفاته وعلاقته بخلائقه؛ 
ونوع الصلة بين الله والإنسان على وجه الخصوصء ولم يكن 
مستطاعاً أن يستقر الضمير البشري على قرار في أمر هذا 


4 





الكون» وفي أمر نفسه» وفي منهج حياته» قبل أن يستقر على 
قرار في أمر عقيدته وتصوره لإلهه وصفاته... ومن ثم كانت 
عناية الإسلام الأولى موجهة إلى تحرير أمر العقيدة» وتحديد 
التصور الذي يستقر عليه الضمير في أمر الله وصفاته؛ 
وعلاقته بالخلائق» وعلاقة الخلائق به على وجه القطع واليقين. 

ومن ثم كان التوحيد الكامل الخالص المجرد الشامل؛ 
الذي لا تشوبه شائبة من قريب ولا من بعيد هو قاعدة التصور 
التي جاء بها الإسلام وظل يجلوها في الضمير» ويتبع فيه كل 
هاجسة وكل شائبة حول حقيقة التوحيد» حتى يخلصها من كل 

كذلك قال الإسلام كلمة الفصل بمثل هذا الوضوح في 
صفات الله» وبخاصة ما يتعلق منها بالربوبية المطلقة» فقد كان 
معظم ذلك الركام في ذلك التيه» متعلقاً بهذا الأمرء وبذلك ندرك 
ذلك الجهد المتطاول الذي بذله الإسلام لتقدير كلمة الفصل في 
ذات الله» وصفاته» وعلاقته بمخلوقاته» من خلال النصوص 
القرانية الكثيرة " (')' " وندرك الأهمية البالغة لوضوح؛ صفة الله 
- سبحانه - في الضمير الإنساني لإنقاذه من ذلك الركام 


5535 








توحيد الأسماء والصفات: 

يقول سيد: " إن التصور الإسلامي يقوم ابتداء على 
تعريف الناس بربهم تعريفاً دقيقاً كاملا شاملاً يعرفهم بذاته 
سبحانه» ويعرفهم بصفاته» ويعرفهم بخصائص الألوهية المتفردة؛ 
وآثارها في الكون وفي الناسء» ويتم هذا التعريف على نطاق 
واسع جداً في القرآن الكريم " (5). 

ويتم ذلك من خلال مجموعة من الأساليب القرآنية منها: 

١‏ - التعريف بالله تعالى من خلال نبذ كل تصور ليس 
من عند الله: 

يقول سيد: " يبدأ المنهج القراني في التعريف بالله تعالى 
من نبذ كل ما تصوره" الفكر البشري ' أو يتصوره - من عند 
للستت عير الت ارو كايتبيكا تداك ركفن تضت 0 و اند 
وأفعاله» وكيفيات أفعاله» وكيفيات تعلق مشيئته بالحوادث.. 

إن معرفة الله - سبحانه - في التصور الإسلامي تبدأ 
من نبذ كل الصور التي انبثقت ابتداءً من تصورات البشر 


. ١8017 /* وينظر أيضاً‎ » 78/١ المصدر السابق‎ )١( 


. بتصرف يسير‎ ١ خصائص التصور الإسلامي ص‎ )١( 
ه115‎ 








وأوهامهم عن ذات الله - سبحانه - وصفاته لتستقى مباشرة من 
تعريف الله لعباده بذاته وصفاته وخصائصه ا وكيفيات 


آخر غيرنة ذلك اله لين ندى البشار مها بر تاد ملت 
سبحانه - يعرفونه على مثاله» أو يقيسون عليه ويقيسون أفعاله 
بأفعاله أو كيفيات أفعاله بكيفيات أفعاله» والله - سبحانه - ليس 
كمثله شيء مما خلق على الإطلاقء ولا يملك الخيال البشري - 
مهما اجتهد - أن يعثر على شبيه له في صورة أو حال [ِلِيْسَ 


مو 


ئْلو - قَىغء 1 [سورة الشورى ]١١‏ » وله المكل الْدَل ) [سورة 
النحل: ٠ ]1١‏ [ فَلاتَضْرِيوأ أنَهِالْدمَتَالَ 1 [سورة النحل::"] » وبتحكيم 
هذه النصوص تسقط كل التصورات الوثنية أو الفلسفية أو 
غيرها(١).‏ 

؟ - تعريف الله نفسه لعباده بصفاته ذات الأشر في 
حياتهم ووجودهم: حيث يلمس بها مشاعرهم وقلوبهم» فيثير 
رجاءهم وطمعهم؛ وخوفهم وخشيتهم ومن ذلك: 

قوله تعالى: احم (نا تيل الكت 


5 مقومات التصور الإسلامي ص 2155 بتصرف‎ )١( 
1445 





سيد قطي ومنكجة في العقيدة 





لد اميد ؟ [سورة شافز الآيات. ود م] (1) وقوله تغالى: ١‏ 


ا 0 04 م 
٠.‏ 


ا 


1 


مل م كم حذ را ول 1ل ع و 0 
سبح ء ماف السمنوات والارض وهو العزير كيم 052 لهملك السمنوات 
ص< 4 20 عور م< 82 روحه 


لاض ق وَِِثٌ وَهْوَ لَك َوَء طَِيدُ (8) هو الأول لآير 
بايا َفيك َوء عِِمْ (5) هوَ الى حَقَ لوت وَالْارّصَ 
ف سِنَةِ أب ونح استوى عَلَ ادر يدايح في لْارْضِ وَمَاح ينا وَمَايقلُ 
مك لسوت وار ضٍْوَإِكَ لَه بجع الأموز 5 بُولِخاليَلَ فالتبَارٍ 


00014 


وَيولِجٌ التَارَ فِالْلوَهْوَ عَلِمبَاتِ أَلصُّدُورٍ 4 [سورة الحديد الآيات -١‏ 
5] » حيث يواجهه القلب البشري بهذه المجموعة من صفات الله 
- سبحانه - فيها تعريف به؛ مع الإيحاء الأسر بالخلوص له 
نتيجة الشعور بحقيقة الألوهية المتفردة " ('). 

وعموما " فالمنهج القرآاني يزحم الشعور الإنساني بحقيقة 
الألوهية» ويأخذ على النفس أقطارها جميعاً بهذه الحقيقة» وهو يتحدث 
عن ذات الله - سبحانه - وصفاته؛ وآثار قدرته وإبداعه " (). 


- تقرير صفات الله وأسمائه الحسنى من خلال بناء 


. 5054 /© في ظلال القرآن‎ )١( 
,. في ظلال القرآن ك- وكلاع؟‎ )١( 
عن‎ 








التصور الإيماني الكوني: أي من خلال عرض آثار أسماء الله 


وضيفاته التق :فئ'الكون والكيياة» إيخادا ورفاية وكذبيرا 


وإحاطة 00 

" وهكذا يمضي المنهج القرآني في توحيد الذات الإلهية؛ 
وفي تفردها بصفاتها كذلك» والقرآن كله معرض لهذا التوحيد 
والتفرد» ولا نملك المضي في الاستشهاد به على كل صفة من 
صفات الله لكن نقتصر على مواضع التركيز في هذا المنهج. 

حيث ركز المنهج القرآاني على خصائص بعينها أراد الله 
سبحانه أن يبرزهاء وهو يعرف عباده بذاته وصفاته ومن هذه 
الخصائص: خصائص الخلق والإحياء» والرزق والكفالة» 
والتدبير والقوامة والعلم والإحاطة والهيمنة» والسلطان» والبعث 
والهزافي 0017 

: - بيان عجز البشر_ عن إدراك ذات الله سبحانه أو 
إدراك كيفيات أفعاله: 

' يقرر المنهج القرآني عجز البشر عن إدراك ذات الله 
سبحانه أو إدراك كيفيات أفعاله في الكون وفيهم» ومع ذلك يقرر 
أيضاً أن الله سبحانه قريب منهم؛ سميع لهم» مجيب رحيم ودود 


. في ظلال القرآن 5/ 587" وما بعدها‎ )١( 


. 747 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
م44‎ 








ويرون آثار قدرته في الكون وفيهم " ('). 





ذات الله وأسمائه وصفاته: 

أهتم سيد قطب كثيراً بإيراز خصائص ومميزات المنهج 
الإسلامي المستقى من القرآن الكريم» فيما يتعلق بذات الله- 
سبحانه- وأسماته وأفعاله» مقارناً ذلك بما في المناهج الأخرى 
التي لم تستمد من القرآن الكريم» ومن أهم خصائص المنهج 
القرآني التي ذكرها - سيد - ما يأتي: 

)١‏ الكمال والصدق: يقول سيد: " والتصور الإسلامي 
للهء هو أكمل تصورء وأصدقه؛ لأنه وصف الله - سبحانه - 
لنفسةه ” 10). 

؟) الدقة والوسع: يقول سيد: " إن التصور الإسلامي 
عن الذات الإلهية» وصفاتها العلوية وآثار هذه الصفات في 
الكون وفي الحياة الإنسانية» هو أوسع وأدق وأكمل من كل 
تصور سابق في الديانات الإلهية» وهذا يتفق مع طبيعة الرسالة 
ومهمتها الأخيرة» ومع الرشد البشري الذي جاءت هذه الرسالة 
)١(‏ المصدر السابق » ص ١8١‏ بتصرف يسير . 


. 7079/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
418 








لتخاطبه وتوجهه» وتنشئ فيه هذا التصور الشامل الكامل بكل 
مقتضياته وفروعه وآثاره " .)١(‏ 


*) الجمال والتناسق: يقول سيد: " إن التصور الإسلامي 
لذات الله - سبحانه - وصفاته وعلاقته بالخلق وعلاقة الخلق 
به.. إن هذا التصور بكل مقوماته. جميل جمالاً أَخَّاذأَّء سواءً في 
التعبير القرآني عن الحقائق التي يقوم عليهاء أو في المشهد 
الفريد الذي يرسمه هذا التعبير لهذه المقومات في تناسقها 
الرائع. 

إن جمال هذا التصور يتمثل - أول ما يتمثل - في 
كماله» في تكامله وتناسقه» إنه ليس مجموعة قضايا منفصلة؛ 


ولا مجموعة حقائق منعزلة» إن كل حقيقة وكل مقوم فيها يؤدي 
فووة فى" الكل" " المتكامل " المتفاحئيق: 200 





يقول سيد: " والمنهج القرآني يزحم الشعور الإنساني بحقيقة 
الألوهية» ويأخذ على النفس أقطارها جميعاً لهذه الحقيقة» وهو 
يتحدث عن ذات الله - سبحانه - وصفاته» وآثار قدرته 
وابداعه» فتتمثل في الضمير البشري تلك الحقيقة» حقيقة الذات 


. 5585 /5 المصدر السابق‎ )١( 


. 4١ مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
١ 55 








الخالقنة لكل شي المالكة لكل :شيءة الفحيطة بكل قدي 
المهيمنة على كل شيء؛ المدبرة لكل شيء؛ المؤثرة في كل 
شيء» وتشغل مشاعر الإنسان وحسه؛ وضميره وعقله» وكيانه 
كله» بهذه الحقيقة وخصائصهاء وقدرتها وقوتهاء ورحمتها 
ورعايتهاء وجلالها ومهابتهاء وأنسها وقربها وإحاطتها بالكون 
والناس في كل وضع وفي كل حال... 

وهذا هو الشعور الذي يخرج به الإنسان من قراءة القرآن 
الكريم» الشعور بوجود الله - سبحانه - الذي لا يمائله وجود 
آخر وحضوره الذي لا يزايل الإنسان لحظة من ليلٍ أو نهار في 
أي وضع وفي أي حال. 

كما أنه - أي المنهج القراني- يوقع على أوتار النفس 
البشرية جميعاً» ويدخل عليها من منافذها كلهاء يوقع على أوتار 
الخوف والحذر» والرجاء والطمأنينة» والمهابة والجلال والأنس 
وألوةببووالقين والجيزوية والرأفة والزبحسة» :على أوكان الحفينه 
والغراب» والنعمة والعطاء وعلى أوتار المغايرة الكاملة بين 
الألوهية والعبودية مع الأنس والقرب بين الله وعباده؛ ويخاطب 
وجدان الجمال بما في الكون والنفس من ألوان وأطياف؛ كما 
يفاطب وجدان المكيول #العيي نوها :وراء الستان من قدو اللذ: 





ويكفل بهذا التنوع الشامل الفريد أن يخاطب الكينونة 
البشرية بجملتها.. خطاباً متفرداً يشهد بذاته على أن هذا المنهج 
من صنع الله لا يقدر على فعله سواه. 

ويشعر المتدبر لهذا القرآن أن هذا موضوعه؛ وأن هذه 
هي غايته» وكل آية فيه؛ وكل فقرة» وكل توجيه فيه وكل تعليم 
- هو في الحقيقة - جانب من جوانب التعريف بالله» تعريف 
الاش تكقيقة بذاقنة احا كه نهب ود قف منفانة علي قدرجها 
يعلم سبحانه أنهم يدركون منها ويطيقون " .)١(‏ 

د) الإيجابية والفاعلية: يقول سيد: ' يقوم تصور الإله 
عند الفلاسفة على أنه لا يفكر في شيء من مخلوقاته لأنه 
تعالى أن يفكر في غير ذاته» ويحسبون أن هذا تنزيهاً لله 
وتعظيماً له» بينما هو قطع للصلة بينه وبين الوجود الذي خلقه. 

أما التصور الإسلامي فهو تصور إيجابي لا سلبيء يقوم 
على أساس أن الله سبحانه قائم على كل شيء» وأن كل شيء 
قائم في وجوده على إرادة الله وتدبيره».. ومن ثم يظل ضمير 
المسلم؛ وحياته ووجوده؛ ووجود كل شيء من حوله مرتبطاً بالله 


الواحدء الذي يصرف الأمور وفق حكمة وتدبير " (2)5: ' 


. بتصرف يسير‎ ١153- مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
. 7”بتصرف يسير‎ 81/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








فالتوحيد الإسلامي ليس مجرد توحيد ذات الله» وانما هو توحيد 
إيجابي» توحيد الفاعلية والتأثير في الكون» وتوحيد السلطان 
والهيمنة أيضاً» ومتى شعرت النفس أن لله ما في السموات وما 
في الأرضء وأنه بكل شيء محيطهء لا يند شيء عن علمه ولا 
عن سلطانه» كان هذا باعثها القوي إلى أفراد الله سبحانه 
بالألوهية والعبادة» ومحاولة إرضائه باتباع منهجه؛ وطاعة أمره. 

بخلاف الفلسفات التي تقرر وحدانية الله ولكنها تنفي عن 
الإرادة أو العلم أو السلطان أو الملك» إلى آخر ذلك الركام 
المسمى " فلسفات "» ومن ثم كان التصور الفلسفي سلبياً لا 
فاعلية له في حياة الناس» ولا أثر له في سلوكهم وأخلاقهم؛ ولا 
قيمة له في مشاعرهم وواقعهم 00 





أشار سيد - رحمه الله - عند استعراضه لبعض الآيات 
التي فيها ذكرٌ لبعض أسماء الله وصفاته إلى أثر تلك الأسماء 
والصفات في حياة المسلم» والى أهمية استشعار إيجابية وفاعلية 


)١(‏ في ظلال القرآن 725/7 بتصرف. 
١١.7‏ 








ومعاني الأسماء والصفات الإلهية وآثارها في الكون والحياة. 


ومن هذه الآثار: 

١‏ - أن استشعار إيجابية صفات الله تعالى وفاعليتها 
يجعل الإنسان يعيش هادئ النفس» مطمئن السريرة» قرير 
الضمير» يرى يد الله في كل حادث وفي كل 0 

-١‏ أن صحة تصور الإنسان لإلهه يفيض على القلب 
السلام» فيعيش الإنسان في ثقة واطمئنان ورضى واستقرار» 
يعيش سلاماً مع النفس والضميرء ومع العقل والمنطق؛ ومع 
الناس والوجود» فلا حيرة ولا قلق ولا شرود ولا ضلال ("). 

* - أن استشعار صفات الله تعالى كما جاءت في 
التصور الإسلامي تجعل القلب البشري يعيش في حساسية 
مرهفة» وتوفز دائم» وخشية وارتقاب» وطمع ورجاء» ويمضي في 
الحياة معلقاً في كل حركة وكل خالجة بالله» شاعراً بقدرته 
وهيمنته» شاعراً بعلمه ورقابته» شاعراً بقهره وجبروته» شاعراً 
برحمته وفضله» شاعراً بقربه منه في كل حال2). 


. ١7/١ المصدر السابق‎ )١( 


. بتصرف يسير‎ ١ المصدر السابق‎ )١( 
. المصدر السابق 5 / مه”‎ 09 








4 - أن تذكير القرآن للناس كثيراً بصفات الله تعالى 
الغرض منه أن يتأدبوا منها بما يطيقون .)١(‏ ويتطلعون 
للاستمداد منها بقدر طاقتهم كي يحققوا إنسانيتهم العلياء 
ويصبحوا أهلاً لتكريم الله وللخلافة في الأرضء وكي يتأهلوا 
للحياة الرفيعة ١‏ فْمَمَحَدٍ صِدَقِعِندَمَيكتَدر ) ("). 

ه- أن استشعار معاني كل اسم وكل صفة على حدة 
يزرع في نفس المسلم أثراً. 

وقد ذكر سيد - رحمه الله - أمثلة للآثار التي تنتج من 
استشعار معاني أسماء الله - تعالى - وصفاته ومن ذلك: 

أ - استشعار" وحدانية الله " يجعل المسلم يتجه وجهة 
واحدة يستقر عليها قلبه» فلا تتفرق به السبل» ولا تتعدد به 
القبل» ولا يطارده إلهٌ من هنا والهُ من هنا - كما كان في الوثنية 
والجاهلية.. إنما هو إلهٌ واحدٌ يتجه إليه في ثقة وطمأنينة. 

ويتقرر في ضمير المؤمن وحدانية الاعتقاد» ووحدانية 
العبادة» ووحدانية الاتجاه» ووحدانية الفاعلية» من مبدأ الخلق 
إلى منتهاه» ويقوم على هذه الوحدانية منهج كامل في التفكير 
والشعور والسلوك على أساس وحدانية الإله. 


٠. المصدر السابق 0ن‎ )١( 
. 3”551/ /5 (؟) المصدر السابق‎ 








ب ح- استشعار ' قوة الله وقدرته وعزته وقهره ' يجعل 


المؤمن في أمن من كل قوة زائفة» لا يخاف أحداً أو شيئاً غير 
الله» لأنه يعبد الله القوي القادر العزيز القاهر. 

ج - استشعار " عدل الله وحكمته " يجعل المؤمن يأوي 
إلى ركن شديدء ينال فيه العدل والرعاية والأمان. 

د - استشعار أنه سبحانه ' ريب رحيمٌ ودود» منعمٌ وهابٌ؛ 
غافق للذئف» وقابل 'للقوت» محيت للذعاء كاشئف. للسوع.: يجعل 
العمل يعيش فى كنفه سيهاته امن اضل شاه كانه مركو إذا 
ضبات كفو ليق كاف 010 

ه - شعور المؤمن بأن الله وحده هو " المالك لما في 
السموات وما في الأرض " كفيلٌ بأن يطامن من حدة الشره 
والطمع» وحدة الشح والحرص» وحدة التكالب المسعور» ويسكب 
في النفس القناعة والرضى بما يحصل من الرزق» والسماحة 
والجود بالموجود» وأن يفيض على القلب الطمأنينة والقرارء في 
الوجدان والحرمان سواء» فلا تذهب النفس حسرات على فائتٍ 
أو ضائع» ولا يتحرق القلب سعاراً على المرموق المطلوب2). 


)١(‏ في ظلال القرآن "١‏ 2 كم ضكر 
)١(‏ المصدر السابق /١‏ 5484 9/1؟ه" . 
ك١‏ 








و- وشعور المؤمن بأن الله " يعلم ما بين يديه وما خلفه 
'"» شعوره بعلم الله الشامل والمحيط من شأنه أن يحدث في 
النفس رجة وهزة» وتقف النفس عارية في كل لحظة أمام بارثها 
الذي يعلم ما بين يديها وما خلفهاء يعلم ما تضمر علمه بما 
تجهرء ويعلم ما تعلم علمه بما تجهلء ويعلم ما يحيط بها من 
ماض وآتِ مما لا تعلمه هي ولا تدريه.. شعور النفس بهذا 
خليق بأن يحدث فيها هزة الذي يقف عرياناً بكل ما في سريرته 
أمام الديان» كما أنه خليق بأن يسكب في القلب الاستسلام لمن 
يعرف ظاهر كل شيء وخافيه» وبالتالي تستيقظ مراقبة الله في 
السر والعلن في ضمير المؤمن .)١(‏ 

ز - شعور المؤمن بأن الله " رحمن رحيم " ينشئ في 
حسه وفي حياته وفي خلقه آثارا عميقة يصعب تقصيها ومنها: 

- أن الشعور بحقيقة الرحمة الإلهية يسكب في قلب 
المؤمن الطمأنينة إلى ربه - حتى وهو يمر بفترات الابتلاء 
بالضراء التي تزيغ فيها القلوب والأبصارء فهو يستيقن أن 
الرحمة وراء كل لمحة وفي كل حالة وكل وضع؛ وأن ربه لا 
يعرضه للابتلاء لأنه تخلى عنه أو طرده من رحمته» فإن الله لا 


. "577 /5 5785/١ المصدر السابق‎ )١( 
00 








يطرد من رحمته أحداً يرجوهاء إنما يطرد الناس أنفسهم من هذه 
الرحمة حين يكفرون بالله» ويرفضون رحمته ويبعدون عنها! 

وهذه الطمأنينة إلى رحمة الله تملأ القلب بالثبات 
والصبرء وبالرجاء والأمل» وبالهدوء والراحة» فهو في كنف 
ودودء يستروح ظلاله. 

- والشعور بهذه الحقيقة يستجيش في حس المؤمن الحياء 
من الله» فإن الطمع في المغفرة والرحمة لا يجرئ على المعصية 
- كما يتوهم البعض - إنما يستجيش الحياء من الله الغفور 
الرحيم» والقلب الذي تجرئه الرحمة على المعصية هو قلب لم 
يتذوق حلاوة الإيمان الحقيقية» لذلك لا أستطيع أن أفهم أو أسلم 
ما يجري على ألسنة بعض المتصوفة من أنهم يلجون في 
الذنب ليتذوقوا حلاوة الحلم» أو المغفرة» أو الرحمة» إن هذا ليس 
منطق الفطرة السوية في مقابلة الرحمة الإلهية!. 

- وكذلك فإن الشعور بهذه الحقيقة على هذا النحو يؤثر 
تأثيراً قوياً في خلق المؤمن وهو يعلم أنه مأمورٌ أن يتخلق 
بأخلاق الله - سبحانه - وهو يرى نفسه مغموراً برحمة الله مع 
تقصيره وذنبه وخطئه فيعلمه ذلك كله كيف يرحم» وكيف يعفو 
وكيف يغفر". (1) 


. 30577 /5 2031١657 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
060 





717ل آل آل 2 هيت قطي ومنعجة في العقيدة 





- " وهكذا يمضي المسلم مع صفات ربه التي يعرفه بها 
الإسلام» فيجد في كل صفة ما يؤنس قلبه وما يطمئن روحه؛ 
وما يضمن معه الحماية والوقاية والعطف والرحمة والعزة 
والمنعة والاستقرار والسلام.. " .)١(‏ 


/5 وينظر أيضا في أثر الإيمان بالأسماء والصفات‎ » 3٠١7 /١ المصدر السابق‎ )١( 


515 » ومقومات التصور الإسلامي ص 2205 وخصائص التصور الإسلامي ص 
5١5٠‏ هه١‏ ع لاه١.‏ 








المطلب الثاني 


أسس توحيد الأسماء والصفات وموقف سيد قطب منها 
أولاً: أسس توحيد الأسماء والصفات عند أهل 
يقوم توحيد الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة 
على ثلاثة أسسء» من جاء بها فقد وافق الصواب؛ وكان على 
الاعتقاد الذي كان عليه النبي يآ والسلف الصالح» ومن خالفها 
فقد ضل» وهذه الأسس هي: 
١‏ - تنزيه الله - عز 
وهذا الأصل يدل عليه قوله تعالى: ليس كتَلِوء 


تَىىءٌ ‏ [سورة الشورى:١١]‏ » وقوله سبحانه وتعالى: ( وَلَمَ 
يك أَمَكُفْوًا أَحَد )1 إسورة الإخلاص:؛] » وقوله [ لا 
بوي لَْمتَالَ 1 [سورة النحل:4/] : 

؟ - الإيمان بالأسماء والصفات الثابتة في الكتاب 
ويدل على هذا الأصل قوله تعالى: ([وَهُوَ أَلسَمِيعٌ البصِير )' 


بعداقوله: (لتل كترود وق 2 : 


١١٠ 








* - قطع الطمع عن إدراك الكيفية: 
ويدل على هذا الأصل قوله تعالى: إولا حيطوت 
يهو عِلَمّا 1 [سورة طه:١٠1]‏ ' أي: لا تحيط علومهم بذاته ولا 
صفاته ولا بعلمه» وذلك لأن معرفة كيفية الصفات متوقف 
على إدراك كيفية الذات» وادراك كيفية ذات الله مستحيلة؛ 
وبالتالي فالواجب عدم التعرض للكيفيات سواء كيفيات ذات 
الله أو صفاته أو أفعاله وعدم الخوض فيهاء والوقوف عند 
حدود الشرع في هذا الباي (0): 
ثانياً: موقف سيد قطب من أسس ومقومات توحيد 
الأسماء والصفات: 
يمكن بيان موقف سيد قطب من أسس ومقومات توحيد 
الأسماء والصفات في ما يأتي: 
الأساس الأول: تنزيه الله - عر - عن 


مشا الخلق: 


/'" ءاه١‎ 65 المكتبة العلمية - بيروت - ط عام‎ ٠ انظر فتح القدير للشوكاني‎ )١( 
» »و "منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي‎ ١ 
. ص " وما بعدها بتصرف‎ » ه١‎ 5٠0١ طبعة الجامعة الإسلامية عام‎ 


١٠١١ 








هناك العديد من النصوص لسيد قطب في تقرير هذا 
الأصل - تنزيه الله عز وجل عن مشابهة الخلق- منها: 

-١‏ في معرض نقاشه لفكرة التثليث عند النصارى يقول: 
" والله - سبحانه- تعالى عن الشركة وتعالى عن المشابهة؛ 
ومقتضى كونه خالقاً يستتبع.. بذاته.. أن يكون غير الخلق» وما 
يملك إدراك أن يتصور إلا هذا التغاير بين الخالق والخلق.. 


وإلى هذا يشير النص القرآني (ِإثنا مَك وح سْبَحَعَه: ) 
لعورة الفجاء انو اانا اما ويتدية كيدا وكدة" الكاموين #ووهدة 
الخلق» ووحدة الطريقة» ويشهد بذلك العقل البشري ذاته؛ 
فالقضية في حدود إدراكه» فالعقل البشري لا يتصور خالقاً يشبه 
مخلوقاته " ('' " ولهذا عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة 
وحدانية الله سبحانه» وحدانية لا تتلبس بشبهة شرك أو مشابهة 
في صورة من الصورء عني بتقرير أن الله - سبحانه - ليس 
كمثله شيء» فلا يشترك معه شيء في ماهية ولا صفة ولا 


خاصية " 09 


. 81١5 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
. 8١1/5 المصدر السابق‎ )١( 
. 8١8/7 (؟) المصدر السابق‎ 
0.00 








5 ويقول أيضاً::" وتنفرد الذات الإلهية بخضائض لا 
يشاركها البشر في شيء منها ولو كان هذا البشر محمداً رسول 
الله وحبيبه ومصطفاه م عليه صلوات الله وسلامه ' ع0 0 


ولنين جعة, :هذ | تتتزئة فهرو لذات للدت ناته ت كديا تحينه 
عن ذوات العييد '1(7). 

- ويقول أيضاً " ثم تفرد هو - سبحانه - دون خلقه 
جميعاًء فليس هناك من شيء يمائله - سبحانه وتعالى -: ( 
يس كِغْزِو كن : والفطرة تؤمن بهذا بداهة» فخالق الأشياء 
لا تمائله هذه الأشياء التي هي من خلقه ' (). " فالله تعالى 
ليس كمثله شيء» ومن ثم يرتفع كل شبه من الخصائص التي 
تتميز بها حياة الأشياء " (؟). 

4- ويقول في ظلال قوله تعالى: | وَلَمَ َك لَمكموًا 


ج23 4 السوزة الإفاخض:4] 4" أي ثم يوجد له ممائل أو مكافية 


١ 


م١‎ 


. ١57١/7 المصدر السابق‎ )١ 
.١١١١/” المصدر السابق‎ ) 
. 5١55 /© المصدر السابق‎ ) 
. 781/ /١ المصدر السابق‎ ): 


0 
م 


) 
) 
) 
) 


١٠١7 








لا في حقيقة الوجود»ء ولا في حقيقة الفاعلية» ولا في أي صفة 


من الضفات الذاثية» وهذا يتحقق بأنه " أحد 5 .)١(‏ 

ه- ويقول: " إن الله سبحانه ذات واحدة» متفردة الصفات 
لا نظير لها ولا شبيه: 

(شهو أئةلحدٌ هتمذ (6: جرد وت كذ () 
وَلَمْ يك لَوَكُمُوًا لَحَد ) [سورة الإخلاص الآيات -١‏ 4] . 

١‏ لذن اوت بالتخرة مكل الَو ونه المَدَل الل وَهْوَ لْمَريدُ 
لْحكِمٌ 1 إسورة النحل:0٠1]‏ . 

ره 7 حي تن 1 و يحصو 


لَ إن الله يعلد وأنشرلا مَعَلمُوْنَ 1 إسورة 


[ مََاضرهوأ يهلم 
النحل: :ل/"] . 
ليس كُِْو سَى» وَهْوَ َلسَمِيعٌا 

. ]١١:ىروشلا‎ 

[رَبُ لسوت وَالْارضِ وَمَايَيتمَا َأعْبذْه واضَطَرٌ لسريو هل تَعَلوٌ 
سيا 1 [سورة مريم:15] . (5) ” 

' وهكذا يمضي المنهج القراني في توحيد الذات الإلهية؛ 
وفي تفردها بصفاتها كذلك» والقرآن كله معرض لهذا التوحيد 


ضير ) بور 


0 


له 


١١١+ 








والتفرد» فلا نملك نحن المضي في الاستشهاد به على كل صفة 
مق .فاتك الل سسيحاته )١(:*‏ فيد رحمة اله اروكذ فيا 
سبق على تنزيه الله سبحانه وتعالى عن مشابهة المخلوقين 
وهناك نصوص أخرى أيضاً في تنزيه الله عمّا لا يليق به 
نجحاتة مق الصبفات والتحوال متل: 
تنزهه سبحانه عن الولد والصاحبة (") وتنزهه عن السِنَةٍ 


. ؟ 2 1 2 2 1 :. 
والنوم (')؛ وتنزهه سبحانه عما لا يليق بألوهية عموماً حيث 


يقول سيد - رحمه الله -: " فنحن على هُدَىَ من الله ونورء 
نعرف طريقنا جيداًء ونسير فيها على بصر وادراك ومعرفة» لا 
نخبط ولا نتحسس ولا نحدس» فهو اليقين البصير المستنير» ننزه 
الله - سبحانه - عما لا يليق بألوهيته» وننفصل وننعزل ونتميز 
عن الذين يشركون به " (5). 

الأساس الثاني: الإيمان بالصفات الثابتة وعدم 


عع 


التعرض لنفبها أو تأ 


. 757 مقومات التصور ص‎ )١ 
.1١8.05 /9 2035506 ١ ؟) في ظلال القرآن‎ 
. 3556 /5 2 5841/ /١ » '"؟) المصدر السابق‎ 
5 /5 » في ظلال القرآن‎ ): 


) 
) 
) 
) 


١.١ ه‎ 








وهذا هو الأصل الثاني عند أهل السنة والجماعة بعد 
القزية المطلق الله سيكاتة» .حيتت :يومتون يما ورد :فك أسماء الل 
وصفاته في الكتاب والسنة» ويثبتونها على الوجه اللائق به - 
سبحانه - دون التعرض لنفيها. وقد مر معنا أن النفي على 
مراتب وأقسام: 
- منها نفي الأسماء والصفات وتعطيل الذات عنهاء كما فعل 
غلاة الجهمية. 
- ومنها نفي الصفات مع إثبات الأسماء على أنها أعلام 
محصنة تدل على الذات» كقول غلاة المعتزلة. 
- ومنها نفي معاني الصفات وتأويل حقيقتها التي يدل عليها 
لفظ الصفة كقول المعتزلة سميع بلا سمع 
- ومنها نفي بعض الصفات واثبات البعض الآخر كما 
هو الحال عند يعحن الأشاعرة: 
ومن خلال استقراء كلام سيد - رحمه الله - في هذا 
الباب نجد أنه يتبت الأسماء والصفات لله سبحانه وتعالى.. وإن 
كان له كلام موهم أو تفسير لبعض الصفات خلافاً لتفسير أهل 
السنة والجماعة لها.. كما سيأتي إيضاحه - عند استعراض 
موقفه من كل صفة:» إلا أنه من حيث الأصل يثبت ما ورد به 


الشرع من الصفات الإلهية على وجهها دون التعرض لنفيهاء 


١ ا‎ 





ويمكن بيان موقفه من الإيمان بالصفات واثباتها ونقده للنفاة 
وأهل التأويل فيما يأتي: 


أولاًء موقف سيد قطب من إثبات الصفات وعدم 
التعا بالنفي: 

١‏ -يقررسيد - رحمه الله - أن الصفات الإلهية متعلقة 
بالذات» وأنها قديمة قدم الذات فيقول: ' إن الله يمنح العباد من 
رعايته» ويفيض عليهم من رحمته؛ ويغمرهم بسابغ فضلة... لأن 
هذه صفاته المتعلقة بذاته» لا لحاجته إليهم " .)١(‏ 

وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ لَوْأَرَدن أن تيد ها لَدححَذْنَهُ من 
لَدْنَآإن كُنَا فَعلِنَ 1 [سورة الأنبياء:17] ' يقول: ' ولن يكون 
لأن الله لم يرده ابتداءً.. إنما هو فرض جدلي لتقرير حقيقة 
مجردة» هي أن كل ما يتعلق بذات الله - سبحانه - قديمٌ لا 
حادث» وباق غير فان... لأنه يتعلق بالذات الأزلية الباقية " 
0000008 ا 

؟ يثبت - رحمه الله - الصفات بمعانيها الدالة عليها 
وما تتضمنه: فيقرر أن الله تعالى سميعٌ يسمع القول» بصيرٌ 


. المصدر السابق 7177/5 بتصرف‎ )١( 
في ظلال القران ل"‎ )١( 
١٠.1/ 








يرى» عليمٌ يعلم ما في القلوب والأفئدة» رحيم استغرقت رحمته 
كل شيء.. وهكذاء خلافاً لمن نفى الصفة أو معناها من 
المخالفين لأهل السنة. 

يقول - رحمه الله -.: ' ومع أنه ليس كمثله شيء» فإن 
الضلة بينه وبين ها خلق ليست منقظعة لهذا الاختلاف الكامل» 


فهو يسمع ويبصر وهو السميع البصير» ثم يحكم حكم السميع 
التضيون؟ ١0‏ وتقوق: أيهيا 7" تله كانه سمفاكة أو امعماءه 
الخضقىء ولكن” البشر لا يملكونت إدراك "كيفنة " هذه الضصفات؛ 
فهو سبحانه سميع يسمع» بصير يرىء عليم يعلم» ولكن البشر 
لا يدركون كيفية شيء من ذلك بالقياس إليه - سبحانه -» فالله 
لد ل 0 

ويقول أيضاً مقدمة سورة الإسراء: " والسياق ينتقل في آية 
الافتتاح من صيغة التسبيح لله " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ' 
إلى صيغة التقرير من الله " لنريه من أياتنا " إلى صيغة 
الوصف لله " إنه هو السميع البصير "» وفقاً لدقائق الدلالات 
التعبيرية بميزان دقيق حساسء فالتسبيح يرتفع موجهاً إلى ذات 
الله سبحانه» وتقرير القصد من الإسراء يجيء منه تعالى نصاًء 


. 5١55/5 المصدر السابق‎ )١( 


. 775 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١٠١18 








والوصف بالسمع والبصر يجيء في صورة الخبر الثابت ذاته 
الإلهية» وتجتمع هذه الصيغ المختلفة في الآية الواحدة لتؤدي 
دلالاتها بدقة كاملة ". " إنه هو السميع البصير " يسمع ويرى 
كل ما لطف ودق وخفي على الأسماع والأبصار من اللطائف 


ويقول أيضاً: " إن هناك فارقاً بين الإنسان الذي يرى أن 
إلهه هو " الطبيعة " الخرساء الصماء... والإنسان الذي يعرف 


أن المع الله ' "الحي الذي لا يموت» الصمد المقصود في 
الحاجات الرقيب الذي لا يغفل» الحسيب الذي لا ينسى العادل 
الذي لا يظلم» الرحيم الذي لا يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف 
الشوعة إلى آخز صفات الله واسمافه الكوي 007 

وينقل عن أبي الحسن الندوي كلاماً حول أثر الإسلام 
في تغيير حياة العرب ذلك التغيير» ويرجع ذلك إلى أنهم: ' 
آمنوا بالله الذي له الأسماء الحسنىء والمثل الأعلى» آمنوا برب 
العالمين» الرحمن الرحيم» مالك يوم الدين» الملك القدوس» 
السلام» المؤمن» المهيمن» العزيز» الجبار» المتكبرء الخالق» 


255407957 2,758 /١ : وينظر أيضاً‎ » 75١1١7 /5 في ظ لل القرآن‎ )١( 
كه"‎ 
1ك‎ 








البارئ» المصورء العزيز» الحكيمء الغفور» الودودء الرؤوف» 
الرحيم» له الخلق والأمر» بيده ملكوت كل شيء»؛ يجير ولا 
يجارعليه» إلى آخر ما جاء في القرآن من وصفه " .)١(‏ 


* - ينتقد منهج المعتزلة في نفيهم للصفات: بناءً على ما 
تز:هموة غرن: أن إثبات الصفات يؤدي إلى إثبات قديمين» فيقول: " 
ولقد أبعد المعتزلة وهم ينفون الصفات عن الله - سبحانه - لثلا 
يتعدد القدماء لأن هذه الصفات إن كانت قديمة كذات الله تعدد 
القدماء! 

فهذا قياس ذهني بحث لا يتعامل مع الواقع» ولا مع المنهج 
القرآني» فالله سبحانه قد وصف نفسه بصفاته» ومن هذه الصفات ما 
يقرر وحدانيته؛ وأزليته وأبديته واحاطته - سبحانه - بكل شيء إلى 
آخر أسمائه الحسنى: [مَبَّمَ نَمَف أت اكات الات عدأ فم 0 
2210 ذل عل 1 ع م2 


لهملك اموت والض ب حي وَسَمِيثٌ وهو عل كل سَىّء مَرِيِرٌ هو الول 


جم 


1 كاي لقلا مقر يكل وغل )لبور عدون وسا]:. 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 3١77‏ : وكلامه الندوي ي كتاب ' ماذا خسر العالم بانحطاط 
المسلمين دار القلم الكويت - ط؟ عام ,»١5٠٠١‏ ص 7١‏ » وينظر أيضاً في ظلال 
القرآن ©/ "٠54‏ . 








د ةس 


2 د لخ سمه 
لْعَيَبِ وَالسَّهْدَةَ هوَاليمَنُ 


لَه إلا ال 91 6 القد رسن قله اللو و 
التتيرق الكو العتاذ الشحك : تبتك أت 1 حظرق 


© هْرَ آسَدالْكَقُ البارئ الْمُصَوَدٌ له التسمكة الْحْسَىْ ضيح لَه ماف 
لسوت وَالْاَرَضِ وَهُوَ الْعَزِيُ الْكيِمُ ) إسورة الحشر ؟؟- ؟]] . 

إنما تابع المعتزلة منطق ' أرسطو "الذهني وتجريدات " 
أفلوطين " المهوّمة» ولم يتابعوا المنهج الإسلامي الأصيل» 
وكذلك فعلوا فيما عرف في تاريخ الفكر الإسلامي بعنوان " فتنة 
خلق القرآن " لثلا يكون القرآن قديماً فيتعدد القدماء» والبحث 
على هذا النحو بجملته غريب على الفكر الإسلامي» وعلى 
المنهج الإسلامي» فالقرآن وحي الله وكلامه وكفى.. " .)١(‏ 

؛ - وأخيراً يقرر - رحمه الله - ' أن الإيمان بما وصف 
الله به نفسه من الثوابت في العقيدة الإسلامية والتي لا يصح 
الإيمان إلا بها فيقول: " وكل ما يتعلق بالحقيقة الإلهية وهي 
قاعدة التصور الإسلامي ثابت الحقيقة» وثابت المفهوم أيضاً.. 


١٠١1١ 








وهيمنته» وتدبيره لأمر الخلق» وطلاقة مشيئته» إلى آخر صفات 
لله الفاعلة في الكون والحياة والناس. 
+ وحقيقة أن الكو كلهت أضواءه وأحداءة حنمن خلق :للد 


وابداعه. 
- وحقيقة العبودية لله» عبودية الأشياء والأحياء.. 
- وحقيقة أن الإيمان بالله - بصفته التي وصف بها نفسه - 
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر خيره وشره شرط 
لصحة الأعمال وقبولها وإلا فهي ناظلة مم الا 10 
ففي هذه النصوص وغيرها كثير يتبت سيد قطب 
الصفات ومعانيهاها التي تتضمنه وأثرها في الحياة» وينتقد كل 
من تعرض لنفي الصفات سواءً من المتكلمين أو الفلاسفه. 
ثانياً: موقف سيد قطب من التأويل: 
-١‏ التأويل في اللغة: مصدرمن آل يؤول أولاً» ومادته 
تدورعلى معان منها: العودة والرجوع والتفسيرء والعاقبة» 
والإصلاح» والخثور ('). 


)١(‏ خصائص التصور الإسلامي ص 77 بتصرف » وينظر أيضاً مقومات التصور 
الإساتمي فو اا 


00 








وقد تكرر لفظ التأويل في القرآن الكريم ست عشرة مرة )١57(‏ في 


سبع (17) سور من القرآن الكريم(')» ومدلول التأويل في ما ورد 
من القرآن دائر بين معنيين: 
الأول: التفسير والبيان. 
والثاني: العاقبة والمرجع والمصير. 
وعلى هذين المعنيين سار المتقدمون من السلف ومن تبعهم في 
بيان معنى التأويل معتمدين على المعنى اللغوي والشرعي (). 
2-١‏ أما معنى التأويل في اصطلاح المتأخرين_فيعني: ' 
هو رد الظاهر إلى ما إليه مآله في دعوى المؤول" (*): أو" هو 


»ما١941/ جمهرة اللغة لابن دريد » دار العلم للملايين - بيروت- ط(؟ ء عام‎ )١( 
والصحاح للجوهري 5717/4, والتعريفات‎ . 5737/١5 ؟/87؛ » وتهذيب اللغة للأزهري‎ 
. 38 »للجرجاني ص‎ 

5١ . 5 سورة آل عمران 7 » والنساء 59 » والأعراف”57 » ويونس 59 » ويوسف‎ )١( 
.37 » والإسراء 5” » والكهف8/‎ ٠١١ ءث١١‎ 6. وكا لالا. :5:5 ءه4‎ 

(*) ينظر : تفسير الطبري ١١١/”‏ » ومجموع فتاوى ابن تيمية » ”ره ه, 56 دو هه" 
و /١‏ 588,ء وفتح الباري لابن حجر 505/8 » والصواعق المرسلة لابن القيم ١8/١‏ 
مل 

(:) البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين الجويني دار الوفاء المنصورة ط؟ عام 
1ه 5/١‏ . 

١.0 








عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من 
المعنى الذي دل عليه الظاهر" :)١(‏ 
وقيل هو: " صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى معنى 


آخر مرجوح أو غير مراد ' (2). 

ومستندهم في تعيين ذلك المخالف للظاهر قد يكون 
المجاز» أو الاشتراك» أو غير ذلك مما يذكرونه في قوانين 
التأويل. 

وهذا المعنى الذي اصطلح عليه المتأخرون لم يرد في 
لغة المتقدمين» ولا في نصوص القرآن أوالسنة» وبالتالي فهو 
يحتاج إلى عرضه على القران والسنة وعرف السلف الصالح؛ 
فما كان عليه دليل شرعي صحيح فهو تأويل صحيح يلحق بما 
يق :وها تخالف ذلك كان كويد فامذا . 

يقول السبكي- رحمه الله -: " التأويل هو حمل الظاهر 
على المحتمل المرجوح» فإن حمل لدليل فصحيحٌ؛ أو ما يظن 
دليلاً ففاسدٌء أو لا لشيءٍ فعبثٌ لا تأويل " (). 


(9) النستصنف فتن علم الأضسؤل لأبى نحامه التؤاني :دان الأرقم الكريدت ل اغنام 

. 559/9” وما بعدها . وينظر : الإحكام للآمدي‎ “5١١ 

(؟) الصواعق المرسلة لابن القيم 7/4/١‏ . 

(؟) جمع الجوامع » للسبكي » مطبعة الحلبي - القاهرة - ط؟ - ب .ت - 57/١5‏ . 
0 








من سيد قطب ! ٠.‏ " التأويل ' الوارد في الايات 


القرانيك: 


فسّرسيد قطب لفظ التأويل الوارد في الآيات القرآنية بما 
لا يخرج عن المعنيين الذين ذكرهما أئمة التفسير قبله. 
- فلفظ التأويل في قوله تعالى: ([َمَايَمْكمُ تأيه لام 


كلقن 


0١ 


بد ق8 ل 


[سورة آل عمران:/] » وفي قوله تعالى: (دَلِكَ حير وَأَحْسَنٌ توبلا ) 


2 


[سورة النساء:53] » وفي قوله تعالى: ( هَل يَظرُونَ إلا تأوِيلهُه ) 


لور اعرف 01" وقوله تعالى: [وَلْمَ يهم تأُوُِكُ ) [سورة 


أ 


يونس:9١]‏ 2 وفي قوله تعالى: ( هذا اويل رَءيىَ ) [إسورة 


سو ؤو ل ءءء ساو أ 


الإسراء:5"] » يعني عند سيد: " معرفة حقيقة الأمرء وعاقبته 
ومآله الذي يصير إليه ويقع في النهاية " ('). 


- ولفظ " التأويل " في قوله تعالى: (َيْمَلَمُكَمِن ولايد 


0 


1 [سورة يوسف:1٠]‏ . وقوله: [دَلِكَتَأُوِز ا شِع عَلنَه صَرًا) [إسورة 


. 55 ؛ 55لا /10 م‎ ١١/7 ود‎ 200048 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ ه؟‎ 








الكهف:67] . يعني عند سيد: التفسير وبيان المعنى(١)‏ » وهو بهذا 
موافق لجمهور المفسرين من السلف ("). 

4 - موقف سيد - رحمه الله - من معنى التأ 
اصطلاح المة 


التأويل عند المتأخرين كما سبق هو: " صرف اللفظ عن 
ظاهره الراجح إلى معنى مرجوح أو غير مراد © وقد بنى 
المتكلمون هذا القانون على قاعدة تعارض العلوم الضرورية؛ 
وبالتالي وجوب نقديم العقلي منها على السمعيء يقول الرازي: " 
إن الظواهر النقلية إذا عارضت الدلائل العقلية لم يمكن 
تصديقهما ولا تكذيبهماء لامتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهماء 
ولا تصديق النقل وتكذيب العقل» لأن العقل أصل النقل» فتكذيبه 
- أي العقل - لتصديقه - أي النقل - يوجب تكذيبهماء فتعين 
تصديق العقل» وتفويض علم النقل إلى الله؛ أو الاشتغال بتأويل 
الكلؤاه * 200 


)١(‏ في ظلال القرآن 1377/5 .778١ 05159171١‏ وكذا استخدام لفظ التأويل بمعنى 
التفسير .3١١515/"‏ 
)١(‏ ينظر : تفسير الطبري 705/5 18١37/١5837١١6‏ ء وتفسير ابن كثير 
ه/ 7١184 789٠‏ .ء وتفسير السعدي . 558/١‏ . وأضواء البيان للشنقيطي /١‏ 
55> بوغيرها . 
(") أساس التقديس للراني ص ١177”‏ » والمحصول للغزالي ص 3١‏ . 
0605 








وهذا القانون قد جعله المتكلمون فيما يستدل به من كلام 
لله ورسله» وردوا به نصوص الصفات التي جاءت في الكتاب 
والسنة» وأصبح العقل هو الأصل فيما يثبت من الصفات وما لا 
يثك 00 

وقد انتقد سيد - رحمه الله - منهج المتكلمين والفلاسفة 
في تأويلهم للنصوص الشرعية» والأخبار والحقائق الغيبية بناءً 
على قانون تقديم العقل على النقل» ووضح في مواطن متفرقة 
خطأ ما هم عليه؛ ومن ذلك: 

أ - تقرير أن الأصل في بناء التصور الإسلامم 
الاستمداد من القرآن بدون تأ 

حيث يقول: " إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره» 
وفي التصور الإسلامي وتكوينه» أن ينفض الإنسان من ذهنه 
كل تصور سابق» وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصورية أو 
عقلية أو شعورية سابقة» وأن يبني مقرراته كلها حسبما يصور 
القرآن والحديث حقائق الوجود» ومن ثم لا يحاكم القرآن 
والحديث لغير القرآن؛ ولا ينفي شيئاً مما يثبته القرآن ولا يؤوله؛ 
ولا بد يثبت شيئاً ينفيه القرآن ويبطله» وما عدا المثبت والمنفي في 
القرآن؛ فله أن يقول فيه ما يهديه إليه عقله وتجربته» نقول هذا 


. 5/١ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية‎ )١( 
١٠. 








بطبيعة الحال للمؤمنين بالقران» وهم مع ذلك يؤولون نصوصه 
هذه لتوائم مقررات سابقة في عقولهم» وتصورات سابقة في 
أذهانهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الوجود .)١("‏ 

ويقول: " وقد جرينا في هذه الظلال على قاعدة ألا نتزيد 
بشيء في أمر الغيبيات التي يقص الله علينا طرفاً من خبرهاء 
وأن نقف عند حدود النص القرآني لا نتعداه» وهو كاف بذاته 


لإثبات ما يعرض له من أمور... 

ضؤية انقة ل سكن الثنء اا 1 افا عترانا 
باو ََورُ 057 مز بالقنا غلمآ أو سأك حرا 
لمأيو َذِيرٌ 1 إسورة الملك:7 8] » " فالتعبير في ظاهره يبدو 
مجازاً تصويرياً لحالة جهنم» ولكنه - فيما نحس - يقرر حقيقة: 
فكل خليقة من خلاثق الله ذات روح من نوعها تعرف ربهاء 


سارو كو أ مه و اج و سم عل . جره 


وتسبح بحمذده» قال سبحانه: [ تسيحله السّموات تَ الَبعٌ وَالْايضٌ ومن 


2 
2 مع له 


ا 6 
فين ون ين شَىَءِ لضي عدو لك لا نققهون شَدِيِحَهمْ إ إسوورة 


ا 


رام م 00 


الإسراء 54] » وقوله: (ياجبال أوَبى معه. والطيرٌَ 1 [سورة سبأ:١٠]‏ » 
وهي تعبيرات صريحة لا مجال فيها للتأويل. 


. 81/99 - المصدر السابق 5/ .9/ا"‎ )١( 
00 








دس 2 ره ساي ار 


وكذلك جواب السماوات والأرض: ١‏ قَالَمَا يما طابعيت ) 


[سورة فصلت:١١]‏ . يحتمل أن يقال فيه أنه مجاز تصويري 
لحقيقة خضوع السماء والأرض لناموس الله» ولكن هذا التأويل 
لا ضرورة له» بل هو أبعد من المعنى المباشر الصريح " ('). 

ب- نقده لمدرسة الشيخ محمد عبده ومن على منهجها 
في تأ ض_الا 

يقول سيد: " وقد تأثر تفسير الأستاذ الإمام لجزء (عمَّ ) 
بهذه النظرة - تقدم العقل وتأويل النص تبعاً لما يدل عليه - 
تأثراً واضحاً» وتفسير تلميذه المرحوم الشيخ رشيد رضا وتفسير 
تلميذه الأستاذ الشيخ المغربي لجزء " تبارك " حتى صرح مرات 
بوجوب تأويل النص ليوافق مفهوم العقل» وهو مبدأ خطر.. 
فليس هناك عقل مطلق لا يتناوبه النقص والهوى والشهوة 
والجهل يحاكم النص القرآني إلى ' مقرراته " وإذا أوجبنا التأويل 
ليوافق النص هذه العقول الكثيرة فإننا ننتهي إلى فوضى ". 

ويقول: " وما دام النص محكماً فالمدلول الصريح للنص 
من غير تأويل هو الحكم» وعلى العقل أن يتلقى مقرراته هو من 
مُدلول: هذا النصب 172077 
)١(‏ في ظلال القرآن 7515/5 - 75676 بتصرف . 


١٠48 








ويقول ناقداً لكلامهم عن بعض الغيبيات كالملائكة 
والجن: " فأما الذين يرون في هذا كله مجرد تمثيل وتصوير 
لحفظ الله للذكر من الالتباس بأي باطلء وأنه لا يجوز أن يؤخذ 
على ظاهره؛ فسبب هذا عندهم أنهم يجيئون إلى القرآن 
بتصورات مقررة سابقة في أذهانهم» أخذوها من مصادر أخرى 
غير القرآن» ثم يحاولون أن يفسروا القرآن وفق تلك التصورات 
السابقة المقررة في أذهانهم من قبل» ومن ثم يرون الملائكة 
تمثيلاً لقوة الخير والطاعة» والشياطين تمشثيلاً لقوة الشر 
والمعصية» والرجوم تمشيلاآً للحفظ والصيانة.. الخ؛ لأن في 
مقرراتهم السابقة - قبل أن يواجهوا القرآن - أن هذه المسميات: 
الملائكة والشياطين أو الجنء لا يمكن أن يكون لها وجود 
مجسم على هذا النحوء وأن تكون لها هذه الحركات الحسية؛ 
والتأثيرات الواقعية» من أين جاءوا بهذا؟ من أين جاعوا بهذه 
المقررات التي يحاكمون إليها نصوص القرآن والحديث؟ " .)١(‏ 

ويقول ناقداً لإقبال: " وكذلك واجه - إقبال - التصوف 
العجمي في البيئة الشرقية» وأراد أن ينفض عن الفكر الإسلامي 
الفناء والسلبية» لكن النتيجة كانت جموحاً في إبراز الذاتية 


.3077 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 








أضطر معه إلى تأويل بعض النصوص القرآنية تأويلاً تأباه 
طبيعتهاء كما تأباه طبيعة التصور الإسلامي " .)١(‏ 

ومع ما سبق من نقد سيد قطب لمنهج المتكلمين في 
تقديم الدليل العقلي» وتأويلهم للنصوص القرآنية» إلا أن سيداً - 
رحمه الله - يعترف أنه وقع في بعض كتبه في التأويل لبعض 
النصوص حيث يقول بعد أن انتقد منهج المؤولة: " وما أبرئ 


نفسي أني فيما سبق من مؤلفاتي» وفي الأجزاء الأولى من هذه 

الضلالء قد انسقت إلى شيء من هذا - أي التأويل - وأرجو 

أن أتداركه في الطبعة الثانية إذا وفق الله» وما أقرره هنا هو ما 
اية من الله " (). 

ثالثاً: تأويل الصفات الإلهية 

اتهم البعض سيداً بأنه مؤول لآيات الصفات؛ء وبالتالي 


فهو: أشعري- جهمي- معتزلي- معطل(7). 


قف سيد قطب منه: 





. بتصرف‎ 7١ - ٠١ المصدر السابق ص‎ )١( 
. ١( هامش‎ . ”01١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
والجماعات الإسلامية لسليم الهلالي ص‎ ١74 ينظر :أضواء إسلامية للمدخلي ص‎ )"( 
. ١751/9 والمفسرون للمغراوي‎ 
١٠١5١ 








وحتى يتبين لنا موقفه من الصفات الإلهية كان لا بد من 
جمع كلامه المتفرق حول الموضوع والخروج من ذلك بما يدل 
على موقفه من هذه المسألة» وذلك من خلال النقاط الآتية: 


١‏ - تبين لنا فيما سبق أن سيد قطب حرحمه الله- 
يرفض منهج المتكلمين في تأويل النصوص الشرعية وصرفها 
عن معناها الظاهر. 

؟ - يظهر من خلال النصوص السابقة التي ينتقد فيها 
سيد منهج المؤولين أنه يرى أن الأصل عنده هو عدم تأويل 
النصوص وصرفها عن ظاهرهاء فالأصل حمل النصوص على 
ظاهرهاء ويشمل هذا نصوص الصفات وغيرهاء وأن التأويل 
عنده إنما هو خلاف الأصلء ومن ذلك قوله: " وهي تعبيرات 
صريحة لا مجال فيها للتأويل " .)١(‏ 

؟ - يظهر أيضاً من كلامه السابق أنه يفرق بين التأويل 
الصحيح والتأويل الفاسد فالتأويل الصحيح ما كان عن ضرورة 
تدعو إليه من أجل تنزيه الله سبحانه عن معنى لا يليق به في 
حال الأخذ بظاهر النصء ويكون التأويل إلى معنى قريب 
ككتطلة اللعة وننياق 'التموي فيس كلاب هر حواتة المماراة 


., 75176 -9”5174 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
٠0 








02001 م122 


ويقول: " و هذا التأويل لااضرورة له» بل هو أبعد من 
المعنى المباشر الصريح " (). أي القول الحقيقي. 

ومن الأمثلة للتأويل السائغ في باب الصفات تفسيره 
لبعض الصفات بما يخالف المعنى الظاهر في سياق بعض 
الآيات مع إثبات الصفة في آيات أخرى في سياق آخر ومن 


ذلك: 
ا كا مَاِيكُوتٌ مِن 
جو تمد لَحَةٍ إلا هْوٌ رَابعهُرَ وَلَا حمسَةٍ 1 اهاوق ا 


مَلِكَ وَل أكر إلا هر مَمَمََ ؟ [سورة المجادنة:7] #يأنها معية 
العلم والمراقبة والإحاطة ('). وهو نفسه المعنى الذي ذكره 
الإمام ابن جرير الطبري وابن كثير وغيرهما ("). 


. 758 /5 المصدر السابق‎ )١( 

. ”5٠١08/5نآرقلا في ظلال‎ )١( 

(؟) انظر تفسير الطبري ١‏ *مه » وتفسير ابن كثير 65 
١٠5‏ 








ب - تفسيره للأعين في قوله تعالى عن سفينة نوح: ( تج 


ِأَعْيَا 1 (')؛ بقوله " تجري في رعاية الله بملاحظة أعينه '» وهو 
ما ذكره الإمام 5 ا 

ج - تفسيره لليد في قوله تعالى: ( وََالتِ الود يد أله 
مَْنُولَةٌ ]بأنهم أرادوا وصفه سبحانه بالبخلء فرد الله عليهم بأن 
بَلْيَدَاهُ مَتَسُوطمَانِ 1 أي بالفضل والعطاء (')؛ وهو أيضاً ما 
ذكره الإمام الطبري وابن كثير- رحمهما الله - (5). 

فهو وان فسر اليد بالعطاء إلا أنه لم ينكر صفة اليد 
الإلهية أو يؤولها سواءً في هذا السياق أو في غيره من 
الآيات» بدليل أنه قال في السياق نفسه " شاهدة باليد 
المبسوطة " فهو بيّن معنى بسط اليد ولم يؤول الصفة (©). 
وسيأتي مزيد بيان لموقف سيد من هذه الصفات وغيرهاء بعد 


. ”57”0 5 في ظلال القرآن‎ )١( 

. "555/8 تفسير الطبري5591/4 » وتفسير ابن كثير‎ )١( 

(؟) في ظلال القرآن 7/ 375 . 

(4:) تفسير الطبري 54/ 759؟5- 55٠‏ » وتفسير ابن كثير؟/١١17١.‏ 

(5) ينظر : في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي ص ١56-١7١‏ . 
١٠‏ 








5 - المواضع التي أوَّل فيها بعض الصفات كصفة 
الاستواء» لا نبرئه من التأويل الذي وقع فيه» لأنه قد اعترف 


بنفسه أنه قد أول في بعض المواضع من مؤلفاته ومن 
الال خضوضنا: 
واعترافه بذلك وتقريره أن ما يعتقده هو عدم التأويل؛ 

وأنه سوف يتداركه في الطبعات الثانية إذا مد الله في عمره؛ 
كاف في معرفة ما استقر عليه- سيد- في النهاية في مسألة 
تأويل الصفاتء وأن كان الله لم يمد في عمره فيتدارك 
ويصحح ما أخطأ فيه - كما تمنى- فبقي الخطأ موجود كما 
هو بالإضافة إلى أن له كلاماً عاماً موهماً عن بعض 
الصفات حمله بعضهم على أن مقصده هو نفي تلك 
الصفات أو تأويلهاء بينما له كلام آخر أكثر وضوحاً في 
إثبات تلك الصفات ومن ذلك كلامه حول اليد والرؤية غيرها 
مما سيأتي بيانه قريباً. 

وبالتالي لا يصح إطلاق القول بأن سيداً ينفي الصفات 
ويؤولها بناءَ على ما سبق بيانه. 
الأساس الثالث: قطع الطمع عن إدراك كيفية ذات 


الله سبحانه وصفاته وأفعاله: 


١ ١ ه"”‎ 





وش الأنتان الثالخ في أنسن: تورحية" سنا مو الصيفات 
عند أهل السنة والجماعة: 200 

ذلك لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيلء فالله عز وجل لم 
يعرفنا ذلك» ولا عقولنا قادرة على الوصول إليهاء وهذا الأصل 
يدل عليه قوله تعالى: إوَلَا يوب يه عِلَمّا) [سورة طه:١١١]‏ » أي 
أنه لا تحيط علومهم بذاته ولا صفاته ولا بعلمه» فلا بد من 
اليأس من إدراك الكيفية» وبالتالي فلا يسأل عنهاء والواجب الذي 
كلفنا باعتقاده هو الالتزام بما جاءت به النصوص الشرعية؛ 
وعدم تجاوز ذلك أو الخوض فيما لا علم لنا به ولا يمكننا 
إدراكه. 

موقف سيد قطب - رحمه الله - من هذا الأصل: 

باستقراء ما كتبه سيد حول هذا الأمر- قطع الطمع عن 
إدراك كيفيات ذات الله وصفاته وأفعاله - نجد أنه يقرر ما قرره 
أهل السنة والجماعة في هذا الباب» وله نصوص كثيرة يصعب 
ذكرها هناء منها: 

١‏ - يقول - رحمه الله -: " إن لله - سبحانه - صفاته؛ 

أو أسماءه الحسنى» ولكن البشر لا يملكون إدراك " كيفية 





)١(‏ الإتقان للسيوطي ”1/7 وفتح القدير للشوكاني » "/ 58١‏ » ومنهج ودراسات لآيات 


الصفات الذ لشنقيطي ص ”3 . 


١55 





"' هذه الصفات» فهو سبحانه سميع يسمع» بصير يرى؛ 

عليم يعلم» ولكن البشر لا يدركون كيفية شيء من ذلك 

بالقياس إليه سبحانه؛ فالله ليس كمثله شيء» فلا يمكن أن 

يدرك البشر إذن كيفيات صفاته» ولا كيفيات أفعاله» وليس 

لهم أن يقيموا شيئاً من ذلك كله على ما يعرفونه من 

أنفسهم» أو من سواهم من خلق الله. 

ولذلك كان الجواب الإلهي على كل من سأل عن كيفية 
فعله هو: ( كَدَكَ أَسَمْيَمَلُمَايَمَهِ 1 ولم يكن بياناً لهذه 
الكيفية» لأنه سبحانه يعلم أن البشر بتكوينهم الذي فطرهم عليه 
لا يملكون إدراك هذه الكيفية " .)١(‏ 

ثم استعرض سيد - رحمه الله - مجموعة من الآيات التي 
كان الجواب الإلهي فيها لمن سأل عن الكيفية هو | كَدَلِكَأَنَّهُ 
يَعَمَلٌ مَايَمَآُ 1 ومنها: 

- قوله عن زكريا عليه السلام [ قََادَرَتَ أَنَّ يَكوكُ غلم وَكَد 


00 2 
بلَعَنَّ الحكبر وَأمْرَأقٍ عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكالَيفَمَلُ مَايَمَآهُ 1 إسورة آل 


-_- 


. ]5 ٠١ عمران:‎ 


. 775 مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
١٠١ /ا‎ 





ترح قطي ومنمجه في العجيدة 7ه 





ا 2 2< ناس 2س رسظ يو © سف مي سوسا م 
له تعالى عن مريم ت رَبٌ أفن ب نلى ولد ولَمَيمَسَسَن 

2 م مود حرو رخ م > عوج مسد سار واه عي د سرو 

يعس قَالَ حكَدَلِكِ الله يلق مَامَكَلهُ ذا مَصوح أمرافَإِنَمَايفُولُ له كن يون ) 


رم دج مل 12 +717 و سوع2 © سوس له نا عي 1 لم سور رن شف ال ا حي 
0 0 ص ٠.‏ هه كى م ٠‏ ا. 
كم ايت ل لبت د أو بعض دو م بل ل ماكة عام نظر إ! 


6 


ذه . 
- 0147 د خآ ل لس ل سخ و ا و 0 2 
لياس وأنظ عر !1 لْفِظَام كيف تنشزها ثم تكسوها لْحَما فْلَما 
و 


1 م هم 2 ام 32 2 . 
لَ أعلم أن أسَّهَ على كل تَىْ قَرِيِرٌ 1 [سورة البقرة:159] . 
قوله عن إبراهيم عليه السلام: (ِوَإِذْدَالَ بوم رَبَ أَرِِحَيفَ 
- حا حي م لز ع احا عن مر ار م 

١ 


8< مله هه 426 وه عار لل دوم كرم ل م مه 12ج 4 بع جح ودع داع ممء ا بعرم وم 
تحي الموقٌ قَالَ أولمَ تَؤْصِنْ فَالَ بل ولكن لَيَطمَِينَ قَلَى قَالَ فَحَد أزيعة من الطيرٍ فَصرهن 


طُْ 7« 


ع ل سك سم سا سر خأ طاح .هي 


إِِنَكَ خُمَّأَجْمَلْ عَككُل جَبَلٍ يهن حرا شمَادْعْهُنَ يَأتِسَكَ سَعَيَا وَأعْلَمْ أن لَه عير كم 
1 [سورة البقرة: 6١‏ ؟] . 

وواضح أنه لا إبراهيم - عليه السلام - ولا الذي مّرعلى 
القرية» قد أدرك " كيفية " فعل الله في الإحياءء إنما هو رأى 
مثلاً بارزاً على عملية الإحياء دون أن يعرف " كيف " وقع هذا 
- لأنه وهو بشر لا يملك أن يدرك هذه ' الكيفية ' على 


الإطلاق. 





ومن ثم فإن كل محاولة لتصوير كيفيات فعل الله بقياسها 
إلى كيفيات أفعال الخلق» أو بالتصورات الذهنية باءت بالفشل» 
واضطر أصحابها إلى الخبط في التيه بلا دليل. 


ا لوه 


وقد حسم المنهج القراني الفشألة بقوله: [إِنّما قَوَلنا لشَىيء 
دآ أََدِنَهَُنتَعُولٌ لهك مَبَكْوَتُ ) [سورة النحل:.5] .)١(‏ 
كما يقرر سيد - رحمه الله - في مواضع كثيرة» عدم 
الخوض في كيفيات صفاته وأفعاله سبحانه» والوقوف عند 
مدلولاتهاء ومن ذلك: 
- "عدم الخوض في كيفية اتصال الإرادة الإلهية 
بالكائن المراد صدوره عنها " (')؛ وفي " كيفية إحياء الله 
للألوف الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت بعد إماتتهم 
وإحياء قتيل بني إسرائيل واحياء طير إبراهيم (')؛ وفي ' 
كيفية النفخة الإلهية (*)» وفي " كيفية الوزن وطبيعة الميزان 
0 


. 78٠١ مقومات التصور الإسلامي » ص 1/ا5-/‎ )١( 
.37١ال-1١١5‎ /١ انظر في ظلال القرآن‎ )١( 
.36056248٠0 2555/١ (؟) المصدر السابق‎ 
. 591/١ المصدر السابق‎ )4( 
. ١١51١ المصدر السابق ؟/‎ )5( 

١ 








وفي ' كيفية أخذ الميثاق في عالم الذر (١)»؛‏ وفي " كيفية 
فعل الملائكة في بدر' ()؛ وفي ' كيفية كلام الله لموسى (")» 
وغيرهاء حيث يقرر أن مثل هذه الأمور التي أخبر الله عنها 
يجب الإيمان والتسليم بها دون الخوض في محاولة معرفة 
كنهها وكيفيتها. 

لماذا يجب قطع الطمع عن إدراك الكيفية؟ 

يجيب سيد قطب عن ذلك بقوله: " لأن إدراك الماهية 
والكيفية سر من أسرارالألوهية» لا سبيل إليه في عالم الفانيين وان 
يكن في طرق العقل البشري إدراك دلالته والاتعاظ به " (؟). 

" وهذا السر لم يكشف للإدراك البشري - لأن الطاقة 
البشرية غير مهيأة لإدراكه.. لأنه لا يلزمها في وظيفتها التي 
خلقت لها وهي خلافة الأرض وعمارتهاء وبقدر ما وهب الله 
للإنسان من القدرة على كشف قوانين الكون التي تفيده في 
مهمته وسخر له الانتفاع بهاء بقدر ما زوى عنه الأسرار 
الأخرى التي لا علاقة لها بخلافته الكبرى؛ ولقد ضربت 


. ١79179 في ظلال القرآن‎ )١ 

؟) المصدر السابق 5/85/9 1١5850-1١‏ . 
) المصدر السابق 7720/54 . 
( 


3 المصدر السابق ١ل‏ . 


3 


) 
) 
) 
) 








الفلسفات في تيه لا منارة فيه وهي تحاول كشف هذه الأسرار» 
وتفترض فروضاً تنبع من الإدراك البشري الذي لم يهيأ لهذا 
المجال» ولم يزود أصلاً بأدوات المعرفة فيه والارتياد» فتجئ 


هذه الفروض مضحكة في أرفع مستوياتها إلى حدٍ يحير 
الإنسان وما ذلك إلا أن أصحابها حاولوا أن يخرجوا بالإدراك 
البشري عن طبيعة خلقته» وأن يتجاوز به نطاق المقدور له؛ فلم 
ينتهوا إلى شيء يطمأن إليه؛ بل لم يصلوا إلى شيء يمكن أن 
يحترمه من يرى التصور الإسلامي ويعيش في ظله. 

وعصم الإسلام أهله المؤمنين بحقيقته أن يضربوا في 
هذا التيه بلا دليل.. ولما حاول بعض المتأثرين بالفلسفة 
الإغريقية أن يتطاولوا إلى ذلك المرتقى باءوا بالتعقيد والتخليط؛ 
كما باء أساتذتهم الإغريق! ودسوا في التفكير الإسلامي ما ليس 
من طبيعته» وفي التصور الإسلامي ما ليس من حقيقته؛ وهذا 
هو المصير المحتوم للعقل البشري وراء مجاله» وفوق طبيعة 
خلقته وتكوينه " " فالكيفية غير معلومة للإدراك البشريء لأنها 
فوق طاقته» فمن العبث إنفاق الطاقة في إكتناه هذا السرء 
والخبط فيه بلا دليل " ('). 


)١(‏ المصدر السابق ٠١7-١9١5 /١‏ بتصرف يسيرء وينظر أيضاً /١‏ 55”ء 
»ء وخصائص التصور الإسلامي ص 45. 
6١‏ 








ويقول أيضاً: " فميزة هذا التصور - أي التصور 
الإسلامي - المنبتقة من خاصية الربانية أنه يلبي الكينونة 
الإنسانية بجملتهاء ويدخل كذلك في دائرة إدراكهاء والذي لا 
تدركه منه إدراك ماهية وحقيقة» أو إدراك عليَّةَ وكيفية» لا يتعذر 
عليها التسليم به في طمأنينة» لأنه داخل في مفهوم منطقها 
المعقول» منطقها الذي يسلم بالحقيقة البسيطة: حقيقة أن المجال 
الذي يتناوله هذا التصورء بما فيه من حقيقة الذات الإلهية 
وصفاتهاء وفي تعلق إرادة الله بالخلق وكيفيته أكبر وأوسع من 
الكينونة الإنسانية بجملتهاء وبالتالي فلا قدرة للكينونة البشرية 
بجملتها على العمل خارج حدودها" (). 

ويقول أيضاً: " إن عقيدة التوحيد الإسلامية لا تدع مجالاً 
لأي تصور بشري عن ذات الله سبحانه ولا عن كيفيات أفعاله 
فالله سبحانه ليس كمثله شيء» ومن ثم لا مجال للتصور 
البشري لينشئ صورة عن ذات الله فكل التصورات البشري إنما 
تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله 
من أشياء»ء فإذا كان الله سبحانه - ليس كمثله شيء - توقف 
التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة معينة لذاته تعالى؛ 
)١(‏ خصائص التصور 48- 44 بتصرف » وينظر أيضاً ص 217١‏ 1179 » 


ومقومات التصور ص ا 
١٠١‏ 








ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف 
تبعاً لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعاً» ولم يبق أمامه إلا 
مجال تدبر آثار الأفعال في الوجود من حوله وهذا هو مجاله؛ 
ومن ثم تصبح أسئلة كهذه: كيف خلق الله السماوات والأرض؟ 


كيف استوى على العرش» كيف هذا العرش الذي استوى عليه 
الله سبحانه؟ تصبح هذه الأسئلة وأمثالها لغواً يخالف توجيهها 
قاعدة الاعتقاد الإسلامي» أما الإجابة عليها فهي اللغو الأشد 
الذي لا يزاوله من يدرك تلك القاعدة ابتداءً. 

ولقد خاضت الطوائف - مع الأسف - في هذه المسائل 
خوضاً شديداً في تاريخ الفكر الإسلامي بالعدوى الوافدة على 
هذا الفكر من الفلسفة الإغريقية " ('2» " وكل من أراد من 
البشر بيان الكيفية تخبط وخلطء لأنه قاسها على كيفيات عمل 
الإنسان- وشتان شتان" 0 

" فإذا تقرر ذلك: فإن الجدل في الله تعالى سواء في 
وجوده أو وحدانيته أو في قدرته أو في علمه أو في صفة ما 
من صفاته؛ يبدو عجيباً من ذي عقلٍ وقلب... وما كان الجدل 


)١(‏ في ظلال القرآن ١١97/7‏ » وينظر أيضاً ”/ 1797 » وخصائص التصور ص 

1: 

(؟) خصائص التصور الإسلامي ص 50 . 
١‏ 








17 17ل ال آل ا تتوص قط ومنمجة فى العقيدة /و2 


الكلامي الذي ثار بين علماء المسلمين حول ذلك إلا آفة من 
آفات الفلسفة الإغريقية والمباحث اللاهوتية عند اليهود 
والنصارى عند مخالطتها للعقلية الإسلامية الناصعة. 

وما كان لنا نحن اليوم أن نقع في هذه الآفة» فنفسد 
جمال العقيدة» وجمال القرآن بقضايا علم الكلام ('). 


. ء 7108/5 بتصرف‎ ”/١ ينظر : في ظلال القرآن‎ )١( 
٠١ 








المبحث الثالث 


منهجه في إثبات الأسماء الحسنى 
وفيه مطلبان: 


المطلب الأول 


الأسماء الحسنى وموقف الناس منها 
من الإيمان بالله تعالى الإيمان بأسمائه الحسنى» حيث لا 
تخلو سورة من سور القرآن الكريم ولا صفحة من صفحاته من 
ذكر اسم أو أكثر من أسمائه تعالى» وقد جاء إثبات الأسماء 
الحسنى لله في القرآن الكريم مجملاً ومفصلآً» فالمجمل كقوله 


والمفصل كقوله: | مهْوَامَّه أأَزِى لَآإِلَمَ إل كر مقلم الح اميد 
فوَا يمن ألييِم 259 هو سه أأَرَى لآ إِلَهَ إلا هو 0 
ألَمُدُّوش الك مو ا 2 و العرير الت ب ا ئّ 


الأسمة التق شخ الما ق السوات والارص وهو انرز ليد ) 
[سورة الحشر الآيات ]١ 5 - 7١‏ . 


١٠. هع‎ 





بل إن كثيراً من الآيات القرآنية تختم بأسمائه الحسنى 


1011101 ره 


كقوله: [ِوَاسَهُعَنٌ حَلِيمٌ 1 [سورة البقرة:177] » وقوله [مَأعَكَموَا 
أرَك الله عَهُورٌ ييَحِيِيٌ )1 [سورة المائدة: 4 ؟] ونحوها. 

وفي السنة الشريفة مثل ما في القران الكريم من ذكر 
أسماء الله تعالى ونسبتها إليه» ومع ذلك فقد اختلفت الطوائف 
في أسماء الله تعالى بين مثبتِ ونافب وملحد فيها وفي معانيها. 

أما أهل السنة والجماعة فإنهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه 
أو أتبته له رسوله يَلِ من الأسماء الحسنى وما دل عليه من 
معان وأحكام 0 


)١(‏ ينظر في ذلك :شرح الأسماء الحسنى «لمحمد بن عمر الرازي »مكتبة الكليات 
الأزهرية »طبعة عام ١5175‏ »ص79 و رد الدارمي على بشر المريسيء طبعة باكستان 
»عام ١507‏ هء تحقيق :الفقي ص 7 » وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار » 
ص ٠٠١‏ ومقالات الإسلاميين للأشعري ١1١/١‏ والأسماء والصفات للبيهقي 75/١‏ » 
والتوحيد لابن منده ١5/7”‏ . وشأن الدعاء للخطابي ص ١١١‏ ء وبدائع الفوائد لابن 
القيم ١0١‏ : 


١ 








المطلب الثاني 


منهج سيد قطب في الأسماء الحسنى 
كان سيد قطب - رحمه الله - في هذا الباب متبعاً 
لمنهج أهل السنة والجماعة» حيث يثبت لله الأسماء الحسنى؛ 
وما دلت عليه من معان وأحكام وبيان ذلك في الفروع الآتية: 


الفرع الأول: إثبات الأسماء الحسنى وما دلت عليه من معان: 

يقول سيد: " إن لله سبحانه صفاته» أو أسماءه الحسنى» 
ولكن البشر لا يملكون إدراك كيفية هذه الصفات فهو سبحانه 
سميع يسمع» بصير يرىء عليم يعلم " .)١(‏ 

ويبين أن سِرّ عظمة الرعيل الأول يكمن في ' أنهم آمنوا 
بالله الذي له الأسماء الحسنىء والمثل الأعلى» آمنوا برب العالمين» 
الرحمن الرحيم؛ ملك يوم الدين» الملك القدوس السلام المؤمن 
المهيمن» العزيز» الجبارء المتكبرء الخالق» البارئ» المصورء 
العزيز» الحكيم» الغفور» الودود» الرؤوف» الرحيم.. ' ('). 

وفي ظلال قوله تعالى: ( هْوَائّةالَرى لآ إِلَه إلا مر غيل 
َلْعَيَبِ وَالسَّهْدَةَ هوَاَليمنُ آليَحِِمُ ) [سورة الحشر ؟]] » يقول: ' 
)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص 779 . 
)١(‏ في ظلال القرآن » 5/ 5١51‏ . 

١٠٠١ /ا5‎ 








وهذه الأسماء واضحة الآثار في صميم هذا الوجود وفي حركته 
وظواهره.. ولكل اسم من هذه الأسماء الحسنى أثر في هذا 
الكون ملحوظء وأثر في حياة البشر ملموس» فهي توحي إلى 
القلب بفاعلية هذه الأسماء والصفات» فاعلية ذات أثر وعلاقة 
بالناس والأحياء» وليست هي صفات سلبية أو منعزلة عن كيان 
هذا الودوت 200 

ويستعرض سيد كثيراً من الأسماء موضحاً معانيهاء وأثر 
هذه المعاني التي يجب استحضارها في الحياة والإيمان بها 
وتدبرهاء والعمل وفق إيحاءاتها في مواضع متفرقة ("). 
الفرع الثاني: أسماء الله توقيفية: 

مذهب أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى توقيفية 
لا يتجاوز فيها التوقفء ولا يستعمل فيها القياس" (')؛ مع 
ملاحظة أن باب الإخبار عن الله ليس توقيفياً» فيجوز الإخبار 
عنه بأنه قديمٌ» وشيءٌ» وموجودٌ» ونحو ذلكء لأن باب الإخبار 


عن الله أوسع من باب الصفات» أي أننا نخبر عن الله بأخبار 


. 35:97 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 





(؟) ينظر في ذلك : في ظلال القرآن 5/ 29:54 ”2 "اه . 5225, 


ومقومات التصور الإسلامي صن 157 
٠١/8‏ 





لا نشتق منها صفات: كالشيء والموجود ونحوهاء وباب 
الصفات أوسع من باب الأسماء» فليس كل ما صح صفةً صح 
اسماً» كالنازل والضاحك ونحوها مع أنها صفات وُصِف الربُ 
00 

وخالف بعض المعتزلة فقالوا: بإثبات الأسماء بالقياس 
وما دل عليه العقل ولو لم يرد به نص " (2). 

ووقر أ :تزحكمة الوح هذا امن متوطيها أن جما 


الله وصفاته وما يتعلق به سبحانه لا يستقي إلا من مصدر 
الوحي وأنه لا يسمى سبحانه إلا بما سمى به نفسهء ففي 
معرضن وده على هد الملضاع الكريهق ١‏ ضفهها برضت الله 
سبحانه بأنه: " العقل اللانهائي " الذي " استطاع أن يدرك ببالغ 
حكمته '». يقول سيد - رحمه الله -: " هذا التعبير " العقل 


النهائي " راسبٌ من رواسب الفلسفة» يستخدمه الرجل لأنه من 


)١(‏ التوحيد لابن منده 5/7» والأسماء والصفات للبيهقي 5/4 5» وبدائع الفوائد لابن 
القيم » »١157 -١5٠0 /١‏ وشرح الأصفهانية لابن تيمية ص 75 . 
(؟) مقالات الإسلاميين للأشعري ؟١/ ٠١7-705‏ »ء والفرق بين الفرق للبغدادي ص 
3" وشرح الأسماء للرازني ص 5”. 
(') وهو " فرانك آلن " أستاذ الطبيعة الحيوية بجامعة مانيتويا بكندا . 
١‏ 








رواسب ثقافته» والمسلم لا يعبر عن الله - سبحانه - إلا بما 
سمى به نفسه من أسمائه الحسنى 00 

ويقول أيضاً: " إن معرفة الله - سبحانه - في التصور 
الإسلامي تبدأ من نبذ كل الصور التي انبثقت ابتداءً من 
تصورات البشر وأوهامهم عن ذات الله - سبحانه وصفاته؛ 
لتستقي مباشرة من تعريف الله لعباده بذاته وصفاته» وخصائصه 
وأفعاله» وهي تُتلقى من هذا المصدر وحده ولا تتلقى من مصدر 
آخر غيره' (2» " وهذا مما يتميز به التصور الإسلامي عن 
غيره فهو تصور رباني» ليس لبشر أياً كان فيه عمل» وحتى 
رسل الله جميعاً عملهم تلقي هذا التصور ونقله النقل الدقيق 
والتبليغ الأمين إلى البشر " (). 

تنييه: من المآخذ التي ذكرها الشيخ الدويش - رحمه الله 
- على سيد أنه سمى الله بما لم يسم به نفسه حيث سماه ' 
الحقيقة الكبرى" (2). 


. في ظلال القرآن ؟/ 3155 - الهامش:”‎ )١ 
١١١ ؟) مقومات التصور الإسلامي - سيد قطب - ص ث.ء”#‎ 
( 


5) المورد الزلال للدويش 74 . 


) 
) 
) 
) 








والذي يظهر لي من خلال قراءة سياق الكلام: أنه 
يتحدث عن منهج القران في غرس الحقائق الاعتقادية» حيث 
ذكر- سيد - حقيقة طلاقة المشيئة الإلهية» وحقيقة الوجود 
الحقيقي» وحقيقة العلم المحيط» ثم يقرر أن استقرار هذه الحقائق 
في القلب يجعله؛ لا يحتفل بشيء في الكون غير الله» فكل 
شيء لا حقيقة له؛ ولا وجود إلا ما يستمده من تلك الحقيقة 
الكبرى» أي حقيقة الوجود الإلهي» بدليل أنه قال بعدها " وكل 
شيءٍ وهمٌ ذاهب " حيث لا يكون ولا يبقى إلا الله المتفرد بكل 
مقورطانة؛ الكيقوكة والفع 00 


الفرع الثالث: أسماء الله كلها حسنى. 

أخبر الله سبحانه أن أسماءه كلها حسنى فقال: (وَيَهِ 
الماك للحي مدعو يا 1 إسورة الأعراف:١8١]‏ » وقال: [ِلَهُ 
سمه آلْحْنَى ) [سورة الحشر:؟ 1 » " والحسنى تأنيث الأحسن» 
اي القن هي 'احسق الأسفاء لدلالتها على اح مسن 


. في ظلال القران كم 66 بتصرف‎ )١( 
١.ه١أ‎ 








وأشرف مدلول "(20» ف" لله دون غيره جميع الأسماء الدالة على 
أحسن المعاني وأكمل الصفات " (1). 

ويقرر سيد قطب هذا الأصل في ظلال قوله تعالى: لَهُ 
الدع الشقى اكول الحمس :في نذاقيا ولا هه إل 
استحسان من الخلق» ولا توقف على استحسانهم» 

والحسنى: التي توحي بالحسن للقلوب وتفيضه عليهاء وهي 
الأسماء التي يتدبرها المؤمن ليصوغ نفسه وفق إيحائها 
واتجاهها إذ يعلم أن الله يُحب له أن يتصف بهاء وأن يتدرج في 
مراقيه وهو يتطلع إليها " (). 
الفرع الرابع: الإلحاد في أسماء الله: 

يقول سيد - رحمه الله - في ظلال قوله تعالى: (وَيِنَهِ 
هاه التق كاوه يوووا از يلحذوت ف انمه سَمجَرَقد 
ماك يلوم 1 لنوره الأعراف1] 4" والإلهاذة هو الاتخزاف 
أو التحريف» وقد حرّف المشركون في الجزيرة أسماء الله 


1 فتح القدير للشوكاني بذ فض‎ )١( 





)١(‏ تفسير المنار » لرشيد رضا ”727/١‏ دار إحياء التراث العربي - بيروت - ط١‏ عام 


5517 اه. 
(") في ظلال القرآن ؟/ “*الله"- 3705714 . 
١.55‏ 





الحسنى» فسموا بها آلهتهم المدّعاة» حرفوا اسم " الله " فسموا به 
' اللات " واسم " العزيز " فسموا به " العزى ".. فالآية تقرر أن 
هذه الأنساع اللحسيتى ند :وهدةة وتامر أن يدغوه المومتون وتهدة 
بهاء دون تحريف ولا ميل» وأن يَدَعُوا المحرفين المنحرفين» فلا 
يحفلوهم ولا يأبهوا لما هم فيه من الإلحاد» فأمْرُهم موكولٌ إلى 
الله»ء وهم ملاقون جزاءهم الذي ينتظرهم منه؛» وياله من وعيد! 
وهذا الأمر بإهمال شأن الذين يلحدون في أسماء اللهء لا 
يقتصر على تلك المناسبة التاريخية؛ ولا على الإلحاد في أسماء 
الله بتحريفها اللفظي إلى الآلهة المدعاة» إنما هو ينسحب على 
كل ألوان الإلحاد في شتى صوره! ينسحب على الذين يُلْحِدون 
- أي يحرفون أو ينحرفون - في تصورهم لحقيقة الألوهية على 
الإطلاق» كالذين يدّعون له الولد» وكالذين يدّعون له كيفيات 
أعمالٍ تشبه كيفيات أعمال البشرء وهو سبحانه ليس كمثله 


3 


لدسسيع. 

وكذلك من يدّعون أنه سبحانه إلهٌ في السماء»ء وفي 
إلها في الأرض» ولا في حياة الناس - فليس له - في زعمهم - 
أن يشرّع لحياة الناس» إنما الناس هم الذين يشرعون لأنفسهم 


١٠ه”‎ 


797995959191313131371-11-1171سيت قطي ومنمجه في العجيسة و0 





بعقولهم» وتجاربهم ومصالحهم - كما يرونها هم - فالناس - 
في هذا - هم آلهةٌ أنفسهم» أو بعضهم آلهةُ بعض!. 

وكله إلحاد في الله وصفاته وخصائص ألوهيته» 
والمسلمون مأمورون بالإعراض عن هذا كله واهماله؛ 
والملحدون موعودون بجزاء الله لهم على ما كانوا يعملون " (0). 


. 31١5٠057 /” » في ظلال القرآن‎ )١( 
١٠١+ 








المبحث الرابع 
منهجه في إثبات الصفات تفصيلاً 


سبق معنا في المبحث الثاني من هذا الفصل أن سيداً - 
رحمه الله - يقرر الأسس التي قررها أهل السنة والجماعة في 
باب الأسماء والصفات وهي: تنزيه الله عن مشابهة الخلق» 
واثبات الأسماء والصفات الواردة في النصوص الشرعية» وقطع 
الطمع عن إدراك الكيفية. 

وعرفنا موقفه من نفي الصفات وتأويلهاء حيث نقد نفاة 
الصفات والمؤولين أيضاًء واعترف أنه وقع في التأويل» ولكنه 
في نهاية الأمر رجع إلى رفض التأويل» وقرر أن هذا هو ما 
يعتقده» وأوضح رغبته في أن يمد له في العمر فيأتي على ما 
أوّله ويصلحه. 

عند النظر في اتهام البعض لسيد قطب - رحمه الله - 
بأنه من نفاة الصفات والمؤولين نجد أن كلامهم في ذلك يقوم 
على أحد أمور ثلاثة: 

0-١‏ إما كلام لسيد - رحمه الله - ذو طابع أدبي 
موهم» فهم منه البعض نفي الصفة أو تأويلهاء مع أن له كلاماً 
آخر حول نفس الصفة صريحاً وواضحاً في إثباتها على منهج 


١. هه‎ 





أهل السنة» ومن أمثلة ذلك كلامه حول الرؤية واليد - وسيأتي 
بيانه -. 

2-9 تأويله لبعض الصفات في سياق معين يقتضيه 
تنزيه الله عز وجل وقد قال به علماء من أهل السنة والجماعة 
قديماً وحديثاً» مثل تأويل المعية من معية ذات إلى معية علم؛ 
وتأويل العين في قوله تعالى ١‏ تَجك ييا 1: بالرعاية والحفظ 
والملاحظة» ونحو ذلك مما سيأتي الحديث عنه مفصلاً. 

7-7 نفسيره لبعض الصفات بمعنى مخالف لما فسرها 
به السلفء مما جاء في اللغة» كتفسيره للاستواء بالهيمنة 
والاستعلاء» وهذا يندرج تحت القسم الذي اعترف هو أنه " وقع 
في تأويله " ولم يقر له البقاء حتى يصححه كما تمنى. 

وسأعرض في هذا المبحث موقف سيد قطب ومنهجه في 
إثبات الصفات تفصيلاً حتى تتضح الرؤية لمنهجه في هذا 
الباب وذلك من خلال المطالب الآتية: 


١١هك‎ 





المطلب الأول 


أقسام الصفات الإلهية 

الصفات الإلهية التي وردت في الكتاب والسنة تنقسم إلى 
فسمين: 

القسم الأول: صفات ذاتية: وهي الصفات المتعلقة 
بذاته سبحانه وتعالى؛ التي لم يزل ولا يزال متصفاً بهاء ولا تنفك 
عنه سبحانه» بل هي لازمة لذاته أزلاً وأبداً» ولا تتعلق بها 
مشيئته وقدرته وهي من حيث ثبوتها قسمان: 

-١‏ عقلية: وهي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي 
والدليل العقلي والفطرة» كصفة الحياة» والعلم» والقدرة» والإرادة» 
والملك» والعظمة» والسمع» والبصر» ونحوها. 

١‏ - خبرية: وهي التي تثبت بطريقة السمع والخبرء ولا 
سبيل للعقل على انفراده بإثباتهاء كصفة الوجه واليدين والعين. 

القسم الثاني: صفات فعلية: وهي الصفات المتعلقة 
بمشيئته سبحانه وقدرته» إن شاء فعلهاء وان شاء لم يفعلهاء وهي 


من حيث ثبوتها قسمان: 


١٠١ /اه‎ 





-١‏ عقلية: كالخلق والرزقء والإحياءء والإماتة وأنواع 
التدبير المختلفة. 

؟- خبرية:_كالاستواء والمجيء والنزول والرضا والمحبة 
والبغض ونحوها. 

ومن الصفات ما هو ذاتي فعلي باعتبارين كصفة الكلام» 
فإنه باعتبار أصل الصفة؛ صفة ذاتية» لأنه تعالى لم يزل ولا 
يزال متصفاً بصفة الكلام» وباعتبار أحاد الكلام صفة فعلية؛ 
لأن الكلام متعلق بمشيئته تعالى فيتكلم بما شاء متى شاء " 
6 

وفي المطالب الأتية بيان للصفات التي تكلم عنها سيد 
قطب - رحمه الله -: 

المطلب الثاني 
الصفات الذاتية العقلية 

في هذا المطلب بيان لحقيقة الصفات الذاتية العقلية 
وموقف الفرق منهاء وكذا موقف سيد قطب - رحمه الله - 
وذلك في الفروع الآتية: 


)١(‏ ينظر تقسيم الصفات في : الأسماء والصفات للبيهقي /١‏ 184 » وشرح الواسطية 
لهراس ص 89 ؛ 58 . 


١٠١هم‎ 








الفرع الأول: صفة الحياة: 

صفة الحياة من الصفات الذاتية التي يثبتها أهل السنة 
والجماعة لله تعالى» وهي حياة حقيقية لاثقة بكماله وجلاله 
سبحانه» تباين المخلوقين من كل وجه؛ وهي مستلزمة لجميع 
صفات الكمال .)١(‏ وقد ورد وصف الله تعالى بها في كثير من 
الآيات القرآنية» والأحاديث النبوية. 

أما المخالفون لأهل السنة والجماعة» فإنهم ينفون هذه 
الصفة أو يؤولونها. 

- فالجهمية: لا يصفون الله تعالى بأنه حيء لأن 
تلشحت كيه عون ب تيه لسرا اهيا ا 

- والمعتزلة: يجعلونها صفة غير زائدة عن الذات» 
فهو حي بحياة وحياته ذاته» كما أنه عندهم عالم وعلمه ذاته 
0 

* صفة الحياة عند سيد قطب: 

أما سيد قطب - رحمه الله - فقد وقف في ظلال الآيات 
التي جاء فيها ذكر صفة الحياة لله مقرراً ما عليه أهل السنة 


. 1١ شرح العقيدة الطحاوية » ص‎ )١( 

(؟) مقالات الإسلاميين للأشعري /١‏ 57" » والفرق بين الفرق للبغدادي ص ١١؟١-‏ 

. 3 

(') شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ١87‏ . 
١٠١48‏ 








والجماعة من إثباتِ لهذه الصفة الذاتية على الوجه الذي يليق 


١‏ - في ظلال قوله تعالى: ( أنه لا إِلَهَ إلا لا هو الح الَْيومُ 
1 [سورة البقرة:55١]‏ » يقول سيد: " والحياة التي يوصف بها الإله 
الواحد هي: الحياة الذاتية التي لم تأت من مصدر آخر كحياة 
الخلائق المكسوبة الموهوبة لها من الخالق» ومن ثم يتفرد الله - 
سبحانه - بالحياة على هذا المعنىء كما أنها الحياة الأزلية 
الأبدية» التي لا تبدأ من مبدأء ولا تنتهي إلى نهاية. 

فهي متجردة عن معنى الزمان المصاحب لحياة الخلائق 
المكتسبة المحددة البدء والنهاية» ومن ثم يتفرد الله - سبحانه - 
كذلك بالحياة على هذا المعنى. 

ثم إنها هي الحياة المطلقة من الخصائص التي اعتاد 
الناس أن يعرفوا بها الحياة» فالله - سبحانه - ليس كمثله شيء» 
ومن ثم يرتفع كل شبه من الخصائص التي تتميز بها حياة 
الأشياء» وتثبت لله صفة الحياة مطلقة من كل خصيصة تحدد 
معنى الحياة في مفهوم البشر» وتنتفي بهذا جميع المفهومات 
الأسطورية التي جالت في خيال البشر " .)١(‏ 


.781 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 








الحياة الذاتية المطلقة من كل قيدء فلا شبيه له في صفته " .)١(‏ 


هه 


* - في ظلال قوله تعالى: (هْوَ الح لاله إِلَا هُوَ) 
[سورة غافر:15] ' يقول سيد: " أجل هو وحده الحيء الحي حياة 
ذاتية غير مكسوبة ولا مخلوقة» وغير مبتدئة ولا منتهية» وغير 
حائلة ولا زائلة» وغير متقلبة ولا متغيرة؛ وما من شيء له هذه 
الصدفة وين النقي #منهانه هو 'القنشرن الخياة 17 1400 وهو 
وحده الحي الذي لا يدركه سبحانه فناء ولا عدم 010 

وما ذكره سيد في النصوص السابقة هو ما عليه أهل 
السنة والجماعة في هذا الباب. 


الفرع الثاني: صفة القيومية: 

صفة القيومية عند السلف تدل على معنى الأزلية 
والأبدية» وعلى كونه موجوداً بنفسه» وعلى إقامته لغيره مع كمال 
عنام و فذوقه 1 
١‏ في ظلال القرآن » 0/١‏ 6"؟. 
في ظلال القرآن 5/ "١454‏ » وينظر أيضاً ©/ 7651/5. 


شرح العقيدة الطحاوية صن 5 517 


9 
ب 
5 


) 
) 
) 
) 


السسسل .. ل مسسسل... ل مسسل... للسسسل ‏ 


١٠١1١ 








صفة القيومية عند سيد قطب: يثبت سيد قطب هذه 
الصفة بمعناها عند السلف فيقول: " وأما صفة القيوم فتعني 
قيامه - سبحانه - على كل موجود» كما تعني قيام كل موجود 
به» فلا قيام لشيء إلا مرتكزاً إلى وجوده وتدبيره؛ لا كما كان 
أكبر الفلاسفة الإغريق - أرسطو- يتصور أن الله لا يفكر في 
شيء من مخلوقاته؛ لأنه تعالى أن يفكر في غير ذاته!! 
ويحسب أن هذا التصور تنزيهاً لله وتعظيماً: وهو يقطع الصلة 
بينه وبين هذا الوجود الذي خلقه؛ فالتصور الإسلامي تصور 
إيجابي لا سلبي» يقوم على أساس أن الله - سبحانه - قائم 
على كل شيء» وأن كل شيء قائم في وجوده على إرادة الله 
وتدبيره» ومن ثم يظل ضمير المسلم وحياته ووجوده ووجود كل 
شيء من حوله مرتبطأ بالله الواحد» الذي يصرف أمره؛ وأمر كل 
شيء حوله؛ وفق حكمة وتدبير» وقوله تعالى بعد ذكر صفة 
القيومية: !لا تَأَحْدُم َه وَلَاهْوَهُ ‏ توكيد لقيامه - سبحانه - على 
كل شيء وقيام كل شيء به» ولكنه في صورة تعبيرية تقرب 
للإدراك البشري صورة القيام الدائم» في الوقت الذي تعبر فيه 


عن مخالفة اش سيحاته لكل شوء: ( لس صثلوه كرض 2 )وفين 


١٠1 





717ل آل 17 ال تتوص قط ومنمجة فى العقيدة /و2 


تتضمن نفي السِئة الخفيفة» أو النوم المستغرق» وتنزهه - 
سبحانه - عنها إطلاقاً " .)١(‏ 


4 
3 


ويقول أيضا: ' ١‏ ألْمَيوْمُ 1 الذي به تقوم كل حياة» وبه يقوم 
كل وجودء والذي يقوم كذلك على كل حياة» وعلى كل وجود» فلا 
قيامٌ لحياة في هذا الكون ولا وجودٌ إلا به سبحانه " ('). 


. 585 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
"56 /١ المصدر السابق‎ (0 
١٠. 








الفرع الثالث: صفة العلم: 

صفة " العلم " من الصفات الذاتية التي يثبتها أهل السنة 
والجماعة لله عز وجل - بناءً على ما جاء من نصوص شرعية 
في القرآن والسنة» وهي صفة بها أحاط الله بجميع المعلومات 
على ما هي عليه؛ فلا يخفى عليه شيءٌ من الأمور الماضية 
والحاضرة والمستقبلة» ومن العالم العلوي والسفلى» فلا يغيب عن 
علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك» 


عه صر مم 


كما قال سبحانه: (ِلِبَعَاموا أن أمَهَ عل مَل مَيْء دير وأنَ الله قد امك 
م و ) [شون لف0015 
أما المخالفون لأهل السنة طائفتان: 
١‏ ) النفاة: وهم قسمان: 
- الجهمية: الذين. أنكروا الضيفات عموماً (). 
ب- المعتزلة: الذين أثبتوا الاسم ونفوا الصفة 
كمذهبهم في سائر الصفات الإلهية لأن إثباتها عندهم 
يوجب - بزعمهم - تعدد القدماء متأثرين في ذلك 


2 





. ينظر : شرح العقيدة الطحاوية » ص +0 -؟5١ » والتوحيد لابن خزيمة. ص‎ )١( 


» والرد على الجهمية للدارمي ص 7٠١8‏ » والشرك بالله أنواعه وأحكامه » ماجد شباله » 
ص 578 . 
)١(‏ ينظر : الفرق بين الفرق للبغدادي ص "١١‏ » والملل والنحل للشهرستاني 7/١‏ . 

١55 





بالفلاسفة فقالوا: إن الله عالم قادر حي بنفسه» لا بعلم وقدره 
وهنا 

') الغلاة: ومن أشهر طوائفهم الرافضة ("2» والباطنية 
(')؛ وغلاة الصوفية القبورية (5)» الذين وقعوا في الشرك 
بإثبات صفة العلم المحيط والمطلق لغير الله تعالى» حيث 
تطفح كتبهم في وصف الأثمة والأولياء بصفة العلم المطلق 
الذي لا يكون إلا الله سبحانه. 

- صفة العلم عند سيد قطب: يثبت سيد قطب- 
رحمه الله - صفة العلم المحيط المطلق لله وحده؛ مستنداً 
في إثباتها إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله وَلةْ وبيان 
ذلك فيما يأتي: 


)١(‏ ينظر :شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ١57-1١57‏ ء والمقالات 
للأشعري /١‏ 744 » وشرح العقيدة الطحاوية ص »١55‏ والحيدة » لعبد العزيز المكي 
ص 5ه . 

١ط ينظر : أصول الكافي للكليني تحقيق محمد جواد الفقية » دار الأضواء بيروت‎ )١( 
ودلائل الإمامة لأبى جعفر الطبري‎ » 531١65٠60558 /١ : عام 1195م‎ 
.57 الشيعي المطبعة الحيدرية النجف طبعة عام 59؟١ه ص‎ 

(") ينظر : تأويل الدعائم للقاضي نعمان بن محمد الإسماعيلي ١55/١‏ » والمجالس 
المؤيدية للشيرازني ص 44١‏ . 

(4:) ينظر : شرح المواهب للزرقاني 8/ 05 "؟.والإنسان الكامل للجيلي ؟/ 2:87 
والطبقات الكبرى للشعراني ١5٠١/7‏ . 


١ هك‎ 








١‏ - إيجاد المخلو قات يستلزم اتصافه سيحانه بالعلم» 
فبيستحبل ابيجاد المخلوقات مع | : 


يقول سيد- رحمهةه الله 2 إن هذا الوجود من الدقة 


والتقدير» بحيث لا يقع فيه حادث إلا وهو مقدر من قبل في 
تصميمه» محسوب حسابه في كيانه» لا مكان فيه للمصادفة» ولا 
شيء فيه جزاف وقبل خلق الأرض وقبل خلق الأنفس كان في 
علم الله الكامل الشامل الدقيق كل حدث سيظهر للخلائق في 
وقته المقدور. وفي علم الله لا شيء ماض ولا شيء حاضر ولا 
شيء قادم» فتلك الفواصل الزمنية إنما هي معالم لنا.. نرى بها 
حدود الأشياء... فأما الله سبحانه فهو الحقيقة المطلقة التي 
تطلع جملة على هذا الوجود» بلا حدود ولا قيود» وهذا الكون 
وما يقع فيه من أحداث وأطوار منذ نشأته إلى نهايته كائن في 
علم الله جملة بلا حدود فيه ولا فواصل من زمان أو مكان» 
ولكل حادث موضعه في تصميمه الكلي المكشوف لعلم الله ' 
00 

-١‏ ' أنه لا بد من العلم المحيط لإقامة ميزان الحق في 
الحياة: فما دام أن الاختلاف قائم في الحياة فلا بد أن يكون 
هناك ميزان ثابت يفيء إليه المختلفون» وحكم عادل يرجع إليه 





)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 5579 ١١17/١ ٠‏ بتصرف يسير. 
٠0‏ 








المختصمون» وقول فصل ينتهي عنده الجدل» وهو ما بعث الله 
به النبيين وأنزل به الكتب... 

واقامة ذلك الميزان الثابت تقتضي علماً غير محدود»ء علم 
ما كان وما هو كات وميا سبيكون #كلقة كله لأ مفيذا تقيوة 


الزمان التي تفصل الوجود الواحد إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل» 
والى مستيقن ومظنون ومجهولء» والى حاضر مشهود ومغيب 
مخبوء» ولا مقيداً بقيود المكان التي تفصل الوجود الواحد إلى 
قريب وبعيد» ومنظور ومحجوب» ومحسوس وغير محسوس» في 
حاجة إلى إله يعلم ما خلق» ويعلم من خلق» ويعلم ما يَصْلْح 
وما يُصْلِح حال الجميع " .)١(‏ 

*- أن_علم الله محيط وشامل لكل شيء: ' فالله يعلم ما يكون 
قبل أن يكون " (")» " ويعلم ما يكون علمه بما هو كائن" (') وهو 
سبحانه " يسمع القول ويعلم ما وراءه» كما يعلم مكنون القلوب " (5). 

' فإثبات صفة العلم المطلق لله سبحانه وتعالى يتفق مع 


وحدانية الله - سبحانه - وقوامته " )١(‏ يقول سبحانه (يَنْكَمْمَابَينَ 


. بتصرف‎ 5١1-5١5 /١ المصدر السابق‎ )١ 
. 3350/0 في ظلال القرآن‎ 
. 57١7 /5 المصدر السابق‎ 


0 
م 


)0( 
0( 
و 

. 59372 555/١ المصدر السابق‎ ):4( 
١٠ 








صد 


2 د جار 7 سوس سداد م 4 بيه ب 3 - 4 
يد يهم وَمَاحَلْمَهُمْ ولا طون سَىءٍ من عِلْمِوَ إِلَا يمَا شَآهَ 1 إسورة 


البقرة:55؟] » وهذه الحقيقة بطرفيها تساهم في تعريف المسلم بإلهه؛ 
وفي تحديد مقامه هو من إلهه» فالله يعلم ما يبن أيدي الناس وما 
خلفهم» وهو تعبير عن العلم الشامل الكامل المستقصي لكل ما 
حولهم» فهو يشمل حاضرهم الذي بين أيديهم» ويشمل غيبهم الذي 
كان ومضىء والذي سيكون وهو عنهم محجوبء ويشمل ما 
يعلمونه من الأمور وما يجهلونه في كل وقت»ء فهو تعبير يفيد 
شمول العلم وتقصيه؛ أما هم فلا يعلمون شيئاً إلا ما يأذن لهم الله 
أن يعلموه» وحقيقة علم الله الشامل من شأنه أن يحدث في النفس 
رجة وهزة» ويقفها عارية في كل لحظة أمام بارئها... إنه - سبحانه 
- هو الذي يعلم وحده كل شيء علماً مطلقاً شاملاً لدنياً ' ("), " 
يشمل من في السموات والأرض من ملائكة ورسل وانس وجن 
وكائنات لا يعلم إلا الله ما هي (). 

" ويرسم القرآن صورة لعلم الله الشامل المحيط؛ الذي لا 
يند عنه شيء في الزمان ولا في المكان في الأرض ولا في 


. 3754 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
الى كاك 156 521 كرتل‎ 2589/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
ا للضي‎ 
. 5١75 /5 (؟) المصدر السابق‎ 
08 








السماءء في البر ولا في البحرء في جوف الأرض ولا في 
طبقات الجو من حي وميت»ء ويابس ورطب بقوله سبحانه ( 


6 2 
ل سا م محدن مصخ م م خا 


وَعِنْدَهُ مَفَاتِحَ ألْعَيْبِ لا يَعَلْمهَا إلا هو وَيعَكَدُ ماف ار وَالسَحْرِ وَمَا 


م 


قاين ررقو لايقكتهة ابكو و للد الاق ول ل 

أبس إلا يكب مين 1 [سورة الأنعام:1] " .)0١(‏ " إنه تصوير 
إلهي؛ للعلم الإلمي» في مطارح وآماد لا يتجه إليها خيال البشر 
إذا خطر لهم أن يصوروا شمول العلم الإلهي " (")؛ ' إن 
الغبان البشيوي لإيظطلفق روزا النسن القصدين يركاك أفاقة الملوم 
والمجورل» ريعالق لشيس برك انم بورض ود رب ال مم له 
في أرجاء الكون الفسيحء ووراء حدود هذا الكون المشهود»ء وأن 
الوجدان ليرتعش وهو يستقبل الصور والمشاهد في كل فج وواد؛ 
وهو يرتاد - أو يحاول أن يرتاد - أستار الغيوب المخترية: في 
الماضي والحاضر والمستقبل.. مفاتحها كلها عند الله؛ لا يعلمها 
إلأاهو» ويجول في سشحافل البره:وقي .خزاباة"التحرة المكقيوفة 
كلها لفلم ادوقع الازراق: التنافطة من الأتهات لأ ويا 
ع #واضية الله على كل ورف فسقط هنا مقا وطحااف »ولس 4ك 


.١١١١/” » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 75/55 18 مقومات التصور الإسلامي ص‎ (0 
١.68 








حبة مخبوءة في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين الله» ويرقب 
كل رطب ويابس في هذا الكون العريضء لا يند منه شيء عن 
علم الله المحيط.. إنها جولة تدير الرؤوس تذهل العقول» جولة 
في آماد من الزمان وآفاق من المكان» وأغوار من المنظور 
والمحجوبء والمعلوم والمجهول... والفكر البشري لا يخطر له 
هذا الشمول والتتبع لمظاهر علم الله المحيط الشامل ولا يتأتى 
له.. ومن صور شمول العلم الإلهي قوله تعالى: ( يَعَلَم مَايلِح في 
رض هماو افلم السَمَآ ومَايَموعفِهَا ] لسورة 
10 

وصورة أخرى لعلم الله الشامل المرهوب يمثلها قوله 


تعاالى: إوَمَامِن دَآيَةَ في الأرض إلا عَلَ أَمَّهِرِرَفها وَل مُسَتْقرَهَا 


2 


وَمُسَيَوَدَحَهَا هل فيحكتّب مُبِينٍ 1 [سورة هود:1] » فهذه الدواب - 
وكل ما يتحرك على الأرض فهو دابة - من إنسان وحيوان 
وزاحفة وهامة» ما من دابة من هذه الدواب التي تملا وجه 
البسيطة» وتكمن في باطنهاء وتخفى في دروبها ومساربهاء ما 
من دابة من هذه الدواب الي لا يحيط بها حصر ولا يكاد يلم 





)١(‏ في ظلال القرآن؟/ ؟7١١7861١١1ء‏ بتصرف و"”/ 11/96 -91ا5.1/ 


ب ومقومات التصور الإسلامي ص14 0 
ث/ا ١٠.‏ 





بها إحصاءء إلا وعند الله علمهاء وعليه رزقهاء وهو يعلم أين 
تستقر» وأين تكمن» من أين تجيء» وأين تذهب» وكل فرد من 
أفرادها مقيد في هذا العلم الدقيق» إنها صورة مفصلة للعلم 
الإلهي في حالة تعلقه بالمخلوقات»؛ يرتجف لها كيان الإنسان 


حين يحاول تصورها بخياله الإنساني فلا يطيق' (') " (وَمَا 


0-2 
لد وو م ينلد م 00 


يعزب عن رَيِك من مُْقَالٍ دَرَوَ ا رض لاف السَّمَآهِ وَلَآأَصْعَرَ عن 
لِكَوَلا أكرإِلَا فْكِبٍ مين 1 [سورة يونس:١1]‏ » ويسبح الخيال 
مع الذرات السابحة في الأرضء أو في السماء» ومعها علم الله 
وما هوأصغر وأكبرمحصور في علم الله '("). 

4 - اختصاص الله وحده بالعلم المحيط والشامل وبعلم 
الغيب المطلق: ' فمفاتيح الغيب بيده سبحانه لا يعلمها إلا هوء 
وعند عتبة الغيب يقف الخلق كلهمء بما في ذلك النبي يلد فهو 
سبحانه وحده المختص بالغيب دون العالمين " وما يطلع الله 
عليه رسله من الغيب فهو في حدود ما يعاونهم على تبليغ 
تحوكته إل الناسن 110 وما اليدكر فنالا تملسو نينا الؤامنا 


. ١8655 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 

. 378٠5 /" في ظلال القرآن‎ )١( 

(") في ظلال القرآن 5/ 7377107 -37780 . مقومات التصور الإسلامي ص 5١5‏ . 
١/ا١6‏ 








يأذن الله أن يعلمون " .)١(‏ ' والجن كذلك محجوبون عن الغيب 
القريب» فكيف يطلب بعض الناس عندهم الغيب البعيد " ("). 


الفرع الرابع: صفة القدرة المطلقة: 
صفة القدرة المطلقة من الصفات الجامعة الثابتة لله 
وحذه» وقد وصف الله نفسه في آأيات د ناته قادر على كل 


3 


ع 

وأهل السنة والجماعة يثبتون لله صفة القدرة المطلقة فالله 
على كل شيء قديرء وكل ممكن فهو مندرج في هذاء وأما 
المحال لذاته فهو لا حقيقة له» ولا يتصور وجوده؛ ولا يبسمى 
شيئاً باتفاق العقلاء» ومن ذلك خلقه سبحانه مثل نفسه؛ وإعدام 
نفسه» وأمثال ذلك من المحال. 

والأصل في إثبات صفة القدرة هو الإيمان بربوبية الله 
التامة» فلا يؤمن بتمام الربوبية وكمالها إلا من آمن بأنه على 


كل شيء قدير (0). 


. 3١86 /4 3589 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق ©/ 53٠6٠١‏ . 
(؟) شرح العقيدة الطحاوية » ص ١١7‏ » وينظر الأسماء والصفات للبيهقي 25١8/١‏ 
درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 51/57» 
١‏ 





11111171717 هبك قطي ومنمجه في العفيدة و6 


ا 





وقد حرفت المعتزلة مفهوم القدرة فقالوا: إنه قادرٌ على كل 
ما هو مقدور له» وأما نفس أفعال العباد فلا يقدرها عليهم» 
وتنازعوا هل يقدر على مثلها أم لا؟ فسلبوا صفة كمال القدرة 
على كل شيء»ء ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة 
أن يقال: هو عالم بكل ما يعلمه.. ونحو ذلك من العبارات التي 
لإاقائقة فيا 17), 


. ١١7 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 


١٠١ا/؟‎ 








صفة القدرة المطلقة عند سيد قطب: 
أما سيد قطب - رحمه الله - فيثبت صفة القدرة المطلقة 


لله سبحانه» وكلامه في ذلك كثير جداً في ظلال الآيات التي 


ورد لفظ القدرة حيث يقرر: 

-١‏ أن الله قديرٌ على كل شيء» فلا يعجزه أمرٌ ولا 
يفوته شيء» فهو قادر على كل شيءٍ لا يعجزه أحدء ولا 
يمتنع عليه أحد " ('). 

-١‏ أن قدرة الله كاملة لا تتأثر بالزمن» مطلقة لا تقيد 
بحد ولا قيد» شاملة لكل شيءٍ كان أو يكون لا تنحصر في 
حدود» وأنه يفعل ما يشاء بلا معقب. ("). 

فمدلول قوله تعالى (وَهْوَ عَكَكلٍ مَيَودُ1 واسع 
وشامل بحيث لا تبقى وراءه صورة لا يتناولها مدلوله (), 
بما في ذلك أفعال العبادء فكل شيءٍ داخل في عموم قوله 


وس لء 


تعالى: (وَنَهعَكَكُنَ كَوِْكَيِةُ !. 


(0) في ظلال القرآن 005/١‏ 5ن 15:ه2 5 /لاكاء 98 اماك ددر 
1 مل . 
)١(‏ ينظر : في ظلال القرآن /١ ١‏ 94” 7442 5ل ع5 لات 5/ 
اال هل مو كك ولااى الا 25147 14ه5 ع قاره؟ 
(") المصدر السابق » 5/ 517١‏ ء وينظر ايضاً 5/ 95.5 3581 .39165 
07 








الفرع الخامس: صفة الإرادة: 

صفة الإرادة من الصفات الثابتة لله سبحانه وتعالى في 
كثير من نصوص الكتاب والسنة» وهي عند أهل السنة 
والجماعة على نوعين: 

١‏ - قدرية كونية خلقية» وهي شاملة لجميع الحوادث» 
وهي المذكورة في قولهم: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. 

١‏ - دينية أمرية شرعية: وهي المتضمنة للمحبة والرضى؛ 
المتعلقة بأمره سبحانه» فالله تعالى وان كان يريد المعاصي قدراً» 
فهو لا يحبها ولا يرضاها ولا يأمر بهاء بل يبغضها وينهى عنها 
0 

وخالف فى ذلك القدرية المعتزلة: فزعموا أن الله لا يريد 
المعاصي بمعنى لا يقدرهاء وأنه سبحانه أراد الإيمان من الناس 
كلهم والكافر أراد الكفر!. وقولهم فاسد مردود لمخالفته الكتاب 
والسنة والمعقول الصحيح 0 

صفة الارادة عند سيد قطب: يثبت سيد قطب - رحمه 
الله - الإرادة صفةً لله سبحانه وتعالى» ويقرر أنها إرادة مطلقة 
شاملة لكل شيء» حيث يقول في ظلال قوله تعالى: ‏ فَعَالّلْمَا 
)١(‏ شرح العقيدة الطحاوية ص 28 وما بعدها . 


0( المصدر السابق ص 6لا . 


١ هما‎ 








رِيدٌ 1 [سورة البروج:5١]‏ : " وهذه صفته الكثيرة التحقق الدائبة 
العمل» فعال لما يريد» فهو مطلق الإرادة» يختار ما يشاء» ويفعل 
ما يريده ويختاره» دائماً أبداً فتلك صفته. 


يريد مرة أن ينتصر المؤمنون في هذه الأرض لحكمة 
يريدهاء ويريد مرة أن ينتصر الإيمان على الفتنة» وتذهب 
الأجسام الفانية لحكمة يريدهاء يريد مرة أن يأخذ الجبارين في 
الأرض» ويريد مرة أن يمهلهم لليوم الموعود لحكمة تتحقق هنا 
وتتحقق هناك في قدره المرسوم. 

فهذا طرف من فعله لما يريد.. وتبقى حقيقة الإرادة 
الطليقة» والقدرة المطلقة وراء الأحداث؛ ووراء الحياة والكون 
تفعل فعلها في الوجود " .)١(‏ 

ويقول: " فإرادته مطلقة غير مقيدة؛ فإذا أراد شيئاً فإنما 
يقول له كن فيكون» سواء أراد بالخلق سوءاً» أم أراد بهم رحمة 
فمشيئته طليقة» وارادته حاكمة» وهو سبحانه متفرد بالحكم وفق 
مايريد» ليس هناك من يريد معه؛ أو يحكم بعده؛ أو يرد ما 


حكم به " 0 


. 381/6 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ينظر :في ظلال القرآن ؟/ لالام ,ع ككدمء 5856/6 الاوك /ا.”,.‎ )١( 
١٠١ 








كما يقررسيد الفرق بين الإرادة والمشيئة الشرعية الأمرية 


التي تتضمن المحبة والرضىء وبين الإرادة القدرية الكونية 
الشاملة المتعلقة بالخلق والإيجاد لكل شيء» خيراً أو شراً 
لحكمة» فيقول: ' فالله سبحانه لا يريد لعباده الشرك» ولا يرضى 
لهم أن يحرموا ما أحله من الطيبات وإرادته هذه ظاهرة 
منصوص عليها في شرائعه على ألسنة رسله.. وآية عدم رضاه 
عن مخالفة أمره أخذه المكذبين.. إنما شاءت إرادة الخالق الحكيم 
أن يخلق البشر باستعدادٍ للهدى والضلال» وأن يدع مشيئتهم 
حرة في اختيار أي الطريقين» ومنحهم العقل يرجحون به» وأنزل 
لهم شرائع يزنُ وفقها العقل الأمور» ثم هم فريقان بعد ذلك؛ 
فريق استجاب للهدىء وفريق ضلء وكلاهما لم يخرج عن 
مشيئة الله» إنما سلك طريقه الذي شاءت إرادة الله أن تجعل 
إرادته حرة في سلوكه بعدما زودته بمعالم الطريق " ('). 


. بتصرف‎ 7١1١-7١7١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١١ 








الفرع السادس: صفتا السمع والبصر: 

صفتا السمع والبصر من الصفات الإلهية التي جاءت 
بها الأدلة الشرعية في الكتاب والسنة» ودلّ عليها العقل أيضاً 
0 


وأهل السنة والجماعة يثبتونهما لله سبحانه وتعالى» بناءً 
على ما ورد فيهما من نصوصء ونفت المعتزلة هاتين 
الصفتين» وأرجع بعضهم معناها إلى الحياة» وبعضهم إلى 
العله("). 

صفتا السمع والبصر عند سيد قطب: يثبت سيد 
للف خ اسيم اوح دنا ادمع العم :دقان قسن 
ظلال كل آية ورد فيها وصف الله بالسمع والبصر ومن ذلك: 


ط- ور لسر دين 
تلا قرت المسعد الْحَرَاق إل المسمد ا لاما ليف تركا سات ريه 


0 هو آلسَمِيعٌ الْبَصِير ) إبنتتوزة الإمكبراء ]| يفول" 


)١(‏ انظر : التوحيد لابن خزيمة ص 42-45 » وشرح الأصفهانية لابن تيمية ص 
١١91-0‏ ءوالإبانة للأشعري ص ؟؟ », والرد على الجهمية للدارمي ص ” » 
والأسماء والصفات للبيهقي /١‏ 797. . 

»59/١ انظر : أصول الدين للبغدادي ص 45.ء والملل والنحل للشهرستاني‎ )١( 
.١55/١ ومقالات الإسلاميين للأشعري‎ 

١٠١الم‎ 








الوصف لله ل َه هْوََلسمِيعٌ البْصِيِرٌ ] وفقاً لدقائق الدلالات 
التعبيرية بميزان دقيق حساس» فالتسبيح يرتفع د إلى ذات 


الله سبحانه».. والوصف بالسمع والبصر يجيء في صورة الخبر 
الثابت لذاته الإلهية " .)١(‏ 


1- يقرر في أكثر من موضع: أن الله سميعٌ بصيزء 
سميعٌ يسمع القول وما وراءه بصيرٌ يرى» مع تنزيهه سبحانه 
عن مشابهة الخلق» حيث يقول في ظلال قوله تعالى: ( لَيْسَ 
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيع الْبَصِيرُ » (): ' ثم تفرد هو دون 
خلقه جميعاً» فليس هناك من شيء يماثله - سبحانه -.. والفطرة 
تؤمن بهذا بداهة» فخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي 
من خلقه؛ ومع أنه - سبحانه - [لَيسَكمّيى تَى” )فإن 
الصلة ينه وييق ما :خلق ليس متقطعة لهذا الأختلاتف الكامل: 
فهو يسمع ويبصرء # وهو السميع البصير © ثم يحكم حكم 
السميع البصير" (). 


.7377 5 في ظلال القرآن‎ )١( 

0( سورة الشورى » الآية 1١١‏ . 

(؟) في ظلال القرآن 5/ 5١55‏ » وينظر أيضاً » 751//١‏ 549/92 . 
0 








*- يقرر أيضاً: أن سمع الله محيط بكل شيء» فقوله 
تعالى: (وَلَهُْمَاسَكَنَ ف اليل وَالََارِ وهْوَاَلتَميعٌالْعَلِيِمٌ 1 إسورة 
الأنعام:7١]‏ » تقرير لملكية الله للخلائق كلها.. والتعقيب بصفتي 
السمع والعلم» يفيد الإحاطة بهذه الخلائق» ففيها تقرير بوجوب 
توحيد الله» بما أنه المالك المتفرد بملكية كل شيء؛ في كل 
زمان ومكان» الذي يحيط سمعه وعلمه بكل شيء»ء وبكل ما 
يقال عن كل شيء كذلك " ('). 


وفي ظلال قوله تعالى: [فَدَسَِعَ هَل ألَى يلك في 
52 خخ صب مود صمو سح م ب 
َوْجهَا نستي إل الله واه يسَمَعٌ وض إن لَه سيم بصِيرٌ 1 اسورة 


المجادلة:١]‏ . 
يقول سيد: " وقد سمع الله سبحانه المرأةء وهي تحاور 
رسول الله يَل.. ولم تكد تسمعها عائشة وهي قريب منهاء وهي 
ضدوزة تمل القلب وجو اله وقزية وخطفه وريعايقه (5) “فيا 
هو الشأن الذي سمع الله ما دار فيه من حوار بين رسول الله 
يي والمرأة التي جاءت تجادله فيه.. فإذا الله حاضر هذا الشأن 
الفردي لامرأة من عامة المسلمين» لا يشغله من سماعه تدبيره» 

لملكرت السموات: والاركخن:, 


. 7٠٠١61" في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
. "5٠5 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 








تقول عائشة - رضي الله عنها: - الحمد لله الذي وسع 
تنسعة الأضبوات: لقذ حاعت المتحاذلة هولة إلى .روتوك اللد عد 
في جانب البيتء ما أسمع ما تقول» فأنزل الله عز وجل: 
[هَدَسعَلَّهُ وى حك في رَوْحِهَا ) (').. وهو مطلع ذو إيقاع 
عجيب» إنكما لم تكونا وحدكماء لقد كان الله معكما - وكان 


يسمع لكماء لقد سمع الله قول المرأة.. إن الله سميع بصير يسمع 
ويرى' ("). 

تنبيه:_ذكر الشيخ الدويش - رحمه الله - قول سيد في 
قصة المجادلة في النص السابق: " وقد سمع الله للمرأة وهي 
تحاور رسول الله يَيْدٍ فيهماء ولم تكد تسمعها عائشة وهي قريبة 
منهاء وهي صورة تملأ القلب بوجود الله وقربه وعطفه ورعايته 
»ثم علق عليها بقوله: " كلامه - أي سيد - تأويلٌ لصفة 
السمع»؛ وصرف لها عن ظاهرهاء وهذا قول أهل البدع؛ وأما 
أهل السنة والجماعة فيثبتون له تعالى صفة السمع على ما يليق 
)١(‏ رواه : النسائي في الظهار 48٠0/9‏ برقم ,"56٠‏ وابن ماجه في الظهار 55//١‏ 


برقم 7٠١77‏ . وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 588/7 . 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 75.5 ,"5٠.05‏ بتصرف » وينظر أيضاً : ١5170115 /١‏ 





4 ”,2 كلل “ال 55"ل لاكة: ,2 لىركة 2 / كقلال 2,555 ؟/ 1956 


04ل .55ل كلدل كءثلال لرا لال / معارة لك 8١"”ل‏ ه::5ل ه/ 


كن الاك يقد كم 0 


١١م١‎ 





8 0ه 


بجلاله وعظمته.. وأما ما ذكره فهو من لوازم هذه الصفة وليس 


هو مغتاه :" .)١(:‏ 

ويظهر أن الشيخ - رحمه الله - لو قرأ كلام سيد كاملاً- 
وهو في ثلاث صفحات في الظلال - لتبين له أن سيد يثبت 
الصفة بمعناهاء كما هو واضح في النص الذي نقلته عنه قبل 

ولكن سيداً - رحمه الله - كطريقته يربط بين النص 
القرآني» وبين ما ينبغي فهمه واستشعاره من مدلول النص» وهو 
ما أشار إليه في الفقرة السابقة. 

وعموماً فالنتصوص السابقة كافية وصريحة في إثبات 
سيد صفتي السمع والبصر لله- تعالى- مع تنزيهه سبحانه عن 
مشابهة الخلقء وبأن الله يسمع ويرىء الأمر الذي يشعر 
الإنسان بقرب الله ومعيته وحضور أمره كله. 


الفرع السابع: صفة الكلام: 
صفة الكلام الإلهي من الصفات التي كثر الجدل حولها 
بين الفرق الإسلامية» وعظمت بسببها الفتنة لاتصالها بمسألة 


٠. 
.ا‎ 


خطيرة تبنى الجهمية والمعتزلة ترويجها ونشرها بشتى الأساليب 


. 7378 المورد الزلال » للشيخ عبد الله الدويش ص‎ )١( 
١م‎ 








وهي مسألة " القول بخلق القرآن '"» مما جعل الناس يتنازعون 
فيها نزاعاً كبيراً» وينقسمون إلى طوائف مختلفة» حتى قبل إن 
علم الكلام إنما سمي كذلك أخذاً من الكلام في هذه الصفة» وقد 
ذكر شارح الطحاوية - رحمه الله - أن الخلاف في هذه 
المسألة ينحصر في تسعة أقوال ذكرها ونسبها إلى أصحابها 
('» إلا أن أشهر تلك الأقوال في نظري ثلاثة قال بها ست 
فرق غير قول أهل السنة والجماعة وهي: 

١‏ - الفلاسفة: يرون أن الكلام هو ما يفيض على 
النفوس» من العقل الفعال أو من غيره» ويزعمون أن الله إنما كلم 
موسى من سماء عقله» أي بكلام حدث في نفسه لم يسمعه من 
خارج ('). 

وهذا القول بلا شك أبعد الأقوال عن روح الإسلام لكونه 
مناقضاً للنصوص الصريحة المثبتة للوحي وللكلام الإلهي 
حقيقة وليس خيالاً. 

؟ - المعتزلة والجهمية: ينفون صفة الكلام الإلهي؛ 
ويزعمون أن معنى كونه تعالى متكلماً أنه خالقّ للكلام في 


)1 التضكو النلائق عنمن اها ومعتراعة الرساكل والشباكل لاق الي 1010/8 
م١‏ 








غيره» وليس الكلام صفة قائمة به .2١(‏ وبالتالي فالقرآن عندهم 

* - الكلابية والأشعرية: يرون أن الله تعالى متكلمٌ بكلام 
قائم بذاته أزلاً وأبدأء ولا يتعلق بمشيئته وقدرته؛ أي أن الكلامَ 
نفسي» وأنه قديم أزلي وليس بحرف ولا صوت» وأن الذي نقرأه 
عبارة عن كلام الله القديم» والمعنى فيه واحد هو الأمر والنهي 
والخبر والاستخبارء إن عُبّر عنه بالعربية كان قرآناً» وإن عبر 
ففة بالعيرية كان :001 

؛ - أما أهل السنة والجماعة: فيرون أن الكلام صفة 
من صفات الله الذاتية والفعلية» فالله تعالى لم يزل ولا يزال 
متكلماًء إذا شاء» ومتى شاءء وكيف شاء» وهو يتكلم بصوت 
وحرف يُسمعء وأن نوع الكلام قديم» ولا يبحثون في كيفية تكلمه 
تعالى به» وأن القرآن الكريم جميعه حروفه ومعانيه كلام الله 
منزل غير مخلوق. 


)١(‏ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 578 » وشرح العقيدة الطحاوية ص 
١/7‏ . 





(؟) شرح المقاصد للنفتازاني ”/ 18 » وأصول الدين للبغدادي ص ٠١6‏ » وشرح 


العقيدة الطحاوية ص 7١7‏ . 
١٠١‏ 


هيت قطي ومنممه في العقيدة 2# 





ويستدلون على إثبات صفة الكلام وعلى أن القرآن كلام 
الله حقيقة بأدلة كثيرة ومتنوعة من الكتاب والسنة والعقل 
والإجماع؛ ردّوا بها على أدلة المخالفين من الجهمية المعتزلة 
والأشاعرة» وغيرهم ممن خالف في هذا الباب .)١(‏ 

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - طرقاً 
عديدة في إثبات كون الله تعالى متكلماً» منها: 
١‏ -إثبات الكلام لله تعالى كقوله تعالى: [وَكَمَ أله مُوس 


تَكَلِيمًا 1 [سورة النساء:4"١]‏ » وقوله ( وَلْمَاجَاءَ مُومئ لمِيقَلدِنا 


وكلم رن اخ ]ضورة اماس 1 ا 
؟-إضافة القول إلى الله سبحانه كقوله تعالى: ١‏ قَالَأَنّهُإِنَ 


0 ببحم 1 [سورة المائدة:5١١]‏ » وقوله تعالى: [ والله يقوا 


001 


لْحَقّ 1 [سورة الأحزاب:؟] . 


١١5 ينظر : خلق أفعال العباد للبخاري الدار السلفية الكويت ط عام 505 ١ه ص‎ )١( 
وما‎ 7١4 والرد على الجهمية للدارمي الدار السلفية الكويت» ط١ عام 05٠5١ه ص‎ » 
وعقيدة‎ » 738 -7”١ بعدها » وشرح الأصفهانية لابن تيمية » والإبانة للأشعري ص‎ 
السلف أصحاب الحديث للصابوني تحقيق د/ الجديع دار العاصمة الرياض ط ”عام‎ 
ومختصر الصواعق لابن القيم ؟/ 7937, ولوامع الأنوار للسفاريني‎ ١7/١ 8أه‎ 
. 5١ والتمهيد لابن عبد البر /ا/‎ .١185 .١75 »ء وشرح العقيدة الطحاوية ص‎ 0١ 

١ 








ما ذكره 0 من كلمته سبحانه وكلماته كقوله تعالى: + 


شال ابه ذا من رَيَلَتَ 1 [سورة يونس:5١]‏ » وقوله: ( 
1 2 ديك صِدَمًا ور 1 [سورة الأنعام:5 ]١ ١‏ : 
#حبا كن فى القزا نمق مفانا نه سمدانة وخ لحاكد كزر ره تعاتق: 


سس سور ( 3-7 جه 


(وندينه من مون م [إسورة مريم: :"5] أوقوله ١‏ وَنوم 


رمي جرع معيو 


يديهم فيقول أبن شرك 1 [سورة القصص :11]. 
ه-ما في القراآن من ذكر إنبائه وقصصه كقوله تعالى: ديا 


2 له 


أَنَهِنَ َعبَار حم ] [إسورة التوبة:14] » وقوله ( نحن نمض عَليَكَ 


عي المعتضى العو شك 1 
5-ما ذكر في القرآن من إضافة الحديث إلى الله كقوله تعالى: ( 


1 


وَمَنّ أَصَدَقٌ مِنَألَهِ حَدِينًا 1 [سورة النساء:80] » وقوله: [أَّه يَيلَ لَحْسَنَّ 
لَكَرِيثِ ) [سورة الزمر:"؟] . 
ا-ما ورد في القرآن من وصف للقرآن نفسه بأنه كلام الله 


تعالى كقوله: (25 جره حَقَّ يَسْمَمَْ كلم أله 1 [سورة التوبة:1] » وغير 
ذلك من الأدلة التي تدل على اتصافه سبحانه بصفة الكلام .)١(‏ 


. 55 شرح العقيدة الأصفهانية ص‎ )١( 
١ءملك‎ 








-ما ذكره القرآن من أن كلمات الله تعالى لا نهاية لهاء كما 


في قرح هتعانق :61114 التقنية الكل 11 1 


َعَدَكِمَتُ رَقَ وَلَوْ حِْنَا نئل مدا 1 [سورة الكهف:5١٠]‏ . 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "وقد ضرب الله تعالى 
لكلامه واستمراره ودوامه المثل بالبحر» يمده من بعده سبعة 
أبحر» وأشجار الأرض كلها أقلام» فيفنى المداد والأقلام ولا تنفد 
كلماته» أفهذا صفة من لا يتكلم» ولا يقوم به كلام؟ فإذا كان 
كلامه» وتكليمه» وخطابه؛ ونداؤه؛ وقوله» وأمره» ونهيه» ووصيته؛ 
وعهده؛ واذنه وحكمه؛ وانباؤه واخباره» وشهادته» كل ذلك مجاز 
لا حقيقة له» بطلت الحقائق كلهاء فإن الحقائق إنما حقت 
بكلمات تكوينه ( وين أله الح كمه ولوك الْسجْمُونَ ) 
انور يضق 15 فما يحقك الخقائق إل يفوله ورهن 217 

صفة الكلام عند سيد قطب: 

بما أن صفة الكلام مرتبطة بقضية خلق القرآن وبما أن 
البعض يتهم سيداً بأنه يقول بخلق القرآن فسأعرض هنا موقف 
سيد من إثبات صفة الكلام الإلهي أولآ» ومن ثم موقفه من 
قضية خلق القرآن وذلك فيما يأتي: 


. 785 مختصر الصواعق لابن القيم » ؟/‎ )١( 
١ 04 








ع 


أولاً: موقف سيد قطب من إثبات صفة الكلام 


الإلهي: 
كصفة من صفات سبحانه» لا تشبه صفات المخلوقين» وان كان 
اهكان 

وبالنظر فيما ذكره شيخ الإسلام - رحمه الله - وغيره من 
طرق إثبات كلام الله تعالى المتنوعة الأساليب» وبعرض كلام 
إثبات الكلام الإلهي» نجد أنه يوافقهم في ذلك» وبيان ذلك كما 


ع 
5 


يأتي: 





أ - في ظلال قوله تعالى في قصة آدم: (وَنَادَنهُمَا ريم 
أأنَكُمَا عَنيِلكمَا لبر ] إسورة الأعراف:55] » 

يقول: ' وسمعا هذا العتاب والتأنيب من ربهما على 
المعصية» وعلى إغفال النصيحة» أما كيف كان النداء» وكيف 
سمعاه؛ فهو كما خاطبهما أول مرة» وكما خاطب الملائكة؛ وكما 


-ه 


١مم‎ 





خاطب إبليسء كلها غيب لا ندري عنه إلا أنه وقع؛ وأن الله 
يفعل مأ يريد 0١1"‏ 
يثبت كلام الله لأهل الجنة وتسليمه عليهم (")» وكذا 


حواره - سبحانه - مع أهل النار ومنعهم من الكلام معه 
تسحاتة 2')توغيزة ذلك 
ب - يثبت كلام الله لموسى عليه السلام في مواطن كثيرة 
منها: 
- في ظلال قوله تعالى | وَلمَاجََ مُومَ لِمِيمَدِا وَكلّمَه 
َجُدُدقَالَ رت رف أنظرٌ إِليَلَكَ ) [سورة الأعراف:47١]‏ » يقول: ' 
وهذا المشهد الفذ الذي اختص الله به نبيه موسى - عليه 
السلام» مشهد الخطاب المباشر بين الجليل - سبحانه - وعبدٍ 
من عباده؛ المشهد الذي تنصل فيه الذرة المحدودة الفانية؛ 
بالوجود الأزلي الأبدي بلا وساطة» ويطيق الكائن البشري أن 
يتلقى عن الخالق الأبدي».. ولا ندري نحن كيف.. لا ندري كيف 
كان كلام الله - سبحانه - لعبده موسى.. ولا نحاول أن نفسده 
بسؤالنا عن الكيفية.. إنها الوهلة المذهلة وموسى يتلقى كلمات 


. 556 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
. في ظلال القران ه51‎ )١( 
. 5548١ /5 (؟) المصدر السابق‎ 
١1 








ربه» وروحه تتشوق وتشتاق إلى ما يشوق! فينسى من هو 
ويطلب ما لا يكون لبشر في هذه الأرضء وما لا يطيقه بشر 
في هذه الأرض» يطلب الرؤية الكبرى'" .)١(‏ 

- وفي ظلال قوله تعالى: [قَالَ يَمُوسَحَإِقَ آصْطْمِيَتكَ عل 


َلنَاس برِسلدق وَيَكَلْهى 1 [سورة الأعراف:4 5 ]١‏ » يقول: " نفهم 
من قوله الله سبحانه لموسى- عليه السلام - أن المقصود 
بالناس الذين اصطفاه عليهم هم أهل زمانه - فالرسل 
كانوا قبل موسى وبعده؛ فهو الاصطفاء على جيل من 
الناس بحكم هذه القرينة» أما الكلام فهو الذي تفرد به 
موسى - عليه السلام - " (1). 
ويقرر أيضاً أن الله تعالى كلَّمِ موسى تكليماًء وأن هذا 
الكلام نوع من أنواع الوحي إلى الرسل فيقول: " وموكب الأنبياء 
واحد في تاريخ البشرية.. كلهم تلقى الوحي من الله.. وإذا كان 
الله قد كلم موسى تكليماً فهو لون من الوحي لا يعرف أحد 
كيف كان يتم.. فلا نعلم إلا أنه كان كلاماً " (). 


. بتصرف يسير‎ ١75 /” في ظلال القرآن‎ )١( 

. 1 في ظلال القرآن‎ )١( 

0( المصدر السابق ”/ 6٠5‏ بتصرف يسير . 
١.9‏ 








" وحين يذكر تكليم الله لأحدٍ من الرسل ينصرف الذهن إلى 
موسى - عليه السلام - " .)١(‏ 

- ويقول أيضاً " كل ذلك وموسى - عليه السلام - بين يدي 
ربه في مناجاة وكلام " ('). 

ج - في ظلال قوله تعالى [حَدُوُمَمُهُ 1 [سورة الحاقة::”] ... 
خذوه كلمة تصدر من العلى الأعلىء» فيتحرك الوجود كله على 
هذا المسكين الصغير الهزيل» ويبتدره المكلفون بالأمر من كل 
جانب. كما جاء في الأثر ' إذا قال الله تعالى: خذوه ابتدره 
مفتسورة الفه ا ا 


وس ررس بيع لس 


ه - وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ وَإِنك لعل حَلَقَعَظِيوِ) [سورة 
القلم:4] . يقول سيد: " ودلالة هذه الكلمة تبرز من نواح شتى - 
من كونها كلمة من الله الكبير المتعال.. وفي إطاقة محمد 4# 
لتلقيهاء وهو يعلم من ربه هذا قائل هذه الكلمة ما هو؟ ما 
عظمته؟ ما دلالة كلماته؟.. ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها 


أعظم بصدورها عن العلي الكبير.. أعظم بتلقي محمد لها.. 


٠5785 /١ المصدر السابق‎ )١ 
. ١7175 /” في ظلال القرآن‎ ) 
ونسبه إلى الفضيل بن عياض‎ » 36١7/8 انظر : تفسير ابن كثير‎ ) 
. 317 7 في ظلال القرآن‎ ): 


0 
م 


) 
) 
) 
) 


٠١0١ 





هيت قطيى ومنهجة في العقيدة 





وبقائه بعدها ثابتاً راسخاً.. وهو الذي سمع ما سمع من العلى 
الكبير " .)١(‏ 

فهذه نماذج من كلام سيد في إثبات الكلام لله تعالى؛ 
وهناك نصوص أخرى في مواطن متعددة ("). 

؟ - يقررسيد قطب أن كلمات الله متجددة لا تنفد 
لأن علمه سبحانه لا يحد» وقدرته على الخلق والتكوين المتجددين 
بغير ما نهاية» ومشيتته المطلقة التي لا نهاية لما تريد. 


آ ١‏ 2 واو 


ففي ظلال قوله تعالى: [ وَلَوْ أَتَمَاِقَالْرضِ من سَّجَرَةٍ ألم 
التق يكل يسو سيفة أ 6اتزد تملك اله إن دعر 
حَكيِمٌ ) [سورة لقمان:؟] » يقول: " إن البشر يكتبون علمهم 
ويسجلون قولهم ويمضون أوامرهم» عن طريق كتابتها بأقلام... 
يمدونها بمداد من الحبر ونحوه؛ ولا يزيد هذا الحبر ونحوه على 
ولم كزاة انها عاك 


. في ظلال القرآن 5/ 5157 بتصرف يسير‎ )١( 

ءالا١ 1845ل ءلالاء اكه‎ 26٠ "الى‎ /١ ينظر ذلك في : ظلال القرآن‎ )١( 
كر كلت كلل كل لالاحكى لاحك لار اك لاتل الكل مكل‎ 
#الىة ل لهكتلى  الال كدملال #لرعلذمل ععارل لكزلل هل :كلا لاملل‎ 
. كلسل معلا لأكلالل الركى مكدمى لالأحثى 551". وغيرها‎ 

600 








فها هو ذا يمثل لهم أن جميع ما في الأرض من شجر 
تحول أقلاماً؛ وجميع ما في الأرض من بحر تحول مدادا» بل 
إن هذا البحر أمدته سبعة أبحر كذلك» وجلس الكُتّاب يسجلون 
كلمات الله المتجددة الدالة على علمه» المعبرة على مشيئته؛ 
فماذا؟ لقد نفدت الأقلام والمداد» نفدت الأشجار ونفدت البحار» 
وكلمات الله باقية» لم تنفد ولم تأت لها نهاية»... إن كلمات الله 
لا تنفد لأن علمه لا يحدء ولأن إرادته لا تكف ولأن مشيئته - 
سبحانه - ماضيةٌ ليس لها حدود ولا قيود " ('). 

قررسيد قطب أن الله تعالى "يتحدث" وأنه 

يخاطب"الخلق» : مرادفات | 

فيقول في مقدمة الظلال: " لقد عشت عشت أسمع الله - سبحانه 
- يتحدث إليّ55 بهذا القرآن" ('). وفي ظلال قوله تعالى: | 
كنا أرَسَلْنَافِكُمْ رَسُولًا مَنَكُمْ يتوعد يندا وَبفِكُمْ ) 
[سورة البقرة:١5١]‏ » يقول: " فما يتلو عليكم هو الحقء والإيحاء 
الآخر هو الإشعار بعظمة التفضل في 0 يخاطب الله العبيد 
بكلامه» يتلوه عليهم رسولهم -» وهو تفضل يرتعش القلب إزاءه.. 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 7715 بتصرف يسير. 
(؟) المصدر السابق 71/١‏ . 
١٠١7‏ 








ويتحدث إليهم بقوله» ويمنحهم هذه الرعاية الجليلة " .)١(‏ 

'" وهذا القراآن هو القرآن» كلام الله إلينا وخطاب الله لهذا 
الإنسان الذي لا يتغير'("2» " وتتجلى منةٌ الله في تكريمه للناس 
بإرسال رسول من عنده يخاطبهم بكلام الله الجليل».. فلو تأمل 
الإنسان أن الله الجليل» سبحانه - يتكرم عليه» فيخاطبه 
بكلماته» يخاطبه ليحدثه عن ذاته الجليلة وصفاته... ثم يخاطبه 





ليحدثه عن شأنه هو -الإنسان- وعن حياته.. يخاطبه ليدعوه 
إلى ما يحيه ويصلح قلبه وحاله " (). 

ويقول: " لقد كان الله سبحانه يخاطب بهذا الكلام - أي 
القران- أهة مؤددة و1" )هذ | حدية" حاف ووهدة 


ومن أضنيدق من الله حديثاً . 2 


. بتصرف يسير‎ ١١/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 499/١ وينظر أيضاً‎ ١4037 /” في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف‎ 0017/١ (؟) المصدر السابق‎ 
. 587 المصدر السابق » ؟/‎ )4( 
. 779 المصدر السابق » ؟/‎ )5( 

0. 








رك ايكيا ل وبخ التعبير العلاقة بين المخّاطب - 
وهو الرسول يك - والقائل وهو الله عر وجل- وهو يقول لهم 
2 ل 1 [إسورة البروج:؟١]‏ 2 8 


وفي ظلال قوله تعالى: ([دَنِكَ تَتَلُوه عَلِدَكَينَالآيات ولد 


لْحَكيِو 1 [سورة آل عمران:58] » يقول: " فهو وحي من الله» يتلوه 
الله على نبيه يَيْةْ وفي التعبير معنى التكريم والقرب والود» فماذا 
فد أذ متو اش قال الكلدرة عل حيط قفن 210:3 . 

4 - إثيات صفة النداء والمناداة والمناجاة لله- تعالى- 
وهي من مرادفات الكلام: ومن ذلك: 


أ - قوله: " والآيات تبدأ بتوجيه الخطاب إلى الرسول يل 





عبرو بويج > ار "عن 


(عَلَأنَدكَحَدَيتٌ موق ): [سورة النازغات:8١]‏ .ثم تأخذ في:عرطل 
الحديث + كين ]| كين 5 القصة وهو إيحاء بواقعيتها فهي 


لاس بو او ضحم 


حديثٌ جرىء فتبدأ بمشهد المناداة والمناجاة؛ (إِذ نادنه ريه,يالواد 


و < وده 


الْمَدْس طوَى 4 [سورة النازعات:5١]‏ ... ولحظة النداء لحظة رهيبة 
كلل وهى: لحظتة كلك عديية وعدا لوقه يخا مدت 


. 3781/6 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ينظر أيضاً المواضع الآتية: . ؟/ 9179/ا, ؟/‎ . 4504 /١ ٠ في ظلال القرآن‎ )؟١(‎ 

ل د ١‏ لس 
١‏ 








لعبد من عباده أمر هائل» أهول مما تملك الألفاظ البشرية أن 


تعبر» وهي سر من أسرار الألوهية العظيمة» كما هي سر من 
أسرار التكوين الإنساني التي أودعها الله هذا الكائن» وهيأه بها 
لتلقي ذلك النداء» وهذا أقصى ما نملك أن نقوله في هذا 
المقام... وفي مواضع أخرى تفصيل للمناجاة بين موسى وربه 
في هذا الموقف... لاذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَهُ طَعَى ». والطغيان 
أمر كرية؛ شديد الكراهية حتى ليخاطب الله بذاته عبداً من 
عباده ليذهب إلى الطاغية " (0). 

ب - في ظلال قوله تعالى: | فَلمًا جَاءَها تُودى أن بورك من في 
لتر وَمَنَحَوَلَهَا )1 [سورة النمل:8] ' يقول سيد: " نودي ' بهذا البناء 
للمجهول - وهو معلوم - ولكنه التوقير والإجلال والتنظيم 
للمنادي العظيم ( وَسَبَحَنَ ألَه رت الْعلِينَ (2) ينمومع نهنا َه اعد 
َلَكمْ ] [سورة النمل 8 1] » نزه الله ذاته وأعلن ربوبيته» وكشف 
لعبده أن الذي يناديه هو لله العزيز الحكيم.. وكان النداء 
للاصطفاء.. ولم يذكر هنا ذلك النجاء الطويل الذي في سورة 
طه لأن العبرة المطلوبة هي النداء والتكليف " (2). 


"80١5 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
2075937 7785 /* في ظلال القرآن ©/ 7574 بتصرف يسير وينظر أيضاً‎ )١( 

. 586/١ 59 
0 








ه - إضافة النطق والقول لله سبحانه وتعالى: 
وذلك في مواضع كثيرة جدا منها: 


3-4 
افيش أ ع ص< سم 


01 ل ل ع ل 06 
فصوأ عَلِقّنَا من الْمَلهِ أو مِمَا رَرَفَحكُم أله رتك 


2 0 


هَ حرمهما عل 
الكّفيت ) إسورة الأعراف:٠]‏ » يقول سيد: " ثم إذا صوت البشر 
عامة يتوارى» لينطق رب العزة والجلالة وصاحب الملك والحكم: ( 
ال اكد كه مقر اوه وي عكار كان عانن 


فمتوك أ لضو الأطر ]00 


١‏ - في ظلال قوله تعالى: (ببرَدَالَرىبيَد اتلك وهو عَك 


كل سَنْدِقَيرٌ 1 [سورة الملك:١]‏ » يقول سيد: " هذه التسبيحة 
توحي بزيادة بركة الله ومضاعفتها وتمجيد هذه البركة.. 
وهي ترنيمة تتجاوب بها أرجاء الوجود» ويعمر بها قلب 
كل موجود» وهي تنطلق من النطق الإلهي في كتابه 
الكريم» من الكتاب المكنون إلى الكون المعلوم " ("). 

-١‏ أما إضافة القول ومشتقاته مما يدل على الكلام 
كقال» ويقول» وقوله» ونحوها فكثير جداً في كلام سيد في 

. ١795 /" في ظلال القرآن‎ )١( 


. في ظلال القران ك5‎ )١( 


١٠.١1/ 








تفسيره للآيات ووقفاته معهاء يصعب سردها هنا اكتفى 
بأمثلها منها: 


- قوله -رحمه الله -: " كما قال الله في التعبير القرآني 
البليغ الدقيق ( كح حر أمَةِ .)١(‏ 

- وقوله: " وحين يقول الله في القرآن". " فالاستماع إلى 
هذا القرآن والإنصات له حيثما قرئ هو الأليق بجلال هذا 
القول» وبجلال قائله سبحانه» واذا قال اللهء أفلا يستمع الناس 


وينصنوا؟ " 2 





قضية القول بخلق القرآن من أشهر القضايا في تاريخ 
علم الكلام والفرق الإسلامية» وقد ظهر هذا القول في أوائل 


. ١585 المصدر السابق ”؟/‎ )١( 
١1 /١ : وينظر أيضاً المواضع الآتية‎ ١575 /” ٠ 788 /١ ٠ المصدر السابق‎ )١( 
ع 5 لات 45ت ع شكرل/ لالإدلى لال تقال‎ 
همل 1ل ء لركهلء افكل2, الال دكلال 5( ه54 مرد كت‎ 
لاس هلل لت 8غ 510531 58176 ؛ ومقومات التصورات ص‎ 
. 1/8 وخصائص التصور‎ ,"١5 5 
0.60 








المائة الثانية للهجرة» على يد الجعد بن درهم (')» ولعله أخذه 
عن المشركين الصائبة ("2)؛ ثم أخذه عن الجعد بعد ذلك تلميذه 
الجهم بن صفوان(7')» وأظهره وناظر عليه حتى قتل؛ ثم انتقل 
ذلك القول إلى المعتزلة وأظهروه في خلافة المأمون» وأمتحن به 
أئمة الإسلام مدةٌ من الزمن (5).. 

والقول بخلق القران كان نتيجة لمغالاة القائلين به في 
التنزنيه حتى وقعوا في تعطيل الصفات ونفيها خوفاً من أن 
الإثات يؤدي إلى التشبيه أو القول بتعدد القدماء. وهو الأمر 
الذي جعلهم ينفون الصفات الإلهية عن الله» ومنها صفة الكلام 
- لئلا يتعدد القدماء - في زعمهم - لأن هذه الصفات إن 


)١(‏ هو : الجعد بن درهم من الموالي » كان مؤدباً لمروان بن محمد آخر خلفاء بني 
أمية » وكان أول من نفى صفة الكلام » وانتهى أمره إلى الصلب سنة 75١ه‏ » انظر 
: سير أعلام النبلاء ©/ *"4» والبداية والنهاية لابن كثير 9/ .”6٠‏ 

/” شرح العقيدة الطحاوية ص 15": وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للألكائي‎ )١( 
.258 هخ‎ 

(؟) هو : الجهم بن صفوان ولد بسمرقند » أول من قال بالجبر وخلق القرآن » ونفي 
الأسماء والصفات وعدمها » توفى سنة ١؟ه‏ انظر ترجمته في الملل والنحل 
للشهرستاني 86/١‏ . 


(؛) شرح العقيدة الطحاوية ص 595-7955 » ومجموع فتاوى ابن تيمية 5/ ١؟1-‏ 77 


١/8 








كانت قديمة كذات الله تعدد القدماء!! بناءًَ على أن الصفات 


غير الذات. 

وقد تمسك المعتزلة بشبهات اعتقدوا أنها تدل على صحة 
مذهبهمء وقد أورد شارح الطحاوية عدداً منها ورد عليها .)١(‏ 

والذي يهمنا هنا هو بيان موقف -سيد قطب - من 
قضية " خلق القرآن " حيث يتهمه البعض بأنه يقول بخلق 
القرآن ("2)؛ فما صحة هذا القول؟ والجواب عن ذلك يحتاج إلى 
تفصيل وبسط وايضاح وهو ما سنعرضه في النقاط الاتية: 

١‏ - سيب اتهام سيد قطب بالقول يخلق القرآان: 

السبب الذي جعل بعضهم يتهم سيداً بالقول بخلق القرآن 
هو الاستناد إلى عبارات لسيد في تفسيره لبعض الآيات في 
الظلال؛ حيث فهموا منها أنه يقول بخلق القرآن. 

وسأعرض هنا بعض الأدلة التي أوردها الدكتور/ ربيع 
المدخلي» مستدلاً بها على أن سيد قطب يقول بخلق القرآن» 
وأقف معها وقفات تحليلية في ضوء ما وجدت من كلام لسيدٍ 


. 1١85-1١١6 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 
أضواء على عقيدة سيد قطب للمدخلي ص ”7؛ ٠١»ء والحد الفاصل د/ربيع المدخلي‎ )١( 





مكتبة الفرقان عجمان ».ط؟ عام 1277ه صن 308 > والمورد الزلال للدويش.ضصن 


.١1/ 





في كتبه حول الموضوع حتى تتبين لنا حقيقة الأمرء والله نسأل 
أن يهدينا إلى سواء الصراط. 

والأدلة التي ذكرها الدكتور/المدخلي هي: 

الدليل الأول: أن سيد قطب يطلق على القرآن أنه "' صنع 
الله " أو " صنعة الله "» والصنع يعنى "الخلق"؛ فكون القرآن " 
مصنوع " أي أقه:" سكلوف" 02 

ومن النصوص التي استدل بها ما يأتي: 

-١‏ قول سيد - رحمه الله -: " ومثل هذه الأحرف - أي 
' ألف. لام. ميم " - يجيء في مقدمة بعض السور القرآنية.. 
وهي إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه 
الأحرف» وهي في متناول المخاطبين به من العرب» ولكنه - 
مع هذا - هو ذلك الكتاب المعجزء الذي لا يملكون أن 
يصوغوا من تلك الحروف مثله؛ الكتاب الذي يتحداهم مرة ومرة 
ومرة أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة من مثله فلا 
يملكون لهذا التحدي جواباً!. 

(انوالنساق شن هذا التعضان فين الات فتن قل اند 
جميعاًء وهو مثل صنع الله في كل شيء؛ وصنع الناس» إن هذه 


)١(‏ أضواء على عقيدة سيد قطب - ربيع المدخلي ص ١55‏ » والحد الفاصل له أيضاً 


.١١١ ص‎ 








التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات» فإذا أخذ 


الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه فيها لبنة أو آجرة أو 
آنية أو أسطوانة أو هيكلا أو جهازاً كائناً في دقته ما يكون 
ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة؛ حياة نابضة 
خافقة» تنطوي على ذلك السر الإلهى المعجز» سر الحياة» ذلك 
السر الذي لا يستطيعه بشرء ولا يعرف سره بشر (*). 

وهكذا القرآن حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاماً 
وأوزاناً» ويجعل منها الله قرآناً وفرقاناً والفرق بين صنع البشر 
وصنع الله في هذه الحروف والكلمات هو الفرق ما بين الجسد 
الخامد والروح النابض وهو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة 
الكاة 117 

" قول سيد قطب في تفسير أول سورة العنكبوت:‎ - ١ 
ألف. لام. ميم» الحروف المقطعة التي اخترنا في تفسيرها أنها‎ 
للتنبيه إلى أن مادة الكتاب الذي أنزله الله على رسوله 6 مؤلفاً‎ 
من مثل هذه الحروف المألوفة للقوم» الميسرة لهم ليؤلفوا منها‎ 


*) من هنا بدأ الدكتور المدخلي استدلاله » ولم يذكر الفقرة السابقة ! . 
*) إلى هنا اكتفى الدكتور المدخلي بالنقل ولم ينقل العبارات اللاحقة » انظر : أضواء 

على عقيدة سيد قطب » ص 57 .١‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن /١‏ 38 . 








نا يشاعون هن القول )١(‏ ). ولكنهم لآ يملكون أن يؤلفوا مذهنا 
مثل هذا الكتاب» لأنه من صنع الله لا من صنع إنسان " (2). 


"' - قول سيد في تفسير سورة ( ص ): " هذا الحرف 
'صاد " يقسم به الله سبحانه» كما يقسم بالقرآن ذي الذكر» وهذا 
الحرف من صنعة الله تعالى» فهو موجده؛ موجده صوتاً في 
حناجر البشرء وموجده حرفاً من حروف الهجاء التي يتألف من 
جنسها التعبير القرآني» وهي في متناول البشرء ولكن القرن ليس 
في متناولهم لأنه من عند الله وهو متضمن صنعة الله التي لا 
يملك البشر الإتيان بمثلهاء لا في القرآن ولا في غيره» هذا 
الصوت " صاد " الذي تخرجه حنجرة الإنسان إنما يخرج هكذا 
من هذه الحنجرة بقدرة الخالق المبدع؛ الذي صنع الحنجرة وما 
تخرجه من أصوات» وما يملك البشر أن يصنعوا مثل هذه 
الحنجرة الحية التي تخرج هذه الأصوات»ء وانها لمعجزة خارقة لو 
كان الناس يتدبرون الخوارق المعجزة في كل جزئية من جزئيات 


)١(‏ من هنا بدأ الدكتور ربيع بالنقل ولم يذكر ما قبله . انظر : أضواء على عقيدة سيد 
قطب ص .١55-1١54‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن ©/ 7١5‏ . 








كيانهم القريب )١(‏ )» ولو عقلوها ما دهشوا لوحي يوحيه الله 
لبشر يختاره منهم؛ فالوحي ليس أكثر غرابة من إيداع تكوينهم 
هذه الخضائص «المشدزات: 0 

؛ - قول سيد أيضاً: " وكما أن الروح من الأسرار التي 
أختص الله بهاء فالقرآن من صنع الله الذي لا يملك الخلق 
محاكاته؛» ولا يملك الإنس والجن - وهما يمثلان الخلق الظاهر 
والخفي - أن يأتوا بمثله؛ ولو تظاهروا وتعاونوا في هذه 
المحاولة» ( قل ِْنِ أسَمَعتِ الإضس وَالْحِنُ عل أن نوأ بمِثْلٍ هذا 
العو لأ باون متليد ولق كارك 
الإسراء:8] . 

فهذا القرآن ليس ألفاظاً وعبارات يحاول الإنس والجن أن 
يحاكوهاء إنما هو كسائر ما يبدعه الله يعجز المخلوقون أن 
يصفوه؛ وهو كالروح من أمر الله لا يدرك الخلق سره الشامل 


0 


بعَْصْهُمُ لبَعضٍ ظهيرا 1 إسورة 


الكامل وان ادركوا تعطن !زسنناقة كيه تفده وافاره 110 ) إن 


)١(‏ إلى هنا اكتفى الدكتور ربيع بالنقل ولم يكمل بقية العبارة . انظر : أضواء على 
عقيدة سيد قطب ص ١55‏ . 

. 97.5209 - 3”..5 )/6 في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) إلى هنا اكتفى الدكتور ربيع بالنقل ولم يكمل بقية العبارة . انظر : أضواء على 


عقيدة سيد قطب ص ٠. ١55‏ 








إعجاز القرآن أبعد مدى من إعجاز نظمه ومعانيه وعجز الإنس 


والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج 
كمنهجه؛ يحيط بما يحيط به " .)١(‏ 

وقفة مع الدليل الأول: من خلال النظر في النصوص 
السابقة التي أوردها الدكتور/ المدخلي للاستدلال بها على أن 
سيد قطب يقول بخلق القران كالمعتزلة يظهر لنا الآتي: 

-١‏ أن النصوص السابقة ليس فيها كما يقول الشيخ 
بكر أبو زيد - رحمه الله - حرفاً واحداً يصرح فيه سيد بأن 
القرآن مخلوق» وإنما هو كلامٌ أدبي» وتمدد في الأسلوب كقوله: 
' ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا يصوغوا - من تلك الأحرف مثله؛ 
لأنه من صنع الله لا من صنع البشر" وهي عبارة لا نشك في 
خطئهاء لكن لا نستطيع أن نحكم من خلالها على سيد بهذه 
المقولة الكفرية " خلق «القرام 3( 

وحتى الدكتور المدخلي نفسه يصرح في أثناء رده على 
الدكتور بكر أبو زيد - بأنه وقف على كلام سيد هذا الذي 
يطلق فيه سيد على القرآن أنه من صنع الله قبل أكثر من 
عشرين سنة» ولم يقدم على اتهامه لسيد بخلق القرآن بناءً عليه 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 255755 356٠.‏ . 


. 3-5 النصيحة الذهبية » للشيخ الدكتور بكر أبو زيد »ء ص‎ )١( 
١١.5 








حتى انضمت على هذا أدلة أخرى كما يقول - وسيأتي عرضها 
- فكلامه هذا يدل على أن عبارات -سيد -هذه ليس صريحة 
في الدلالة على أنه يقول بخلق القرآن »)١(‏ وإنما هو كلام 
محتمل لأكثر من وجه وبالتالي فلا يصح حمله وقصره على 
وجه واحد ("2) خاصة وأن أهل اللغة والأدب يستعملون لفظ 
الصنع للدلالة على صياغة الكلام وتركيب الألفاظ والجمل 
فللنثر صناعة عند العرب وللشعر صناعة وهكذاء والعرب لا 
يقصدون خلق الشعر أو الكلام إنما يقصدون بالصنعة تركيب 
الكلام؛ فالكلام صفة وتركيبه وصياغته صنعه (). 

5 أن سيداً- رحمه الله - يقارن في النصوص 
السابقة بين إعجاز القرآن الذي تشير إليه الأحرف المقطعة 
ويتضح من خلال صياغة الله لهذا القرآن المعجز البليغ في 
نظمه وتركيبه» وبين عجز البشر على أن يصوغوا مثل القرآن 
مع أن الأحرف التي يتكون منها القرآن - كلام الله - في 
متناول يد البشر» ومع ذلك فإنهم عجزوا عن التحدي الإلهي 


. ١77 فكر سيد قطب . لمحمد أبو صعيليك ص‎ )١( 





(1") ينطاق في ذقك ب المزهر فلي اللقة اليوط 193:11 ونا بتد ها + التلاعة 


مه . 





لهم في أن يأتوا بمثله» وهذا ما يشير إليه كلام سيد في بداية 
النص الأول من النصوص السابق ذكرها ولم ينقلها الدكتور 
المدخلي والذي يذكر فيه سيد أن القرآن مؤلف من جنس 
الأحرف المقطعة» وهي في متناول العرب» ومع ذلك عجزوا أن 
يصوغوا منها مثله؛ لأن الصياغة هنا في الكلام الإلهي تحمل 
طابع الإعجاز» وهو الشأن في كل ما ينسب إلى الله»ء وحاول 
سيد أن يوضح ذلك بمثالٍ وهو المقارنة بين إعجاز القرآن 
والإعجاز في خلق الإنسان. 

فالمادة في الحالتين واحدة» ولكن النتيجة مختلفة فالتراب 
قصارى ما يصوغ منه الناس لبنة أو آجرة أو نحو ذلك مما 
يحمل الطابع البشريء بينما الله تعالى يجعل منه شيئاً معجزاً. 

والقرآن في الأصل مكون من حروف وكلمات» يصوغ 
منها البشر كلاماً وأوزاناً تحمل الطابع البشرء بينما يصوغ منها 
الله كلاماً معجزاً لا يقدرون على محاكاته. 

فهو في ضربه للمثل بالإنسان والقرآن لم يشر إلى 
تساويهما في كون كل منهما مخلوق وانما الإشارة إلى الفارق 
في الإعجاز بين ما ينسب إلى الله وما ينسب إلى غيره 





فالإنسان خلقه معجز لأنه خلق الله والقرآن صياغته معجزة 
لأنه كلام ال .)١(‏ 

وكذلك الحال في بقية النصوص السابقة حيث نجد في 
المقاطع التي لم يذكرها الدكتور المدخلي في بداية النص أو 
نهايته ما يوضح المراد من لفظ " الصنع " الوارد في كلام سيد 
بأنه صياغة وتأليف الكلام المكون من حروف وكلمات؛ 
ووصف القرآن بأنه وحي معجز وأن الإعجاز هو شان ما 
ينسب إلى الله. 
أنزله للبشر ويصفه بأنه من صنع الله ففهم البعض بأنه يقصد 
القرآن (")؛ بينما المنهج المراد به المسلك والطريق والصراط 
الذي أراد الله منهم السير عليه» ولم يقصد سيد في هذا الموضع 
القرآن» وهذه الملاحظة ذكرت في تقرير الرئاسة العامة لإدارة 
البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في السعودية» عن 
كتاب الموود الزلال للدويئن .هند الإذن وطبعه 00): 


)١(‏ ينظر في ذلك : المنهج الحركي في ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي دار عمان 
الأردن ط” عام 547١‏ ١ه‏ . ص 7750 -7376 ء وفكر سيد قطب لمحمد أبو صعيليك 
ص .1١78‏ 

. 57" المورد الزلال للدويش ص‎ )١( 
. 79١ (؟) المصدر السابق » ص‎ 








*- أن سيداً -رحمه الله- فرق في مواضع متعددة من 
كلامه عن القرآن وغيره» بين الخلق والإنزال» فهو يتحدث عن 
المخلوقات بلفظ " خلق " وعن القرآن بلفظ " أنزل" ومن أمثلة 
ذلك: 


أ- قوله: " فالذي نزل القرآن من الملا الأعلى هو الذي 
خلق الأرض والسماوات العلى" .)١(‏ 

ب- قوله: " ويقلب قلوبهم بين أصابع الرحمن» في لمسات 
تشهد بأن منزل هذا القرآن هو خالق هذه القلوب.. " (3). 

ج - قوله: " فتبارك الله خالق القلوب» ومنزل هذا القرآن 
شفاع لما'في بالضدون 0 

د - قوله: ' والله خالق القلوب» ومنزل هذا القرآن.. يشير 
إلى آيات الله المبثوثة في الكون ويوجه قلوبهم إليها لعلها 
قفيها : واستتستن فوييا: الما فنية "يالل منزل هذ الككانب: 


وخالق هذا الكون العظيه 0 


. 73578 /5 » في ظلال القرآن‎ )١ 

؟) المصدر السابق » 5/ 7,55 . 

0 المصدر السابق 2 ه/ حمل” . 
( 


) 
) 
) 
)5 في ظلال القرآن 377١‏ . 








الإنسان» ومنزل القرآن " .)١(‏ 


و- قوله: ".. والله خالق الجبال ومنزل القرآن يقول: ! لو 
نامدا اران عل جل َه حَيِعًا متَصَدْعَايِن حَسْيّة لو ) 
[ننورة الحفن 1 010). 

فلو كان سيد ممن يقول بخلق القراآن لصرح بلفظ الخلق 
في المواضع السابقة وما الداعي للتفريق بين المخلوقات والقرآن 
قول الله المنزل. 

4- أن سيداً - رحمه الله - يثبت بأن القرآن كلام الله 
تعالى» وخطابه وحديثه؛ وقوله؛ وأنه حروف وأصوات؛ ومن 
ذلك: 

أ - قوله في كلامه عن قضية الجبر والاختيار ' فالنصوص 
القرآنية تقول: إن كل ما يحدث بإرادة الله وقدره» وتقول في الوقت 
ذاته» إن الإنسان يريد ويعمل ويحاسب على إرادته وعمله؛ والقرآن 
كله كلام الله» ولن يعارض بعضه بعضاًء فلا بد إذن أن تكون 


متاك كنية معيتة "بيرم هذا القول وذلك 005 


. 5454 /5 » المصدر السابق‎ )١( 

. 7575 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(*) في ظلال القرآن ”/ 7١9‏ » الهامش ١(‏ . 
١06‏ 








ب - في تفسير قوله تعالى: (ِمَإِنَ أَحَد ين المُشركيت 


0-0 


أسْمَجَارَكَ لَه حي نمم كْمَألَه 1 إسورة التوبة:6] يبين أن 
الإسلام حريص على هداية القلوب البشرية.. وأن المشركون 
الذين يطلبون الجوار والأمان في دار الإسلام يجب أن يعطوا 
ذلك.. ففي إعطائهم فرصة سماع القرآن ومعرفة هذا الدين لعلهم 
أن يهتدوا " ('). فهو يفسر كلام الله المقصود بالآية بالقرآن 
الكريم. 

ج - قوله: " والقرآن هو كلام الله الباقي» وخطاب الله لهذا 
الإنسان الذي لا يتغير "(). 

د - في ظلال قوله تعالى [ إِنَاللّه لضْسَح - أن يضْرِب مُكَل 
م بَحُوضَة فَمَا قَوقَهَا ) [سورة البقرة:7؟] . 

يقول: " وقد وجد أعداء الإسلام في هذه الآية منفذاً 
للتشكيك في صدق الوحي بهذا القرآن» بحجة أن ضرب الأمثال 
هكذا لا يصدر عن اللله» وأنه سبحانه لا يذكر الأشياء الصغيرة 
كالذباب والعنكبوت في كلامه.. فجاءت الآيات دفعاً لهذا وبياناً 
للحكمة... وأوضحت حال المؤمنين الذين يتلقون كل ما يصدر 


. بتصرف‎ ١6١7 /7” في ظلال القرآن‎ )١( 
.١ 5٠17 (؟) المصدر السابق ؟/‎ 


١١١١ 








عن ربهم- سبحانه- بما يليق بجلاله - وفي كل قول يجيثهم 
من فق إرق 07 


سح قرلة: يفنا" ونقفا هك شنة من نسفنافة التعيين 
أء ا 2 م الى 027011 2 
القران ذات الدلالة العميقة: ١‏ صبكة الله وَمَنَ أَحْسَنُ مرح أللَّه 


ايا ره 


صِبَعَهُ نحن له عَنَبِدُونَ نَ 1 [سورة البقرة:178] » فصدر الآية من 
كلام الله التقريري» أما باقيها فهو من كلام المؤمنين يحلقه 
السياق - بلا فاصل - بكلام البارئ- سبحانه- في السياق» وكله 
قرآن منزل " ('). وهناك كثير من النصوص في هذا الباب (). 

5- يقرر سيد قطب أن الكتب السابقة هي كلام الله 
تعالى المنزل على الرسل» ومن ذلك: 

- قوله: ' والفريق المشار إليه هنا.. هم الأحبار 
والربائيون الذين يسمعون كلام الله» المنزل على نبيهم موسى 


في التوراة ثم يحرفونه عن مواضعه " (5). 


. بتصرف‎ 5٠ /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 8/0 » في ظلال القرآن‎ )١( 
اام هءلى 5 علمكء تمت‎ 1/٠ /١ (؟) ينظر في ذلك : في ظلال القرآن‎ 
تي ا ا ل ف ا 0 لست ونش نض ة‎ 
. وغيرها‎ ء٠7290‎ ١81 
. 6/١ » في ظلال القرآن‎ )4( 

10 








- وقوله عنهم أيضاً: ' وكانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه 
من بعد ما عقلوه 11 
- وقوله " وهذه الألواح - أي التوراة - التي كانت : 
كلمات ربه» وهو-أي موسى عليه السلام - لا يلقيها إلا وقد 
أفقده الغضب زمام نفسه " ('). 
- وقوله: " والرسل دائماً هم أول المؤمنين بعظمة ربهم وجلاله 
وبما ينزله عليهم من كلماته " (). 
-وقوله: " إن هذا الكتاب - أي القرآن - منزل من الله» وهو مؤلف 
هك أخرف) وكلباك قرا عقا الكقث العانةة" 50 
فهذه النصوص تبين أن سيد قطب يرى أن كل الكتب 
السابقة المنزلة على الأنبياء ومنها التوراةء هي كلام الله سبحانه 
أيضاً كالقرآن الكريم " إنها عبارات وكلمات مصوغة ومؤلفة من 
أحرف... ومع ذلك لا يستطيع البشر أن يصوغوا مثلها " (9). 
الدليل الثاني: أن سيد قطب معطل للصفات: 


. 38/١ » المصدر السابق‎ )١( 
. ١759 /” المصدر السابق‎ )١( 
. ١71/4 /" (؟) المصدر السابق‎ 
. 555 /١ المصدر السابق‎ ):( 
ء”50١55‎ 2 55ء 9/ 95ها1‎ 2748/١ ينظر في ذلك : في ظلال القرآن‎ )5( 
.5 6 م ا ما ما‎ 
١01١ 








يستدل د / المدخلي على أن سيد يقول بخلق القرآن» بأن 
عيذ قط ممق ملعظلة .الصنفات: فيقول: ؤمنن الأدلة على أن سيدا 
يقول بخلق القرآن أنه من معطلة الصفات» صفات الله جلا وعلاء 
ولا يمت إلى أهل السنة المثبتين بأي صلة في هذا الباب» فقد 


عطل صفة استواء الله على عرشه» وصفة مجيئه يوم القيامة 
وصفة اليدين» وينكر عرش الله وكرسيه أو شك فيهماء ويعطل 
صفتي القبض والبسط ورفع عيسى إلى السماء... " .)١(‏ 

وقفة مع الدليل الثاني: كلام الدكتور ربيع هنا يحمل 
طابع المبالغة» وما ذكره من أن سيد قطب من المعطلة لصفات 
الله غير صحيحء فقد سبق معنا بيان موقف سيد من صفات الله 
تعالى وأنه يثبتها في الجملة على منهج أهل السنة عدا أخطاء 
في تفسير بعض الصفات وهو أمرٌ لم يسلم منه بعض العلماء 
من أهل السنة. 

أما ما ذكره من أمثلة فاغلبها لا تصح نسبتها إلى سيدء 
فهو وان كان يفسر الاستواء في بعض المواطن بغير ما فسره 
السلف إلا أنه لم يعطل صفة المجيء واليدين ولم ينكر العرش 
والكرسي ونحوه مما ذكره المدخلي» وسيأتي بيان موقف سيد من 


١١1 








هذه الصفات التي ذكر الدكتور ربيع أنه يعطلها في ثنايا هذا 
المبحث» وبناءً على ما سبق بيانه من موقف سيد من الصفات 


وما سيأتي بيانه أيضاً عند الحديث عن موقف سيد من بقية 
الصفات- لا نسلم للدكتور/ المدخلي بما أدعاه من أن سيد 
قطب من معطلة الصفات وبالتالي لا يصح هذا دليلاآً على أنه 
يقول يخلق القرآن. 

الدليل الثالث: استعمال سيد للعبارات المطاطة: 

يستدل د / المدخلي أيضاً على أن سيد يقول بخلق 
القرآن» بأن سيداً يستعمل العبارات المطاطة التي لا يدركها 
كثير من الناس حذراً من أن توجه إليه سهام النقد وخاصة في 
القضايا التي يرى نفسه أنه مخالف فيها لأهل السنة» ويذكر من 
أمثلة ذلك أن سيد قطب كان يؤمن بالاشتراكية ولكنه تجنباً للنقد 
ألف كتاباً أسماه " العدالة الاجتماعية " يقرر فيه الاشتراكية ولم 
يصرح باسمها حتى لا ينتقده العلماء " ('). 

وقفة مع الدليل الثالث: يرى د/ المدخلي في النص 
التناحف: ا ننية قطي كا تمتفمد ا يفا لفة ها عليه اهل النحدة: 
زأنة كان يشتغمل الألفاظ المطاطة تكذرا سن النقدة أقوك:هذا 


١١1 








طعن في النيات» وعلمها عند ربي» فليس لنا أن نحكم بأن نيته 
كانت كذا أو كذاء لنا الظاهر والله يتولى السرائر. 


الد : تجاهل سبد لفتنة 

حصلت بين أهل السنة والمعتزلة: 
ذكر د / المدخلي أن سيد تجاهل فتنة خلق القرآن» 

وأنه لا يتصور أن سيد في حياته لم يسمع قط بها .)١(‏ 
وقفة مع الدليل الرابع:: ما ذكر من تجاهل سيد لفتنة 
خلق القرآن غير صحيح؛ فسيد يعرف تماماً هذه القضية وما 
هو سببهاء وقد ذكرها سيد في آخر كتبه " مقومات التصور 
الإسلامي " في سياق رده على مناهج المتكلمين الذين تأثروا 
بمنهج الفلاسفة» فنفوا صفات الله تعالى» وفيما يلي نص سيدء 

عن فتنة خلق القرآن وسببها وموقفه منها: 

يقول سيد: " وكذلك تصبح البراهين الذهنية التجريدية 
على وجود الله - سبحانه - وهي التي اتجه إليها علماء التوحيد 
- بتأثير منطق أرسطو - والتي تعتمد على المقولات العقلية 
وحدهاء بعيدة في منهجها وغريبة على المنهج الإسلامي وهذا 





١ 








المنهج القرآني» لأنها أضعف أنواع البرهان في هذا المجال؛ 
وأدعاها للجدل والمراء. 

ولقد أبعد المعتزلة وهم ينفون الصفات عن الله - سبحانه 
- لثلا يتعدد القدماء لأن هذه الصفات إن كنت قديمة كذات الله 


مع المنهج القرآني» فالله سبحانه قد وصف نفسه بصفاته» ومن 

هذه الصفات ما يقرر وحدانيته اك وأبديته واحاطته - 

5 ل 7 ل لمك 0 حي 

58 5 سس سات 7 ص< 82 روجه آ ته 2 

0 وهو عل م سَىَّءِ هَدِيِر ل هو الأول والآخْرٌ اله وَابَاطنُ و 
ل شَىْءِ عَلِيمُ 1 [سورة الحديد الآيات ١‏ -5] » ( هُوَمَهُ الى 


وما م زر سم 


006ظ اسهد ًاليم اليِصِدْ (5) هْرَ الى لا 
]دش امَك التذوق القكة التؤرن التهتيرت المودة 
لجار آله اليه ار ك0 9 هْوَ م 
الكيث البارعئ الْمصوَرٌ له السمة الس جح هما السَموتٍ 
وَالْارَضِوَهوَ لْعَيدُ لير ) إسورة الحشر ١١‏ - 14] . 
إنما تابع المعتزلة منطق أرسطوء وتجريدات " أفلوطين ' 
المهّومة! ولم يتابعوا المنهج القرآني» وهو المنهج الإسلامي 


١١١ /ا‎ 


كه 
إلله 
6 





وكفى... ولله سبحانه صفاته وأسماءه الحسنىء ولكن البشر لا 
يملكون إدراك كيفية هذه الصفات» فهو سبحانه سميع يسمع؛ 
١١‏ 
وبصير يرىء» وعليم يعلم " .)١(‏ 
فتنة خلق القرآن» وأن سببها هو تأثر المعتزلة بمنهج الفلسفة 
الغربية في التعامل مع النصوص؛ وأن المعتزلة رأوا أن الصفات 
غير الذات وبالتالي فإن إثبات الصفات لله تعالى لا يخلوا من 
حالتين: 
-١‏ إما أن تكون الصفات حادثة لله بعد أن لم تكن» وهذا يعني 
أن آبله تتجتحاقة مكلذ الحوادةة هذا مستكيل: 
؟- وإما أن تكون قديمة كالذات» فهذا يعني إثبات قديمين وهذا غير 
ممكن أيضاً» فلم يكن أمامهم في هذه الحالة إلا أن ينفوا صفات 
الله تعالى خوفاً من تعدد القدماء! وهذا هو أساس قولهم بخلق 
القرآن» فما داموا نفوا صفات الله بما فيها الكلام لزم أن يقولوا 


. 779-١18 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١١18 








بأن القرآن ليس من صفات الله وليس كلام بل هو مخلوق» 
فأبعدوا بهذا عن المنهج الإسلامي في هذا الباب كما يقول سيد» 
لأن المنهج الإسلامي يقرر أن القرآن وحي الله وكلامه؛ وأن لله 
أسماءه وصفاته الحقيقية» فهو سميع يسمع» وبصير يرى إلى 
آخر تلك الأسماء والصفات. 

وبهذا يتضح لنا أن سيد قطب ينقد المعتزلة في تعاملهم 
مع الصفات وفي قولهم بخلق القرآن كذلك ويثبت صفات الله 
التي نفاها المعتزلة» كالسمع والبصر والعلم» بمعانيها الدالة 


عليها خلافاً للمعتزلة. 
الدليل الخامس: أن سيد قطب ينكر صفة الكلام 
إلا أنه محرد توحه الارادة: 


يقول د / المدخلي: '" وقد وجدت لسيد قطب أقوالاً في 
الظلال» وغيره ينكر فيها أن الله يتكلم» ويرى أن كلام الله هو مجرد 
الأزاد كقر لد" بغرق إزاخة هذ الكل الواقة وشمدو. الكون بطريق 
الخحة 0 مره ]كا أراد سبك أن يفول لذن فمكورك ) ا[سصورة 
يس:85] » فلا واسطة بين الإرادة الموجدة والكون المخلوقء ولا 
تعدد في الطريقة التي يصدر بها هذا الكون كله عن الخالق 
الولضهة إنها مكو الإرادة الح يعدن عنهنا الفرات يكلمنة "عق :؟ 


5 





وتوجه هذه الإرادة كاف وحده لصدور الكون عنها " (')» ويقول 
أنضنا “"فقولة تفال إرادترؤتيسةه الأرادة يتش ف القلق 'الفيزاد" 
(' فهذا تعطيل لصفة كلام الله التي صرح بها القرآن ودان بها 
السلت: 007 


د ا را و 
لمآ ها ُووى يمُوسَق 20 إن أتَأريّكَ ) [ستورة ظهه. 391 ” 
نودي بهذا البناء للمجهول فما يمكن تحديد مصدر النداء ولا 
اتجاهه ولا تعيين صورته؛ ولا كيف سمعه موسى أو تلقاه» نودي 
ا 0 الله نؤمن بوقوعه ولا 
نسأل عن كيفيته» لأن كيفيته وراء مدارك البشر وتصورات 
البق" 0 

قائلاً: " فهذه النصوص من سيد واضحة قاطعة بأن 
الرجل مغرق في إنكار أن الله يتكلم» مغرق بالقول بخلق القرآن 
25 


. ١5 السلام العالمي والإسلام ص‎ )١( 

. 5١50/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) الحد الفاصل , د / ربيع المدخلي ص 1١7-١١7‏ . 

(؛) في ظلال القرآن 5/ 5399٠‏ 37731 . 

(5) الحد الفاصل للمدخلي » ص ١١5 -١١7‏ . وأضواء إسلامية ص50 ١507-١‏ . 
1 








وقفة مع الدليل الخامس: قول الدكتور/المدخلي: بأن 
هذه النصوص لسيد ناطقة بأن الله لا يتكلم ولا يخلق بالقول 
غير مسلّم به لأسباب: 
-١‏ أنه لا يوجد فيها عبارة صريحة ينفي فيها سيد 
قطب عن الله صفة الكلام وأنه لا يخلق بالقول. 
0-5 أن سيد قطب- رحمه الله - كما سبق - يثبت 


صفة الكلام لله حقيقة» وقد أوضحنا ذلك في بداية الحديث عن 
موقفه من صفة الكلام الإلهي» وأوردنا نصوصاً كثيرة يثبت فيها 
سيد أن الله يتكلم ويتحدث ويخاطب وينادي وغير ذلك من 
المرادفات لصفة الكلام .)'١(‏ 

20-7 أما قوله بأن سيد قطب يقول: بأن الخلق لا يتم 
بالقول وإنما يتم بتوجه الإرادة؛ وان كان مفهوماً من النص الذي 
ذكره د / المدخليء إلا أنه أحد الاحتمالات التي ذكرها سيد 
لمعنى كن» كما يقول في قصة خلق عيسى: " هذه النفخة هي 
الكلمة؟ آلكلمة هي توجه الإرادة؟ آلكلمة: " كن " التي قد تكون 
حقيقة» وقد تكون كناية عن توجه الإرادة؟ والكلمة هي عيسى أو 
هي التي منها كينونته؟ كل هذه بحوث لا طائل وراءها إلا 


. انظر : الفرع السابع من هذا المطلب‎ )١( 
١١١ 








الشبهات " (١).بالإضافة‏ إلى أن لسيد عبارات أخرى يصرح 
فيها بأن الخلق يكون بالكلمة وأن الكلمة هي القول ومن ذلك 
قوله: " الذي يقول كن فيكون قوله الحق» سواءً في القول الذي 
يكون به الخلق #كن فيكون» أو القول الذي يأمر به 
بالاستسلام له وحده؛ أو القول الذي يشرع به للناس أو القول 
الذي يخبر به عن الماضي والحاضر والمستقبل.. قوله الحق 
في هذا كله " ('). 


وقوله: " إنه الله القاهر فوق عباده» إنه موجد الأكوان 
والحيوان والأفراد والأشياء بقوله: كن ولا زيادة» " ("). 

ويذكر في نصوص أخرى أن الخلق ينبثق من كلمة كن» 
ولا شك أن كلام الله متعلق بإرادته فهو يتكلم متى شاء " 

5 - أما استدلال الدكتور المدخلي على أن سيداً ينكر 
صفة الكلام بقول سيد: " نودي بهذا البناء للمجهول فما يمكن 
تحديد مصدر النداءء ولا اتجاهه ولا صورته» ولا كيف سمعه 


موسى.. الخ" فاستدلال غير موفق لما يأتي: 


.591/ /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١١75 /” المصدر السابق‎ )١( 
. (؟) المصدر السابق 5/ /71؟7‎ 
١10 








5 أت قول سيد رحمه الله تت " نوديء» بصيغة البناء 
للمجهول.. "الخ. لا يقصد به أن المنادي مجهول غير معلوم؛ 
بل جاءت الصيغة هكذا للتعظيم» والتوقير للمنادي؛ حيث يقول 


011 ل 
2 


- سيد - في ظلال الآية الأخرى: | فَلمًا جَاءَهَا تودى أن بورك من في 
لدَارِ وَمَنّحَوْلَهَا وَسَبْحَنَ الله رب الْعَكمِينَ 1 [سورة النمل:8] : " فلما 
جاءها نودي " بهذا البناء للمجهول - وهو معلومء ولكنه 
التوقير والإجلال والتعظيم للمنادي العظيم... وسجل الوجود كله 
بقبة النداء والنجاء [ يَمُوح إِنَهدأَن مه الْعيرُ لَك ) نزه الله ذاته» 
وأعلن ربوبيته للعالمين» وكشف لعبده أن الذي يناديه هو الله 
العزيز الحكيم.. " .)١(‏ 

وفي تفسير سورة القصص يقرر- سيد- أيضاً أن المنادي 
هو الله وأن الله كلمَّ موسى فيقول: " إنه - أي موسى - عائد 
ليتلقى ما لم يخطر له على بالء ليناديه ربه ويكلمه.. ' ('). 

ب- أن النص نفسه يدل على أن سيداً لا ينكر صفة 
الكلام» فهو يقول في النص: " نودي بطريقة ما ونؤمن بوقوعه» 


.5579 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7557-759١ /5 » المصدر السابق » 5/ 7585 » وينظر أيضاً‎ )١( 
00 








ولا نسأل عن كيفيته '» وهذا لا شك هو الصواب في مسألة 
الصفات الإلهية كلهاء نؤمن بها دون أن نسأل عن كيفيتها. 


وكيف سمعه فيه نظر» فموسى سمعه بأذنيه ووعاه بقلبه 


كالبشر»ء ولعل سيداً - رحمه الله - يقصد كيف قوي موسى 
وأطاق بتكوينه البشري تلقي كلمات الله وندائه المباشر» كما يدل 
عليه قوله في موضع آخر: " وكيف تطيق ذات محدودة فانية 
أن تتلقى كلام الله الأزلي الأبدي " .)١(‏ وفي هذا تعظيم لشأن 
الوحي والتلقي عن الله. 

ج - أن لسيد - رحمه الله - كلاماً صريحاً يثبت فيه أن 
الله يكلم الأنبياء ومنهم موسى عليه السلام حقيقة» ففي ظلال 
قوله تعالى: (وَمَا 0 مَمِلَا وا أو ِن وَرَآي حجان 


للهءِ 
0 


أو سل رَشُولا ميو دود مالك ة نه عل خحك ١:‏ [بنصورة 
الشورى: ]5١‏ لقا ' ويقطع هذا النص بأنه ليس من ا 


إنسان أن يكلمه الله مواجهة» وقد روي عن عائشة - رضي الله 


. 3١17١ /5 المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 








عنها -: " من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية 
.)١( "‏ إنما يتم كلام الله للبشر بواحدة من ثلاث: 
- " وحياً " يلقى في النفس مباشرة فتعرف أنه من الله. 

' أو من وراء حجاب ' كما كلم الله موسى - عليه السلام - 
وحين طلب الرؤية لم يجب إليهاء ولم يطلق تجلي الله على 
الجبل... 

' أؤ يُرْسِلَ رَسُولاً ' وهو الملك ' قَيُوحِيَ بِإِذْيِهِ مَا يَشَاءْ ". 
بالطرق التي وردت عن رسول الله وَل ".... ثم ذكر صور 
الوحي نقلاً عن زاد المعاد لابن القيم ثم قال: " هذه صور 
الوحي وطرق الاتصال إإِنَّه عن حَكِيمٌ 1 يوحي من علرء 
ويوحي بحكمة إلى من يختار.. وما من مرة وقفت أمام آية تذكر 
الوحي أو حديث.. إلا أحسست له رجفة في أوصالي.. كيف 
يكون هذا الاتصال بين هذه الذات العلية وذات إنسان متحيز 
قن المكان.والزماق" 0 





)١(‏ رواه : البخاري في كتاب بدء الخلق 18١/5‏ ابرقم ٠ 3١57‏ ومسلم في الإيمان باب 


هل رأى النبي يل ربه 7/0١‏ برقم /ا/ا١.‏ 
(؟) في ظلال القرآن 5/ 7١7١ - 5١79‏ بتصرف يسير . 
تي 





فهذه مجموعة من النصوص [ - سيد قطب - يتبين من 
خلالها أنه لم يكن ينكر صفة الكلام الإلهيء وتكليم الله 
لموسى- عليه السلام- كما ذكر الدكتور المدخلي. 

والخلاصة في هذه المسألة: أن نسبة القول بخلق القرآن 
إلى سيد قطب غير صحيحة لما يأتي: 

-١‏ أن الأدلة التي ساقها الدكتور المدخلي لا تدل 
على أن سيد قطب يقول بخلق القرآن كما رأينا. 

20-١‏ أن سيد قطب ينتقد نفاة الصفات ويثبت الصفات 
الإلهية عموماً وان أخطأ في تفسير بعضهاء لكن إطلاق القول 
بأنه معطل للصفات كغلاة الجهمية غير صحيح. 

- أنه يقرر ما عليه السلف من إثبات الصفات 
ومنها صفة الكلام الإلهي كما سبق. 

4- أنه في تفسيره للآيات التي استدل بها المعتزلة 
على خلق القران لم يقرر ما قرروه؛» وانما فسرها بما فسرها به 
اسلف :(0) 

ه- إثبات سيد قطب أن القرآن والكتب السماوية 
المنزلة على الأنبياء قبله كالتوراة وغيرهاء هي كلام الله تعالى 
أوحى به إلى عباده المختارين. 


.. 35١075 53758255535 المصدر السابق ه/‎ )١( 
١١ 5 








5- أن سيدا ينتقد المعتزلة في قولهم بخلق القرآن 
بكلام صريح ويذكر فيه ' أنهم أبعدوا في نفي الصفات خوفاً 
من تعدد القدماء» وأن هذا المنهج جعلهم يقولون بخلق القرآن» 
وأن كلامهم غريب على الفكر الإسلامي» حيث يقول ' إنما تابع 
المعتزلة منطق " أرسطو " وتجريدات " أفلوطين " ولم يتابعوا 
المنهج القرآني» وهو المنهج الإسلامي الأصيلء» وكذلك فعلوا 
فيما عرف في تاريخ الفكر الإسلامي بعنوان " فتنة خلق القران 
" لثلا يكون القرآن قديماً فيتعدد القدماء» والبحث في هذا النحو 
بجملته غريب على الفكر الإسلامي وعلى المنهج الإسلامي 
فالقرآن وحي الله وكلامه وكفى ' (١)؛‏ فهذا النص كاف وحده 
لأبطال التهمة والله أعلم. 


الفرع الثامن: صفات العزة والعظمة والكبرياء والجلال ونحوها: 

وهذه الصفات ثابتة لله عز وجل في نصوص الكتاب 
والسنة ويدل عليها العقل أيضاً فهي من لوازم الألوهية الحقة» 
وسيد - رحمه الله - في ظلال الآيات التي ذكرت هذه الصفات 
يقبته لله .وحده وينبه: إلى المعانئ :التي ينغي 'ابتشعارها مين 
هذه الصفات: 


. 778 مقومات التصور الإسلامي » ص‎ )١( 
١١ /ا‎ 








١‏ - يقرر - رحمه الله - انفراد الله - سبحائه - يصفة 
العنزة؛ واخقصباصيةه يهنا دون مسواء»:'وأكة كانه فق اسكائرن 
بالعزة» فلا يجدها إلا من يتولاه» ويطلبها عندهاء ويركن إلى 
م 

' فالعزة كلها لله» وليس شيء منها عند أحد سواه» فمن 
كان يريد العزة» فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر 
غيره» ليطلبها عند الله» فهو واجدها هناك وليس بواجدها عند 
أحد» ولا في كنف أحدء ولا بأي سبب ' فلله العزة جميعاً ".. 
واذن فمن كان يريد العزة والمنعة فليذهب إلى المصدر الأول.. 
ليأخذون الأصبل الأئ نملك بوحده كل المزفب 00-1 

والسياق " يفرد الله بالعزة هناء ولا يضيفها إلى الرسول 
والمؤمنين - كما في الموضع الآخر - لأن السياق سياق 
حبانة الله الأرلياقة» فيفوكه بالدزة كمهيا - وهي أكمناة الله يمه 
- والرسول والمؤمنون يستمدونها منه- ليجرد منها الناس 
0 


- 


. 376061 في ظلال القرآن 7١8لا ه/‎ )١( 

. 7917٠0 /5 المصدر السابق‎ )١( 

(؟) المصدر السابق 57 ١8١5‏ وينظر أيضاً المواضع الآتية : ؟/ /851, 855 , 5/ 
11 الاك لالد كل للها . 


١١78 








؟ - ويقرر سيد رحمه الله - أيضاً - تفرد الله سبحانه بالكبرياء 
والعظمة» فيقول: " فالكبرياء صفة الله وحده» لا يقبل فيها 
شريكاً» وحيثما تكبر إنسان في الأرض كان ذلك تكبراً بغير 
الحف 0003 اوتقظاق :طيوت التبعيةة يعلة الكترياء المطلفة رد 
في هذا الوجودء حيث يتصاغر كل كبير» وينحني كل جبار» 
ويستسلم كل متمرد» للكبرياء المطلقة في هذا الوجود» ومع 
الكدريا ع و الريوه:ة الفزة القادرة والحكمنة السوة "0 
الفرع التاسع: صفة العلو: 

العلو صفة من صفات الله تعالى الذاتية» التي لا تنفك 
عنه - سبحانه -» والعلو: مصدر مشتق من اسم العلي» وقد دل 
عليها الكتاب والسنة والعقل والفطرة» والكتب القديمة» وأجمع 
غلئ ذلك السلف من |الضحابة ومن بعدهم. (0): 


. 370107 2575-5 /© ء وينظر أيضاً‎ ١707١ /* المصدر السابق‎ )١( 
71797 /5 ,37١59 /5 في ظلال القرآن 5/ 75" وينظر أيضاً المواضع الآتية‎ )١( 


(*) ينظر في ذلك : الرد على الجهمية للدارمي ص 7١ » ١١‏ » والشريعة للآجري ص 
7, والتوحيد لابن منده 7/ »١185‏ والعرش لابن أبي شيبه ص 785»: ومختصر 
الصواعق لابن القيم ص 55/8.و اجتماع الجيوش لابن القيم ص 15» والعلو للإمام 
الذهبي ص 4١‏ » وشرح العقيدة الطحاوية ص 75" وما بعدها » ومعارج القبول 
لحافظ الحكمي ١55/١‏ . 


١١ 8 








وعلو الله تعالى مطلق من كل الوجوه ويشمل: 
١‏ - علو القدر والشأن» ؟١-‏ علو القهرء ” -علو الفوقية 
والذات .)١(‏ 
وأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى العلو المطلق 
المتضمن لما سبق» ويرون أن من أثبت البعض ونفى البعض 
أما المخالفون لأهل السنة فإنهم يثبتون لله علو الشأن 
والقهر» وينكرون أو يؤولون علو الفوقية والذات» فينكرون أن 
يكون سبحانه في السماء ويزعمون أنه في كل مكان ولا تحده 
الحيات 200 
صفة العلو عند سيد قطب: يمكن بيان موقف سيد 
قطب - رحمه الله - من صفة العلو المطلق فيما يأتي: 
١-موقفه‏ من علو الشأن: والمقصود به تفرده سبحانه 
بأسمائه الحسنى وصفاته العلى» وبالمثلى الأعلى في 
السموات والأرض» وكونه سبحانه إِليس كله 


وو أفي ذاته وصفاته وأفعاله. 


. 588 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 
» 75 الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي ص 75 » وأصول الدين للبغدادي ص‎ )١( 
.١ 55 وأساس التقديس للرازي ص‎ 

١ 








وقد مر معنا -)١(‏ أن سيد ينزه الله سبحانه عن مشابهة 
الخلق» ويقرر تفرده سبحانه بصفات الكمال والجلال دون سواه 
فلا يشاركه فيها أحد؛ء وليس كمثله شيء إنما هو الفرد 
الضضة 0 ). 


١-موقفه‏ من علو القهر: 

يقرر - رحمه الله - " أن الله هو القاهر فوق عباده» فلا 
متققت الحكيات :ور زان لتقن ك3 1170 اإراقنه يانه ضباهه 
السلطان القاهر وهم - أي الخلق - تحت سيطرت وقهره؛ 
ضعاف في قبضة هذا السلطان» لا قوة لهم ولا ناصرء هم عباد 
والقهر فوقهم» وهم خاضعون مقهورون» وهذه هي العبودية 
المطلقة للألوهية القاهرة» وهذه هي الحقيقة التي ينطق بها واقع 
الناس - مها ترك لهم من الحرية ليتصرفواء ومن العلم ليعرفواء 
ومن القدرة ليقوموا بالخلافة - إن كل تَفَسِ من أنفاسهم بقدرء 
وكل حركة في كيانهم خاضعة لسلطان الله بما أودعه في 


كيانهم من ناموس لا يملكون أن يخالفوه وإن كان هذا الناموس 


)١(‏ ينظر : المطلب الثاني من المبحث الثاني من هذا الفصل. 
(؟) في ظلال القرآن ©/ 755 . 
(؟) في ظلال القرآن ؟/ ٠١58‏ . 

١ 








4. 


يجري في كل مرة بقدر خاص حتى في النفس والحركة ,)١("‏ ' 
فالله خالق كل شيء» وهو الواحد القهار» فهي الوحدانية في 
الخلق» وهي الوحدانية في القهر - أقصى درجات السلطان- 
وهو قهر يخضع له كل شيء في الأرض أو في السماء " ('). 

١-موقفه‏ من علو الذات ' الفوقية ": والمقصود بعلو 


الذات كونه سبحانه وتعالى في السماء بائنٌ من خلقه 
مستو على عرشه. 
وباستقراء كلام سيد حول صفة العلو نجد أن له عبارات 
صريحة في إثبات علو الله على خلقه؛ وأنه فوق العرش والخلق 
تحته» وله عبارات أخرى توهم نفي العلو» وهي التي استدل بها 
من قال بأن سيد - رحمه الله - ينفي صفة العلو» ويمكن بيان 
ذلك فيما يأتي: 
أولاً: إثبات - سيد - صفة العلو لله سيبحانه 
تعالى: 
تفلك ننكة 2 ركمة انان تضوف العلق المخلل ف ل تمان 
وتعالى» وأنه في السماء فوق العرش ويدل على ذلك ما يأتي: 


. 31١١77 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
»ء15١١7‎ 61١9/49 /5 : وينظر أيضاً المواضع الآتية‎ ٠١57 /5 المصدر السابق‎ )١( 
. 3” 

١١75 








١‏ - تصريحه بإثيات العلو المطلق لله سبحانه دون 
سواه: وهناك نصوص كثيرة منها: 

أ - في ظلال قوله تعالى: إوََا يوم حمْظهمَا وَهْوَألمنُ 
َلْعْظِيمٌ 1 [سورة البقرة:155] » يقول: " وهذه خاتمة الصفات في 
الآية؛ تقرر حقيقة؛ وتوحي للنفس بهذه الحقيقة» وتفرد الله 
سبحانه بالعلوء وتفرده بالعظمة» فالتعبير على هذا النحو 
يتضمن معنى القصر والحصرء فلم يقل وهو علي عظيم؛ ليثبت 
الصفة مجرد إثبات» ولكنه قال: # العلي العظيم 4»؛ ليقصرها 
عليه سبحانه بلا شريك. إنه المتفرد بالعلوء المتفرد بالعظمة؛ وما 
يتطاول أحد من العبيد إلى هذا المقام لا ويرده إلى الله الخفخض 
والهون. ويعلو الإنسان ما يعلو» ويعظم ما يعظمء فلا يتجاوزون 
مقام العبودية لله العلي العظيم " .)١(‏ 

ب- في ظلال قوله تعالى: ( لَهُمَاف موت وَمَافِ الْأَرضٍ 
وهر الع الْعَظِيمُ 1 [سورة الشورى:؛] » يقول: " فليس هو الملك 
فحسبء ولكنه ملك العلو والعظمة على وجه التفرد كذلك؛ العلو 


. 5190 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
ل‎ 








الذنى يكلم الى ع تالقان :عد لاون :1+ لبي الكريرد» النذى: لتندن 
غيره إل علىٌّ ل ولا ل كبيز ,)١1"'‏ 
2 في ظلال قوله تعالى: [ ولا تَمَعْ المع دده كله 


عن > رامن نين ا 0 د 


أذ له حو افرع عَن قَلُوبِهم َالو مادا قَالَ يكم قَالُوا لْحَقّ وهو 
لعن الْجِيرُ [إسورة سبأ:17] ' يقول سيد: " وينتظر الشفعاء 
والمشفوع فيهم أن يتأذن ذو الجلال في عليائه» بالشفاعة لمن 
ينالون هذا المقام... ( وَهْوَأَلْمَُ الْجَّيِرُ 1 وصف في المقام الذي 
يتمثل فيه العلو والكبر بالإدراك من قريب " (). 

؟ - تصريحه بأن الله فوق عباده وفوق السموات 





أ - يقول: " ويستوقف النظر تفضل الخالق المالك ذي 
السلطان» القاهر فوق عباده» تفضله سبحانه بأن يجعل رحمته 
بعباده في هذه الصورة مكتوبة عليه» كتبها على نفسه؛» وجعلها 
هذ اعمقة لعباده. ا 


. 5١5٠١ /© في ظلال القرآن‎ )١( 
. في ظلال القرآن ه/ كولا"”‎ )١( 
١0 








ب -ويقول أيضاً: " إن الله هو خالق السموات والأرض» 
القاهر فوق السموات والأرضء» وهو صاحب هذه الدعوة التي 
يليا الرنيك لها التصافة 217 

ج -ويقول في تفسير أول سورة الحديد: " وهذا المطلع.. 
وما حشد فيه من خصائص الألوهية الفاعلة المؤثرة المبدعة 
لقن قو لمعيل يكن قنوي الحمييةة علي 05 ققوم لجا 
بكل شيء وما تعرضه من إبداع اليد القادرة» وهي تجول في 
محيظ الميموات:والأرظى» ونلقدف: إلى حبابا الغيدون وطواب] 
القلوب» وتشرف من علٍ على الوجود_وما فيه ومن فيه... " ("). 

" هو الأول والآخر والظاهر والباطن» وهو بكل شيء 
قير الل انرون انه شيي نه السو انزو عاد و 
والظاهر فليس فوقه شيء؛ والباطن فليس دونه شيء» الأول 
والآخرء مستغرقاً كل حقيقة الزمان» والظاهر والباطن مستغرقاً 
كل حقيقة المكان وهما مطلقتان " (). 

د- ويقول أيضاً: "... ثم يأخذ في عرض حقيقة الألوهية: 
وتعريف الناس بربهم» فيعرف الناس بهذه الحقيقة متمثلة في 


٠١55/5 المصدر السابق‎ )١( 
. (؟) المصدر السابق 5/ 541717" بتصرف يسير‎ 
.7”5179 /5 (؟) في ظلال القرآن‎ 

١ 








آخارها المحجلية في الكون رفني 0 الله 0 في الهيمنة 
علو الؤجود ين فوق عرشه الأغلكد و( 

ككفي شلال فرك مان تاد انمع لَه كما يعَولُون إذا 
ينعو ِل ذى الم سيا 1 [سورة الإسراء:؟4] » يقول: وذكر العرش 
هنا يوحي بالارتفاع والتسامي على هذه الخلائق التي يدعون أنها 
آلهة مع الله» وهي تحت عرشه وليست معه» ويعقب على ذلك 
بتنزيه الله في علاه " سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً '. 

ثم رسم السياق للكون كله بما فيه ومن فيه مشهداً فريداً 
ككف تعركق اللايخويه كله إلى اللاء سف لتويك السيلة اله 
اك 0 7 وَمَن فون ا لاش ده ولك َّ 
7 موود عق رنقكاة حَلِيمًا عَفُورًا 1 [سورة الإسراء:؛ ؛] » وهو تعبير 
تنبض به كل ذرة في هذا الكون الكبير» وتنتفض روحاً حية تسبح 
للهء فإذا الكون كل حركة وحياة» واذا الوجود كله تسبيحه واحدة 
تنجئة ركيةة ترشفي بعلال: إلى الكالق الوااعة الكيين: المتعان:. 
كلها تسبح لله وتتوجه إليه في علاه 0 


. بتصرف يسير‎ 7127-37٠6 4 في ظلال القرآن‎ )١( 
١5 








و- يقول في قصة المجادلة " فهذا هو الشأن الذي سمع 
الله ما دار فيه من حوار بين رسول الله وَل والمرأة التي جاءت 
تجادل فيه» وهذا هو الشأن الذي أنزل الله فيه حكمه من فوق 
سبع سموات» ليعطي هذه المرأة حقهاء ويريح بالها وزوجها... 

وهذا هو الشأن الذي تفتتح له سورة من سور القرآن» 
كتاب الله الخالد الذي تتجاوب جنبات الوجود لكل كلمة من 
كلماته» وهي تتنزل من الملا الأعلى " .)١(‏ 

ز - ويقول أيضاً: " ونصيب المؤمنين يتلقونه من يد الله 
في جنات تجري من تحتها الأنهار» فالله هو الذي يدخلهم» وهو 
إذن نصيب كريم علوي رفيع» وهم ينالونه من بين يدي الله في 
علاه جزاء على الإيمان والصلاح.. " ("). 

ح - في ظلال قوله تعالى ( إِنَّمَا يرد أنه ليُذّهِبَ 


00| 


يج < م صوارو و 


عَنحكُم ارحس أمْلَ ليت وبطوَركْ مهيا 1 إسورة الأحزاب:7] ' 
يقول: " وفي العبارة تلطف ببيان علة التكليف وغايته» تلطف 
يشي بأن الله - سبحانه - يشعرهم بأنه - بذاته العلية - يتولى 
تطهيرهم واذهاب الرجس عنهم» وهي رعاية علوية مباشرة " 


. "5٠05 /5 المصدر السابق‎ )١( 

. 5550/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) في ظلال القرآن ©/ 58557 . 
١‏ 








ط- عند حديثه عن المعراج يقرر أن محمداً يِ انتهى في 
عروجه مع جبريل إلى سدرة المنتهى وهي السدرة التي ينتهي 
إليها المطاف» فجنة المأوى عندهاء أو التي انتهت إليها صحبة 
جبريل - عليه السلام - لرسول الله ييه حيث وقف هو وصعد 
محمد 5 درجة أخرى أقرب إلى عرش ربه وأدنى " .)١(‏ 

*- تصريحه بأن الوحي والكتب السماوية والملائكة 
تتنزل من عند الله في علاه: ومن ذلك: 


أ - في ظلال قوله تعالى: [رَفِيعٌألدَرَحتِ ذو الْعَرّشٍ 
لَّقَى الروح مِنَ مرو عَكْمَ يمَآهُ ونْعِبَادِ. 1 [سورة غافر ]١5:‏ » يقول: 
' فهو - سبحانه - وحده صاحب الرفعة والمقام العالي» وهو 
صاحب العرش» المسيطر المستعلي» وهو الذي يلقي أمره 
المحيي للأرواح والقلوب على من يختاره من عباده؛» وهذا كناية 
عن الوحي بالرسالة» ولكن التعبير عنه في هذه الصيغة يبين: 
أولاً: حقيقة هذا الوحي؛ 

ويبين ثانيا: أنه يتنزل من علو على المختارين من 
العباد» وكلها ظلال متناسقة مع صفة الله (الْعَينٌ ألحَيِيرٌ ) ' 
00 





.”51 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 3٠١1/9 في ظلال القرآن ه/‎ )١( 
١م‎ 








ب حعند كلامه عن وحي الله تعالى لأنبيائه يقرر بأنه يتم 


من علوء ويصف ذات الله بالعلو» " فقوله تعالى: إإِنَّهُ عن 


حَكيرٌ 1 يوحي من علو» ويوحي بحكمة إلى من يختار".. إن 
النبوة أمر عظيم حقاًء وان لحظة التلقي عظيمة حقاًء تلقي 
الذات الإنسانية لوحي من الذات العلية.. " .)١(‏ 

" إنها سنة من سنن الله أن يرسل الرسلء» وأن ينزل عليهم 
الكتب» وهذا الكتاب الجديد الذي ينكرون ' تنزيله» هو كتاب 
مبارك - باركه الله وهو ينزله من عنده.. " ("): 

؛ - تصريحه بأن الأعمال والملائكة تصعد إلى الله في 
علاه: ومن ذلك: 

أ- في ظلال قوله تعالى: ( يَدَنَرالْامَرَ وى السَمَآإِلَ 


- 
مه م وو عل 2 


لْدرْضٍ ثم َو إِلِيّهِ ف يو ِكانَ عِهَدَاره أَلْفَ سَنَوْيْمَ تعدُونَ 1 [سورة 
السجدة:ه] » يقول: ' ثم يرتفع كل تدبير» وكل تقدير بمآله 
ونتائجه وعواقبه» يرتفع إليه سبحانه في علاه؛ في اليوم الذي 
قدره» لعرض مآلات الأعمال والأقوال» والأشياء والأحياء يرتفع 


2 7١١7٠١ /5 المصدر السابق‎ )١( 

)١(‏ في ظلال القرآن 7/ ١١547‏ بتصرف »ء وينظر أيضاً : كلامه عن إنزال الوحي 

والكتب والقرآن المواضع الآتية من الظلال : ؟/ ,5١95‏ 5/ا5 55 . 
06 








فكل شيء وكل أمر وكل تدبير وكل مآل هو دون مقام الله ذي 
الجلال» فهو يرتفع إليه أو يرفع بإذنه حين يشاء " ('). 

ب - في ظلال قوله تعالى: إإِلْهِ يصَعَد الم اليب 
وَاَلْصَمَلُلصَّيِحُ يَرَفَعَهٌ 1 [سورة فاطر:١٠]‏ » يقول: " القول الطيب 
الذي يصعد إلى الله في علاه؛ والعمل الصالح الذي يرفعه الله 
إليه ويكرمه بهذا الارتفاع» ومن ثم يكرم صاحبه ويمنحه العزة 
والف 11م 


ت- تصريحه - كما سبق - بعروج النبي يك مع جبريل 
إلى مدرة المككهن.» ووقوفه تمك يخراق الله شحاف 00 

فهذه النصوص جمعياً تبين أن سيداً - رحمه الله - يثبت 
لله سبحانه صفة العلو المطلق وأنه سبحانه في السماءء فوق 
العرش» منه ينزل الوحي والكتب على الرسل واليه تصعد 
الأعمال والأقوال الطيبة والملائكة» وهي واضحة الدلالة على 
ذلك. 


.378.08- 541/ /© في ظلال القرآن‎ )١( 
. 791170 /5 (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 5401 /5 (؟) المصدر السابق‎ 


١١2٠ 








وَالذيق” قنالواوأو يذ "جاريخيية الات ييكن بخفة العلوة 


اعتمدوا على كلام موهم أو عبارات عامة قالها في سياق ماء 
ويمكن بيان ذلك في الفقرة الآتية: 

ثانيا: أدلة القاء 

يستدل القائلون بأن سيداً - رحمه الله - ينفي أو ينكر 
صفة العلو بنتصوص من كلام سيد» وسوف أورد تلك النتصوص 
في سياقها ثم ننظر مدى دلالتها على المراد وهي: 

-١‏ تفسير سيد لصفة الاستواء بالاستعلاء والهيمنة: 

حيث فهم بعضهم من تفسير سيد للاستواء على العرش 
بأنه كتابة عن السيطرة والهيمنة» أن سيداً ينفي صفة العلو 
وسيأتي الكويث كن مو قافا دي سن فهفة: الاتدكرا مسقصمة: 
والذي يعنينا هنا مدى صحة الاستدلال بتفسير سيد للاستواء 
بالاستعلاء على نفي صفة العلو؟ 

يظهر من خلال جمع ومراجعة كلام سيد في مسألة 
العلو وفي مسألة الاستواء على العرش الأتي: 

أ - أن سيد قطب- رحمه الله - يثبت صفة العلو لله 
تعالى - كما سبق في الفقرة السابقة - ويقرر أن الله في السماء 
وأنه فوق العرشء وأن المخلوقات كلها تحت عرشه؛ وأنه نزل 


١١١ 








الوحي والكتب من عنده من السماء» وأن الأعمال تصعد إليه؛ 
مما يدلنا على أنه يؤمن بصفة العلو وأن الله في السماء. 

ب- أن كلام سيد حول الاستواء كفعلٍ» بمعنى: هل كان 
الله غير مستو على العرش ثم استوى عليه؟ فهو يرى أن الله 
تعالى لا تتغير عليه الأحوال ولا يكون في حالٍ أو وضع - 
سبحانه - ثم يكون في وضع أو حالٍ تالء ف " ثمّ " في قوله 
تعالى ( ثم آَسَتَوَئ عَلَ الْمَرّشِ 1 ليست عند سيد للترتيب الزمني؛ 
بمعنى أن الله كان في حالة عدم استواء ثم أصبح في حالة 
استواء» وانما هي عنده للترتيب المعنوي» فالاستواء عند سيد 
قطب رمرٌ للسيطرة على الخلق» ولفظ " مم " يعني استعلاؤه 
سبحانه وسيطرته وتدبيره للمخلوقات بعد خلق السماوات 
والأرض " .)١(‏ 

فسيد قطب فسرالاستواء بلازم الاستواء وهو الانفراد 
بالملك والسلطان والتدبير ولم يفسره بمعنى الفعل» وان كان له 
كلام آخر في تفسير الاستواء سيأتي عند الحديث عن صفة 


الاستواء. 


. 7480/52 54841/ /© ينظر كلام سيد في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








والخلاصة هنا أن سيداً وإن خالف تفسير السلف 
للاستواء في بعض النصوص إلا أنه لم ينكر صفة العلو؛ بل 
كان حديثه حول الاستواء على العرش كفعل لله مع إثبات أن 
للله فوق العرش وفي السماء. 

؟- الاستدلال بعبارات سيد قطب التي تصف الله بعدم 
التحيز في مكان: 

ذكر سيد في بعض المواضع أن الله سبحانه وتعالى لا 
يتحيز في مكان وعباراته في ذلك هي: 

- في ظلال قوله تعالى: ([وَمَا جَعََنَا الْقبله آلََكُنتَ 


ل سس رس ا هع 


َلآ إلا َعَم من يَيَِمُ ألَسُولَ مِمّن ينقَِبُ عل عَهِبَيَّهِ 1 اسورة 
البقرة:4١]‏ ) يقول: " وقد علم الله أن الرغبة الفطرية في اتخاذ 
أشكال ظاهرة للقوى المضمرة هي التي حادت بالمنحرفين عن 
الطريق السليم» حيث اتخذوا للقوى الكبرى رموز محسوسة 
مجسمة من حجر وشجر وغيرها. فجاء الإسلام يلبي دواعي 
الفطرة بتلك الأشكال المعنية بشعائر العبادة» مع تجريد الذات 
الإلهية عن كل تصور حسي وكل تحيز لجهة» فيتوجه الفرد 
إلى قبلة حين يتوجه إلى الله بكليته» بقلبه وحواسه وجوارحه؛ 
فتتم الوحدة والاتساق بين كل قوى الإنسان في التوجه إلى الله 


7 





الذي لا يتحيز في مكانء وان كان الإنسان يتخذ له قبلة من 
مكان 1 00 


- في ظلال قول الله تعالى إبليس: [لَأمَعَدَدَكُمْ ورَطَكَ 
لْمسَيَقِم 00 لكر تبي أيدض ومن حَلْنِهِمَ عن يم ون تيلم 
وَلاجدأَكْرَمْمْ كريب 1 ()» يقول أيضاً " إنه -أي الشيطان - 
سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم» يصد كل من يهم 
باحتيازت- والظرييق الت الند ال يمكدن أن يكو سنا فالله 
سبحانه جل عن التحيزء فهو إذن طريق الطاعات المؤدي إلى 
رضى الله» وأنه سيأتي البشر من كل جهة للحيلولة بينهم وبين 
الإيمان والطاعة ' ('). حيث فهم بعضهم (؟) من كلام سيد 
السابق أنه ينفي صفة العلو كالجهمية وأهل البدع. 

- ونحن نقول: إن قول سيد عن الله " لا يتحيز في 
مكان " و" وجل عن التحيز " من الألفاظ الحادثة التي لم تأت 
في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام السلف عن الله» وهي 
تحمل حقاً وباطلاً» وبالتالي لا نستطيع الحكم على قائلها إلا إذا 


. بتصرف‎ ١7١48 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١7٠01١5 سورة الأعراف » الآيتان‎ )١( 
. 37١71١ / بتصرف يسير وينظر أيضاً‎ 37١17 /* ا‎ 0 
. 7١5 254 601١6 انظر : المورد الزلال للدويش ص‎ ):( 
١1١ 


ع 








عرفنا مقصوده.؛ فأهل البدع لما كان مقصودهم منها نفي 
الصفات» لم يوافقهم أهل السنة على إطلاقها على الله» وأهل 
السنة يرون عدم استعمال هذه الألفاظ في الكلام عن الله نفياً أو 
إثباتاً لعدم وردوها في الشرعء ولكنهم يقولون: إن كان المقصود 
منها أن الله سمخانه مكزه:.عن الحدوذ وأنة لآ تحده الحيات ولا 
تحويه المخلوقات فهذا المعنى صحيحاً» وإن كان المقصود منها 
أن الله ليس مبايناً لخلقه ولا منفصلاً عنهم وأنه ليس فوق 
السماوات ولا على العرش ونحو ذلك مما قاله أهل البدع 
كالجهمية وغيرهم فهذا باطل .)١(‏ 

*- الاستدلال بكلام سيد عن فوقية القهر وا ة: 

في تفسير قوله تعالى: (وَهْوَالْقَاهِر فوَفَعِبَادِو ) [سورة 
الأنعام:1] » يقول سيد: " فهو صاحب السلطان القاهر وهم تحت 
سيطرته وقهره؛» وهم ضعاف في قبضة هذا السلطان لا قوة ولا 
ناصر» هم عباد والقهر فوقهم وهم خاضعون» ومقهورون " ("). 

حيث علق الشيخ الدويش - رحمه الله - على كلام سيد 
السابق بأن مذهب أهل السنة والجماعة إثبات العلو لله على ما 


)١(‏ ينظر كلام أهل السنة في ذلك في : منهاج السنة لابن تيمية ؟/ 144" » ودرء 
تعارض العقل والنقل لابن تيمية »57/١‏ وشرح العقيدة الطحاوية ص 37٠0/55٠0‏ . 
)١(‏ في ظلال القرآن ؟/ 1١١77‏ . 

١١5 








يليق بجلاله علو الذات وعلو القهر وعلو القدرة» أما أهل البدع 
فإنهم لا يثبتون علو الذات» وهذا ظاهر من كلامه - أي سيد - 
لأنه ما قرر إلا فوقية القهر والسيطرة» ولم يذكر علو الذات» 
والآية صريحة في إثبات ذلك.. " .)١(‏ 

وأقول: إن الاستدلال بعدم ذكر سيد هنا لعلو الذات على 
نفيه له غير صحيح» لأن سيدا وإن كان اقتصر هنا على ذكر 
علو القهر والسلطان لأن سياق الآية يدل عليه» فقد ذكر علو 
الذات في مواضع أخرى كما سبق بيانه: 





لْمَلتهيكة والرُوع إِلَيّه 1 إسورة المعارج:؛] »وهو قوله: " ولم نكلف 
أن ندري طبيعة هذه المهام وكيف يصعد الملائكة ولا إلى أين 
يصعدون " (0). 

حيث يقول الدويش -برخضة الله يعد نكره المقطع 
السابق من كلام سيد: " قوله ولا إلى أين يصعدون ليس كما 
قال؛ بل هو معلوم وهو أنهم يصعدون إلى الله تعالى» وقد 
تقد العشاع نه لك عونا تاجيا على علو ابا عل قلق 


. 57 المورد الزلال للدويش ص‎ )١( 
. "55/5 في ظلال القران‎ )١( 
١١. 








ثم ذكر كلام الإمام الطبري في تفسيرهاء ثم قال» وهذا واضح 
ولكن هذا شأن أهل البدع المعطلين لعلو الله على خلقه.. " .)١(‏ 
وأقول: إن الاستدلال بالمقطع السابق على أن سيداً من 
أهل البدع الذين ينفون صفة العلو عن الله غير مسلم به للآتي: 
أ - أن الشيخ الدويش لم يذكر كلام سيد قطب كاملاً في 
السياق ليتبين له عدم صحة اسددلاله» فإن بداية السياق 
صريحة في ذكر علو الله وصعود الملائكة إليه يوم القيامة. 
واليك نص كلام سيد: " والأرجح أن اليوم المشار إليه 
هذا هو يوم القيامة لأن السياق يكاد يعين هذا المعنى» وفي هذا 
اليوم تصعد الملائكة والروح إلى الله؛ والروح الأرجح أنه جبريل 
-عليه السلام - كما سمي بهذا الاسم في مواضع أخرىء وإنما 
أفرد بالذكر بعد الملائكة لما له من شأن خاصء وعروج 
الملائكة في هذا اليوم يفرد كذلك بالذكر إيحاءً بأهميته في هذا 
اليوم وخصوصيته؛ وهم يعرجون في شئون هذا اليوم ومهامه... 
ولا ندري نحن - ولم نكلف أن ندري - طبيعة هذه المهام؛ ولا 
كيف يصعد الملائكة» وإلى أين يصعدون» فهذه كلها تفصيلات 
من شأن الغيب لا تزيد شيتاً من حكمة النص» وليس لنا إليها 


١١ 5 /ا‎ 








من سبيل؛ وليس لنا عليها من دليل فحسبنا أن نشعر من خلال 
هذا المشهد بأهمية ذلك اليوم ". 

فسيد - رحمه الله - ينفي في النص معرفة كيفية تلك 
الأمور الغيبية» لاسيما أنها تتعلق بيوم القيامة؛ والسموات 
والارض تبدل يومئذ وتطوىء ولم يرد نص يبين أين يعرجون 
الى الله. 

ويقررأننا لم نكلف أن نبحث عنها وعن غيرها من 
تفصيلات الأمور الغيبية» لأنها لا تزيد شيئاً في حكمة النص 
عند المؤمن وليس إليها سبيل» فالأفضل استشعار ما تدل عليه 
دون الخوض في تفصيلات وكيفيات الأمور الغيبية. 

ومما سبق يتبين لنا: 
١-أن‏ سيد قطب- رحمه الله - يثبت صفة العلو المطلق لله 
سبحانه وتعالى بأنواعه علو الشأن وعلو القهر وعلو الفوقية. 
١-أن‏ الاستدلالات التي ذكرها بعضهم على أن سيد قطب 
ينفي صفة العلو عن الله لا تدل على ما ذهبوا إليه. 


١١ 





المطلب الثالث 


الصفات الذاتية الخبرية 

وهي الصفات التي لا سبيل للعقل على انفراده بإثباتهاء 
وانما تثبت بطريق السمع والخبر عن الله تعالى: كصفة الوجه 
واليدين والعين ونحوها ('). 

وموقف أهل السنة والجماعة من هذه الصفات هو إثباتها 
لله - سبحانه وتعالى- على الوجه الذي يليق بجلاله من غير 
تأويل ولا تعطيل ولا تكييف» كما هو شأنهم في بقية الصفات. 

وأما المتكلمين فالمعتزلة ينفونها جميعاً» والأشاعرة منهم 
من ينفيها كإمام الحرمين الجويني في أول أمره في كتابه 
"الارشاد "» ومنهم من يثبت أكثرها كالباقلاني وغيره؛ والسبب في 
نفيها عندهمء أنها من سمات الأجسامء فيقتضي إثباتها التشبيه 


والتحسهد (). 


)١(‏ الصفات الإلهية» لمحمد أمان الجامي » طبعة الجامعة الإسلامية - بالمدينة 
النبوية - ط١‏ » عام ١508‏ » ص7 7. 
(؟) ينظر فى ذلك : أساس التقديس للرازني ص ” . وشرح الأصول الخمسة للقاضي 
عبد الجبار ص 77٠١ ٠ 7١7‏ ء وأصول الدين للبغدادي ص ٠ 3١‏ والإبانة لأبي 
الحسن الأشعري ص 77-١٠١‏ . 

١١8 








وفيما يلي بيان لموقف سيد قطب من صفات الذات 
الخبرية: 
الفرع الأول: صفة الوجه: 


صفة الوجه من صفات الذات الإلهية» التي ثبتت 


بالكتاب والسنة في قوله تعالى: كَل سَىْءِ مَالِكٌإِلَاوَجَهَُ ) [سورة 
القصص:18] » وقوله: ( وبق وَحَهُ رَيِكَ ذو اَكَلٍ وَالْإِهاوٍ 1 [سورة 
الرحمن:7؟] » وقوله يَلِ: ".. لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه 
بضدزة: 107).وغين :ذلك 

وبناءً على تلك الأدلة أثبت أهل السنة والجماعة هذه 
الصفة (')» ولم يختلف السلف في شيء من الآيات التي ورد 
فيها ذكر الوجه إلا في قوله تعالى: [كَأيْتَمَاتُولُوأ مم َم ألو ) 
إسورة البقرة:5١١]‏ » حيث فسرها البعض بقبلة الله ('). وخلافهم 
في هذه الآية لا يعني إنكارهم للصفة. 


)1( رواه مسلم في كتاب الإيمان ١ /١‏ برقم 89 . 

2٠١ والتوحيد لابن خزيمة ص‎ ,578 /١ ينظر في ذلك : السنة لابن أبي عاصم‎ )١( 

والأسماء والصفات للبيهقي ص ."١0١‏ وما بعدها . 

0( انظر : تفسير ابن كثير ١‏ مومختصر الصواعق لابن القيم ص 0016 
١١٠‏ 








صفة الوجه عند سيد قطب: باستعراض كلام سيد 
قطب حول صفة الوجه؛ نجد أنه يثبت صفة الوجه في نصوص 
كثيرة من كلامه وبيان ذلك فيما يأتي: 

١‏ -في ظلال كثير من الآيات التي تذكر ابتغاء وجه 
الله عند القيام بالأعمال» يجريها سيد على ظاهرها في إثبات 


تُيفِفُو تك إل اتنا وجوه اللو 1 [إسورة البقرة:27؟] » وقوله 
تعالى: (ِيرِيِدُوَ وَجَهَهُ. 1 »)١(‏ وقوله تعالى: ( وَالذّبَ صبروا يع 


011 مويو ا 


َه رَيمِجَ 1 [سورة الرعد:؟!] » وقوله تعالى: (دَلِكَ حَر ليت 


يدون وَبحَهَ اليد 1 [سورة الروم:8؟] » وقوله تعالى: (إِمَاظيد 
ِوَبِْ أ 1 [سورة الإنسان:1] . 

حيث يقرر أن أصحاب هذه الأعمال المذكورون في 
الآيات إنما يقومون بها تجرداً لله وابتغاء وجهه ومرضاته 
سبحانه» وليس لهم هدف غير ابتغاء وجهه سبحانه ("). 


. 78 لآية‎ ٠١ سورة الأنعام » الآية ؟5 » والكهف‎ )١( 
لاه ء؟ء مككتتل,‎ / 35٠-48 / 6 "1١6 /١ ينظ ر :في ظلال القران:‎ (0 
ا ال ااا.‎ 


١١١ 








ومن ذلك ما يلي: 


- قوله في ظلال قول الله تعالى: ( وَلَهِالَسْرِقُ الب 


8 


وك و مس2 مد غير 


يتما تلوأ تم وَهُ أل ) [سورة البقرة:5١١]‏ : " فهي توحي بأنها 
جاءت رداً على تضليل اليهود في ادعائهم أن صلاة المسلمين 
إلى بيت المقدس كانت باطلة..! والآية ترد عليهم هذا الزعم» 
وهي تقرر أن كل اتجاه قبلة» فثم وجه الله حيثما توجه إليه 
عابد» وانما تخصيص قبلة معينة هو توجيه من عند الله فيه 
طاعة» لا أن وجه الله - سبحانه - في جهة دون جهة والله لا 
يضيق على عباده؛ ولا ينقصهم ثوابهم» وهو عليم بقلوبهم 
ونياتهم ودوافع اتجاههم؛ وفي الأمر سعة " .)١(‏ 

- في ظلال قول تعالى: (كُلُّ سَيَءِ هَالِكُ ِلَا وه ) [سورة 
القصص:68] يقول: " فكل شيء زائل وكل شيء ذاهبء المال 
والجاه» والسلطان والقوة» والحياة والمتاع» وهذه الأرض ومن 
عليهاء وتلك السماوات وما فيها ومن فيهاء وهذا الكون كله ما 


. 37١6 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١١6 








نعلمه منه وما نجهله كله»ء كله هالك فلا يبقى إلا وجه الله 
الباقي متفرداً بالبقاء " .)١(‏ 


و2 


- في ظلال قوله تعالى: ( كَلْمَنْعَيهَانانِ )وبق وَبَهرَيِكَ 
ذو أبَكلٍ وَالْإذار ) [سورة الرحمن ]0907١‏ » يقول: " وتطوى 
صفحة الخلق الفاني» وتتوارى أشباح الخلائق جميعاً» ويفرغ 
المجال من كل حي ويتجلى وجه الكريم الباقي متفرداً بالبقاء» 
متفرداً بالجلال» وتستقر في الحس حقيقة البقاء؛ وهو يشهد 
ظلال الفناء».. 

وفي ظل هذا النص القرآني تخفت الأنفاس» وتخشع 
الأصوات» وتسكن الجوارح» ظل الفناء يشمل كل حي» ويطوي 
كل حركة» ويغمر آفاق السماوات والأرضء وجلال الوجه الكريم 
الباقي يظلل النفوس والجوارح والزمان والمكان» ويغمر الوجود 
كله بالجلال والوقار.... 

ويعقب على هذه اللمسة العميقة الأثر بنفس التعقيب» 
فيعد استقرار هذه الحقيقة- حقيقة الفناء لكل من عليهاء وبقاء 


الوجه الكريم وحده؛ نعمة يواجه بها الجن والإنس في معرض 


.7715/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
١١6 








الآلاء.. وختام السورة تسبيحاً باسم الجليل الكريم» الذي يفنى كل 
حي» ويبقى وجهه الكريم ل 

- في ظلال قوله تعالى: [عَمتَ تَفَسُمَآ أَحَصَرَتَ] [سورة 
التكوير: 4  ]١‏ يقول: " وقد تغير كل شيء»؛ وتبدل كل شيء ولم 
يبق إلا وجه الله الكريم» الذي لا يتحول ولا يتبدل» فما أولى أن 
تتجه النفوس إلى وجه الله الكريم فتجده - سبحانه - عندما 
يتحول الكون كله ويتبدل! "("). 

- في ظلال قوله تعالى: (وَمَاكسودَمُين يمو (8) 
إلا يِه وَجورَيِّ القن 1 إسورة الليل:؟1 ]٠١‏ » يقول: ' ثم ماذا 
ينتظر هذا الأتقى» الذي يؤتي ماله تطهراء وابتغاء وجه ربه 
الأعلى؟ إن الجزاء الذي يطالع القرآن به الأرواح المؤمنة هنا 
عجيب ومفاجئ» وعلى غير المألوف " (). 

- في ظلال قول الله تعالى: (مُجُموْيِذْ أصةُ (8) إل تماكطرَة ) 
(*: يقول: " ومن هذه المشاهد مشهد المؤمنين المطمتنين إلى 
ربهم؛ المتطلعين إلى وجهه الكريم في ذلك الهول'(١).‏ 


في ظلال القرآن 5 35841.. 
في ظلال القرآن » 5/ 594571 . 
سورة القيامة » الآيتان 7١‏ . 77 . 


١١6 








' وهذا التطلع ذاته نعمة» لا تفوقها إلا نعمة النظر إلى 
وجهه الكريم 0 


الفرع الثاني: صفة النفس: 

ذكر الله تعالى في غير ما آية في كتابه الكريم أن له نفساً 
كقوله - سبحانه -: [كَسب رَيُكُمَ عل نَنَْسِهِ أَلريَحَمَةَ ) [سورة 
الأنعام:54] ' وقوله لموسى عليه السلام (وَاصَطَتَعَتكَ لِتَفيى ) [سورة 
طه:١:]‏ » وقوله: إوَيُحَرْركم الله نَفْسَهُه 1 [سورة آل عمران:١]‏ ' 
وغيرهاء وجاء في السنة أيضاً ذكر ذلك كقوله #ك: " سبحانه الله 
العظيم وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه اللا 

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن لفظ النفس الذي ورد 
في بعض النصوص إطلاقه على الله تعالى يراد به - عند 
جمهور العلماء - الله نفسه التي هي ذاته» المتصفة بصفاته؛ 
ولوس الهراد نهنا ذانا متتقة حكن الصبفات كول المراة نهنا صيقة 
للذاك. وذكر أن :ظائفة من الناين يحعلونها مواناني الضدفات: 


. 31/51 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
"1/1/١ /5 المصدر السابق‎ )١( 
. 7775 رقم‎ ١570 /4 رواه مسلم في كتاب الذكر باب التسبيح أول النهار‎ )( 


١١ هه‎ 








كما يظن طائفة أنها الذات مجردة عن الصفات وكلا القولين 
خط ,)١1"‏ 


وجاء عن الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - قوله: " فأول 
ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا -جل وعلا- في كتابنا هذا: 
ذكر نفسه؛ جل ربنا عن أن تكون نفسه كنفس خلقه؛ وعرَّ أن 
يكون عدماً لا نفس له " (5). ثم ذكر بعض النصوص في ذلك 

وعقد الإمام البخاري باباً في كتاب التوحيد من صحيحة 
في إثبات النفس لله» ساق فيه بعض الآيات والأحاديث (). 

وخالفت الجهمية فزعمت أن نفسه سبحانه هي غيره؛ وأن 
الله إضافها إليه» على معنى إضافة الخلق إليه» وهذا باطل» 
لأنه لا يصح أن نقول: كتب ربكم على غيره الرحمة؟ 
واصطنعتك لغيري ويحذركم الله غيره!!.. 


)١(‏ مجموع فتاوى ابن تيمية 00191-١95 /١5‏ 797/4- 73978 » وينظر أيضاً فتح 
الباري /١‏ 5575,» وأساس التقديس للرازني ص 15 » والأسماء والصفات للبيهقي ؟/ 
.١‏ 





(؟) كتاب التوحيد لابن خزيمة.تحقيق د / عبد العزيز الشهوان دار الرشد » ط١‏ » 


١١١ ءاها١ةءم‎ 


(؟) صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قوله تعالى : ' ويحذركم الله نفسه " 51795/5- 


4 برقم 5954-:151 . 


١١675 





صفة النفس عند سيد قطب: يثبت سيد قطب - 


رحمه اكه - صفة النفئس الإلهية» ويجري الايات الح وردت 


١-في‏ ظلال قول الله تعالى: (ِوَيُحَرْرِكُمْ أنَهُمَنْسَهُ,] ))١(‏ يقول: 
'"ولمااكان الأمن في.هذه الحالة متروكاً للضمائر» ولتقوئ 
القلوب وخشيتها من علام الغيوب» فقد تضمن التهديد تحذير 
ل ل ا للد نيا 
حقها) | كحك انا ننه 1013م لط 1 تو يانه 
السياق الحملة على القلب البشري» فيكرر تحذير الله للناس 
ف نفس ة تبحاته. :لوحك ال ننه زامة قرط ليت 00 

-١‏ وفي ظلال قوله تعالى: [ كنب عَقَ نَْسِهِ أَليّحمَةَ ) [سورة 
الأنعام:١١]‏ » يقول: " فهو سبحانه المالكء لا ينازعه منازع 
ولكنه فضلاً منه ومنةً - كتب على نفسه الرحمة» كتبها 
بإرادته ومشيئته» لا يوجبها عليه موجب.... وقد تكرر ورود 
ذلك في السورة فقال في موضع آخر ( كَنْبَ عَنَ تَفَسِهِ 


مس 


َلبَحُمَةَ 4 [سورة الأنعام:54] ' والذي يستوقف النظر.. هو 


. 77١ /١ انظر : التوحيد لابن خزيمة » ص 58-5 » والسنة لابن أبي عاصم‎ )١( 
ك1‎ /١ في ظلال القرآن‎ (0 


١١ /اه‎ 








التفضل الإلهي من الخالق المالك ذي السلطان القاهر فوق 
عباده بأن يجعل رحمته بعباده في هذه الصورة» مكتوبة 
عليه» كتبها هو على نفسه.. " .)١(‏ 

؟- في ظلال قوله تعالى لموسى: إوََصْطَتَعْتَك لِنَقيى ) [سورة 
طه:1١:]‏ ' يقول: " أي - خالصاً مستخلصاً لي ولرسالتي 
ودعوتي»... إنما أنت للمهمة التي صنعتك على عيني لهاء 
واصطنعتك لتؤديهاء فما لك في نفسك شيء ولا لأهلك 


منك شيء» وما لأحد فيك شيء 5 2" 'وربه معه» قد 
اضظفية انفضة وا لتقلضنة واستطفاء:" :20 


الفرع الثالكَ: صفة اليد والأصابع: 
ورد لفظ " اليد " في القرآن والسنة وكلام الصحابة في 
أنها يد حقيقية كالطي والقبض والخلق باليدين» والإمساك 


/5 بتصرف يسير » وينظر أيضاً‎ 2٠١١١57١ 43--1١548 /7 في ظلال القرآن‎ )١( 
اع مور‎ 

)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 7127260-77 بتصرف يسير 

(؟) المصدر السابق 5/ 755. 


١١م‎ 








والغرس وغير ذلك واطراد لفظها في موارد الاستعمال وتنوعه 
وتصريفه يمنع المجاز .)١(‏ 

وكذلك ورد لفظ الأصابع في كثير من الأحاديث 
الصتحيحة ايكيا 00 

وبناءَ على ذلك أثبت أهل السنة والجماعة صفة اليد لله 
تعالن عل نهنا تليق هتيحان 00). 

واولها يحطن المتكافين بالقدة أو القوة أو النسة (2): 

صفة اليد والأصابع عند سيد قطب: من خلال 
استقراء كلامه على الآيات التي ورد فيها لفظ اليد نجد أن له 
نصوصاً صريحة في إثبات صفة اليد والأصابع لله تعالى؛ 


ونصوصا أخرى موهمة. فهم منها البعض أنه يؤولهاء ونصوص 


. 385 , 3517 مختصر الصواعق لابن القيم ص‎ )١( 
وصحيح مسلم‎ » "4٠١ . 774 ينظر في ذلك : الأسماء والصفات للبيهقي ص‎ )١( 





كتاب القدر 2 ومنهج الإمام الخطابي في العقيدة للحسن بن عبد الرحمن العلوي 2 دار 


الوطن - الرياض - ط(١‏ - 5١8‏ ١ه‏ ء ص27717 155 . 


(؟) ينظر في ذلك : التوحيد لابن خزيمة ص 1" » والشريعة للآجري ص ا 


والأسماء والصفات للبيهقي ”/ "4» والإبانة للأشعري ص 77 . 
(4) شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 758 » وأساس التقديس للرازي 
ص .١١١‏ 

١١8 





قسن لفظ اليذا فيهاخلافا نا فشر السلق» ويمكزدييان ذلك هما 


أ - نصوص صريحة في إثبات صفة اليد والأصابع: 
كنرك 

-١‏ في ظلال قول الله تعالى: [إِنَاليت يَِايُوتَكَ نيطوت 

ليد َه فَوَقَ أَيديِهمَ ) [سورة الفتح:١٠1]‏ » يقول: " وقد جاء- 

- ليصلهم بالله؛ ويعقد بينهم وبينه بيعة ماضية لا تنقطع 

بغيبة رسول الله - ينه - فهو حين يضع يده في أيديهم 

7 فإنما يبايع عن الله: (إنَالييت يوك إِنَمَاببايضُوت 


وميي 


يدأَمَهِ فَوَقَ أَيِدِيمَ ) وهو تصوير رهيب جليل للبيعة بينهم 
وبين رسول الله وَل والواحد منهم يشعر وهو يضع يده في 
يده أن يد الله فوق أيديهم» فالله حاضر البيعة: والله 
صاحبهاء والله آخذها - فالله حاضر لا يغيبء والله آخذ في 
هذه البيعة ومعط» وهو عليها رقيب " .)١(‏ 

-١‏ في ظلال قول الله تعالى: ١‏ رَيَنَالا يح موي بحَدَإِدْ هَدَيتَنَا وهب 


0 


أنتَ الْوَهَابُ 1 [سورة آل عمران:6] يقول: " 


86 
رك لس د سا 


لاي افك ركم نّ 


فهم بوحي ا يعرفون أنهم لا يقدرون على شيء إلا 


)1( في ظلال القرآن لض" 
١1‏ 








بفضل الله ورحمته وأنهم لا يملكون قلوبهم» فهي في يد الله 
فيتجهون إليه بالدعاء أن يمدهم بالعون والنجاة. 
عن عائشة رضي الله عنها قال - كان رسول الله عن 
كثيراً ما يدعو: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قلت: يا 
رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء» فقال: ليس من قلب 


من القلوب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمنء إذا شاء 


أن يقيمه أقامه؛ وان شاء أن يزيغه أزاغه 0005 
ومتى أستشعر القلب المؤمن وقع المشيئة على هذا النحو 
لم يكن أمامه إلا أن يلتصق بركن الله... وان يتشبث بحماه.. وأن 
يتجه إليه يناشده رحمته وفضله.. ! 2 
5 -في ظلال قول الله تعالى ( رَبَنَاَاجْعَلنَا مُسَلِمَنِ لك وَمِن دُرِمَينَآأمَةٌ 
مُسَلِمَةٌ لَكَ ) [سورة البقرة:8؟1] » يقول: " إنه رجاء العون من 
ربهما في الهداية إلى الإسلام؛ والشعور بأن قلبيهما بين 


)١(‏ رواه : الترمذي في القدر ما جاء أن القلوب بين اصبعي الرحمن 5510/5 برقم 
»: والحاكم في المستدرك 788/١‏ . وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 
. 
)١(‏ في ظلال القرآن /١‏ ١7".وينظر‏ أيضاً /١‏ 779 ؟ 
١1١‏ 








إصبعين من أصابع الرحمن» وأن الهدى هداه؛ وأنه لا حول 
لهما ولا قوة إلا به» فيتجهان إليه ويرغبان والله المستعان " .)١(‏ 
ه-في ظلال قوله تعالى: [ ون حِفعألَا توا موده 1 [سورة 
النساء:"] » يقول: " فالقلوب ليست ملكاً لأصحابهاء إنما هي 
بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء» وقد كان 
رسول الله هَل يعرف دينه ويعرف قلبه يقول: ' اللهم هذا 
قسمي فيما أملك» فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " (0). (). 


5-في تعليقه على قصة السحرة وايمانهم وحوارهم مع فرعون 

يقول: " ولكن الطواغيت المتجبرين لا يدركون كيف يتسرب 

الشوى ]لج لوقع اللاو قير لطر جيك" لمعاو حابن 

يحسبون أنهم يملكون تصريف الأرواح وتقليب القلوب» وهي 
بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.. " (؟). 

ويقول في موضع آخر " ولكن أني للطغاة أن يدركوا هذا 

السر اللطيف؟ أنى لهم أن يدركوا كيف تتقلب القلوب؟: وهم قد 


. 3١١5/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
والترمذي في النكاح 57/7 5 برقم‎ » 75١175 برقم‎ 60١/7 (؟) رواه : أبوداود في النكاح‎ 
. ١505 وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص‎ 
. 587 /١ (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 36 في ظلال القرآن‎ (5) 
105 








نسوا أن الله هو مقلب القلوب.. إءَامَنتم ب قبَلَ أن ءَادَنَ لَك )» 
قولة الطاغية الذي لا يدرك أنهم هم أنفسهم لا يملكون.. وقد 
لمس الإيمان قلوبهم - أن يدفعوه عنهاء والقلب بين إصبعين 
من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء " ('). 


-في ظلال قوله تعالى: (قلا تَذْهَبَ نَفْسَكُ عَلَتمَ حَسَرَتٍ ) 
إسورة فاطر:8] » يقول: ' إن هذا الشأن شأن الهدى 
والضلال» ليس من أمر البشر» ولو كان رسول الله يِل إنما 
هو من أمر الله والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن» 
هو مقلب القلوب والأبصارء والله سبحانه يعزي رسوله 
ويسليه بتقرير هذه الحقيقة له " ("). 

زيول أرضا في دوهع آخرن»” فنا ترفسن الفلري كذ 
الأاضين تدركينا مسيم الرعيةق إلى الجدئ الالتتجانة 
والإشراق واللتيعلم حقيفة القلوي وما انيه عليه بالدى أن 

بالضلال" (). 

/-يثبت لفظ اليد على ظاهره في بعض النصوص:؛ كقوله 
تعالى إتَبَرََألى بيده لَك ) [سورة الملك:١]‏ » وقوله: ( قُلّ 


. 7755 /5 بتصرف يسير » وينظر أيضاً‎ 7١547 -77547 /54 المصدر السابق‎ )١( 

. 795571 /0 في ظلال القرآن‎ )١( 

(*) المصدر السابق 5/ ٠١548‏ » وينظر أيضاً » 5/ 71745 . 
١‏ 








م مس سس وس ده 


و 58 0 . : 
من يرو ن كل شور ) [سورة المؤمنون:868] وغيرها. 


حيث يشير إلى أن القرآن الكريم في هذه الآيات ونحوها 
يلفت نظر الناس إلى ما حولهم و" يطلق الحواس والعقل 
والبصيرة ترتاد آفاق الكون» وأغوار النفس» وطباق الجو 
ويكفايا القيوت فترئ يد الله المبدعة " (0): 
ب ) نصوص فهم منها البعض أن سيد يؤول صفة اليد 
1 دفي كلاق كنول ناقتا :1 ولك تتبث اتوة ا 
لت ل وَِوأَاَالبَليدهمََُوطتانِ ‏ [سورة المائدة:؛ 7] » يقول 
سيد: " وذلك من سوء تصور يهود لله سبحانه» فقد حكى القرآن 
الكريم الكثير من سوء تصورهم ذاك وقد قالوا: إن الله فقير 
ونحن أغنياء» عندما سثلوا النفقة!. وقالوا: يد الله مغلولة» يعللون 
بذلك بخلهم» فالله - بزعمهم - لا يعطي الناس ولا يعطيهم إلا 
القليل» فكيف ينفقون؟!. 
وقد بلغ من غلظ حسهم» وجلافة قلوبهم؛ ألا يعبروا عن 
المعنى الفاسد الكاذب الذي أرادوه وهو البخل بلفظه المباشر»ء 
فاختاروا لفظأً أشد وقاحة وتهجماً وكفراً فقالوا: يد الله مغلولة؟ 


. 5495/52 75174 /54: في ظلال القرآن 5/ 579" . وينظر أيضاً‎ )١( 
13 








ويجيء الرد عليهم بإحقاق هذه الصفة عليهم» ولعنهم 
وطردهم من رحمة الله جزاء على قولهم: [عَلْتَ يدم وَلْعِنوا ما قَالوا 
1وكذلك كانواء فهم أبخل خلق الله بمالٍ! ثم يصح هذا 
التصورالفاسد السقيم ويصف الله سبحانه بوصفه الكريم» وهو 
يفيض على عباده من فضله بلا حساب» إِبَلَيدَاه مبَسُوطءَانِ ينفقٌ 
يِف يتَنَآهُ ). وعطاياه التي لا تكف ولا تنفد لكل مخلوق ظاهرة 
للعيان» شاهدة باليد المبسوطة؛ والفضل الغامرء والعطاء 
الجزيل.. " .)١(‏ 

حيث فهم البعض ('). من النص السابق أن سيد يؤول 
صفة اليد لأنه فسر بسط اليد بالعطاء والفضل والنعم» والذي 
يظهر من التأمل في النص السابق أن سيد لم ينف اليد بدليل 
قوله ' شاهدة باليد المبسوطة ' ولكنه بين معنى بسطهاء 
بالعطاء والفضل. 

وكلام سيد في تفسير الآية هو نفسه ما فسرها به كثير 
من أعلام السلفء كالإمام الطبري وابن كثير وابن عباس - 
رضي الله عنه -» حيث فسروا البسط بالفضل الواسع والعطاء 


. 179 /” في ظلال القرآن‎ )١( 
وأضواء على عقيدة‎ ٠» ١285 /" ينظر : المفسرون بين الإثبات والتأويل للمغراوي‎ )١( 
. ١756 سيد قطب للمدخلي ص‎ 


١١16 








الجزيل» وأن الله سبحانه عبر ببسط اليد عن هذا المعنى» لأن 
العطاء والبذل يكون غالبا باليد.. وهو من إضافة صفة 
الموصوف إلى يديه " (0). 

-١‏ في ظلال قوله تعالى: ( وَمَاقَدَرُوا حي فدرم وَالْدرَضُ 


حيي فته يوْم آلْمِيمَةِ اسوك مطويكت َمِبِيهء 
سَبَحََه وَيَعَنَكَ عَمَاشرِكوَنَ ) [سورة الزمر:17] » يقول سيد: ' نعم 
ما قدروا الله حق قدره؛» وهم يشركون به بعض خلقه؛ وهم لا 
يعبدونه حق عبادته؛ وهم لا يدركون وحدانيته وعظمته» وهم لا 
يستشعرون جلاله وقوته. 

ثم يكشف لهم عن جانب من عظمة الله وقوته» على 
طريقة التصوير القرآانية» التي تقرب للبشر الحقائق الكلية في 
صورة جزئية» يتصورها إدراكهم المحدود.. وكل ما يرد في القرآن 
وفي الحديث من هذه الصور والمشاهدء إنما هو تقريب للحقائق 
التي لا يملك البشر إدراكها بغير أن توضع لهم في تعبير 
يدركونه» وفي صورة يتصورنهاء ومنه هذا التصوير لجانب من 





)1( ينظر في ذلك : تفسير الطبري 66/ 5٠‏ ”2:57 ,. 5655 2:55 », وتفسير ابن 


كثير 75/7 . وفي ظلال القرآن في الميزان د/ صلاح الخالدي ص ١١7”‏ . 
١١‏ 





حقيقة القدرة التي لا تتقيد بشكل ولا تتحيز في حزء ولا تتحدد 


دم 118 

- في ظلال قوله تعالى ( فَالَ يََإِيِيس مَا متَعَكَ أن تَسَجَدَ لما 
حَلَفَتُِيَدَىَ 1 [سورة ص:5»] » يقول: " ما منعك أن تسجد لما 
خلقت بيدي؟ والله خالق كل شيء»؛ فلا بد أن يكون هناك 
خصوصية في خلق هذا الإنسان تستحق هذا التنويه» هي 
خصوصية العناية الربانية بهذا الكائن» وايداعه نفخة من روح 
الله دلالة على هذه العناية " (5). 

حيث استدل بهذه النصوص وبكلام قريب منها في كتاب 
التصوير الفني (') من قال بأن سيد قطب يؤول الصفات ومنها 
ضفة إلية :221 

وأقول: أما كلامه في التصوير الفني حول طريقة القرآن 
في تصوير الحقائق» ومنها ما يتعلق بأفعال الله فهو كلام 
خاطئ؛ لكن سيد في كتبه الأخيرة كالظلال والمقومات أثبت 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 750570-7051١‏ » وينظر أيضاً : التصوير الفني في القرآن 
وسيد قطب ص ”/ . 

(؟) في ظلال القرآن ©/ 50548 . 

(؟) ينظر : التصوير الفني في القرآن - سيد قطب - ص 77 . 





(4) انظر : المفسرون بين الإثبات والنفي للمغراوي ص 185 » والمورد الزلال 


للدويش ص ١85‏ 189 » وأضواء على عقيدة سيد قطب للمدخلى ص ١78‏ . 
١‏ 





بعض الصفات التي جاء في كلامه في التصوير الفني تأويلاً 
لهاء مما يعني أن كلامه السابق لا يصح كدليل على أنه ينفي 
الصفات بإطلاق. 

وأما كلامه في النصوص السابقة فلا شك أنه مخالف لما 
عليه أهل السنة والجماعة في تفسير تلك الآيات» والتي تثبت لله 
صفة اليدين والقبض والطيء وأن آدم خلقه الله بيده. 

ومع قولنا بخطأ سيد في هذين الموضعين إلا أن 
الاستدلال بها على أنه يؤول صفه اليد غير قاطع الدلالة» لأن 
له نصوصاً كثيرة سبق إيراد بعضها يثبت فيها صفة اليد 
والأصابع لله سبحانه وتعالى. 

أما قول الله تعالى: ١‏ وَالتَمك ينها تيد وَإنَلَموسِمُونَ 1 [سورة 
الذاريات:47] . فقد فسرها بالقوة تبعاً لجمهور المفسرين من 
السلف (). لأنها عند الجميع ليست من آيات الصفات. 


الفرع الرابع: صفة العين الإلهية: 
صقة العرق مق الصفات: الك ود اأقائيا الم ميعالى - في 
آيات قرآنية متعددة من ذلك: قوله تعالى: [ وَأصْبم الك يبنا مَمَضيِا 


)١(‏ انظر : في ظلال القرآن 5/ 5/5" » وتفسير الطبري »4727/١١‏ وتفسير بن كثير 
اا ٠‏ 
١١8‏ 








1 [سورة هود 77] وقوله تعالى: (تَرق يعيِيَا 1 [سورة القمر:؛ ]١‏ » 
وقوله تعالى: (يَِنَكَبعْيمَا 1 [سورة الطور:5/8] وغيرها. 

وكذلك جاء في السنة النبوية الصحيحة إثبات صفة العين 
الإلهية في أحاديث كثيرة ومنها حديث الدجالء وقوله ك: " إن الله 
ليس بأعور» وأشار بيده إلى عينه " (0). 

وبناءً على ذلك» فقد أثبت أهل السنة والجماعة صفة العين 
لاقع الي كه رامق ونه ونيم دا ون ليا الحييدة رالصية 2 

صفة العين الإلهية عند سيد قطب: باستقراء كلام 
سيد عن الآيات التي ورد فيها ذكر العين الإلهية نجد أنه يتبت 
صفة العين وما يلزم منها من لوازم كالحفظ والعناية والرعاية 
والملاحظة ونحو ذلك ومن النصوص في ذلك: 

) في ظلال قوله تعالى: (ِجَحتِ يننا جَزَآءُ ينكان كير‎ - ١ 


[سورة القمر ]١5‏ » يقول سيد: ' وهي تجري في رعاية الله 


» رواه البخاري في كتاب التوحيد » باب قوله الله # ولتصنع على عيني‎ )١( 
. 591/7 برقم‎ 6 

(؟) التوحيد لابن خزيمة ص ”؟؛ » وفتح الباري لابن حجر :50١ /١١‏ »ء والأسماء 
والصفات للبيهقي 57/7 . 

(') أساس التقديس للرازني ص ١‏ » وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 
/ا ١‏ . 


١ 








بملاحظة أعينه ' (0)» وقوله في ظلال قوله تعالى: ( َأَرْعَيِمَ 
لَه نأض الك ينا ووَحَيِهَا! [سورة المؤمنون:؟] : " فدفع به إلى 
الأخذ بالأسباب مع رعاية الله له " (") وفي ظلال قوله تعالى: 


9 
ى م صضخ ررحم كيو دس لاج دس 


وَأصنع الْفأكَ ياعَينتًا وَوَحِنَا) [سورة هود:؟] » يقول سيد: 'برعايتنا 
3 ل " 0 

وتفسير العين بالرعاية والملاحظة هو من تفسير الشيء 
بلازمة؛ ولا بأس به إذا كان مع إثبات العين» بخلاف تفسير 
العين بالرعاية والرؤية مع إنكار حقيقة العين" (؟). ؟ - في 
ظلال قوله تعالى لموسى: وَلنْصنَعَ عَلَ عَيفَ ) [إسورة طه:9؟] » 
يقول سيد: " فربه يطلعه على أنه لن يذهب غفلاً من التهيؤ 
والاستعداد» وأنه لم يُرسل إلا بعد التهيئة والإعداد» وأنه صنع 
على عين الله منذ زمان»... 20 إِوَلْضَْمَعَكَ عَيْقِ وما من شرح 
يمكن أن يضيف شيئاً إلى ذلك الظل الرفيق اللطيف العميق» 
الذي يلقيه التعبير القراني العجيبء (وَلْضََمَعَلَ عي وكيف 


١١٠ 








أنها منزلة؛ وانها كرامة أن ينال إنسان لحظة من العناية: 


فكيف بمن يصنع صنعاً على عين الله؟ إنه بسبب من هذا 
أطاق موسى أن يتلقى ذك العنصر العلوي الذي تلقاه. 

ولتصنع على عيني تحت عين فرعون- عدوك وعدوي - 
وفي متناول يده بلا حارس ولا مانع ولا مدافع» ولكن عينه لا 
تمتد إليك بالشرء لأني ألقيت عليك محبة منيء ويده لا تنالك 
بالضر وأنت تصنع على عيني" (20. "إنما أنت للمهمة التي 
صنعتك على عيني لهاء واصطنعتك لتؤديها " ('). 

؟ - في ظلال قوله تعالى: ( وَكلهُمْ َه يم القِيدمَةِ هزد ) 
[سورة مريم:15] يقول: " فعين الله على كل فرد" (1). 

؛ - في ظلال قوله تعالى: ( وَعَنْدَهُ مَقَاتِحُ الْعَيْبِ لا 
يَعْلَمْهَا إلا هْوَ »© (5). 


١١/١ 








يقول: " إن الخيال البشري لينطلق وراء النص القصيرء 
يرتاد آفاق المعلوم والمجهول» وعالم الغيب وعالم الشهودء وهو 
يتبع ظلال علم الله في أرجاء الكون الفسيح... مفاتحها كلها عند 
الله.. ويتبع الأوراق الساقطة من أشجار الأرض لا يحصيها عدء 
وعين الله على كل ورقة تسقطء هنا وهنا وهناك» ويلحظ كل حبة 


مخبوءة في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين الله؛ ويرقب كل 
رطب وكل يابس في هذا الكون العريض... " (0). 

ه - في ظلال قوله تعالى: ( وَأصير حك مَيْكَ مَك اضيا 
[سورة الطور:4/8]) يقول سيد: ' ويا له من تعبير: ويا له من 
تصوير! ويا له من تقدير! إنها مرتبة لم يبلغها قط إنسان» هذه 
المرتبة التي يصورها هذا التعبير الفريد في القرآن كلهء حتى 
بين التعبيرات المشابهة. 

لقد قيل لموسى -عليه السلام-: " وأنا اخترتك فاستمع لما 
يوحي “» وقيل له: ( اعت عَلِكَ َه مَق وَنْصَنَمَ عَِكَ عي 4. وقيل له: 
[وَاَحَطْتَعْتَكَ لِتَقيى 1 وكلها تعبيرات تدل على مقامات رفيعة» ولكنه 
قيل لمحمد يَن: (يَِنَكَ ْنَا 4» وهو تعبير فيه إعزاز خاص؛» 
وأنس خاصء وهو يلقي ظلاً فريداً أرق وأشف من كل ظلء ولا 


)01( في ظلال القرآن » ؟/ .31١١١7‏ 
١‏ 








ينل الفسيق شرن .ايف هذا الفستون لكا قير هيدنا | 
تقنين إل لفلف 'وأن كنيد ف بهذا :اللول 07). 

بالإضافة إلى ما سبق من كلام لسيد عند صفة السمع 
والبصر وتقريره أن الله سميع يسمع؛ وبصير يرى؛ وأنه بكل 
شيء بصير يبصره ويراه» مما يدل على إثباته لصفة العين 
الإلهية ('). 


الفرع الخامس: صفة الساق: 

ورد ذكر الساق في القرآن الكريم مرة واحدة» منكرة غير 
000000 القرآن ما يدل على أن ذلك صفة لله 
سبحانه؛ لأنه لم يضف الساق إليه؛ وانما ثبتت هذه الصفة 
كالسكة 

وذهب بعض أهل العلم إلى إثباتها بالآية مستدلاً أيضاً 
بالسنة ومنها حديث الشفاعة وفيه: " فيكشف عن ساقه " (')) وفي 


. "6507 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 

0( وينظر أيضاً : المصدر السابق 55/7 

039 رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قوه تعالى '" وجوه يمئذ ناظرة "' 372١/5‏ برقم 
اثولا. 


١١/7 








رواية " فيكشف عن ساق ' .)١(‏ وهو الموافق للفظ الآية: (ِيََ 
يُكْمَفُ عَنسَاقٍ ) [سورة القلم:47] . 

وتفسير الآية بالحديثء والاستدلال بها على الصفة هو ما 
علئه كميون: أكل الدنة والحماعة 00 

بينما يرى البعض أن هذه الآية ليست من آيات الصفات» 
وأن المقصود بالساق الذي يكشف عنه يوم القيامة هو: الأمر 


العظيم أو شدة الأمر وجده؛ كما هو مروي عن غير واحد من 
الجيحاية والقائفية (1): 

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه وغيره أن ما روى عن ابن 
عباس وغيره من المفسرين من تفسيرهم للساق بشده الأمر 
وعظمته؛ ليس من باب تأويلات المتكلمين المبتدعة " " وانما هو 
من التقسيو الجلق لاهن التاويل الحقي بالمنع الأضتولي::207), 

يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: " والصحابة 
قد تنازعوا في تفسير الآية» هل المراد به الكشف عن الشدة» أو 


. ١81 برقم‎ ١ 55-١ 55/١ رواه مسلم في الإيمان باب معرفة طرق الرؤية‎ )١( 

.5"551 /5 وتفسير بن كثير‎ »١77 /١ انظر : الصواعق المرسلة لابن القيم‎ )١( 

(') انظر : تفسير الطبري » وتفسير ابن كثير 75317-75317/4, والأسماء والصفات 
للبيهقي ص 7" 5» وفتح الباري 555/8 . 

(5) تفسير المنار لمحمد رشيد رضا 9/ ١55‏ » ومجموع فتاوى بن تيمية 5/ 9915- 
36 . 


١١/5 








المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه؛ ولم تتنازع الصحابة 
والتابعون فيما ذكر من آيات الصفات إلا في هذه الآية» وذلك 
أنه ليس في ظاهر القرآن أن ذلك صفة لله تعالى» لأنه قال: (! 
يوْم يَكْمَفُ عَنْسَاقٍ 1 ولم يقل: عن ساق الله ولا قال: يكشف الرب 
عن ساقه؛ وإنما ذكر ساقاً نكرة غير معرفة ولا مضافة؛ وهذا 
اللفظ مشحرك لأ يذل :خلى أنهنا ساق الله والذية: جعلو اذلف مخ 
صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسر للقرآن الذي 
قال فيه: " فيكشف الرب عن ساقه " وقد يقال إن ظاهر القرآن 
يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون 
إلى السجود والسجود لا يصلح إلا الله» فعلم أنه هو الكاشف 
عم تنا قف 1117 

ثم ذكر - رحمه الله - عدم صحة حمل الساق على 
الشدة» لأن المستعمل في اللغة أن يقال كشف الشدة: أي أزالهاء 
وفي الآية يراد بالكشف الإظهار والإنابة» كما أنه في يوم 
القيائة اتحدكة الشدة 2 يزيلي 200 


)١(‏ مجموع فتاوى ابن تيمية » 5/ 17954- 15" » وينظر أيضاً الصواعق المرسلة لابن 

.3567 0/١ القيم‎ 

. 556 /5 مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
١١/5 








ومن خلال ما سبق نرى أن تفسير الآية على أنها من آيات 
الصفات هو الراجح لما ثبت من الأحاديث الصحيحة المفسرة لما 
في القرآن. 

وأن القول بأنها ليست من آيات الصفات قول مرجوح وليس 
براجح. 

أما سيد قطب - رحمه الله - فقد فسر الآية بالقول المرجوح 
وليس بالقول الراجح الذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة. 

ويظهر أنها ليست عنده من آيات الصفات حيث فسرها 
تبعاً لدلالة اللغة فيقول: " والكشف عن الساق كناية - في 
تعبيرات اللغة العربية المأثورة - عن الشدة والكرب» فهو يوم 
القيامة الذي يشمر فيه عن الساعد» ويكشف فيه عن الساق» 
ويشتد الكرب والضيقء» ويدعي هؤلاء المتكبرون إلى السجود»ء 
فلا يملكون السجودء إما لأن وقته قد فات» وإما لأنهم كما 
وصفهم في موضع آخر يكونون ١‏ مهوي مقن رُمُوسيمَ 4 وكأن 
أجسامهم وأعصابهم مشدودة من الهول على غير إرادة؛ وعلى 


أية حال فهو تعبير يشي بالكرب والعجز والتحدي المخيف.. ' 
00 


. 58 في ظلال القرآن 5/ 0-7551 7578» وينظر أيضاً : مشاهد القيامة ص‎ )١( 
١ 








الفرع السادس: صفة النور: 

في ظلال قوله تعالى: (لللّهُ ثور أَلسَّمْوت وَالْأيّض.. الآية) 
[سورة النور:5؟] » يقول سيد: " وما يكاد النص العجيب يتجلى 
حتى يفيض النور الهادئ الوضيء فيغمر الكون كله» ويفيض 
على المشاعر والجوارح» وينسكب في الحنايا والجوانح» وحتى 
يسبح الكون كله في فيض النور الباهرء وحتى تعانقه وترشفه 
العيون والبصائر» وحتى تنزاح الحجب» وتشف القلوب» وترف 
الأرواح» ويسبح كل شيء في الفيض الغامر» ويتطهر كل شيء 
في بحر النور» ويتجرد كل شيء من كثافته وثقله فإذا هو 
انطلاق ورفرفة» ولقاء ومعرفة» وامتزاج وألفة» وفرح وحبور» واذا 
الكون كله بما فيه ومن فيه نور طليق من القيود والحدودء 
تتصل فيه السماوات بالأرض» والأحياء بالجماد» والبعيد 
بالقريب» وتلتقفي فيه الشعاب والدروبء والطوايا والظواهر» 
والحواس والقلوب (لهه ون لصوت ولي ). 

الوق القي ينه فرانهنا ريق انيقبو القت نيديا 
جوهر وجودهاء ويودعها ناموسهاء ولقد استطاع البشر أخيراً أن 
يدركوا بعلمهم طرفاً من هذه الحقيقة الكبرى» عندما استحال في 
أيديهم ما كان يسمى بالمادة - بعد تحطيم الذرة - على 
إتنعا عاك مإمظلقةة الأ قوم لا إل العو !ولا مناةة لها إلا الكور:! 


١١ /ا/ا‎ 





فأما القلب البشري فكان يدرك الحقيقة الكبرى قبل العلم بقرون» 
فكان يدركها كلما شف ورفٌ» وانطلق إلى آفاق النور. 
ولقد أدركها كاملة شاملة قلب محمد رسول الله ييه ففاض 


بها وهو عائد من الطائف نافضلٌ كفيه من الناس» عائذ بوجه 
ربه يقول: " أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات» وصلح 
عليه أمر الدنيا والآخرة " (')؛ وفاض بها في رحلة الإسراء 
والمعراج فلما سألته عائشة -رضي الله عنها- هل رأيت ربك؟ 
قا تون اق 0 

ولكن الكيان البشري لا يقوى طويلاً على تلقي ذلك 
القيكن :اعافد ول نشوك طويلة ذلك الأفق البعيدة قفد أن 
جلا النص هذا الأفق المترامي» عاد يقرب مداهء ويقربه إلى 
الإدراك البشري المحدود» في مثل قريب محسوس ٠‏ 


)١(‏ أخرجه بن منده في كتاب التوحيد لابن منده » تحقيق د/ علي الفقيهي مكتبة العلوم 
والحكم - المدينة ط١‏ عام 577 ١ه‏ "/ 8" برقم 37", والهيثمي في مجمع الزوائد 





5/ 5" ء وابن هشام » انظر السيرة النبوية لابن هشام دار التراث العربي القاهرة 


. 3 

)١(‏ رواه مسلم في الإيمان باب قوله " نور أني اراه " ١5١ /١‏ برقم ١78‏ .والترمذي في 

التفسير 5/ 55 / 7587 . وفي لفظ لمسلم " رأيت نوراً " 
0 





رمبرو ور 


دسي 2 م وه ٠.‏ ور 0 7 حسم 2 
مكل وروء ميِشْكَوْوَ فيا مِصبَاعُ ألصبَاح في تُحَاجَةِ اجاج كام وك 
موده يم 


ل حوفت ل ل يه ا 4 
درف يوقد من شجرؤٍ مبرحكة ربنق لاشرفيةٍ ولا عربيّةٍ يكاد زيتهايضى: ولو لم 


وى 8ك ودعو آ ده هه 0 


ع 
وو ع ل وى 


تَمْسْسَه مَارٌ نور عك نور ) [سورة النور:5؟] . 

- وهو مثل يقرب للإدراك المحدود صورة غير المحدودء 
ويرسم النموذج المصغر الذي يتأمله الحس حين يقصر عن 
تملي الأصل» وهو مثل يقرب للإدراك طبيعة النور حين يعجز 
عن تتبع مداه وآفاقه المترامية وراء الإدراك البشري الحسير... ١‏ 
ور عَكَوْرِ) وبذلك نعود إلى النور العميق الطليق في نهاية 
المطاف! إنه نور الله الذي أشرقت به الظلمات في السموات 
والأرض» النور الذي لا ندرك كنهه ولا مداه؛ إنما هي محاولة 
لوصل القلب به؛ والتطلع إلى رؤياه (يبَدِى الله لنورِومَنَيمَآهُ 1ممن 
يفتحون قلوبهم للنور فتراه... 

- إنما المثل الذي ضربه الله لنوره وسيلة لتقريبه إلى 
المدارك» وهو العليم بطاقة البشر (١وَتضْريِ‏ ب نامل لان وهيل 
مَْءِ عَِكُ 1 ذلك النور الطليق» الشائع في السماوات والأرض» 
الفائض في السماوات والأرضء يتجلى ويتبلور في بيوت الله؛ 
التي تتصل فيها القلوب بالله» تتطلع إليه وتذكره وتخشاهء وتتجرد 
له وتؤثره على كل مغريات الحياة " ('). 


. بتصرف يسير‎ 7٠07١ - 75١8 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١071 








الفرع السابع: صفة الأول والآخر والظاهر والباطن: 

في ظلال قوله تعالى: (هْوَ الأوَل الاج وار وَابَايلن مَخْريكُل 
َه علي 4 [سورة الحديد:"] يقول: " الأول فليس قبله شيء» والآخر 
فليس بعده شيء» والظاهر فليس فوقه شيء» والباطن فليس 
دونه شيء» الأول والآخر مستغرقاً كل حقيقة الزمان» والظاهر 
والباطن مستغرقاً كل حقيقة المكان» وهما مطلقتان» ويتلفئت 
القلب البشري فلا يجد كينونة لشيءٍ إلا اله» وهذه كل مقومات 
الكيفوفة كابكة له ذورق سنواة حت كود ها القلنت'ذاقه: ل 
يتحقق إلا مستمداً من وجود الله فهذا الوجود الإلهي هو الوجود 
الحقيقي الذي يستمد منه كل شيء وجوده؛ وهذه الحقيقة هي 
الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل شيء حقيقته؛ وليس وراءها 
حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود" (١)؛‏ ولابن 
القيم - رحمه الله -كلام قريب من هذا في إحاطة هذه الأسماء 
الأريية الخمان انمه 1 


.551/9 /5 » في ظلال القرآن‎ )١( 
. 574 طريق الهجرتين» لابن القيم المطبعة السلفية القاهرة طبعة عام ١ه ص‎ )١( 
١ 








المطلب الرابع 


الصفات الفعلية ' العقلية السمعية ' 
ذكرنا سابقاً أن المقصود بالصفات الفعلية: الصفات التي 
تتعلق بمشيئة الله وارادته سبحانه إن شاء فعلها وان شاء لم 
يفل ول يعي عنها ا لأتعان' الخختيارية 1 
والصفات الفعلية عند أهل السنة والجماعة قائمة بذات 
الله تعالى» فهي من حيث قيامها بالذات تسمى صفات ذات لأن 
الذات متصفة بهاء ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من الأقوال 
والأفعال تسمى صفات أفعال ('). 
وعلى هذا فالصفات الفعلية - في اعتقاد أهل السنة والجماعة 
- قديمة النوع؛ حادثة الآحادء بمعنى أن نوعها قديم لم يزل الله 
تعالى موصوفاً بها أزلاً وأبداً» فلم تحدث له صفة بعد أن لم يكن 
متصفاً» وأما آحاد هذه الصفات وأفرادها فهي حادثة» بمعنى أنها 
تقع شيئاً فشيئاً» تبعاً لقدرة الله تعالى وارادته وحكمته ("). 


. 57 ء والقواعد المثلى لابن عثيمين ص‎ ٠١ /١ انظر : بدائع الفوائد لابن القيم‎ )١( 
. ١١37/7 انظر : شرح القصيدة النونية لهراس‎ )١( 
وشرح الواسطية‎ » ١5/8 -1١ 51 /” (؟) انظر : درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية‎ 
. ١١٠١ لهراس ص‎ 

١0 








الأول: صفات الفعل العقلية السمعية» وهي التي يشترك 
في إثباتها الدليل السمعي (النقلي) والدليل العقلي» كالخلق 
والرزق والإحياء والإماتة ونحوها. 

والشاني: صفات الفعل الخبرية» وهي التي لا سبيل إلى 
إثباتها إلا بطريق السمع والخبر عن الله تعالى أو عن رسول 
الله يي كالاستواء والنزول والمجيء والغضب ونحوها .)١(‏ 

موسا :قفضحفاتة القغيل العقلينة التفعية من المتنفاة 
الثابتة لله سبحانه وتعالى» وهي دالة على ربوبيته سبحانه. 

وليس حولها خلاف بين الفرق» لأنها من لوازم ربوبيته 
سبحانه والإقرار بربوبيته سبحانه أمر فطري لم ينكره إلا شواذ 
الخلق» فحتى المشركون لم يكونوا يجادلون في صفات الربوبية 
كالخلق والرزق ونحوها كما سبق» ولم يحصل خلاف في هذه 
الصفات بين الفرق إلا في صفة الكلام باعتبارها صفة فعل 
وذات وقد سبق الحديث عنها في المطلب السابق. 


)١(‏ انظر : فتح الباري /١‏ 7075 » والصفات الإلهية للدكتور / محمد أمان الجامي 
١١85‏ 








ويه > رحتة اشح ينيت* ضنفات" الفعل"العقلية الشسمعية 
في ظلال الآيات التي جاء فيها ذكر صفات الخلق والرزق 
والإحياء والإماتة» والإعطاء والمنع؛ والضر والنفع.. إلى آخر 
شقاة ريوييته:بيحانة 09 

ومن الأمثلة لكلام سيد في بيان هذه الصفات وتفرد الله 
بها قوله: " إن كل ما ادعاه البشر في جاهلياتهم آلهة؛ لا 


يخلقونء ولا يرزقون» ولا ينفعون أو يضرونء ولا ينصرون 


عبادهم من الله ولا أنفسهم ينصرونء ولا يحيون ولا يميتون» ولا 
يبعثون ولا ينشرون» ولا يحاسبون» ولا يجزون واذن فليسوا آلهة 
لآن الإله هو الذي يخلق ويرزق ويضر وينفع ويحيى ويميت 


٠. 2:‏ 1 5 
ويبعث ويجزي 00 


/54 , 7ه‎ ,5١7 /١ ينظر أمثلة من كلام سيد حول صفات التدبير: في ظلال القرآن‎ )١( 
» كدملل ه/ .هلا”ء 7/ا/ا”, 5865 7358/5 . ومقومات التصور الإسلامي‎ 
. 507-149 فصل حقيقة الألوهية كاملآً ص‎ 

(؟) مقومات التصور الإسلامي » ص 7880 . 

001 








المطلب الخامس 


الصفات الفعلية " الخبرية " 
وهذه ا لصفات هي التي حصل حولها خلاف بين الفرق 
الإسلامية» ويمكن بيانها وموقف سيد قطب منها في الفروع 


الاتبة: 


- 


الفرع الأول: صفة الاستواء: 

وهي من أشهر الصفات التي وقع فيها النزاع بين السلف 
والمتكلمين» وبالتالي تحتاج إلى إيضاح وتفصيل كما يأتي: 

أولاً: المقصود بالاستواء وعلاقته بالعلو: 

لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى 
بلغتهم وأنزل بها كلامه نوعان: 

الأول: مطلق: وهو ما لم يوصل معناه بحرف " أي مجرد 
' مثل قوله تعالى: إوَلَِبَََشدّهُ تر 1 [سورة القصص:؟ ]١‏ وهذا 
0050007 

الثاني: مقيد: وهو على ثلاث أضرب: 


١8 





)١( ) مقيد ب ' إلى ' كقوله تعالى: (ممَأَتوعيلَ تم‎ - ١ 
وهذا له معنيان: إما العلو والارتفاع»‎ 

واما القصد والإقبال. 

؟ - مقيد ب " على " كقوله تعالى: ١‏ لِتَسْتَوُأ عل ظُهُوروء ) [سورة 
الزنخرف:؟١]‏ » وقوله: (وَآسَْوَتَ عَلَ اَلْبوْوِيَ 1 [سورة هود:؛ 4] وقوله: 


[مَآسْتوَى عَكَالدرْشِ 1 [سورة الحديد:؛] » وله عدة معان منها: العلو؛ 
والارتفاع؛ والاستقرار» والصعود ("). 

*- المقرون بالواو: أي واو ( مع ) التي تعدي الفعل إلى 
المقهول عه قدو" المقرف القا كبر الكسية "سمت مناواها 00 


/5 , 57ه5, 7ه‎ /١ ينظر أمثلة من كلام سيد حول صفات التدبير: في ظلال القرآن‎ )١( 
» كدملل ه/ .هلا”ء "لا/ا”ا, 5865 7358/5 . ومقومات التصور الإسلامي‎ 
. 3779-1495 فصل حقيقة الألوهية كاملا ص‎ 

. 554١ /١ شرح القصيدة النونية » لهراس‎ )١( 

(؟) ينظر في ذلك : مختصر الصواعق لابن القيم ”/ "١5‏ » وفتح الباري /١١‏ 
5ه والإتقان للسيوطي ”/ 5 ١‏ " » وتفسير السعدي /١‏ 44 » وشرح الواسطية لابن 
عثيمين /١‏ 785- 3585,. ولسان العرب .5١5 /١5‏ 

١ ١/5 








العلاقة بين العلو والاستواء: 

الاستواء علوٌّ خاص بالعرش» وأما العلو فهو علوٌ عام 
على جميع المخلوقات. فالاستواء على العرش أخص من مطلق 
العلوء فعلوه سبحانه وتعالى ثابت له أزلاً وأبدأء لم يزل عالياً 
على كل شيء قبل أن يخلق العرشء ولا يلزم من عدم استوائه 
على العرش عدم علوه؛ بل هو عالٍ ثم بعد خلق السماوات 
والأرض علا علواً خاصاً على العرش. 

ولهذا تجد أن الذين ينفون علو الله العام على جميع خلقه 
ينفون كذلك علوه الخاص على العرشء لكن العلو - كما سبق 
من الصفات المعلومة بالسمع مع العقل عند أثمة المثبتة؛ وأما 
الاستواء على العرش فمن الصفات المعلومة بالسمع لا بالعقل 
(')» وهي الصفات الخبرية ('). 





)1 سجبوع ققارى اذ فيه 910/6 
)١(‏ انظر : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري لابن عثيمين ص 201١١5 57١”‏ 
وشرح الواسطية لابن عثيمين ص 585. 

١١85 








١‏ - الاستواء المقرون ب" إلى ': وقد جاء في موضعين 
من القرآن الكريم هما قوله تعالى في سورة البقرة (هُمَ لَرِى حَلَقَ 


سم 


لَكُم ماف ألْدرْضِ بَيِمِعَا مُه ستو إِلَ السَسَمَهِ َوَسِهِنَسَبْعَ سَمَُوتٍ )1 [سورة 
البقرة:5؟] » وقوله تعالى في سورة فصلت: ( مَاسْتوَعِلَ لمك وى 
كان مَمَالَ هَا ودر ضِ ميا طَوْهًا أو كرا فَالمَا أَييَا طأبِعِينَ (0) فدهن سَبْعَ 
سَمَوَاتٍ فى يَوْمَرنِ وَأَوح فى كل سَمَأَمْرهَا 1 [سورة فصلت ]١5 ١١‏ . 

والمفسرون في بيان معنى الاستواء في هاتين الآيتين 
على قولين: 

القول الأول: 6 معنى استوى علا وارتفع إليهاء فهي 
والمعداة ب" على" سواء في المعنى وعلى هذا جماعة من أهل 
العلم» يقول ابن جرير والطبريب رحمه الله -: " وأولى المعاني 
بقول الله جل ثناؤه ١‏ مَسَوَِلَ أَسَةِ): " علا عليهن وارتفع 
فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات " .)١(‏ 

ويقول ابن القيم - رحمه الله -: " والمقيد ب " إلى " كقوله 
تعالى ( ستول ألمكةِ 4 واستوى فلان إلى السطح. والى الغرفة» 
بمعنى العلو والارتفاع بإجماع السلف " (2). 


* 450/1١ 2/١ تفسير الطبري‎ )١( 
3 بتصرف يسير‎ ٠3١36 /" مختصر الصواعق المرسلة‎ (0 
١١ /ام‎ 








القول الثاني: أن معنى استوى هنا: قصدء والمعنى " قصد 
إليها قصداً كاملآء والى هذا ذهب جماعة من أهل العلم؛ يقول 
ابن كثير - رحمه الله -: ( ممَسَتوِلَ ألتمَةة) أي قصد إلى 
الننماع#والاستواء هاهنا معضمن معتي: القصية والإفبال: أنه 
عدي ب "إلى" »)١(‏ ويقول الإمام السعدي (5) - رحمه الله -: ' 
استوى ترد في القران على ثلاثة معاني: 
والثالث: تكون بمغنى. " قصيد " كما إذا عنديت ب" إلى " 
كما في قوله تعالى: (ثُمَ شتوك ألم ضَوَهْيَسَبْعَ سَمَوْتٍ ) أي: 
لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع 
سموات فخلقها وأحكمها وأتقنها ' (). 
وقد ذكر القولين الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عند كلامه 
على معنى الاستواء فقال: " والمعداة ب " إلى " مثل قوله تعالى ( 


: "1-١ وينظر تفسير الطبري‎ 231/١ ثة تفسير ابن كثير‎ )١( 





بعنيزه عام 1١12١ه‏ اشتغل بالتدريس والدفاع عن عقيدة السلف له مؤلفات عديدة » 
ترق عاق 340 انلز علماء كم خلؤل متقة قرون لغيه الرضن النسناد نففة كه 


ط١‏ عام ١١994‏ , 57/5: الأعلام ؟/١4؟‏ 


(؟) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن السعدي دار 


الذخائر الرياض طبعة عام 9195١ه /١‏ 44. 
١١/84‏ 





كُمَ أسْتَوَئإِلَ آَلسمَآهِ 1 فهل معناها كالأولى المعداة ب" على؟ فيها 
خلاف بين المفسرين: 
- منهم من قال: إن معناهما واحدء وهذا ظاهر تفسير ابن جرير 


- رحمه الله - فمعنى [كُمَسْتَوَئإِلَ آلتسمَآه) أي: ارتفع إليها. 
- ومنهم من قال: بل الاستواء هنا بمعنى القصد الكامل» فمعنى 
استوى إليها أي: قصد إليها قصداً كاملاً» وأيدوا تفسيرهم هذا بأنها 
عديت بما يدل على هذا المعنى وهو "إلى" والى هذا ذهب ابن 
كثير - رحمه الله -» ثم ذكر كلام ابن كثير السابق " .)١(‏ 
” ) الاستواء المقرون ب" على': _جاء الاستواء المقرون 
ب" على " المضاف إلى الله تعالى في القرآن الكريم في سبعة 
مواضع .في : 
-١‏ قوله تعالى: إحَلقَألتَمَوتِ وَالكْصَ في سِنَةَ يار ف 
أسَنَو عَلَ اَلْمَرّشٍِ 1 [سورة الأعراف: ؛ 5] . 
١‏ - قوله تعالى ١‏ إِدَرَيَْ أنه الى حَلقَ لسوت وَالْْضَ في بن 


ا جرعي + © ترايس لخبي 


0 
3 م ثم استوئ على العرش 1 [سورة يونس: ؟] : 


عد 


9- قوله تعالى: ( أَنَهيَركمَ تمر حمَدِترَويها ثم 


00 20 


أسْمَوَئ عَلَالْعَرّشٍِ 1 [سورة الرعد: ؟] . 


- مطبعة دار المدني - جدة‎ 785 -7814 /١ شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين‎ )١( 
١١18 








4 - قوله تعالى: (الَحمَنُ عَلَالْمَرشٍِآسْتَوَئ 1 [سورة طه:ه] . 


2 


- قوله تعالى ثم اشتو عل الْعَرّشٍ اليّحْمَنُ صَسْكَلْ يو حَبِيرًا ) 
[سورة الفرقان:54] 
5- قوله تعالى: ( أده الى حَلَقَ السَمنوتٍ وَالارض وَمَايبَئَهُمًا فى 
سِنَةِ أَيَّامِ ثُرّ سَتَوئعَلَالْعَرَشٍ ) [سورة السجدة:؛] . 
1- قوله تعالى: (هْوَّأَكرَى حَلَقَ ألسَمْوَت وَالْأَرَصَ ف سِنَةِ َم نه 
َسْتَوَئ عَلَلْعَرْشٍ 1 [سورة الحديد:؛] . 
ففي هذه السبعة المواضع جاء التصريح باستوائه سبحانه 
على العرشء بعد خلق السموات والأرض. 
وقد اختلفت آراء الفرق في معنى الاستواء في هذه الآيات 
السبع على أقوال هي: 
القول الأول: إثبات صفة الاستواء لله تعالى على الوجه 
الذي يليق به سبحانه وهذا هو قول جمهور أهل السنة 
والجماعة حيث يفسرون الاستواء على العرش بالعلو والارتفاع؛ 
فيقولون: (اسْتوَئ) أي: علا وارتفع وصعد واستقر ('). 


)1( صحيح البخاري 551/7 وتفسير الطبري "٠ - 8/١‏ .ء؛ والتمهيد لابن 
لهراس "5١ /١‏ » ولسان العرب 5١5 /١5‏ . 
١٠‏ 








الأنتواج مجان قيال ذيعة ااتعالن على الربعه الى ليق 
اانه ذو 'الكركن فى غيفة الانتواءة كما فاك الماح مالك 
- رحمه الله - عندما سئل عن الاستواء فقال: " الاستواء معلوم» 


1 


والكيف غير معقولء والإيمان به واجبء والسؤال عنه بدعة 
وفي رواية عنه " الاستواء غير مجهول " ('). 

وقد اشتهرت هذه المقولة عنه وان كانت محفوظة عن 
غيره أيضاً» وغدت قاعدة محكمة تنطبق على جميع نصوص 
الصفات عند أهل السنة والجماعة. 

القول الثاني: تأويل الاستواء بالاستيلاء» كما يقول غلاة 
الجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة» حيث يفسرون الاستواء 
بالاستيلاء» ويستدلون لتحريفهم هذا بدليلٍ موجب ودليلٍ سالب» 
أما الموجب فقول الشاعر: 
قد استوى بشرٌ على العراق من غير سيف أو دم مهراة 

وأما السلبي فقالوا: لو أثبتنا أن الله جل وعلا مستو على 
عرشه بمعنى العلو والاستقرار» للزم من ذلك لوازم منها: أن 


)١(‏ انظر : الرد على الجهمية للدرامي ص 787٠١‏ » وشرح أصول اعتقاد أهل السنة 
للألكائي ”/ 5318» والحلية لأبي نعيم 5/ 75" » والأسماء والصفات للبيهقي ص 
5 . والتمهيد لابن عبد البر / »٠78‏ وسير أعلام النبلاء للذهبي 8/ 2٠٠١‏ 
والحموية لابن تيمية ص 5" » والعلو للذهبي ص ٠١7”‏ » وشرح العقيدة الطحاوية ص 
كه . 


١١١ 








يكون محتاجاً إلى العرشء وأن يكون محدوداًء وأن يكون جسماً 
وهذه أمون سياه كلق الرفة :00 

وهذا تأويل بعيد لأنه لم يرد في كلام العرب تفسير 
الاستواء بالاستيلاء» وإنما حملهم على ذلك أنهم ينكرون علو 
الله تعالى على خلقه» وأنه ليس في السماء»ء ولا على العرش» 
فكان تفسيرهم له بالاستيلاء ليتوافق مع تعطيلهم. 

وقد رد هذا القول شيخ الإسلام ابن تيميه وأبطله من أثنى 
عشر وجهاًء وأبطله الإمام ابن القيم من اثنين وأربعين وجهاًء 
وكذا ابن عبد البر وغيرهم("). 

القول الثالث: التفويض: وهو قول كثير من الأشاعرة 


)١(‏ انظر : الفصل لابن حزم ”7/ 789 » وتفسير الرازي 54/ :٠١5‏ وأصول الدين 
للبغدادي ص ١١7‏ » ومقالات الإسلاميين للأشعري ص »١57‏ والكشاف للزمخشري 
دار إحياء التراث بيروتء. ط١ء‏ عام 511 ١ه ٠» 51/١‏ شرح الأصول الخمسة لعبد 
الجبار ص "35١1‏ », والإرشاد للجويني ص 4٠‏ وشرح الواسطية لابن عثيمين ص 
لا كلا 0 

(؟) انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية 5/ ١53-١55‏ ومختصر الصواعق المرسلة 
لابن القيم ؟/ 705- 55" » والتمهيد لابن عبد البر / ١737‏ » وشرح الواسطية لابن 
عثيمين ص 75" وما بعدها . 

١١0 








يجعلونه من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى وممن 
قال به أيضاً الإمام ابن حجر» والشاطبي(١)؛‏ وغيرهما ('). 

وهذا القول مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة حيث أن أهل 
السنة يقولون: الاستواء معلوم في لغة العرب - كما سبق - وإنما 
المجهول للبشر هو كيفية استواء الله تعالى» ولذلك أثبت أهل السنة 
الاستواء بمعناه المعلوم في اللغة» وفوضوا الكيفية على حد القول 
المأتور عن الإمام مالك وغيره: "الاستواء معلوم» والكيف مجهول؛ 
والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه " (). 

وقد بسط القول في الرد على أهل التفويض جماعة من أهل 
العكة 5ار 


)١(‏ هو : أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي » فقيه وأصولي 
ومفسر من أئمة المالكية له مصنفات عديدة » توفى سنة ٠4/اه‏ انظر الأعلام 
الزركلي ١/هل‏ . 
(١؟)‏ انظر : فتح الباري »5١6 /١7‏ وهدى الساري مقدمة فتح الباري ص 2١55‏ 
والموافقات للإمام الشاطبي دار الكتب العلمية بيروت ب.ت "/ 55 "» وتفسير الرازي 
5 ١7٠ء‏ وأصول الدين للبغدادي ص ١١7‏ » والملل والنحل للشهرستاني 
0/١‏ 47. 
(:) انظر : درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 0-١5 /١‏ 5١ء‏ ومجموع الفتاوى 5/ 
58-517 , ه/ 565-534 , ومختصر الصواعق لابن القيمى /١‏ 4ه- 5ه . 

١0 








القول الرايع: تذ الاستواء بمعنى الاستعلاء وا ةّ 


والملك والسلطان والقدرة: .)١(‏ 

وهذا وإن كان مخالفاً لما عليه جمهور أهل السنة 
والجماعة» إلا أن له وجهاً من لغة العرب» بخلاف القول الثاني 
- تفسيره بالاستيلاء - لأنه لم يرد في كلام العرب ذلك. 

ثالثاً: موقف سيد قطب من تفسير الاستواء: 

حدث جدل طويل حول موقف سيد قطب من صفة 
الاستواء» حيث اتهمه بعضهم بأنه جهميّ معطلء وأشعري 
معتزلي مؤول ()» ودافع عنه آخرون» وحتى تتبين لنا حقيقة 
موقف سيد قطب من صفة الاستواء لا بد من عرض كلامه 
كاملآء ثم الحكم عليه وذلك على النحو الأتي: 

:" تفسير - سيد - للاستواء المقيد ب' إلى‎ - ١ 

مُق افعتا أن لفظ الاستواع ضيف إلى الله تعالك:مفزونا ن 
' إلى " في موضعين من القرآن الكريم» وأن أهل العلم اختلفوا 
في تفسيره على قولين: 





الشوكاني ص ١5١‏ » وقاموس القرآن للدامغاني ص 755. 
(؟) أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب للمدخلي ص ١75‏ ءو الجماعات الإسلامية 
للهلالي ص 7١5‏ . 

١١-3 





الأول: أنه بمعنى العلو والارتفاع» والثاني: أنه بمعنى 
القصد والإقبال .)١(‏ 


أما سيد قطب - رحمه الله - فقد فسرها في هذين 
الموضعين بالمعنى الثاني - أي القصد والإقبال- تبعاً لابن 
كثير وغيره من أئمة التفسير الذين قالوا بهذا الرأي. واليك كلام 
سيد في الموضعين: 

أ - في ظلال قوله تعالى: ( مُوَ ألِى عَلَىَككُم ناف الْذَرضِ 
عا م أشتوعة إل الْسَمَكِ مسَوّسهُنَ سَبْعَ سَمَون وَهوَ يكل َه عليه [سورة 
البقرة:.5”] يقول: " ويكثر المفسرون والمتكلمون هنا من الكلام 
عن خلق الأرض والسماء» ويتحدثون عن القبلية والبعدية؛ 
ويتحدثون عن الاستواء والتسوية» وينسون أن " قبل وبعد ' 
اصطلاحان بشريان لا مدلول لهما بالقياس إلى الله تعالى؛ 
وينسون أن الاستواء والتسوية اصطلاحان لغويان يقربان إلى 
التصور البشري المحدود صورة غير المحدود ولا يزيدان» وما 
كان الجدل الكلامي الذي ثار بين علماء المسلمين حول هذه 
التعبيرات القرآنية إلا آفةً من آفات الفلسفات الإغريقية والمباحث 
اللاهوتية عند اليهود والنصارى» عند مخالطتها للعقلية العربية 
الصافية والعقلية الإسلامية الناصعة» وما كان لنا أن نقع في 


. انظر : شرح العقيد الواسطية لابن عثيمين ص 555 » وص من هذا البحث‎ )١( 
١١ 








هذه الآفة» فنفسد جمال العقيدة وجمال القرآن بقضايا علم 
الكلام [حُمَ أسَْتَوعة إل السَمَءِ ضوهن سَبَعَ سَمواتْوَهُوَ يكل شَىْءِ علي ولا 
مجال للخوص في معنى الاستواء إلا بأنه رمز السيطرة؛ 
والقضة ىا 1ه قاف و التقوية :17 


ب - في ظلال قوله تعالى: ١‏ تَمَأْسَوَلَ ألم و دُحَانُ ملكا 
وَِْدَرْضِ متا طَوًا أو كَرهَافَالْتَ ا طابعِينَ ) [سورة فصلت:١١]‏ يقول سيد: 
" والاستواء هنا القصدء والقصد من جانب الله تعالى هو توجه 
الإرادة» و" ثم " قد لا تكون للترتيب الزمنيء ولكن للارتقاء 
المعنوي" ('). 

روه سن قلسي البنارق» الخلاسدي السا اف لي 
السماء بالقصد إليها وتوجه إرادته لخلقهاء وهو قول قال به 
بعض أهل السنة وله أصل في لغة العرب (')» ونسبة سيد بناءً 


على تفسيره هذا إلى المعتزلة (؟)» لمجرد أن الزمخشري قال 


. 54 » 7ه‎ /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 51١5 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
» وتفسير السعدي‎ » 7374/١ 758؛ » وتفسير ابن كثير‎ /١ (؟) انظر : تفسير الطبري‎ 
ل‎ 
وينظر أيضاً : في ظلال القرآن‎ » 7١5 الجماعات الإسلامية لسليم الهلالي ص‎ )4( 
.1١7-١59 في الميزان د / صلاح الخالدي ص‎ 
05 








بهذا الرأي غير صحيح. لأنه قد قال به جماعة من أهل السنة 
والكراهة أنظنا: 

؟ - تفسيره للاستواء المقيد ب " 

الذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة أن الاستواء على 
العرش معناه: العلو والارتفاع» كما يليق بجلاله سبحانه» دون 
السؤال عن كيفيته كما سبقء وأما المخالفون لأهل السنة من 
الجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة ففسروه بالاستيلاء» وبعضهم 
فسره بالاستعلاء» وآخرون توقفوا وفوضوا المعنى والكيفية 
وجعلوه من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله. 

أما سيد قطب - رحمه الله - فقد كان كلامه عن 
الاستواء في الطبعة المنقحة مختلف عنه في الطبعة الأولى؛ 
والسبب في ذلك: ' أن سيداً - رحمه الله - كتب من أول 
الظلال إلى الجزء السادس عشر قبل دخوله السجن» ثم في 
السجن أتم إلى الجزء السابع والعشرين» ثم كتب الأجزاء الثلاثة 
الأخيرة مركزاً فيها على المنهج الحركي؛ وبعد أن أكمل الظلال؛ 
عاد من أوله ينقحه ويفسره تبعاً للمنهج الحركي عنده» فكتب 
العشرة الأجزاء الأولى من القرآن بتركيز شديد»ء وعلى منهج 
جديد» وبطريقة جديدة» فكان يقف عند الآيات طويلاًء ويسجل 
كل خواطره حولها ويتعرض للحديث عما توحي له من قضايا 


١١ /ا1‎ 





فق العقيدة والحركة وغير ذلك.. والأجزاء من الحادي عشر إلى 
الثالث عشر لم يقف طويلاً عند آياتهاء لأنه قال معظم ما يريد 
قوله في الأجزاء السابقة» وكان يريد إكمال الأجزاء الباقية لكن 
الطغاة عاجلوه بالإعدام فلم يتمكن من ذلك " .)١(‏ 

وهذا يعني أننا بحاجة إلى أن نقف على كلام سيد قطب 
فين 0 وكذا في الطبعة المنقحة لنعرف هل كان 
واخداً أم م مختلفاً» ثم نحكم بعد ذلك على ما استقرعليه» وذلك 

أ - تفسير سيد للاستواء في الطبعة الأولى: 

من خلال تتبع كلام سيد قطب حول الاستواء في السبعة 
المواضع من الطبعة الأولى» نجد أنه كان يميل إلى تأويل 
الاستواء بأنه رمز للسيطرة» وإليك كلامه فيها مرتباً على النحو 
التالي: 
١-في‏ تفسير قوله تعالى: !م أسْتَوَ عل لمر 1 [سورة الأعراف:؛ 5] 

في سورة الأعراف قال: " مستعلياً على هذا الكون الهائل 


يدبره بأمره ويصرفه وفق الناموس الذي اختاره " ("). 


. بتصرف‎ 55 -5٠ مدخل إلى ظلال القرآن . د/ صلاح الخالدي ص‎ )١( 
في ظلال القرآن » الطبعة الأولى » 8/ 79؛ نقلا عن : في ظلال القرآن في‎ )١( 
.١15؟ الميزان » د/ صلاح الخالدي ص‎ 

١١ 








هه 20 
م 


؟-في تفسير قوله تعالى: [م استوئ 


لش 1 [سورة يونس:"] في 
يونس قال " ثم استوى على العرش عرش الكون» كناية عن 
بقاع التييطرة (لخترةة الذافكة | لرامدك» الله الف ونرمها 
الدو يم ونون كينا اشاس يعني ماريهة لسرن نين 
1 0 


هه هه رس صر< راع 
7 


"- في تفسير قوله تعالى: ١‏ أسَتَوَى عَكَ مرش 1 [سورة الرعد:؟] في 


سورة الرعد» يقول: " وهو الاستعلاء المطلق يرسخه في 
صورة» على طريقة القرآن في تقريب الأمور المطلقة لمدارك 
البشر الفحقيةة 11 


4- في تفسير قوله تعالى (اليَمَنُ لالم شِآسْتوئ ) [سورة طه:ه] 


في سورة طه يقول: " وهو المهيمن على الكون كله؛ " على 
الوق سترى" بو تدارا ع طلم العرانم قفاوي بسن مقر 
التبوطرة و الاشتلاه نادي" الفاسن! لقا[ ل 0 





. ١7* 7ه » نقلآ عن الخالدي ص‎ /١١ في ظلال القرآن » الطبعة الأولى‎ )١( 
. 1 ».نقلاً عن الخالذي ص‎ 45 /١١ الطبعة الأولى‎ ٠ (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 53778/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 

١١8 





م امه عر 
7 


5- في تفسير قوله تعالى: ثم أسَتَوَى عَلَ أَلْمَرششِ 1 [سورة الفرقان:51] 


في سورة الفرقان يقول: " أما الاستواء على العرش فهو 
قتعلا ولط 00 

5- في تفسير قوله تعالى: ( ثم أسَتَوَئعَكَ الْمرّشِ 1 [سورة السجدة:؛] 
في سورة السجدة يقول: " والاستواء على العرش» رمز 
لاستعلائه على الخلق كله» وأما العرش ذاته» فلا سبيل إلى 
قول شيء عنه؛ ولا بد من الوقوف عند لفظه» وليس كذلك 
الاستواء فظاهر أنه كناية عن الاستعلاء» ولفظ " ثم " لا 
يمكن قطعاً أن يكون للترتيب الزمني» لأن الله سبحانه - لا 
تتغير عليه الأحوال» ولا يكون في حال أو وضع - سبحانه 
- ثم يكون في حالٍ أو وضع تالٍ» إنما هو الترتيب 
المعنوي» فالاستعلاء درجة فوق الخلق يعبر عنها هذا 
التعبير.. وهو سبحانه المسيطر على العرش والسماوات 
والأرض وما بينها " (5) 

-في تفسير قوله تعالى: ثم أسَتَوَى عَكَ لمش 1 [سورة الحديد:؛] 
في سورة الحديد يقول: 'وكذلك العرش فنحن نؤمن به كما 
ذكره ولا نعلم حقيقته» أما الاستواء على العرش فنملك أن 


ام 


. في ظلال القرآن ©/ 5/ا76‎ )١( 
في ظلال القران ه/ ام"‎ )١( 








نقول: إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق» استناداً إلى ما 
نعلمه من القرآن عن يقين من أن الله - سبحانه - لا تتغير 
عليه الأحوال» فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش» 
ثم تتبعها حالة الاستواء. 
والقول بأننا نؤمن بالاستواء ولا ندرك كيفيته لا يفسر قوله 
تعالى: (ثمَ آسَتوَ) والأولى أن نقول: إنه كناية عن الهيمنة كما 
ذكرنا. 
والتأويل هنا لا يخرج على المنهج الذي أشرنا إليه آنفاً» 
لأنه لا ينبع من مقررات وتصورات من عند أنفسناء إنما يستند 
إلى مقررات القرآن ذاته» وإلى التصور الذي يوحيه عن ذات الله 
يتحافة وضفاته :"10 
ونخلص مما سبق عرضه من كلام سيد قطب عن 
الاستواء في الطبعة الأولى وفي الأجزاء غير المنقحة من 
الظلال إلى الآتي: 
أولآمأن سيد قطب - رحمه الله - في جميع المواضع 
يفسر الاستواء بأنه رمز وكناية عن الاستعلاء والسيطرة 
والهيمنة على الخلق. 


.558٠ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 








ثانياً: أنه اعترف بأنه أول الاستواء إلى معنى الاستعلاء: 


وبيّن أن الذي دفعه إلى هذا التأويل هو لفظ " ثم " في الآيات 
حيث يرى أنه لا يجوز أن تكون للترتيب الزمني لأن الله 
سبحانه منزه عن الحدوثء ولا تتغير عليه الأحوال» فلا يكون 
في حالة عدم استواء ثم يصبح في حالة استواء. 
لذلك فهو يرى أن " ثم " للترتيب المعنوي وليس الزمني. 
ثالثاً:يرى أن قول السلف " نؤمن بالاستواء ولا ندك 
نفيكه " للا فسن الأستواء» فلا بد عتده. من أن يكوق الاستواع 
كناية عن الهيمنة» ويقرر أنه في تأويله هذا متبع لطريقة القرآن 
في التعبير عن الغيبيات بصورة تقريبها للإدراك البشري. 
ذ في الطبعة المنقحة: 
كان أول موضع ذكر فيه الاستواء في الطبعة المنقحة هو 
سورة الأعراف» وقد سبق معنا في الفقرة السابقة أن سيداً فسر 
الاستواء في سورة الأعراف من الطبعة الأولى» بأنه: " 
الاستعلاء على الكون وتدبير أمره وفق الناموس الذي اختاره " 
وبالنظر في الطبعة المحققة نجد أن تفسيره للاستواء 
اختلف تماماً حيث يقول في ظلال قوله تعالى: (إرك رَيِكْْأمَهُ 
ل حَلقَ لسوت وَالْرْصَ في سِنَة أبَا و نه سوا عل لمش ىالل اهار 


يطب حَثِيًا 1 [سورة الأعراف:؛ 5] : " إن عقيدة التوحيد الإسلامية؛ 


ب - تفسيره للاستواء ١‏ 





000 





لا تدع مجالاً لأي تصور بشري عن ذات الله سبحانه؛ ولا عن 
كيفيات أفعاله» فالله سبحانه ليس كمثله شيء» ومن ثم لا مجال 
للتصور البشري لينشئ صورة عن ذات الله» فكل التصورات 
البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل 
البشري مما حوله من أشياءء فإذا كان الله - سبحانه- ليس 
كمثله شيء» توقف التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة 
معينة لذاته تعالى» ومتى توقف عن إنشاء صورة لذاته العلية 
فإنه يتوقف تبعاً لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعاً» ولم يبق 
أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله؛ 
وهذا هو مجاله. 

ومن شم تصبح أسئلة كهذه: كيف خلق السماوات 
والأرض؟ كيف استوى على العرش؟ كيف هذا العرش الذي 
استوى عليه سبحانه؟! تصبح هذه الأسئلة وأمثالها لغواً يخالف 
توجيهها قاعدة الاعتقاد الإسلامي» أما الإجابة عليها فهي اللغو 
الأشد الذي لا يزاوله من يدرك تلك القاعدة ابتداءً» ولقد خاضت 
الطوائف - مع الأسف - في هذه المسائل خوضاً شديداً في 
تاريخ الفكر الإسلاميء بالعدوى الوافدة على هذا الفكر من 
الفلسفة الإغريقية! " .)١(‏ 


)0( في ظلال القرآن ؟// 13555 . 








ويقول أيضا في تفسيره سورة الأعراف في موضع آخر 


بعد هذا عند حديثه عن الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم: ' 
فأما كيف كان هذا المشهد؟ وكيف أخذ الله من بني آدم من 
ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم؟ وكيف خاطبهم (ألْتْ 
7 وكيف أجابوا [بَقْشَهدئ1)؟ فالجواب عليه: أن كيفيات فعل 
الله - سبحانه - غيب كذاته» ولا يملك الإدراك البشر أن يدرك 
كيفيات أفعال الله» ما دام أنه لا يملك أن يدرك ذات الله؛ إذ أن 
تصور الكيفية فرع عن تصور الماهية» وكل فعل ينسب لله 
سبحانه مثل الذي يحكيه قوله هذاء كقوله تعالى: ( مَُستَولَ 
لَه وى دُكَاةُ 1*؟ ( لأستو عل الْعرٍّ ) (يَمَحُوأ أَنَهْمَاهَقَاهُ وت وضند م 
1 الحكتب ٠)‏ إوَالسَموتُ مَطويت يوسيو 1» (وَجَاء رَبْكَ وَلْمَْكُ 
صَفَاصَنًا) (مَايححُوتُ من جَوين تَككَة إِلَّا هو رَبِثهُمَ.. 1 إلى آخر ما 
تحكيه النصوص الصحيحة عن فعل اله - سبحانه - لا 
مناص من التسليم بوقوعه؛ دون محاولة إدراك كيفيتهء إذ أنه 
لا سبيل إلى تشبيه فعله بفعل أي شيء. ما دام أنه ليس كمثله 
شيء» وكل محاولة لتصوير كيفيات أفعاله على مثال كيفيات 
أفعال خلقه؛ هي محاولة مضللة» لاختلاف ماهيته - سبحانه- 
عن ماهيات خلقه» وما يترتب على هذا من اختلاف كيفيات 
أفعاله عن كيفيات أفعال خلقه؛ وكذلك جهل وضل كل من 


١ 





حاولوا - من الفلاسفة والمتكلمين - وصف كيفيات أفعال الله؛ 
وخلطوا خلطا تند 00 

ويقول أيضاً في مقومات التصور الإسلامي وهو آخر ما 
كتبه: ".. وكذلك الاستواء على العرشء» فكل كلام عن العرش ما 
هوء وكل كلام عن المقصود بالاستواء على العرش» هو دخول 
في متاهة لا دليل فيهاء فلا بد من الاكتفاء باللفظ القرآني» وما 
يوحيه من الهيمنة والتسلط والسلطان والقهر والعلم» والإحاطة 
بشئون السماوات والأرضء وهذا أسلم منهج في مواجهة هذه 
الكيفيات التي لم يوهب الإدراك البشري علمهاء ولو علم الله أن 
في إدراكها خيراً للإنسان لأقدره عليه ولوهبه له.. " ("). 

مما سبق عرضه نخلص !| 

-١‏ أن كلام سيد - رحمه الله - عن الاستواء في الطبعة 
المنقحة وفي المقومات اختلف عن كلامه في الطبعة الأولى 
من الظلال؛ حيث فسر الاستواء بالطبعة الأولى في كل 
المواضع بالاستعلاء والهيمنة»؛ واعترف بذلك وبين سببه 
والحامل له على هذا التأويل. 


.17917 / ” في ظلال القرآن‎ )١( 
١". 








أما في الطبعة المنقحة فقد رأينا في كلامنا في النص الأول: أنه 
يثبت أن الاستواء فعل للله» وأن أفعال الله تعالى لا يمكننا إدراك 


كيفياتهاء وأن الواجب هو تدبر آثارها في الوجود دون الخوض في 
كيفياتهاء وأن الخوض في كيفيات أفعال الله لغواً وافداً من الفلسفة 
الإغريقية. 

وفى النص الثانى: يستعرض بعض أفعال الله سبحانه " 
كالاستواء إلى السماء ' أو " الاستواء على العرش " " وطي 
السماوات بيمينه " و" مجيء الله يوم القيامة " ونحوها. ويقرر أنه " 
لا مناص من التسليم بوقوعها دون محاولة إدراك كيفياتها " 

وفي النص الثالث في المقومات: يقرر عدم الدخول في 
متاهة البحث عن الكيفيات»؛ والاكتفاء بما يوحيه اللفظ القرآاني 
من معاني تربوية يدل عليهاء ويرى أن ذلك هو المنهج الأسلم 
في مواجهة الكيفيات الغيبية. 

١‏ - يؤكد ما قلناه من أن سيد - رحمه الله - في الطبعة 
المنقحة أثبت الاستواء كفعل لله سبحانه غير معلوم الكيفية» أنه 
في الجزء التاسع والعشرين من الظلال - أي بعد تأويله 
للاستواء في المواضع السبعة في الطبعة الأولىء بأنه كناية 
ورمزاً للسيطرة والاستعلاء- ردَّ على الذين يرون في الغيبيات 
أنها مجرد تمثيل وتصويرء كالذين يرون أن الملائكة تمثيلاً لقوة 


865 





الخير والطاقة» والشياطين تمشيلاً لقوة الشرء والرجوم تمثيلاً 
للحفظ والصيانة.. الخ؛ بأنهم يجيئون إلى نصوص القرآن 
بمقررات عقلية سابقة ويحاكمون إليها القرآن» وأن الواجب على 


المسلم أن يلتزم بمنهج التصور الإسلامي الذي يقوم على 
التسليم للنصوص القرآنية»؛ وعدم محاكمة القران والحديث لغير 
القرآن» وأن لا ينفي شيئاً يثبته القرآن ولا يؤولهء ولا يثبت شيئاً 
ينفيه القرآن» أو يبطله؛ وأن هذا الكلام موجه لمن يؤمنون 
بالقران وهم مع ذلك يؤولون نصوصه لتوائم مقررات سابقة في 
غقولهم " ,)١(‏ 

واعترف بعد ذلك بأنه وقع في مؤلفاته السابقة وفي 
الأجزاء الأولى من الظلال في شيء من التأويل» وأنه هنا 
يتراجع عن تأويل النصوص ويبدي رغبة في تصحيحها إذا مد 
له في العمر فيقول: ' وما أبِرَق نفسي أنني فيماً سيق من 
مؤلفاتي» وفي الأجزاء الأولى من هذه الظلال قد انسقت إلى 
شيء من هذاء وارجوا أن أتداركه في الطبعة التالية إذا وفق 
اوها أقرره هنا هو ما اعتقده الحق ميدانة من لبك" 00), 


. في ظلال القرآن 5/ 7”17720 - 5707217 بتصرف‎ )١( 
. ١ هامش‎ » ”019١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١١ا/‎ 








وبناءً على ما سبق لا نكون مخطئين إن قلنا إن كلام 
سيد في الطبعة المنقحة في سورة الأعراف عن الاستواء واثباته 
فعلاً لله غير مدرك الكيفية» هو تحقيقاً لما وعد به في نهاية 
الطبعة غير المحققة من تدارك ما أوله فيها. 


وكذلك كلامه عن سائر أفعال الله كالطي والمجيء ونحو 
ذلك - مما سيأتي بيانه في مواضعه - كان تصحيحاً وتداركاً 
لكلامه في ' التصوير الفني " سابقاً حيث جعل هذه الأفعال 
وغيرها من باب التصوير التخييلي والتجسيم للمعاني المجردة .)١(‏ 

بالإضافة إلى أن تأويل سيد للاستواء في الطبعة الأولى 
لم يكن كتأويل وغيره من النفاة» لأنهم ينفون علو الله على خلقه 
ابتداءٌ وبالتالي أولوا الاستواء حتى يسلم له نفي العلوء أما سيد 
فقد سبق معنا أنه يثبت صفة العلو لله» ويقرر أن الله في 
السماء وأنه فوق العرش» وإنما حصل الخلل عنده في الاستواء 
كفعل» بناءً على المبررات التي ذكرهاء وان كنا لا نوافقه عليها 
إلا أنه لا يصح جعل تأويله كتأويل الجهمية والمعتزلة الذين 
أنكروا العلو مطلقاً. 

بالإضافة إلى انه لا يصح الاعتماد على كلامه في 
التصوير الفني أو في المواضع غير المنقحة من الظلال للحكم 


. 7 انظر نص كلامه السابق في " التصوير الفني في القرآن » ص‎ )١( 
١8 








عليه بالتأويل للاستواء» ما دام أنه في نهاية الأجزاء غير 
المنقحة من الظلال اعترف بخطئه فيما سبق له تأويله في 
الكتب السابقة والأجزاء الأولى» وأنه فعلاً تدارك ذلك في أول 
موضع ذكر فيه الاستواء على العرش من الطبعة المنقحة في 
سورة الأعراف كما رأينا في نصين واضحين.ء والله أعلم. 

رابعاً: العرش والكرسي: ومما له صلة بموضوع 
الاستواء مسالة العرش والكرسي. 

*والعرش في اللغة: يطلق على سرير الملك وكرسيه 
الرسمي في مجلس الحكم والتدبير .)١(‏ 

وشرعا:_هو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة؛ وهو سقف 
المخلوقات ,)١(‏ 

فأهل السنة والجماعة يثبتون العرش والكرسي بناءً على 
النصوص الشرعية الصحيحة الواردة في إثباتهما. 

وذهبت طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير 
من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة وربما سموه الفلك 
الأطلس» أو التاسع.. 


. 77١ والصحاح ص‎ » 4١7/١ تهذيب اللغة‎ )١( 
. 7”15 شرح العقيدة الطحاوية ص‎ (0 
١,» 








ومنهم من فسره بالملك» وكلاهما ليس بصحيح» لأنه قد 
ثبت أنه مخلوق وله قوائم وتحمله الملائكة وكان على الماء قبل 
خلق المخلوقات وهي أمور تنافي تفسيرهم السابق .)١(‏ 


فهو موضع القدمين بين يدي العرش كالمرقاة كما يقول 
ابن عباس- رضي الله عنه- ولا يقدر قدره إلا الله. 

وقال بعضهم بأنه العرش» والصحيح أنه غيره؛ 

وفسره آخرون بالعلم» والأول الصحيح (2). 

وقد ذكر السلف أن الله مستغن عن العرش وما دونه» وأن 
خلقه للعرش واستواءه عليه ليس لحاجته إليه» بل في ذلك حكمة 
اقتضته؛ وكون العالي فوق السافل لا يلزم منه أن يكون السافل 
حاوياً له ومحيطاً به حاملاً له؛ ولا أن يكون الأعلى مفتقراً إليه: 
وضربوا لذلك مثالاً بحال السماء مع الأرض... فالرب تعالى 
أعْظخ شانا واحل فق أن رازه مخ غلؤة للف 10 

قف سيد قطب من العرش وا 


)1( شرح العقيدة الطحاوية: ص 35311 518 بتصرف . 
١‏ 








أما سيد قطب- رحمه الله - فقد تحدث عن العرش في 
ظلال الآيات التي ورد فيها ذكر العرش» ومن خلال استقراء 

أولاً: أنه يفسر العرش في اللغة بأنه السرير الذي يجلس 
غلية الملكويغين: يه أيكنا عزة الملك والسلظاة: (0), 


التعرض له بأي تفصيل» ومن ذلك ذكره لبعض الأحاديث وكذا 
بعض الأحداث والمشاهد التي فيها ذكر العرش دون التعرض 
لها مثل: 

-١‏ حديث: " إن أرواح الشهداء تأوي إلى قناديل معلقة 
تح ل م 

-١‏ حديث: 'لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده 
:م .3 5 4 ان ع. لل ١3‏ 
فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي(). 

“-حديث الحارث بن مالك الأنصاري وفيه.. " كأني أنظر 


إلى عرش ربي بارزاً... " ()» وعلق عليه سيد - رحمه الله - 


. 7575754 5578/5 250159/5 , ١76٠ //* : ينظر : في ظلال القرآن‎ )١( 

)١(‏ رواه :مسلم في كتاب الإمارة » باب أرواح الشهداء في الجنة ١١915/”‏ برقم 

/1 ء وانظر: في ظلال القرآن : 3١51١ /١‏ . 

(") رواه : البخاري في كتاب التوحيد »باب قوله تعالى " ويحذركم الله نفسه"5515/5١‏ 

برقم 53794و30759. وانظر في ظلال القرآن ؟/ ٠١5٠‏ 
101١‏ 








بقوله: " ولقد ذكر هذا الصحابي الذي استحق شهادة رسول الله 
- يِ - له بالمعرفة من حال نفسه؛ ما يصور مشاعره ويشي 
بما وراءها من عمل وحركة» فالذي كأنه ينظر إلى عرش ربه 
بارزاًء وينظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيهاء وإلى أهل النار 
يتضاغون فيها إنما هو يعيش ويعمل ويتحرك في ظل هذه 
المشاعر.. إلى جانب ما أسهر ليله وأظمأ نهاره» وكأنما هو 
ناظر إلى عرش ربه بارزاً '(3). 

- قوله في أثناء حديثه عن المعراج.. " فأما أنها سدرة 
المنتهى» فقد يعني هذا أنها التي ينتهي إليها المطافء فجنة 
المأوى عندهاء أو التي انتهت إليها رحلة المعراج» أو التي 
انتهت إليها صحبة جبريل لرسول الله يله حيث وقف هو وصعد 
محمد وي درجة أخرى أقرب إلى عرش ربه وأدنى» وكله غيب 
من غيب الله» أطلع عليه عبده المصطفىء ولم يرد إلينا عنه إلا 
هذا بوكله امن قوق طافتكا أن .شرك كيفيدة. 200 

5- قوله: " وإنه لأمر عصيب أن يقف الإنسان عريان 
الجسد والنفس والمشاعرء والتاريخ والعمل ما ظهر منه وما 


)١ (‏ سبق تخريجه ص 784 . 
)١(‏ في ظلال القرآن : ”9/ 31١5078‏ . 
(؟) المصدر السابق : 3”501/5 . 
001 








استتر» أمام تلك الحشود الهائلة من خلق اللهء من الإنس والجن 
والملائكة؛ وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع' .)١(‏ 





5- قوله في ظلال قوله تعالى: (مُللَوْ كن معد ءَإِلَهُ كا يمُولُون 
ذا لَعَوأْ إل ذِى لمش سيا 1 [سورة الإسراء:47] ".. وذكر العرش هنا 
يوحي بالارتفاع والتسامي على هذه الخلائق التي يدعون أنها 
آلهة ' مع الله " وهي تحت عرشه وليست معه؛ ويعقب على 
ذلك بتنزيه الله في علاه " سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيرا 
' ثم يرسم السياق للكون كله بما فيه ومن فيه مشهداً فريداً: 
تحت عرش الله» يتوجه كله إلى الله» يسبح له ويجد الوسيلة 
إليه... فإذا الوجود كله تسبيحه واحدة شجية» ترتفع في جلال 
إلى الخالق الواحد الكبير المتغال .)١("‏ 

ثالثاً سيد قطب الايما 
بالعرش ويفوضص _معناه وكيفيته: ومن ذلك: 

-١‏ قوله: ' وكذلك العرش» فنحن نؤمن به كما ذكره ولا 


0 50-6 5 


0 





. بتصرف‎ 56٠١ /5 : المصدر السابق‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ 7١7١ /4 : في ظلال القرآن‎ )١ ( 
. في ظلال القرآن: كرحم"‎ )"( 

ل 








اتوفولة أيضنا + ابوتضن تفرك اننا سن العودن؟ ان 
نملك صورة له» ولا نعرف كيف يحمله حملته؛ ولا كيف يكون 


من حوله حوله؛ ولا جدوى من الجري وراء صور ليس من 
طبيعة الإدراك البشري أن يلم بهاء ولا من الجدل حول غيبيات 
لم يطلع الك أخداً مث المتحادلية:عليها "00 

؟-قوله: " أما العرش ذاته فلا سبيل إلى قول شيء عنه؛ 
لاود من الو قرف عنة” لفخله201). 

4- ويقول أيضا: في ظلال قوله تعالى: ! وَموَ أنه حَلَىَ 
لسَّموتٍ وَالْاَرْصٌ فى سِنَّةِ أتَادِ وحكات عَرْشُهُه عل لد موكحم انم 
َحْسَنُ حَمَلَا1 [سورة هود:"] » 'وجملة " وكان عرشه على الماء " 
تفيد أنه عند خلق السماوات والأرض أي إبرازهما إلى الوجود 
في شكلهما الذي انتهيا إليه كان هناك الماء» وكان عرش الله 
مندانة على الماع 

أما كيف كان هذا الماءء وأين كان» وفي أية حالة من 
حالاته كان» وأما كيف كان عرش الله على هذا الماء.. فزيادات 
لم يتعرض لها النصء وليس لمفسرٍ يدرك حدوده أن يزيد شيتاً 


.٠١57 وينظر أيضا: ؟7/‎ "١7١ /5 المصدر السابق:‎ )١( 
: "1. : المصدر السابق‎ (0 
١1 








على مدلول النصء» في هذا الغيب الذي ليس لنا من مصدر 
لعلمه إلا هذا النص وفي حدوده. .)١('‏ 
ه- ويقول: " وعقيدة التوحيد الإسلامية» لا تدع مجالاً 


لأي تصور بشري عن ذات الله سبحانه؛ ولا عن كيفيات أفعاله؛ 
فالله سبحانه ليس كمثله شيء... ومن ثم تصبح أسئلة كهذه: 
كيف خلق الله السماوات والأرض؟ كيف استوى على العرش؟ 
كيف هذا العرش الذي استوى عليه الله سبحانه؟! تصبح هذه 
الأسئلة وأمثالها لغواً يخالف توجيهها قاعدة الاعتقاد الإسلامي؛ 
أما الإجابة عليها فهي اللغو الأشد.. وقد خاضت الطوائف - 
مع الأسف - في هذه المسائل خوضاً شديداً في تاريخ الفكر 
الإسلاميء بالعدوى الوافدة على هذا الفكر من الفلسفة 
الإغريقية"("). 

أما الكرسي: فقد قال سيد - رحمه الله - في تفسير قوله 
تعالى: إوَسِمَوسِيهُ آلسَمْوتوَالارضَ ) [1] سورة البقرة:155] " وقد 
جاء التعبير في هذه الصورة الحسية في موضع التجريد 
المطلق» على طريقة القرآن في التعبير التصويري» لأن الصورة 
هنا تمنح الحقيقة المراد تمثيلها للقلب قوة وعمقاً وثباتاً» فالكرسي 








)١ |‏ في ظلال القرآن :4؛/ لاهم١ا.‏ 
)١ (‏ المصدر السابق : 9/ ١١595‏ . 
١1‏ 














يستخدم عادة في معنى الملك» فإذا وسع كرسيه السماوات 
والأرض فقد وسعهما سلطانه» وهذه هي الحقيقة من الناحية 


4. 


الذهنية. 

ولكن الصورة التي ترتسم في الحس من التعبير بالمحسوس 
أثبت وأمكن» وكذلك التعبير بقوله: " ولا يؤدوه حفظهما " فهو كناية 
انعدام الجهد والكلال؛ لأن التعبير القراني يتجه إلى رسم صور 
للمعاني تجسمها للحسء فتكون فيه أوقع وأعمق وأحس. 

ولا حاجة بنا إلى كل ما ثار من الجدل حول مثل هذه 
التعبيرات في القرآن؛ إذا نحن فقهنا طريقة القرآن التعبيرية؛ ولم 
نستعر من تلك الفلسفات الأجنبية الغريبة التي أفسدت علينا كثيراً 
من بساطة القران ووضوحه. 
صحيحة في شأن الكرسي والعرش تفسر وتحدد المراد مما ورد 
منها في القرآن» ومن ثم أوثر أن لا أخوض في شأنها بأكثر من 
هذا البياة" ,)١(‏ 

والخلاصة: أن كلام سيد - رحمه الله - حول العرش 
والكرسي وتفويضه لمعناه وحقيقتها في بعض المواضع» مخالف 


. 50١ : في ظلال القرآن‎ )١( 
05 








لما عليه السلف من إثبات العرش وأنه مخلوق ذو قوائم تحمله 
الملائكة وأنه كالسقف للعوالم ووأن الله مستو عليه من غير 
حاجة إليه» ومن أن الكرسي هو كالمرقاة بين يدي العرش وقد 
جاءت أحاديث وآثار حول العرش والكرسي» تبين المراد مما ورد 
فيها في القرآن الكريم» وليس كما قال سيد - رحمه الله - .)١('‏ 


الفرع الثاني: صفة المجيء والإتيان: 
الإتيان والمجيء صفتان فعليتان ثابتتان لله عز وجل على 
الوجه اللاثئق به» ومن أدلتهما في القرآن قوله تعالى: ( مَل 


هر 


يَظرُونَ إل أن يهم لمن ظَدَلٍ نَالْصَمَا وَالْمَكِِكَهُ 1 لابورة 
البقرة:١٠1]‏ » وقوله تعالى: ( وج رَيْكَ وَاَلْمَكُ صَنَاصَنًا) [سورة 
الفجر:؟؟] وفي السنة حديث النبي يله في بيان أحوال الناس يوم 
القنامة وفيه؛ ":: فيأتيهم الهف الضورة الك يعرفوزي: :010 


(الانطلن ؟ سروه لزان انكر يق ناسين 80 8 لان وشاع ناا علنن تطية ديد 
قطب . د / ربيع المدخلي : ص ١5١ -١53‏ » وينظر الأحاديث والآثار : 
)١(‏ رواه البخاري 5161/9 . 

١؟1١ا/‎ 








والذي عليه أهل السنة والجماعة» الإيمان بذلك على 
حقيقته» والابتعاد عن التأويل والتعطيل .)'١(‏ 

وأما المخالفون لأهل السنة والجماعة فهم: 

-١‏ المؤولة: الذين أولوا صفة المجيء والإتيان بأنها 
عبارة عن رؤيتهم إياه» فعبر عن الرؤية بالإتيان مجازاً» أو إتيان 
أمرهء أو إتيان بعض ملاتئكته " (3). 

؟ - المفوضة: الذين يقولون بتفويض معاني هذه الصفات 
وادعاء أنها غير معلومة»؛ وأنها من المتشابه الذي استأثر الله 
لعلف 0 

صفة المجيء والإتيان عند سيد قطب: حتى يتضح 


موقف سيد قطب من صفة الإتيان والمجيء لابد من استعراض 


)١(‏ ينظر:الرد على المريسي للإمام الدارمي ص ١5١ -١58‏ » والإبانة للأشعري ص 





١‏ » مختصر الصواعق لابن القيم ص 5941١ 575٠١‏ »؛ وشرح الواسطية لهراس ص 


. وما بعدها‎ 7١١15 ؛ وشرح الواسطية لابن عثيمين ص‎ ١ 

)١(‏ ينظر : مقالات الإسلاميين للأشعري ص 787 » والفصل لابن حزم ؟/ 50"”اء 

والأسماء والصفات للبيهقي » ص 448 - 454. وفتح الباري لابن حجر /١١‏ 450 

. الإرشاد للجويني ١559‏ 

(") ينظر : الملل والنحل للشهرستاني /١‏ 175 » وأصول الدين للبغدادي » والموافقات 

للشاطبي "/45» ومعالم السنن للخطابي 4/ .”:7١‏ 
١518‏ 





كلائهفي "سين (الأيات: التى:وزئ فبها لفط الاق والبحيي؛ 
وذلك فيما يأتي: 

-١‏ 0 ظلال قوله تعالى: ( مَل يَظرُونَ إلا أن يَأبَهُمْ هدق 
ظُلَلٍ وِنَ لماو و لَمَكِِكَةٌ ] [سورة البقرة:١٠2]‏ . يقول: " وهو سؤال 
استنكاري عن علة 00 المترددين المتلكئين» الذين لا يدخلون 
في السلم كافة ما الذي يقعد بهم عن الاستجابة؟ ماذا ينتظرون؟ 
مادا يزتقيون؟ تراهم سيظلون أمكذا تفي موققهم حت يأتيهم امد 


سبحانه فى ظلل من الغمام» وتأتيهم الملائكة؟ وبتعبير آخر؛ 
هل ينتظرون ويتلكئون حتى يأتيهم اليوم الرعيب الموعود الذي 
قال الله سبحانه: إنه سيأتي فيه في ظل من الغمام؛ ويأتي 
الملائكة:ضفاً لا يتكلموت إلا من إن له الزحمق. وقال صواباً؟ 

وفجأة - وبينما نحن أمام السؤال الاستنكاري الذي يحمل 
طابع التهديد الرعيب - نجد أن اليوم قد جاء» وأن كل شيء قد 
انتهى» وأن القوم أمام المفاجأة التي كان يلوح لهم بها ويخوفهم 
إياها: ' وقضي الأمر '؛ وطوي الزمان» وأفلتت الفرصة» وعزت 
النجاة» ووقفوا وجهاً لوجه أمام الله الذي ترجع إليه الأمور 
وحده.. 

فإلى متى يتخلف المتخلفون عن الدخول في السلمء وهذا 
الفزع الأكبر ينتظرهم؟ بل هذا الفزع الأكبر يدهمهم! والسلم منهم 


١088 





قريب» السلم في الدنيا والسلم في الآخرة؛ يوم تشقق السماء 
بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ('). يوم يقوم الروح والملائكة صفاً 
لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً» يوم يقضى 
الأمر.. وقد قضي! " وإلى الله ترجع الأمور.. ' ("). 

١‏ - في ظلال قوله تعالى: (ِعَلَ يَظرُونَ إلا أن تَيَهُمٌ 


<َ 


التقركة اربق رَبك دعاقت بت عانق ريك و أن بت ولك ولك ) 
[سورة الأنعام:54١]‏ نجد أن سيد لم يتعرض فيها لمسألة مجيء 
الله تعالى» وإنما تحدث عن إتيان بعض الآيات (). 

# حتفي الئل قوله الى 61ل رفك ال 
9 همه رَبك وَألْمَكُ صَعَاصَهًا) [سورة الفجر:١1- ]1١‏ . يقول: ' 
ودك الأرض وتحطيم معالمها وتسويتها وهو أحد الانقلابات 
الكونية التي تقع في يوم القيامة فأما مجيء ربك والملائكة صفاً 


2 
| 


ضيف فهو امو غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الأرض» 





)١(‏ سيد ذكر تشقق السماء بالغمام وتنزل الملائكة في سياق الحديث عن مجيء الله يوم 


القيامة » وهي وان لم تكن صريحة في ذلك في هذا الموضع ء إلا أن أهل السنة 


والجماعة يذكرون هذه الآية ضمن الآيات التي تدل على مجيئه سبحانه » انظر: شرح 


الواسطية لابن عثيمين ص 7/8ا7- 30791 . 
)١(‏ في ظلال القرآن 5١7/١‏ 
(؟) في ظلال القرآن 8 ١799-1١79‏ ., 
0 





ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول» كذلك مجيء جهنم 
نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى» فأما حقيقة ما 
يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم. 
إنما يرتسم من وراء هذه الآيات» ومن خلال موسيقاها 

الحادة التقسيم (') الشديدة الأسر» مشهد ترجف له القلوب» 
وتخشع له الأبصارء والأرض تدك دكاً دكآء والجبار المتكبر 
يتجلى» ويتولى الحكم والفصلء ويقف الملائكة صفاً صفاً» يجاء 
بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى ا 

وبعد أن ذكر تفسير بقية الآيات في السورة» وقف في نهايتها 
قائلاً: 'ثم تمضي الآيات تباعاً تغمر الجو كله بالأمن والرضى 


)١(‏ يقصد بالموسيقى هنا كما يقول سيد نفسه ' الإيقاع الموسيقى في القرآن يتألف من 
عناصر شتى من مخارج الحروف في الكلمة الواحدة » ومن تناسق الإيقاعات بين 
كلمات الفقرة » ومن اتجاهات المد في الكلمة » ثم من اتجاهات المد في نهاية الفاصلة 
المطردة في الآيات » ومن حروف الفاصلة المطردة في الآيات » ومن حروف الفاصلة 
ذاته وجميع العناصر التي يتألف منها الإيقاع في هذه السورة واحدة » ما عدا اتجاهات 
المد وحروف الفاصلة قي القسم الأول منها حتى آية © »فمد الفاصلة وحرفها " يؤمنون 
- توقنون - يتفكرون - يفعلون - خالدون " وبقية السورة " العقاب » هاد » بمقدار ... 
' انظر : في ظلال القرآن 5/ ٠١9‏ الهامش . 

. "9٠05 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 

١١ 








والطمأنينة.. ألا أنها الجنة بأنفاسها الرضية الندية تطل من خلال 
هذه الآيات وتتجلى عليها طلعة الرحمن الجليلة البهية .)١("‏ 

" إنه الجلال» يغمر الجو كله ويغشاه في حضرة الرحمن " ('). 

وأما قول بعضهم بأن سيد قطب يعطل الصفات كما هو 

شأن الجهمية ومنها صفة النزول والمجيء (') بناءً على أنه 
يؤول الاستواء» وكذلك بناءً على كلام له في " التصوير الفني"» 
من أن ما يحكيه القرآن من أفعالٍ منسوبة لله تعالى» إنما هو 
مجرد تخييل وتجسيم للمعاني المجردة في صورة حسية 
(©)ومنها قوله تعالى: ‏ وَبَاه رَبّكَ وَالْمَكَ صَقَاصَهَا) ("). فبيانه 
كا لات : 


8951/5 المصدر السابق‎ )١( 
.7561" /5 (؟) المصدر السابق‎ 
» وما بعدها‎ ١1754 (؟) انظر : أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب للمدخلي ص‎ 
.7"١05 والمورد الزلال للدويش ص‎ 
التجسيم التخييل لا يقصد به سيد ما عند المتكلمين؛ وإنما ما يبعثه التعبير من‎ ):4( 
تأملات تستفز الخيال فتجعله يتملى فيما وراء المعنى المعبر عنه بالالفاظ » وهو‎ 
عامل من عوامل التأثير بالقرآن»فعبارات القرآن الكريم تجعل السامع وكأنه يشاهد‎ 
الخبر واقعة حدثت » مجسمة أمامه » فيسرح خياله في التأمل فيما وراء ذلك ليخشع‎ 
قلبه بعدها وينيب.( من إضافات: أ. د /خليل الكبيسي -حفظه الله - المناقش‎ 
. ) الخارجي للرسالة‎ 

(5) انظر : التصوير الفني في القرآن - سيد قطب » ص ”7 . 

١3 








أولاأن كلامه هذا في كتاب التصوير الفني وهو أول ما 
كتب من الإسلاميات قبل التزامه بالإسلام - كما سبق- وكان 
الهدف من تأليفه هدف فني بحت»ء وليس هدفاً دينياً يناقش 
قطنانا “الاعتقاف وغيزها تاغتزافه 007 

ثانياً: ان الأفعال نفسها التي ذكر في " التصوير الفني " 
تأويلها بأنها مجرد تخييل وتجسيم للمعاني المجردة في صورة 
حسية» لسيد نص صريح حولها يصرح فيه بإثبات هذه الأفعال 
لله حفيقة» والتسليم بوقوعها دون محاولة إدراك كيفيتهاء وهذا 
النص في الطبعة المنقحة من الظلال وهو قوله: ".. إن كيفيات 
أفعال الله -سبحانه - غيب كذاته؛ ولا يملك الإدراك البشري أن 
يدرك كيفيات أفعال الله؛ ما دام أنه لا يملك أن يدرك ذات 
الله».. وكل فعل ينسب إلى الله مثل الذي يحكيه هنا - أخذ 
الميثاق والإشهاد عليه - وكقوله تعالى: [تُمَآسْتَوَي إِلَ اَلسَمَآءِ 
1* ( مهاستو عل الْعرشِ ٠4‏ (والسَموات مَطْويَت هبيه )' ( 


واه رك الاق صسدا مما اننا كيل يا سحكنة التطسوطضل 


١7 








الضحيحة عن فعل: الله - سيخانه - لا.مناض من الثسلم 
بوقوعه» دون محاولة إدراك كيفيته.. ' .)١(‏ 

وبالتالي فإنا نعتمد على هذا النص في بيان موقف سيد 
من صفة المجيء والإتيان» وخاصة أنه جاء بعد اعترافه بتأويل 


بعض الأمور وتراجعه عن التأويل إجمالاً وابداء رغبته في 
تدارك ما كان منه في كتبه السابقة» ومن بينها " التصوير الفني 
" وفي الأجزاء التي لم تصل إليها يده لتصححهاء وهذا كاف في 

ثالثاً: أن لسيد قطب كلاماً واضحاً وصريحاً في إثبات 
مجيء الله يوم القيامة وتجليه للحكم بين العبادء وهو في الأجزاء 
المنقحة من الظلال - كما سبق قبل قليل-. 


الفرع الثالث: صفات المحبة والرضى والود والخلة: 

صحفات: السحية:والرسس والوةروالكلة هن حتحفات. لذ 
تعالى الفعلية الاختيارية» التي تتعلق بمشيئته - تعالى-»: 
والنصوص الواردة في الكتاب والسنة في إثباتها أكثر من أن 
تحصر - وقد أجمع سلف الأمة وأثمتها على إثبات هذه 
الصفات لله تعالى وما يترتب عليها من أثارٍ على الوجه الذي 


.1 3 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








يليق بجلاله» وهي لا تمائل ما سمي باسمها من صفات البشر»ء 
كما أن ذاته سبحانه ونفسه وعلمه وقدرته لا تماثل ذوات البشر 
وعلمهم وقدرتهم بلا فرق ('). 

- أما المتكلمون ومن تأثر بهم فقد تأولوها بلوازمها من 


الإثابة والإحسان» فراراً من تشبيه الخالق بعبيده الذين تعد هذه 
الصفات انفعالات نفسية لهم يتنزه الله عنها ('). 


صفات المحبة والرضى والود والخلة عند سيد 


قطب أما سيد قطب - رحمه الله - فيثبت هذه الصفات لله 


سبحانه وتعالى على الوجه الذي يليق به ويمكن بيان ذلك فيما 


يأتي: 

أولاء صفة المحبة: من خلال استقراء كلام سيد - 
رحمه الله - في ظلال الآيات التي جاء فيها التصريح بحب الله 
سواة لاعفا أن كاه أو “صنفات نجه : 


)١(‏ انظر : مجموع فتاوى ابن تيمية ”/ 54" وعقيدة السلف أصحاب الحديث للإمام 
الصابوني ص 78 » وشرح العقيدة الطحاوية ص ١676١55‏ ء» وشرح الواسطية 
لهراس ص ١:7"‏ » وشرح الواسطية لابن عثيمين /١‏ 5 ؟ ؟وما بعدها . 

)١(‏ انظر : أساس التقديس للرازني ص ؟». والتمهيد للباقلاني ص ١51‏ ؛ وأصول الدين 
للبغدادي ص 75- 7١‏ » وفتح الباري لابن حجر 457/٠١ 37١5 /١‏ ؟١/‏ 0١5ة‏ 
, اكةٌء 1م 201 204١‏ ا حم 


0 








١‏ - في مواضع نجد أنه يمرها على ظاهر دون الخوض 
فيهاء ومن ذلك حب الله للمحسنين وللمقسطين وللمتقين 
وللمجاهدين وللشكر والصبر ونحو ذلك .)١(‏ 

#-في:مواضنع يقت ضفة المخيلة لله سبيحانه دون 
تأويل ومن النصوص في ذلك: 

أ - في ظلال قوله تعالى: (وَأَّهُ يحب الْمحيِديرت ) إسورة 
آل عمران:14] . يقول: ' والله " يحب ' المحسنين» والحب هو 
التعبير الودود الحاني المشرق المنير» الذي يتناسق مع ذلك 
الجو اللطيف الوضيء الكريم. 

ومن حب الله للإحسان والمحسنين» ينطلق حب الإحسان 
في قلوب أحبائه؛ وتنبثق الرغبة الدافعة في هذه القلوب؛ فليس 
هو مجرد التعبير الموحي» ولكنها الحقيقة كذلك وراء التعبير! 

والجماعة التي يحبها الله وتحب الله.. هي جماعة 
متضامنة.. متآخية. قوية" ('). ' والمتقون لهم المغفرة من ربهم؛ 
والجنة تجري من تحتها الأنهار بعد المغفرة وحب الله " ("). 


(١)انظر‏ في ظلال القرآن 197/١‏ لأدص #لككطاء "راتكن هكد 
هه" . 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/5/١‏ . 
(؟) المصدر السابق ١//9/ا5‏ . 
١)‏ 








ب - في ظلال قوله: (وَأمَجبُ اضر 1 إسورة آل 


ل 


عمران:47١]‏ يقول: " والتعبير بالحب من الله للصابرين له وقعه 
وله إيحاؤهء فهو الحب الذي يأسو الجراح» ويمسح على القرح؛ 
ويعوض ويربو عن الضر والقرح والكفاح المرير... " ('). 

'" | ضَانَهُمْ الله توَاب دنا وَحْسْنَ وا الْآرَوَ إوشنهد لهم 
سبحانه بالإحسان فقد أحسنوا الأدب» وأحسنوا الجهاد» وأعلن حبه 
لهم؛ وهو أكبر من النعمة؛ وأكبر من الثواب» (وَألَّهُ يب 
ال 01 

ج- في ظلال قوله تعالى: ( يَكَأما ألَنَ امم رد 


2 

عن دِيِه- وف يق الله قوم مهم وَمحيُوتهٌ 1 [سورة المائدة:4 5] يقول: ' 

فالحب والرضى المتبادل هو الصلة بينهم وبين ربهم.. الحب.. 

هذا الروس الساري اللطيفه الزفاف النقيرق الرائق البشوش »اهو 
الذي يربط القوم بربهم الودود.. 

وحب الله لعبد من عبيده» أمر لا يقدر على إدراك قيمته 

إلا من يعرف الله - سبحانه - بصفته كما وصف نفسهه وإلا 


من وجد إيقاع هذه الصفات في حسه ونفسه وشعوره وكينونته 


. 488/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 489/١ المصدر السابق‎ )١( 
0 








كلهاء أجل لا يقدّر حقيقة هذا العطاء إلا الذي يعرف حقيقة 


المعطيء الذي يعرف من هو الله.. من هو صانع هذا الكون 
الهائل» وصانع الإنسان.. من هو في عظمته؛ ومن هو في 
قدرته» ومن هو في تفرده» ومن هو في ملكوته» من هو ومن 
هذا العبد الذي يتفضل الله عليه منه بالحبء والعبد من صنع 
يديه - سبحانه - وهو الجليل العظيم» الحي الدائم» الأزلشي 
الأبدي» الأول والآخرء والظاهر والباطن. 

-وحب العبد لربه نعمة لهذا العبد» لا يدركها كذلك إلا 
مخ ذاقها»واذا كان حب الله لعيد مخ -عبيده أمزا:هائلاً عظيماً: 
وفضلاً غامراً جزيلاء فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه 
وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد الذي لا نظير له في مذاقات 
الحب كلها ولا شيبيه.. هو إنعام هائل عظيم.. وفضل غامر 
حريل:: 

-واذا كان حب الله لعبد من عبيده أمراً فوق التعبير أن 
يصفه؛ فإن حب العبد لربه أمر قلما استطاعت العبارة أن 
تصوره؛ إلا فلتات قليلة من كلام المحبين» وهذا هو الباب الذي 
تفوق فيه الواصلون من رجال التصوف الصادقين.. وهم قليل 
من بين ذلك الحشد الذي يلبس مسوح التصوف ويعرف في 


١78 





سجلهم الطويل - ولا زالت أبيات رابعة العدوية تنقل إلى حسي 
مذاقها الصادق لهذا الحب الفريد وهي تقول: 
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب 


وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب 
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب 
وهذا الحب من الجليل للعبد من العبيد» والحب من العبد 
للمنعم المتفضل» يشيع في هذا الوجود ويسرى في هذا الكون 
العريض» وينطبع في كل حئ وفي كل شيء» فإذا هو جو وظل 
يغمران هذا الوجود» ويغمران الوجود الإنساني كله ممثلاً في 
ذلك العبد المحب والمحبوب. 
-والتصور الإسلامي يربط بين المؤمن وربه بهذا الرباط 
العجيب الحبيب» وليست مرة واحدة» ولا فلتة عابرة» إنما هو 
ل ليا ل ال م 
سالك يبادى عَْ من صَرِيبٌ يِب مَعْوَه الدع إدَادَحَانِ 1 2 [وَالنَ 
ءَامَمْوَ سد ًا لَه ) ؟ ١‏ فل إِنَكسْرَ لله اعون يربك أنه أوغيرها 
وعجبا لقوم يمرون على هذا كله ليقولوا: إن التصور 
الإسلامىي تصور جاف عنيف» يصور العلاقة بين الله والإنسان 


١ 08 





علاقة قهر وقسر» وعذاب وعقاب» وجفوة وانقطاع.. لا كالتصور 
الذي يجعل المسيح ابن الله وأقنوم الإله» فيربط بين الله والناس 
في هذا الازدواج!. 

إن نصاعة التصور الإسلامي في الفصل بين حقيقة 
الألوهية وحقيقة العبودية» لا تجفف ذلك الندى الحبيب» بين الله 
والعبيد» فهي علاقة الرحمة كما أنها علاقة العدل» وهي علاقة 
الود كما أنها علاقة التجريد» وهي علاقة الحب كما أنها علاقة 
التتزيه» إنه التصور الكامل الشامل لكل حاجات الكينونة 
البشرية في علاقتها برب العالمين " .)١(‏ 

وهذا النص الذي نقلته مع طوله يعبر تعبيراً واضحاً وجلياً 
عن موقف سيد من إثبات صفة المحبة لله سبحانه وتعالى. 

ثانياً: صفة الرضى: وموقف - سيد - من هذه الصفة 
هو موقفه من صفة المحبة» حيث يثبتها لله تعالى على الوجه 
الذي يليق بجلاله» ومن النصوص في ذلك: 

أ - في ظلال قوله تعالى: (ِيَضْىَاسَهُ نهم وََسُوأْعَنْهُ 1 [سورة 
التوبة:١٠٠]‏ يقول: ' ورضى الله عنهم هو الرضى الذي تتبعه 
المثوبة» وهو في ذاته أعلى وأكرم مثوبة» ورضاهم عن الله هو 


.3119-9414 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
١6 








الاطمئنان إليه سبحانه» والثقة بقدره» وحسن الظن بقضائه؛ 
والشكر على نعمائه» والصبر على ابتلاثه. 

ولكن التعبير بالرضى هنا وهناك يشيع جو الرضى الشامل 
العُتامق 4 'المتسنادل الواقن: »“التوارة” الهساذوى؟ حي ابلهمجيحاته* وهكذة 
الصفوة المختارة من عباده يرفع من شأن هذه الصفوة - من 
البشر- حتى ليبادلون ربهم الرضىء وهو ربهم الأعلى» وهم عبيده 
المخلوقون» وهو حال وشأنٌ وجوٌ لا تملك الألفاظ البشرية أن تعبر 
عنه» ولكن يُتنسم ويُستشرف ويُستجلى من خلال النص القراني 
بالروح المتطلع والقلب المتفتح والحس الموصول. 

ذلك حالهم الدائم مع ربهم ([رَضِىَاَئَهُ عَنُْمَ وَرَضُواْعَنَهُ 1 وهناك 
تنتظرهم علامة هذا الرضى ١‏ داهم تت يمد نهر 
حتفا دلِكَ الْمودُ ليم ) » وأي فوز بعد هذا وذلك عظيه؟؟؟ " .)١(‏ 

ب - في ظلال قوله تعالى: !لَمَدَرَضِص أمَهعَنِ مؤي إذ 
متك عت لنَجَرَة ] يقول: ' وإنني لأحاول اليوم من وراء ألف 
وأربعمائة عام أن استشرف تلك اللحظة القدسية التي شهد فيها 
الوجود كله» ذلك التبليغ العلوي الكريم من الله العلي العظيم؛ 
إلى رسوله الأمين عن جماعة المؤمنين» أحاول أن استشرف 
صفحة الوجود في تلك اللحظة وضميره المكنون» وهو يتجاوب 


.١ 7265-11. في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
ضسسن‎ 








جميعه بالقول الإلهي الكريم» عن أولتك الرجال القائمين إذ ذاك 
في بقعة معينة في هذا الوجود.. وأحاول أن استشعر بالذات 


شيئاً من حال أولئك السعداء الذين يسمعون بآذانهم» أنهم هم؛ 
بأشخاصهم وأعيانهم يقول الله عنهم: لقد رضي الله عنهم؛ 
ويحدد المكان الذي كانوا فيه والهيئة التي كانوا عليها حين 
استحقوا هذا الرضى: (إد بعك تَحتَ النَّجَرَّهَ 1 يسمعون هذا من 
نبيهم الصادق المصدوق على لسان ربه العظيم الجليل.. 

يا لله! كيف تلقوا - أولئك السعداء - تلك اللحظة القدسية 
وذلك التبليغ الإلهي؟ التبليغ الذي يشير إلى كل أحد في ذات 
نفسه؛ ويقول له: أنت. أنت بذاتك» يبلغك الله» لقد رضي عنك؛ 
وأنت تبايع تحت الشجرة» وعلم ما في نفسكء فأنزل السكينة 

إن الواحد منا ليقرأ أو يسمع (انَهُوَخُالَدت ءَامَاْ 1 فيسعد» يقول 
في نفسه: ألست أطمع أن أكون داخلاً في هذا العموم؟ ويقرأ أو يسمع 
[إِدَّأمَهَمَمَالصَرَِ 1 فيسعد يقول في نفسه:» ألست أطمع أن أكون داخلاً 
في هذا العموم؟ ويقرأ أو يسمع إإِنَّاسَهَمَمَألصَرَِ 1 فيطمئن يقول في 
نفسه: ألست أرجو أن أكون من هولاء الصابرين؟ وأولئك الرجال» 


يسمعون ويبلغون» واحداً واحداء أن الله يقصده بعينه وبذاته ويبلغه: لقد 


١7 





رضى عنه! وعلم ما في نفسه» ورضي عما في نفسه! يا لله! إنه أمر 
مهول! .)1١("‏ 


2 ني م جوع لل د‎ 0 52 2 ٠. 


حِرْبُأَسَّهِ 1 [سورة المجادلة:17] . يقول: " وهذه صورة وضيئة 
مطمئنة» ترسم حالة المؤمنين هؤلاء في مقام عالٍ رفيع؛ وفي 
جو راض وديعء ربهم راض عنهم» وهم راضون عن ربهم» 
انقطعوا عن كل شيء ووصلوا أنفسهم به» فتقبلهم في كنفه؛ 
وأفسح لهم جنابه» وأشعرهم برضاه؛ فرضواء رضيت نفوسهم هذا 
القرب وأنست به واطمأنت إليه.. " ("). 

د- في ظلال قوله تعالى: [يَسِىَلَهُ عَنْيمْ وَيَصُواعَنَه َِكَ لِمَنْ 
ري ١‏ إشروة اليف ] #يقول :"هذا الرصى من الله وشو أعلى 
وأندى من كل نعيم» وهذا الرضا في نفوسهم عن ربهمء الرضا 
عن قدره فيهم؛ والرضا عن إنعامه عليهم؛ والرضا بهذه الصلة 
بينه وبينهم الرضا الذي يغمر النفس بالهدوء والطمأنينة والفرح 
الكالضن الع 


. 3355-9958 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. في ظلال القرآن 5/ 16ه5”‎ )١( 
0) 








إنه تعبير يلقي ظلاله بذاته» ١ِبَضىَمَهُ‏ عَنْبمْ وَرَسُواعَنَة ) حيث 
يعجز أي تعبير آخر عن إلقاء مثل هذه الظلال! " 8ن 
وهناك نصوص آخر لا يسع المجال لها هناء يثبت فيها 


سيد - رحمه الله - صفة الرضا لله سبحانه وتعالى على الوجه 
الذي يليق به سبحانه ('). 

ثالثاً: صفة الود: 

يثبت - سيد - صفة الود لله سبحانه وتعالى» ومن 
النصوص في ذلك: 

1 > :قن بظثلال قول الله تعالى: [إن الديرت ءاميوا وعهلوا 
أَلصَّلِلِحَتِ سَمَجَعَلُ هم ليحن ودا) [سورة مريم:15] . يقول: " وللتعبير 
بالود في هذا الجو نداوة رخية تمس القلوب» ورَثوح رضى 
يلمس النفوس» وهو ود يشيع في الملا الأعلى» ثم يفيض على 
الأرض والناس» فيمتلئ به الكون كله ويفيض جاء في الحديث 
أن النبي يِ قال: " إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: يا 
جبريل إني أحب فلاناً فأحبه؛ قال: فيحبه جبريل» ثم ينادي في 
أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه» قال: فيحبه أهل السماء؛ 
ثم يوضع له القبول في الأرضء وإن الله إذا أبغض عبداً دعا 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 59176 . 


.١١١5 2447/5 25م‎ 2 514 /١ ينظر :في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








جبريل فقال: يا جبريل إني أبغض فلاناً فابغضه» قال فيبغضه 

جبريل» ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً 

فأبغضوه؛ قال فيبغضه أهل السماء» ثم يوضع له البغضاء في 
»)١١ 1‏ 02 


ب - في ظلال قوله تعالى: ( وَهْوَالعفور الودوة 1 [سورة 
البروج:؛ ]١‏ » يقول: " والمغفرة تتصل بقوله من قبل (مَلَرَبيونوَا ) 
فهي من الرحمة والفضل الفائض بلا حدود ولا قيودء وهي الباب 
المفتوح الذي لا يغلق في وجه عائد تائب» ولو عظم الذنب 
وكبرت المعصية.. 

أما الود.. فيتصل بموقف المؤمنين» الذين اختاروا ربهم 
على كل شيء» وهو الإيناس اللطيف الحلو الكريم.. حين يرفع 
الله عباده الذين يؤثرونه ويحبونه إلى مرتبة» يتحرج القلم من 
وصفها لولا أن فضل الله يجود بها. 

مرتبة الصداقة.. الصداقة بين الرب والعبد.. ودرجة الود 
من الله لأودائه وأحبابه المقربين.. فماذا تكون الحياة التي ضحوا 
بها وهي ذاهبة؟ وماذا يكون العذاب الذي احتملوه وهو موقوت؟ 





)١(‏ رواه : البخاري في بدء الوحي باب ذكر الملائكة ١١75/9‏ برقم 7307017 » ومسلم 


في البر والصلة 6١١/5‏ ابرقم 7751107. 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 373757١‏ . 
١‏ 





اذا ايكون هة|:إلن:جانب:قظرة من هذا الود :الخلو؟ وآلى جانب 
لمتسةافرة: ةلفان العسيب؟. 


إن عبيداً من رقيق هذه الأرضء عبيد الواحد من البشرء 
ليلقون بأنفسهم إلى التهلكة لكلمة تشجيع تصدر من فمه؛ أو 
لمحة رضا تبدو في وجهه» وهو عبد وهم عبيد.. فكيف بعباد 
الله. الذين يؤنسهم الله بوده لكريم الجليل» الله (دُو الْمرْشٍ اليد ) 
العالي المهيمن الماجد الكريم؟ آلا هانت الحياة» وهان الألم؛ 
وهان العذاب» وهان كل غال عزيز» في سبيل لمحة رضى 
يجود بها المولى الودود ذو العرش المجيد " .)١(‏ 

رابعاً: صفة الخلة: 

وهي كمال المحبة المستغرقة للمحب؛ وهي أخص من 
للق المحية (0): قال اشاتعالى: و21 متهي خلدلك ١)‏ [سورة 
النساء:5١١]‏ وقال يك: " إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ 
إبراهيم خليلاً " (')» ففي هذين النصين إثبات الخلة لله تعالى؛ 
0 ا ل ل 


. في ظلال القرآن » 5/ ه/ام3‎ )١( 
.595 انظر : شرح العقيدة الطحاوية‎ )١( 
واللفظ له‎ 577/١١ ء وأبي شيبة في المصنف‎ 71١8 برقم‎ ١579/54 رواه : مسلم‎ )'( 


١75 








بمشيئته» وهو موصوف بها على الوجه الذي يليق به من غير 
تكييف ولا تشبيه» كما هو منهج أهل السنة والجماعة في هذا 


الناك7): 
وقد أنكرها الجهمية»؛ وتأولها المتكلمون بالنصرة والمعاونة 
ونحوها 20 


أما سيد - رحمه الله - فيقف في ظلال الآية السابقة: ( 
وكاو وق كك فاقلا "لهاع هذا النصن ره "ولام زهولاء 
إلى العمل» والعمل وحده؛ ويرد الناس كلهم إلى ميزان واحد» هو 
إسلام الوجه لله - مع الإحسان - واتباع ملة إبراهيم وهي 
الإسلام - إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً " (). 

فهو يجريها على ظاهرهاء مقرراً أن الله اتخذ إبراهيم 





وهذه الصفات الأربع أيضاً من صفات الله الفعلية الثابتة 
بنصوص الكتاب والسنة الصحيحة. وهي عند أهل السنة 


)١(‏ انظر : شرح العقيدة الطحاوية ص 555 » وشرح الواسطية لابن عثيمين /١‏ /؟7. 
)١(‏ انظر: أساس التقديس للرازي » وأصول الدين للبغدادي ص 8١/179‏ 
(") في ظلال القرآن ؟/ 7557. 

١ 








والجماعة صفات حقيقية على ما يليق به» لا تشبه ما يتصف 
به المخلوق من ذلكء ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق .)١(‏ 

وتأولها المخالفون بأنها إرادة إيصال العذاب والعقوبة لمن 
فصيات3), 


قطب: وموقف سيد قطب - رحمه الله - من هذه الصفات أنه 
يقرها على ظاهرها في ظلال الآيات التي جاء فيها ذكر الكره 
والغضب والسخط والمقت» ويصرح في مواطن عديدة بأن الله 
يكره من يستحق الكره» 

- ففي ظلال قول الله تعالى: (إنَّ أله لا يحت مَْكانَ حَوَانًا 
ما ) [سورة النساء:7١٠]‏ يقول: ' حيث يكرههم الله ويعاقبهم 
بما أثموا "© " وقد كرههم الله للإثم والخيانة ‏ ' وهم يزورون من 
القول وما لا يرضأه.. ل" 

-ويقول أيضاً:" لذلك كله كر الله للجماعة المسلمة أن 
تشيع فيها قالة السوء.. » " ويربط الأمر في النهاية بالله؛ بعد ما 


)١(‏ انظر : عقيدة السلف أصحاب الحديث للإمام الصابوني ص 78 ٠‏ وشرح الواسطية 
لهراس ص 3١57‏ . 
)١(‏ انظر : أساس التقديس للراني ص ١‏ » وأصول الدين للبغدادي ص 9/ا- 2١‏ . 
(؟) في ظلال القرآن ”/ 755 . 

١7 








ربطه في البداية بحب الله وكرهه " ('2)» " من أجل هذا كله يكره 


الله الخائنين ويكره الله الخيانة " (')» " ومن ثم فهم مكروهون من 
الله لاستكبارهم" 2020 ' وأنه يكره المعتدين ' (5). " إنما هو فضل 
الله ورحمته بالمؤمنين» وكراهيته سبحانه للكافرين " (0). 

'" ثم يعاتب الله الذين آمنوا عتاباً شديداً على أمر حدث 
من طائفة منهمء أمر يكرهه الله أشد الكره» ويمقته أكبر المقت» 
ويستفظعه من الذين أمنوا على وجه الخصوصء ( حر مَقَنَا 
نَأ أن تَمُو وما لاتوت " (1). 

- ويقول أيضآ في صفة السخط: ' وهم الذين كرهوا 
رضوان الله فلم يعملوا له» بل عملوا ما يسخط الله ويغضبه " 
(0) " التعامل أولاً هو تعامل مع الله؛ يلحظ فيه جناب الله؛ 
ويتجنب به سخطه ويطلب به رضاه " (5). 


.95 المصدر السابق ؟/‎ )١( 

(؟) المصدر السابق ؟/ .١5557‏ 

(؟) المصدر السابق 5/ 5١51‏ 

(:) المصدر السابق 5/ 55578 

(5) المصدر السابق 5/ 70/0/79 . 

(5) المصدر السابق 5/ ١هه"؟‏ 

(0) المصدر السابق 5/ 55938 . 

(8) المصدر السابق 4١6 /١‏ وينظر أيضاً 505/١‏ . 
10 








- ويقول في صفة المقت: و- صفة الخيلاء- حركة 
كريهة يمقتها الله ويمقتها الخلق» وهي تعبير عن شعورٍ مريض 
بالذات» يتنفس في مشية الخيلاء" وأن الله لا يحب كل مختال 


200 1 0 
- وفي ظلال قوله تعالى: (إِنَ أل تككَرُوا يَادَوَْ لْمَقَثُ 
أله أ كي من د أنَسَْنَِكُمَ ) [سورة غافر:١٠]‏ يقول: " والمقت: 
أشد الكره» وهم ينادون من كل جانب» إن مقت الله لكم يوم كنتم 
تدعون إلى الإيمان فتكفرون أشد من مقتكم لأنفسكم؛ وأنتم 
تطلعون اليوم على ما قادتكم إليه من شر ونكر.. "(). 
- وعن صفة الغضب يقرر هذه الصفة لله سبحانه» في 
- يقول سيد: "غير المغضوب عليهم: أي الذين غضب 
الله عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه'0"). ' فعادوا - أي 
اليهود في هذا الظلم بغضب على غضب " (5)؛ " ورجعوا من 
رحلتهم يحملون هذا الغضب " (©). 
)١(‏ في ظلال القرآن ©/ 7”٠1/7‏ . 
(؟) المصدر السابق 75/١‏ . 
(4:) المصدر السابق /١‏ 1 
)5( 


ه) المصدر السابق /١‏ 549. 
6 








' وقصة لعنة الله لهم وغضبه عليهم واردة في مواضع 
0 م00 ل ١‏ 
تح من القراة: الكريي 00:1 


ذلك العقاب: غضب من الله» ومأواه في جهنم '" (")؛ " إنه 
العذاب الذي لا دافع له وغضب الله المصاحب له " (). 

وفي مواضع كثيرة من القرآن يذكر الله تعالى أنه لا يحب 
أضتافاً من النامن وأعمالاً»:وسيد يمره على ظاهن»:من ذلك 


إخباره بأنه سبحانه: (لَايْحِتُ الثشتيب ). (وَمَه لابيِثْ الْمنْيِديَ 


1 مد لا ثالقَنَ ٠1‏ (لاحث الْمُسرذيت ٠4‏ إَِنَه لا يب الْمَرِحِينَ 
عرو و مادو الك وتهو ذلك 150 


ويقول: " والتعبير القرآني يقول: إن الله " لا يحب" هؤلاء؛ 
واه سنيكانة 9 ينفملن اتتجالن القرودة و تكح إنضا النقضبوة ها 


/5 .001/8 هلاء ؟/‎ /١ المصدر السابق ؟/ 375 » وينظر أيضاً المواضع الآتية‎ )١( 
. 7 

. 7١95 وينظر أيضاً‎ » ١480/7” المصدر السابق‎ )١( 

(؟) المصدر السابق ؟/ ١3١١‏ . 





(:) المصدر السابق .2١88/١‏ ه55تء كاك للاك, 5.ق. 445 2 5"( 5هللء 


058 ؟ ال /ا55"١‏ ,2 11 56 


١١ 





يصاحب هذا الانفعال في مألوف البشر من الطرد والأذى 
ووم لخر 01 


الفرع الخامس: صفة المعية والقرب: 

ورد في الكتاب والسنة وصف الله تعالى بأنه مع عباده 
عموماً» ومع بعضهم خصوصاً وقريب منهم؛ وبناءً على تلك 
النصوص فقد قسم السلف المعية إلى معيتن: 

١‏ - معية عامة: وهي لكل الخلق» تشمل كل أحد من 
مؤمن وكافر وبر وفاجر»ء وتستلزم الإحاطة بالخلق علماً وقدرة: 
وسمعاً؛ وبصراً وسلطاناً وغير ذلك من معاني ربوبيته سبحانه 
ودليلها قوله تعالى: ([وَهْوَمَعكْ أيْنَماَكُمُمَ 1 [سورة الحديد:؛] » وقوله: 
[وَهْوَمَعَهُمَ إِد يبَِمُوتَمَا ابرض من ألْقوَنِ 1 [سورة النساء:8١٠]‏ وقوله 
تعالى: إمَايحُوثٌ ين خوك تَلََةٍ إِلَّا هْوٌ رهم وَلَا حمْسَةٍ إلا هْوَسَادُِهُمْ 
وله أَدنمن كلك ولا اك إلا هو متهن أن مَاكاثأ 1 [سورة المجائلة:/] , 

وصفة المعية العامة من صفات الذات» لأن الله لم يزل 
ولا يزال محيطاً بالخلق علماً وقدرة وسلطاناً وغير ذلك من 
معاني الربوبية ('). 


. 55١ المصدر السابق ؟/‎ )١( 


(1) شرح الواسطية لابن عثيمين /١‏ 40 . 
١55‏ 








؟ - معبة خاصة: وهي قسمان: 


أ - مقيدة بشخص معين: كقوله تعالى: (ِإد يَعُولُ لِصَيِو- 
لَاخَحَرَنْ ته أله مَعََا ) [سورة التوبة ]4٠‏ وقوله تعالى لموسى 
وهارون: (إِنَنى مَمَكُما أَسْمَعٌ وأو ) [سورة طه:؟؟] . 

ب - مقيدة بوصف: كقوله تعالى: ( إِنَنَه معَألذِينَ سوا 
يس هم تُحْسِمُت ) [سورة النحل:١١]‏ ونحوها والمعية الخاصة 
بنوعيها تستلزم ما تستلزمه المعية العامة من الإحاطة بالخلق 
علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وغير ذلك» وتستلزم مع ذلك 
أيضا النضنن والتأبية. 

وهي من الصفات الفعلية لأنها تابعة لمشيئته سبحانه 
وكل صفة مقرونة بسبب فهي من الفيفات القعلية 2017 

وأما صفة القرب فلم تثبت إلا خاصة» بخلاف المعية 
انها :تكو غامة وخاضة كما سيق (0). 





2-١‏ الجهمية ومن وافقهم من الحلولية يقولون: بأن 
الا ضبالين تيين على فرقهه في الماع دل هن فى كل كان 
بذاك بق بانة المعية 07 


. 507/١ شرح الواسطية لابن عثيمين‎ )١( 
. 415 /5 مجموع فتاوى ابن تيمية‎ )١( 
١ 








؟ - أما أهل السنة والجماعة فهم فريقان: 
الفريق الأول: يفسر المعية بلازمهاء فيقول أنها كناية عن 
العلم وعن السمع والبصر والقدرة وما أشبه ذلك (2). 
الفريق الثاني: يقولون هي على حقيقتها لكنها معية تليق 
بالله خاصة به» فليست كميعة الإنسان للإنسان» فمعية الله ثابتة 
له وهو في علوه؛ ويضربون لذلك مثلاً بالقمر» فهو في السماء 
وهو مع المسافر وغيره أينما كانوا بظهوره واتصال نوره» فإذا 
جاز هذا للقمر وهو من أصغر المخلوقات»ء أفلا يجوز بالنسبة 
إلى اللطيف الخبير الذي أحاط بعباده علماً وقدرة. 
وقولهم بأن معية الله حق على حقيقتهاء لا يقتضصي 
الممازجة ولا المخالطة» فإن الله تعالى بائن من مخلوقاته» وهم 
بائنون منه» وعلوه -عزٌ وجل -لا يناقض معيته؛ ومعيته لا 
تبطل علوه؛ بل كلاهما حق» ولذلك جمع بينهما في آية واحدة 
فقال: (هْوَ َك حَقَ اتوت وَالارْصَ فى سِنَةَِآرِ ّاستوى عَلَ الور يما 
لح ف الَْرْضِ وَمَِكيحُ نه وَمَايزِلُ ين اّمل ومَايمرجُ فيب وشو مك يمحم واه 





)1( انظر : الرد على الجهمية للدارمي ص ١6-1‏ »والشريعة للآجري ص - 


. 58 


)١(‏ انظر : شرح أصول أهل السنة للألكائي / 4545- 455» وفتح الباري لابن حجر 


م ٠‏ وتفسير الطبري ٠ /١‏ » وتفسير ابن كثير 57285" ء وشرح الواسطية 


لابن عثيمين /١‏ مك 
١"‏ 





يَمَا عبد د ) النحورة الكيجده4] ,والاكن أستفائة: الخلمتاهر 
والباطن» وهما اسمان لعلوه وقربه» وقد جمع النبي يِه بين كون 
الله صاحباً في السفر وخليفة في الأهل في قوله 2: " اللهم 
أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ' (')»: فمعيته- 
سبحانه - وقربه لا ينافي علوه وفوقيته» فإنه سبحانه ليس كمثله 


شيء في جميع نعوته» وهو علي في دنوه» قريب في علوه ("). 
صفة المعية والقرب عند سيد قطب: 
من خلال استقراء كلام سيد حول الآيات التي جاء فيها 
ذكر المعية والقرب نجد أنه يثتبت هذه الصفة على حقيقتها 
ويثبت لوازمها أيضاً من العلم والإحاطة والنصر والتأييد 
ونحوهاء وفيما يلي مجموعة من النصوص: 
-١‏ في ظلال قوله تعالى: إإِدْ مَمّت طَأيِمَتَانِ مِنكُم أن تَفْسَلا 
َأصَدوفها لور أن عمنران:017] يفول" والشضن 


بت يضمن حقائق: أولها قَية حقيقة حضور الله - سبحانه - 





)١(‏ رواه مسلم في كتاب الحج ؛ باب ما يقول إذا ركب في سفر الحج 2798/7 برقم 


. ١3: 

)١(‏ ينظر في ذلك : كتاب التوحيد لابن منده ”/ ١١5‏ برقم ١7‏ » ومجموع فتاوى ابن 

تيمية ١57/9‏ . 5/ 455. ١٠25م‏ ومختصر الصواعق للموصلي ص 23370 

17» » وتفسير المنار ”/ ١510١57‏ » وشرح الواسطية لابن عثيمين 25٠5/١‏ 

وما بعدها » وشرح الواسطية » لهراس ص 5779 778. 
١7١5‏ 





معهمء وسمعة وعلمه بعل ما كان وما دار بينهم» وهي 
الحقيقة التي تحرص التربية القرآنية على استحضارها 
وتقريرها وتوكيدها وتعميقها في التصور الإسلامي» 
وهي الحقيقة الأساسية الكبيرة التي أقام عليها الإسلام 
منهجه التربوي.. 

وذاله شخ سكنية :لله صيرة #ويا لامر مو قف للد كنا هفده 


فيه من تشاور» والسرائر مكشوفة فيه لله» وهو يسمع ما تقوله 
الألسن ويعلم ما تهمس به الضمائر... 
ويكشف الله المخبوء.. لاستعادة الأحداث ولتصوير 
خلجات النفوسء واشعار أهلها حضور الله معهم؛ وعلمه 
بمكنونات ضمائرهم كما قال لهم: إوَأنَهُ سِيمٌ عَلِيِمٌ ) لتوكيد هذه 
الحقيقة وتعميقها في حسهم.. ا 
؟ - في ظلال قوله تعالى: [وَقَالَ أنه إن مَمَحَكُمَ لين أقمثم 
ألصحكؤء وَدَاتَدِكُمْ النَكَرةَ وَءَامَنَكُم حل 1 [سورة المائدة: ]١١‏ 
يقول: إإِنِ مَحَكُمَ )1 وهو وعد عظيم؛ فمن كان الله 
معه فلا شيء إذن ضده؛ ومهما يكن ضده من شيء 


فهو هباءء لا وجود - في الحقيقة - له ولا أثرء ومن 


. بتصرف يسير‎ 458-4517 /١ » في ظلال القرآن‎ )١( 
1 








كان الله معه فلن يضل طريقه فإن معية الله - 
سبحانه - تهديه كما أنها تكفيه؛ ومن كان الله معه 
فلن يقلق ولن يشقىء فإن قربه من الله يطمئنه ويسعده 
وعلى الجملة فمن كان الله معه فقد ضمن» وقد 
وصلء وما له من زيادة يستزيدها على هذا المقام 
الكريم. ولكن الله - سبحانه - لم يجعل معيته لهم 
دزافةا ول مهايا فول كرايدة لتخصبنة سه د عت 


أسبابها وشروطها عنده؛ إنما هو عقد.. فيه شرط 
0006 

"-في ظلال قوله تعالى: (إِدْ يو رَبْكَ إِلَ الْملهكةٍ أن معكم 
توا ليت ءَامرأ1 [سورة الأنفال:١١]‏ . يقول: ' إنه الأمر 
الهائل - إنها معية الله سبحانه للملائكة في المعركة.. 
هذا الأمر لا يجوز أن يشغلنا عنه أن نبحث: كيف 
اشتركت الملائكة؟ ولا كم قتيلاً قتلت؟.. إن حركة العصبة 
المسلمة في الأرض بهذا الدين أمر هائل عظيم؛ أمر 
يستحق معية الله لملائكته في المعركة " ('). 


. 851 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
. ١48/* في ظلال القرآن‎ )١( 


١١ /ا‎ 








ثم بين أننا نؤمن بالملائكة ووجودهم وأعمالهم كما أخبر 
اللهء ولكن لا نملك إدراك كيفية أعمالهم المذكورة» وأن البحث 
في تلك الكيفيات ليس من الجد الذي هو طابع العقيدة ولكنه 
من مباحث الفرق وعلم الكلام في العصور المتأخرة عندما فرغ 
الناس من الاهتمامات الإيجابية» ويقرر: " أن وقفه أمام الدلالة 
الهائلة لمعية الله سبحانه للملائكة في المعركة؛ واشتراك 
الملائكة فيها مع العصبة المسلمة لهي أنفع وأجدى " .)١(‏ 


4 -في تقديمه لسورة يونس يستعرض موضوع أياتها ومنها 
الآيات التي: " تصور حضور الله سبحانه وشهوده لكل ما 
يهم به البشر» وكل ما يزاولون من نية وعمل» مما يملا 
الحس البشري بالرهبة والروعة» كما يملؤه بالحذر واليقظة.. 
وذلك في مثل قوله تعالى: ( وَمَاتَكوْنٌ في سَأَنِوَمَائوْمِئهُ من قُرَانٍ 


و سسا 


وَلَاتكَمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلا حكن عكر سْبْودَاِذْ تُقِيصُونَ فِيه 1 آسورة 


2 .]1١:سنوي‎ 


' إن الشعور بالله على النحو الذي تصوره الآية.. شعور 


)1( المصدر السابق ع 89 ١‏ بتصرف : 
)١(‏ في ظلال القرآن "؟/ ١0/537‏ . 


١١ 








أمره وحاضرٌ شأنه» الله بكل عظمته» وبكل هيبته؛ وبكل جبروته؛ 
وبكل قوته؛ الله خالق هذا الكون وهو عليه هينٌء ومدبر هذا الكون 
ما جل منه وما هان... الله مع هذا المخلوق البشري الذرة التائهة 
في الفضاء لولا عناية الله تمسك بها وترعاها! إنه شعور رهيب» 
ولكنه كذلك شعور مؤنس مطمئنء إن هذه الذرة التائهة ليست 
متروكة بلا رعاية ولا معونة ولا ولاية إن الله معها " ('). 
ه-في ظلال قوله تعالى: ( ليح ينو مُدُووخ تنتخثواأ ند ألا ين 
استعسون انهم يحل مافير ورت وَمَايعْلُون إن عَلِيِميِدَاتِ ألصُدُورٍ 1 [إسورة 
هود:ه] يقول: ' من المؤثرات التي ترتجف لها القلوب ما 
يصوره السياق من حضور الله سبحانه؛ واطلاعه على ما 
يخفي البشر من ذوات الصدورء بينما هم غازرون لا 
يستشعرون حضوره سبحانه» ولا علمه المحيطهء ولا يحسون 
قهره للخلائق وإحاطته بها جميعاً ' ("). 
' ويصور القرآن هذا المعنى - في صورة مرهوبة - وهم 
في وضع خفي دقيق من أوضاعهم؛ حيث يأوون إلى فراشهم؛ 


زيخلون إلى أنفسهم» والليل الهمشاقي» وأخظيفهم لهو ساترة رسع 


. بتصرف يسير‎ 8٠١7 /" المصدر السابق‎ )١( 
.1858 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
لد‎ 








ذلك فالله معهم من وراء هذه الأستار حاضر ناظر قاهرء يعلم 
في هذه الخلوة ما يسرون وما يعلنون... .)١("‏ 

5-في ظلال قوله تعالى لموسى وهارون: # قَالَ لا 
تَحَاهَا إِنَّتِي مَعَكُمَا أُسْمَع وَأَرَى 4 ('). يقول " إنني 
معكما.. إنه القوي الجبار الكبير المتعالء إنه الله 


القاهر فوق عباده» إنه موجد الأكوان والحيوان والأفراد 
والأشياء بقوله: كن»ولا زيادة» نه معهماء وكان هذا 
الإجمال يكفي ولكنه يزيدهما طمأنينة» ولمساً بالحس 
للمعونة " أسمع وأرى " فما يكون فرعون؛ وما يملك 
وما يصنع حين يفرط أو يطغى؟ والله معهما يسمع 
ويرى؟ " (). 

لعي نول ترك على لموسى وهارون أيضاً: (6ك 
دما تايا إن مَك مُسْبَمعُونَ ؟ [سورة الشعراء:5١]‏ » يقول: 
لهي" انق انم فابنة فوة؟ زاب سلطا ؟ 
رأ اتفهانة ووعانة :واماك؟ واه متعيها وبع كل اسان 
في كل لحظة وفي كل مكانء» ولكن الصحبة 


)1( المصدر السابق / دهم -١‏ كهلما . 


. 55 سورة طه ء الاآية‎ )١( 
. 77:71 /4 في ظلال القرآن‎ )"( 








المقصودة هنا هي صحبة النصر والتأييد فهو يرسمها 
في صورة الاستماع الذي هو أشد درجات الحضور 
والانتباه» وهذا كناية عن دقة الرعاية وحضور 


المعونة»؛ وذلك على طريقة القرآن في التعبير 
بالتصوير " ('). 

-في ظلال قوله تعالى: (يَعَلدْمَايُ ف الارْضِ وَمَاِجُ ناوا 
لين التي وَمَانقع وه وشم 4 أن اكت وله با سبلن 
بصِيرُ 1 [سورة الحديد:؛] » يقول: 'وهم معكم أينما كنتم 
والله بما تعملون بصير " وهي كلمة على الحقيقة لا 
على الكناية والمجاز. فالله - سبحانه وتعالى - مع 
كل أحد؛ ومع كل شيء؛ في كل وقت؛ وفي كل 
مكان» مطلع على ما يعمل بصير بالعباد» وهي حقيقة 
هائلة حين يتمثلها القلب» حقيقة مذهلة من جانب» 
ومؤنسة من جانبء مذهلة بروعة الجلال» ومؤنسة 
بظلال القربى» وهي كفيلة وحدها حين يحسها القلب 
البشري على حقيقتها أن ترفعه وتطهره» وتدعه مشغولاً 
بها عن أعراض الأرضء كما تدعه في حذر دائم 


. 755٠0 /© في ظلال القرآن‎ )١( 


١١١ 








وخشية دائمة مع الحياء والتحرج من كل دنس ومن 
كل إننفاف ,)١(*‏ 

1-في ظلال قوله تعالى: ( كَلاتَهِئْواوتَدَعوَِلَ لس وَأَسْمٌ 
اللو وله مَعكم ولنِيَ ركه أَعَسَكَكْمٌ 1 [سورة محمد:5 ؟] يقول: 
' والله معكم؛ فلستم وحدكم إنكم في صحبة العلي 
الجبار القادر القاهر وهو لكم نصير حاضر معكمء 
يدافع عنكم فما يكون أعداؤكم هؤلاء والله معكم.. "(2). 
0-٠‏ ا في تعليقه على قصة المجادلة يقول:.. وهذا هو 
الشأن الذي أنزل الله فيه حكمه من فوق سبع 
سماوات.. (هَدْسعَ ُهَل اي يحدِلكَ في رَوْجِهَا) [إسورة 
المجادلة:١]‏ » فإذا الله حاضر هذا الشأن الفردي لامرأة 
من عامة المسلمين لا يشغله عن سماعه تدبير 
ملكوت السموات والأرض.. وإنه لأمر.. أن تشعر 
تحنَاغَة فق : النائن. أنخ اله فكذا معهاء حاكن شؤونياء 
جليلها وصغيرها.. وهو الله الكبير المتعال» العظيم 
الجليل» القهار المتكبرء الذي له ملك السماوات 
والأرض وهو الغني الحميد. 


54/١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7705/5 في ظلال القرآن‎ )١( 


حل 








وهو مطلع ذو إيقاع عجيب.. إنكما لم تكونا وحدكماء لقد 


كان الله معكماء وكان يسمع لكما إن الله سميع بصير» يسمع 


ويرى» هذا شأنه وهذه صورة منه في الحادث الذي كان الله 
ثالتكما فيه» وكلها إيقاعات ولمسات تهز القلوب.. " (١)؛‏ " وهي 
صورة تملأ القلب بوجود الله وقربه وعطفه ورعايته " ("). 

-١‏ وفي ظلال قوله تعالى: إمَايحُوتٌ من جو َلَمَةٍ إل 
هْوٌ وَابِْهُمَ وَلَا حمْسَةٍ إلا هُوسَادِسْهُمْ وَل أدَقَ من دَلِكَ وَلَآأك2 إِلَّا هْوَ مَعَهُرْ أن 
مَأكَاناْ 1 [سورة المجادلة:] » يقول: " وتلتقي صورة الرعاية والعناية 
بصورة الحرب والنكاية في علم الله واطلاعه» وشعوره وحضوره؛ 
فهو شاهد حاضر للعون والرعاية» وهو شاهد حاضر للحرب 
والنكاية» فليطمئن بحضوره وشهوده المؤمنون» ويحذر من 
حضوره وشهوده الكافرون. 

ويستطرد السياق... إلى رسم صورة حية من هذا الشهود 
تمس أوتار القلوب.. تبدأ الآية بتقرير علم الله الشامل لما في 
السماوات وما في الأرض على إطلاقه.. ثم تتدرج وتنحف 
وتقرب حتى تلمس ذوات المخاطبين وتمس قلوبهم بصورة من 
ذلك العلم الإلهمي تهز القلوب [مَايححُوبٌ من تَوَى تَلَكَة إلا هْوَ 


. بتصرف يسير‎ 5505 -75٠05/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
5” المصدر السابق 1م‎ (0 
١6+ 








رَابِعْهُمَ 4وهي حقيقة في ذاتهاء ولكنها تخرج في صورة لفظية 
عميقة التأثير» تترك القلوب وجلة ترتعش مرة وتأنس مرة؛ وهي 
مأخوذة بمحضر الله الجليل المأنوس حيثما اختلى ثلاثة تلفتوا 
ليشعروا بالله رابعهم» وحيثما اجتمع خمسة تلفتوا ليشعروا بالله 
سادسهم» وحيثما كان اثنان يتناجيان فالله هناك» وحيثما كانوا 
أكثر فالله هناكء إنها حالة لا يثبت لها قلب»ء ولا يقوى على 


مواجهتها إلا وهو يرتعش ويهتز وهو محضر مأنوس نعم؛ 


ولكنه كذلك جليل رهيب» محضر الله " وهو معهم أينما كانوا ثم 
ينبئهم بما عملوا يوم القيامة " وهذه لمسة أخرى ثرجف وثزلزل» 
إن مجرد حضور الله وسماعه أمر هائل» فكيف إذا كان لهذا 
الحضور والسماع ما بعده من حساب وعقاب؟ " .)١(‏ 

15-. “فى :ظلال قوله تتالي: 1 تيوه كد فض 
أنه إِدْ لَهْرَيَه الْآِنَ كَمَرُوا ان أنَين إِدْ هْمَا ف الْمَار إذ يفوا 
لمعيف تسوه 51 أنه كا اسيل ال سك كن عدي 
[سورة التوبة: ٠‏ 4] . 

يقول: ' إذ هما في الغار " والقوم على إثرهما يتعقبون؛» 
والصديق - رضي الله عنه- يجزع - لا على نفسه ولكن على 
صاحبه - أن يطلعوا عليهما فيخلصوا إلى صاحبه الحبيب» يقول 


. بتصرف‎ "5٠048 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١» 








له: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا - والرسول كَل - وقد 
أنزل الله سكينته على قلبه يهدئ من روعه ويطمئن من قلبه فيقول 
ند "يا أن يكن .نا حلتاف واقنيق: للد القيين 0077 

فهذه النصوص فيها الكفاية لبيان موقفه من إثبات صفة 
المعية والقرب لله تعالى» وهناك نصوص أخرى في ظلال 
الآيات التي أخبر سبحانه فيها أنه مع الصابرين والمتقين 
والمحسنين» يقرر فيها سيد - رحمه الله - معية الله لهم وتأييده 
وتثبيته» ويبين ما تلقيه تلك الآيات من ظلال وأنس فمن كان 
الله معه فهو المنصور بلا جدال» وما يضره كيد من يكيدون 
ومن يمكرون» وهذا هو الضمان كل الضمان (). 
الفرع السادس: صفة الرحمة: 

الرحمة صفة من صفات الله تعالى فهو (عَمُورُ نَحِمُ) [سورة 
يوسف:57] » وهي من صفات الذات» ويدل عليها اسم الرحمن» 
ومن صفات الفعل إذ يتجدد أفرادهاء فالله يرحم من يشاء من 





)1( رواه : البخاري في فضائل الصحابة باب مناقب المهاجرين ١‏ برقم 5 


ومسلم في فضائل الصحابة باب فضائل أبي بكر 578/5 ١‏ برقم 7١/١‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن ”/ .١655‏ 

(؟) ينظر في ذلك : في ظلال القرآن ,2١5149/9 2559560195١ 2157 /١‏ ”7هلء 
0/5 03. 


١" هه‎ 





عباده» ويعذب من يشاءء فتتعلق بها مشيئته وقدرته» ويدل عليها 
بهذا الاعتبار اسم " الرحيم " (١2)؛‏ فالله سبحانه وتعالى هو (يِننٍ 
كيو ) [سورة الفاتحة:؟] وهذه الصفة ثابتة بالكتاب والسنة واجماع 
السلفء؛ والنصوص الواردة في إثباتها لا تكاد تحصىء ' وكرر 
الله التمدح بالرحمة أكثر من خمسمائة مرة في القرآن الكريم؛ 
منها أكثر من مائة وستين باسم الرحمنء» وأكثر من مائتين مرة 
باسم الرحيم» وجمعهما للتأكيد مائة وست عشرة مرة '(2). 

قال تعالى ( كب عَلَ تَنْسِهِ أليَحْمَةَ ) [سورة الأنعام:١١]‏ » وقال( 
وَويُلك الْمَنٌ ذو أَليَحَمَةٍ ) [سورة الأنعام:١١]‏ وغيرها. 

ومن السنة قوله ي: " إن الله كتب كتاباً فهو عنده فوق 
العرش إن رحمتي غلبت غضبي ' (). 

وبناءً على هذه الأدلة وغيرها أثبت السلف هذه الصفة (5). 


. ١59 ٠ 8١ انظر :شرح الواسطية لهراس ص‎ )١( 

.١75ص مقتبس من إيثار الحق على الخلق , لابن الوزير ء‎ )١( 

(؟) رواه : البخاري في كتاب التوحيد باب قوله تعالى " ويحذركم الله نفسه 5595/5 
برقم 19594 وفي لفظ له (سبقت) برقم 7077 . 

(4) انظر : السنة لابن أبي عاصم :»770/١‏ وصحيح البخاري 1914/5 5» والتوحيد 
لابن منده 417/7» وشرح الواسطية لهراس ص :»١١8‏ ومختصر الصواعق لابن القيم 
ص 15 اوما بعدها » وشرح الواسطية لابن عثيمين 4/8/١‏ ” 

١ك‎ 








على الوجه الذي يليق كسائر صفاته وأنكرها المتكلمون 
وأولوها بلوازمهاء لأن الرحمة - كما يقولون - رقة تعتري القلب 
واللد كوه حت 07 


4.0 


الرحمة قسمان: 

رحمة عامة: تشمل جميع المخلوقات حتى الكفار» لأن 
لله قرن الرحمة مع العلم» في قوله تعالى: 

رَينَاوَسِيعَتَ كل نَىْءِ يَحَمَةٌ وَعِلَمًا 1 [سورة غافر :] ولكن 
زحمة اللداللكافن رحمة جسدية ذنيونة لا تقارق يرحمة المؤمة: 

ورحمة خاصة: بالمؤمنين وهي رحمة إيمانية دينية دنيوية 
أيضاً» كقوله سبحانه (مَكَادَ بالْمُؤْمِينَ بَحيمًا) [سورة الأحزاب:؟4] . 

صفة الرحمة عند سيد قطب: أما سيد قطب - 
رحمه الله - فقد وقف وقفات طويلة مع صفة الرحمة» استعرض 
فيها حقيقتها ومجالاتها ومظاهرها وآثارها في الحياة عموماً. 

:- في ظلال سورة الفاتحة يقول- رحمه الله‎ - ١ 
ووصفه - سبحانه - في البدء بالرحمن الرحيم» يستغرق كل‎ 
معاني الرحمة وحالاتهاء وهو المختص وحده باجتماع هاتين‎ 
الصفتين» كما أنه المختص وحده بصفة الرحمن» فمن الجائز‎ 


2555 انظر : أساس التقديس للرازي ص ؟ » ومختصر الصواعق لابن القيم ص‎ )١( 
8 ع مه"‎ / ١٠١ وفتح الباري لابن حجر / هدهل‎ 
١7 /اه‎ 








أن يوصف عبد من عباده بأنه رحيم» ولكن من الممتنتع من 
الناحية الإيمانية أن يوصف عبد من عباده بأنه رحمن» ومن 
باب أولى أن تجتمع له الصفتان» ومهما يختلف في معنى 
الصفتين: أيتهما تدل على مدى أوسع من الرحمة:» فهذا 
الاختلاف ليس مما يعنينا تقصيه في هذه الظلال» إنما تخلص 
منه إلى استغراق هاتين الصفتين مجتمعتين لكل معاني الرحمة 
وحالاتها ومجالاتها " .)١(‏ 

" فصفة " الرحمن الرحيم " تستغرق كل معاني الرحمة: 
وحالاتها ومجالاتهاء تتكرر في صلب السورة في آية مستقلة؛ 
لتؤكد السمة البارزة في تلك الربوبية الشاملة» ولتثبت قوائم 
الصلة الدائمة بين الرب ومربوبيه؛ والخالق ومخلوقاته» إنها 
صلة الرحمة والرعاية التي تستجيش الحمد والثناء إنها الصلة 
التي تقوم على الطمأنينة وتنبض ل فالحمد هو الاستجابة 
الفطرية لازحية الي (0), 

7 دوقي ظلال قوله تعالى: يد كَدَبوكَ فَثل ربكم و 
تَحمَةَ واسِعَةوَلَارَدُ بَأْسْهُه عن لْقَو م اَلْمْجَرِمِي ) [سورة الأنعام: 4 ]١‏ 


يقول: " فقل ربكم ذو رحمة واسعة بناءء وبمن كان مؤمنا من 


.377/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١١5م‎ 








عباده» وبغيرهم من خلقه» فرحمته - سبحانه - تسع المحسن 
والمسيء» وهو لا يعجل على من استحق العقاب؛ حلماً منه 
ورحمة» فإن بعضهم قد يتوب إلى الله» ولكن بأسه لا يرده عن 
المجرمين إلا حلمه؛ وهذا القول فيه من الأطماع في الرحمة 
بقدر ما فيه من الإرهاب بالبأس.. " ('). 

" - في ظلال قوله تعالى: [ كنب عَلَ َيِه أَليَحَمَةَ ) [سورة 
الأنعام:؟١]‏ يقول " وهو سبحانه المالك.. ولكنه فضلاً منه ومنةً 
كتب على نفسه الرحمة» كتبها بإرادته ومشيئته» لا يوجبها عليه 

والرحمة قاعدة قضائه في خلقه» ومعاملته لهم في الدنيا 
والآخرة؛ والاعتقاد بها يدخل في مقومات التصور الإسلامي؛ 
فرحمة الله بعباده هي الأصلء حتى في ابتلاثئه لهم أحياناً 
بالضراء ليعد طائفة منهم لحمل أمانته» بعد الخلوص والتجرد 
والاستعداد.. وليميز الخبيث من الطيب في الصف.. ليهلك من 
هلك عن بينة» ويحيا من حي عن بينة» والرحمة في هذا كله 
ظاهرة. 

على أن تلمس مواضع رحمة الله ومظاهرها يستغرق 
الأعمار والأجيال» فما من لحظة إلا وتغمر العباد فيها الرحمة؛ 


. 3756/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١8 








إنما ذكرنا الرحمة في الابتلاء بالضراءء لأن هذه هي التي قد 
تزيغ فيها القلوب والأبصارء ولن نحاول نحن أن نتقصى 
مواضع الرحمة الإلهية أو مظاهرهاء بل سنشير إشارة مجملة 
إلى شيء من ذلك. 

ولكن قبل ذلك يستوقف النظر في هذا النص وأمثاله 
تفضل الخالق المالك ذي السلطان القاهر فوق عباده - سبحانه 
- بأن جعل رحمته بعباده في هذه الصورة» مكتوبة عليه» كتبها 
هو على نفسه؛ وجعلها عهداً منه لعباده.. وهي حقيقة هائلة.. 

وتفضله - سبحانه - أيضاً» بإخبار عباده بما كتبه - 
سبحانه - على نفسه من رحمته؛ إن تدبر هذه الحقيقة - يدع 
القلب في عجب ودهشء وفي أنس ورؤح» لا تبلغ الكلمات أن 
تصور جوانبه وحواشيه.. فليس ذلك موكولاً إلى التعبير البشري» 
وان كان القلب مهيأ لتذوقه» لا لتعريفه! 

وتَمَثْل هذه الحقيقة في التصور الإسلامي يوضح جانباً 
من تصور حقيقة الألوهية وعلاقة العباد بها وهو تصور جميل 
مطمكن ودود لطيف..ورحمة الله تفيطن على عباده جميغاً؛ 
وتسعهم جميعاً وبها يقوم وجودهم» وتقوم حياتهم» وهي تتجلى 
في كل لحظة من لحظات الوجود» أو لحظات الحياة للكائنات» 


المرل 





فأما حياة البشر خاصة فلا نملك أن نتابعها في كل مواضعها 
ومظاهرهاء ولكننا نذكر منها لمحات في مجاليها الكبيرة. 

- إنها تتجلى ابتداءً في وجود البشر ذاته» ونشأتهم من 
حيث لا يعلمون» واعطائهم هذا الوجود الإنساني الكريم؛ بكل ما 
فيه من خصائص يتفضل بها الإنسان على كثير من العالمين. 

- وتتجلى في تسخير ما قدر الله أن يسخره للإنسان من 
قوى الكون وطاقاته» وفي الرزق أيضا.. 

-وتتحلى فين تعليم الله للإنسان بإعطائه الاستعداد 
للمعرفة؛ وتقدير التوافق بين استعداداته وايحاءات الكون 
ومعطياته. 

- وتتجلى في رعاية الله لهذا الخلق بعد استخلافه في 
الأرض» بإرسال الرسل بالهدى كلما نسي أو ضل وحلم الله 
عليه كلما لج في الضلالء وهو على الله هين» لكن رحمة الله 

- وتتجلى في تجاوز الله - سبحانه - عن سيئاته إذا 
عمل السوء بجهالة ثم تاب» وبكتابة الرحمن على نفسه ممثلة 
في المغفرة لمن أذنب ثم تاب. 

- وتتجلى في مجازاته عن السيئة بمثلهاء وعلى الحسنة 
بعشر أمثالهاء والمضاعفة بعد ذلك لمن يشاء ومحو السيئة 


١1١ 





بالحسنة.. فلا يبلغ أحد أن يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله 


برحمته حتى رسول الله كما قال عنه نفسه .)١(‏ 

والإقصار منا عن متابعة رحمة الله في مظاهرهاء وإعلان 
القصور والعَّي عنها هو أجدر وأولىء وإلا فما نحن ببالغين من 
ذلك شيئاً: 

إن لحظة واحدة يفتح الله فيها أبواب رحمته لقلب العبد 
المؤمن» فيتصل به ويعرفه» ويطمئن إليه - سبحانه -ويأمن في 
كنفه؛ ويستروح في ظله.. إن لحظة واحدة من هذه اللحظات 
لتعجز الطاقة البشرية عن تمليها واستجلائهاء فضلاً على 
وصفها والتعبير عنها. 

فلننظر كيف مثل رسول الله 4 لهذه الرحمة بما يقربها 
للقلوب شيئاً ما: 

- قال ي: لما قضى الله الخلق - وفي رواية: لما خلق 
الله الخلق - كتب في كتابٍ فهو عنده فوق العرش» إن رحمتي 
سبقت غضبي (0). 


26201312 505/7 رواه: البخاري في الرقاق باب القصد والمداومة 105/0" برقم‎ )١( 
25815 برقم‎ ١7١١/5 ومسلم في صفات المنافقين باب لن يدخل أحد الجنة بعمله‎ 
. واللفظ له‎ 7888117 

. 5311 سبق تخريجه ص‎ )١( 

0) 








- وقال يك: ' جعل الله الرحمة مائة جزء» فأمسك عنده 


تسعة وتسعين» وأنزل في الأرض جزءاً واحداً» فمن ذلك الجزء 
تتراحم الخلائق» حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن 
تعفوة 1011 
- وقال هَنهِ: 'إن لله مائة رحمة» فمنها رحمة يتراحم بها 

الخلق بينهم» وتسعة وتسعون ليوم القيامة'("). 

وهذا التمثيل النبوي الموحيء يقرب للإدراك البشري تصور 
رحمة الله تعالى» ذلك إذ ينظر إلى رحمة الأمهات بأطفالها في 
الخلائق الحية» ويتملاها ويتعجب لهاء والى رحمة القلوب 
البشرية بالطفولة والشيخوخة» والضعف والمرض» وبرحمة الطير 
والوحش بعضها ببعض - ومنها ما يدعو إلى الدهش والعجب 
- ثم يرى أن هذا كله من فيض رحمة واحدة من رحمات الله 
سبحانه. 

وكان رسول الله يه لا يني يعلم أصحابه ويذكرهم بهذه 
الرحمة الكبرى: 


)١(‏ رواه البخاري في كتاب الأدب باب رحمة الولد 7715/5 برقم 5575 »؛ ومسلم في 
التوبة باب سعة رحمة الله ١375/4‏ برقم 70757 واللفظ له . 

(؟) رواه : البخاري في الأدب باب رحمة الولد 7١15/0‏ برقم 5551 » ومسلم في 
التوبة ١/5/5‏ برقم 7755 . 


١17 








- ففي الحديث: أنه قدم على رسول الله يك بسبي» فإذا 
أمراةتيق التديى تسد هتدلب كديوا» :زة رجفت مدنييا في 
السبي» فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته» فقال 5: " أترون هذه 
المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: " لا والله وهي تقدر ألا 
تطرحه؛ قال يَك: " فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها " )١(‏ 


وكيف لاء وهذه المرأة إنما ترحم ولدهاء من فيض رحمة واحدة 
فز زتحمتالة: "الله الو انشعة. 

- ومن تعليم رسول الله ين لأصحابه هذه الحقيقة 
القرآنية» بهذا الأسلوب الموحيء كان ينتقل بهم خطوة أخرى؛ 
ليتخلقوا بخلق الله هذا في رحمته» ليتراحموا فيما بينهم» وليرحموا 
الأحياء جميعاً» ولتتذوق قلوبهم مذاق الرحمة وهم يتعاملون بهاء 
كما تذوقتها في معاملة الله لهم بها من قبل ومن الأحاديث في 
ذلك: 

- " الراحمون يرحمهم الله تعالى» ارحموا من في الأرض 
بإيكمك :من ف لبها 005 





)١(‏ رواه : البخاري في الجنائز باب الدعاء فضت برقم 207 ومسلم في الجنائز 


باب البكاء على الميت "٠/7‏ برقم 4717 . 
(؟) رواه : البخاري في التوحيد 7187/5 برقم 515١‏ واللفظ له . ومسلم في الأدب 

. 7515 برقم‎ ١ 7/4 
854 





- " لا يرحم الله من لا يرحم الناس " .)١(‏ 

- " لا تنزع الرحمة إلا من شقي ' (). 

- " من لا يرحم لا يرحم " 0')؛ قاله للأعرابي الذي رآه 
يقبل الحسن رضي الله عنه فقال: إن لي عشرة من الولد ما 

ولم يقف الرسول هَلهِ في تعليمه لأصحابه - رضوان الله 
عليهم- عند حد الرحمة بالناس» وقد علم أن رحمة ربه وسعت 
كل شيء» وأن المؤمنين مأمورون أن يتخلقوا بأخلاق الله وأن 
الإنسان لا يبلغ تمام إنسانيته إلاحين يرحم كل حي تخلقاً بخلق 
الله سبحانه» ومن ذلك قصة الرجل الذيسقى الكلببفغفر الله 
له(4). 


7757/5 وأبو داود في الأدب‎ »١37 برم‎ ١85/54 رواه الترمذي في البر و الصلة‎ )١( 
وحسنه الألباني‎ ١١95 وسنن أبي داود » دار الحديث حمص ط١ عام‎ »١147 برقم‎ 
. 300/١ في صحيح سنن الترمذي‎ 

(؟) رواه البخاري في الأدب باب رحمة البهائم 7١79/5‏ برقم 7317177 » ومسلم في 
الفضائل 557/54 ١‏ برقم 7714 . 

(؟) البخاري في الأدب » باب رحمة البهائم ١7١9/5‏ برقم 71737 » ومسلم في 
الفضائل 557/4 ١‏ برقم 7714 . 

(4) البخاري في الأدب 7١78/5‏ »برقم 5577, ومسلم في السلام باب فضل سقي 
البهائم ١ 5٠5/5‏ برقم 7745 . 

١ تا‎ 








- قصة المرأة البغي التي سقت الكلب فغفر لها .)١(‏ 
- نهيه يخ عن إحراق قرية النمل(). 
وهكذا علّم رسول الله يةِ أصحابه هدي القرآن ليتذوقوا 
رحمة الله من خلال مزاولتهم للرحمة؛ أليس إنما يتراحمون 
برحمة واحدة مخ رحفات للد الفحزوة" 29 
واستقرار هذه الحقيقة على هذا النحو يسكب في قلب 
المؤمن الطمأنينة إلى ربه - حتى وهو يمر بفترات الابتلاء 
بالضراء» التي تزيغ فيها القلوب والأبصار - فهو يستيقن أن 
الرحمة وراء كل لمحة» وكل حالة» وكل وضع وأن ربه لا 
يعرضه للابتلاء لأنه تخلى عنه؛ أو طرده من رحمته فإن الله لا 
يطرد من رحمته أحداً يرجوهاء إنما يطرد الناس أنفسهم من هذه 
الرحمن حين يكفرون بالله ويرفضون رحمته ويبعدون عنها!. 
وهذه الطمأنينة إلى رحمة الله تملأ القلب بالثبات والصبر 
وبالرجاء والأهل وبالهدوء والراحة فهو في كنف ودود» يستروح 
ظلاله؛ ما دام لا يُبعد عنه في الشرود! 


)١(‏ البخاري في الأنبياء ١779/7‏ برقم 378٠١‏ » ومسلم في السلام باب فضل سقي 
البهائم ١ 5١05/5‏ برقم 5١755‏ . 
)١(‏ البخاري في الجهاد ٠١995/*‏ برقم 7855 » ومسلم في السلام باب النهي عن قتل 
النمل ١5٠5/5‏ برقم 5١5١‏ . 
(") في ظلال القرآن ؟/ ٠١57-١١48‏ بتصرف . 
الا 








والشعور بهذه الحقيقة على هذا النحو يستجيش في حس 
المؤمن الحياء من الله؛ فإن الطمع في المغفرة والرحمة لا يجرئ 
على المعصية - إنما يستجيش الحياء من الله الغفور الرحيم؛ 
والقلب الذي تجرئه الرحمة على المعصية هو قلب لم يتذوق 
حلاوة الإيمان الحقيقية! لذلك لا أستطيع أن أفهم أو أسلم ما 
يجري على ألسنة بعض المتصوفة من أنهم يلجون في الذنب 
ليتذوقوا حلاوة الحلم؛ أو المغفرة أو الرحمة» إن هذا ليس منطق 
الفطرة السوية في مقابلة الرحمة الإلهية!. 

كذلك فإن الشعور بهذه الحقيقة على هذا النحو يؤثر تأثيراً 
قوياً في خلق المؤمن» وهو يعلم أنه مأمور أن يتخلق بأخلاق 
الله - سبحانه - وهو يرى نفسه مغموراً برحمة الله مع تقصيره 
وذنبه وخطأه فيعلمه ذلك كيف يرحمء وكيف يعفوء وكيف يغفر» 
كما رأينا في تعليم الرسول يي لأصحابه " .)١(‏ 

4 - في ظلال قوله تعالى ( ميم أسَهئَايين مِنْيَمَوَمَلا مُْمَيِكٌ 
لها وَمَابْصسِكَ قلا مر لله من بعد وهوَالْعَرير لَدَكمْ ) [سورة فاطر: "] يقول: " 
حين تستقر هذه الصورة في قلب بشري - فإنها تيأسه من مظنة 
كل رحمة في السماوات والأرضء» وتصله برحمة الله» وتوصد 


أمامه كل باب في السماوات والأرضء وتفتح أمامه باب الله... 


. ١٠١5 / المصدر السابق‎ )١( 
١”61/ 








ورحمة الله تتمثل في مظاهر لا يحصيها العد؛» ويعجز 
الإنسان عن مجرد ملاحقتها وتسجيلها في ذات نفسه وتكوينه؛ 
وتكريمه بما كرمه؛ وفيما سخر له من حوله ومن فوقه ومن 
تحته» وفيما أنعم به عليه مما يعلمه ومما لا يعلمه وهو كثير. 
ورحمة الله تتمثل في الممنوح» ويجدها من يفتحها الله له 
في كل شيء» وفي كل وضع» وفي كل حال» وفي كل مكان» 
يجدها في نفسه» وفي مشاعره» وفيما حوله وحيثما كان» وكيفما 
كان» ولو فقد كل شيء مما يَعْد الناسٌ فقده هو الحرمان» 
ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء» وفي كل وضع وفي 
كل حالٍ وفي كل مكانء ولو وجد كل شيء مما يَعْده الناس 
علامة الوجدان والرضوان!. 
- وما من نعمة - يمسك الله معها رحمته - حتى تنقلب هي 
بذاته نقمة. 
- وما من محنه - تحفها رحمة الله - حتى تكون هي بذاتها 
نعمة. 
خوقاي ليواي علي لدتو فحت فيه يفده الو 3 ]ذفن ميان" 
وينام على الحرير-وقد أمسكت عنه- 
فإذا هو شوك القتاد. 


١1 





- يعالج أعسر الأمور - برحمة الله - فإذا هي هوادة 
ويسرء ويعالج أيسر الأمور- وقد تخلت رحمة الله - فإذا هي 


مشقة وعسر. 

- يخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام؛ 
ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة بوار. 

- ولا ضيق مع رحمة الله» إنما الضيق في إمساكها دون 
سواه» لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السحن أو في 
جحيم العذاب» أو في شعاب الهلاك» ولا سعة مع إمساكها ولو 
تقلب الإنسان في أعطاف النعيم» وفي واقع الرخاء. 

- فمن داخل النفس برحمة الله تنفجر ينابيع السعادة 
والرضى والطمأنينة» ومن داخل النفس مع إمساكها تدب عقارب 
القلق والتعب والنصب والكدر والمعاناة. 

- هذا الباب وحده يفتح وتغلق جميع الأبواب.. فلا عليك 
هو الفرج والفسحة واليسر والرخاء وهذا الباب وحده يغلق وتفتح 
جميع الأبواب.. فما هو بنافع» وهو الضيق والكرب والشدة 
والقلق. 

- هذا الفيض يفتح» ثم يضيق الرزق.. والسكن.. والعيش.. 
وتخشن الحياة» ويشوك المضجع فلا عيكء فهو الرخاء والراحة 
والطمأنينة والسعادة. 


١48 





وهذا الفيض يمسكء ثم يفيض الرزق» ويقبل كل شيء فلا 
جدوى» إنما هو الضنك والحرج والشقاوة. 

- المال والولد والصحة والقوة والجاه والسلطان» تصبح 
مصادر قلق وتعب ونكد إذا أمسكت عنها رحمة الله» فإذا فتح 
الله أبواب رحمتهء كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان. 

- يبسط الله الرزق - مع رحمته - فإذا هو متاع طيب 


ورخاء» ورغد في الدنيا وزاد في الآخرة» ويمسك رحمته فإذا هو 
مثار قلق وخوف» وحسد وبغض.. وقد يكون معه التلف بإفراط 
واستهتار. 

يمنت الله الازية ضمغ رسفت فنا مني 'زينة في 
الحياة ومصدر فرح واستمتاع ومضاعفة للأجر في الآخرة 
بالخلف الصالح الذي يذكر الله» ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء 
ونكد وعنت وشقاء.. 

عيونت اله الصففة والقوة افع ريدب فإذا عي نهنة 
وحياة طيبة ويمسك نعمته فإذا هي بلاء. 

- يعطي الله السلطان والجاه - مع رحمته - فإذا هي أداة 
إصلاح» ومصدر أمن» وادخار الطيب من العمل؛ ويمسك الله 
رحمته فإذا بهما مصدر قلق وطغيان وبغي ومثار حقد» ورصيد 


من النار.. 


١ 





- العلم الغزير والعمر الطويل والمقام الطيب» كلها تتغير 
وتتبدل من حال إلى حال مع الإمساك ومع الإرسال.. 
والجماعات كالآحادء والأمم كالأفراد» في كل أمر.. ووضع.. 
وحال.. 


- ومن رحمة الله أن تحس برحمة الله! فرحمة الله تضمك 


وتغمرك وتفيض عليكء ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة» 
ورجاؤك فيها وتطلعك إليها.. وثقتك بها وتوقعها في كل أمر هو 
الزبكية 

- والعذاب هو: العذاب في احتجابك عنها أو يأسك منها 
أو شكك فيهاء وهو عذاب لآ يصبّه الله على مؤمن أبداً. 

- رحمة الله لا تعر على طالب في أي مكان ولا في أي 
حال. 

- وجدها إبراهيم - عليه السلام - في النار - ووجدها 
يوسف -عليه السلام -في الجب والسجن - ووجدها يونس - 
عليه النلااةت في طن )اعونت قن الماك ال 

- ووجدها موسى - عليه السلام - في اليم وهو طفل 
مجرد من كل قوة وحراسة» كما وجدها في قصر فرعون وهو 


١١ ا/١‎ 





- وجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في 


القصور والدور» فقال بعضهم لبعض !تَأوَِكَ آلْكَهْفٍ يَشْرَكةٌْ 
رَيكُم ين َحْمَيِو ) . 
- ووجدها رسول الله يَةْ وصاحبه في الغار والقوم 
يتعقبونهما ويقصون الآثار. 
- ووجدها كل من آوى إليه يأساً من كل ما سواهاء 
منقطعاً عن كل شبهة من قوة» وعن كل مظنة في رحمة؛ 
قاضيةا نات الله وحده دوق الأنوات. 
- ثم إنه متى فتح الله أبواب رحمته فلا ممسك لهاء 
ومتى أمسكها فلا مرسل لها. ومن ثم فلا مخافة من أحد ولا 
رجاء في أحد»ء ولا مخافة من شيء ولا رجاء في شيء. ولا 
خوف من فوت وسيلة ولا رجاء مع الوسيلة. 
أي طمأنينة؟ وأي قرار؟ وأي وضوح في التصورات 
والمشاعر والقيم والموازين تقره هذه الآية في الضمير؟!.. 
وهكذا أنشأ القرآن بمثل هذه الآية وهذه الصورة تلك الفئة 
العجيكة من البشن فى .ضبن الإسئلاة . القى كيدو الا (البيوم 
كالأحلام.. لأنها لم تكن تتعامل مع ألفاظ القرآن ومعانيه فقط 
بل كانت تتعامل مع الحقيقة التي تمثلها آيات القرآن وتعيش في 
واقعها بها ولها. 


١/1 





وما يزال هذا القرآن - قادراً على أن ينشئ بآياته تلك 


أفراداً وفئات تمحو وتثبت في الأرض - بإذن الله - ما يشاء 


الله. 

- ويبقى أن أتوجه أنا بالحمد لله على رحمة منه خاصة 
عرفتها منه في هذه الاية: 

لقد واجهتني هذه الآية في هذه اللحظة وأنا في عسر 
وجهد وضيق ومشقة واجهتني في لحظة جفاف روحيء وشقاء 


.. 


نفسى» وضيق بضائقة» وعسر من مشقة؛ واجهتنى فى ذات 
اللحظة؛ ويسر الله لي» أن أطلع منها على حقيقتهاء وأن تسكب 
حقيقتها في روحي» كأنما هي رحيق ارشفه واحس سريانه ودبيبه 
فى كيانى» حقيقة أذوقها لا معنى أدركه» فكانت رحمة بذاتهاء 
تقدم نفسها لي تفسيراً واقعياً لحقيقة الآية التي تفتحت لي تفتحها 
هذاء وقد قراتها من قبل كثيراء ومررت من قبل بها كثيراء ولكنها 
اللحظة تسكب رحيقها وتحقق معناهاء وتنزل بحقيقتها المجردة؛ 
وَتَقَوْل “فا كذ تموذكا مق رنحمة الدرهية يقتجياء“فان كيت 
تكون! 

- إنه لم يتغير شيء مما حولي» ولكن لقد تغير كل شيء 
في حسي! إنها نعمة ضخمة أن يتفتح القلب لحقيقة كبرى من 
حقائق هذا الوجود» كالحقيقة الكبرى التى تتضمنها هذه الآية نعمة 


١ 





يتذوقها الإنسان ويعيشهاء ولكنه قلما يقدر على تصويرهاء أو نقلها 
للآخرين عن طريق الكتابة» وقد عشتها وتذوقتها وعرفتهاء وتم هذا 
كله في أشد لحظات الضيق والجفاف التي مرت بي في حياتي 
وهاأنذا أجد الفرج والفرح والري والاسترواح والانطلاق من كل قيد 
ومن كل كرب ومن كل ضيق وأنا في مكاني! إنها رحمة الله يفتح 
الله بابها ويسكب فيضها في آية من آياته» آية من القران تفتح كوة 
من النور» وتفجر ينبوعاً من الرحمة» وتشق طريقاً ممهداً إلى 
الرضى والثقة والطمأنينة والراحة في ومضة عين وفي نبضة قلب 
وفي خفقت جنان» اللهم حمداً لك. الله منزل هذا القرآن هدى 
ورحمة للمؤمنين 00 

وبهذه الكلمات الرائعة والموقف الفريد اختم هذا الفصل 
الذي استعرضت فيه موقف سيد - رحمه الله - من توحيد 
الأسماء والصفات. راجياً لنا وله ولعموم المسلمين ١‏ لرحمة في 


الدنيا والآخرة.. إنه سميع مجيب. 


. بتصرف يسير‎ 531754 -175117١ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





اتتوكاقطيت ومنعجه في العقيدة 76 





١‏ 17 11 !1 87 ! ةا 


امفصسل الشالسث 
٠ .‏ اص 6 ٠‏ 
منهجه ني توحيد الالوهية 
وفيه ثلاثة مباحث: 
المبحث الأول: تعريف توحيد الألوهية ومكانته في 
الدين. 


المبحث الثاني: منهجه في تقرير توحيد الألوهية 
وابطال الشرك. 


المبحث الثالث: خصائص الألوهية ومجالاتها. 


١/5 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





المبحث الأول 


تعريف توحيد الألوهية ومكانته في الدين 

سبق معنا عند الحديث عن أنواع التوحيد وموقف سيد 
قطب منها: بيان مفهوم توحيد الألوهية والربوبية والعلاقة بينهما 
عند جمهور السلف وعند سيد قطبء وحقيقة الخلاف بينهما 
وسببه. ويمكننا هنا أن نشير إلى مفهوم الألوهية عند سيد قطب 
رحمه الله - كما يأتي: 

أولاً: تعريف توحيد الألوهية عند السلف: 
يقصد بتوحيد الألوهية عند جمهور أهل السنة والجماعة: توحيد 
الله - سبحانه وتعالى- بأفعال العبادء» بمعنى الإقرار بأن الله 
وحده هو الإله المستحق للعبادة دون سواه وهو معنى " ل إله 


إلا الله " أي لا معبود بحق إلا الله.. 


١/5 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وهذا النوع من التوحيد - توحيد الألوهية - هو الذي كان 
ينكره المشركون مع إقرارهم بتوحيد الربوبية وأن الله هو الخالق» 
والرب والمالك والمدبر كما حكى القرآن ذلك عنهم كثيراً :)١(‏ 





يرى سيد - تبعاً للمودودي: أن الألوهية مصطلح عام 
وشامل يندرج تحته مجالان: 

المفجال الأول“ تديين الله للكون .وما فية ومن فية» وتضدريفت 
الحياة فيه» وضبط النواميس والسنن التي تسيره - وهذا ما يسميه 
أهل السنة بالربوبية - 

المجال الثاني: مجال الحكم والتشريع للناس وتدبير أمورهم 
وإخضاعهم وتعبيدهم لله سبحانه وتعالى 

وهذا ما يسميه أهل السنة بالألوهية ويطلق عليه سيد قطب 
اسم ' الربوبية " ويجعله مظهراً ومجالاً من مجالات الألوهية 
العامة. 


» 58١ وفتح المنان للألوسي ص‎ » 75 /١ ينظر في ذلك : شرح الطحاوية‎ )١( 
٠١ص وشرح الواسطية لابن عثيمين‎ 


١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ويرى سيد أن المشركين كانوا منكرين لهذا النوع من 
التوحيد وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالحاكمية والتشريع 
والطاعة» ويظهر من خلال ما سبق 

١‏ أن سيداً - رحمه الله - يتفق مع جمهور أهل السنة 
والجماعة على حقيقة التوحيدء حيث يرى الجميع أن التوحيد 
مصطلح يشمل الإقرار بوجود الله ووحدانيته وأفعاله وصفاته؛ 
والتوجه إلى إليه وحده بالعبادة والطاعة في كل أمور الحياة: 
وان اختلف معهم في تسمية أقسام هذا التوحيد وأنواعه» لكن 
النتيجة العامة عند الجميع واحدة في حقيقتها. 

0-5 أن الجميع يقررون تلازم أنواع التوحيد وترابطهاء 
وأنه لابد من وجودها جميعاً حتى يكون مقبولاً عند الله تعالى؛ 
وأنه لا يقبل جزء دون أخر. 

" أن الجميع متفقون على أن توحيد الألوهية هو الأساس 
والغاية» والنتيجة والثمرة الذي لا يقبل الله إيمان أحد ولا عمله 
إلا أن يقرّ به» ويقصره على الله وحده لا شريك له سواء عند 
أهل السنة الذين يسمونه بتوحيد الألوهية» أو عند سيد الذي 
يسميه بالربوبية ويجعله مظهراً من مظاهر الألوهية العامة. 


١١7 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





: أن سيد قطب وقبله المودودي أيضا في بيانهم 
لمفهوم الألوهية والربوبية اعتمدا على بعض ما ورد في اللغة 
العربية من استعمال لمصطلح الربوبية في الملك والحاكمية 
والطاعة والسلطان والتشريع ونحوها. واستعمال الألوهية في 
التدبير والحاكمية والسلطان» والطاعة والعبادة :)١(‏ وكذا اعتمدا 
على بعض الآيات القرآنية التي ورد فيها لفظ الألوهية والربوبية 
بهذه المعاني (5): 

ثالثاً مكانة توحيد الألوهية في الديد 

توحيد الألوهية عند أهل السنة والجماعة هو الغاية 
العظمىء والمقصد الأساسي الذي من أجله خلق الله الخلق 
وأوجدهم في هذه الأرضء كما قال سبحانه وتعالى | وَمَا حَلَعَتُ 


ع وار قرو ) النرزة الذاريات:83] ١‏ 


)١(‏ انظر: لسان العرب :18/١7( » 7١/١(‏ » وفي ظلال القرآن في الميزان» د/ 
صلاح الخالدي ص .17١-١58‏ 

(؟) المصطلحات الأربعة للمودودي ص ١5١‏ وما بعدها » وفي ظلال القرآن » سيد 
قطب : (١‏ للك معطت الل كل 15/5 هال 
765 . 4/ 11514786١ء‏ وفي ظلال القرآن في الميزان» د/ صلاح الخالدي 
صه ١١‏ وما بعدها . 


١04 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وهو أيضاً الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب» فإن الله 
لم يبعث رسله وينزل كتبه إلا لتعريف خلقه به سبحانه 
واخلاص توحيده وافراده في العبادة قال سبحانه وتعالى ١‏ ولفد 
ىكل قرولا تك لتنذوأ لله لَب امت ) 
[سورة النحل ]"١‏ . 

كما أن توحيد الألوهية من أعظم الأصول التي قررها 
القرآن الكريم» وأكملها وأفضلهاء وألزمها لضلاح الإنسانية 
وجميع الآيات القرآنية إما أمر به» أو بحق من حقوقه أو نهى 


ل 


عن ضده؛ أو إقامة حجة عليه؛ أو بيان جزاء أهله في الدنيا 
والآخرة» أو الفرق بينهم وبين المشركين. 

كما أنه أول واجب على المكلف وآخر ما يخرج به 
الأشستان شن ...هذه الذننا .)١(‏ 

أما مكانة توحيد الألوهية والعبادة وأثاره في حياة 
البشرية عند سيد قطب فيمكن بيانه فيما يأتي 


)١(‏ ينظر ذلك : شرح العقيدة الطحاوية 77.7١‏ . 74 » 478 » والدر النضيد في 
إخلاص كلمة التوحيد للشوكاني دار الكتب العلمية ب.ت » ص "١ ,”٠‏ اء 
ومعارج القبول للحكمي دار ابن القيم - الدمام ط” عام 15١5١ه‏ 7/ 507 وما 
بعدها » 


١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





١‏ نزول القرآن الكريم لتقريره يقول سيد " إن القضية التي 
نزل الكتاب - القرآن الكريم - لتقريرها وتوكيدهاء هي قضية 
توحيد الله» وافراده بالعبادة» واخلاص الدين له وتنزيهه عن 
الشرك في كل صورة من صوره» والاتجاه إليه مباشرة بلا وسيط 
ولا شفيع " .)١(‏ 

كونه الغاية التي بعث من اجلها النبي يه يقول سيد " 
إن منهج النبي يك الذي يدعو إليه الناس كافة هو عبادة الله 
وحده واخلاص الدين له» وقيام الحياة على أساس هذا التوحيد. 
وتوحيد الله واخلاص الدين له ليس كلمة تقال باللسان» وانما هو 
منهاج حياة كاملة» يبدأ من تصور واعتقاد في الضمير» وينتهي 
إلى نظام يشمل حياة الفرد والجماعة " ('). 

" كونه مفرق الطريق بين الإسلام وما سواه يقول سيد 
'وهذا التوحيد الخالص الناصع وهو مفرق الطريق بين عقيدة 
المسلم وسائر العقائد؛ء سواء عقائد الملحدين والمشركين» أو 
عقائد أهل الكتاب المنحرفين؛ يهوداً أو نصارى على اختلاف 
مللهم ونحلهم جميعاً» كما أنه هو مفرق الطريق بين حياة المسلم 


. ”٠١95/© في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7١55/0 المصدر السابق‎ )١( 
2١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وحياة سائر أهل العقائد في الأرضء فالعقيدة هنا تحدد منهج 
الحياة ونظامها تحديداً كاملا دقيقاً " (')» وبالتالي ركز عليها 
القرآن الكريم كثيراً. 

: كونه قاعدة الإيمان يقول سيد " إن وحدة الألوهية هي 
القاعدة الكبيرة التي يقوم عليها التصور الإيماني فلم يكن هناك 
جدل حول الاعتقاد بوجود إله تختلف التصورات حول ذاته 
وصفاته وحول علاقاته بالخلق ولكنها لا تنفي وجوده» - ولم 
يقع أن نسيت الفطرة هذه الحقيقة» حقيقة وجود إله؛ إلا في هذه 
الأيام الأخيرة» حيث نبتت نابتة منقطعة عن أصل الحياة؛ 
منقطعة عن أصل الفطرة» تنكر وجود الله وهي نابتة شاذة لا 
جذور لها في أصل هذا الوجود» ومن ثم فمصيرها حتماً إلى 

ولذلك اتجه السياق القرآني دائماً إلى الحديث عن وحدة 
الألوهية» بوصفها التصحيح الضروري للتصور» والقاعدة 
الأساسية لإقامة هذا التصور.. ثم لإقامة سائر القواعد الأخلاقية 


, 35910 ,551/-5526/١ المصدر السابق‎ )١( 
حيدا‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





صد 


| سسا 


الألوهية في هذا الوجود ١‏ وَإكَهَيْ إِلَهُ ود لا إِلَهَ إلا هْوَ ). 

ومن وحدانية الألوهية التي يؤكدها هذا التأكيد» بشتى 
أساليب التوكيدء يتوحد المعبود الذي يتجه إليه الخلق بالعبودية 
والطاعة» وتتوحد الجهة التي يتلقى منها الخلق قواعد الأخلاق 
والسلوك» ويتوحد المصدر الذي يتلقى منه الخلق أصول الشرائع 
والقوانين» ويتوحد المنهج الذي يصرف حياة الخلق في كل 
طريق " .)١(‏ 





سيد " فهذه الوحدانية الحاسمة التي لا مجال فيها لأي انحراف أو 
لبس مما طرأ على الديانات السابقة - بعد الرسل - كعقيدة التثليث 
عند النصارى.. والأساطير عند الوثنيين.. هذه الوحدانية الحاسمة 
الناصعة هي القاعدة التي يقوم عليه التصور الإسلاميء والتي 
ينبئق منها منهج الإسلام للحياة كلهاء فمن هذا التصور ينشأ 
الاتجاه إلى الله وحده بالعبودية والعبادة» فلا يكون إنساناً عبداً إلا 
للهء ولا يتجه بالعبادة إلا لله ولا يلتزم بطاعة إلا طاعة الله وما 
يأمره به من الطاعات؛ وعن هذا التصور تنشأ قاعدة 


)١(‏ في ظلال القرآن ١57-1١651١ /١‏ بتصرف 
١1‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الحاكمية لله وحدهء فيكون الله وحده هو المشرع للعباد» 
ويجيء تشريع البشر مستمداً من شريعة الله» وعن هذا التصور 
تنشأ قاعدة استمداد القيم كلها من الله» فلا اعتبار لقيمة من قيم 
الحياة كلها إذا لم تقبل في ميزان الله؛ ولا شرعية لوضع أو تقليد 
أو تنظيم يخالف عن منهج الله» هكذا إلى أخر ما ينبئق عن 
الوحدانية من مشاعر في الضمير أو مناهج لحياة الناس في 
ركم لع الي 

5 كونه أساس صلاح واستقامة الحياة البشرية عمومآ 
وسبب للاستعلاء بالايمان 

يقول سيد ' إن توحيد الألوهية» وتوحيد الربوبية» وتوحيد 
القوامة» وتوحيد الحاكمية» وتوحيد مصدر الشريعة» وتوحيد منهج 
الحياة» وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس الدينونة الشاملة» إن 
هذا التوحيد هو الذي يستحق أن يرسل من أجله كل هؤلاء 
الرسل» وان تبذل في سبيله كل هذا الجهود» وان تحتمل لتحقيقه 
كل هذه العذابات والآلام على مدار الزمان.. لا لأن الله سبحانه 
وتعالى في حاجة إليه» فالله سبحانه وتعالى غني عن العالمين؛ 
ولكن لأن حياة البشر لا تصلح ولا تستقيم ولا ترتفع ولا تصبح 


١8 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


لائقة بالإنسان إلا بهذا التوحيد الذي لا حد له لتأثيره في الحياة 
البشرية في كل جوانبها على السواء " 

وقيمة حقيقة التوحيد في الحياة البشرية في كل جوانبها 
على السواء نبينها إجمالاً فيما يأتي 

ننظر ابتداء إلى أثر حقيقة التوحيد - على هذا النحو 
الشامل - في كيان الكائن الإنساني نفسه من ناحية وجوده 
الذاتي» وحاجته الفطرية» وتركيبة الإنساني» وأثرها في تصوره؛ 
وأثر هذا التصور في كيانه.. إن هذا التصور إذ يتناول الأمور 
على هذا النحو الشامل - لكل معاني الشمول - يخاطصب 
الكينونة البشرية بكل جوانبهاء وبكل أشواقهاء وبكل حاجاتهاء 
وبكل اتجاهاتهاء ويردها إلى جهة واحدة تتعامل معهاء جهة 
تطلب عندها كل شيء» وتتوجه إليها بكل شيء» جهة واحدة 
ترجوها وتخشاهاء وتتفي غضبهاء وتبتغي رضاهاء جهة واحدة 
تملك لها كل شيء؛ لأنها خالقة كل شيء»؛ ومالكة كل شيء؛ 
ومدبرة كل شيء. 

كذلك يرد الكينونة الإنسانية إلى مصدر واحد» تتلقى منه 
تصوراتها ومفاهيمهاء وقيمها وموازينها وشرائعها وقوانينهاء وتجد 


١/15 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





عنده إجابة عن كل سؤال يجيش فيها وهي تواجه الكون والحياة 
والإنسان» بكل ما يثيره كل منها من علامات الاستفهام. 

عندئذ تتجمع هذه الكينونة.. تتجمع شعوراً وسلوكاًء وتصوراً 
واستجابة» في شأن العقيدة والمنهج وشأن الاستمداد والتلقي؛ 
وشأن الحياة والموت؛ وشأن السعي والحركة» وشأن الصحة 
والرزق» وشأن الدنيا والآخرة» فلا تتفرق مزقاً» ولا تتجه إلى شتى 
السبل والآفاق» ولا تسلك شتى الطرق على غير اتفاق. 

والكينونة الإنسانية حين تتجمع على هذا النحو» تصبح 
في خير حالاتهاء لأنها تكون حينئذ في حالة " الوحدة " التي 
هي طابع الحقيقة في كل مجالاتها.. فالوحدة هي حقيقة الخالق 
سبحانه وتعالى الوحدة هي حقيقة هذا الكون على تنوع المظاهر 
والأشكال والأحوال» والوحدة هي حقيقة الحياة والأحياء على 
تنوع الأنواع والأجناس» والوحدة هي حقيقة الإنسان على تنوع 
الأفراد والاستعدادات» والوحدة هي غاية الوجود الإنساني وهي 
العبادة على تنوع مجالات العبادة وهيئاتهاء وهكذا حيثما بحث 
الإنسان عن الحقيقة في هذا الوجود. 

إن هذه الحقيقة ليست أهميتها فقط في تصحيح التصور 
الإيماني» وان كان هذا التصحيح في ذاته غاية ضخمة يقوم 


١5 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


عليها بناء الحياة كلهاء بل إن أهميتها كذلك في حسن تذوق 
الحياة» وبلوغ هذا التذوق أعلى درجات الكمال والتناسق. 

فقيمة الحياة الإنسانية ذاتها ترتفع حين تصبح كلها عبادة 
لله وحين يصبح كل نشاط فيها صغر أم كبر جزءاً من هذه 
العبادة» أو كل العبادة» متى نظرنا إلى المعنى الكبير الكامن 
فيه» وهو إفراد الله - سبحانه بالألوهية والإقرار له وحده 
بالعبودية.. هذا المقام الذي لا يرتفع الإنسان إلى ما هو أعلى 
منه» ولا يبلغ كماله الإنساني إلا في تحقيقه» وهو المقام الذي 
بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى مقاماته التي 
ارتقى إليهاء مقام تلقي الوحي من الله» ومقام الإسراء. 

وننتقل إلى قيمة أخرى من قيم توحيد العبادة» بمعنى 
الدينونة لله وحده؛ وآثارها في الحياة الإنسانية إن الدينونة لله 
تحرر البشر من الدينونة لغيره» وتخرج الناس من عبادة العباد 
إلى عبادة الله وحده» وبذلك تحقق للإنسان كرامته الحقيقية 
وحريته الحقيقية» اللتان يستحيل ضمانهما في ظل أي نظام 
آخر غير النظام الإسلامي يدين فيه الناس بعضهم لبعض 
بالعبودية» في صورة من صورها الكثيرة.. سواءً عبودية الاعتقاد» 
أوعبودية الشعائر» أوعبودية الشرائع» فكلها عبودية» وبعضها 


١ /ام/‎ 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





مثل بعضء تُخضع الرقاب لغير الله» بإخضاعها للتلقي في أي 
0 من شؤون الحياة لغير الله. 

والناس لا يملكون أن يعيشوا غير متدينين! لا بد للناس 
من دينونة» والذين لا يدينون لله وحده يقعون من فورهم في شر 
ألوان العبودية لغير الله؛ في كل جانب من جوانب الحياة! إنهم 
يقعون فرائس لأهوائهم وشهواتهم بلا حد ولا ضابط ومن ثم 
يفقدون م 00 ويندرجون في عالم البهيمة (ِوَالدِنَ كقروأ 
سَمَتَعو ونون كنا تَأعلُ الْانَّممْ وَالتَارْمتْوى لَُمْ 1 [سورة محمد ]١١‏ 

ولا يخسر الإنسان شيئاً كأن يخسر آدميته» ويندرجح في 
عالم البهيمة» وهذا هو الذي يقع حتماً بمجرد التملص من 
الدينونة لله وحده» والوقوع في الدينونة للهوى والشهوة... 

وهذا يقودنا إلى قيمة توحيد العبادة والدينونة في صيانة 
أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم» التي تصبح كلها ولا عاصم 
لها عندما يدين العباد للعباد» في صورة من صور الدينونة. 
سواء في صورة حاكمية التشريع» أو في صورة حاكمية الأعراف 
والتقاليد» أو في صورة حاكمية الاعتقاد والتصور. 

إن الدينونة لغير الله في الاعتقاد والتصور معناها الوقوع 
في برائن الأوهام والأساطير والخرافات التي لا تنتهي» والتي 


١78/8 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





تمثل الجاهليات الوثنية المختلفة صوراً منهاء وتمثل أوهام العوام 
المختلفة صوراً منهاء وتقدم فيها النذور والأضاحي من الأموال 
وأَحياك] معن الأولة كخنتة كلأ : العقيسدة الفاقندة والتهنيوع 
المنحرف! ويعيش الناس معها في رعب من الأرباب الوهمية 
المختلقة ومين الودكة والكيفقة المخحلية مده الأرياتي» ومية 
السحرة المتصلين بالجن والعفاريت» ومن المشايخ والقديسين 
أصحاب الأسرار» ومن.. ومن.. من الأوهام التي ما يزال الناس 
في رعب منهاء وفي خوف وتقرب ورجاء» حتى تتقطع أعناقهم 
وتتوزع جهودهم»ء وتتبدد طاقاتهم في مثل هذا الهراء... 

وأخيراً تجيء تكاليف العبودية لحاكمية البشرية؛ وما من 
أضحية يقدمها عابدٌ الله لله إلا ويقدم الذين يدينون لغير الله 
أضعافها للأرباب الحاكمة» من الأموال والأنفس والأعراض... 

وأخيراً فإن توحيد العبادة والدينونة لله وحده» ورفض العبادة 
والدينونة لغيره من خلقه ذو قيمة كبيرة في صيانة الجهد البشري 
من أن ينفق في تأليه الأرباب الزائفة» كي يوجه بجملته إلى 
عمارة الأرضء وترقيتهاء وترقية الحياة فيها )١('‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ ١147-1514‏ بتصرف ء وينظر أيضاً : 597/١‏ ء 
ل ا 
١,1‏ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


' فالقلب الذي يوحد اللهء يدين لله وحده؛ ولا يحني هامته 
لأحد سواه؛ ولا يطلب شيئاً من غيره ولا يعتمد على أحد من 
خلقه» فالله وحده هو القوي عنده» وهو القاهر فوق عباده؛ والعباد 
كلهم ضعاف مهازيل» لا يملكون له نفعاً ولا ضراًء فلا حاجة به 
إلى أن يحني هامته لواحد منهم» وهم مثله لا يملكون لأنفسهم 
نفعاً ولا ضراً.. فلا حاجة به إلى أن يتوجه لأحد غيره وهو 

وكذلك تبدو آثار التوحيد في التصورات والمشاعرء كما 
تبدو في السلوك والتصرفات» وترسم للحياة كلها منهاجاً كاملاً 
واضحاً متميزاً» ولا يعود التوحيد كلمة تقال باللسان» من ثم 
كانت تلك العناية بتقرير عقيدة التوحيد وتكرار الحديث عنها في 
الكتاب الذي أنزله الله» وهو حديث يحتاج إلى تدبره كل أحدء 
في كل عصرهء وفي كل بيئة» فالتوحيد بمعناه ذلك عنى ضخم 
شامل يحتاج إلى فهم وإدراك. " )١(‏ 

ومن خلال ما سبق نجد أن سيد قطب - رحمه الله - 


يبين أهمية توحيد الألوهية العبادة في أمور عديدة منها 


)00 المصدر السابق م" بتصرف يسير . 
١‏ 





77 سس سرك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 4247 





-١‏ تجميع الكينونة الإنسانية شعوراً وسلوكاًء وتصوراً 
واستجابة» واستمداداً وتلقيناً» في 

كل شؤون الحياة» فلا تتفرق بها السبل. 

"-حسن تذوق الحياة» وبلوغ هذا التذوق أعلى درجات الكمال 
والتتاسق, 

"-تحرير البشر من الدينونة لغير الله في أي صورة من صور 
الدينونة» وبذلك يتحقق للإنسان كرامته وحريته الحقيقية التي 
لا يمكن أن توجد في غير صورة التوحيد الناصعة. 

5- صيانة أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم» والتي تذهب كلها 
في ظل الدينونة لغير الله 

5-حماية الإنسان من الوقوع في برائن الأوهام والأساطير 
والخرافات التي لا تنتهي. 

5-صيانة الجهد البشري من أن ينفق في تألية الأرباب الزائفة؛ 
كي يوجه بجملته إلى عمارة الأرض وترقيتها. 

'"-تحقيق العزة والغنى للبشر» فلا يذل الموحد ولا يحني هامته 
لغير الله سبحانه وتعالى. 


١08١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


المبحث الثاني 


منهجه في تقرير توحيد الألوهية وابطال الشرك. 

سلك سيد قطب - رحمه الله - في تقريره لتوحيد الألوهية 
العبادة وابطال الشرك» مسلك أهل السنة والجماعة المتلقى من 
القرآن الكريم. )١(‏ 

وباستقراء كلامه حول هذا الموضوع نجد أنه ركز كثيراً 
على بيان طريقة القرآن الكريم في تقرير توحيد الألوهية العبادة 
وابطال الشرك بكل صورة وأشكاله» ويمكن بيان طرق وأساليب 
القرآن الكريم في تقرير توحيد الألوهية التي أشار إليها سيد - 
رحمه الله - فيما يأتي 

أولا الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك 

وهذا الأسلوب أحد أساليب القرآن الكريم في تقرير توحيد 
الألوهية العبادة والدعوة إليه وابطال ما سواه؛ وقد جاء في 
كثير من الآيات القرآنية. 


)١(‏ ينظر : كلام أهل السنة في تقرير توحيد الألوهية في : دعوة التوحيد لهراس ص 
45-9 » والإرشاد للفوزان ص 7١-117‏ وفقه التوحيد للشيخ خالد العك ص هه 


١0 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وقد أشار سيد - رحمه الله - إلى هذا الأسلوب القراني 
في ظلال عدد من الآيات ومن ذلك 
١‏ قوله رحمه الله - " إن الحقيقة الأولى البارزة التي 
تعرض في القرآن الكريم» هي التركيز على الأمر بعبادة الله 
وحده؛ والنهي عن عبادة غيره» وتقرير أن هذا هو الدين كله... 
ويبقى هنا أن نجلي طريقة المنهج القرآني في تقرير هذه 
الحقيقة» وقيمة هذه الطريقة 
إن حقيقة توحيد العبادة لله ترد في صيغتين هكذا 
يقوير أعبدوأ لد مالك إل يروم ؟ [سورة المؤمنون 7؟] . 
ل 1 مَإتَّى ل نهر ويَش 1 [سورة هود ؟] . 
وواضح اختلاف الصيغتين بين الأمر والنهي» فهل مدلولهما واحد؟ 
إن مدلول الصيغة الأولى الأمر بعبادة الله» وتقرير أن 
ليس هناك إله يعبد سواهء ومدلول الصيغة الثانية النهمي عن 
عبادة غير الله... وهو مقتضى المدلول الأول ومفهومه؛ ولكن 
الأول " منطوق " والأخر " مفهوم " ولقد اقتضت حكمة الله في 
بيان هذه الحقيقة الكبيرة» عدم الاكتفاء بالمفهوم في النهي عن 
عبادة غير الله» وتقرير هذا النهي عن طريق منطوق مستقل» 
وإن كان مفهوماً ومتضمناً في الأمر الأول. 


١07 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


إن هذا يعطينا إيحاءً عميقاً بقيمة تلك الحقيقة الكبيرة؛ 
ووزنها في ميزان الله سبحانه» بحيث تستحق ألا توكل إلى 
المفهوم المتضمن في الأمر بعبادة الله وتقرير أن لا إله يعبد 
سواه وأن يرد النهي عن عبادة سواه في منطوق مستقل يتضمن 
النهي بالنص المباشر لا بالمفهوم المتضمن! ولا بالمقتضى 
اللازم! 

كذلك تعطينا طريقة المنهج القرآني في تقرير تلك الحقيقة 
بشطريهاء عبادة الله وعدم عبادة سواه أن النفس البشرية في 
حاجة إلى النص القاطع على شطري هذه الحقيقة سواءء وعدم 
الاكتفاء معها بالأمر بعبادة الله وحده؛ ذلك أن الناس يجيء 
عليهم زمان لا يجحدون الله ولا يتركون عبادته» ولكنهم مع هذا 
يعبدون معه غيره؛ فيقعون في الشرك وهم يحسبون أنهم 
مسلمون! ومن ثم جاء التعبير القراني عن حقيقة التوحيد بالأمر 
وبالنهي معاًء بحيث يؤكد أحدهما الأخر» التوكيد الذي لا تبقى 


وقد تكرر مثل هذا التعبير القرآني في مواضع شتى» هذه نماذج 


منها من هذه السورة ومن سواها 


١08 


سرك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 4247 





2 له لل 2 2 هه عر 00002 
(اترككنك لمكت ةد فواتامن لذن حَكِر حير 00 ألا صَبْدُوا إلا 
ً 1 ف 31 وو 
إِنني ينه بير وشير] [سورة هود ]١ ١‏ . 

ل حدس و ّ + برض ,> شه 4 يو ص 27 ٍ م 
| وَلَقَدَ أَرَسَلَْا وح إِكَ فَوَمِدَإِقَ كم نَذِرَ ميت (0) أن لا نحَبَدُواأ إلا أله 
بن “اضر سر سسا وه 
ِف أَحاف عَلَيَكُمْ عَذَاب يو وو لقي 1 [سورة هود 55 ]١١‏ . 
6 


( وَإِلْعَادٍ أَحَاهُمْ هودًا قَالَينْقَوَم أَعَبدُوا أسَهَمَا كم ين 0 


86 0 
6 


امه 0 6]. 


دي ونره اس مم ورء اه حلط يرا ود سو و 


تَحِذوأ إِلنَهَيْنِ أَتَينِإِنَمَا هو اله وكحِد وى 


2 
6| 
6 
1١ 
الها‎ 


فارهبون 1 [إسورة النحل 


( مَاكانَّ هيم وديا لمانا ولك كات حَنِيمًا مُسَلِمَا وَمَاكَاَ من اْمَفَرِكِينَ ) 
[سورة آل عمران 117] ' 

(إِنْ َجَّهَتٌ وَجَهِىَ للد ص رَاَلسَمومتٍ والأرض حَنِيِقَاوَمَآأَنْأْت 
لْمَشرِكِيَ ) إسورة الأنعام 78] . 

وهو منهج مطرد في التعبير القرآاني عن حقيقة التوحيد؛ 

له دلالته من عون الك درا نو اا لي الحقيقة 
وضخامتها التي تستدعي ألا توكل في أي جانب من جوانبها 
إلى المفهومات الضمنية والمقتضيات اللازمة؛ وانما يُنص نصاً 
منطوقاً على كل جانب فيها. 


١8 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





أو في دلالة هذه الطريقة على علم الله سبحانه بطبيعة 
الكائن الإنساني» وحاجته في تقرير هذه الحقيقة الكبيرة وصيانتها في 
حسه وتصوره من أية شبهة أو غبش إلى التعبير الدقيق عنها على 
ذلك النحوء الذي يتجلى فيه القصد والعمد. ولله الحكمة البالغة» وهو 
أعلم بمن خلق» وهو اللطيف الخبير. " )١(‏ 

١‏ في ظلال قوله تعالى ( لَاجحَمَلَ مم أله إِلَهَاءَاحر فتفَعدَ 
مَذَمُومًا دولا 259 وَقَضَى ريك ألا حَبدوأ إلََّإيّهُ ) [سورة الإسراء ١١‏ 88] ؛ 
يقول سيد 'إنه النهي عن الشرك والتحذير من عاقبته» والأمر 
عام» ولكنه وجه إلى المفرد ليحس كل أحد أنه أمر خاص به.. 

وَقَصَى ريّكَ ألَاحَبدُوأ إلَإِيّهْ © أمر بتوحيد المعبود بعد النهي عن 
50 أمر في صورة قضاءء فهو أمر حتمي حتمية القضاءء 
ولفظة '" قضى " تخلع على الأمر معنى التوكيد إلى جانب 
القصر الذي يفيده النفي والاستثناء" ألا تعبدوا إلا إياه'فتبدو في 
جو التعبير ظلال التوكيد والتشديد" (5) 

- في ظلال فوته تال [وَأَعَبدُوا الله ولا مشَركوا بد 
كا 1 [سسورة التناء ]© يقول ينية:" الأمر الأول تغيادة اند 


. 191935-51516/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7771-5١770/4 في ظلال القرآن‎ )"( 
١) 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


والنهي الثاني لتحريم عبادة أحد معه سواهء نهياً باتاً شاملاً 
لكل أنواع المعبودات التي عرفتها البشرية ( وَلَامْتْرِكْأيو- صَيََا »© 
كينا كاننا ماكاة من مادة أن كتواخ أن 'انكدات أو ملك أو 
شيطان» فكلها مما يدخل في مدلول كلمة شيء»؛ عند إطلاق 
الفسيو كل .هذا العقزاك 00:1 

"0 في ظلال قوله تعالى ( وَأَنَ أَقِرَمَجَهَكَ لين حَنِيفًا 
انكو يس الْمشَركيرت (55) [سورة يونس ]1١١‏ ' 

يقول سيد " زيادة في توكيد المعنى - عن طريق النهي 
المباشر عن الشرك بعد الأمر المباشر بالإيمان " (). 

والآيات في هذا الباب كثيرة يصعب استقصاء كلام سيد 
حولهاء نكتفي بالنماذج السابقة .)١(‏ 

ثانياآ الاستدلال بآيات الربويية في الخلق والتد 
والملك والرعاية وغيرها 

حيث يقرر القرآن الكريم توحيد الربوبية» ويبين أنه لا 
خالق إلا الله» ولا متصرف في الكون إلا هو سبحانه وتعالى 


. في ظلال القرآن ؟/55.0-565‎ )١( 

(") في ظلال القرآن ١875/9‏ . 

() ينظر: في ظلال القرآن ؟5/5 231١١١‏ 5560/5 74716. 
١00/‏ 





ميد قطيج ومنهجة في العقيدة 


ويجعل ذلك دليلا على وجوب إفراده سبحانه بالعبادة» فيجعل 
الأول دليلاآ على الثاني ويلزم المقرين بالربوبية الإقرار 
بالألوهية. (") 

ويقف سيد - رحمه الله - كثيراً في ظلال الآيات التي 
تتحدث عن الخلق والتدبير» ويعرض منهج القرآن الكريم في 
مواجهة المشركين باعترافهم لله بالخلق والتدبير ليجعل من ذلك 
دليلاً ملزماً لوجوب إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة والتوجه؛ 
ويمكن عرض بعض النصوص ومنها 

١‏ في ظلال قوله تعالى [ ييا أَلنَاسُأَعَبْدُ عَبُدُوارَيم ألِى 


2 ل 0 00 
حلت ويب تنخ للك قثن (5) ازع لخ الايت 
وْسَاوَاَلسَمَاة 1 وَأرَكّونَ السَمَكمآ كني بدن التَّصتٍ رذق لثم 
م 0 وء. د«ددور 
فَلَاجمدُوادَهَ أند نَدَادًا وَأَنسُم تكلمور (1)5) [سورة البقرة 5١‏ ”؟] »؛ 
يقول سيد '" إنه النداء إلى الناس اق الذي خلقهم 
والذين من قبلهم» ربهم الذ فرد بالذ 
بالعبادة» والقرآن يقررأن من حق الربوبية الخالصة عبادة الخالق 
وحده؛ ويذكرهم بجعل الأرض فراشاً والسماء بناءً» وإنزال الماء 





. انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص 595-/17؟‎ )١( 
١3 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





واخراج الثمرات... في معرضص الدعوة إلى عبادة الخالق وحده» 
وينبههم إلى إنهم يعلمون هذا جيداًء بالتالي فالشرك بعد هذا 
العلم تصرف لا يليق " .)١(‏ 
ويقول أيضاً " إن تفرد الله - سبحانه وتعالى - بالخالق يفرده 
سبحانه بالملك» والمتفرد بالخلق والملك يتفرد كذلك بالرزق» فهو 
خالق خلقه ومالكهم» وهو كذلك يرزقهم من ملكه الذي ليس 
لأحد شرك فيه» فإذا تقررت هذه الحقائق.. الخلق والملك 
والرزق» تقرر معها ضرورةً وحتماً أن تكون الربوبية له 
سبحانه» فتكون له وحده خصائص الربوبية وهي القوامة 
والتوجيه والسلطان الذي يُخضع له ويطاعء والنظام الذي يتجمع 
عليه العباد وتكون له وحده العبادة بكل مدلولاتهاء» ومنها 
الطاعة والخضوع والاستسلام " ('). 

'و المنهج القراني يكثر من عرض حقيقة الرزق الذي 
يختطن ‏ الله.تمنحة للقائن» ليكخد منهنا يرهانا عل «ضدوورة إفزاذ 
الله سبحانه بالحاكمية في حياة الناس.. " (). 


)١(‏ في ظلال القرآن 47-5457/١‏ بتصرف 

(؟) المصدر السابق 71/7١١-55١1١ء‏ وينظر أيضاً : ١757/9‏ . 

(") المصدر السابق ١١77/9‏ » وينظر أيضاً :/ 173100777841779 . 
لل 





1717717717 1277 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





- وفي مقدمته لسورة الأنعام يقول " تبدأ السورة بمواجهة 
المشركين الذين يتخذون مع الله ألهة أخرىء بينما 
دلائل التوحيد تجبههم وتواجههم وتحيط بهم وتطالعهم 
في الآفاق وفي أنفسهمء تبدأ بمواجهتهم بحقيقة 
الألوهية متجلية في لمسات عريضة تشمل الوجود 
كله؛ وتشمل وجودهم كله؛ تبدأ في لمسات ثلاث ترسم 
مجالي الوجود الكبيرة على أقصى عمق واتساع» ( 
مد يهأ حَلقَ ألسَمَواتٍ وَالْارْصَ وََمََلظمْتٍ َالو 
م أل نَكَمَرُوأ يريم يَعَدنُوت 0 هْوَ الى حَلَفَكم ين 
طِينِ ِشُرَ قضَ أجل وجل نُسَسّ عِنْدَه َعَم تَمَترونَ وَهُوَ 
تداق تسوت وق الرض جل حل يرك جك وله ما 
تَكييوة 4 [سورة الأتعاد. 9 ]ا 
ثلاث آيات تذرع الوجود الكوني كله في الآية الأولى؛ 
وتذرع الوجود الإنساني كله في الآية الثانية ثم تحيط الألوهية 
بالوجودين كليهما في الآية الثالثة. أي إعجاز! وأي روعة! وأي 
شمول! وأي إحاطة! 
وأمام هذا الوجود الكوني الشاهد بوحدة الخالق» والوجود 
الإنساني الشاهد بتدبيره» والألوهية الحاكمة في السماوات 


١” 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





والأرض العالمة بالسر والجهر والكسب يبدو شرك المشركين 
وافتراء المفترين» عجباً منكراً لا مكان له في نظام الكون» ولا في 
فطرة النفس ولا سند له في القلب والعقل'(١).‏ 

" وعرض حقيقة الألوهية فيما سبق» ليس لمجرد التقرير 
اللاهوتي أو الفلسفي النظري السلبي» ولكن لتقرير مقتضيات 
هذه الحقائق في الحياة الإنسانية» من إسلامها بجملتها لله وحده: 
لا تعدل به أحداً.. والاستسلام لحاكمية الله وحده في كل 
شؤونها.. 

والآيات من .)١1 ١١(‏ تستهدف أيضاً إبراز حقيقة الألوهية: 
ممثلة في الملك والفاعلية» وفي الرزق والكفالة» وفي القدرة والقهرء 
وفي النفع والضر.. كل ذلك لتقرير مقتضيات هذه الحقائق من 
توحيد الولاية والتوجه» وتوحيد الاستسلام والعبودية " ("). 

' وبما أن المشركين لم يكونوا ينكرون وجود الله؛ ولا أنه 
الخالق» والرازق» والمدبر» إنما كانوا يتخذون الشركاء للزلفى» أو 
يعتقدون أن لهم قدرة مع قدرة الله» فهو هنا يأخذهم بما يعتقدونه هم 
أنفسهم» ليصحح لهم عن طريق إيقاظ الوعي والفطرة» ذلك الخلط 


.37675-116 في ظلال القرآن 77/7١١71-1١٠ء بتصرف بسيرا و5‎ )١( 
.١٠١61 بتصرف و ؟/‎ ٠١5417-١١ المصدر السابق ؟55/7‎ )'( 
١8. 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





٠‏ 06 . 5 ذه را م 2 رك ا 
سح ا 0ح سس ]ا 221 لم رحج ل سم سس سارح خم سان سا ضح سان 
من يملِك السَمع والابصر ومن يخرج الح من المَيّتِ وبخرج الْمَيَتَ مس لحي 
4 0009 0 آ هه رميوع رهءه سر يس سس بو ص يوا ى محر 0 
ومن يدير لاض فَسيفولون الله فقل أقلا تون '(50) فنالك امد رفك الي هَمَادًا 


4 ساد 
1 


بحَدَالَيإِلا الشككل كن شروت ) [سورة يوس 1 +8] . 

فهذه مقومات الحق والإيمان قائمة في اعتقادهم يعترفون 
بهاء ولكنهم ينكرون نتائجها اللازمة» ولا يقومون بمقتضياتها 
الواجبةء أي عبادة الله وحده.. ' )١(‏ 

" يقول أيضاً " وفي ختام سورة النمل... يقفهم السياق أمام 
مشاهد في صفحة الكون وفي أطواء النفس لا يملكون إنكار 
وجودهاء ولا يملكون تعليلها بغير التسليم بجود الخالق الواحد 
المدبر القدير» ويتوالى عرض هذه المشاهدات في إيقاعات 
مؤثرة» تأخذ عليهم أقطار الحجة» وأقطار المشاعرء وهو يسألهم 
أسكلة متلاحقة مخ خلق. السموات والأركن» من أنزل من السبماد 
ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة؟ من جعل الأرض قراراً» وجعل 
خلالها أنهاراًء وجعل له رواسي» وجعل بين البحرين حاجزاً؟ من 
يجيب المضطر إذا دعاه؛ ويكشف السوء؟ ويجعلكم خلفاء 


.731١8٠. بتصرف و20ه/ 5.0935 , لال511,‎ ١785-1180/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١م‎ 





ميد قطيج ومنهجة في العقيدة 


الأرض؟ ومن يهديكم في ظلمات البر والبحر؟ ومن يرسل 
الرياح بشراً بين يدي رحمته؟ ومن يبدأ الخلق ثم يعيده؟ من 
يرزقكم من السماء والأرض؟ وفي كل مرة يقرعهم أإله مع الله؟ 

وهم لا يملكون أن يدعوا هذه الدعوىء لا يملكون أن يقولوا 
أن إلهاً مع الله يفعل من هذا كله شيئاً وهم مع هذا يعبدون أربابا 
من دون الله! 0 وهي جولة في الأفاق قي أنفسهم لإثبات 
الوحدانية ونفي الشريك .)١('‏ 

ثالثاً الاستدلال بشهادة الله لنفسه بهذا التوحيد 
وشهادة الملائكة وأولي العلم. 

من الأدلة على توحيد الألوهية شهادة الله لنفسه بهذا التوحيد» 
وشهادة ملائكته وأنبيائه ورسله له؛ قال تعالى ( سهد أنه 57 


سا ضح ملم 


لَه إلا هو والْملكيكة وَأولُوا الْعلرَِآيِمَا اَلْقِسْل ل |[ لَه إلا هوَالْسِدُ 


ع ُ 


التحكية ١‏ ون ال عبران 1] #عيكف توفت مقد الكنة إقات 
حقيقة التوحيد» والرد على جميع طوائف الضلال فتضمنت أجل 
شهادة وأعدلها وأصدقهاء من أجل شاهد»ء بأجلّ مشهود به» كما 
تضمنت الأمر والإلزام بما دلت عليه من التوحيد» ووجه استلزام 
)١(‏ المصدر السابق 7555/5 - 5655.و 315١‏ و ينظر : مقومات التصور 


الإسلامى ص !ع ع 2١57”,‏ 8 وما بعدها 
١‏ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





شهادته سبحانه وتعالى بذلك - أي الأمر والإلزام - انه إذا شهد 
أنه لا إله إلا هوء فقد أخبر وبين وأعلم وحكم وقضى أن ما سواه 
ليس بإله» وان إلهية ما سواه باطله فلا يستحق العبادة» وهذا يفهمه 
المخاطب من النفي والإثبات .)١(‏ 

وقد أشار سيد إلى هذه الدليل على الألوهية في ظلال 
الآية السابقة حيث يقول " هذه هي الحقيقة الأولى التي يقوم 
عليها التصور الاعتقادي في الإسلام» حقيقة التوحيد توحيد 
الألوهية» وهي الحقيقة التي بدأت بها السورة ( الله لا إله إلا هو 
الحي القيوم »» وهي تستهدف إقرار حقيقة العقيدة الإسلامية من 
جهة» وجلاء الشبهات.. من جهة أخرى. 

وشهادة الله سبحانه أنه لا إله إلا هو.. هي حسب كل 
من يؤمن بالله.. وقد يقال إنه لا يكتفي بشهادة الله إلا من يؤمن 
بالله وأن من يؤمن بالله» ليس في حاجة إلى هذه الشهادة» ولكن 
واقع الأمر أن أهل الكتاب كانوا يؤمنون بالله ولكنهم في نفس 
الوقت يجعلون له ابناً وشريكاً» بل إن المشركين أنفسهم كانوا 
يؤمنون بالله» ولكن الضلال كان يجيئهم من ناحية الشركاء 
والأذاد والأيقاء والينناك! قإذا قتون لمولاء وهؤلاء أن الله 


)00 شرح العقيدة الطحاوية » ص ”5 -58؟ بتصرف . 
ا 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


سبحانه شهد أنه لا إله إلا هو» فهذا مؤثر قوي في تصحيح 
على أن الأمر كما يبدو من متابعة السياق أعمق من 
هذا وأدق» فإن شهادة الله سبحانه بأنه لا إله إلا هو» مسوقة 
هنا ليساق بعدها ما هو من مستلزماتهاء وهو أنه لا يقبل إذن 
من العباد إلا العبودية الخالصة له» الممثلة في الإسلام بمعنى 
الاستسلام لا اعتقاداً وشعوراً فحسب ولكن كذلك عملا وطاعة 
واتباعا للمنهج العملي الواقعي المتمثل في أحكام الكتاب» ومن 
هذه الناحية نجد كثيرين في كل زمانٍ يقولون إنهم يؤمنون بالله» 
ولكنهم يشركون معه غيره في الألوهية» حين يتحاكمون إلى 
شريعة من صنع غيره» وحين يطيعون من لا يتبع رسوله 
وكتابه» وحين يتلقون التصورات والقيم والموازين والأخلاق 
والآداب من غيره؛ فهذه كلها تناقض القول بأنهم يؤمنون بالله: 
ولا تستقيم مع شهادة الله - سبحانه وتعالى بأنه لا إله إلا هو. 
وأما شهادة الملائكة وشهادة أولي العلم» فهي متمثلة في 
طاعتهم لأوامر الله وحدهاء والتلقي عن الله وحده» والتسليم بكل 
ما يجيئهم من عنده بدون تشكك ولا جدال» متى ثبت لهم أنها 
من عنده؛ وقد سبق في السورة بيان حال أولي العلم هؤلاء في 


71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





001 


5 م2 .مج م م لس لس روسك كسم م ف و مه عجر 
قوله [وَالرسِحُونَ في الْملم يقولونَ ءامنا يو- كل من عند رينا ومَايله إل أولوا الا لبي 


129 [سورة آل عمران “] » فهذه شهادة أولي العلم وشهادة 
الملائكة تصديق وطاعة:» واتباع» واستسلام.... ويرتب على هذه 
الحقيقة التي عاد لتوكيدها مرتين في الآية الواحدة» نتيجتها 
الطبيعية» ألوهية واحدة» فلا عبودية إلا لهذه الألوهية الواحدة " 
(')» " وشهادة الله تعالى أكبر شهادة» فهو الذي يقص الحق 
وهو خير الفاصلين.. هو الذي لا شهادة بعد شهادته؛ ولا قول 
بعد قوله» فإذا قال فقد انتهى القول» وقد قضي الأمر... وشهادة 
الله سبحانه تضمنها هذا القرآن» الذي أوحاه إلى نبيه ين لينذرهم 
به» فهو حجة على من يبلغه» لأنه يتضمن شهادة الله في هذه 
القضية الأساسية» التي تقوم عليها الدنيا والآخرة» ويقوم عليها 
الوجود كله والويجود الإنساكي كما * (0, 

ابعا الاستدلال بدليل التمانع والنظر العقلى 

المكنهوز .عن المتكلميت أن دليل التمانع مق أدلة تقريو 
توحيد الربوبية ()» إلا أن بعض علماء أهل السنة يسوقون هذا 


. بتصرف يسير‎ 517291- 778/١ في ظلال القرآن‎ )١( 

. بتصرف يسير‎ ٠١55/7” المصدر السابق‎ )١( 

(؟) ينظر : الإرشاد للجويني ص 4؛ » ونهاية الإقدام للشهرستاني ص 11-9١‏ » 
وشرح العقيدة الطحاوية ص 78. 





1717 717 7 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





الدليل لتقرير الألوهية أيضاء وهو ظاهر الآية الكريمة لمن 
تدبرهاء فالله يقول [ أ ِأححَذُوأ اله مِنَ الْأَرْضٍ هم ينشرُوت (0) لو 
ا م ل 00 
انور لباك ١‏ 7]. 

وقد أشار شارح الطحاوية إلى ظن بعض الطوائف أن 
ليل الشبائم خاصى بالريوبية وعفلوا عن مكسموة الأب ته 
سبحانه وتعالى أخبر أنه لو كان فيهما إله غيره ولم يقل أرباب» 
وأن الآية تدل على أنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة متعددة: 
بل لا يكون إلا إله واحد» هو الله سبحانه وتعالى» لأن وجود 
أكثر من إله يستلزم فسادهما.. فكما يستحيل أن يكون للعالم 
ربان خالقان متكافئان» كذلك يستحيل أن يكون لهم إلهان 
معبودان» فذلك تمانع في الفعل والإيجادء وهذا تمانع في العبادة 
والإلهية. (") 

ووتشسمية رحمية إنه د بعد نذه الاي رأمثالها ليكون 
وجوب توحيد الله في العبادة والتوجه له بلا شريك 


2 
سم ل د ل سس حت حي 


١‏ ففي ظلال قوله تعالى ( آم أنحْدوا َالِهَة مِنَ الْأرْضِ هم 
ع كس ل سس ل سك ال يي دس سس ساس يرح سا صدهة سه سه سي 
ون 00 لؤكان فيهما ءَاهةإلا أله لفسدتا فسبحل الله ربا لعرش 
(١)انظر‏ : شرح العقيدة الطحاوية ص 6ع بتصرف 
١".‏ 





7177171717 17 77 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





د 


يصِعُونَ 11 [سورة الأنبياء الآيات ]1١5 ٠١‏ »يقول سيد يجيء 


الإنكار على المشركين واستنكار دعواهم في الإلهة» ويعرض 
السياق دليل الوحدانية من المشهود في نظام الكون وناموسه 
الواحد الدال على المدبر الواحد.. 
والسؤال عن اتخاذهم آلهة هو سؤال استنكار للواقع منهم؛ 
وَوَصفُ هؤلاء الآلهة بأنهم ينشرون من الأرض أي يقيمون 
الأموات ويبعثونهم أحياء فيه تهكم بتلك الإلهة» لكونها فاقدة 
للصفة الأولى من صفات الإله» خلق الحياة وإعادتها... ذلك 
منطق الواقع المشهود في الأرضء وهنالك الدليل الكوني 
المستمد من واقع الوجود ( لرْكَنَ فِيمَآ هلا أنه قَسكا)) 
فالكون قائم على الناموس الواحد الذي يربط بين أجزائه جميعاً؛ 
وينسق بينها وبين حركاتها وحركة المجموع. 
هذا الناموس الواحد من صنع إرادة واحدة لإله واحدء فلو 
تعددت الذوات لتعددت الإرادات والتواميس .تنعاً لهاء ولأتعدمت 
الوحدة والتناسق الكوني كله» ولوقع الاضطراب والفساد» والفطرة 
السليمة تشهد بوحدة الناموس والإرادة التي أوجدته؛ ووحده 
الخالق المدبر لهذا الكون الذي لا فساد في تكوينه وفي سيره ( 


ا 


عرش عَم يصِمُونَ 4» وهم يصفونه بأن له شركاء» تنزه 


وح سل سه ص بيه سا 


فسبحن الله رب 


١6 


1717 7717 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





الله عما يقولون» والوجود كله بنظامه وسلامته من الخلل والفساد 
فالتوحيد هو قاعدة العقيدة» منذ أن بعث الله الرسل للناس» 

لا تبديل فيها ولا تحويلء توحيد الإله وتوحيد المعبود» فلا 

انفصال بين الألوهية والربوبية» ولا مجال للشرك في الألوهية ولا 

في العبادة» قاعدة ثابتة ثبوت النواميس الكونية.. " .)١(‏ 

4 في لال قوله تعاتي: [ 16د انون راد وكات معاي 


سر عرصعن وفوخ عن دك ساح ج ووس سا أ وه 


1 
يصِفُورت (128 إسورة المؤمنون 4١‏ ؟1] » يقرر سيد " أن مشركي 
العرب كانوا مضطربي العقيدة» لا ينكرون الله ولا ينكرون أنه 
مالك السماوات والأرض ومدبرهما المسيطر عليهماء ولكنهم مع 
ذلك يشركون معه آلهة مدعاة؛ يقولون إنهم يعبدونها لتقربهم من 
الله» وينسبون له البنات سبحانه وتعالى عما يصفون. 

فأخذهم بمسلماتهم التي يقرون بهاء ليصحح ذلك 
الاضطراب في العقيدة» ويردهم إلى التوحيد الخالص الذي تقود 
إليه مسلماتهم» لو كانوا يستقيمون على الفطرة ولا ينحرفون. 


. بتصرف‎ 1١1374 -717177/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 





1717717717 1277 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





وفي اللحظة المناسبة لتقرير حقيقة ما جاءهم به الرسول 
يو من التوحيد» وبطلان ما يدعونه من الولد والشريك» بعد ذلك 
الجدل» يجيء هذا التقرير في أساليب شتى 
بالإضراب عن الجدل معهمء وتقرير كذبهم الأكيد إبل 
هم ألْحَي وَإِنَهرْ لَكَدِبوْنَ ). 
ثم يُفصّل فيما هم كاذبون ( مَااتَحَدَ هن ول وما 


ثم يأتي بالدليل الذي ينفي دعواهم» لل ري 
ّ 5 لا 2 هه و 
الشرك من سخف واستحالة (إِدَا لَدَمَبَكل إِلَعِيِمَاحََقَ #مستقلاً 
بما خلقه» يصرفه حسب ناموس خاصء» فيصبح لكل جزء من 


آذ ته 


الكون» أو لكل فريق من المخلوقات ناموس خاص. (ولعلا 
بَحضهُم عل بض نَ 6 بغلبة سيطرته وتصريفه على الكون الذي لا 
يبقى ولا ينتظم إلا بناموس واحدء وتصريف وتدبير واحد. 


وكل هذه الصور لا وجود لها ف في الكون» الذي تشهد وحده 
تكريدة بوهدة خالقمر فتفالى عَمَا يُرِكُونَ 0 


. في ظلال القرآن 754178/5 - 7474 بتصرف‎ )١( 
١6 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





*- في ظلال قوله تعالى (قُل لو كن معده ءَالَةُ كما يعولُونإة) 
دجمأ ِلك ذى لمن سيلا (0) [سورة الإسراء 4١‏ 45] . 
بالتوحيد» وسلك إلى تقرير هذه العقيدة وايضاحها طرقاً 
شتى» وأساليب متنوعة» ووسائل متعددة " ليذكروا '. 
فالتوحيد لا يحتاج إلى أكثر من التذكر والرجوع إلى 
الفطرة ومنطقهاء والى الآيات الكونية ودلائلها ولكنهم يزيدون 
نفوراً؛ كلما سمعوا القرآن نفروا من العقيدة» ومن القرآن ذاته خوفاً 
من أن يغلبهم على عقائدهم الباطلة» عقائد الشرك والوهم. 

وكما جاراهم في ادعاءاتهم في حكاية البنات ونسبتها إلى 
الله ليكشف عما فيها من تفكك وتهافت» فهو يجاريهم في حكاية 
الآلهة المدعاة» ليقرر أن هذه الآلهة لو وجدت فإنها ستحاول 
أن تتقرب إلى الله وأن تجد لها وسيلة إليه وسبيلاً ( مُلْلَو كَنَ 
مع كنا يود لبت لذ ال يلد » (1). 

ولو كما يقول النحاة حرف امتناع لامتناع؛ فالقضية كلها 

ممتنعة» وليس هنالك آلهة مع الله كما يقولون والآلهة الذئ يدعونها 


.47 سورة الإسراء: الآية‎ )١( 
١51١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إن هي إلا خلق من خلق الله سواء كانت نجماً أو كوكباً» إنساناً أو 
حيواناً» نباتاً أو جماداً» وهذه كلها تتجه إلى الخالق حسب ناموس 
الفطرة الكونية» وتخضع للإرادة التي تحكمها وتصرفهاء وتجد 
طريقها إلى الله عن طريق خضوعها لناموسه ( إِدَا لَأبَنعَوَا إلى 
َلْمرّشنِ سيلا 6» وذكر العرش هنا يوحي بالارتفاع والتسامي على هذه 
الخلائق التي يدعون أنها آلهة مع الله » وهي تحت عرشه وليست 
معه» ويعقب على ذلك بتنزيه الله في علاه سبحانه وتعالى عما 
يقولون علواً كبيرا " (") 

4-ومن الأدلة العقلية أيضاً قوله سبحانه وتعالى ! آم 

خْلِعوامِنَ حَبْرِسَّْءِ أمَ هم ألْكَنِشُوتَ (00)) [سورة الطور 75] » 

يقول سيد رحمه الله- " والاستفهام عن حقيقة وجودهم 
هم أنفسهم؛ وهي حقيقة قائمة لا مفر لهم من مواجهتهاء ولا 
سبيل لهم إلى تفسيرها بغير ما يقوله القرآن فيهاء من أن لهم 
خالقاً أوجدهم... 

فوجودهم هكذا من غير شيء أمر ينكره منطق الفطرة 
ابتداء» ولا يحتاج إلى جدلٍ كثيرٍ أو قليل. أما أن يكونوا هم 


. في ظلال القرآن 7220/4 بتصرف‎ )١( 
دل‎ 





عَيَتَ قطي ومنعجه في العقيدة 


الخالقين لأنفسهم فأمر لم يدعوه ولا يدّعيه مخلوقء وإذا كان 
الفرضان لا يقومان بحكم منطق الفطرة؛ فإنه لا يبقى إلا 
الحقيقة التي يقولها القرآن أنهم جميعاً من خلق الله الواحد الذي 
لا يشاركه أحد في الخلق والإنشاء» فلا يجوز أن يشاركه أحد 
في الربوبية والعبادة» وهو منطق واضح بسيط " ('). 

خامساً: بيان بطلان ألوهية غير الله. 

أوضح القرآن الكريم بطلان ألوهية ما عبد من دون الله 
تعالى من المعبودات» سواء عُبدت بدعوى أنها أبناء أو بنات 
الله» أو أن بينها وبينه نسباً وقرابة» أو أنها تقربهم إلى الله زلفى؛ 
مبيناً عجز ما سوى الله من خلال ضرب الأمثال» وطلب 
الموازنة بين هذه المعبودات وبين الحق سبحانه وتعالى» ومن 
ذلك 

١‏ إبطال ألوهية ما عبد من دون الله تعالى؛ 

أ إيطال ألوهية الملائكة بدعوى البنوة لله سبحانه وتعالى 


اه د ص ودود و ا 2 


2 كاي اتير روا روات رررقد جِ 
علواً كبيراً يقول سبحانه ( وَدَالُوا اسمن وَلِدَاسبَْهُ بل 


. في ظلال القران 71.4.4-5 بتصرف يسير‎ )١( 
عرس‎ 








71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





عاد مُكرمورت (0) لاصيفوته. اقول وَهُم ِأَمْرِوء يَحْمَلُوت 


0 وَلامَتْمَعو إِلَا لمن ارتصى وهم ين 
>< بر > | 3 ع 


خشيود مُسْفِقون ومن يقل مِنْمَ إوت ف إِلّهُ من دونو مددلِكَ نجْرِيِهِ 
جَهَئَ م كَدإلك جر ىالطَلِمِينَ ()) [سورة الأنبياء 75 15] . 

يقول سيد " ودعوى البنوة لله- سبحانه اتخذت لها عدة 
صور في الجاهليات المختلفة» فقد عرفت عند مشركي العرب 
في صورة بنوة الملائكة لله» وعند مشركي اليهود في صورة بنوة 
العزيز لله» وعند مشركي النصارى في صورة بنوة المسيح لله 
وكلها من انحرافات الجاهلية في شتى الصور والعصور. 

والمفهوم أن الذي يعنيه السياق هنا هو دعوى العرب في 
بنوة الملائكة» وهو يرد عليهم ببيان طبيعة الملائكة» فهم ليسوا 
بنات لله كما يزعمون - بل عباد مكرمون عند اللهء يعملون بأمره 
ولا يناقشون» ولا يشفعون إلا لمن ارتضى» خائفون مشفقون من 
خشيته؛ لا يدعون الألوهية؛ ولو ادعوها جدلاً لكان جزاؤهم 
جزاء من يدعي الألوهية كائناً من كان وهو جهنم» وبهذا تبدو 
دعوى المشركين في صورتها هذه واهية مستنكرة " .)١(‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن 71174/5- 77170 بتصرف يسير 
014 





1717 717 7 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





وفي سورة الزخرف يستعرض منهج القران في معالجة 
أسطورة اتخاذ الملائكة آلهة بزعم أنها بنات اللهء حيث يحاصرهم 
ويواجه هذه الأسطورة من كل جانب ولا يبقي ثغره مفتوحةإلا 
وأخذها عليهم )١1١‏ 

وفي سورة النجم يستعرض سيد- الايات التي ترد على 
المشركين في دعواهم ألوهية الملائكة وأنها بنات الله وتبين 
تناقضهم» حيث كانوا يكرهون ولادة البنات» ومع ذلك لم يستحيوا 
أن يجعلوا الملائكة إناثاً وهم لا يعلمون عنهم شيئاً» وان ينسبوا 
هؤلاء الإناث إلى الله ('). 

ب إبطال ألوهية المسيح عليه السلام حيث قررالقرآن 
الكريم في آيات كثيرة عدم ألوهية المسيح وغيره من البشرء بأدلة 
عقلية يجابه بها المشركين منها قوله تعالى ما اَلْمَسِيحٌ بك 
إل وشو عد خلة ين تكو نشل ولق ة وزيا كه 
كو الللكاه اثل فق اك اه لمن فد افلم 


أن يُؤَفَخُورت (00) [سورة المائدة ©7] . 


١١ 


9 


16 


. 7507/5 : المصدر السابق 5.08/5" --5035”" » وانظر أيضاً‎ )١( 


١1 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





يقول سيد - رحمه الله- " وأكل الطعام مسألة واقعية في 
حياة المسيح عليه السلام وأمه الصديقة وهي خصيصة من 
على ناسوته بتعبيرهم اللاهوتي فأكل الطعام تلبية لحاجة جسدية 
لا مراء فيهاء ولا يكون إلهاً من يحتاج إلى الطعام ليعيشء فالله 
حي بذاته» قائم بذاته» باق بذاته» لا يحتاج» ولا يدخل إلى ذاته 
سبحانه أو يخرج منها شيء حادث كالطعام. .)١(‏ 

ج إبطال ألوهية الكواكب والنجوم وقد جاء ذلك في مثل 
قوله تعالى (وَاَلتَحِإدًا مَوَى (1)0) [سورة النجم ]١‏ . 

يقول سيد " والمقصود بالنجم هنا نجم الشعرى» وهو أحد 
النجوم التي كان لها شأن عند الفرس والعرب وقدماء المصريين 
على السواء وكان بعضهم يعبدهاء فأشار الله إلى بطلان 
ألوهيتها بقوله (مَآلنَجْ دا مَرَى ©» حيث يوحي بأن النجم مهما كان 
عظيما فانه يهوي ويتغير مقامه» فلا يليق أن يكون معدوداء 
فللمعبود الثبات والارتفاع والدوام (). 


. 155 في ظلال القرآن ؟/‎ )١( 
. "5٠05/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
15 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





ويصور القرآن بطلان ألوهية الكواكب أيضا في قصة 
إبراهيم علية السلام» ونظره إلى الكواكب وبيان زيف ألوهيتها 
لأنها تغيب وتأفل 00 

ومن الآيات الجامعة في باب إيطال ألوهية غير الله 
سبحانه؛ قوله تعالى ( وليك لزن يدعو يَبتَُو إِلَ رَيْهَرْ 


- 3 
1 ل بو للح و ع سح سس و اس سمه و ا هه ل 


لْوَسِيلة 2 أقرب وبرجون رحميه: ويحافوت عذابه: إِنْ عذابت رَيْكَ كان 
ححَدُوًا (1)00 ) [سورة الإسراء 55 507] . 
كول سيد ! وينتيي. هذا الدوس التذي يذا يني 'فكرة 
الأخام والغتركاء:واستطره إلى ققارق اله سيحاقه بالاتجاء زاح 
وتقرده بالعلم والقصرف في مات السياد» ينتهي يتهدي الذي 
بتعمورق الشركاءه ركقترا هنهم الضن أن وخرلوا عقيم العذانيه: 

ويقرر لهم أن من يدعونهم آلهة من الملائكة أو الجن أو 
الأنس» إن هم إلا خلق من خلق الله» يحاولون أن يجدوا طريقهم 
إلى الله ويتسابقون إلى رضاه» ويخافون عذابه. 

وقد كان بعضهم يدعو عزيراً ابن الله ويعبده؛ وبعضهم 
يدعو عيسى ابن الله ويعبده» وبعضهم يدعو الملائكة بنات الله 
ويعبدهم» وبعضهم يدعو غير هولاء» فبين الله لهم أن هؤلاء 
)١(‏ المصدر السابق ؟/0٠5١1-١4١1.‏ 

١؟1/‎ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


جميعاً يتقربون إلى الله بالعبادة ويخشون عذابه؛ فما أجدركم أن 
تتوجهوا إلى اللهء كما يتوجهون. وهكذا يختم ببيان تهافت عقائد 
الشرك في كل صورهاء وتفرد الله سبحانه بالألوهية والعبادة 
وال 
؟- بيان عبودية الكون وما فيه ومن فيه لله وحده 

يقرر القرآن الكريم في كثير من الآيات ' أن الدينونة لله 
وحده هي شأن الكون كله كما هي شأن الناسء وأن الانحراف 
عن هذه القاعة» شاوه اكه و اتخراف 1 2105 

' والمنهج القراني يكثر من الربط بين عبودية هذا الكون 
للهء ودعوة البشر إلى الاتساق مع الكون الذي يعيشون فيه؛ 
والإسلام لله الذي أسلم له الكون كله» والإيقاع بهذه الحقيقة 
الكونية كفيل بأن يهز القلب البشري هزاًء وأن يستحثه من داخله 
على أن ينخرط في سلك العبادة المستسلمة» فلا يكون هو وحده 
نشازاً في نظام الوجود كله! " (2). 


)١(‏ في ظلال القرآن » 5/ 7١5‏ بتصرف يسير 

. 784 /١ » المصدر السابق‎ )١( 

(") المصدر السابق ١7١07/52‏ وينظر : 7554/5 . 
01 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


وفي 'مقومات التصور الإسلامي " يقرر سيد رحمه الله 
- حقيقة وحده الألوهية» ويبين منهج القرآن الكريم في عرض 
التوحيد وإبطال الشرك في عقائد مشركي العرب والوثنيات كلها 
وعقائد أهل الكتاب المحرفة .)١(‏ ثم يعرض منهج القرآن الكريم 
في بيان عبودية الكون وما فيه ومن فيه لله سبحانه وتعالى» وان 
العبودية لله تشمل كل شيء وكل حي»ء فلا يخرج عن العبودية 
لله سبحانه وتعالى شيء ولا حي في هذا الوجود. إنما يتجرد كل 
حي وكل شيء من خصائص الألوهية الواحدة» ويقف الكل من 
الألوهية الواحدة المتفردة موقف العبيد . 

إنها عبودية الكون المادي ممثلاً في أجرامه الفلكية الكبيرة 


كس 


6 موق إل أله سَمءِ وى دَحَان َمَالَ ها وَلِنَدَرْضِ أَثْتًا طَوْمًا أو رم قَالتَآ 


52 


ْنَا طأَيعِيتَ 0 1 [ستوزة قصلت 135]: 
وهي عبودية النجوم والكواكب والأشياء والأحياء في هذا 
الوجود المغيب منه والمشهود ( وَلَمْ يوا إِلَ مَاحَلَقَ ألّهْمِن تَيْو 


هه ره دوو سا مونل لرص سد سرسم د ص 
يَتَفَيَواُظِلَلْهُ عن اين وَالشَّمَآدِلٍ سْبَِدَايِهِ وهر درون (0) وله 





5 مقومات التصور الإسلامي ص م١١ وما بعدها‎ )١( 
١40 





1771717717717 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





عمد كا القكوت وَمَاو الض ين أي والمليكة وى ل 
ممَتَكْيرُوقَ )11 [سورة النحل 48 44] . 
وهي عبودية الخلائق العاقلة المكلفة بالكون ١‏ إِنَكُلُّمَن 
3 التسوقر لاض ل ا فيحن عَبذًَا 1 [سورة مريم 58] > 
عبودية الملائكة إِبَلْ عبد دُكرمُوست ) إسورة الأنبياء 11] ؛ 
وعبودية الجن والأنس عامة ١‏ وَمَا حَلَفَتُ لْلْنَ وَالإِدى إِلَا يِحَبْدُونٍ 
1 [سورة الذاريات 25] » وعبودية الرسل والأنبياء خاصة ( وَادَكْرَ 
عدبم وَسْحَقَ ويمْوْبَ أؤلي الا أسورة ص 45] » 
عبودية الطائعين ل كدرما ناوا ل أن دهم 


الْضْري مسرعبَادٍ (20) ادن يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فََرِحُونَ أحسَكه: أوْلتِيكَ 


ا سه موس 7 دعم 07 
لِينَ هَدَسْهُم امه وأوْلِيِكَ هم أ لاقي 9 ده للعورة الر 1 1 ] 


3 وت سس سر مك ل يس هام 2 ىه 
»؛ عبوديه العصاة (قل يَتَعبَادِىَ لَّذِينَ أ ١‏ نمه لا نفَسَطوأ ون 
يدح سا هي خا ل سج صم ىه كري ل يو_- 
نَحمَةَ لَه إِنَأَلَه يَعْفْر الوب جَمِيعا إِنَهَه هو الْعَمُور أ 58 السحيوة 
الزمر ”5] 


كما أنها عبودية هذه الآلهة المدعاة» فكل ما يزعمون أنه 
إله فهو عبد لله» وهو يرجو لنفسه من الله النجاة» وهو يبرأ من 
إدعاء الألوهية» ويتبرأ من تعبيد الناس له ومن عبادتهم إياه 


١ 


1717717717 1277 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





و 6 و ددحو د 


20 2 وص > لحو سس ور ل 0200 و 
( أوليك الْذِين يدَعوت يدنغوت إك ريهم الوسِيلة أمهم أقرب وبروت 


ذه 


هس لو ههه ل ل اا ل 0 


رَحمنّه: ويخافوت عَذَابهُة إِنَّ عَذَاب رَيْكَكانَ محَدُورًا 1 [إسورة الإسراء 


ا عي عبن ع 2 و لت سان ل عرسم رسلا عن 0 
10 . (وبَوم يحَشْرهم جمِيعا ثم يفول لِلْملكدَ هولح إِيَامْ كاوأ 


0 


ا هه تعره وى مس دسم © دس رح رش ره سه 1 5 
يبدو '(6) قَالُوأ سبحلتك أنت وَلينَا من دونه بل كانوأ يَحَبُدُونَ أَلْحِنّ 


08 


> ديرو 


كارهم بم مُؤِنونَ 1 [سورة سبأ ١؛ ]:١‏ . 


12 26م 2 ملل مولعلل رع سل لدم 2 معو ٠.‏ 007 
[وَإِذْ قَالَ الله يَلِعِيسى أبن ميم >أنت قلت للناس اتخذوفي وَأَبى إِللهين من دون 


| 


6 
دوو دو لاوييو شء جو 


اح و الا 12 سام 8 
َه قَالَ سبِحَدئَكَ مَا يَكُونٌ لم أن أقُولٌ مَاليس لى بِحَقٌّ إن كنت قُلمه فَمَدْ عَلِمِتَهُ تَعَلَمْ 


رص محيرو 


مان تَقَيى وآ حك مَافى تنك إِنَّكَ نت عَلَّمَ ألميو 1 [سورة المائدة ]١١5‏ . 

( وَدَالَ ليطن لماص ىَالْأَمَرُ رك لَه وََدَسك وَعْدَ لْلَيّ ووعددم 
فيكم ] إسورة إبراهيم ؟1] . 

إنها العبودية الشاملة أمام الألوهية المتفردة» مفرق 
الطريق» ومن ثم تنال هذه العناية الكبرى.. وفي مواجهة هذا 
البييان الشامل» الكاشف» المنير تبدو عبادة الشركاء مع الله 
سبحانه وتعالى» وتقديم القرابين لهاء واشراكها في الأموال 
والأبناء أياً كان هؤلاء الشركاء من البشر أو من الجنء أو من 


١١ 


ميد قطيج ومنهجة في العقيدة 


الأحياء والأشياء - سخفاً لا يملك الدفاع عنه اشد المتحمسين 
م 
5 - بيان عجز ما يُعبد من دون الله 

من أساليب القرآن الكريم في تقرير توحيد الألوهية وابطال 
الشركييان عجز ما يتخذه الناس :من آلهة سواء كانت ملائكة 
أو أنبياء أو جماداً» فالكل عاجزون لأنهم مخلقون مربوبون» 
والآيات في هذا كثيرة جداً» وقد وقف سيد رحمه الله عند هذا 
الأسلوب كثيراً من خلال أربعة محاور وهي 

الأول بيان عجز ما سوى الله سبحانه وتعالى ومن ذلك 

قوله تعالى ( مُلْ أَكَبُدُوت مِن دوت أله مَالَا يَمَِكَ 
تع 2 و انتما رأئه لله هوالسمِيع ألْعَليم ) [سورة المائدة 75] يقول 

يداحا زكمه اشرت" ويكتار التعبير يكلمة " ها * يدل كلمة" 
من " في هذا الموضع قصداً» ليدرج " المخلوقات " التي تُعبد 
كلها بما فيها من العقلاء في سلك واحد لأنه يشير إلى 
ماهيتها المخلوقة الحادثة» البعيدة عن حقيقة الألوهية» فيدخل 
عيسى» ويدخل روح القدسء» وتدخل مريم» كلهم في " ما " لأنهم 
بماهيتهم من خلق الله» ويلقي هذا التعبير ظله كذلك في هذا 


. ”١١ا/ مقومات التصور الإسلامي ص (15-.؟١ بتصرف ص‎ )١( 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





المقام فيبعد أن يكون أحداً مستحق للعبادة وهو لا يملك ضراً 
ولا نفعاً " .)١(‏ 

وقوله تعالى ( أَسركرْنَ ما لَايَلْقُ سيوم لون 0 و 
ستَطِيعُوتَ طم نَصَرَا ول أَنْسَهُم يَنضرو رح 4 إسورة الأعراف ]١97 ١9١‏ 
» يقول سيد " فهذه ' الواو " و" النون " تشير إلى أن مِن بين 
ل ع ن " العقلاء " الذين يُعبر عنهم 

' العاقل "» والعرب في وثنيتهم لم يكونوا يشركون بآلهة 

من 0 في تقديم الشعائر التعبدية لهم إنما كان شركهم 
بتلقي الشعائر والأحكام» وهذا شركٌ يسوي القران الكريم بينه 
وبين شركهم الآخر بالأوثان والأصنام سواء... والمقصود تنبيه 
أولئك الذين كانوا يخاطبون بهذا القران أول مرة إلى سخف ما 
هم عليه من الشرك واتخاذ تلك الآلهة التي لا تخلق شيئاً بل 
تُخلق» ولا تنصر عبادها بل لا تملك نصراًء» سواء كانت من 
البشر أو من غيرهم فهي كلها لا تخلق ولا تنصر.. 

ثم يواجههم ويبين سخف وثنيتهم في ميزان العقل ويبين 
سخف ما يزاولون من الشرك بالآلهة التي ليس لها أرجل تمشي 
بها ولا أيدي تبطش بها ولا أعين تبصر بها ولا آذان تسمع بهاء 


. 155/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
يحض‎ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


فهذه جوارح تتوافر لهم فكيف يعبدون ما هو دونهم من هذه 
الأحجار الهامدة؟. 

فأما ما يرمزون إليه بهذه الأصنام من الملائكة حيناً؛ 
ومن الآباء والأجداد حيناً» فهم عباد أمثالهم من خلق الله مثلهم 
لا يخلقون شيء وهم يخلقون» ولا يملكون لهم نصراً ولا أنفسهم 
يتضروة 010 

" وكما أن ما يعبد من دون الله عاجز عن الخلق والضر 
والنفع فإنهم عاجزون أيضاً عن إجابة دعاء من يدعونهم من 
دون الله "220 " وهو عاجزون عن رزقهم أيضا 7). 


سج سار 


وقوله 0 0 ا 0 


لمر هو -_ 9 ره 2 1 
عد" عو 


ولا 1 [سورة الفرقان "] ' يقول سيد " وهكذا يجرد آلهتهم 
المدعاة من كل خصائص الألوهية» فهم لا يخلقون شيئاً» والله 


. 1875/7 بتصرف » وينظر أيضاً‎ ١515-١541 /7 في ظلال القرآن‎ )١( 
"7 ههه‎ 5٠05١ /79 المصدر السابق‎ )'( 
516لا الاك‎ 88٠. 7187/9 المصدر السابق‎ )"( 

١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





لعبادهم ضراً ولا نفعاً» والذي لا يملك لنفسه النفع قد يسهل عليه 
الضيرغ ولك حدّن هذا لا يملكونه: 

ثم يرتقي إلى الخصائص التي لا يقدر عليها إلا الله " ولا 
يَمْلِكُونَ مَوْتاً ولا حَيَاةَ ولا تُشُوراً "» فلا إماتة حي ولا إنشاء حياة 
ولا إعادتها داخل مقدورهم» فماذا لهم بعد ذلك من خصائص 
الألوهية وما شبهة أولتك المشركين في اتخاذهم آلهة " .)١(‏ 

" ولم ينف عن آلهتهم المدعاة أن تكون قادرة على عزهم 
ونصرهم ونفعهم وضرهم في هذه الحياة الدنيا وحدهاء ولكن 
عرض لهم حياة الآخرة» وجريرة هذه الآلهة عليهم فيهاء فضلاً 
على أنها لن تقدم لهم عوناً! سواء كانت هذه الآلهة مما اتخذوه 
للعبادة والتأله» أو ممن اتخذوهم أربابا من البشر يتلقون منهم 
الشرائع والأحكام والتقاليد والأوضاع من الأحياء منهم ومن 
الموتى الذين يتبعون ما سنوه لهم. 

وكذلك يتكرر في القران الكريم الأمر بتحدي المشركين 
عن نصيب آلهتهم المدعاة في الخلق أو في الرزق أو في 
التأثير في نواميس الكون وفي حياة البشر في أيتة صورة من 
الصورء ذلك أنه إذا انتفى أن يكون لأحد من هذه العباد دور 


. في ظلال القرآن 7050/5 بتصرف يسير‎ )١( 
١1 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


في الخلق أو في الرزق أو التأثير في نواميس الكون أو حياة 
البشر على الإطلاق» بعد ما انتفى أن يكون لها عند الله شفاعة 
أو قبول في الدنيا أو في الآخرة فقد ظهر السخف وتجلت 
الحماقة في اتخاذهم أربابا سواء بتقديم الشعائر والقرابين» أو في 
الشرائع والقوانين " ('). 

الثاني انتفاء صفات الكمال عن ما سوى الله 

فمن الأدلة التي ساقها القران الكريم لتقرير توحيد الألوهية 
وابطال الشرك بالله تعالى» الاستدلال بانفراده - عز وجل - 
بصفات الكمال التي مدح بها نفسه وتعرف بها إلى عباده 
ليعرفوا كماله وعظمته؛ وكثيراً ما يذكرها عند ذكر آلهة 
المشركين» التي عبدوها من دون الله» وجعلوها شركاء له فيذكر 
سبحانه وتعالى من صفات كماله وعلوه على عرشه؛ وتكلمه 
وتكليمه» وإحاطة علمه؛ ونفوذ مشيئته» وقدرته المطلقة» وتدبيره» 
ما هو منتفب عن آلهتهم فيكون ذلك من أول الدليل على بطلان 
إلاهتهاء وفساد عبادتها من دون اللهء والآيات في هذا الباب 


ثيرة جدا. 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص77١- ١١4‏ بتصرف ء وينظر أيضاً :في 
ظلال القرآن 0949/5 ه/ 275178 32075 771/179 . 
8 





197977777717 سيد قطي ومنمجة في العقيدة 





يقول سيد ' ثم لما عرف الناس بصفات الله الحق الذي يستحق 
أن يكون ربا للعالمين وكشف لهم عن تجرد آلهتهم كلها من هذه 
الصفات - في عالم الواقع والحقيقة - أصبح مفهوماً أن الله 
سبحانه هو المتفرد بخصائص الألوهية» وأن كل شيء وكل حي 
داخل في نطاق العبودية له سبحانه بلا شريك ونطاق الدينونة له 
سبحانه بلا منازع» وقد جعل القران ينص على هذا نصاً فعن 
وحذائكة | ال ستحافة وقعالى ذاكة وصفاكه وكسائصية وسلظانةة 
وتجرد الشركاء منها جميعاء ترد أمثال هذه النصوص الصريحة 
(شُلّهْوَائَه لد 1ن محمد 1 جيذ وت ولد () 
وَل بك الك أ د ()! ) [سورة الإخلاص] ' 
0 0 7 > وغوه رم 


و صورءم 0 2 هه ع 20 ا 0 ها 0 ول ىل وموم 
ا مِنْ أمْرو- د مِنعِبَادولِسَذْرَ بوم اللا 


لْقَكّارٍ (5) ) إسورة غافر :)١( ' ]05 ١4‏ 


)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص "١‏ بتصرف يسير 
١7 /‏ 





177177171717 777 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





والقران كثيرا ما يقرر تفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق(١),‏ 
وتفرده بالعلم والتصرف في مصائر العباد (')» وتفرده بالسلطان 
والقهر(')» وتفرده بالحياة والوحدانية (؟)؛ ونحوها من صفات 
الكمال. 

ومن أجمع الآيات في هذا الباب قوله سبحانه وتعالى [رَت 
لسوت وَالاوّضٍ وَمَاُْمَأْفذهُوكنطيز لدي" هليه له سَييًا ()) 
[سورة مريم 15] » يقول سيد " فلا ربوبية لغيره» ولا شريك معه في 
هذا الكون الكبير» فهو الواحد الذي يعبد في هذا الوجود والذي 
تتجه إليه الفطرة والقلوب هل تعلم له سمياً؟ هل تعرف له نظيراً؟ 
تعالى الله عن السمي والنظير" (). 


الثالث طلب الموازنة بين الله عز وجل ويين ما يعبد من 
دونه 


ومن الأساليب التي جاءت أيضاً في القران الكريم لتقرير 
توحيد الألوهية» وابطال الشرك وبيان قبحه» وضلال وسفه من 


.,5.94 , هلءهه؟‎ ,”7٠597/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7١75/54 المصدر السابق‎ )١( 
. ١985/5 المصدر السابق‎ )"( 
1 (؛) المصدر السابق تميق‎ 
. 7١5/5 في ظلال القرآن‎ )©( 
١8 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





يقع فيه ما ذكره الله تعالى من التشنيع بحال المشركين ورميهم 
بالضلال والسفه حيث رضوا لأنفسهم عبادة مالا يسمع ولا 
يبصر ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً» ولفت انتباه المشركين إلى ما 
وصلوا إليه من السفه والضلال من خلال طلب الموازنة بينه 
سبحانه وبين ما يعبدون من دونه» في آيات كثيرة منها 
قوله تعالى ١‏ فَلِللْمَدُ روسكم عل باد اريت أسَطق لَه حَبرٌ 

أَمَمضرِوٌت (1)00 ) [سورة النمل 58] . 

يقول سيد " يبتدئ سبحانه بسؤال لا يحتمل إلا إجابة 
واحدة» يستنكر به أن يشركوا بالله هذه الآلهة المدعاة " آلله خيرٌ 
أما يشركون"» وما يشركون أصنام وأوثان» أو ملائكة وجن» أو 
خلق من خلق الله على أية حال لا يرتقي أن يكون شبيها بالله 
سبحانه فضلاً على أن يكون خيراً منه» ولا يخطر على قلب 
عاقل أن يعقد مقارنه أو موازنة. ومن ثم يبدو هذا السؤال بهذه 
الصيغة وكأنه تهكم محضء وتوبيخ صرفء لأنه غير قابل أن 
يوجه على سبيل الجد» أو أن يطلب عنه جواب» ومن ثم يعدل 
عنه إلى سؤال أخر» مستمد من واقع هذا الكون حولهم ومن 
مشاهده التي يرونها بأعينهم 


١0 





2-17 117 117 17 


#1 7 د 1 ع ان ب سس سر 
أت يلوت القسوات وَالارض واندا ل أحكم من لَسَّمَاءِ ماع 
6 سدح سه ع 


قد 
تتابو حَدَاَقَّ ذانك بوكز مَاضكارك لك أن ديسكوا سُجرفا 


مله بلّهُمْ َو يَصَدِنُونَ () ) [سورة النمل 50] ' .)١(‏ 


3 


6 


١1كم‎ 


ص ف 2 2 سم سر ل 8 ع عابر ور م2 
قوله تعالى [فَلَ هَلْ ين شر ا يم ل 
حَدَوا للق يدن وفك (70) فل هَل . ال 


تعؤئي) تتتتيق رقي أن يبزيه إل التق تمن 
ل اد قا لين كورب (150 )4 [سورة يونس 54 5"] . 

يقول سيد " وهذه الأمور المسئول عنها من إعادة الخلق 
وهدايتهم إلى الحقء» ليست من مسلمات اعتقادهم كالأولى 
يقصد بذلك ما جاء في سياق الآيات التي قبلها من سؤال الله 
للمشركين عمّن يرزقهم ويحيي ويدبر الأمر وإجابتهم بأنه الله 
لكنه يوجه إليهم فيها السؤال ارتكانا على مسلماتهم فهي من 
مقتضياتها بشيءٍ من التفكر والتدبر» ثم لا يطلب إليهم الجواب» 
إنما يقرره لهم اعتماداً على وضوح النتائج بعد تسليمهم 
بالمقدمات... 


)١(‏ في ظلال القران 5/0ه7"6. 
را 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





ونس يدص ِل لق حأ بنَبَمَ أمْلَايرَرَىَ »؟ والجواب 
مقرر فالذي يهدي الناس إلى الحق أولى بالإتباع؛ ممن لا 
يهتدي هو بنفسه إلا إن يهديه غيره» وهذا ينطبق على الكل» 
سواء كان المعبودون حجارة أو أشجارا أو كواكبء أو كانوا من 
البشرء بما في ذلك عيسى عليه السلام» ومن عدا عيسى عليه 
السلام أولى بانطباق هذه الحقيقة عليه ( قا لكركِيَكَ تحَكُوت 
6 ثم يقرر أن شركهم بالله إنما يقوم على الظنء وأنه لا يستند 
إلى يقين أبدا .)١('‏ 

الرابع ضرب الأمثال 

وأسلوب ضرب الأمثال من الأساليب التي جاءت في 
القران الكريم لبيان الحقائق والمعاني الخفية وإيضاحهاء وكذا 
لتقريب المراد وتفهيم المعنى وايصاله إلى ذهن السامع» واستثارة 
العقل نحو التفكير الصحيح والقياس السليم» وقد ذكر علماء 
البلاعة لامكال قوائك كثيرة 0). 


)١(‏ في ظلال القرآن ”/ ١784 - 1١778‏ .بتصرف » وينظر : مقومات التصور 
الإسلامي ص 215717 157. 
)١(‏ ينظر : أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني » مطبعة الاستقامة عالقاهرة 
»#ب.ت ٠2‏ ص ١3-1١١8‏ . 

١م‎ 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





وقد أشادت آيات القران و بهذا ا وبينت 


210 


دَرحكرورت 1 [سورة إبراهيم ]١5‏ . وقال تعالى ( وَيَْلَكت 


سا عو جيل سر سر | سه 


الْأَمَنل نَضصْرِيها امن م 2 يعَقَلّهآ إلا ا الصيلمون اتججححيررة 
العنكبوت ”5] . 

فجاءت أمثله كثيرة ذ في القران الكريم لتقرير توحيد الألوهية 
وبطلان الشرك بالله» والرد 5 المشركين في تسويتهم للمخلوق 
بالخالق بالعبادة والطاعة» وبيان ضعف وعجز ما سواه سبحانه؛ 
وبالتالي بطلان ألوهيتة ما سواه سبحانه؛ وقد وقف سيد رحمه 
الله عند كثير من الأمثلة القرآنية في هذا الباب منها 

قوله تعالى ياه أَلنَاشُ 0 سه 

#1 دوي > -20) مسر أ 


لك تتغورك من مون تلصاوو اختمشوالة وين 


دح كو اس ع يد كل مر 2 ع عاء و بو 4 
. الَذَّبَاب سَيعًا لاستتقدوه منه ضعفكت وت الل الوا ع 


. 3 


(57) مَاكَدَوُوا لله حو در إن أله قوت عَِيدٌ (10) [سورة الحج 


تقول سك ٠‏ رخيسة إلى ح " إغلانا مهشويا عاضا للشاس 
جميعاًء يعلن عن ضعف الآلهة المدعاة» الآلهة كلها التي 


١1 


ميد قطيج ومنهجة في العقيدة 


بها أولئك الظالمون» ويركن إليها أولئك الغاشمون» يعلن عن 
هذا الضعف في صورة مثلٍ معروض للأسماع والأبصارء 
مصور في مشهد شاخص متحركء تتأمله العيون والقلوب» 
مشهد يرسم الضعف المزري ويمثله أبرع تمثيلء إنه النداء 
العام» " يا أيها الناس ".. فإذا تجمع الناس على النداء أعلن لهم 
أنهم أمام مثل عام يضربء لا حالة خاصة»؛ " ضرب مثل 
فاستمعوا له ".. هذا المثل يضع قاعدة؛ ويقرر حقيقة 


1# 


(إرى أ لدبت دعوت من دون أله ان يحُلْقَوادَْأبَاوَلَو 
1 4 هرن تتهون مرة خوث الله مخ آلعة مدعاة مث 
أصنام وأوثان» ومن أشخاص وقيم وأوضاع.؛ تستنصرون بها 
من دون الله» وتستعينون بقوتها وتطلبون منها النصر والجاه.. 
كلهم " لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا به ".. والذباب صغير حقير» 
ولكن هؤلاء الذين يدعونهم آلهة لا يقدرون ولو اجتمعوا 
وكشالكوا على يكاق هذا الثياب: السنفين الحقين ؟ 

وخلق الذباب مستحيل كخلق الجمل والفيل» لأن الذباب 
يحتري على ذلك النر البسدن.متو الحياة فسترئ في اسكحالة 
خلقه مع الجمل والفيل» ولكن الأسلوب القرآني المعجز يختار 
الذباب الصغير الحقير لأن العجز عن خلقه يلقي في الحس 


١17 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ظل الضعف أكثر مما يلقيه العجز عن خلق الجمل والفيل! 
دون أن يخل هذا بالحقيقة في التعبير» وهذا من بدائع الأسلوب 
القرآاني العجيب! 

ثم يخطو خطوة أوسع في إبراز الضعف المزري ' وإن 
يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه " والآلهة المدعاة لا تملك 
استنقاذ شيء من الذباب حين يسلبها إياه»ء سواء كانت أصناماً 
أو أوثاناً أو أشخاصاً! وكم من عزيز يسلبه الذباب من الناس 
فلا يملكون رده؛ وقد اختير الذباب بالذات وهو ضعيف حقير» 
وهو في الوقت ذاته يحمل أخطر الأمراض ويسلب أغلى 
النفائس يسلب العيون والجوارح» وقد يسلب الحياة والأرواح.. إنه 
يحمل ميكروب السل والتيفود والدوسنتاريا والرمد.. ويسلب ما لا 
سبيل إلى استنقاذه وهو الضعيف الحقير!» ويختم ذلك المثل 
المصور الموحي بهذا التعقيب " ضعف الطالب والمطلوب " 
ليقرر ما ألقاه المثل من ظلالء وما أوحى به إلى المشاعر 
والقلوب وفي أنسب الظروف»ء والمشاعر تفيض بالزراية 
والاحتقار لضعف الآلهة المدعاة يندد بسوء تقديرهم لله 
ويعرض قوة الله الحق الحقيق بأنه إله " ما قدروا الله حق قدره 


إن الله لقوي عزيز". ما قدروا الله حق قدره» وهم يشركون به تلك 


1011 


1771717717717 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





الآلهة الكليلة العاجزة التي لا تخلق ذباباً ولو تجمعت له؛ بل لا 
تستنقذ ما يسلبها الذباب إياه!» ما قدروا الله حق قدره وهم يرون 
آثار قدرته وبدائع مخلوقاته» ثم يشركون به من لا يستطيعون 
خلق الذباب الحقير!» ما قدروا الله حق قدره» وهم يستعينون 
بلك الآنهة العاجزة الكليلة عن استئقاذ ما يسلبها إيآه الذياب» 
ويَدَعُون الله القوي العزيز " .)١(‏ 

قوله تعالى [ صَرَتَ كم تَتَكَاينَ ضحم هل كم ين م 
مَلَكتَ أَيَمْدْكُم ين شرك ف ما رَرَقْنَصكُم فَأَثْرٌ فيه سواه 
يَعَقَلويََ 2( [سورة الروم 514] . 

يقول سيد رحمه الله -" ضرب هذا المثل لمن كانوا 
يتخذون من دون الك شركاء خلقا مخ خلقة: حذا أو ملاتقة أو 
أصناماً وأشجاراً» وهم لا يرتضون أن يشاركهم مواليهم في شيء 
مما تحت أيديهم من مالء ولا يسوون عبيدهم بأنفسهم في شيء 
من الإعتبارء فيبدو أمرهم عجباً» يجعلون لله شركاء من عبيده 
وهو الخالق الرازق وحده؛ ويأنفون أن يجعلوا لأنشسهم من 


. في ظلال القران 504”--71545 بتصرف يسير‎ )١( 
١معمو‎ 





1717 7717 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





عبيدهم شركاء في مالهم. ومالهم ليس من خلقهم إنما هو من 
رزق الله» وهو تناقض عجيب في التصور والتقدير» واذا لم يكن 
الأعلى؟ )١('‏ 

قوله تعالى (حْتَمَةَ َه حر مُتْركِنَ يودومن فُمْرِكَ اد مكَأتَمَا 
هك الما لسَمَآءِ فسَحْطفُهُ الطَيْرُ أو تَهُوى بد اريم في مَكَانِ سَحِقٍ 
15 [سورة الحج ]"١‏ » يقول سيد " إنما يريد الله من الناس أن 
يميلوا فق الشنرك كلهفوام يحتتهوا الزور كله؛ وأن يستقيموا 
على التوحيد الصادق الخالص #حتفاء لله عر مُتْرِكينَ به 6» ثم 
وريس التدن.يكنينا عزفا سيور نكال نين كرن اقدماد حرق لاق 
التوحيد» فيهوي إلى درك الشركء فإذا هو ضائع ذاهب بدداً كأن 
لم يكن من قبل أبداًء إنه مشهد الهوي من شاهق ( مَكَأنَمَا حر 
هرت السماء غ2 وفي مثل لمح الد بد 0 ( وفتخطفة ال 
6 أو تقذف به الريح بعيداً عن الأنظار ( أو تَهُو بهِ ارم في 
مَكَانِ سَّحِقَ » في هوة ليس لها قرار! وهي صورة صادقة لحال 
من يشرك بالله» فيهوي من أفق الإيمان السامق إلى حيث الفناء 


)١(‏ في ظلال القران ه/213 بتصرف يسير 
١1‏ 





7177171717 17 77 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





والانطواءء إذ يفقد القاعدة الثابتة التي يطمئن إليهاء قاعدة 
التوحيد 1 .)١(‏ 


قله تعالى [َرَبَآَمكَاعنَا لاير علو 


صد 


7 لي هه ع 


2 عر ل 0 6 #2 03 
مَن رزشئله منا رزقاحسنا فهويئفق منه سرًا وجهرا هل 


له م © مج سحلو مج رد 4 خ< 2282 رن سي ديو ع بعصم 27 
ستوون الحمد لله بل أكررهم لا يعلمون ((0) وضرب الله مثلا 
7 لد جمل رو رساوو مواد ماح - و 2 000 
نَجِاين أحدهما أببجحكم لَايمَّدِرَ عل شُويَءِ وهو لعل مله 


2 2 2 
ع ل سر رس ان 2 


ْنَمَا عه لاي تعر هَل يَْتوِى هْو وَمَن يَأمُ مدل وَهْرَ عل 
صررْط مُسَنَقِيِوٍ (1)5 إسورة النحل 078 75] ' 

يقول سيد " وانه لعجيب أن تنحرف الفطرة إلى هذا 
الحد» فيتجه الناس بالعبادة إلى ما لا يملك لهم رزقاً وما هو 
بقادر في يوم من الأيام» ولا في حال من الأحوال. ويدعون الله 
الخالق الرازق» وآلاؤه بين أيديهم لا يملكون إنكارهاء ثم يجعلون 
لله الأشباه والأمثال! ثم يضرب لهم مثلين للسيد المالك الرازق» 
وللمملوك العاجز الذي لا يملك ولا يكسب. لتقريب الحقيقة 
الكبرى التي غفلوا عنها حقيقة أن ليس لله مثال» وما يجوز أن 
يسووا في العبادة بين الله وأحد من خلقه وكلهم لهم عبيد 


. بتصرف يسير‎ 747١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١) 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





والمثل الأول مأخوذ من واقعهم؛ فقد كان لهم عبيد 
مملوكونء لا يملكون شيئاً ولا يقدرون على شيء» وهم لا 
نووت ميذا العمذ الفملوك اتفاهق والنميد الماك المخصيوف:» 
فكيف يسوون بين سيد العباد ومالكهم وبين أحد أو شيء مما 
كلق ةبركل مغارفافة له صرية؟ 

والمثل الثاني يصور الرجل الأبكم الضعيف البليد الذي 
لا يدري ولا يعود بخير»ء والرجل القوي المتكلم الآمر بالعدل؛ 
العامل المستقيم على طريق الخير. ولا يسوي عاقل بين هذا 
وذاك» فكيف تمكن التسوية بين صنم أو حجرء وبين الله 
سبحانه وهو القادر العليم الآمر بالمعروفء الهادي إلى الصراط 
المستقيم؟ " .)١(‏ 

قوله تعالى ( صَرَبِ الله متَلاَجَلا فيه سُرَكاء متشكسون ورجلا 
كما لك كل ران مل للَنَدييَهبل كيم 0 
[سورة الزمر 11] » يقول سيد رحمه الله - " يضرب الله المثل 
للعية البررهه:والحيد المشترك يعيد يملكه ركو يقاضم تعضية 
بعضاً فيه وهو بينهم موزع» ولكل منهم فيه توجيه» ولكل منهم 
عليه تكليف» وهو بينهم حائر لا يستقر على نهج ولا يستقيم 


. بتصرف يسير‎ 73١814 -4 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ع‎ 





7177171717 17 77 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 





على طريقء ولا يملك أن يرضي أهواءهم المتنازعة المتشاكسة 
المتعارضة التي تمزق اتجاهاته وقواه! وعبد يملكه سيد واحدء 
وهو يعلم ما يطلبه منه ويكلفه به» فهو مستريح مستقر على 
منهج واحد صريح؛ إنهما لا يستويان. وهذا المثل يصور حقيقة 
يديد وحقيقة الذرك في جع لحان 01 


و ع ع سر م و له 


قوله تعالى ( قل عوأ من ده بن أله ما لا يتمعن ولا يضرا 


9 
0١ 
١ 
١ 
د‎ 
6 
ه١‎ 


وَتْرَدُ عل أَعَهَإينَا بعَدَِدْ هَدَ سا لَه كَألى 0 ٍ 
32 آث الشكاة يتقو :إن الجدف قنك كن رك شدى الو هر الي 
مركا لِشَْلِمَ لِرٌَ العتكّميرت (50)) [سورة الأنعام ]١‏ . 

يقول سيد " هذا الإيقاع القوي بحقيقة الألوهية 
وخصائصهاء وباستنكار الشرك والعودة إليه بعد الهدى» وبمشهد 
الذي يرجع القهقرى مرتداً عن دين الله» وحيرته في التيه بلا 
اتجاه؛ وبتقرير أن هدى الله وحده هو الهدى... وأنما عليه 
المشركون من دعوة غير الله والاستعانة به سام لصدد 
لهؤلاء الذين يدعونهم من دونه؛ وهم لا يملكون نفعاً ولا ضراًء 
سواء كان ما يدصرفه رقنا أو هنما حجر أن شجراء زوك أ 


. "بتصرف يسير‎ ٠549/65 في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 





7177171717 17 77 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة 


ملكاء شيطاناً أم إنساناً... هو سخف يرفضه العقل البشري ذاته 
متى عرض عليه في النورء ذلك لأنهم كلهم سواء في أنهم لا 


ينفعون شيئا ولا يضرونء فهم أعجز من النفع والضر» فدعوتهم 
من دون الله» وعبادتهم والاستعانة بهم» والخضوع لهم سخف 
يرفضه العقل البشري» ولكن القرآن الكريم يعرضه في مشهد 
شاخص متحرك يرسم الضلالة والحيرة التي تنتاب من يشرك 
بعد التوحيد» ومن يتوزع قلبه بين الإله الواحد» والآلهة المتعددة 
فر لعي | 007 


5 4 لو مص _ و 2 و م 2 207 

قوله تعالى ( مثَلَ الزن امخذوا من دويت الله أوْلِساء 
56 ع غاعر مو 299 ع رون كار ا سه وو مسد عو 

لعنحكبوت اتغذت بينا وإِن أوهر السيوتٍ لبيت 


ل سر محد 


ْمَكبوبَ أوَكانوا يعَلَمُورست (1)40) [سورة العنكبوت 4١‏ 47] . 
يقول سيد " إن هنالك قوة واحدة هي قوة اللهء وما عداها 
من قوة الخلق فهو هزيل واهن» من تعلق به أو احتمى فهو 
كالعنكبوت الضعيفة تحتمي ببيت من خيوط واهية فهي وما 
تحتمي به سواء إنه تصوير عجيب صادق لحقيقة القوى في 
هذا الوجودء الحقيقة التي يغفل عنها الناس أحياناً» فيسوء 
تقديرهم لجميع القيم» ويفسد تصورهم لجميع الارتباطات» وتختل 


. بتصرف‎ ١77235-11171/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١46 











اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


في أيديهم جميع الموازين» ولا يعرفون إلى أين يتوجهونء ماذا 
يأخذون وماذا يدعون؟ " ('). 
فهذه الأمثلة وغيرها جاءعت في معرض تقرير ألوهية الله 
وابطال إشراك غيره معه» وتصوير ضعف وعجز ما سواه؛ 
وكا دمن زاك ل سبتحاقه» وكل ذلك :قن معرطن إيظان الوهية 
ادو للد مسد نا 
سادساً الاستدلال بالفطرة إن التوحيد هو الأصل في 
البشر فطرة وتاريخاً» فكل مولود يولد مفطوراً على الإيمان بالله 
والاستعداد لقبول العقائد الصحيحة؛ ولو ترك من غير مؤثر 
خارجي لما كان إلا موحدا مستسلماً لله» وهذا من لوازم الفطرة 
بحيث أصبح قبح الشرك معلوما في الفطرة السليمة» ولو لم يرد 
به شرع» فكيف وقد جاء الشرع لتقرير الفطرة» وبهذا تكون الفطرة 
من أهم الحجج التي أقامها الله على المشركين لإبطال ما هم 
عليه من الشرك» من خلال محاجتهم بما هو مستقر في فطرهم 
كما في قوله تعالى [مَالتَ مُسُلْهُرَ أت أسَهِ مَك مار السَّمْوْتٍ 


٠١51/5 في ظلال القرآن 707237-71715/5 بتصرف وينظر : أيضا‎ )١( 
9 





1717 7717 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





الور ف عن 


وَالْارْضٍ يَدَعُوخ لَتَفْرَ اأحكم ين دبك ومركم لت أجل 
مَسَمَّى ) [سورة إبراهيم 1٠١‏ . 

يقول سيد رحمه الله - " لما كان الذي يدعوهم إليه رسلهم 
هو الاعقاك بالوهية الله هده ورووييقة البشر يل شريك سن 
عباده» فإن الشك في هذه الحقيقة الناطقة التي تدركها الفطرة 
وتدل عليها آيات الله المبثوثة في ظاهر الكون المتجلية في 
صفحائكه» ينذو مستتكرا قييها» وقد اسكككر الرسيل هذا الشك: 
والمساواكة و الارحن ناهد 1107 

ولما كانت الفطرة الإنسانية تشعر بحاجتها وفقرها إلى 
ربها سبحانه» وذلك نابع من إقرارها بوجوده ووحدانيته وقدرته 
دون سواه؛ فإنا نرى العنصر البشري عامة» مؤمنا بالله كان أو 
جاحداً إذا ألمّ به خطبٌ عظيم» واجتمعت عليه الأحداث وشعر 
بالعجز سرعان ما يتوجه إلى الله وحده» وان كان يشرك معه 
غيرة» وهذا دليل على بطلان الشرك بالخالق سبحانه وتعالى. 

لهذا نجد الله سبحانه يستدل به على المشركين في أكثر 
من أيه في القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى | قل من يسيك 
)١(‏ في ظلال القرآن 7١30/5‏ وينظر : 17.1//9, 599١55.01ا31ء. ١184/5‏ 


5 ا"‎ 3 
١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





مصحررج دجو لير د در ل عءر يع “7ه ء 


من ظمت لير لحر تَدَعوئة تضرعا وخفية لَينَ محا مِنّ كاذو وي 
التكرس 05 هل أمَه بكم عناوم نهل كرب ثم أ ففركرة (151) 
[سورة الأنعام 57 15] . 

يقول سيد - رحمه الله - " يحاكمهم إلى فطرتهم التي 
تعرف حقيقة الألوهية» وتلتجئ إلى إلهها الحق في ساعة الشدة 
ويرسم لهم هذه الفطرة أمام الهول والكرب» وكيف يخالفون عنها 
في السر والرخاءء إنها تجربة يعرفها كل من وقع في ضيقة»؛ أو 
رأى المكروبين في لحظة الضيقء وظلمات البر والبحر كثيرة.. 
فالمتاهة ظلام» والخطر ظلام» والغيب الذي ينتظر الخلق في 
البر والبحر حجابء وحيثما وقع الناس في ظلمة من ظلمات 
البر والبحر لم يجدوا في أنفسهم إلا الله يدعونه متضرعين أو 
يناجونه صامتين» إن الفطرة تتعرى حينئذ من الركام» فتواجه 
الحقيقة الكامنة في أعماقهاء حقيقة الألوهية الواحدة» وتتجه إلى 
الله الحق بلا شريكء لأنها تدرك حينئذ سخافة فكرة الشرك» 
وتدرك انعدام الشريك! ويبذل المكذبون الوعودء (لَينَ أَحَنَامنَ 
عذِوء لمكن مَِّ ألشّككرنَ © والله سبحانه يقول لرسوله 4# ليذكرهم 
بحقيقة الأمر لاثلٍ هكم يها وم نكل كر »» فليس هنالك 


١57 


717 1 امتركةاقطيت ومنعجة في العقيدة 





غيره يستجيب ويقدر على دفع الكروب» ثم ليذكرهم بتصرفهم 
المنكر العجيب (ثُمَ أت مركن ». " .)١(‏ 


آم يه أ ريو مرو رء عط ص 
قوله تعالى ( وََالَأسَهُ لَا سَجِدُوا إلهَيْنِ تين إِنَمَا هوه وآحِد 


0 ©6 ل أ ع سس و له رخ سوم 01 
َإتَى فأرهبون 000 وله لسمنوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله 


فون ((0) 0 مق كين ألو ثق إن لالد مل 
5 كك لمتكي كبري شه 0 
ليَكتروأ بمآ ءار توا َسَوَقٌ مَْلَمُونَ () ) [سورة النحل ١ه‏ 5د] . 
يقول سيد " لقد أمر الله إلا يتخذ الناس إلهين اثنين» إنما 
هو إله واحد لا ثاني له» ويأخذ التعبير أسلوب التقرير والتكرير 
فيتبع كلمة إلهين بكلمة اثنين» ويتبع النهي بالقصر إنما هو إله 
واحد. ويعقب على النهي والقصر بقصر أخر " فإياي فارهبون " 
دون سواي بلا شبيه أو نظير. ويذكر الرهبة زيادة في التحذير» 
ذلك أنها القضية الأساسية في العقيدة كلهاء لا تقوم إلا بهاء ولا 
توجد إلا بوجودها في النفس واضحة كاملة دقيقة لا لبس فيها 
ولا غموض» إنما هو إله واحد» وانما هو كذلك مالك واحد " وله 
ما في السماوات والأرض ؛ ودائن واحد " وله الدين واصبا " 


)١(‏ في ظلال القرآن 77/7١1١15-1؟١١‏ بتصرف يسير 
4 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


أي وأصلاً منذ ما وجد الدين» فلا دين إلا دينه» ومنعم واحد " 
وما بكم من نعمة فمن الله" وفطرتكم تلجأ إليه وحده ساعة 
العسرة والضيقء وتنتفي عنها أوهام الشرك والوثنية فلا تتوجه 
إلا إليه دون شريك " شم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ' 
وتصرخون لينجيكم مما أنتم فيه» وهكذا يتفرد سبحانه وتعالى 
بالألوهية والملك والدين والنعمة والتوجه» وتشهد فطرة البشر بهذا 
كله حين يصهرها الضر وينفض عنها أوشاب الشرك ومع هذا 
فإن فريقا من البشر يشركون بالله بعد توحيده حالما ينجيهم من 
الضر المحيق! فينتهوا إلى الكفر بنعمة الله عليهم» وبالهدى 
ناكا الفدمرا تيوك تاليو يذ السو عه تسوت 
متكرر في البشرية» ففي الضيق تتوجه القلوب إلى الله» لأنها 
تشعر بالفطرة ألا عاصم لها سواه» وفي الفرج تتلهى بالنعمة 
والمتاع»؛ فتضعف صلتها بالله» وتزيغ عنه ألوانا من الزيغ تبدو 
في الشرك به؛ وتبدو في صور شتى من تأليه قيم وأوضاع ولو 
لم تدع باسم الإله 000 ٠‏ 

" إن فطرة الإنسان تبرز عارية حين يمسه الضرء ويسقط 
عنها الركام» وتزول عنها الحجبء وتتكشف عنها الأوهام؛ 


. بتصرف يسير‎ 7١11717-57115 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





فتتجه إلى ربهاء وتنيب إليه وحده» وهي تدرك أنه لا يكشف 
الضر غيره. وتعلم كذب ما تدعي من شركاء أو شفعاءء أما 
حين يذهب الضر ويأتي الرخاء» ويخوله الله نعمة منه» ويرفع 
عنه البلاء» فإن هذا الإنسان الذي تعرت فطرته عند مس الضر 
يعود فيضع عليها الركام وينسى تضرعه وتوحيده لربه وتطلعه 
إليه في محنته وحده حين لم يكن غيره يملك أن يدفع عنه 
محنته» ينسى هذا كله ويذهب يجعل لله أنداداً» إما آلهة يعبدها 
عجا كان في فيك الرقوة ونا كما مكاحي ايفان 
يجعل لها في نفسه شركة مع الله» كما يفعل في جاهلياته 
الكثيرة! فإذا هو يعبد شهواته وميوله ومطامعه ومخاوفه وماله 
وأولادة وتحكامفة وكتراءة كما يعية اله أو أخلضن :عنادة ونحيها 
كما يحب الله أو أشد حباً! والشرك ألوان» فيها الخفي الذي لا 
يحسبه الناس شركاً» لأنه لا يأخذ شكل الشرك المعروف وإنما 
هو من الشرك في الصميم" .)١(‏ 

سابعا بيان نهاية الشرك وخاتمة أهله وما عبد 
من دون الله سبحانه وتعالى 


. 7740/4 , 11/78 1/5/9 : ء وينظر أيضا‎ "١5١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١4 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





من الأدلة أيضاً التي جاءت في القرآن الكريم لتقرير 
ترحية الألرهية "العيادة " ويطائن الشرك الله سبحائه» الابيت لال 
ببيان عاقبة الشرك والواقعين فيه في الدنيا والآخرة؛ 

أما في الدنيا فقد ذكر الله تعالى قصة الصراع بين التوحيد 
والشرك ممثلاً بالصراع بين الرسل وأقوامهم» واخبر في نهاية كل 
قصة عن نهاية المشركين والمعاندين وسوء مصيرهم بسبب إشراكهم 
باللهء جاعلاً من ذلك دليلاً على بطلان الشرك وقبحه (). 

وأما في الآخرة فقد ذكر الله في كثير من الآيات عاقبة 
المشركين الذين يعبدون غير الله وصّور ما يكون يوم القيامة 
بين العابدين والمعبودين» وبين الأتباع والمتبوعين» وتنتصل 
المعبودين من جناية العابدين ومن ذلك 


قوله تعالى ( يكم و وما مَافب لور ين دوك الوحصية 


رخ ص 


0 لهسا واردويت هه وكا هتؤلكٍ الي ماد لق 
مَكُزنبًا يدوه (5) ) [سورة الأنبياء 94 15] . 

يقول سيد " وكأنما هم اللحظة في ساحة العرض»ء يردون 
جهنم هم وآلهتهم المدعاة» وكأنما هم يُقذفون فيها قذفاً بلا رفق 
ولا أناة» وكأنما تحصب بهم حصباً كما تحصب بالنواة! وعندئذ 


. المصدر السابق ( 5475/4 وما بعدها‎ )١( 
١72 /ا‎ 





1717 7717 11 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





يوجه إليهم البرهان على كذب ما يدعون لها من كونها آلهة.. 
من هذا الواقع المشهود ' لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها " .)١(‏ 
كه تعالي :| زرك 1ن أ حكاء هر ارا ريد 
موْلةٍ ركز لكا تَعُوأين دونك اموا لهم الول 
ِنَم احكددوت 37 العا إِلَ أَلَهيَوْمَِذِ ساد وَصَلَعَنَهُم ما 
كما يمتروة 1107 [سورة التحل 5 ]+ 
يقول سيد " ثم يقطع هذا الصمت رؤية الذين أشركوا 
لشركائهم في ساحة الحشر ممن كانوا يزعمون أنهم شركاء لله؛ 
وأنهم آلهة يعبدونهم مع الله أو من دون الله» فإذا هم يشيرون 
إليهم ويقولون! (رَبَا منوْلةٍ شآ ادن كا دَعُوأمن دونك 
6 ويفزع الشركاء ويرتجفون من هذا الاتهام الثقيل» فإذا هم 
يجبهون عبادهم بالكذب في تقرير وتوكيد '( مَألَمواإليَهُمْ ألْمَولَ 
نكم َكِب ») وإذا المشركون لا يجدون من مفترياتهم 
شيئاً يعتمدون عليه في موقفهم العصيب (") 


. 5795 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
بتصرف‎ 75١88-7١178/5 ( في ظلال القرآن‎ )7( 


١١ 





799191919191917-1-77-171سساقطود وميسبه في العقيدة ‏ 42/7 





ويذكر القرآن مواقف متعددة تظهر حال المشركين يوم 
القيامة مع شركائهم تبدأ من تنصلهم من عبادتهم إياهم وتنتهي 
بتتصل الشيطان منهم في النار. )١(‏ 


١الى.»‎ ١١85/9 و‎ ١٠. 5و‎ ١ و‎ ١ ينظر :في ظلال القرآن‎ )١( 
511١-59. و4ئ/ه 5898-59 وه/8‎ 


61 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





المبحث الثالث 


خصائص الألوهية ومجالاتها 

يرى سيد قطب رحمه الله أن الألوهية تتضمن ثلاثة 
مجالات يطلق عليها اسم خصائص الألوهية - غالباً - وهي 
تشكل بمجموعها حقيقة الدين الإسلامي» ومعنى شهادة " لا إله 
إلااللهمحشة رسحول "الله "«وهةه المخالاث أن الخصحائص 
مترابطة ينشأ بعضها عن بعضء ولا يقبل واحد منها إلا منضماً 
إليه غير في وحده غير قابلة للفصل أو التجزئة» وهذه 
المجالات أو الركائز هي 

الأول مجال الاعتقاد ويعني الاعتراف والإقرار لله بأنه 
وحده لا شريك له في ربوبيته» ولا في ألوهيته على حد سواءء 
وعدم الإشراك به أحداً لا في الربوبية ولا في الألوهية. 

يقول سيد " القاعدة التي يقوم عليها بناء العقيدة» وترجع 
إليها التكاليف والفرائضء وتستمد منها الحقوق والواجبات.. التي 
يجب أن تقوم أولاً.. هي أنه يجب ابتداءً أن يعترف الناس 
بربوبية الله وحده لهم في حياتهم كما يعترفون بألوهيته وحده في 
عقيدتهم» لا يشركون معه أحداً في ألوهيته» ولا يتشركون معه 


١16 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


أحداً في ربوبيته كذلك» يعترفون له وحده بأنه المتصرف في 
شؤون هذا الكون في عالم الأسباب والأقدارء ويعترفون له وحده 
بأنه المتصرف في حسابهم وجزائهم يوم الدين» ويعترفون له 
وحده بأنه هو المتصرف في شؤون العباد في عالم الحكم 
والشريعة كلها سواء " .)١(‏ 

وقول أبظبا " "اند لآ إله إلا فو “هذة'الوحداية الخاسمة 
التي لا مجال فيها لأي انحراف أو لبس مما طرأ على الديانات 
السابقة بعد الرسل ولا لأي غبش مما كان يرين على العقائد 
الوثتنية التي تميل إلى التوحيد ولكنها ثلّبسه بالأساطير» هذه 
الوحدانية الحاسمة الناصعة هي القاعدة التي يقوم عليها 
التصور الإسلامي» والتي ينبثق منها منهج الإسلام للحياة كلهاء 
ينشأ عنه الاتجاه إلى الله وحده بالعبودية والعبادة» والحاكمية لله 
وحده... فتوحيد الله هو إفراده - سبحانه - بالألوهية؛ 
وبخصائصها بحيث لا يكون له فيها شريك " ("). 

الثاني مجال العبادة والتوجه إلى الله وحده بالعبودية؛ 
فلا يكون الإنسان عبداً إلا لله» ولا يتجه بالعبادة إلا لله» ولا يلتزم 


وي المصدر السابق 16/١‏ 2 م بتصرف يسير . 
١5١‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إلا طاعة الله وما يأمره الله به من الطاعات» وهذه الخاصية من 
خصائص الألوهية ناشئة عن الخاصية السابقة وهي الاعتقاد 


بوحدانية الله دون شريك له في ربوبيته وألوهيته(١).‏ 


الثالث مجال الحاكمية والتشريع ويعني اعتقاد تفرد 
الله وحده بالحاكمية والتشردي » فيعون الله وحده هو المشرع 
للعباد» ويجيء تشريع البشر مستمداً من شريعة الله» وعن هذا 
التصور تنشأ قاعدة استمداد القيم كلها من اللهء فلا اعتبار لقيمة 
من قيم الحياة كلها إذا لم تقبل في ميزان الله» ولا شرعية لوضع 
أو تقليد أو تنظيم يخالف عن منهج الله وهكذا إلى أخر ما 
ينبئق عن معنى الوحدانية من مشاعر في الضمير أو مناهج 
لحياة الناس في الأرض على السواء("). 

" فأخص خصائص الألوهية» هو الحاكمية والتشريع 

5 09 ؟ 3 مه .0 5 نا 

للبشرء ووضع الأسس التي تقوم عليها حياتهم وارتباطهم " ('). 

وقد ركز مبنيد قطنب كتزرا غدى ضاق :فبذ» الكلات 
الخصائص وإيضاح مدى الارتباط بينهاء وأنها مجتمعه تمثل 


. 7585 /١ المصدر السابق‎ )١( 

() في ظلال القرآن 585/١‏ . 

(؟) المصدر السابق 5١9/7”‏ . 
م١‏ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


حقيقة الدين والتوحيد والألوهية؛ فلا يكون الدين صحيحاً إلا 
بوجودها مجتمعة. 

ومن ذلك قوله رحمه الش- " وهكذا يتبين أن الاعتراف 
بالربوبية )١(‏ لله وحده؛ والعبادة لله وحده والدينونة لله وحده 
تعني في مجموعها إفراد الله بالألوهية:؛ أو تعني بالمدلول 
الاصطلاحي " شهادة أن لا إله إلا الله "؛ وأن الاعتقاد بألوهيته 
سبحانه وربوبيته هي كالتوجه إليه وحده بالشعائر التعبدية» 
كالاعتراف بحاكميته وحده والتحاكم إلى شريعته وحدهاء كلها 
سواء في تكوين مدلول " لا إله إلا الله " فالذي يعترف بحاكمية 
غير الله وشرعه ونظامه؛ إنما يعترف لهذا الغير بالربوبية 
وبالعبادة والدين» وهذا هو الأصل العام - المعلوم من الدين 
بالضرورة - الذي يقوم عليه الحكم بكفر من لا يفرد الله سبحانه 
وتعالى بخصائص الألوهية مجتمعة - لا ببعضها دون بعض 
- وهي الاعتقاد القلبي بإلوهية الله وحده؛ والتوجه إليه بالشعائر 


التعبدية وحده؛ والدينونة له بالحاكمية وحده ممثلة في التحاكه 


ل 


)١(‏ يستخدم سيد لفظ الربوبية بمعنى : السلطان والحاكمية والدينونة » وينظر 
:التمهيد في أول هذا الباب . 
(؟) مقومات التصور الإسلامي ص ١5١‏ . 
١"‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ويقول " إن "الألوهية " و" الربوبية " و" العبادة " و" الدين " 
تذكر في القراآن في معرض '" الاعتقاد " وفي معرض " الشعائر 
' وفي معرض " الحاكمية " على السواء.. 

وتوحيد الله وبالتعبير الاصطلاحي الفقهي -" شهادة أن 
لا إله إلا الله ' وهي التي يدخل به الإنسان في الإسلام؛ 
ويكسب بها هذه الصفة» ويعصم بها دمه وماله في الإسلام؛ 
تعني هذه المعاني والمدلولات كلها مجتمعه؛ ولا توجد شرعاً إلا 
بعد توافر هذه المعاني والمدلولات مجتمعه تعني إفراد الله 
سبحانه- بالألوهية» وذلك بالاعتقاد في ألوهيته وحده؛ وبالتوجه 
إليه بالشعائر التعبدية وحده؛ وبالاعتراف له بحق الحاكمية في 
تنظيم الحياة البشرية بشريعته وحده " .)١(‏ 

وقد قرر سيد - رحمه الله - هذا الأمر في مواضع كثيرة 
('2؛ وبين أن هذا ليس " ,يا " له أو " رأياً " لغيره من البشرء بل 


. ١58-١57 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
لكلت,‎ 531953١5 - 495.08 541١ 2 554/١ ينظر: في ظلال القرآن‎ )'( 
ء لاكلا-‎ ١5::98/8 - (١١اله كقككع اكلا الى ل امكل ع ملاقء‎ 
» ومقومات التصور الإسلامي‎ » ١140.147 194515 , 18556 5 
١7*50 ء ومعالم في الطريق ص‎ 184 -181١ 165١ , ١5760155 . ١*5” ص‎ 
. وما بعدها‎ ١7 وهذا الدين ص‎ » 
١6 





79919191917-1-17-171سوساقطود وميسبه في العقيدة ‏ 427 





أنه ليس موضعاً لرأي عالم أو مفسرٍ أو مجتهدٍ من الفقهاءء إنما 
هو النص الذي لا مجال فيه للتأويل» والحكم المعلوم من الدين 
بالضرورة» الذي لا مجال فيه للرأي والاجتهاد» فلا رأي مع النص 
وانما هو بيان لأصل هذا الحكم في العقيدة الإسلامية والمنهج 
القرآني» وموضعه في النصوص التي وردت به ('). 

وفي هذا المبحث بيان لخصائص ومجالات الألوهية عند 
سيد - رحمه الله - وذلك في المطالب الثلاثة الآتية 


١3” ده‎ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


المطلب الأول 


" لا إله إلا الله " معناهاء ومقتضياتها 
ذهب كثير من المتكلمين إلى أن كلمة ' إله " تعني 
القادر على الاختراع والخلق »)١(‏ وذلك لأنهم فهموا من معنى ' 
إله " إنها بمعنى ' آلِدٌ " - أي خالق » وليست بمعنى " مألوه ' 
أي معبود (1). 
أما جمهور أهل السنة والجماعة فيقولون أن كلمة " لا 
إله إلا الله " تدل على توحيد الله تعالى في ألوهيته وربوبيته» 
وأنه من الخطأ قصرها على توحيد الربوبية» وإخراج توحيد 
الألوهية من مدلولها فمن جعل غاية معناها " لا خالق إلا الله " 
فقد جهل كثيراً من معناهاء واخطأ في فهم مدلولها. 
فالألوهية أمر زائد على الربوبية» فغالب الأمم كانت مقرة 
بالربوبية كما أخبر القرآن عنهمء وانما كانت دعوة الرسل إلى 
توحيد الألوهية والعبادة وعدم الشرك بالله سبحانه وتعالى» وكلام 
جمهور أهل السنة والجماعة في بيان معنى ' لا إله إلا الله " 


)١(‏ انظر : أصول الدين» للبغدادي ص ١١7‏ » وشرح أسماء الله الحسنى ٠»‏ للرازي 
ص ١١5‏ » واللمع » للجويني ص75 : 
(5) انظر : منهاج السنة لابن تيمية ”55/7 ء ومجموع الفتاوى ٠١١/4‏ . 

١15 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





قائم على أنها تعني ' لا معبود بحق إلا الله " وهذا الإقرار 
يتضمن الاعتراف بالربوبية كما تقدم» خلافاً للمتكلمين .)١(‏ 

ولا يفهم من هذا الكلام أن المتكلمين مشركون في 
الألوهية» بل كثير منهم يوجب عبادة الله وحده لا شريك له 
ويمنع عبادة غير الله لاسيما المتقدمون منهمء ولكنهم لا 
يجعلون ذلك من معاني التوحيد المدلول عليه بكلمة " لا إله إلا 
الله " وانما يوجبونه بأدلة أخرى من الكتاب والسنة. 

معنى ' لا إله إلا الله '" ومقتضياتها عند سيد قطب 

وقف سيد رحمه الله في الظلال وفي كتبه الأخيرة 
خاصةً في المعالم والمقومات كثيراً عند كلمة التوحيد " لا إله 
إلا الله " وراعه ما وصل إليه حال كثير من المسلمين في 
الأرض من فهم لمعنى ' لا إله إلا الله " على أنها كلمة تقال 
باللسان وأداء لبعض الشعائر التعبدية» وليست منهجاً للحياة في 
كل مجالاتها. 


)١(‏ ينظر: تفسير الطبري 235/١‏ » ومجموع الفتاوى ١0/0‏ 2 وشرح العقيدة 
الطحاوية --56 . "7 ,. وتيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ص 7١‏ 
ا 


١١ لاه‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ومن ثم كان كلامه خاصة في المعالم والمقومات مركزاً 
حول بيان المدلول الحقيقي لهذه الكلمة الذي نزلت به من عند 
الله» والذي صنع الله به ما صنع في الأرض من إخراج الأمة 
المثالية» التي انطلقت تحطم الطواغيت في الأرضء» وتقيم 
مكانتها حكم الله وشريعته ومنهجه» وتجعل الدين كله لله» وبيان 
أن " لا إله إلا الله " التي يدخل بها الناس الجنة في الآخرة؛ 
وتزول بها الجاهلية من الأرض وتقام بها دولة الحق في الدنياء 
ليست هي كلمة التي تنطق باللسان دون أن يكون لها رصيد 
من يقين القلب وواقع السلوكء إنما هي تلك التي تُنْطق باللسان» 
ويملاً اليقين بها القلب وتتمثل في سلوك واقعي يقيم المنهج 
الرباني والشريعة الربانية» ويجاهد الأنظمة الجاهلية ولا يرضى 
بها ولا يرضى عنهاء والا فهي كلمة بلا رصيدء لا يقبلها الله في 
الآخرة» ولا تغير شيئاً في واقع الأرضء لأنها لم تبرأ من الشرك 
المتمثل في إقرار حاكمية البشر بدلاً من حاكمية الله والبراءة 
من الشرك وهي شرط لقبول " لا إله إلا الله " في الآخرة» وشرط 
للتمكين في الأرض في الدنيا. 

وكان أعداء الإسلام حين جاسوا خلال الديار الإسلامية: 
قد نحّوا شريعة الله عن الحكم وحكموا بدلاً منها شرائع البشر» ثم 


١1١ / 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





قالوا للناس لا بأس عليكم فأنتم مسلمون ما دمتم تُصَلُون 
وتصومون وتقدمون بشرائع العبادة! ثم سلطوا عليهم من الأفكار 
والمعتقدات والأنظمة وأنماط الحياة الواقعية ما يصرفهم عن 
الصلاة والصوم والعبادة» ثم قالوا لهم لا بأس عليكم! فأنتم 
مسلمون ما دمتم تقولون " لا إله إلا الله " "! فجاءت كتابات 
سيد رحمه الله تقول للناس إنها ليست هذه هي" لا إله إلا الله 
' التي تعطي الناس صفة الإسلام» إنما هي تلك التي ينطقها 
الناس بلسانهم» وتستيقن بها قلوبهم» ويعملون بمقتضياتها في 
واقع حياتهم.. 

عند ذلك لم يطق أعداء الإسلام من سيد رحمه الله أن 
يفسد عليهم بكتاباته جهد قرن كامل من الزمان ظلوا فيه يبعدون 
الناس عن حقيقة ' لا إله إلا الله " ويوهمونهم أنهم ما زالوا 
مسلمين» فكان ما كان 0 

ويمكن بيان معنى ' لا إله إلا الله " ومدلولها ومقتضياتها 


أولا معنى ' لا إله إلا الله " ومدلولها 


(١)اينظن‏ + مقومات القضور الإسلامي 4-81 بتضبرف ١‏ 
١48‏ 





اسرد قطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





يرى سيد رحمه الله أن معنى الشهادة ومدلولها هو 
توحيد الله تعالى حيث يقول ' والقاعدة النظرية التي يقوم عليها 
الإسلام على مدار التاريخ البشري هي قاعدة ' لا إله إلا الله ' 
أي إفراد الله سبحانه- بالألوهية والربوبية والقوامة والسلطان 
والحاكمية. 

إفراد الله بها اعتقاد في الضمير» وعبادة في الشعائر» 
وشريعة في واقع الحياة» فشهادة " أن لا إله إلا الله " لا توجد 
فعلاً» ولا تعتبر موجودة شرعاً» إلا في هذه الصورة المتكاملة؛ 
التي تعطيها وجوداً جديا حقيقياً يقوم عليه اعتبار قائلها مسلماً 
أو غير مسلم. 

ومعنى تقرير هذه القاعدة من الناحية النظرية. أن تعود 
حياة البشر بجملتها إلى الله؛ ولا يقضون هم في أي شأن من 
شؤونهاء ولا في أي جانب من جوانبهاء من عند أنفسهم؛ بل 
لابد لهم أن يرجعوا إلى حكم الله فيها ليتبعوه؛ وحكم الله هذا 
يجب أن يعرفوه من مصدر واحد يبلغهم إياه وهو رسول الله ع 
وهذا يتمثل في شطر الشهادة الثاني من ركن الإسلام " شهادة 


أت كمد رسول الله " 


١1 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


هذه هي القاعدة النظرية التي يتمثل فيها الإسلام ويقوم 

عليهاء وهي تنشئ منهجاً كاملاً للحياة حين تطبق في شؤون 
الحياة كلهاء يواجه به المسلم كل فرع من فروع الحياة الفردية 
والجماعية في داخل دار الإسلام وخارجهاء وفي علاقاته 
بالمجتمع المسلم وفي علاقات المجتمع المسلم بالمجتمعات 
الأخرى " .)١(‏ 

ويقول أيضاً تحت عنوان ' لا إله إلا الله " منهج حياة 
العبودية لله وحده هي شطر الركن الأول في العقيدة الإسلامية 
المتمثل في شهادة أن لا إله إلا الله» والتلققي عن رسول الله ع 
في كيفية هذه العبودية - هو شطرها الثاني المتمثل في شهادة 
أل تشحة ا ومنو أله 

والقلب المؤمن المسلم الذي تتمثل فيه هذه القاعدة 
بشطريهاء لأن كل ما بعدها من مقومات الإيمان وأركان الإسلام 
إنما هو مقتضى لها... ومن ثم تصبح شهادة أن لا إله إلا الله 
وأن محمداً رسول الله قاعدة لمنهج كامل تقوم عليه حياة الأمة 
المسلمة بحذافيرها.. فلا تقوم هذه الحياة قبل أن تقوم هذه القاعدة؛ 
كما أنها لا تكون حياة إسلامية إذا قامت على غير هذه القاعدة 


55-54 معالم في الطريق - سيد قطب ص‎ )١( 
١5١ 








شك إلا مر ألا معَمْدوَا لَه إيَهُدلِكَ ال ناليم وَلكنَ كر 
الذائنى له تررك 1 ا[لنورة مييق 42] ” ا/أ. 

" إن السمة الأولى المميزة لطبيعة" المجتمع المسلم ' هي 
أنه يقوم على قاعدة العبودية لله وحده في أمره كله» هذه 
العبودية التي تمثلها وتكيفها شهادة ' أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله "» وتتمثشل هذه العبودية في التصور 
الإعتقادي» كما تتمثل في الشعائر التعبدية» كما تتمثل في 
الشرائع القانونية سواء. 

فلوسن عيدا ال وخده سخ لا يعتقة يوحدائية الله سيخانة 
وتعسالى (وَوَلَ َه دوأ هين نينتا هر كه ونحد وتو 
هبون 00 وَلَهمَافِالتَمواتِ وَالارَضٍ وله ادن وَاصبَا حر اه نفو 
() [سورة النحل 5١‏ 59] . 

وليس ل ا التعبدية لأحد غير الله - 
معه أو دونه - [ كُلٌ إِنَّ صَلاقٍ وَمْتَى وَحَيَاىَ وَمَمَاقِ ينو رب الْعَلِِيتَ (09) 


سا ما كار اس هم ره وه 5 
لا سَرِبِكَ له ويدالِكَ مرت وأنَأ أَوَلَ ألْسَلِِينَ (155) [سورة الأنعام ]١517 ١55‏ . 


ذه 


. 18-97 معالم في الطريق ص‎ )١( 
00 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





وليس عبداً لله وحده من يتلقى الشرائع القانونية من أحد سوى 
الله» عن الطريق الذي بَلَعَنَا الله به وهو رسول الله و ( أَمَكَهُمَ 
ترشكيةا ك2 وأ لهم منَ أدبن سواه 1 [سورة الشورى ١١؟]‏ » 
ثكم الول دوه وا تبك عَنْهمَنَهُو اناهن لَه مَدِيدُ 
َلْعِقَابِ ) [سورة الحشر “] . 

هذا هو المجتمع المسلم» المجتمع الذي تتمثل العبودية 
اله وحده في معتقدات أفراده وشعائرهم وعبادتهم» ونظ امهم 
الجماعي وتشريعاتهم.. وأيُما جانب من هذه الجوانب تخلف عن 
الوجود فقد تخلف الإسلام نفسه عن الوجود» لتخلف ركنه الأول 
وهو" شيادة أن لذ إلة إلا الله وأن محمداً رسول الف" 13 

ويقول أيضاً " وما كانت الجاهلية العربية التي واجهها 
الإسلام أول مرة في الجزيرة العربية تنكر الله البتة» وما كانت 
تجهل أن الله هو الخالقء الرازق» القوي» الذي يجير لا يجار 
عليه..» ولم يدعها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاعتقاد بوجود 
اللهء ولكنه دعاها إلى توحيد الله» دعاها إلى الاعتقاد بأن الله هو 
الإله والرب والقيم» ودعاها إلى عبادة الله وحده والتقدم إليه 


١7 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





بالشعائرء ودعاها إلى التحاكم إلى شريعة الله وحده والدينونة له 
بالعبودية» وكانت هذه الدعوة بمضموناتها هذه كاملة» هي معنى ' 
تنياذة أن لزنه الاتز انقح قن 00 

والنتصوص في بيان معنى ' لا إله إلا الله " ومدلولها 

ثيرة جداً فيما كتبه سيد رحمه الله وكلها تقرر أن " لا إله إلا 

الله " تعني توحيد الله سبحانه وتعالى» وافراده بإلوهيته» 
وبالاعتقاد بأنه هو الإله والرب والقيم الحق؛ والتقرب إليه 
بالعبادات والشعائر دون شريك» وتحكيم شرعه الذي جاء به 
رسوله محمد يَنهْ في كل شؤون الحياة ومجالاتها. 

وتقرر أن هذا هو المعنى الحقيقي لهذه الكلمة» وأن قصره 
كت يعكن: الجراتت الماك دوق حصن يفرعها م جعنافاء 
ويجعلها غير ذي فائدة في الدنيا والآخرة. 

وأن هذا المعنى هو الذي آمن من آمن به عن علم؛ وكفر 
به ورفضه من رفضه من المشركين عن علم أيضاًء فالذي قبلها 
قبلها على أنها منهج حياة متكامل اعتقادا وسلوكاً وانقياداً» 


)00 مقومات التصور الإسلامي ص /ا١٠ ٠‏ . 
١5‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





والذي رفضهاء رفضها لأنها منهج حياة أيضا يتعارض مع 
مصالحه وأهدافه في الحياة. 

ويلاحظ أن سيداً رحمه الله ركز كثيراً عند حديثه عن 
معنى ومدلول ' لا إله إلا الله " على ربطها بقضية الحاكمية 
والتشريع والطاعة» حتى جعل في بعض النصوص معنى "لا 
إله إلا الله " أي لا حاكمية ولا سلطان إلا الله» وذلك لأن الناس 
لم يكن انحرافهم في الاعتقاد بوجود الله وفي التقرب إليه 
بالشعائر والعبادات هو الغالب» إنما كان انحرافهم ولا يزال في 
مسألة التحاكم إلى غير شريعة الله والحكم بغير ما أنزل الله؛ 
وطاعة المشركين فيما يخالف شرع اللله» لهذا السبب كان تركيزه 
كثيراً على بيان دلالة " لا إله إلا الله " على هذا المعنى» وأنها 
بدونه تكون قد فقدت ركناً ومقوماً من مقوماتها التي لا تنفع 
بدونها مجتمعه كما سبق. )١(‏ 


: - ينظر في بيان معنى ' لا إله إلا الله " عند سيد - رحمه الله‎ )١( 

- في ظلال القرآن ؟/ 897 212.26 لاه.1 2 1790/9305 5ارهك- 
ا 114/5 75/5. 

- معالم في الطريق 5١-85‏ . 

- مقومات التصور الإسلامي ١8‏ وما بعدها »الصفحات: -١77 6205١0-١١‏ 
١29:‏ -لاه١.‏ 


0 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


فشهادة " أن لا إله إلا الله " ليست عبارة ولكنها منهج؛ 
فإذا ظلت مجرد عبارة فليس هي '" ركن " الإسلام المطلوب 
المعدود في أركان الإسلام. 

ومن ثم ندرك القيمة الحقيقة لمثل هذه الشهادة التي ينطق 
بها الملايين اليوم» ولكنها لا تتعدى شفاههم» ولا يترتب عليها 
أتر في حياتهم وهم يحيون على منهج جاهلي شبه وثني» بينما 
شفاههم تنطق بمثل هذه العبارة... 

إن " لا إله إلا الله " أو " ربنا الله " منهج حياة.. هذا ما 
ينبغي أن يستقر في الضمائر والأخلاد» كيما تبحث عن المنهج 
الكامل الذي تشير إليه مثل هذه العبارة وتتحراه " )١(‏ 

ثانياً مكانة " لا إله إلا الله " في الدين 

من خلال كلام سيد رحمه الله حول توحيد الألوهية الذي 
هو معنى "لا إله إلا الله " تظهر لنا المكانة الرفيعة لهذا 
التوحيد ولهذه الشهادة» ويمكن أن نوجز ذلك في النقاط التالية 

١‏ أنها التي يدخل الإنسان بها في الإسلام؛ ويعصم بها 


دمه وماله. 


. 7550/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
5م‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





يقول سيد رحم د الله - " وتوحيد الله 
وبالتعبيرالاصطلاحي الفقهي" شهادة أن لا إله إلا الله' وهي 
التي يدخل بها الإنسان في الإسلام» ويكتسب بها هذه الصفة؛ 
ويعصم بها دمه وماله في الإسلام تعني هذه المعاني 
والمدلولات كلها مجتمعه؛ إفراد الله سبحانه بالألوهية باعتقاد 
ألوهيته وحده؛ والتوجه إليه بالشعائر التعبدية» والاعتراف له 
بحق الحاكمية في تنظيم الحياة البشرية بشريعته وحده " .)١(‏ 





الإسلام للحياة كلها 
في ظلال قوله تعالى ١‏ اهل إِلَهَ 


وم صءد د 4 ص2 و 


لله ِب هو الحى الْقَيوم ] 


- 


[سورة البقرة 155] » يقول سيد رحمه الله " فهذه الوحدانية 
الحاسمة التي لا مجال فيها لأي انحراف أو لبس مما طرأ على 
الديانات السابقة بعد الرسل» ولا لأي غبش مما كان يرين على 
العقائد الوثنية... هذه الوحدانية الحاسمة الناصعة هي القاعدة 
التي يقوم عليها التصور الإسلاميء والتي ينبثق منها منهج 
الإسلام للحياة كلهاء فعن هذا التصور ينشأ الاتجاه إلى الله 


. ١552١54 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١3 61/ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وحده بالعبودية والعبادة» فلا يكون الإنسان عبداً إلا لله» ولا يتجه 
بالعبادة إلا لله ولا يلتزم بطاعة إلا طاعة الله وما يأمره الله به 
من الطاعات؛ وعن هذا التصور تنشأ قاعدة الحاكمية لله وحده.» 


فيكون الله وحده هو المشرع للعباد» ويجيء تشريع البشر مستمداً 
من شريعة الله» وعن هذا التصور تنشأ قاعدة استمداد القيم كلها 
من الله» فلا اعتبار لقيمة من قيم الحياة كلها إذا لم تقبل في 
ميزان الله» ولا شرعية لوضع أو تقليد أو تنظيم يخالف عن 





يقول سيد رحمه الله " الله لا إله إلا هُوّء هذا التوحيد 
الخالص الناصع هو مفرق الطريق بين عقيدة المسلم وسائر 
العقائد» سواء منها عقائد الملحدين والمشركين» وعقائد أهل 
الكتاب المنحرفين يهوداً أو نصارى على اختلاف مللهم ونحلهم 
جميعاًء كما أنه هو مفرق الطريق بين حياة المسلم وحياة أهل 


)١(‏ في ظلان الفرآن :585/5 بتصرف يسين 
١)‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





العقائد في الأرضء فالعقيدة هنا تحدد منهج الحياة ونظامها 
تحديداً كاملا دقيقاً له 

: أنها أساس الدعوة إلى الله ومنطلة 

يقول سيد ' فالمنهج الإسلامي لم يبدأ من علاج رذائل 
الجاهلية وانحرافاتهاء إنما بدأ من العقيدة بدأ من شهادة أن لا إله 
إلا اللهء وطالت فترة إنشاء "لا إله إلا الله" هذه في الزمن حتى 
بلغت نحو ثلاثة عشر عاماًء لم يكن فيها غاية إلا هذه الغاية! 
تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهم لسلطانه» حتى 
إذا خلصت نفوسهم لله» وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما 
يختاره الله» عندئذ بدأت التكاليف بما فيها الشعائر التعبدية 
وعندئذٍ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهلية" ('). 

ه أنها أول ما يجب معرفته والعلم به قبل ١‏ 


00 


يقول سيد في ظلال قوله تعالى ! كنك لآ إلَهَ إلا هه 


2 


رهج هد” .-< 


وَاسْسَْْر د يك وَلِلْمُومنينَ َلْمُؤِْنتِ ] إسورة محمد ]١1‏ هذا 
توجيه إلى تذكر الحقيقة الأولى التي يقوم عليها أمر النبي 5 


., 3”510/ 5525/١ المصدر السابق‎ )١( 


١‏ في ظلال القران - 1751 بتصرف يسير 
١8‏ 





سس سيعقطي ومنمجه في العقيدة ‏ 227 


رصح د 2 


ومن معه ( كَمْرَأَنَههْ لآ إِلَهَ إِلّا َه 4» وعلى أساس العلم بهذه 
الحقيقة واستحضارها في الضمير تبدأ التوجيهات الأخرى " (). 
أنها أ الله الثابت وحقيقته ذ 


قفي ظلال قوله تعالى ( وَمَآدسََْامِنِرَّسُولٍ ِب 





لطاع بِإِذْر الله 1 [سورة النساء 14] » يقول سيد رحمه الله 
وهذه حقيقة لها وزنهاء إن الرسول ليس مجرد " واعظ " يلقي 
كلمته ويمضيء كما يقول المخادعون عن طبيعة الدين» أو كما 
يفهم الذين لا يفهمون مدلول " الدين ". 

إن الدين منهج حياة» منهج حياة واقعية» بتشكيلاتها 
وتنظيماتهاء وأوضاعها وقيمهاء وأخلاقها وآدابهاء وعباداتها 
وشعائرها كذلك» وهذا كله يقضي أن يكون للرسالة سلطان 
يحقق المنهج» ومن هنا كان تاريخ الإسلام كما كان دعوة 
وبلاغاً» ونظاماً وحكماً» وخلافة بعد ذلك عن رسول الله 25 
تقوم بقوة الشريعة والنظام» على تنفيذ الشريعة والنظام لتحقيق 
الطاعنة الذائفة للرسول» :وتحقيق إرادة الله من إرسال الرسول.: 
وهذه هي صورة الإسلام أو الدين... ويبقى أصل الدين الثابت 
وحقيقته التي لا يوجد بغيرها.. إفراد لله سبحانه بالألوهية " 


. 5545/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





1717 7717 ا إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





شهادة أن لا إله إلا الله " ومن ثم إفراده بالحاكمية والرجوع إلى 
الله والرسول ". )١(‏ 

' ومن أجل هذا جاء كل دين من عند الله ليكون منهج 
حياة... جاء شريعة وعقيدة وشعائر تعبدية» وكانت هذه الثلاث 
هي قوام دين الله وهي مقومات لا إله إلا الله كما سبق " (2). 

'إن الدعوة الواحدة الخالدة على لسان كل رسول وفي كل 
رسالة» هي دعوة التوحيد والعبادة والعبودية لله» المتمثلة فيما 
يحكيه القرآن الكريم عن كل رسول ١‏ مَقَالَيَمَوْرِ أعبدُوا أنَهَمَالوْينَ | 
عبر لاتوت (0)) [سورة المؤمنون ؟] " 

ثالثاً مقتضيات شهادة ' أن لا إله إلا الله ' 

ركز سيد رحمه الله كثيراً عند حديثه عن كلمة التوحيد ' 
لا إله إلا الله " على بيان مقتضياتها ومستلزماتهاء فهي تعني 
عنده - كما سبق - منهج حياة؛ وبالتالي فلا يكفي أن تكون 
اعتقاداً» أو نطقاً باللسان بل لابد أن يتبعها عمل وطاعة في 
الواقع» ومقتضياتها عند سيد قطب هي 


4 


١-2 


. في ظلال القرآن 595/7 1915 بتصرف‎ )١( 
في ظلال القرآن 853/7 يتصرف يسر وينظر أيضا : ؟/55/-8؟85‎ )١( 
لاما‎ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


١‏ الاستسلام الكامل لله - تعالى اعتقاداً وشعوراً وعملاً 
اتباعاً في كل شؤون الحياة 

يقول سيد رحمه الله- " فشهادة الله سبحانه بأنه لا إله إلا 
هوء مسوقة لبيان ما هو من مستلزماتهاء وهو أنه لا يقبل إذن 
من العباد إلا العبودية الخالصة له» الممثلة في الإسلام بمعنى 
الاستسلام لا اعتقاداً وشعوراً فحسب ولكن كذلك عملاً وطاعة 
واتباعا للمنهج العملي الواقعي المتمثل في أحكام الكتاب. ومن 
هذه الناحية نجد كثيرين في كل زمان يقولون إنهم يؤمنون بالله» 
ولكنهم يشركون معه غيره في الألوهية حين يتحاكمون إلى 
شريعة من صنع غيره» وحين يطيعون من لا يتبع رسوله 
وكتابه» وحين يتلقون التصورات والقيم والموازين والأخلاق 
والآداب من غيره. فهذه كلها تناقض القول بأنهم يؤمنون بالله ولا 
تستقيم مع شهادة الله سبحانه بأنه لا إله إلا هو" )١(‏ 

إنها " ألوهية واحدة» واذن فدينونة واحدة» واستسلام لهذه 
الألوهية لا يبقى معه شيء في نفوس العباد ولا في حياتهم 
شارها هق مطاف ال ا 


. 755/١ : وينظر‎ » "8/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
كذه‎ , 381/3789 3801-1780/١ »وينظر أيضا‎ 579/١ المصدر السابق‎ )١( 


١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





؟ التوجه إليه سبحانه وحده بالعيادة والعمل 

يقول سيد " فالوحدانية التي هي قاعدة التصور الإسلامي 
ينشأ عنها الاتجاه إلى الله وحده بالعبودية» والعبادة» فلا يكون 
الإنسان عبداً إلا لله» ولا يتجه بالعبادة إلا لله» ولا يلتزم بطاعة 
لأ روما بأمره اللدحة مق الطاعاف "17 


ويقول " إن شهادة لا إله إلا الله محمداً رسول الله هي 
قاعدة العبودية الحقة وما بعدها من مقومات الإيمان وأركان 
الإسلام إنما هو مقتضى لهاء فالإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله 
واليوم الآخر والقدر خيره وشره» وكذلك الصلاة والزكاة والصيام 
والحجء ثم الحدود والتعازير والحل والحرمة والمعاملات 
والتشريعات والتوجيهات الإسلامية... إنما تقوم كلها على قاعدة 
العبودية لله وحده؛ كما أن المرجع فيها كلها هو ما بلّغْهِ لنا 
رسول الله يي عن ربه... ومن ثم تصبح شهادة " أن لا إله إلا 
الله وأن محمداً رسول الله " قاعدة لمنهج كامل تقوم عليه حياة 
الأمة المسلعة يحذافيرها ١‏ (2). 


" التلقي عن الله وحده فى كل شؤون الحياة ومجالاتها 


. بتصرف يسير‎ 71/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. معالم في الطريق ص ”17 بتصرف يسير‎ )1( 
عا‎ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


يقول سيد رحمه الله- " وكل من ينطق بالشهادتين " 
كاده أم ‏ إلهدزلة الشزوان محمد وتدوك! الله" لذ يقال له إننه 
شهد إلا أن يؤدي مدلول هذه الشهادة ومقتضاهاء ومدلولها هو 
ألا يتخذ إلا الله إلهاً ومن ثم لا يتلقى الشريعة إلا من الله 
فأخص خصائص الألوهية التشريع للعباد؛ وأخص خصائص 
العبودية التلقي من الله؛ ومدلولها كذلك ألا يتلقى من الله إلا 
عن محمد 4 بما أنه رسول الله » ولا يعتمد مصدراً أخر 
للتلقي إلا هذا المصدر "(). 

ويقول أيضا " ولا يُقبل من الفرد المسلم ولا من المجتمع 
المسلم» أقل من أن تكون حياته بجملتها من صنع هذا المنهج: 
وتحت تصرفه وتوجيهه».... لا يقبل من الفرد المسلمء ولا من 
المجتمع المسلم أن يجعل لحياته مناهج متعددة المصادر منهجاً 
لتحياة التتخصتة وللقهائن والغنادات والأغلاق:والأذات مهدا 
ين كقانه للد ومتيها الفسادلات الاقتمنافية والاجشاعية 
والسياسية والدولية مستمداً من كتاب أحدٍ أخرء أو من تفكيره 


بشري على الإطلاق!. 


. 5485-4485/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


إن مهمة التفكير البشري أن تستنبط من كتاب الله 
ومنهجه أحكاماً تفصيلية تطبيقية لأحداث الحياة المتجددة؛ 
وقضيتها المتطورة بالطريقة التي رسمها ولا شيء وراء ذلك؛ 
وإلا فلا إيمان أصلاً ولا إسلام؛ لا إيمان ابتداءً ولا إسلام» لأن 
الذين يفعلون ذلك لم يدخلوا بعد في الإيمان» ولم يعترفوا بعد 
بأركان الإسلام» وفي أولها "شهادة أن لا إله إلا الله " التي ينشأ 
منها أن لا حاكم إلا الله؛ وأن لا مشرع إلا الله .)١('‏ 

: الحكم بما أنزل الله ود شريعته والتحاكم | 
دون ما سواها 

يقول سيد رحمه الله - " إن الحكم بما أنزل الله دون سواه 
هو مظهر سلطان الله» وحاكميته ومظهر'" أن لا إله إلا الله " 
()» وأن " شهادة لا إله إلا الله" ينشأ منها أن لا حاكم إلا الله 
وأن لا مشرع إلا الله " (5)؛ " ومن الشهادة لله بالوحدانية تنشأ 
قاعدة الحاكمية لله وحده» فيكون هو وحده المترع للعباد» ومنه 
تستمد القيم في الحياة كلها " (؟). 


. يتصرف‎ 2١5/7 في ظلال القرآن‎ )١( 

. 878 المصدر السابق ؟/‎ )١( 

(5) المصدر السابق 7٠١6/7‏ . 

(54) المصدر السابق ١85/١‏ بتصرف وينظر أيضا : ١537/9‏ . 
١7‏ 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





' فالإسلام هو قبل كل شيء " نظام ". نظام للحياة 
البشرية ذو خصائص حميدة؛ يقوم على أساس تحكيم شريعة 
الله وحدها - كما هي مبينه في كتابه وفي سنة رسوله 2 - 
في أوضاع الحياة كلها وهذا التحكيم هو المقتضى الأول 
لشهادة " أن لا إله إلا الله " بل هو المدلول الأول لهذه الشهادة؛ 
والمدلول الذي لا يتحقق لهذه الشهادة بدون وجود في ضمير 
الإنسان ولا في حياته سواء.. 

إن أولى خصائص الألوهية هي حق تعبيد الناس 
وتطويعهم للشرائع والأوامرء وحق أقامة النظم والأوضاع 
والمناهج والشرائع» والقوانين والموازين» وحمل الناس على 
إتباعها... فالإقرار بإلوهية الله سبحانه- وربوبيته لا يقوم إلا 
حين تقر النفوس بألوهيته وربوبيته في السماء والأرض في 
الحياة الآخرة» وفي ضمائر الناس وشعائرهم وفي حياتهم 
وواقعهم سواء» بحيث لا تخرج جزئية واحدة من جزئيات الحياة 
البشرية -في الدنيا والآخرة - عن سلطان الله إلى سلطان سواه 
وهذا هو مدلول قوله تعالى [ وَمَْ الى ف السَمَك إِلهُ وَف الف 


6 


ِلَه وهو ليم الْعَلِيمٌ ) إسورة الزخرف 15] . 


١7 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إن هناك في جميع أنحاء الأرض في جميع الأزمنة 
والعصور قاعدتين اثنتين لتصور الحياة ونظامها 

أ- قاعدة تفرد الله سبحانه- بالألوهية والربوبية 
والقوامة والسلطان» وعليها يقوم نظام للحياة بتجرد فيه البشر 
من خصائص الألوهية.. ويعترفون بالله وحده؛ فيتلقون منه 
التصور الاعتقادي» والقيم الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية؛ 
والمناهج الأساسية للحياة الواقعية» والشرائع والقوانين التي 
تحكم هذه الحياة» ولا يتلقونها من أحد سواه وبذلك يشهدون" 
أن لا إله إلا الله ". 

ب- وقاعدة ترفض ألوهية الله سبحانه- وربوبيته 
وقوامته وسلطانه؛ إما في الوجود كله - بإنكار وجوده - واما 
في شؤون الأرض وحياة الناس ونظام المجتمع وشرائعه 
وقوانينه» فتدعى لأحد من البشر فراداً أو جماعة أو هيئة أو 
طبقة - أن يزاول من دون الله أو مع الله - خصائص 
الألوهية في حياة الناس» وبذلك لا يكون الناس الذين تقوم 
حياتهم على هذه القاعدة قد شهدوا " أن لا إله إلا الله ". " 
)00 


. بتصرف يسير‎ 5١-١ مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 


" فمن مقتضيات '" لا إله إلا الله " رد السلطان كله إلى 
الله» السلطان على الضمائر» وعلى الشعائر» وعلى واقع الحياة؛ 
وعلى المال والقضاءء والأرواح والأبدان» والثورة على السلطان 
الأرضي الذي يغتصب خصائص الألوهية» لأن الحاكمية العليا 
و 17 

"ألو هية واحدة» واذن فجهة واحدة هي صاحبة الحق في 
تعبيد الناس لها وفي تطويعهم لأمرهاء وفي إنفاذ شريعتها فيهم 
وحكمهاء وفي وضع القيم والموازين لهم وأمرهم بإتباعهاء وفي 
إقامة حياتهم كلها وفق التعليمات التي ترضاها.. وهذه هي 
مقتشبالت ‏ الشوض: 31 

ه الت التميز عن الجاهلية 

يقول سيد رحمه الله " إنما يعتبر الناس مسلمين حين 
يضمون إلى الاعتقاد والشعائر» إفراد الله سبحانه بالحاكمية؛ 
ورفضهم الاعتراف بشرعية كل ما لم يصدر عن الله» وهذا وحده 
هو الإسلام لأنه مدلول شهادة "أن لا إله إلا الله وأن محمداً 


)١(‏ معالم في الطريق 5 ؛اص 
)١(‏ في ظلال القرآن "19/١‏ » وينظر أيضا : 5857/١‏ 2 59354/5- 25955 5/ 


١ 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





زسول اننا كما غرف هذا المحلول: في الاعتقان الإسلامي وفي 
الواقع الإسلامي سواء!» ثم يتجمع هؤلاء الذين يشهدون" أن لا 
إله إلا الله ' 0 هذا التحن وبهذا العدلول: في تجمع حركن 


بقيادة ؛ وينسلخوا من التجمع الجاهلي وقيادته الجاهلية 
ود 
* الجهاد في سبيل تحقيق ألوهية الله في الأرمن 


يقول سيك رحمه الله " .ومقتضبى. هذه القنيادة لا إلة.إلا 
الله محمد رسول الله أن يجاهد إذن لتصبح الألوهية لله وحده 
في الأرض كما بلغها محمد يخ فيصبح المنهج الذي أراده الله 
للناس والذي بلغه عنه محمد يخ هو المنهج السائد والغالب 
والمطاعء؛ وهو النظام الذي يصرّف حياة الناس كلها بلا 
استثناء.. فإذا اقتضى هذا الأمر أن يموت في سبيله فهو إذن 
شهيدء أي شاهد طلب الله إليه أداء هذه الشهادة فأداهاء واتخذه 
الله شهيداًء ورزقه هذا المقام» وهذا فقه قوله تعالى (وَسَّخِدٌ 

كع تدا وَأمَّه لا يت لطَلِينَ 1 إسورة آل عمران ]١ ٠١‏ » وهو 
دن تسهادة أن لا إلهه إلا اراق محهذا يسول الله " 


2 17-95 بتصرف يسير » معالم في الطريق ص‎ ١597/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
.١50 
1 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ومقتضباها لاما أنتهى إلينه مدلول هنذه:الشهادة من الرخض 
والتفاهة والضياع! .)١('‏ وهذا من أهم أهداف الجهاد في سبيل 
الله كما فهمة الرعيل الأول والذي عبروا عنه بقولهم " ابتعثنا الله 
لنخرج من شاء من عبادة العباد» إلى عبادة الله وحده؛ ومن 
جور الأديان إلى عدل الإسلام " ("). 

فهذه جمله من مقتضياتها ومستلزمات كلمة التوحيد» عند 
سيد قطب رحمه الله والتي لابد من توافرها حتى تكون الشهادة 
صحيحة مقبولة نافعة في الدنيا والآخرة. 

رابعاً الانحراف عن مفهوم ' لا إله إلا الله " وواجب 
الدعاة اليوم نحو ذلك 

ركز سيد رحمه الله كثيراً على مسألة الغبش والغموض 
الذي أحاط بمفهوم ' لا إله إلا الله " في الواقع الإسلامي 
المعاصرء وبيّن واجب الدعاة والحركات الإسلامية نحو ذلك. 

ففي ظلال قوله تعالى [ وَكَدَِكَ تتَصَلُ لبت وَلِتَسييِينَ 


سَِِلُ الْمَجْرِمِينَ 1 [سورة الأنعام هه] » تحدث سيد عن منهج 


5857/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
وينظر أيضا : فصل" الجهاد في سبيل الله "من‎ » ٠١57/7 المصدر السابق‎ )"( 
. كتاب معالم في الطريق ص ”5 وما بعدها‎ 

١8 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


القرآن في العقيدة والحركة بهاء وأنه يقوم على بيان الحق 
واظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين» وبيان الباطل وكشفه 
أيضاً حتى تستبين سبيل المجرمين» وأن ذلك ضروري لإنشاء 
اليقين الاعتقادي بالحقء وتقوية الاندفاع به» وبيّن أن هذا 
التحديد كان قائماً وواضحا في حياة الرعيل الأول الذين واجهوا 
الشرك والجاهلية في أول الإسلام.. 

ثم قال " ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام 
الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا ان عدم وصوح 
الشرك والوثنية والإلحاد وديانات أهل الكتاب المحرفة إنها 
تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين» في 
أوطانٍ كانت في يوم من الأيام داراً للإسلام؛ يسيطر عليها دين 
الله» وتحكم بشريعته» ثم إذا هذه الأرض» وإذا هذه الأقوام» تهجر 
الإسلام حقيقة وتعلنه اسماًء وإذا هي تتنكر لمقومات الإسلام 
اعتقاداً وواقعاً» وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقاداً! فالإسلام 
شهادة "أن لا إله إلا الله ". وشهادة " أن لا إله إلا الل" تتمثل 
في الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق هذا الكون المتصرف 
فيه» وأن الله وحده هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية 
ونشاط الحياة كله» وأن الله وحده هو الذي يتلقى منه العباد 


١ 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله؛ وأيما فرد لم 
يشهد" أن لا إله إلا الله " بهذا المدلول فإنه لم يشهد ولم يدخل 
في الإسلام بعد كائناً ما كان اسمه ولقبه ونسبه؛ وأيُما أرضٍ لم 
تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله بهذا المدلول فهي أرض لم 
تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد. 

وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء 
المسلمين» وهم من سلالات المسلمين» وفيها أوطان كانت في 
يوم من الأيام داراً للإسلام؛ ولكن لا الأقوام اليوم تشهد "أن لا 
إله إلا الله " بذلك المدلول ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى 
هذا اهدلو لم. 

وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه 
الأوطان مع هؤلاء الأقوام! أشق ما تعانيه هذه الحركات هو 
الغبش والغموض واللبس الذي أحاط بمدلول" لا إله إلا الله "» 
ومدلول الإسلام في جانب» وبمدلول الشرك وبمدلول الجاهلية 
في الجانب الأخر. 

أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق 
المسلمين الصالحين» وطريق المشركين المجرمين» واختلاط 


١1 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


الشعارات والعناوين» والتباس الأسماء والصفات؛ والتيه الذي لا 
تتحدد فيه مفارق الطريق!. 

ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون 
عليها توسيعاً وتمييعاً وتلبيساً وتخليطاً. حتى يصبح الجهر 
بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام! تهمة تكفير 
" المسلمين '!!! ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة 
المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهمء لا إلى قول الله ولا إلى 
قول رسول الله 25!. 

هذه هي المشقة الكبرى والعقبة الأولى التي لا بد أن 
يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل! يجب أن تبدأ 
الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين» ويجب 
ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل في كلمة الحق 
والفصل هوادة ولا مداهنة» وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف» 
وألا تقعدهم عنها لومه لاثم؛ ولا صيحة صائح انظروا! إنهم 
يكفرون المسلمين! 

إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون! إن 
الإسلام بَيّْنُ والكفر بَيّنُّء الإسلام شهادة " أن لا إله إلا الله ' 
بذلك المدلول فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في 


١17 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


الحياة على هذا النحو» فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين 
الغلالميق الفامقرس كوف 210 

ومن كلام - سيد في هذا النص وغيره أيضا - نلمح 
أنه رحمه الله - هاله وضع كلمة التوحيد في واقع المسلمين 
اليوم» واللبس والغبش والغموض والتميع الذي أصاب مدلولها 
وقصرها على جوانب من مدلولهاء ولذلك نجده ينبه كثيراً على 
جهود الأعداء في صرف الناس عن المدلول الحقيقي لشهادة 
التوحيد بأساليب متنوعة» وينبه الدعاة والحركات الإسلامية إلى 
أن تعي واقع المسلمين المعاصر وتنطلق لإحياء المفهوم 
الصحيح لكلمة التوحيد " لا إله إلا الله " مهتدية بمنهج القرآن؛ 
وبفعل النبي كة حيث بدأ بالتوحيد وبغرس مفهوم كلمة التوحيد 
الحقيقي في نفوس الناس فترة طويلة من الزمن» وكان بإمكانه 
أن يسلك طريقاً آخراً قد يبدو أنه أيسر من هذا الطريق» وكان 
بإمكانه - يله - أن يعلنها دعوة قومية عربية أو ثورة اقتصادية؛ 
أو راية للإصلاح الاجتماعي والخلقي أو غير ذلك» وكان سيجد 


من يعينه ويناصره؛ لكنه أعلنها عقيدة تقوم على تقرير " لا إله 


)١(‏ في ظلال القرآن ١٠١١7 -١١١5/*‏ يتصرف ء وينظر أيضا 7١01/9‏ ء 
1 . 


١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


إلآ ابه ““يمفهومها الشامل وهذا هنا يف على الذعاء الاتقاه 
إليه اليوم " .)١(‏ 

خامساً وقفات مع دعوى ' شذوذ سيد قطب في 
تفسير ' لا إله إلا الله " 

ذكر الدكتور/ ربيع المدخلي تحت عنوان" شذوذ سيد في 
تفسير" لا إله إلا الله " عن أهل العلم " (') أن سيداً خالف 
علماء التوحيد والفقه واللغة المعتبرين» وتابع المودودي في 
تفسيره لمعناهاء ثم ذكر نصوصاً من كلام سيد وهي 

١‏ قول سيد رحمه الله في كتاب" العدالة الاجتماعية " " إن 
الأمر المستيقن في الدين أنه لا يمكن أن يقوم في الضمير 
عقيدة» ولا في واقع الحياة ديناً» إلا أن يشهد الناس أن " لا إله 
إلا الله " أي لا حاكمية إلا لله» تتمثشل في قضائه وقدره» كما 
تتمثل في شرعه وأمره " ("). 


)١(‏ ينظر :" طبيعة المنهج القراني" من معالم في الطريق 55-55 » و في ظلال 
القرآن مقدمة سورة الأنعام ؟/5 ١١١5-37٠١‏ 
)١(‏ انظر : أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب - د. ربيع المدخلي ص ”57 وما 
بعدها . 
(") المصدر السابق ص "7 » والعدالة الاجتماعية لسيد قطب ص ؟8١‏ . 

١ 1 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وعلّق الدكتور/المدخلي على النص بقوله " فقد فسر " لا إله 
إلا الله " بالحاكمية» وفسر الحاكمية بالقدر والشرع» فأين توحيد 
العبادة الذي جاء به جميع الأنبياء» الذي هو المعنى الحقيق 

الخاص ب" لا إله إلا الله '؟! لقد أضاعه سيد قطب" .)١(‏ 

-١‏ قول سيد " لقد كان العرب يعرفون من لغتهم معنى إله؛ 
ومعنى ' لا إله إلا الله "» كانوا يعرفون أن الألوهية تعني 
الحاكمية العليا.. فلا حاكمية إلا لل ولا شريعة إلا من الله 
ولا شلطان لأحد غلى' أحد 'لأن: السلطان كله يه " (2, 

ولنا مع كلام الدكتور المدخلي السابق وقفات 
الوقفة الأولى النص الأول الذي ذكره د/ المدخلي عن 
سيد في العدالة الاجتماعية هو من كلام طويل لسيد يتحدث في 

سياقه عن الدعوة إلى استئناف حياة إسلامية في مجتمع مسلم» 

تحكمه العقيدة الإسلامية كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام 

الإسلامي» ويبين فيه أن المجتمع بهذا الوصف السابق قد 

توقف وجوده منذ فترة» وبالتالي فلابد من الدعوة إلى استثنافه؛ 


والجهر بهذه الدعوة على الرغم مما قد يحدث من صدمة وذعر 


. 54 أضواء إسلامية للمدخلي ص‎ )١( 
٠. بتصرف‎ ٠15 ")المصدر السابق ص 7 و في ظلال القران ك-‎ ( 
١1 





71777 777 1 إاسوحاقطيي ومنعجه في العقيصدة 





للكثيرين ممن لا يزالون يحبون أن يكونوا " مسلمين '؛ ويقررآن 
ذلك ضرورة من ضرورات الدعوة إلى الإسلام اليوم. 

ثم يقول سيد رحمه الله بعد ذلك " إن الأمر المستيقن 
في هذا الدين أنه لا يمكن أن تقوم في الضمير" عقيدة " ولا في 
واقع الحياة " ديناً " إلا أن يشهد الناس أن " لا إله إلا الله "» أي 
لا حاكمية إلا لله» حاكمية تتمثل في قضائه وقدره كما تتمثل في 
شرعة وأمره؛ وهذه كلها سواء في كونها أساساً للعقيدة لا تقوم 
ابتداءً في الضمير إلا به» كذلك لا يمكن أن يقوم في واقع 
الحياة 0 إلا أن تتمثل العقيدة في نظام واقعي للحياة... فتفرد 
فيه شريعة الله بالهيمنة على حياة الناس جملة وتفصيلاً» ويبرأ 
الحاكم والمحكوم من ادعاء حق " الألوهية " عن طريق ادعاء 
حق " الحاكمية " ومزاولة التشريع فعلاً بما لم يأذن به الله.. 

ونحن لا نحدد مدلول " الدين " ولا مفهوم " الإسلام ' 
على هذا النحو من عند أنفسنا... إنما الذي يحدد مدلول " الدين 
' ومفهوم " الإسلام " هو الله سبحانه- إله هذا الدين» ورب هذا 
الإسلام» وذلك في نصوص قاطعة لا سبيل إلى تأويلها 
(إن الْحَكْر لاي آمر ألا وَأ ِل إيَاددلِكَ ال ناليم وَلكنَ أكَيرٌ 


م سو م 


انس أ تافر تك ١‏ اتررة يوست 2 ] .. 


١ 7 1/ 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





2 4 د دض يوضر ب وى جح سو م به < آ# وه 
0 أنزّلَ ألكَه و َاتَيَعٌ أهوَاء هم وَأَحَدَرَهُمْ أن ن مستسولق عا 


بَعْضِ مآ أَنرّلَ أَسَهْإلَيَكَ ) [سورة المائدة 49] . 

رات سس رس هه هه ر# سد سا 01 هه 

وَمَن لَمَيحَحكم يمآ أَنْرَلَ أله فَأوْلتيِكَ هم ألظلِمُونَ 1 [سورة المائدة 
] 

2 هه سم أ ست سر و 01 

| فلا وَرَيَكَ لا ومنو حي يحَكُموَك هما م سجر يِْنَهُمَ ثم لا 
يدوا ف أَنَفْسِهم حَرجَاضِمًا فَصَيْت وَيُسَلْموا َلِيمًا 1 [سورة النساء 
6]. 

وكلها تقرر حقيقة واحدة أنه لا إسلام ولا إيمان بغير 


الإقرار بالحاكمية لله وحده؛ والرجوع إليه فيما يقع عليه التنازع - 
مما لم يرد فيه نص والحكم بما أنزل الله - دون سواه - في 
كل شؤون الحياة» والرضى بهذا الحكم قلبياً بعد الاستسلام له 
عملياًء هذا هو " الدين القيم " و" الإسلام الذي أراده الله من 

00) 1 

أما النص الثاني فقد جاء في سياق كلام سيد رحمه الله 
عن اهتمام القرآن والنبي هله في بداية الدعوة بالعقيدة والتربية 
عليهاء وبيان أن سبب رفض العرب لهذه الكلمة هو أنهم عرفوا 
أن توحيد الألوهية وافراد الله سبحانه وتعالى بها معناه نزع 


)١(‏ العدالة الاجتماعية : ص ( ١87-187‏ بتصرف يسير 
١‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





السلطان الذي يزاوله الكهان والحكام ورده إلى الله» والسلطان 
على الضمائر والشعائر والواقع في جميع جوانب الحياة» والثورة 
على من يغتصب أولى خصائص الألوهية وبسبب معرفتهم 
بأثر هذه الكلمة على أوضاعهم وسلطانهم استقبلوها بذلك 
العقف و العو 00 

والملاحظ في النص الأول أن سيداً فسر " لا إله إلا الله 
" بإحدى خصائصها وهي الحاكمية العامة قضاءً وقدراً وشرعاً 
وأمرأء ومن أمر الله ألا يعبد إلا إياهء كما يفهم من سياق الآيات 
المتعلقة بهذا الأمرء وكذلك في النص الثاني بيّن سبب رفض 
قريش لهذه الكلمة لأنهم يعرفون أنها منهج حياة تقوم على 
حاكمية الله في كل شؤون الحياة» ففسرها بإحدى خصائصها 
وهي الحاكمية. 

؟ قول سيد - رحمه الله- في تفسير قوله تعالى ( وهوائه 
دك إِلَّا هْوَ )4 [سورة القصص ]"١‏ '" أي فلا شريك له في الخلق 
والاختيار (0)» يقول د/ المدخلي " فهذا معنى من معاني 
الربوبية ضيع به المعنى الحقيقي لهذه الكلمة؛ ثم ذكر معنى 


.7١١.١6- 3١5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 77١7/5 في ظلال القرآن‎ )"( 
11 





سبد قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 227 





هذه الكلمة عن ابن جرير وابن كثير» وأن المقصود بها المعبود 
المتفرد بالألوهية" ('). 

الوقفة الثانية بالرجوع إلى كلام سيد في الظلال نجد أنه 
جاء في سياق كلامه عن قصة الشرك والشركاءء وما يكون 
بينهم يوم القيامة من خصام وتبرؤ» مستدلاً بذلك على بطلان 
الشرك بالله سبحانه وتعالى» بعد حكاية الله لقول المشركين للنبي 
2 ( وَقَالوَان نَع أمُدَئ مَعَكَ نُسَحَطف من أنَضِنَآ اتحصورة الفسبتهن /اذ] 
حيث جاء التقرير من الله في الآية بأنهم لا يملكون الاختيار 
لأنفسهمء فالله وحده الذي له الخلق والاختيار. 

وقد كان المشركون يشركون مع الله آلهة مدعاة؛ والله 
وحده هو الخالق المختار ولا شريك له في خلقه ولا في اختياره 
(سبكتن الله عدا طرحكورت 1 

ثم جاء قوله تعالى بعد ذلك ١ل‏ الْحَمْدف الأول وَالْآيدْرَةَ ) على 
اختياره ونعمائه وحكمه وتدبيره وهو وحده المختص بالحمد والثناء 
(ودلْحْكم وَإِهعمْنَ ؛ فيقضي بينكم بحكمه.. هكذا يطوقهم 


. 54 للمدخلي ص‎ ٠ أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب‎ )١( 
١ 





سبك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 227 





بالشعور بقدرة الله وتفرد إرادته في الوجود واطلاعه عليهم ورجعتهم 
إليه فكيف يشركون بعد هذا وهم في قبضته.. .)١(‏ 
فحديث سيد - رحمه الله - عن رد الله على المشركين 
في امتناعهم عن التوحيد واتباع النبي ِ بسبب خوفهم من أن 
يتخطفهم الناسء فرد الله عليهم بأنه هو صاحب الخلق 
والاختيار سبحانه؛» وبالتالي فلا يصح أن يشرك معه أحدء 
فسياق الحديث عن تبرير المشركين لشركهم ورد الله عليهم 
"- قول سيد رحمه الله في تفسير قوله تعالى [ إِلَندهٍ أَلتّايس ) [سورة 
الناس *] » 'والإله هو المستعلي المستولي المتسلط " (")؛ 
ويعلق الدكتور المدخلي قائلاً " من قال بهذا التفسير من 
الصحابة ومن علماء الأمة المعتبرين؟! ثم يبين معنى الربوبية 
والألوهية عند السلف» ويخلص إلى أن سيد يخلط بين معاني 
الألوهية والربوبية فيضيع بذلك توحيد الألوهية ("). 
الوقفة الثالثة وبالرجوع إلى النص في تفسير سورة الناس 
تسةدودو | 2 يفيه الورك ريو أن" (المنتفمان انوت الملكة 


. بتصرف يسير‎ 72١7/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 550 أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب د. المدخلي ص‎ )1( 
. 55-56 المصدر السابق ص‎ )"( 

0١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الإلهء تستحضر من صفات الله سبحانه ما به يدفع الشر عامة؛ 
وشر الوسواس الخناس خاصة. 

فالرب هو المربي والموجه والراعي والحامي» والملك هو 
المالك الحاكم المتصرفء والإله هو المستعلي المستولي 
المتسلط.. وهذه الصفات فيها حماية من الشر الذي يتدسس إلى 
الضيقود::: 

والله رب كل شيء؛ وملك كل شيء؛ وإله كل شيء: 
ولكن تخصيص ذكر الناس هنا يجعلهم يحسون بالقربى في 
مواقت الف انوا الست 0100) 

وكلام سيد رحمه الله - هنا بناء على مفهوم الألوهية 
عنده وأنها مصطلح شامل للدين كله يدخل فيها الربوبية 
والأسماء والصفات والعبادة عند السلف» وقد سبق بيان ذلك في 
أول هذا الفصلء فليس خلطاً بين الألوهية والربوبية وإنما استناداً 
إلى مفهوم الألوهية الشامل عنده كما سبق. 

والخلاصة أن سيداً -رحمه الله - يرى أن الألوهية التي 
هي معنى ' لا إله إلا الله ' مصطلح شامل عام يقوم على 
ثلاث خصائص كما سبق - هي ( الاعتقاد» والعبادة 


. بتصرف يسير‎ 40٠١/5 ( في ظلال القرآن‎ )١( 
حكن‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





والحاكمية )» وقد ركز على بيان هذه الثلاث المقومات لمعنى " 
لا إله إلا الله " وأنها لا تكون صحيحة ولا مقبولة إلا بوجودها 
مجتمعه» وهناك نصوص أخرى غير ما ذكره الدكتور / ربيع 
أشار فيها سيد رحمه الله إلى أن معنى ' لا إله إلا الله " يعنى 
لا حاكمية إلا لله بالمعنى العام للحاكمية كما سيأتي وربما 
فسرها أحيانا ببعض خصائص الربوبية بناء على مفهوم 
الألوهية الشامل للجميع. 

وأخيراً إذا كان سيد رحمه الله -قد فسر الألوهية في 
النصوص التي ذكرها المدخلي بالحاكمية أو بعض صفات 
الربوبية» فإنه قد فسرها أيضا بالعبادة والعبودية والإتباع في 
نصوص أخرى كثيرة سبق ذكرها عند الحديث عن معنى ' لا 
اله إلا الله " عند سيد قطب. 

فالعبادة عنده تعني ' الدينونة الشاملة لله وحده في كل 
شؤون الحياة والإتباع» وما الشعائر التعبدية إلا صورة من صور 
الدينونة لله التي يعنيها توحيد " العبادة ' .)١(‏ 


. بتصرف يسير‎ ١1١7/5 ( في ظلال القرآن‎ )١( 
اللا‎ 





سبك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 227 


المطلب الثاني 
العبادة 


الفرع الأول مفهوم العبادة لغة واصطلاحآ 

العبادة في اللغة الخضوع والتذلل(١).‏ 

أما في الاصطلاح فقد تنوعت أقوال السلف في تعريف 
العبادة؛ وأشملها قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الل " 
العبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال 
الباطنة والظاهرة» كالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق 
الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء 
بالعهود» والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار 
والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل 
والمملوك من الآدميين والبهائم» والدعاء والذكر والقراءة وأمثال 
ذلك من العبادة» وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة 


نشوا خضري التقون لكمر اليد عتمي لكر لقعم رظنا 


. ١7ص المفردات للراغب ص 547 ومختار الصحاح للرازي‎ )١( 
١04 











اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال 
ذلك هي مه الغنادة "210 


الفرع الثاني مفهوم العبادة عند سيد قطب 
تعرض سيد - رحمه الله - كثيراً لبيان معنى العبادة في 
اللغة والاصطلاح وأهميتها في حياة البشرء وعلاقتها بالعقيدة 
والحاكمية ونحوها ما يتعلق بمفهوم العبادة في الإسلام؛ وبيان 
ذلك فيما يأتي 


ع 


أولاً العبادة في اللغة 
يوضح سيد رحمه الله- معنى العبادة في اللغة فيقول ا إن 
معنى ' عَبَدَ " في اللغة دان» وخضع» وذل (')؛ وطريق معبّد 
طريق مذلل ممهد» وعبّده جعله عبداً» أي خاضعاً مذللاً (). 
وبالتالي فالعبادة تعني ' الدينونة الشاملة ' لله وحده في 
كل شؤون الدنيا والآخرة» ذلك أن هذا المدلول الذي تعطيه 
اللفظة في أصلها اللغوي... ولم يكن معناه في الاصطلاح 


7” وينظر أيضاً : تجريد التوحيد للمقريزي ص‎ "١ العبودية لابن تيمية ص‎ )١( 
. ١5 وفتح المجيد ص‎ 
.١91057/5 في ظلال القرآن‎ )"( 
. 7755 /9 : وينظر‎ » ١131/5 (؟) المصدر السابق‎ 
١) 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


الإسلامي في أول الأمر أداء الشعائر» إنما كان هو معناه 
اللغوي نفسه؛ لأنه لم يكن شيء من الشعائر قد فرض حتى 
ينطلق اللفظ إليه؛ إنما كان المقصود هو معناه اللغوي الذي 
صار هو معناه الاصطلاحيء كان المقصود به هو الدينونة لله 
وحده؛ والخضوع له وحده؛ وإتباع أمره وحده؛ سواء تعلق هذا 
الأمر بشعيرة تعبدية» أو تعلق بتوجيه أخلاقي» أو تعلق بشريعة 
قانونية» فالدينونة لله وحده في هذا كله هي مدلول العبادة التي 
خص الله سبحانه بها نفسه؛ ولم يجعلها لأحد من خلقه... ' (") 

ثانياً العبادة في الاصطلاح 

إذا كان معنى العبادة في اللغة هو " الخضوع والتذلل "؛ 
فإنها في الشرع يضاف إليها عنصراً أخر هو" الدينونة والإتباع 
" الناشئ من التعظيم لله سبحانه وتعالى والشعور بأنه وحده 
صاحب السلطان والحكم. 

ولهذا نجد سيداً رحمه الله - يقرر أن مصطلح العبادة 
في الإسلام يقوم على إفراد الله سبحانه وتعالى بالطاعة 
والخضوع والاستسلام والدينونة والإتباع في كل شؤون الحياة؛ 


. 77557779 : بتصرف يسير » وينظر‎ ١191/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١) 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وما الشعائر التعبدية إلا مظهر من مظاهر الدينونة والعبادة لله 
وحده لا شريك له. 

حيث تشتمل العبادة في الإسلام على كل نشاط يتوجه به 
الفرد إلى ربه سبحانه وتعالى أي كان هذا النشاط وفيما يلي 
بعض النصوص لسيد - رحمه الله في بيان مفهوم العبادة 

كول ديد" إن العياده هت الإنباع في الشترائع نض 
القرآن وتفسير رسول الله يه فاليهود والنصارى لم يتخذوا 
الأحبار والرهبان أرباباً بمعنى الاعتقاد بألوهيتهم أو تقديم 
الشعائر التعبدية إليهم... وانما حكم الله عليهم بالكفر لمجرد أنهم 
تلقوا منهم الشرائع فأطاعوها واتبعوها" .)١(‏ 

١‏ ويقول أيضاً ' واذا كان الله هو وحده المتفرد بالخلق 
والملك والرزق تقرر ضرورة وحتماً أن تكون له وحده العبادة 
بكل مدلولاتها ومنها الطاعة والخضوع والاستسلام" (5)» " ذلك 
أن العبادة هي العبودية وهي الدينونة وهي الإتباع والطاعة مع 


١5١ وينظر أيضا: مقومات التصور الإسلامي ص‎ ١147/7 المصدر السابق‎ )١( 
. وما بعدها‎ 
. بتصرف‎ ١١17/7” المصدر السابق‎ )١( 

١ / 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إفراد الله سبحانه وتعالى بهذه الخصائص كلها لأنها من 
مقتظبيانك: الاغتر افا لوعي 00 

* ويقول أيضاً " إن قضية " العبادة " ليست قضية 
شعائر»ء وانما هي قضية دينونة واتباع ونظام وشريعة وفقه 
وأحكام وأوضاع في واقع الحياة.. ولذلك استحقت كل هذه 
العناية في المنهج الرباني واستحقت كل هذه الرسل والرسالات» 
واستحقت كل هذه العذابات والآلام والتضحيات. 0 'ومدلول 
العبادة هو الدينونة لله وحده؛ لا في لحظات الصلاة» ولكن في 
كل شأن من شؤون الحياة '(). 

: ويقول " والعبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائرء إنما 
هي كل نشاط» كل حركة» كل خالجة كل نية» كل اتجاه» وانها 
لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دون سواه؛ 
مشقة تحتاج إلى الاصطبار» ليتوجه القلب في كل نشاط من 
نقناط الأرهن الت النساء» خالصيا فق أوسات الاركن راوها 
الضرورات» وشهوات النفس» ومواضعات الحياة. 


١51-١517 .وينظر 1857/5 » ومقومات التصور الإسلامي ص‎ 1717/9 )١( 
. 1951-995٠ : وينظر‎ ١947/4 المصدر السابق‎ )١( 
بتصرف‎ . 7١١5/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 

0 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إنه منهج حياة كامل» يعيش الإنسان وفقه» وهو يستشعر 
في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله» فيرتفع في 
نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء " .)١(‏ 

:ويقول:" والعنادة أكتمل:متن "الصبلاة» فعجادة الله تشمل 
الفرائض كلها وتزيد عليها كذلك كل عمل وكل حركة وكل 
خالجة يتوجه بها الفرد إلى الله» فكل نشاط الإنسان في الحياة 
يمكن أن يتحول إلى عبادة متى توجه القلب به إلى الله» حتى 
لذائذه التي ينالها من طيبات الحياة بلفتة صغيرة تصبح عبادات 
تكتب له بها حسنات» وما عليه إلا أن يذكر الله الذي أنعم بهاء 
وينوي بها أن يتقوى على طاعته وعبادته فإذا هي عبادات 
وحسنات (5)؛ 'ولم يتحول في طبيعتها شيء»؛ ولكن تحول 
القصند نهنا قيضا 207 " فالعبادة يدخل في نطاقها كل 
تقناط حيو يكحب هد اتحية لين انو 50 

و" البشر يملكون أن تكون حياتهم كلها عبادة دون أن 
ينقطع و للشس بيح والتعب د كلملائككقكةة» 


. 57١5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 77١5/5 المصدر السابق‎ )١( 
. 7555/5 (؟) المصدر السابق‎ 
. ١89/١ (؟) المصدر السابق‎ 
1 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


فالإسلام يعد كل حركة وكل نفس عبادة إذا توجه بها صاحبها 
إلى الله ولو كانت متاعاً ذاتياً بطيبات الحياة! " )١(‏ 

ثالثاً: خصائص العبادة في الإسلام 

أشار سيد رحمه الله - إلى بعض خصائص العبادة في 
الإسلام ومنها 

١‏ ارتبا بالعقيدة وذلك لأن الدين الإسلامي ليس 
هو مجرد عقيدة تستكن في الضمير»ء ولا مجرد شعائر تقام 
وعبادات» ولا مجرد تنظيم دنيوي منقطع الصلة بالعقيدة 
وبالشعائر التعبدية» إنما هو منهج يشمل هذا النشاط كله» ويربط 
بين جوانبه» ويشدها جميعاً إلى الأصل الأصيل» وهو توحيد 
الله والتلقي منه وحده في هذا النشاط كله دون سواه» توحيده 
إلها معبوداً» وتوحيده مصدراً للتوجيه والتشريع لكل النشاط 
الإنساني أيضاء لا ينفك هذا التوحيد عن ذاك في الإسلام 
وفي دين الله الصحيح على الإطلاق... 

إن التشريعات والتوجيهات في منهج الله إنما تنبثق كلها 
من أصل واحد» وترتكز على ركيزة واحدة؛ إنها تنبشئق من 
العقيدة في الله» وترتكز على التوحيد المطلق سمة هذه العقيدة؛ 


. المصدر السابق 710759/54؟‎ )١( 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ومن ثم يتصل بعضها ببعض» ويتناسق بعضها مع بعض» 
ويصعب فصل جزئية منها عن جزئية» وتصبح دراسة أي منها 
ناقصة بدون الرجوع إلى أصلها الكبيرء ويصبح العمل ببعضها 
دون البعض الآخر غير واف بتحقيق صفة الإسلام؛ وثمار 
المنهج الإسلامي في الحياة :)١("‏ 

' فقضية العبادة قضية عقيدة وايمان واسلام» وليست فقه 
أو سياسة أو نظام.. ثم هي بعد ذلك قضية منهج للحياة الواقعية 
يتمثل في شريعة ونظام وأحكام " ("2» " إن العبادة تعبير عن 
العقيدة فإذا لم تصح العقيدة لم تصح العبادة " (). 

١‏ الشمول_من خصائص العبادة في السلام الشمول وله 
مظاهر عديدة منها 

أشمولها لكل ما سوى الله فكل ماسوى الله هو عبد الله 
سبحانه وتعالى» وذلك أنه ليس في الوجود إلا ألوهية وعبودية 
ألوهية الله سبحانه» وعبودية ما سواه له سبحانه» وقد ركز 
المنهج القرآني كثيراً على تقرير هذه الحقيقة بأساليب متنوعة: 


. في ظلال القرآن 151/7 بتصرف يسير‎ )١( 
.51657 الات‎ ١/5, 552/5 ,5.:١0/١ : وينظر‎ ١955/5 المصدر السابق‎ )"( 
. ١5017 5/9 المصدر السابق‎ )9( 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





باعتبار أن العبودية والدينونة شاملتان للجود كله» غير 
مقصورتين على الكائن الإنساني " .)١(‏ 
' فالعبودية لله تشمل كل شيءٍ وكل حيء فلا يخرج عنها 
شيءٌ ولا حئّ في هذا الوجود» إنما يتجرد كل حي وكل شيء 
من خصائص الألوهية» ويقف موقف العبيد» إنها عبودية الكون 
المادي ممثلا في أجرامه الفلكية الكبيرة» عبودية النجوم 
والكواكب والأشياء والأحياء في عالم الغيب والشهادة» عبودية 
الخلائق العاقلة المكلفة» عبودية الملائكة والجن والأنس عبودية 
الأنبياء والرسل خاصة» عبودية الطائعين والعصاة أيضاًء إنها 
العبودية الشاملة أمام الألوهية المتفردة.. " (5") 
ب شمولها لكل شأن من شؤون الحياة (”) 
في ظلال قوله تعالى ( وَمَا حَلنْتُ نولي إلا لمَبدُون ) 
[سورة الذاريات 55] يقول سيد رحمه الله- " وهذا النص 
الصغير يحتوي حقيقة ضخمة هائلة» لا تستقيم حياة البشر 


. بتصرف‎ 87-8١ مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 

(") المصدر السابق ص ١١١0- ١75‏ بتصرف » وفي ظلال القرآن 77١١/5‏ 2 
كا . 

(؟) في ظلال القرآن 5١١5/5‏ » وينظر أيضا : 1755/9 الل 
65 . 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





بدونها... أول جانب هذه الحقيقة أن هنالك غاية معينة لوجود 
الجن والأنس» تتمثل في وظيفة هي العبادة أو العبودية لله؛ 
أن يكون هناك عبد ورب» عبد يَعبد» ورب يُعبد» وأن تستقيم 
حياة العبد كلها على أساس هذا الاعتبار. 
والجانب الأخر لتلك الحقيقة أن مدلول العبادة لا بد أن 
يكون أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشعائر. فالجن والإنس لا 
يقضون حياتهم في إقامة دار ار كا هذا. وهو 
يكلفهم ألواناً أخرى من النشاط تستغرق معظم حياتهم» وقد لا 
نعرف نحن ألوان النشاط التي يكلفها الجن» ولكننا نعرف حدود 
النشاط المطلوب من الإنسان» نعرفها من القرآن من قول الله 
تعالى (وَإِدْ قَالَ رَيْلك لِلْمَلَتيِكةَ إِنْ جَاعِلٌ في الْأَرَضٍ حَلِيمَةٌ 1 [سورة البقرة 
]"٠‏ » فهي الخلافة في الأرض إذن عمل هذا الكائن الإنساني؛ 
وهي تقتضي ألواناً من النشاط الحيوي في عمارة الأرض» 
والتعرف إلى قواها وطاقاتهاء وذخائرها ومكنوناتهاء وتحقق إرادة 
الله في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيهاء كما تقتضي 
الخلافة القيام على شريعة الله في الأرض لتحقيق المنهج 
الإلعيي د 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


ومن ثم يتجلى أن معنى العبادة التي هي غاية الوجود 
الإنساني أو وظيفة الإنسان الأولى أوسع وأشمل من مجرد 
الشعائر» وأن وظيفة الخلافة داخلة في مدلول العبادة قطعاً» وأن 
حقيقة العبادة تتمثل إذن في أمرين 

الأول استقرار معنى العبودية لله في النفس» أي استقرار 
الشعور على أن هناك عبداً وربأء عبداً يَعبدء ورباً يُعبدء وأن 
ليس وراء ذلك شيء... 

الثاني_التوجه إلى الله بكل حركة في الضميرء وكل حركة 
في الجوارح» وكل حركة في الحياة» التوجه بها إلى الله خالصة؛ 
والتجرد من كل شعورٍ آخرء ومن كل معنى غير معنى التعبد 
للهء وبذلك يتحفق معنى العبادة» ويصبح العمل كالشعائر» 
والشعائر كعمارة الأرضء وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله؛ 
والجهاد في سبيل الله كالصبر على الشدائد والرضى بقدر الله 
كلها عبادة» وكلها تحقيق للوظيفة الأولى... العبودية.. " )١(‏ 

ج شمولها لأوجه نشاط الإنسان جميعاً 


)١(‏ في ظلال القرآن 532717-7757/56 بتصرفااء وينظر "١١‏ ومقومات 
التصور الإسلامي ص ١76‏ . 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





يقول سيد ' عبادة الله وحده منهج كامل للحياة» يشمل 
تصور الإنسان لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية» ولحقيقة الصلة 
بين الخلق والخالق» ولحقيقة القوى والقيم في الكون وفي حياة 
الناس» ومن ثم ينبثق نظام للحياة البشرية قائم على ذلك 
القشوو 15ل 07). 

' فالعبادة غاية الوجود الإنساني» يدخل في نطاقها كل 
نشاط خيرٍ يتجه به صاحبه إلى الله تعالى ' ('2؛ " فالإنسان 
عندما يتجر ويعمل ويطلب الرزق... هو في حالة عبادة " (). 

" إنها العبادة» عبادة الله في الزواج» وعبادته في المباشرة 
والإنسال» وعبادته في الطلاق والانفصالء وعبادته في العدة 
والرجعة» وعبادته في النفقة والمتعة» وعبادته في الإمساك 
بمعروف أو التسريح بإحسان» وعبادته في الافتداء والتعويض» 
وعبادته في الرضاع والفصالء» عبادة الله في كل حركة وفي كل 
خطرة - ومن أجل ذلك يجيء الحديث عن الصلاة بين هذه 
الأحكام تندمج عبادة الصلاة في عبادات الحياة» الاندماج 


)١(‏ في ظلال القرآن 7357107-777/7 بتصرفااء وينظر ”١١‏ ومقومات 
التصور الإسلامي ص 7”091١/5.155‏ . 

() في ظلال القرآن ١85/١‏ . 

(5) المصدر السابق ١89/١‏ . 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الذي ينبثق من طبيعة الإسلام» ومن غاية الوجود الإنساني في 
التصور الإسلاميء ويبدو السياق موحياً هذا الإيحاء اللطيف» 
إن هذه عبادات» وطاعة الله فيها من جنس طاعته في الصلاة 
والحياة وحدة والطاعات فيها جملة» والأمر كله من الله» وهو 
منهج الله للحياة... ام 

ويبين سيد ' أن إطلاق مصطلح " العهادات " على 
الشعائر وعلى ما يكون بين العبد والرب من تعامل» في مقابل 
إطلاق مصطلح " المعاملات '" على ما يكون بين الناس 
بعضهم وبعض من تعامل جاء متأخراً عن عصر نزول القرآن 
الكريم» ولم يكن هذا التقسيم معروفاً في العهد الأول. 

إن تقسيم النشاط الإنساني إلى " عبادات ' و" معاملات ' 
مسألة جاءت متأخرة عند التأليف في مادة " الفقه '» ومع أنه 
كان المقصود به في أول الأمر مجرد التقسيم " الفني " الذي 
هو طابع التأليف العلميء إلا أنه مع الأسف أنشأ فيما بعد 
آثاراً سيئة في التصورء تبعها بعد فترة آثار سيئة في الحياة 
الإسلامية كلهاء إذ جعل يترسب في تصورات الناس أن صفة " 


١1.71555/54 ؟/لمدت‎ , 587/١ : المصدر السابق ١/8؟١»وينظر أيضا‎ )١( 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


العبادة " إنما هي خاصة بالنوع الأول من النشاطهء الذي يتناوله 
' فقه العبادات '» بينما أخذت هذه الصفة تبهت بالقياس إلى 
النوع الثاني من النشاط الذي يتناوله فقه " المعاملات ' وهو 
انحراف بالتصور الإسلامي لا شك فيه؛ فلا جرم يتبعه انحراف 
في الحياة كلها في المجتمع الإسلامي. 

ليس في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه 
معنى " العبادة " أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصفء والمنهج 
الإسلامي كله غايته تحقيق معنى العبادة؛ أولاً وأخيراً. 

وليس هناك من هدف في المنهج الإسلامي لنظام الحكم؛ 
ونظام الاقتصادء والتشريعات الجنائية» والتشريعات المدنية؛ 
وتشريعات الأسرة. وسائر التشريعات التي يتضمنها هذا المنهج: 
ليس هناك من هدف إلا تحقيق معنى " العبادة " في حياة 
الإنسان» والنشاط الإنساني لا يكون متصفاً بهذا الوصف» 
محققاً لهذه الغاية التي يحدد القرآن أنها هي غاية الوجود 
الإنساني إلا حين يتم هذا النشاط وفق المنهج الرباني» فيتم 
بذلك إفراد الله - سبحانه بالألوهية» والاعتراف له وحده 
بالعبودية» والا فهو خروج عن العبادة لأنه خروج عن العبودية؛ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


أي خروج عن غاية الوجود الإنساني كما أرادها الله» أي خروج 
عن دين الله! 

وأنواع النشاط التي أطلق عليها الفقهاء اسم " العبادات " 
حين تراجع في مواضعها في القرآن» يتبين أنها لم تجيء مفردة 
ولا معزولة عن أنواع النشاط الأخرى التي أطلق عليها الفقهاء 
اسم " المعاملات " إنما جاءت هذه وتلك مرتبطة في السياق 
القراني» باعتبار هذه كتلك شطراً من منهج ' العبادة " التي هي 
غاية الوجود الإنساني» وتحقيقاً لمعنى العبودية؛ ومعنى إفراد الله 
سبحانه بالألوهية. 

إن ذلك التقسيم مع مرور الزمن جعل بعض الناس 
يفهمون أنهم يملكون أن يكونوا " مسلمين ' إذا هم أدوا نشاط " 
العبادات " وفق أحكام الإسلام بينما يزاولون كل نشاط " 
المعاملات " وفق منهج آخر لا يتلقونه من الله ولكن من إله 
آخر! هو الذي يشرع لهم في شؤون الحياة ما لم يأذن به الله! 

وهذا وهم كبيرٌ» فالإسلام وحدةً لا تنفصم؛ وكل من 
يفصمه إلى شطرين على هذا النحو فإنما يخرج من هذه 
الوحدة» ويخرج من هذا الدين» وهذه هي الحقيقة الكبيرة التي 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


يجب أن يلقي باله إليها كل مسلم يريد أن يحقق إسلامه؛ وغاية 
وجوده الإنساني : 0 

قيامها على الإخلاص لله والمتابعة لرسوله يِة فالعبادة 
في الإسلام تقوم على ركيزتين أساسيتين هما الإخلاص والتجرد 
الكامل لله سبحانه وتعالى والانقياد له وحده» بحيث لا يكون 
لحياتهم قانون إلا ما أنزله الله تعالى» وجاء به الرسولة ('). 

: غنى الله عن عبادة الخلق ل4» وانما أ 
لحكمة 

" فالله سبحانه وتعالى غنى عن عبادة الخلق» وعباداتهم 
لا تزيد في ملكة شيئاً» كما أن تركهم عبادته لا تنقص من ملكه 
شيئاً فالله هو الغني الحميد" (5) 

وإنما اوجب الله العبادة على الخلق لحكم ومعانٍ جليلة 
فيها سعادتهم في الدنيا والآخرة» والناس لا يملكون أن يعيشوا 


غير متدينين! لا بد للناس من دينونة» والذين لا يدينون اله وحده 





)١(‏ في ظلال القرآن 0-1١9475/4‏ 1737 ١ابتصرف‏ و خصائص التصور الإسلامي 
ص ١170-1١79‏ ومقومات التصور الإسلامي ص ١55‏ وما بعدها . 
(') في ظلال القرآن 175/9 2117356 215417 ك/لا1؟ 31075 . 
(؟) في ظلال القرآن ١977/5‏ وينظر : 85١/7‏ , 1855/5 . 
١8‏ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


يقعون من فورهم في شر ألوان العبودية لغير الله» في كل جانب 
من جوانب الحياة!. 

ففي العبودية لله وحده تحريراً للعباد من عبودية العبادء 
وتحقيقاً لكرامتهم عندما لا يذلون لأحد من الخلق " .)١(‏ 

" وبذلك استحقت كل هذا الموكب الكريم من الرسل 
والرسالات»ء والجهود المضنية التي بذلها الرسل صلوات الله 
وسلامه عليهم واستحقت كل هذه العذابات والآلام التي تعرض 
لها الدعاة والمؤمنون على مدار الزمان... لا لأن الله في حاجه 
إليهاء فهو الغني سبحانه وتعالى عن العالمين ولكن لأن حياة 
البشرية لا تصلح ولا تستقيم إلا بها " ("). 

ه واقعيتها ومراعاتها للفطرة والطاقة الإنسانية 

يقول سيد " فهذا الدين كله بتكاليفه وعباداته وشرائعه 
ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته» ملحوظ فيه تلبيته تلك الفطرة» 
واطلاق هذه الطاقة» والاتجاه بها إلى البناء والاستعلاء.. " ("). 


. بتصرف » وينظر‎ ١153-4 المصدر السابق‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ ١9175 1١107/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7555/5 (؟) المصدر السابق‎ 

١6 





سس سيعقطي ومنمجه في العقيدة ‏ 227 


ََ 


رابعا :أهمية العبادة ومكانتها في الدين 
والحياة 

بين سيد في مواضع متفرقة مكانة العبادة في الإسلام 
وأهمتها في حياة البشرية ومن ذلك 

١‏ أنها غاية الوجود الإنساني 

يقول سيد - رحمه الله - " فغاية الوجود الإنساني هي 
العبادة»؛ ويدخل في نطاقها كل نشاط خير يتجه به صاحبه إلى 
الله " (١)؛‏ " إن غاية الحياة الإنسانية كما يقررها الله سبحانه 
هي عبادة الله ( وَمَا حَلَمْتٌ لفن ونس إلا َِمبْدُون ) [سورة الذاريات 
5] » هذه العبادة التي هي غاية الوجود الإنساني تتمثل في 
وظيفته التي خلق لها وهي الخلافة عن الله في هذه الأرض 
بهدى [بأن20 

١‏ أنها مقتضى الألوهية 

يقول سيد " إن مقتضى الاعتراف بألوهية الله وحده؛ 
الدينونة له وحده والاستسلام لهذه الألوهية بحيث لا يبقى معه 
شيء في نفوس العباد ولا في حياتهم خارجا عن سلطان الله 


. ١89/١ المصدر السابق‎ )١( 
. 7741/5 مقومات التصور الإسلامي ص 241” » في ظلال القرآن‎ )١( 
١١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


00 فالعياة ةل ناقيته عدن الاعتفات بالوهرقه سنتساند: ف 
عبادة إلا لله ولا استعانة إلا بالله ' (5): 

“" أنها ترفع قيمة الحياة الإنسانية وتحقق الصلاح 
والخير للبشرية 

يقول سيد " إن توحيد العبادة لله سبحانه- يجمع الكينونة 
الإنسانية ويردها إلى مصدر واحد» يجمعها شعوراً وسلوكاً: 
وتصوراً واستجابة» في كل شؤون الحياة» فلا تتفرق ولا تتمزق» 
بل تعيش في تناسق مع الكون والوجود» وتكمن أهمية هذه 
الحقيقة في تصحيح التصور الإيماني» وفي حسن تذوق الحياة؛ 
وبلوغ هذا التذوق أعلى درجات الكمال والتناسقء فقيمة الحياة 
الإنسانية ذاتها ترتفع حين تصبح كلها عبادة لله»ء وحين يصبح 
كل نشاط فيها صغر أم كبر جزءاً من هذه العبادة» أو كل 
العبادة» وفي هذا المقام يتحقق الكمال الإنساني المنشود "0). 

'وحين يرتفع الإنسان إلى هذه الأفق» أفق العبادة أو أفق 
الغدودية وسوتةن عليه فاق نفنية تان حتما سن أقشاة وسكلة 
خسيسة لتحقيق غاية كريمة.. لأن الوسيلة الخسيسة تحطم 
)١(‏ في ظلال القرآن 774/١‏ بتصرف 
(؟) المصدر السابق ١0/١‏ بتصرف 


(؟) في ظلال القرآن ١1591- ١978/5‏ بتصرف . 
١1‏ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


معنى العبادة النظيف الكريم... ومن ثم يستمتع العبد العابد 
براحه الضميرء وطمأنينة النفس» وصلاح البال في جميع 
الكحواك 10 

" ومتى استقامت الأمة المسلمة على العبادة» استقام 
كبيور ةا وانتكانت حكبانها وتيضت والقيعة القنافة 00 





' أن تضرع العباد واعلان عبوديتهم لله إنما يصلحهم؛ 
ويصلح حياتهم ومعاشهم كذلك» فمتى أعلن الناس عبوديتهم لله 
تحرروا من العبودية لسواه» تحرروا من العبودية للشيطان الذي 
يريد ليغويهم» وتحرروا من شهواتهم وأهوائهم» وتحرروا من 
العبودية للعريد: :7 () 

' فالحياة البشرية لا تبلغ مستوى الكرامة الذي يريده الله 
للإنسان إلا بأن يعزم البشر أن يدينوا لله وحده؛ وأن يخلعوا من 


)١(‏ المصدر السابق 7894-588/5 بتصرف 
)١(‏ المصدر السابق ١545/9‏ 
(؟) المصدر السابق ١77077/*‏ بتصرف 

١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


رقابهم نير الدينونة لغير الله» ذلك النير المذل لكرامة الإنسان 
في أية صورة قد كان! " )١(‏ 

' إن العبودية لله وحده تطلق الناس أحراراً كراماً شرفاء 
أعلياء»؛ والعبودية لغير الله تأكل إنسانية الناس وكرامتهم 
وحرياتهم وفضائلهم» ثم تأكل أموالهم ومصالحهم المادية في 

العباية 9 

5- أنها تحفظ الإنسان من الشيطان " فمتى اتصل القلب 
بالله» واتجه إليه بالعبادة» متى ارتبط بالعروة الوثقى التي لا 
انفصام لهاء متى أيقظ في روحه النفخة العلوية فأشرقت 
وأنارت» فلا سلطان حينئذٍ للشيطان على ذلك القلب 
الموصول بالله... فالشيطان يستذل عبيده؛ لكنه لا يجرؤ 
على عباد الرحمن» فما له عليهم من سلطان " (). 

خامساً : أضرار العبودية لغير الله 
تحدث سيد رحمه الله كثيراً عن أضرار وأثار العبودية 


لغير الله في أي صورة من صور العبودية» وأوضح ' أنه لابد 


. ١851" /4 في ظلال القرآن‎ )١( 
.1950-51999/5 , 85١/7” : وينظر‎ ١955/5 المصدر السابق‎ )"( 
. 7779/54 (؟) المصدر السابق‎ 


١51 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





من عبودية! فإن لم تكن لله وحده تكن لغير الله» والعبودية لله 
وحده تطلق الناس أحراراء كرماء شرفاء» والعبودية لغير الله تأكل 
إنسانية الناس وكرامتهم وحرياتهم وفضائلهم» ثم تأكل أموالهم 
ومصالحهم المادية في النهاية .)١('‏ 

' والذين لا يدينون لله وحده يقعون من فورهم في شر 
ألوان العبودية لغير اللهء في كل جانب من جوانب الحياة! إنهم 
يقعون فرائس لأهوائهم وشهواتهم بلا حد ولا ضابط» ومن ثم 
يفقدون خاصيتهم الآدمية ويندرجون في عالم البهيمة إإِنَّأَنََ 
يُدَجِلُ الدينَ اموأ ولوأ ألصَلِحَتٍ جَنتٍ جر ين ححا الأتهاد ودين كقروأ يتحو 
يأو نكا تَأَعلُ الْانّعَمْ والدَارْمتككُمَ 1 [سورة محمد ]١١‏ ولا يخسر 
الإنسان شيئاً كأن يخسر آدميته» ويندرج في عالم البهيمة» ثم 
هم يقعون فرائس لألوانٍ من العبودية للعبيد» يقعون في شر 
ألوان العبودية للحكام والرؤساء الذين يصرفونهم وفق شرائع من 
عند أنفسهم لا ضابط لها ولا هدف إلا حماية مصالح المشرعين 
أنفسهم» سواء تمثل هؤلاء المشرعون في فرد حاكم» أو في طبقة 
حاكمة» أو في جنس حاكم... 


. ١157/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





إن الدينونة لغير الله توقع الإنسان في برائن الأوهام 
والأساطير والخرافات التي لا تنتهي والتي تقدم فيها النذور 
والأموال وأحيانا الأولاد أضاحي لغير الله... ويعيش معها الناس 
في رعب من الأرباب الوهمية والسحرة والمشايخ والقديسين 
والجن.. حتى تتقطع أعناقهم وتتوزع جهودهم» وتتبدد طاقاتهم 
في مثل هذا الهراء! 

وتجيء أخيراً تكاليف العبودية لحاكمية التشريع البشرية؛ 
وما من أضحية يقدمها عابذ الله لله إلا ويقدم الذين يدينون 
لعين اله أحتفافها للأريات الحاكينة | من الأصوال:والأسمن 
والأعراض» وتقام أصنام من " الوطن ' ومن " القوم " ومن " 
الجنس " ومن " الطبقة " ومن " الإنتاج "... ومن غيرها من 
شتى الأصنام والأرباب.. 

وتدق عليها الطبول» وتتنتصب لها الرايات» ويُدعى عباد 
الأصنام إلى بذل النفوس والأموال لها بغير تردد» وإلا فالتردد 
هو الخيانة» وهو العارء وحتى حين يتعارض العرض» مع 
متطلبات هذه الأصنام يضحى بالعرض والشرف... 

والذين يخشون العذاب والألم والاستشهاد في سبيل الله 
وعبادته وحده عليهم أن يتأملوا ماذا تكلفهم الدينونة لغير الله في 


١175 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الأنفس والأموال والأولاد» وفوقها الأخلاق والأعراض وفوق ذلك 
كله الذل والقفين:والعان إن "200 

" إن عبودية الناس لغير الله سبحانه تنشئ في نفوسهم 
الذلة وقد أراد الله أن يقيمها على الكرامة» وتنشئ في الحياة 
الظلم والبغي وقد أراد الله أن يقيمها على القسط والعدل» وتحول 
جهود الناس إلى عبث في تأليه الأرباب الأرضية والطبل حولها 
والزمر والنفخ فيها دائماً لتكبر حتى تملأ مكان الرب الحقيقي... 
فيظل عبّادها المساكين في نصب دائم 00 

" إن تكاليف الخروج من العبودية للطاغوت والدينونة لله 
وحده مهما عظمت وشقت أقل وأهون من تكاليف العبودية 
للطواغيت! إن تكاليف العبودية للطواغيت فاحشة مهما لاح 
فيها من السلامة والأمن والطمأنينة على الحياة والمقام والرزق! 
إنها تكاليف بطيئة طويلة مديدة! تكاليف في إنسانية الإنسان 
ذاته فهذه " الإنسانية " لا توجد والإنسان عبد للإنسان» وأي 
عبودية شر من خضوع الإنسان لما يشرعه له إنسان؟!.. وأي 
عبودية شر من تعلق قلب إنسان بإرادة إنسان أخر به؛ ورضاه 


. بتصرف‎ ١1575-1١954٠0/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١851//5 المصدر السابق‎ )'( 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 


أو غضبه عليه؟!.. وأي عبودية شر من أن تتعلق مصائر 
إنسان بهوى إنسان مثله ورغباته وشهواته؟! وأي عبودية شر من 
أن يكون للإنسان خطام أو لجام يقوده منه كيفما يشاء إنسان؟! 

على أن الأمر لا يقف عند هذاء بل إنه يهبط حتى يكلف 
الناس في حكم الطواغيت أموالهم التي لا يحميها شرع؛ كما 
يكلفهم أولادهم إذ ينشئهم الطاغوت كما شاء على ما شاء من 
تصورات وأفكار وأخلاق وعادات... ويكلفهم في النهاية 
أعراضهم» حيث لا يملك أب أن يمنع فتاته من الدعارة التي 
يريدها بها الطواغيت»؛ سواء في صورة غصب مباشر»ء أو في 
صورة تنشئتهن على مفاهيم تجعلهن نهباً مباحاً.. أو غير ذلك؛ 
والذي يتصور أنه ينجو بماله وعرضه وحياة أبنائه وبناته في 
حكم الطواغيت إنما يعيش في وهم أو يفقد الإحساس بالواقع! 

إن عبادة الطاغوت عظيمة التكاليف في النفس والعرض 
والمال.. ومهما تكن تكاليف العبودية لله» فهي أربح وأقوم حتى 
بميزان هذه الحياة» فضلاً على وزنها في ميزان الله. )"١("‏ 


. 15171١ 9 : بتصرف يسير ء وينظر‎ ١7١720-1719/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


سادساً انحراف مفهوم العبادة | 

مدلول العبادة عند سيد قطب - رحمه الله يعني الدينونة 
الكاملة لله في كل شأن» ورفض الدينونة لغير الله في كل شأن» 
وهو المدلول الذي تفيده اللفظة في أصل اللغة» والذي نص 
عليه رسول الله يه نصاء وهو يفسر قوله تعالى ( أتَحَدواً 
أَحَبَارَحُمَ وَرَهكتَهُم رابا مّن دون أله 1 [سورة التوبة ]"١‏ عو" 
الشعائر التعبدية " أطلق عليها لفظ ' العبادة " باعتبارها صورة 
من صور الدينونة لله في شأن من شؤون الحياة» صورة لا 
تستغرق مدلول " العبادة " بل إنها تجيء بالتبعية لا بالأصالة!. 

ولكن الناس اليوم بهت مدلول " الدين " ومدلول " العبادة 
' في أنفسهم فصاروا يفهمون أن عبادة غير الله التي يخرج بها 
الناس من الإسلام إلى الجاهلية هي فقط تقديم الشعائر التعبدية 
لغير الله» كتقديمها للأصنام والأوثان مثلا! وأنه متى تجنب 
الإنسان هذه الصورة فقد بعد عن الشرك والجاهلية وأصبح " 
مسلماً " لا يجوز تكفيره! وتمتع بكل ما يتمتع به المسلم في 
المجتمع المسلم من صيانة دمه وعرضه وماله... إلى أخر 


حقوق المسلم على المسلم!. 


١84 


79919191917-1-17-171سوساقطود وميسبه في العقيدة ‏ 427 





وهذا وهمٌّ باطل» وانحسار وانكماش» بل تبديل وتغيير في 
مدلول لفظ " العبادة " التي يدخل بها المسلم في الإسلام أو 


يخرج منهء وهذا المدلول كما سبق هو الدينونة الكاملة لله في 
كل شأن ورفض الدينونة لغير الله في كل شأن " .)١(‏ 


00 في ظلال القرآن ١1.5--4‏ بتصرف يسير » مقومات التصور 
الإسلامي ص ١١5‏ وما بعدها . 
١25‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





المطلب الثالث 


4 


الحاكمية 
تعتبر قضية " الحاكمية " من القضايا التي شغلت حيزاً 
كبيراً في الفكر الإسلامي المعاصرء نظراً لكونها أخطر القضايا 
التي تواجه الأمة المسلمة منذ سقوط الخلافة الإسلامية» وقد 
أثارت هذه القضية جدلاً معرفياً وفكرياً واسعاً» بين الإسلاميين 
الذين ينادون بتبني الإسلام عقيدة وشريعة والعودة إلى تعاليمه 
وتحكيمها في كل جوانب الحياة البشرية» وبين خصومهم 
العلمانيين والملاحدة وغيرهم ممن يتبنى فكرة فصل الدين عن 
الحياة» واتباع ما عليه غير المسلمين من نظم وقوانين لتسيير 
حياة الشعوب» كما أثارت جدلاً بين اتجاهات الحركة الإسلامية 
المعاصرة ذاتها من جهة أخرى أيضاً. 
ولكون سيد قطب رحمه الله - من أبرز الدعاة الذين 
تكلموا عن " الحاكمية " كثيراء حيث شكلت هذه القضية منعطفاً 
حاسماً في فكره وآراءه وأحكامه؛ وركز كثيرا في كتابته على 
تحديد أبعاد هذا المصطلح؛ وبلورة مفهومه في إطار المفاهيم 
العقدية الخالصة المرتبطة بقضايا التوحيد والإيمان والكفر»ء 


١١ 


799191917-1-17-171سوساقطود وميسبه في العقيدة ‏ 427 





بحيث يلاحظ القارئ لكتب سيد رحمه الله - شيئا اسمه " 
توحيد الحاكمية ". 

وبناءً على ذلك فقد وُجة إلى سيد قطب رحمه الله - 
كثير من النقد في موضوع - الحاكمية - سواءً من خصوم 
الإسلام - العلمانيين - وغيرهم» أو من بعض المنتمين إلى 
الحركات الإسلامية المعاصرة. 

وفيما يأتي بيان لقضية الحاكمية وموقف سيد قطب منهاء 
وذلك من خلال الفروع الآتية 


١7 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الفرع الأول تعريف الحاكمية لغة واصطلاحآً : 

أولاً الحاكمية في اللغة 

الحاكمية لغة على وزن فاعلية؛ وهو من المصادر 
الصناعية» ويقصد بالمصادر الصناعية كل لفظ زيد في آخره 
ياء النسب المشددة» ثم تاء التأنيث المربوطة» وتسمى تاء النقل» 
لأن الاسم قبل اتصالها به كان له حكم المشتق من أجل ياء 
النسبء ثم لما اتصلت به نقلته إلى الاسمية المحضة» فصار 
يدل على معنى مجرد لم يكن يدل عليه من قبل الزيادة» وهذا 
المعنى المجرد هو مجموعة الصفات أو الأحكام أو القواعد 
الخاصة بذلك اللفظ (١)؛‏ ويعد المصدر الصناعي من المولد 
المقيس على كلام العرب. 
ولفهم دلالة هذا المصطلح في اللغة واصطلاح الشرع يرجع 
إلى جذره ( ح. ك. م ) 
- حيث جاء في اللغة بعدة معان هي 


)١(‏ مثل كلمة " إنسان " فان معناها الأصلي للحيوان الناطق ٠»‏ فان زيدت في آخره 
ياء مشدده وتاء التأنيث المربوطة " إنسانية " تغيرت دلالة اللفظ فأصبحت تشمل 
مجموعة من الصفات المختلفة التي يختص بها الإنسان ٠»‏ انظر : النحو الوافي » 
لعباس حسن : دار المعارف - مصر - ط ؛ ب.ت ١8١/56‏ وما بعدها 

١537 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





-١‏ القضاءء يقال حكم بينهم إذا قضى. 

؟- المنع؛ يقال حكمت عليه بكذا إذا منعته من خلافه. 

"- الفصلء» يقال حكمت بين القوم أي فصلت بينهم. 

5- الرد والرجوع يقال حكم فلأن عن الأمر إذا رجع. 

5- الإتقان» يقال أحكمه» إذا أتقنه. 

5- التفويض» يقال حكّمتُ الرجل بالتشديد» إذا فوضت الحكم إليه. 

»"- المحاكمة» أي المخاصمة إلى الحاكم. 

- الفعل حسب المراد يقال تحكم فلأن في كذاء إذا فعل ما رآه. 

الحِكّمَة؛ وتأتي لعدة معان منها العلم؛ والنبوة» والفقه» والقرآن» 
والفهم؛ وغيرها :)١(‏ 

ومما سبق تظهر غزارة مادة الجذر اللغوي للحاكمية ( ح. 

ك. م ) في لغة العرب» حيث يستعمل لعدة معان» وهذه المعاني 

لها أهمية في التأصيل لمفهوم الحاكمية باعتبار أن هناك علاقة 

ومناسبة بين المصطلح وبين المعنى اللغوي؛ فالمعاني اللغوية 


. ينظر المصادر الآتية : - القاموس المحيط للفيروز آبادي 18/5 وما بعدها‎ )١( 
.١55 ,١50/١؟ لسان العرب لابن منظور‎ - 
.١75ص المفردات للراغب الأصفهاني‎ - 
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير مطبعة أنصار‎ - 
5١9/١ السنة باكستان ب.ت‎ 
١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





تتأسس عليه الدلالات الشرعية في الأصول " القرآن والسنة " 
وتقوم عليه اصطلاحات أصحاب العلوم والفنون المختلفة .)١(‏ 
ثانياً الحاكمية في الأصول الشرعية ' القرآن والسنة " 
أما القرآن الكريم فقد ورد جذر الحاكمية ( ح. ك. م) فيه 
دالا على عدة معاني هي 
-١‏ القضاء والفصل في الخصومات 0 ييخ القاس 
ومنه قوله تعالى (( 16 ايت أنتستنةا إكاٌ 
فيهآ[إك الله د حكم بك > الجبحاد ) (1): 
5- الإحكام والإتقان ومنه قوله تعالى [الرككث أعكلت ث2 
فلت 1 [سورة هود ]١‏ . 
الفهم والفقه والعقل والعلم ومنه قوله تعالى إوَلِمَابَمَ أسدَه وأستوي 
َاسَهُ حَكَمَاوَعِلَمًا 1 [سورة القصص ؛١]‏ » وقوله تعالى ( أوْلَكَ 
ل متهم الكتب لله انب ] (1). 


)١(‏ انظر : الحاكمية في الفكر الإسلامي »د. حسن لحساسنه » كتاب الأمة » قطر 
» العدد »١78‏ سنة 57١ه‏ »ص "١‏ وما بعدها . 
)١(‏ سورة غافر: الآية /5» وينظر: سورة البقرة: الآية ١١7‏ والمائدة: الآية ٠ه‏ 
والنور: 58 والزمر: الآية 250٠‏ 55. 
(*) سورة الأنعام : الآية 89 » وينظر :سورة البقرة : الآية 519 وسورة مريم : الآية 
١1١‏ . 
١:5‏ 





77 سس سرك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 4247 





ونه عاض فكت هن 5" 
8- الننوة والرسالة ومنه قوله تعالى م رَبٌ هب . مره كي 


وَأَلْحِقَن بالصكتلِحيرت ) إسورة الشعراء 87] ' 

وقوله تعالى (وََاكنْه أنه الماك وَألْكمَةَ... 1 [سورة البقرة ]١5١‏ . 

5- القران الكريم ومنه قوله تعالى (وَكَتَِكَ أَزَلنَهُ حَكْمَاعرَييًا 1 [سورة 
الرعد /1"] . 

/ا- السنة النبوية ومنه قوله تعالى ١‏ و)3سكررت ماسّل ف مُوتِيككن 
مِنَ ءاد تٍ أله ولْْحَكمَّةٍ ] [سورة الأحزاب 4 ؟] . 

* العظة والعبرة ومنه قوله تعالى ( حِححَمَ بِيعَةٌ كََاْنٍ لنُدذ) 
[سورة القمر 5] ' 

' القضاء والقدر ومنه قوله تعالى إوَنَهيىَك لَامعَيبَ لشكيه. ) 
[سورة الرعد ]5١‏ ' 

20-٠‏ التحليل والتحريم ومنه قوله تعالى (ِإِنِ الْحْكُمْ لَه أمرَ ألا 


مدنا ل إِيَاهُ 1 [سورة يوسف ']5٠‏ 


.5١ سورة آل عمران: الاآية /ا وينظر: سورة محمد: الآية‎ )١( 
١255 





77 سر سرك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 4247 





أ- التحاكم إلى غير شرع الله كقوله تعالى إِبرِيدُونَ 
أن يَتَحَاكَموا إِلَ الطدحُوتٍ وَقَدَ أصروأ أن يَكْفْروأيه. )1 [إسورة 
النساء ]٠١6‏ وقوله تعالى (وَمن لَمَ يكم يمآ أَنَرَلَ أله 
وكيك هه )1 كَفْرُونَ 1 [سورة المائدة 55] » والحكم بما 
أنزل الله والتحاكم إليه يقتضي وجود سلطه بيدها 
الأمر والإلزام. 

ب- ولاة الأمور ومنه قوله تعالى ( وَلَامَاَطُوَاأمَوَكَم يكم 
بالل ود لوأ يآ إِلَ لكا ] [سورة البقرة ]١84‏ ويقصد بالحكام 
من بيدهم السلطة السياسية أو القضائية وهي سلطات 

ج - الشريعة ومنه قوله تعالى ( وَكْفَ حكوتك وَعِرَهم التَوْرسةٌ فيا 
حَكْمْ أَنشَّمِ 1 [سورة المائدة 57] أي شريعته 0 


: ينظر في معاني الحكم في القران‎ )١( 

- إصلاح الوجوه والنظائر للدامغاني ٠»‏ دار العلم » بيروت » طه185 ١م‏ » 
ص .١57‏ 

- المفردات للراغب ص ١١5‏ وما بعدها . 

- معجم ألفاظ القران - مجمع اللغة العربية - القاهرة طبعة ١5٠05‏ 
6" وما بعدها . 

- الحاكمية في الفكر الإسلامي د. حسن لحساسنه ص ( 1” وما بعدها . 

١ 





77 سر سرك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 4247 





أما في السنة الشريفة فقد ورد لفظ الحكم ومشتقاته في 

عدد من الأحاديث منها 

:)١( " قوله يك" إن الله هو الحكم وإليه الحكم‎ -١ 

"- قوله ي' ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها 
0 

"- قوله يتفي دعائه من الليل " وبك خاصمتء واليك 
حاكمت " بل 
الله عز وجل من فوق سبع 

سماوات " (5)» وغيرها من الأحاديث وهي في الجملة لا تخرج 
عن المعاني التي جاءت في القران الكريم. 


١45/١ رواة : أبو داود 589/5 برقم 4155 والنسائي 551/8 والبيهقي‎ )١( 
71/8 وأوراد الغليل‎ ١85١ وصححه الألباني في الجامع برقم‎ 

(5) رواة : البخاري ٠»‏ في العلم باب الإغتباط في العلم 5٠/١‏ برقم 77 » ومسلم في 
صلاة المسافرين 558/١‏ برقم 5١م‏ 

() رواة : البخاري في التهجد ١17/١‏ برقم ٠١55‏ » ومسلم 558/١‏ برقم 755 

(؟) رواة : البخاري في الجهاد باب إذا نزل العدو على حكم رجل ٠١7/7‏ ابرقم 
وومسلم في الجهاد باب جواز قتل من نقض العهد ١١١1/9‏ برقم ١757‏ 


١8 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





أما في اصطلاحات أصحاب الفنون والعلوم فان للفظ 
دلالاته الخاصة 
أ- عند الفقهاء يستعمل الحكم على عدة أوجه 
-١‏ الحكم بمعنى الأثر الذي يقتضيه خطاب الشرع 
كالوجوب والحرمة والإباحة... 
؟- الحكم بمعنى الوصف المترتب على الأثر 
كالصحة والفساد واللزوم ونحوها ('). 
ب- عند الا ن يقسم الآ ن الحكم | 
أربعة أقسام : 
-١‏ الحكم وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء 
أو التخيير أو الوضع. 
؟- المحكوم فيه وهو فعل المكلف. 
”- المحكوم عليه وهو المكلف. 
5- الحاكم وهو الله تعالى أو الشرع بعد البعثة وبلوغ الدعوة. (") 


. ”6 نظرية الإباحة عند الأصوليين لمحمد سلام مدكور» ص‎ )١( 

(') انظر : إرشاد الفحول للشوكاني : دار الفكر - بيروت - بات ص 235 
ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص >" ١والحاكمية‏ في الفكر الإسلامي د. حسن 
لحساسنه ص ل/اه- مه . 


١80 





سبك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 227 





جم عند المناطقه يطلق | شي 
١‏ - إدراك أن النسبة واقعة أو ليست واقعة» وهذا 
ما يرادف التصديق. 
١‏ - إثبات شيءٍ بشيءٍ أو نفيه عنه .)١(‏ 
د عند السياسيين: 
يقصد بالحكم والحكومة الهيئة الحاكمة التي تتولى تنظيم 
شؤون الدولة وتمثل السلطة المهيمنة فيها ("). 
ومما سبق عرضه يظهر لنا أنه بالنظر إلى جذر 
مصطلح الحاكمية (ح. ك. م ) في اللغة والشرع والاصطلاح: 
نجد أن لهذا اللفظ دلالاته الكثيرة في اللغة وهي الأصل في 
معرفة معناه؛ وان استخدام الشرع لهذا المصطلح أضاف إليها 
معاني جديدة مؤسسة على المعنى اللغوي» وكذلك اصطلاح 
أصحاب الفنون المختلفة لم يخرج في جملته عن المعنى اللغوي 
والشرعي مما يدل على غزارة معاني هذا اللفظ وتنوع استعمالاته 
حسب ما يضاف إليه 


31 الحاكنية:في'الفكق 'الإمتلامي 3+ حسق لحساسته صن‎ )١( 
+ 3 (؟) النصيذن السابق طن‎ 
١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


والبحث في مصطلح " الحاكمية 'في الفكر الإسلامي 
اليوم ينطلق من ثلاثة مداخل هي 

)١( " المدخل العقدي ' فالحاكم في الإسلام هو الله‎ ١ 
وبحث مفهوم الحاكمية في هذا المدخل ينبغي أن يكون عقدياً‎ 
من خلال النصوص الشرعية باعتبار أن الحاكمية من‎ 
خصائضن الاليشية.‎ 

؟ المدخل السياسي من خلال بحث نظرية السيادة والتي 
تتعلق بالقوانين واللوائح والسلطات التي لها السيادة والحاكمية 
على غيرها والتي تضبط وتنظم العلاقات في الدولة. 

7# الجحدل انكو ذلك من كتاذل النكلى الى كن العقن 
ووظيفته وعلاقته بالنقل ومجالات استعمال العقل» بمعنى هل 
الحاكمية للنقل أم للعقل؟ (") 

وبناء على ما سبق يمكن أن نحدد المقصود بمصطلح 
الحاكمية في بحثنا هذا بأنه ' قضية الحكم والتشريع وما يتعلق 
بها من مسائل وأبحاث '. 


)١(‏ أصول الفقه الإسلامي : محمد أبو زهرة - دار الفكر العربي - القاهرة - ب. 

ت حص *5. 

. بتصرف‎ 7-١٠١ الحاكمية في الفكر الإسلامي د . حسن لحساسنه ص‎ )١( 
١2١ 





سس سيعقطي ومنمجه في العقيدة ‏ 227 





والمرجئة وأهل السنة 

١‏ - الخوارج وفكرة الحاكمية يرى بعض الباحثين أن 
مصطلح " الحاكمية " ظهر في عهد الخوارج وأنهم أول من 
تكلم به» وذلك أنه لما قبِلَ علئ - رضي الله عنه - بتحكيم 
الحكمين في 'صفين" قال الخوارج " أتحكمون في دين الله 
الرجال؟ لا حكم إلا لله فسموا " المحكمية » وما ترتب على 
ذلك عندهم من تكفير لعلي ومعاوية - رضي الله عنهما - 
ولمن معهما ('). وكان مستندهم في ذلك قوله تعالى (ِإنِ لكك 
ِلَّاضَّهِ 1 [سورة يوسف ]:١٠‏ . 

ومع أن هذه الآية إحدى النصوص الشرعية التي تقوم 
عليها فكرة الحاكمية في الفكر الإسلامي» إلا أن تفسير الخوارج 
وتأويلهم لها كان خاطئاًء حيث قصدوا منها نفي سلطان البشر 


في تسيير الأمور الدنيوية ونفي أن يكون للناس أميرء ولهذا 


)١(‏ البداية والنهاية لابن كثير دار المؤيد - الرياض . ط؟ .عام /ا١5١‏ هاء, 
وما بعدها . والملل والنحل للشهرستاني ص .١١5 - ١١5‏ والفرق بين 
الفرق للبغدادي ص ه4- 55 . 

١7 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





قال علي - رضي الله عنه - " كلمة حق أريد بها باطل " (١)؛‏ 
وبالتالي أساء الخوارج فهم مصطلح " الحاكمية " وأساوًا أيضا 
توظيفه في الواقع مما نتج عنها كثير من المخالفات التي 
شوهت حقيقة هذا المصطلح (). 

؟ المرجئة وفكرة الحاكمية : 

المرجئة اسم أطلق على من يرجئ - يؤخر - العمل عن 
الإيمان» حيث يرون أن الإيمان هو تصديق القلب وقول اللسان» 
وأما العمل فلا يدخل في مسمى الإيمان» لذا فإنه لا يكفر عندهم 
من نطق بالشهادتين مهما عمل وبالتالي فلا يرون كفر من حكم 
بغير ما أنزل الله» بل يجعلونه من الكفر الأصغر على اعتبار أن 
الكفر العملي هو كفر اصغر (2)' وقولهم هذا يقود إلى الاستخفاف 
بالأمر والنهي والتحلل من الشرع؛ وقد رد عليهم أهل السنة 
والكاهة يكوه مفضيلة ان هذا محال سرف 157 


)١(‏ رواه مسلم في كتاب الزكاة » باب التحريض على قتل الخوارجح 53/7 برقم 
ك١(‏ . 
(1) الحاكمية في الفقه الإسلامي د. حسن لحساسنه ص44 وما بعدها . 
(9) مجموع فتاوى ابن تيمية / 557 » ودرء تعارض العقل والنقل 7/١‏ » والشرك 
بالله تعالى أنواعه وأحكامه - ماجد شبالة ص 885 
(؟) ينظر : درء تعارض العقل والنقل » لابن تيمية ١٠١‏ :5 -55 . 
عم ١‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





" أهل السنة والجماعة وفكرة الحاكمية : 

إن مصطلح " الحاكمية " أو " توحيد الحاكمية " وان كان 
من المصطلحات الحادثة» إلا أنه لا محذور من استعماله إذا لم 
يتضممن معن فاسسداء فإذا تمن ذلك كان اللفقظ صمحيحاً 
والقصد فاسداً وذلك لأن العبرة بالمعاني لا بالمباني» والأمور 
بمقاصدهاء والسلف لم يذموا المصطلحات الحادثة عند أهل 
الكلام وغيرهم لأنها حادثة» بل لما اشتملت من الباطل؛ أما ما 
كان معناه موافقاً لما في الكتاب والسنة فلا محذور في 
استخدامه وان كان نحاذا 0 

ولذلك فإن أمير المؤمنين علي- رضي الله عنه - لما 
قال له الخوارج " لا حكم إلا لله " وكان قصدهم فاسداًء قال 
مقولته المشهورة " كلمة حق أريد بها باطل ". ومعنى ذلك أن 
الكلمة أصلها صدق إن الْحَكَمْإِلَاينَهَ 4» لكنهم أرادوا بها الإنكار 
عليه- رضي الله عنه - في تحكيمه ('). 


(١)درء‏ تعارض العقل والنقل » لابن تيمية ١١‏ /: هع 0 ١‏ أ 56. 
وي شرح صحيح مسلم للإمام النووي دار المعرفة - بيروت »ا ط؟ عام ١51١1/‏ ه 
١/8‏ : 


١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


ويناء على ما سبق فإذا كان المراد بمصطلح الحاكمية 
هو إفراد الله سبحانه وتعالى - بالحكم القدري والشرعيء بأن 
يعتقد العبد أن الحكم لله وحده لا شريك له بقسميه الحكم الكوني 
المتمثل بالخلق والإيجاد والتدبيرء والحكم الشرعي المتمثل 
بانفراده - سبحانه - بحق الأمر والنهي والتشريع والتحليل 
والتحريم ووضع التشريعات» وما يترتب على ذلك من وجوب 
الانقياد لحكم الله وشرعه وطاعته» والتحاكم إليه والكفر بما سواه 
مما يخالفه؛ واعتبار شريعة الله هي المرجعية العلياء ولها 
السيادة المطلقة في كل شؤون الحياة البشرية» والاستمداد منهاء 
والتحاكم إليها والرد عند التنازع إليهاء والرضى والتسليم بها. فلا 
شك ولا ريب أنه عين ما جاءت به النصوص الشرعية في 
الكتاب والسنة وقام عليه إجماع الأمة وذلك_لأن أهل السنة 
والجماعة يرون أن الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه فرضٌ 
أوجبه الله على العباد وجعله الغاية من تنزيل الكتاب؛ قال 
سبحانه وتعالى ( إِنَا نااك الكتب انحن تخ بَيْنَ ناس 
5 أرَنكَ أَسّهُ 1 [سورة النساء ]١٠١©‏ ' 


صد 
ل و مر 


صء ومسو 3 0 0100 0 اير 5 . 
[إِنِ الحكم إِلَا َه يقص الْحَقَّ وهو حير ألْقَصِلِينَ 1 [سورة الأنعام 01] ؛ 


- 


١5 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





لزه اسم 


وقوله إإِنٍ ألْحَكْمْ لاي 1 أمَرَأَلَا حَبُدُوَأ إلا إِيَاهُ 1 [سورة يوسف ]4١٠‏ 


»وقوله تعالى ( وما حَتلَفَمٌ فيد من تَىْء محكمه: ل لَه 1 [سورة 
الشورى ]٠١‏ وغيرها. 

ويرون أن الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه من صفات 
المؤمنين» وأن التحاكم إلى غير ما أنزل الله والحكم به من 
صفات المنافقين وهو حكم الطاغوت والجاهلية لقوله تعالى ( 


ته و 5 و م ( 2 و 3 اهو يمآ أل لك 


عق البق وشقرة اام اينار رانك وار 
هه ل ل 1 سم سس 0 50 

يُرِيِدُونَ أن بسحا 2 أل التلسوتك كل د أَصروأ أن يَكُفْروأ يه - وَُرِيدُ 

سيط أن يضِلَهُمَ صَكلَاُ بيدا( وَإِدَاققِلَ م تََالوَا إل م 


0-4 
دل 021 


أنْرَّلَ أله وَإِلَ الرسول وَأَيتَ الْمَتفِقِينَ يَصَدُونَ عَنلك صُدُودًا ) 
[سورة النساء .]1١ 5٠١‏ 

ويرون أن " توحيد الحاكمية " له تعلق بأقسام التوحيد 
وبأصل الإيمان وحقيقة الإسلام. 

ويرون وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه.. 

ويحذرون من مفاسد الحكم بغير ما أنزل الله وضرره 
فى نا فى الها راكوا رفم جا اط ون قي لا 
ملقم على كات :انل وحم رجو له علق لوطه وام 


١255 


سس سيعقطي ومنمجه في العقيدة ‏ 22/7 


ثالثاً الحاكمية في فكر سيد قطب- رحمه الله - 

يعتبر سيد- رحمه الله- أبرز من تكلم عن مفهوم 
الحاكمية في العصر الحديث هو وأبو الأعلى المودودي-رحمه 
الله حيث طرح المودودي فكرة الحاكمية في إطار مشروع 
تأسيس دولة باكستان الإسلامية وصياغة دستورها واعطاء 
البدائل السياسية والقانونية والدستورية للنظريات الغربية التي 
كانت سائدة في البلاد ومهيمنة على الحكومات» بينما طرح سيد 
قطب - رحمه الله - فكرة الحاكمية في إطار ما سماه بمواجهة 
“اتخافادة المعاصيرة ": 

حيث يرى أن قضية الحكم من أهم قضايا العقيدة 
والإيمان» فإما إسلام واما جاهلية لا وسط في هذا الأمرء وعلى 
هنذا الأسناين اعتين سنية ترحمهة اشدت أن الحاكبية صففة 
ملازمة لمبدأ الألوهية» فمن ادعاها فقد نازع الله في ألوهيته؛ 
واغتصب سلطانه؛ وبناءً على هذا فقد دعا بقوة إلى رد 
الحاكمية لله والتمرد على حاكمية الطواغيت المختلفة. 

وفكرة الحاكمية عند سيد قطب رحمة الله من القضايا 
الك أسيحة«فينها قرا والدرة هاما التجهاتووحتلت أكثر 
مما أراد منها حسيد فهماً وتطبيقاً» 


١ 0/ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


لهذا كان لابد من عرض قضية الحاكمية في فكر سيد 
قطب من خلال فهمه وكتاباته» والنظر بعد ذلك في مدى صحة 
أو خطاء ما أثير حولهاء وذلك فيا يأتي 

١‏ مفهوم الحاكمية عند سيد قطب 

أكثر سيد قطب من إيراد مصطلح "الحاكمية" في كتبه 
الإسلامية» حيث تناولها في كتاب" السلام العالمي والإسلام" 
(')و"الإسلام ومشكلات الحضارة" (') و" ودراسات إسلاميه' 
تو هذا انيتا 15" الممستفيل: لهذا انون او اخصبائضن 
التصور الإسلامي ومقوماته7(' و" نحو مجتمع إسلامي ' (") 
وكذا في كتاب "الظلال" أثناء حديثه عن الألوهية والربوبية؛ 


)١(‏ انظر: السلام العالمي والإسلام سيد قطب +“ص17١.‏ /"ومواضع أخرى من 
الكتاب 

١99.187 انظر: الإسلام ومشكلات الحضارة »سيد قطب » ص 475 "او‎ )١( 

(9") انظر: دراسات إسلامية» سيد قطبء» ص5 ١48.١‏ و5599 كو 31781. 

(5) انظر: هذا الدين » سيد قطب» ص77 78 و4" -ه” . 

(5) المستقبل لهذا الدين» سيد قطب . ص/27.و76 وما بعدها. 

(1) خصائص التصور الإسلامي» ص 4/او54:88١190611 50١7‏ ومقومات 
التصور الإسلامي » ص6١‏ -.5 6 6188-1.09 7585 -5915. 

(") نحو مجتمع إسلامي» ص »5 ١ومابعدها‏ 

١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





والعقيدة الإسلامية» والحكم والسلطة والأنظمة والمناهجء وأثناء 
تفسيره للآيات التي تتحدث عن تلك الموضوعات. 

وهو في حديثه عن الحاكمية لا يعالجها من فراغ» ولا من 
جهل بالإسلام أو حتى بالتيارات المخالفة؛ أو عن رأي له؛ 
فالأمر كما يقول ' أكبر من أن يُفتى فيه بالرأي .)١("‏ ويشير 
أيضا إلى معرفته بالجاهلية على حقيقتها وانحرافها من خلال 
اطلاعه على معظم حقول المعرفة الإنسانية خلال ٠4عاماً‏ من 
خباتم :0 


ومن خلال جمع كلامه عن الحاكمية من مواطنه المتعددة 
نستطيع القول بأن مصطلح الحاكمية عند سيد قطب يعني إفراد 
الله وحده بالحكم والتشريع والقوامة والسلطان» واستمداد كل 


التشري ت والمنا ج وا ذخ منه - سيبحانه وحده؛» وتطبيق 





شريعته على كافة مناحى الحياة. 
؟ جوانب الحاكمية عند سيد قطب للحاكمية عند سيد 
قطب جانبان هما الأول الحاكمية التكوينية وتتمثل في دينونة 


١: مقومات التصور الإسلامي س7 ة ك2 ومعالم في الطريق »ص ة‎ )١( 
١ وي معالم في الطريق ص"‎ 
١9 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


العباد لربهم في الجانب القدري القهري من حياتهم» فالله وحده له 
الحكم القدري الكوني خلقا وتقديرا. 

الثاني الحاكمية التشريعية وتمثل في دينونة العباد لربهم 
في الجانب الإرادي من حياتهم» فالله وحده صاحب الحق 
التشريعي» فهو الحاكم المشرع المنفرد بإنشاء الأمر والنهي 
والأحكام» المختص بالتحليل والتحريم ووضع القيم والتصورات 
عن الإله والكون والحياة والإنسان» وما يتبع ذلك من وجوب 
الانقياد لله تعالى والطاعة لشرعه وأحكامه في كل جوانب الحياة 
.)١(‏ 

وفيما يأتي بعض النصوص من كلام سيد عن جوانب 
الحاكمية في الإسلام 

أ - يقول حرحمه الله " وفي السورة أي سورة يوسف - 
تعريف بخصائص الألوهية» وفي مقدمتها "الحكم'» وهو يرد مرة 
على لسان يوسف عليه السلام . بمعنى الحاكمية في العباد من 
ناحية دينونتهم وطاعتهم الإرادية» ويأتي مرة على لسان يعقوب 
عليه السلام بمعنى الحاكمية في العباد من ناحية دينونتهم لله 


)١(‏ في ظلال القران في الميزان » د/صلاح ألخالدي » ص ”7 ١والحاكمية‏ في 
| 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





في صورتها القهرية القدرية» فيتكامل المعنيان في تقرير مدلول 
الحكم وحقيقة الألوهية على هذا النحو الذي لا يجيء عفواً ولا 
مصادفة أبداً. 

يقول يوسف عليه السلام في معرض نفنيد ربوبية الحكام 
في مصر وبيان مخالفتها لوحدانية الألوهية ( ينَصَحِي أَليَجُنِ 


بر مء هم 2 مجو 10 أ و م دروو به 
ء ريات فوت حير أ الله الود انلكا اا 


ويقول يعقوب في معرض تقرير أن قدر الله نافذ وأن 


/ 0200 > لس بير هو م < مم 
قصب سافن م 21 جار من حأ ونه وأ لوا من انرا 


- صد و 
0 1 | د ا ا ا م 2خ ع 
وَمَآ أَضنى كحم ور أله من سه إن الْنَكُم إِلَا ينه عَلِيَهِ ولت 


0 7 


000 [سورة يوسف 12] . 

وهذا التكامل في مدلول الحكم يشير إلى أن الدين لا يستقيم 
إلا أن تكون الدينونة الإرادية لله في الحكمء كالدينونة القهرية له 
سبحانه- في القدرء فكلاهما من العقيدة» وليست الدينونة في القدر 


١١ 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





القاهر وحدها الداخلة في نطاق الاعتقاد» بل الدينونة الإرادية في 
الشريعة هي كذلك في نطاق الاعتقاد " .)١(‏ 

ب يقول أيضا " إن الحكم إلا لله» فهو مقصور عليه 
سبحانه بحكم ألوهيته؛ إذ الحاكمية من أخص خصائص 
الألوهفية ومن ادعاها فقد نازع الله أولى خصائص ألوهيته 
#رويكنون لتك يقتهوة تبريعة اللم عن الحاكسنة واجستهداد 
القوانين من مصدر أخرهء وتقرير أن الجهة التي تملك الحكم 
سبحانه» فالعبادة أي الدنيوية لا تقوم إذا كان الحكم لغير الله 
سبحانه» وسواء 0 هذا حكمه القدري القهري في حياه الناس 
وفي نظام الوجود» وحكمه الشرعي الإرادي في حياه الناس 
خاضدة» كله سعع: كدو نه السو 15 

تتحفق ينوا 

ج ويقول أيضاً " إن الألوهية تعني الحاكمية العليا وتوحيد 
الألوهية وافراد الله سبحانه بها وهذا معناه نزع السلطان الذي 
يزاوله الكهان ومشيخة القبائل والأمراء والحكام ورده إلى الله 
السلطان في المال والسلطان في القضاءء والسلطان في الأرواح 


. 1١9158-15 51//4 في ظلال القرآن‎ )١( 
فرصتب١191.1١1910/5 المصدر السابق‎ )١( 
١١7 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





والأبدان» إن " لا إله إلا الله " ثورة على السلطان الأرضي الذي 
يغتصب أولى خصائص الألوهية» وثورة على الأوضاع التي تقوم 
على قاعدة هذا الاغتصابء وخروج على السلطات التي تحكم 
بشريعة نمق عندها لديانن بها ادي 00 

" علاقة الحاكمية بالعقيدة عند سيد قطب 

يرى سيد - رحمه الله أن قضية الحاكمية من أخص 
خصائص الألوهية والربوبية» ومن أهم قضايا التوحيد والإيمان» 
ولذا نجده كثيراً ما يربط بين العقيدة والحاكمية» بحيث شغلت 
عملية إعادة الربط بين العقيدة والحاكمية جانباً كبيراً من 
اهتماماته وتفكيره وكتاباته» وخاصة في الأجزاء المنقحة من 
الظلال وكتبه الأخيرة ومن ذلك 

قوله - رحمه الله " إن الاعتقاد بالألوهية الواحدة قاعدة 
لمنهج حياة متكامل.. وحدود العقيدة أبعد كثيراً من مجرد الاعتقاد 
الساكن.. إن حدود العقيدة تتسع وتترامى حتى تتناول كل جانب 
من جوانب الحياة.. وقضية الحاكمية بكل فروعها في الإسلام هي 


81/96 519/١1: بتصرف .وينظر : في ظلال القران‎ 7١ معالم في الطريق ص‎ )١( 
١٠؟؟9‎ ذ١الورخ و 5 خطضكة ع لحك ء كككء الال كام مركم و‎ 
. ١ ومقومات التصور الإسلامي ص47‎ 7١١5/4و‎ 

١+ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


قضية عقيدة. كما أن قضية الأخلاق بجملتها هي قضية عقيدة. 
فمن العقيدة ينبثق منهج الحياة الذي يشتمل الأخلاق والقيم» كما 
يشتمل الأوضاع والشرائع سواءً بسواء.. .)١(‏ 

ويقول في تعليقه على آيات سورة المائدة " يتناول هذا 
الدرس أخطر قضية من قضايا العقيدة الإسلامية» والمنهج 
الإسلامي» ونظام الحكم والحياة في الإسلام.. وهي القضية التي 
عولجت في سورتي آل عمران والنساء من قبل.. ولكنها هنا في 
هذه السوزة تقكذ شبكلا هخدد ا مذكذ »يدل علييا النض يالفاظلة 
وعباراته؛ لا بمفهومه وايحائه» إنها قضية الحكم والشريعة 
والتقاضي ومِنْ ورائها قضية الألوهية والتوحيد والإيمان » 
والقضية في جوهرها تتلخص في الإجابة على هذا السؤال 
أيكون الحكم والشريعة والتقاضي حسب مواثيق الله وعقوده 
وشرائعه التي استحفظ عليها أصحاب الديانات السماوية واحدة 
بعد الأخرى» وكتبها على الرسل» وعلى من يتولون الأمر بعدهم 
ليسيروا على هداهم؟ أم يكون ذلك كله للأهواء...؟ 


. 5١١5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١55 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وبتعبير آخر أتكون الألوهية والربوبية والقوامة لله في 
الأرض وفي حياة الناس؟ أم تكون كلها أو بعضها لأحد من 
خلقه يشرع للناس ما لم يأذن به الله؟.. 

والله سبحانه يقول إنه لا هوادة في هذا الأمر ولا ترخص 
في شيء منه.. لأن المسألة في هذا كله مسألة إيمان وكفر» 
أو إسلام وجاهلية» وشرع أوهوى.. وهي مفرق الطريق بين ذلك 
كله؛ وأنه لا وسط في هذا الأمر ولا هدنة ولا صلح! فالمؤمنون 
هم الذين يحكمون بما أنزل الله لا يخرمون منه حرفاً ولا يبدلون 
منه شيئاً» والكافرون الظالمون الفاسقون هم الذين لا يحكمون 
ها اكز انه 00) 

ويقول أيضاً " والعبودية المطلقة لله وحده هي الشطر 
الأول لركن الإسلام الأول» فهي المدلول المطابق لشهادة " أن 
لا إله إلا الله "» والتلقي في كيفية هذه العبودية عن رسول الله 
يي هو الشطر الثاني لهذا الركن» فهو المدلول المطابق لشهادة 
'" أن محمداً رسول الله "» والعبودية المطلقة لله وحده تتمثل في 
اتخاذ الله وحده إلهاً» عقيدة وعبادة وشريعة» فلا يعتقد المسلم أن 


الألوهية تكون لأحد غير الله - سبحانه - ولا يعتقد أن العبادة 


0 في ظلال القرآن 8841-441//7 بتصرف . 
١6‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





تكون لغيره من خلقه؛ ولا يعتقد أن الحاكمية تكون لأحد من 
عباده " )١(‏ وهناك نصوص كثيرة في مواضع متفرقة. (5): 

وقد بين سيد - رحمه الله - السبب الذي جعله يتعرض 
كثيراً لمسالة الحاكمية وربطها بالعقيدة بقوله " ونحن نحتاج إلى 
هذا التذكير المستمرء لأن جهود الشياطين في زحزحة هذا 
الدين عن مفهوماته الأساسية» قد آتت ثمارها مع الأسف 
فجعلت مسألة الحاكمية تتزحزح عن مكان العقيدة» وتنفصل في 
الحس عن أصلها الاعتقادي! ومن ثم نجد حتى الغيورين على 
الإسلام» يتحدثون لتصحيح شعيرة تعبدية» أو لاستنكار انحلال 
أخلاقي» أو لمخالفة من المخالفات القانونية» ولكنهم لا يتحدثون 
عن أصل الحاكمية؛ وموقعها من العقيدة الإسلامية! يستنكرون 
المنكرات الجانبية الفرعية» ولا يستنكرون المنكر الأكبرء وهو 
قيام الحياة في غير التوحيد» أي على غير إفراد الله سبحانه 


)١(‏ معالم في الطريق : فصل " لا اله إلا الله " منهج حياة ص 15 وما بعدها 
بتصرف: - 
(1) ينظر كلام سيد حول الربط بين الحاكمية والعقيدة في ظلال القرآن : 719//١‏ » 
11 4 7 ااترضرية /50 ١656515,‏ ؟7/ ١١85‏ 1 7 
»,0١450 ,» 7314/4 , 6‏ ومقومات التصور الإسلامي ص ١47‏ . 2188 
معالم في الطريق ص 575-١ه‏ 

١555 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





بالحاكمية.. إن الله قبل أن يوصي الناس أي وصية» أوصاهم 
ألا يشركوا به شيئاً.. ' )١(‏ 

" إن هذا الدين شريعته كعقيدته» إذ هي الترجمة الواقعية 
لهاء كما يتجلى ذلك من خلال النصوص القرآنية.. وهذه هي 
الحقيقة التي رُحزح مفهوم " الدين " في نفوس أهل هذا الدين 
عنها زحزحهة مطردة خلال قرون طويلة» بشتى الأساليب 
الجهنمية الخبيثة» حتى انتهى الأمر بأكثر المتحمسين لهذا الدين 
ودضك من أعداقه والمسيكيتريم' الذيق لأ مفحفلون ينه أن تصبح 
قضية الحاكمية في نفوسهم قضية منفصلة عن قضية العقيدة! لا 
تجيش لها نفوسهم كما تجيش للعقيدة! ولا يعدون المروق منها 
مروقاً من الدين» كالذي يمرق من عقيدة أو عبادة! وهذا الدين لا 
يعرف الفصل بين العقيدة والعبادة والشريعة» إنما هي الزحزحة 
التي زاولتها أجهزة مدربة؛ قروناً طويلة» حتى انتهت مسألة 
الحاكمية إلى هذه الصورة الباهتة» حتى في حس أشد المتحمسين 
لهذا الدين إن الذين يحكمون على عابد الوثن بالشركء ولا 
يحكمون على المتحاكم إلى الطاغوت بالشرك» ويتحرجون من 
هذه ولا يتحرجون من تلك» إن هؤلاء لا يقرأون القرآن» ولا يعرفون 


.7١1١5-71١154 7958/5 : وينظر أيضاً‎ ١70/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
١7 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





طبيعة هذا الدين فليقرأوا القرآن كما أنزله الله» وليأخذوا قول الله 
بجد [وَإِنَ أَطْعتْمُوهم إِنَكْم لسرووْنَ 1 [سورة الأنعام ]١١١‏ 


هؤلاء... يؤذون هذا الدين من حيث لا يشعرون» بل 
يطعنونه بمثل هذه الاهتمامات الجانبية» إنهم يفرغون الطاقة 
العقيدية الباقية في نفوس الناس في هذه الاهتمامات الجانبية؛ 
ويؤدون شهادة بأن هذا الدين قائم فيهاء لا ينقصه ليكمل إلا أن 
تصحح هذه المخالفات» بينما الدين كله متوقف عن الوجود 
أصلاء ما دام لا يتمثشل في نظام وأوضاء. الحاكمية فيها لله 
وحده من دون العباد. 

إن وجود هذا الدين هو وجود حاكمية الله» فإذا انتفى هذا 
الأصل انتفى وجود هذا الدين» وان مشكلة هذا الدين في 
الأرض اليوم لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على ألوهية الله؛ 
وتغتصب سلطانه؛ وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع 
في الأنفس والأموال والأولاد... وهي القضية التي كان يواجهها 
القرآن الكريم ويربطها بقضية الألوهية والعبودية» ويجعلها مناط 
الإيمان أو الكفر» وميزان الجاهلية أو الإسلام.. د 


. بتصرف‎ ١7١7-1717/” في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





سرك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 4247 





' وما يزال أهل الكتاب يحاربون هذا الدين حرباً لا تهدأء 
وأشد هذه الحرب وأنكأهاء هو تحويل الحاكمية عن شريعة هذا 
الكتاب» إلى شرائع كتب أخرى من صنع البشر وجعل غير الله 
2101 ويوضح_سيد العلاقة بين الحاكمية وبين أنواع 
التوحيد والإيمان» فيقرر ارتباطها الوثيق بأنواع التوحيد وبقضية 
الإيمان والدين» ويعتبرها القضية التي يُبني عليها معقد التفرقة 
بين الإيمان والكفر وبين التوحيد والشرك. 

فلا يتحقق توحيد الربوبية إلا بإفراد الله - عز وجل - 
بالخلق والأمر بقسيمة الكوني والشرعيء وإفراده بالأمر الشرعي 
يقتضي الإقرار له وحده بالسيادة العليا والتشريع المطلق» فلا 
حلال إلا ما أحله» ولا حرام إلا ما حرمه؛ ولا دين إلا ما شرعه؛ 
فالمنازعة في الأمر الشرعي كالمنازعة في الأمر الكوني ولا 
فرق» فأدنى درجات الرضى بالله رباء والتي ينجو بها المرء من 
الشرك تشمل الإقرار لله تعالى بالتفرد بالخلق والأمر» واعتقاد 
تفرد الله بالحاكمية والتحليل والتحريم والتشريع المطلق كما قال 


-ه - 


قد 
2 > دوم جرجرو 0 اس ل مه 
- سبحانه - (ألا له الخلق والأح تَبَارَكَ اللّهُ رب الْعنلمِينَ 1 إسورة 


الأعراف 54] . 


. ١١95/79 المصدر السابق‎ )١( 
١4 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


وللحاكمية صلتها أيضا بتوحيد الألوهية - العبادة - فإن 
إفراد الله بالعبادة يقتضي الطاعة والخضوع له سبحانه - فيما 
أمر به وما نهى عنه؛ ومعلوم أن التحاكم إلى ما أنزل الله 
والتزام ما فصل لعبادة من الحلال والحرام وسائر الشرائع صورة 
من صور العبادة» لا يجوز أن تصرف إلى غير الله سبحانه - 
لقوله تعالى (إنِ الْحَكَم إلرِيَ آمَرَ ألا دكا إِلَا ِيَاهُمَلِكَالدِنَالْقَيَمْ 
] [سورة يوسف 50] . 

فتوحيد الحاكمية شعبه من شعب توحيد الألوهية. 

وللحاكمية ضَلتها بالأسماء والضفات فان :من أسماء الله 
- عز وجل - التي ذكرها في القرآن الكريم " الحكم؛ والحاكم؛ 
والحكيم " فلا يتم الإيمان بها إلا بإثباتها له وافراده بها وذلك 
بالإيمان أن له وحده الحكم الشرعي والقدري والجزائي في الدنيا 
والآخرة دون سواه. 

وللحاكمية صلة بتوحيد المتابعة للنبي يل فتحكيم شرع 
الله من مقتضى الشهادة للنبي يك بالرسالة» فلا يتم الإيمان إلا 
بتحكيم الشرع الذي جاء به النبي يَلُِ في كل شؤون الحياة» مع 


اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





وللحاكمية صلتها بالإيمان» فمن لم يسلم لله بحق الحاكمية 
فهو مناقض لأصل الإيمان» ومن أعطاها لغيره - سبحانه- فقد 
وقع في الشرك والكفر والنفاق. 

وفيما يلي بعض النصوص لبيان علاقة الحاكمية بالتوحيد 
والإيمان عند سيد - رحمه الله 

١‏ يقول- رحمه الله- " إن قضية التشريع بجملتها مرتبطة 
بقضية الألوهية» والحق الذي ترتكن إليه الألوهية في 
الاختصاص بتنظيم حياة البشر» هو أن الله هو خالق هؤلاء 
البشر ورازقهم» فهو وحده صاحب الحق إذن في أن يحل لهم ما 
يشاء من رزقه وأن يحرم عليهم ما يشاء» وهو منطق يعترف به 
البشر أنفسهم» فصاحب الملك هو صاحب الحق في التصرف 
فيه» والخارج على هذا المبدأ البديهي معتدٍ لا شك! )١("‏ 

؟ يقول رحمه الله - " إن أخص خصائص الألوهية هي 
الحاكمية» والذي يشرع لمجموعة من الناس يأخذ فيهم مكان 
الألوهية ويستخدم خصائصهاء فهم عبيده لا عبيد الله وهم في 
ذيئنه لا في ميخون اق 37210 الوه مخ تكماتطكها 


.370/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 890/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١؛ه١‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ومقتضاها الحاكمية التشريعية» ومن يحكم بغير ما أنزل الله 
يرفض ألوهية الله وخصائصها في جانبء؛ ويدعي لنفسه هو 
حق الألوهية وخصائصها في جانب أخر.. وماذا يكون الكفر إن 
لم يكن هو هذا وذاك؟ " (20» " فالحاكمية في الأرض كما هي 
في الكون كله لله وحده؛ والناس حاكمهم ومحكومهم إنما 
يستمدون سلطاتهم من تنفيذهم لشريعة الله ومنهجه؛ وليس لهم 
في جملتهم أن يخرجوا عنها " (5): 

" ويقول " فحقيقة التوحيد تستلزم مصداقاً لها في واقع 
الحياة البشرية» ومن ثم يقرر القرآن الحقيقة الأولى التوحيد 
ليرتب عليها آثارها الملازمة لهاء فيبدأ بشهادة الله سبحانه --" 
أَتَهُ لا إله إلا هُوَ' وشهادة الملائكة وأولي العلم بهذه الحقيقة: 
ويقرر معها صفة الله المتعلقة بالقوامة وهي قيامه بالقسط في 
أمر الناس وفي أمر الكون. 

وما دام الله متفرداً بالألوهية وبالقوامة فإن أول مستلزمات 
الإقرار بهذه الحقيقة هو الإقرار بالعبودية لله وحده وتحكيمه في 
شأن العبيد كله» واستسلام العبيد لإلههم؛ وطاعتهم للقيوم 


)١(‏ المصدر السابق 818/7 ٠‏ وينظر : مقومات التصور الإسلامي ص ١١١‏ وما 
بعدها . 
() في ظلال القرآن /١‏ 519. 

١ 








اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


عليهم؛ واتباعهم لكتابه ولرسوله يل ويُضّمن هذه الحقيقة قوله 
تعالى [ إِنَأَلت عِن1 أَََالٍإسَكمُ 1 [سورة آل عمران ]١5‏ . فهو 
لا يقبل ديناً سواه من أحدء والإسلام الذي هو الاستسلام 
والطاعة والإتباع ليس مجرد تصور في العقل» ولا تصديق في 
القلب» إنما هو القيام بحق هذا التصديق وذلك التصورء هو 
تحكيم منهج الله في أمر العباد كله» وطاعتهم لما يحكم به 
وإتباعهم لرسوله يل في منهجه. " .)١(‏ 

؟ ويقول " إن رد الربوبية كلها لله سبحانه- معناه رد 
الحاكمية كلها له فالحا كمية هي مظهر ربوبية الله للناس» وهي 
تتجلى في العالمين كذلك بخضوعهم لله وحده؛ فلا يكون الناس 
معترفين بربوبية الله لهم إلا إذا خضعوا له وحده. وإلا إذا 
خلصت عبوديتهم لهذه الربوبية» أو بتعبير أخر لهذه الحاكمية؛ 
والا فقد أنكروا ربوبية الله لهم متى خضعوا لحاكمية أحد غيره لا 
يحكمهم بشرطة 007 

5 ويقول " وشهادة " أن لا إله إلا الله " ليس لها مدلول إلا 
أن تكون الحاكمية العليا لله في حياة البشرء كما أن له الحاكمية 


. بتصرف‎ 5117-7175/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١770/9 المصدر السابق‎ )"( 
١ 8ه‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





العليا في نظام الكون سواءء فهو المتحكم في الكون والعباد 
بقضائه وقدره» وهو المتحكم في حياة العباد بمنهجه وشريعته؛ 
وبناء على هذه القاعدة لا يعتقد المسلم أن لله شريكاً في خلق 
الكون وتدبيره وتصريفه» ولا يتقدم المسلم بالشعائر التعبدية إلآ لله 
وحده.؛ ولا يتلقى الشرائع والقوانين» والقيم والموازين» والعقائد 
والتصورات إلا من الله» ولا يسمح لطاغوت من العبيد أن يدعي 
حق الحاكمية في شيء من هذا كله مع الله " .)١(‏ 

' ويحفل المنهج القرآن بالواقعيات العملية» وبالجزيئات 
التطبيقية في الحياة البشرية» وانطباقها على شريعة الله» وعلى 
تقرير الأصل الذي يجب أن تستند إليه» وهو حاكمية الله.. أو 
بتعبير أخر ربوبية الله» فلماذا يحفل المنهج القرآني هكذا بهذه 
القضية؟ يحفل بها لأنها من ناحية المبدأ تلخص قضية " 
العقيدة " في الإسلام» كما تلخص قضية " الدين " فالعقيدة في 
الإسلام تقوم على أساس شهادة " أن لا إله إلا الله "» وبهذه 
الشهادة يخلع المسلم من قلبه ألوهية كل أحد من العباد ويجعل 
الألوهية لله» ومن ثم يخلع الحاكمية عن كل أحد ويجعل 
الحاكمية كلها لله» والتشريع للصغيرة هو مزاولة لحق الحاكمية 


. ١755-1١ في ظلال القرآن "/رهده‎ )١( 
١4 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





كالتشريع للكبيرة» فهو من نَمَّ مزاولة لحق الألوهية يأباه المسلم 
إلا لله» والدين في الإسلام هو دينونة العباد في واقعهم العملي 
كما هو الأمر في العقيدة القلبية لألوهية واحدة هي ألوهية الله 
ونفض كل دينونة في هذا الواقع لغير الله من العباد المتألهين» 
والتشريع هو مزاولة للألوهية» والخضوع للتشريع هو الدينونة 
لهذه الألوهية» ومن ثم يجعل المسلم دينونته في هذا لله وحده؛ 
ويخلع ويرفض الدينونة لغير الله من العباد المتألهين! 

من هنا ذلك الاحتفال كله في القرآن كله بتقرير هذه 
الأصوك الأعقاديةومتها الحاكينة ٠‏ (1). 

ومنهج القران الكريم يقرر ' أنه لا يقبل من الفرد المسلم 
ولا من المجتمع المسلم» أقل من أن تكون حياته بجملتها من 
صنع هذا المنهج وتحت تصرفه وتوجيهه» وعلى وجه التحديد لا 
يقبل من الفرد المسلم ولا من المجتمع المسلم أن يجعل لحياته 
مناهج متعددة المصادر.. مستمدةً من غيره؛ والا فلا إيمان ولا 
إسلام» لأن ذلك يعارض شهادة "لا إله إلا الله " التي ينشأ منها 
"أن لا حاكم إلا الله» وان لا مشرع إلا الله " (). 


. بتصرف يسير‎ ١١1١7-١717١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 


١65ه‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





" والسياق القراني يستند في تقرير أن الحكم بما أنزل الله 
هو ' الإسلام " وأن ما شرعه الله للناس من حلال أو حرام هو ' 
الدين " إلى أن الله هو " الإله الواحد " لا شريك له في ألوهيته؛ 
والى أن الله هو " الخالق الواحد " لا شريك له في خلقة» والى 
أن الله هو " المالك الواحد " لا شريك له في ملكه؛» ومن ثم يبدو 
حتمياً ومنطقياً إلا يقضي بشيء إلا بشرعه وإذنه» فالخالق لكل 
شيء المالك لكل شيء هو صاحب الحق وصاحب السلطان 
في تقدير المنهج الذي يرتضيه لملكه وخلقة» وهو الذي يشرع 
فيما يملك» وهو الذي يطاع شرعه» وينفذ حكمه؛ إلا فهو الخروج 
والمعصية والكفر. 

إنه هو الذي يقرر الاعتقاد الصحيح للقلب؛» كما يقرر 
النظام الصحيح للحياة سواءً بسواءء والمؤمنون به هم الذين 
يؤمنون بالعقيدة التي يقررهاء ويتبعون النظام الذي يرضيه» هذه 
كتلك سواءً بسواء» وهم يعبدونه بإقامة الشعائر ويعبدونه بإتباع 
الشرائع بلا تفرقه بين الشعيرة والشريعة فكلتاهما من عند الله 
الذي لا سلطان لأحد في ملكه وعباده معه» بما أنه هو الإله 


١5 


اتيك قطي ومنهجة في العقيدة 2 





الواحد» المالك الواحد... ومن ثم فإن الحكم بشريعة الله هو دين 
كل توي » الأبها نفو دين الله الل ديق سنا 200 

" وهكذا تتبين القضية إله واحدء وخالق واحد» ومالك واحد» 
وحاكم واحد» ومشرع واحد ومتصرف واحدء واذن فشريعة واحدة؛ 
ومنهج واحدء وقانون واحد» واذن فطاعة واإتباع وحكم بما أنزل 
الله فهو إيمان واسلام» أو معصية وخروج وحكم بغير ما أنزل 
الله فهو كفر وظلم وفسوق وهذا هو الدين كما أخذ الله ميثاق 
العباد جميعا عليه» وكما جاءت به كل الرسل من عند ه..» ولم 
يكن بد أن يكون " دين الله " هو الحكم بما أنزل الله دون سواه 
فهذا هو مظهر سلطان الله» مظهر حاكمية الل؛ مظهر '" أن لا 
إله إلا الله "» وهذه الحتمية حتمية التلازم بين " دين الله " و" 
الحكم بما أنزل الله" لا تنشأ فحسب من أن ما أنزل الله خير مما 
يصنع البشر لأنفسهم من مناهج وشرائع وأنظمة وأوضاع؛ فهذا 
سبب واحد من أسباب هذه الحتمية» وليس الأول ولا الرئيسي» 
إنما السبب الأول والرئيسي والقاعدة الأولى والأساس في حتمية 
هذا التلازم هي أن الحكم بما أنزل الله إقرار بألوهية الله» ونفي 


١١94 , 905. في ظلال القرآن 877/5 وينظر : 595/59 , الالا .58م‎ )١( 
. 


١ /لاهع‎ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





لهذه الألوهية وخصائصها عمن سواه؛ وهذا هو " الإسلام " 
بمعناه اللغوي " الاستسلام '» وبمعناه الاصطلاحي كما جاءت 
به الأديان. 

الإسلام لله» والتجرد عن ادعاء الألوهية معه» وادعاء 
اخص خصائص الألوهية وهي السلطان والحاكمية» وحق 
تطويع العباد وتعبيدهم بالشريعة والقانون... 

ومن هذه الحتمية ينشأ الحكم الذي تقرره الآيات [وَمن لَّمَ 
يحَكْر يمآ أَرَل أمه تأؤكتيك هم الكيزونَ -الطيِمُونَ -التسثرت  :)1١(‏ 
فالذين لا يحكمون بما أنزل الله يعلنون رفضهم لألوهية الله 
بعملهم وواقعهم؛ وان لم يعلنوه بأفواههم وألسنتهم» فلغة العمل 
أقوى من لغة الفم " (5). 

"إن قبول شريعة الله والرضى بحكمها هو مظهر الإقرار 
بألوهيته وربوبيته وقوامته» ورفضها والتولي عنهاء هو مظهر 
رفض هذا الإقرار " (0): 

و" إن المقتضى البديهي للإيمان» أن يتحاكم الإنسان إلى 

ما آمن به والى من آمن به؛ فإذا زعم أنه آمن بالله وما أنزل؛ 


. الآيات 55 وه: و57 من سورة المائدة‎ )١( 
. في ظلال القرآن 6791-874/7 بتصرف يسير‎ )"( 
. 545/7 في ظلال القرآن‎ )"( 

١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





وبالرسول وما أنزل إليه» ثم دعي إلى هذا الذي آمن به ليتحاكم 
إلى أمره وشرعه ومنهجه كانت التلبية الكاملة هي البديهية 
الفطرية» فأما حين يصد ويأبى فهو يخالف البديهية الفطرية 
ويكشف عن النفاق وينبئ عن كذب الزعم الذي زعمه من 
الإيمان! 

والى هذه البديهية الفطرية يحاكم الله سبحانه أولئك 
الذين يزعمون الإيمان بالله ورسوله» ثم لا يتحاكمون إلى منهج 
الله ورسوله» بل يصدون عن ذلك المنهج حين يدعون إليه 
دود )١‏ 

فنا يمك ند يجتمع الإيمان وعدم تحكيم شريعة اله» 
أوعدم الرضى 508 هذه الشريعة» والذين يزعمون لأنفسهم أو 
لغيرهم أنهم " مؤمنون " ثم هم لا يحكمون شريعة الله في حياتهم؛ 
أولا يرضون حكمها إذا طبق عليهم؛ إنما يدعون دعوى كاذبة 
ويصطدمون بهذا النص القاطع ' وَمَا أُولَئِكَ بالمؤمنيت '(" 

" فالله سبحانه يقسم بذاته العلية أنه لا يؤمن مؤمن حتى 
يحكم رسول الله كي في أمره كله. ثم يمضي راضياً بحكمه 


. المصدر السابق ”595/7 وينظر: ؟//581‎ )١( 
.1١185 , في ظلال القرآن 845/7 وينظر : 09.01-854/57/ا3‎ )( 
١48 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ /و2 





مسلماً بقضائه» ليس في صدره حرج منه؛ ولا في نفسه تلجلج 
في قبوله ( قلا وَرَيْكَ لا رميو حي يسَْوَكَ فِمَا ضَجَرَ 
ينهم ثم لا دوأ ف أنَفْسِهم حَرجَاضِمًا فَصَيْتَ وَتُسَلْمُوأ 

سَيَلِيمًا 1 [سورة النساء 15] " فهذا شرط الإيمان وحدٌ الإسلام؛ 
يقرره الله سبحانه بنفسه ويقسم عليه بذاته فلا يبقى بعد ذلك 
قول لقائل في تحديد شرط الإيمان وحد الإسلامء ولا تأويل 
لمؤول» اللهم إلا مماحكة لا تستحق الاحترام» وتحكيم رسول الله 
هو تحكيم شريعته ومنهجه... فالتحاكم إلى شريعة الله وحكم 
رسوله والرضى والقبول والتسليم هو الإسلام والإيمان. فلتنظر 
نفسه أين هيء قبل ادعاء الإسلام والإيمان.. " (١)؛‏ ذلك أن " 
من لم يحكم يما أنزل الله كافر» ومن لم يرضى حكم الله لم 
يدخل في الإيمان» لأن حكم الله هو دينه» وهو منهجه الذي 
ارتضاه للحياة» وهو " الإسلام " الذي لا يقبل الله من الناس دينا 


01 
ابعاً وقفات مع الانتقادات | ة لسيد قطب 
قضبة الحاكمية 


.541//7 في ظلال القرآن 597-7595777 بتصرف » وينظر‎ )١( 
.55 (؟) مقومات التصور الإسلامي ص‎ 
١ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





رخهة إلى سين كليل من الأنقاة] ك دخو مسالة الحاكمي» 
سواء من العلمانيين أو من بعض الإسلاميين ويمكن استعراض 
هذه الانتقادات وبيانها فيما يأتي 
الشرع 

يردد البعض أن " الحاكمية " مصطلح حادث لم يرد في 
القرآن الكريم ولا في السنة النبوية» فضلا عن إضافة هذا اللفظ 
إلى المولى-عزّ وجل وأن أول من نادى بها واخترعها هو 
المودودي وتابعه سيد لون 001 

زالراقتم القوشى ليق المخراشمةا افيا شيف لين 
الحاكمية في اللغة والشرع واصطلاح أهل الفنون» ومن بيان 
حقيقة الحاكمية التي نادى بها المودودي وسيد قطبء ظهر لنا 
أنهم يقصدون الحاكمية التشريعية بان يكون الله وحده هو 
المشرع لخلقه الذي يأمرهم وينهاهم» ويحل لهم ويحرم عليهم 
وهذا المعنى ليس من ابتكار المودودي ولا سيد قطبء بل أمر 
مقرر عند المسلمين جميعاً ومعلوم من الدين بالضرورة ("), 


)١(‏ ينظر في ذلك : دعاة لا قضاة» للهضيي » ص ١‏ وما بعدها. 
)١(‏ ينظر : بداية هذا المطلب ,النقاط :أولا وثانيا وثالثا . 
١١‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





ولهذا حين قال الخوارج لعلي- رضي الله عنه " لا حكم إلا لله" 
لم يعترض - رضي الله عنه - على المبدأ» وإنما اعترض على 
الباعث والهدف المقصود وراء الكلمة فقال" كلمة حق أريد بها 
باطل ". 

والباحث في كتب الأصول والتفسير وغيرها يجد علماء 
الإسلام يتحدثون عن الحكم الشرعي والحاكم والمحكوم عليه؛ 
ويقررون في بحثهم " أن لا حكم إلا لله؛ وأنه لا حكم للرسول ولا 
للسيد على العبد ولا لمخلوق على مخلوق» بل كل ذلك حكم الله 
- تعالى - ووضعه لا حكم لغيره.. وان استحقاق نفوذ الحكم 
ليس إلا لمن له الخلق والأمرء أما غيره سبحانه- فإنما تجب 
طاعته بإيجاب الله " .)١(‏ 

وقد مر معنا أن الحاكمية التي نادى بها سيد هي ما تدل 
عليه النتصوص الشرعية وكلام أهل السنة من وجوب إفراد الله 
بالحكم القدري والشرعي والطاعة المطلقة لله ولرسوله» وبالتالي 
لا مشاحّة في الاصطلاح مادام مضمون هذا المصطلح موافق 
لما جاء به الشرع وما عليه أهل العلم في هذا الباب. 


)١(‏ المستصفى من علم الأصولء للإمام أبي حامد الغزالي ص 7585 وما بعدها 
بتصرف . 
١5‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





والقول بان فكرة " الحاكمية " من اختراع المودودي وسيد 
قول جانبه الصواب كما سبق. 

١‏ أن سيد في مناداته بالحاكمية متابع للخوارج 

فالخوارج أول من رفع شعار " لا حكم إلا لله " »)١(‏ ومن 
خلال النظر في معنى هذه الكلمة " لا حكم إلا لله " عند 
الخوارج ثم عند سيد قطبء يتبين لنا مدى الاختلاف الجذري 
بينهما ؟ قبالخوارج رفعوا شنعان " لا حكتم إلا يه:” عنذا واقعنة 
التحكيم بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - وكان أهل 
الشام عندما رأوا أنهم سيهزمون قد رفعوا المصاحف على 
الرماح» فأشار الخوارج على علي رضي الله عنه بقبول التحكيم 
وضغطوا عليه حتى قبل» ثم لما تم التحكيم أعلنوا شعار " لا 
حكم إلا لله " وطلبوا التراجع عن التحكيم والقتال» فلما أبى 
جعلوا من ذلك سبباً لتكفيره هو ومعاوية والحكمين رضي الله 
عنهم ومن معهم جميعاً (")؛ وكان مقصدهم من رفع هذا 
الشعارء نفي أن يكون للناس فين 00 


. ,7 انظر : الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام احمد عوض ص‎ )١( 
والفرق بين‎ 5٠١/١5 وفتح الباري‎ 7١5/9 انظر : البداية والنهاية لابن كثير‎ )5( 
. 58-45 الفرق للبغدادي ص‎ 
. "7 (؟) الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية لهشام عورض ص‎ 
١5517 








سرك قطي ومنمبه في العقيدة ‏ 4247 


أما سيد - رحمه الله - فعندما نادى " بالحاكمية " ورفع 
شعار " لا حكم إلا لله " كان مقصده من ذلك إفراد الله سبحانه 
بالحكم القدري المتمثل بالخلق والإيجاد والتدبير» وبالحكم 
الشرعي المتمثل بإفراده سبحانه - بحق الأمر والنهي والتحليل 
والتحريم والتشريع للبشر والانقياد لحكم الله وشرعه والتحاكم إليه 
في كل شؤون الحياة والرد إليه عند التنازع مع الرضى 
والتسليم» وهذا يقتضي أن يكون للناس أمراء وحكاماًء لكن 
مهمتهم ليست التشريع والتحليل والتحريم» إنما سلطانهم مستمد 
من طاعتهم الله وتنفيذهم لشرع الله " .)١(‏ 

وبهذا ندرك الفرق بين شعار الخوارج " لا حكم إلا لله " 
وبين الشعار الذي رفعه سيد - رحمه اش- "لا حكم إلا لله ". 

؟ أن فكرة الحاكمية عند سيد قطب هي نفس فكرة 
الدولة الثيوقراطية (5) 

زعم بعض خصوم الحكم الإسلامي من العلمانيين أن 
مفهوم الحاكمية عند سيد - رحمه الله - يعني الدعوة إلى شريعة 


. 50/255 ينظر : معالم في الطريق ص 75 ."ا‎ )١( 

(1) الثيوقراطية : مصطلح يوناني مكون من كلمتين هما " ثيو " ومعناه: إلمي و ' 
كرا تيس ' ومعناه : حكم » وهي تعني :" الحكم الديني والإلهي " أو " الحكم 
المقدين "3 

١5 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





كونية» وهي تماثل الحكومة الدينية في أوربا المعروفة 
بالثيوقراطية؛ والتي تعني الحكم القائم على أساس التفويض 
الإلهي» فالحاكم لا يختاره الناس بل يختاره الله ويحكم باسم الله ". 

والرد على هذا الادعاء يتلخص في الآتي 

أأن " الحاكمية " التي قال بها سيد وجعلها لله وحده؛ لا 
تعني أن الله تعالى هو الذي يولي العلماء والأمراء يحكمون 
باسمه»ء بل المقصود بها الحاكمية التشريعية التي تفرد الله 
بالأمر والنهي والتشريع وتستمد طاعتها من قيامها بشريعة الله 
أما تعيين الأمراء والولاة فهو حق للأمة المسلمة في ظل 
الضوابط الشرعية» فالأمة هي التي تختار حكامها وهي التي 
تحاسبهم أو تعزلهم؛ وبهذا يظهر الفرق الكبير بين المفهوم 
الثيوقراطي للحكم وبين " الحاكمية " التي نادى بها سيد قطب. 

ب أن سيد نفسه يحارب فكرة الحكم الثيوقراطي في كتابة 
'" معالم في الطريق " حيث قرر أن ' الحاكمية " حق لله وحده 
باعتباره الذي يخلق ويرزقء وأن دين الله منهج حياة محدد 
بياذ أن 5 اله لأ اشنوان سكيد .رسول ,الك وهو الأصيل 
الذي يجب أن ترجع إليه الحياة البشرية وتقوم عليه. 


١16 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 


وبالتالي ليس لأحد أن يقول لشرع يشرعه هذا شرع الله 
إلا أن تكون " الحاكمية ' العليا لله معلنة؛ وان يكون مصدر 
السلطات هو الله سبحانه-» لا " الشعب " ولا " الحزب " ولا 
أي من البشرء وأن يرجع إلى كتاب الله وسنة رسول الله يل 
لمعرفة ما يريده الله. 

ولا يكون هذه لكل من يريد أن يدعي سلطانا باسم الله 
كالذي عرفته أوربا ذات يوم باسم " الثيوقراطية " أو " الحكم 
المقدس " فليس شيء من هذا في الإسلام» وما يملك أحد أن 
ينطق باسم الله إلا رسوله وَل وانما هنالك نصوص معينة هي 
التي تحدد ما شرع الله " .)١(‏ 

ويقول أيضاً " ومملكة الله في الأرض لا تقوم بأن يتولى 
الحاكمية في الأرض رجال بأعيانهم - هم رجال الدين - كما 
كان الأمر في سلطان الكنيسة» ولا رجال ينطقون باسم الآلهة 
كما كان الحال فيما يعرف باسم " الثيوقراطية ' أو " الحكم 
الإلهي المقدس '!!! ولكنها تقوم بأن تكون شريعة الله هي 


(١)معالم‏ في الطريق ص ٠١5-٠١4‏ بتصرف يسير . 
١555‏ 





اسيك قطي ومنمجه في العقيدة ‏ 7و2 





الحاكمة.. وأن يكون مرد الأمر إلى الله وفق ما قرره من شريعة 
تود 1007 

وبهذا يظهر لنا أن " الحاكمية " التي دعا إليها سيد 
رحمه الله لا تعني "الحكم الثيوقراطي " كما زعم العلمانيون؛ 
لأن الحكم الثيوقراطي المقدس الذي ساد أوربا خلال فترة سيطرة 
الكنيسة» يقوم على أن البابا وهو يحكم في أمور الدنيا ينطق 
باسم الله» فما يحله البابا في الأرض يحله الله في السماء وما 
يحرمه الباباوات في الأرض يحرمه الله في السماءء فالحكم 
الثيوقراطي قائم على أساس التفويض الإلهي» فالحاكم لا يختاره 
الناس بل يختاره الله؛ وبالتالي يحكم باسم الله» وما يقوله أو 
يصدر عنه إنما يصدر عن الله الذي فوضه؛» ولذلك كان الحاكم 
الديني في أوربا يملك صكوك الغفران والحرمان بتفويض من 
الله. 

بينما الحاكمية التي دعا إليها سيد قطب- رحمه الله - 
تعنى حاكمية الشريعة» فالحكم في الإسلام محدد فيما بلغه 
الرسول يد عن ربه من قرآن وسنة» وأنه لا اجتهاد مع النص» 


١ 51/ 





79919191917-1-17-171سوساقطود وميسبه في العقيدة ‏ 427 





وأنه يرجع فيما لا نص فيه إلى الأصول المقررة والقواعد العامة 
ليستنبط منها الحكم. 

كما أن الحاكم في الإسلام لا يختاره الله» بل يختاره الناس 
طبقا لشروط القران الكريم والسنة» وبالتالي ليس مفوضاً من الله أن 
يحكم باسمه ويحلل ويحرم ويشرع من عنده؛ بل يستمد سلطانه 
وكلاعقة مرخ طافخه هو نل ؤتتفية لأواسن الله واحكامه (0): 

والفرق جلي وواضح بين مفهوم الحاكمية التي دعا إليها 
سيد -ر حمه الله - وبين مفهوم الحكم الثيوقراطي. 


)١(‏ معالم في الطريق ص ٠١5‏ ؛ وأضواء على معالم في الطريق» للمستشار سالم 
البهنساوي ص 155-١571‏ . 
١516‏ 





اتوك قطي ومنمجة في العفيدة 6ج 





الفصل الراببج 
منهجه ني نواقض التوحيد والإيمان 
وفيه تمهيد وثلاثة مباحث: 
التمهيد: تعريف النواقض وأقسامها. 
المبحث الأول: الشرك. 
المبحث الثاني: الكفر. 
المبحث الثالث: النفاق. 


١48 





اتوك قطي ومنهجه في العفيدة /و2 


التمهيد 
تعريف النواقض وأقسامها 
أولاً: معنى النواقض في اللغة: 
النواقض لغة: جمع ناقضء والناقض: اسم فاعل من 
النقضء ويطلق على: إفساد ما أبرمت من عقد أو بناءء فهو 
بمعنى نكث الشيء» وانتثار العقدء وحل وإبطال المبرم» وهدم 
وإزالة الشيء )١(‏ 
ثانياً: معنى النواقض في الاصطلاح: 
نستطيع أن نقول أن النواقض هي: 
" الأمور التي تزيل الشيء وتقطعه وترفع حكمه وتبطله ". 
ونواقض الإيمان هى: " اعتقادات أو أقوال أو أفعال تزيل 
الإثمان وتقطعة: 007 
بناء على أن الإيمان حقيقة مركبة من اعتقاد وقول وعمل. 
ويطلق على نواقض الإيمان عدة أسماء منها: 








11 الكل سح مقافين اللفة راق قارون 8 ماه اق ولفان الغرين لايق 
منظور 757/7 وتاج العروس للزبيدي 11/5 والمصباح المنير للفيومي ص 757 
1) العو كراشن :الإنماق القوليه:واالجملة د هيد الجزرى لحيو اللمشفعت دان لطن 
- الرياض ط عام 545717١ه‏ ص 45 . 
١‏ 





اتوك قطي ومنهجه في العفيدة /و2 





.١‏ نواقض الإيمان. 

؟. نواقض الإسلام. 

؟. نواقض التوحيد. 

؟. الردة. 

5. المكفرات. 

فهذه الأسماء تطلق على الأمور التي تنقض أصل الإيمان 
والتوحيد ويرتد بها صاحبها إلى الكفر والشرك» ويخرج بها من 
الملة. 

أما المعاصي التي لا تنقض أصل الإيمان وانما تنقصه فلا 
تسمى نواقض وانما تسمى'نواقص". 

ثالثاً: أقسام النواقط 

اختلفت عبارات العلماء في تقسيم النواقض في الظاهر»ء 
ولكنها ترجع في حقيقة الأمر إلى حقيقة واحدة متفق عليها عند 
الجميع» وهي كل ما يناقض أصل الإيمان والتوحيد ويبطله. 

وأشهر التقسيمات هي: 

-١‏ يقسمها البعض إلى: نواقض اعتقادية ونواقض قولية 
ونواقض عملية. 

-١‏ ويقسمها آخرون إلى: الشرك - الكفر - النفاق. 

*- ويطلق عليها بعضهم اسماً واحداً هو: الردة. 


١ ال١‎ 








17/17 17 ل سيصقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 


وعند التحقيق في حقيقة الأقوال السابقة نجد أنها ترجع إلى 
شيء واحد هو: ما يخرج صاحبه من الإسلام سواء كان اعتقاداً 
أو قولاً أو عملآء شركاً كان أو كفراً أو نفاقاً» فالخلاف بينها 

وبناء على ما سبق سوف نعرض لمنهج سيد - رحمه الله 
- في باب نواقض التوحيد والإيمان معتمدين التقسيم الثاني 
للنواقض وهو: الشركء والكفر» والنفاق. 

وذلك من حال الفتاحف الاكية: 


١ “ا‎ 


اتوك قطي ومنهجه في العفيدة /و2 





المبحث الأول 
الثشرك 
المطلب الأول 


تعريف الشرك وبيان حقيقته 

أولا: معنى الشرك في_اللغة: يطلق الشرك في اللغة على 
عدة معان منها: 

الاقتران وعدم الإنفراد» والاشتراك في الشيء بين اثنين 
وصاعداء وتسوية الشيء بغيره» والحصة والنصيب» والكفر 
وغيرها. 00( 
الاصطلاح: تنوعت عبارات العلماء 
في تعريفهم للشرك إلى أكثر من عشرين تعريفا » بعضها 
متقارب وبعضها متداخل وبعضها يكمل بعضاء ومن خلال 
استقرائها يمكن أن نعرف الشرك بأنه: 





)١(‏ انظر : معجم مقاييس اللغة لابن فارس */355 » لسان العرب لابن منظور 
.: والمفردات للراغبء ص 54 ؟ » والشرك بالله أنواعه وأحكامه » ماجد 
شبالة. ص ١9575-ه5”5؟‏ , 

١ 6 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


" أن يجعل لله - تعالى- نداً أو شريكاً في ربوبيته أو ألوهيته 
أو أسمائه وصفاته» بحيث يصرف ما هو من خصوصياته - 
سيحاقت لغيرف علن بوبعةه الاشتراك أو التفزد * (1) 

إذا: فحقيقة الشرك تتمثل في تشبيه المخلوق بالخالق - 
تعالى وتقدس - في خصائصه أو العكسء أو إثبات شيء من 
خصائص الله - تعالى- لغيره» أو التقرب إلى غيره - سبحانه 
- بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه. 

ولا يشترط في كون ذلك شركاً المساواة المطلقة بين الله 
وبين غيره» بل المقصود مطلق الشراكة سواء كان الله - 
تعالى- مماثلاً فيها لغيره» أو زائداً عليه» فالكل يتحقق به معنى 
الشؤك على السؤاع: 2127 


المطلب الثاني 


منهج سيد قطب في بيان الشرك وأنواعه 
يمكن بيان منهج سيد - رحمه الله- فيما يتعلق بمسألة 
الشرك بالله فيما يأتي: 


.”8 الشرك بالله تعالى أنواعه وأحكامه » ماجد شبالة » ص‎ )١( 
. المصدر السابق » نفسه‎ )١( 


522 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الفرع الأول: معنى الشرك وحقيقته: 

يرى سيد - رحمه الله- أن حقيقة الشرك ومعناه يتمثل في 
اتخاذ آلهة مع الله - سبحانه - أو تقديم الشعائر لغير الله؛ أو 
صرف شيءٍ من خصائص الألوهية لغيره - سبحانه- وعدم 
إفراده بالتوجه والتلقي والطاعة والخضوع والعبادة والحاكمية 
والتشريع والشعائر والشرائع» ومن أقوال - سيد - في بيان 
حقيقة الشرك ما يلي: 

-١‏ يقول- رحمه الله-: " يقوم الشرك ابتداءً على إعطاء 
فين "اللو" 2 يتدافت- كينا نيا هن خحنائمن ٠‏ الألرفية 
ومظاهرهاء وفي مقدمتها حق التشريع للعباد في شؤون حياتهم 
كلهاء وحق وضع القيم التي يتحاكم إليها العباد في سلوكهم 
وفي مجتمعاتهم» وحق الاستعلاء على العباد والزامهم بالطاعة 
لتلك التشريعات والاعتبار لهذه القيم» ثم تأتي مسألة العبادة 
الشعائرية :ضمن: إعطاء هذه الخضائصن لغيز الله سبحاتة 
وواحدة منها ". (") 

؟- ويقول أيضاً: " والشرك بالله... يتحقق بعدم إفراد الله 
بخصائص الألوهية» والاعتراف لبعض البشر بهذه الخصائص» 


. 5357/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ هما‎ 








2 اليهود والنصارى الذي حكاه القرآن من أنهم: ( 
عدوأ أَحَبَارَهُمٌ وَرَهْبِكتَهُمْ رتنا من دوت الله 1 [سورة 

التوبة:١"]‏ ' ولم يكونوا عبدوهم مع الله» ولكن كانوا فقط اعترفوا 
لهم بحق التشريع لهم من دون الله» فحرموا عليهم وأحلوا لهم؛ 
فاتبعوهم في هذا... فحق عليهم وصف الشرك '('6'' إن الشرك 
بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عبادهء ولو 
لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته» ولا تقديم الشعائر 
التعبدية له.. " (5) 

*- ويقول: " فاتخاذ غير الله ولياً - بأي معنى - هو 
الشرك» قضية واحدة محددة:؛ لا تقبل ليناً ولا تميعاً» إما إفراد الله 
سبحانه بالتوجه والتلقي والطاعة والخضوع والعبادة والاستعانة» 
والإقرار له وحده بالحاكمية في كل أمرٍ من هذه الأمورء 
ورفض إشراك غيره معه فيهاء وولاء القلب والعمل» في الشعيرة 
والشريعة له وحده بلا شريك؛ إما هذا كله فهو الإسلام؛ واما 
إشراك أحدٍ من عباده معه في شيءٍ من هذا كله فهو الشرك» 
الذي لا يجتمع في قلب واحد مع الإسلام. ' (' 
)١(‏ في ظلال القرآن 760-155/7 » وينظر أيضا ”5174/7 . 
(') المصدر السابق ١557/79‏ . 


(؟) في ظلال القرآن ٠١55/7‏ . 
١5‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


4- ويقول أيضاً: " ولا نزال في حاجة إلى تقرير من هم 
المشركون؟ إنهم الذين يشركون بالله أحداً في خصائص الألوهية» 
سواء في الاعتقاد بألوهية أحد مع الله» أو بتقديم الشعائر التعبدية 
لأحد مع الله؛ أو بقبول الحاكمية والشريعة من أحد مع اللهء ومن 
باب أولى من يدعون لأنفسهم واحدة من هذه مهما تسمّوا بأسماء 
المسلمين!» فلنكن من أمر ديننا على يقين " :)١(‏ 

6-بويقول أيضنا» " :إن الشرك كاش المخالفة لشهادة أن ا 
إله إلا الله " يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها 
الدينونة في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده» ويكفي 
أن يدين العبد لله في جوانب من حياته» بينما هو يدين في 
جوانب أخرى لغير الله» حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته 
وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة؛ 
والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي 
للشرك في أعماق طبيعته» إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد 
في ألوهيته وحدهء ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة 
والصوم والحج وسائر الشعائر» بينما هو في الوقت ذاته يدين 
في حياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لشرائع من عند 


.١155/5 ء وينظر أيضا‎ ١١79/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ اع‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





غير الله»ء ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات 
واصطلاحات من صنع غير الله» ويدين في أخلاقه وتقاليده 
وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق 
والتقاليد والعادات والأزياء مخالفة لشرع الله وأمره» إن هذا العبد 
يزاول الشرك في أخص حتيقته» ويخالف عن شهادة " أن لا إله 
إلا الله وأن محمداً رسول الله" في أخص حقيقتهاء وهذا ما يغفل 
عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخص وتميع» وهم لا يحسبونه 
الشرك الذي كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان " )١(‏ 


. 5١١5-5١1١ 5/5 المصدر السابق‎ )١( 


١ ملا‎ 





تيت قطييه ومنهجه في العفيدة 





الفر 2 الثاني : نشأة لثرا ك وأسبابه: 


5 0. 





كما يذكره القرآن الكريم والسنة الصحيحة يجد أن الأصل في 
بني آدم فطرة وتاريخاً هو التوحيد» وأن الشرك إنما هو انحراف 
وشذوذ عن الأصلء أما كونه الأصل فطرة: فقد دلت الأدلة 
على أن الله - سبحانه وتعالى - خلق الإنسان مفطوراً على 
القريدية فإ بسكافة بوكعان :| اف وكيك انق حينا فرت 


ته سه لله 


َل ل فط رأَلدَّاسَ علي لا يَريلَ لِحَلَقِ لَه ديلت ك البيت الْقنَمْ ) 


[سورة الروم:0٠]‏ ' وقوله -وتعالى-: [ وَإِدَ أخذ َحَدَ رَيْكَ رَيِكَ من بن ادم من 
2م ل 1 2 ل ا 
ظهورهر دَرَيتوم وأ وأشهدَهم ع أشي الست ريم الوايل شهندنا أنك 


ف رعس عر عه وس ماح عاد ا له 


تَُولوا يوم لْمََِمَةِ إِنَا كنا عن هذا غْنفَلِينَ 1 [سورة الأعراف:77١]‏ ' 
ويقول 5: " كل مولود يولد على الفطرة.... الحديث " :)١(‏ 


وفي الحديث القدسي " إني خلقت عبادي حنفاء كلهم... 
الحديث ل ليه 


)١(‏ رواه البخاري ‏ كتاب الجنائز باب إذا أسلم الصبي فمات 555/١ ٠‏ برقم 
ومسلمء في كتاب القدرء ١575/5‏ برقم 555/7 
(5) رواه مسلم » في كتاب الجنة » »١75١/5‏ برقم 75856 . 
١1‏ 





سيك قطي ومنمجة في العقيدة /262 





وأما كون التوحيد هو الأصل تاريخياً فيتضح ذلك من 
خلال النصوص الشرعية التي تثبت أن الناس في تاريخهم 
الطويل من آدم إلى نوح -عليهما السلام - كانوا على التوحيد 
الخالص» حتى حدث ما حدث في قوم نوح. قال تعالى: ( كَنّ 
لاس أُمّد وده 1 '[سورة: البقرة:*81] - أي: .غلئ. التوحيد. والدين 
الحق )١(‏ فاختلفوا ١‏ سَعَتَ أَلَهُ بين مُسَيِرِيت وَمُنذِرِنَ 1. فآدم 
-عليه السلام- كان أول الموحدين باعتباره نبيناً مكلماً كما جاء 
في الحديث عن النبي و4 (")» 

وبهذا يظهر خطأ القول بتطور العقيدة وعدم صحة نسبة 
الشرك إلى آدم وحواء عليهما السلام (7)» 

أما سيد - رحمه الله - فيقرر أن التوحيد هو الأصل في 
البشرية فطرة» وأن الشرك انحراف طارئ عن الفطرة وشذوذ عن 


575/7 تفسير ابن كثير‎ )١( 

(؟) رواه أحمد » 715/5 » وابن حبان في صحيحة » انظر : الإحسان في تقريب 
صحيح ابن حبان » للفارسي » مؤسسة الرسالة - بيروت -ط -١‏ 991١م‏ » 
5 »ء وأخرجه الحاكم في المستدرك 717/7 » وقال صحيح على شرط مسلم 
ووافقه الذهبي » وصححه الألباني » انظر مشكاة المصابيح للتبريري - تحقيق 
الشيخ الألباني » المكتب الإسلامي » بيروت »ط ”7 3١5.62‏ 1599/5. 

(") انظر تفاصيل أوفى لما سبق في : الشرك بالله تعالى أنواعه وأحكامه » ماجد 
شبالة ص 9-55ه6. 

١ م١‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





4- 
رو 


ظْهُورِهر دُرِيَيَيُمَ 1 [سورة الأعراف:17] » يقول: " تعرض هنا 
قضية التوحيد من زاوية الفطرة التي فطر الله عليها البشرء 
وأخذ بها عليهم الميثاق في ذات أنفسهم وهم في عالم الذرء إن 
الاعتراف بربوبية الله وحده فطرة في الكيان البشريء فطرة 
أودعها الخالق في هذه الكينونة وشهدت بها على نفسهاء أما 
الرسالات فتذكير وتحذير لمن ينحرفون عن فطرتهم الأولى» إن 
التوحيد ميثاق معقود بين فطرة البشر وخالق البشر منذ 
كينونتهم الأولى» فلا حجة لهم في نقض الميثاق -حتى لو لم 
يبعث إليهم بالرسل- ولكن رحمته وحدها اقتضت ألا يكلهم إلى 
فطرتهم هذه فقد تنحرف» ولا إلى عقولهم فقد تضل وأن يبعث 
إليهم رسلا مبشرين ومنذرين لتلا يكون للناس على الله حجة 
يعد الزييل"(1) 

وبعد أن استعرض سيد -رحمه الله- أقوال العلماء في 
معنى الميثاق المأخوذ على بني آدم نقل مجموعة من 
الأحاديث الصحيحة التي أوردها الإمام إبن كثير في تقرير أن 


. في ظلال القران 1 بتصرف يسير‎ )١( 
١/١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





التوحيد هو الأصل في فطرة بني آدم» وأن الشرك انحراف عن 
الفطزة ل 

أما كون التوحيد هو الأصل في تاريخ البشرية فيقول سيد 
- رحمه الله-: " إن الإسلام كان هو أول عقيدة عرفتها البشرية 
على يد آدم -عليه السلام -أبي البشر الأول» ثم على يد نوح 
- عليه السلام- أبي البشر الثاني» ثم بعد ذلك على يدي كل 
رسول.. وأن الجاهلية.. كانت تطرأ على البشرية بعد معرفة 
الإسلام على أيدي الرسل- عليهم الصلاة والسلام. '(5), ' 
فالإسلام هو الأصل الذي بدأت به حياة البشر على الأرض» 
فهو الذي نزل به آدم من الجنة واستخلف في هذه الأرض وهو 
الذي نزل به نوح من السفينة واستخلف في هذه الأرض» إنما 
كان الناس يخرجون من الإسلام إلى الجاهلية» فتأتيهم الدعوة 
فتردهم إلى الإسلام» وهكذا إلى يومنا هذا " (') " وإذن فقد هبط 
آدم إلى الأرض مسلماً لله متبعاً هداهء وما من شك أنه علَّم بنيه 
الإسلام جيلاً بعد جيل؛ وأن الإسلام كان هو أول عقيدة عرفتها 
البشرية في الأرضء حيث لم تكن معها عقيدة أخرى! فإذا نحن 


. ١595 -1١595/9 المصدر السابق‎ )١( 

(") في ظلال القرآن .١155-1١955/5‏ 

(؟) المصدر السابق ١1١”/5‏ وينظر أيضا "584/١‏ . 
١‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


رأينا قوم نوح وهم من ذرية آدم بعد أجيال قد صاروا إلى هذه 
الجاهلية فلنا أن نجزم أن هذه الجاهلية طارئة على البشرية 
بوثنيتها وأساطيرها وخرافاتها وأصنامها وتصوراتها وتقاليدها 
جميعاً وأنها انحرفت عن الإسلام إليها " .)١(‏ 

ولسيد نصوص كثيرة في تقرير هذه الحقيقة نخلص منها 
إلى الآتي: 

١-أن‏ سيد - رحمه الله- يقرر ما قررته النصوص 
الشرعية الواردة في الكتاب والسنة من أن التوحيد هو الأصل 
في بني آدم فطرةً وتاريخاً» وأن الشرك انحراف وشذوذ عن ذلك 
الأضدل: 

-١‏ أنه يرفض ما قرره علماء الأديان من الغربيين من 
القول بتطور العقيدة وقد سبق معنا بيان موقفة من هذه القضية 
بالتفصيل في الباب الثاني ('). 

"- أنه يرفض ما جاء في بعض الآثار من نسبة الشرك 


إلى آدم وحواء (١)؛‏ وذلك في تفسير قوله تعالى: ( هُرَّألِى 


. 317١١/5 وينظر‎ » ١887/5 المصدر السابق‎ )١( 
ينظر: المبحث الرابع - الفصل الأول - الباب الثاني » و أيضا : في ظلال‎ )1( 
. 19517 218486-1١ 885/5 القرآن‎ 

١8 








اسيك قطيك ومنهجة في العقيدة 


َلَقَْ ين نَنِين وَحِدَوَ وَجَعَلَ ينها دَوْجَّهَا لِيَسَكْنَّ إلا هَلَنَا 
انا صَيِصًا لَنَكْوْنَ ون الشّكربت 0 كَلمَآ َاكْهُمَا صَلِكًا جَمَلا له 
شُرَكءٌ فيمَآ ءَاتَلهُمَا معدل اللّهُ عَمَا مشْرِكُونَ 1 [سورة الأعراف:189- 
) حيث يقول: " إن بعض الروايات في التفسير تذكر هذه 
القصة على أنها قصة حقيقية وقعت لآدم وحواءء إذ كان 
أبناؤهما يولدون مشوهينء فجاء إليهما الشيطان فأغرى حواء أن 
تسمي ما في بطنها « عبد الحارث »» والحارث اسم لإبليس» 
ليولد صحيحاً ويعيشء ففعلت وأغرت آدم معها! وظاهرٌ ما في 
هذه الرواية من طابع إسرائيلي» ذلك أن التصور الإسرائيلي 
السك 2 التدرف حدر الذي لق طبه القراية- على 
حواء» وهو مخالف تماماً للتصور الإسلامي الصحيح. 

ولا حاجة بنا إلى هذه الإسرائيليات لتفسير هذا النص 
القراني» فهو يصور مدارج الانحراف في النفس البشرية» ولقد 
كان المشركون على عهد رسول الله - كله - وقبله» ينذرون 


)١(‏ انظر في ذلك : تفسير الطبري ١57 - ١51/5‏ » وتفسير البغوي المسمى 
معالم التنزيل » دار طيبة - الرياض ط” 155١م‏ . ”١7/”‏ » وتفسير ابن كثير 
0/5 . 
١١5‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





بعض أبنائهم للآلهة» أو لخدمة معابد الآلهة! تقرباً وزلفى إلى 
اللهاء ومع توجههم في أول الأمر إلى الله فإنهم بعد دحرجة من 
قمة التوحيد إلى درك الوثنية كانوا ينذرون لهذه الآلهة أبناءهم 
لتعيش وتصح وتوقى المخاطر! كما يجعل الناس اليوم نصيباً 
في أبدان أبنائهم للأولياء والقديسين» كأن يستبقوا شعر الغلام لا 
يحلق أول مرة إلا على ضريح ولي أو قديسء أو أن يستبقوه 
بلا ختان حتى يختن هناك» مع أن هؤلاء الناس اليوم يعترفون 
بالله الواحد» ثم يتبعون هذا الاعتراف بهذه الاتجاهات المشركة؛ 
والناس هم الناس [مَتَعسْلَ أله عَم ضْرِكونَ ) )١(‏ 

" فالحديث في الآية عن قصة الانحراف في النفس - 
متمثلاً في قصة الزوجين - هو حديث كل شرك! والمقصود به 
هو تنبيه المشركين إلى سخف ما هم عليه؛ ولذلك ينتقل السياق 
من أسلوب القصة والحكاية إلى مواجهة المشركين بالخطاب 
المَباقئز كأنة امتداة للحديث السايق (5) 


.15179-21515/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
5 وي المصدر السابق 5/7 ابتصرف يسير‎ 


١ م‎ 





اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 





وهذا ما قرره كثير من المحققين وأهل العلم» وهو ما يتفق 
مع النصوص الشرعية. (") 

ثانياً: أسباب الشرك ودوافعه: 

إذا كان التوحيد هو الأصل في البشرية فطرة وتاريخاً؛ 
والشرك انحراف وشذوذ عن هذا الأصلء» فما هي الأسباب 
والدوافع التي تكمن وراء هذا الانحراف عن خط التوحيد والوقوع 
في الشرك؟ 

أشار سيد - رحمه الله- إلى بعض أسباب ودوافع الشرك 
منها: 

-١‏ الشيطان ومكائده: 

أشار سيد - رحمه الله- إلى أن آدم - عليه السلام -هبط 
إلى الأرض مسلماً لله متبعاً لهداه» وأنه علم بنيه الإسلام جيلاً 
بعد جيل» وأن الجاهلية التي حدثت في قوم نوح طارئة على 
البشرية» وأن البشرية انحرفت عن الإسلام إليها بفعل الشيطان 
المسلط على بني آدمء وبفعل الثغرات الطبيعية في النفس 
البشرية» التي ينفذ منها الشيطان» كلما تراخوا عن الاستمساك 


)١(‏ ينظر: تفسير الرازي 7١/١5‏ الكشاف للزمخشري ٠١51/7‏ وتفسير ابن 
كثير 578/5 ١وروضة‏ المحبين لابن القيم » دار الكتاب العربي » بيروت 
ط؛١5١١١هء‏ ص 595, والشرك أنواعه وأحكامه للباحث ص ١ه-‏ 5ه . 

١ 








بهدى الله واتباعه وحده»ء فإذا انحرف الإنسان عن هدي الله 
اجتاله الشيطان حتى يقذف به -بعد أشواط - إلى مثل تلك 
الجاهلية الكالحة التي انتهت إليها ذراري آدم - النبي المسلم - 
بعد تلك الأجيال التي لا يعلمها إلا الله. (') " فالشيطان يستغل 
الضعف البشري وطبيعة التكوين المزدوج للإنسان» فيجتالهم 
عن الإسلام إلى الجاهلية '(") 

'" والشيطان وراء العدول عن شرع الله ودينه» إلى شرع 
الشركاء ودينهم» وهو العدو المبين الذي يقود خطى المشركين 
إلى الخسران والتدمير. (") 


دوودسودلء ‏ سعد هوء عوده لدي سام ا يي يو 
ولاميدتهم ولامرنهم ولْبيِكنّ اذارت الاأنعلو ولام 

كو عع سا س2 سم كه ع سس هه ل د )ا دااع مارج بس دبي 04 
فَلِجَيرَنكَ حَلقَ الله ومن يتِذ الشيطن وَلِينَا مّن دوين الله 


. بتصرف يسير‎ ١887/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ ١155/5 المصدر السابق‎ )١( 
. ١١85/79 المصدر السابق‎ )9( 

١ /امة‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


ماه 1 
َه ٠.‏ 


وح سا 


في حيو خا مينيك 1 السرة الخجا5 دو ]ريق 


سيد - رحمه الله- تلاعب الشيطان بالمشركين فيقول: " لقد 
كان العرب - في جاهليتهم - يزعمون أن الملائكة بنات الله؛ 
ثم يتخذون لها تماثيل يسمونها أسماء الإناث: " اللات والعزى 
ومناه " يعبدونها بوصفها تماثيل لبنات الله في أول الأمر» ثم 
ينسون أصل الأسطورة ويعبدون الأصنام ذاتهاء بل يعبدون 
جنس الحجر.. وبعضهم كان يعبد الشيطان نصاً» فقد كانت بنو 
مليح من خزاعة يعبدون الجن. 

ويوضح سيد - رحمه الله- أن النص هنا أوسع مدلولاً 
فالمشركون في شركهم كله إنما يدعون الشيطان» ويستمدون 
منه» هذا الشيطان صاحب القصة مع أبيهم آدمء الذي لعنه الله 
بسبب معصيته وعدائه للبشرء والذي بلغ من حقده بعد طرده 
ولعنته أن يأخذ من الله - سبحانه - إذناً بأن يغوي من البشر 
كل من لا يلجأ إلى حمى الله... 

فالمشركون يدعون الشيطان- عدوهم القديم- ويستوحونه 
ويستمدون منه هذا الضلال؛ وشعور الإنسان بأن الشيطان - 


عدوه القديم- هو الذي يأمر بهذا الشرك وتوابعه من الشعائر 


١ 84 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الوثنية يثير في النفس الحذر منه ومن استهوائه الذي يصرف 
الفظرة مق التوهيذ إلى اللكترك: 7 10. 

لذلك جاء التحذير الإلهي في القرآن الكريم من الشيطان 
ومكالله بحي لأ زوه البشن في الشرك:.والضيكك كبن أن 
هداهم الله إلى التوحيد. 

> اتخاذ الرمز " الميل إلى الإيمان بالمحسوس 


بيّن سيد - رحمه الله- أن حدوث أول شرك في البشرية في 
قوم نوح كان بإغواء الشيطان لهم من خلال اتخاذهم الأصنام 
في بادئ الأمر أنصابا ترمز إلى قوى قدسوها غيبية أو 
مشهودة» ثم نسوا الرمز وعبدوا الأصنام» وأشهرها تلك الخمسة 
التي ورد ذكرها في - سورة نوح - وداً وسواعاً ويغوث ويعوق 
ونسرا 0 

وكذلك كان حال المشركين في الجاهلية أيضاًء من اتخاذ 
الأصنام رمزاً للملائكة حيناً» وللآباء والأجداد حينا آخرء 
فالازدواج في عقائد المشركين بين الأصنام الظاهرة» والرموز 
الباطنة هو - فيما نحسب - سبب مخاطبتهم هكذا عن هذه 
)١(‏ في ظلال القرآن 73١1١ -170/١‏ » ومقومات التصور الإسلامي ص ١,7١‏ . 


( ')في ظلال القران كالا. 
١81‏ 








الآلهة: مرة بضمير العاقل ملحوظاً فيها ما وراء الأصنام من 
الرمز» ومرة بالإشارة المباشرة إلى الأصنام ذاتها " (") 

"- التقليد:_وهو من الأسباب والعوامل التي أدت إلى 
انتشار المظاهر الشركية في تاريخ البشر واستمرارها أيضاًء 


وفي القران الكريم آيات كثيرة تبين ذلك منها قوله تعالى: ( 


_- 
هه ا ممه ًَ لي 


ب كي سا - 3 ةم يل بحس جع سم .الي سس سس سم 
وَكدَّلِكَ مآ أَرَسَلَنَا من قَبَلِكَ فى قَرَيةَ من تَذير إلا قال مترفوها إِنَا وَجَدَنا 


2 2 دع سا 


05 َك أَمةِوَنَاعَكَ اهم مُقْتَدُوتَ ) [سورة الزخرف:؟] » وقوله 
تعالى: | وَإِذَا قِِلَ طَمُ أتَِعُوأ مآ أَنْلَ الله فَالُوأ بل سي 
ايآ ) [سورة البقرة:١1]‏ وغيرها 

وقد أشار سيد - رحمه الله- في ظلال هذه الآيات وغيرها 
إلى أنها تندد بالتقليد في العقيدة وتلقي شيء من أمر العقيدة 
من غير الله» وتصور المشركين في تقليدهم لابائهم في الشرك 
بالبهائم0')» وأن مقولتهم تلك تدعو إلى السخرية فوق أنها 
متهافتة لا تستند إلى قوة» إنها مجرد المحاكاة ومحض التقليد 


بلا تدبر ولا تفكر ولا حجة ولا دليل» وهي صورة مزرية تشبه 


ا مآ أ 
. 


)١(‏ المصدر السابق ؟/ره ١:١١‏ بتصرف يسير 
)١(‏ في ظلال القرآن ١55/١‏ بتصرف . 
١6‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





صورة القطيع يمضي حيث هو منساق ولا يسأل: إلى أين 
نمضي؟ ولا يعرف معالم الطريق. 

: - الغلو في الصالحين وتقد 

فالمبالغة في الإعجاب قد يصل إلى الغلو والتقديس» ثم إلى 
الشرك ومن هذا اللون من الانحراف نشأت كثير من صور 
الشرك في البشرية» كشرك قوم نوح وشرك أهل الكتاب بسبب 
تعظيمهم ل" عزير" و" للمسيح © حتى غلوا فيهما ونسبوهما 
أبناء لله- تعالى وتقدس - وكذا تقديسهم لأحبارهم ورهبانهم 
حتى أطاعوهم فيما أحلوا وحرموا خلافا لأمر اللهء وكشرك 
الجاهلين في تعظيمهم للملائكة والجن وتقديسهم على اعتبار 
أنهم أبناءً لله وبنات» وكشرك الوثنيين الذين قدسوا الكواكب 
والأجرام السماوية باعتبارها رموزاً لقوى غيبيه وكان تحريف مله 
إبراهيم -عليه السلام - في نهاية الأمر بسبب تعظيم العرب 
لعمر بن لحي الخزاعي واعجابهم به وطاعته في ما أبتدعه لهم 
من حظلا هون :الشرلف (1), 

وقد أشار سيد إلى هذا السبب كثيراً ومن ذلك قوله: " ولعل 
أول خطوة في الانحراف عن التوحيد كانت هي تعظيم ذكرى 


. ينظر: الشرك بالله تعالى أنواعه وأحكامه . للباحث ص١7 وما بعدها‎ )١( 
١١ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الفئة المؤمنة القليلة التي حملت في السفينة مع نوح» ثم تطور 
أشجار وأحجار نافعة ثم تتطور هذه الأشياء فإذا هي 


معبودات» واذا وراءها كهنه وسدنه يُعبّدون الناس للعباد منهم 
باسم هذه المعبودات المدعاة في صورة من صور الجاهلية 
الكثيرة» ذلك أن الانحراف خطوة واحدة عن نهج التوحيد المطلق 
الذي لا يتجه بشعور التقديس لغير الله» ولا يدين بالعبودية إلا 
للك حدم الأتكزاف- قطؤة:.واحهدة لد أن تتبعه مع الزمن 
خطوات وانحرافات لا يعلم مداها إلا الله .)١('‏ 





إن المتتبع لآيات القرآن الكريم يلاحظ أن الله -تعالى- 
يخبر في كثير منها أن من أسباب وجود الشرك في البشرية هو 
انحرافهم عن منهج التفكير السليم» واعتمادهم على الأوهام 
والظنون والأساطير» والتي تتحول إلى حقائق وعقائد عند 
المشركين وليس لها من الحقيقة نصيب.. (') ومن أوهامهم في 


. 545/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7.19/6 2185/9 في ظلال القرآن 5015لا‎ )"( 
١١0 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 





تبرير الشرك إحالتهم ما يفعلونه من الشرك على المشيئة 
الإلهية خبطاً» واعتماداً على الأوهام والظنون. )١(‏ 

”- الكبر والطغيان والخوف على المصالح والشهوات: 

من أسباب وجود الشرك واستمراره ووجود الطغاة الذين 
يتكبرون على الحق ويُعبدون الناس لشهواتهم من خلال وضع 
التشريعات والنظم التي تخالف أمر الله»ء ويأمرون بالشرك 
فيطاعون خوفاً من البطشء كما قال سبحانه وتعالى: ١‏ وَهَالَ 
لبن سْتْصْعِفُوا ِلَدِينَ َسَتَكْبروأ بَلْ مَكرُ أيْدَلِ وأَلتّهَار إذْ تأمرونا أ 


عه 


َكفْر بأَلَهِ وَتجعل لَه أندادا وأَسَرُوْ أَلتَدَامَةَ لَمَا رأوأ لْعَدَابَ ) [سورة 
سبأ:"] » فالكبر والخوف على المصالح حمل المشركين على 
الاستمرار بالشرك وعدم الدخول في الإسلام (')» والشهوات 
والأهواء والتظليل والخداع هو الذي يوقع البشر في الشرك. (") 
-٠‏ انحسار مفهوم التوحيد والعبادة: 
" إن انحسار معنى الألوهية والعبادة» يؤدي بالناس إلى 
الشرك وهم يحسبون أنهم في دين الله» كما هو الحال اليوم في 


)١(‏ المصدر السابق ”7 ١١45/‏ . 5787/5 5255/66 .ومقومات التصور 
الإسلامي ص55١ ١50-‏ . 
() ينظر في ظلال القرآن 15١5/5‏ 21415 ه5//6لا759 , ك/ كال اللا" . 
(؟) المصدر السابق ١5١15‏ . 
١‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





كل بلاد الأرضء بما فيها البلاد التي يتسمى أهلها بأسماء 
المسلمين» ويؤدون الشعائر للهء بينما أربابهم غير الله لأن ربهم 
هو الذي يحكمهم بسلطانه وشريعته وهو الذي يدينون له 
ويخضعون لأمره ونهيه» ويتبعون ما يشرعه لهم. .ونا 
بهت مدلول "الدين" ومدلول "العبادة " في نفوس الناس صاروا 
يفهمون أن عباده غيرا لله التي يخرج بها الناس من الإسلام إلى 
الجاهلية هي فقط تقديم الشعائر التعبدية لغير الله» كتقديمها 
للأصنام والأوثان» ومتى تجنب الإنسان هذه الصورة فقد بعد 
عن الشرك والجاهلية وأصبح 'مسلما" لا يجوز تكفيره... وهذا 
وهم باطل» وانحسار وانكماش» بل تبديل وتغيير في مدلول لفظ 
(العبادة). 0 

فرع الثالث: أقسام الشرك ن القديم والحديث: 

" القاعدة التي يقوم عليها بناء العقيدة.. تقوم قبل كل شيء 
على أنه يجب أن يعترف الناس ابتداء بربوبية الله وحده لهم في 
حياتهم كما يعترفون بألوهيته وحده في عقيدتهم فلا يشركون 


معه أحدا في ألوهيته وربوبيته»ء ويعترفون له وحده بأنه 





.١ 07255 -1155/9 المصدر السابق‎ )١( 
» ١9555/79 بتصرف يسيرءوينظر أيضا‎ ١105-١9.07/7 (؟) المصدر السابق‎ 
والشحطة اا‎ 


١+ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





المتصرف في شؤون الكون في عالم الأسباب والأقدارء 
والمتصرف في حسابهم وجزائهم يوم الدين» والمتصرف في 
شؤون العباد في عالم الحكم والشريعة كلها سواءء وتنقية 
المجتمع من تقاليد الجاهلية» وتنقية الحياة من عبودية العباد 
للعباد 00 

وهذا الاعتراف يقوم على مدلول الإسلام الأساسي وهو 
يشمل ثلاثة أمور: - الاعتقاد بألوهية الله وحده» وتقديم الشعائر 
التعبدية لله وحده»ء والدينونة والإتباع والطاعة والخضوع في 
أمور الحياة كلها لله وحده؛ فبدونها لا يكون إسلاماً» وتخلف 
أحدها كتخلفها جميعا يخرج الناس من الإسلام إلى الجاهلية 
ويصفهم بالكفر أو الشرك قطعا ('). 

هذا" 'الأمق. (أضل, »فين "الأضيول” المعلوسة “مم “الدون 
بالضرورة» () ومن هذا المنطلق كان حديث سيد- رحمه الل 
عن صور الشرك وأقسامه في القديم والحديث في أكثر من 
موضع ومناسبة» ويمكن بيان ذلك فيما يأتي: - أولاً: أقسام 


1 في فتاقن القران 04/7 لسرن يون .. 

. بتصرف يسير‎ ١155/5 المصدر السابق‎ )١( 

امقونات التضوو: انام من اما 
١6‏ 








اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 


الشرك و:_تحدث سيد - رحمه الله- عن أقسام الشرك 
وصوره من عدة نواحي: 

أ- من حيث ظهوره وخفائه: حيث يقسم الشرك من هذه 
الناحية إلى شرك ظاهر وخفي. فالشرك الظاهر: هو اتخاذ آلهة 
غير الله سبحانه وتعالى بتقرب إليها بذاتها أو جعلها وسائط 
تقرب إلى الله كما كان الحال في شرك الجاهلية وكذا الدنيوية 
لغير الله والتلقي من غير الله سبحانه وتعالى أما الشرك الخفي: 
فهو ما يلحظ فيه غير الله» وقد لا يتنبه إليه كثير من الناس 
وفي بيان هاتين الصورتين من صور الشرك يقول- سيد -: " 
بعضهم يشرك الشرك الظاهر الغليظ الساذج» كشرك الجاهلية 
الأولى» وبعضهم يشرك الشرك الخفي المستتر المعقد» فيثقل في 
حسه سلطان العبيد على سلطان الله» ويخشى الناس على حياته 
ورازقة ومكانقه ووخدالههة وال أحق: أن م 

ويقول: " والقرآن يندد بما كان عليه الجاهليون الذين 
يتخذون الأصنام آلهةء إما لذاتها واما باعتبارها تماثيل 
للملائكة» وبعضهم يتخذ الأشجارء وبعضهم يتخذ الملائكة 
مباشرة أو الشيطان... ويصفهم بالضلال» ومع ذلك فالشرك 


70 التسقيي اعون مترمات و 
١55‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ليس مقصوراً على صوره الساذجة التي عرفها المشركون 
القدامى» فكم من مشركين يشركون مع الله ذوي سلطان» أو 
ذوي جاه»ء أو ذوي مال ويرجون فيهم ويتوجهون إليهم بالدعاءء 
وكلهم أعجز من أن يستجيبوا لدعائهم استجابة حقيقية وكلهم لا 
يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًء ودعاؤهم شرك» والرجاء فيهم 
شرك»؛ والخوف منهم شركء ولكنه شرك خفي يزاوله الكثيرون 
وهم ار 00 

وفي ظلال قوله تعالى: ( وما بُؤَمنُ أَكَعْرَهُم ياه 
[سورة يوسف:6١٠١]‏ 

يقول: 'مشركون قيمة من قيم الأرض في تقديرهم للأحداث والأشياء 
والأشخاص 

- مشركون سبباً من الأسباب مع قدرة الله في النفع أو الضر سواء. 


- مشركون في الدينونة لقوة غير قوة الله من حاكم أو موجه لا يستمد 


ً 


- وح سا ا 
إلا وهم مُسَرِكْونَ ) 


من شرع الله دون سواه. 
- مشركون في رجاء يتعلق بغير الله من عباده على 
الإطلاق. - مشركون تضحية يشوبها التطلع إلى تقدير 
الناس. - مشركون في جهاد لتحقيق نفع أو دفع ضر ولكن 


. في ظلال القرآن 5/ه75375- 7755 بتصرف‎ )١( 
١ 1/ 





اتوك قطي ومنعجة في العقيدة 





لغير الله. - مشركون عبادة يلحظ فيها وجه مع وجه الله. 
لذلك يقول رسول الله -ة - "الشرك فيكم أخفى من دبيب 
النمل )١('‏ وفي الأحاديث نماذج من هذا الشرك الخفي: 
١‏ - قال - يه -: 'من حلف بغير الله فقد أشرك '(). 
-١‏ وقال- ي-: " إن الرقى والتمائم شرك " (). 
*- وقال- يه -: " من علق تميمة فقد أشرك " (2). 
5 - وقال- ييه -: " يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك» من 
عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " (*). 
ه- وقال- وِ-: " إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا 
ريب فيه» ينادي مناد: من أشرك في عمل عمله لله» فليطلب 


)١(‏ رواه الحاكم 550/7 وأبو نعيم في الحلية 754/4 »وصححه الألباني بشواهده 
في السلسلة الصحيحة 51١/8‏ برقم ه1/6؟ . 

)١(‏ رواه الترمذي 751/54 برقم ١575‏ وقال حديث حسن » وصححه الألباني » في 
السلسلة الصحيحة » 5/ 59 برقم 7١557‏ . 

)١(‏ رواه أحمد 181١/١‏ وأبو داود في الطب ١١١/54‏ برقم 7887 وصححه الألباني 
في صحيح سنن أبي داود 451//7 رقم 711 

(5) رواه أحمد57/4١‏ والحاكم ١١9/5‏ وحسنه الأرناؤط في تحقيق مسند أحمد 
١‏ 

(©) رواه مسلم في الزهد باب من أشرك في عمله غير الله ١8١١/5‏ برقم 59/6 

١ 








اتوك قطي ومنهجه في العفيدة /و2 


ثوابه من عند غير الله فان الله أغنى الشركاء عن الشرك " 
20 

5- " قال -5-: " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك 
الأصغر '" قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء" يقول الله 
تعالى يوم القيامة إذا جاء الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم 
تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء " (5) 

فهذا هو الشرك الخفي الذي يحتاج إلى اليقظة الدائمة للتحرز 
منه ليخلص الإيمان» وهناك الشرك الواضح الظاهرء وهو الدينونة 
لغير الله في شأنٍ من شؤون الحياة» الدينونة في شرع يتحاكم إليه 
- وهو نص في الشرك لا يجادل عليه -.. " (). 

ب- من حيث ماهيته وتعلقه بالتوحيد: 

حقيقة وماهية التوحيد عند سيد - رحمه الله- تقوم على 


إفراد الله - سبحانه - بالاعتقاد» والتقدم إليه وحده بالشعائر 


)١(‏ رواه الترمذي في التفسير . 515/5 برقم "١55‏ وابن ماجه 518/5 برقم 
4571 وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ٠١٠١/١‏ برقم 7 » مكتبة 
المعارف - الرياض ط١‏ عام ١57١‏ ه 

١9/99 رواه أحمده/578 وحسنه الأرناؤط‎ )١( 

(") في ظلال القرآن 7١77-7017/54‏ بتصرف يسير » وينظر : 1774/79 . 

١1 








اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 


التعبدية» والتلقي منه وتحكيم وطاعة شريعته وحده»ء والشرك 
نقيكن :اذلف 110 

فالشرك إذاً من حيث ماهيته وتعلقه بالتوحيد ينقسم إلى: 

-١‏ شرك في الاعتقاد بغير الله. 

5- شرك في التقرب إلى غير الله بالشعائر التعبدية. 

"- وشرك في الحاكمية وتلقي الشرائع من غيره - 
سبحانه- وهذه الصور والأنواع الموجودة في البشر قديماً 
وحديثا. 

" ولم يكن الناس فيما عدا أفراد معدودة في فترات قصيرة 
ينكرون مبدأ الألوهية ويجحدون وجود الله البتة» إنما كانوا 
يخطئون معرفة حقيقة ربهم الحق» أو يشركون مع الله آلهة 
أخرى. -"إما في صورة الاعتقاد والعبادة» واما في صورة 
الحاكمية والإتباع» وكلاهما شرك كالآخر يخرج به الناس من 
دين الله الذي كانوا يعرفونه على يد كل رسول ثم ينكرونه إذا 
طال عليهم الأمد» ويرتدون إلى الجاهلية التي أخرجهم منها 
ويعودون إلى الشرك بالله مرة أخرىء» إما في الاعتقاد والعبادة؛ 


. ١595/9 المصدر السابق‎ )١( 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





وإما في الإتباع والحاكمية؛ وإما فيها جميعاً " 2١(‏ " إن جاهلية 
العرب لم تكن تجحد الله البتة» ولم تكن تجعل معه إلهاً آخر 
يساويه» ولكنها كانت تجعل معه آلهة - من دونه - شفعاء 
يقربونهم إلى الله.. وكان من شركهم أن يبتدعوا من عند أنفسهم 
- بواسطة كهانهم ومشايخهم - شرائع وتقاليد في حياتهم؛ ثم 
يزعمون أن الله شرعها لهم وأمرهم بهاء ولم يكونوا من التبجح 
في الشرك بحيث ينسبون هذه الشرائع لأنفسهم» ويدعون أن لهم 
سلطة الحاكمية العليا التي يصدرون بها الشرائع مستقلين عن 
سلطان الله! كما يتبجح به مشركو هذا الزمان... " (")" لذلك لم 
يكن الإسلام يواجه في الجاهلية العربية إلا الانحراف في التوجه 
بالشعائر التعبدية لآلهة -مع الله- على سبيل الزلفى والقربى 
من الله! - وإلا الانحراف في تلقي الشرائع والتقاليد التي تحكم 
حياة الناس... وهذا هو الشرك التقليدي الأساسي الذي قامت 
عليه الجاهلية العربية» وكل الجاهليات أيضاً! " (') . 


)١(‏ في ظلال القرآن ١555/7‏ ومعالم في الطريق ص”57 » مقومات التصور 
الإسلامي ص ١67‏ . 

(") المصدر السابق ١١67/9‏ بتصرف يسير 2 5939207/5 . 

(9؟) المصدر السابق ١١77/7‏ وينظر ١5١5/9‏ . 


١ة٠.١‎ 








اتيك قطي ومنمجة في العفيدة 7ج 


ويلخص سيد - رحمه الله- أقسام الشرك وصورة المندرجة 
تحتها فيقول: " وسواءٌ أن يعتقد الإنسان في ضميره أن ليس 
هناك إلهء أو أن هناك آلهة مع الله أن لله أبناءَ وأصهاراًء أو أن 
الإله هو هذا الحجر أو هذا القمر... سواءًٌ أن يعتقد الإنسان في 
ضميره شيئا من هذا كله» وأن يتوجه بالشعائر التعبدية إلى غير 
الله - معه أو من دونه - وأن يحكم بغير شريعة الله» وأن يتقبل 
الحكم والشرائع من غير الله - معه أو من دونه - وأن يتحاكم 
إلى غير شرع الله - إلا هو منكر لا يملك غير إنكار القلب 
واللسان- فكل هذه سواء في أنها تنفي عن صاحبها صفة 
الإيمان» وتخرجه من الإسلام وبالنتصوص المحكمة والأحكام 
المعروفة بالضرورة من هذا الدين " (') وعموماً فسيد - رحمه 
الله- يقرر أن الشرك ألوان وأنماط كثيرة» والمشركون منهم من 
يشركون الجن» ومنهم من يشركون الملائكة» ومنهم من يشركون 
الأجداد والآباء»ء ومنهم من يشركون الملوك والسلاطين» ومنهم 
من: يشركون: :الكهان. ,والأحبار» -ومنهم. من" يشركون. 'الأشجار 
والأحجار» ومنهم من يشركون الكواكب والنجوم» ومنهم من 
يشركون النارء ومنهم من يشركون الليل والنهارء ومنهم من 


(1) مقويات التضلوق: الإنذاام عن 107 
ءهة١‏ 








يشركون القيم الزائفة والرغبات والأطماع»... لا تنتهي أنماط 
ارك وأشكالة 107 . 
َ الحديث: 





وعن وجود هذه الصور والأنواع من الشرك في هذا 
العصر يقرر سيد - رحمه الت أن هناك تشابهأة كبيراً بين ما 
كان يزاوله المشركون في الجاهلية وبين ما يزاوله بعض الناس 
اليوم من صور الشرك» بل توسعت صور الشرك ومظاهره في 
هذا العصر كنيرا 

- فأهل الجاهلية كانوا يعترفون - بمقتضى الفطرة - أن 
الله هو الخالق الرازق وحده؛ لكنهم كانوا يخالفون منطق الفطرة 
في إفراد الخالق بالعبادة وفي إخلاص الدين لله بلا شريك» 
ويبتدعون أسطورة بنوة الملائكة لله سبحانه» ثم يصوغون لها 
تماثيل يعبدونها مثل: اللات والعزى ومناة» بزعم أنها تقربهم إلى 
الله زلفى وتشفع لهم عنده؛... 

وان د عن منطق الفطرة كلما انحرفت عن 
التوحيد الخالص البسيط الذي جاء به الإسلام» وانا لنرى اليوم 
في كل مكان عبادة للقديسين والأولياء تشبه عبادة العرب 


. 7754/60 في ظلال القرآن‎ )١( 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الأولين للملائكة أو تماثيل الملائكة تقرباً إلى الله بزعمهم وطلباً 
لشفاعتهم عنده .)١('‏ " فيقعون في الشرك - بعبادتهم مع الكه- 
غيره- وهم يحسبون أنهم مسلمون! ماداموا لم يجحدوا وجوده 
ولم يتركوا عبادته " (5). 

' ومن ذلك أيضا: أن الجاهليين مع اعترافهم بوجود الله - 
سبحانه- وأنه الخالق الرازق» كانوا مع هذا الاعتراف يزاولون 
التحريم والتحليل لأنفسهم فيما رزقهم الله - كما يزاول ذلك اليوم 
ناس يسمون أنفسهم " المسلمين! " - وهذا القرآن يواجههم بهذا 
التناقض بين ما يعترفون به من وجود الله ومن أنه الخالق 
الرازق» وما يزاولونه في حياتهم من ربوبية لغير الله تتمثل في 
التشريع الذي يزاوله نفر منهم! وهو تناقض صارخ يدمغهم 
بالشرك» كما يدمغ كل من يزاول هذا التناقض اليوم وغداً وإلى 
آخر الزمان مهما اختلفت الأسماء واللافتات» فالإسلام حقيقة 
واقعة لا مجرد عنوان! '("). 
' ويوجد من الناس من يتخذ مع الله أو من دونه آلهة 
أخرى» كانت في الماضي أصناماً وأوثاناً أو شجراً أو نجوماً أو 
)١(‏ في ظلال القرآن 7٠١727/5‏ بتصرف يسير . 


(؟) المصدر السابق .١976/5‏ 
(؟) المصدر السابق "؟ .١8١57/‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


ملائكة أو جناً» والوثنية ما تزال حتى اليوم في بعض بقاع 
الأرض. 

ولكن الذين لا يعبدون هذه الآلهة لم يخلصوا للتوحيد» وقد 
يتمئل شركهم اليوم في الإيمان بقوى زائفة غير قوة الله» وفي 
اعتمادهم على إسناد أخرى غير الله» والشرك ألوانٌ» تختلف 
باختلاف الزمان والمكان. 
لقد كانوا يتخذون تلك الآلهة يبتغون أن ينالوا بها النصرء بينما 
كانوا هم الذين يقومون بحماية تلك الآلهة وكان هذا غاية في 
سخف التصور والتفكير. 
غير أن غالبية الناس اليوم لم ترتق عن هذا السخف إلا من حيث 
الشكل» فالذين يؤلهون الطغاة والجبارين اليوم لا يبعدون كثيراً عن 
عُبّاد تلك الأصنام والأوثان» فهم جند محضرون للطغاة. وهم الذين 
يدفعون عنهم ويحمون طغيانهم» ثم هم في الوقت ذاته يخرون 
للطغيان راكعين! 
إن الوثنية هي الوثنية في شتى صورهاء وحيثما اضطربت عقيدة 
التوحيد الخالص أيّ اضطراب جاءت الوثنية» وكان الشرك» 
وكانت الجاهلية! )١("‏ 


. في ظلال القرآن 7177/5 بتصرف يسير‎ )١( 


١هء.ه‎ 








ويشير-سيد - رحمه الله- إلى قضية الأصنام وحقيقتها 
قديما وحديثا كصورة من صور الشرك فيقرر: أن عبادة 
الأصنام التي دعا إبراهيم -عليه السلام- ربه أن يجنبه هو 
وقلية إيا هاه 0ه تون قفر رق الس الصدورة الجاتكة الت كان 
يزاولها العرب في جاهليتهم» أو التي كانت تزاولها شتى 
الوثنيات في صور شتىء» مجسمة في أحجار أو أشجارء أو 


حيوان أو طير» أو نجم أو نارء أو أرماح 1 أشباح.. 

إن هذه الصور الساذجة كلها لا تستغرق كل صور العبادة 
للأصنام من دون الله» والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور 
الساذجة يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية 
لهاء ويمنعنا من الرؤية الصحيحة لحقيقة ما يعتور البشرية من 
صور الشرك والجاهلية الجديدة! 

ولا بد من التعمق في إدراك طبيعة الشرك وعلاقة الأصنام 
بهاء كما أنه لا بد من التعمق في معنى الأصنام» وتَمَثْل 
صورها المتجددة مع الجاهليات المستحدثة! 

إن الشرك بالله المخالف لشهادة "أن لا إله إلا الله" يتمثل 
في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن 
من شؤون الحياة خالصة لله وحده» ويكفي أن يدين العبد لله في 
جوانب من حياته بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله 


١ةمك‎ 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





حتى تتحقق صورة الشرك وحفيقته. وتقديم الشعائر ليس إلا 

والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال 
الواقعي للشرك في أعماق طبيعته. 

- إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده؛ ثم 
يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر 
الشعائر» بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية 
والسياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله» ويدين في قيمه 
وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات» من صنع غير 
الله» ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من 
البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات والأزياء 
مخالفة لشرع الله وأمره. 

إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته» ويخالف عن 
شهادة" أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " في أخص 
حقيقتها.. وهذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخص 
وتميع» وهم لا يحسبونه الشرك الذي كان يزاوله المشركون في 
كل زمان ومكان! 

- والأصنام.. ليس من الضروري أن تتمثل في تلك الصور 
الأولية الساذجة.. فالأصنام ليست سوى شعارات للطاغوت» 


١ةءا/‎ 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





يتكتوي ورا ونه لقتعيو الدادى: انمه اوعفري لوزن 
خلالها. 

- إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر.. إنما كان 
السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائهاء يتمتم حولها 
بالتعاويذ والرقى.. ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق لتعبيد 
الجماهير وتذليلها! 

- فإذا رفعت في أي أرض وفي أي وقت شعارات ينطق 
باسمها الحكام والكهان» ويقررون باسمها ما لم يأذن به الله من 
الشرائع والقوانين . والقيم. والموازي: والتصيرفاك .والأعمال؛ «فهذه 
هي الأصنام في طبيعتها وحقيقتها ووظيفتها! 

-إذا رفعت " القومية " شعاراًء أو رفع " الوطن " شعاراً أو 
رفع " الشعب " شعاراً» أو رفعت ' الطبقة " شعاراً.. ثم أريد 
الكائن. على, غبادة هذد الشعارات مخ دون اش "وعلئ: التضبحية 
لها 'بالنقوين : والأمواق» .والأكلاق. .والكغراطن» :يحيت" كلما 
تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته مع مطالب 
تلك الشعارات ومقتضياتهاء نحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته 
وتعاليمه» ونفذت إرادة تلك الشعارات- أو بالتعبير الصحيح 
الدقيق: إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات- كانت هذه 
هي عبادة الأصنام من دون الله. 


١ةهء.مل‎ 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





- فالصنم ليس من الضروري أن يتمثل في حجر أو 
خشبة» ولقد يكون الصنم مذهباً أو شعاراً! 

إن الإسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية 
والخشبية! ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة» من موكب 
الرسل الموصولء ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام 
وتلك العذابات والآلام» لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار 
والأخشاب! 

إنما جاء الإسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده 
في كل أمر وفي كل شأنء وبين الدينونة لغيره في كل هيئة 
وفي كل صورة» ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل وضع 
وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة» وتقرير 
ما إذا كانت توحيداً أم شركاً؟ دينونة لله وحده أم دينونة لشتى 
الطواغيت والأرباب والأصنام! 

والذين يظنون أنفسهم في ' دين الله " لأنهم يقولون بأفواههم 
" ويدينون اله 
فعلاً في شؤون الطهارة والشعائر والزواج والطلاق والميراث.. 
بينما هم يدينون فيما وراء هذا الركن الضيق لغير الله 
ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله - وكثرتها مما يخالف 
مخالفة صريحة شريعة الله- ثم هم يبذلون أرواحهم وأموالهم 


١ 8 


"فشنيك أن 5 إله إلا انراق مههذا وموك اند 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





وأعراضهم وأخلاقهم - أرادوا أم لم يريدوا - ليحققوا ما تتطلبه 
منهم الأصنام الجديدة. 

فإذا تعارض دين أو خلق أو عرض مع مطالب هذه 
الأصنام» نبذت أوامر الله فيها ونفذت مطالب هذه الأصنام.. 

الذين يظنون أنفسهم " مسلمين " وفي " دين الله " وهذا 
حالهم» عليهم أن يستفيقوا لما هم فيه من الشرك العظيم!!! 

إن دين الله ليس بهذا الهزال إنه منهج شامل للحياة» 
ودينونة لله وحده في كل جزئيات الحياة. 

وان الشرك بالله لا يتمثل فحسب في الاعتقاد بألوهية غيره 
معهء ولكنه يتمثل ابتداءً في تحكيم أرباب غيره معه» وعبادة 
الأصنام لا تتمثل في إقامة أحجار وأخشاب» بقدر ما تتمثل في 
إقامة شعارات لها كل ما لتلك الأصنام من نفوذ ومقتضيات! 

ولينظر الناس في كل بلدٍ لمن المقام الأعلى في حياتهم؟ ولمن 
الدينونة الكاملة؟ ولمن الطاعة والإتباع والامتثال؟ فإن كان هذا 
كله لله فهم في دين الله» وإن كان لغير الله- معه أو من دونه - 


فهم في دين الطواغيت والأصنام.. والعياذ بالله.! ( هذا بكَم لَه 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


م سل ال سي لص 


- مر سس ع سرح ل سم سَّ - ير ا عه مج 24 
وَلِيُندَدوأ يد وَلِحَلَموأ أََا هو لِلَهُ وبحِد وَليذََرَ ونوا لالب ) [سورة 


ثالثاً: آثار الشرك ومفاسده وأضراره: 





يرى سيد قطب- رحمه الله- "أن الشر كله في الأرض وأن 
الفساد كله في حياة الناس» إنما ينبثقان من الانحراف - في 
شتى الصور- عن إفراد الله -سبحانه- بالألوهية بكل 
خصائصهاء وعن السماح لأي من العبيد - في شتى الصور - 
بادعاء شيءٍ منها " ('). 

وقد أشار سيد قطب - رحمه الله- إلى بعض مفاسد 
الشرك وأضراره ومنها إجمالاً: 
-١‏ إفساد الفطرة الإنسانية. (5) 
؟ - تمزيق وحدة النفس البشرية. 0 
"” إحباط العمل. (*) 
- تسويغ الخرافات والأوهام. )١(‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن 7١١5-7١١5/5‏ بتصرف يسير. 
(") مقومات التصور الإسلامي ص ١84‏ وينظر في ظلال القرآن 717175/6. 
(؟) في ظلال القرآن 7/7 ."517/841/5٠‏ 
(5) المصدر السابق ه/./الا 5 5059. 
(5) المصدر السابق 7157/5 وينظر أيضا "٠51/65‏ . 
١١١‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


ه- الذلة والمهانة لغير ال. (5) 

5- إغلاق أبواب الرحمة ومنع الغفران. (5) 

ا- الخوفة والخبلاك: 9) 

6- تحريم دخول الجنة» وايجاب دخول النار والعذاب فيها. (©) 





وقف سيد - رحمه الله- كثيراً عند الآيات التي تتحدث 
عن حكم الشرك» وبين - رحمه الله- أن الشرك بالله تعالى هو 
أصل المحرمات» كما قال تعالى: ١‏ كُنَ تصالوا تل ما ره 
بُح عَكَحكم ألا مدرو بو سََيِعًا 1 [سورة الأنعام:١51١]‏ . 

فالاعتراف بألوهية الله وحده» وعدم إشراك أحد معه يعتبر 
القاعدة التي يقوم عليها بناء العقيدة» ولا يغني غناءها شيء 
أخر. 

إن الشرك - في كل صوره - هو المحرم الأول لأنه يجر 
إلى كل محرم؛ء وهو المنكر الأول الذي يجب حشد الإنكار كله 


. ١951/5 المصدر السابق‎ )١( 

(") المصدر السابق 419590/5 605١551959‏ 3776. 

(") المصدر السابق 578/57 ٠‏ 0٠6ل.‏ 

(؟) المصدر السابق .١١557/”7‏ 

(©) المصدر السابق 2١55/١‏ 0/5كلاء ه/ه584؟. 
١61‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


لهء حتى يعترف الناس أن لا إله لهم إلا اللهء ولا رب لهم إلا 
الله ولا حاكم لهم إلا الله ولا مشرع لهم إلا اللهء كماأنهم لا 
يتوجهون بالشعائر لغير اللهء من أجل ذلك تبدأ الوصايا كلها 
ذه القاضوة »110 

فالشرك أعظم ما نهى الله عنه» كما أن التوحيد أعظم ما 
أمر الله به» ولهذا كانت دعوة الرسل - عليهم السلام - كلهم إلى 
توحيد الله ونفي الشرك عنه» يقول - سيد -: " والظلم كثيراً ما 
يذكر في القرآن ويراد به الشرك» بوصفه أظلم الظلم وأقبحه» ( 
إرت ألشَرِكَ لَظْلمٌ عَظِيمٌ 1 [سورة لقمان:؟1] » وفي الصحيحين ' 
عن ابن مسعود(")- رضي الله عنه -أنه قال: قلت: يا رسول الله 
أي الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك ")0 (5). 


. بتصرف‎ ١7170-1775/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
أبو عبد الرحمن الكوفي » أحد‎ ٠ (؟) هو :عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي‎ 
السابقين إلى الإسلام وصاحب النعلين شهد المشاهد كلها مع الرسول هَنْهِ » وكان‎ 
يشبهه في هديه وسمته » تلقن من النبي كله سبعين سورة » مات بالمدينة سنة "1ه‎ 
.7 انظر الخلاصة للخزرجي ص؛‎ » 
ومسلم في الإيمان » باب‎ » 57١1 (؟) رواة: البخاري في التفسير 571/5 برقم‎ 
. 85 برقم‎ 817/١ كون الشرك أقبح الذنوب»‎ 
. 7848/5 , 587/١ (؟) في ظلال القرآن‎ 
١ها1*‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


" إنه - أي الشرك - الانحراف المطلق.. وهل أقبح من 
ادعاء إنسان على الله وهو خالقه وخالق كل شيء» ومدبر أمره 
ومقدر كل شيء» هل أقبح من ادعاء إنسان إن لله شركاء »)0١("‏ 

" ولذلك حكم الله بأنه لا غفران لذنب الشرك - متى مات 
صاحبه عليه - بينما الغفران مفتوح لكل ذنب سواه» عندما 
يشاء الله» والسبب في تعظيم جريمة الشرك وخروجها من دائرة 
الغفران» أن من يشرك بالله يخرج عن حدود الخير والصلاح 
تماماً» وتفسد كل فطرته بحيث لا تصلح أبداً ١‏ وَمَن يُمْرِكَ يله 
ققد صَلَّ صَللَاُ بيدا 1 [سورة النساء:١١]‏ . ولو بقي خيط واحد 
من خيوط الفطرة لشده الشعور بوحدانية ربه» ولو قبل الموت 
بساعة» فأما وقد غرغر - وهو مشرك - فقد انتهى أمره وحق 
عليه القول *:(), 

" وفي مجيء الايات القرآنية الكثيرة في تقرير حقيقة التوحيد 
والنهي عن الشرك في صور شتىء والتي يؤكد بعضها بعضاً 
بحيث لا يبقى مع ذلك ثغرة ينفذ منها الشرك في صورة من 


١ المصدر السابق .هه"‎ )١( 
في ظلال القران اا‎ )( 
١6: 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





صوره الكثيرة " ('2 " ما يشي بعناية هذا الدين بتخليص الحياة 
كلها من عقابيل الشرك وآثاره» ومن ثم فهو يتتبع الشرك في كل 
مظاهره؛ وفي كل مكامنه؛ ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة» سواء 
استكن في الضميرء أم ظهر في العبادة» أم تسرب إلى مقاليد 
الحياة» فالحياة وحدةٌ ما ظهر منها وما بطن» والإسلام يأخذها 
كلآ لا يتجزأء ويخلصها من شوائب الشرك جميعاء ويتجه بها 
إلذو الله كالضية وأكيهة اصع 115 

وقد عالج القرآن الكريم قضية الشرك بأساليب ومؤثرات 
شتى» سبق الحديث عنها في منهج الإسلام في تقرير توحيد 
الألوهية :وايظان: الشراك 1 )#رونزية هذا تهنا وانهدا فقفل: اديت 
رحمه الله- يشير فيه إلى منهج القران في معالجة الشرك في 
النفوس البشرية وبيان بطلانه حيث يقول: " وعالج القرآن الكريم 
هذا كله بشتى الأساليب وشتى المؤثرات منها: 

- قص عليهم قصص الرسل من قبلهم؛ وما أرسلهم الله به 
فين 'التويكية "الف لضن دوفو قفن” الخ ا ماياك: خم هده "الرونالات: 


وسنة الله فى أخذ المكذبين. 


(1) المصدر السابق 5588/5 . 
(") ينظر : المبحث الثاني من هذا الفصل 


١ هاه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





- وعالج ظنهم أن هذه الآلهة تقربهم من الله زلفى وتشفع 
لهم عنده وتملك لهم - عن هذا الطريق - العز والنصر والنفع 
والضرء بنفي هذا الظن وبيان صفة الله الحق وطبيعة الألوهية 
المتفردة التي يستحيل معها أن تكون هذه آلهة. 

- وبتوجيه القلب والعقل إلى كتاب الله المفتوح - وهو 
شاهد بصفة الله الواحد. 

- وبلمس الفطرة وتذكيرها بموقفها في ساعة الشدة ودعوة 
الله وحده عندها. 

- وبالتحذير من النار والإطماع في النجاة.. .)١(‏ 
1 سيد قطب: - 





تناول سيد- رحمه الله- أنواعاً ومظاهر من الشرك في 
القديم والحديث وقارن بينهاء ودعا إلى نبذها والعودة إلى 
التوحيد الخالص باعتباره أساس صلاح الحياة البشرية» وإن كان 


حرحمه الله قد ركز كثيراً في كتبه الأخيرة وفي الأجزاء 
المحققة من الظلال على بيان شرك الحاكمية وصوره؛» وجعله 
الشرك الذي تتفرع عنه أنواع كثيرة من الشرك والكفر في 
المجتمع إلا أنه لم تخل كتاباته من الإشارة إلى أنواع الشرك 


١5 





الأخرى المتمثلة في شرك الاعتقاد والعمل عموماً حيث يرى أن 
تحقق النصر للمؤمنين لا يتم إلا عندما توجد حقيقة الإيمان في 
قلوبهم» وحقيقة الإيمان لا توجد إلا حين يخلو القلب من الشرك 
في كل صوره وأشكاله» بما فيه أشكال الشرك الخفية .)١(‏ ' وأن 
القضية الأساسية في القرآن الكريم هي قضية توحيد الله وإفراده 
بالعبادة واخلاص الدين له وتنزيهه عن الشرك في كل صورة 
من صوره؛ وقيام الحياة كلها على هذا الأساس". (") 

وفيما يلي استعراض لأنواع من الشرك التي تحدث عنها 
سيد-رحمه الله-: 

النوع الأول: الشرك المتعلق بالاعتقاد: 

وهذا النوع من الشرك له مظاهر وصور عديدة منها: 

-١‏ اعتقاد ألوهية_غير الله معه أو من دونه:_ومن ذلك 
تأليه اليهود لعزير» وتأليه النصارى للمسيح -عليه السلام أو 
لروح القدسء وتاليه المشركين للكواكب والنجوم والأصنامء إما 
لذاتها أو لأنها ترمز لغيرهاء ومن ذلك أيضا تأليه المجوس 
للنور والظلمة (). " فإذا اعتقد الإنسان في ضميره أنه ليس 


. بتصرف يسير‎ 7٠87/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

وي المصدر السابق 7/5 بتصرف يسير . 

(9") مقومات التصور الإسلامي ص ١ل‏ ككل مكل كالم للا 
/الاهة١‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 


هناك إله» أو أن الله الإله هو هذا الحجرء أو هذا القمر.. كل 
ذلك ينفي عن صاحبه الإيمان ويخرجه من الإسلام " ('). 

؟- نسبة الولد_لله واعتقاد أن له أصهاراً أو قرابة: وهذا 
الاعتقاد كسابقه من أنواع الشرك بنص القرآن الكريم والسنة» 
فإن الله- سبحانه- أخبر أن من نسب إليه الولد كالنصارى 
القائلين ببنوة عيسى-عليه السلام- أو كاليهود القائلين ببنوة 
عزير» أو كالمشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله - 
سبحانه- تعالى عن ذلك علواً كبيراً أو اعتقادهم أن بينه - 
سبحانه - وبين الجنة نسبآء كل ذلك مما حكم الله على 
أمبكانف بالشرك:والكفنة 10 

" فالنص القرآني يلهم أن قول اليهود"عزيرابن الله " هو 
كقول النصارى" المسيح ابن الله " كلاهما مقصود به ما 
يضاهي قول الذين كفروا من قبل فهو من إسناد البنوة التي 
تخرج قائلها من دين الحقء» وتلحقه بالكافرين المشركين " (). 

"- اعتقاد الحلول والاتحاد ووحدة الوجود: 


)١(‏ المصدر السابق ص ١١7‏ بتصرف يسير 
() مقومات التصور الإسلامي ص ١1800157 01١١7‏ وفي ظلال القران 
77 . 
(؟) في ظلال القرآن ١77727/9‏ هامش رقم ” . و ١55477‏ وما بعدها. و”818/5 . 
١١‏ 








سبق الحديث عن موقف سيد - رحمه الله- من قضية 
الحلول والاتحاد ووحدة الوجود عند الحديث عن الربوبية» وبيثًا 
عدم صحة نسبة القول بها لسيد - رحمه الله- بناءً على كلام 
له في دواوينه قبل التزامه بالإسلام أو بناءً على كلامه الأدبي 
الموهم في الظلال» ونقلنا موقفه الصريح من هذه القضية في 
الأجزاء المحققة من الظلال حيث ذكر أن هذه العقيدة لا يقول 
بها مسلم» وأكتفي هنا بنقل كلامه من تفسيره لسورة البقرة في 
فناكل كولم ال ا ا شبكة بن تدكا 
لوت وَالارْض كل له كنوت 09 بي الشعوت واليت إن 
فَصَح آم وما يمُولُ لَه كن مَكُونٌ 1 [سورة البقرة:الآيات 115- ]١107‏ : 
يقول سيد: " وهنا نصل إلى فكرة الإسلام التجريدية الكاملة عن 
الله سبحانه» وعن نوع العلاقة بين الخالق وخلقه» عن طريقة 
صدور الخلق عن الخالق» وهي أرفع وأوضح تصور عن هذه 
الحقائق جميعها... 

والنظرية الإسلامية: أن الخلق غير الخالق» وأن الخالق 
ليس كمثله شيء» ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة " 
وحدة الوجود ' على ما يفهمه غير المسلم من هذا الاصطلاح: 
أي بمعنى - أن الوجود وخالقه وحدة واحدة. 


١١848 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





- أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق. 

- أو أن الوجود هو الصورة المرئية لموجده. 

أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس» 
فالوجود وحدة في نظر المسلم على معنى أخر: وحدة صدوره 
عن الإرادة الواحدة الخالقة» ووحدة ناموسه الذي يسير به» 
ووحدة تكوينه وتناسقه واتجاهه إلى ربه في عبادة وخشوع " :)١(‏ 

: - شرك الواسطة والشفاعة: 

' إن ميزة الإسلام أنه ليس هناك كاهن يتقاضى ثمن 
كهانته» ولا وسيط يقبض ثمن وساطته» ليس هناك " رسم دخول 
" ولا ثمن ل " تناول سر ولا بركة ولا استقبال " ("2» " وإنما يقوم 
على توحيد الله وافراده بالعبادة واخلاص الدين لله» وتنزيهه عن 
الشرك في كل صورة من صوره.؛ والاتجاه إليه - سبحانه- 
مباشرة بلا وسيط ولا شفيع " (")» " فالأمر كله له» والحكم كله 
إليه»ء وما من شفعاء يقربون إلى الله زلفى» وما من شفيع من 
خلقه إلا حيث يأذن له بالشفاعة» وفقاً لتدبيره وتقديره» واستحقاق 


٠١5 /١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. في ظلال القرآن ه/ره/ا75‎ )"( 
. 3”١*”5/ه© المصدر السابق‎ )"( 





الشفاعة بالإيمان والعمل الصالح» لا بمجرد التوسل بالشفعاء» 
كما كان يعتقد المشركون " :)١(‏ 

" ولهذا أبطل الله اعتقاد المشركين الذين اتخذوا آلهة من 
دونه لتقربهم بزعمهم إليه» وأخبر أن شرك المشركين في 
الجاهلية العربية أنهم يستشفعون عند الله ببعض خلقه؛ 
يتخذونهم أولياء ( ادي أَخَحَدُوأْ ين دونو أريسآة مَانكَبْدُهُم إل 
رآ إِكَ أله ريح 1 [سورة الزمر:*] ) فهذا هو الشرك " ("). 

ويقارن سيد - رحمه الله- بين المشركين الذين كانوا 
يتخذون من دونه أولياء في الجاهلية ليقربوهم إليه زلفى وبين 
الذين يستشفعون لأنفسهم عند الله بأولياء من عبيده فيقول: " 
فما الوصف الذي يطلق إذن على الذين لا يستشفعون لأنفسهم 
عند الله بأولياء من عبيده» ولكنهم - ويا للنكر والشناعة! - 
يستشفعون لله - سبحانه - عند العبيد بمذهب أو منهج من 
مذاهب العبيد ومناهجهم!! 


. 819/7 : وينظر أيضا‎ » ١777/9” المصدر السابق‎ )١( 
في ظلال القران بولند 2 كل 3814 ومقومات التصور الإسلامي ص‎ )5( 
01 


١6١ 


متك قطي ومنهجة في العفيدة 7ه 


ا 











ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


فالذين يحاولون أن يضعوا على الإسلام أقنعة أخرى؛ 
ويصفونه بصفات من التي تروج عند الناس في فترة من 
الفترات كالاشتراكية.. والديمقراطية.. وما إليها.. ظانين أنهم بهذه 
التقدمة الذليلة يخدمون الإسلام!.. 

هؤلاء يستشفعون لمنهج الله - سبحانه- عند البشر بوصفه 
بصفة من أعمال البشر؟ فلينظروا أين يقفوا من الإسلام " .)١(‏ 

ويقول سيد- رحمه الله-: " إن الوسيلة المأمور بها في قوله 
تعالى: | وَآَبَْعْوَأ إِلَيَهِ الْوَسِيرَةَ 1 إسورة المائدة:5؟] ' ليست ما 
يفهمه البعض ممن انحرفت عقيدته بأنها الأولياء الذين يتقرب 
بهم إلى الله ويستشفع بهم عنده؛ء وإنما المكضيووبنة. “.أن تكسن 
الناس ما يصلهم بالله من الأسباب» قال ابن عباس- رضي الله 
عنه -: ابتغوا إليه الوسيلة» أي ابتغوا إليه الحاجة. والبشر حين 
يشعرون بحاجتهم إلى الله وحين يطلبون عنده حاجتهم يكونون 
في الوضع الصحيح للعبودية أمام الربوبية» وكلا التفسيرين 
يصلح للعبارة» ويؤدي إلى صلاح القلب» وحياة الضمير" ("). 

ه- الت التشاوم: 


)١(‏ في ظلال القرآن ٠١87/7‏ بتصرف. 
(") في ظلال القرآن 2415/5 88١‏ . 
بض 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





يقول - سيد -: " والتطير والتشاؤم» مأخود مق عاذةة الأقوام 
الجاهلية التي تجري وراء الخرافات والأوهام» لأنها لا تخرج 
منها إلى نصاعة الإيمان» فقد كان الواحد منهم إذا همّ بأمر 
لجأ إلى طائر فزجره أي أشار إليه مطارداًء فإن مرّ سانحاً عن 
يمينه إلى يساره استبشر ومضى في الأمرء وإن مّر بارحاً عن 
يساره إلى يمينه تشاءم وتوقع الضر! وما تدري الطير الغيب» 
وما تنبئ حركاتها التلقائية عن شيء من المجهولء ولكن النفس 
البشرية لا تستطيع أن تعيش بلا مجهول مغيب تكل إليه ما لا 
تعرفه وما لا تقدر عليه» فإذا لم تكل المجهول المغيب إلى 
الإيمان بعلام الغيوب» وكلته إلى مثل هذه الأوهام والخرافات... 
وحتى هذه اللحظة ترى اللذين يهربون من الإيمان بالله» 
ويستنكفون أن يكلوا الغيب إليه» تراهم يعلقون أهمية ضخمة 
على رقم (7١)؛‏ وعلى مرور قط أسود يقطع الطريق أمامهم... 
إلى آخر هذه الخرافات الساذجة )١('‏ 

' إن الإسلام قد أبطل ما كان عليه الجاهليين من وثنيتهم 
وشركهم وبعدهم عن إدراك سنن الله وقدره» وما كانوا عليه من 


. 5555-5515 5/ © المصدر السابق‎ )١( 
١6ه‎ 





على معرفة السنن الإلهية الثابتة في الوجود ومن ورائها قدره 
الحاقة'المحيمك 7 )١(‏ 





يقصد بأعمال القلوب: ما يقوم بالقلب من العبادات 
والطاعات كالإخلاص والحب والخوف والرجاء والتوكل والولاية 
ونحوها('). وهي تابعة لتصديق القلب ومعرفته وملازمة له» بل 
هي أصل أعمال الجوارح (). 

وبناء على ذلك فان إيمان العبد لا يقوم أصلا إلا بمعرفة 
الله وإخلاص الأعمال له وحده لا شريك له انقياداً وتعظيماًء ' 
فلا توجد حقيقة الإيمان في القلب إلا حين يخلو من الشرك في 
كل صوره وأشكاله... وحين يتجه لله وحدهء ويتوكل عليه 
ويطمئن إلى قضاء الله فيه وقدرة عليه» ويتلقى تصريف الله له 
بالطمأنينة والرضى والقبول " (5). 

وقصد غير وجه الله» أو توجه القلب لغير الله معه - أو 


من دونه - من الشرك الذي حرمه الله ونهى عنه» ومن مظاهر 


. بتصرف يسير‎ ١١0177 /” المصدر السابق‎ )١( 
١/85/1 الإيمان لابن منده 77/7", ومجموع فتاوى ابن تيميه‎ )5( 
"74/5 (؟) بدائع الفوائد لابن القيم‎ 
بتصرف يسير‎ ٠١87/05 (؟) في ظلال القران‎ 
١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الشرك المتعلقة بأعمال القلوب التي أشار إليها سيد قطب ما 
بان 

أصل الحب قوة في القلب تحرك إرادة الإنسان لتحصيل 
المحبوبات أصلاً ودفع المكروهات تبعاً فتميل النفس إلى الشيء 
إذا كان محبوبا وتنفر عنه إن كان مكروها .)١(‏ ومحبه الله تعالى 
تعني: ميل القلب إلى ربه -جل وعلا- ميلاً ينجلي منه إيثاره 
على كل ما سواهء ويتجه لتحصيل ما يحبه الله من الأقوال 
والأفعال الظاهرة والباطنة»ء فهي أصل كل عمل من أعمال 
الدين» فأصل الإيمان الحب في الله والبغض في الله» والعبادة 
تتضمن غاية الحب مع غاية الذل» وجمع القرآن الأمر بمحبه 
الله ولوازمها والنهي عما بضادها (). واذا كان الأمر كذلك فان 
الإشراك في المحبة مع الله غيره أصل كل شرك عمليء فأصل 
شرك المشركين هو اتخاذهم أندادا يحبونهم كحب الله. (5) 


. ١917/٠١ مجموع فتاوى ابن تيميه‎ )١( 

(1) تكاعاف كن التحنة لشي الإسلام :بخ امي حنن/103 تسرف بوم ارج 
السالكين لابن القيم +/7؟ 

( قاعذه في المحدةء لشيخ الإنلام انق اميه عن 5+ :هه ازع السالكيق لايخ القيم 
ا 


١ هده‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ففي ظلال قوله تعالى: ( ومس آلنَّاسِ من يَنََخِدّ مِن دون أله 
أَنَدَادًا محوَُم كصب أله ) [سورة البقرة:55١]‏ . يقول سيد - 
تحمة انلك كو "مز القايى هخ ركه مو ذو :ابنذ أنذ اذا > كاتوا 
على عهد المخاطبين بهذا القرآن أحجاراً أو أشجاراًء أو نجوماً 
وكواكب» أو ملائكة وشياطيناً» وهم في كل عهد من عهود 
الجاهلية أشياء أو أشخاصء أو إشارات واعتبارات.. وكلها شرك 
خفي أو ظاهر إذا ذكرت إلى جانب اسم الله؛ وإذا أشركها المرء 
في قلبه مع حب اللهء فكيف إذا نزع حب الله من قلبه وأفرد هذه 
الأنداد بالحب الذي لا يكون إلا لله؟ إن المؤمنين لا يحبون 
شيئا حبهم لله» لا أنفسهم ولا سواهم» لا أشخاصاً ولا اعتبارات 
ولا إشارات» ولا قيماً من قيم هذه الأرض التي يجري وراءها 
الناس ( وَاَلَدِنَ ءَامَْهَاْ أَمَدُ ْنَا ينه ) أشد حباً لله» حباً مطلقاً من 
كل موازنة» ومن كل قيد» أشد حباً لله من كل حب يتجهون به 
إلى سواه؛ والتعبير هنا بالحب تعبير جميل» فوق أنه تعبير 
صادق» فالصلة بين المؤمن الحق وبين الله -سبحانه وتعالى- 
هي صلة الحب» صلة الوشيجة القلبية» والتجاذب الروحي صله 


١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


المودة والقربى» صله الوجدان المشدود بعاطفة الحب المشرق 
الودود لله 

يقصد بالخوف: توقع حلول مكروه؛ أو فوات محبوب عن 
أمارة مظنونة أو معلومة. (') وهو أنواع منها: 

* الخوف الذي ليس له سبب: ويسمى'"الجبن'» وهو ما أدى 
إلى ترك القيام ببعض الواجبات كالجهاد ونحوه» وهذا مذموم. 

* والخوف الطبيعي: كالخوف من أسدٍ أوعدوء وهذا جبلي 
في البشر. 

# “وكوف التألة: وهو الكوف من الله > ينيكائه : أن مصبيية 
بما يشاء متى شاءء وهذا النوع أحد العبادات القلبية التي يجب 
إخلاصها لله كما قال سبحانه وتعالى: [ لا ححَاهوهُم وَحاونِ نكم 
مُؤْمِنِينَ 1 (') وهو الذي مدح الله أصحابه ووعدهم بالجزاء في 
الجنة فقال سبحانه وتعالى: ( وَلِمَنحَافَ مَقَاممَيِْ جتان (4): 


.114/7 .وينظر أيضا‎ ١5 4.1١57/١نآرقلا في ظلال‎ )١( 
التعريفات للجرجاني ص72١١ » والإرشاد للفوزان ص ”7ه‎ )"( 
١7 (؟) سوره أل عمران: الآية‎ 

(؟) سوره الرحمن :الآية 55 


١ةهالا/‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





* والخوف الشركى: هو خوف التأله لغير الله- سبحانه 
وتعالى . بحيث يخاف الإنسان من أن يصيبه غير الله بما شاء 
ومتى شاء من موت أو مرض أو فقرٍ أو نحوه» وهذا من أعظم 
الشرك لأنه يقوم على اعتقاد أن غير الله -جل وعلا- كاتناً من 
كان يملك الضر والنفع وخصائص الألوهية ('2 'فلا بد من 
التجرد لله ولابد من التخلص من كل ظل للشرك في الشعور أو 
السلوك؛ وخشية أحدٍ غير الله لونٌ من الشرك الخفي» ينبه إليه 
القزائ لبتميخضي الاعتقان واللمل كلس (5): 

أما الرجاء: فيأتي بمعنى: الأمل» والتوقع» وطلب الشيء»: 
ويأتي بمعنى الخوف إذا كان معه حرف نفي كما في قوله 
تعالى: [ ملدلا ونوا "2 أي: لا تخافون لله عظمة(؟). 


وهو مرادف للرغبة وقد جمع -سبحانه- في الأمر لعباده بين 


)١(‏ ينظر: الإرشاد للفوزان ص58 وتيسير العزيز الحميد ص 485 والقول السديد 
للسعدذي ص5١١.‏ 
)١(‏ في ظلا القران ١714/7‏ بتصرف يسير . 
(5) سوره نوح : الآية ١‏ 
(؟) فتح القدير للشوكاني "١78/79‏ 
00 





تتوك قطي ومنمجة في العفيدة 6ج 





3 


عبادتي الخوف والرجاء بقوله: ( وادغوه حَوفا وَطمَعَا إِنَّ يحمت الله 
ا 4 لل 

وإذا تبين ما سبق كان صرف الرجاء ومثله الخوف لغير 
الله شركاً» نهى الإسلام عنه يقول سيد: " ولو خافوا الله ما خافوا 
أحداً من عباده؛ فإنما هو خوفٌ واحدٌ ورهبةٌ واحدةٌ؛ ولا يجتمع 
في قلب خوفٌ من الله وخوفٌ من شي سواه؛ فالعزة لله جميعاً: 
وكل قوى الكون خاضعة لأمره 'ما من دابة إلا هو اخذ 
بناصيتها'فمم يخاف إذن الذي يخاف الله؟ ولكن الذين لا 
يفقهون هذه الحقيقة يخافون عباد الله أشد مما يخافون الله "ذلك 
بأنهم قوم لا يفقهون'(') ويقول 'والقرآن يندد بضلال من يدعون 
من دون الله آلهة لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة.. والننص 
أوسع مدلولا وأطول أمداً.. والشرك ليس مقصورا على صوره 
التي كان عليها المشركون القدامى» فكم من مشركين يشركون 
مع الله ذوي سلطانٍ أو جاهٍ أو مالٍ ويرجون فيهم... وكلهم 
أعجز من أن يستجيبوا لدعائهم استجابة حقيقية وكلهم لا 
يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ودعاؤهم شرك والرجاء فيهم 


)١(‏ سوره الأعراف : الآية 5ه 
() في ظلال القران 507/8/5"؟. 
١١8‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





شرك» والخوف منهم شركء ولكنه شرك خفي يزاوله الكثيرون 
وهم لاا يشعرون. 

ويقول: " والأنداد التي يشدد القرآن في النهي عنها لتخلص 
عقيدة التوحيد نقية واضحة» قد لا تكون آلهة تعبد مع الله على 
النحو الساذج الذي كان يزاوله المشركون» فقد تكون الأنداد في 
صورة أخرى خفية» قد تكون في تعليق الرجاء بغير الله في أي 
صورة» وفي الخوف من غير الله في أي صورة؛ وفي الاعتقاد 
بنفع أو ضرٍ في غين' الله في. أى :ضور 0001 

اللي تسمه وتنا إلى كد مما ف فر 1 
دفعاً لضرء لا يناله إلا القلق والحيرة وقلة الاستقرار اميا 
وهذا هو الرهق في أسوأ صوره» فكل شيء سوى الله وكل أحد 
متقلب غير ثابت» ذاهب غير دائم» فإذا تعلق به قلب بقي 
يتأرجح ويتقلب ويتوقع ويتوجس وعاد يغير اتجاهه كلما ذهب 
هذا الذي عقد به رجاءه؛ء والله وحده هو الباقي الذي لا يزول 
الحي الذي لا يموت'(") . 


571١/١ وينظر أيضا‎ 48/١ المصدر السابق‎ )١( 
."177/8/5 المصدر السابق‎ )"( 
١ه#‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





"- شرك التوكل: 


التوكل يعني: اعتماد القلب على الله سبحانه وحده» وتفويض 
الأمر إليه والثقة به والتوكل عبادة من العبادات القلبية المأمور 
بهاء قال تعالى: ( وَعَلَ أنه مَلِِتوَكلٍ الْمُؤْمُِونَ 1 إسورة آل 
عمران: ؟؟١]‏ » وغيرها من الآيات .)١(‏ وهو شروط في الإيمان 
ينتفي الإيمان بانتفائه» ويضعف بضعفه " ("2 والتوكل لا يتم إلا 
بالأخذ بالأسباب المشروعة» فالأخذ بها لا ينافي التوكل على 
الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وتقديره. (') وبناء على ذلك فان 
التوكل الشركي هو: الاعتماد بالقلب على غير الله -جل وعلا . 
في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله من جلب نفع أو دفع 
ضرء كالتوكل على الأموات والغائبين والطواغيت ونحوهم. 

يقول سيد رحمه الله: 'ولتقرير حقيقة التوكل على الله 
وإقامتها على أصولها الثابتة» يقرر القرآن أن القوة الفاعلة.. هي 
قوة الله» إليها يكون التوجه وعليها يكون التوكلء» بعد اتخاذ العدة 
ونفض الأيدي من العواقب» وتعليقها بقدر الله... حيث لا قوة إلا 


)١(‏ ينظر : سورة المائدة الآية ٠‏ ”وسورة الفرقان الآية 54 وسورة آل عمران الآية 
77١وسورة‏ الأنفال الآية 7. 
(1) طريق الهجرتين لابن القيم ص71154. 
(") ينظر: نيل الأوطار للشوكاني » دار الجيل » طبعه عام 2151/7 .37/٠١‏ 
١6‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





قوة الله» ولا قدرة إلا قدرته» ولا مشيئة إلا مشيئته» وعنها تصدر 
الأشياء والأحداث» وهذا لا يعفي المسلمين من إتباع المنهج 
وطاعة التوجيه والنهوض بالتكاليف» وبذل الجهد والتوكل بعد 
هذا كله على الله» بذلك يخلص تصور المسلم من التماس شيء 
من عند غير لله» ويتصل قلبه مباشرة بالقوة الفاعلة في هذا 
الوجود» فينفض يده من كل الأشباح الزائفة» والأسباب الباطلة 
للنصرة والحماية والالتجاء» ويتوكل على الله وحده» ويقبل ما 
يجيء به قدر الله في اطمئنانٍ أَيَآً كان " ('). 

فالتوكل يقوم على" الاعتماد على الله وحده دون سواه" (") 
و"على وجه القصر والحصر”07). 

'وأصحاب الدعوة إلى الله لهم أسوة حسنة في رسل الله 
وإنه لينبغي لهم أن تمتلئ قلوبهم بالثقة حتى تفيض» وأن يتوكلوا 
على الله وحده في وجه الطاغوت أيا كان " (5). " فالمؤمنون لا 


. 570/١ بتصرف .وينظر أيضا:‎ 5٠05.50”/١ في ظلال القران‎ )١( 
.55017/5 2110/57/9 (؟) المصدر السابق 7587727877/5 بتصرف .وينظر:‎ 
.55//١ المصدر السابق‎ )9( 
. 1١811١79 في ظلال القران‎ )5( 
١6 








يتوكلون إلا على الله فليس وراء ذلك توكل» وليس من دون الله 
من يتوكل عليه المؤمنون'(١)»‏ 

؛ - شرك الولاية: 

المقصود بالولاء: المحبة والمودة والقرب» وضده البراء (5), 
والولاء لا يكون إلا لله تعالى ولرسوله كيه وللمؤمنين» لقوله 
تعالى: ١‏ نوكم أله ورسولة َم وألَدَنَ مما 1 [سورة المائدة:ه5] . 

فهو من العبادات القلبية التي تظهر مقتضياتها على 
الجوارح. 

والولاء الشركي: هو أن يحب الإنسان ويوادَ الذين يحادون 
الله ورسوله المحبة والمودة التامة» لقوله تعالى [ وَمن بَتَوَكَم يتك 
ِنَم مِنَهْمَ 1 [سورة المائدة: ]5١‏ . 

وقد أشار سيد - رحمه الله إلى أن الولاية تكون لله وحده 
ولرسوله بالتبعية» وذلك يستلزم المفاصلة الكاملة بين المؤمن 
وبين من يحاد الله تعالى» وأن قاعدة الإيمان في ذاتها تقوم 


)00 المصدر السابق كل 51١‏ 


. 501/١6 لسان العرب‎ )١( 
١6م‎ 








على الولاية لله ولرسوله والمؤمنين» وولاء غيرهم خروجاً وارتداداً 
عن الإسلام (')جاء التحذير منه كثيراً في القرآن الكريم. 
ففي: ظلئل :قولة:تغالى؛ ( جاه الدرت امنا ل مَسَجْدُوا 


ير لاع ”.عن عر ٠‏ ع 


َه وغوت أي إن انْتحيوا الكُثرٌ عَلَ الاين ) 
[سورة التوبة:”7١]‏ ' يقول سيد - رحمه الله-: " إن هذه العقيدة لا 
تحتمل لها في القلب شريكاًء فإما تجرد لهاء وإما انسلاخ منهاء 
وليس المطلوب أن ينقطع المسلم عما حوله ولا أن يترهبن» إنما 
المطلوب أن يخلص لها القلب» ويخلص لها الحب» وأن تكون 
هي المسيطرة والحاكمة» وهي المحركة والدافعة... 

فإذا انقطعت آصرة العقيدة تقطعت أواصر الدم والنسب» 
وبطلت ولاية القرابة» فلله الولاية الأولى» وفيها ترتبط البشرية 
جميعاً» فإذا لم تكن فلا ولاية بعد ذلك [ وَمَن يَتَوَلّمْم يكم 
َوْلَيِكَ هُمْ لطَدمُت 4 ويعني بالظالمين هنا: المشركين. 

فولاية الأهل والقوم - إن استحبوا الكفر على الإيمان - 
شرك لا يتفق مع الإيمان" ("). 


. 911/9 , ”الال/١ في ظلال القرآن 171/7 بتصرف ء‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ ١515/79 (؟) في ظلال القرآن‎ 
١6 





اتوك قطي ومنعجة في العقيدة 





" فالولاء لغير الله هو الشرك الذي لا يجتمع مع الإسلام؛ 
تاعقازة مقاقط] الحققة 0 كرتا 


رفي ظلال قوله تعالى: ١‏ لَايه لم5 الكبون زمه ين 


ل ل سرك > 56 2 .م > سر يه 
دون الْمَوّمِنِينَ ا 0 أن هوأ 
ا 17 
> امه 2 سه عه ا ريه صمح 
مِنْهُمَ 2 وَيحَذْركم أنه 1 نفّسة. وَإِكَ اللو المصِير ) [سورة ال 


عمران:185] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " ما دام أن الأمر كله للهء والقوة 
كلها للهء والتدبير كله للهء والرزق كله بيد الله.. فما ولاء المؤمن 
إذن لأعداء الله؟ أنه لا يجتمع في قلب واحد حقيقة الإيمان بالله 
وموالاة أعدائه.. ومن ثم جاء هذا التحذير الشديد» وهذا التقرير 
الحاسم بخروج المسلم من إسلامه إذا هو والى من لا يرتضي 
أن يحكم كتاب الله في الحياة» سواء كانت الموالاة بمودة القلب» 
أو بنصره أو باستنصاره سواء» فمن يفعل ذلك فليس من الله في 
شيء» هكذاء ليس من الله في شيء لا في صلة ولا نسبة» ولا 
دين ولا عقيدة» ولا رابطة ولا ولاية» فهو بعيد عن الله» منقطع 


. بتصرف يسير‎ ١ 0 المصدر السابق‎ )١( 


١ هه‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


وييخص فقط بالتقية لمن خاف في بعض البلدان 
والأوقات» ولكنها تقية اللسان لا ولاء القلب ولا ولاء العمل» قال 
ابن عباس - رضي الله عنهما -: " ليس التقية بالعمل إنما 
التقية باللسان ". فليس من التقية المرخص فيها أن تقوم المودة 
بين المؤمن وبين الكافر» كما أنه ليس من التقية المرخص بها 
أن يعاون المؤمن الكافر بالعمل في صورة من الصور باسم 
التقية» فما يجوز هذا الخداع على الله! " .)١(‏ 

ويشير سيد - رحمه الله- " إلى وجوب التفرقة بين الولاء 
للكفار والمشركين والذي هو بمعني المحبة والمودة والنصرة» فهذا 
كفر وشرك مخرج من الملة» وبين التسامح مع غير المسلمين في 
المجتمع المسلم؛ فهذا شيء وهذا شيء آخر. " (5) 





الثالث: الث ن " شرك الأقوال " 
ويندرج تحت هذا النوع من الشرك مظاهر كثيرة يجمعها 
نوعان: 


الأول: شرك الدعاء. 


. بتصرف‎ 785-185/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
(؟) المصدر السابق 458/7 وينظر أيضا: موقف سيد قطب من أهل الكتاب في‎ 
الباب الثاني - فصل الثاني- المبحث الثالث- من هذا البحث.‎ 
١ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الثاني: شرك التسوية في الألفاظ بين الله -سبحانه- وبين 
غيره. وبيان ذلك فيما يأتي: 

-١‏ شرك الدعاء: 

الدعاء من أجل العبادات وأعظمهاء فقد ذكره الله في القرآن 
الكريم في نحو ثلاثمائة موضع »)١(‏ وقد سماه الله عبادة؛ 
وتوعد من تركه استكبارا بالنار» وأخبر النبي ك2 أن: " الدعاء 
هو العبادة 00 

والدعاء يجمع أنواعاً كثيرة من العبادات منها: إسلام الوجه 
لمن يدعوه» والرغبة إليه» والاعتماد عليه» والخضوع له» والتذلل 
بين يديه وقصد طلب الحوائج منه وحده؛ فمن أسلم وجهه لغير 
الله فهو مشرك شاء أم أبى. 

كما أن الدعاء يطلق على معاني عديدة منها: السؤال؛ 
والظلتة :وا لاننققافة وا لالنته اندو للستمان تبوفيره 0 


.5١4/9 الدرر السنية في الأجوبة النجدية‎ )١( 
والترمذي 555/5 برقم‎ » ١4174 برقم‎ ١5١/7 رواة احمد 7617/4 » وأبو داود‎ )1( 
,ء؛ وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 785/7 » وصحيح أبي داود‎ 5 
. ال١‎ 
. الشرك بالله أنواعه وأحكامه . ماجد شبالة ص ”5ه وما بعدها‎ )"( 
١ وذرك‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





فإذا تقرر ذلك فانه يجب إفراد الله - سبحانه وتعالى - 
بالدشاء نيكك أتواعة: عقا شؤال واستفاكة واستتعانة وانتتعادة؛ فم 
دعا خين اللدة أذ استغانة أو انتتعاة: أو "استعاة يقيره أن كان 
فقد وقع في الشرك. 

يقول سيد - رحمه اش- في ظلال قوله تعالى: ١‏ وَأنَّ 
آلْمَسَحِدَ َه ما تدَْوأ مَأ حا 1 [سورة الجن:8١]‏ ” " ودعاء غير الله 
قد يكون بعبادة غيره» وقد يكون بالالتجاء إلى سواهء وقد يكون 
باسكحطان” القلت لأحذ عون ابل 3 (01) 

“في ظلال قوله تعالى: ( وَمَنْ أصَلُّ مِمِّن يَدَعُوأْ من ذون َه مَن 
لّا مْتَجِبُ 1 إل يوْرِ الْقِيمَةِ وَهُمْ عن دُعَايهِمَ عَفِونَ 1 [سورة 
الأحقاف:5] . يقول: " والقرآن يندد بضلال من يدعون من دون 
الله آلهة لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة» والننص أوسع مدلولاً 
ولول عدا فمقم ‏ أظيل :مع نذعن نمق دون الله أكذاً قي أي 
زمان وفي أي مكان؟ وكل أحد - كائنا من كان - لا يستجيب 
بشيء لمن يدعوه؛ ولا يملك أن يستجيبء وليس هناك إلا الله 
فعال لما يريد» إن الشرك ليس مقصوراً على صوره الساذجة 
التي عرفها المشركون القدامى» فكم من مشركين يشركون مع 


. في ظلال القرآن 5ره79”‎ )١( 
١ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الله ذوي سلطان» أو ذوي جاه أو مال» ويرجون فيهم» ويتوجهون 
إليهم بالدعاء» وكلهم أعجز من أن يستجيبوا لدعاتهم استجابة 
حقيقية» وكلهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًء ودعاؤهم 
شركء والرجاء فيهم شرك» والخوف منهم شركء ولكنه شرك 
خفي يزاوله الكثيرون» وهم ان 

وفي ظلال قوله تعالى: ( ولا تَنْعٌ مِن دون أللَهِ ما لا ينمَعَكَ ولا 


سر م 
ابي عت د 


لت ا 3 لَظامِينَ 1 [سورة يونس:7١٠]‏ » يقول سيد 
- رحمه الله-: " لا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك 
من هؤلاء الشركاء والشفعاء الذين يدعوهم المشركون لجلب 
النفع ودفع الضرء فإن فعلت فإنك إذن من ههؤلاء المشركين! 
فميزان الله لا يحابي وعدله لا يلين " ('). 

'" واذا كان رسول 4 متوعداً بالعذاب مع المعذبين لو دعا 
مع الله إلهاً آخرء وهذا محال ولكنه فرض للتقريب» فكيف يكون 
غيره؟ وكيف ينجو من العذاب من يدعو هذه الدعوة من 
الو 0 


. في ظلال القرآن 7757/5 بتصرف يسير‎ )١( 

(")في ظلال القرآن "' ١875/‏ . 

(؟) في ظلال القرآن 7519/8 737/15 . 
١8‏ 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 





يقصد بهذا النوع من الشرك التسوية بين الله وبين أحد من 
مخلوقاته في الألفاظ» كان يقول: ما شاء الله وشئت» أو لولا الله 
وفلان» أو الحلف بغير الله ونحوهما. 

وقد ذكر سيد - رحمه الله- في تفسيره لمعنى الأنداد التي 
شدد القرآن الكريم في النهي عنها لتخلص عقيدة التوحيدء أنها 
قد تكون في صور متعددة» ظاهرة كالذي كان يتخذه 
المشركون» أو خفية ثم أورد قول ابن عباس- رضي الله عنه-: 
" الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء 
في ظلمة الليل» وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي؛ 
ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة» ولولا البط في 
الدار لأتى اللصوصء وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله 
وشقت ! وقول الرجل: لول اله وفلاآن:. .هذا أكله يه شرك. "(0). 
وفي الحديث " أن رجلاً قال لرسول الله - يخ - ما شاء الله 


وشئت. فقال: أجعلتنى لله نداً؟! , 2 ثم يعقب سيد - رحمه 


7٠١/١ تفسير ابن كثير‎ )١( 
وصححه‎ . ٠١475 برقم‎ ١55/5 في الكبرى‎ يئاسنلاو٠‎ 7١54/١ (؟) رواه أحمد‎ 
١79 برقم‎ 7517/١ الألباني في الصحيحة‎ 
6 





الله- على كلام ابن عباس - رضي الله عنه - بقوله: " هكذا 
كان سلف هذه الأمة ينظر إلى الشرك الخفي والأنداد مع الله 
فلننظر نحن أين نحن من هذه الحساسية المرهفة» وأين نحن 
من حقيقة التوحيد الكبيرة!!! " .)١(‏ 

النوع الرابع: الشرك المتعلة الجوا 

ويقصد به شرك التقرب والنسك» وهو على نوعين: 

الأول:_شرك التقرب إلى غير الله بالصلاة وما هو من 
جنسها كالسجود والطواف ونحوه. 

الثاني:_شرك التقرب إلى غير الله بالنسك» كالذبح والنذر 
والحلف ونحوها. وبيان ذلك كما يلي: 


صرف الصلاة لغير الله من الأمور النادرة» ولكن صرف 


أجزاء منها كالركوع والسجود والطواف بغير البيت الحرام . 


باعتباره صلاه هي من الأمور التي يصرفها البعض لغير الله. 
أما السجود والركوع: فهما عبادتان لا يجوز صرفهما لغير الله 
ومن صرفهما لغيره فقد أشرك» وقد وجه الله المشركين الذين 
كانوا يتقربون إلى الشمس والقمر بالسجود بقوله: ١‏ لا سََجدُوا 


. 48/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١-١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 








للعنين ولا الممر: واسَجدوا رذ ادق موك إن ن كنم إِيَاهُ 


ثرت ) [سورة فصلت 77] » أي إن كنتم تعبدون الله حقاً فلا 
تسجدوا للشمس ولا للقمر» واسجدوا لله الذي خلقهن» فالخالق هو 
الواحد الذي يستحق أن يعبدوه(١).‏ 

ويبين سيد -رحمه الله -أيضاً" أن السجود ومواضعه لا 
ينبغي أن تكون إلا لله وحده؛ فقول سبحانه وتعالى: ١‏ وَأنَّ 
لْمَسَْحِدَ لَه قلا تدوأ مَمَ أله دا 1 [سورة الجن 18] » يوحي بأن 
السجود . أو مواضع السجود وهي المساجد . لا تكون إلا لله 
فهناك يكون التوحيد الخالص» ويتوارى كل ظل لكل أحد ولكل 
اعفان وه الخو وعدن الفرودية الكالفعة 1 

ومن مظاهر السجود لغير الله التي أشار إليها حسيد- 
0 التمرغ ووضع الخدود على الأعتاب والمقامات» حيث 
يقول: " ويخطر بالبال صور العازفين المصفقين الصاخبين 
الممرغين خدودهم على الأعتاب والمقامات في كثير من البلاد 


5١١5/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
"1/7/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١٠6١ 








التي يسمونها 'بلاد المسلمين'أنها الجاهلية تبرز في صورة من 
ضدووها الكقرة 1/1 

' والله يوجه رسوله - 4 - إلى الإخلاص والتجرد لله في 
العبادة وفي الاتجاه في الصلاة وفي ذبح النسك خالصا لله 


آذآ هه لع سه ل سس سر << سر عو 


بقوله: ( مَصَلٍ لرَيْكَ وَأَخححَرَ 1 [سورة الكوثر:7] غير ملق بالا إلى 
شرك المشركين» وغير مشارك لهم في عبادتهم" ('). 
الت 

النسك هو العبادة والقربة (')؛ ويطلق لفظ النسك على 
الذبح والنحر الذي يقصد به التوجه والتقرب لله - سبحانه 
وتعالى -» وقد فرض الله على المؤمنين إخلاص التوجه لله 
بهذه العبادات فقال: ا صلق وق وخا لمعاف د ري 
لْصلِبِينَ 5 لا مَرِيكَ ل وَيِدَنِكَ َرَت كنا أَيَلُ أَنتلييَ ) إسورة 
انر 

يقول - سيد-: " فهو التجرد الكامل لله» بكل خالجة في 
القلب» وبكل حركة في الحياة بالصلاة والاعتكاف وبالمحيا 





١ ه٠. المصدر السابق‎ )١( 

(5) في ظلال القران كلخخة” . 

(") المفردات للراغب ص 57" » ولسان العرب 5358/١‏ . 
١6‏ 








والنساضو الشهاكن ١.‏ التسيديةة نوسيات لاسي بز لمات بويا 
وراءه ' 0 " التجرد لله في العبادة والاتجاه في الصلاة وفي 
ذبح النسك خالصا لله '("). 

أ- الذيح والنحر لغير الله: 


والذبح لغير الله على نوعين: 

الأول: ما ذبح تقربا لغير_اللهء_كالذبح تقرباً للجن أو 
الملائكة أو الأموات وغيرهم» مع ذكر اسم غير الله على 
المذبوح» وهذا من أعظم أنواع الكفر والشرك بالله- سبحانه 
وتعالى - لما يحمله من تعظيم غير الله» ولأنه ينشأ غالبا من 
الاعتقاد في المتقرب إليه غير الله بأنه يملك الضر والنفع 

يقول سيد - رحمه الله-: " وأما ما أهل لغير الله به» فهو 
محرم لمناقضته ابتداءً للإيمان» فالإيمان يوحد الله ويفرده - 
سبحانه - بالألوهية ويرتب على هذا التوحيد مقتضياته» وأول 
هذه المقتضيات أن يكون التوجه إلى الله وحده بكل نية وكل 
عملء وأن يهل باسمه - - في كل عمل وكل حركة؛ وأن 
تصلدن واسية- ا كوك صنل نما | ذل لعو لذ 
)١(‏ في ظلال القرآن ١١50/7”‏ . 


(؟) المصدر السابق 5988/5 . 
١‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


عليه ولا اسم أحد - حرام» لأنه ينقض الإيمان من أساسه؛ ولا 
يصدر ابتداءً عن إيمان» فهو خبيث من هذه الناحية " .)١(‏ 
ويقول أيضاً: " أما ما أهل به لغير الله أي ما توجه به 
صاحبه لغير الله» فهو محرم» لا لعلة فيه ولكن للتوجه به لغير 
النه» محرم لعلة روحية تنافي صحة التصور» وسلامة القلب» 
وطهارة الروح» وخلوص الضميرء» ووحدة المتجه» فهو ملحق 
بالنجاسة المادية والقذارة الحقيقية على هذا المعنى المشترك 
للنجاسة» وهو ألصق بالعقيدة من سائر المحرمات قبله» وقد 
حرص الإسلام على أن يكون التوجه لله وحده بلا شريك " (): 
فلابد إذ أن يكون التوجه بالذبح والنحر والنسك لله وحده 
وأن يذكر اسمه وحده عليه: " فالقرآن الكريم يقدم ذكر اسم الله 
المصاحب لنحر الذبائح» لأن المقصود في النحر هو التقرب 
إلى اللهء ومن ثم فان أظهر ما يبرز في عملية النحر هو ذكر 
اسم الله على الذبيحة» وكأنما هو الهدف المقصود من النحر 
ذاته " (). وذلك: " لأن الإسلام يوحد المشاعر والاتجاهات» 


. 850/7 المصدر السابق‎ )١( 
. ١6ال/‎ ١ في ظلال القرآن‎ )9( 
. 757١/5 المصدر السابق‎ )"( 


١ هه‎ 





ويتوجه بها كلها إلى الله» ومن ثم يعنى بتوجيه الشعور والعمل» 
زالتشاظ :والعياة8 والكركة والعاذإليخ :تلك الوجية: الواحد» 
وبذلك تصبغ الحياة كلها بصبغة العقيدة. 

وعلى هذا الأشاين بحر كن التياف ما أحل لكين الله كةة 
وحتّم ذكر اسم الله عليهاء حتى ليجعل ذكر اسم الله هو الغرض 
البارق» وكانما تنيح التبيحة يقضنة ذكن اسم الله ١‏ ويحكن مد 


ره سح لخر مج عو 
. 2 


ل عت ار سو د مح ره ص ل اس سم م اس 
جَعَلَنَا مَنسَكا لَِدَكرواْ أسم الله عَكَ ما رَرَفَهُم ين بَهِيِمَةَ الْأشلر ) 
[سورة الحج:"؛4] » وهكذا يربط بين العقيدة والشعائر» فالشعائر 
منبثقة عن العقيدة وقائمة عليها ومعبرة عنها " .)١(‏ 





فما ذبح عند الأوثان والنصب والمقامات فهو من الشرك 


الذي حرمه الله تعالى بقوله: ( وما ديح عَلَ التُضّبٍ ) [سورة 
المائدة:*] :)5(١‏ 


. 5477/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(1) ينظر كلام أهل العلم في: تفسير ابن كثير ٠١33/7‏ » الدرر المضيئة 
للشوكاني ص .7١‏ تطهير الاعتقاد للصنعاني تحقيق حلاق »دار الصحوة - 
صنعاء » طبعة عام ١١5١ه‏ ص "” . 


١5 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





يقول سيد - رحمه الله-: " وأما ما ذبح على النصب - 
وهي أصنام كانت في الكعبة وكان المشركون يذبحون عندها 
وينضحونها بدماء الذبيحة في الجاهلية» ومثلها غيرها في أي 
مكان - فهو محرم بسبب ذبحه على الأصنام - حتى لو ذكر 
انعم الله علي لما :فية طن معني الشترك با 007 
سم : يه من معنى 





تقضنة بالنذو شتركا :ما أوحية المكلف: كل سه مهنا يظوز 
فيه وجه القربة تعظيماً لله تعالى"2). 

وهو نوعان: 

الأول: نذر_مجازاة:_بأن يلتزم الشخص قربة في مقابل 
حدوث نعمة أو اندفاع بلية» كان يقول: إن شفاني الله أو رزقني 
ولداً فله عليَ صوم كذا أو صدقة أو نحو ذلك» وهذا يجب 
الوفاء يه إذا خصل 'ما علق به 

والثاني: نذر ايتداء: وهو ما يلتزمه الإنسان من غير تعليق 
عَل: قترظ تقريا شه وهذا أبضباً نحي الوقاء :هه( ©. 


. 550/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 3547 التعريفات للجرجاني ص 08” » وفتح القدير للشوكاني ص‎ )"( 
27١ه الفقه الميسر لأحمد عاشور : دار اليوسف - بيروت - ب.ت - ص‎ )"( 
. 7١” وتيسير العزيز الحميد ص‎ 
١ 6 / 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 











اتوك قطي ومنهجه في العفيدة /و2 


والنذر من العبادات التي أمر الله بالوفاء بهاء ومدح الله 
الموفين بهاء وبالتالي فلا يجوز التقرب به إلا لله - سبحانه - 
شأنه شأن بقية العبادات. 

ويكون النذر لغير الله - جل وعلا - شركاً به في العبادة: 
وذلك كالنذور الواقعة من عُبّاد القبور للأموات تقرباً إليهم 
ليقضوا حاجاتهم وليشفعوا لهم»ء لأنها تقوم على اعتقاد في 
المنذور له أنه يملك الضر والنفع مع الله أو من دونه " .)١(‏ 

يقول سيد - رحمه الله-: " والنذر نوع من أنواع النفقة 
يوجبه المنفق على نفسه مقدراً بقدر معلوم والنذر لا يكون لغير 
الله ولوجهه وفي سبيله» فالنذر لفلان من عباده نوع من الشرك» 
كالذبائح التي كان يقدمها المشركون لآلهتهم وأوثانهم في شتى 

ا 0 5 3 

عصور الجاهلية " (5) 

ويبين سيد - رحمه الله أن السدنة والكهنة والرؤساء قديماً 
وحديثا ومعهم شياطين الجن يزينون للناس التقرب إلى الأوثان 
ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم من جهة» وليحصلوا هم على 
المصالح المادية التي تأتيهم من النذور والقرابين من جهة 
أخرى» فيقول: " فأما مصلحة شياطين الإنس - من الكهنة 
)١(‏ تطهير الاعتقاد للصنعاني ص 7١‏ », وأدب الطلب للشوكاني ص 7١7‏ . 


() في ظلال القران /5. 
١8‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





2 


والسدنة والرؤساء - فهي متمثلة اولا: في الاستيلاء على قلوب 
الأتباع والأولياء»ء وتحريكهم على هواهم وفق ما يزينونه لهم من 
تضيوزات:باظلة وعقائةفاسذة! ومتمطلة . 

ثانياً:_في المصالح المادية التي تتحقق لهم من وراء هذا 
التزيين والاستهواء لجماهير الناس» وهو ما يعود عليهم مما 
يقسمه هؤلاء الأغرار المغفلون للآلهة! وأما مصلحة شياطين 
الجن فتتمثل في نجاح الإغواء والوسوسة لبني آدم حتى يفسدوا 
عليهم حياتهم» ويفسدوا عليهم دينهم» ويقودوهم ذللا إلى الدمار 
في الدنيا والنار في الآخرة! 

وهذه الصورة التي كانت تقع في جاهلية العرب» وكانت تقع 
نظائرها في الجاهليات الأخرى» للإغريق والفرس والرومان» 
والتي ما تزال تقع في الهند وافريقية وآسيا.. 

" وكما زين الشركاء والشياطين لهم ذلك التصرف في 
أموالهم كذلك زينوا لهم قتل أولادهم بالوأد» أو قتل بعض الأبناء 
في النذر للآلهة كالذي روي عن عبد المطلب من نذره ذبح أحد 


ولده إن رزقه الله بعشرة منهم يحمونه ويمنعونه! " 8ن 


. بتصرف يسير‎ ١١١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١١ 48 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





' ومن ذلك أيضا ما كان عليه المشركون على عهد رسول 
الله - له - وقبله» ينذرون بعض أبنائهم للآلهة» أو لخدمة 
معابد الآلهة! تقرباً وزلفى إلى الله! ومع توجههم في أول الأمر 
له فإقيد "بعد جتحزجة مرخ قمة التوحيد إلى .درك الوثقية كانوا 
ينذرون لهذه الآلهة أبناءهم لتعيش وتصح وتوقى المخاطر! كما 
يجعل الناس اليوم نصيباً في أبدان أبنائهم للأولياء والقديسين» 
كأن يستبقوا شعر الغلام لا يحلق أول مرة إلا على ضريح ولي 
أو قديس؛ أو أن يستبقوه بلا ختان حتى يختن هناك» مع أن 
هؤلاء الناس اليوم يعترفون بالله الواحدء ثم يتبعون هذا الاعتراف 
بهذة الاتجاهات المشركة: والناس: .هم الان! 

على أننا نرى في زماننا هذا صنوفاً وألواناً من الشرك» ممن 
يزعمون أنهم يوحدون الله ويسلمون له» ترسم لنا صورة من 
مدارج الشرك التي ترسمها نصوص القرآن الكريم. 

إن الناس يقيمون لهم اليوم آلهة يسمونها " القوم " ويسمونها 
الوص "#رمهزكيا :"لعب :إلى اخ ها اعون » وض 
تعدو أن تكون أصناماً غير مجسدة كالأصنام الساذجة التي 
كان يقيمها الوثنيون» ولا تعدو أن تكون آلهة تشارك الله - 
سبحانه - في خلقه؛ وينذر لها الأبناء كما كانوا ينذرون للآلهة 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


القديمة! ويضحون لها كالذبائح التي كانت تقدم في المعابد 
على نطاق واسع! " .)١(‏ 

" وإننا لنشهد اليوم - بعد أربعة عشر قرناً من نزول هذا 
القرآن بهذا البيان -أنه حيثما انفك رباط القلب البشري بالإله 
الواحد تاه في منحنيات ودروب لا عداد لهاء وخضع لربوبيات 
شتى» وفقد حريته وكرامته ومقاومته» ولقد شهدت في هذا الجانب 
الخرافي وحده في صعيد مصر وريفها عشرات من الأوهام تطلق 
لها بعض صنوف الحيوان» للأولياء والقديسين» في ذات الصورة 
التي كانت تطلق بها للآلهة في الزمان القديم! " (") 

ج- الحلق لغير الله: _حلق الرأس ثلاثة أنواع: 

الأول: نسك وقربة» كالحلق في الحج والعمرة. 

الثاني:_حاجة ودواء وعادة» يمارسه الإنسان كلما زاد شعره 
أو احتاج إلى إزالته. 

الثالث: بدعة وشركء وهو حلق الرأس لغير الله كما يفعله 
المريدون لشيوخهم م 


( ١)المصدر‏ السابق * ١41-١517/‏ بتصرف يسير . 
)١(‏ المصدر السابق 990/7 . 
(") زاد المعاد لابن القيم ١57/5‏ بتصرف . 


١١ 





177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /#جم 


وقد أشار سيد - رحمه الله- أن حلق الرأس تقربا لغير الله 
من الشرك» ومن صور ذلك استبقاء شعر الغلام حتى يحلق على 
ضريح ولي أو قديس» حيث يقول '... كما يجعل الناس اليوم 
نصيباً في أبدان أبنائهم للأولياء والقديسين» كأن يستبقوا شعر 
الغلام لا يحلق أول مرة إلا على ضريح ولي أو قديس... " )١(‏ 

النوع الخامس: شرك الحاكمية والتشريع والطاعة: 

الحاكمية -كما سبق - مصطلح يدل على قضية " الحكم 
بما أنزل الله " وما يستلزمه ذلك من التشريع والطاعة والإتباع؛ 
وهي قضية عقدية يبنى عليها معقد التفرقة بين الإيمان والكفرء 
وبين التوحيد الخالص والشرك» باعتبار صلتها الأصيلة بتوحيد 
الربوبية والألوهية والأسماء والصفات» حيث لا يتحقق التوحيد 
إلا بإفراد الله بالخلق والأمر بقسمة الكوني والشرعي» وما يتبع 
ذلك من الإقرار له وحده بالسيادة العليا والتشريع المطلق 
والطاعة له وحده فيما يأمر به وينهى عنه. 

وفيما يأتي بيان لما يتعلق بالشرك في الحاكمية عند سيد - 
رحمه الله-: 


أولاً: مظاهر شرك الحاكمية: 


.١51١57/79 في ظلال القرآن‎ )١( 


١ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





لشرك الحاكمية والتشريع والطاعة مظاهر عديدة أشار 
إليها سيد - رحمه الله- ومنها: - 

-١‏ تشريع ما لم يأذن به الله: 

بين القرآن الكريم في أكثر من موضع قضية إنفراد الله - 
سبحانه - بالأمر والحكم والتحليل والتحريم غاية البيان» والى 
جانب الآيات التي تثبت تفرد الله - سبحانه - بالحكم شرعاً 
وقدراً» هناك آيات أخرى تبين الأسباب التي من أجلها استحق 
الله - سبحانه - هذا التفرد» والصفات التي من أجلها كانت 
الحاكمية من خصائص الألوهية. 

وقد وقف سيد - رحمه الله- كثيراً في ظلال الآيات 
المتعلقة بقضية التشريع» وبين انفراد الله وحده بهذا الحق 
وتوافي الديانات على إقرار هذا الحق لله -سبحانه - دون 
شريك .)١(‏ 

كما بين الأسباب التي من أجلها استحق الله وحده حق 
التشريع» ويمكن استعراض نماذج من كلام - سيد - حول ذلك 
فيما يأتي: 

أت يملك حة: القث 2 


. المصدر السابق 588/7 وما بعدها‎ )١( 


١ الك‎ 








يقرر سيد - رحمه الله- في مواضع كثيرة أن الذي يملك 
حق الحاكمية والتشريع والتحليل والتحريم» هو الله -سبحانه - 
وليس لأي جهة غير الله شيئا من ذلك الحق فيقول: " والإقرار 
بوحدة الألوهية وقصر العبودية عليها يتضمن وحدة الجهة التي 
تصرّف حياة العباد بالتشريع والتوجيه والقيم والموازين» فمن 
حغل لغيو "انل شيك مم هذا “إنتداء فهق تقرك نيه أز اكافن 
بألوهيته... .)١('‏ " وقد كانت المعركة على مدار التاريخ بين 
الجاهلية والإسلام» على من يكون هو رب الناس» الذي يحكمهم 
بشرعه» ويصرفهم بأمره» ويدينهم بطاعته؟ وكانت الرسالات 
والرسل والدعوات الإسلامية تجاهد دائماً لانتزاع هذا الحق من 
الطواغيت لترده إلى صاحبه الشرعي.. الله سبحانه.. '("2 [إِنٍ 


يح و و سم 5 7 دده 


القن لتم نز الاشيةوا 50 1ه كلف الزن اليه ولك احفر 


ع 


1 و 2 


لاضن ل ملمور2 1 [سورة يوسف: ]5٠‏ . فالحكم لا يعون إلا له » 
فيو صوق ,عليه نتيحاده تدكد: الوفيكة :إن ,الحاكبية: عق 
خصائص الألوهية "01 


. في ظلال القرآن 588/7 وما بعدها‎ )١( 
. 5١7١/4 بتصرف » وينظر أيضا‎ ١857/5 المصدر السابق‎ )١( 
. ١150/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 


١6ه‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


' وواضح من سياق القول أنه يعني هنا حكم الله القدري 
القهري الذي لا مفر منه ولا فكاك» وقضاءه الإلهي الذي يجري 
به قدره فلا يملك الناس فيه لأنفسهم شيئاً. حيث يمضي في 
الناس على غير إرادة منهم ولا اختيارء وهذا هو الإيمان بالقدر 
خيره وشره» والى جانبه حكم الله الذي ينفذه الناس عن رضي 
منهم واختيار. وهو الحكم الشرعي المتمثل في الأوامر 
والنواهي» وهذا كذلك لا يكون إلا لله»ء شأنه شأن حكمه القدري 
باختلاف واحد: هو أن الناس ينفذونه مختارين أو لا ينفذونه» 
ولكنهم لا يكونون مسلمين حتى يختاروا حكم الله هذا وينفذوه 
فَعلا زاضبين 0 

' إن هذا الدين يقرر أن التحليل والتحريم هو من شأن الله 
وحده لأنهما أخص خصائص الألوهية فلا تحريم ولا تحليل 
بغير سلطان من الله» فالله - وحده- هو الذي يحل للناس ما 
يحل» ويحرم عليهم ما يحرم» وليس لأحدٍ أن يدعي هذا الحق» 
لأن هذا مرادف تماماً لدعوى الألوهية! ومن ثم فأي تحليلٍ أو 
تحريم» يصدر عن غير الله - سبحانه - فهو باطل بطلاناً 
أصلياً» غير قابل للتصحيح» لأنه لا وجود له منذ الابتداء؛ 


. 5١١5/4 بتصرف » وينظر أيضا‎ ٠١١4/5 المصدر السابق‎ )١( 


١ دهه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





والأمور التي أحلها الإسلام وكانت في الجاهلية حلالاً أو 
حرمها الإسلام وكانت في الجاهلية حراماًء فليس ذلك اعتماداً 
على أحكام الجاهلية» لأنها باطلة أصلاً بصدورها عن جهة لا 
تملك حق الحاكمية» وانما هو ينشئ هذه الأحكام ابتداءً» وهذه 
النظرية الإسلامية في الحل والحرمة تشمل كل شيء في الحياة 
الإنسانية ولا يخرج عن نطاقها شيء في هذه الحياة» إنه ليس 
لأحد غير الله أن يحل أو يحرم في نكاح ولا في طعام ولا في 
شراب ولا في لباس ولا في حركة ولا في عمل ولا في عقد ولا 
في تعامل ولا في ارتباط ولا في عرف ولا في وضع.؛ إلا أن 
حتف ستظانه نهو الله حسي تويفة الله 

وكل جهة أخرى تحرم أو تحلل شيئاً في حياة البشر - كبر 
أم صغر - تصدر أحكامها باطلة بطلاناً أصلياً غير قابل 
للتصحيح المستأنف» فالإسلام أنشأ أحكامه في الحل والحرمة 
مستنداً إلى المصدر الذي يملك إنشاء الأحكام " سلطانه 
الخاص ' ولهذا عني القران بتقرير هذه النظرية وكرر الجدل 
مع الجاهليين حولهاء مقرراً المبدأ الأساسي» وهو أن الذي يملك 
حق التحريم والتحليل هو الله وحده؛ وليس ذلك لأحد من البشرء 
لا فرد ولا طبقة ولا أمة ولا الناس أجمعين إلا بسلطان من الله 
وفق شريعة الله» والتحليل والتحريم - أي الحظر والإباحة - هو 


١ةه5‎ 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الشريعة وهو الدين» فالذي يحلل ويحرم هو صاحب الدين» فإذا 
كان هو الله فالناس في دينه وإذا كان غير الله فالناس في دين 
غير الله لا في دين الله» والمسألة على هذا الوضع هي مسألة 
الألوهية وخصائصهاء وهي مسألة الدين ومفهومه» وهي مسألة 
الإيمان وحدوده» فلينظر المسلمون في أنحاء الأرض أين هم 
من هذا الأمر؟ أين هم من الذين :واي هم من الإسلام 0 

" إن النصوص القرآنية تجعل التحريم والتحليل - والتشريع 
كله ع يدق كا لضن "جئاه :روتكدل نار لقه تمق النشو: كج يكين ها 
أذن الله - كفراً» بل زيادة في الكفر» وتعتبر قصر التشريع على 
أله :وكدة .صلا :من: أضنول: العقيدة الأسلامية» +وتريظ ذلك 
بالحق الأصيل في بناء الكون.. فتشريع الله للناس إنما هو فرع 





يعلل سيد قطب - رحمه الله- وجوب إفراد الله وحده بحق 
الحاكمية والتشريع والتحليل والتحريم بأمور منها: 


)١(‏ في ظلال القرآن 5١١-517١/١‏ يتصرف ء وينظر: 785/١‏ 715 7375ل 
.1١95575 0/531‏ 
)١(‏ المصدر السابق ١601/7‏ بتصرف . 
/اده ١‏ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


-١‏ كون الله - سبحانه- هو صاحب الربوبية والتصرف 
المطلق فى الخلق: 

يقول سيد: " فالله هو الخالق» وهو الرازق» وهوالمالك» وهو 
ضعافي الدرة والقور والجاطان. رهن الكل بالقيريب والكدرانة 
وين الثاق: يفلم الفزوين: واراتضيا ' كنا ملك اللا انها 
وكذلك يجب أن يكون الله هو الحاكم في حياة العباد» وألا يكون 
لغيره نهي ولا أمر» ولا شرع ولا حكم ولا تحليل ولا تحريم» فهذا 
كلقن اهن |لالرهية ول يهرد أعاوزا لدف حياة بالناين 
أحد من دون الله لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميتء ولا 
يضر ولا ينفع» ولا يمنح ولا يمنع؛ ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً 
في الدنيا ولا في الآخرة " :)١(‏ 

' فالكون بجملته لا يستقيم أمره ولا يصلح حاله إلا أن يكون 
هناك إلدٌ واحدٌ يدبر أمره؛ و لَوكَنَ فييمآ ءادهإلا أله لسكا ) 
وأكلون خصائضن: الاوهية بالقاين إلى البشرية»"تبيد العييدة 
والتويع لهم فى خزاتهم؛ :واقانة اللموازين: لهم "فتن أاغى لتقسنه 
شيئاً من هذاء فقد ادعى لنفسه الألوهية» وأقام نفسه إلهاً من 


)١(‏ في ظلال القرآن "١ه‏ بتصرف يسير» وينظر: ١‏ ومقومات 
التصور الإسلامي ص ؟7١1١.‏ 


١ مده‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





دون الله وبذلك يقع الفساد في الأرض بتعدد الآلهة التي تدعي 
حق التشريع وإقامة اموي 10 


؟- أن الله أخوزة من غيره: - 
فالله - سبحانه- يستنكر على الذين يريدون حكم الجاهلية 


ته 2 


ويسألهم قائلاً: ( أَفَحَمْم هله يبمُونَ وَمَنْ أَحسَنُ مِنّ أو حَكَمَا يمَوَمِ 
وْقِنُونَ 1 [سورة المائدة: ٠‏ 5] . 

يقول سيد - رحمه الي: 1 ومعنى الجاهلية في هذا النص 
هي حكم البشر للبشر» وهي أمرٌ وجد بالأمس» ويوجد اليوم؛ 
ويوجد غداً»ء فمن لا يبتغي حكم الله يبتغي حكم الجاهلية» ومن 
يرفض شريعته الله يقبل بشريعة الجاهلية» وهذا مفرق الطريق. 

والسؤال هنا لتقرير أفضلية حكم اللهء فمن أحس من الله 
كما 

ومن ذا الذي يجرؤ على ادعاء أنه يشرع للناس ويحكم 
فيهم» خيراً مما يشرع الله لهم ويحكم فيهم؟ وأية حجة يملك أن 
يسوقها بين يدي هذا الادعاء العريض؟ 

أيستطيع أن يقول: إنه أعلم بالناس من خالق الناس؟ 


)١(‏ المصدر السابق ١ركءة‏ حلا.: و8894/5 بتصرف ومقومات التصور الإسلامي 
ص كع ١احلاع١ ١55”.‏ . 


١١48 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


أيستطيع أن يقول: إنه أرحم بالناس من رب الناس؟ 

أيستطيع أن يقول: إنه أعرف بمصالح الناس من إله 
التا؟ 

أيستطيع أن يقول: إن الله - سبحانه- وهو يشرع شريعته 
الأخيرة» ويرسل رسوله الأخير» ويجعل رسوله خاتم النبيين» 
ويجعل رسالته خاتمة الرسالات» ويجعل شريعته شريعة الأبد» 

كان - سبحانه - يجهل أن أحوالاً ستطرأء وأن حاجات 
ستستجد» وأن ملابسات ستقع» فلم يحسب حسابها في شريعته 
لأنها كانت خافية عليه حتى انكشفت للناس في آخر الزمان؟! 

ما الذي يستطيع أن يقوله من ينحي شريعة الله عن حكم 
الحياة» ويستبدل بها شريعة الجاهلية وحكم الجاهلية» ويجعل 
هواه هو أو هوى شعب من الشعوبء أو هوى جيلٍ من أجيال 
البشرء فوق حكم الله وفوق شريعة الله؟!! .)١('"‏ 

' واعتبار الأفضلية الحتمية المقطوع بها لشريعة الله على 
شرائع الناس» أشار الله إليه بقوله: ( وَمَنْ أَحَسَنُ ين أله حَكما لَصَووِ 
مُوْقِمُوَنَ 1. فالاعتراف المطلق بهذه الأفضلية لشريعة الله»ء في كل 
طور من أطوار الجماعة» وفي كل حالة من حالاتهاء داخل في 


. بتصرف‎ 105-9٠0 5/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١هكعو‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





قضية الكفر والإيمان» فما يملك إنسان أن يدعي أن شريعة أحدٍ 
من البشرء تفضل أو تمائل شريعة الله» في أي حالة أو طور.. 
ثم يدعي - بعد ذلك حأنه مؤمن بالله» وأنه من المسلمين... 

أما مظاهر هذه الأفضلية فيصعب إدراكها كلهاء فإن حكمة 
شرائع الله لا تنكشف كلها للناس في جيل من الأجيال» ويمكن 
الإشارة هنا إلى بعضٍ منها: 

* أنّ:قنريعة الله تمل منهجاً شاملا متكاملا للحياة اليقنوية: 
يتناول بالتنظيم والتوجيه والتطوير كل جوانب الحياة الإنسانية» 
في جميع حالاتهاء وفي كل صورها وأشكالها. 

* أن هذا المنهج قائم على العلم المطلق بحقيقة الإنسان 
وحاجاته» وحقيقة الكون وطبيعة النواميس التي تحكمه وتحكم 
الإنسان وبالتالي يحصل التوازن والتوافق وينتفي التصادم وهذا 
ما لا يتوفر في أي منهج من صنع البشر. 

* أن هذا المنهج قائم على العدل المطلق» لأن الله وحده 
يعلم بما يتحقق العدل» ولأنه - سبحانه - رب الناس جميعاً؛ 
فمنهجه مبرأ من الهوى والميل والضعف» ومن الجهل والقصور 
والغلو والتفريط» الأمر الذي لا يمكن توفره في أي منهج من 
صنع البشر. 


١1١ 


* أنه المنهج الوحيد الذي يتحرر فيه الإنسان من العبودية 
للإنسان - المتمثل في طاعة مناهج البشر والدينونة لها .)١('‏ 

وبناء على ذلك يقرر سيد - رحمه الله- أن قضية التشريع 
هي قضية إسلام أو جاهلية» فالجاهلية حالة توجد كلما وجدت 
مقوماتها في وضع أو نظام» وهي في صميمها الرجوع بالحكم 
والتشريع إلى أهواء البشر» لا إلى منهج الله وشريعته» ويستوي 
أن تكون هذه الأهواء - أهواء فردٍ أو طبقة؛ أوأمة أو جيل - 
فكلها مادامت لا ترجع إلى شريعة الله... أهواء. 

- يشرع فرد لجماعة فإذا هي الجاهلية؛ لأن هواه ورأيه هو 
القانون- لا فرق إلا في العبارات. 

- وتشرع طبقة لسائر الطبقات فإذا هي جاهلية» لأن 
مصالح تلك الطبقة هي القانون - أو رأي الأغلبية هو القانون 
- فلا فرق إلا في العبارات! 

- ويشرع ممثلو جميع الطبقات وجميع القطاعات في الأمة 
لأنفسهم فإذا هي جاهلية» لأن أهواء الناس الذين لا يتجردون 
أبداً منها وجهلهم هو القانون- فلا فرق إلا في العبارات! 


: 56/١ المصدر السابق --10م بتصرف يسير وينظر‎ )١( 
١ك‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





- وتشرع مجموعة من الأمم للبشرية فإذا هي جاهلية» لأن 
أهدافها القومية» أو رأي المجامع الدولية هو القانون - فلا فرق 
إلا في العبارات! 

- ويشرع خالق الأفراد» وخالق الجماعات» وخالق الأمم 
والأجيال» للجميع فإذا هي شريعة الله التي لا محاباة فيها لأحدٍ 
على حساب أحدء لا لفرد ولا لجماعة ولا لدولة» ولا لجيلٍ» لأن 
الله رب الجميع» ويعلم حقيقة ومصلحة الجميع» فلا يفوته - 
سبحانه - شيء من ذلك... 

ومن هنا خطورة هذه القضية في حياة بني الإنسان» وفي 
نظام الكون كله: ١‏ وََرِ أَتَبَمَ ألْحَقُ أَمْواءَهُمْ لنَسَدَتٍ السَموتُ 
َالْأيّشْ وَمَن فيهرى ] فالحكم بغير ما أنزل الله معناه الشر 
والفساد والخروج في النهاية عن نطاق الإيمان» بنص القرآن 
الكزيه"(١).,‏ 

' إن حكم الله هو الحكم الوحيد المبرأأ من مظنة الحيف» 
لأن الله هو العادل الذي لا يظلم أحداًء وكل خلقه أمامه سواءء 
فلا يظلم أحداً منهم لمصلحة أحدء وكل حكم غير حكمه هو 


. في ظلال القرآن 841/7 بتصرف يسير‎ )١( 
١٠ه.‎ 








797977771777177 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 


مظنة الحيف فالبشر لا يملكون أنفسهم وهم يشرعون ويحكمون 
أن يميلوا إلى مصالحهمء أفراداً كانوا أم طبقة أم دولة " .)١(‏ 

جم- ن ادعى حق التشريع لنفسه أو غيره: 

يقول سيد - رحمه اللَ-: " إن الحكم لا يكون إلا لله» فهو 
مقصور عليه- سبحانه- بحكم إلوهيته إذ الحاكمية من 
خصائص الألوهية من ادعى الحق فيها فقد نازع الله- سبحانه 
- أولى خصائص إلوهيته» سواء ادعى هذا الحق فرد» أو 
طبقة» أو حزب» أو هيئة» أو أمة» أو الناس جميعاً في صورة 
منظمة عالمية» ومن نازع الله سبحانه أولى خصائص ألوهيته 
وادعاها فقد كفر بالله كفراً بواحاً يصبح به كفره من المعلوم من 
الدين بالضرورة... 

وادعاء هذا الحق لا يكون بصورة واحدة هي التي تخرج 
المدعي من دائرة الدين القيم وتجعله منازعاً لله في أولى 
خصائص إلوهيته سبحانه» فليس من الضروري أن يقول: ما 
علمت لكم من إله غيري» أو يقول: أنا ربكم الأعلى؛ كما قالها 


فرعون جهرة. 


(1) المفضدن البنايق كلاه .. 
١‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ولكنه يدعي هذا الحق وينازع الله فيه بمجرد أن ينحي 
فريعة” اهن الجاكسية» وسقية. القراتينى قن 'مصندد اكد 
وبمجرد أن يقرر أن الجهة التي تملك الحاكمية» أي التي تكون 
هي مصدر السلطات جهة أخرى غير الله سبحانه» ولو كان 
هو مجموع الأمة أو مجموع البشرية... ,0 

ويقول أيضا: " والمشركون هم: الذين يشركون بالله أحداً في 
خصائص الألوهية» سواء في الاعتقاد بألوهية أحد مع الله؛ أو 
بتقديم الشعائر التعبدية لأحد مع اللهء أو بقبول الحاكمية 
والشريعة من أحد مع الله»ء ومن باب أولى من يدعون لأنفسهم 
واكدة من هذ 10 

" فأيما إنسان زعم لنفسه أنه أعلم من الله بمصلحة عباده؛ 
أو زعم أن هذا المنهج الرباني لم يعد يصلح للحياة المتجددة 
النامية في الأرضء أو زعم أنه يملك ابتداع منهج أمثل من 
المنهج الذي أراده اللهء أيما إنسان زعم واحدة من 3 الدعاوى 
أو زعمها جميعاً فقد كفر كفراً صراحاً لا مراء فيه " (5). 


. ١919٠0/5 المصدر السابق‎ )١( 

(") في ظلال القرآن ؟79/5١١.‏ 

(9) المصدر السابق 7587/١‏ وينظر مقومات التصور الإسلامي ص 2018-1١١7‏ 
١6١‏ 


١ مكه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





وبعد أن استعرض سيد - رحمه الله- كلام بعض السلف 
في أهل البدع قال: " فهذا كله في صاحب البدعة وهو على 
دين الله» وكله لا يبلغ مدى من يدعي خصائص الألوهية 
بمزاولته للحاكمية ومن يقره على هذا الادعاء» فليس هذا بدعة 
مبتدع» ولكنه كفر كافرء أو شرك مشرك مما لم يتعرض .له 
السلف لأنه لم يكن في زمانهم» فمنذ أن قام الإسلام في الأرض 
لم يبلغ من أحد أن يدعي هذه الدعوى» وهو يزعم الإسلام؛ ولم 
يقع شيء من ذلك إلا بعد الحملة الفرنسية التي خرج بعدها 
الناس من إطار الإسلام - إلا من عصم الله -» وكذلك لم يعد 
في قول هؤلاء السلف ما ينطبق على هذا الذي كان! فقد تجاوز 
كل ما تحدثوا عنه بمثل هذه الأحكام " .)١(‏ 

' وبالرجوع إلى أصل القضية» وهي أن الحاكمية وحق 
تعبيد الناس وتشريع الشرائع لهم هي أولى خصائص الألوهية 
التي لا يدعيها لنفسه مؤمن بالله ولا يقره عليها مؤمن بالله 
كذلك» وأن الذي يدعي حق الحاكمية وحق تعبيد الناس لما 
يشرعه لهم من عند نفسه إنما يدعي حق الألوهية» وأن الذي 
يقره على هذا الادعاء أو يحتكم إلى ما يشرعه للناس من عند 


. 37١١1077 في ظلال القرآن‎ )١( 
١٠ه‎ 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 


نفسه - إلا مكرهاً كارهاً منكراً باليد أو باللسان أو القلب - إنما 
يقره على ادعاء صفة الألوهية " ('). 





الناس والتحاكم إليها: 

"' الحكم بما أنزل الله وتحكيم شرعه والتحاكم إليه» هو 
مقتطى شيادة © أن ل الدنزلة اله وان مكمدا -رسول: للد حبنت 
لا يقبل من العباد إلا العبودية الخالصة لله» متمثلة في 
الاستسلام اعتقاداً وشعوراً وعملاً وطاعة وإتباعاً للمنهج العملي 
المتمثل في أحكام الشرع» ومن هذه الناحية نجد كثيرين في كل 
زمان يشركون معه غيره» حيث يتحاكمون إلى غير شريعته» 
ويطيعون غير أمره ويتلقون من غيره- سبحانه- وهذه كلها 
تناقض الإيمان ولا تستقيم مع شهادة الحق " (2). 

وقد حسم القرآن الكريم قضية الحكم بغير ما أنزل الله في 
كثر من الآيات» ودمغ من يحكم بغير ما أنزل الله بالكفر 
والظلم والفسوق» فقال سبحانه: ( وَمَن لَمَ يكم يمآ أَنَرَلَ أمَهُ 


برد مر بسر ود سد 


. ١75 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
. بتصرف‎ "7/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١هدا/‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الجازم» وبهذا التعميم الذي تحمله 'من " الشرطية وجملة 
الجواب» بحيث يخرج من حدود الملابسة والزمان والمكان» 
وينطبق حكماً عاماًء على كل من لم يحكم بما أنزل اللهء في أي 
جيل» ومن أي قبيل. 

والعلة هي: أن الذي لا يحكم بما أنزل الله» إنما يرفض 
ألوهية الله» فالألوهية من خصائصها ومقتضياتها الحاكمية 
التشريعية» ومن يحكم بغير ما أنزل اللهء يرفض ألوهية الله 
وخصائصها في جانب» ويدعي لنفسه هو حق الألوهية 
وخصائصها في جانب آخرء وماذا يكون الكفر إن لم يكن هو 
هذا وذاك؟ وما قيمة دعوى الإيمان أو الإسلام باللسان» والعمل 
- وهو أقوى تعبيراً من الكلام - ينطق بالكفر أفصح من 
اللسان؟! 

إن المماحكة في هذا الحكم الصارم الجازم العام الشامل» لا 
تعني إلا محاولة التهرب من مواجهة الحقيقة» والتأويل والتأول 
في مثل هذا الحكم لا يعني إلا محاولة تحريف الكلم عن 
مواضعه؛ وليس لهذه المماحكة من قيمة ولا أثرٍ في صرف حكم 
الله عمن ينطبق عليهم بالنص الصريح الواضح الأكيد " .)١(‏ 


. 548/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





م هه رو 


"وف 'قوله فعالى: [ ومن د حك يما أل أده تأوكيق 
هم آلطَِمُونَ 1 [سورة المائدة:45] » وصف جديد عام لمن لم يحكم 
بما أنزل الله وهو" الظلم " ولا يعني هذا الوصف الجديد أنها 
حالة أخرى غير التي سبق الوصف فيها بالكفر» وانما يعني 
إضافة صفة أخرى لمن لم يحكم بما أنزل اللهء فهو " كافر" 
باعتباره رافضاً لألوهية الله-سبحانه-واختصاصه بالتشريع 
لعباده» وبادعائه هو حق الألوهية بادعائه حق التشريع للناس» 
وهو" ظالم " بحمل الناس على شريعة غير شريعة ربهم 
الصالحة المصلحة لأحوالهم؛ فوق ظلمه لنفسه بإيرادها موارد 
التهلكة» وتعريضها لعقاب الكفر» وبتعريض حياة الناس - وهو 
معهم - للفساد. 

وهذا ما يقتضيه اتحاد المسند إليه وفعل الشرط: إوَمَن لَمَ 
يحَكُم يم أَتَرَلَ أسَّهُ 1 فجواب الشرط الثاني يضاف إلى جواب 
الشرط الأول» ويعود كلاهما على المسند إليه في فعل الشرط 
وهو " من " المطلق العام؟!! 

وقوله تعالى: ( وَمَن لَرْ يَتَحَكُم يمآ أل لَه مأوْليِكَ هُمْ 
الكرنو رك تهلى ,طن عمويه واخالاقة وضفة الى نضا 
إلى صفتي الكفر والظلم من قبل» وليست تعني قوماً جدداً ولا 


١١84 


تيت قطييه ومنهجه في العفيدة 





حالة جديدة منفصلة عن الحالة الأولى» إنما هي صفة زائدة 
على الصفتين قبلهاء لاصقة بمن لم يحكم بما أنزل الله من من أي 
جيل» ومن أي قبيل. 

' الكفر" برفض ألوهية الله ممثلاآ هذا في رفض شريعته. 

و" الظلم " بحمل الناس على غير شريعة الله واشاعة 
الفساد في حياتهم. 

و" الفسق " بالخروج عن منهج الله واتباع غير طريقه» فهي 
صفات يتضمنها الفعل الأول» وتنطبق جميعها على الفاعل» 
ويبوء بها جميعاً دون تفريق .)١('‏ 

ويمثل الوضوح والحسم في بيان كفر من حكم بغير ما أنزل 
اللهء جاء حكم من يتحاكم إلى غير ما أنزل الله حيث يقول 
سبحانه: [ ألم تَرَإِلَ لدت يَرَعْمُونٌ أَنَّهُمَ َامَنُوأ د يمآ أي إِليِكَ وم 
أَنْزِلَ من لِك يُرِيِدُونَ أن كوا اك ارت ول و 
يَكْفْروا بو وَمُرِيدُ 8 لطن يضِلَّهُمٌ صَكنا صَكلَاُ بَعِيدًا ) إسورة 
النساء: ]5٠١‏ . 

فإرادة التحاكم إلى الطاغوت - وهو " كل ذي طغيان على 


الله» فعبد من دونه» إما بقهر منه لمن عبده؛ واما بطاعة ممن 


وروا أن 


. ١78 ومقومات التصور الإسلامي ص‎ » 10١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ وث/اه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





عبذه أله إنساناً كان ذلك المعبود أو شيطاناء أو وثناً أو كاثتاً 
ما كان من شيء " »)١(‏ تناقض دعوى الإيمان» فالطاغوت 
يقابل شرع الله» فكل ما لم يشرعه الله فهو طاغوت يجب الكفر 
به وعدم التحاكم إليه» فلا إيمان مع الاتجاه إلى التحاكم إلى 
غير شريعة الله» والبعد عن تحكيم شريعة الله '(2). 

ويلخص سيد - رحمه الله- القضية بقوله: " على أنه 
بالرجوع إلى أصل القضية وهي أن الحاكمية وحق تعبيد الناس 
وتشريع الشرائع لهم هي أولى خصائص الألوهية» التي لا 
يدعيها لنفسه مؤمن بالله ولا يقره عليها مؤمن بالله كذلك» وأن 
الذي يدعي حق الحاكمية وحق تعبيد الناس لما يشرعه لهم من 
عند نفسه - إلا مكروهاً كارهاً منكراً باليد أو اللسان أو القلب - 
فإنما يقره على ادعاء صفة الألوهية» وأن من يرفض تحكيم 
شريعة الله في كل شؤون الحياة» إنما يرفض الاعتراف بألوهية 
الله - سبحانه- ولو في جانب من جوانب هذا الكون هو الحياة 
البشرية - وأنه من يقره على هذا الرفض فإنما يشترك معه في 
رفض ألوهية الله - سبحانه - في هذا الجانب» وأن الذي 
يرفض ألوهية الله لا يمكن أن يقال عنه أنه مسلم لله -مهما 
)١(‏ تفسير الطبري . ١75/5‏ 


(؟) مقومات التصور الإسلامي ص ١77-١58‏ بتصرف . 
١/اه١‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





زعم ذلك بلسانه - طالما أن هذا الزعم مصحوب بفعل يناقض 
مدلوله» وهو إرادة التحاكم إلى الطاغوت؛ وعدم التحاكم إلى 
شريعة الله ومن باب أولي الحكم بالطاغوت وعدم الحكم بما 
أنزل الله؛ فالحكم بما أنزل الله لا يتحقق إلا بالحكم بنص شريعة 
الله والرجوع فيما يختلف فيهء مما ليس فيه نص إلى الله 
ورسوله؛ لا إلى مصدر سواه. 

نقول بالرجوع إلى هذه الأصول التي تقررها نصوص القرآن 
الكريم الصريحة لا مفهوما ته المستنبطة» لا تبقى حاجة إلى 
بيان جديد» ولا يبقى مجال للجدل الجادء وانما هو المراء الذي 
لا يستحق الاحترام ١‏ فل صََهكلجَةُالبريمة 0١7)‏ 

والخلاصة: " أن الإيمان والإسلام ينتفيان عمن لا يحكم بما 
أنزل اللهء ولا عبرة بما يقوله اللسان إذا صاحب هذا القول عدم 
الحكم بما أنزل الله؛ فهذا من الكفر البواح» الذي عند المسلمين 
فييك تللطان مف الله" 000 


*"- الإاعراض عرد ال عدم الرضى به: 


#8 مقومات التصور الإسلامي ص اد‎ )١( 
١ لاه‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


يقول سيد: " الإعراض عن تحكيم كتاب الله علامة الكفر 
التي تنفي دعوى الإيمان بالله على الإطلاق " (). ' 
فالتشريعات كلها منوطة بالإيمان» وتنفيذها كما هي هو 
الإيمان» أو هو دليل الإيمان فالذي يعدل عنها إنما يكفر 
بالإيمان» ويستره ويغطيه ويجحده " ("). 

ويرى سيد - رحمه الله- أن قوله تعالى: ( آي تر إِلَ الدييت 
تقهز قم لطر" )ا انور اله هتزج 5 * بعاد في البهرد 
والتشبار اوالسيمين "كير سوال الشحفوالتسهين .من :هذا 
التؤقق" الفتنافضن: الغريت:. ,فهولاع» الذيق أوذوا تصنينا “من 
الكتاب» ثم هم يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم في خلافاتهم» 
وليحكم بينهم في شؤون حياتهم ومعاشهم؛ فلا يستجيبون جميعاً 
لوذه الدغوةة ازا وتحلف زوق نهم ويدوكن كن سف ' كنات 
الله وشريعته» الأمر الذي يتناقض مع الإيمان بأي 'نصيب من 
كتاب الله» فالله يعجب من أهل الكتاب حين يعرض بعضهم - 
لا كلهم - عن الاحتكام إلى كتاب الله في أمور الاعتقاد وأمور 


. ”55/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 558/7 المصدر السابق‎ )"( 
١ ؟/ا‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الحياة» فكيف بمن يقولون: أنهم مسلمون» ثم يُخْرِجُون شريعة الله 
من حياتهم كلهاء ثم يظلون يزعمون أنهم مسلمون! أنه مَتَلَ 
يضربه الله للمسلمين أيضاً كي يعلموا حقيقة الدين وطبيعة 
الإسلام ويحذروا أن يكونوا موضعاً لتعجب الله وتشهيره بهم 
فإذا كان هذا هو استنكار موقف أهل الكتاب الذين لم يدَّعوا 
الإسلام» حين يعرض فريق منهم عن التحاكم إلى كتاب الله 
فكيف يكون الاستنكار إذا كان " المسلمون " هم الذين 
يعرضون هذا الإعراض» إنه العجب الذي لا ينقضي» والبلاء 
الذي لا يقدرء والغضب الذي ينتهي إلى الشقوة والطرد من 
رحمة الله! والعياذ بالله! .)١("‏ 

ذلك أنه " لا يجتمع في قلبٍ واحدٍ الخوف من الآخرة 
والحياء من الله» مع الإعراض عن الاحتكام إلى كتاب الله 
وتحكيمه في كل شأن من شؤون الحياة.. ومثل أهل الكتاب 
هؤلاء مثل من يزعمون اليوم أنهم مسلمون» ثم يدعون إلى 
كتاب الله ليحكم بينهم فيتولون ويعرضونء وفيهم من يتبجحون 


3-7 . 2 اب أ : ا" 
ويتوقحون» ويزعمون أن حياة الناس دنيا لا دين! " (). 


. 3587/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
"87/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ ةلاه‎ 








" إن عدم الرضى .بحكم شريعة الله وقانونه» والإعراض 


عنها من علامات النفاق» فما يستقيم الإيمان واباء حكم الله 
ورسوله '((). ولهذا جاء النص واضحاً وحاسماً حيث يقسم الله 
- سبحانه- بذاته العلية» أنه لا يؤمنُ مؤمنّ حتى يحكم رسول 
الله يخ في أمره كله» ثم يمضي راضياً بحكمه؛ مسلماً بقضائه 
ليس في صدره حرج منه» ولا في نفسه تلجلج في قبوله: ( قلا 
وَرَيَكَ لا يومنت حَقٌّ يَحَصوْكَ فِمَا سجر ييْتَهُْمْ ثم لا 
يجدأ في نفْيهِمَ حرجا سَمَا قَصَيْتَ وَسَلْمُوأْ شَلِيمًا 1 إسورة 
النساء:15] " شرط الإيمان وحد الإسلام؛ يقرره الله -سبحانه - 
بنفسه؛ ويقسم عليه بذاته» فلا يبقى بعد ذلك قول لقائلٍ في 
تحديد شرط الإيمان وحد الإسلام» ولا تأويل لمؤولٍ» اللهم إلا 
مماحكة لا تستحق الاحترامء وهي أن هذا القول مرهون بزمان» 
وموقوف على طائفة من الناس! وهذا قول من لا يدرك من 
الإسلام شيئاً» ولا يفقه من التعبير القرآني قليلاً ولا كثيراًء فهذه 
حقيقة كلية من حقائق الإسلام» جاءت في صورة قسم مؤكدء 
مطلقة من كل قيدء وليس هناك مجال للوهم أو الإيهام بأن 
تحكيم رسول الله - 5 - هو تحكيم شخصه. إنما هو تحكيم 


١ هلاه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





شريعته ومنهجه؛ والا لم يبق لشريعة الله وسنة رسوله مكان بعد 
وفاته - ي - وذلك قول أشد المرتدين ارتداداً على عهد أبي 
بكر - رضي الله عنه - وهو الذي قاتلهم عليه قتال المرتدين» 
بل قاتلهم على ما هو دونه بكثيرء وهو مجرد عدم الطاعة لله 
ورسوله في حكم الزكاة؛ وعدم قبول حكم رسول الله - 4 - 
فيهاء بعد الوفاة! 

وإذا كان يكفي لإثبات " الإسلام " أن يتحاكم الناس إلى 
شريعة الله وحكم رسوله» فإنه لا يكفي في " الإيمان " هذاء ما 
لم يصحبه الزضئ. النفسي» .والقبول القلبي».وإسلام القلب 
والجنان» في اطمئنان! هذا هو الإسلام» وهذا هو الإيمان. 
فلتنظر نفس أين هي من الإسلام» وأين هي من الإيمان! قبل 
ادعاء الإسلام وادعاء الإيمان! " .)١(‏ 

4 - إقصاء شريعة الله أو بعضها عن الحكم: 

يقول سيد: " لقد كمل هذا الدين» وتمت به نعمة الله على 
المسلمين»:ورظنيه لل الهم مدهج حياة للناس: أجمعين» ولغ يعد 
مالك تمق سول تدر ل كتني كيه "أو اقنقيلةة ول لخر لدابتي دمن 
ككنة ‏ بحكم اخره ولاس وق روه الو ينه خرف 
)١(‏ في ظلال القرآن 5915/7 - 172١‏ وينظر : مقومات التصور الإسلامي ص 


هل . 


١ كلاه‎ 








وقد علم الله حين رضيه للناس» أنه يسع الناس ح جميعاً» وعلم الله 
حين رضيه مرجعاً أخيراً أنه يحقق الخير للناس جميعاً» وأنه 
يسع حياة الناس جميعاً إلى يوم الدين» وأي تعديلٍ في هذا 
المنهج - ودعك من العدول عنه - هو إنكار لهذا المعلوم من 
الدين بالضرورة يخرج صاحبه من هذا الدين» ولو قال باللسان 
المعامنة اميق الم 01 . 

' فالعدول أو التعديل في شريعة الله لا يعني شيئاً إلا الفساد 
في الأرضء والانحراف عن المنهج الوحيد القويم» والتساهل في 
شيء من شريعة الله لأي سبب أمرٌ لا يجوز أن يفكر فيه مسلم» 
فالناس - في أي زمان وفي أي مكان - إما أن يحكمون بشريعة 
الله - دون فتنة عن بعض منها - ويقبلونها ويسلمون بها تسليماً» 
فهم إذن في دين الله» واما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر- 
في أي صورة من الصور- فليسوا بحالٍ في دين اللهء والذي 
رقن وي م الجاهلية» ويعيش في الجاهلية» وهذا 

مفرق الطريق " (). " إن من يرفض تحكيم شريعة الله في كل 
شؤون الحياة» إنما يرفض الاعتراف بألوهية الله» وليس له من 


. 107/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. فرصتب14٠5.107/” المصدر السابق‎ )١( 


١ /الاهة‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





وصف غير الشرك والكفر" )'١(‏ " لأنه بذلك ينازع الله في 
خصائص ألوهيته حين ينحي شريعة الله عن الحاكمية» ويستمد 
القوانين من مصدر أخر ولو كان هو الأمة بمجموعها (). 

" إن الشرك بالله المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله يتمثل 
في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن 
من شؤون الحياة خالصة لله وحده» ويكفي أن يدين العبد لله في 
جوانب من حياته بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله 
حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته» والأمثلة الحاضرة في حياة 
البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته؛ 
إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده؛ ثم يدين لله 
في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائرء 
بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية والسياسية 
والاجتماعية لشرائع من عند غير الله» ويدين في قيمه وموازينه 
الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله ويدين 
في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض 
عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات والأزياء مخالفة لشرع الله 
وأمرهء إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته» ويخالف 
)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص ١٠١‏ » وفي ظلال القرآن ٠١58/7‏ . 


. بتصرف‎ ١1910/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ اه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





عن شهادة " أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " في 
أخص حتقيقتهاء وهذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في 
تربخص وتميع» وهم لا يحسبونه الشرك الذي كان يزاوله 
المشركون في كل زمان ومكان! " )١(‏ 

ويعقب سيد - رحمه الله- على قصة قوم شعيب 
واستنكارهم الربط بين العقيدة والشعائرء وبين الشرائع 
والمعاملات بقوله: " وقبل أن نمضي طويلاً في تسفيه هذا 
التصور السقيم لارتباط الشعائر بالعقيدة» وارتباطهما معاً 
بالمعاملات عند أهل مدين قبل ألوف السنين» يحسن أن نذكر 
أن الناس اليوم لا يفترقون في تصورهم ولا في إنكارهم لمثل 
هذه الدعوة عن قوم شعيب» وأن الشرك الذي كان يزاوله قوم 
شعيب هو ذاته الشرك الذي نزاوله اليوم البشرية بجملتها بما 
فيها أولتك الذين يقولون: أنهم يهود أو نصارى أو مسلمون 
فكلهم يفصل بين العقيدة والشعائر» والشريعة والتعامل» فيجعل 
العقيدة والشعائر لله ووفق أمره» ويجعل الشريعة والتعامل لغير 
الله ووفق أمره» وهذا هو الشرك في حقيقته وأصله» إن بيننا 
اليوم ممن يقولون: إنهم مسلمون! من يستنكر وجود صلة بين 


.37١١65-51١1١5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


العقيدة والأخلاق»ء ويخاصة أخلاق المعاملات المادية. 
وحاصلون على الشهادات العليا من جامعاتنا وجامعات العالم؛ 
يتساءلون أولاً في استنكار: وما للإسلام وسلوكنا الشخصي؟ ما 
للإسلام والعري في الشواطئ؟ ما للإسلام وزي المرأة في 
الطريق؟ ما للإسلام وتصريف الطاقة الجنسية بأي سبيل؟ ما 
للإسلام وتناول كأس الخمر لإصلاح المزاج؟ ما للإسلام وهذا 
الذي يفعله " المتحضرون '؟!.. فأي فرق بين هذا وبين سؤال 
أهل: مقين > ١‏ املريلت تنك أ ترك مايققة اناو 21 

وهم يتساءلون ثانياً. بل ينكرون بشدة وعنف أن يتدخل 
الدين في الاقتصاد» وأن تتصل المعاملات بالاعتقاد» أو حتى 
بالأخلاق :مخ غير اعتفاد:-فما للديخ .والمعاملات: الزيوية؟ وما 
للدين والمهارة في الغش والسرقة ما لم يقعا تحت طائلة القانون 
الوضعي؟ لا بل إنهم يتبجحون بأن الأخلاق إذا تدخلت في 
الاقتصاد تفسده» وينكرون حتى على بعض أصحاب النظريات 
الاقتصادية الغربية -النظرية الأخلاقية مثلاً- ويعدونها تخليطاً 
من أيام زمان!» فلا يذهبن بنا الترفع كثيراً على أهل مدين في 
تلك الحاهلية 00 


. 3857/١ بتصرف وينظر أيضا‎ ١970-1١919/ المصدر السابق‎ )١( 
١همل«و‎ 





"' إذن فلا يتم الإسلام إلا بإتباع شريعة الله كلها وعدم 
إشراك أحد معه في الحاكمية» وأخذ جانب من غير الشريعة هو 
الشوك )1١(‏ 

ه- شرك الطاعة والانقياد: 

تبين -فيما سبق- أن الذين يشرعون شرعاً يخالف شرع 
الله - جل وعلا - ويحكمونه في الناس يجعلون من أنفسهم 
أنداداً وشركاء لله تعالى بتعديهم على حق الله - سبحانه - 
الذي لم يمنحه لأحد من خلقة لا فرداً ولا حزباً ولا هيئة من 
الهيئات» وهنا نعرض لأمرِ مرتبط بقضية شرك التشريع وهو 
طاعة المشرعين من دون الله - سبحانه- فيما يخالف شرع 
الله وعلاقة ذلك بالشرك بالله تعالى. 

فالطاعة: هي موافقة الأمر بفعل المأمورات ولو ندباًء وترك 
المخهيات ولق نكراعة :00 
فهي إذن تعني: الإتباع والانقياد للغير» بامتثال الأوامر واجتناب 
الصادرة عنه؛ مع الرضى والموافقة» وهي بهذا مرادفة للعبادة (). 


. 177 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 

(5) الكليات للكفوي ص 5873 » والتعريفات للجرجاني ص ١55‏ . 

5( تعظيم قدر الصلاة » لمحمد بن نصر المروزي 5١‏ 2 وفتح القدير للشوكاني 
الث : 


١١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


التواهي 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


فإذا تقرر هذا فلا يمكن أن تكون إلا لله - سبحانه- كونه 
هو الذي يستحق الطاعة المطلقة والخضوع والذل دون غيره؛ 
وقد جاءت آيات كثيرة بالأمر بطاعة الله والنهي عن معصيته 
ومخالفة أمره» وتسمية الإعراض والتولي عن طاعته كفراً» قال 
تعالى: ( هُلْ أطيعوا الله والرسوك ون ولوأ وَإنَ مه لا حوب الْكفرتَ ) 
[سورة آل عمران:7] » وبناءً على ذلك فان شرك الطاعة والانقياد 
يقصد به طاعة غير الله فيما يشرعونه من أحكام مخالفة لشرع 
الله» سواءً في باب التحليل أو التحريم» أو الجزاء عليهما. 

وقد تكلم سيد - رحمه الله- كثيراً عن شرك الطاعة 
والانقياد»ء موضحاً: " أن الإسلام منهج للحياة كلهاء من اتبعه 
كله فهو مؤمن وفي دين اللهء ومن اتبع غيره ولو في حكم واحد 
فقد رفض الإيمان واعتدى على ألوهية الله» وخرج من دين الله 
مهما أعلن أنه يحترم العقيدة وأنه مسلم» فإتباعه شريعة غير 
شريعة الله يكذب زعمه ويدمغه بالخروج من دين الله " .)١(‏ 

وعلل ذلك بقوله: " الإسلام هو طاعة الله والرسول» 
والطريق إلى الله هو طريق الإتباع للرسول وليس مجرد اعتقاد 
القلب» ولا شهادة اللسان: ( كُلْ إِنَكتشُرٌ ميو لَه مأتَعونِ يرب 


. 177/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





0 0 


نه 1 [سورة آل عمران:١؟]‏ » ( قُلْ أطِمعوأ اله اسوك ون تَوَلَوا إن 
له يحب الْكَفْرنَ 1 [سورة آل عمران:7"] . فإما طاعة واتباع يحبه 
الله» وإما كفر يكرهه اش وهذا هو هفرق 'الطريق 000 

"كما أن من مستلزمات شهادة" أن لا إله إلا الله" العبودية 
الخالصة له» الممثلة في الاعتقاد والشعور والعمل والطاعة 
والإتباع للمنهج العملي المتمثل في أحكام الكتاب» ومن هذه 
الناحية نجد كثيرين في كل زمان يقولون: أنهم يؤمنون بالله» 
ولكنهم يشركون معه غيره في الألوهية» حين يتحاكمون إلى 
شريعة من صنع غيره» وحين يطيعون من لا يتبع رسوله 
وكتابه» وحين يتلقون التصورات والقيم والموازين والأخلاق 
والآداب من غيره» فهذه كلها تناقض القول بأنهم يؤمنون بالله 
ولا تستقيم مع شهادة الله - سبحانه - بأنه لا إله إلا الله " (). 

ويزيد الأمر وضوحاً فيقول: " إن الأمر في هذا الدين - 
الإسلام - بل في دين الله كله منذ أن أرسل رسله للناس منذ 
فجر التاريخ هو لمن الألوهية في هذه الأرض؟ ولمن الربوبية 


. 7748/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. ”78 في ظلال القرآن‎ )( 
١ مه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





على هؤلاء الناس؟ وعلى الإجابة عن هذا السؤال يترتب كل 
شيء: لمن الألوهية؟ ولمن الربوبية؟ 

لله وحده - بلا شريك من خلقه - فهو الإيمان إذن وهو 
الإسلام وهو الدين. 

لشركاء من خلقه معه أو لشركاء من خلقه دونه فهو الشرك 
إذن أو الكفر المبين. 

فأما إن تكن الألوهية والربوبية لله وحده فهي الدينونة من 
العباد لله وحده» وهي العبودية من الناس لله وحدهء وهي الطاعة 
من البشر لله وحده وهي الإتباع لمنهج الله وحده بلا شريك» 
فهذا مقتضى الألوهية والربوبية» وأما إن تكن الألوهية أو 
الربوبية لأحد من خلق الله - شركة مع الله أو أصالة من دونه! 
- فهي الدينونة من العباد لغير اللهء وهي العبودية من الناس 
لغير الله وهي الطاعة من البشر لغير اللهء وذلك بالإتباع 
للمناهج والأنظمة والشرائع والقيم والموازين التي يضعها ناس 
من البشر لا يستندون في وضعها إلى كتاب الله وسلطانه؛ إنما 
يستندون إلى أسناد أخرى يستمدون منها السلطان» ومن ثم فلا 
دين ولا إيمان ولا إسلام» إنما هو الشرك والكفر والفسوق 
والعصيان.. ومن ثم يستوي أن يكون الخروج على حدود الله في 
أمر واحد أو في الشريعة كلهاء لأن الأمر الواحد هو الدين» 


١ 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





والشريعة كلها هي الدين» فالعبرة بالقاعدة التي تستند إليها 
أوضاع الناس» أهي إخلاص الألوهية والربوبية لله - بكل 
خصائصها - أو إشراك أحد من خلقه معه» أو استقلال خلقه 
دونه بالألوهية والربوبية بعضهم على بعض (). أما من 
يطيعون من يشرع غير ما أنزل الله مما يخالف شرع الله» فيرى 
سيد - رحمه الله - أن من أطاع غير الله في هذا الباب فهو 
مشرك فيقول في ظلال قوله تعالى: ١‏ وَإنَّ الشّكطِيت ليُوَحُونَ 1 
أتلايوة جد وك وَإن توف زكك لفون 1 [سورة الأنعام ]17١‏ 
» بعد أن بين أن الله - سبحانه - هو وحده صاحب الحق في 
وضع الميزان الذي يحتكم إليه الناس» وهو الذي تصدر عنه 
الأحكام والقيم والموازين: " وأمام هذا التقرير نقف لنتدبر هذا 
الحسم وهذه الصراحة في شأن الحاكمية والطاعة والإتباع في 
هذا الدين» إن النص القرآني لقاطع في أن طاعة المسلم لأحدٍ 
من البشر في جزئية من جزيئات التشريع التي لا تستمد من 
شريعة الله» ولا تعتمد على الاعتراف له وحده بالحاكمية» أن 
طاعة المسلم في هذه الجزئية تخرجه من الإسلام لله إلى 


291931-99-17 بتصرف يسير وينظر:‎ 515-5195/ ١ في ظلال القرآن‎ )١( 
5 ١154/٠١ -5./اه‎ 4 


١ حمره‎ 








الشرك بالله» 00 هذا يقول ابن كثير: "وقوله تعالى: ( وَإِنَ 
لتق نك نرق 1 أن حيف. حلم .عن مو انه لكم 
وشرعه» إلى له غيره» فقد تم عليه غيره» فهذا هو الشرك 
كقوله تعالى: ١‏ أَعََدُأ أَحْبَارَمُم وَرُعْبتَهُمْ أرَبابًا ين 


ذوتٍ اللّهِ 1 [سورة التوبة ]"١‏ وقد روي في تفسيرها عن عدي 
بن حاتم-رضي الله عنه-أنه قال: يا رسول الله ما عبدوهم. 
فقال: 'بلى" إنهم أحلوا لهم الحرام» وحرموا عليهم الحلال 
فاتبعوهم» فذلك عبادتهم إياهم ". (") 

وعن السدي في قوله تعالى: (١‏ أ 0 أَحَبَارَهُمٌ 
وَرَهْبكيَهُمْ أرَبابًا يّن دوين أله 1» قال: " استنصحوا الرجال؛ 
ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم» ولهذا قال تعالى: ( وَمَآ أُمِرْوا 
51ا إيا تدة ١‏ )لش الغرية دعر أي الذي إذا 
حرم الشيء فهو الحرام» وما حلله فهو الحلال» وما شرعه اتبع 
وما حكم به نفذ' 00 


55 ا 


١ةه/م5‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





فهذا قول السدي وذاك قول ابن كثير» وكلاهما يقرر في 
حسم وصراحة ووضوح - مستمدة من حسم النص القرآني 
وصراحته ووضوحه؛ ومن حسم التفسير النبوي للقران وصرامته 
ووضوحه كذلك - أن من أطاع بشراً في شريعة من عند نفسه؛ 
ولو في جزئية صغيرة فهو مشركء وإن كان في الأصل مسلماً 
ثم فعلها فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك أيضاًء مهما 
بقي بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه بينما هو 
يتلقى من غير الله» ويطيع غير الله. 

وحين ننظر إلى وجه الأرض اليوم - في ضوء هذه 
التقريرات الحاسمة - فإننا نرى الجاهلية والشرك - ولا شيء 
غير الجاهلية والشرك - إلا من عصم الله» فأنكر على الأرباب 
الأرضية ما تدعيه من خصائص الألوهية» ولم يقبل منها شرعاً 
ولا حكماً - إلا في حدود الإكراه - .)١('‏ 

' وحديث رسول الله يَلِدْ لعدي بن حاتم فيه دلالة قاطعة في 
أن قبول التشريع من الأحبار والرهبان - ومثلهم كل أحد غير 
الله ورسوله متى كان يشرع من عند نفسه لا من شريعة الله - 
هو عبادة لهم وهو اتخاذهم أرباباً من دون الله " (")» 
)١(‏ في ظلال القرآن 51/9 1١98-11‏ . 


(؟)تقؤمات التصون: الإنتلامي صن 11د 
/اممه ١‏ 








سيد قطي ومنسجة في العقيدة 


" إن إرادة التحاكم إلى غير شريعة الله تناقض شهادة أن لا 
إله إلا الله وأن محمداً رسول الله - - فحد الإيمان وشرطه 
أن لا يتخذ الناس تشريعاً جزئياً واحداً يخالف منهج الله للحياة 
البشرية... والنهي عن التحاكم إلى ما لم يشرعه الله» والتعبير 
عن هذا النهي بأنه أمر بالكفر بالطاغوت» له دلالته في التعبير 
القراني» فالقضية قضية عقدية» قضية كفر أو إيمان» بالله أو 
بالطاغوت» وهما لا يجتمعان في قلب إنسان .)١(‏ 


وفي ظلال قوله تعالى: ( مَاجَعَلَ اللَهُ من بحيرَةَ ولا سَبَةَ ولا 


باه وخر ملك انه كذوا تله عل أقر الكت ركعي ل 
يَعْقِنْوْنَ 1 [سورة المائدة:”١٠]‏ . يقول سيد: " والذين يتبعون ما 
شرعه غير الله هم كفارء كفار يفترون على الله الكذب» مرة 
يشرعون من عند أنفسهم ثم يقولون: شريعة الله» ومرة يقولون: 
إننا نشرع لأنفسنا ولا ندخل شريعة الله في أوضاعناء ونحن مع 
هذا لا نعصي الله» وكله كذب على الله... 

ومشركو العرب كانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم الذي 
جاء به من عند الله» فهم لم يكونوا يجحدون اللهء بل كانوا 


يعترفون بوجوده وبقدرته وبتصريفه للكون كله» ولكنهم مع ذلك 


. بتصرف‎ ١7١-١59 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١ 








797977771777177 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /#جم 


كانوا يشرعون لأنفسهم من عند أنفسهم ثم يزعمون أن هذا شرع 
الله! وهم بهذا كانوا كفاراً» ومثلهم كل أهل جاهلية في أي زمان 
وفي أي مكان.... وما يعدل عن شرع الله إلى شرع الناس إلا 
ضال جهول! فوق أنه مفترٍ كفون :1 00 

" أن قضية الطاعة والانقياد لغير الله تناقض الإيمان وتناقض 
العبودية لله» وتوقع صاحبها في الشرك بالله تعالى '(2). 

وخلاصة كلام سيد في شرك الحاكمية والتشريع والطاعة: 

* بالنسبة للحاكمين بغير ما أنزل الله: فكلام سيد قطب - 
رحمه الله - صريح في تكفير من لم يحكم بما أنزل الله» فهو 
يرى أنهم بعملهم هذا - لا يعتبرون مسلمين - مهما ادعوا 
بألسنتهم» ويستند في حكمه عليهم بالكفر والشرك إلى الآيات 
القرآنية الصريحة في هذا الباب - كما سبق - والتي صرحت 
بكفر من لم يحكم بما أنزل الله» باعتباره رافضا لألوهية الله التي 
من مقتضياتها إفراده - سبحانه - بالحاكمية التشريعية ("). 


. في ظلال القرآن 191-91940/7 بتصرف‎ )١( 
.7059 25297 2095 5/54 2318ها/-١١25/؟ ينظر: المصدر السابق‎ )١( 
»ء ومقومات التصور‎ 18١5 - 10١ ٠ 8148/7 (؟) ينظر: في ظلال القرآن‎ 
.١8٠١0 1١٠/68 21١ال" الإسلامي ص‎ 

١ 84 





* أما بالنسبة للمحكومين بغير ما أنزل الله: فيعتبرهم سيد 
- رحمه الله- كفاراً أيضاً إذا توفرت فيهم شروط أشار إليها في 
معرض حديثة ومنها: 

.)١( إرادة التحاكم إلى غير شريعة الله‎ -١ 

-١‏ الرضى وقبول حكم غير اللهء وعدم الإكراه والإنكار("). 

. ِ 
والتولي عن قبوله ("). 

كما يظهر لنا أن سيد - رحمه الله- يرى: " أن قضية 
الحاكمية والشريعة في هذا الدين هي قضية عقيدة ودين قبل أن 
تكون مسالة حكم ونظام» وهي قضية إيمان أو كفر» قبل أن 
تكون مسالة صلاح أو فساد» هي قضية دخول في دين الله» أو 
خروج منه قبل أو :تكوق بمضالة :شكل:» .مق أشكال الحكم» ا 
نظام من أنظمة المجتمع؛ إنها قضية وجود هذا الدين في 
الأركن: أصكاد» أذ مشو هذا الديك! 


. ١591 في ظلال القران »؛ ومقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 

(؟) في ظلال القران 28/7 »ء؛ ومقومات التصور الإسلامي ص ١75‏ . 

(؟) في ظلال القرآن 845/7 » ومقومات التصور الإسلامي ص ١77‏ . 
وه١‏ 





اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 





ا 


11111 نيت قطي ومنهجة في العقيدة جم 





ولقد صدق رسول الله : وهو يقول عارفاً بطبيعة هذا 
الديق»:ومستشرقفاً يروكة لما سيكوق: " ينقطن هذا الدين: غروة 
عروة» فأولها الحكم وأخرها الصلاة " .)١(‏ 

ولقد نقض هذا الدين عروة عروة» فلينظر الذين يدعون 
أنفسهم " مسلمين " أين هم من هذا الدين» لتنظر العصبة 
المؤمنة في الأرض من أين تبدأ طريقها لإقامة هذا الدين! 
0 


)١(‏ رواة : الحاكم 5/١‏ برقم /4171 »وصححه الألباني في صحيح الترغيب 
والترهيب » مكتبة المعارف - الرياض ط١‏ عام ١57١‏ هاء 559/١‏ برقم ؟لاه . 
)١(‏ مقومات التصور الإسلامي ص ١8١‏ . 

١1١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





المبحث الثاني 
الكفر 


- 


أولاً: تعريف الكفر : 


الكفر في اللغة:_التغطية والسترء ووصف به الليل لستره 
الأشخاص؛ والمزارع لستره البذر(١")‏ 

أما في الاصطلاح: فقد تنوعت تعريفات الفرق والعلماء 
للكفر بناء على الاختلاف في مسمى الإيمان. 

والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الكفر نقيض الإيمان» 
وما دام الإيمان: قول وعمل واعتقاد» فإن الكفر: هو كل اعتقاد 
أو قول أو عمل حكم الشارع بأنه يناقض الإيمان()»؛ وما دام 
الإيمان شعب ومراتب» فالكفر كذلك شعب ومراتب» فهناك كفر 
أكبر يناقض أصل الإيمان» وهناك كفر أصغر يناقض كمال 
اسان 00 


. 579” والمفردات للراغب.ء ص‎ » ١ 5/5 لسان العرب‎ )١( 
نواقض الإيمان القولية والعملية » د .عبد العزيز آل عبد اللطيف «ص 7" وما‎ )1( 
. بعدها بتصرف‎ 
المصدر السابق ص 8؛ » ونواقض الإيمان الاعتقادية د .محمد بن عبد الله‎ )5( 
الوهيبي » دار المسلم - الرياض ط؟ عام 7١57١ه 2 ص 8ه-5ه.‎ 
١١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





أما العلاقة بين_الكفر والشرك:_فيرى بعض العلماء: أن 
الكفر والشرك بمعنى واحد» ويرى آخرون: أن هناك فرقاً بين 
الشرك والكفر» فالكفر اسم يقع على ضروب من الذنوب منها 
القوك نانلرةفالقور تخصيكا ل كخرية كل بحت يفا تكاة خضيلة 
من الإيمان» والشرك خصلة واحدة وهو إيجاد ألوهية مع الله أو 
دونه» واشتقاقه ينبئن عن ذلكء والراجح: أن الكفر أعم من 
الشرك» وقد يرد احدهما بمعنى الآخر في بعض النصوص 
الشوعية 207 

أما سيد - رحمه الله - فقد أشار إلى أن معنى الكفر في 
الاصطلاح الشرعي مأخوذ من المعنى اللغوي حيث يقول " 
والتشريعات والأحكام كلها منوطة بالإيمان» وتنفيذها كما هي 
هو الإيمان» أو هو دليل الإيمان» فالذي يعدل عنها إنما يكفر 
بالإيمان ويستره ويغطيه ويجحده " ('). 


)١(‏ المفردات للراغب ص 7٠١‏ » والفروق في اللغة لأبي هلال العسكري دار 
الآفاق - بيروت طه عام 7٠5١ه‏ . ص 7١77‏ » وفتح الباري لابن حجر 75/١‏ 
» والشرك بالله أنواعه وأحكامه » ماجد شبالة ص 5-575 : . 

() في ظلال القرآن 548/7 . 

١57 





ويقول أيضا " والكفر هو التغطية والحجاب في أصل 
معناه اللغوي» هو ملحوظ في مثل هذا التعبير» أي التعبير 
الأضنطلاهي 2177 

ثانياً: أنواع الكفر: 

ذكر سيد - رحمه الله- أنواعاً من الكفر الأكبر المخرج من 
الملة منها: 

:رحسلا-١‎ 

السحر في اللغة:_كلما لطف مأخذه ودق» وأصله صرف 
الشيء عن حقيقته إلى غيرهاء ويأتي بمعنى الخداع وبمعنى 
الاستمالة (00. 

أما في الاصطلاح: فقد تنوعت تعريفات العلماء للسحر 
بسبب كثرة أنواعه» وقد أشار الإمام الشافعي إلى ذلك بقوله " 
والسحر اسم جامع لمعانٍ مختلفة "(). وأقتتصر على تعريفين: 

الأول: "أنه كل أمر خفي سببه وتخيل على غير حقيقته؛ 


ويجري مجرى التمويه والخداع(١).‏ 


. 7,55 /5 المصدر السابق‎ )١( 
. "911/١ ه١‎ 5١7 ١ط الأم للإمام الشافعي - دار الكتب العلمية - بيروت‎ )"( 
١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





سيت قطي ومنعجة في العقيدة ' 





والثاني:_'أنه عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتب أو يعمل 
5 ا 1 7 ا :. د 
شيء يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله 100 

ويلاحظ أن سبب الاختلاف في تعريفه هو اختلاف العلماء 
في معناهء هل هو حقيقة أم تخيل؟ حيث يرى البعض أنه 
حقيقة» ويرى آخرون أنه تخيل. 

والصواب والله أعلم أن من السحر ما هو حقيقة» فيفرق بين 
المرء وزوجه» ولذا أمر الله تعالى بالاستعاذة به - سبحانه- من 
السواحرء فدل ذلك أن للسحر حقيقة؛ وبعض السحر لا حقيقة 
ل ف كر 10 

الأول: السحر الحقيقي: وهو ما له حقيقة في الخارج. 


ه١‎ 54١5 أحكام القران للجصاص - دار الكتب العلمية - بيروت - طبعة‎ )١( 


. 6/١ 
اه‎ 5١7 - المغني لابن قدامه تحقيق د . التركي - دار هجر - القاهرة- ط ؟‎ )( 
.799/15- 


(5) تراجع تفاصيل ذلك في : تفسير الطبري 557/١‏ » وتفسير ابن كثير ١/؟3”5‏ 2 
ومقدمة ابن خلدون مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت ب.ت ١15-١95/7‏ » وفتح 
القدير للشوكاني ١/3١1١-١5١ء‏ ونيل الأوطار للشوكاني 57/9 وعالم السحر د/ 
عمر الأشقر دار النقاش - عمان ط؟ عام ١4١14‏ ه ص 3858 »ء و السحر بين 
الحقيقة والخيال لأحمد الحمد » مكتبة القرآن - مكة عام ١5٠04‏ ه ص /717؟- 8/8 


١ هوه‎ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الثاني: السحر الخيالي:_وهو ما يعتمد على قوى التخيل 
في الإنسان فيتصرف فيها بإلقاء أنواع من المحاكاة والصور 
التي يريدء باستخدام قوة الساحر فينظرها الرائي كأنها موجودة 
وهي لا وجود لها في الواقع» أو بأخذ عيون الرائين واشغالهم» 
ويدخل في هذا النوع ما يلقيه الساحر في قلب الإنسان وفكره 
من صور قبيحة للزوجة والعكس» فيحيلها بتلك الصور 
فيكرههاء فيحصل التفريق بسبب إحداث تلك الصور .)١(‏ 

الثالث: السحر المجازي: 

وهو ما يقوم على الحيل العلمية ومعرفة خواص بعض 
المواد»ء وخفة الحركة ونحوهاء كمن يدخل يده في النار فلا 
تحترق» لأنه دهنها بدهان مقاوم للحرارة أو نحو ذلك» ويدخل 
ضمن هذا النوع النميمة والاستمالة بالكلام ونحو ذلك (2). 

والسحر من الأمور المنافية لأصل التوحيد والإيمان» وهو 
من الظواهر الموجودة في كل الأمم كما قال تعالى: ( كَدَلِكَ مآ 


دحو 


3 م 5 7 َه 2 م - و 1 ذه#-ه 0 ًّ م 07 
أى أَلَذِينَ من قبِلهم من رَسُولٍ إلا قالوأ سَاحِ أو يحنون ) [سورة الذاريات: 57] 


)١(‏ مقدمة ابن خلدون ١1/7‏ ه9١‏ وتفسير الطبري ١‏ وتفسير ابن 
كثير /١‏ ”55 » وعالم السحر والشعوذة للأشقر ص ١51-1١١9‏ 
)١(‏ عالم السحر والشعوذة للأشقر ص ١١1‏ وما بعدها 


١5 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 


٠‏ ويدخل السحر في أنواع الكفر وفي أنواع الشرك أيضاء 
باعتباره يقوم على تعظيم غير الله واستخدام الشياطين وعمل 
الكفر أو اعتقاده» وهذا هو السحر عند الإطلاق (). 
موقف سيد قطب - رحمه الله- من السحر: يمكن بيان 
-١‏ السحر موجود في كل الأمم ويقترن دائما بالوثنية: 
حيث يقول سيد: " وكانت أرض مصر تموج بالكهنة في شتى 
المعابد» وكان الكهنة هم الذين يزاولون أعمال السحرء ففي 
الوثنيات كلها تقريباً يقترن الدين بالسحر» ويزاول السحر كهنة 
الديانات وسدنة الآلهة! وهذه الظاهرة هي التي يلتقطها " علماء 
تطور العقيدة! ويقول الملحدون منهم: إن الدين سيبطل كما 
بطل السحر! وإن العلم سينهي عهد الدين كما أنهى عهد 
السحر!.. إلى آخر هذا الخبط الذي يسمونه: " العلم "! '(") 
)١(‏ المغني لابن قدامه .50١ /١7‏ والأم » الإمام الشافعي 591/١‏ وتفسير 
القرطبي 57/7 وأحكام القران للجصاص 57/١‏ » وأضواء البيان للشنقيطي 
45 » والإعلام بقواطع الإسلام للهيثمي دار المعرفة - بيروت طبعة عام 
هاص "5١‏ »ء والقول السديد للسعدي طبعة الجامعة الإسلامية - المدينة 
عام ١1١5‏ هء.ص 4/- هل“ 


6 في ظلال القران ؟1/7؟3 3 . 
١17‏ 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /#جم 








الأشياء: 

حيث يرى أن السحر يقوم على التخييل واللعب بالعقول 
وخداع البصر والحواس باستخدام الحيل والشياطين» لكنه لا 
يغير حقيقة ولا طبيعة الأشياء» ففي ظلال قوله تعالى: [ وَآتَبَعُوا 
الممويسية كدرو سلنون؟ افا" السستيوني ألاية 1 السزرة 
البقرة: 57 ]٠١‏ 

يقول سيد - رحمه الله-: " فلا بد من كلمة هنا عن 
السحرء وعما يفرق بين المرء وزوجه.. إنه ما يزال مشاهداً في 
كل وقت أن بعض الناس يملكون خصائص لم يكشف العلم 
عن كنهها بعد لقد سمي بعضها بأسماء ولكنه لم يحدد كنهها 
ولا طرائقها! هذا " التيليباثي " - التخاطر عن بعد - ما هو؟ 
وكيف يتم؟ كيف يملك إنسان أن يدعو إنساناً على أبعاد 
وفواصل لا يصل إليها صوت الإنسان في العادة ولا بصره؛ 
فيتلقى عنه؛ دون أن تقف بينهما الفواصل والأبعاد؟ 

وهذا التنويم المغناطيسي ما هو وكيف يتم؟ كيف يقع أن 
تسيطر إرادة على إرادة» وأن يتصل فكر بفكر» فإذا أحدهما 


١ 


اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 





يوحي إلى الآخرء وإذا أحدهما يتلقى عن الآخرء كأنما يقرأ من 
كتاب مفتوح؟ 

إن كل ما استطاع العلم أن يقوله إلى اليوم في هذه القوى 
التي اعترف بهاء هو أن أعطاها أسماء! ولكنه لم يقل قط: ما 
هي؟ ولم يقل قط كيف تتم؟ 

وثمة أمور كثيرة أخرى يماري فيها العلم» إما لأنه لم يجمع 
منها مشاهدات كافية للاعتراف بهاء وإما لأنه لم يهتد إلى 
وسيلة تدخلها في نطاق تجاربه» هذه الأحلام التنبئة - وفرويد 
الذي يحاول إنكار كل قوة روحية لم يستطع إنكار وجودها - 
كيف أرى رؤيا عن مستقبل مجهولء» ثم إذا هذه النبوءة تصدق 
في الواقع بعد حين؟ وهذه الأحاسيس الخفية التي ليس لها اسم 
بعد» كيف أحس أن أمراً ما سيحدث بعد قليل أو أن شخصاً ما 
قادم بعد قليل» ثم يحدث ما توقعت على نحو من الأنحاء! 

إنه من المكابرة في الواقع أن يقف إنسان لينفي ببساطة 
مثل هذه القوى المجهولة في الكائن البشري لمجرد أن العلم لم 
يهتد بعد إلى وسيلة يجرب بها هذه القوى. 

وليس معنى هذا هو التسليم بكل خرافة» والجري وراء كل 
أسطورة» إنما الأسلم والأحوط أن يقف العقل الإنساني أمام هذه 
المجاهيل موقفاً مرناً.. لا ينفي على الإطلاق ولا يثبت 


١8 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





الاخقافق ‏ مقس تمك وروي نلك المقاكة لما جعفة أرقا عن نا 
الوسائل من إدراك ما يعجز الآن عن إدراكه» أو يسلم بأن في 
الأمر شيئاً فوق طاقته» ويعرف حدوده» ويحسب للمجهول في 
هذا الكون حسابه... 

والسحر من قبيل هذه الأمور» وتعليم الشياطين للناس من 
قبيل هذه الأمورء وقد تكون صورة من صوره: القدرة على 
الإبهاء والتاقيرة: إننا:في :الحواين والأفكان» :واف في الأشياغ 
والأجسام_وان كان السحر الذي ذكر القرآن وقوعه من سحرة 
فرعون كان مجرد تخييل لا حقيقة له: [ وَإِدَا'بَاهُمْ وَعِصِيهُم نيل 
إِلَّهِ من حرج أَمَا تن ) [سورة طه:16] » ولا مانع أن يكون مثل 
هذا التأثير وسيلة للتفريق بين المرء وزوجه» وبين الصديق 
وصديقه» فالانفعالات تنشأ من التأثرات» وإن كانت الوسائل 
والآثار والأسباب والمسببات» لا تقع كلها إلا بإذن الله» على 
النحو الذي أسلفناه " .)١(‏ 

وقزن كناك 1 «الشكن لبون اك :من تقل :رسكن 
للأنظاز لا هدقف له إلا اللعب بالعقول" (0). 


. 317- 55/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7١8١ 5/7 في ظلال القرآن‎ )"( 








' وهو تخييل لا حقيقة» وخداع للبصر والحواس» قد يصل 
إلى خداع الإحساسء فينشئ فيه آثاراً محسوسة كآثار الحقيقة؛ 


كما يشاهد من رؤية الإنسان لأشياء لا وجود لهاء أو في صورة 
غير صورتهاء وما يشاهد من تأثر المسحور أحياناً تأثرات 
عصبية وجسدية كما لو كان الأثر الواقع عليه حقيقة» وليس 
من هذا النوع آيتا موسىء إنما هما من صنع القدرة المبدعة 
المحولة للأشياء حقأء تحويلاً وقتياً أو دائماً " 20 ( فَألصٌ 
عصَاهُ فَإِدَا هى تُعَبَانُ مُبِينٌ 4 [سورة الأعراف:7١٠]‏ : فقوله: " فإذا 
هي" يدل على أن العصا تحولت فعلاً إلى ثعبان تدب فيه 
الحياة» فلم يكن الأمر تخييلاآء كما هو الحال في السحر الذي 
0 الأشما عنما نكيل للكواتن عفن الطفيفة 10:7), 
' فعهد الناس بالسحر أن يكون تخييلاء ولكن هذه العصا 
تلقف حبالهم وعصيهم حقاء فلا تبقي لها أثراًء ولو كان ما جاء 
به موسى سحراًء لبقيت حبالهم وعصيهم بعد أن خيل لهم 
وللناس أن حية موسى ابتلعتهاء ولكنهم 3 أي السحرة - 
ينظرون فلا يجدونها فعلاً! عندئذ لا يملكون أنفسهم من 


)١(‏ المصدر السابق 55/5؟؟ 


. 7555/79 في ظلال القرآن 5557/5 ء وينظر‎ )١( 
5١ 





اسيك قطيك ومنهجة في العقيدة 





الإذزعان للحق الواضح الذي لا يقبل جدلاً» وهم أعرف الناس 
داكة الحق 07 

وفي ظلال قوله تعالى [ دا باهم وعَصُِمَ ييل ِل ين 
حر باش (0) فَأَوَجَسَ ف نَفْسِه- حفَهٌ ُو 1 [سورة طله:57- 117] 
: يقول سيد رحمه اششه: " والتعبير يشير بعظمة ذلك السحر 
وضخامته حتى ليوجس في نفسه خيفة موسى» ومعه ربه يسمع 
ويرى» وهو لا يوجس في نفسه خيفة إلا لأمر جلل ينسيه لحظة 
أنه الأقوى» حتى يذكره ربه بأن معه القوة الكبرى: ١‏ وُلنا لا تَحَفْ 


ص 


نك أت الكل وان :ماق بيك تلقف تاصتوا ريا سَنْها كه 
سجر ولا يقلح ألسَّاحِرٌ حَْتُ أَقَ ) [سورة طهنهة - 14] كلقكن ها 
صنعوا " فهو سحر من تدبير ساحر وعمله؛ والساحر لا يفلح 
أنى ذهب وفي أي طريق سارء لأنه يتبع تخييلا ويصنع 
تخبيلاً» ولا يعتمد على حقيقة ثابتة باقية» شأنه شأن كل مبطل 
أمام القائم على الحق المعتمد على الصدق '("» 

وفي ظلال قوله تعالى: وين كر اللفكيق وك العمد 
؟ [سورة الفلق:4] . يقول سيد - رحمه الله -: " والنفاثات في 
)١(‏ المصدر السابق ه/ه5509 . 
(") في ظلال القرآن 57557/5 . 





تيت قطييه ومنهجه في العفيدة 





العقد: السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس 
وخداع الأعصابء والإيحاء إلى النفوس والتأثير في المشاعر» 
وهن يعقدن العقد في نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من 
تقاليد السحر والإيحاء! 

والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء» ولا ينشئ حقيقة جديدة 
لهاء ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحرء وهذا هو 
السحر كما صوره القران الكريم في قصة موسى عليه السلام: 
سورة طه [ تَالوايمُوستَإِمَآ أن تل وَِمَآ أن تون أَوَلَ مَنْ لق (00) قَالَ 
بل ألفُواوَدَآصَاهُم وَعصِيْهَُ مله ين سيخر اسن (5)فَأوحَسَ في 
َيسو- يفَة موسو (50) نا لا تحَفْ َلك تالفحل )ولق مَافي يَِيْكَ 
ا يا صَعوا د سر ولا هْلِمُ ألتَاحرٌ حَيْتُ أَقَ 1 [سورة 
طه:55- 11] » وهكذا لم تنقلب حبالهم وعصيهم حيات فعلاً» 
ولكن خُيّل إلى الناس وموسى معهم أنها تسعى إلى حد أن 
تجتن ف نيه شيعا مكف .جانها اليك انث القذفت: الحدد 
عن تقلع سنا موري لفون ةلافك الجدان رفصي 
المزورة المسحورة. 

وهذه هي طبيعة السحر كما ينبغي لنا أن نسلم بهاء وهو 
بهذه الطبيعة يؤثر في الناس» وينشئ لهم مشاعر وفق إيحائه؛ 


١0 


ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





مشاعر تخيفهم وتؤذيهم وتوجههم الوجهة التي يريدها الساحر» 
وعند هذا الحد نقف في فهم طبيعة السحر والنفث في العقدء 
وهي شر يستعاذ منه بالله؛ ويلجأ منه إلى حماه " )١(‏ 

ويذكر سيد - رحمه الله- أن للأستاذ الشيخ / محمد عبده 
رأياً آخراً في تفسير النفاثات في العقدء في تفسيره لجزء عم» وان 
ذلك يقوم على ميل المدرسة العقلية لتضيف نطاق الغيبيات 
حيث رد سيد - رحمه الله- على هذه النزعة عند مدرسة الشيخ 
/ محمد عبده في تفسيره لسورة الفيل ("). 

١ أن_تأثير‎ -* 











0 


سورة البقرة:7١٠]‏ » " فبإذن الله تفعل الأسباب فعلها وتنشئ آثارها 
وتحقق نتائجهاء وهذه قاعدة كلية في التصور لا بد من وضوحها 
في ضمير المؤمن تماماء وأقرب ما يمثل هذه القاعدة في مثل هذا 
المقام» أنك إذا عرضت يدك للنار فإنها تحترق» ولكن هذا 


لقوله تعالى [ وما هُم بِصََارِنَ بو مِنَ أَحَر إِلا بِاِدنٍ أسَّو ) [ 


الاحتراق لا يكون إلا بإذن الله؛ فالله هو الذي أودع النار خاصية 


)١ (‏ المصدر السابق 5٠٠8/5‏ الهامش ١‏ » وينظر 59175-79105756 . 
5 














ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


الحرق وأودع يدك خاصية الاحتراق بهاء وهو قادر على أن يوقف 
هذه الخاصية حين لا يأذن لحكمة خاصة يريدهاء كما وقع 
لإبراهيم - عليه السلام - وكذلك هذا السحر الذي يفرقون به بين 
المره وزوجه» ينشئ هذا الأثر بإذن الله» وهو قادر على أن يوقف 
هذه الخاصية فيه حين لا يأذن لحكمة خاصة يريدهاء وهكذا بقية 
ما نتعارف عليه بأنه مؤثرات وآثار» كل مؤثر مودع خاصية 
التأثير بإذن الله» فهو يعمل بهذا الإذن ويمكن أن يوقف مفعوله 
كما أفظا مه 1 الممعزلة كين وتنا 100 

4؛- أن ١‏ فر من الشيطا: 

يقول سيد: " فالقرآن ينفي عن سليمان - عليه السلام -أنه 
كان ساحراًء فيقول: [ وَمَا كَمَرَ سُلَِيَمَنُ ) فكأنه يعد السحر 
واستخدامه كنفراً ينفيه عن سليمان-عليه السلام- ويثبته 
للشياطين: (وَلكنَ آلّمتطيت كَمَرُوأ يُمَمُونَ ألنّاسَ اليَخْرَ )» 
وَمَا يعَِمَانِ مِنَ أحَدٍ حَقٌّ يشا إِنمَا كن فِنَنَةُ قلا مَكْمو )* فالقرآن 
يعتبر السحر وتعلمه واستخدامه كفراًء ويذكر هذا على لسان 
الملكين " 7)» " وحسبنا أن تعرف أن السحر من عمل 





. 355/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
يتصرف يسير‎ 15/١ المصدر السابق‎ )"( 
١5 ه.‎ 








الشيطان» وأنه من ثم كفر يدان به الإنسان ويفقد به في الآخرة 
كل : يب وكل رصيد )١('‏ 


ثانياً: الاعراض عن الديك وترك طاعة الذ 





عليه وسلم: 

الأصل في الإيمان - كما سبق معنا- أن يتضمن التصديق 
والإتباع والقبول والاستجابة» فالإعراض وترك طاعة النبي صلى 
الله عليه وسلم ينافي ذلك ويضاده؛ ومن هنا كان الإعراض عن 
دين الله بعدم التعلم والعمل» والتولي عن طاعة الرسول - 5 - 
والامتناع عن إتباع شرعه وهديه والصدود عن قبول حكم شريعته 
كفراً مكرك من الملة# ل :هى حقيفة النفاق: (0), 

وقد أشار سيد - رحمه الله- في أكثر من موضع في ظلال 
الآيات التي تتحدث عن إعراض الكفار بأنه الإعراض عن 
الدين والقرآن الكريم وتعاليمه وأن تلك صفة من صفات الكفار 


كدو« 


والمذاففين» كما قال سببحاته وتعالى .نهم ( ون يتواعاية ثرا 


سير بره د ؤو رس لس ؤا 


ويقولوا سِحر مُسَيمرٌّ 1 [سورة القمر:١]‏ . " فهم معرضون عن تدبر 


.39/8 055/١ المصدر السابق‎ )١( 
نواقض الإيمان القولية والعملية » د/ عبد العزيز آل عبد اللطيف ص 744 وما‎ )1( 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





طبيعة الآيات وحقيقتهاء ومعرضون كذلك عن دلالتها 
وشهادتهاء وكذبوا بالآيات وبشهادتهاء إتباعاً لأهوائهم لا استناداً 
إلى حجةء ولا ارتكاناً إلى دليلء ولا تدبراً للحق. الثابت المستقر 
في كل ما حولهم في هذا الوجود ' .)١(‏ 

ويوضح أن الإعراض عن ما جاء به الرسول - 6 - 
علامة النفاق ودليل على عدم الإيمان» ففي ظلال قوله 
تعالى: ( وَإدَادعوَِلَ أله ووسُولِو- ليحك بيعم ذا متهم مُعْسُونَ ) 
[سورة النور:58] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " إن الإيمان الصحيح متى استقر 
في القلب ظهرت آثاره في السلوك؛ والذين يزعمون الإيمان 
بأفواههم» ولكن لا يحققون مدلوله في سلوكهم يكذبون بأعمالهم 
ما قالوه بألسنتهم» وهذا الصنف من الناس هم المنافقون الذين 
لا يجرؤون على الجهر بكلمة الكفر»ء فيتظاهرون بالإسلام» 
فيهم قانونه» فإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وأعرضوا 
وانتحلوا المعاذير: (وَمَآ أوْلَِكَ بالْمؤمنيت ) '(0): 


277105 7151/54 في ظلال القرآن 7474/5 بتصرف »ء وينظر أيضا‎ )١( 
"١/535 ه/ 11" ا‎ 
. بتصرف‎ 7١5750-57576/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
0. 








اسيك قطيك ومنهجة في العقيدة 


الع « الاك رء م 6 دعر عدص د صد 
فالإسلام هو طاعة الله ورسوله ( كل اطِيعوا الله والرّسوك 


ن نَولُوَا وإِنَّ أله ايب الْكَفَرنَ 1 [سورة آل عمران:؟*] ' " فإما طاعة 


8و 


واتباع يحبه اللهء وإما كفر يكرهه الله " »)١(‏ 


"6 


يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: [ إن تَوَلََاْ 1 أي خالفوا 
عن أمره» [ وَإِنَّ أله لا يحب الْكَفْرَ 1: فدل على أن مخالفته في 
الطريقة كفرء والله لا يحب من اتصف بذلكء؛ وان ادعى وزعم 
في نفسه أنه يحب الله ويتفرب إليه حتى يتابع الرسول النبي 
ا 


آ آ مه 


وفي ظلال قوله تعالى: | ومن دسَاقَقٍ الرَسولٌ من بَعَدٍ ما بين 


عع معو سر ةا مو را 2 هات ل تنه ابرح 20 7 
له الهدى وبِتَيعٌ غير سَيِيلٍ الْمَوّمِنِينَ وله ما توك ونصلو جَهِتم 


وَسَآءَتٌ مَصِيرًا 1 [إسورة النساء:5١١]‏ . يقول سيد- رحمه الله: 
والنص عام» ينطبق على كل حالة» ويواجه كل حالة من مشاقة 
الرسول - كن - ومشاقته كفر وشرك وردة. 

والمشاقة - لغةً - أن يأخذ المرء شقاً مقابلآ للشق الذي 
يأخذه الآخرء والذي يشاق الرسول - يه - هو الذي يأخذ له 


.”37/8/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١5.6 





شقاً وجانباً وصفاً غير الصف والجانب والشق الذي يأخذه النبي 
- يه - ومعنى هذا أن يتخذ له منهجاً للحياة كلها غير منهجه؛ 
وأن يختار له طريقاً غير طريقه؛ سواء أنكر منهجه 25 جملة: 
أو آمن ببعض وكفر ببعض" ('). 

" وقد قائتل أبو بكر الصديق-رضي الله عنه- المرتدين 
اللهاوورسولة فيها» فكيفت يمن يترك شريعة الله كلها ؟ 0 

" وذلك أن الإعراض عن تحكيم كتاب الله علامة الكفر 
التي تتفي دعوى الإيمان " (0)» 

ثالثاً: 





' اجمع العلماء على أن من جحد أو كذب بشيء مما 
جاءت به الرسل من الآيات والأحكام فهو كافر بيّن الكفر" (؟). 
" الجحود يكون لما هو مستيقن أنه حق؛ كما هو حال كفار 
قريش الذين جحدوا القران الكريم وجحدوا دعوة النبي 5 مع 
علمهم بأن ذلك حقء ولكن خوفاً على ديانتهم وأوضاعهم 


. 759/7 في ظلال القرآن‎ )١( 

(") المصدر السابق 1937/7 بتصرف يسير . 

(") المصدر السابق "55/١‏ . 

(5) الإبانة لابن بطة 7١15/7‏ » والشفاء للقاضي عياض ٠١77/7”‏ وما بعدها . 
18 


توك اقطيي ومنهجه في العفيدة /جم 





0 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ومغانمهم» ومن قبلهم جحد فرعون وملائه ما جاءهم به موسى 
من الحق» وكذلك الحق دائما لا يجحده الجاحدون لأنهم لا 
يعرفونه بل لأنهم يعرفونه! يجحدونه وقد استيقنته نفوسهمء لأنهم 
يحسون الخطر فيه على وجودهم» أو أوضاعهم أو مصالحهم 
ومغانمهم» فيقفون في وجهه مكابرين" »)١(‏ 

ومن ذلك ما ذكره الله - سبحانه - عن قوم هود من أن كفرهم 
وشركهم الذي استحقوا بسببه الهلاك واللعنة» هو جحودهم بآيات 
ربهم وعصيانهم لرسله وأتباعهم أمر الجبارين من عبيده؛ 
وجحودهم بآيات ربهم إنما يتجلى في عصيان الرسل» وأتباع 
الجبارين» فهو أمر واحد لا أمور متعددة» ومتى عصى قوم أوامر 
الله المتمثلة في شرائعه المبلغة لهم من رسله بألا يدينوا لغير الله 
ودانوا للطواغيت بدلاً من الدينونة للهء فقد جحدوا بآيات ربهم 
وعصوا رسله؛ وخرجوا بذلك من الإسلام إلى الشرك ”20 " فأتباع 
الجبارين المتكبرين جريمة شرك وكفر" (). 

وقد ذكر سيد - رحمه الله أثاراً كثيرة توضح هذا النوع من 
الكفر عند مشركي قريش وغيرهم حيث لم يكونوا يشكون في 


. 7751/6 2 بتصرف‎ ١17/0 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١9١5/5 المصدر السابق‎ )'( 
. ١9٠051/5 المصدر السابق‎ )9( 

50١ 





سيت قطي ومنعجة في العقيدة ' 





صدق نبوة النبي 4 وصدق رسالته» وأن هذا القرآن الذي جاء 
به ليس كلام البشرء ولا يملك البشر أن يأتوا بمثلهء ومع ذلك 
جحدوا كل ذلك» وكذبوا بماء جاء به» كما قال سبحانه عنهم: ( 
الا" 00 
ن أنواع كفر الجحود والتكذيب: 
-١‏ الكفر بنبوة الأنبياء أو بعضهم: 


يقول سبحانه وتعالى: ( إنَّ أَلَيِبت يَكمرون يله وَرْسيو. 


أذ واه 1 


وَيُرِيِدُوت أن يبروا بَيْنَ الله ورسيوء وَيمُولُوت ذوْمنٌ ِسَعْضٍِ 

وَنَحكَمْ بض وَيْرِدُونَ أن يَتََحِدُوأ بين دَلِكَ سَيِبِلًا (5) وليك هم 

لْكَُونَ حَمًا وَأعْتَدْنا لِلكفنَ عَذَابا هيما 1 [سورة النساء::ه١-51١]‏ . 
يقول سيد - رحمه الله-: " لقد كان اليهود يدعون الإيمان 

بأنبيائهم وينكرون رسالة عيسى ورسالة محمد - عليهما السلام 

- كما كان النصارى يقفون بأيمانهم عند عيسى- عليه السلام 

- فضلاً عن تأليهه - وينكرون رسالة محمد يك كذلك. 


.31١الال-‎ ٠٠١0/4/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
51١ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


وكان القران ينكر على هؤلاء وهؤلاء» ويقرر التصور 
الإسلامي الشامل الكامل عن الإيمان بالله ورسوله» بدون تفريق 
بين الله ورسله» وبدون تفريق كذلك بين رسله جميعاً» إن التوحيد 
المطلق لله سبحانه يقتضي توحيد دينه الذي أرسل به الرسل 
للبثزو » وتويهي رزملة الذيع. جملوا ذه الأمانة للنامن «وكل كف 
بوحدة الرسل أو وحدة الرسالة هو كفر بوحدانية الله في 
الحقيفة» ومتوع تطيون: لتفتضيات) هذه الخفيقة. 

لذلك عبر السياق القراني عمن يريدون التفرقة بين الله 
ورسله - بأن يؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل - وعمن يريدون 
التفرقة بين الرسل - بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا ببعضهم - 
عبر عن هؤلاء وهؤلاء بأنهم ( ألَدِي يَكَمُرُونَ باه وَرُسْيِو ) » 
وعد تفرقتهم بين الله ورسله» وتفرقتهم بين بعض رسله وبعض» 
كفراً بالله وبرسله. 

إن الإيمان وحدة لا تتجزأء الإيمان بالله إيمان بوحدانيته - 
سبحانه - وهي تقتضي وحدة الدين الذي ارتضاه للناس» ووحدة 
الرسل الذين جاءوا به» ولا سبيل إلى تفكيك هذه الوحدة إلا 


١ 





بالكفر المطلق» وان حسب أهله أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون 
ببعضء» فالله يقول: اك 5 0 00 
؟- الكفر _بالكتب أ الملائكة 


الآاخر: 

الإيمان بالكتب التي أنزلها الله - سبحانه- على أنبيائه 
احد عناصر الإيمان» باعتبار أن مصدر هذه الكتب واحد هو 
الله - سبحانه - وتحمل منهجاً واحداً يقوم على الإسلام لله 
وتوحيده والدينونة له بما شرعه في كل كتابء قال تعالى: [ وَمَن 
كل يله وملوكنو. وك ودْسْله. اليو الآيز مد صَلَّ صَكلا 
بَحِيدًا ؟ [إسورة النساء:175] ' فالكفر بأحد عناصر الإيمان هذه 
كفر بالجميع» حيث ذكر الله - سبحانه - في أول الآية الأمر 
بالإيمان بالله وكتبه ورسله» ولم يذكر الملائكة واليوم الأخرء 
وكتب الله تتضمن ذكر الملائكة وذكر اليوم الآخرء ومن 
مقتضى الإيمان بهذه الكتب الإيمان بالملائكة وباليوم الآخرء 
ولكنه أبرزه هنا لأنه موطن تهديد ووعيد» والذي يكفر بالله 
ويكفر بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر تبعاً لكفره بالله» الذي 


.37١١١ 651-921١ في ظلال القرآن 1/917/1- 41/8 بتصرف يسير ء»‎ )١( 
ا‎ 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


يكفر هذا الكفر تكون فطرته قد بلغت من الفساد والتعطل 
والخراب» ما لا يرجى معه هدىء ولا يرتقب بعده مآب :)1١('‏ 

وفي قوله تعالى: | مَن كان عَدُوَا لَه وَمَكِيِكَيَدء وَرُسُلوء 
وَحِبْرِيِلَ وَمِيَكَكلَ فَإِك أله عَدُوٌ لْلَكَفرِيِنَ ] [سورة البقرة:18] ' دلالة 
على أن من عادى أحداً من الرسل أو الملائكة فقد عاداهم 
حميع ا يعاد" الل سيحاتة فيو فق الكافري: 05). :”آنا الكقر 
بالآخرة فهو عين الكفر الذي يستحق الويل والثبور 07" " أما 
الكفر بالقرآن الكريم فإن من يكفر بشيء من آيات الله القرانية 
أو شيء من كتاب اللهء فقد كفر بالكتاب كله " (5)» ".. واعتباره 
كافراً» فالكفر بالقرآن الكريم من علامات الكفر التي لا شبهة 
فيها (). 

رابعاً: كفر الاستهزاء والسخرية: 

فالاستهزاء أو السخرية بأي شيء من مسائل الدين 


وشرائعه» سواء كان استهزاء يالله م سبحانه | برسوله محمد 


. 51 -90/١ » في ظلال القرآن 778/7 بتصرف يسير‎ )١( 
. 99/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 555/١ (؟) المصدر السابق‎ 
. 495/١ (؛) في ظلال القرآن‎ 
. بتصرف يسير‎ 67/١ المصدر السابق‎ )5( 
51 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


- يه -» أو أحد الرسلء أو بالقرآن الكريم» أو بشيء مما جاء 
به الإسلام» كفر وردة» قال الله تعالى: ( وَلَين صَالْتَهُرَ 
يوك إِنّمَا حكُدًا حوْضُ وَتَْعَبُ قل أله وايليد- ورَسُولِو.كدَثْرٌ 
تروت 80 ل سَكَْووا دترت بعد اكد ) إسورة 
التوبة:15-5] . 

حيث ورد في سبب نزولها أن بعض المنافقين الذين خرجوا 
في غزوة تبوك قال: ما أرى قراءنا هؤلاء» إلا أرغبنا بطونًاء 
وأكذبّنا ألسنة» وأجبننا عند اللقاء - يقصدون قراء القرآن - 
فرفع ذلك إلى رسول الله - َيِه - فجاءوا يعتذرون إليه فنزلت 
الآية ('). 

والنص عام في كل من يخوض في مسائل الدين والعقيدة» 
حيث اعتبره القرآن الكريم كفراً مهما كان دافعه وسببه (5)»: فما 
يستهزئ بدين الله وعباده المؤمنين به إنسان سوي العقل» فالعقل 
السوي يستشعر حق الله - سبحانه - في التعظيم والعبادة ' (5)» 


5٠59/9 تفسير الطبري‎ )١( 
. بتصرف‎ ١177/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
. 1577/7 المصدر السابق‎ )"( 

51 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 





والاستهزاء بالله وآياته ورسله من صفات الكفار» وعلامات 
الكفر كما ذكر الله ذلك في كثير من الآيات سواء كانوا مشركين 
أو أهل كتاب أو غيرهم» فالحكم في الجميع سواء " .)١(‏ 

خامساً: رفض شيء مما جاء به ١‏ أو إنكا 
صلاحية الدين أو بعضه في هذا الزمان: 

وذلك لان الله أكمل لهذه الأمة دينها وأتم عليها نعمته 
ورضيه لهاء وهذا الدين منهج وشريعة لجميع جوانب الحياة 
البشرية إلى يوم القيامة» وبالتالي فتعديل شيء فيه كإنكاره كله 
لأنه إنكار لما قرره الله - سبحانه - من تمامه وكماله» وهذا 
الإنكار هو الكفر الذي لا جدال فيه؛ والعدول عنه لمنهج أخر 
هو كفر كما وصفة الله تعالى "(": 

فالذي يتصور أن في هذا الدين الإسلامي نقصاً يستدعي 
الإكمال» أو قصوراً يستدعي الإضافة» أو أنه دين محلي أو لزمن 
وبالتالي يستدعي التطوير والتحوير» فليس بمؤمن لأنه لم يصدق 
الله ولم يرتضي ما ارتضاه الله... فشريعة الإسلام بشهادة الله 


,179/5,31٠١ "ره‎ , 1717/19 2 555/١ ينظر: المصدر السابق‎ )١( 
. 11 ا كلاكت ةك لاا‎ 
. بتصرف يسير‎ 67١7/7 المصدر السابق‎ )'( 
505 





هي شريعة الله للإنسان في كل زمان ومكان. )١(‏ " ومجرد 
الاعتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من صنع غير الله 
هو بذاته خروج من دائرة الإسلام لله - سبحانه-. ' (5): 

" ولقد نزل هذا الكتاب ليحكم بالعدل بين الناس» ولتتمثل 
فيه حاكمية الله وألوهيته» نزل مفصلاً محتوياً المبادئ الأساسية 
التي يقوم عليها نظام الحياة جملة» وأحكاماً تفصيلية في 
المسائل التي يريد الله تثبيتها في المجتمع الإنساني مهما 
اختلفت مستوياته الاقتصادية والعلمية» وبهذا يكون في هذا 
الكتاب غناء عن تحكيم غير الله في شأن من شؤون الحياة؛ 
هذا ما يقرره الله - سبحانه - عن كتابه» فمن شاء أن يقول: 
إن البشرية في طور من أطوارها لا تجد في هذا الكتاب 
حاجتها فليقل ولكن ليقل معه إنه - والعياذ بالله - كافر بهذا 
الديق مكذب يقول :رت العالفين !0 

" إن مصلحة البشر متضمنة في شرع اللهء كما أنزله الله 
وكما بَلّغه عنه .رسول الله.. فإذا بدا للبشر ذات يوم أن 
مصلحتهم في مخالفة ما شرع الله لهم» فهم أولاً: " واهمون ' 
)١(‏ في ظلال القرآن 847/7 بتصرف يسير . 
( ")المصدر السابق 5/54/ا١7‏ . 


(؟) في ظلال القرآن ١١95/7‏ » وينظر 591/5 . 
١‏ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


فيما بدا لهم» وهم ثانياً: " كافرون " فما يدعي أحد أن المصلحة 
فيما يراه هو مخالفاً لما شرع الله» ثم يبقى لحظة واحدة على 
هذا الدين» ومن أهل هذا الدين " .)١(‏ 

' فأيما إنسان زعم أن هذا المنهج الرباني لم يعد يصلح للحياة 
المتجددة النامية في الأرضء فقد كفر كفراً صراحاً لا مراء فيه 
واختار لنفسه موقف العداء الصريح لله وللبشرية '(1). 

سادساً: طاعة الكفار: 

يقول سبحانه وتعالى: [ يِكأما أن َامَنُوَا إن تيعو مرب 
نوفا كِب يرُْومُ يدروم كفن (2) وكِيْتَ تَكَمُروتَ وآ 


قد 
آذآ[ 


7124 سكل لاس بيو مس مل 2 و 0-7 وى + فو د (ى 
تل عَلِيَكُمْ ينث أللَّ وفيحكم رَسُوله ومن يعنصم يللو فقّد هدى إن 


مه 
كن 


صِرَطٍ سُسَئَقِيم 1 [سورة آل عمران:١٠٠-١١٠1]‏ » يقول سيد: " فالله 
يحذر من طاعة أهل الكتاب فإنه الكفر» ولا يليق بالمسلمين 
الكفر وكتاب الله يتلى عليهم وفيهم رسوله يعلمهم'(0). 

"' وذلك إن طاعتهم والتلقي عنهم» واقتباس مناهجهم 
وأوضاعهم» تحمل ابتداءً معنى الهزيمة الداخلية» والتخلي عن 


. 7١1-١١5 معالم في الطريق ص‎ )١( 

() في ظلال القرآن 3819/١‏ . 

(") في ظلال القرآن 5757/١‏ + 5351 
518 








117 سيد قطي ومنمجه في العقيدة و6 


دور القيادة» كما تحمل معنى الشك في كفاية منهج الله لقيادة 
الحياة وتنظيمهاء وهذا بذاته دبيب الكفر في النفس» والمقصود 
طاعتهم فيما يخالف أمر الله - سبحانه- من العقائد 
والتشريعات والأحكام )١('‏ 

سابعاً: ترك_الأعمال_كلية أو إنكار_ما ن_الدين 
يالضرورة: 

وذلك لأن الإيمان لا يصح إلا بوجوده عملياً في الواقع 
من خلال العمل قال الله تعالى: ! إِنَّمَا الْمَوْميجَ الَدِنَ إذَا ذكرَ 


مرو م محم وو رووء. - > اج ا . ما يرو بجوم ا 000 شام 
لله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليِم ءاينته, زادتهم إيمئنا وعلل رَبُهم 
لس 1 ب ا الل ال 0 

يتوكلون لذت يقيفوت الصّلَؤةَ وَمِمًَا رتم يفقوت 0 


حََ 
كَّ لح لف ع ور 


ولك هم لْمَؤْوِيُونَ حقًا ط دَرَجَنَتٌ عِنْدَ رَيّهِمْ وَمَعْهْرَة ورزفٌ 
كريد ) [سورة الأنفال: -١‏ 4] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " إن التعبير القرآني دقيق في 
بنائه اللفظي ليدل دلالة دقيقة على مدلوله المعنوي» وفي العبارة 
هنا قصر بلفظ: " إنما ". وليس هنالك مبرر لتأويله - وفيه هذا 


الجزم الدقيق - ليقال: إن المقصود هو " الإيمان الكامل '! فلو 


0 المصدر السابق ليرت‎ )١( 
١848 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





شاء الله - سبحانه - أن يقول هذا لقاله» إنما هو تعبير محدد 
دقيق الدلالة» إن هؤلاء الذين هذه صفاتهم وأعمالهم ومشاعرهم 
هم المؤمنون فغيرهم ممن ليس له هذه الصفات بجملتها ليسوا 
بالمؤمنين» والتوكيد في آخر الآيات: " أولئك هم المؤمنون حقاً 
' يقرر هذه الحقيقة» فغير المؤمنين ' حقاً " لا يكونون مؤمنين 
أصلآء والتعبيرات القرآنية يفسر بعضها بعضاًء والله يقول: ١‏ 
مابس ني ِلَاالصَكَلٌ أن روت ) إسورة يونس:55] :فما لم 
يكن حقاً فهو الضلال؛ وليس المقابل لوصف ' المؤمنون حقاً ' 
هو المؤمنون إيماناً غير كامل! ولا يجوز أن يصبح التعبير 
القراني الدقيق عرضة لمثل هذه التأويلات المميعة لكل تصور 
ولكل تعبير! 

لذلك كان السلف يعرفون من هذه الآيات أن من لم يجد في 
نفسه وعمله هذه الصفات لم يجد الإيمان» ولم يكن مؤمناً 
أصلآء جاء في تفسير ابن كثير: عن ابن عباسء» في قوله 
تعالى: ( إِثمَا المؤمئو" الْذِنَ د كر أله وحِلَتَ لوبهم ) [سورة 
الأنفال:1] ' قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله 
عند أداء فرائضه» ولا يؤمنون بشيء من آيات الله؛ ولا يتوكلون» 


ولا يصلون إذا غابوا - أي عن أعين الناس - ولا يؤدون زكاة 


يل 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


أموالهم» فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين...» وطبيعة هذه 
الصفات أنه لا يمكن أن يقوم بدونها الإيمان أصلاً» وأن الأمر 
فيها ليس أمر كمال الإيمان أو نقصه» إنما هو أمر وجود 
الإنفان أن غدنه 010 

- كما يرى سيد - رحمه الله- أن إنكار الصلاة كفرء 
كونها من المعلوم من الدين بالضرورة ففي ظلال تعالى: ١‏ مَالْوا 
رَ نك يت الْمْصَلِينَ 1 [سورة المدثر:؛] . يقول سيد: " وهي كناية 
عن عدم الإيمان كله» تشير إلى أهمية الصلاة في كيان هذه 
العقيدة» وتجعلها رمز الإيمان ودليله» يدل إنكارها على الكفرء 
ويعزل صاحبها عن صف المؤمنين" ("). 
انقل نصاً من النصوص التي ذكر فيها سيد - رحمه الله- جمله 
من المكفرات الاعتقادية والقولية والعملية» حيث يقول: " لقد اعتبر 
المتلا: ققبية ‏ التوحيد ند اقضبيته: الأونن والكوف :ب بوقاط نهها 
قضية الإيمان والكفر... فجعل الإقرار العملي الايجابي بها- في 
كل الصور والمجالات جملة - هو الإسلام» وجعل رفضها في أي 


١ 47/6 -١ 415/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7751/5 في ظلال القرآن‎ )"( 
5١ 





اتوك قطي ومنهجة في العفيدة /ج2 





صورة من صورها ومجالاتها هو الكفر الذي لا يتحقق معه إيمان 
ولا إسلام» ولا يقبل معه عمل في دنيا ولا آخرة» وجعل سواء: 

* أن يعتقد الإنسان في ضميره أن ليس هناك إله. 

* أو أن هناك آلهة مع الله - سبحانه وتعالى-. 

* أو أن لله أبناء وأصهاراً. 

* أو أن الإله هو هذا الحجر وهذا القمر. 

جعل سواءً أن يعتقد الإنسان في ضميره شيئاً من هذا كله. 

* أو أن يتوجه بالشعائر التعبدية إلى غير الله - سبحانه وتعالى 
حديهة أن عن كوي 

* أو أن يحكم بغير شريعة الله. 

* أو أن يتقبل الحكم والشرائع من غير الله - سبحانه وتعالى - 
منعه أو فق كوت 

* أو أن يتحاكم إلى غير شرع الله - سبحانه - إلا وهو منكر» لا 
يملك غير إنكار القلب أو اللسان» فكل هذه سواء في أنها تنفي 
عن صاحبها صفة الإيمان وتخرجه من الإسلام وبالنصوص 
المحكمة والأحكام المعروفة بالضرورة من هذا الدين. )١(‏ 


. ١١7 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١ 





المبحث الثالث 
النفاق 

النفاق في اللغة: _مأخوذ من نافقا اليربوع» وذلك أنه يخرق 
الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهرها ترك قشره رقيقه حتى لا 
يعرف مكان هذا المخرج» فإذا رابه ريب دفع ذلك برأسه فخرج» 
فظاهر جحره تراب كالأرضء وباطنه حفرء» فكذلك المنافق 
ظاهره إيمان وباطنه كفر. )١(‏ 

أما في الاصطلاح: فالنفاق إظهار الإيمان وابطان الكفر» 
أو إظهار القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من 
القول والاعتقاد» فهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى 
المخصوص به وإن كان أصله في اللغة معروفا. (") 

والنفاق على نوعين: أكبر مخرج من الملة» وأصغر غير 
مخرج من الملة. 

فالنفاق الأكبر: قد يكون اعتقادياً» وقد يكون عملياً» وذلك 
لأن القرآن الكريم لما ذكر صفات المنافقين ذكر منها تنقصهم 


ه٠١7ص المفردات للراغب‎ "5/865”55/١ لسان العرب لابن منظور‎ )١( 
النهاية في غريب الحديث والأثرء لابن الأثير 18/5 والإيمان لابن تيميه‎ )1( 
١84 ص‎ 


١17 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


للرسول - ييه -» والسخرية بالدين» ومناصرة الكفار» ونحو ذلك 
من الأعمال. 

أما النفاق الأصغر: فهو نوع من الاختلاف بين السرية 
والعلانية مما هو دون الكفر» كالرياء في غير أصل العمل» 
وكالخصال الواردة في حديث شعب النفاق من الكذب» واخلاف 
الوعد ونحوها. 00 

. وقد كثر الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن الكريم؛ 
وبيان صفاتهم وأخلاقهم» وأنهم شر أنواع الكفار وأعظمهم 
ضرراً على المسلمين» وأن مآلهم إلى الدرك الأسفل من النارء 
وتحذير المسلمين منهم باعتبارهم أكثر الناس عداءً للإسلام؛ 
وأشدهم ضرراً عليه حتى قال فيهم ربنا - سبحانه وتعالى-: ( 
همعدو أحَدَرَهمٌ 1 [سورة المنافقون:4] . 

وقد وقف سيد حرحمه الله . عند ظاهرة النفاق كثيراء في 
ظلال الآيات التي تتحدث عنهم» وعن صفاتهم» وأحوالهم» مبيناً 
سبب نشأة النفاق وضرره» ومستعرضاً صفات المنافقين والتي 
بسببها حكم الله عليهم بالكفر وفيما يأتي استعراض موجز لما 
ذكره سيد - رحمه الله - عن النفاق الأكبر المخرج من الملة. 


. بعدها بتصرف‎ امو١‎ 5١/7 نواقض الإيمان الاعتقادية» د/ محمد الوهيبي‎ )١( 
١1 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





أولاً ظهور النفاق وسيبه: 

يقول سيد: 'حركة النفاق حركة مدنيه» لم يكن لها وجود في 
مكة» لأنه لم يكن هناك ما يدعوا إليهاء فالمسلمون في مكة 
كانوا في موقف المضطهدء الذي لا يحتاج أحدٌ أن ينافقه» فلما 
أعز الله الإسلام والمسلمين بالأوس والخزرج في المدينة» 
وانتشر في العشائر والبيوت بحيث لم يبق بيت إلا دخله 
الإسلام» أضطر ناس ممن كرهوا لمحمد- يله - وللإسلام أن 
يعز ويستعلى» ولم يملكوا في الوقت ذاته أن يجهروا بالعداوة 
اضطروا إلى التظاهر بالإسلام وعلى رأسهم عبد الله بن أبي 
بن سلول(١)‏ رأس النفاق المعروف» الذي تظاهر بالإسلام بعد 
معركة بدرء وكان وجود اليهود في المدينة وتمتعهم فيها بقوة 
عسكرية واقتصادية وتنظيمية في أول العهد المدني» وكراهيتهم 
كذلك لظهور محمد - #ةِ - ودينه وأتباعه» كان وجود اليهود 
بهذا الوضع مشجعاً للمنافقين» وسرعان ما جمعتهم البغضاء 
والحقد فأخذوا في حبك المؤامرات» ودس الدسائس في كل 
مناسبة تعرضء» فإن كان المسلمون في شدة ظهروا بعدائهم 


)١(‏ هو : عبد الله بن أبي بن مالك الخزرجي » ينسب إلى جدته سلول » رأس النفاق 
» أظهر الإسلام بعد بدر » وله مواقف كثيرة في حرب الإسلام والكيد له » مات 
سنة 4ه ء انظر: الأعلام / 58 . 


ميل 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





وجهروا ببغضائهم» وإذا كانوا في رخاءٍ ظلت الدسائس سرية 
والمكائد في الظلام" :0١(‏ 

' وقد تواتر ذكر المنافقين»ء ووصف دسائسهم» والتنديد 
بمؤامرتهم وأخلاقهم» واتصالهم باليهود واشتراكهم معهم في 
بعض المؤامرات في السور المدنية» فلا تكاد تخلو سورة مدنية 
من ذكر المنافقين تلميحاً أو تصريحاًء وجاءت سورة كاملة 
تتحدث عنهم» هي سورة المنافقين» وقد نقل سيد رحمه الله 
فقر[ت متعنةة حول حركة النفاقة بغرن كقات انور و0 
توضح سبب ظهورها ومواقفها من الإسلام» والدور الخطير 
الذي قاموا به "(). 

' وحركة النفاق التي بدأت بدخول الإسلام المدينة؛ 
واستمرت إلى قرب وفاة الرسول يه لم تنقطع في أي وقت 
تقريباً» وإن تغيرت مظاهرها ووسائلها بين الحين والآخر(؟)". 
'وهم يمثلون العدو الحقيقي للرسول كله وللمسلمين» العدو 


.١5ال؟/9 في ظلال القرآن 57595/5. 3594 و0‎ )١( 
. هو للأستاذ محمد عزة دروزة‎ )1( 
ة5/١ وينظر‎ ٠ "51/7.2735/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 3617/5 المصدر السابق‎ )5( 

ادا 





الكامن داخل المعسكرء وهو أخطر من العدو الخارجي الصريح 
2١7‏ ويمثلون نموذجاً مكروراً في أجيال البشرية جميعا "(2). 
ثانياً:ء صفات المنافقين 5 
أشار سيد -رحمه الله -في ظلال القرآن إلى كثير من 
صفات المنافقين وأعمالهم الكفرية ومنها: 
.٠١‏ إيذاء النبي يه والاستهزاء والسخرية منه: 
الأصل في المسلم الحق تعظيم وتوقير النبي- كه - 


وطاعته ومحبته فوق كل محبه» وايذاوؤه والسخرية منه 





والاستهزاء به - كله - يناقض دعوى الإيمان» وهي أمور تدل 
على البغض والمعادة والمحادة له - يك -» وقد كَقُرَ الله - 
سبحانه - من يستهزئ بالله وآياته ورسوله - كَل -» وأجمع أهل 
العلم على كفر المستهزئ بالرسول - ول - وردته (). 

وقد أشار- سيد رحمه الله- إلى: " أن أولى مراتب النفاق 
أن يجلس المؤمن مجلساً يسمع فيه آيات الله يكفر ويستهزأ بهاء 
فيسكت ويتغاضىء يسمي ذلك تسامحاً أو يسميه دهاءً» أو 


5 


. المصدر السابق 5/ 7515 بتصرف يسير‎ )١( 
. 57/١ المصدر السابق‎ )"( 
ينظر كلام العلماء في : نواقض الإيمان القولية والعملية» د. عبد العزيز آل عبد‎ )”( 
. وما بعدها‎ ١١7 اللطيف ص‎ 
١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 








ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 


يسميه سعة صدر وأفقء وإيمانا بحرية الرأي!!! وهي الهزيمة 
الداخلية تدب في أوصاله» وهو يموه على نفسه في أول 
الطريق» حياءً منه أن تأخذه نفسه متلبساً بالضعف والهوان! إن 
الحمية لله» ولدين الله» ولآيات اللهء هي آية الإيمان» وما تفتر 
هذه الحمية إلا وينهار بعدها كل سدء وينزاح بعدها كل حاجزء 
وينجرف الحطام الواهي عند دفعة التيار» وإن الحمية لتكبت في 
أول الأمو عمداًء ثم تهمد» ثم تخمد ثم تموت! 

فمن سمع الاستهزاء بدينه في مجلسء فإما أن يدفع؛ وإما 
أن يقاطع المجلس وأهله» فأما التغاضي والسكوت فهو أول 
مراحل الهزيمة» وهو المعبر بين الإيمان والكفر على قنطرة 
النفاق! " .)١(‏ 

- أما أذية النبي يِل والاستهزاء به والسخرية منه ولمزه فهو 
النفاق والكفر الصراح كما قال تعالى: ( وَيَِيُمُ ألديت يُؤْدُونَ 
ليم دوت هو دا مل أن كبر سكم بون يال بوص 
لمؤمييت وَيَحمَهٌ يس امنأ يك والَدينَ مون وول لل لم 


4 َّ 24 مي + 2 ها وح سار 
عَدَابُ أي 0 موت لَه لك ونشو كم وَألَّهُ وسو حل 


ا 


لق 


. ال81١‎ -ا/8٠./؟ في ظلال القرآن‎ )١( 
58 








0 


ل ساد ا 5 م 
أن يُرَضُوهُ إن كوأ مُؤمييت 097 ألم يَعَلَموَا أَنَهُ من ساد لَه 


معو 4 7 


22001 2 ل 10 
ووشواك تاكتك لان 2 ا انهه الخاى اللي 
7 وخ لسعو وو 


© ينكد تيفوت 3 ملك مقط نز تيك يتان أ 


م مله ويه مير ره 6 2 
أسْتَهَرووا إِتَ ألَّهَ مرج ما ءَ 00 وَلنَر مله 

ساعر عو 7 ني . جنر رسع و غ2 4 م 2 

يقُورَى إِنَّمَا حكن حوَضُ وَلْمَبُ كُلْ أله ينيو وَرَسُولِو كنَثْرٌ 

بج مد . حت مد كت 220 عو ار و 5 52 

تَسْتَبَزِءُوت (00) لا سَنَذْروا مَدَ قرم بَحْدَ يسيك إن نََفْ عن 


يوه ررم 


طيِمَةَ مِنَكُمٌ نمزب عه َب كاوا رصت !1 [سورة 
التوبة:الآيات ]15-51١‏ . 

يقول سيد - رحمه الله-: "إنه سوء الأدب في حق الرسول 
- يه - يبدو في صورة أخرى غير صورة اللمز في الصدقات» 
حيث يصفونه 5 بغير حقيقته» ويتهمونه بأنه لا يفطن إلى 
غثن, القول وزؤرء: 7 :هو أذن: "ثم ذكر .ناا وقغ من عضن 
المنافقين في غزوة تبوك من استهزاءٍ بالرسول - 5هِ- وأصحابه 
ولمزهم ومحاولة بعضهم تنفير دابته لتطرحه على الأرض» 
ووصم الله إياهم بالكفر» وأن النص عام في كل من يخوض 
ويلعب ويستهزئ بالله وآياته ورسوله .)١('‏ 


. ١755201518 2 015561//9 بتصرف‎ ١61775-15170/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





' وكذلك استهزاؤهم بالنبي - يه - في سماعهم للقران عنده 
وخروجهم قائلين " ماذا قال آنفاً " على سبيل التهوين من شأن 
السورة النازلة» والتشكيك في أثرها في القلوب» والغمز الخفي 
اللثيم إذ يريدون أن يقولوا بسؤالهم هذا لأهل العلم: إن ما يقوله 
محمد - وي - لا يفهم» أو لا يعني شيئاً يفهم أو السخرية من 
احتفال أهل العلم بكل ما يقوله محمد - 5 - وحرص الصحابة 
- رضوان الله عليهم - على كل كلمة يتلفظ بها الرسول و 
وكلها أمون تدل غلن الشكرية الظاهرة أو الخفية 2107 

' - تولي الكافري' تهم ونصرت 

من صفات المنافقين الكفرية تولي أعداء الله - عز وجل - 
من اليهود والنصارى والمشركين والملاحدة» وتأمرهم معهم ضد 
الإسلام وأهله» حيث يقرر القرآن الكريم في أكثر من موضع 
الصلة الوثيقة بين المنافقين وبين الكفار عموماً. 

يقول سيد: " وهذه الحملة القوية في القران الكريم على 
المنافقين بسبب توليهم لليهود تدل على أنهم كانوا يمعنون في 
الكيد للمسلمين» ويتآمرون مع ألد أعدائهم عليهم " ('). 


)١(‏ المصدر السابق 171/7 3 53/7 بتصرف يسير 
وي المصدر السابق م : 
١‏ 








وفي قوله تعالى: (أَلمَتَرَ إل ألمت تَامْمُوايَعُولُونَ لإخونهم الَدنَ 
كَعَرْوأمِنَ أَهْلٍ الْكنَبٍ ) [سورة الحشر:١١]‏ » لفتة هي تقرير القرابة 
بين المنافقين والذين كفروا من أهل الكتاب» فأهل الكتاب هؤلاء 
كفروا. والمنافقون إخوانهم ولو أنهم يلبسون رداء الإسلام ('). 

وقد أشار الله تعالى إلى أن أبرز صفات المنافقين توليهم 


للكفار من دون المؤمنين تحت أعذار واهية يتسترون وراءها 


0 


ليخفوا حقيقة تفاهتهم فقال سبحانه: ١‏ يس رِالْمتَفِقِينَ أن هم عَدَ عَذَابًا 
يا (5 ألدِنَ يتَحِدُودَ الْكَفْنَ اوليك ين دون الْمُؤْمينَ يتوت 
عِندَه الْعِرَّة فَإِنَّ ار َِّهججِيعًا )1 [سورة النساء:؟١‏ - 155] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " والتهكم الواضح في استعمال 
كلمة " بَشْرٍ " مكان كلمة أنذرء وجعل العذاب الأليم الذي 
ينتظر المنافقين بشارة! ثم ببيان سبب هذا العذاب الأليم» وهو 
ولايتهم للكافرين دون المؤمنين» وسوء ظنهم باللهء وسوء 
تصورهم لمصدر العزة والقوة» وهذه اللمسة تكشف عن طبيعة 
المنافقين وصفتهم الأولى» وهي ولاية الكافرين دون المؤمنين» 
وما أحوج ناساً ممن يدعون الإسلام» ويتسمون بأسماء 


. 7794/5 وينظر‎ "57٠06 . 3578/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ا‎ 








سيصقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 


المسلمين» وهم يستعينون بأعدى أعداء الله في الأرضء أن 
يتدبروا هذا القرآن» إن كانت بهم رغبة في أن يكونوا مسلمين» 
ولا فإن الله غني عن العالمين! '(0). 

الإعراض ع الله لدي والتحاكم !| 


يصف القرآن حال المنافقين حين يدعون إلى ما أنزل الله 
وإلى الرسول فيصدون بأنه نفاق» وأن إرادتهم التحاكم إلى 
الطاغوت» خروجاً عن الإيمان» بل وعدم دخول فيه ابتداء» كما 
يصف معاذيرهم الواهية الكاذبة» فيقول سبحانه: ١‏ أل 
ليت يمه سسا وَمَآ أَنْزْلَ من قَبَلِكَ نُرَيدُون 
يسَحَاكْموَا إِلَ الطلعوتٍ وَقَدَ وأ أن يَكُفروا 0 لشَّيِطدنُ 
0 صَلَلَاُ بَعِيدًا (8؟ وَإِدَاقِلَ ل يه 
وإله الرسول ريت الْمتفِوِين يَصِدُون عَنلك صُدُومًا 00 


اج 


فَكِفَ إ5آ أصلبتهم 5 1 يما قدمت دهم 23 جاووك 


يحَلِسُونَ اسه إِنَ ردنا إل إِحَسَننًا وَتَوْفِيقًا ) [سورة النساء:٠5-‏ 7 1] 


. بتصرف‎ 728٠١ - 7/9/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
شدي‎ 








والراجح أن المقصود بالآية هي طائفة من المنافقين الذين 
يزعمون الإيمان.. ثم لا يتحاكمون إلى ما أنزل إليك» إنما 
يريدون التحاكم إلى الطاغوت- وهو كل منهج لا يستمد مما 
أنزل الله - وهذا ينافي مقتضى الإيمان البدهي» وهو تحاكم 
الإنسان إلى ما آمن به وإلى من آمن به. فإذا زعم أنه آمن 
بالله وما أنزل» وبالرسول وما أنزل إليه» ثم دعي إلى هذا الذي 
آمن به ليتحاكم إلى أمره وشرعه ومنهجه» فأبى وصد فهو 
يخالف البديهة الفطرية» ويكشف عن النفاق والزعم الكاذب 
للإيمان ثم يعرض النص مظهراً من مظاهر النفاق في 
سلوكهم» حين يقعون في ورطة أو كارثة بسبب تحاكمهم إلى 
الطاغوت وانكشاف أمرهم للمسلمين» فيلجئون إلى الإيمان 
الكاذبة أنهم ما أرادوا بالتحاكم إلى الطاغوت إلا الإحسان 
والتوفيق! وهي دائماً دعوى كل من يحيدون عن الاحتكام إلى 
منهج الله وشريعته» وحجة المنافقين الملتوين.. هي هي دائماً 
فى شنيف 000 

ويقرر في أية أخرى هذه الصفة في المنافقين فيقول سبحانه 


1س و د سرس لله د كك سحو ممه الع 


/ وَيَشُولُوت ءا 3 امنا باه وَيالرسُول طعا شُمَّ يسول فرق مَنْوُم نه بَحَد ذلك 


. في ظلال القرآن 551/7- 515 بتصرف‎ )١( 
ع5‎ 





سيت قطي ومنعجة في العقيدة ' 





ري دسا 


وما لِك ألْمَؤْميينَ (©) دا مول أمهوُوو. حك يي دمن 
نهم مُحرِصَونَ 0 وإنيكن طم لذن ينوا ليه مُدْعِنِينَ (80) 0 
َه أنيابوأآم حافت ديت انمع ورَسولة ب وليك هُمْ الطيييت ) 
[سورة النور:5- ]5٠0‏ . 

هذا الفريق الذي كان يدعي الإيمان» ثم يسلك هذا السلوك 
الملتوي» إنما هو نموذج للمنافقين في كل زمان ومكان» المنافقين 
الذين لا يجرؤون على الجهر بكلمة الكفر» فيتظاهرون بالإسلام؛ 
ولكنهم لا يرضون أن تقضي بينهم شريعة الله ولا أن يحكم فيهم 
قانونه» فإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وأعرضوا وانتحلوا 
الععانين [حَلِك وها أزتبك تين "00 

؛ - الفرح بمصاب | والت الدوائر: 


أَلْمَ تكن مَعَ 00 لِلْكغريتَ تَصِدبُ كَالُوا ألم سسَسَحَودَ 0 
وك عع كن الْموينين ٠‏ ََ د اك لهم وى روس وم ألمي ع واي 7 
ِلَكفِِنَ عَلَ أَلُوّمنِنَ سَبِيلًا 1 [سورة النساء:٠‏ 5 ]١ 5١ -١‏ . 


. 5075/60 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





اتوك قطي ومنعجة في العقيدة 





يقول سيد: " فالاية تبين سمات المنافقين» وترسم لهم صورة 
زرية منفرة» وهم يلقون المسلمين بوجه» ويلقون الكفار بوجه؛ 
ويمسكون العصا من وسطهاء ويتلوون كالديدان والثعابين» فتبدأ 
بتقرير ما يكنه المنافقون للجماعة المسلمة من الشرء وما 
يتربصون بها من الدوائر» وهم - مع ذلك - يتظاهرون بالمودة 
للمسلمين حين يكون لهم فتح من الله ونعمة» في قلوبهم السمء 
وعلى ألسنتهم الدهان " .)١(‏ " فهم لا يريدون خيراً بالمسلمين» 
وإنهم ليسوؤهم أن يجدوا خيراً ! إن تبك حصكة مَسْوَهُمَ ) 
[سورة التوبة:٠5]‏ »© وانهم ليفرحون لما يحل بالمسلمين من 
مصائب» وما ينزل بهم من مشقة ( ويترئص بود ادير 1 [سورة 
النوية ]© فينتظروق-متن تدور: الذائرة على المسلمين 007 

ه- الأمر بالمنكر والنهي _ عن المعروف والإفساد في 
الأرض وزعم الصلاح: 

قال تتفاكة وككالي: | المسودوك لومت م د 


- 


ركوو 20 2 سوا ء سمل 2 16 ع شرم 
يَأمْروت بالمرحكر و وينبوته عن لْمَعَرَوفٍ وَتَفَيِضُورَت رت أيكل م 


مو 


تثرا اله تيم إرت التكؤقوت هم التسثورت () وعدا 


6 


0 


م 


د 


. بتصرف يسير‎ /87- 78١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
في ظلال القرآن ”0031551577 031/ا7.‎ )( 
١ 








اوفك والنترقاق والتف قر كاه باه ني 
ل و12 مُقِيمُ 1 [سورة التوبة:71- 18] . 

يقول سيد: " المنافقون والمنافقات من طينة واحدة» وطبيعة 
واحدة» المنافقون في كل زمان وفي كل مكان تختلف أفعالهم 
وأقوالهم» ولكنها ترجع إلى طبع واحدء وتنبع من معين واحدء 
سوء الطوية ولوم السريرة» والغمز والدس» والضعف عن 
المواجهة» والجبن عن المصارحة؛ تلك سماتهم الأصلية؛ 
سلوكهم فهو الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف» والبخل 
بالمال إلا أن يبذلوه رئاء الناس» وهم حين يأمرون بالمنكر 
وينهون عن المعروف يستخفون بهماء ويفعلون ذلك دساً 
وهمساء وغمزاً ولمزآء لأنهم لا يجرؤون على الجهر إلا حين 
يأمنون. إنهم - توأ اللّهَ - فلا يحسبون إلا حساب الناس 
والمصلحة - فَنَسِيَهُمْ - فلا وزن لهم ولا اعتبار... فهم خارجون 
عن الإيمان» منحرفون عن الطريق موعودون بالنار واللعنة 
والعذاب المقيم " )١(‏ 

وفي الآية الأخرى يبين الله أن المنافقين يفسدون في 
الأرض أشنع الفساد» ويخادعون الناس ويتبجحون بأنهم 


. بتصرف‎ ١777/7 في ظلال القراآن‎ )١( 
الا‎ 








ااه 


والذين يفسدون أشنع الفساد» ويقولون: أنهم مصلحون» 
كثيرون جداً في كل زمان. يقولونها لأن الموازين مختلة في 
أيديهم تتأرجح مع الكهانب ا 

5 - التخلف عن الجهاد والرغبة عنه: 

وهذه صفة بارزة في المنافقين» لأنهم يحبون السلامة والدعة 
' فكثيرون هم أولئك الذين يتهاوون في الطريق الصاعد إلى 
الآفاق الكريمة» كثيرون أولئك الذين يجهدون لطول الطريق 
فيتخلفون عن الركب ويميلون إلى عرض تافه أو مطلب 
رخيص» كثيرون تعرفهم البشرية في كل زمان وفي كل مكان» 
يمثلون نموذجاً مكروراً " ("). 

"' يفرحون بالتخلف عن الجهاد» وتدركهم ثقلة الأرض 
والحرص على الراحة» والشح بالنفقة»؛ء وضعف الهمة وهزال 
النخوة» وخواء القلب من الإيمان فيتركون الجهاد» وينفرون منه؛ 


. بتصرف‎ 44/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
بتصرف‎ ١5772-1١757517 /7” (؟) المصدر السابق‎ 
١1 








177717 77 اتيصاقطية ومنمجة في العفيدة /جم 


ويفضلون السلامة الذليلة على الخطر العزيز» يتساقطون إعياءً 
كلق الضفو ف التحادةالذاحفة العاف يتكاليق» المعوات» ونظل 
هذه الصفوف في طريقها المملوء بالعقبات والأشواك» لأنها 
تدرك بفطرتها أن كفاح العقبات والأشواك فطرة في الإنسان» 
وأنه ألذّ وأجمل من القعود والتخلف والراحة البليدة التي لا تليق 
بالرجال .)١('‏ 





يقول سيد: " إن المنافقين لا يقفون عند حد الكذب والخداع» 
بل يضيفون إليهما السفه والادعاءء فهم ينفون عن أنفسهم 
الإفساد»ء ويتجاوزون إلى التبجح والتبرير بأنهم مصلحون» 
ويضيفون إلى ذلك اللؤم والتآمر في الظلام» ( وَإِدَا لَهُوا أَلَذِيَ 
َامَنُوأ الوأ ءَامَنَا وَإِدَا حَلَوا ِل سَيْطِبِنِيَ كَالوَا إِنَا مَعَكُمْ إِنّمَا ححن 
رم و 


مَسَتَبْرِءُونَ ) إسورة البقرة:4١]‏ . وبعض الناس يحسب اللؤم قوة» 
والمكر السيئ براعة» وهو فى حقيقته ضعف وخسة» فالقوي 


2031579 203178579 بتصرف يسير » وينظر أيضا‎ ١787/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ا‎ 


١ 








ليس لثيماً ولا خبيثاًء ولا خادعاً ولا متآمراً ولا غمازاً في الخفاء 
لمانا ' .)١(‏ 

' وبالإضافة إلى المكر والخداع للذين آمنواء فإن المنافقين 
يسعون بالتخذيل في صفوف الجماعة المسلمة» ويثبطون الناس 
عن الجهاد ويبثون الخور والضعف في الصفوفء وإذا خرجوا 
مع المسلمين أسرعوا بينهم في الوقيعة والفتنة والتفرقة والتخذيل» 
وفي المسلمين من يسمع لهم وفي وقائع التاريخ الكثير من 
أفاعليهم '(0). 





وصف الله - سبحانه وتعالى - المنافقين وحالهم في البخل 
بقوله: ( وَبَفيضورت ا ] [سورة التوبة 51] ' فهم أبخل الناس 
بالمال إلا أن يبذلوه رئاء الناس» وبعضهم يعاهد الله لئن أنعم الله 
عليه ورزقه» ليبذلن الصدقة» وليصلحن العمل» فلما استجاب الله 
له تنكر لوعده وتولى معرضاً عن الوفاء بما عاهد» فيكون ذلك 
سبباً في النفاق في قلبه» وإذا أنفق فإنما ينفق رياءً» ويتخذ ما 
ينفق مغرماًء ولهذا أخبر -سبحانه - أنه لن يقبل منه إنفاقهم؛ 


. 77/7 بتصرف ء وينظر‎ 45 -55/١ في ظلال القران‎ )١( 
5هلاه” -زلاه؟‎ 2785.5 1١75/9 ينظر في ذلك : في ظلال القرآن‎ )١( 


١١8 








وعلل ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله» وأنهم لا ينفقون إلا وهم 


كارهون ٠‏ 
فقال سبحانه وتعالى: ( كُلْ أَنَقِعُوأ طَوَءًا أَوَ كَرَهَا لَن يتقَبّلَ نكم 
نك كر ا ا 1 قوم فقن 120 وها معو أن قبل واي نقد عرو 


اه 


إل د رو لد وَبرسْوله ب 0 العسارة إل وهم 
حكساك وَلاِسْفِفُونَ إلا وهم كُرِهُونَ ) إسورة التوبة:*ه: د] :)١( ٠‏ 

ولم يقف الأمر بالمنافقين عند حد البخل والشح» بل تجاوز 
عداؤهم للإسلام» وخبث الطبع ولؤم النحيزة» أن يرسموا خطة 
لتجويع المؤمنين ومحاربتهم في لقمة العيش وذلك أنهم لخسة 
مشاعرهم يحسبون لقمة العيش هي كل شيء في الحياة؛ كما هي 
في حسهم فيحاربون بها المؤمنين» وخطة التجويع يبدو أن خصوم 
الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان في حرب 
العقيدة ومناهضة الأديان» إنها خطة قريش وهي تقاطع بني هاشم 
في الشعب لينفضوا عن نصرة رسول الله يله ويسلموه للمشركين» 


و - أ 


وهي خطة المنافقين كما تحكيها الآبة: ( هُمْالَْيمُوَ لا شُواعكَ 


. 751/1 0351/7 1552/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
55 








مَنْ عند رَسُول أنه حَىٌ يَنعَضُوأ وله حون ليوات وَالارْضٍ ولك 
الْمَكْفْقِينَ لا يَفْفَهُونَ ؟ [سورة المنافقين ] . 

5- التثاقل وعدم الرغبة في العبادة: 

يقول سيد: " فمن علامات النفاق أنهم لا يأتون الصلاة إلا 
وهم كسالىء فهم يأتونها مظهراً بلا حقيقة» لأن الباعث عليها لا 
ينبتق من أعماق الضميرء إنما يدفعون إليها دفعاء فلا يقومون 
إليها بحرارة الشوق إلى لقاء الله» والوقوف بين يديه؛ والاتصال 
به» والاستمداد منهء إنما هم يقومون يراءون الناس» ومن ثم 
يقومون وهم كسالىء كالذي يؤدي عملا ثقيلء أو يُسخّر سخرة 
شاقة» وكذلك هم لا يذكرون الله إلا قليلآء فهم لا يتوجهون إلى 
الله إنما يراءون الناس» وكذلك ينفقون ما ينفقون وهم كارهين 
مكرهين .)١('‏ 
ٍ التظاهر بأعما 

أشار- سيد - إلى أن القرآن الكريم أوضح أن المنافقون الذين 
يعيشون بين المسلمين متخفين» يتظاهرون بالإسلام وهم له 
كائدون» ويعتمدون على إتقانهم فن النفاق» وعلى خفاء أمرهم في 
الغالب على المسلمين» يمكن معرفتهم من خلال ملامحهم: 





. بتصرف‎ ١655/7” 85/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
54١ 





ترك قطي ومنهجه في العفيدة /ج 





ولهجتهم ونبرات أصواتهم» وإمالتهم للقول عن استقامته» وانحراف 
منطقهم» (وَلتنَّهُرْفِ لح اقول ] إسورة محمد:.م] )١( ١‏ 

وأنهم يتظاهرون بالصلاح» ويستترون ببعض أعمال 
الخير تمويهاً وخداعاً للمسلمين» كما فعل أصحاب مسجد 
الضرار» الذين اتخذو مكيدة للإسلام والمسلمين» والإضرار بهم» 
وستر الكفر» والتآمر على الجماعة المسلمة» تحث شعار الدين. 
وهذا المسجد ما يزال يُتَخذ في صور شتى تلاءم ارتقاء الوسائل 
الخبيثة التي يتخذها أعداء هذا الدين» يُتخذ في صورة نشاط 
ظاهره للإسلام وباطنه لسحق الإسلام» أو تشويهه وتمويهه 
وتمييعه» ويُتخذ في صورة أوضاع ترفع لافتة الدين عليها 
لتترس وراءها وهي ترمي هذا الدين» ويتخذ في صورة تشكيلات 
وتنظيمات وكتب وبحوث تتحدث عن الإسلام لتخدر القلقين 
الذين يرون الإسلام يذبح ويمحق» فتخدرهم هذه التشكيلات 
وتلك الكتب إلى أن الإسلام بخير لا خوف عليه ولا قلق» 
ويُتخذ في صور شتى كثيرة: 

ومن أجل أن مساجد الضرار هذه كثيرة» يتحتم على الدعاة 
كشفها وانزال اللافتات الخادعة عنها وبيان حقيقتها للناس وما 


. في ظلال القراآن: 5" بتصرف يسير‎ )١( 
54 





17/17 17 1 سيصقطي ومنمجه في العقيدة 7و2 





تخفيه وراءهاء ولنا أسوه في كشف مسجد الضرار على 'ضيد 
رسول الله - يَلِكِ - بذلك البيان القوي الصريح" :)١(‏ 

' ويوجد اليوم من يتمسح بالدين أحيانا ممن آمنوا بأفواههم 
ولم تؤمن قلوبهم» ويتلمسون الفتوى للاحتيال على الدين لا 
لتنفيذ الدين» أما إن قال الدين كلمة الحقء وحُكْم الحق» فلا 
حاجه بهم إليه 0( وكلها صور للنستر بالدين لحربه» والله 
غالب على أمره. 


)١(‏ في ظلال القرآن 231101١١9‏ 11لا7. 


١17 








مندهجه ني النبوات والمعاد 
وفيه تمهيد وثلاثة فصول: 
التمهيسد: مقدمة حول الغيب. 
الفصل الأول: الإيمان بالملائكة والكتب وما يتعلق بها. 
الفصل الثاني: الإيمان بالانبياء والرسل. 
الفصل الثالث: الإيمان بالمعاد واليوم الآخر. 


١ 


التمهيد 
مقدمة حول الغيب 

لما تكاقت قضبايا هذا النانه متعافة جتندائل النيوات والفعاد» 
وهي من الأمور الغيبية» يحسن وقبل الدخول في تفاصيلها أن 
أنقل كلاماً نفيساً لسيد قطب -رحمه الله- حول قضية الإيمان 
بالغيب يقول فيه: '" ليس من مستلزمات الخلافة - في 
الأرض- أن نطلع على هذا الغيب» وبقدر ما سخر الله للإنسان 
من النواميس الكونية وعرّفه بأسرارهاء بقدر ما حجب عنه أسرار 
الغيب فيما لا جدوى له في معرفته» وما يزال الإنسان مثلاً على 
الرغم من كل ما فتح له من الأسرار الكونية يجهل ما وراء 
اللحظة الحاضرة جهلاً مطلقاً» ولا يملك بأي أداة من أدوات 
المعرفة المتاحة له أن يعرف ماذا سيحدث له بعد لحظة؛ وهل 
التَقّس الذي خرج من فمه عائد أم هو آخر أنفاسه؟ وهذا مثل 
من الغيب المحجوب عن البشرء لأنه لا يدخل في مقتضيات 
الخلافة» بل ربما كان معوّقاً لها لو كشف للإنسان عنه! وهنالك 
ألوان من مثل هذه الأسرار المحجوبة عن الإنسان في طي 
الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. 


١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





ومن ثم لم يعد للعقل البشري أن يخوض فيه؛ لأنه لا يملك 
الوسيلة للوصول إلى شيء من أمره؛ وكل جهد يبذل في هذه 
المحاولة هو جهد ضائع» ذاهب سدىء بلا ثمرة ولا جدوى. 

وإذا كان العقل البشري لم يوهب الوسيلة للاطلاع على هذا 
الغيب المحجوب» فليس سبيله إذن أن يتبجح فينكرء فالإنكار 
حكم يحتاج إلى المعرفة» والمعرفة هنا ليست من طبيعة العقل» 
وليست في طوق وسائله» ولا هي ضرورية له في وظيفته. 

إن الاستسلام للوهم والخرافة شديد الضرر بالغ الخطورة؛ 
ولكن أضر منه وأخطرء التنكر للمجهول كله وإنكاره» واستبعاد 
الغيب لمجرد عدم القدرة على الإحاطة به؛ إنها تكون نكسة إلى 
عالم الحيوان الذي يعيش في المحسوس وحده. ولا ينفذ من 
أسواره إلى الوجود الطليق. 

فلندع هذا الغيب إذن لصاحبه» وحسبنا ما يقص لنا عنه؛ 
بالقدر الذي يصلح لنا في حياتناء ويصلح سرائرنا ومعاشناء 
فذلك وحده أنفع للبشرية وأهدى " .)١(‏ 

ويقول أيضا: " هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد - 
يه - يتضمن حقائق التصور الإيماني ومنهاج الحياة 
الإسلامية» ويتضمنٌ كذلك أموراً غيبية لا سبيل للعقل البشري 


.777137/5 30154/4 ,ه75/١ وينظر أيضا‎ 51/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
جل‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أن يدركها بوسائله الخاصة» ولا مجال له لأن يدرك منها أكثر 
مما تعطيه النصوص بذاتها. 

فأما الأصول الدقيقة للعقيدة والشريعة فهي مفهومة 
المدلولات؛ قاطعة الدلالة» مدركة المقاصد وهي أصل هذا 
الكتاب»؛ وأما السمعيات والغيبيات... فقد جاءت للوقوف عند 
مدلولاتها القريبة والتصديق بها لأنها صادرة من هذا المصدر " 
الحق " ويصعب إدراك ماهيتها وكيفيتهاء لأنها بطبيعتها فوق 
وسائل الإدراك الإنساني المحدود " .)١(‏ 

" والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها الإنسان» فيتجاوز 
مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه» إلى مرتبة 
الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز 
الصغير المحدود الذي تدركه الحواس» وهي نقلة بعيدة الأثر في 
تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله وحقيقته هو وما حوله من 
القوى» وفي إحساسه بالكون وما وراء الكون.. وعندئذ تصان 
الطاقة الفكرية المحدودة المجال عن التبدد والانشغال بما لم 
تخلق له؛ ولم توهب القدرة للإحاطة به».. وعدم إدراك المجهول 
لا ينفي وجوده في ضمير الغيب المكنون» وعليه أن يكل الغيب 
إلى صاحبه؛ وأن يتلقى العلم في شأنه من العليم الخبير الذي 


.559/١ في ظلال القرآن:‎ )١( 
/ا5‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








يحيط بالغيب والشهادة» وبالتالي كان الغيب هو مفرق الطريق 
في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة " :)١(‏ 

" إن العقيدة التي لا غيب فيها ولا مجهولء ولا حقيقة أكبر 
من الإدراك البشري المحدودء ليست عقيدة» ولا تجد فيها النفس 
ما يلبي فطرتهاء وأشواقها الخفية إلى المجهول المستتر وراء 
الحجب المسدلة؛ كما أن العقيدة التي ليس فيها إلا المعميات 
التي لا تدركها العقول ليست عقيدة! فالكينونة البشرية تحتوي 
على عنصر الوعيء والفكر الإنساني لابد أن يتلقى شيئا مفهوماً 
له» له فيه عملء يملك أن يتدبره ويطبقه» والعقيدة الشاملة هي 
التي تلبي هذا الجانب وذاك.. وهذه إحدى خواص العقيدة 
الإتا ف 0 

وهذا الباب يشتمل على قضايا النبوات وما يتعلق بهاء 
واليوم الآخر وما يتعلق به؛ 
فالإايمان بالنبوات يشمل: الإيمان بالملائكة» والكتب السماوية» 
والأنبياء والرسل. 


23057 2385/75 25١5/١ بتصرفء وينظر:‎ 5٠ -59/١ المصدر السابق:‎ )١( 
ومقومات التصور‎ ءه١545-‎ 1586 ١7 #/لاه‎ ,١١١5 -5 4 
.57” الإسلامي: ص‎ 
.١7١ خصائص التصور الإسلامي: ص‎ )١( 

54 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











أما الإيمان باليوم الآخر: فيشمل قضايا الآخرة» من الموت 
وحتى الاستقرار في الجنة أوفي النار. وهذه القضايا من أصول 
الإيمان التي وردت في الكتاب والسنة» قال تعالى: [ءَامَنَ 


و 2 وم 


لول يمآ أُرِلَ لَه ين ريو اومن عل امن أ وَمليكد. 

َكب وَرُسُلِو- لا تُمرَقُ بيت آَل من رسو ) [سورة البقرة:185] 
وقال كله حين سأله جبريل -عليه السلام - عن الإيمان: ' 

الإيمان أن تؤمن بالله» وملائكته» وكتبه» ورسله؛ واليوم الآخرء 

وتؤمن بالقدر خيره وشره " )١(‏ 

فلا يكون العبد مؤمناً إلا بأن يؤمن بهذه الأركان جميعاً» كما قال 

سبحانه وتعالى: ( يما اَلَذِينَ َ'مَنَْا َ!مِنُوأ الله وَرَسُولِوء وَالْكتب 


لِى َل عكَ َسُولِهء وَألْححتّب الَدِىَ أن مد جل ومن يَكَمٌْ 
النساء:5"١]‏ * 

وقد تكلم سيد - رحمه الله - على هذه الأركان الأربعة من 
أركان الإيمان» وتطرق إلى عدة مسائل مما له صله بهاء كالإيمان 


)١(‏ جزء من حديث جبريل الطويل والحديث رواه البخاري ومسلم وقد سبق تخريجه 


ص 0ت 
48 





117 117 آل لل ا اسيك قطي ومنهجة في العقيدة “وم 





بوجود الجن والشياطين» حيث رأيت أن أذكر ذلك في هذا الفصل 


وعلى هذا فمنهج - سيد قطب - رحمه الله - في النبوات 
والمعاد يتضح من خلال الفصول الآتية: 
الفنصل الأول 
الإيمان بالملائكة والكتب وما يتعلق بها 
وفيه ثلاثة مباحث: 
المبحث الأول: الإيمان بالملائكة. 
المبحث الثاني: الإيمان بالكتب. 


المبحث الثالث: الإيمان بوجود الجن والشياطين. 


117 117 ال لل ل اسيك قطي ومنهجه في العهيدة “ود 





المبحث الأول 
الإيمان بالملائكة 
جه تقديم مبحث الإيمان بالملائكة على ما يليه من المباحث 
ورود ذكر الإيمان بالملائكة في القرآن الكريم في عدة آيات بعد 
الإيمان بالله مقدماً على بقية أركان الإيمان الأخرى؛ كما في سورة البقرة 
التي سبق ذكرها في توطئة الفصل. 
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: " وقدم الملائكة على الكتب 
والرسل نظراً للترتيب الواقع» لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب 
إلى الرسول " (1)؛ فالملائكة 'وسائط بين الله وبين الرسل في تبليغ 
ال ل تلن 
متعددة بيانها في المطالب الآتية: 
المطلب الأول: تعريف الملائكة وحكم الإيمان بهم. 
المطلب الثاني: طبيعة الملائكة وخصائصهم. 
المطلب الثالث: المنحرفون في تصورهم للملائكة. 
المطلب الثاني: التنفضيل بين الملائكة وصالحي البشر. 


.١51١ /١ فتح الباري‎ )١( 
.١57/١ (؟) المصدر السابق‎ 


١1١ 





المطلب الأول 


تعريف الملائكة وحكم الإيمان بهم أثره 
وفيه ثلاثة فروع: 


الفرع الأول: تعريف الملائكة: 
الملائكة في اللغة: جمع 'مَلَك"؛ وقد اختلف العلماء في أصل 
اشتقاقهاء ورجح ابن حجر- رحمه الله - بأنها مشتقه من "المَلّك 
الوه الخد يفون 00 
أما في الاصطلاح: فللناس في تعريف الملائكة أقوال كثيرة: 
" فجمهور أهل الكلام من المسلمين على أنها: أجسام لطيفة 
أعطيت قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ومسكنها السموات» 
وآخرون يرون أنها: الكواكبء أو الأنفس الخيرة التي فارقت 
أجسادهاء ويزعم الفلاسفة: أن الملائكة جواهر روحانية» وغير 
ذلك من الأقوال " (5) 

أما أهل السنة والجماعة فإنهم يقفون في الحديث عن حقيقة 
الملائكة والتعريف بهم عند ما دلت عليه النصوص الشرعية 


)١(‏ فتح الباري لابن حجر: كءةة. 
)١(‏ فتح الباري 1/١‏ كك 
١1‏ 


سيد قطي ومنهجة في العقيدة “وت 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





من الكتاب والسنة» باعتبار حقيقة الملائكة من الغيب الذي ليس 
للناس علم به إلا في حدود ما جاء في تلك النصوص الشرعية. 
تعريف الملائكة عند سيد قطب: يقول - رحمه الله -: " لقد 
تضمن التصور الإسلامي عن عالم الغيب» أن هناك خلقاً من 
عباد الله اسمهم الملائكة» وأخبرنا القرآن الكريم عن قدر من 
صفاتهم يكفي لهذا التصور ويكفي للتعامل معهم في حدوده؛ 
فهم خلق من خلق الله؛ يدين لله بالعبودية» وبالطاعة المطلقة» 
وهم قريبون من الله " .2١(‏ " والمأثور أن الملائكة خَلْقَ من نور 
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون7(') ويقول: ' 
والملائكة خلق آخر من خلق الله لهم خصائصهم ووظائفهمء لا 
نعلم عنهم إلا ما أنبأنا الله من أمرهم' () " فالملائكة خلق آخر 
غير الخلق الإنساني» خلق طبيعة خاصة:» ونحن لا علم لنا بهم 
إلا مما يقوله عنهم الذي خلقهم "(5). 


الفرع الثاني: حكم الإيمان بالملائكة. 
يقول سيد رحمه الله-: " ومن العوالم المغيبة عالم الملائكة؛ 


.٠١ 537/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
.507/8 /5 المصدر السابق‎ )١( 
.١؟55/579 المصدر السابق‎ )"( 

(:) المصدر السابق ٠١57/7”‏ بتصرف. 


١167 





وقد جعل الإسلام الإيمان بها مقوماً من مقومات الإيمان» لا يتم 
الإيمان إلا به» الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر 
والقدر خيره وشره "0). 

ويقول أيضاً: " وهناك عوالم أخرى من الأحياء - غير 
دواب الأرض التي تشمل الإنسان- وهي عوالم أخبرنا الله 
بوجودهاء وليس لنا مصدر آخر للعلم بها إلا ما أخبرنا عنهاء 
هي عالم الملائكة والجن» وقد وصف الله هذين الخلقين» وأخبرنا 
عن طبيعتهماء وعن علاقتهما بالإنسانء بالقدر الذي يهدي 
الإنسان منهج التعامل القويم مع كليهماء وجعل الإيمان 
بالملائكة قاعدة من قواعد الإيمان» لما للملائكة من علاقة 
بالوحي والرسالة».. وانكار وجودهم هو إنكار لمعلوم من الدين 
بالضرورة وتكذيب للقرآن» معناه الكفر طبعاً» وهو أمر عجيب!! 
إذ أنه لا يستند إلى شيء " (5). 


.5 885/65 ,3٠١ 55/5 في ظلال القرآن:‎ )١( 
بتصرف يسير.‎ ١15 مقومات التصور الإسلامي: ص‎ (0 
6 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





الفرع الثالث: أثر الإيمان بالملائكة في حياة البشر: 
ذكر سيد - رحمه الله - في أكثر من موضع بعض أثار الإيمان 

بالملائكة في حياة الإنسان ومن ذلك: 

"-١‏ أن الإيمان بحقيقة الملائكة شأنه شأن الإيمان بالحقائق الغيبية 
المستيقنة التي جاءت من عند الله؛ يوسع آفاق الشعور الإنساني 
بالوجودء فلا تنكمش صورة الكون في تصور المؤمن حتى تقتصر 
على ما تدركه حواسه - وهو ضئيل -. 

1-كما أنه يؤنس قلبه بهذه الأرواح المؤمنة من حوله» تشاركه إيمانه 
بربه» وتستغفر له» وتكون في عونه على الخير- بإذن الله - وهو 
شعور لطيف ندي مؤنس ولا شكء ثم هنالك المعرفة: المعرفة بهذه 
الحقيقة وهي في ذاتها فضل يمنحه الله للمؤمنين به وبملائكته 
01 

؟- " استشعار أن من الملائكة من يحفظ على الإنسان عمله 
ويحصيه عن يمينه وشماله؛ من شأنه أن يجعل الإنسان يعيش في 
حذر دائم ويقظة لا تغفل عن المحاسبة» ويستحضر رقابة الله» 
وتسجيل الملائكة وهو يهم بأي حركة أو كلمة»؛ وأنها ستسجل في 
سجل حسابه الذي سيراه بين يدي الله» فيحسب حسابهاء ويتأدب 


.547/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١" هه‎ 





11( از لل 1 اسيك قطي ومنهجة في العقيدة “ود 





مع ربه ومع الملائكة الكرام حوله» وقد حكي عن الإمام أحمد أنه 
كان في سكرات الموت يئن» فسمع أن الأنين يكتب» فسكت حتى 
فاضت روحه -رضوان الله عليه - هذا نموذج لأولئك الرجال 
1 1 0 ب اننا 1 00 


.5"851/5 المصدر السابق 55557/5 -55257 بتصرفء وينظر أيضا:‎ )١( 


ل 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





المطلب الثاني 


طبيعة الملائكة وخصائنصهم 
أشار القرآن الكريم في عدة آيات إلى طبيعة الملائكة 
وخصائصهم وصفاتهم» وقد ذكر سيد قطب في ظلال تلك 
الآيات هذه الخصائص والصفات» وبيانها في الفروع الآتية: - 


الفرع الأول: صفات الملائكة: من صفات الملائكة التي 
أشار إليها سيد قطب ما يأتي: 

العرط را 00 

-١‏ ' أنهم مجبولون على الطاعة والإيمان والتسليم المطلق لله 
سبحانه وتعالى ' يدينون لله بالعبودية والطاعة المطلقة " و" لا 
يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " وهم " أهل طاعة 
مطلقة» فقد كانوا أولى الخلق بالطمأنينة» ولكنهم دائبون في تسبيح 
ربهم» لما يحسون من علوه وعظمته؛ ولما يخشون من التقصير 
في حمده وطاعته؛ ويشفقون على أهل الأرض المقصرين 
والمنحرفين من غضب الله؛ فيروحون يستغفرون لأهل الأرض 





مما يقع في الأرض من معصية وتقصير.. حتى من الذين آمنوا.. 


.5.078 /© في ظلال القرآن‎ )١( 
١ /اه‎ 





سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 


يستغفرون ربهم ويسبحون بحمده استشعاراًة لعلوه ولعظمته؛ 
واستهوالاً لأي معصية تقع في ملكه؛ واستدراراً لمغفرته ورحمته.. 
"” " إنهم لا يعرفون إلا طريقاً واحداً هو طريق الإيمان ' 
' لا ينزغ في أنفسهم شيطان» فليس له من تركيب طبيعتهم 
مكان» ولا تستبد بهم نزوة» ولا تغلبهم شهوة 2 " وفطرتهم بريئة» 
تتصور إلا الخير المطلقء والسلام الشامل “ " وهم عباد 
مكرمون» قريبون من الله " (") 
"- أنهم ذو أجنحة من حيث تكوينهم الخلقي كما قال سبحانه 


ح 


وتعالى: ١جَاصلٍ‏ التَكيكة ملا أ بحسو مَنق ولت َدْبَع يريد في الل 
ما يسَآهُ 1 [سورة فاطر: ]١‏ : 

يقول سيد: " وهو وصف لا يمثلهم للتصورء لأننا لا نعرف 
كيف همء ولا كيف أجنحتهم هذه؛ ولا نملك إلا الوقوف عند هذا 
الوصفء دون تصور معين له؛ فكل تصور قد يخطئ ولم يرد 
إلينا وصف محدد للشكل والهيئة من طريق معتمد»ء والذي ورد 
في القرآن الكريم هو هذاء وهو قوله تعالى: إعَليْا ملهكدٌ علاط 
'شِدَاكُ لا يَحَصونَ أله مآ أمَرَهُم وَيفْعلُونَ مَا يوْمرُونَ 1 [سورة التحريم:1] 


وهو كذلك. لآ بحده كلذ نا هيئة» والذي ورد في الأثر: " أ 


2٠١57 تنظر الفقرات في: في ظلال القرآن بالترتيب الآتي: ١/8/ات ؟/‎ )١( 
.٠0 [١ 11 آاكاىملث‎ نللكة١‎ 1 5 


١1 








النبي - لِ- رأى جبريل في صورته مرتين " وفي رواية: " له 
ستمائة جناح "(١).؛‏ وهو كذلك لا يعين شكلاً ولا هيئة» فالأمر 
إذن مطلقء والعلم لله وحده في هذه الغيبيات. 

وبمناسبة ذكر الأجنحة مثنى وثلاث ورباع حيث لا يعرف 
الإنسان إلا شكل الجناحين للطائرء يذكر أن الله: ' يَزِيدْ في 
الْخَلْقٍ مَا يَشَاءُ " فيقرر طلاقة المشيئة» وعدم تقيدها بشكل من 
أشكال الخلقء وفيما نشهده نحن ونعلمه أشكال لا تحصى من 
الخلق» ووراء ما نعلم أكثر وأكثرء " إن الله على كل شيء قدير' 
وهذا التعقيب أوسع من سابقه وأشملء فلا تبقى وراءه صورة لا 
يتناولها مدلوله من صور الخلق والإنشاء والتغيير والتبديل '("). 


انويع ١:‏ سلسو من الغيبث الا هنا الله؛ ولا يملكون 





في قصة آدم - عليه السلام- وحواره مع الملائكة وعرض 
الأسماء عليهم 5 بعجزهموبحدود علمهم وهوماعلمهم: ( 

َاُْ سُبْحَمَكَ لا عِلْمَ كنآ إلا مَا عَلَممَمَ 1 [سورة البقرة:؟؟] وهم 
يواجهون المشركين الذين عبدوهم في الدنيا أو يتخذونهم شفعاءء 


' رواه: البخاري في التفسير باب قوله تعالى ' فأوحى إلى عبده ما أوحى‎ )١( 
برقم كلاةة.‎ 1١/5 
في ظلال القرآن ه/7.‎ )١( 
١548 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








هرت قطي ومنمجه في العقيدة /و6 





يواجهونهم يوم القيامة ويتبرؤون من عبادة القوم لهم... 
فالملاتكة لا يملكون للناسس شنيتاء ولا يشتفعوخ عتد انث إلا لمن 

ارتضى' .)١(‏ 'ويقف كل منهم على درجة لا يتجاوز حده "("): 
فذاق لهم القرة على لقال فى صدوزة الكو وميك تليكين كنا 
جاء جبريل -عليه السلام -إلى مريم العذراء: [َتَمَثَّلَ لَهَا بسَرًا 
سيا 1 [سورة مريم:7١]‏ » وكما جاءت الملائكة إلى إبراهيم- 
عليه السلام - في صورة أضياف: (هَلَ أَنَكَ حَدِيتُ صَيْقِ إِرَهِم 
الْتَوييت 107 إذ مَعَلُوا عليه ففَالوا سلما َال سَلم فَْمْ سَكرُونَ 80 مع إل 
أخلوم .ههه يكل تين (15 فتك إلخ كال ال اكور + إسسورة 
الذاريات:4 ؟-172] » وكما جاءت إلى لوط -عليه السلام - 
صورة فتية صباح ملاح (') وكما جاء جبريل -عليه السلام - 
إلى محمد و - في 02 رجل يسأله عن الإسلام» وغير ذلك 
كثير(2). 

'فالملائكة خلق آخر غير الخلق الإنساني» خلق ذو طبيعة 
يعلمها الله وهم كما يقول الله عنهم؛ ونحن لا علم لنا بهم إلا 





.5111١/6 في ظلال القرآن‎ )١ 

؟) المصدر السابق 5٠١١/65‏ 

"') في ظلال القرآن ©/ 7075. 

5) ينظر: المصدر السابق 5/5.؟؟ -5.”؟اى, ه/: 5لا امرت رتكا 


) 
) 
) 
) 


لحيل 





مما يقوله عنهم الذي خلقهم»ء لا يستطيعون أن يمشوا في 
الأرض بهيئتهم التي خلقهم الله عليهاء لأنهم ليسوا من سكان 
هذا الكوكبء ولكن لهم - مع ذلك - من الخصائص ما يجعلهم 
يتخذون هيئة البشر حين يؤدون وظيفة من وظائفهم في حياة 
التو 00 

7- أما عدد الملائكة فلا يعلمه إلا الله» يقول- سيد رحمه الله-: 
' ولكن قد يقربه إلى التصور ما جاء في حديث رسول الله - وَل 
- أنه قال: ' إني أرى مالا ترون» وأسمع مالا تسمعونء أطّتِ 
(') السماء وحق لها أن تئطّء ما فيها موضع أربع أصابع إلا 
وفيه ملك واضع جبهته لله ساجداًء والله لو تعلمون ما أعلم 
لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» ولما تلذذتم بالنساء على الفرش» 
لغوت إلى الطنيذاك تجاروق إتتى: ابه كعات الوددت لدي 
لكر شي 0 


.٠١ 537/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
أطّت: الأطبط: صوت الاقتاب» وأطيط الإبل: أصواتها وحنينهاء أي أن كثرة‎ )١( 
ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطّتء انظر: شرح العقيدة الطحاوية‎ 
غ؛.‎ ١:8١ ص‎ 
2751١ (؟) رواه: الترمذي في الزهد باب قوله لو تعلمون ما أعلم 37/5 :برقم‎ 
وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ؟/575.‎ ١77/5 وأحمد‎ 

١11١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











والسماء التي ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك؛ 
هي هذا الاتساع الهائل الذي لا يعرف له البشر حدوداً والذي 
تبدو فيه شمس كشمسنا ذرة كالهباء الطائرة في الفضاءء فهل 
هذا يقرب شيئا للتصور البشري عن عدد الملائكة؟! ' .)١(‏ 


الفرع الثاني: وظائف الملائكة وأعمالهم: 

' أخبرنا القرآن الكريم أن الملائكة لهم وظائف يكلفون بها 
من ربهم؛ فلا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» فهم 
خلق من خلق الله؛ يدين لله بالعبودية» وبالطاعة المطلقة» قريبون 
من / الل همكرموق عحدهة قال سيحانهة وار لقند اقفن با 
ال ل ا فك (5) لا يسيفوته. بالعَولي وَهْم بِأَمَرِوء 
0 يعَلَمْ ما بين يدوم لق ولاق تَتَمُوست إل ص 
اص وَهُم مِنْ حَنْييو مُشْفِفُونَ 1 [سورة الأنبياء:18-7] » وقال 
بنسبهائهة 357 يدن لا متقكززة عق عاكلف ولا وتتغيرة ا 
اد رشان له انا 1 [سورة الأسابه خديوم 600 

وقد أشار سيد- رحمه الله- إلى عدد من وظائف الملائكة 
وأعمالهم في ظلال الآيات التي تتحدث عنهم ومن ذلك: 


)١(‏ في ظلال القرآن 6/لامه7- ره ؟. 
)١(‏ في ظلال القرآن ٠١57/7‏ بتصرف يسير. 
53 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





-١‏ أذ عرش الرحمنء ويحفون به يوم القيامة 
كذلك: "ولا ندري كيف؟ فليس لنا من علم إلا بقدر ما كشف الله 
لنا من هذا الغيب بقوله تعالى ( الَذينَ تجلُونَ الْعَريَ وَمَنْ حَوَله شَيَحْونَ 
بحَمَدِ ريسم 1 [سورة غافر :"] وقوله: [وَتَركَ الملتيكة حَويتَ هن 
حول الْعَرْش سسَحْوْنَ يحَمَدِ رَيهِمَ 1 [سورة الزمر :5"] » وقوله: (وَحَجِلُ 
عرش رَيْكَ و يِذ ميَةَ 1 [سورة الحاقة:١]‏ . 

" فالملائكة على أرجاء السماء المنشقة أطرافهاء والعرش فوقهم 
يحمله ثمانية أملاك؛ أو ثمانية صفوف منهم؛ أو ثمانية طبقات من 
طبقاتهم؛ أو ثمانية مما يعلم الله» لا ندري نحن... " .)١(‏ 

-١‏ عبادة الله بالصلاة والتسبيح والذكر والدعاء. وقد أشار 
القرآن الكريم إلى أن حياة الملائكة كلها عباده يقول سبحانه 
وتعسالى: [وَمَنْ عنده. لا يسَتَكيرون عَنْ عِبَادتة- ولا مسْتَحيِرُونَ 01 
يحون ادل وَالَارَ لا يترون ] [سورة الأنبياء:5١- ]57١‏ : 

يقول سيد: ' فقوله " ومن عنده " المفهوم القريب أنهم 
الملائكة؛ وإن كان النص عام؛ إلا أن المفهوم من التعبير أنهم 
هم الأقرب إلى الله» " لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ' 


.5580/5 37010. 3077/8 وينظر أيضا‎ ,٠١ 557/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








أي: لا يقصرون في العبادة» فحياتهم كلها عبادة وتسبيح بالليل 
والنهار دون انقطاع ولا فتور" ('). 

وجاءت نصوص أخرى تخبر أنهم يصفون للصلاة؛ ويتلون 
التسبيح والذكرء ويسجدون ويركعونء منها: 

- قوله تعالى: ( ,َه ممَجّدُ مَا فق العَموت وما في الأرض بين دَائَة 
وَالْمَلهَكه وهم لا مسَحَكرونَ (8) يحاون ريم ين هؤِهِمْ وَيَفَعلُونَ ما يؤْمَرُونَ 
1 ا النحل:9: - ]5.٠‏ » " فالآية تخبر أن الأشياء تخضع 
لله بالسجود» ومعها الملائكة» في مقام خشوع وخضوع وعبادة 
وسجودء لا يستكبرون عن عبادة الله ولا يخالفون عن أمره' (5). 
-وقوله تعالى: ( إن ألينَ عند رَيَلَكَ لا كرود عَنْ عِبَاديْوء وسيحوكه, 
َه مَنَجُدُوتَ ) [سورة الأعراف:7١٠]‏ " يضرب الله مثلاً بالذين 
عنده من الملائكة المقربين» فهم دائمون على تسبيح الله وذكره» 
لا يستكبرون عن عبادته ولا يقصرونء وللإنسان أحوج منهم 
إلى الذكر والعبادة والتسبيح " (5) 

- وقوله تعالى: لقت صن 8 تلجت ونا (2 كاتنت وكا ) 
[سورة الصافات:١-‏ "] " وهي طوائف من الملائكة» ذكرها هنا 


)١(‏ في ظلال القرآن 77277/54- 77377 بتصرف يسير. 
)١(‏ في ظلال القرآن .7١175/5‏ 
(*) في ظلال القرآن 71 1١‏ 

5354 








بأعمالها التي يعلمهاء والتي يجوز أن تكون هي الصافات 
قوائمها في الصلاة» أو أجنحتها في ارتقاب أمر الله والتاليات 
للذكر: القرآن أو غيره من كتب الله أو المسبحات بذكر الله " 
('). فالملائكة " عباد من خلق الله؛ لهم وظائف في طاعة الله: 


فهم يصفون للصلاة» ويسبحون بحمد الله " (). 
*- وهم خزنة الجنة وخزنة النار: يستقبلون أهل الجنة بالسلام 
والدعاء» ويستقبلون أهل النار بالتأنيب والوعيد» قال سبحانه 
007 !وبق ان حكَرروا إن هم مر حي إذا جانوها فيكت 
بها وَكَالَ لَهُمَ حَرَبهَآ ألم يَأَيَكمْ رُسُلُ سُلُ يم يَتْلُونَ َلك يكم ابت رَيَكُمَ 
0 ِكَل يَرْمح هذا دالوأ ب وَلكنْ حَدَّت كِلِمَهُ ألْعَدَابِ عل 
كفت (9) ِل ااَخْلوَا يوب جَهَمَ كَنِينَ ذيها ّنس موق 
التسكيريت» (1) وَسِيقَّ 7 ترا وبق إل الكنه وز 52 ذا 
جَآءُوهَا وَفِحَتَ أبْوبْهَا ووَالَ طْثرْ حَرَكَهًا سَكَم عَاِيَحكْم يِبْثْرَ مََدْحْلُوَهَا 
خَددِيبنَ 1 [سورة الزمر:١5-1/1/]‏ ' 

ويقول سبحانه وتعالى: إجَنَتْ عَدْنِ يَنْحلوَمًا وَمَن صَلمَ مِنْ ايم 
جه وديم وَالمليكة يدَحلْدَ عَم سن كل با 5 مَل عكر يما 
م قن مني الثاز ؟ [سورة الرعد:؟؟ - 5 ]١3‏ . 
)١(‏ في ظلال القرآن ©/53185. 


0( المصدر السابق ه/١‏ اق 
١‏ 





" فالملائكة خزنة النار يستقبلون أهل النار يسجلون 
استحقاقهم لها ويذكرونهم بأسباب مجيئهم إليهاء وملائكة النار 
ذو طبيعة غليظة شديدة تناسب طبيعة العذاب الذي هم به 
موكلون: [عَِهَا مليكَهٌ عِلَاظُ بيِدَادُ 1 [سورة التحريم:1] .)١('‏ 

'" وخزنة الجنة يستقبلون أهلها استقبالاً طيباً» بالثناء وبيان 
السبب 'طبتم " وتطهرتم»ء كنتم طيبين» وجئتم طيبين» فما يكون 
فيها إلا الطيب» ولهم الخلود في ذلك النعيم '(). 
ومن أعمال الملائكة أيضاً ما يتعلق بالتعامل مع أهل الأرض: 

يقول سيد: " وهم يتعاملون مع أهل الأرض في صور شتى 
وذكر منها: 
؛ - حفظ العباد بأمر الله: 'حيث جعل الله من الملائكة حفظةً 
على الإنسان " (') قال سبحانه: ( وَمْوَ الْمَارُ موق عِسَادو وَيرْسِلُ 
يم حَتَطَةَ 1 [سورة الأنعام:١1]‏ » وقال: (لك. مُعَيَكَتُ مَنْ بين 


مديخٌ بو حم 31 


يَدَيّهِ وَمِنْ حَلْفِو- يحْمَظوته من أَمَرِ أله رت أنه 1 [سورة الرعد:١١]‏ ' 


ً 


)١(‏ في ظلال القرآن 5514/5 /ه70. 
)١(‏ المصدر السابق 3١57/9‏ 370555/65 8/5 751. 
(؟) المصدر السابق 1777/9. 

اي 


ميد قطي ومنمجه في العفيدة وعم 








وقال: (وَإِنَ عَلَيَكْ لَفِظِينَ 1 [سورة الانفطار:١٠]‏ » " وهؤلاء 
الحافظون هم الأرواح الموكلة بالإنسان من الملائكة التي 
ترافقه؛ وتراقبه» وتحصي عليه كل ما يصدر عنه؛ ونحن لا 
ندري كيف يقع هذا كله» ولسنا بمكلفين أن نعرف كيفيته».. فلا 
ضرورة للخوض فيما وراء النصء ويكفي أن يشعر القلب 
البشري أنه غير متروك سدىء وأن عليه حفظة كراماً ' (") 

ه - تسجيل ما يصدر عن العياد: 'حيث جعل الله ملائكة 
يتابعون العباد ويسجلون عليهم كل ما يصدر عنهم قال سبحانه 
وتتعالى؟ ١‏ بيط عد 15 إل الت توك عن 1 [ضووة ]40007 
أي رقيب حاضرهء لا كما يتبادر إلى الأذهان أن اسمي الملكين 
رقيب» وعتيد! ونحن لا ندري كيف يسجلانء ولا داعي للتخيلات 
التي لا تقوم على أساسء فموقفنا بإزاء هذه الغيبيات أن نتلقاها 
كما هيء ونؤمن بمدلولها دون البحث في كيفيتها التي لا تفيدنا 
معرفتها في شيء» فضلاً على أنها غير داخلة في حدود تجاربنا 
ولا معارفنا البشرية. 

ولقد عرفنا نحن - في حدود علمنا البشري الظاهر- وسائل 
للتسجيل لم تكن تخطر لأجدادنا على بال» وهي تسجل الحركة 
)١(‏ في ظلال القرآن 3١55/5‏ 55 اك 4/5ئء”, ك/رادل"؟. 


.٠١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








والنبرة كالأشرطة الناطقة وأشرطة السينما والتليفزيون» وهذا كله 
في محيطنا نحن البشرء فلا داعي من باب أولى أن نقيد 
الفاق كك #اوطاروقة تهرك منيةة تسكقيةة مره تفنبور اننا البشدزية 
المحدودة» البعيدة نهائياً عن ذلك العالم المجهول لناء والذي لا 
نعرف عنه إلا ما يخبرنا به الله» بلا زيادة! 

وحسبنا أن نعيش في ظلال هذه الحقيقة المصورة» وأن 
نستشعر ونحن نهم بأية حركة وبأية كلمة أن عن يميننا وعن 
شمالنا من يسجل علينا الكلمة والحركة؛ لتكون في سجل حسابنا 
بين يدي الله الذي لا يضيع عنده فتيل ولا قطمير " .)١(‏ 

ويشير سيد - رحمه الله- أيضا في مواضع أخرى إلى أنه 
ربما يكون المقصود بالحفظة أيضاً هم الملائكة التي ترافق 
الإنسان وتراقبه» وتحصي عليه كل ما يصدر عنه؛ كما قال- 
سبحانه - ( وَإنَّ عَلَحْْ لَفِظِينَ 0 كِرَامَا كَنِينَ 20 يعلمُونَ ما تفعَُونَ ) 
[سورة الانفطار:١٠٠- ]١7‏ » فوصف الحافظين بكونهم كراماً 
ليستجيش في القلوب إحساس الخجل بحضرة هؤلاء الكرام» فلا 
يليق أن يطلعوا منه إلا على كريم من الخصال والفعال؛ عندما 


.5255/56 المصدر السابق‎ )١( 
58 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 





تشعر النفس أن عليها حفيظ ورقيب يحصي كل حركة وكل 
نأمة» ويحفظ ما يصدر عنها لا يند عنه شيء " .)١(‏ 

5- تبليغ الوحي إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم: وجعل 
الله من الملائكة أيضاً من يبلغ الرسل وحيه» وقد أعلمنا الله - 
سبحانه - أن جبريل - عليه السلام - هو الذي يقوم بهذه 
الوظيفة» قال سبحانه وتعالى: ( بَِزْلُ المليكة يألروج مِنْ أَمْروء عَك مَن 


تين 


يَكَلهُ مِنّ عبَادِوه أن أنَدِرَأ أَنَّهُ لآ إِلهَ إِلَّا تأ مَأتَّْنِ ؛ [سورة النحل: ؟] 
وقال سبحانه: (كُنْ مَن كات عَدُوَا لَحبرِبِلَ فَإِنَهُ نَل عل كَليِكَ بإِذْنٍ 
أنِ ) [سورة البقرة:97] » ووصفه سبحانه بأنه ذو مرة ' أي قوه 
" وأن الرسول - َك - رآه على هيئة الملائكة مرتين اثنتين» 
بينما جاءه في صور شتى في مرات الوحي التالية: قال سبحانه: 
[وَآلتِ دا هو 0 مَا صَلَّ صَاحبك وما عو 5 وما يلق عن لوك 
3 إن هر لوقك" يق (2) عله سد ال ((3) دز يرو ملست (5) 
وَهْوٌ بالق الاعَلَ (20 ثم دنا نَدَكَ (2) مَكانَ كاب هَوْسَيْنِ أو دَق 05 

وس إل عَبَدِوء مآ أوكك 0 ما كدب الْفَوَادُ ما رأف 0 أممروتة. عل مَا 
رك 57 وَلقَدَ واه يلد لق (5) عند در الفقق (0 عندمَا جَنهُ اق 


1 [سورة النجم: ]١5-١‏ *(') ووحي الله لرسله بواسطة الملك له 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/75١2011 ,”5٠١59/5‏ كرادل"؟. 
)١(‏ في ظلال القران ٠.1‏ 2 ا لاض كا اك 
١84‏ 





عدة صور سيأتي بيانها -إن شاء الله -عند الحديث عن النبوة 
والوحي (0). 
1- تثبيت المؤمنينء وامداد 1 الباطلء وقتا 
فالملائكة " يتنزلون على المؤمنين بالتثبيت والمدد والتأييد في 
معركتهم الكبرى مع الباطل والطاغوت» قال سبحانه: (إنَّ ليت 
انوأ را أنه م اسْتَعحُوا كَتَّكُ عَلِنِهِمُ الَْكِهِحِكَةٌ ألا عَحَاها ولا 
ووأ قروا بِلَلْنَةِ الى شر وُصدُوت ! إسورة فصلت:١"]‏ » 
سو ل يدخ رَبك بعلت 
َالَف من ميك م مَْرَلِينَ و ب إن تَصَيروأ و5 تََقُوأْ ويَأَُوكُم من من فُوَرِهِمَ 
هذا يَدِدَمٌ رَيك بِحَمْسَةَ اللي من الْمكيكة مَوْمِينَ (90) وَمَا جَعَلَهُ أله 
لا متْرئ لك وَلِنَظْمِينَّ لوي يو وما َلتَصْرُ إِلَّا من عند اله لْميرِ ألشكيو 
؟ [سورة آل 000 
قال سبحانه: ([إِذْ يو رَيْكَ إِلَ المليكة أن معكم فَتَينوأ ليت اما 
سَألتى في كُنُوبِ الآ كمَرُواْ أرب فاطْروا هَرَقَ الاق وضْروا 
تق حكن : بَانِ ) [سورة الأنفال:7١]‏ “(0)' " فالله ينزل الملائكة 


.5117١/© ينظر أيضا: في ظلال القرآن‎ )١( 
.٠ في ظلال القرآن‎ )١( 
06 


اسيك قطي ومنعجه في العقيدة )جه 








على المجاهدين في سبيل الله ينصرونهم ويبشرونهم كذلك» 
ويسلطهم على الذين كفروا يقتلونهم " ('). 

وذكر سيد -رحمه الله -أن هناك روايات كثيرة مفصلة عن 
الملائكة في يوم بدرء عددهم وطريقة مشاركتهم في المعركة» 
وما كانوا يقولونه للمؤمنين مثبتين» وما كانوا ونه للمشركين 
مخذلين» وبيّن أن طريقته في الظلال الاكتفاء في مثل هذا 
الشأن من ام الغيب بما يرد في النصوص المستيقنة من 
قرآن أو سنة - والنصوص القرآنية هنا فيها الكفاية: إإِدْ 
شَعفِدوْنَ 53 فانتجات. لك أن ممدكم بالق ين المفيكة 
مروؤيت 1 [سورة الأنفال:1] ' فهذا عددهم رد وى رَبْكَ إل 
سك ا 2 ميرم 
أليصسج هَآَصْرِنوأ كَوْقَّ الْلَعَمَاقَ وأَصْرِنْوأ منْهَم كل بَنَآنِ 1 إأسورة 
الأنفال:؟١١]‏ » فهذا عملهم» ولا حاجة إلى التفصيل وراء هذا.. 
وحسبنا أن نعلم أن الله لم يتريك العصبة المسلمة وحدها في ذلك 
اليوم وهي قلة والأعداء كثرة» وأن أمر هذه العصبة وأمر هذا 
الدين قد شارك فيها الملا الأعلى مشاركة فعلية على النحو 
الذي يصفه الله - سبحانه - في كلماته. 


.171071/9 المصدر السابق‎ )١( 
١ 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة وم 








قال البخاري: باب شهود الملائكة بدراً» وفيه: جاء جبريل إلى 
النبي -يِ- فقال: " ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: " من أفضل 
المسلمين " - أو كلمة نحوها - قال: ' وكذلك من شهد بدراً من 
الملائكة "(5(')01), 

كما ذكر سيد بعض الأحاديث والآثار في تبرؤ الشيطان من 
المشركين يوم بدرٍ لما رأى جبريل يزع الملائكة» وقوله: " إني 
أرى ما لا ترون " (). 

ويشير سيد - رحمه الله- إلى أن أمر معية الله -سبحانه- 
للملائكة في المعركة؛ واشتراك الملائكة فيها مع العصبة 
المسلمة» أمرٌ هائلٌ عظيمٌء لا يجوز أن يشغلنا عنه أن نبحث: 
كيف اشترك الملائكة؟ ولا كم قتيلاآً قتثلت..؟ ولا كيف قتلت..؟ 
فنحن نؤمن بوجود خلق من خلق الله اسمهم الملائكة» ولكنا لا 
ندرك من طبيعتهم إلا ما أخبرنا به خالقهم عنهم» فلا نملك من 
إدراك الكيفية التي اشتركوا بهاء إلا بمقدار ما جاء في النص.. 
وقد أوحى إليهم ربهم: أني معكمء وأمرهم أن بة يثبتوا الذين أمنواء 


ءالالا/١ برقم‎ ١ 5717/5 رواه: البخاري في المغازي باب شهود الملائكة بدراً‎ )١( 
فغدرة‎ 
.١5/85 -1١ 585/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
.1619١ -١6:5./9 المصدر السابق‎ )'( 
١1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








ففعلوا - لأنهم يفعلون ما يؤمرون - ولكننا لا ندري كيف فعلواء 
وأمرهم أن يضربوا فوق أعناق المشركين وأن يضربوا منهم كل 
بنان» ففعلوا كذلك بكيفية لا نعلمها.. 

إن البحث التفصيلي في كيفيات هذه الأفعال كلها ليس من 
الجد الذي هو طابع العقيدة والحركة» ولكنه صار من مباحث 
الفرق الإسلامية وعلم الكلام في العصور المتأخرة» عندما فرغ 
الناس من الاهتمامات الإيجابية في هذا الدين» وتسلط الترف 
العقلي على النفوس والعقول. 

إن وقفة أمام الدلالة الهائلة لمعية الله -سبحانه- للملائكة 
في المعركة» واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المسلمة» لهي 
أنفع وأجدى .)١('‏ 

ويبين سيد - رحمه الله- خطأ الشيخ محمد رشيد رضا - 
رحمه الله - عندما قال: أنه ثبت أن الملائكة لم تشترك في 
المعركة يوم بدر إلا بمخالطة أرواح المؤمنين وتثبيتهم '(5) 
فهذا مخالف لظاهر النصء والنص أولى بالإتباع " (). 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/5/7 ١4/86 -١‏ بتصرف يسير. 
)١(‏ تفسير المنار 575/9 وما بعدها. 
(*) في ظلال القرآن ١575/9‏ هامش .)١(‏ 

١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








/- الدعاء والاستغفار للمؤمنين والانشغال بأمرهم: والملائكة " 
مشغولون بأمر المؤمنين» يسبحون ربهم؛ ويستغفرون للذين آمنوا 
من ذنوبهم» ويدعون ربهم لهم دعاء المحب المشفق المشغول 
بشأن من يحب قال سبحانه: (الَِنَ تجلونَ الْعَرَسَ وَمَنْ حول يحوي 


ِِ 
َه سه لح إل د ل 


بحَمدِ َي وَيُؤّمُونَ يه وسَتَعَفروتَ لِرَِنَ -َامَنوا رَينَا وَسِعَتَ كل عَيْء 
يَحسَةٌ وَعِلَمًا دغر لِلَدينَ ابأ واتسعوأ كك وَهِهمَ عدب للم ((0) رين 
وََدَِلَهُمْ بَِدتِ عَذْنِ الى وَعَدنهُمَ وَمَن مكلم ون َاجَآيِهِمْ وَأَرْوَجِهمَ 
وَدريتِهِذْ إِنّكَ أنت الَْزِيرُ الْحَكيِمٌ 2 وَقِهِمْ ألتيدَاتَ وَمَن بن 
ليعَاتٍ يَوْمَيِذِ مَقَدَ يحتف وكللك هْوٌ لْمَوَدُ اليم ] [سورة 
غافر بك 4 *(١),"فسملة‏ السرون رمق حولة نتكرون 
المؤمنين من البشر عند ربهم» ويستغفرون لهم ويستنجزون وعد 
الله إياهم» بحكم رابطة الإيمان بينهم وبين المؤمنين... 

فهؤلاء المقربون يتوجهون بعد تسبيح اللهء إلى الدعاء 
للمؤمنين من الناس بخير ما يدعو به مؤمن لمؤمن.. الغفران 
والوقاية من العذاب» إلى سؤال الجنة واستنجاز وعد الله لعباده 
الصالحين بدخول الجنة» وصحبة من صلح من الآباء والأزواج 


.٠١ 55/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 


اسيك قطي ومنعجه في العقيدة )جه 











سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 





والذريّات في الجنة» ووقايتهم من السيئات التي توبق أصحابها 
في الآخرة» فإذا 2 منها فقد وقاهم نتائجها وعواقبها " :)١(‏ 
: : ولذلك _عدة 





أ- تبشير المجاهدين بالنصر والغلبة. (5) 
ب- تبشير الأنبياء والصالحين بما يسرهم ومن ذلك: 

-١‏ بشارتهم لإبراهيم - عليه السلام- وزوجه؛ بإسحاق ومن 
وراء إسحاق يعقوب (). 

)5( بشارتهم لزكريا - عليه السلام - بيحيى - عليه السلام-‎ -١ 
)7( - ؟- بشارتهم لمريم بعيسى - عليه السلام‎ 
تبشيرهم للمؤمنين بولايتهم لهم في الدنيا كر وبالجنة»‎ -5 
كما لكك سبحانه وتعالى: (إنَّ الديمح مالو ريما أمَّدُ ثم أَسْتَقَدمُوا‎ 


6 سسا ال و ل 0 ك2 0 ره اسه 


مَتَعرلٌ نهم أله لمَكِيِكَهُ ألا كَحَاوا ولا كَرَوأ 
7 وُعَدُوت كَنَ أَوَاوَكُمْ فى ا لَحَبؤة 6 وق الخرز 
ضهنا انمهي أنَشْْكُم وَْكُم ها ما نعو (©) يلا صن 

شرك ) لدورة فصلت: .0 180 . 


1١ 
: 
حي‎ 
1 


.5١51/5 بتصرف يسيرء‎ 5017١-75070/5 المصدر السابق‎ )١( 
.١؟10757/9 في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق .١5١57/5‏ 

[4) الفصدر السايق 354/١‏ 

(5) المصدر السابق 595/١‏ -5917. 


١ 1/6 





' فالله يكلف الملائكة بالمؤمنين» يفيضون على قلوبهم الأمن 

والطمأنينة» ويبشرونهم بالجنة» ويتولونهم في الحياة الدنيا وفي 
الأفرة 07 

-٠‏ قبض أرواح العباد: أوكل الله - سبحانه - قبض أرواح 
العباد إلى ملك الموت وأعوانه وسماهم رسلاء فقال سبحانه: ١‏ 
حي إذَا جك أَعَدَمُْ الْمَوَت ونه رَسْلنَا وَهُمْ لا يمْرطوةَ 1 إسورة 
الأنعام:١1]‏ » وأخبرنا القرآن الكريم أن من أعمال الملائكة 
قبض أرواح العباد» المؤمنين وغير المؤمنين» وصّوَّر طريقة 
التوفي وقبض الروح لكلا الفريقين: 

أ- أما المؤمنون: فأخبر- سبحانه - أن الملائكة تبشرهم 
بالجنة عند قبض أرواحهم (")»؛ كما في قوله تعالى: [ ١‏ الِنَ 
ونه اتتيكة جين تروت سكم 1536 اننذا الجَثدَ يما كثر 
تَمَْوَنَ 1 [سورة النحل: ؟؟] 

' ومشهد احتضار المؤمنين الطيبين» مشهد هينٌ لين كريمٌ؛ 
نفوسهم طيبة بلقاء الله» معافين من الكرب وعذاب الموت... 
تسلم عليهم الملائكة طمأنة لقلوبهم» وترحيباً بقدومهم " ادخلوا 


.٠١5 5/7 وينظر أيضا:‎ 5١7١ - 5١١١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.٠١ 55/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 


اتيت قطي ومنهجه في العفيدة /و6 








سيد قطي ومنمجة في العقيدة وم 


الجنة بما كنتم تعملون " تعجيلاً لهم بالبشرى» وهم على عتاب 
الآخرة» جزاء وفاقاً غلى ما كانوا يعملون .)١('‏ 
ب-أما الكافرون الظالمون: فإن الملائكة تقبض أرواحهم في 
مشهد مفزع مرعب مكروب مرهوبء الظالمون في غمرات 
الموت وسكراته - ولفظ غمرات يلقي ظله المكروب - والملائكة 
يبسطون إليهم أيديهم بالعذاب» وهم يطلبون أرواحهم للخروج؛ 
وهم يتابعونهم بالتأنيب: إوَلَرْ مَرَعة إذ المَدِمُوت ف عَمَوْتِ أَلْوْتٍ 
والتمكة ايفو ازبية لخركا اللشتحف اين دبك عذات الكرن 
يما ثم تَعُولُونَ عل الله عير َي وَهْدُمْ عَنْ يليو َستَكررُونَ 1 [إسورة 
الأنعام:97] ' عذابٌ مهِينٌ» وتأنيبٌ فاضحٌ؛ 5 على المشهد 
ظلالاً مكروبة '("). 

وأعظم من ذلك ما صوره القرآن الكريم لمشهد احتضار 
الكفار في قوله تعالى: (ِوَْوْ كَرَئة إ يَتَوَقّ ادن كَدَرواً المليكةٌ 
يضرو وجوههمٌ وَأَدبكرَهُمَ و وَدُوقوأ عدّاب الْكَرِيقِ 1 إس ورة 
الأنفال: ]5٠‏ . 

' فالملائكة تستل منهم أرواحهم في مشهد مهين» يضيف 
المهانة والخزي؛ إلى العذاب والموت» وهم يحتضرون وفي نهاية 


.5١59/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
بتصرف يسير.‎ ١١55/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








17 آل 17 17 ل اسيك قطي ومنهجه في العهيدة “ود 





حياتهم على الأرضء ومستهل حياتهم الأخرى التي تفتتح بضرب 
الوخوة والأدبان تحظة لوقاف والضيق والكرفة والفخافة 2١10‏ 
وتعاملهم مع الخلق بقوله: " ولقد كان للملائكة شأن مع البشر 
منذ نشأة أبيهم آدم- عليه السلام- كما أن هذه الصلة امتدت 
في طول الحياة وعرضهاء حتى مجال الحياة الباقية على النحو 
الذي أشرنا إليه فيما سبق " (2). 


3587/5 17107779 في ظلال القرآن 575/79٠ء وينظر أيضا: ؟/: :لاء‎ )١( 
." 1 
.٠١55/7 المصدر السابق‎ )١( 

يل 





المطلب الثالث 


ا لمنحرفون في تصورهم للملائكة وموقف سيد قطب منهم 

تبين لنا فيما سبق التصور الصحيح الذي جاءت به 
النصوص الشرعية لعالم الملائكة» والذي يتضمن الإيمان بوجود 
هذا العالم الغيبي حقيقة» وبصفاته وخصائصه وطبيعته التي 
تحدث عنها النصوص: والإيمان بالأعمال والوظائف التي 
يقومون بها بأمر الله - سبحانه - وعلاقتهم بالله وبالكون 
وبالبشرء على نحو ما سبق ذكره من الفروع السابقة. 

ومع ذلك يوجد من انحرف تصوره لحقيقة الملائكة؛ وهو 
انحراف قديم جديد تعرض له القرآن الكريم بالبيان والنقد 
والتصحيح؛ وقد وقف سيد قطب - رحمه الله- عند هذه القضية 
وبين منهج القرآن الكريم في تصحيح التصور عن الملائكة 
ويمكن بيان ذلك فيما يأتي: 
-١‏ تصور المشركين في الجاهلية القديمة للملائكة: 

ذكر سيد - رحمه الله- في ظلال الآيات التي تتحدث عن 
تصور المشركين للملائكة؛ بأن" العرب في جاهليتهم يعرفون 
الملائكة وكانوا يطلبون أن ينزل الله على رسوله ملكاً يدعو معه 
ويصدقه ولكنهم لم يكونوا يعرفون طبيعة هذا الخلق التي لا 


١04 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





يعلمها إلا الله وكانوا يخبطون في التيه بلا دليل في تصور هذا 
الخلق» وفي نوع علاقته بربه» ونوع علاقته بالأرض وأهلها.. وقد 
حكى القرآن الكريم كثيراً من ضلالات العرب وأساطير الوثنية 
حول الملائكة؛ وصححها كلها لهم ليستقيم تصور من يهتدي 
بهذا الدين منهم» وتصح معرفتهم لهذا الكون وما يعمره من 

وكان الإسلام - من هذا الجانب - منهجاً لتقويم العقل 
والشعور» كما كان منهجاً لتقويم القلب والضمير» ومنهجاً لتقويم 
الأوضاع والأحوال سواء. 

وحكى القرآن الكريم من أضاليل العرب ومن جهالتهم في 
جاهليتهم» أنهم كانوا يظنون أن الملائكة بنات الله! سبحانه 
وتعالى عما يصفون! وأنهم - من ثم - لهم شفاعة عند الله لا 
ترد! 

والراجح: أن بعض كبار الأصنام كانت رموزاً للملائكة! كما 
حكى قولهم هذا في طلبهم أن ينزل الله على رسوله ملكآ 
ليصدقه في دعواه. 
وقد صحح القرآن للمشركين ضلالتهم الأولى وهي قولهم: إن 
الملائكة بنات الله وأن لهم شفاعة عنده في مواضع شتىء من ذلك 
ماجاء في سورة النجم: ( ميم اللّتَ وَالمرّك (5) وَمَمَوءَ اذَه لمر 


١18 





9 آلث: الذَكر ولَهُ التق (25 يِنْكَ إِذا تمد ضِيرّت (255 إن هن إل أسهآ” 
وها نتم وباو م1 أ آم يبا من سُلَطن إن يَيْمُونَ إلا اَن 
تَهَوَى الْأَنمْس وَلِقَدَ جَدَهُمْ ين بَيَمْ الخدت (15 أم للإضن ما ممق (50) مله 
اليه والأوك 8 وكر ين مَلَكِ فى السَموتٍ لا مقن سَتَعَُيُمَ ميا إلا من 
بد أن يَأَدْنَ لَه لمن هملك وبرصح 15 إنَّ ألَدينَ لا مُؤْمُِونَ بالآرة لسَيُونَ 
التيكة مَنِية آلأّقَ (5) وَبَا لم يو من علو إن يتم | 
يُننى مِنَّ كلَيَّ ميا 1 [سورة النجم:9١‏ -88] ١('‏ 
وفي سورة الصافات: ( فَأسَحَفْتَهِم اَن 
م حَلَقَنَا لمَكهِكة إِننا 0-0 إِنّجُم من لفك 
ولت 8 ولد أله وَإتهْمَ 1 0 
وا ل ا 
ُ صقت 2 مَجَعَلُوا يد وَبَْنَ لسو سَبَا وَلَقَدَ لمت لِلَنَهُ ْم لمُحَصَرُونَ 
9 سْبَحَنَ أله عَمَا يَصِدُونَ 1 [سورة الصافات:59١- ]١559‏ . 
حيث يوجه القرآن الكريم الرسول -- أن يناقش معهم تلك 
الأسطورة التي يزعمون فيها أن الملائكة بنات الله» والأسطورة 
الأخرى التي يزعمون فيها أن بينه- سبحانه- وبين الجنة نسباًء 
إنه يحاصر أسطورتهم في كل مساربهاء ويحاجّهم بمنطقهم 


.٠١ 5١ /” في ظلال القرآن‎ )١( 
يك‎ 





ومنطق بيئتهم التي يعيشون فيهاء وهم كانوا يؤثرون البنين على 
اليفاتة» ونعدوق :ولادة الأنثى متحفة؛ وتعدون الأنتن ,مكلوقا أقل 
رتبة من الذكرء ثم هم الذين يدّعون أن الملائكة إناثء وأنهم 
بنات الله. 

فهو هنا يستطرد معهم وفق منطقهمء ويأخذهم به ليروا مدى 
تهافت الأسطورة وسخفها حتى بمقاييسهم الشائعة... ( مَسَتَنْتهِر 
لرَيكَ البكاث وَلَهُمُ لْتوتَ ) أإذا كان الإناث أقل رتبة كما 
يدعون؛ جعلوا لربهم البنات واستأثروا بالبنين؟! أو أختار الله 
البنات وترك لهم البنين؟! إن هذا أو ذاك لا يستقيم! فاسألهم عن 
هذا الزعم المتهافت السقيم ومنشأ الأسطورة كلهاء من أين 
جاءهم علمٌ أن الملائكة إناث؟ وهل هم شهدوا خلقهم فعرفوا 
جنسهم؟... بل هم كاذبون حتى بحكم غُرْفهم ومنطقهم.. وحكمهم 
لا يتفق مع منطقهم؛ وليس لهم سند ولا دليل على هذا الحكم 
المزعوم».. ولا على أسطورة أن بين الله وبين الجنة نسباً وأن 
الملائكة ولدتهم له الجئة " .)١(‏ 

وفي سورة سبأ يبطل القرآن الكريم ما كان عليه المشركون 
من عبادة الملائكة» من خلال الحديث عما سيكون يوم القيامة 
بين الملائكة وبين المشركين فيقول: (وَيَومَ يحَمْرهُمْ جِيعَا ثم يعُول 


)١(‏ في ظلال القرآن هل تتعلا- ٠١‏ بتصرف يسير. 
١8‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











للْملَيِكَةَ مولح بيد كاوا يَعبِدُونَ (0) فَالْوأ سْبَحَنَكَ أت ولك 


0 


صد سعد < زور 


دونهم بل كانوأ يَحَيَدُونَ الع أكرهم بيهم و3 وت م قا لوم لا يمك 
حش لبض تَنَعَا ولا عتما وَبَقُولُ لِلَدِينَ موأ ذُوووا عاب الثَّارِ التى مثر 
ب وي 1 أسسووة عاذت ]| 2 ' فهاهم الملائكة الذين 
كانوا يعبدونهم.. أو يتخذونهم عنده شفعاءء يواجهون بهم» 
فيسبحون الله تنزيهاً له من هذا الادعاء» ويتبرأون من عبادة 
القوم لهم... 

وبالتالي فالملائكة لا يملكون للناس شيئاء ولا الذين كفروا 

١ 1 ع‎ 2. 5 ٠. 

يملك بعضهم لبعض شيتا.. " )١(‏ 
تصورهم لطبيعة الملائكة: وهي طلبهم أن ينزل الله على رسول 
الله يه ملكاً يدعو معه ويصدقه» فيقول- سبحانه -: ( وََاناْ ج27 


08 656 مع ري يت وهو 


ا ا ا بك 

كا لله وجل ولبشنا عليم: ا تاشت :إسييورة 
الأنعام:8- 1] » " فهو يخبر أن الملائكة حين ينزلون إلى 
الأرض على قوم كذبوا برسولهم؛ إنما ينزلوا للتدمير عليهم 
واهلاكهم» ولو أن الله استجاب للمشركين فأنزل ملكاً لقضي 
الأمرء وتم التدميرء ولم يُنظروا إلى مهلة بعد هذا التنزيل.. وهذا 


)١(‏ في ظلال القرآن ه/ ١‏ بتصرف يسير. 
١17‏ 





من رحمة الله بهم.. 

ثم إن اقتراحهم إنزال ملكِ على الرسول - - يصدقه في 
دعواه» دليل على جهلهم بطبيعة الملائكة».. فلو شاء الله أن 
يرسل ملكا يصدق رسوله؛ لتبدى للناس في صورة رجل - لا 
في صورته الملائكية» لأنهم لا يستطيعون أن يمشوا في الأرض 
بهيئتهم الملائكية» لأنهم ليسوا من سكان هذا الكوكبء وعندئذ 
يلتبس عليهم الأمر مرة أخرىء فإذا كانوا يُلبّسون على أنفسهم 
الحقيقة» وهم يعرفون محمد -ة - فكيف يكون اللبس إذا 
جاءهم ملك - في صورة رجل لا يعرفونه - يقول لهم: أنا ملك 
أرسلني الله لأصدق رسوله؛ بينما هم يرونه رجلاً كأي منهم؟! 
إنهم يُلبّسون الحقيقة البسيطة» فلو أرسل الله ملكاً لجعله رجلاً 
وللبس عليهم الحقيقة التي يلبسونهاء ولما اهتدوا قط إلى يقين " 
('. وقد صحح القرآن هذه الضلالة في مواضع أخرى (). 
؟ - تصور الملاحدة للملائكة: 

الإلحاد هو: إنكار وجود الله تعالى؛ ويترتب على هذا 
الإنكار إنكار كل ما يتعلق بالإيمان بالله من الإيمان بالملائكة 
والكتب والرسل واليوم الآخرء وما جاء عن الله تعالى. 


)١(‏ في ظلال القرآن 51/7 ٠١57-٠١‏ بتصرف يسير. 
(") ينظر: المصدر السابق .7١71//5‏ 
05 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








ويمثل الفلاسفة نموذجاً للملاحدة قديماً» فتصورهم للإله تصور 
منحرف؛ حيث يرون أن الإله هو قانون العالم وهيكله» فهو ليس 
الإله الحق الذي جاء به الإسلام» وبالتالي فتصورهم لبقية أركان 
الإيمان تصور منحرف بما في ذلك تصورهم للملائكة» حيث 
يرونها تخييلات من الأنبياء» للتأثير على الجماهير ('). 
ويمثل الملاحدة اليوم من يسمون ' أهل العلمية الحديثة "» يقول 
سيد -رحمه الله-: " والعرب في جاهليتهم -على كل ما في هذه 
الجاهلية من خطأ في التصور- كانوا " من هذا الجانب " أرقى 
من أهل الجاهلية " العلمية! "الحديثة» الذين يسخرون من الغيب 
كله! ويعدون الإيمان بمثل هذه العوالم الغيبية سذاجة غير 
علمية! ويضعون "الغيبية " في كفة» و" العلمية " في الكفة 
الأخرى!... 

ونسأل: ماذا عند أدعياء العقلية "العلمية " من علمهم ذاته؛ 
يحتم عليهم نفي هذا الخلق المسمى بالملائكة» وإبعاده عن دائرة 
التصور والتصديق؟ ماذا لديهم من علم يوجب عليهم ذلك. 

إن علمهم لا يملك أن ينفي وجود حياة من نوع آخر غير 
الحياة المعروفة في الأرض في أجرام 
"ينظر: موقف سيد قطب من الفلاسفة في الباب الثاني -الفصل الأول- المبحث 


الثالث - من هذا البحث؛ ومقومات التصور الإسلامي: ص”57. 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أخرى» يختلف تركيب جوها وتختلف طبيعتها وظروفها عن جو 
الأرض وظروفهاء فلماذا يجزمون بنفي هذه العوالم» وهم لا 
يملكون دليلاً واحداً على نفي وجودها. 

إننا لا نحاكمهم إلى عقيدتناء ولا إلى قول الله- سبحانه-! 
إنما نحاكمهم إلى ' علمهم " الذي يتخذونه إلهاً.. فلا نجد إلا أن 
المكابرة وحدها - من غير أي دليل من هذا العلم - هي التي 
تقودهم إلى هذا الإنكار " غير العلمي '! ألمجرد أن هذه العوالم 
غيب؟ لقد نرى حين نناقش هذه القضية أن الغيب الذي ينكرونه 
هو الحقيقة الوحيدة التي يجزم هذا " العلم " اليوم بوجودهاء حتى 
في عالم الشهادة الذي 
تلمسه الأيدي وتراه العيون " )١(‏ 

*- مدرسة الامام محمد عبده وتأويلها لعالم الملائكة: 

أشار سيد- رحمه الله- إلى" أن من أخطاء مدرسة الإمام 
محمد عبده - رحمه الله - تأويلهم لعالم الملائكة والجن» حيث 
يرون أنه لا يمكن أن يكون لهم وجود مجسم على هذا النحوء 


وآن تكون لهم حركات حسية وتاثيرات واقعية» ومن ثم يرون أن 


)١(‏ في ظلال القرآن 554/7 .٠١ 55-١٠١‏ وينظر أيضا: مناقشة سيد لمن ينكرون 
الغيبية» في ظلال القرآن ١١75١-1١1١١777‏ ومقومات التصور الإسلامي: ص 
1١-١‏ حيث توسع- رحمه الله - في الرد عليهم. 

81 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 


الملائكة تمثيل لقوة الخير والطاعة» والشياطين تمثيل لقوة الشر 
والمعصية» والرجوم تمثيل للحفظ والصيانة.. الخ '(0). 

يقول سيد: ".. ولا نميل إلى المنهج الذي تتخذه مدرسة الشيخ 
محمد عبده في التفسير من محاولة تأويل كل أمر غيبي من 
هذا القبيل تأويلاآ معيناً ينفي الحركة الحسية عن هذه العوالم... 
ثم نقل سيد - رحمه الله- كلام رشيد رضاء في أن مشاركة 
الملائكة في بدر كانت بإلهامهم للمؤمنين من خلال ملابستهم 
لأرواحهم الطيبة ما يثبتون به قلوبهم ويزيدهم ثقة بوعد الله 
بنصرهم.. 

وقال: وهذا الميل الظاهر إلى تفسير أفعال الملائكة بأنها 
مجرد ملابسة لأرواح المؤمنين» وقد جزم في موضع آخر بأن 
الملائكة لم تقاتل يوم بدر على الرغم من قول الله تعالى: [مصْرنوا 
َوْقَ التممَاقَ وَأطْروأ ته كل بََانِ )... كل هذا مبالغة في تأويل 
هذه النصوص المتعلقة بأمور غيبية لا ضرورة لهذا التأويل» لأنه 
ليس هناك ما يمنع من الدلالة الصريحة للألفاظ فيهاء وكل ما 
ينبغي هو الوقوف وراء النصوص بلا تفصيلات لا تدل عليها 


.8077٠ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





دلالة صريحة» وهو المنهج الذي اتخذناه فعلآ " .)١(‏ 

ثم أوضح سيد - رحمه الله - أن سبب هذا الخطأ عند 
أصحاب هذه المدرسة هو تأثرها بالنزعة العقلية بسبب الجمود 
الفكري الذي عاصرته والنزعة الخرافية» ومحاولة الدفاع عن 
الإسلام ضد تهجمات المستشرقين» ولكن ذلك وغيره أدى بها 
إلى الجموح بالعقل وتأويل كثير من الغيبيات. (5) 


المطلب الرابع: 


التفضيل بين الملائكة وصالحي البشر: 
تعددت الأقوال حول تفضيل الملائكة على الأنبياء 
وصالحي البشر أو العكس: - 
-١‏ فمنهم من يقول: ' إن الملائكة أفضل من جميع البشر " (5) 
-١‏ ومنهم من يقول: " إن الأنبياء وصالحي البشر أفضل " (*) 


)١(‏ في ظلال القرآن 15770-15737/7 ١5174‏ بتصرف يسيرء وينظر أيضا: 

موقف سيد قطب من مدرسة الإمام محمد عبده؛ في الباب الثاني من هذا البحث. 

(؟١)‏ خصائص التصور الإسلامي: ص .١9 -١8‏ 

(؟) وممن قال به: الزنمخشري وجماعة:ء وقد رد عليهم الحافظ ابن حجر في الفتح: 

م كلم لمر 

(5:) وهو قول بعض أهل السنة» أما الشيعة فيرون أن الأئمة أفضل من جميع 

الملائكة» ينظر: شرح العقيدة الطحاوية ص١٠‏ 5» وفتح الباري: /١*‏ 585. 
١84‏ 





- ومنهم من يقول: " بالتوقف " )١(‏ 

5- ومنهم من يقول: " بالتفصيلء فشيخ الإسلام ابن تيمية: يرى 
أن الأنبياء والصالحين أفضل من الملائكة باعتبار كمال 
النهاية» وذلك إنما يكون إذا دخلوا دار القرارء ونالوا الزلفى» 
وسكنوا الدرجات العلى» فلا يظهر فضلهم في ابتداء أحوالهم» 
وانما يظهر فضلهم عند كمال أحوالهم؛ بخلاف الملك الذي 
تشابه أول أمره وآخره " ('). ويرى آخرون: أن الأنبياء والرسل 
من البشر أفضل من رسل الملائكة» ورسل الملائكة أفضل من 
صالحي البشرء وصالحوا البشر أفضل من عوام الملائكة. (5) 

ومن خلال استقراء كلام سيد قطب- رحمه الله- حول 
الموضوع نجد أنه يميل إلى تفضيل صالحي البشر على 
الملائكة» ففي ظلال قوله تعالى: ( وَإِدْ دُلنَا يليك أسَجُدُا لدم 
مَسَجَدَُاْ 1 [سورة البقرة:4؟] يقول: " إنه التكريم في أعلى صوره 


)١(‏ وهو مذهب أبي حنيفة ورجحه شارح الطحاوية» انظر: شرح العقيدة الطحاوية: 
ص »4١١‏ وتفسير المنار لمحمد رشيد رضا / 47/4 - 579 584» وفتح 
القدير للشوكاني 7”/ .١١4‏ 

)١(‏ مجموع فتاوى ابن تيمية: 36٠. /4 ,45 /١١ ء9.٠ /٠١‏ -5947, و لوامع 
الأنوار للسفاريني 599/7. 

(؟) ذكره القرطبي وأشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 5/4/١‏ ؟». والرازني 
1 


١8 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








لهذا المخلوق الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء»ء ولكنه وهب 
من الأسرار ما يرفعه على الملائكة» ومنها سر المعرفة» وسر 
الإرادة المستقلة التي تختار الطريق» فازدواج طبيعته» وقدرته 
على تحكيم إرادته في شق طريقه؛ واضطلاعه بأمانة الهداية 
إلى انك ممتطاولقة: الخاضية يعن أَصَرَال تكرييه 00 

" فالإنسان يملك أن يرتفع على مقام الملائكة بحفظ عهده 
مع ربه؛» عن طريق تحكيم إرادته؛ وعدم الخضوع لشهواته؛ 
والاستعلاء على الغواية التي توجه إليه» وهذا مظهر من مظاهر 
التكريم ولا شك " ('). 

ويقول أيضا: ' إن الإنسان بازدواج طبيعته واستعداداته» 
يتحرك في مجال بعيد الآماد مع نفسه ذاتهاء إنه يعرج إلى 
السماوات العلى ويتجاوز_مراتب الملائكة» حين يخلص عبوديته 
لله» ويترقى فيها إلى منتهاهاء أو يهبط إلى مستوى البهيمة حين 
يتخلى عن خصائص إنسانيته» ويتمرغ في الوحل " (") 


)١(‏ في ظلال القرآن /١‏ /اه. 
)١(‏ المصدر السابق .5١ /١‏ 
(؟) المصدر السابق ؟/ 7505/8١ /5 ,١717‏ 397305 3"157, ومقومات 
التصور الإسلامي ص 2558 574. 
558 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








المبحث الثاني 

الإيمان بالكتب 
الإيمان بالكتب التي أنزلها الله -عز وجل -على أنبيائه ورسله 
ركن من أركان الإيمان الستة» وقد دلت آيات كثيرة على أن الله 
-سبحانه وتعالى - أنزل كتباً على بعض الأنبياء والمرسلين 
وأنها اليوم على قسمين: 
القسم الأول: كتب ذات أصل سماويء لكنها حرفت وبدلت 
كالتوراة والإنجيل؛ أو فقدت كالزبور» وصحف إبراهيم وموسى؛ 
والإيمان بهذا القسم من الكتب السماوية يعني: التصديق بأنها 
كلام الله» وأن ما تضمنته حق» قبل أن يصيبها ما أصابهاء وأن 
الموجود منها اليوم ليس هو الذي أنزله الله .)١("‏ 
والقسم الثاني: ما سلم من التحريف والتبديل» وهو القران الكريم 
فقطء وبالتالي فالحديث عن الإيمان بالكتب يشمل جانبين: 
الأول: الإيمان المجمل» بأن أصولها نزلت من عند الله على 
الزمنل خذاية الناسن: 
الثاني: المفصل وهو الإيمان بما أنزل علينا منها وهو القرآن 
الكريم» والعمل به وتحكيمه دون سواه 


. فتح الباري لابن حجر: ١لا ااال وتفسير المنار‎ )١( 
١1١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











وقد قرر سيد قطب - رحمه الله 0 هذين المعنيين قبي 
مواضمع مقارفة ريمكان بيان. نيجه فى بنائه الإنسان والكقب 


المطلب الأول 


الإيمان العام بالكتب إجمالاً 
يقرر - سيد قطب - رحمه الله - في هذا الباب ما يأتي: 
أولا_أن الإيمان بجنس الكتب السماوية من مقتضيات الإيمان 
بالله تعالىء وعنضر من عناصر الإيمان الشامل؛ قال سبحانه: 


سه يك و ا 1024 5 6 كه سم و وبع و ل سس # هه سل ب 
[ ءَامَنَ الرَسُولٌ يمآ أَنَزِلَ إِلِيَهِ مِن رَيَدء وَالْمَؤْمِنونَ كل امن بالل ومليكو- 


7 2 


وَكيو- وَرُسُلِوء 1 [سورة البقرة:185] » وقال سبحانه: [ يس الِنّ أن 
وه ار د ملاس مجم 2 5 2# سو # > *دي لد جبو ل تنيع نتن مو عيرم 1ت 
ولوأ وجُوهَكُم قِبَلَ المَشرقٍ وَالْمَعْرِبٍ ولكِنَ البِرَ مَنّ َامَنَ بالله وَاليَوْمٍ الآخر 


وَالْمَكِيِكةٍ والكتب والبَيَنَ 1 [سورة البقرة:/ا/ا١]‏ . 

وقد وقف سيد -رحمه الله- في ظلال هذه الآيات مقرراً 
حقيقة ترابط أركان الإيمان بما فيها الإيمان بالكتب فقال: " 
والإيمان بكتب الله ورسله بدون تفرقة بين أحد من رسله هو 
المقتهى الظبيغي الذي ينيقق :من الإنمان بالك.في الصبورة القن 
يرسمها الإسلام» فالإيمان بالله يقتضي الاعتقاد بصحة كل ما 
جاء من عند الله» وصدق كل الرسل الذين يبعثهم الله» ووحدة 


١10 


ميد قطي ومنهجة فى العقيدة ” 


الأصل الذي تقوم عليه رسالتهم وتتضمنه الكتب التي نزلت 
عليهم :)١('‏ 

' فالإيمان بالكتاب والنبيين هو الإيمان بالرسالات جميعاً: 
وبالرسل أجمعين؛ وهو الإيمان بوحدة البشرية» ووحدة إلههاء 
ووحدة دينهاء ووحدة منهجها الإلهي ' (") " وانزال الكتب على 
الرسطل سن ستن الله "('أدوائله تماق يفول اده ا 


0 


ءَامِنوا الله وَرَسُولو- وَالْكتبٍ لِى َدَّلَ عل رَسُولِه والكتب ألْذِى 
نَل من مَل ومن يكف أله وَمَلقَكَِه- وَدُنيِه- وَرُسْلِو وَاليوَرِ الآ مد 
كي سور النساء:5١]‏ 

' حيث بِيّن عناصر الإيمان الذي يجب أن يؤمن بها الذين 
أمنواء فهو إيمان بالله ورسوله» وهو إيمان بالكتاب الذي نزل 
على رسوله.. وهو إيمان بالكتاب الذي أنزل من قبلء بما أن 
مصبدن الكتب كلها واحد هق اللءه وأسانيها واحد. هو إسلام الوجه 
لله وافراده بالإلوهية - بكل خصائصها - وطاعة منهجه في 
الحياة» وهذه الوحدة هي المقتضى الطبيعي البديهي لكون هذه 
الكت > قل تحريقيا >”صنافرة غر للد 


."57/١ في ظلال القرآن‎ )١( 

.١59/١ المصدر السابق‎ )١( 

(") المصدر السابق ١١51/7‏ بتصرف يسير. 
594 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





' فالإيمان بالكتاب كله - بوصف أنها كلها كتاب واحد في 
الحقيقة - هو السمة التي تنفرد بها هذه الأمة المسلمة عن 
غيرها '(). 
ثانياً: أن الإيمان بالكتب يعني الإيمان بجهة صدورهاء فالله وحده هو 
مصدرهاء وهو من يملك حق تنزيل الشرائع» وفرض القوانين "(). ' 
وبالتالي الإيمان بأن الكتب السماوية التي نزلت من الله- قبل تحريف 
ما حرف منها- متفقة في أصول العقيدة» أما الشرائع فقد جعل الله 
لكل أة قترفة ومنياها:(") كلقا عوقول أصحهافي نقارقة دناه 
من الغربيين ومن تأثر بهم ممن تأثر بالثقافة الغربية التي تزعم أن 
أصول العقيدة - بما فيها العقائد السماوية- قد تطورت وترقت» 
بتطور الأقوام وترقيتها " (4). 
ثالثاً: الإيمان بأن الله -تعالى-أنزل على بعض أنبيائه ورسله كتباً 
ذكر الله بعضها في القرآن الكريم» يقول - سيد -: " فهؤلاء الرسل 
أنزل الله على بعضهم الكتاب كالتوراة مع موسىء والزبور مع داوود» 
والإنجيل مع عيسى.... والقرآن الكريم المنزل على - محمد 4# -(7): 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/77-1/17 بتصرف. 

(؟) المصدر السابق ١57/5”‏ 5, ه5./5١5.‏ 

(؟) المصدر السابق ؟//51 2١١‏ 55935/5. 

(:) المصدر السابق ١١5/8-1١١517/7‏ بتصرف يسير. 

(5) المصدر السابق ١١5/8-1١1١517/7‏ بتصرف يسير. 
1 





ميد قطي ومنهجة فى العقيدة ” 


رابعاً: إن هذه الكتب نزلت على الرسل على قسمين: 

أ- خاصة بالأقوام الذين نزلت عليهم» كما هو الحال في التوراة 
التي أنزلت على بني إسرائيل» والإنجيل الذي جاء بعدها لبني 
إسرائيل أيضاً» وتبقى بعد موت الرسل في قومهم إلى حين؛ 
ككتب موسى وداود وعيسى - عليهم السلام -. 

ب- عامة لقوم النبي الذي أنزلت عليه وتبقى إلى آخر الزمان 
كيذا القداع *00). 

خامساً: أن الأصل في الكتب التي أنزلها الله على رسله؛ أنها 
كتب هداية وإرشاد للأمم - قبل تحريفها - قال تعالى: ( إِنّآ 
دنا لَه ونا شق 535 تك يها يروت الَدِنَ أشكثرا لزن 
هَادُوأ وَالرَيِنِيُونَ وَالْدَحَبَارُ يما أَسَحُحْفِْظُوأ من ككبٍ أنه وكاتوا عَلَيَهِ 
شبد ) [سورة المائدة:؛ ؛] » " فالله أنزل التوراة لتكون هدى 
ونوراً للضمائر والقلوب بما فيها من عقيدة وعبادات وشريعة 
تحكم الحياة الواقعية وفق منهج 

اللهء يحكم بها النبيون» للذين هادواء فهي شريعتهم الخاصة نزلت 
في حدودهم هذه وبصفتهم د 110 

وقوله تعالى أيضا (دَقَيَِا َك “اكرهم بمبتى أن مرج مُصَيََا َماَق يَدَيْه 


.١١55 1١55/7 المصدر السابق‎ )١( 
./ (؟) في ظلال القرآن‎ 
١54ه‎ 








ميد قطي ومنهجة فى العقيدة ” 


من لتر وََتَهُ الْإِجيلَ فيد هُنَى وَيْْدُ 1 [سورة المائدة:5؛] " فقد 
آأتى الله عيسى بن مريم الإنجيل» ليكون منهج حياة وشريعة 
حكم؛ ولم يتضمن الإنجيل في ذاته تشريعاً إلا تعديلات طفيفة 
في شريعة التوراة وقد جاء مصدقا لهاء وجعل الله فيه هدى 
ونوراً» وموعظة للمتقين» وجعله خاصاً بأهل الإنجيل» فليس 
زشالة جامة اشن شانة شان الخوراة:وشان كل كتاب :وكل 
نمتالة وكل:وسول قبل بهذا النوم الكسر 001 

سادساً: الإيمان بما أخبر الله به في القرآن الكريم من أن الكتب 
السماوية قد حرفت ويذلتث وغيرت يعد أنياكينا» ماهذا القرآن 
الكريم فهو محفوظ بحفظ الله -تعالى - بحيث أصبح هذا الأمر 
معلوما من الدين بالضرورة» فقد أخبر الله -تعالى- في أكثر 
من آية أن أهل الكتاب حرفوا وغيروا وبدلوا 

كتبهم» وانحرفوا عنها إلى أهوائهم وشهواتهم» وما يمليه عليهم 
أحبارهم ورهبانهم» وندّد القرآن الكريم بفعلهم هذا والذي اتخذ عدة 
صور منها: 

١‏ - كتمان ما أنزل الله من الكتاب: قال سبحانه وتعالى: ( إنَّ 


2 


2 2 ل عغودك .ا بيعب لال اإكى مسا داب يي ا كرو 7 مو سول لس جاه 
أَوْلَِك ما يَأَملُوَ فى بطونهمٌ إلا النَاوَ ولا يكلمهم لله د م الف 4 


)١(‏ في ظلال القرآن 1٠0/7‏ بتصرف يسير. 
١15‏ 











لْهُدَئ وَالْصَدَاب يِلمَعْفِرَوَ هَمآ أَسْبَرَهُمْ عَلَ أَلتَارٍ 80 دَلِكَ يأنَ أله 
مَرَّلَ الحكب بالْحَق وَإِنَّ ألِنَ أحْتَلنُوا فى الكتب قن شِمَاقَ بد ) 


[سورة البقرة:4/١]‏ وآيات كثيرة جدا تندّد بكتمان أهل الكتاب 
للحق الذي جاءت به كتبهم 0 

' والتنديد بكتمان ما أنزل الله من الكتاب كان المقصود به 
أولاً أهل الكتاب» ولكن مدلول النص عام ينطبق على أهل كل 
ملة يكتمون الحق الذي يعلمونه؛ ويشترون به ثمناً قليلاً "("). 
' ومظهر آخر من مظاهر الكتمان وهو نبذ كتاب الله وراء 
ظهورهمء وكتمان ما تضمنته من البشرى بهذا النبي '()), ' 
حيث جعلوا الكتاب قراطيس أي في صحائف يتلاعبون بهاء 
فيبدون للناس ما يتفق مع خطتهم في التضليل والخداع؛ 
والتلاعب بالأحكام والفرائضء ويخفون مالا يتفق مع خططهم 
مخ كححاتف القزواج 3(؟ 


.7107 154ء آل عمران ١لاء 181ء النساء‎ 1١55-1١57 ينظر البقرة: الآيات‎ )١( 
.١51//١ في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق .15/١‏ 

(4:) المصدر السابق 7/ .١١55‏ 


١ 
3 


١11/ 





؟ - عدم الالتزام بما جاء به كتابهم والانحراف عنه إلى غيره 
مما يضعه لهم البث 

" لقد كان أهل الكتاب أولى الناس بإتباع الكتاب» وتحكيمه 
في حياتهم؛ وعدم اتباع الطاغوت - وهو كل شرع لم يأذن به 
الله - ولكنهم.. اتبعوا الباطل وما شرعه لهم الكهان والأحبار ولم 
يلتزموا بما أوتوه من كتاب " .)١(‏ 
*- تأويل نصوص الكتاب بما يوافق أهوائهم: وهذه هي 
الصورة الثالشة من صور تحريف أهل الكتاب لكتابهم؛ ففي 
ظلال قوله تعالى: [وَإنّ مِنْهُم لَقْرِينًا يلْوْنَ الستتَهم بالكتب 
تسوه من آلْحكنب وما هُوَ مرت الْكتَبٍ وَيَقُولُوَ هْوَ مِنّ عِندٍ 
أل وَمَا هُوَ مِنَ عند الله وَيَقُولُونَ عَلَ ألو الْكَنْب وَهُمْ يَمْلَمُونَ ) [إسورة 
آل عمران:28] ' يقول سيد - رحمه الله-: " والآية تعرض 
نموذجا للمضلين» الذين يتخذون من كتاب الله مادة للتضليل» 
يلوون ألسنتهم به عن مواضعه؛ ويؤولون نصوصه لتوافق أهواء 
معينة» ويشترون بهذا كله ثمناً قليلاآ ومن بين ما يلوون ألسنتهم 
به ويحرفونه ويؤولونه ما يختص بمعتقداتهم التي ابتدعوها عن 
المسيح عيسى بن مريم؛ مما اقتضته أهواء الكنيسة وأهواء 
الحكام سواء... وآفة رجال الدين حين يفسدون أن يصبحوا أداة 


)١(‏ المصدر السابق 5 . بتصرف يسير. 
١556‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








طيعة لتزييف الحقائق باسم أنهم رجال الدين» وهذه الحال التي 
يذكرها القرآن الكريم عن هذا الفريق من أهل الكتاب»ء نعرفها 
نحن جيداً في زماننا هذاء فهم كانوا يؤولون نصوص كتابهم؛ 
ويلوونها ليا ليصلوا منها إلى مقررات معينة؛ يزعمون أنها مدلول 
هذه النصوصء وأنها تمثل ما أراده الله منهاء بينما هذه المقررات 
تصادم حقيقة دين الله في أساسهاء معتمدين على أن كثرة 
السامعين لا تستطيع التفرقة بين حقيقة الدين ومدلولات هذه 
النتصوص الحقيقية» وبين تلك المقررات المفتعلة المكذوبة التي 
يُلجئون إليها النصوص إلجاءً» وهي آفةٌ تبتلى بها كل أمة 
يرخص دين الله فيها على من ينتسبون إليه؛ فهذا النموذج من 
بني إسرائيل» كانوا يتلمسون الجمل ذات التعبير المجازي - في 
كتاب الله ويلوون بها ألسنتهم - أي في تأويلها واستخراج 
مدلولات منها هي لا تدل عليهاء ليوهموا الدهماء أن هذه 
المدلولات المبتدعة هي من كتاب الله؛ ويقولون هذا ما قاله الله 
وهو -سبحانه- لم يقله :)١('‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن 4١41-414/١‏ بتصرف يسير. 
١-81‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








وعموماً " فقد أصبحت الديانات العظمى قبل الإسلام فريسة 
العابثين والمتلاعبين» ولعبة - المحرفين والمنافقين - حتى فقدت 
روحها وشكلهاء فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها .)١('‏ 

"واذا كان الأمر كنا سيق" تيافه من أخ: الكتي السعازية 
السابقة للقرآن قد حرفت وبدلت» فلا يجوز بالتالي أن يستمد 
منهاء ولا أن يتلقى عنها شيء من أمور الدين» فما كان حقاً 
فيها فقد احتوى عليه القرآن الكريم أو نسخه؛ وما كان باطلاً فلا 
يجوز أخذه بل ولا الالتفات إليه» لأن التلقي عن هذه الكتب 
المحرفة يعنى الهزيمة الداخلية ابتداءً» والتخلي عن دور القيادة 
المناط للأمة المسلمة» والشك في كفاية كتابها ومنهجها لقيادة 
الحياة» وهذا بذاته دبيب الكفر" (1). 

" ولذا كان رسول الله - وي - يتشدد مع أصحابه - رضوان 
الله عليهم - في أمر التلقي في شأن العقيدة والمنهج عن أهل 
رسول الله؛ إني مررت بأخ يهودي من بني قريظة؛ فكتب لي 
جوامع من التوراة» ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول 


)١(‏ المصدر السابق ."١539/5‏ والعبارة نقلها سيد عن أبي الحسن الندوي» من 
كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: ص ؟7. 
(؟) في ظلال القرآن /5. 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








ميد قطي ومنهجة فى العقيدة ” 


الله - يخ -... فقال عمر: رضيت بالله ربأ وبالإسلام ديناًء 
وبمحمدٍ رسولاً قال فسري عن النبي - يك - وقال: 'والذي نفسي 
بيده لو أصبح فيكم موسى - عليه السلام - ثم اتبعتموه 
وتركتموني لضللتم» إنكم حظي من الأممء وأنا حظكم من النبيين 
' (')' وقال ك: " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن 
يهدوكم وقد ضلواء وانكم إما أن تصدقوا بباطلء واما أن تكذبوا 
بحقء وإنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا 
أن يتبعني " (") هؤلاء هم أهل الكتاب» وهذا هو هدي رسول 
الله يل في التلقي عنهم "(5): 

سابعاً: اعتقاد كذ 





ذآ هه 


ففي ظلال قوله تعالى: ( وما دروا أمَهَ حَقّ قدروء إِدْ فَالُواْ مآ أَرَلَ َه عل 


تر من عَوَوٌ قل عن أَرَلَ الكتب الى جه يو دوم ذا وخلق إلدّاين ) 

[إسورة الأنعام: ]1١‏ ؛ يقول سيد حرحمه الله -: " كان المشركون 
في معرض العناد واللجاج يقولون: إن الله لم يرسل رسولاً من 
البشرء ولم ينزل كتاباً يوحي به إلى بشرء بينما كان إلى جوارهم 


)١(‏ رواه: أحمد »47١/7‏ قال الأرناؤوط في إسناده ضعف: انظر: المسند بتحقيق 
الأرناؤوط .١198/76‏ 
(؟) رواه: 78/7" قال الأرناؤوط في إسناده ضعف ؟5578/77. 
(؟) في ظلال القرآن ١/40-459؛‏ بتصرف. 
0١‏ 








في الجزيرة أهل الكتاب من اليهود»ء ولم يكونوا ينكرون عليهم 
أنهم أهل كتابء ولا أن الله أنزل التوراة على موسى - عليه 
السلام - إنما كان قولهم ذلك عناداً» ليكذبوا برسالة محمد - 
- وهذا القول الذي كان يقوله مشركوا مكة في جاهليتهم؛ 
يقوله أمثالهم في كل زمان» ومنهم: 

-١‏ الذين يزعمون أن الأديان من صنع البشرء وأنها تطورت 
وترقت بتطور البشر وترقيهم» دون تفريق منهم بين الديانات 
الوثنية التي من صنع البشرء وبين الديانات التي جاء بها 
الرسل من عند الله» وهي ثابتة على أصولها الأولى» جاء بها 
كل رسولء فتقبلتها فئة وعتت عنها فئة؛ ثم وقع الانحراف عنها 
والتحريف فيها:... 

؟- بعض الفلاسفة في القديم والحديث» والذين يقولون: إن خالق 
هذا الكون الهائل لا يمكن أن يعني بالإنسان " الضئيل " في 
هذه الذرة الفلكية التي اسمها الأرض! بحيث يرسل له الرسلء أو 
ينزل على الرسل الكتب لهداية هذا المخلوق الصغير في هذا 
الكوكب الصغير».. "- الماديون الملاحدة الذين 
يقولون: إنه ليس هناك من إله ولا من وحي ولا من رسل.. إنما 
هي أوهام الناس أو خداع بعضهم لبعض باسم الدين" .)١(‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن 5 بتصرف يسير. 
م١‏ 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








1717 1 اتوت قطي ومنمجة في العفيدة )جه 





4 - ومثلهم من كذب بكتاب واحدٍ من كتب الله التي أنزلها على 
رسله في أي زمان ومكان» كما قال سبحانه: ( الي كَدَووا 
بالحكتن: نيما اتتاقا وى فقكا شوق كلرت] السححصورة 
غافر:١٠2]‏ ' وهم كذبوا كتاباً واحداًء ورسولاً واحداً» ولكنهم إنما 
يكذبون بهذا بكل ما جاء به الرسل» فهي عقيدة واحدة.. ومن ثم 


فهم كذبوا بكل رسالة وكل رسول'(0). 


7 في ظلال القرآن:‎ )١( 





المطلب الثاني 


الإيمان بالقرآن الكريم 

الذي يقرأ ما كتبه سيد قطب حرحمه الله- وخاصة في 
الظلال والمعالم والمقومات؛ يجد أنه يولي عناية خاصة بالقرآن 
الكريم» وقد سبق معنا - عند الحديث عن مصادر التلقي - 
بيان كلامه عن القرآن الكريم وبيانه لأهمية العيش في ظلال 
هذا الكتاب العظيمء والاستمداد منه» وأهميته في حياة الأمة 
المسلمة» والحكمة من تنزيله» كما أوضحنا منهجه حرحمه الله - 
وطريقته في فهم القران والانتفاع والحركة به في الحياة الواقعية؛ 
واعتباره المصدر الوحيد للعقيدة الإسلامية؛ باعتبار أن حديث 
رسول الله - هله - ليس إلا أثراً من آثار القرآن الكريم. 

وعرضنا أيضا كلامه حرحمه الله - حول أهمية حصر 
مصدر التلقي في القرآن الكريم» وأثر ذلك في حياة البشرية» 
والذي يتمثل في صلاحهاء ووحدتها فكراً وسلوكاً» وبعداً عن 
الهوى والخرافة. (") 
كما بينا عند الحديث عن الصفات الإلهية وموقف سيد منها: 


)١(‏ ينظر: المطلب الأول من المبحث الأول - الفصل الثاني- الباب الثاني من 
هذا البحث. 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أنه يقرر أن القرآن الكريم كلام الله ووحيه إلى نبيه - يه - 
وينكر على المعتزلة قولهم بخلق القرآن ١(‏ 
ونضيف هنا ما يتعلق ببيان سيد - رحمه الله - لمكانة 
القرآن الكريم بين الكتب الإلهية» وما امتاز به عليهاء وما اشتمل 
عليه من الخصائصء وذلك كما يلي: 
أولاً: خصائص القرآن الكريم: أشار سيد إلى بعض 
خصائص القران الكريم ومنها: 
-١‏ أنه ناسخ لما قبله» ومهيمن عليه» ومصدق لما قبله من 
قال سبحانه وتعالى: ١‏ وَأَدَلنا إِلنَكَ الكتب بِآلْحَنَ مُصَدْمًا لَمَا بيت 
يَدَيْهِ مِنَ ألحكتب وَمهَيوِنًا عََنَهِ 1 [سورة المائدة:1/8] » يقول سيد: " 
إنها الرسالة التي جاءت تعرض " الإسلام " في صورته النهائية 
الأخيرة» ليكون دين البشرية كلهاء ولتكون شريعته هي شريعة 
الناس جميعاً» ولتهيمن على كل ما كان قبلها وتكون هي 
المرجع ل ا التحياة الكدرية يكف بوكارابلد 
الأرض ومن عليهاء فهذا الكتاب هو المرجع الأخير في منهج 
الحياة» وشرائع الناس ونظام حياتهم ومن ثم فكل اختلاف يجب 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أن يرد إلى هذا الكتاب ليفصل فيه؛ سواء كان هذا الاختلاف 
في التصور الاعتقادي بين أصحاب الديانات السماوية» أو في 
الشريعة التي جاء هذا الكتاب بصورتها الأخيرة» أو كان هذا 
الاختلاف بين المسلمين أنفسهم .)١('‏ 

' فهو يصدق ما بين يديه من الكتب التي نزلت من عند الله 
- في صورتها التي لم تحرف لا فيما حرفته المجامع وقالت: 
إنه من عند الله - هو يصدقها لأنها جاءت بالحق الذي جاء به 
في أصول العقيدة؛ أما الشرائع فقد جُعل لكل أمة شرعة 
ومنهاجٌ» في حدود العقيدة الكبرى في الله '(5): 

' أما ما اختلف فيه أهل الكتب السابقة فإن القرآن يقص 
عليهم أكثر الذي هم فيه يختلفون كما قال سبحانه: ( إنَّ مْدَا 
لقان يَعْصٌ عل بق إِسْرَيِيلَ كر الى هُمْ فيه بيذت 1 إسورة 
النمل:5لا] » 
ومما قصه الله عليهم وفصل الخطاب فيه: 
-١‏ اختلافهم في ماهية المسيح - عليه السلام - هل هو 
إنسان؟ أم الله؟ أم ابن الله؟ أم أحد الأقانيم الثلاثة التي يتركب 
منها الإله بزعمهم» إلى آخر ما ثار في المجامع النصرانية وبين 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/1505-9.537. 
(١؟)‏ المصدر السابق .١١51//7‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











الفرق» فجاء القرآن الكريم يقول كلمة الفصل بين هؤلاء جميعا 
قال عن المسيح إنه: كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه» وانه 
بشر وليس إله.. 

؟- اختلافهم في مسالة صلب المسيح - عليه السلام- فجاء 
القرآن بالخبر اليقين فقال سبحانه: ١‏ وَمَوَلِهمٌ إِنَا مَكلَنَا ألْسِيحَ عِسَى 
إن ري وَسُولَ أله ومَا عَكَُوهُ وما صَلَبْوهُ ولَككن سه ل وَإِنَّ أن تلوأ 
د قن كك ننه الك يدوق علي ل نا قر ينا و1 ويا اليل 
رَمَعَهُ لَه َه وكنَّ أَنَهُ عَزيَ حكيهًا 1 [سورة النساء:57١-/51١]‏ . 
“- ومن قبل حرف اليهود التوراة» وعدلوا تشريعاتها الإلهية: 
فجاء القرآن الكريم يثبت الأصل الذي أنزله الله ( وَكَبََا عَليمَ ذيبَآ 

أن القن بالقين. والعزر تت المي عن لف والأدت 
ان لصن لسن الع وه قَصاص فُمَن تَصَدّفَت به فهو 
كَثَارَةٌ لد وس لَرَ مَتَحكُم يمآ أرَلَ لَه وليك هْمْ الطَِمُونَ 
[إسورة ا 

؛- " وحدثهم القرآن الكريم حديث الصدق عن تاريخهم 
وأنبيائهم» مجرداً من الأساطير الكثيرة التي اختلفت فيها 
رواياتهم» مطهراً من الأقذار التي ألصقتها هذه الروايات 
بالأنبياء» والتي لم يكد نبي من أنبياء بني إسرائيل 0 
نظيفاً... فطهر القرآن صفحات هؤلاء الرسل مما لوثتهم 


١ 


الأساطير الإسرائيلية التي أضافوها إلى التوراة المنزلة» كما 
صحح الأساطير عن عيسى بن مريم -عليه السلام- فهذا 
القرآن المهيمن على الكتب قبله» الذي يفصل في خلافات القوم 
فيهاء ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه.. هو الحكم الفصل " :)١(‏ 
؟- أنه محفوظ من التحريف والتبديل باق إلى قيام 
الساعة: 
فالقرآن الكريم يختلف عن الكتب السابقة» في أنها نزلت على 
أقوام معينين» وأسندت مهمة حفظها والقيام عليها على الأنبياء 
والأقوام التي نزلت عليهم» فبقت فتره من الزمن بعد أنبيائهاء ثم 
دخلها التحريف والتبديل - كما سبق بيانه - أما القرآن الكريم؛ 
فإنه نزل للبشرية عامة إلى قيام الساعة» وتكفل الله بحفظه من 
التحريف والتبديل حتى آخر الزمان» كما قال سبحانه وتعالى: ( 
ِنَا حَحْنُ نَزَلَنَا أَلذّكْرَ وَإِنَا ل لِظُوتَ 1 [سورة الحجر:1] » يقول سيد: 
" فهو باق محفوظ لا يندثر ولا يتبدل» ولا يلتبس بالباطل ولا 
يمسه التحريفء وهو يقود البشرية إلى الحق برعاية الله 
وحفظه.... وننظر اليوم من وراء القرون إلى وعد الله الحق 
بحفظ هذا الذكر؛ فنرى فيه المعجزة الشاهدة يربانية هذا الكثاب» 


)١(‏ في ظلال القرآن 7775-7575/0 بتصرف يسير. 
1لا 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








رغم تقلبات الأحوال والظروف والملابسات والعوامل على هذا 
الكتاب في خلال القرون السابقة» والتي ما كان يمكن أن تتركه 
مَصَبوتا متحفوظلا لا تفيدل فيه كلفة ول تخزف فية: حملة: لزلا أن 
هنالك قدرة خارجة عن إرادة البشرء أكبر من الأحوال والظروف 
والملاسينات والعوامل» تحفظ هذا الككاب مين التغيين والتيديل: 
وقد حاولت الفرق الكثيرة أن تدس في حديث النبي يَلِةِ وأن 
تؤول معاني النصوص القرآنية لتوافق أهواءها.. لكنها عجزت 
جميعاً أن تحدث حدثاً واحداً في نصوص هذا الكتاب المحفوظء 
وبقيت نصوصه كما أنزلها الله» حجة باقية على كل محرّفٍ 
وكل مؤوّلٍ» وحجة باقية كذلك على ربانية هذا الذكر المحفوظ. 
وحتى في زمن الضعف الذين يعيشه المسلمون اليوم» والذي 
ضعفوا فيه عن حماية أنفسهم؛ وعن حماية عقيدتهم» وأرضهمء 
وأعراضهم وأموالهم وأخلاقهم وعقولهم؛ وتسلط عليهم أعداؤهم 
في كل جوانب الحياة؛ إلا أن أعداء هذا الدين مع هذا كله لم 
يستطيعوا تبديل نصوص هذا الكتاب ولا تحريفهاء ولم يكونوا في 
هذا من الزاهدين» فلقد كانوا أحرص الناس على بلوغ هذا الهدف 
لو كان يبلغ؛ وعلى نيل هذه الأمنية لو كانت تنال؛ لكنهم لم 
يقدروا على إحداث شيء في هذا الكتاب الذي لا حماية له من 


١.0 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





أهله المنتسبين إليه» فدل على ربانيته واإعجازه " :)١(‏ 
*. أنه دستور شامل ومنهج كامل للحياة البشرية إلى 

قيام الساعة: 

" أراد الله - تعالى- أن يكون هذا القرآن هو الرائد الحني 
للبشرية بعد وفاة الرسول يل لقيادة أجيال هذه الأمة» وتربيتهاء 
واعدادها لدور القيادة الراشدة الذي وعدها به» كلما اهتدت 
بهديه... وهذا القرآن ليس مجرد كلام يتلى» ولكنه دستور شامل» 
دستور للتربية» وللحياة العملية» تضمن عرض تجارب البشرية 
من لدن آدم - عليه السلام - وقدمها زاداً للأمة المسلمة في 
جميع أجيالها '(1). 
اتولقة جا وغ مهةه الويتالة للبشرية حنسا بلس سق الزقكة 
العقلي» جاءت كتاباً مفتوحاً للعقول في مقبل الأجيال» شاملا 
لأصول الحياة البشرية التي لا تتبدل» مستعداً لتلبية الحاجات 
المتجددة» التي يعلمها خالق البشرء وهو أعلم بمن خلق» وهو 
اللطيف الخبير. 

لقد وضع هذا الكتاب أصول المنهج الدائم لحياة إنسانية 
متجددة» وترك للبشرية أن تستنبط الأحكام الجزئية التي تحتاج 
)١(‏ في ظلال القرآن 7١791 -7١71/5‏ بتصرف. 


يه في ظلال القران 0١‏ بتصرف. 
١/٠١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








إليها ارتباطات حياتها النامية المتجددة» واستنباط وسائل تنفيذها 
كذلك بحسب الظروفء دون اصطدام بأصول المنهج الدائم.. 
وقيمة هذا المنهج أنه متوازن متناسق» في كل تشريعاته 
وتكاليفه.. .)١("‏ 
:- أنه معجزة الإسلام الخالدة: ' إن معجزة الإسلام هي 
القرآن» وهو كتاب يرسم منهجاً كاملاً للحياة؛ ويخاطب الفكر 
والقلب» ويلبي الفطرة القويمة» ويبقى مفتوحاً للأجيال المتتابعة 
تقرؤه وتؤمن به إلى يوم القيامة» أما الخارقة المادية فهي 
تخاطب جيلاً من الناس» وتقتصر على من يشاهدها من هذا 
لحيل "0 

'"ولقد شاء الله أن يجعل هذا القرآن هو معجزة هذه الرسالة - 
ولم يشأ أن ينزل آية قاهرة مادية تلوي الأعناق وتخضعها 
وتضطرها للتسليم- ذلك أن هذه الرسالة الأخيرة رسالة مفتوحة 
للأمم كلهاء وللأجيال كلهاء وليست رسالة مغلقة على أهل زمان 
أو أهل مكانء فناسب أن تكون معجزتها مفتوحة كذلك للبعيد 


.755/85 /5 ,75٠08 /5 بتصرفء وينظر‎ 740١ /5 المصدر السابق‎ )١( 
.7711 /4 المصدر السابق‎ )١( 
1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








4.6 قنع 0 5 اك ّ ءِ كد 5 ٠‏ .4 590 عند 
والقريب »)١('‏ وسيأتي بيان أوجه الإعجاز في القرآن الكريم 
الحديث عن المعجزات في الفصل القادم - أن شاء الله -. 


انا سيد -رحمه الله - 





إلى بعض صفات القرآن الكريم في مواضع متعددة» ومنها: 
-١‏ أنه كتاب مبارك: قال تعالى: وعدا كت أَنرَلتَهُ مبَارَكُ مُصَرَّقٌ 
أل ين يديه 1 [سورة الأنعام:؟1] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " إنها سنة من سنن الله أن يرسل 
الرسلء وأن ينزل الله عليهم الكتب» وهذا الكتاب الجديد الذي 
ينكرون تنزيله» هو كتاب مبارك» وصدق الله» فإنه والله مبارك.. 
مبارك بكل معاني البركة: - 

* إنه مبارك في أصله. باركه الله وهو ينزله من عنده. 

* ومبارك في محله الذي علم الله أنه له أهل» قلب محمد يه 
الطاهر الكريم الكبير. 

* ومبارك في حجمه ومحتواه» فإن هو إلا صفحات قلائل 
بالنسبة لضخام الكتب التي يكتبها البشرء ولكنه يحوي من 
المدلولات والإيحاءات والمؤثرات والتوجيهات في كل فقرة منه ما 
لا تحتويه عشرات من هذه الكتب الضخام» في أضعاف 


.55/86 المصدر السابق ه/‎ )١( 
١/1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أضعاف حيزه وحجمه! وإن الذي مارس فن القول عند نفسه 
وعند غيره من بني البشرء وعالج قضية التعبير بالألفاظ عن 
المدلولات» ليدرك أكثر مما يدرك الذين لا يزاولون فن القول ولا 
يعالجون قضايا التعبيرء أن هذا النسق القرآني مبارك من هذه 
الناحية» وأن هنالك استحالة في أن يعبر البشر في مثل هذا 
الحيز - ولا في أضعاف أضعافه- عن كل ما يحمله التعبير 
القراني من مدلولات ومفهومات وموحيات ومؤثرات. 

* وانه لمباركٌ في أثره» وهو يخاطب الفطرة والكينونة البشرية 
بجملتها خطاباً مباشراً عجيباً لطيف المدخلء ويواجهها من كل 
منفذ وكل درب وكل ركنء» فيفعل فيها ما لا يفعله قول قائل» 
ذلك أن به من الله سلطاناً» وليس في قول القائلين من سلطان!. 

ولا نملك أن نمضي أكثر من هذا في تصوير بركة هذا 
الكتاب» وما نحن ببالغين لو مضينا شيئاً أكثر من شهادة الله له 
يانه" ميا نك" قفني فصيك اتقطات 81 210 . 
؟ - أنه نور: قال - سبحانه - (وَرَ1] ريم ورا يتا ) 
[إسورة النساء:74١0]‏ » وقال: (قَدَ ةكم يرت أله نور 


1 د * ميك 1 [سورة المائدة:ه ]١‏ »؛ يقول سيد - رحمه 0-39 


.1737/5 وينظر أيضا:‎ ١١47/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
00 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








: " - نوز وكتابٌ مبينُ - وصفان للشيء الواحد»ء لهذا الذي جاء 
به الرسول الكريم؛ وليس أدق ولا أصدق ولا أدل على طبيعة 
هذا الكتاب - القرآن - وعلى طبيعة هذا المنهج - الإسلام - 
من أنه " نور 02٠"‏ إنها حقيقة يجدها المؤمن في قلبه وفي 
والأشخاصء يجدها بمجرد أن يجد حقيقة الإيمان في قلبه. 

' نور " نور تشرق به كينونته فتشف وتخف وترفء ويشرق 

* ثقلة الطين في كيانه» وظلمة التراب» وكثافة اللحم والدم؛ 
وعرامة الشهوة والنزوة» كل أولئك يشرق ويضيء ويتجلى» تخف 

* واللبس والغبش في الرؤية» والتأرجح والتردد في الخطوة: 
والحيرة والشرود في الاتجاه والطريق البهيم الذي لا معالم فيه 
الطريق إليه» وتستقيم النفس على الطريق.. )١('‏ 

" نور" تتجلى تحت أشعته الكاشفة حقائق الأشياء واضحة» 
ويبدو مفرق الطريق بين الحق والباطل محددا مرسوماء في 


داخل النفس وفي واقع الحياة سواءً» حيث تجد النفس من هذا 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/48557. 
١/1‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








النور ما ينير جوانبها أولاً» فقترى كل شيء فيها ومن حولها 
واضحاًء حيث يتلاشى الغبش وينكشف» وحيث تبدو الحقيقة 
بسيطة كالبديهية» وحيث يعجب الإنسان من نفسه كيف كان لا 
يرى هذا الحق وهو بهذا الوضوح وبهذه البساطة؟! 

وحين يعيش الإنسان بروحه في الجو القرآني فترة» ويتلقى 
منه تصوراته وقيمه وموازينه» يحس يسراً وبساطةً ووضوحاً في 
رؤية الأمورء ويشعر أن مقررات كثيرة كانت قلقة في حسه قد 
راحت تأخذ أماكنها في هدوءء وتلتزم حقائقها في يسرء وتنفي ما 
علق بها من الزيادات المتطفلة»؛ لتبدو في براءتها الفطرية؛ 
ونصاعتها كما خرجت من يد الله. 

ومهما قلت في هذا التعبير " وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً " فإنني 
لن أصور بألفاظي حقيقته؛ لمن لم يذق طعمه ولم يجده في 
نفسه! ولا بد من المكابدة في مثل هذه المعاني! ولا بد من 
التذوق الذاتي! ولا بد من التجربة المباشرة! " .)١(‏ 
9- أنه هدى: قال سبحانه: ( يَِكَ تتحكتب ل رن فد متى يقني ) 
[سورة البقرة: ؟] » " فالهدى حقيقته» والهدى طبيعته والهدى 
كيانه» والهدى ماهيته'("). 


)١(‏ المصدر السابق ؟/877. 
)١(‏ في ظلال القرآن »"8/١‏ وينظر 75757/6. 
11 


اتيت قطي ومنهجه في العفيدة /و6 








ويقول سبحانه: ( إِنَّ هذا الْقْنَانَ يَبْدى لِلَى هو أَُومُ 1 [سورة 
الإسراء:1] »" هكذا على وجه الإطلاق فيمن يهديهم وفيما 
يهديهم؛ فيشمل الهدى أقواماً وأجيالاً بلا حدود من زمان أو 
مكان» ويشمل ما يهديهم إليه كل منهج وكل طريق» وكل خير 
يهتدي إليه البشر في كل زمان ومكان. 

* يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعورء بالعقيدة 
الواستعحة لتيل لكي الااكنقيد "قري رذ عسره رالكي تلق 
الروح من أثقال الوهم والخرافة» وتطلق الطاقات البشرية 
الصالحة للعمل والبناء» وتربط بين نواميس الكون الطبيعية 
ونؤاميسن الفطرة اليشرية في تخاندى واتساق: 

* ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان 
وباطنه» وبين مشاعره وسلوكه؛ وبين عقيدته وعمله» فإذا هي 
كلها مشذودة إلى. الغروة الوثقى التي لا تتفم ... 

* ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة بين 
التكاليف والطاقة؛ فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل 
وتيأس من الوفاء» ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس 
الرخاوة والاستهتار» ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود 
الأحمان: 

* ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض» 


١/15 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





أفراداً وأزواجاً» وحكومات وشعوباً» ودولاً وأجناساً» ويقيم هذه 
العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي 
والهوىء ولا تميل مع المودة والشنآن» ولا تصرفها المصالح 
والأغراطن::: 

* يهديهم للتي هي أقوم في نظام الحكم؛ ونظام المال؛ ونظام 
الاجتماع» ونظام التعامل الدولي اللائق بعالم الإنسان :)١('‏ 

' فهو هدى يقي من الاختلاف والضلالء ويوحد المنهج؛ 
ويعين الطريق» ويصل بالسنن الكبرى التي لا تتخلف '("): 
؛- أنه علي حكيم: قال سبحانه: [ إَِا جَمَلَهُ َك عَرَيّ 
[سورة الزنخرف:؟ "] » وقال سبحانه: ( يَنْكَ َينتُ الكتب المكير 
] [إسورة لقمان:؟] ٠‏ وقال سبحانه: (يس 0 وَالْفْرَانٍ اكير ) 
[سورة يس:١-‏ ؟] " 
فالله يُبّين القيمة الأصيلة الثابتة لهذا القرآن.. فهو " علي ".. ' 
حكيمٌ '.. وهما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة؛ وإنه 
لكذلك! وكأنما فيه روح» روح ذات سمات وخصائص.. وهو في 
علوه وفي حكمته يشرف على البشرية ويهديها ويقودها وفق 
)١(‏ في ظلال القرآن 7١١5/5‏ بتصرف يسير. 


(") المصدر السابق 5555/5”, وينظر ه/85/ات كحذلكى .1١571/95‏ 
١1‏ 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





طبيعته وخصائصه؛ وينشئ في مداركها وفي حياتها تلك القيم 
والتصورات والحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان: علي؛ 
حكيم(١).‏ 

* فالقرآن 'حكيم' يخاطب كل أحد يما يذخل في طوقه: 
ويضرب على الوتر الحساس في قلبه» ويخاطبه بقدر» ويخاطبه 
بالحكمة التي تصلحه وتوجهه. 

* والقرآن 'حكيم' يربي بحكمة» وفق منهج عقلي ونفسي 
مستقيم» ويقرر للحياة نظاماً كذلك يسمح بكل نشاط بشري في 
حدود ذلك المنهج الحكيم " (2). 

* والقران "حكيم ' ينبه الغافلين إلى تدبر آيات الله في صفحة 
الكون وتضاعيفه؛ في السماء والأرض.. وما فيهما.. " (7) 
« - أنه برهان: ' فهو برهان على المصدر الذي جاء منه؛ 
وبرهان على إعجاز ه وبلاغته " (4). 

5 - أنه بلاغ وكفاية: قال سبحانه: ( إِنَّ ف هنذا لَبَلَمًا 


100 


لَعَوّمِ عتيديت 1 [سورة الأنبياء:5١٠]‏ . 


.7071 /5 في ظلال القرآن 77/5١"؛ وينظر أيضا‎ )١ 
.5910/ /5 ؟) المصدر السابق‎ 

) المصدر السابق .١755/9‏ 

4) في ظلال القرآن 877/7 بتصرف يسير. 


١/1 


3 


) 
) 
) 
) 





يقول سيد - رحمه الله-: " إن في هذا القرآن وما يكشفه من 

سنن في الكون والحياة» ومن مصائر الناس في الدنيا والآخرة: 
ومن قواعد العمل والجزاء» إن في هذا لبلاغاً وكفاية للمستعدين 
لاستشان هد ال 00 

- أنه مجيد وكريم وعظيم: قال سبحانه: ( بَلْ هو مان 

يك ؛ [سورة البروج:١١]‏ "وقال سبحانه: رإِنَدْ لان كم ) 

[سورة الواقعة:7"] ' وقال سبحانه: ( وَلِقَدَ َانسَكَ سَبْعًا من الْمَتا 

وَآلْعّرَءَانَ الْعْظِيمَ ) [سورة الحجر:807] . 

* " والمجيد: الرفيع الكريم العريق بذاته؛ وهل أمجد وأعرق من 
قول الله العظيم " ('). 

* " والكريم: كريم بصدوره؛ وكريم بذاته» وكريم باتجاهاته» فليس 
كما يقولون قول كاهنء ولا قول مجنونء ولا مفترى على الله؛ ولا 
تتؤلت به الشياطية 0 

* " والعظيم: القائم على الحقء المستمد من الحق الأكبر»ء 
والمتض ل يالكق الك ): 


.55٠٠ /5 في ظلال القرآن‎ )١ 
.77610/ ؟) في ظلال القرآن 5//6/ام,‎ 
.5541١/5 ؟) المصدر السابق‎ 
.57١55/5 المصدر السابق‎ ): 


) 
) 
) 
) 


١84 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











د 


6 - أنه بشيرٌ ونذير: قال - سبحانه - (كنت هْصَلَتَ 


وو وهم يي 2< ررم 


ينه هيدان عَرَيًا لََوَمِ يَعَلمُونَ 20 بثيرا وبَذِبرا وأَعَضَ أحكارهم 
هم ا يتمعن 1 [سورة فصلت:"- 4] » فهو " يبشر المؤمنين 
العاملين» وينذر المسيئين» ويبين أسباب البشرىء أسباب الإنذار» 
بأسلوبه العربي المبين " :)١(‏ 
49- أنه ميسر ومبين: قال- سبحانه-: ( وَلَقَدٌ يمرا الْميَانَ 
ذم مهَلَ ين مُدَكِرٍ ) ("). ' فالقرآن سهل التناول» ميسر 
الإدراك» فيه جاذبية لبْقْرَا ويْتَدبْره فيه جاذبية الصدق والبساطة؛ 
وموافقة الفطرة» واستجاشة الطبع» لا تنفد عجائبه» ولا يخلق على 
ثرة الردء وكلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد» وكلما 
ل ا ل ال 3 000 
فقد جاء في كثير من الآيات القرآنية (؟)؛ ولا أدق من وصف 
الله لكتابه في كتابه. 


.51١١4/6© في ظلال القرآن‎ )١ 

.50 737 77 20117 سورة القمر: الآيات‎ )١ 

"') في ظلال القرآن 1" 

5) ينظر الآيات: سورة المائدة: الآية »١5‏ سورة يوسف: الآية .»١‏ سورة الحجر: 
الآية »١‏ سورة الشعراء: الآية ؟. سورة النمل: الآية١‏ سورة القصص: الآية 25 
سورة يس: الآية 59» سورة الزخرف: الآية ؟» سورة الدخان: الآية ؟. 


) 
) 
) 
) 


١/٠١ 





المبحث الثالث 
الإيمان بوجود الجن والشياطين 

ومتافبة إكال: ميحة الإيمان برجود الجن والشياطين» في 
مباحث الإيمان بالنبوات هي: 
أن الجن والشياطين ممن جاء ذكرهم في الوحي المنزل من الله 
تعالى» وممن أخبر النبي يه عن وجودهم وعن بعض أوصافهم؛ 
فكان الإيمان بذلك من جملة الإيمان بالنبوات. 

' ولم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجنء ولا 
في أن الله أرسل محمداً - يه - إليهم وجمهور طوائف الكفار 
أيضا من المشركين وأهل الكتاب مقرون بهم كإقرار المسلمين» 
ومع ذلك فقد وجد في الكفار وفي المسلمين من ينكر وجود 
الجن والشياطين» أو يجعل المراد بهم على خلاف ما دل عليه 
الوحي الإلهي» ومعلوم أن وجودهم مما تواترت به أخبار الأنبياء 
تواتراً معلوما بالاضطرارء وأنهم أحياء عقلاء؛ فاعلون بالإرادة: 
مأمورون منهيون» ليسوا صفات وأعراضاً قائمة بالإنسان أو 
غيره كما يزعم بعض الملاحدة " )١(‏ 


وقد تكلم سيد قطب حرحمه الله - عن وجود الجن وبعض 


)١(‏ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه ٠١/١5‏ بتصرف يسير. 
١/١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 





المسائل المتعلقة بهم؛ ورد على من ينكر وجودهم» وبيان ذلك 
في المطالب الآتية: 


المطلب الأول 


تعريف الجن والشياطين 

أ- تعريف الجن: يعرف سيد قطب - رحمه الله - الجن فيقول: 
- " الجن كل ما خفيء وقد قررت النصوص القرآنية أن هناك 
كلقا سمو انمق :هافن هلين 007 

ويقول: " والجن كل مستور لا يراه البشرء وهناك خلق سماهم 
الله الجن» لا نعرف من أمرهم شيئاً إلا ما ذكره الله عنهم.. '("), 
"الجن السافيت 0 
ب- تعريف الشياطين: يقول سيد قطب في تعريف الشيطان: '.. 
والشيطنة هي: التمرد والغواية والتمحض للشرء وهي صفه تلحق 
الإنس كما تلحق الجنء وكما أن الذي يتمرد من الجن ويتمحض 
للشر والغواية يسمى شيطاناً» فكذلك الذي يتمرد من الإنس 


.0000/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.5891/8/5 (؟) المصدر السابق‎ 
.5٠0١١/5 (؟) المصدر السابق‎ 
0 





ويتمحض للشر والغواية؛ وقد يوصف بهذه الصفة الحيوان أيضاًء 
إذا شرس وتمرد واستشرى أذاه! 

وقذاووة في الحديت:" الكلت؟ الأنتوة شيطان '5(١)..فالدي‏ 
يتشيطن من الجن ويتمحض للشر والغواية - كإبليس وذريته - 
يسمى شيطاناً» وكذلك الحال في الإنس " (5): 


المطلب الثاني 


إثبات وجود الجن والرد على من ينكر ذلك 
أ- إثبات وجود الجن والشياطين: يقرر سيد - رحمه الله - في 
مواضع كثيرة حقيقية وجود الجن كعالم من عوالم الغيب» استناداً 
إلى النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة والتي تقرر وجود عوالم 
أخرى من الأحياء - غير دواب الأرض التي تشمل الإنسان - 
وهي عوالم أخبرنا الله بوجودهاء وليس لنا من مصدر آخر للعلم 
بها إلا ما أخبر الله عنهاء ومنها عالم الجن والشياطين»... 
واخبار الله عن وجود الجن والشياطين يجعل الاعتقاد بوجود هذا 
الخلق على النحو الذي وصفه الله به ضرورة اعتقاديه؛ وإنكار 
وجودهم هو إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة» وتكذيب للقرآن» 


)١(‏ رواه: مسلم في كتاب الصلاة باب قدر ما يستر المصلي 01١‏ برقم له 
)١(‏ في ظلال القرآن ١١59/7‏ بتصرف يسيرء وينظر 375757/56. 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








معناه الكفر طبعاء والجن والشياطين وابليس» من عالم الغيب 
الذي أخبرنا الله به» فالتصديق بها ينشأ ابتداء من هذا الإخبار.. 
كما قرر أيضاً في مواضع أخرى: " أن النصوص القرآنية تقرر 
أن هناك خلقاً يسمون الجن» خافيين عليناء ومنهم الشياطين» لا 
نعرف عنهم إلا ما قصه الله علينا من أمرهم في القرآن» وما 
أخبرنا من صفاتهم؛ ونقف عند ذلك ولا نزيد " :)١(‏ 
ب- الرد على من ينكر وجود الجن والشياطين: أما موقف 
سيد- رحمه الله - من المنكرين لوجود الجن أو الذين 
يتصورونهم على غير حقيقتهم» فقد بين- رحمه الله - في 
مواضع مختلفة أن الإيمان بوجود الجن من الإيمان بالغيب الذي 
أمر الله تعالى بالإيمان به» وأن وجود الجن من الحقائق المقررة 
شرعاً وعقلآ»ء وبالتالي فإنكار الجن مخالف للشرع؛ بل لما عليه 
أهل الملل الذين أجمعوا على وجودهم - إلا من شد - وهو 
مخالف أيضاً للعقل الذي يقضي بأن إنكار الشيء لمجرد عدم 
رؤيته أو الإحساس به غير سديدء كما استعرض منهج القرآن 
في تصحيح التصور عنهم؛ وفيما يأتي بعض النصوص من 
كلام -سيد - في الرد على من ينكرون وجود الجن والشياطين 
)١(‏ ينظر: في ظلال القرآن ١/9م‏ 1189/9 3591/5 هملكت 1ك 


كل ال؟. 
١/1:‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أو يؤولون حقيقتهم أو يتصورونها على غير ما أخبر بها القرآن 
ومنها: - 
-١‏ يقول في تقديمه لسورة الجن " ثم إنها- أي السورة- تصحيح 
لأوهام كثيرة عن عالم الجن في نفوس الناس» ووضع حقيقة هذا 
الخلق المغيب في موضعها بلا غلو ولا اعتساف» فقد كان 
العرب المخاطبون بهذا القرآن أول مرة يعتقدون أن للجن سلطاناً 
في الأرضء فكان الواحد منهم إذا أمسى بواد أو قفرء لجأ إلى 
الاستعاذة بعظيم الجن الحاكم لما نزل فيه من الأرضء فقال: 
أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه» ثم بات آمناً! كذلك كانوا 
يعتقدون أن الجن تعلم الغيب وتخبر به الكهان فيتنبأون بما 
يتنبأون» وفيهم من عَبَد الجن» وجعل بينهم وبين الله نسباً» وزعم 
له -سبحانه وتعالى - زوجة منهم تلد له الملائكة! 

والاعتقاد في الجن على هذا النحو أو شبهه كان فاشياً في 
كل الجاهلياتء ولا تزال الأوهام والأساطير من هذا النوع تسود 
بيئات كثيرة إلى يومنا هذا!!! 

وبينما كانت الأوهام والأساطير تغمر قلوب الناس 
ومشاعرهم وتصوراتهم عن الجن في القديم؛ وما تزال.. نجد في 
الصف الآخر اليوم منكرين لوجود الجن أصلاً» يصفون أي 
حديث عن هذا الخلق المغيب بأنه حديث خرافة.. 


١" 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 





وبين الإغراق في الوهمء والإغراق في الإنكارء يقرر الإسلام 
حقيقة الجن» ويصحح التصورات العامة عنهم؛» ويحرر القلوب 
من خوفها وخضوعها لسلطانهم الموهوم. 

* فالجن لهم حقيقة موجودة فعلاً» ولهم صفات جاء بعضها 
في سورة الجن بالإضافة إلى ما جاء عنهم في سورة الرحمن» 
ومواضع أخرى؛ بحيث تعطي صورة عن ذلك الخلق المغيب: 
تثبت وجوده؛ وتحدد الكثير من خصائصه؛ وفي الوقت ذاته 
تكشف الأوهام والأساطير العالقة بالأذهان عن ذلك الخلق» 
وتدع تصور المسلم عنه واضحاً دقيقاً متحرراً من الوهم ومن 
الخرافة» ومن التعسف في الإنكار الجامح كذلك!... 

* أما الذين ينكرون وجود هذا الخلق إطلاقاً» فلا أدري علام 
يبنون هذا الإنكار» بصيغة الجزم والقطعء والسخرية من الاعتقاد 
بوجوده» وتسميته خرافة! 
- ألأنهم عرفوا كل ما في هذا الكون من خلائق فلم يجدوا 
الجن من بينها؟! 

إن أحداً من العلماء لا يزعم هذا حتى اليوم» وان في هذه 
الأرض وحدها من الخلائق الحية لكثيراً مما يكشف وجوده يوماً 
بعد يوم؛ ولم يقل أحد إن سلسلة الكشوف للأحياء في الأرض 
وقفت أو ستقف في يوم من الأيام! 


١/5 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





- ألأنهم عرفوا كل القوى المكنونة في هذا الكون فلم يجدوا 
الجن من بينها؟! 

إن أحداً لا يدعي هذه الدعوى؛ فهناك قوى مكنونة تكشف 
كل يوم» وهي كانت مجهولة بالأمسء والعلماء جادون في 
التعرف إلى القوى الكونية» وهم يعلنون في تواضع قادتهم إليه 
كشوفهم العلمية ذاتهاء أنهم يقفون على حافة المجهول في هذا 
الكون؛ وأنهم لم يكادوا يبدأون بعد! 
- ألأنهم رأوا كل القوى التي استخدموهاء فلم يروا الجن من 
بينها؟! 

ولا هذه فإنهم يتحدثون عن الكهرب بوصفه حقيقة علمية منذ 
توصلوا إلى تحطيم الذرة» ولكن أحداً منهم لم ير الكهرب قطء 
وليس في معاملهم من الأجهزة ما يفرزون به كهرباً من هذه 
الكهارب التي يتحدثون عنها! 

ففيم إذن هذا الجزم بنفي وجود الجن؟ ومعلومات البشر عن 
هذا الكون وقواه وسكانه من الضآلة بحيث لا تسمح لإنسان 
يحترم عقله أن يجزم بشيء؟ 
تالأ هنذا الكلق العيسي الهدن تشافتظ هكرافقات شضس 
وأساطير كتثيرة؟ 

إن طريقنا في هذه الحالة هو إيطال هذه الخرافات 


١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





والأساطير كما صنع القرآن الكريم؛» لا التبجح بنفي وجود هذا 
الخلق من الأساسء بلا حجة ولا دليل! 

ومثل هذا الغيب ينبغي تلقي نبأه من المصدر الوحيد الموثوق 
بصحته» وعدم معارضة هذا المصدر بتصورات سابقة لم تستمد 
منه» فما يقوله هو كلمة الفصل في مثل هذا الموضوع :)١(‏ 
-١‏ في تعليقه في سورة الأحقاف على حادثة صرف نفر من 
الجن ليستمعوا القرآن من النبي - يخ -» يقرر - رحمه الله- أن 
نكر القرات لهذا الكاذت «رجكاينة نما قالوا: وما فعلو هذا هذه 
كاف بذاته لتقرير وجود الجن ووقوع الحادث.... 

كما حاول أيضاً إيضاح حقيقة وجود الجن في التصور 
الإنساني؛ وبيّن أن الكون حافل بالأسرار والقوى والخلائق 
المجهولة لنا كنهاً وصفة وأثراً».. ونحن نعيش معها ونعرف عنها 
القليل» ونجهل الكثيرء وفي كل يوم نتعرف وندرك بعضها 
بذواتهاء أو بصفاتهاء أو آثارها في الوجود. 

وما عرفناه اليوم يعد بالقياس إلى معارف البشرية قبل خمسه 
قرون فقط عجائب أضخم من عجيبة الجن.. ولو قال قائل 
للناس قبل خمسة قرون عن شيء من أسرار الذرة التي نتحدث 
)١(‏ في ظلال القرآن 737717/5 -7777 بتصرف يسيرء وينظر أيضا 7/ ١5لاء‏ 


كا 


١7 





عنها اليوم لظنوه مجنوناً» أو لظنوه يتحدث عما هو أشد غرابة 
من الحن قطها::وستدرف كتير مشا قد كتير كران الذة 
بالقياس إليه لعبة أطفال! ولكننا سنظل في حدود الدائرة 
المرسومة للبشر بقوله سبحانه وتعالى: (وَمآ أُوتيشم يَنَ الل إِلَ 
يلا 4 [سورة الإسراء:55] ... فليس لنا - والحالة هذه - أن 
نجزم بوجود شيء أو نفيه» وبتصوره أو عدم تصوره؛ من عالم 
الغيب المجهول؛ ومن أسرار هذا الوجود وقواه» لمجرد أنه خارج 
عن مألوفنا العقلي أو تجاربنا المشهودة» ونحن لم ندرك بعد كل 
أسزان أجسامنا وأجهزتها وطاقاتهاء فقسلا على إذراك- أستراق 
عقولنا وأرواحنا! 

فإذا كشف الله لنا عن القدر المقسوم لنا من هذه الأسرار 
والقوى»ء عن طريق كلامه - لا عن طريق تجاربنا ومعارفنا 
الصادرة من طاقتنا الموهوبة لنا من لدنه أيضاً - فسبيلنا في هذه 
الحالة أن نتلقى هذه الهبة بالقبول والشكر والتسليم» نتلقاها كما 
هي فلا نزيد عليها ولا ننقص منهاء لأن المصدر الوحيد الذي 
نتلقى عنه مثل هذه المعرفة لم يمنحنا إلا هذا القدر بلا زيادة: 
ولينن :قال ك تنضةن اخن تلقن عند ملل نه الخشراق لا 
"- ويقول أيضا: " والجن كله غيب من غيب الله؛ لا نعرف 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 77170- 5١10١‏ بتصرف. 
12 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








عنه إلا ما يخبرنا به مَنْ عنده مفاتح الغيب».. ومن ناحية مبدأ 
وجود خلائق أخرى في هذا الكون غير الإنسان وغير الأنواع 
والأجناس المعروفة في الأرض من الأحياء نقول: من ناحية 
المبدأ نحن نؤمن بقول الله عنهاء ونصدق بخبره في الحدود التي 
قررها. 

- فأما أولئك الذين يتترسون ' بالعلم " لينكروا ما يقرره الله في 
هذا الشأن» فلا ندري علام يرتكنون؟ 

إن علمهم البشري لا يزعم أنه أحاط بكل أجناس الأحياء؛ في 
هذا الكوكب الأرضي! كما أن علمهم هذا لا " يعلم " ماذا في 
الأجرام الأخرى! وكل ما يمكن أن ' يفترضه " أن نوع الحياة 
الموجود في الأرض يمكن أولا يمكن أن يوجد في بعض 
الكواكب والنجوم.. وهذا لا يمكن أن ينفي - حتى لو تأكدت 
الفروض - أن أنواعاً أخرى من الحياة وأجناساً أخرى من 
الأحياء يمكن أن تعمر جوانب أخرى في الكون لا يعلم هذا " 
العلم " عنها شيئاً! فمن التحكم والتبجح أن ينفي أحد باسم " 
العلم'" وجوذ :هذه العوالم 'الحية الأخرى: 5 (0) 

- أما الذين يؤولون العوالم الغيبية تأويلاً ينفي عنها الحركة 


)1( المصدر السابق ١‏ بتبصرف يسير» ومقومات التصور الإسلامي ص 
516 
١/٠‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








الحسيه فيقول سيد- رحمه الله - في تعليقه على قصة تزيين 
الشيطان للمشركين يوم بدر: ' ولا نعلم الكيفية التي زين لهم بها 
أعمالهم».. ذلك أن أمر الشيطان كله غيبء ولا سبيل لنا إلى 
الجزم بشيء في أمره إلا في حدود النص المسلم؛» والنص هنا لا 
يذكر الكيفية إنما يثبت الحادث. 
فإلى هنا ينتهي اجتهادناء ولا نميل إلى المنهج الذي تتخذه 
مدرسة الشيخ محمد عبده في التفسير من محاولة تأويل كل أمر 
غيبي من هذا القبيل تأويلاآ معيناً ينفي الحركة الحسية عن هذه 
العوالم» وذلك كقول الشيخ رشيد رضا في تفسير الآية " إن جند 
الشيطان الخبيث كانوا منبثشين في المشركين يوسوسون لهم 
بملابستهم لأرواحهم الخبيثشة ما يغريهم ويغرهم؛ كما كان 
الملائكة منبثين في المؤمنين يلهمونهم بملابستهم لأرواحهم 
الطيبة ما يثبتون به قلوبهم ويزيدهم ثقة بوعد الله بنصرهم. )١('‏ 
وهذا الميل الظاهر إلى تفسير أفعال الملائكة بأنها مجرد 
ملابسة لأرواح المؤمنين» وتفسير فعل الشيطان بأنه مجرد 
ملابسة لأرواح المشركين» هو منهج تلك المدرسة بجملتها "("): 


)١(‏ تفسير المنار 579/9 وما بعدها. 
)١(‏ في ظلال القرآن ”/ ١57372-1517١‏ بتصرف. 
١‏ 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








المطلب الثالث 


أصل الجن وبعض صفاتهم 

تحدث سيد - رحمه الله- عن أصل الجن وطبيعتهم وأشار 
إلى بعض أوصافهم وخصائصهم. أخذاً من الأدلة والنصوص 
الواردة في شأنهم» ويمكن بيان ذلك كما يأتي: 
أولاً: أصل الجن والشيا 

يقول سيد: "الجن خلق من خلق الله الخافين عليناء أخبرت 
النصوص الشرعية بأنهم خلقوا من مارج من نارء أي لهيب 
متموج من النار " .)١(‏ ْ 

كما جاء في القرآن الكريم حكاية عن إبليس في الحديث عن 
آدم عليه الصلاة والسلام دَالَ أتا حَب يَنْهُ لقي ين مَّارٍ وَمَلَقْتَه من 
لِينٍ 1 [سورة الأعراف:١١]‏ » وابليس من الجن لقوله - سبحانه 
-: إإِلَّ يس كانَ مِنَ ألْحِنَ مَعَسَقَ عَنْ أمْرِ ويد 1 [سورة الكهف: ٠‏ 5] » 
فأضئلة 4 الجخ 00 'والذي يتمرد من الجن يسمى تكيطاناً 
كإبليس وذريته" ('). 

ويقول: ' وأما خلق الجان من مارج من نارء فمسألة خارجة 


)١(‏ المصدر السابق ؟'/ ,١١85‏ 0/5؟75. 

؟؟71١‎ /5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(') المصدر السابق */ 21١45‏ 5/ 300077؟. 
ضفن 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 


عن حدود العلوم البشرية» والمصدر الوحيد فيها هو هذا القران» 
خبر الله الصادقء الذي خلق وهو أغلم يمن خلق.. والمارج: 
المشتعل المتحرك كألسنة النار مع الرياح! " .)١(‏ 

ويقول: ' وما دام أن الجن ومنهم الشياطين خلقوا من نارء فإن 
إبليس إذاً ليس من الملائكة» وإن جاء ذكره معهم في السياق كما 
في قوله - سبحانه -: ( وَإِدٌ كُلَا بِلْمَكيكرَ أسَجُدُوا لدم مَسَجَدَُا لَه 
إبَلِيسَ َف وَاسْتَكيرٌ وكنَ مِنَ الكفزيت ) [سورة البقرة:4"] ' لأنه قد جاء 
في آية أخرى بيان أن إبليس من الجن وهي قوله - سبحانه-: ز 
َإِذْ قلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لأَدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِنلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنّ 
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرٍ رَبّهِ 4 209" ويوحي السياق أن إبليس لم يكن من 
جنس الملائكة» إنما كان معهمء فلو كان منهم ما عصىء وصفتهم 
الأولى أنهم إلا يَعَصُونَ أله مآ أَمَرَهْمٌ وَيفْعلُوتَ ما بُوْمَرُونَ ) والاستثناء 
هنا لا يدل على أنه من جنسهمء فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء» 
كما تقول: جاء بنو فلان إلا أحمد» وليس منهم إنما هو من 
عشيرهم» وابليس من الجن بنص القرآن» والله خلق الجان من مارج 
من نارء وهذا يقطع بأنه ليس من الملائكة " (). 


55461١ /5 المصدر السابق‎ )١( 

.5٠ سورة الكهف: الآية‎ )١( 

(؟) في ظلال القرآن /١‏ 58» وينظر أيضا ؟/ 758 5/ 37555 730378. 
ف 








ومما سبق يتبين لنا أنه ليس هناك أي علاقة أو صلة نسب 
أو بنوة أو مصاهرة بين الجن وبين الله - سبحانه وتعالى - كما 
كان يزعم المشركون» وذلك باعتراف الجن أنفسهم كما حكى الله 
عنهم بقولهم: إِوَأَنَهْ عَنْلَ جَدُ رَينَا مَا أععَدَ صبَةٌ وَكَا وَلَدَا 1 [سورة 
الجن:"] ' وبتنزيه الله - سبحانه وتعالى - لنفسه» ورده على 
َيُحَصَرُونَ )+ [سورة الصافات:58١]‏ » فالجنة تعلم أنها محضرة 
يوم القيامة بأذن اللهء وما هكذا تكون معاملة النسب والصهرء لو 
كان ما يزعمونه حقأء - سبحانه وتعالى عما يصفون - .)١(‏ 





في مواضع متعددة» ومنها: 





يي للبشر: في حين أن 
كيان الإنس مرئي للجن» وبناءً على اختلاف أصل المادة التي 
خلق هديا كيان الحن عة أصيل المادة التي خلق منها كيان 
الإنسان» قال تعالى: (حََقَ الْإنّنَ من صَلْصّلٍ كَلْقَكَارٍ ) 
[سورة الرحمن:5١]‏ 


فالجن والشياطين يرون بني آدمء وبنو آدم لا يرونهم - في 


)١(‏ في ظلال القرآن ©/ 1:”, 5/ 0851ا”. 
0 


هيت قطي ومنهجه في العفيدة “وم 








هيئتهم الأصلية - وكم من خلائق ترى الإنسان ولا يراها 
الإنسان. 

قال- سبحانه وتعالى -عن إبليس - وهو من الجن - ( 
تك نر وَقيلة ين حَيث ]1481 ): [سورة الأعرافيه 9 07 
”- أنهم مزودون بالقدرة على الحياة في الأرض: وفي باطن 
الأرض وفي خارج الأرض أيضاء وأنهم يملكون الحركة في هذه 
المجالات بأسرع مما يملك البشر ٠‏ 
- أما قدرتهم على الحياة في هذا الكوكب الأرضي - لا ندري 
أين - لقوله تعالى لآدم وابليس ( كَل أميظوا شك إبَعضٍ عد 
كد في الْدرّضٍ مُسْتَفرٌ وَمَتعٌ إل حِينِ 1 [سورة الأعراف:؛ ]١‏ » 
والجن الذين سخروا لسليمان - عليه السلام - كانوا يقومون له 
بأعمال في الأرض تقتضي أن يكونوا مزودين بالقدرة على 
الحياة فيها. 
- وأما قدرتهم كذلك على الحياة خارج هذا الكوكب فلقوله تعالى 


ست عو ع اا عر ع ل آذ الى الو سس 


حكاية عن الجن: كك لمسنا السَّمَاءَ فوجدنلها الت كا طديا 





عرص عر 


وشهبًا ((4) وَأَنَا كنا سفَعْدُ ينها مَفَْحِدَ لِلسَّمعَ هَمَن يتمع الْآنَ يد لَه شبابا 
صَدا 1 [سورة الجن:1-8] '("). 
)١(‏ في ظلال القرآن 0145/9 هره 57 5 الاك 5كلا”, 


.77101/5 1١85/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
تفن‎ 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة و26 











0 0 بر همقل من ن حَيتُ لا ا إسورة 
ا مع إبليس وقبيلة» هبطوا ليصارع بعضهم بعضا إلى 
نهاية الحياة .)١١(‏ 





وقد أورد سيد- رحمه الله- الروايات المتعلقة بحادثة اجتماع 
النبي- يه - بالجن» وفيها قوله ي: " أتاني داعي الجن» فذهبت 
معهم فقرأت عليهم القرآن'”» قال: فانطلق بنا فأرانا أثارهم وأثار 
نيرانهم ". وسألوه الزاد» فقال " كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في 

أيديكم أوفر ما يكون لحماًء وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم» قال 
رسول الله ك: " فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم ' ('). 

أما 0 فلقوله تعالى: (أَقَتَتَحِدُوته وَدُرَيسَهُه ليآ من دوف 

م ين 0 الكهف: ٠‏ 5] . 
في الدنياء 





.17170 /9” وينظر‎ ,."71١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
45٠ برقم‎ 778/١ رواه: مسلم في الصلاة باب بالجهر بالقراءة في الصبح‎ )١( 
والترمذي 517/5" برقم /3705؟.‎ 

0 





سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 





- أما كونهم مكلفون فلقوله تعالى: ( وَمَا حَلَمَتُ لَفْنَّ والإنى !أ 
لِيَمْبْدُون ) [سورة الذاريات:6 5] . 

يقول سيد: " فالآية تقرر أن هنالك غاية معينة لوجود الجن 
والإنس» تتمثل في وظيفة من قام بها وأداها فقد حقق غاية 
وجودهء ومن قصر فيها أو نكل عنها فقد أبطل غاية وجوده 
وأصبح بلا وظيفة» وهذه الوظيفة التي تربط الجن والإنس 
بناموس الوجود هي العبادة لله؛ والعبودية له وأن مدلول العبادة 
أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشعائرء فالجن والإنس لا يقضون 
حياتهم في إقامة الشعائرء والله لا يكلفهم هذاء وهو يكلفهم ألواناً 
أخرى من النشاط تستغرق معظم حياتهم؛ وقد لا نعرف نحن 
ألوان النشاط التي يكلفها الجنء ولكننا نعرف حدود النشاط 
المطلوب من الإنسء وهي الخلافة في الأرضء وعمارتها .)"١('‏ 

وإذا كانوا مكلفين فهم إذاً " قابلون بخلقتهم لتوقيع الجزاء 
عليهم» وتحقيق نتائج الإيمان والكفر فيهم 
[َأنا لما سَيِعَنَا دعت َامَنَا يده هَمَن مُوَمِنْ يرَيد- فا يحَافُ عَدْسَا وَلَا رَمَنا 
5 وَأنَا نا ألْمَسَلِمُونَ وَمِنَا نا طون فَمَنْ ألم أوليِكَ روأ مَسَّدَا (09) 
ْنَا لوت هكَانوأ لِسَهَثّمَ با 1 [سورة الجن:١- ]١6‏ (0). 


2 


ع 


.779410/-7985/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.7175؟١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








'كما تدل النصوص أيضاً على أن عالم الجن يحشر مع 
عالم الإنس ويحاسب ويجازى بالجنة أو بالنار كالجنس 


الإنساني »)١('‏ ومن ذلك قوله تعالى: (وَيَومَ يحَْرْهْمَ جِيعا يَمَمَدَ, 


رم 


4 سمس هم م ستث م1822 لسع ممنى. عا دي 7 عي سيقو س2 مون. و2 مم ددسم 
الجن قد استكارتم من الس وقال ليَاؤْهم مِنَ الس ربنا استمتع 
شد وا سا لح سح لس سس ل 2< د مس عي مه مه غ2 8 عن ”له 
بعضنا ِبِعْضٍ وَبِلَعْنَآ أجلنا الذكة أَجَلْتَ لنا فَالَ النار متوتكم خَللِدِينَ فيهآ إلا 


عو 7 و ماج سام 1# ل لفن 2 أ وعد 5 م د 24 
كوأ يَكْسِبونَ (150 يِلْمَعَسَرَ لْنَ والاضس أل يقي رسل صْكم يفصو 
رس 53 و هرج برسم ررم بو ل سخ س بم لد م رس جعي عد 
عليِحكم ايلق وَسْذِروَم لِمَاءَ يَومِكمَ هنذا قالوا سينا عَلك أنفيبنا 


ص خرص < - 


وَعَرَتَهُْ لله لديا وَسَِدُوأ ع1 أشي أَعْرَ كوأ كلفريت ) [سورة 
الأنعام:8١١ ]150١-‏ » وقوله تعالى: [هَوَرَيك لَحَتْرَتَهُم 


َالسَِتَ ثد يِرَتَهُرْحَوْلَ جَهم دنا ) [سورة مريم:18] » وقوله 


تعالى: ( وما الْمَسِطونَ فَكَانوأ ِجَهَئّمَ حَطبًا 1 [إسورة الجن:58 ]١‏ » " 
وهذا يدل على أن الجن يعذبون بالنار» ومفهومه أنهم كذلك 
ينعمون بالجنة» هكذا يوحي النص القرآني» وهو الذي نستمد منه 
تصورناء فليس لقائل بعد هذا أن يقول شيئاً يستند فيه إلى 
تصور غير قرآني؛ عن طبيعة الجن وطبيعة النار أو طبيعة 
الجنة» فسيكون ما قاله الله حقاً بلا جدال! " .)١(‏ 


.1١47/* المصدر السابق‎ )١( 
.771710/4 708-317 .5/9 في ظلال القرآن 75/5" وينظر أيضاً:‎ )١( 
١ 








بعد بعثته 


" فالغيب موكول لله وحده؛ لا تعرفه الجن: ( ون لا مدر أَسَرّ 
دسق ف الأض أ أناد ين مَثْق ركد 1 [سسورة الجسن:١١]‏ .ولا 
تعرفه الرسل إلا ما يطلعهم الله عليه منه لحكمه يعلمها .)١(‏ 
ومن النصوص في ذلك قوله تعالى في قصة موت سليمان - 


ل ص دمو 


عليه السلام -: ( كلما فَصَيما عليه المت ما دم عل موي إلا داجَةُ 


للق #أحكق يتا 2334 تك لذن 3 1 كؤا علق اهما 

ْنَأ ف الْعَدَابِ الْمُّهِينِ ) [سورة سبأ:؛ ]١‏ » 'فالآية تصور مشهد 
وفاة سليمان والجن ماضية تعمل بأمره فيما كلفها عمله» وهي لا 
تعلم نبأ موته» حتى يدلهم على ذلك أكل الأرضة لعصاه التي 
كان مرتكزاً عليها وسقوطه... وحينئذ فقط علمت الجن بموته؛ 
فدل هذا على أنهم لا يعلمون الغيب.. فهؤلاء هم الجن الذين 
يعبدهم بعض الناس».. هم محجوبون عن الغيب القريب» 
وبعض الناس يطلب عندهم أسرار الغيب البعيد! '(2). 

- أما انقطاع صلة الشياطين بالسماء بعد بعثة النبي - 6 - 


فقد حكاها الله تعالى في سورة الجن بقوله عنهم: (وَآَنَا لَسَمََا 
)١(‏ في ظلال القرآن ا 


7/717 اكلا‎ /5 59.٠ في ظلال القرآن ه/‎ )١( 
شف‎ 





هيت قطي ومنهجه في العقيدة ” 


قا ع محرت عيرج عر عر 
0 


الثماة يدها ملكت رما عذيدا وكيا 1" ونا 15 عد هنا متهد 


- 3 يد 


- 7 


لِسَّمِع هَمَن يَسْتمع الْآنّ جد لَه شبابا يَصَدَا 1 [سورة الجن:8- 1] '" 
فهي توحي بأنهم قبل هذه الرسالة الأخيرة» ربما في الفترة بينها 
وبين الرسالة التي قبلها وهي رسالة عيسى -عليه السلام -كانوا 
يحاولون الاتصال بالملاً الأعلى» واستراق شيء مما يدور فيه 
بين الملائكة عن شؤون الخلائق في الأرضء مما يكلفون 
قضاءه تنفيذاً لمشيئة الله وقدره؛ ثم يوحون بما التقطوه لأوليائهم 
من الكهان والعرافين» ليقوم هؤلاء بفتنة الناس وفق خطة إبليس! 
على أيدي هؤلاء الكهان والعرافين الذين يستغلون القليل من 
الحق فيمزجونه بالكثير من الباطل» ويروجونه بين جماهير 
الناس في الفترة بين الرسالتين» وخلو الأرض من رسول... 

وهذا النفر من الجن يقول: إن استراق السمع لم يعد ممكناًء 
وانهم حين حاولوه الآن وهو ما يعبرون عنه بلمس السماء 
وجدوا الطريق إليه محروساً بحرس شديدء يرجمهم بالشهب» 
فتنقض عليهم وتقتل من توجه إليه منهم؛ء ويعلنون أنهم لا 
يدرون شيئاً عن الغيب المقدر للبشر: (وَآنَا لا تدْرِى أَمَدُ أُرِيدَ يمن 
في الْأَرْضٍ آم راد بهم ديم ربعَدًا 1 فهذا الغيب موكول لعلم الله لا 
يعلمه سواه.. واذا كان المصدر الذي يزعم الكهان أنهم يستقون 
منه معلوماتهم عن الغيبء يقرر أنه هو لا يدري عن ذلك شيئاً 


١ 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





فقد انقطع كل قولء وبطل كل زعمء وانتهى أمر الكهانة 
والعرافة» وتمحض الغيب لله لا يجترئ أحد على القول بمعرفته؛ 
ولا على التنبؤ به. 

أما أين يقف ذلك الحرس؟ ومن هو؟ وكيف يرجم الشياطين 
بالشهب؟ فهذا كله مما لم يفصله القرآن... ولا مجال للاعتراض 
أو الجدل حول الشهبء فلا يمنع كونها تسير وفق نظام كوني؛ 
قبل البعثة وبعدها من أن ترجم الشياطين بها... 

والقول بان هذا كله مجرد تمثيل وتصوير لحفظ الله للذكر من 
الالتباس بأي باطلء وأنه لا يؤخذ على ظاهره.. ومن ثم يرون 
الشياطين تمشيلاً لقوة الشر والمعصية» والرجوم تمثيلاً للحفظ 
والصيانة... الخ» سببه محاكمة النصوص الشرعية إلى مقررات 
5 ردقا يا لخو نرج يضقن كوه عدن القن 111 

والخلاصة: " أن السماء محفوظة من الشياطين» وهم 
مطرودون عنهاء مردودون بالشهب كلما حاولوا استراق السمع» 
ولا داعي للخوض في قضايا الغيب بأكثر مما جاء في 
النضيواكن! الخنوضية 01 


.75175//5 في ظلال القرآن 73779/5- 7276 بتصرف يسيرء وينظر‎ )١( 
المصدر السابق 7/4 بتبصرف يسير.‎ (0 


06 








يقول سيد: ' فالجن خلق قابلون للإيمان وللكفر» مستعدون 
للهدى وللضلالء بدلالة قول النفر منهم في سورة الجن: (وَأنَ 
مِنَا لْمُسَلِمُونَ وَمِنَا ألْمَسِطونَ 1 [سورة الجن:؛ ]١‏ » وبدليل ذهابهم 
إلى قومهم منذرين يدعونهم إلى الإيمان بعدما وجدوه في 
نفوسهم» وعلموا أن قومهم لم يجدوه بعدء وكذا حادثة صرف نفر 
من الجن ليستمعوا القرآن من النبي - يك - وحكاية ما قالوا وما 
فعلوا -كما في سورة الأحقاف - مما يدل على أنهم قابلون 
للهداينة سن الشبلال» مستحدوة لإذراك القران سماعا وقهسا 
وتأثرا »)١("‏ ' وبناءً على قابليتهم للهدى والضلال؛ صاروا 
فريقين كالإنس» منهم الصالحون المؤمنون» ومنهم الشياطين 
المتتردية 77 

'وقد قرر القرآن أن للجن طبيعة مزدوجة كطبيعة الإنسان في 
الاستعداد للهدى والضلال حيث جاء في حديث النفر من الجن 
- في سورة الجن - عن عقيدتهم في ربهم وقد أمنوا به» وعن 
ظنهم بعاقبة من يهتدي ومن يضل: (وَآنَ نا ألضَلِحُْنَ ويا دون َلك 


)١(‏ في ظلال القرآن 571702/7- 537171 "77١‏ بتصرف يسير. 
0( المصدر السابق: ١10/1‏ 2 كا 
261 








ع 4 00 2 عد وس هم م م جا اا ا م عي رك - ا سن سس 
كنا طرايقَ قِدَدَا (0) وَأَنَا ظَنَنَا أن أن نَمَجِرّ أله في الْأرضٍ ولن نحَجرهء هرا 


0026 حت سر 


() وأنا لما سََيِعَنَا دكا امنا يوه هَمَن مُؤْمِنْ بريه فا يحَافُ بَخْسَا ولا 
ممما © وَآنَا دا التتلمون وهنا الكنيظون شخ أل مويك عبرا 
رَسَّدَا (00) وما الْمََسِطونَ فَكَانوأ لِجَهَئمَ حَطَبًا 1 [سورة الجن:١١- ]١5‏ 
" وهذا التقرير من الجن بأن منهم صالحين وغير صالحين» 
مسلمين وقاسطينء يفيد ازدواج طبيعة الجن» واستعدادهم للخير 
والشر كالإنسان إلا من تمحض للشر منهم وهو إبليس وقبيله 
وهو تقرير ذو أهمية بالغة في تصحيح تصورنا العام عن هذا 
الخلق» فأغلبنا حتى الدارسين الفاقهين على اعتقاد أن الجن 
يمثلون الشرء وقد خلصت طبيعتهم له؛ وأن الإنسان وحده بين 
الخلائق هو ذو الطبيعة المزدوجة» وهذا ناشئ من مقررات سابقة 
في تصوراتنا عن حقائق هذا الوجود كما أسلفناء وقد آن أن 
تزاجعها على فقروات القراق الصبحيكة "21 

وقد جاءت نصوص في الكتاب والسنة تبين أن موقف الجن من 
النبي يِل ومن القرآن الكريم والإيمان هو نفسه موقف الإنس» حيث 
انقسموا إلى فريقين: مؤمنين وكافرين» كالذي ذكره الله في سورة الجن (5) 


)١(‏ في ظلال القرآن ا 
)١(‏ سورة الجن: الآية .١5 -١‏ 
١07‏ 





اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





وفي سورة الأحقاف )١(‏ وكذا الروايات الواردة في لقاء النبي يك بالجن 
واستماعهم له وغير ذلك (). 





لغته: بدلالة استماع نفر من الجن للقرآن بلفظه العربي 
المنطوق كما يلفظه رسول الله - يله - وفهمهم له وتأثرهم به 
وذهابهم إلى قومهم منذرين» وقد جاءت روايات كثيرة في 
و ا 1 

أثير في إدراك البشر: ومأذون لهم في 
توجيه الضالين منهم -غير عباد الله- وهناك نصوص كثيرة 
منها قوله تعالى في حكايته حوار إبليس اللعين: ١‏ َالَ مَِعَرَيكَ 
سم مَهنَ 1017 إِلَا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُسْلضِيت ) [سورة ص:١8‏ - 
87] وغيرها من النصوص التي تبين أن الشياطين مسلطون 
على بني الإنسان يغوونهم ويضلونهم» وهم قادرون على 
الوسوسة لهمء بالإيحاء بطريقة لا نعلمهاء لأننا لا ندري كنه 
الشيطان حتى ندرك كيفيات أفعاله» وكذا اتصاله بالإنسان 
وكيفية إغوائه؛ ولكننا نعلم - بالخبر الصادق وهو وحده 





.”7- 59 سورة الأحقاف: الآية‎ )١( 
ينظر في ذلك: في ظلال القرآن 9959/6 4 لاك الا ل هللاا‎ )١( 
في ظلال القرآن: 771077-770702/5 بتصرف يسير.‎ )"( 

0000 





المصدر المعتمد عندنا عن هذا الغيب - أن إغواءً على البشر 
يقع في صورة من الصورء وايحاءً بارتكاب المحظور يتم في 
هيئة من الهيئات» وأن هذا الإيحاء وذلك الإغواء يعتمدان على 
نقط الضعف الفطرية في الإنسان(١).‏ 

ومع ذلك فالشياطين لا سلطان لهم على المؤمنين الذاكرين» 
وأن الشيطان مع المؤمن إذا ذكر الله خنس وتوارىء واذا غفل 
برز فوسوس له وأن المؤمن أقوى بالذكر من كيد الشيطان 
الضعيف؛ فضعف الإنسان يمكن إنقاذه بالإيمان والذكر حتى ما 
يكون للشيطان سلطان على المؤمن الذاكرء وما يكون لكيده 
0 0 ادن 
٠‏ أن 
سبحانه - عن تسخير طائفة من الجن فقط وليس كلهم لسليمان 
- عليه السلام - يغوصون له ويبنون له المحاريب والتماثيل 
والجفان الكبيرة للطعام؛ ويعملون عملاً دون ذلك» وحفظهم فلا 
يهربون ولا يفسدون ولا يخرجون على طاعة عبده؛ ومنهم الذين 
كانوا يظهرون في موكبه كما قال - سبحانه وتعالى - ( وَحَسْرَ 





.7 1/5 في ظلال القرآن:‎ )١( 
5524/5”ان ه/ هلكات كلمالاكال‎ ١١49/9 ينظر: المصدر السابق:‎ )'( 
515 ومقومات التصور الإسلامي ص‎ 

1. 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 


ِسُليَمنَ جنودة. من لْجنَ وَالْإض وَالظَيْرٍ فَهُمْ بويَموْنَ ) [سورة النمل:7١]‏ 
» وقوله تعالى: ل ع ضر 
عَنّ مرا نذِفَهُ مِنْ عَذَابٍ السَّعِيرِ لسّعير 00 يَعْمَلُونَ له ما مَل من لريب 
وَيَمِثِيلٌ ويحمانٍ كوا دور يبت ) [إسورة سبأ:١-3(]ء‏ 
فهذه الآيات تدل على أن من الجن من سخروا لبعض الإنس 
باذ انل 000 

: ١ أن الله نهم أعداء الون أعداء‎ -١ 
البشر:»ء وكل ذلك بمشيئة الله لحكمة» قال سبحانه: ( يَكَديكَ‎ 
جَعَلَنَا لكل ني بَيّ عَدُوًا شمَنطِينَ لاض وَالْجنّ وى بَعَصْهُم م إِلَ بَعْضٍ رُحَرفَ‎ 
للعو سا ريك 1921 تنتق مما نادت السبورة‎ 
: ]١١7:ماعنألا‎ 

يقول سيد - رحمه الله -: " يخلص لنا ابتداءً: أن الذين يقفون 
بالعداوة لكل نبي» ويقفون بالأذى لأتباع الأنبياء هم « شياطين 
» من الإنس ومن الجن» وأنهم يؤدون جميعاً وظيفة واحدة! وأن 
بعضهم يخدع بعضاً ويضله كذلك» مع قيامهم جميعاً بوظيفة 

التمرد والغواية وعداء أولياء الله.. 

ويخلص ننا ثانياً: أن هؤلاء الشياطين لا يفعلون شيئاً من هذا 

كله؛ ولا يقدرون على شيء من عداء الأنبياء وإيذاء أتباعهم 


7/7/5 5844 576 /4 ,5991١ ينظر: في ظلال القرآن ؟//‎ )١( 
5 








بقدرة ذاتية» إنما هم في قبضة الله وهو يبتلي بهم أولياءه لأمر 
يريده» من تمحيص وتطهير لأوليائه. 

ويخلص لنا ثالثا: أن حكمة الله الخالصة هي التي اقتضت أن 
يترك لشياطين الإنس والجن أن يتشيطنواء وأن يدعهم يؤذون 
أولياءه فترة من الزمان - ليبتلي أولياءه وينظر هل يصبرون؟ 
ويثبتون على الحق الذي معهم أمام انتفاش الباطل ويخلصون 
من حظوظ أنفسهم في السراء والضراء سواء. 

ويخلص لنا رابعاً: هوان الشياطين من الإنس والجن» وهوان 
كيدهم وأذاهم» فما يستطيلون بقوة ذاتية لهم؛ وما يملكون أن 
يتجاوزوا ما أذن الله به على أيديهم؛ والمؤمن الذي يعلم أن ربه 
هو الذي يقدرء وهو الذي يأذن» خليق أن يستهين بأعدائه من 
الشياطين؛ مهما تبلغ قوتهم الظاهرة وسلطانهم المدّعى " .)١(‏ 
5- كون إبليس من المنظرين: وهذا يعني أن المعركة بينه 
وبين المؤمنين دائمة إلى قيام الساعة فإبليس لما أمر بالسجود 
لآدم - عليه السلام - فأبى وأستكبر حقت عليه اللعنة» وطرد 
من الجنة ومن رحمة الله تعالى» وكتب عليه الصغارء وعندئذ لم 
ينس الخبيث أن آدم هو سبب الطرد والغضبء فطلب من الله - 
تعالى- أن ينظره إلى يوم الوقت المعلوم» وهو يوم النفخة 


)١(‏ في ظلال القرآن ١١10/7‏ يتصرف يسير. 
:17 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








الأولى التي يصعق فيها الخلائق كما في الروايات» فاستجاب 
الله لطلبه لحكمة أرادها - سبحانه - وعند ذلك أعلن الخبيث 
انه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم فيصد عنه كل 
من يهم باجتيازه» ويحول بينه وبين الطاعات من كل الجهات» 
إلا القليل الذي يفلت منه وهم " عباد الله المخلصين " :)١(‏ 

ومن هنا بدأت المعركة الخالدة» وأهبط آدم - عليه السلام - 
وزوجه» مع الشيطان وقبيله إلى الأرض لتنتقل المعركة الخالدة 
إلى ميدانها الأصيلء وانطلقت من عقالها ما تهدأ لحظة وما 
تفتر" (0)» " والشيطان في معركته مع الإنسان يستعمل كل 
وسائل الخداع والمكر والإيحاء والوسوسة والتخويف والإرهاب 
والتزيين (5): 

وتصور المسلم لطبيعة المعركة مع الشيطان وأتباعه؛ 
ودوامها يشعر المؤمن بأمور: 
الأول: أنه يخوض معركة واحدة صارمة ضاربة وان تعدد 


أطراف الصراع فيها " الهوى - الشهوة - أولياء الطاغوت من 


)١(‏ في ظلال القرآن ”1757/7--117؟١‏ بتصرف 

.500١١ /5 0171/9/5 51١ 28/١ المصدر السابق‎ )١( 

(') المصدر السابق ١/0501ه,‏ 9/ 1١1/5‏ هلاال ه/ 35176. 
114 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








البشر- الفساد والشر والانحلال الذي ينشئونه في الأرض .)١(‏ 
والثاني: أ يعرف المؤمن حقيقة الشيطان وحزبه وضعفهم 
وهوانهم أمام قدرة اللهء فلا يرهبهم فهم أضعف من أن يخافهم 
مؤمن يركن إلى ربه؛ ويستند إلى قوته؛ فإن الله هو المسيطر 
على الخلق كله وإن كان قد أذن لإبليس بالحرب» فهو آخذ 
بناصيته ولم يسلطه إلا على من شرد عن ربه (2). 
والثالث: أن شعور الإنسان بأن الشيطان عدوه القديم وهو الذي 
ينصب له الشراكء ويأمره بالموبقات يثير في نفسه -على 
الأقل- الحذر من الفخ الذي نصبه العدوء فلا يغفل عن 
المعركة ولا يستسله" ("): 
ثالثاً: هل كان فى | 
يقول سيد - رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: ‏ يَْمَعَكَرَ أَلْنَ 
لاض لد ييح سل يكح يَفْصُوقٌ عَلِنَكُمْ ,يق 1 [سورة 
الأنعام:١٠7١]‏ : " والخطاب موجه إلى الجن كما هو موجه إلى 
الإنسء فهل أرسل الله إلى الجن رسلاً منهم كما أرسل إلى 
الإنس؟ الله وحده يعلم شأن هذا الخلق المغيب عن البشر» ولكن 





)١(‏ المصدر السابق ”/ ١١15‏ بتصرف. 

(؟) المصدر السابق 40١7/6 57١/١‏ بتصرف. 

() المصدر السابق 25١/7‏ بتصرف يسير. 
121 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











النص يمكن تأويله بأن الجن كانوا يسمعون ما أنزل على 
الرسل» وينطلقون إلى قومهم منذرين به» كالذي رواه القرآن 
الكريم من أمر الجن في سورة الأحقاف: 7 [ِوَِدَ صَرَآ إليكَ تمر يِنَ 


مع ادم سو ده فج كح ع عر عر جد ع عل 00 رمي و ا 0ك 
لْحِنَ يسْسَمِعُوت الْفَرَءَانَ فَلَمًا حَصَرُوهُ كَالْوَأ أَنصِنُوأ كلما هضِىَ وَلَوَأ إل 


يسح سد سسا 


مومهم مُنِذِرِينَ (50 فَالُوأ رمآ إنَا سَِعَنَا حكتبًا أَزِلَ ما بَحَدِ موب 
مُصَدَدًا َمَا بين يَدَيْهِ يبدى إل ألْحَيّ وَإِكَ رت مُسَتَقمم (5) يمَوْمآ وأ 
دا أَّهِ وَدَامِمُأْ بو 1 [سورة الأحقاف:75-١1؟]‏ فجائز أن يكون 
السؤال والجواب للجن مع الإنس قائمين على هذه القاعدة.. 
والأمر كله مما اختص الله سبحانه بعلمه والبحث فيما وراء هذا 
القدر لا طائل وواءء! "(1) 
ابعاً: | ١‏ " تلبس الجن بالانس ': 

الذي يظهر أن سيداً- رحمه الله- يثتبت قضية تلبس الجن 
بالإنس وهو ما يسمى المس أو الصرع وذلك من خلال كلامه 
في ظلال قوله تعالى: (الّرت يَأْكُلُونَ ابأ لا يَعومُونَ إلا كما 
يَعوْمُ الى يِتَحَبّطْهُ آلَّيِطنُ وِنَ الْمَي ) [سورة البقرة:175] » حيث 
يقول: " وما كان أي تهديد معنوي ليبلغ إلى الحس ما تبلغه هذه 
الصورة المجسمة الحية المتحركة» صورة الممسوس المصروع؛ 


.17١59-17٠4/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ا/ةد‎ 





وهي صورة معروفة معهودة للناس " ('). 

وعند حديثة عن المنكرين للغيبيات ومنها عالم الجن 
والشياطين والرد عليهم يقول: ' والملائكة والجن والشياطين 
وابليس من عالم الغيب الذي أخبرنا الله به» ويجب التصديق به 
وانكار المنكرين له إلام يستند؟ هل إلى أن علم الناس بوسائلهم 
وأدواتهم لا يتمكن من رؤيتهم؟.. أم يستند إلى عدم استطاعة 
الإدراك البشري أن يتصور كيف يتعالم الإنسان مع هذين 
الخلقين» وكيف يؤثران فيه وهما ليس من جنسه؟ ولكن هل 
وصل هذا الإدراك إلى معرفة كيف يؤثر إنسان على إنسان في 
السويم المغناطييسي؟ والكخاظي عن يعد وهى خقيفة واقعة؟ 
فلماذا يستبعد تأثير ملك أو شيطان في إنسان؟ ألا إنه قول الله» 


وهم قاو من اننة 103 


.6٠١ وخصائص التصور الإسلامي ص‎ 3754 -777/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
بتصرف يسير.‎ 5١5 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








سيد قطي ومنهجة في العقيدة “وت 





117/17 17 17 ال-2 


الفصل الثاني 
منهجه ني الإيمان بالرسل وما يتعلق به 
وفيه أربعة مباحث: 
المبحث الأول: الإيمان بالرسل وما يتعلق به من مسائل. 
المبحث الثاني: الإيمان بنبوة محمد : وما يتعلق بها. 
المبحث الثالث: منهجه في الصحابة - رضوان الله عليهم 
المبحث الرابع: منهجه في الإمامة والخلافة. 


١/0 


117 117 ال لل ل اسيك قطي ومنهجة في العقيدة “وم 





المبحث الأول 


الإيمان بالرسل وما يتعلق به من مسائل 
وفيه سبعة مطالب: 


المطلب الأول: تعريف النبوة وحقيقتها. 
المطلب الثاني: حاجة البشرية إلى الرسل وحكم الإيمان بهم. 
المطلب الثالث: صفات الرسل وخصائصهم. 
المطلب الرابع: وظائف الرسل. 
المطلب الخامس: دلائل النبوة وآيات الأنبياء. 
المطلب السادس: التفاضل بين الأنبياء والرسل. 


المطلب السابع: وقفة مع كلام سيد قطب عن موسى عليه السلام 


١/7 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





المطلب الأول 
تعريف النبوة وحقيقتها 


الفرع الأول: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما: 

تعددت أراء العلماء في تعريف النبي والرسول والفرق بينهما 
على أقوال: 
الأول: أنهما مترادفان» وهذا غير صحيح لما تقرر من أنهما 
متغايران لفظاً ومعنى 00 
الثاني: أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ والرسول من 


أوحي إليه وأمر بالتبليغ " ("). 
الثالث: " أن النبي هو الذي ينبئه الله» وهو ينبئ عما أنبأ الله به» فإن 
وأما إن كان إنما يعمل بشريعة من قبله» ولم يرسل إلى أحد فهو نبي 


م مه 2< م ره 


لقوله تعالى: [ وَمَا أَرسَلَمَا من قَبَِكَ من رَسُولٍ ولا َي إل إدا توه أل 


اه 


ص هوه عر 2 ١:‏ 
وقد خص أحدهما بأنه رسولء فهو الرسول المطلق الذي أمره الله 
)١(‏ فتح الباري لابن حجر: .١١7 /١١‏ 


.١5ه شرح العقيدة الطحاوية ص‎ )١( 
١/6: 





سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 


بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح - عليه السلام - " :)١(‏ 


أما سيد - رحمه الله - فيعرف النبي والرسول بقوله: '.. 
والرسول هو صاحب الدعوة من الأنبياء المأمور بإبلاغها 
القاين»والئدي لأ يكلف إبتلاغ القاءن كاعرة إننا خق فى ذاننه 
صاحب عقيدة يتلقاها من الله» وكان في بني إسرائيل أنبياء 
كثيرون وظيفتهم القيام على دعوة موسى والحكم بالتوراة التي 
جاء بها من عند الله ( إن ارا لت نيا هُدَى وو يي 


و- - 


القنورت الدن املئوا ادن عائا وَالصريوة والكهاد يما اشتحتطرا 


5225 


سم 


منككب انه وكاتوا عَلِيْهِ شْبَدَآه 4 [سورة المائدة:؛ 4] '' (1). 

فالرسول أخص من النبي يقول- سيد- في ظلال قوله 
تعالى: (وَإِن ما زِيَنَكَ بعص الى ِدُهُمْ أوَ نَتَويَْئَكَ هنما علْكَ البلغ 
وَعَيَنا لّْسَابُ ) [سورة الرعد:٠:]‏ : " إن هذا القول إنما يقال 
للنبي َل الرسول الذي أوحي إليه من ربه؛» وكلف مخاطبه الناس 
بيذة العقيدة 000 


ويلاحظ أن تعريف سيد قطب يقترب من التعريفين الشاني 


.75© النبوات لابن تيمية: ص‎ )١( 
.77١1؟/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
في ظلال القرآن 5 الا‎ )”( 
١ا/مهده‎ 








الفرع الثاني: طبيعة النبوة وحقيقتها: 

النبوة عند جمهور المسلمين وأهل السنة والجماعة فضلٌ 
إلهي» وهبةٌ ربانية» يهبها الله لمن يشاء من عباده» ويختص بها 
ويصطفي لها من يريد من خلقه» فهي محض فضل إلهي» 
واصطفاء واختيار» لا تدرك بالنصب والجدء ولا تنال بالذكاء 
والعبقرية كما هو مفهومها عند المنحرفين من الفلاسفة وغيرهم. 
طبيعة النبوة و حقيقتها عند سيد قطب: 

يمكننا بيان موقف سيد قطب - رحمه الله - ومنهجه فيما 
يتعلق بحقيقة النبوة فيما يأتي: 
أولا: النبوة اصطفاء واختيار: يتفق سيد - رحمه الله- مع أهل 
السنة والجماعة حول طبيعة النبوة وحقيقتهاء من أنها هبة لدينه» 
واختيار واصطفاء من الله - سبحانه- حيث يقول: " والرسل 
جماعة خاصة:؛ ذات طبيعة خاصة... هذه الطبيعة الخاصة هي 
التي تتلقى الوحي» فتطيق تلقيه» لأنها مهيأة لاستقبالها " ('). 

'" فالله ينتدب للنبوة المختار من عباد الله ثم يسلمها إلى 
المختار بعده» وليس للنبي في نفسه من شيء» وما له في هذه 
المهمة من أرب شخصيء ولا مجد ذاتي» إنما هو عبد مصطفى؛ 
ومبلغ مختار» والله - سبحانه - هو الذي ينقل خطى هذه الدعوة 


)١(‏ في ظلال القرآن 78/١‏ بتصرف. 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








يوخ لجال لبقو عريقوة هذا الفو كب صرف كرقة يق 1107" 
فموكب الأنبياء يظم الصفوة المختارة من البشر " (") 
وفي ظلال قوله تعالى: ( وَإِدَا جَادَتَهُمْ ايه فَالُوأ أن مَوِمِنَ حَقٌّ 


1 خأ ار / 


نوق مَل مآ أوق رسل أنه أنه أعلم حَيّتُ يَجِمَلُ رسالتة. 1 إسورة 
الأنعام:4 ؟١]‏ يقول: " يرد الله 1 وني المنكرة الغبية أولاً: 
بتقرير أن أمر اختيار الرسل للرسالة موكول إلى علمه المحيط 
بمن يليق بهذا الأمر الكوني الخطير... 

إن الرسالة أمر هائل خطيرء أمر كوني تتصل فيه الإرادة 
الأزلية الأبدية بحركة عبد من العبيد» ويتصل فيه الملأ الأعلى 
بعالم الإنسان المحدود؛ وتتصل فيه السماء بالأرضء والدنيا 
بالآخرة» ويتمثل فيه الحق الكليء في قلب بشرء وفي واقع ناس» 
وفي حركة تأريخ» وتتجرد فيها كينونة بشرية من حظ ذاتهاء 
لتخلص لله كاملة» لا خلوص النية والعمل وحده؛ ولكن كذلك 
خلوص المحل الذي يملؤه هذا الأمر الخطير. 

فذات الرسول - هيه - تصبح موصولة بهذا الحق ومصدره 
صلة مباشرة كاملة» وهي لا تتصل هذه الصلة إلا أن تكون من 
ناحية عنصرها الذاتي صالحة للتلقي المباشر الكامل بلا عوائق 


1 سر ال 


)١(‏ المصدر السابق كيت بتصرف. 
0( المصدر السابق "له ٠‏ وينظر 1 .1١55/5‏ 


١ /اه/ا‎ 


اتيت قطي ومنهجه في العفيدة /و6 








ولا سدود والله وحده - سبحانه - هو الذي يعلم أين يضع 
رسالته؛ ويختار لها الذات التي تنتدب من بين ألوف الملايين» 
يقال لستاحهدياء أنظ منتدي لهذا الأمو 'الماكل الحظين؛ والذين 
يتطلعون إلى مقام الرسالة» أو يطلبون أن يؤتوا مثل ما أوتي 
الرسول» هم أولاً من طبيعة لا تصلح أساساً لهذا الأمرء فهم 
يتخذون من ذواتهم محوراً للوجود الكوني» والرسل من طبيعة 
أخرى؛ طبيعة من يتلقى الرسالة مستسلماً» ويهب لها نفسه؛ 
وينسى فيها ذاته؛ ويؤتاها من غير تطلع ولا ارتقاب: (وَمَا 
توأ أن مُلْيّع إليَلك ألحكتّب إلا رَحْمَهُ من رَبك 1 إسورة 
القصص:86] » ثم هم بعد ذلك جُهَّالَ لا يدركون خطورة هذا 
الأمر الهائل ولا يعلمون أن الله وحده هو الذي يقدر بعلمه على 
اختيار الرجل الصالح؛ ف ( أده أَعَلَمُ حَيّتُ جَجِمَلْ ل 
جعلها سبحانه حيث علم؛ وافكان ها أكرية خلقه وأخلصهمء 
وجعل الرسل هم ذلك الرهط الكريم» حتى انتهت إلى محمد - 
يله - خير خلق الله وخاتم النبيين" .)١(‏ 

وقد بين سيد - رحمه الله- في نصوص كثيرة أن النبوة هبة 
لبو ل وام 


ّ 


.1701--01757/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
ا‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








] [سورة الحج:7"5] . وقال: (ِوَبَكَم عل بكاو اليرت أَمْطَيََ )1 [سورة 
التمل567] :وغيرها" .)١(‏ 
ثانيا: أن موكب الأنبياء واحد في تاريخ البشرية كلها: بِيّن سيد 
- رحمه الله- أن الرابط بين موكب الأنبياء هو رابط الاصطفاء 
والاختيار الإلهي» وأن الصلة بينهم هي عهد الله عليهم أن يسلم 
السابق منهم للاحق وينصره؛ وأنهم يواجهون مواقف متشابهة 
ويمضون في طريق ثابت " ("). 

" فموكب الأنبياء موكب واحد يتراءى على طريق التاريخ 
النشري الموصيوك»:ززسالة وأعدة بهذي يواد لدان واللبشير»+ 
موكب واحد يضم هذه الصفوة المختارة من بين البشر: نوح» 
وابراهيم» واسماعيل؛ واسحاقء» ويعقوبء والأسباط» وعيسى؛ 





وأيوب» ويونس» وهارون» وسليمان» وداود» وموسى.. وغيرهم 
ممن قصهم الله على نبيه - يَيهِ - في القرآن» وممن لم 
يقصصهم عليه؛ 

موكب من شتى الأقوام والأجناس» وشتى البقاع والأرضيين» في 
شتى الآونة والأزمان» لا يفرقهم نسب ولا جنسء ولا أرض ولا 


)١(‏ ينظر في ذلك: في ظلال القرآن 5951/١‏ 19.5/5 ١لكاكل,‏ 145ل 
ه51 .355١‏ 
)١(‏ في ظلال القرآن 20٠ ع٠ 5/١‏ بتصرف. 
11 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








وطنء ولا زمن ولا بيئة» كلهم آت من ذلك المصدر الكريم؛ 
وكلهم يحمل ذلك النور الهاديء وكلهم يؤدي الإنذار والتبشير» 
وكلهم يحاول أن يأخذ بزمام القافلة البشرية إلى ذلك النورء 
سواء منهم من جاء لعشيرة» ومن جاء لقوم» ومن جاء لمدينة 
ومن جاء لقطرء ثم من جاء للناس أجمعين» محمد رسول الله - 
يخ - خاتم النبيين " .)١(‏ 


الفرع الثالث: منهج القرآن الكريم في تصحيح التصورات 
الجاهلية عن الرسل والرسالات: 

أشار سيد - رحمه الله- في ظلال كثير من الآيات إلى 
منهج القرآن الكريم في بيان حقيقة الرسل والرسالات» وتصحيح 
التصورات الجاهلية والبشرية عموماً عن الرسل والرد على 
التصورات الضالة حول طبيعة النبي ووظيفته سواءً عند 
المشركين أو عند أهل الكتاب على حد سواء» ومن ذلك: 

-١‏ في ظلال قوله تعالى: (وَمَا رّسِلُ المرْسَلِتَ إلا مُمشرفَ 
اريت فلن عاتن أن انزف قن 11خ عزثة :1( ذاليذ كذذا 


وه 


بكَاينِيمَا يَمَسَهُمْ الْعَدَابُ يما كانوأ يَفَسَفُونَ (5) قل لآ أَْولُ لَكمٌ عِندى 


5 5-1 


)1( فى ظلال القران ادحل اال "595١لء‏ 5:آ كل لاة5 اق ؟ردهه ا 
0 6----57759556. 
١/1‏ 


اتيت قطي ومنهجه في العفيدة /و6 








م 16 قن لتك 4ل 21 184 إن قلف إن نيه إله ما عه 2 
1 [سورة الأنعام:/4 ]5٠0-‏ » يقول سيد: " لقد كان هذا الدين 
يعد البشرية للرشد العقلي.. وكان هذا كله يقتضي الانتقال 
بالبشرية من خهه الفوازق الحسية الف تلوق الأعتاق.. إلى 
توجيه الإدراك البشري لملاحظة بدائع الصنعة الإلهية في 
اوجرن كذه رهي :تي ذانها مخوارق سعهزة ود الماك رقن اقتصنى 
ذلك تربية طويلة على هذا الأمر. . بعيدة عن منهج التصورات 
الذهنية التجريدية» أو التصورات الحسية المادية التي سادت 
الفلسفات الإغريقية والهندية والمصرية والبوذية والمجوسية 
والحسية الساذجة التي كانت سائدة في العقائد الجاهلية العربية؛ 

وتتمثل جانب من هذه التربية في بيان وظيفة الرسول» 
وحقيقنةا خوره في الريسالة«فالريسول يقجر» بوممله اله ابيقنين 
وينذر» وهنا تنتهي وظيفته..» وبهذا ينفي القرآن الكريم كل 
الأساظين والقصورانك الفايضية غة طبيعة الرسول كيل ديا 
كان سائداً في الجاهليات.. بعدما عبثت وابتعدت بها عن حقيقة 
الرسالة وحقيقة النبوة» وحقيقة الوحي» وحقيقة الرسول» ودخلت 
بها في خرافات وأساطير وأوهام وأضاليل» حتى اختلطت النبوة 
بالسحر والكهانة» واختلط الوحي بالجن والجنون أيضاً! وأصبح 
يطلب من النبي أن يتنبأ بالغيبء وأن يأتي بالخوارق» وأن 


١/1١ 


هيت قطي ومنهجه في العفيدة “وم 





يصنع ما عهد الناس أن يصنعه صاحب الجن والساحر! 
- لقد جاءت العقيدة الإسلامية لتقذف بالحق على الباطل 
فتدمغه فإذا هو زاهقء ولترد إلى التصور الإيماني وضوحه 
وبساطته وصدقه وواقعيته» ولتخلص صورة النبوة وصورة النبي 
من تلك الخرافات والأساطير والأوهام والأضاليل التي شاعت 
في الجاهليات كلهاء وكان أقربها إلى مشركي العرب جاهليات 
أهل الكتاب من اليهود والنصارى على اختلاف الملل والنحل 
بينهم؛ وكلها تشترك في تشويه صورة النبوة وصورة النبي أقبح 
تشويه!... 

وكانت مطالب المشركين للخوارق من النبي - وله - 
تصوغها تلك الأوهام والأساطير التي أحاطت بصورة النبوة 
والنبي في الجاهليات حولها... 

حيث شاعت في الجاهليات المتنوعة صور من " النبوءات " 
الزائفة» يدعيها " متنبئون " ويصدقها مخدوعون.. ومن بينها 
نبوءات السحر والكهانة والتنجيم والجنون! حيث يدعي المتنبئون 
قدرتهم على العلم بالغيب»ء والاتصال بالجن والأرواح» وتسخير 
نواميس الطبيعة بالرقى والتعاويذ» أو بغيرها من الوسائل في 
مراسيم مختلفة... 

حيث حفلت الجاهليات كلها بتصورات منحرفة عن طبعة 


١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





النبوة والنبي» فجاء القران الكريم ليصحح هذه الانحرافات ويقرر 
حقيقة النبوة وطبيعة النبي بعيداً عن الأساطير والخرافات" :)١(‏ 
- كما صحح للمشركين تصورهم عن النبي واعتقادهم أنه لا 
يكون بشراًء بل لابد أن يكون ملكاً» حيث ذكر اعتراض 
المشركين في كل الأمم على بشرية الرسل ن وبين أن ذلك مرده 
إلى الجهل بوظيفة الرسول» وحقيقة الرسالة " ("). 

- كما رد القرآن الكريم على الذين ينكرون إرسال الرسل في 
مواضع كثيرة» وندد بمن يزعمون أن الله لم يرسل رسولاء ولم 
ينزل على بشر كتاباً» بأنهم لم يقدروا الله حق قدره؛ فما قدر الله 
حق قدره من يقول: إنه - سبحانه - تارك الناس لأنفسهم 
وعقولهم وما يتعاورها من الأهواء والشهوات والضعف والقصورء 
فما يليق هذا بألوهية الله وربوبيته» وعلمه وحكمته وعدله 
ورحمته؛ إنما اقتضت رحمة الله وعلمه ورحمته وعدله أن يرسل 
إلى عباده رسلاً» وأن ينزل على بعض الرسل كتباً» ليحاولوا 
جميعاً هداية البشرية إلى بارئهاء واستنقاذ فطرتها " (5): 

- كما رد على مقولات المشركين الذي جعلوا للنبوة مواصفات» 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/ ٠١97-5١97‏ بتصرف. 

(") المصدر السابق */ ,١7595‏ ه/ 5551. 

(') المصدر السابق ١١737/7‏ وينظر .17١7/79‏ 
عن 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








واعترضوا على نبوة النبي- ويه - بقولهم: ( وَهَالُوا لوكا بُزَلَ مدا 
لْمرماكُ عل رَجْلٍ يِنَ الْمَرسنِ عَظِم ) [سورة الزنخرف:١"]‏ » وناقش 
مقولتهم هذه؛ وما تنطوي عليه من خطأ في تقدير القيم الأصيلة 
التي أقام الله عليها الحياة... والقيم الزائفة التي تخايل لهم 
وتصدهم عن الحق... بقوله - سبحانه-: ١‏ أَمْرٌ يَنْسِمُونَ َممَتَ رَيَكَ 
] [إسورة الزنخرف:7"] .. فالله أعلم حيث يجعل رسالته؛ ولقد 
اختار لها من يعلم أنه لها أهل... فلا علاقة بين النبوة وبين 
عرض الحياة الدنياء ولا صلة لها بقيم هذه الحياة الدنيا الزائفة 
فو الما و العامة سوط 70 

ومن ذلك ما روى أن الوليد بن المغيرة قال للنبي- كله -: لو 
كانت النبوة حقاً لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سناً» وأكثر 
من مالا ' (') وهذا كله من انحراف تصورهم لحقيقة النبوة 
والنبي. 
- كما صحح القرآن الكريم للمشركين تصورهم للنبوة وحقيقتهاء 
فقد صحح لأهل الكتاب أيضاً تصورهم المنحرف للنبوة 
والأنبياءء حيث انحرفت تصورات اليهود لأنبيائهم بعد تحريف 
لكتب ربهمء أما النصارى فقد صحح القرآن الكريم لهم تصوراتهم 


.1/81/7/5 بتصرفء وينظر‎ "١817 5786 5١45/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
.١7١57/79 في ظلال القرآن‎ )١( 
255 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








عن عيسى - عليه السلام - وقص عليهم الخبر اليقين في أنه 
عبد الله ورسوله؛ وروح منه وكلمته ألقاها جبريل -عليه السلام- 
على مريم العذراء» فليس إلهاً» ولا ابن إله؛ ولا ثالث ثلاثة» ومما 
تعتقده النصارى فيه. 

- أما اليهود فقد حدثهم القرآن الكريم حديث الصدق عن 
تاريخهم وأنبيائهم» مجرداً من الأساطير الكثيرة التي اختلفت فيها 
رواياتهم» مطهراً من الأقذار التي ألصقتها هذه الروايات 
بالأنبياء» والتي لم يكد نبي من أنبياء بني إسرائيل يخرج منها 
- إبراهيم - عليه السلام - بزعمهم قدم امرأته لأبي مالك ملك 
الفلسطينيين» والى فرعون ملك مصر باسم أنها أخته لعله ينال 
بسببها نعمة في أعينهما! 

- ويعقوب - عليه السلام - الذي هو إسرائيل أخذ بركة جده 
إبراهيم من والده إسحاق بطريق السرقة والحيلة والكذب» وكانت 
بزعمهم هذه البركة لأخيه الأكبر عيصو! 

- ولوط - عليه السلام - بزعمهم أسكرته بنتاه كل منهما ليلة 
ليضطجع معها لتنجب منه كي لا يذهب مال أبيها إذ لم يكن 
له وارث ذكرء وكان ما أرادتا! 

- وداود - عليه السلام - رأى من سطوح قصره امرأة جميلة 


١1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





17 آل 17 17 ل اسيك قطي ومنهجه في العهيدة “ود 





عرف أنها زوجة أحد جنده؛ فأرسل هذا الجندي إلى المهالك 

ليفوز بزعمهم بامرأته! 

- وسليمان - عليه السلام - مال إلى عبادة " بغل " - بزعمهم 

- مجاراة لإحدى نسائه التي كان يعشقها ولا يملك معارضتها! 
وقد جاء القرآن فطهر صفحات هؤلاء الرسل الكرام مما 

لوثتهم به الأساطير الإسرائيلية التي أضافوها إلى التوراة 

المنزلة» كما صحح تلك الأساطير عن عيسى ابن مريم -عليه 


.)١( ' .- السلام‎ 


)1( المصدر السابق ]55 28 ه56 بتصرف يسير. 
ككل/ا١‏ 





المطلب الثاني 


حاجة البشرية إلى الرسل وحكم الإيمان بهم 

لا شك أن الحاجة إلى النبوة والوحي ضرورة للبشر لا غنى 
عنها بحال من الأحوال. يقول ابن القيم - رحمه الله-: " ومن 
هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول 
وما جاء به؛ وتصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمرء فإنه لا 
ديل إلى البشمادة والفللاح لأ:في الطتياترلا فى الكفرة إلا علنع 
أيدي الرسلء ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على 
اعون الاقه رن حمسيو را عن را ال اسه املس 
أيديهم.. فأي ضرورة وحاجة فرضتء فضرورة العبد وحاجته إلى 
الرسل فوقها بكثير " .)١(‏ 

كلمن دوف سر نمه الس يناحتةالكقيو نتن :زكري 
على الذين يقولون بأن الإنسان يمكن أن يستغني بعقله عن 
الوحي» كما بين حكم الإيمان بالرسل في مواطن كثيرة» نجملها 
في الفرعين الآتيين: 


)١(‏ زاد المعاد لابن القيم مؤسسة الرسالة بيروت ط١"‏ عام 1١5١ه 18/١‏ وما 
بعدها. 


١ا/ك/‎ 


سيد قطي ومنهجة في العقيدة “وت 








الفرع الأول: الحكمة من إرسال الرسل: 

يقول سيد- رحمه الله-: ' ولو علم الله أن العقل البشري 
يكفي الإنسان لبلوغ الهدى والمصلحة في دنياه وآخرته لوكله 
إليه» وجعله حجته على عباده؛ ولكن لما علم أن العقل الذي 
آتاه للإنسان أداة قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدى - بغير 
توجيه من الرسالة وعون وضبط - وقاصرة عن رسم منهج 
للحياة الإنسانية يحقق المصلحة الصحيحة لهذه الحياة» وينجي 
صاحبه من سوء المآل في الدنيا والآخرة... لما علم الله - 
سبحانه - هذا كان من رحمته وحكمته أن يبعث بالرسلء لثلا 
يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " .)١(‏ 

" وهذا يعني أن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة 
سواء» منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم فعلى أساس تبليغهم 
هذا الأمر للبشرء تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم» ويترتب 
ثوابهم أو عقابهم» في الدنيا والآخرة " ('). 

ويقول أيضاً: " أما حكمة الله في إرسال الرسل فهي واضحة: 
والإنسان مهيأ بطبعه للخير والشر وعقله هو أداته للتمييزء 
ولكن هذا العقل في حاجة إلى ميزان مضبوط يعود إليه دائماً 


)١(‏ في ظلال القرآن 6٠١7/7‏ بتصرف. 
0( المصدر السابق 65م 
4 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





كلما غم عليه الأمرء وأحاطت به الشبهات» وجذبته التيارات 
والشهوات» وأثرت فيه المؤثرات العارضة التي تصيب البدن 
والأعصاب والمزاج» فتتغير وتتبدل تقديرات العقل أحياناً من 
النقيض إلى النقيضء هو في حاجة إلى ميزان مضبوط لا يتأثر 
بهذه المؤثرات ليعود إليه» وينزل على إرشاده»ء ويرجع إلى 
الصواب على هداهء وهذا الميزان الثابت العادل هو هدى الله 
وتوف 00 

' إن العقل حين يستقل بنفسه بعيداً عن الوحي» يتعرض 
للضلال والانحراف» وسوء الرؤية ونقصهاء وسوء التقدير 
والتدبير» بسبب طبيعة تركيبه ذاتها في رؤية الوجود أجزاء لا 
كلا واحداًء فيتعذر عليه أن يقيم أحكاماً ونظاماً ملحوظاً فيه 
الشمول والتوازن» ومن ثم يضل ويضطرب... 

ويضل أيضاً بسبب ما ركب في الكيان البشري من شهوات وأهواء 
ونزعات» إذا لم تضبط بميزان الوحي فإنها ستدمر الحياة '("): 

' فالحاجة إلى الرسالة والوحي أمر ضروري لاستنقاذ الفطرة 
من الركام والانحراف» لتكشف للبشر عن القوانين الكونية الثابتة 


21١55-1١4ه5‎ 581/١ في ظلال القرآن ”*/2,1725175-1150 وينظر:‎ )١( 
مضه‎ 
بتصرف.‎ ٠١18 -١١3917/7 (؟) المصدر السابق‎ 
25 





وما وراءهاء مما حجب عن الإنسان رؤيته ومعرفته» ولتكون 
تصدرا الجعرفة النقيطة لقا توراء اناده 1101 

' ومن العجب أن يأتي على هذا الإنسان زمان يزعم لنفسه 
أنه استغنى عن ربه ورعايته ورحمته وهدايته ودينه ورسله 
بالعقل» فمثال ذلك كالطفل الذي يحس ببعض القوة في ساقيه 
فيروح يبعد عنه اليد التي تسنده» ليتكافأ ويتعثر!... 

فاتعقول :نيس كاقت عبيزة لا جل دون الرسالة ها لضفه 
بالرسالة.. ولم يسجل التاريخ أن عقلاً واحداً من العقول الكبيرة 
- أفلاطون وأرسطو كما يزعمون - اهتدى إلى مثل ما اهتدت 
إليه العقول العادية بالرسالة.. فعندما نقارن بين تصور أفلاطون 
لإلهه - كما وصفه - وبين تصور المسلم العادي لإلهه مهتديا 
جيلاي "الرحالة ةخرف مملنافة عائلة قصل تيحيفاء وكفلك في مهال 
الأخلاق والمبادئ والنظم والتشريعات» لا يمكن أن نقارن بين ما 
جاء به الرسل وبين ما وصلت إليه العقول البشرية '("). 


الفرع الثاني: حكم الإيمان بالرسل وموقف الناس منهم: 


تباينت مواقف الناس من رسل الله تعالى» بين مؤمن ومنكر. 


.١ل51/6‎ 1595-1599 المصدر السابق /8/اى 9/ره‎ )١( 
بتصرف.‎ 8١7-/81١١/” (؟) المصدر السابق‎ 


١/٠ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








- فقد كانت العرب تنكر الوحي والرسالة إلا قليلاً منهم؛ وكانت 
شبهتهم استبعاد أن يتستف ١‏ أده مقكرا رولا - كما سبق جوفريياً 
من موقف العرب يقف اليهود الذين أنكروا أن يختص الله بهذه 
الرحمة من يشاء من عباده» وأوجبوا أن يحصر النبوة في شعب 
إسرائيل وحدهء على أنهم كفروا بأنبيائهم وقتلوا بعضهمء ونسبوا 
إليهم ما لا يليق» ووافقهم النصارى على حصر النبوة فيهم 

- ومن بين هذه المواقف جاء موقف الإسلام» حيث جعل من 
أركان الإيمان الحق الذي لا يتم إلا به الإيمان بالرسل الذين 
أرسلهم الله جميعا لهداية الأمم» وعدم التفريق بينهم» ومحبتهم 
جميعاء واعتبار أن من كذب واحداً منهم فهو مكذب للجميع؛ 
زه ١ : ١‏ 

هذا الدين ذ فى أكثر من موضصع 0 حرحمه اللله-: " الإيمان 
تكن للد وز له ينرق نارق ين اح دق زوه كو لمشي 
الطبيعي الذي ينبثق من الإيمان بالله في الصورة التي رسمها 
الإسلام» فالإيمان بالله يقتضي الاعتقاد بسحة كل ما جاء من 
عند اللهء وصدق كل الرسل الذين يبعثهم الله» ووحدة الأصل 


)0 د : الوحي ال حمدي» لمحم رشيد رضاء المكتب الإسلامي ز بيروت» ط4 
عام ١1555‏ ص58 ١‏ دل 765, 
ا/ا/ا١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








الذي تقوم عليه رسالتهم؛ وتتضمنه الكتب التي نزلت عليهم: 
ومن ثم لا تقوم التفرقة بين الرسل في ضمير المسلمء فكلهم 
جاء من عند الله بالإسلام في صورة من صوره المناسبة لحال 
القوم الذين أرسل إليهم» وانتهى الأمر إلى خاتم النبيين محمد - 
يي - فجاء بالصورة الأخيرة للدين الواحد " .)١(‏ 

" والقران يدعو إلى الإيمان بعناصر الإيمان الشاملء الإيمان 
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ولكل عنصر من هذه 
العناصر قيمته في تكوين العقيدة الإيمانية» والتصور الإسلامي 
'"(0):" ذلك التصور الذي يجعل دين الله واحدأًء ويجعل رسل 
موكيا يخم هنذا الدين الواحنه» ويحعق القرقة ييخ الدسل: 
والتفرقة بين ما جاءوا به كفراً صراحاً "(5): 

" وذلك أن التوحيد المطلق لله -سبحانه- يقتضي توحيد دينه 
الذي أرسل به الرسل للبشرء وتوحيد رسله الذين حملوا هذه 
الأمانة للناس» وكل كفر بوحدة الرسل» أو وحدة الرسالة هو 
كفر بوحدانية الله في الحقيقة» وسوء تصور لمقتضيات هذه 


الوحدانية.. لذلك عبر عمن يريدون التفرقة بين الله ورسله - بأن 


.547/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
7174/9 (؟) المصدر السابق‎ 
797/7 المصدر السابق‎ )*( 
١ اا‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








يؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل - وعمن يريد التفرقة بين الرسل - 
بأن يؤمنوا ببعضهم ويكفروا ببعضهم - عبر عن هؤلاء وهؤلاء 
بأنهم ( إن اكيت يَكَدُيُودَ به وَدُسُِوء )» وعد تفرقتهم بين الله 
ورسله وتفرقتهم بين بعض رسله وبعض» كذراً بالله وبرسله. 

إن الإيمان وحدة لا تتجزأء الإيمان بالله إيمان بوحدانيته - 
سبحانه - ووحدانيته تقتضي وحدة الدين الذي ارتضاه للناس 
لتقوم حياتهم كلها - كوحدة - على أساسه؛ ويقتضي وحدة 
الرسل الذين جاءوا بهذا الدين من عنده ووحدة الموقف تجاههم 
جميعاًء ولا سبيل إلى تفكيك هذه الوحدة» إلا بالكفر المطلق» وإن 
حسب أهله أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض! لكنهم 
الكافرون حقاً.. 

أما " المسلمون " فهم الذين يشتمل تصورهم الاعتقادي على 
الإيمان بالله ورسله جميعاً» بلا تفرقة. فكل الرسل عندهم موضع 
اعتقاد واحترام.. وفي ظل هذا البيان يبدو الذين يفرقون بين الله 
ورسله» ويفرقون بين بعض الرسل وبعضء» منقطعين عن موكب 
الإيمان» مفرقين للوحدة التي جمعها الله» منكرين للوحدانية التي 
يقوم عليها الإيمان بالل .)١('‏ 

"وقد خذفا ال يكفن “مق أنكن الشواة» سنواء المشتركية الديرة 


)١(‏ في ظلال القرآن 79/8-1/917/7 بتصرف يسير. 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء. أو الذين يزعمون أن 
الأديان من صنع البشر وأنها تطورت وترقت بتطور البشر 
وترقيهم دون تفريق بين الأديان الوثنية التي هي من صنع 
البشرء وبين الأديان التي جاء بها الرسل من عند الله؛ والتي 
هي ثابتة في أصولهاء والتي ينحرف عنها الناس فترة حتى 
يبعث الله لهم رسولاً بذات الدين الواحد الموصولء أو الفلاسفة 
والملحدين من الماديين الذين يرون أن الإله لا يمكن أن يعنى 
بغير ذاته؛ وبالتالي فلا يمكن أن يلتفت إلى الخلق» فليس هناك 
وحي ولا رسلء إنما هي أوهام الناس وخداع بعضهم لبعض 
ناسيم الفيق "200 

" وقد جاءت آيات كثيرة تصرح بكفر من كذب رسولاً واحداً» 
واعتباره مكذباً لجميع الرسل منها قوله تعالى: [كَدَبتْ عَم نج 
لْمرْمَدِنَ ؟ [سورة الشعراء:5١٠]‏ » وقوم نوح لم يكذبوا إلا نوحاً» 
ولكنه يذكر أنهم كذبوا المرسلين» لأن الرسالة في أصلها واحدء 
فمن كذب بها فقد كذب بالمرسلين جميعاً '(1) » وقوله تعالى: ( 
كَدَتَ عد لسن 1 [سورة الشعراء:١١]‏ » وقوله تعالى: ( كَدَبتَ 
مود الْمْرَِنَ 1 [سورة الشعراء: ٠ ]١ 4١‏ وقوله تعالى إكَدَبتْ مَرْمْ ويل 
)١(‏ المصدر السابق ١١55/7”‏ بتصرف. 


0( في ظلال القران والاكة 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





مين 1 [سورة الشعراء:١6١]‏ » وقوله تعالى: ( كَدَبَ أب 
كه الْرِْنَ ) [سورة الشعراء:76١]‏ ' ومن ذلك أيضاً وقوله 
تعالى: ( وَلْقَدَ كدب أب الجر الْمْرَْدِنَ 1 [سورة الحجر:١6]‏ 
وهم لم يكذبوا سوى رسولهم صالح - عليه السلام- ولكن ليس 
صالح إلا ممثلاً للرسل أجمعين» فلما كذبه قومه قيل: إنهم كذبوا 
المرسلين» توحيداً للرسالة وللرسل وللمكذبين» في كل أعصار 
التاريخ؛ وفي كل جوانب الأرضء على اختلاف الزمان والمكان 
والأشخاص والأقوام :)١("‏ 

وخلاصة موقف سيد قطب: أنه يرى وجوب الإيمان برسل 
الله كلهم» بدون تفرقة بينهم» فكلهم جاء من عند اللهء وكلهم جاء 
بدين الله» وأن عدم الإيمان بواحد منهم كفر بهم جميعاً» وكفر 
بالله الذي بعث بهم جميعاً '(): 


.5١51١/ 5 في ظلال القرآن‎ )١( 
المصدر السابق ؟/558.‎ )؟١(‎ 


١ اما‎ 





المطلب الثالث 


صفات الرسل وخصائصهم 

النبوة -كما تقدم- منةٌ من الله- تعالى- يمن بها ويختص 
بها من يشاء من عباده؛ وهؤلاء المختارون خصهم الله بصفات 
كمال النوع الإنساني من العلوم والمعارفء والفضائل والآداب» 
مع التنزه عن النقائص. )١(‏ 

وقد جاء ذكر بعض أوصاف الأنبياء ومميزاتهم في القرآن 
الكريم؛ من كونهم بشراً» يوحى إليهم وكونهم معصومون عن ما 
ينافي النبوة والبلاغ؛ واتصافهم بجميل الصفات والأخلاق؛ 
وقد تكلم سيد -رحمه الله - في مواضع كثيرة عن أهم صفات 
وخصائص الأنبياء -عليهم السلام -ومما ذكره- سيد- من 
صفات وخصائص الأنبياء ما يأتي: 
أولاً: أنهم بشسر: من صفات الرسل - عليهم السلام - أنهم 
رجال من البشرء ليسوا ملائكة» ولا أرباباً» وليس لهم من 
خصائص الألوهية شيء. 

وقد افترق الناس في مسألة بشرية الرسل إلى ثلاث طوائف: 
الطائفة الأولى: الذين غلوا في الأنبياء - عليهم السلام - 


)١(‏ ينظر: فتح الباري لابن حجر 5 بتصرف يسير. 
ك١‏ 


سيد قطي ومنهجة في العقيدة “وت 








وأفرطوا في تصوير خصوصيتهم حتى رفعوهم فوق جنس 
البشرء وجعلوا لهم صفات وخصائص الألوهية والربوبية. 
الطائفة الثانية: جعلوا صفة البشرية مانعاً من النبوة» وبالتالي 
أنكروا نبوتهم لكونهم بشر. 
الطائفة الثالثة: الذين توسطوا والوسط هو الحقء فإن كون 
الأنبياء - عليهم السلام - بشراً هو ما تقتضيه حكمة الله 
وصلاح البشرية .)١(‏ 

وقد تعرض سيد - رحمه الله- كثيراً في ظلال الآيات التي 
تتحدث عن طبيعة الأنبياء» إلى مسألة بشريتهم؛ وبين أنها من 
صفات الرسل - عليهم السلام - وكذا الحكمة من كونهم بشراً» 
ورد على اعتراضات المشركين في مسألة بشرية الرسل» حيث 
قرر حرحمه الله -أن الرسل جميعاً هم بشرء اختارهم الله من 
بين البشرء لحمل أمانة الوحيء والبلاغ» والإنذار» وما داموا بشراً 
فإنهم محكومون بالسنن الجارية على البشر من الحياة والموت 
والفناء» وخضوعهم لألوهية الله - سبحانه - فالنبي عبد يتوجه 
لله بالعبودية كغيرة من المخلوقات» وليس لهم من خصائص 
الألوهية شيء. 

كما أنهم لا يعلمون الغيبء ولا يدعون أنهم ملائكة؛ ولا 


)١(‏ ينظر: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا 7١1-‏ بتصرف يسير. 
ااا ١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








يقدرون على فعل الخوارق والمعجزات بأنفسهم؛ ولهذا كان 
جواب النبي يِل على المشركين لما طلبوا منه أمور من خوارق 
العنادات ,]فل سداد رو هن فث إلا 5 وله :[(سحورة 
الإسراء:1] » وقد قرر القرآن الكريم بشرية الرسل في آيات 
- قوله تعالى: [ِثَاكْ لَهُمْ رُسْنُْهُْ إن خَنْ إلا مَمَرٌ مِتنكمْ ولك 
لَه يَمْن عَلّ من يَِمَآهُ مِنَ عبادو- 1 [سورة إبراهيم:١١]‏ . 

- قوله تعالى: ١‏ مُلِْتمَآ آنا بسر َنم بج إِ 4+ (١)»فالرسل‏ 
والأنبياء - عليهم السلام - بشر يوحى إليهم؛ وتنحصر حقيقتهم 
في كونهم " بشراً يتلقون الوحي" ("). 

الحكمة 4 شراًء والرد 





ذكر سيد - رحمه الله- أن بشرية الرسل كانت موضع 
اعتراض في كل الجاهليات بقوله " لقد كانت بشرية الرسل هي 
٠. 6 3‏ 7 2 4.6 ل ١ 1 ١3‏ 
موضع الاعتراض من جميع الأقوام في جاهليتهم " (') " وبدلاً 


.5 وسورة فصلت: الآية‎ »١١١ سورة الكهف: الآية‎ )١( 

/” 2»546 .47١ :»5١59/١ ينظر كلام سيد حول بشرية الرسل في ظلال القرآن‎ )١( 
وهلا 5/ الام‎ ل1١١7‎ ١59/5 0م ل سه .ل هئ(لل‎ 
الادى ككل ه لكددال ودلكاكل لكككت علدت عدت كل اقول‎ 
1ه "؟.‎ 

(") في ظلال القرآن 5/ ٠١7‏ وينظر: 55/7 .١١‏ 

١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








من أن يعتز البشر باختيار الله لواحد منهم ليحمل رسالته» فإنهم 
لجهالتهم ينكرون هذا الاختيار» ويجعلونه مثار ريبة في الرسل 
المختارين» ويعللون دعوة رسلهم لهم بأنها رغبة في تحويلهم عما 
كان يعبد آباؤهم 0 

أسباب الاعتراض شرية الرسل: بين سيد قطب أسباب 
الاعتراض على بشرية الرسل بقوله: " وهذا الاعتراض المتكرر 
على بشرية الرسل تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك» كما يبدو 
فيه الجهل بوظيفة الرسول.. والتوقع أن يكون هناك سر غامض 
في شخصية الرسول وحياته؛ تكمن وراءه الأوهام والأساطير.. 
أليس رسول السماء إلى الأرض فكيف لا تحيط به الأوهام 
والأساطير؟ كيف يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها 
ولا ألغاز حولها؟! شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي 
تمتلئ بها الأسواق والبيوت؟! ("). 

'" وهذا الاعتراض على بشرية الرسل هو اعتراض فج: 

- ناشئ عن الجهل بطبيعة الرسالة» وكونها منهجاً إلهياً للبشر» 
فلا بد أن تتمثل واقعياً في بشرٍ يحيا بهاء ويكون بشخصه 


)١(‏ المصدر السابق ٠١9١/5‏ وينظر: 5/ 6١كاء‏ ه/ للددكت 55175 6م 
كاره”. 
(؟) المصدر السابق 595١/5‏ وينظر: 5/ 5008. 
171 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








ترجماناً لهاء فيصوغ الآخرون أنفسهم على مثاله بقدر ما 
يستطيعون» ولا ينتعزل هو عنهم بجنسه» فيتعذر أن يجدوا 
للرسالة صورة واقعية يحاولون تحقيقها في ذوات أنفسهم؛ وفي 
حياتهم ومعاشهم. 

- وناشئ كذلك من الجهل بطبيعة الإنسان ذاته ورفعة حقيقته 
بحيث يتلقى رسالة السماء ويبلغها بدون حاجة إلى أن يحملها 
إلى الناس ملك كما كانوا يقترحون» ففي الإنسان تلك النفخة من 
روح الله! وهي تهيئة لاستقبال الرسالة من الله وأدائها كاملة كما 
تلقاها من الملأ الأعلى» وهي كرامة للجنس البشري كله لا 
يرفضها إلا جاهل بقدر هذا الإنسان عند الله» حين يحقق في 
ذاته حقيقة النفخة من روح الله! 

- وناشئ في النهاية من التعنت والاستكبار الكاذب عن إتباع 
رسول من البشرء كأن في هذا غضاً من قيمة هؤلاء الجُهّال 
المتكبرين! فجائز في عرفهم أن يتبعوا رسولاً من خلق آخر غير 
جنسهم بلا غضاضة» أما أن يتبعوا واحداً منهم فهي في نظرهم 
حطة وقلة قيمة! "(0). 

أما الحكمة من كون الرسل بشراً: فقد تحدث عنها سيد - رحمه 


الله كثيرا ومن ذلك: 


.7971 /5 ,181/1/5 في ظلال القرآن 5857/5" وينظر أيضا:‎ )١( 
0 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








* في ظلال قوله تعالى (وِعبوَا أن جَادَمُ مََذِرٌ مَتْبْمَ 1 [سورة 
ص: ؛] » يقول: " وأوجب شيء وأقرب شيء إلى الحكمة 
والمنطق أن يكون المنذر منهم؛ بشراً يدرك كيف يفكر البشر 
وكيف يشعرون» ويحس ما يعتلج في نفوسهم» وما يشتجر في 
كيانهم» وما يعانون من نقص وضعفء وما يجدون من ميول 
ونزعات» وما يستطيعون أولا يستطيعون من جهد وعملء وما 
يعترضهم من عوائق وعقباتء وما يعتريهم من مؤثرات 
واستجابات. 
- بشراً يعيش بين البشر وهو منهم فتكون حياته قدوة لهم 
وتكون لهم فيه أسوة؛ وهم يحسون أنه واحد منهم» وأن بينهم 
وبينه شبهاً وصلة» فهم مطالبون إذن بالمنهج الذي يأخذ به 
نفسه» ويدعوهم لإتباعه» وهم قادرون على الأخذ بهذا المنهج 
فقد حققه أمامهم بشر منهم في واقع حياته. 
- بشراً منهم» من جيلهم؛ ومن لسانهم» يعرف مصطلحاتهم 
وعاداتهم وتقاليدهم وتفصيلات حياتهم» ويعرفون لغته» ويفهمون 
عنه؛ ويتفاهمون معه؛ ويتجاوبون واياهء ومن ثم لا تقوم بينه 
وبينهم جفوة من اختلاف جنسه؛ أو اختلاف لغته؛ أو اختلاف 
طبيعة حياته أو تفصيلات حياته. 
- وأيضا فقد أراد الله- للبشرية وبخاصة في الرسالة الأخيرة - 


١/١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





أن تعيش بهذه الرسالة عيشة طبيعية واقعية» عيشة طيبة 
ونظيفة وعالية» ولكنها حقيقة في هذه الأرض» لا وهماً ولا خيالاً 
ولا مثلاً طائراً في سماء الأساطير والأحلام! يعز على التحقيق 
ويهرب في ضباب الخيالات والأوهام! " :)١(‏ 

* وفي ظلال قوله تعالى: ( وَمَآ أرَسَلنَا مََلَك إِلَّا رجالا وى 
لتم 1 [سورة الأنبياء:] » يقول سيد: " فقد اقتضت حكمة الله 
أن يكون الرسل من البشرء يتلقون الوحي فيدعون به الناس» 
وما كان الرسل من قبل إلا رجالا ذوي أجساد» وما جعل الله لهم 
أجساداً ثم جعلهم لا يأكلون الطعام» فأكل الطعام من مقتضيات 
الجسدية» والجسدية من مقتضيات البشرية» وهم بحكم أنهم بشر 
مخلوقون لم يكونوا خالدين. 

هذه هي سنة الله المطردة فليسألوا أهل الكتاب الذين عرفوا 
الأنبياء من قبل» إن كانوا هم لا يعلمون. 
لقد كان الرسل من البشر ليعيشوا حياة البشرء فتكون حياتهم 
الواقعية مصداق شريعتهم» وسلوكهم العملي نموذجاً حياً لما 
يدعون إليه الناسء فالكلمة الحية هي التي تؤثر وتهديء لأن 
الناس يرونها ممثلة في شخص مترجمة إلى حياة. 

ولو كان الرسل من غير البشر لا يأكلون الطعام؛ ولا 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ "٠٠08‏ بتصرف يسير. 
مم١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








يمشون في الأسواق» ولا يعاشرون النساء ولا تعتلج في صدورهم 
عواطف البشر وانفعالاتهم لما كانت هناك وشيجة بينهم وبين 
الخائوة فلا هم يبرن ذواقم اللشين :التي تتشركينه ولف اليتق 
يتأسون بهم ويقتدون. 
وأيما داعية لا يحس مشاعر الذين يدعوهم ولا يحسون 
مشاعره؛ فإنه يقف على هامش حياتهم؛ لا يتجاوب معهم ولا 
يتجاوبون معه؛ ومهما سمعوا من قوله فلن يحركهم للعمل بما 
يقول» لما بينه وبينهم من قطعية في الحس والشعور. 
وأيما داعية لا يصدق فعله قوله؛ فإن كلماته تقف على 
أبواب الآذان لا تتعداها إلى القلوب» مهما تكن كلماته بارعة 
وعباراته بليغة» فالكلمة البسيطة التي يصاحبها الانفعال ويؤيدها 
العملء هي الكلمة المثمرة التي تحرك الآخرين للعمل. 
- والذين كانوا يقترحون أن يكون الرسول من الملائكة» كالذين 
يقترحون اليوم أن يكون الرسول منزهاً عن انفعالات البشر.. 
كلهم يتعنتون ويغفلون عن هذه الحقيقة» وهي أن الملائكة لا 
يحيون حياة البشر بحكم تكوينهم ولا يمكن أن يحيوها.. لا يمكن 
أن يحسوا بدوافع الجسد ومقتضياته» ولا بمشاعر هذا المخلوق 
الآدمي ذي التكوين الخاصء وأن الرسول يجب أن يحس بهذه 


الدوافع والمشاعرء وأن يزاولها في حياته الواقعية ليرسم بحياته 


١ مما‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





دستور الحياة العملي لمتبعيه من الناس. 
- وهنالك اعتبار آخرء وهو أن شعور الناس بأن الرسول ملك 
لا يثير في نفوسهم الرغبة في تقليده في جزئيات حياته» لأنه من 
جنس غير جنسهم؛ وطبيعة غير طبيعتهم؛ فلآ مطمع لهم في 
تقليد منهجه في حياته اليومية» وحياة الرسل أسوة دافعة لغيرهم 
من الناس. 

وهذا وذلك فوق ما في ذلك الاقتراح من غفلة عن تكريم الله 
للجنس البشري كله؛ باختيار الرسل منه؛ ليتصلوا بالملاً الأعلى 
ويتلقوا عنه. 

ادنك تكله لصيف :نينة: الل الجارية اكتنار + الوسسل نم اليش 
وأجرت عليهم كل ما يجري على البشر من ولادة وموت؛ ومن 
عواطف وانفعالات؛ ومن آلام وآمال» ومن أكل للطعام ومعاشرة 
للنساء.. وجعلت أكبر الرسل وأكملهم وخاتمهم وصاحب الرسالة 
الباقية فيهم أكمل نموذج لحياة الإنسان على الأرضء بكل ما 
فيها من دوافع وتجارب وعمل وحياة " .)١(‏ 

* وفي ظلال قوله تعالى: ( وَهَلواْمَلِ مَددًا يول بسكل 
لطَعَامٌ وَيَمْيِى ف الآهِقِ 1 [سورة الفرقان:٠”]‏ يستعرض سيد 
- رحمه الله - استغراب المشركين من كون الرسول بشراً يأكل 


.3759-- 7954/54 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








الطعام ويمشي في الأسواق» ويتصرف تصرفات البشر» كيف 
يمكن أن يكون فلان ابن فلان» المعروف لهمء المألوف في 
حياتهم» الذي يأكل ويعيش مثلهم؛ كيف يمكن أن يكون رسولاً 
من عند الله يوحى إليه؟ وكيف يتصل بالعالم الآخر ويتلقى 
عنه؟... 

والمسألة من هذا الجانب قد تبدو غريبة مستبعدة» ولكنها من 
الجانب الآخر تبدو طبيعية مقبولة» لقد نفخ الله من روحه في 
هذا الإنسان» وصار بها إنساناً» واستخلف في الأرضء ومن 
رحمة الله بهذا الإنسان قاصر العلم محدود التجربة ضعيف 
الوسيلة أنه لايدعه دون عون وهديء وقد أودعه الاستعداد 
للاتصال به عن طريق تلك النفخة العلوية التي ميزته؛ فلا 
حب !أن وخقان: ال واهةا هو هذا الحتن مياد استه أذ 
روحي للتلقي الوحي وهداية إخوانه البشر وهنا يبدو التكريم 
الإلهي للجنس البشري»... 

وتبدو الحكمة الإلهية في جعل الرسل بشراء ليحس 
بإحساسهم» ويتذوق مواجدهم» ويعاني تجاربهم» ويدرك آلامهم 
وآمالهم» ويعرف نوازعهم وأشواقهم» ويعلم ضروراتهم وأثقالهم؛ 
ومن ثم يعطف على ضعفهم ونقصهمء ويرجو في قوتهم 
واستعلائهم» ويسير بهم خطوة خطوة» وهو يفهم ويقدر بواعثهم 


١ ما‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





وتأثراتهم واستجاباتهم؛ لأنه في النهاية واحد منهم» يرتاد بهم 
الطريق إلى الله؛ بوحي من الله وعون منه على وعثاء الطريق! 

وهم من جانبهم يجدون فيه القدوة الممكنة التقليد» لأنه بشر 
منهم» يتسامى بهم رويداً رويداً» ويعيش فيهم بالأخلاق والأعمال 
والتكاليف التي يبلغهم أن الله قد فرضها عليهم»ء وأرادها منهمء 
فيكون هو بشخصه ترجمة حية للعقيدة التي يحملها إليهم» 
وتكون حياته وحركاته وأعماله صفحة معروضة لهم ينقلونها 
سطراً سطراًء ويحققونها معنى معنى» وهم يرونها بينهم» فتهفو 
نفوسهم إلى تقليدهاء لأنها ممثلة في إنسان؛ ولو كان ملكاً ما 
فكروا في عمله ولا حاولوا أن يقلدوه» لأنهم منذ البدء يشعرون 
أن طبيعته غير طبيعتهم؛ فلا جرم يكون سلوكه غير سلوكهم 
على غير أمل في محاكاته؛ ولا شوق إلى تحقيق صورته! 

فهي حكمة الله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراًء هي حكمة 
الله البالغة أن جعل الرسول بشراً ليؤدي دوره في قيادة البشرء 
والاعتراض على بشرية الرسول جهل بهذه الحكمة» فوق ما فيه 
من جهل بتكريم الله للإنسان " :)١(‏ 

" وبهذا تبدو حكمة الله واضحة في الإيحاء إلى رجل منهم؛ 
رجل يعرفهم ويعرفونه» يطمئنون إليه ويأخذون عنه؛ بلا تكلف 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 75057- ١5017‏ بتصرف يسير. 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





ولا جفوة ولا تحرج " :)١(‏ 

ثانياً: أنهم رجال: لقوله تعالى: ( وَمآ أَرسَلْمَا من قَبَيِكَ إِلَّا رَجَالا 
تي إكهم ) 7" " لم يكونوا ملائكة» ولا خلقاً آخراًء إنما رجال 
من البشر" 0 


ويعقب سيد - رحمه الله- على الآيات التى جاء فيها ذكر 
الأنبياء» وختمت بقوله تعالى: [وَالَيَ عمست مها مَتَمَتَا 


فيهكا من رُوحكا وَحَمَلَهَا وَبتّهكآ ءَايَهٌ حلت ! (؟) بقوله: ' 
وأخيراً يذكر مريم بمناسبة ذكر ابنها - عليه السلام - ولا يذكر 
اسمها هنا لأن المقصود في سلسلة الأنبياء هو ابنها - عليه 
السلام - وقد جاءت هي تبعاً له» إنما يذكر صفتها المتعلقة 
بولدها " (0) وكلامه يدل على أن النبوة في الرجال فقطء كما 


منزكت ويا" لاي السايقة 


ثالثاً: أ 






.175٠0 /" المصدر السابق‎ )١( 
.47 وسورة النحل: الآية‎ ٠١9 سورة يوسف: الآية‎ )١( 
في ظلال القرآن 7اا”.‎ )*( 
.1١ -4+ وينظر الآيات التي قبلها‎ »4١ سورة الأنبياء: الآية‎ )4( 
.7756 /5 في ظلال القرآن‎ )5( 

١1 





م 1 [سورة إبراهيم:؛] " وهذه نعمة شاملة للبشر في كل 
رسالة» فلكي يتمكن الرسول من إخراج الناس من الظلمات إلى 
النور بإذن ربهمء لم يكن بد من أن يرسل بلغتهم»ء ليبين لهم 
وليفهموا عنه؛ء فتتم الغاية من الرسالة " :)١(‏ 

وهذه الصفات التي تميز بها الأنبياء عن باقي البشرء وهي 
أنهم رجال ذو طبيعة خاصة: آتاها الله الاستعداد اللدني» 
وجعلها مهيأة لاستقبال الوحي» ولذلك تطيق تلقيه ويجد الأنبياء 
في نفوسهم بينة» يستيقنون معها أن الله هو الذي يوحي إليهم'" 
00 
أ- معني الوحي: يذكر سيد - رحمه الله- " أن من معاني 
الوحي: التأثير الداخلي الذي ينتقل به الأثر من كائن إلى كائن 
ج07 
ب- واسطة حمل الوحي بين الله ورسله: النزول بالوحي إلى 
الأنبياء من مهام الملائكة - كما سبق - وقد جعل الله تعالى 
الواسطة بينه وبين رسله جبريل - عليه السلام - وذكر من 


.30١41/ 37018 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
.18515/9” بتصرف يسيرء‎ ١759 /١ المصدر السابق‎ )١( 
.18/* في ظلال القرآن‎ )*( 

14 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








صفاته أنه ملك كريم عند ربه» ذي قوة لأن الوحي يحتاج في 
حمله إلى قوة» مكين عند ربه في مقامه ومكانته» مطاع في 
الملأ الأعلى» أمين على ما يحمل وما يبلغ» قال سبحانه: إإِنَمُ 
لعَولُ رَسُولِ كوٍ ) [سورة التكوير:الآيات ]5١-١5‏ وهذه الصفات 
لجبريل - عليه السلام- في مجموعها توحي بكرامة هذا القول 
- الوحي- وضخامته؛ وسموه كذلك وارتفاعه .)١('‏ 
- كما جاء تسميته أيضا 'بروح القدس" يقول سيد: ' أما روح 
القدس فالقرآن يعني به جبريل - عليه السلام - فهو حامل 
الوحي إلى الرسلء وهو الذي ينقل الإشارة الإلهية إلى الرسل 
بانتدابهم لهذا الدور الفذ العظيم» وهو الذي يثبتهم على المضي 
في الطريق الشاق الطويل» وهو الذي يتنزل عليهم بالسكينة 
والتثبيت والنصر في مواقع الهول والشدة في ثنايا الطريق '(" 

" وقد أعلمنا الله - سبحانه- أن الذي يقوم بمهمة إبلاغ 
الوحي إلى الرسل - عليهم السلام - هو جبريل - عليه 
السلام- فقال سبحانه: ( يِل المليكة يأرو مِنْ أَمرِو َك مَن يَنَكُ مِنَ 
ِبَادِيِء 1 [سورة النحل:١]‏ » وقال سبحانه: [ كل مَن كارت عَدُوًا 


4 


لَحِبَرِبِلَ ونه َه عَلَ مليِكَ باِدْنِ أله ) [سورة البقرة:17] » وقد رآه 


)١(‏ في ظلال القرآن 57/5" بتصرف وينظر أيضا: 
)١(‏ في ظلال القرآن .587/١‏ 
11 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











رسول الله - وَل - على هيئته الملائكية مرتين ن اثنتين» بينما آه 


4.4. 


في صور شتى في مرات الوحي التالية .)١('‏ 

ج- صور الوحي إلى الرسل: أما صور الوحي إلى الرسل» فقد 
ذكرها الله تعالى في سورة الشورى بقوله: ( وَمَا كان لسر أن بُكَلْمَهُ 
أمَُ إل ويا أو من وتآي داب أو برْسِلَ رَسُولا هبو َ يذو مَا يكَهُ 
نه عق ححكة 2 يكدنِكَ أينا إل دنا ين أقرنا مَاكُت درف ما 
الكتب ولا الْإيِمَنُ 1 [سورة الشورى:١575-5]‏ : يقول سيد - رحمه 
الله -: " ويقطع هذا النص بأنه ليس من شأن إنسان أن يكلمه 
الله مواجهه؛ وقد روي عن عائشة رضي الله عنها: " من زعم أن 
محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية " ("). إنما يتم كلام 
الله للشو ببواحهدة مف كلقة: 

-١‏ "ويا " في النفس مباشرة فتعرف انه من الله. 

- "أو ين وري ياب ' كما كلم الله موسى - عليه السلام‎ -١ 
ل ا‎ 
الجبل (وَحَرَّ وم صَهِكَاً لمآ أاقَ كال شبكدئّك يت ايلك ونا وَل‎ 
. ]١ لْمُوّمِنِيت 1 [سورة الأعراف:47‎ 

0" أن رين تقول" وهد الملسك " قوسن ادن مَا يَكَلهُ ' 


.٠١57/؟ في ظلال القرآن‎ )١( 


.575 سبق تخريجه ص‎ )١( 





بالطرق التي وردت عن رسول الله يَل. 
الأولى: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه 
كما قال يَةِ: ' إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس 
حتى تستكمل رزقهاء فاتقوا الله وأجملوا في الطلب .)١('‏ 
والثانية: أنه كان أ يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه حتى يعي 
عنه ما يقول. 
والثالثة: أنه كان يأتيه في مثل صلصله الجرسء وكان أشده 
عليه» حتى أن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد» وحتى 
أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إن كان راكبهاء ولقد جاء الوحي 
مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت 
ترضها. 
والرابعة: أنه يرى الملك في صورته التي خُلق عليهاء فيوحي 
إليه ما شاء الله أن يوحيه» وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك 
في سورة النجم ". 

ثم ذكر سيد حرحمه الله-: " أن هذه هي صور الوحي وطرق 
الاتصال؛ وذكر كلاماً أدبياً يصور فيه مشاعره كلما وقف أمام 


ية تذكر الوحي أو حديثء فما تأمل هذا الاتصال إلا وأحس له 


)١(‏ رواه: ابن أبي شيبة ١79/8‏ وعبد الرزاق في المصنف ١١5/١١‏ والبيهقي في 
شعب الإيمان 75/7 وصححه الألباني في الصحيحة 855/5 برقم 5855 
كبا 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








رجفة في فؤاده .)١(٠‏ 


د- شبهة المنكرين للوحي والردٍ عليها: 


في ظلال قوله تعالى: ١‏ أَكَنَ لِإِنّاس عَجَبَا أَنَ يسنا ِل يمل 


َنهُمَ أن أَذِرِ أَلنَاسَ ) [سورة يونس:؟] يقول سيد - رحمه الله-: " 
سؤال استنكاري» يستنكر هذا العجب الذي تلقى به الناس حقيقة 
الوحي منذ كانت الرسلء لقد كان السؤال الدائم الذي قوبل به 
كل رسول: ابعث الله بشراً رسولاً؟ ومبعث هذا السؤال هو عدم 
إدراك قيمة الإنسان.. فهم يستكثرون على بشر أن يكون رسول 
اللهء وأن يتصل به عن طريق الوحي 

هذه كانت شبهة الكفار المكذبين على عهد الرسول - َك - 
وشبهة أمثالهم في القرون الأولى. 
- أما في هذا العصر الحديث فيقيم بعض الناس من أنفسهم 
لأنفسهم شبهة أخرى لا تقل تهافتاً عن تلك! 
إنهم يسألون: كيف يتم الاتصال بين بشرٍ ذي طبيعة مادية 
وبين الله المخالف لطبيعة كل شيء مما خلق والذي ليس كمثله 
شنيع؟ 

وهو سؤال لا يحق لأحد أن يسأله إلا أن يكون قد أحاط 


)١(‏ في ظلال القرآن 7١7١-7159/5‏ وقد أشار سيد في الهامش انه نقل ذلك عن 
زاد المعاد لابن القيم - رحمه الله - 
١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








علماً بحقيقة الله سبحانه» وطبيعة ذاته الإلهية كما أحاط علماً 
بكل خصائص الإنسان التي أودعها الله إياهء وهو ما لا يدعيه 
أحد يحترم عقله ويعرف حدود هذا العقل» بل يعرف أن 
خصائص الإنسان القابلة للكشف ما يزال يكشف منها جديد بعد 
جديد؛ ولم يقف العلم بعد حتى يقال: إنه أدرك كل الخصائص 
الإنسانية القابلة للإدراك» فضلاً على أنه ستبقى وراء إدراك 
العلم والعقل دائماً آفاق من المجهول بعد آفاق. 

ففي الإنسان إذن طاقات مجهولة لا يعلمها إلا الله والله أعلم 
حيث يجعل رسالته في الإنسان ذي الطاقة التي تحمل هذه 
الضالةةوقى تون يفده الخلافنة متفيولية امن ومنكيوة 
لصاحبها نفسه قبل الرسالة» ولكن الله الذي نفخ في هذا الإنسان 
من روحه عليم بما تنطوي عليه كل خلية» وكل بنية» وكل 
مخلوق» وقادر على أن يطوع لإنسان هذا الاتصال الخاص 
بكيفية لا يدركها إلا من ذاقها وأوتيها. 

ولقد جهد ناس من المفسرين المحدثين في إثبات الوحي عن 
طريق العلم للتقريب. 

ونحن لا نقر هذا المنهج من أساسهه فللعلم ميدان هو 
الميدان الذي يملك أدواته؛ وللعلم أفاق هي الأفاق التي يملك 
أدوات كشفها ومراقبتهاء والعلم لم يدع أنه يعرف شيئا حقيقياً 


١77 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





عن الروح» فهي ليست داخله في نطاق عمله؛ لأنها ليست شيئا 
قابلآ للاختبار المادي الذي يملك العلم وسائله» لذلك تجنب 
العلم الملتزم للأصول العلمية أن يدخل في ميدان الروح. 

أما ما يسمى ' بالعلوم الروحانية " فهي محاولات وراءها 
الريب والشكوك في حقيقتهاء وفي أهدافها كذلك (١)؛‏ ولا سبيل 
إلى معرفة شيء يقيني في هذا الميدان» إلا ما جاءنا من 
مصدر يقيني كالقرآن والحديث» وفي الحدود التي جاء فيها بلا 
زيادة ولا تصرف ولا قياسء إذ أن الزيادة والتصرف والقياس 
عمليات عقلية» والعقل هنا في غير ميدانه» وليس معه أدواته؛ 
لأنه لم يزود بأدوات العمل في هذا الميدان "(5): 
خامساً: العصمة. 
١‏ - معنى العصمة والحكمة منها: 
أ- العصمة في اللغة تعني: المنع والامتناع عن الشيء ("): 
وعصمة الرسل يقصد بها: أن يكون الرسل والأنبياء معصومين 
في تحمل الرسالة والتبليغ عن الله فلا يكتمون شيئاء ولا ينسون 


)١(‏ أشار سيد هنا في الهامش إلى مراجعة الكراسة التي كتبها الدكتور محمد بن 
محمد حسين بعنوان: الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها. 
)١(‏ في ظلال القرآن ١750-11515/7‏ بتصرف يسير. 
(") لسان العرب ١55/9‏ 
14 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








شيئاً من الوحي أمروا ببلاغه؛ وهذا متفق عليه عند الأمة (') '. 
وأما العصمة في غير ما يتعلق بالتبليغ» فيقصد بها حفظ الله 
لأنبيائه ورسله من الوقوع في الذنوب والمحرمات والنقائص» 
وتخصيصهم بالكمالات النفسية. 
والعصمة ثابتة للأنبياء والرسل دون غيرهم» وهي من صفاتهم 
التي أكرمهم الله بها وميزهم على سائر البشر (5): 
ب- الحكمة من ذلك: أن الله -عز وجل- جعلهم قدوه للخلق» 
وأمر الخلق بإتباعهم والاقتداء بهمء وبالتالي لو وقعوا في 
المعاصي» لأصبحت المعصية مشروعه؛ ومن ناحية أخرى لابد 
عقلاً وشرعاً أن يكونوا معصومين» حتى يكون لهم تأثير في 
نفوس الناسء» فلو كانت حياتهم ملوثة بالمعاصي فلن يكون 
لكلامهم ودعوتهم أثر' (7). 

وقد اختلف العلماء في عصمة الأنبياء»ء هل هي قبل النبوة 
وبعدهاء أم بعد النبوة؟ وهل تكون العصمة عن الكبائر فقط؟ أم 


)١(‏ مجموع فتاوى ابن تيمية١/184.‏ والمواقف للإيجي ص5.86"؟. 
)١(‏ ينظر: فتح الباري 7/7 و مجموع فتاوى ابن تيمية٠9١١‏ والنبوة والأنبياء. 
محمد علي الصابونيء مكتبة الغزالي» طبعة عام ٠٠5١ه.ء‏ ص 5ه-5ه. 
(*) النبوة والأنبياء. للصابوني ص7ه-55. 
ه١١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








عن الكبائر والصغائر من الذنوب؟ على أقوال» .)١(‏ 
رجح شيخ الإسلام ابن تيميه أن القول بعصمتهم بعد النبوة من 
الكبائر مما هو متفق عليه؛ وأما عصمة الأنبياء قبل النبوة فمن 
مواضع النزاع؛ وكذا عصمتهم عن الصغائرء وأجاب عن 
القائلين بالعصمة المطلقة واحتجاجهم بأننا مأمورون بالتأسي 
بهم ووقوع الصغائر يقدح في التأسيء بأن التأسي إنما هو فيما 
اقروا عليه؛ كما أن النسخ جائز فيما يبلغون من الأمر والنهي» 
ولودن كهوية :ذلك ماتعا من ورت الظطاعة: لأ الطاعة كك 
فيما لم ينسخ؛ فعدم النسخ يقرر الحكم؛ وعدم الإنكار يقرر 
الفعل» والأصل عدم كل منهما "(0). 
١‏ - موقف سيد قطب - رحمه الله - من مسالة عصمة 
يقرر سيد- رحمه الله-أن الأتبياء معصومون» وأن الاعتقاد 
بعصمة النبي أصل من أصول العقيدة0")؛ وفي ظلال قوله 


لينل ( ونا النتانا وق تلك فين تقول ولأ إلا ناقى الى 


2301/١١ وفتح الباري لابن حجر 2355/7 3/48ت‎ "١8/١ تفسير القرطبي‎ )١( 
والنبوة والأنبياء‎ 5917 05937 709/٠١ ء9١9/4ةيميت ومجموع فتاوى ابن‎ 
للصابوني ص7ه-5ه.‎ 

.15.0-1١ 548/١86 ,7915/9١ 395٠ مجموع فتاوى ابن تيمية319/4*,‎ )١( 

(") في ظلال القرآن 511/4 3735-5 7. 

15 


تت قطيه ومنمبه فى العجيسة يم 








سيد قطيج ومنهجة في العقيدة 


- م ار مم2 


التساخ ن أبيييد. يسع ان ما إلى اللبماخ شد بسكا /:: 


ءايه وَأنّهُ عَلِيمٌ حَكيِمٌ )1 [سورة الحج 01 

يقول سيد: " والله الذي يحفظ دعوته من تكذيب المكذبين» 
وتعطيل المعوقين» ومعاجزة المعاجزين» يحفظها كذلك من كيد 
الشيطان؛ ومن محاولته أن ينفذ إليها من خلال أمنيات الرسل 
النابتعة من طبيعتهم البشرية» وهم معصومون من الشيطان 
ولكنهم بشر تمتد نفوسهم إلى أمانيّ تتعلق بسرعة نشر دعوتهم 
وانتصارها وازالة العقبات من طريقها... 

ثم ذكر روايات لقصة الغرانيق» وفيها أن قريش كانت تتمنى 
أن يذكر الرسول ين - آلهتها بخيرء وكان رسول الله- يل - 
قد اشقكد غلية ما نالة وأضسحاية من أذئ وتكذيب؛ وأحزفه 
ضلالهم» فكان يتمنى هداهمء فلما أنزل الله في سورة النجم قوله: 
١‏ َيه للَّتَ ولعي (28 وَمَئَوْءَ التَالمَدَ لْشُترخَ ) ألقى 00 
عندها كلمات فقال: وأنهن لهن الغرانيق العلى؛ وان 
لهي التي ترتجى» وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته» فوقعت 
هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك.. فلما بلغ رسول الله - يل 
- آخر النجم سجد»ء وسجد كل من حضره من مسلم أو مشرك... 
وانتشر خبر سجود المشركين حتى بلغ الحبشة وتحدثوا أن أهل 
مكة قد أسلمواء فرجع المهاجرون من الحبشة بعدها.. وقد نسخ 


١ى71/‎ 





الله ما ألقى الشيطان» وأحكم آياته وأنزل: ( وَمَآ أَرسَلْمَا من قَبِْكَ 
من رَسُولٍ ولا مي لَه اا تمه أَلقى الشَّبِطَنُ ف أَمْننَيه | وساق كلام 
ابن كثير - رحمه الله- حول القصة» وكيف وقع مثل هذا مع 
العصمة المضمونة من الله - سبحانه - لرسوله - وه - وحكى 
أجوبة ععن الناس من ألطفها أن الشيطان أوقع في مسامع 
المشركين ذلك فتوهموا أنه صدر عن الرسول #لِء وليس كذلك 
في الواقع 

ثم عقب سيد - رحمه الله- على ما أورده ابن كثير - رحمه 
الله - بقوله: " هذه خلاصة تلك الروايات في هذا الحديث الذي 
عرف بحديث الغرانيق» وهو من ناحية السند واهي الأصلء قال 
علماء الحديث: إنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة:؛ ولا رواه 
بسند سليم متصل يجوز ذكرهء وهو من ناحية موضوعه يصادم 
أصلاً من أصول العقيدة وهو عصمة النبي ي من أن يدس 
عليه الشيطان شيئاً في تبليغ رسالته. 

وقد أولع المستشرقون والطاعنون في هذا الدين بذلك 
الحديية و ذاهوا يتك قاروا تسرله يفاح( اهو القول كوا لمق 
في هذا كله لا يثبت يثبت للمناقشة» بل لا يصح أن يكون موضوعاً 
للمناقشة. 


.54/9 العجاجة: الغبار والدخان» انظر لسان العرب‎ )١( 
١ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








- وهناك من النص ذاته ما يستبعد معه أن يكون سبب نزول 
الآية شيئاً كهذاء فالنص يقرر أن هذه القاعدة في الرسالات كلها 

مع الرسل كلهم: ( وم أَرسَلَنَا من قَبْيكَ من رَسُولٍ ا ددا تيه 
لق المَّبَطَنٌ ف أَمْيئَيِء 4» فلا بد أن يكون المقصود أمراً عاماً 
يستند إلى صفة في الفطرة مشتركة بين الرسل جميعاً» بوصفهم 
من البشرء مما لا يخالف العصمة المقررة للرسل. 

وحاول سيد - رحمه الله- بيان ذلك بأن الرسل عندما كلفوا 
بحمل الدعوة؛ يكون أحب شيء إلى نفوسهم أن يتبع الناس 
الدعوة ويدركوا الخيرء ولكن لكثرة العقبات في الطريق» 
ولمحدودية عمر الرسل يتمنون لو يجذبون الناس بأسرع طريق» 
ولومن خلال السكوت المؤقت على بعض عادات وموروثات 
الناس حتى يدخلوا في الدين ثم بعد ذلك تتم تربيتهم الصحيحة 
- وهذه الرغبات البشرية المتعلقة بنشر الدعوة في حين أن الله 
يريد أن تمضى الدعوة على أصولها الكاملة» وفق موازينهاء فمن 
شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» ولو خسرت الأشخاص في أول 
الطريق. 
- والشيطان يجد في رغبات الرسل البشرية تلك فرصة للكيد 
للدعوة» وتحويلها عن خطهاء ولكن الله يحول دون كيد الشيطان» 
ويصحح ما وقع من خطأ في اجتهادات الرسل... وفي حياة 


١48 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





النبي 5 أمثلة من هذاء تغنينا عن تأويل الكلام ومن ذلك: 

- قصة ابن أم مكتوم رضي الله عنه )١(‏ الأعمى الفقير الذي 
جاء إلى الرسول يل يطلب منه أن يعلمه وهو وَل مشغول 
ببعض صناديد قريشء والأعمى لا يعلم ذلك حتى كره يل 
إلحاحه فعبس في وجهه وأعرض عنهه فأنزل الله قرآناً يعاتب 
فيه الرسول ##عتاباً شديدا عبس وَيوَكَ 9 أن 1ه الْقَنَىَ ) [سورة 
عبس:الآيات ]٠١ -١‏ وبهذا صحح القرآن الكريم تصرف 
رسول الله يي وأبطل كيد الشيطان من الدخول إلى العقيدة من 
هذه الثغرة 

- وكذلك ما جاء في الصحيح " من أنه كان مع النبي - كه - 
ستة نفر من الصحابة» فجاءه المشركون فقالوا: أطرد هؤلاء لا 
يجترئون عليناء فوقع في نفس رسول الله - كَلِةٍ - ما شاء الله أن 
يقع» فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل ( ولا ترد الِب يدَعُونَ ديهم 
بألْعَدَةَ وَلْمْقَ بُيدُونَ صَجَهَهُ ) [سورة الأنعام:١5]‏ » وهكذا رد الله 
كيد الشيطان من أن يدخل من ثتغرة الرغبة البشرية في استمالة 
كبراء قريش بطرد الفقراء من مجلس الرسول - 85 -. 


)١(‏ هو: عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي» كان ضريراً مؤذناً للرسول - ةِ - هاجر 
بعد بدر واستخلفه الرسول - يه - على المدينة مرتين» مات بعد القادسية في 
المدينة» انظر سير أعلام النبلاء .”50/١‏ 

ا١مءد‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








هيك قطي ومنعجة في العفيدة / 


- ومنها كذلك قصة زواج النبي- هن - بزينب بنت جحش- 
رضي الله عنها-(١)؛‏ حيث خشي النبي - يه - من زواجها 
حتى لا يقال تزوج مطلقة متبناه» فنزل القران الكريم يكشف ما 
في خاطر رسول الله - ويه - ويقرر الحق وصدقت عائشة 
رضي عنها وهي تقول: " لو كتم محمد - يه - شيئاً مما أوحي 
إليه من كتاب الله تعالى لكتم !َتحت في تقيِلك ما أَلَّهُ مُبّدِيِ 
وق انان ناذه لع أ تكن ) [سزرة الكحرات/91]'زهذا هد 
ما نطمئن إليه في تفسير تلك الآيات... 

وإذا كان الله قد عصم أنبياءه ورسله فلم يكن للشيطان أن 
ينفذ من خلال رغباتهم الفطرية إلى دعوتهم» فغير المعصومين 
في حاجة إلى الحذر الشديد من هذه الناحية . خيفة أن يدخل 
عليهم الشيطان من ثغرة " مصلحة الدعوة " وهي أمر يجب أن 
يرتفع من قاموس الدعوات باعتبارها مزلة ومدخل للشيطان... 
وقد تتحول إلى صنم يتعبده أصحاب الدعوة» وينسون معه منهج 
الذهوة الأصييل: 2007 


)١(‏ هي: زينب بنت جحش بن رثئاب» ابنة عمته يِه من المهاجرات الأوائل» زوجها 
الله تعالى لنبيه 5 بنص كتابه بلا ولي ولا شاهد بعد أن طلقها مولاه زيد بن 
حارثة» كانت من سادة النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاًء انظر: سير أعلام 
النبلاء ؟/ 5١8-511‏ 

)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 754750-743707 بتصرف. 

١م.‎ 











- وفي ظلال قوله تعالى: ( وَإِن َادُوا بَقِِبْكَ عَنِ الَدِىَ 
ا ل د 0 وَكا لَتَدُوك خدلة: 28 1ل أن 


تنك لْقَدَ كدت رركن إِلَتْهِمَ سَيْكًا قلا 1 [سورة الإسراء:*/ا - 
1 . يفول سيد - رحمه الله -: " وقد حاول المشركون في 
صور شتىء منها مساومتهم أن يعبدوا إلهه في مقابل أن يترك 
التنديد بآلهتهم وآبائهم» ومنها أن يجعل أرضهم كلها حراماً 
كالبيت العتيق» ومنها طلب بعض كبرائهم مجلساً غير مجلس 
الفقراء... 

والنص يشير إلى هذه المحاولات دون تفصيلء ليذكر فضل 
الله على الرسول- يَلةٍ - في تثبيته على الحق» وعصمته من 
الفتنة» ولو تخلى عنه تثبيت الله وعصمته لركن إليهم فاتخذوه 
خليلاًء ويلقى عاقبة الركون إلى فتنة المشركين.. 

وهذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله» هي محاولات 
أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً لإغرائهم لينحرفوا 
ولو قليلاً عن استقامة الدعوة وصلابتهاء ويرضوا بالحلول 
الوسط مقابل مغانم كثيرة» ومن حملة الدعوة من يفتن بهذا عن 
دعوته.. 0 


وعموهنا ينيد رحمه الله ايرى 0 الأنبياء معصومون 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 55 ؟5. 





فيما يتعلق بالبلاغ والدعوة والوحي كما سبق في تعليقه على 
قصة الغرانيق» وأنه قد يصدر منهم خطأ بناء على طبيعة 
البشرية في اجتهاداتهم في قضايا الدعوة التي لم ينزل فيها وحي 
فيأتي الوحي فيصحح الخطأ ويقيم الميزان الحق ومن ذلك ما 
ذكره سيد - رحمه الله- حول قصة ابن أم مكتوم» ومساومة 
المشركين للنبي - يه - في طرد بعض فقراء المسلمين من 
المجلس ليجلسوا معه همء وكذلك ما أشار إليه في مواطن أخرى 
مثل عتاب الله لرسوله - يك - في قضية أسرى بدر )١(‏ وإذنه 
للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك (') وغيرها. 
'"- شبهات حول عصمة الأنبياء وموقف سيد قطب 
جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى وقوع بعض المخالفات 
من بعض الأنبياء والرسل - عليهم السلام - فكيف يتفق ذلك 
مع القول بعصمتهم؟ 
والجواب: أن العصمة ثابتة للأنبياء كما دلت على ذلك 
النصوص الشرعية» وكما يقضي بذلك العقل السليم» أما ما وقع 
من بعضهم من أمور ظاهرها أنها مخالفات ومعاصي فهي 


)١(‏ ينظر في ظلال القرآن 7/ ١55٠‏ وما بعدها. 
(") المصدر السابق ”*/ .١555‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








هيت قطي ومنهجة في العقيدة / 


محمولة على بعض الوجوه الاتية: 

-١‏ إما أنها ليست معصية» وإنما هي فعل خلاف الأولى. 

-١‏ أو أنها خطأ في الاجتهاد. 

#ت أن أنها كانت قبل“ النيوة حل فزطن انها فغصيية: (0) 
وقد ذكر البعض أمثلة لذلك يمكن استعراضها مع بيان موقف 

سيد - رحمه الله- منها: 

-١‏ عصمة أدم - عليه السلام-: ترد في مسالة عصمة آدم 
- عليه السلام- قضيتان: 

الأولى: أكله من الشجرة وعصيان أمر الله: قال تعالى: ( 
وعصوّ دم ريه معو (90) م يبه رَيْهء فاب عَلَيَهِ وَمَدَئْ 1 إسورة 
طه:١١١]‏ » والمفسرون على أن هذه المعصية كانت قبل نبوته 
- عليه السلام - أو أنه أكل ناسياً بدليل قوله تعالى: ‏ وَلْمَد 
عَهِدْنا إل ءَادَمْ من قَبَلُ فَتَىَ وَلَمَ يد له عَرْمَا 1 [سورة طه:5١١]‏ » 
ومادام الأمر وقع بدافع النسيان فإنه لا يؤاخذ عليهاء ما لم 
تكن تعيدا 00 


.5١ النبوة والأنبياء للصابوني: ص‎ )١( 
وتفسير‎ 7٠53/١ ينظر أحكام القرآن لابن العربي: ص753١» وتفسير القرطبي‎ )١( 
.5/8٠٠/١ المنار‎ 








وهو ما يقرره سيد- رحمه الله - حيث يرى أن المخالفة 
كانت من آدم قبل أن يعهد إليه بالخلافة في الأرضء وكانت 
نه كبنيانا :والنوى لتعيية | 17 
الثانية: نسبة الشرك الى آد اء- السلام: - 

أورد بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: [قَلمّآ ءَاتَْهُمَا 
صَلِكًا علا له شْرَكة فيمآ ءَاتَنْهُمَا معدل أَنَهُ عَمًا مطْرِكوْنَ 1 إسورة 
الأعراف:١1١]‏ روايات تنسب الشرك إلى آدم وحواء - عليهما 
السلام- من خلال طاعتهما للشيطان في تسمية ولدهما بعبد 
الحارث حثى يعيش» نظراً لأنه كان لا يعيش لهما ولد. 

ويرى سيد- رحمه الله - " أن ظاهر ما في هذه الروايات 
طابع إسرائيلي» ولا حاجة بنا إلى هذه الإسرائيليات» فالنص إنما 
يصور مدارج الانحراف في النفس البشرية» والمثل هنا مضروب 
لطر 
- عصمة إبراهيم - عليها لسلام -: مما يرد في قضية 
عصمة إبراهيم - عليه السلام - مسائل. 
الأولى: نسبة الشرك إليه» أورد بعض المفسرين في تفسير قوله 
تعالى: (كَلَنَا جَنَ عَلَِهِ يتل را كركباً فَالَ هذا رَنَّ عَلَبَّآ أل مَالَ 57 
)١(‏ في ظلال القرآن 7١07/4‏ بتصرف. 
)١(‏ في ظلال القرآن .١5١7- ١51١/7‏ ويراجع ما سبق عن نشأة الشرك. 

ا١املءد‎ 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة و26 











+ بر مري لسري" و سخ ل لل نحط عرس ويسم سد د ده 

حِتُ الذرت (250 فَلْمَا را الْمَمرَ بَازًِا مَالَ هَنذًا رَقَ كَلَمَا أكْلَ مَالَ لين 

كي سه له 85 ليم مسر صحمء ص مساك ب سس اي يه ع سه سل ٍّ 
بدن رق لأحكورت من الْمَوَرِ الصَالينَ (50) كلما را السَّمْسَ بَازْضَة 

2 ساس ره سا سه > دق رده بدح 2 ايع ان ع روو 2 و سطس 

لّ هندًا رَقَ هنذا كبر كَلَمَا فلت قَالَ يمور إِنْ برى نا مُتْركونَ (0) 


إذ مكهت تين زرف ار التكويت: «الافتك عنينا وما ليت 
لْمُشركيت 4 إسورة الأنعام:الآيات 724-17] ' روايات وآثاراً في 
أن إبراهيم - عليه السلام - اعتقد في طفولته أو بعد بلوغه أن 
الكواكب هي إلهه ('). 

وجمهور المفسرين على أن القصة جاءت في سياق استدراج 
إبراهيم - عليه السلام - لقومه؛ ومناظرتهم والتنزل معهم 
لإبطال شركهم بالله» وفساد عقيدتهم فيها. (5) 

أما سيد - رحمه الله- فيرى أن القصة الواردة في الآيات 
ترسم مشهدا للفطرة السليمة» وهي تبحث عن إلهها الحق» الذي 
تجده في أعماقهاء بينما هي تصطدم في الخارج بانحرافات 
الجاهلية وتصوراتهاء فالآيات تصور فطرة إبراهيم- عليه السلام 
- وهي تنكر تصورات الجاهلية في الأصنام وتستنكرهاء وتنطلق 
بعد أن نفضت عنها الخرافة تبحث عن إلهها الحق الذي تجده 


0 تفسير الطبري:‎ )١( 
ينظر في ذلك: تفسير ابن كثير تالسضنن والكشاف للزنمخشري لد واحتكام‎ (0 
."55/١ القرآن لابن العربي 777/7. وأضواء البيان للشنقيطي‎ 
آم‎ 





في ضميرها... وتختبر ما أمامها فتجده زائفاً لا يطابق لما هو 
مكنون من حقيقة الإله وصفته» فهي تصور رحلة طويلة من 
نقطة الإيمان الفطري إلى نقطة الإيمان الواعي» الذي يقوم عليه 
التكليف بالفرائض والشرائع... وبعد اختبار ألوهية الكواكب 
وبطلانها بمنطق الفطرة؛ يجد إبراهيم إلهه الحق في قلبه 
وقعا رقت م رسدكة تكنوق: البقاضيدلة الحاسنية لاكتيية انان 
وللمشركين بها .)١('‏ 
الثانية: الشك في قدرة الله. أخبر الله تعالى أن إبراهيم - عليه 
السلام - سأل ربه أن يريه كيف يحي الموتى بقوله تعالى: [وَإدْ 
اانه رف رن بكيق نت الو كان النا قي نان بل رلك 
َظْمَيِنَّ كَل [سورة البقرة:0؟] حيث قد يفهم منه أن إبراهيم - 
عليه السلام - كان شاك في قدرة الله على إحياء الموتى؛ وهذا 
الفهم غير سليم» فإبراهيم - عليه السلام - إنما كان مستفهما 
عن الكيفية» وليس عن الماهية» فلم يقل: هل تقدر يا رب على 
أن تحيي الموت 079 

- أما سيد قطب- رحمه الله- فيقول في ظلال هذه الآية: ' 
إنه التشوف إلى ملابسة سر الصنعة الإلهية» وحين يجيء هذا 


)١(‏ ينظر: في ظلال القرآن ١١41١--21١17/7‏ بتصرف. 
(؟) الكشاف للرازي /١‏ 508. 


اتيت قطي ومنهجه في العفيدة /و6 








التشوف من إبراهيم الأواه الحليم» المؤمن الراضي الخاشع العابد 
القريب الخليل» حين يجيء هذا التشوف من إبراهيم فإنه يكشف 
عما يختلج أحياناً من الشوق والتطلع لرؤية أسرار الصنعة 
الإلهية في قلوب أقرب المقربين! 

إنه تشوف لا يتعلق بوجود الإيمان وثباته وكماله واستقراره» 
وليس طلباً للبرهان أو تقوية الإيمان» إنما هو أمر آخر له مذاق 
آخر إنه الشوق الروحيء إلى ملابسة السر الإلهي في أثناء 
وقوعه العملي 

ومذاق هذه التجربة في الكيان البشري مذاق آخر غير مذاق 
الإيمان بالغيب ولو كان هو إيمان إبراهيم الخليلء» الذي يقول 
لربه؛ ويقول له ربه؛ وليس وراء هذا إيمان ولا برهان للإيمان» 
ولكنه أراد أن يرى يد القدرة وهي تعمل» ليحصل على مذاق هذه 
الملابسة فيستروح بهاء ويتنفس في جوهاء ويعيش معهاء وهي 
أمر آخر غير الإيمان الذي ليس بعده إيمان.... 

وقد استجاب الله لهذا الشوق والتطلع في قلب إبراهيم» ومنحه 
التجربة الذاتية المباشرة»... لقد أمره أن يختار أربعة من الطيرء 
ويقربهن إليه» حتى يتأكد من مميزاتهن وأن يذبحهن ويفرق 
أجزاءهن على الجبال المحيطة» ثم يدعوهن فتتجمع الأجزاء مرة 
أخرى؛ وترتد إليها الحياة» ويعدن إليه ساعيات. 


١م.‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





رأى إبراهيم هذا السر يقع بين يديه.. وهو سر يعلو على 
التكوين البشري إدراكه» فهو قد يراه»ء ويصدق به كما فعل 
إبراهيم» لكنه لا يدرك طبيعته ولا يعرف طريقته " :)١(‏ 
“- عصمة يوسف - عليه السلام -: 

في قصة يوسف - عليه السلام - صورة مشرقة عن 
النزاهة والبراءة والعصمة» مع وجود الإغواء والإغراء والكيد 
ومع ذلك فقد جاء في بعض التفاسير روايات إسرائيلية حول 
قصة يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز " حيث أورد 
بعضهم في تفسير قوله تعالى: ( وَلَقَدَ هَمَّتْ بوه وََمَّ يبا لوْلَا أن 
يا برهن رَيْ 1 [سورة يوسف:؛ ]١‏ . 

يقول سيد: ' لقد حصر جميع المفسرين القدامى والمحدثين 
نظرهم في تلك الواقعة الأخيرة» فأما الذين ساروا وراء 
الإسرائيليات فقد رووا أساطير كثيرة يصورون فيها يوسف هائج 
الغريزة مندفعاً شبقاً» والله يدافعه بالبراهين الكثيرة فلا يندفع! 
صورت له هيئة أبيه يعقوب في سقف المخدع عاضاً على 
أصبعه بفمه! وصورت له لوحات كتبت عليها آيات من القرآن 
- أي نعم من القرآن!! - تنهى عن مثل هذا المنكرء وهو لا 
يرعوي! حتى أرسل الله- جبريل- يقول له: أدرك عبديء فجاء 


)١(‏ في ظلال القرآن 3٠١7-170١ /١‏ بتصرف. 
11 


هيت قطي ومنهجه في العفيدة “وم 








فضربه في صدره.. إلى آخر هذه التصورات الأسطورية التي 
سار وراءها بعض الرواة وهي واضحة التلفيق والاختراع! " 
- أما جمهور المفسرين فسار على أنها همت به هم الفعل؛ وهم 
بها هم النفس» ثم تجلى له برهان ربه فتركء وأنكر المرحوم 
الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار على الجمهور هذا الرأي؛ 
وقال: إنها إنما همت بضربه نتيجة إبائه واهانته لها وهي السيدة 
الآمرة» وهم هو برد الاعتداء» ولكنه آثر الهرب» وتفسير الهم 
بأنه هم الضرب ورد الضرب مسألة لا دليل عليها في العبارة: 
فهي مجرد رأي لمحاولة البعد بيوسف عن هم الفعل أو هم 
الميل إليه في تلك الواقعة» وفيه تكلف وابعاد عن مدلول النص. 

أما الذي خطر لي وأنا أراجع النصوص هناء وأراجع 
الظروف التي عاش فيها يوسف - عليه السلام -» في داخل 
القصر مع هذه المرأة الناضجة فترة من الزمن طويلة» وقبل أن 
يؤتى الحكم والعلم وبعد ما أوتيهما 

الذي خطر لي أن قوله تعالى: ( وَلْقَدَ هَّتْ بوم وَهَمَّ يبا وك 
أن يا برهن رَيْ 1 هو نهاية موقف طويل من الإغراء» بعدما 
أبى يوسف في أول الأمر واستعصم.. وهو تصوير واقعي 
صادق لحالة النفس البشرية الصالحة في المقاومة والضعفء ثم 
الاعتصام بالله في النهاية والنجاة.. ولكن السياق القرآني لم 


م٠‎ 


هيت قطي ومنهجه في العفيدة “وم 





يفصل في تلك المشاعر البشرية المتداخلة المتعارضة 
المتغالبة... بل ذكر طرفي الموقف بين الاعتصام في أوله 
والاعتصام في نهايته» مع الإلمام بلحظة الضعف بينهماء 
ليكتمل الصدق والواقعية والجو النظيف جميعاً. 

هذا ما خطر لنا ونحن نواجه النصوصء ونتصور الظروف» 
وهو أقرب إلى الطبيعة البشرية وإلى العصمة النبوية» وما كان 
يوسف سوى بشرء نعم إنه بشر مختارء ومن ثم لم يتجاوز همه 
الميل النفسي في لحظة من اللحظاتء فلما أن رأى برهان ربه 
الذي نبض في ضميره وقلبه» بعد لحظة الضعف الطارثئة» عاد 
إن الاعتضاء والتابي "20107 

وقد أيد سيد - رحمه الله- كلامه هذا بما ذكره الزمخشري 
(") في الكشاف: " فإن قلت: كيف جاز على نبيّ الله أن يكون 
منه همٌّ بالمعصية وقصدٌ إليها؟ قلت المراد أنّ نفسه مالت إلى 
المخالطة ونازعت إليها عن شهوة الشباب وقرمه؛ ميلاً يشبه 
الهم به والقصد إليه» وكما تقتضيه صورة تلك الحال التي تكاد 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ ١187-1١1١‏ بتصرف يسير. 
من خوارزم سنة 4717ه كان محدثاً ومتكلماً ومفسراً معتزلي العقيدة له عدة مؤلفات 
توفى سنة 5778هء انظر: سير أعلام النبلاء »١15١/٠١‏ شذرات الذهب .١٠١8/4‏ 
01 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








تذهب بالعقول والعزائم» وهو يكسر ما به ويرذه بالنظر في 
برهان الله المأخوذ على المكلفين من وجوب اجتناب المحارم؛ 
ولو لم يكن ذلك الميل الشديد المسمى هما لشدّته لما كان 
صاحبه ممدوحاً عند الله بالامتناع» لأن استعظام الصبر على 
الابتلاءء على حسب عظم الابتلاء وشدته. انتهى.. ' ))١(‏ ثم 
قال سيد - رحمه الله- معلقاً على النص: " وهو تعليل صحيح 
في جملته بغض النظر عن الإشارة الاعتزالية في قول 
الزمخشري: ' ويرده بالنظر في برهان الله المأخوذ على المكلفين 
من وجوب اجتناب المحارم " فهو إشارة منه إلى مذهب المعتزلة 
في أن البرهان عقلي» والبرهان الذي أخذه الله على المكلفين هو 
ما قرره في شريعته» ولكن هذا خلاف مذهبي تاريخي لا شأن لنا 
بهء فهو بجملته غريب على التصور الإسلامي" (") 

هذه نماذج خاصة بعصمة الأنبياء مما ورد في القرآن 
الكريم. 

أما ما ينسب إلى بعض الأنبياء - عليهم السلام - زوراً 
وكذباً وافتراءَ من أهل الكتاب في كتبهم المحرفة» فقد أشار سيد 


ه١5١1/ ينظر: الكشاف للزمخشري دار إحياء التراث العربي بيروت ط١ عام‎ )١( 
. 
.١ هامش رقم‎ ١187 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
81 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








- رحمه الله- إلى ذلك " كما سبق في تصحيح القرآن الكريم 
لأهل الكتاب صورة الأنبياء التي شوهت في كتبهم المحرفة '. 

من صفات الأنبياء - عليهم السلام- الصدق والأمانة في 
التبليغ» وهذه الصفات ملازمة للنبوة» بل هي من الصفات 
الفطرية فيهم» يقول سيد - رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: ( 
َل نول ْنَا بص الأول ((:2) لَخََدنا َه يلون (2) ثم لَقَطعنا من الوتِينَ أ 
[سورة الحاقة:4 5 -51] : " وهذا تهديد رعيب» لمن يفتري على 
الله في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه» يجيء لتقرير 
الاحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره» وهو صدق الرسول - يل 
-وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه» بشهادة أن الله لم يأخذه أخذاً 
شديدا؛ كفا هع الشسان كو اتحوفة اقل اتكدراف عن أفاحة 
التبليغ... ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمداً - ك4 
- صادق فيما أبلغهم به؛ وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم 
يوح بها إليه» لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته 
الآيات» ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق " .)١(‏ 


وقد أورد سيد - رحمه الله - روايات عن إقرار المشركين 


. 7 في ظلال القران‎ )١( 
١م‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








بصدق النبي يل قبل بعثته وبعدهاء مع أنهم لم يؤمنوا به» من 
ذلك قول النضر بن الحارث لقريش: "يا معشر قريشء إنه والله 
قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد» قد كان محمد فيكم 
غلاماً حدثاء أرضاكم فيكم» وأصدقكم كد : وأعظمكم أمانة» 
حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب» وجاءكم بما جاعكم به قلتم: 
ساحر! لا والله»ء ما هو بساحر... لا والله ما هو بكاهن... لا والله 
ما هو بشاعر... وما هو بمجنون... فانظروا في شأنكم» فإنه قد 
نزل بكم أمر عظيم "(). 

وأيضا حديث: أن النبي يي خرج إلى البطحاء؛ فصعد الجبل 
فنادى: " يا صباحاه " فاجتمعت إليه قريشء فقال: " أرأيتم إن 
حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم؟ أكنتم مصدقي؟ قالوا: 
نعم. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ". فقال أبو لهب. 
ألهذا جمعتنا؟تباً لكء فأنزل الله: [تَبّتْ يّدَآ ل لهب وَتبِّ ) 
اشوزة الم 00 

فالمشركون كانوا يعرفون الرسول يد في عمره الطويل معهم»ء 
لكنهم لما جاءهم بالحق قالوا فيه ما قالواء وهو صاحبهم الذي لا 
يجهلون» وهو الأمين على الغيب الذي يحدثهم عنه عن يقين» 


.558/8/5 المصدر السابق‎ )١( 
.5999 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
01 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





لقد كانوا يعرفون رجاحة عقله؛ وصدقه وأمانته وتثبته» فراحوا 
يعللون ما جاءهم به أنه سحر وكهانة وجنون وشعر.. وتركوا 
التعليل الوحيد الصادق: وهو أنه وحي وتنزيل من الله؛ وأن 
محمداً يو مؤتمن على الغيب» لا تظن به الظنون فيما يقول فما 
عرفوا عنه إلا الصدق واليقين " ('). 

وهذه هي صفات الرسل جميعاً» فالبلاغ الكامل لما أنزل 
اللادهن موتكن امكيف 10 

' وكل رسول جاء إلى قوم قال لهم " ونا لَك نَاصِمٌ أَمِينُ ) ' 
ف وذ الناضح وضيدق الأميق 5 


)١(‏ المصدر السابق 5/ 5847 - 7847 بصرف. 
(؟) المصدن السايق 397/8: 
09 المصدر السابق ع ه. 5 نء ١5١١‏ بتصرف. 


1 





المطلب الرابع 


وظائف الرسل 

للرسل - صلوات الله وسلامة عليهم- وظائف جليلة؛ 
ومهمات جسيمة في حياة البشرية» يقول سيد - رحمه الله -: " 
إن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة سواء؛ منوطة 
بالرسل وبأتباعهم من بعدهمء فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر 
للبشرء تقوم سعادة البشر أو شقوتهم» ويترتب ثوابهم أو عقابهم 
في الدنيا والآخرة»... ومن ثم كان الرسل - صلوات الله عليهم 
- يحسون بجسامة ما يكلفون» وكان الله - سبحانه - يبصرهم 
بحقيقة العبء الذي ينوطه بهم»... إنه الأمر الهائل العظيم؛ أمر 
رقاب الناس» أمر حياتهم ومماتهم» أمر سعادتهم وشقائهم» أمر 
توانهم وعقابهمة أمن هذة البشرية سعادة وشفاء:" (0), 

وقد أشار سيد - رحمه الله- إلى عدد من وظائف ومهام 
الرسل -عليهم السلام- في مواطن متفرقة يمكن إجمالها في 
الأتي: 
أولا: تعريف العياد - سبحانه - ودعوتهم الى توحيده 


وعبادته: 


)١(‏ في ظلال القرآن ”/ 8١4‏ بتصرف يسير. 
١/101‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








وهذه هي المهمة الكبرى الذي بعث الله من أجلها الرسل 
الكرام؛ والنسطظة يكوريف لفق قم نا لعا لو جد سمل لت 
وتخصيص العبادة له دون سواه قال - سبحانه -: إوَمَآ أيَسَنْحَا 
من َلك من يَسُول إِلَّا وى إِلْهِ لَه لا لَه إلا آنأ مَأَمبْدُون ) [سورة 
الأقساء 18 وقتال ايحن ( 1ن تانق حكن الو ل 
نت أعْبْدُوأ ألَهَ وآجتَنِيوا اَلطَحُوتَ ) [سورة النحل:"؟] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " إن الدعوة الإسلامية - على يد 
محمد رسول الله - يه - إنما تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة 
الدعوة الطويلة إلى الإسلام بقيادة موكب الرسل الكرام» وهذه 
الدعوة على مدار التاريخ البشري كانت تستهدف أمراً واحداً: هو 
تعريف الناس بإلههم الواحد وربهم الحق» وتعبيدهم لربهم وحده 
ونبذ ربوبية الخلق... 

هذه طبيعة الدعوة إلى الله على مدار التاريخ البشريء إنها 
تستهدف" الإسلام " إسلام العباد لرب العباد واخراجهم من 
عبادة العباد إلى عبادة الله وحده» بإخراجهم من سلطان العباد 
وحاكميتهم وشرائعهم وقيمهم وتقاليدهم» إلى سلطانن الله 
وحاكميته وشريعته وحده في كل شأن من شؤون الحياة("). 

ويقرر سيد - رحمه الله- في مواطن كثيرة: ' أن الإنسان 


.١ في ظلال القرآن ؟/ ههه‎ )١( 
١م1/‎ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








أهبط إلى الأرض مؤمناً بربه» مهتدياً تاتباً موحدأًء وأنه تتقاذفه 
الأمواج بين الحين الآخر فيضل ويشركء وبالتالي فمن رحمة الله 
به أن أرسل إليه الرسل لإنقاذه وهدايته "» " لقد جاءت الرسل - 
رسولاً بعد رسول - بالتوحيد الخالص وبربوبية رب العالمين: جاء 
كل رسول إلى قومه بعد انحرافهم عن التوحيد الذي تركهم عليه 
رسولهم السابق ليدعوهم إلى توحيد الله بقوله: (يْمَوْمٍ أَعَبدُوأ أله ما 
لم ين إِلَهِ غَيْرْْ ] " فالتركيز في كل رسالة كان على أمر واحد: 
هو تعبيد الناس كلهم لربهم وحده - رب العالمين - باعتبارها 
القاعدة الأساسية المشتركة في الرسالات جميعاً "» " والقران يقرر 
أن جميع الرسل - عليهم السلام - جاءوا بالتوحيد المطلق 
الخالص» الذي لا ظل فيه للشرك؛ في صورة من صوره ”» " 
وكلهم دعا إلى عبادة الله الواحد سبحانه وتعالى " " ولقد كان 
هذا الجهد الموصول المكرر مع كل رسالة ومع كل رسولء؛ وكان 
الإصرار من الرسل صلوات الله عليهم على كلمة التوحيد بلا 
هوادة» على اعتبار أن وظيفتهم الأساسية في الحياة هي إقرار 
واقامة هذه الحقيقة في البشرية " .)١(‏ 


1537 لاك‎ ,1١١*/5 ,؟الك/١ ينظر في ذلك: في ظلال القرآن‎ )١( 
ا هلال 5ن ههعهل :لكهطضك ككلم الاللء لاوكال‎ 
1ت 5؟.‎ 

11 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 











نواهيه للعباد وإقامة الحياة 

جعل الله سبحانه وتعالى من وظائف الرسل: تبليغ أوامره 
ونواهيه للبشرء وقد قام الرسل جميعا بهذه المهمة كما قال 
سبحانه: ( لزت بن رسكت لَه ووه ولَا تون دا إلا لله 
6 ب 1 [نمورة الأحراب794] وحمل عاقية الرسول 
تبليغ الرسالة» فقال سبحانه: ( ييا أَيَسُولُ يلع مآ أُِلَ يلك ين 
يك عن لد مَل 8 بلك رمالتة )الشورة المائدة:/33].. 

يقول سيد: " فوظيفة الرسول التلقي من الله» وأداء الرسالة 
المتمثلة في تبليغ ما يأتيه من ربه )١('‏ " ومن ثم كان هنالك 
مصيلن وانهم ركلف .مف البلئن 'التصضوو الحادق الكامل الشاملن» 
لحقيقة الوجود كله؛ ولحقيقة الوجود الإنسانيء ولغاية الوجود 
كله وغاية الوجود الإنساني؛ ومن هذا التضصون يتيكق المنيج 
الوحيد الصحيح القويم».. وهي أمور لا يمكن للعقول أو 
التجارب البشرية أن تصل إلى الحق فيهاء.. فالذي يضع خطه 
الرحلة للطريق كله» هو الذي يدرك الطريق كله؛ والإنسان 
محجوب عن رؤية هذا الطريق» فأنى له أن يضع الخطة لقطع 


»1857/4 بتصرف وينظر أيضا:‎ ١570/7 0015 ءا/١15/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
ا وى الال‎ 
001 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة و26 








الطريق المجهول؟ إنه إما الخبط والضلال والشرودء واما منهج 
الزها لاك بوالزسل المستمة هن خالق' اميد 001 

ويقرر- سيد - أنه: " ليست وظيفة الرسل مجرد البلاغ؛ بل 
البلاغ هو قاعدة عمل الرسول والدعاة من بعده؛ وهذا البلاغ 
أول مراتب الجهاد؛ فمتى صح تبليغ حقائق الدين فلابد أن 
الجاهلية ستواجه الداعية إلى الله» ومن ثم تجيء مرحلة الجهاد 
نتيجة طبيعة للتبليغ الصحيح لا محالة ('). فلا بد من بلاغ؛ 
ولا بد من أداء»ء بلاغ بالبيان» وبلاغ بالعمل حتى يكون 
المبلغون ترجمة حية واقعة مما يبلغون» وبلاغ بإزالة العقبات 
التي تعترض طريق الدعوة» وتفتن الناس بالباطل وبالقوة والا 
فلا بلاغ... 
- فأما رسل الله -عليهم السلام- فقد أدوا الأمانة» وبلغوا 
الرسالة» ومضوا إلى ربهم خالصين من هذا الالتزام الثقيل» وهم 
لم يبلغوها دعوة باللسان» ولكن بلغوها - مع هذا- قدوة ممثلة 
في العملء وجهاداً مضيئا بالليل والنهارء لإزالة العقبات 
والعوائق» سواء كانت هذه العقبات والعوائق شبهات تحاك 
وقتلالات كزيم» أو كانس قوص لاعية قصضة الكاين حق الدعرة 


)1( المصدر السابق 11/١‏ بتصرف. 
)١(‏ في ظلال القرآن .72071١/5‏ بتصرف يسير. 
م١‏ 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








وتفتنهم في الدين» كما صنع رسول الله يخ خاتم النبيين» بما أنه 
المبلغ الأخير» وبما أن رسالته هي خاتمة الرسالات» فلم يكتف 
بإزالة العوائق باللسان» إنما أزالها كذلك بالسنان (عيٍّ لا مَكونَ 
فِْئهُ ميوت ألدِينُ يِنَّهَ 1 [سورة الأنفال:9؟] » وبقي الواجب الثقيل 
على من بعدهء على المؤمنين برسالته في التبليغ؛ ولا فكاك لهم 
من التبعة الثقيلة - تبعة إقامة حجة الله على الناسء» وتبعة 
استنقاذ الناس من عذاب الآخرة وشقوة الدنيا - إلا بالتبليغ 
والأداء»ء على ذات المنهج الذي بلغ به رسول الله يه وأدى؛ 
فالرسالة هي الرسالة» والناس هم الناس» والضلالات والأهواء؛ 
والشبهات والشهوات» وقوى الطغيان والعقبات» هي هي ' (). 

- ويقول أيضا في بيان أن مهمة الرسل إقامة منهج الله في 
حياة البشر: " وصورة الإسلام الواضحة الكاملة الدقيقة الشاملة 
- كما جاء به رسل الله جميعا - من ناحية أصول العقيدة 
تحتوي الإيمان بالله؛ والإيمان باليوم الآخرء وتوحيد الله وعدم 
الشرك به أصلاً» ومعرفة الله سبحانه وتعالى بصفاته.. والحكم 
بعدم وجود حقيقة ولا سلطان لغيره أصلاًء ومن ثم نفي الأرباب 
التي تتحكم في رقاب العباد؛ واعلان السلطان والحكم لله وحده 


)١(‏ في ظلال القرآن 6١59/7‏ بتصرف. 
1 


اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 








"1 " فلا يتبعون إلا شرعه ونهجه ولا يطيعون إلا أمره 
ونهيه' 1 
ثالثاً: هداية البث 





4# 4 4. 


من وظائف الرسل الجليلة» هداية الناس إلى الطريق 
المستقيم؛ يقول سيد: " فقد بعث الله الرسل للأقوام للهداية: [إِنّمآ 
أنتَ سَذِةٌّ وَلِكُ َو هَادٍ 1 [سورة الرعد:7١]‏ " )2 'ولقد مضت 
الرسالات واحدة إثر واحدة تأخذ بيد البشرية وتمضي بها صعداً 
في الطريق على هدى وعلى نور 7*) " وآية أن ما يتم بالرسالة 
- عن طريق العقل نفسه - لا يمكن أن يتم بغيرهاء فلا يغني 
العقل البشري عن الرسلء وتاريخ البشرية لم يسجل أن عقلاً 
مهما كبر قد اهتدى إلى مثل ما اهتدت إليه العقول بالرسالة؛ لا 
في تصور اعتقاديء ولا في خلق نفسيء ولا في نظام حياة: ولا 
في تشبريع وانحد لهذا النطاد'(0)" فينابيم المدى في الأرطن: 
تتمثل في ما جاءت به الرسل” " ولذلك لم يكل الله الناس إلى 


.١95٠0/5 المصدر السابق‎ )١( 
.١855/5 المصدر السابق‎ )١( 
.0 0 في ظلال القرآن‎ )*( 

(:) في ظلال القرآن .581/١‏ 
(5) المصدر السابق 8١١/7‏ بتصرف يسير. 
011 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة و26 








عقولهم وفطرتهم وحدها لأنها قد تضل وتفسدء إنما يكلهم إلى 
وحيه ورسله وهداه وكتبه» ليرد فطرتهم إلى استقامتها وصفائهاء 
ويرد عقولهم إلى صحتها وسلامتهاء وليجلو عنهم غاشية 
ات اك الا 1 

" إن إرسال الرسل يوحي بعظمة التفضل الإلهي على 
الناس» فمن مهمات الرسول- #لِةٍ - أن يطهر أرواحهم من لوثة 
الشرك ودنس الجاهلية»؛ ورجس التصورات التي تثقل الروح 
الإنساني وتطمره؛ ويطهرهم من لوثة الشهوات والنزوات فلا 
ترتكس أرواحهم في الحمأة؛ ويطهر المجتمع والحياة من الربا 
والسحت والغش والسلب والنهبء وكلها دنس يلوث الأرواح 
والمشاعر» ويلطخ المجتمع والحياة ويطهر حياتهم من الظلم 
والبغي وينشر العدل النظيف الصريح».. ويطهرهم من سائر 
الملوئات التي تلطخ وجه الجاهلية في كل مكان وفي كل زمان 
00 
رابيعا: التبشير والانذار وإقامة الحجة على الناس. 

" من مقتضى عدالة الله ورحمته أن بعث د إلى عباده» 
يبشرونهم بما أعده الله للمؤمنين الطائعين من نعيم ورضوان؛ 
)1( المصدر السابق 5 ١١5‏ وينظر /. ١555-15 ١‏ 


(؟) المصدر السابق ١/14١-1؟١١‏ بتصرف وينظر أيضا 717١/4‏ 78793/5. 
١‏ 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة “وت 








وينذرونهم ما أعده الله للكافرين العصاة من جحيم وغضبء كل 
ذلك لثلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» قال سبحانه: + 
رسلا م مسر بن وَمنَذِرِنَ لت 2 لِلثّاين عل ألو سه يعد رسن 
كان لَه ريا حَكِيمًا ؟ [سورة النساء:55١]‏ » ولله الحجة البالغة 
في الأنفس والآفاق» وقد أعطى الله البشر من العقل ما يتدبرون 
به دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق» ولكنه - سبحانه - رحمة 
منه بعباده» وتقديراً لغلبة الشهوات على تلك الأداة العظيمة التي 
أعطاها لهم - أداة العقل - اقتضت رحمته وحكمته أن يرسل 
إليهم الرسل ( مُبَسَرِنَ وَمُنِذِرِنَ 1 يذكرونهم ويبصرونهمء 
ويحاولون استنقاذ فطرتهم وتحرير عقولهم من ركام الشهوات» 
التي تحجب عنها أو تحجبها عن دلائل الهدى وموحيات 
الإيمان في الأنفس والآفاق .)١('‏ 

' فوظيفة الرسول أنه منذرٌ ومحذرٌ ومبصز 2 إإِنَمَآ أت مُنَذِدُ 
] [سورة الرعد:"] (إِنّمآ أن لَك َزيرُ مُِيمُ 1 [سورة الحج:31؟]؛" 
فالرسول يرسله الله ليبشر وينذرء وعليها تكون استجابة البشرء 


ويمضي قدر الله ومشيئته من خلال هذه الاستجابة '("). (إنْ نا 
ِلَا ندِيرُ وَمَثِيرٌ 1 [سورة الأعراف:88١]‏ ولكن لا ينتفع بما جاء 
)١(‏ في ظلال القرآن .6٠١5/7‏ 


)١(‏ في ظلال القرآن ؟/97١٠,‏ 7058/5 ١5737‏ بتصرف. 
١81‏ 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة وم 








به الرسل من النذارة والبشارة إلا المؤمنون الذين يفهمون حقيقة 
ما جاء به ويدركون ما وراء هذا الذي جاء به الرسول :)١('‏ 

ولقد لخص الله هذه المهمة من مهمات الرسل بقوله: ( يَنايَا 
لبن إِنَآ أَرَسَلتَكَ سَنِهِدًا وَمبِضَرا وَيَذِيرَا (0) وَدَاعِيًا إِلَ أله لذن وَسسَاجًا 
مُنِيرا (2) وَكَثْرالْمْؤَمِينَ ألم ين للَّهِ مضلا كِيرَا (28 ولا ملع 
ألكنيب وَالتَِق ود أده وَيَوكَْ عل ألا وك مه سكيلا ) 
[سورة الأحزاب:48-55] » " فوظيفة النبي - كله - أن يكون 
فاه "عله راق يكرى ابيقرا " لهم يها ينتظر:العابطين من 
رحمة وغفران وفضل وتكريم؛ وأن يكون " نذيراً " للغافلين بما 
ينتظر المسيئين من عذاب ونكالء فلا يؤخذوا على غرة؛ ولا 
يعذبوا إلا بعد إنذارء "وداعياً إلى الله " لا إلى دنياء ولا إلى 
مجدء ولا إلى عزة قومية» ولا إلى عصبية جاهلية» ولا إلى مغنم؛ 
ولا إلى سلطان أو جاه؛ ولكن داعياً إلى الله في طريق واحد 
يصل إلى اللهء " بإذنه " فما هو بمبتدع؛ ولا بمقطوع.ء ولا بقائل 
' وسراجاً 
منيراً ' يجلو الظلمات» ويكشف الشبهاتء وينير الطريق» نوراً 
هادئاً هادياً كالسراج المنير في الظلمات "(5): 


مق عتذوشيئاء انما كو اذخ اله له وأامره لا وداء» ' 


.١51١١/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
.791519/0 في ظلال القرآن 78077/5. وينظر أيضا‎ )١( 
1 


سيد قطي ومنمجة في العقيدة وم 








اسيك قطي ومنعجه في العهيدة /جط 





- ولقد كانت تربية الأمم وهدايتها من خلال القدوة أكثر نفعاء 
والرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية» وحياة الرسول هي النموذج 
الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهيء النموذج الذي يدعو 
قومه إلى الاقتداء به» ومن ثم كانت حياة الرسول - 5ه - 
معروضة لأنظار أمته؛ بمعالمها الرئيسية في الحياة وبأصغر 
تفصيلاتها وأحداثها... وحتى خطرات قلبه أحيانا لتطلع عليها 
الأجيال» وترى فيها قلب ذلك النبي الإنسان " (١)؛‏ هذه هي أهم 
وظائف ومهام الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - إجمالا. 


)1( المصدر السابق ه/521 بتصرف يسير. 
كام/١‏ 








المطلب الخامس 


دلائل النبوة وآيات الأنبياء 
' الطريقة المشهورة عند أهل الكلام والنظرء تقرير نبوة 
الأنبياء بالمعجزات» وكثير منهم لا يعرف نبوة الأنبياء إلا 
بالمعجزات» وقرروا ذلك بطرق مضطربة» والتزم كثير منهم 
إنكار خرق العادات لغير الأنبياء» حتى أنكروا كرامات الأولياء 
والسحر» ونحو ذلكء ولا ريب أن المعجزات دليل صحيح: لكن 
الدليل غير محصور في المعجزات» فإن النبوة إنما يدعيها 
أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين» ولا يلتبس هذا بهذا إلا 
على أجهل الجاهلين» بل قرائن أحوالهما تعرب عنهماء وتمييز 
بي الضنادق والقائي” :)١(‏ 
فأهل السنة والجماعة يثبتون النبوة بدلائل كثيرة منها: 
.١‏ القرائن والأحوال التي تدل على صدق النبي. 
.١‏ نصر الله لأنبيائه واهلاك أعدائهم في النهاية. 
المعجزات وكوارق العادات. 
وقد أشار سيد رحمه الله إلى بعض دلائل النبوة» يمكن بيانها 


١م‎ 








إيجازاً فيما يأتي: 

أولاً: قرائن الأحوال: ' وذلك أن النبوة إنما يدعيها اصدق 
الصادقين» أو أكذب الكاذبين» ولا يلتبس هذا إلا على أجهل 
الجاهلين» بل قرائن أحوالهما تعرب عنهماء وتفرق يهماء 
والتمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة» فيما دون دعوى 
النبوة» فكيف بدعوى النبوة؟ وما أحسن ما قال الشاعر في 
وصفه - 555 -: 

لو لم تكن فيه آيات مبينة.... كانت بديهته تأتيك بالخبر :)١(‏ 

وما من أحد ادعى النبوة من الكذابين» إلا وقد ظهر عليه 
من الكذب والفجور واستحواذ لشياطين عليه ما ظهر لمن له 
دقن تمييز " 2 

وقد أشار سيد- رحمه الله - إلى أن أحوال الأنبياء من 
الصدق والزهد والصبر ونحوها من دلاثل نبوتهم» ففي ظلال 
قوله تعالى عن الرجل المؤمن وهو يخاطب قومه: ١‏ أَتَّيِعْوَا مَن 


د دارو هه 


لا صمل برا وهم مَهِتَدونَ 1 [سورة يس:١١]‏ » يقول سيد: " 





)١(‏ أنشده المبرد في الكامل ص 4 لحسان ٠‏ وهو في البيان والتبيين »١5/١‏ والروض 
الأنف 187/١‏ وعيون الأخبار 7١14/١‏ غير منسوب » وفي الإصابة ص 45737 لعبد 


الله بن رواحه » انظر شرح العقيدة الطحاوية ص١4 ١‏ هامش رقم ١‏ 
)١(‏ شرح العقيدة الطحاوية ص ١5١-١4٠0‏ بتصرف . 
١818‏ 





ا[ تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





فالذي يدعو مثل هذه الدعوة» وهو لا يطلب أجراً؛ ولا يبتغي 
مغنماً إنه لصادقء وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء إن لم 
يكن يلبي تكليفاً من الله؟ ما الذي يدفعه إلى حمل هم الدعوة؟ 
ومجابهة الناس بغير ما ألفوا من العقيدة؟ والتعرض لأذاهم 
وشرهم واستهزائهم وتنكيلهم وهو لا يجني من ذلك كسباًء ولا 
يطلب منهم أجراً.. )١('‏ 

- وعند حديثه عن اقتراحات المشركين وطلبهم الآيات من 
النبي كَلِةِ يقول: " وبهذه الاقتراحات يتبين التعنت كما تتبين 
الجهالة» والا فقد كان لهم من خلق رسول الله  -‏ - الذي 
يعرفونه جيداً بالخبرة الطويلة» ما يدلهم على صدقة وأمانته؛ 
وهم كانوا يلقبونه الأمين» ويودعون أماناتهم لديه حتى وهم معه 
على أشد الخلاف.. وكذلك كان صدقه مستيقناً كأمانته» فإنه لما 
دعاهم أول مرة دعوة جماعية جهرية على الصفا - حين أمره 
ربه بذلك - وسألهم: إن كانوا يصدقونه لو أنبأهم بنبأء أجابوه 
كلهم بأنه عندهم مصدق.. فلو كانوا يريدون أن يعلموا صدقه 
لقد كان لهم في ماضيه برهان؟ ولقد كانوا يعلمون: أنه لصادق» 
كما قال الله عنهم: (يتََ لا تدك وَلكنَّ لطن يات 


. 579155 في ظلال القرآن ه/‎ )١( 
1١38 








د فعكدون 1 [سورة الأنعام :]| فهي الرغبة في الإنكار 
العافت واتسادمزا كران بنى الدق نوين الشلك في صنق 


- كما ذكر سيد - رحمه الله - فى مقدمة سورة العلق حديث 


بدء الوحي» وفيه استدلال خديجة رضي الله عنها(")؛ على 
صدق النبي كه بعد أن تخوف على نفسه بقولها: كلاء أبشر فو 
الله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحمء وتصدق الحديث؛» 
وتحمل الكل» وتقري الضيفء وتعين على نوائب الحق '(). 
ثانيا: نصر الله للأنبياء وإهلاك أعدائهم: 

شق دلأكل الفدوة أنضنا :"أن الله تخا متضدو أسا عه ورسيلة 
ويهلك أعداءهم في نهاية الصراع؛ كما أخبر-سبحانه- عن 
إهلاك قوم نوح وعاد وثمود وأهل مدين وقوم لوط وقوم فرعون 
وغيرهم»ء ولما ذكر الله قصص إهلاك أعداء الأنبياء في سورة 


. 37١ 50/7 في ظلال القرآن‎ )١( 





» هي : خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى » تجتمع مع النبي #ة في قصي‎ )١( 
سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت ورزق منها أبناءه كلهم‎ :٠ تزوجها النبي يك وعمرها‎ 
: إلا إبراهيم » أول من آمن به من النساء » توفيت في السنة العاشرة للبعثة » انظر‎ 


الاستيعاب ١77/4‏ وأُسد الغابة 455/0 


)في لل القزاق :079/5 اليك فى البخاري فى لاف اسايده وني با دده 


برقم " 
1 


سيت قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





الشعراء قال في آخر كل قصة: ( إنَّ فى دَلِكَ ليه وما كان أ كثرهم 
م لد , 59609). 

0100 

- وقد أشار سيد رحمه الله إلى هذه الدلالة في مواطن متفرقة 
منها: 

* في ظلال قوله تعالى: ( أ يون دَق عل لل كد إن 
كما أَهَدُ يم م عل قَلِكَ وَسنَحُ أنه الباطل وحن لَلَىّ بكلليية إِنَّه 
يات أ لصَدُورٍ ١‏ [إسورة الشعراء :5 ]١‏ . يقول سيد. ' وهذه 
الشبهة يعللون بها موقفهم من الوحي» وهو قول مردود» فما كان 
الله ليدع أحداً يدعي أن الله أوحى إليه وهو لم يوح إليه شيءٌ؛ 
وهو قادر على أن يختم على قلبه فلا ينطق بقرآن كهذاء وأن 
يكشف الباطل الذي جاء به ويمحوه» وأن يظهر الحق من ورائه 
ويبينه.. فهي شبهة لا قوام لهاء ودعوى تخالف المعهود عن علم 
بالسرائر» وعن قدرته على ما يريد» وعن سننه في إقرار الحق 
وإزهاق الباطلء وإذن فهذا الوحي حقء وقول محمد - 5- 
صندة " 0 


. ١95١.1١5. 8 19593151١ 3٠. سورة الشعراء : الآيات لاك‎ )١( 
. ١5١ شرح العقيدة الطحاوية : ص‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ 753١55 -75١55/5 في ظلال القرآن‎ )"( 

١م‎ 








199911 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





*وفي ظلال قوله تعالى: ( وََرْ نول عَلَنَا بحص الْأََاوبلٍ (00)) 


حَحِرِنَ 4 [سورة الحاقة::: -52] ' يقول سيد - رحمه الله-: 


وهذا تهديد رعيب لمن يفتري على الله في شأن العقيدة» وهي 
الجد الذي لا هوادة فيه» يجيء لتقرير الاحتمال الواحد الذي لا 
احتمال غيره؛ وهو صدق الرسول - يه - وأمانته فيما أبلغه 
إليهم أو يبلغه» بشهادة أن الله لم يأخذه أخذاً شديداً» كما هو 
الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ.. 

وَمَفَادٌ هذا القول .مق التاحية التقريوية أن محمدا ل صادق 
فيما أبلغهم؛ وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه: 
لأخذه الله فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات» ولمّا كان 
هذا لم يقع فهو لا بد صادق "(0). " فمن دلائل صدق الأنبياء 
نصر الله لهم واهلاك أعدائهم» حيث كانت العاقبة دائما للرسل 
وأتباعهم '(1). 


. 7545 /5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ينظر: في ظلال القرآن 5/5217 دى لالد7ء ماع55‎ )١( 
01 








111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





المعجزات:_هي الأمور الخارقة للعادة» المصحوبة بالتحدي(١)؛‏ 
فهي أخص من مطلق الآيات وعلامات النبوة عند البعض. 
وسميت معجزة: لعجز من تقع عندهم عن معارضتهاء والهاء 
فيا للمتالفة 200 

وقيل: أن المعجزة اسم يعم كل خارق للعادة في اللغة وفي 
عَرفَة العلماء» وتست بالآياث أيِكناً(0). 


وقد وقف الناس من قضية المعجزات والخوارق مواقف 
متباينة» فمنهم من جعلها وحدها هي دليل 
النبوة وأنكر وقوع خوارق للعادات وكرامات لغير الأنبياء» كما 
هو الحال عند المعتزلة والظاهرية وبعض الأشاعرة (*) ومنهم 
من ضيق نطاق الخوارق وأولها أو انكرهاء كما فعل بعض 
أصبكات الأنواة:20). 

أما سيد حرحمه الله- فله حديث طويل عن المعجزات 


. 7/4 ءاها١‎ 5٠1 الإتقان في علوم القرآن للسيوطي - المكتبة العصرية ط عام‎ )١( 
فتح الباري لابن حجر: 1/56/ه-50875.‎ )١( 
.5١1/١١ (؟) مجموع فتاوى ابن تيمية:‎ 
.١5 ٠ص شرح العقيدة الطحاوية:‎ )4( 
. 7”41/17//56 ينظر : في ظلال القرآن‎ )5( 

١ع‎ 








1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





وخوارق العادات يمكن إجماله فيما يأتي: 


-١‏ إثياته زات: 
عبر القرآن الكريم عما أيد الله به الأنبياء - عليهم السلام - 
من أجل إيمان الناس بهم " بالآيات " واصطلح العلماء على 
تسميتها " بالمعجزات ". 
وكلام -سيد - عن المعجزات يدل على أنه يرى أنها تشمل 
أمرين: 
أ- ماكان مصحوبا بالتحدي» مما يطلبه الكفار من أنبيائهم 
ب- وما كان خارقاً للعادة» بدون تحديء وهو الآيات التي تأتي 
بها الأنبياء بإذن الله فتنة للناس» أو عند الحاجة إليها. 
حيث يقول: " كانت البشرية جيلاً بعد جيلٍ تطلب خارقة 
معجزة من الرسول» تدل على أنه حقاً مرسل من الله [كَأْتِ يكاب 
إن كُنتَ مِنَ ألصَّدويت 4 إسورة الشعراء:54١]‏ » كما طلبت ثمود 
تلك الخارقة» فاستجاب الله لعبده صالح وأعطاه هذه الخارقة في 
شتووة تاقة 1031 
اوقد كافك الخوارق :كاحت" الرقنا نع لتحعديف اسل 


.751717/© في ظلال القرآن‎ )١( 
1 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وتخويف الناس من عاقبة التكذيب» وهي الهلاك لمن كذب بها 
.)١( 1‏ 


وفي ظلال قوله تعالى: ( وَيَمُولُ الدنَ كََرُوأ للا أنزلَ عله 


0 


ودس 6 


عي ين رَبك إثنآ أت منزة وَركل مر ماق ) اسدرة الرعد»)] + 
يقول سيد: " إنهم يطلبون خارقة» والخوارق ليست من عمل 
الرسول ولا اختصاصه. إنما يبعث بها الله معه؛ حين يرى 
بحكمته أنها لازمة (). 

وفي تعليقه على تأويل يوسف - عليه السلام - لرؤيا الملك 
يقول: " والهبة اللدنية التي وهبها يوسف كانت من روح العصر 
وجوه» على ما نعهد في معجزات الأنبياء " (): 

ويأتي كثيرا في حديث سيد - رحمه الله- عن آيات الأنبياء 
التي أيدهم الله بها تصديقا لهمء أو إجابة لطلب أو تحدي 
الناس» تسميته لها بالمعجزات» واثباتها للأنبياء - كما سيأتي 
ذلك مفصلاً بعد قليل - مما يدل على أنه - رحمه الله - 
يطلق لفظ المعجزة على ما كان خارقاً للعادة من آيات الرسل 


)١(‏ المصدر السابق 117/54؟7. 
(؟) في ظلال القرآن 0 0. 
() المصبدن السايق. 1551/4 
م١‏ 











11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





وبياناتهم التي أيدهم الله بها على سبيل التحدي أو بدونه ٠‏ 
كما يقرر سيد - رحمه الله- أن هذه المعجزات والخوارق التي 
يأتي بها الرسل ليست من عمل الرسل - عليهم السلام - ولا 
في مقدورهمء إنما يبعث بها الله معهم حيث يرى بحكمته أنها 
لأزمة فامرها: إن ميقيو الكون و السنان 201077 

" فالمعجزات تشهد بأن الله وراءهاء وأن قوة الله تؤيدهاء وتؤيد 
من جاءت على يده " (0)» " فكل خارقة جاء بها نبي إنما جاء 
بام كن ا 11 

" وقد بين الرسل لقومهم أن الإتيان بالخوارق من شأن الله 
ليفرقوا في مداركهم المبهمة المظلمة بين ذات الله الإلهية 
وذواتهم البشرية» وليمحصوا صورة التوحيد المطلق الذي لا 
يلتبس بمشابهة في ذات ولا صفاتء وهي المتاهة التي تاهت 
فؤينا الوياة قد تاهنت ننيدا التسورال السحتحنة افققنا 
تلبست بالوثنيات المختلفة» وكانت نقطة البدء في المتاهة هي 
نسبة الخوارق إلى عيسى- عليه السلام- '(5). 


. ٠١54/5 في ظلال القرآن‎ )١ 

. 50١/١ المصدر السابق‎ )١ 

"') في ظلال القرآن 511/١‏ بتصرف يسير . 
:) المصدر السابق 5/ ٠١34١‏ بتصرف يسير . 


) 
) 
) 
) 


١م‎ 








1717717717 1111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





؟ - تفسير سيد قطب للمعجزات والخوارق: 
يقرر سيد- رحمه الله -"أنه ليس هناك جدية آلية في الخلق 


والإنشاء» ولا في الحركة والحدث والنواميس التي يراها الناس 
مطردة في الكون - بوجه عام - ليست قوانين آلية أنشاها الله 
وسلطهاء لتعمل بذاتها آليا وحتمياء ولكنها تطرد - على الجملة 
- لأن قدر الله في شانها يطرد في غير جبرية آلية فيهاء وفي 
غير حتمية على الله سبحانه وتعالى في أطرادهاء إنما هي 
مشيئته وحكمته تجريها هكذا كما أرادهاء وقد يجري غيرها في 
تعلق مشيئته وحكمته به» فيجري قدره بما يشاءء وهكذا تقع 
المعجزات الخارقة لما يسمى بالقوانين الطبيعية» فالنار قد 
أودعها الله خاصية حرق الأجسامء كما أودع الأجسام خاصية 
الاحتراق بالنار» ولكن مشيئته جرت بقدر غير هذا في حادث 
إبراهيم - عليه السلام - ( قلا ياد كن برها وَسَلَمًا عَلحَ 
إَِرْهِيمَ ‏ [سورة الأنبياء:79-١"]‏ والناس يتعاملون مع النواميس 
الثابتة - في جملتها - وقد شاء الله أن يجعلهم قادرين على 
إدراك بعض هذه النواميس» والتعامل معها على ثبات نسبي 
ديا اشيج ليم باتك اه حضيولة جا نهم في عملم قبع ده 
ثابتة» وأن تكن لا آلية ولا حتمية» لا بالقياس إلى الله - 


١م‎ 





سبحانه- ولا بالقياس إلى ذاتها كذلك. 

وفي تصور المسلم لا يقوم " السبب " ولا العادة» ولا المألوف 
من النواميس» حاجزاً بين العبد وإرادة الله به» وبالوجود كله من 
حولهء في كل حالة» وفي كل لحظة... 

فالمشيئة الإلهية في تصورها- كما هي في الحقيقة - طليقة 
من وراء تلك النواميس» ومع هذا فالمسلم يتعامل مع النواميس 
الثابتة» ويأخذ بالأسباب التي تتلاءم مع هذه النواميس لأنه 
مأمور أن يأخذ بها - وأخذه بها عبادة وطاعة - ويتعامل مع 
سنة الله وهو يعلم أن لا تبديل لسنة الله» لا بسبب حتميتها على 
الله» ولا بسبب جبرية آلية فيها هي ذاتهاء ولكن الله أراد ألا 
يبدلها» وجرى قدره باطرادها - إلا أن يشاء غير ذلك دمع 
تعلق كل حادث ينشأ بقدر خاص ينشئه» وفي هذا يختلف 
التصور الإسلامي تماماً ويتميز عن كل تصور آخر" .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " فلا عجب من أمر الله؛ فالعادة حين تجري 
بأمن. لامكو معتى :هذا أنهنا ينه 9 تكريذل فعخذما شاع للد 
لحكمة يريدهاء يقع ما يخالف العادة؛ مع وقوعه وفق السنة 
الإلهية التي لا نعلم حدودهاء ولا نحكم عليها.. والذين يقيدون 


. مقومات التصور الإسلامي - سيد قطب - ص 15-175 بتصرف يسير‎ )١( 
١14 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





مشيئة الله بما يعرفونه هم من نواميسه لا يعرفون حقيقة 
الألوهية كما يقررها الله- سبحانه - فى كتابه... 


٠. 


نعم إن الله - سبحانه - يجري هذا الوجود وفق النواميس 
التي قدرها له» ولكن هذا شيء والقول بتقييد إرادته بهذه 
النواميس بعد وجودها شيء آخر! إن الناموس يجري وينفذ بقدر 
من الله في كل مرة ينفذ فيهاء فهو لا يجري ولا ينفذ آلياًء فإذا 
قدر الله في مرة أن يجري الناموس بصورة أخرى غير التي 
جرى بها في مرات سابقة كان ما قدره الله ولم يقف الناموس 
في وجه القدر الجديد» ذلك أن الناموس الذي تندرج تحته كل 
النواميس هو طلاقة المشيئة بلا قيد على الإطلاق» وتحقق 
الناموس في كل مرة يتحقق فيها بقدر خاص طليق.. .)١(‏ 

ويقرر سيد " أن عصر الخوارق لم يمض! فالخوارق تتم في كل 
لحظة - وفق مشيئة الله الطليقة - ولكن الله يستبدل بأنماط من 
الخوارق أنماطاً أخرىء تلائم واقع كل فترة ومقتضياتهاء وقد تدق 
بعض الخوارق على بعض العقول فلا تدركهاء ولكن الموصولين 
ياش يرون يذ الله ذائما ويلايسوق آثازها المندعة "000 


,3١50/4 ء‎ ١785/ بتصرف يسير » وينظر أيضا‎ ١917/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
؟.‎ 
.١835/4 المصدر السابق‎ )١( 
١م‎ 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





" إننا لا نرى أن جريان الأمر على السنة المألوفة أقل وقعاً 
ولا دلالة من جريانه على ألسنة الخارقة للمألوف» فالسنة 
المألوفة هي في حقيقتها خارقة بالقياس إلى قدرة البشرء إن 
طلوع الشمس وغروبها خارقة - وهي معهودة كل يوم- وان 
ولادة كل طفل خارقة -وهي تقع كل لحظة - والا فليجرب من 
شاء أ تحوفت! ا 

' ولنفرض أن انشقاق القمر جاء آية خارقة.. فإن القمر في 
ذاته آية أكبر! هذا الكوكب بحجمه» ووضعه؛ وشكله؛ وطبيعته؛ 
ومنازله» ودورته؛ وآثاره في حياة الأرضء وقيامه هكذا في 
الفضاء بغير عمدء آية كبرى قائمة دائمة توقع إيقاعها وتلقي 
ظلالهاء وتقوم أمام الحس شاهداً على القدرة المبدعة التي 
يصعب إنكارها إلا عناداً أو مراءً! " ('). 

ويقول أيضا: " إن الخوارق الحسية قد تدهش القلب البشري 
في طفولته» قبل أن يتهيأ لإدراك الآيات الكونية القائمة الدائمة؛ 
والتأثر بإيقاعها الثابت الهادئ» وكل الخوارق التي ظهرت على 
أيدي الرسل - صلوات الله عليهم - قبل أن تبلغ البشرية الرشد 
والنضوج يوجد في الكون ما هو أكبر منها وأضخمء وإن كان لا 
)١(‏ المصدر السابق 59107//5. 


5 








7171717 197777 اتوص قطي ومنعجة في العفيدة /جم 








يستثير الحس البدائي كما تستثيره تلك الخوارق. 
*7- الرد المنحرفين فى تذ الخوارة 





يقول سيد - رحمه الله- عند حديثه عن الطير الأبابيل في 
سورة الفيل: " وتختلف الروايات في تحديد نوع الطيرء وأشكالهاء 
وأحجامهاء وأحجام هذه الحجارة ونوعها وكيفية فعلهاء كما يروى 
أن الجدري والحصبة ظهرا في هذا العام في مكة» ويرى الذين 
يميلون إلى تضييق نطاق الخوارق والغيبيات» والى رؤية السنن 
الكونية المألوفة تعمل عليهاء أن تفسير الحادث بوقوع وباء 
الجدري والحصبة أقرب وأولى» وأن الطير قد تكون هي الذباب 
والبعوض التي تحمل الميكروبات» فالطير كل ما يطير... 

ثم نقل عن الإمام محمد عبده تفسيره لحادثة الفيل بما سبق 
وقوله: " وهذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة» وما 
عدا ذلك فهو مما لا يصح قبوله إلا بتأويل» إن صحت روايته" 
وعقب عليه سيد - رحمه الله- بقوله: " ونحن لا نرى أن هذه 
الصورة التي افترضها الأستاذ الإمام - صورة الجدري أو 
الحصبة من طين ملوث بالجراثيم - أو غيرها من الروايات 
التي تصف الحجارة بأنها كانت تخرق الرؤوس والأجسام.. لا 
نرى أن هذه الصورة أو تلك أدل على قدرة الله» ولا أولى بتفسير 
الحادث» فهذه كتلك في نظرنا من حيث إمكان الوقوع؛ ومن 


١ 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





حيث الدلالة على قدرة الله وتدبيره» ويستوي عندنا أن تكون 
السنة المألوفة للناس المعهودة المكشوفة لعلمهم؛ هي التي 
جرت فأهلكت قوماً أراد الله إهلاكهم» أو أن تكون سنة الله قد 
جرت بغير المألوف للبشرء فسنة الله ليست فقط هي ما عهده 
البشر وعرفوه» فهذه الخوارق - كما يسمونها- هي من سنة 
اللهء ولكنها خوارق بالقياس إلى ما عهده وما عرفه البشر. 

ومن ثم فنحن لا نقف أمام الخارقة مترددين ولا مؤولين لها 
- متى صحت الرواية - أو كان في النصوص وفي ملابسات 
الحادث ما يوحي بأنها جرت خارقة» ولم تجر على مألوف 
الناس ومعهودهم 1001 

فأما في هذا الحادث بالذات» فنحن أميل إلى اعتبار أن 
الأمر قد جرى على أساس الخارقة غير المعهودة» وأن الله 
أرسل طيراً أبابيل غير معهودة» تحمل حجارة غير معهودة: 
تفعل بالأجسام فعلاً غير معهود.. لأن جو الملابسات للحادث 
يتناسق مع كونه على غير المألوف والمعهود» إننا ندرك ونقدر 
دوافع المدرسة العقلية من تضييق نطاق الخوارق والغيبيات في 
تفسير القرآن الكريم وأحداث التاريخ؛ ومحاولة ردها إلى 


. في ظلال القرآن : 5915/5 --511702: بتصرف‎ )١( 
10.” 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





المألوف المكشوف من السنن الكونية» حيث كانت تواجه النزعة 
الخرافية الشائعة» وسيل الأساطير والإسرائيليات التي حشيت 
بها كتب التفسير» والفتنة بالعلم الحديث» وموجة الشك في 
مقررات الدين» فقامت هذه المدرسة بمحاولة ردَ الاعتبار للدين» 
باعتباره موافق للعقل» وتنقيته من الخرافات؛ لكن ذلك أدى إلى 
المبالغة في الاحتياط» والميل إلى جعل المألوف من السنن 
الكونية هو القاعدة الكلية لسنة الله ولهذا شاع في تفسير الإمام 
وتلاميذه )١(‏ جميعاً الرغبة الواضحة في رد الكثير من الخوارق 
إلى مألوف السنن» وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم ما يسمونه ' 
المعقول » والى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل الغيبيات» 
ومع إدراكنا وتقديرنا للعوامل البيئية الدافعة لمثل هذا الاتجاه؛ 
فإننا نلاحظ عنصر المبالغة فيه؛ وإغفال الجانب الآخر من 
التصور القرآني الكامل» وهو طلاقة مشيئة الله وقدرته من وراء 
اننم المالوقة كها وقيو ١‏ المألرفة 0 

" فأمام القدرة الإلهية تتساوى جميع الأعمال التي تبدو في 
نظر الإنسان وبالقياس إلى تصوره متفاوتة السهولة والصعوبة 


)١(‏ منهم الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ عبد القادر المغربي- رحمهما الله- كما أشار إلى 
ذلك سيد - رحمه الله - . 
)١(‏ في ظلال القرآن 591/1//5 -311728: بتصرف . 
011 








7171717 197777 اتوص قطي ومنعجة في العفيدة /جم 











حسب ما اعتاده ورآه» ولكن المعتاد ليس هو الحكم " :)١(‏ 
4 - موقف سيد قطب من آيات الأنبياء ومعجزاتهم: 

آيات الأنبياء هي أدلتهم وبراهين صدقهم كما سماها الله 
آيات وبراهين7') وقد بعث الله الأنبياء لهداية الناسء» وأيدهم 
بالبينات كدليل على صدقهمء قال سبحانه [ِلَقَدَ أَرَسَلْمَا رُحَلَنَا 
ِآلْبِيَسَتِ ) [سورة الحديد:5؟] ' يقول سيد: " فالرسالة واحدة في 
جوهرهاء جاء بها الرسل ومعهم البينات عليهاء ومعظمهم جاء 
بالمعجزات الخوارق» وبعضهم أنزل عليه كتاب '(). 

وتحدث سيد -رحمه الله - في مواضع كثيرة عن آيات 
الأنبياء ومعجزاتهم» وقارن بينهما وبين آيات نبينا محمد -كلة - 
ورجح أن آية نبينا محمد يِل باقية على مر الأيام والسنين» 
شاهدة شهادة صدق دائم لا يغيب - وسيأتي بيان ذلك في 
المبحث الخاص بنبوة نبينا محمد - يَيِهِ - قريبا. 
* ويقسم سيد المعجزات إلى, 3 


١‏ - معجزات حسية: وهي الآيات المتعلقة بالكون والأفاق» وهي 


. 77١١/54 المصدر السابق‎ )١( 
.5 النبوات : لابن تيميقص‎ )١( 
.”555/5 في ظلال القرآن‎ )"( 

ل 








كما يقول: ' تدهش القلب البشري في طفولته؛ قبل أن يتهيأ 
لإدراك الآيات الكونية القائمة الدائمة» والتأثر بإيقاعها الثابت 
الهادئ» وكل الخوارق التي ظهرت على أيدي الرسل - صلوات 
الله عليهم - قبل أن تبلغ البشرية 3 والنضوج يوجد في 
ل خم؛ وان كان لا يستثير الحس 
البدائي كما تستثيره تلك الخوارق 

لتي كانت تصاحب الرسالات لتصديق الرسل» وتخويف 
الناس من عاقبة التكذيب» لم يكن يؤمن بها إلا المستعدة قلوبهم 
للإيمان» أما الجاحدون فقد كذبوا بها في زمانهم " (). 
؟ - معجزات غير مادية: 

يقول سيد: " اقتضت التجارب البشرية أن تجيء الرسالة 
الأخيرة غير مصحوبة بالخوارق» لأنها رسالة الأجيال المقبلة 
جميعهاء لا رسالة جيل واحد يراهاء ولأنها رسالة الرشد البشري 
تخاطب مدارك الإنسان جيلاً بعد جيل» وتحترم إدراكه الذي 
تتميز به بشريته» وبناء على ذلك فقد كانت معجزة الإسلام هي 
القرآن» معجزة باقية للأجيال إلى يوم القيامة» يخاطب الفكر 
والقلب والفطرة» ويقيم منهجاً للحياة» أما الخارقة المادية فهي 
)١(‏ المصدر السابق 5571/5”. 


(؟) في ظائل ,القران 
1 








11911 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





تخاطب جيلاً واحداً من الناس» وتقتصر على من يشاهدها من 
هذا الجيل'(١2)»‏ وهذا من الفروق بين آية خاتم النبيين وآيات من 
سبقه - كما سيأتي -. 


أما تنفاصيل آيات الأنبياء ومعجزاتهم» فقد وقف سيد - رحمه 
الله- في ظلال الآيات القرآنية التي تتحدث عن معجزات وآيات 
الأنبياء مثبتاً لهاء ويمكن الإشارة إلى بعض معجزات الأنبياء 
التي تعرض لها سيد-رحمه الله - إجمالآء حيث يقرر الآتي: 
أ- أن الأنبياء بعثوا بما يدل على صدقهم من الآيات والبينات» 
وبعضهم جاء بالمعجزات والخوارق0"). 
معجزاتهم وآياتهم وخوارقهم: 
-١‏ نوح -عليه السلام- وكانت آيته: في تحديه لقومه وهو وحيد» وفي 
الطوفان (5) ٠‏ 
-١‏ صالح -عليه السلام- وكانت معجزته: ' الناقة " (؟) 
*- إبراهيم -عليه السلام - وكانت معجزته: خروجه من النار سالما )١(‏ 


؟) المصدر السابق 5495/5". 


*) المصدر السابق ١816/9‏ وما بعدها و5/5١01؟.‏ 


00( 
0( 
وي 
(5) المصدر السابق 1908/5 5١8١‏ 5/١5517؟.‏ 

ك1 








199911 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





4 - داود -عليه السلام - وكانت أياته: تسخير الجبال والطير 
يسبحن معه؛ والانة الحديد له. (5) 

5- سليمان- عليه السلام- وكانت آياته: تسخير الريح والجن» 
ومبعرفة لفات: الطلين :والعشوات: والحيواكات :0 

5- يوسف عليه السلام: وكانت آيته: تفسير الرؤيا. (؟) 

1- موسى عليه السلام: وكان أكثر الأنبياء آيات ومنها: 
العصاء واليد» والبحر» والجراد» والقمل والدم» والضفادع» والجبل» 
والماء» وغيوه (5) 

- عيسى عليه السلام: ومن آياته: خلقه من غير أب» وكلامه 
في المهد»ء واحياء الموتى» وابراء المرضىء والإخبار عن بعض 
المغيبات. 0 

ب - أن آيات ومعجزات الأنبياء كانت متناسقة مع العصر 

الذي جاءوا فيه» فآيات يوسف- عليه السلام- كانت متناسقة مع 


.77781/54 المصدر السابق‎ )١ 
.301١ا/‎ 5891/65 . 5590/5 المصدر السابق‎ )" 


(0) 

(0 

(") المصدر السابق 54 /١199؟,‏ 5775/65 7898. 

(:) المصدر السابق .3١995/5‏ 

(5) في ظلال القرآن ‏ ١/الا-الا‏ , الحل لض 256 #/لا 17 5هلالن مهاد 
اللا ال م/توه؟. 

(5) المصدر السابق 7585/١‏ 986" 2599 9.14/54 53.1 7508. 


١8 /ا‎ 








7999131313131313131317717-71171سيك هدي ومنميه في العقيدة /22 





جو العصر الذي يعيشه من الاهتمام بالرؤيا وتأويلها ('2» وآيات 
منتشراً في عصره(')»؛ وآيات عيسى- عليه السلام- كانت 
متناسقة مع العصر الذي جاء فيه وطبيعة مولده (). 


.١9917/5 المصدر السابق‎ )١( 

. 7550/4 المصدر السابق‎ )١( 

(") المصدر السابق "49/١‏ . 
14 








11117171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





المطلب السادس 


التفاضل بين الأنبياء والرسل 
وفي هذا المطلب أجمل بعض القضايا المتعلقة بالأنبياء 
والرسل والتفاضل بين إفراد هذا الموكب الكريم - عليهم 
صلوات الله وسلامه أجمعين- وذلك فيما يأتي: 
أولآ: أول الأنيياء وأول الرسل: 
دلت النصوص الصحيحة على أن آدم -عليه السلام - 
هبط إلى الأرض موحداًء وأنه عاش مع بنيه على التوحيد " فهو 
نبي مكلمٌ " كما جاء في الحديث (')' وهذا على اعتبار أن 
النبي من بعث في قوم موافقين» فآدم بعث بشريعة وعلمها أبناءه 
لأنه لم يكن قبله شرك ولا انحراف عن التوحيد. 
أما أول الرسل فالراجح والصواب أنه نوح -عليه السلام- 
حيث دلت النصوص على أن الانحراف وقع بعد آدم بعشرة 


)١(‏ الحديث رواه الإمام أحمد 7١5/5‏ وابن حبان في صحيحة 59/١5‏ والحاكم في 
المستدرك 7١7‏ . وقال على شرط مسلم » ووافقه الذهبي » وصححه الألباني » لنظر : 
مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي » المكتب الإسلامي - بيروت - ط”؟ عام 05٠5١ه‏ 
9٠‏ 1. 

١68 








11911 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





قزون(1): وأن الناس وقعوا في الشرك والوثنية؛ فبعث الله إليهم 
أول رسله نوحاً- عليه السلام - ' باعتبار أن الرسول من بعث 
إلى قوم مخالفين 000 
- وقد ذكر البعض أن أول الرسل هو إدريس -عليه السلام - 
أول الرسل بعد - آدم عليه السلام - هو نوح - عليه السلام - 
حيث صرح بذلك في مواطن متعددة. 

يقول سيد: "هبط آدم إلى الأرض شكلنا الدمقها “خداء وها 
من شك أنه علم بنيه الإسلام جيلاً بعد جيل» وأن الإسلام كان 
هو أول عقيدة عرفتها البشرية في الأرضء حيث لم تكن معها 
عقيدة أخرى'(0). 


' فالإسلام كان هو أول عقيدة عرفتها البشرية على يدي آدم 


)١(‏ تفسير الطبري ١154/١‏ » والأثر رواه الحاكم 547/7 ٠»‏ عن ابن عباس رضي الله عنه 
» وقال صحح على شرط البخاري ووافقه الذهبي ٠‏ وله شاهد حسن من حديث قتادة 
بسند صحيح ٠‏ 

. 555/١١ فتح الباري‎ )١( 

( ")النبوات لابن تيمية ص 7555 »؛ وشرح الطحاوية ص ١55‏ 

(؛) فتح الباري .١5/١‏ 

(5) في ظلال القرآن 14 . 





-عليه السلام- أبي البشر الأول» ثم على يدي نوح -عليه 
السلام” أبئ'اليشن: الثاتي؛ شم بعد ذلك على يدي كل 
ك1 
ويقول: " ونوح -عليه السلام- كان أول هؤلاء الرسل بعد آدم 
-عليه السلام- وآدم لا يذكر القران له رسالة بعد مجيئه إلى 
فده الأركن وما رسسقة لينده الهياة :لماه كاج طلم لنتافه 
وحفدته حتى إذا طال عليهم الأمد بعد وفاته ضلوا عن عبادة 
الله الواحد.. واتخذوا لهم أصناماً آلهة... فأرسل الله إليهم نوحاً 
يردهم إلى التوحيد» ويصحح لهم تصورهم عن الله وعن الحياة 
والوجود» والكتب المقدسة السابقة تجعل إدريس -عليه السلام 
- سابقاً لنوح» ولكن ما ورد في هذه الكتب لا يدخل في تكوين 
عقيدة المسلم» لشبهة التحريف والتزيد والإضافة إلى تلك الكتب 
"2207 'ولا نملك نحن تحديد زمان إدريس -عليه السلام- ولكن 
الأرجح أنه سابق على إبراهيم -عليه السلام- وليس من أنبياء 
بني إسرائيل» فلم يرد ذكره في كتبهم» والقرآن الكريم يصفه بأنه 
كان صديقاً نبياً ويسجل له أن الله رفعه مكاناً علياً» فأعلى 
قدره.. 
)١(‏ المصدر السابق 0 


.37١١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١م‎ 


5 


سيت قطي ومنعجه في العقيدة و4 


ل 











وهناك رأي نذكره لمجرد الاستئناس به ولا نقرره أو ننفيه؛ 
ويقول به بعض الباحثين في الآثار المصرية؛ وهو أن إدريس 
تعريب لكلمة " أوزريس " المصرية القديمة؛ كما أن يحيى 
تعريب لكلمة 'يوحنا" وكلمة اليسع تعريب لكلمة "إليشع '”؛ وأنه 


هو الذي صيغت حوله أساطير كثيرة» فهم يعتقدون أنه صعد 
إلى السماء وصار له فيها عرش عظيم؛ وكل من وزنت أعماله 
بعد الموت فوجدت حسناته ترجح سيئاته فإنه يلحق " بأوزريس 
" الذي جعلوه إلهاً لهم» وقد علمهم العلوم والمعارف قبل صعوده 
إل الفاح 

وعلى أية حال فنحن نكتفي بما جاء عنه في القرآن الكريم؛ 
ونرجح أنه سابق على أنبياء بني إسرائيل '(0). 
وقد صرح سيد- رحمه الله - في مواضع كثيرة بأن أول موكب 
ال -عليه 00 وان آخرهم محمد - يك -. (") 





الأنبياء - كما سبق- هم صفوة الله من خلقه» والرسل هم 
الصفوة من الأنبياء» ونص الكثير من أهل العلم على أن أفضل 
المرسلين هم: أولوا العزم منهم» وهم الذين خصوا بالذكر 
)١(‏ المصدر السابق 7١1١/5‏ » وينظر أيضا 77957/4. 


. ينظر : في ظلال القرآن 2410/9 537 153/500 ماك ك/لوالا”‎ )١( 
١/١ 





سيت قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 





مجتمعين في قوله تعالى: [وَإدْ أَحَذْ مِنَّ الييَعنَ مِِكَمَهُمْ 
ل 

وأخذنا نا رمنهم 

ممِتَلقَا عَلِيظًا )1 [سورة الأحزاب:] وفي قوله تعالى: ( سَرَءَ َع لم 


يَنَ أن مَا وَصَن يو عا وَالدى أَوْحَبمَا إليَكَ وَمَا وصَيْنَا يو- 


”0 و 


م م 


ومنلك وين شََ وَإِرْهِمَ وموسئ وعسى أبن عرسم وأ 


هه 2 


إِتَهِم وموس وَعِسَق أن أَقِمُوأ ألدِينَ ولا لتهرة 
الشورى:؟ ]١‏ * 

وأختص نبينا - يه - عن غيره من الأنبياء والرسل» فنال 
بذلك التفضيل المطلق على العالمين من الجنة والناس 
وال لاتكة المقربين 1 0 


ضيه 1[سوورة 


يقول سيد - رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: وَإدْ أَعَذُنا 
من لبن مِسَّفَهُمْ ومنك وين ذح وَإبرسِمَ وموم وَعِيسى ) [سورة 
الأحزاب:"] : " ومناسبة ما سطر في كتاب الله» وما سبقت به 
مشيئته» ليكون هو الناموس الباقي والمنهج المطرد» يد يشير إلى 
ميثاق الله مع النبيين عامة:» والنبي- كله - وأولي العزم من 
الرسل خاصة:» في حمل أمانة هذا المنهج» والاستقامة عليه؛ 
وتبليغه للناس» والقيام عليه في الأمم التي أرسلوا إليها... إنه 
)١(‏ ينظر : لوامع الأنوار البهية للسفاريني 5٠. -49/١‏ . 57914/5- 515 » والفرقان 


لابن تيمية ص 3٠١‏ . 


١/مه؟‎ 








11111717717717 تيت قطي ومنمجة في العقيدة و2 





ميثاق واحد مطرد من لدن نوح - عليه السلام- إلى خاتم 
النبيين محمد - يه -» وقد عم النص أولاً إوَإِدْ أَحَذْنَا من 


َليَيَعنَ مِِتَقَهُمٌ 1» ثم خصص صاحب القرآن الكريم»؛ وصاحب 
الدعوة العامة إلى العالمين ' وَمِنْكَ "» ثم عاد إلى أولي العزم 
من الرسل» وهم أصحاب أكبر الرسالات- قبل الرسالة الأخيرة 
-|وَِذْ لَعَذْها ون ليحن مكَسَهُمْ ومنلك وين فح وهم وشو 
0 

ويقول أيضا: " وقد كان لإبراهيم - عليه السلام - أكبر 
قسط في إقرار هذه الكلمة في الأرض -كلمة التوحيد - 
وابلاغها إلى الأجيال من بعدهء عن طريق ذريته وعقبه» ولقد 
قام بها من بنيه رسل كان منهم ثلاثة من أولي العزم: موسى 
وعيسى ومحمد خاتم الرسل- عليهم صلوات الله وسلامه '(1). 
ثالثاً: التفاضل بين الرسل: 

لا يمنع اتفاق الأنبياء في الدعوة من كونهم متفاضلين في 
الدرجات» فهناك نصوص صريحة في تفضيل بعض الأنبياء 
على بعض» وبعض الرسل على بعض. 


. في ظلال القرآن ©/ 7870-5787 بتصرف يسير‎ )١( 
16 








سيت قطي ومنمجه في العفيدة 7و2 


د ع 


يقول سيد - رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: ( وَرَيُكَ أَعَامُ 


َ< قد كه آ يه حت سحت سه م 00 سح صل عرص سد 


ِمَن في السَموتٍ والأرضٍ وَلْقَدَ مَصَلنا بعص اليَنَ عل َع وَدَاتينَ 
2 1 ! [نشورة الأسراء»ةة] و" فالعلم المطلق لل... وبهذا 
العلم المطلق بحقائق الخلائق فضل الله بعض النبيين على 
بعض» وهو تفضيل يعلم الله أسبابه ))١("‏ 

أما مظاهر التفضيل فقد تحدث عنها سيد - رحمه ال 
في ظلال قوله تعالى: (يَْكَ الرُمُلُ مَضَّْمَا بَعْصَهُمَ عَلَ بَعْضنْ مَنْهُم 


صد 


> مم ع صرح سس ساح سل عه ا 


َ 2 ا اا ا 0# عل عن حبك خم سم 
من كلم الله ورقع بعضّهم درجاتٍ وءاتينا عسى أبن مريم البينلت 


- 
2 


لح سد قو 7 


وَأيَدْنََهُ بروج الْفُدّسِ 1 إسورة البقرة:157] :بقوله: " هذه الآية 
تلخص قصة الرسل والرسالات - كما أنها أفردت جماعة 
الرسل وميزتها من بين الناس - فهي تقرر أن الله فضل بعض 
الرسل على بعض» وتذكر بعض أمارات التفضيل ومظاهره 
والتفضيل هنا قد يتعلق: - 

* بالمحيط المقدر للرسول والذي تشمله دعوته ونشاطه؛ كأن 
يكون رسول قبيلة» أو رسول أمة» أو رسول جيلء أو رسول 
الأمم كافة في جميع الأجيال. 


. 7١75/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ دهم‎ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


* كذلك يتعلق بالمزايا التي يوهبها لشخصه أو لأمته. 
* كما يتعلق بطبيعة الرسالة ذاتها ومدى شمولها لجوانب الحياة 
الإنسانية والكونية. 

وقد ذكر النص هنا مثالين في موسى وعيسى - عليهما 
السلام - وأشار إشارة عامة إلى من سواهما: (مَنْهُم من كلم أله 
وَرَقَم بعْضَهُمْ درجت وَءَاتَينَا عسَى أن مَريَمَ الت وَأيدَئَهُ 
روح الْفُّدّسِ )» وحين يذكر تكليم الله لأحد من الرسل ينصرف 
الذهن إلى موسى - عليه السلام - ومن ثم لم يذكره باسمه؛ 
وذكر عيسى بن مريم - عليه السلام - وهكذا يرد اسمه منسوباً 
إلى أمه في أغلب المواضع القرآنية» والحكمة في ذلك - الرد 
على الأساطير الشائعة حول عيسى- عليه السلام- وبنوته لله - 
سبحانه- وازدواج طبيعته من اللاهوت والناسوت... وغيرها من 
الأساطير... ولم يذكر النص هنا محمداً - يه - لأن الخطاب 
موجه إليه» كما جاء في الآية السابقة في السياق [ يَلْكَ 


كه 


يتدث أ ََهَا عَيلكك بالق وَإِنَكَ لَِنَ المرسيت (5) 
ِْكَأَلرمُلُ )... الخ» فالسياق سياق إخبار له عن غيره. 

وحين ننظر إلى مقامات الرسل - صلوات الله وسلامه 
عليهم - من أية ناحية نجد محمداً - يد - في القمة العليا؛ 


١1م6‎ 








اتوك قطي ومنعجة في العقيدة 


وسواءً نظرنا إلى الأمر من ناحية شمول الرسالة وكليتهاء أو 
مق كاحنة مسيطهنا وأفكد انهاه فشان النقسة ا تر 410 
وسيأتي الحديث عن تفاصيل أفضلية الرسول- كله - قريبا. 

هذه ما يتعلق بالتفاضل بين الأنبياء» أما وجه الجمع بين هذه 
النصوصء وبين قوله - و4 -: لا تفاضلوا بين أنبياء الله " (5)؛ 
وقوله - وَل - " لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون 
يوم القيامة فأكون أول من يفيق» فأجد موسى باطشاً بساق 
العرشء فلا أدري هل آفاق قبلي أو كان ممن استثني'()؛ 
وقوله 5: ' لا يقولن أحدكم أني خير من يونس بن متى' (؟) 
وفي لفظ " ما ينبغي - لا ينبغي - لعبد أن يقول أنا خير من 
يونس بن متى " (©). 


فقد ذكر بعض العلماء خمسة من أجوبة عما ورد من النهى 


. بتصرف يسير‎ 7287- 547/١ في ظلال القرآن‎ )١( 





)١(‏ رواه : البخاري في كتاب الأنبياء ١١54/79‏ برقم 3777 » ومسلم : كتاب الفضائل 


برقم 739/9 . 


)0( رواه البخاري : كتاب الخصومات / ابرقم 541١‏ ؛ ومسلم : كتاب فضائل 


موسى 4١/4‏ ابرقم 771/8 . 
(4) رواه البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء 5554/7 ابرقم 7751 . 


(5) رواه البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء برقم 555٠0 . 554١‏ » ومسلم : كتاب 


الفضائل باب ذكر موسى برقم 3771/17 . 
اه ١‏ 





11 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





عن التفضيل بين الأنبياء مع ثبوته في الكتاب والسنة: 

الأول: أنه- يي - قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدمء فلما علم 
أخبر به. 

الثاني: أنه قال ذلك أدباً وتواضعاً. 

الثالث: أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص 
المفضول. 

الرايع: أن النهي عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما 
هو مشهور في سبب الحديث. 

الخامس: أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة» فلا 
تفاضل فيهاء وإنما التفاضل بخصائص وفضائل أخرى ٠ )١(‏ 


)١(‏ شرح النووي على صحيح مسلم ١١5-1١11‏ » وفتح الباري لابن حجر كتوق 
هع 2 هله- ا“"”اه » وشرح العقيدة الطحاوية ص مه ١15١5 -١‏ » والوحي المحمدي 
لمحمد رشيد رضا - المكتب الإسلامي - بيروت - ط1» 68اه اص .508-5١5‏ 


١ مهم‎ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





المطلب السابع 


وقفة مع كلام سيد قطب عن موسى- عليه السلام- 

يكثر الكلام حول طعن سيد - رحمه الله- في نبي الله 
موسى - عليه السلام -» حيث أورد د/ ربيع المدخلي تحت 
عنوان " أدب سيد مع رسول الله وكليمه موسى - عليه السلام 
- '21(7: كلاماً لسيد - رحمه الله- في كتابه " التصوير الفني 
في القرآن الكريم " وعلق عليه بأن سيداً - رحمه الله- نسى 
الآيات التي تبين إكرام الله لموسى أو تناساها لينسجم ذلك مع 
سخريته بهذا النبي الكريم» والتشنيع والذم والتحقير له ('). 

ولابد من إيضاح بعض القضايا حتى تستبين لنا حقيقة 
الأمر.وذلك من خلال الوقفات الآنية: 
الوقفة الأولى:_لا شك أن الذي يقرأ ما كتبه سيد - رحمه اله- 
عن موسى - عليه السلام - في كتابه " التصوير الفني في 
القرآن الكريم " يرى أن سيداً - رحمه الله-» أخطأ في عبارات 


)١(‏ أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب . د/ ربيع المدخلي ص١-١7‏ » والحد 
الفاصل ص77١-5١١‏ » ونظرات في كتاب التصور الفني ص/ا؟١-0:”.‏ 
)١(‏ ينظر كلامه في : أضواء إسلامية ص70 » نظرات من كتاب التصوير الفني » 
هوامش الصفحات 70-717 , والحد الفاصل ص75١.‏ 
١18‏ 








1717717717 1111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





ولا شلك. 


ولكن الذين نقلوا كلام سيد - رحمه الله- في التصوير الفني» 
وقيموه من خلاله غفلوا أو تغافلوا عن حقائق كان الواجب 
النظر فيها وهي كما يلي: 
-١‏ الحقيقة الأولى: 

أن كتاب " التصوير الفني ' ألفه سيد عام ( 555١م‏ ) في 
بداية تحوله نحو الإسلام» بعد مرحلة الضياع والانحراف 
الفكري» وكان ينطلق في هذه المرحلة " الإسلاميات الفنية " من 
منطلق أدبي نقدي فني» وليس من منطلق ديني في تعامله مع 
النصوص القرآنية» حيث صرح سيد - نفسه- بذلك في مقدمة 
كتابه " مشاهد القيامة " وهو الكتاب الثاني في مشروع سيد 
الذي أعلن عنه بعنوان: " مكتبة القرآن الجديدة ' ويعتبر مكملاً 
لكتاب " التصوير الفني " حيث وضح سيد: أن هدفه من هذا 
المشروع هدف فني بياني أدبي جماليء وأنه ينظر في أسلوب 
القرآن بعين الناقد الأدبىء ويتدبره بحاسته الأدبية النقدية 
الذوقية» ويختم كلامه بقوله: " وهدفي هنا فني خالص محض» 
لا أتأثر فيه إلا بحاسة الناقد الفني المستقل» فإذا التقكت في 
النهاية قداسة الفن بقداسة الدين» فتلك نتيجة لم أقصد إليها ولم 


١1م1‎ 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





أتأثر بها ')١('‏ وفي خاتمة 'مشاهد القيامة" يسوق كلاماً قريباً 


من هذا يوضح فيه أن بحثه في القرآن في تلك الفترة بحثاً فنياً 

وعندما نسوق مثل هذا الكلام ليس القصد التبرير لخطأ سيد 
- رحمه الله- فهو خطأ بلا شكء لكننا نسوقه لنعرف طبيعة 
المرحلة التي ألف فيها الكتاب الذي جاء فيه هذا الكلام» فهي 
مرحلة كان كلامه فيها منطلق من الفن والأدب لا من البحث 
الديني. 

؟- الحقيقة الثانية: 

بما أن كتاب " التصور الفني " كان في بداية تحول سيد - 
رحمه الله- نحو الدراسات الإسلامية بهدف فني نقدي» وإن له 
كتباً أخرى ألفها في مرحلته الإسلامية الأخيرة» فإنه ينشأ سؤال 
مهم وهو: ما موقف سيد قطب فيما يتعلق بنبي الله موسى - 
عليه السلام- في كتاباته التي كتبها في مرحلته الإسلامية؟ ٠‏ 
والجواب: حتى يتبين لنا حقيقة موقف سيد - رحمه الله 
النهائي في كتبه الإسلامية نستعرض كلامه حول الفقرات التي 
ذكرها في التصوير الفني» مع كلامه في الظلال» ونقارن بينهما 
)١(‏ ينظر: مقدمة مشاهد القيامة ص ١7-17‏ . والتصور الفني ص57١‏ . 


0( ينظر: خاتمة " مشاهد القيامة '" ص55؟7775-5. 
ك١‏ 








لنعرف هل هما متفقان؟ أم مختلفان؟ وفيما يلي مقارنة بين 
كلامه في " التصوير الفني " وكلامه في " الظلال " حول ما 
يتعلق بموسى - عليه السلام -. 

أولا: حادثة قتل موسى - عليه السلام- للقبطي: 

أ- يقول سيد في " التصور الفني”: ".. لنأخذ موسى إنه نموذج 
للزعيم المندفع العصبي المزاج» فها هو ذا قد ربى في قصر 


سو حت .احج ل 


فرعون» وتحت سمعه وبصره» وأصبح فتئّ قويا ( ودَحَلَ المديئة 


جره ا ضح ا سس سس سا مامح سجس ص مه نً 
٠. 53‏ 5 و . .مه 4 ١ ٠.‏ 8 

عل حِين غفلةٍ من أهلها فوجد فها رجِلينِ يقَتئلانٍ هنذا من 
2 سر بن بل شا سس سس جر و ذه 2021 مس س 

ءءء 2 ا 8 
سيعوردهٍه وهلذا من عدوو فاستغلشه الززى من سيعيهةء عل الزى من 


و 7 2 03 1 سر ص 
الْعَفُورٌ التَسِم (0) قَالَ رب يمآ أَنعمت عل فلن أكوت هيا 
0 صرء م سل سسم سر و 


لَلْمُجْرِمِينَ © فاصبح ف لمَرِيَةٍ حايمًا 21 1 [إسورة القصص: ١١‏ 
- 18] » وهو تعبير مصور لهيئة معروفة: هيئة المتفزع المتلفت 


١ سوره القصص :5 الآية:‎ )١( 
١ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


المتوقع للشر في كل حركة» وتلك سمة العصبيين أيضاً» ومع 
محرت لاخر لحان ركز حور الايجريرو لمان 
ما يصنعء إنه ينظر» [هَإِدا الى اسْتَتصر, بالْامْس 2 1 
مرة أخرى على رجل آخر إقَالَ له مومع إِنَّكَ لَمَوفُ مُِينُ 1 ولكنه 
يهم بالرجل الأخر كما هم بالأمسء2 وينسيه الاندفاع استغفاره 
وندمه وخوفه وترقبه» لولا أن يذكره من يهم به بفعلته» فيتذكر 
008 10000 دل م سدم 0 ور روفد عو 2 
ويخشى [ فَلَمَآ أن أراد أن يَطِسٌ بِأأَذى تدر الوتانكان كثن 


سح له سح سم و فأسم هه عن حي لو 


مَك كا فَكَلَتَ كفا الاين 05 ن تريد د إلا أن تَكُونَ جَبَانًا 


اف 


أن 


و 

رِيدٌ 
عي و وام سبر ما ع صجوم 5007 

في الْأَرَض وما ترد أن تَكونَ من الْمصَلحِينَ ) [سورة القصص:8١-5 ]١‏ 


؛ وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة 
نسعن» فيريكل كقها كبا خليقا 2107 





استعرض سيد - رحمه الله- الآيات التي تتحدث عن قصة 
موسى - عليه السلام - في سورة القصصء وعندما وصل إلى 
الآيات التي تتحدث عن قتل موسى - عليه السلام - للقبطي؛ 
ذكر كلاماً طويلا ننقل هنا موضع الشاهد فقط. 


.١56-١514ص التصور الفني في القرآن » سيد قطب‎ )١( 
5م‎ 








عَيْت قطيع ومنهجة في العقيدة ' 


ففي ظلال قوله تعالى وَلَما َل سدم واستوك عانينة كا 
فط وَكََلِلَكَ ترق الْمْحَسِنِينَ ) [سورة القصص:؛ ]١‏ » يقول سيد: 
" وبلوغ الأشد اكتمال القوى الجسمية؛ 0 اكتمال النضوج 
العضوي والعقلي» وهو يكون عادة حوالي سن ... وسياق 
الحوادث يلهم أن موسى - عليه السلام - 0 القصرء ولم 
تسترح نفسه للحياة في ظل تلك الأوضاع الآسنة التي لا 
تستريح لها نفس مصفاةً مجتباةً كنفس -موسى عليه 
السلام- وخاصة وهو يرى كيف يسام قومه الخسف البشع 
والظلم الشنيع»... والتعقيب على إتيانه الحكمة والعلم بقوله: 1 
وَكَدَلِكَ نرق الْمَحْسِنِينَ 1 يشير بأنه أحسن فأحسن الله إليه 
بالحكمة والعلم. 

ولما دخل المدينة وجد رجلين يقتتلان» أحدهما قبطي.. 
والأخر إسرائيلي.. فاستغاث الإسرائيلي بموسى مستتجداًء ولعله 
عرف أن موسى من بني إسرائيل وأنه ناقم على الملك ومنتصر 
لقومه المضطهدين» ولم يعد متصلاً بالقصرء وهذا هو الأنسب 
لمن في مقام موسى - عليه السلام - فإنه بعيد الاحتمال أن 
تطيق نفسه البقاء في مستنقع الشر والفساد. 

فوكز موسى- عليه السلام - القبطي وكزة واحدة فقتله» مما 


١13 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








يشير بقوة موسى وفتوته» ويصور كذلك انفعاله وغضبه» ويعبر 
عما كان يخالجه من الضيق بفرعون ومن يتصل به ٠‏ 

ويبدو من السياق أنه لم يكن يقصد قتل القبطيء ولم يعمد 
لأنه ندم على فعلته؛ وعزاها للشيطان وغوايته» فقد كانت من 
الغضب»؛ والغضب شيطانء أو نفخ من الشيطان... 

ثم يستطرد في فزع مما دفعه إليه الغضبء ويعترف بظلمه 
لنفسه.. ويتوجه إلى ربه» طالباً مغفرته وعفوه.. واستجاب الله إلى 
سراعته» وحساسيته» واستغفاره»... وكأنما أحس موسى بقلبه 
المرهف وحسه المتوفز في حرارة توجهه إلى ربه؛ أن ربه غفر 
كه والققي الوم "يكين «الاتسنال والابيكمانة للد ها عقون 
الدعاء.. وعند ذلك يقطع على نفسه عهداً» ألا يقف في صف 
المجرمين ظهيراً ومعيناًء وهي براءة من الجريمة وأهلها في كل 
ضبوزة مز صنوورها »حكن ولى كانت افذقاعا تحنة تافر الغيخل 
ومرارة الظلم والبغي» وهذه الإرتعاشة العنيفة» وقبلها الاندفاع 
العنيف» تصور لنا شخصية موسى - عليه السلام- شخصية 
انفعالية» حارة الوجدان» قوية الاندفاع» وهي سمة بارزة فيه 
تظهر في مواضع أخرى كثيرة... 

ومر يوم وأصبح في المدينة خائفاً من انكشاف أمره؛ يترقب 
الافتجصاج والأذى: ولفظ * يترقي "تيصكون :هين القدق الذي 


١1 


11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








يتلفت ويتوجسء ويتوقع الشر في كل لحظة... وهي سمة 
الشخصية الانفعالية تبدو في هذا الموقف كذلكء والتعبير يجسم 
هيئة الخوف والقلق بهذا اللفظ»... 

واذا بصاحبه الإسرائيلي مشتبك مع قبطي آخرء وهو 
يستصرخ موسى لينصره؛ كما فعل بالأمس» ولكن صورة قتيل 
الأمس كانت ما تزال تخايل لموسى.. والى جوارها ندمه 
واستغفاره وعهده مع ربه» ثم توجسه من الأذى المتوقع» فإذا هو 
ينفعل على هذا الذي يستصرخه» ويصفه بالغواية والضلال... 
فاشتباكاته لا تثمر في هذا الوقت إلا الضرر لبني إسرائيل. 

وانفعلت نفسه بالغيظ من القبطيء فاندفع يريد أن يقضي 
عليه كما قضى على الأول بالأمسء» ولهذا الاندفاع دلالته على 
تلك السمة الانفعالية التي أشرنا إليهاء ولكن له دلالته من جانب 
آخر على مدى امتلاء نفس موسى - عليه السلام- بالغيظ من 
الظلم» والنقمة على البغيء؛ والضيق بالأذى الواقع على بني 
إسرائيل» والتوفز لرد العدوان الطاغىء الطويل الأمدء الذي 
يحتفر في القلب البشري مسارب من الغيظ وأخاديد... 

ولقد طال الظلم ببني إسرائيل» فضاقت به نفس موسى - 
عليه السلام -حتى رأيناه يندفع في المرة الأولى ويندم» ثم يندفع 
في المرة الثانية لما ندم عليه حتى ليكاد يفعله؛. 





١811 


ا[ تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








ولذلك لم يتخل الله عنه» فالله يعلم أن للطاقة البشرية حداً 
للاحتمال» فلم يهول في وصف الفعلة التي فعلها موسىء كما 
أنه لا يبررهاء ولعل وصفها بأنها ظلم للنفس إنما نشأ من اندفاع 
موسى بدافع العصبية القومية» وهو المختار ليكون رسول الله 
المصنوع على عين الله أو لأنه استعجل الاشتباك بصنائع 
الطغيانء والله يريد أن يكون الخلاص الشامل بالطريقة التي 
قضاها.. كما كف الله المسلمين في مكة عن الاشتباك حتى 


آذ آذآ ته 


جاء الأوان... وبعد أن نصحه الرجل المؤمن بالخروج [خَرحَ 
نهَا حَلهًا َنب 1ومرة أخرى نلمح السمة الواضحة في 
الشخضيية الانفجاليية» الخو:قز:والثلفنث#وتلمخ معها الترجنه 
المباشر بالطلب إلى الله والتطلع إلى حمايته ورعايته» والالتجاء 
إلى حماه في المخافة» وترقب الأمن. 

وانتهى به السفر إلى ماء مدين.. واذا به يطلع على مشهد لا 
تستريح إليه النفس ذات المروءة» السليمة الفطرة» كنفس موسى 
- عليه السلام- رجال يسقون دون النساء» فتقدم وسأل المرأتين 
فأطلعتاه على السبب» فثارت نخوة موسى - عليه السلام - 
وفظركها التقليقة شسسقى الزم مما كثنهه يقل هنذه النفن القي 
صنعت على عين الله وبقوته أيضاء ولعلها قوة نفسية» فإنما 


١/م11/‎ 





1717717717 1111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





يتأثر الناس أكثر بقوة الأرواح والقلوب_( ثم توك إِلَ ألظِلٍ فَمَالَ 


سح سر 


و« وقد ل ب 16 اح دح 2.4 ور 3000-0 
رَبَ ف لما أنزلت إلى مِنْ خيرٍ فُقِيرَ ] إسورة القصص: : ]١‏ 2 


ونسمع من خلال التعبير رفرفة هذا القلب والتجاءه إلى الحمى 
الآمن» والركن الركين .والظل الظليل *(1). 


* وفي ظلال قوله تعالى لموسى (وَكَدتَ تنما مَتيَكَ ون ال 


- 


سي د الو عر 


وفشتك فئونا 1 [سورة طه: ٠‏ 4] » يقول -سيد -: " وذلك حين كبر 
وشب في قصر فرعونء ثم نزل المدينة يوماً فوجد فيها رجلين 
يقتتلان أحدهما إسرائيلي والآخر مصريء فاستغاته الإسرائيلي 
فوكز المصري بيده فخر صريعاً» ولم يكن ينوي قتله إنما كان 
ينوي دفعه» فامتلأت نفسه بالغم على هذه الفعلة وهو المصنوع 
على عين الله منذ نشأته» وتحرج ضميره وتأثم من اندفاعه.. 
فربه يذكره هنا بنعمته عليه '(3). 

ثانياً: موقف النداء فم اء والتكليف بالنبوة: 
أ- كلام - سيد- في "التصوير الفني " يقول: " فلندعه هنا 
لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات» فلعله قد 
هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع حليم النفس» كلا! فها هو ينادى 





. في ظلال القرآن 71285-57757056 بتصرف‎ )١( 
. في ظلال القرآن 4/ه7719‎ )١( 
١8 





اتيك قطيي ومنعجة في العفيدة 





من جانب الطور الأيمن» أن ألق عصاك. فألقاها فإذا هي حية 
تسعىء وما يكاد يراها حتى يثب جرياً ولا يعقب ولا يلوي؛ إنه 
الفتى العصبي نفسه ولو أنه قد صار رجلا» فغيره كان يخاف 
نعم» ولكن لعله كان يبتعد منهاء ويقف ليتأمل هذه العجيبة .)١('‏ 
ب- كلام سيد - رحمه الله- فى الظلال: تحدث سيد قبل ذكر 
الحادثة عن تدبير الله لموسى - عليه السلام - وعنايته به 
رضيعاً» وطفلاً» وفي القصرء وبعد قتله القبطي» وفي خروجه 
من مصر إلى مدين» وفي عمله عند الشيخ وزواجه» وكل ذلك 
إعداداً له لتحمل تكاليف المهمة المنتدب لهاء فلما استكملت 
نفس موسى - عليه السلام - تجاربها قادت يد القدرة خطاه مرة 
أخرى عائدةً به إلى مسقط رأسه ٠‏ 





وهكذا ندرك كيف صنع موسى على عين الله» وكيف أعدته القدرة 
لتلقي التكليف» فلنتبع خطى موسى تنقلها يد القدرة الكبرى» في طريقه 
إلى هذا التكليف» في طريقه» وهو يبحث لأهله عن جذوة من نار 
يصطلون بهاء إذا به يتلقى النداء المباشر من الله».. ووقف موسى في 


00000 مح وس 


أكرم موقف يلقاه إنسان ( فلمًا أتنهًا نودو من شَّطي الوادٍ الاين في 


لقعو الم كه من يه أ تمر ا 


ل رم عر 
الله ريت 


فك 


١55 التصور الفني في القرآن : ص‎ )١( 


١848 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


الحكييست 5 وَأَنْ ألق عَصَاكَ ) [سورة القصص:.7-١"]‏ ».. وألقى 
موسى عصاه إطاعة لأمر مولاه» ولكن ماذا؟ إنها لم تعد عصاه التي 
صاحبها طويلاً» ويعرفها يقيناً» إنها حية تدب في سرعة»؛ وتتحرك في 
خفة» وتتلوى كصغار الحيات وهي حية كبرى [هَلَمَا ناما تير كا 
عن ول مُتَيًا ول يموت 41 ' إنها المفاجأة التي لم يستعة لها مغ 
الطبيعة الانفعالية؛ التي تأخذها الوهلة الأولى (وَلّ مُثيرا ولز 
يُحَهِّتَ] ولم يفكر في العودة إليها ليتبين ماذا بهاء وليتأمل هذه 
العجيبة الضخمة؛ وهذه هي سمة الانفعاليين البارزة تتجلى في 
موعدهاء ثم يستمع إلى ربه الأعلى [أَقْلْ ولا تَحَفْ إِنَكَ مِنَ الآمنيت 
1» وكيف لا يأمن من تنقل يد القدرة خطاهء ومن ترعاه عين الله؟. 

إن الخوف والأمن يتعاقبان سريعاً على هذه النفسء ويتعاورانها في 
جميع مراحل حياتهاء إنه جو هذه الحياة من بدثها إلى نهايتهاء وان 
هذا الانفعال الدائم المقصود في تلك النفسء مقدر في هذه الحياة؛ 
لأنه الصفحة المقابلة لتبلد بنى إسرائيل» ومرودهم على الاستكانة ذلك 
الأمد الطويل» .وهو كيين القذرة وتقديرها العميق الدقيق "00 


. بتصرف‎ 7١51173-76 في ظلال القران‎ )١( 
١مالث‎ 








يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


لما 
1 
ما 


ا ريه أت أله 

يلين 10 كن قود أ مَتَّقُونَ 200 قَالَ رب ِف 
5 9 وَبَضِيِقُ صَدْرِى ولا ينَطَلِقٌ لِسَافٍ كَأرَسِلٌ إل مَرُونَ ) 
[سورة الشعراء:١٠٠١-7١]‏ » يقول سيد: " والظاهر من حكاية قوله - 
عليه السلام - أن خوفه ليس من مجرد التكذيب» ولكن من 
حصوله في وقت يضيق فيه صدره ولا ينطلق لسانه فلا يملك 
أن يبين» وأن يناقش هذا التكذيب ويفنده إذ كانت بلسانه حبسة 
هي التي قال عنها ( وَاحَثُلُ عَفَدَهٌ يّن لِسَافِ (5) يمْمَهوأ مول ) 
[سورة طه:18-717] » ومن شأن هذه الحبسة أن تنشئ حالة من 
ضيق الصدرء تنشأ من عدم القدرة على تصريف الانفعال 
بالكلام» وتزداد كلما زاد الانفعال» فيزداد الصدر ضيقاً وهكذاء 


ا 
١‏ 
إلا 


0 
ٍ 


١ 


حاف أن 


2" 


وهي حالة معروفة» فمن هنا خشي موسى أن تقع له وهو في 
موقف المواجهة بالرسالة لظالم جبار كفرعون» فطلب من ربه 
إعانته بأخيه هارون» واشراكه معه في الرسالة إتقاءً للتقصير 
في أداء التكليف» لا نكوصاً ولا اعتذاراً عن التكليف» فهارون 
أفصح لساناً ومن ثم هو أهدأ انفعالاً» فإذا أدركت موسى حبسة 
أو ضيقء» نهض هارون بالجدل والمحاجة والبيان فهو الاحتياط 
للدعوة» حتى لا تبدو ضعيفة قاصرة.. وهذا هو الذي يليق 


١ الام‎ 








7171717 197777 تيص قطي ومنمجة في العقيدة /جم 








)١( " لنفسه‎ 





* وفي ظلال الآيات التي تتحدث عن الحادثة في سورة 
طه» يقول سيد - رحمه الله-: " إن القلب ليجفء وان الكيان 
ليرتجف» وهو يتصور مجرد تصور ذلك المشهد.. موسى فريد 
في تلك الفلاة» والليل دامسء والظلام شامل» والصمت مخيم؛ 
وهو ذاهب يلتمس النار التي انسها من جانب الطورء ثم إذا 
الوجود كله من حوله يتجاوب بذلك النداء... (وَأَنَا لَعْتَرْيْكَ ؟ فيا 
للتكريم! ياللتكريم أن يكون الله بذاته هو الذي يختار عبداً من 
العبيد.. وبعد أن يلخص له ما يوحى في ثلاثة أمور مترابطة: 
الاعتقاد بالوحدانية» والتوجه بالعبادة» والإيمان بالساعة» وهي 
أسس رسالة الله الواحدة».. ولا بد أن يكون موسى قد نسي نفسه 
ونسي ما جاء من أجله؛ ليتبع ذلك الصوت العلوي الذي ناداه؛ 
وليسمع التوجيه القدسي الذي يتلقاه» وبينما هو مستغرق فيما هو 
فيه» ليس في كيانه ذرة واحدة تتلفت إلى سواه؛ء إذا هو يتلقى 
سؤالاً لا يحتاج منه إلى جواب [ وَما يَلَلَك بِيَمِيِيِْكَ يتمُومّى ) 


ف لس سر اس كس عر رعو م 
فأجاب: [ قَالَ هي عصَاى أنَوَكوًا علتهًا وأهش يا عل عَنَحِى 


. في ظلال القرآن 75910-75/5/6 بتصرف‎ )١( 
١ 





يت قطي ومنهجه في العفيدة ' 





م 
وَل فا مَمَاربَ أخرئ] 


فيأتيه الأمر: [مَالَ ليها يَمُوى () فَالَهَا دَِدَا هى حَيَهٌ 


720101 


0 تال نه وله عن يدها كنا 
لذو ؟ [سورة طه:. ؟-١]]‏ . 

ووقعت المعجزة الخارقة... فدهش لها موسى وخاف.. ثم 
اطمأن والتقط الحية» فإذا هي تعود سيرتها الأولى! عصا. 

ثم تحدث سيد - رحمه الله- عن حوار موسى مع ربه بكلام قريب 
مما سبق في سورة الشعراء؛ حول مراحل رعاية الله لموسى - عليه 
السلام - من ولادته إلى لحظته؛ ووقف عند قوله تعالى: [وَلِنْصَمَمَ غلك 
عي 4 قائلاً: ' وما من شرح يمكن أن يضيف شيئاً إلى ذلك الظل 
الرفيق اللطيف العميق الذي يلقيه التعبير القراني العجيب [وَلْصَنَمَ 
عَلَ عَيْفهَ 1 وكيف يصف لسان بشري خلقاً يصنع على عين الله؟ إن 
قصارى أي بشري أن يتأمله ويتملاه» إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال 
إنسان لحظة من العناية» فكيف بمن يصنع صنعاً على عين الله؟ إنه 
بسبب من هذا أطاق موسى أن يتلقى ذلك العنصر العلوي الذي تلقاه 
(وَسْطَتمفكٌ لِنقِيى ) خالصاً مستخلصاً ممحصاً لي ولرسالتي 


ودعوتي؛ وليس بك شيء من هذه الدنيا ولا لهذه الدنياء إنما أنت 


١ ام‎ 





أ- كلام -سيد- في التصوير الفني» يقول عن قصة السحرة: " 

ثم لندعه فترة أخرى» لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه» لقد 
انتصر على السحرة» وقد استخلص بني إسرائيل» وعبر بهم 
البحر» ثم ذهب إلى ميعاد ربه على الطور» وإنه لنبي» ولكن ها 
هو ذا يسأل ربه سؤالاً عجيباً ( قَالَ رب أرني أنظز إِلَيْكَ قَالَ 
َنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظر إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَفَرٌ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي 
4 ثم حدث ما لا تحتمله أية أعصاب إنسانية [مَلَمَا تحَلّ رَيُهُ 


سخ سس عرسم حب عت عل 


لجل كن تحت ودر دق نينا خلا نان 6 كت 
منتُ إِلْيَلَك وَأَنَأ وَل الْمْؤْمِنِيت ) [سورة الأعراف:4١]‏ عودة 
العصبي في سرعة واندفاع! 

ثم ها هو ذا يعود» فيجد قومه قد اتخذوا لهم عجلاً إلهاء وفي 
يديه 0 ح التي 0 الله إليه» فما يتريث وما يني إوَأَلْصَ 


الصيامم ‏ عر 


. في ظلال القرآن 71505-9770/4 بتصرف‎ )١( 
يل‎ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





سح سرب ىم 7 


رأمن أخيه ولحيته ولا يسمع له قولاً ( قال يبوم لا تأخذ بلحت 
برأم ِف حَدْ حَسِيتٌ أن تَعَوَلَ َرَقتَ 7 ين بن إِسَردِيِل وم درو 5 
قَوَليِ 1 [سورة الأعراف:١5١]‏ » وحين يعلم أن "السامري " هو 
الذي فعل الفعلة» يلتفت إليه مغضباً ويسأله مستنكراً» حتى إذا 
علم سر العجل ( كال فَآدْهَبَ فَإِركَ لك ف الْحَيرْوَ أن تَفُولٌ 
ا وَإِنَّ لك مَوْعِدَا 0 وَأنظرٌ إِكَ إِلهِكَ لَرى 
تلك علو 16 كروت اكد الوتكةرى افق متكا ) سوه 
طه:17] » هكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة :)١("‏ 
ب- كلامه عن الحادثة فى الظلال: 

عرض سيد - رحمه الله- وقفات كثيرة في ظلال الآيات 
التي تتحدث عن هذه الفترة من قصة موسى - عليه السلام - 
وهي الفترة من انتصاره على السحرة وخروجه ببني إسرائيل من 
مصرء وحتى عبادة قومه للعجل أثناء غيابه عنهم؛ وسأحاول 
تلخيص كلامه والاقتصار على موضع الشاهد منه: 

* يقول بعد قصته مع السحرة وتآمر فرعون وملأه: 'ويرفع 
الستار في السياق القراني على مشهد النبي موسى - عليه 


.١55-١56ص التصوير الفني في القرآن‎ )١( 


١ هام‎ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


0 - مع قومه» يحدثهم بقلب النبي ولغته» ومعرفته بحقيقة 
ربه» وبسنته وقدره» ويوصيهم بالصبر والاستعانة بالله ويلوح لهم 
عن رجائه في ربه أن يهلك عدوهم» ويستخلفهم في الأرض» 
إنها رؤية " النبي " لحقيقة الألوهية واشراقها في قلبه» ولحقيقة 
الواقع الكوني والقوى التي تعمل فيه؛ ولحقيقة السنة الإلهية.. 
ورؤية "النبي' لحقائق الوجود الكبرى» ويتبرم قومه ويمضي النبي 
الكريم على نهجه؛ يذكرهم بالله؛ ويعلق رجاءهم به -- لهم 
بالأمل.. إنه ينظر بقلب النبي فيرى سنة الله» تجري وفق وعده؛ 
للصابرين» وللجاحدين'(1). 

ويتحقق وعد الله لموسى - عليه السلام - فيهلك فرعون 
وجنوده في البحر» ويجاوز ببني إسرائيل» قال سبحانه وَجَورَْا 

ببق إِسْيّءِيلَ البحرٌ فَأَوأ عل قَوْوِ يَحَكْنُونَ ع1 أضتاوٍ لَهُمَ مَانوأ 

0 بعل لنآ لها كنا حم لَه مَل كم رم يوت ) 
[سورة الأعراف:58١] ٠‏ 

' إنه أمر غريب أن يطلبوا إلى نبيهم رسول رب العالمين أن 
يتخذ لهم آلهة! ولو أنهم اتخذوا آلهة لكان الأمر أقل غرابه. 


ويغضب موسى - عليه السلام - غضلبة رسول رب 


. في ظلال القرآن 5/7ه7١-7575١ بتصرف‎ )١( 
١م‎ 











11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





العالمين» لرب العالمين - يغضب لربه - سبحانه - ويغار 
على ألوهيته أن يشرك بها قومه! فيقول قولته التي تليق بهذا 
الطلب العجيب: [إِنَّكْمْ قَوْمٌ يَجهَُوتَ ؛ على إطلاقه دون 
تحديد لمعنى الجهل».. ثم ترتفع نغمة الغيرة في كلمات موسى 
- عليه السلام - على ربه والغضب له - سبحانه - والتعجب 


من نسيان قومه لنعمة الله عليهم - وهي حاضرة ظاهرة ٠‏ 

ثم يأتي مشهد تهيؤ موسى- عليه السلام - للقاء ربه 
العظيم» واستعداده للموقف الهائل بين يديه في هذه الحياة 
الدنياء ليتلقى عنه» وكانت فترة التهيئة أربعين ليلة؛ روض فيها 
موسى نفسه على اللقاء الموعود» وينعزل فيها عن شواغل 
الأرض ليستغرق في هواتف السماء» ويعتكف فيها عن الخلق 
ليستغرق فيها في الخالق الجليل» وتصفو روحه وتشف 
وتستضيء» وتتقوى عزيمته على مواجهة الموقف المرتقب 
وسيل الإرسناكة الموعرة 

ثم يأتي المشهد الفذ الذي اختص الله به نبيه موسى- عليه 
السلام - مشهد الخطاب المباشر بين الجليل - سبحانه - 


: ده سر > تامور مشع 2 دس 
وعبد من عباده ( ولما جاء مومئ لِمِيقلدنا وكلمَهه رَبَهُه قال رب 


ره أَنظرٌ إِليِلكَ ) [سورة الأعراف:": ]١‏ » " إنها الوهلة المذهلة 


١ اا‎ 


يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وموسى يتلقى كلمات ربه» وروحه تتشوف وتستشرف وتشتاق 
إلى ما يشوق! فينسى من هوء وينسى ما هوء ويطلب ما لا 
يكون لبشرٍ في هذه الأرضء وما لا يطيقه بشر في هذه 
الأرضء يطلب الرؤية الكبرى وهو مدفوع في زحمة الشوق 
ودفعة الرجاء ولهفة الحب ورغبة الشهود.. حتى تنبهه الكلمة 
الحاسمة الجازمة [قَالَ أن تَرني1 ثم يترفق به الرب العظيم 
الجليل؛ فيعلمه لماذا لن يراه؛ إنه لا يطيق» ولك أنظرٌ إل 
ومع تمكنه وثباته أقل تأثراً واستجابة من الكيان البشري» ومع 
ذلك فماذا؟ كلكا كل 037 يكبل كاه حك ١‏ 

فكيف كان هذا التجلي؟ نحن لا نملك أن نصفه» ولا نملك 
أن ندركه» ولا نملك أن نستشرفه إلا بتلك اللطيفة التي تصلنا 
بالله» حين تشف أرواحنا وتصفو.. وأدركت موسى رهبة الموقف» 
وسرت في كيانه البشري الضعيفء [وَكَرَّ موسئ صَهكاً)» علي 
أََاقَ1 وثاب إلى نفسه» وأدرك مدى طاقته» واستشعر أنه تجاوز 
المدى في سؤاله (قَالَ سُبْحَدنَك )تنزهت وتعاليت عن أن ترى 
بالأبصار وتدرك 


١ مام‎ 








11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





نت تلت عن تجاوزي للمدى في سؤالك» (وَأنَا أَوَلْ 
لْمُوْمِنِيتَ ) والرسل دائماً هم أول المؤمنين بعظمة ربهم 
وجلاله» وبما ينزله عليهم من كلماته».. 


وأدركت موسى رحمة الله مرة أخرىء فإذا هو يتلقى البشرى 
والاسبتقام مطل لناب فى ::زماة4 ب الزينالة» واسبطفانه رفرك: 
- عليه السلام - بكلامه سبحانه وتعالى.. وأعطاه الألواح وفيها 
من كل شيء موعظة وتفصيلاً» وأمره أن يأخذها بقوة وعزم» 
ويأمن أقومة يذلك 0١"‏ 

وبينما كان موسى - عليه السلام - في حضرة ربه» في ذلك 
الموقف الفريد» الذي تستشرفه البصائر وتقصر عنه الأبصارء 
وتدركه الأرواح وتحار فيه الأفكارء كان قومه من بعده 
يرتكسون وينتكسون» ويتخذون لهم عجلاً جسداً له خوار يعبدونه 
من دون الله!... كل ذلك وموسى - عليه السلام- بين يدي 
ربه» في مناجاة وكلام؛ لا يدري ما أحدثوا بعده إلا أن ينبئه ربه 


'(”) " وينبئه ربه بسا كان خلفه (1 ند تن َك يا 
)١(‏ في ظلال القرآن 7/ ١170-1176‏ بتصرف. 


. بتصرف‎ ١7174-17377779 في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





أسفاً يوبخ قومه» ويؤنب أخاه» عاد ليجدهم عاكفين على عجلٍ 
من ذهبء فراح يسألهم في حزن وغضب ويعتذرون بعذرٍ 
عجيبٍ يكشف عن نفسياتهم وما فيها من بلادة وتفاهة» وخلل 
في التفكير».. فالتفت إلى أخيه وهو في فورة الغضبء يأخذ 
بشعر رأسه ولحيته في انفعال وثورة .)١('‏ 

" وحق لموسى عليه السلام أن يغضب فالمفاجأة قاسية؛ 
والنقلة بعيدة» وهي حركة تدل على شدة الانفعال» فهذه الألواح 
هي التي كانت تحمل كلمات ربه» وهو لا يلقيها إلا وقد أفقده 
الغضب زمام نفسه» وكذلك أخذه برأس أخيه يجره إليه» وأخوه 
هو هارون العبد الصالح الطيب'(0). 

'فأما هارون فيستجيش في نفس موسى عاطفة الأخوة الرحيمة؛ 
الشف سن جقسنيمويكترن لمعن طلييعة موففة( "1 ففيد | خائرة 
موسى - عليه السلام - أمام هذا البيان» ويتجه بغضبه وانفعاله 
إلى السامري صاحب الفتنة.. يسأله عن السبب» ويسمع جوابه 
وتملصه؛ فيعلن موسى - عليه السلام - طرده من جماعة بني 
إسرائيل» ويواجهه بعنف في أمر إلهه الذي صنعه بيده؛ ليرى قومه 


. في ظلال القرآن 58-57755/54؟7 بتصرف‎ )١( 
. بتصرف‎ 7551/8/56: ١715/9 (؟) المصدر السابق‎ 


١مم‎ 








بالدليل المادي أنه ليس إلها ( كال 0 فإ لك فى الحيزة 
أن تَمُوْلَ لا مَسَاسٌ وَإِنَّ لك مَوَعِدَا لَن مْلمَهُء وَأظرٌ إِكَ إِلْهِكَ 


لَى طنج عَيَهِ عَاكنَا اق سين في ليم صَنَمَا ) 


إسورة طه:47] ».. وفي حنق وعنفب أمر أن يُهوى على عجل 
الذهب» فيُحرق ويُنسف ويُلقى في الماء»ء والعنف إحدى سمات 
موسى - عليه السلام - وهو هنا غضبه لله ولدين الله» حيث 
متخي العكفت وكصين القدة 101 + 

ابعاً: قصته - عليه السلام - مع العبد الصا 

أ- كلام سيد - رحمه الله- في " التصوير الفنيء " يقول: " 
فلندعه سنوات أخرىء؛ لقد ذهب قومه في التيه» ونحسبه قد 
صار كهلاً حينما افترق عنهم» ولقي الرجل الذي طلب إليه أن 
يصحبه ليعلمه مما آتاه الله علماً» ونحن نعلم أنه لم يستطع أن 
يصبر حتى ينبئه بسر ما يصنع مرهً ومرةً ومرةً فافترقاء تلك 
شخصية موحدة بارزة» ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة 
من مراحل القصة '(2). 

ب- كلام سيد - رحمه الله- في الظلال: يقول: " وهذه الحلقة 





.1117/5-1519/5/9 بتصرف » وينظر‎ 7١53-571548/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
.١56ص‎ : التصوير الفني في القرآن‎ )١( 


١١ 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








من سيرة موسى - عليه السلام - إنما ذكرت في موضع واحد 
من القرآن('2» والقرآن الكريم لم يحدد المكانء ولا التاريخ» وهل 
كانت في مصر؟ أم بعد خروجه منها؟ أم في التيه؟ وكذا لا 
يذكر القرآن شيئاً عن العبد الصالح» من هو؟ ما اسمه؟ هل هو 
نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟... ويلتفي موسى بالعبد الصالح 
َال لَه موتئ هَل أتََعْكَ علك أن تُعَِمَنِ هما عُلَمَتَ رُهَدًا ) 
[سورة الكهف:15] » بهذا الأدب اللائق بنبي» يستفهم ولا يجزم» 
ويطلب العلم الراشد من العبد الصالح العالم. 

ولكن علم الرجل ليس هو العلم البشري الواضح؛ إنما هو 
جانب من العلم اللدني بالغيب أطلعه الله عليه بالقدر الذي 
أراده؛ ومن ثم لا طاقة لموسى بالصبر على الرجل وتصرفاته 
ولو كان كفا رول ن هذه التصرفات حسب ظاهرها قد 
تصطدم بالمنطق العقلي» وبالأحكام الظاهرة» ولا بد من إدراك 
الاستنكار... وينبه اليجل الصالح موسى - عليه السلام - 
ويعزم على الصبر والطاعة ويستعين بالله» ويذكر له شرط 


.85-5٠ سورة الكهف : الآية‎ )١( 
011 








المشهد الأول» يخرق الرجل السفينة» - وهو عمل في ظاهره 
شر- وينسى موسى ما قاله وما قال له صاحبه أمام هذا 
التصرف العجيب الذي لا مبرر له في نظر المنطق العقلي؛ 
فالإنسان قد يتصور المعنى الكلي المجرد» ولكنه يصطدم 
بالتطبيق العملي لهذا المعنى» ولذا فموسى يندفع مستنكرا. 

نعم إن طبيعة موسى طبيعة انفعالية اندفاعية» كما يظهر 
من تصرفاته في كل أدوار حياته» منذ أن وكز الرجل المصري 
الذي رآه يقتتل مع الإسرائيلي فقتله» ثم أناب إلى ربه مستغفراً 
معتذراً حتى إذا كان اليوم الثاني ورأى الإسرائيلي يقتتل مع 
مصري آخرء هم بالآخر مرة أخرى. 
نعم إن طبيعة موسى هي هذه الطبيعة» ومن ثم لم يصبر على 
فعلة الرجل ولم يستطع الوفاء بوعده الذي قطعه أمام غرابتهاء 
ولكن الطبيعة البشرية كلها تلتقي في أنها تجد للتجربة العملية 
وقعاً وطعماً غير التصور النظريء ولا تدرك الأمور حق إدراكها 
إلا إذا ذاقتها وجربتها. 

وبعد استنكاره يذكره العبد الصالح في صبر ولطف بما كان 
قد قاله منذ البداية.. ويعتذر موسى بنسيانه.. ويقبل الرجل 
اعتذاره. 

ويأتي المشهد الثاني: قتل نفس عمداً» وهي فظيعة كبيرة لم 


١مم”‎ 


1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








يستطع موسى أن يصبر عليها على الرغم من تذكره لوعده؛.. 
فليس ناسياً في هذه المرة ولا غافلء ولكنه قاصد أن ينكر هذا 
النكر الذي لا يصبر على وقوعه ولا يتأول له أسبابا.. 

ويرده العبد الصالح إلى شرطه الأول ووعده؛ ويرجع موسى 
فيقطع على نفسه الطريق ويجعلها آخر فرصة. 

ويأتي المشهد الثالث: أهل قرية بخلاء» والرجل الصالح يقيم 
لهم جداراً خوفاً من أن يسقطء فيشعر موسى بالتناقض في 
الموقف» ويسأل؛ وكانت هي الفاصلة» ولم يعد له بعدها من 
عذرء وينتهي السياق ببيان حقيقة الأمر في المواقف الثلاثة؛ 
وما فيها من مفاجآت وعجائب. )١(‏ 

هذه النقولات الطويلة من الظلال التي تعمدت نقلها للمقارنة 
بينها وبين ما جاء في " التصوير الفني " تبين لنا بوضوح أن 
حديث سيد - رحمه الله- عن نبي الله موسى - عليه السلام - 
اختلف في الظلال عنه في التصوير فكلامه في التصوير جاء 
مقتضباً موجزاً تبدو فيه الكلمات القاسية في وصفه لموسى - 
عليه السلام -. 


أما في الظلال فقد استرسل في الحديث عن موسى - عليه 


. بتصرف‎ 77281١-7714/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
10 





111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








السلام - في مراحل حياته» وخاصة المواقف التي أخذت عليه 
في " التصوير الفني ". 

ومع بقاء بعض الألفاظ التي تصف موسى بالاندفاع 
والغضب وسرعة الانفعال والعصبية في بعض المواقف» إلا أننا 
نلمس من خلال السياق التي جاءت فيه» أنه لم يكن القصد 
منها الاستهزاء والسخرية والذم والتحقير لموسى - عليه السلام 
ح كينا يقوللة العكن ةك زحنة ابرح كينا املك اسه 
النقولات السابقة يتحدث في كل المواقف المذكورة عن موسى؛» 
مادحاً لنفس موسى - عليه السلام- المصطفاة المجتباة التي لا 
تستروح العيش في الأوضاع الآسنة» ويصفه بأنه أحسن مع الله 
فأحسن إليه وأن غضبه وانفعاله في حادثة قتل القبطي تدل 
على غضبه وغيظه من الظلم الذي طال ببني إسرائيل» والتوفز 
لرد العدوان» ويكثر سيد من ترديد عبارة " وهو المصنوع على 
عين الله "» ويصور غضب موسى - عليه السلام - على قومه 
في طلبهم آلهة بعد خروجهم من البحرء بأنه غضب لربه 
وألوهيته التي يجهلها قومه. 

أما موقف النداء وطلبه رؤية الله» فإن كلام سيد - رحمه 
الله- يظهر فيه التعظيم والتبجيل والمدح والثناء لموسى - عليه 
السلام - وبيان إكرام الله له وتفرده بكلامه ويعلل سؤاله رؤية 


١/8/1 





ا[ تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الله بالشوق والحب لربه - سبحانه وتعالى -. 
كما يمدح موسى - عليه السلام - في غضبه على قومه 


بشأن العجل» ويصور تصرفه مع الألواح ومع هارون ومع 


السامري بأنه: ' غضب لله ولدينه» حيث يستحب العنف وتحسن 
الشدة في مثل هذه المواقف ". 

أما في قصته مع العبد الصالح فيظهر فيها ثناؤه على 
موسى» ويعلل عدم التزامه بوعده بالإضافة إلى شخصية موسى 
- عليه السلام - الاندفاعية» بأن الموقف في كل مره يستدعي 
الإنكارء فنفس موسى لا تطيق وهي المصنوعة على عين الله 
أن ترى منكراً أمامها لا مبرر له. 





#2 ع‎ 
9٠ 
٠ 


أولا:أن عبارات سيد- رحمه الله- في الحديث عن نبي الله 
موسى - عليه السلام - اختلفت في الظلال عنها في التصوير 
الفني مع أنها في المواقف نفسهاء مما يدل على أن كلامه 
السابق كان في مرحلة لها خصائصها وفي كتب كان لها 
أهدافها - كما سبق -. 

ثانياً:_مع وجود بعض العبارات في نصوص الظلال يصف 
فيها موسى - عليه السلام - بالانفعال والعصبية والاندفاع 
والغضبء إلا أن السياق الذي جاءت فيه هذه الألفاظ يدل على 


١ كلم‎ 





أنها لم تأت على سبيل السخرية والذم؛ بل السياق يدل على 
المدح» بالإضافة إلى توضيح سيد - رحمه الله- في أكثر من 
موضع عند ذكر هذه الألفاظ للسبب وراء هذا الاندفاع 
والانفعال» ومن الأسباب التي ذكرها: 

١‏ - أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن تكون شخصية موسى 
- عليه السلام - شخصية انفعالية حادة في طبيعتها لتكون 
الصفحة المقابلة لتبلد بني إسرائيل ومرودهم على الاستكانة ذلك 
الأمد الطويل» وهو تدبين القدرة وتقديرها العميق الذقيق: '(0). 
؟- أن الغضب والاندفاع وسرعة الانفعال من موسى - عليه 
السلام - في المواقف المختلفة كان غضباً لله وغيرة على 
ألوهيته- سبحانه - من تصرفات قومه الجاهلين بربهم؛ كما في 
طلبهم آلهة وفي اتخاذهم العجل في غيبته» وهي مواقف كما 
يقول سيد - رحمه الله- " يستحب فيها العنف وتحسن عندها 
القدة 00 

*- أن نفس موسى - عليه السلام - كانت نفساً أبية ترفض 
الظلم» وتندفع في وجه المنكرء كما حدث في قصة قتله 
للقبطي؛ وفي إنكاره على العبد الصالح ما رآه منه من أعمال 
)١(‏ في ظلال القرآن ©6/؟5551 . 


(") المصدر السابق ١559/9‏ , 59/5؟573 . 
١4‏ 








19991 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





هي في ظاهرها مخالفات ومنكرات" .)١(‏ 
ثالثا: مما يدل على تعظيم سيد - رحمه الله- لموسى -عليه 


السلام - ما جاء عنه في مواضع كثيرة من الظلال وغيره من 
مدح وثناءٍ على هذا النبي العظيم يمكن أن ننقل عبارات منها: 
* بسنه كك راح رسول كريم؛ أجرى الله على يديه خوارق 
01 

* يصفه بأنه زعيم ومنقذ ورحمة من الله لبني إسرائيل» من حياة 
الذل والعبودية (0). 

* يصفه بالمعلم والمربي المشفق على قومه» فرغم سفاهتهم 
وانحرافهم» فقد تحمل - عليه السلام الرذالات والانحرافات 
والنتؤات التي صدرت من قومه» حرصاً على هدايتهم (5). 

* يذكر تفضيل موسى - عليه السلام - وانفراده بالتكليم من 
فز الرسنك 200 

* يصف موسى-عليه السلام- بأنه كان مخلصاً استخلصه الله 


. 356185 -558١/58 , المصدر السابق 5/ه؟؟”؟‎ )١( 

(؟) المصدر السابق ‏ ١/5؟لا-‏ "لا . 

(") المصدر السابق ١/لالا‏ . 95/لا6م. 595/9 ١556‏ . 

(:) المصدر السابق ١/8لا‏ 2 8595/5 31١‏ . 

(5) في ظلال القرآن ١1/0. 0354/9 545/١‏ 2 7"15/5؟. 
١114‏ 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





له ومحضه لدعوته وكان رسولاً نبيا )١(‏ 

* يعرض صفحات من أخلاق موسى- عليه السلام - 
والمتمثلة في قوة إيمانه بربه» وثقته بوعده.؛ والالتجاء إليه - 
سبحانه -في كل وقتء ومفاصلته للعصاة والفاسقين» ويكرر 
دائماً في التعقيب على كثير من المواقف بان هذا " أدب النبي» 
الذي يليق بمن صنع على عين الله واستخلصه الله لنفسه " 
* كثيرا ما يعقب على بعض مواقف موسى- عليه السلام - 
بقوله: " كيف وهو الذي صنع على عين الله " ويقف في ظلال 
قوله تعالي: | واضطتفكك لتقن ١‏ [سورة :]+ فاقلا" ريسا 
من شرح يمكن أن يضيف شيئاً إلى ذلك الظل الرفيق اللطيف 
العميق الذي يلقيه التعبير القرآني العجيب... وكيف يصف لسان 
بشريء خلقاً يصنع على عين الله؟ إن قصارى أي بشري أن 
يتأمله ويتملاه.. إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال إنسان لحظة من 
العناية» فكيف بمن يصنع صنعاً على عين الله؟ إنه بسبب من 
هذا أطاق موسى أن يتلقى ذلك العنصر العلوي الذي تلقاه 
00 


. 59١5/4 المصدر السابق‎ )١( 

. 7795/4 2 في ظلال القرآن ؟/1للاء “رهه01‎ )١( 

(") في ظلال القرآن ١775/4‏ » وينظر أيضا 754/4:؟5 . 
11 








11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





المبحث الثاني 
نبوة نبينا محمد َه وما يتعلق بها 

تقدم معنا أن الإيمان بجميع الأنبياء أصل من أصول 
الإيمان التي لا يكون العبد مؤمناً حتى يؤمن بها جميعاً» وأن 
الإيمان بهم إجمالاً فيما أجمل» وتفصيلاً فيما فصل» ويخص 
نبينا محمد - كه - بوجوب الإيمان به على التفصيلء لما له - 
فداه أبي وأمي - من فضائل وخصائص ميزه الله بها عمن سواه 
من الأنبياء والمرسلين فضلاً عن سائر البشرء ويرشد إلى هذا 
المعنى ما ورد في دعائه - يه - في صلاة التهجد وفيه: '.. 
ولك الحمد أنت الحق» ووعدك الحق» ولقاؤك حق» وقولك حق» 
والجنة حق» والنار حقء والنبيون حق» ومحمد يلو حق» والساعة 
00 

فقد ذكركّة النبيين» وذكر نفسه بعد ذلك خاصة» ويدل ذلك 
على أنهي فاقهم بأوصاف مختلفة ('). 

لذا كان من المناسب أن يفرد خاتم النبيين وأفضلهم على 
الإطلاق 5 بمبحث مستقل» وذلك في المطالب الآتية: 


558/١ ومسلم في صلاة المسافرين‎ ٠١754 برقم‎ "11/١ رواه : البخاري في التهجد‎ )١( 
. برقم 59لا‎ 


.5/" : فتح الباري‎ )١( 
0 





79913131313131313-1-11-7171سيت قطي ومنمجه في العقيدة و5 





المطلب الأول: حاجة العلم إلى بعثته* وآثارها في البشرية. 
المطلب الثاني: أدلة نبوته 2#. 


المطلب الثالث: خصائصه 24. 


1١ 


1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








المطلب الأول 
حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين - ين - وأثارها في البشرية. 


الفرع الأول: حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين محمد - 44 -: 

في ظلال قوله تعالى ([ يك أن كوأ بن أل الكتب 
ارين متكي حقّ عَم اليه 7 روك عن لم نوأ من 
مُطهرةٌ (0) فيا كُنْبُّ قَيَمَهُ 1 [سورة البينة:١-]‏ » يقول سيد - 
رحمه الله-: " لقد كانت الأرض في حاجه إلى رسالة جديدة؛ 
كان الفساد قد عم أرجاءها كلها بحيث لا يرتجى لها صلاح إلا 
برسالة جديدة» ومنهج جديد» وحركة جديدة» وكان الكفر قد 
تطرق إلى عقائد أهلها جميعاً سواء أهل الكتاب الذين عرفوا 
الديانات السماوية من قبل ثم حرفوهاء أو المشركين في الجزيرة 
العربية وفي خارجها سواء. 

وما كانوا لينفكوا ويتحولوا عن هذا الكفر الذي صاروا إليه 
إلا بهذه الرسالة الجديدة؛ والا على يد رسول هو ذاته بينة 
واضحة فارقة فاصلة [ رَسُولٌ ينَ نه يلوا كما مُطْهََةٌ )) مطهرة 
من الشرك والكفر إنِيَا كُنْيٌ قَيِمَةُ 1 والكتاب يطلق على 
الموضوعء كما يقال كتاب الطهارة؛ وكتاب الصلاة» وكتاب 


١45 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





القدر» وكتاب القيامة» وهذه الصحف المطهرة - وهي هذا القرآن 


- فيها كتب قيمة» أي موضوعات وحقائق قيمة. 

ومن ثم جاءت هذه الرسالة في إبانهاء وجاء هذا الرسول في 
وقته»ء وجاءت هذه الصحف وما فيها من كتب وحقائق 
وموضوعات لتحدث في الأرض كلها حدثاً لا تصلح الأرض إلا 
به» فأما كيف كانت الأرض في حاجة إلى هذه الرسالة والى 
هذا الرسول فنكتفي في بيانه باقتطاف لمحات كاشفة من 
الكتاب القيم الذي كتبه الرجل المسلم " السيد أبو الحسن علي 
الحسني الندوي " بعنوان: " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" 
وهو أوضح وأخصر ما قرأته في موضوعه: 

يقول: " وكان القرن السادس والسابع لميلاد المسيح من أحط 
أدوار التاريخ بلا خلافء فكانت الإنسانية متدلية منحدرة منذ 
قرون» وما على وجه الأرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من 
التردي» وقد زادتها الأيام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافهاء 
وكان الإنسان في هذا القرن قد نسي خالقه» فنسي نفسه 
ومصيره» وفقد رشده» وقوة التمييز بين الخير والشر والحسن 
والقبيح» وقد خفتت دعوة الأنبياء من زمن» والمصابيح التي 
أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدهمء أو بقيت 
ونورها ضعيف ضثيل لا ينير إلا بعض القلوب؛ فضلاً عن 


١8047 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





البيوت» فضلاً عن البلاد» وقد انسحب رجال الدين من ميدان 
الحياة» ولاذوا بالأديرة والكنائس والخلوات فراراً بدينهم من الفتن» 
وضناً بأنفسهم؛ أو رغبة إلى الدعة والسكونء وفراراً من تكاليف 
الحياة وحدهاء أو فشلاً في كفاح الدين والسياسة» والروح 
والمادة؛ ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك 
وأهل الدنيا وعاونهم على إثمهم وعدوانهم» وأكل أموال الناس 
بالباطل... 

" وأصبحت الديانات العظيمة فريسة العابثين والمتلاعبين؛» 
ولعبة المجرمين والمنافقين» حتى فقدت روحها وشكلهاء فلو 
بعث أصحابها الأولون لم يعرفوهاء وأصبحت مهود الحضارة 
والثقافة» والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال 
وسوء النظام وعسف الحكام» وشغلت بنفسها لا تحمل للعالم 
رسالة» ولا للأمم دعوة» وأفلست في معنوياتهاء ونضب معين 
حياتهاء لا تملك مشروعاً صافياً من الدين السماويء ولا نظاماً 
ثابتاً من الحكم البشري" .)١(‏ 

' هذه اللمحة السريعة تصور في إجمال حال البشرية 
والديانات قبيل البعثة المحمدية» وقد أشار القرآن إلى مظاهر 


)1( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين » للندوي 
١103‏ 





سح قطي ومنعجه في العفيدة و2 





هذا الكفر الذي شمل أهل الكتاب في مواضع شتى: 

* من ذلك قوله تعالى عن اليهود والنصارى: ( وَقَاَيب 
لْمَهُودٌ حير أبن أله وَقَالتِ ألتصدرَى الْمَسِيحٌ أبزث أله ) 
[سورة التوبة:0٠]‏ » وقوله تعالى عن اليهود ( وقَالتِ الود يد أله 
متكا عُلّتَ أي وَلْنوأ با انا بل يذاه عتسوطتان ينفق قف 25 1 
[سورة المائدة:54] وقوله تعالى عن النصارى: ! لَمَدَ كَمَرَ 
البح كَالُوَأ إِنَّ الله هو الْمَسِيحٌ أد اجن حم عَم 1 إسس ورة 
لداقدة؟] و(لكة كك أي كلا لله كَِثُ ممق ) 

عن المشركين: إل يتاي 
المكورورت 8:0 اعد ما يدون 51910 كر عتيدفة 16 
0 عبد 2 وك نأ أ عاد ما عبد 0 لآ أنتر عدون 2 
ل د وَل دين ) [سورة الكافرون:١-5]‏ ؛ وكان وراء هذا 
الكفر ما وراءه من الشر والانحطاط والشقاق والخراب الذي عم 
أرجاء الأرض.. " وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة 
صالحة المزاج ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة؛ 
ولا حكومة قدسية على أساس العدل والرحمة» ولا قيادة مبنية 


[إسورة المائدة :7] ل تعالى 


١6 





11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





على العلم والحكمة» ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء " (). 

ومن ثم اقتضت رحمة الله بالبشرية إرسال رسول من عنده 
يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة» وما كان الذين كفروا من 
المشركين ومن الذين أوتوا الكتاب ليتحولوا عن ذلك الشر 
والفساد إلا ببعثة هذا الرسول المنقذ الهادي المبين " ("): 

ويتحدث سيد - رحمه الله- في مواضع كثيرة عن حالة 
العالم عموماً والعرب خصوصاً قبل بعثة النبي صلى الله عليه 
وسلم مصوراً رجس الجاهلية» وأهمية بعثة الرسول 4 لتطهير 
العالم من هذا الرجس. 

فيذكر كلام جعفر بين أبي طالب(") - رضي الله عنه - 
للنجاشي(؟) - وهو يصف حالهم في الجاهلية: أيها الملك» كنا 
قوماً أهل جاهلية» نعبد الأصنام» ونأكل الميتة» ونأتي الفواحش» 


)١(‏ ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين » للندوي 

(؟) في ظلال القرآن ك/1 31 16.0و" . 

(؟) هو : جعفر بن أبي طالب » بن عم الرسول يٍَ »أسلم قديماً وهاجر إلى الحبشة »وقدم 
عام خيبر واستشهد في غزوة مؤتة » انظر : سير أعلام النبلاء ٠١5/١‏ 

(54) هو : ملك الحبشة اصحمه بن أبجر » اسلم في عهد النبي # وأحسن إلى المسلمين 
الذين هاجروا إلى أرضه ٠»‏ توفي قبل فتح مكة وصلى عليه النبي 4 صلاة الغائب » 
انظر : الإصابة لابن حجر ١١7/١‏ وسير أعلام النبلاء 57/8/1١‏ 

١55 








1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





ونقطع الأرحام ونسي الجوار ويأكل القوي منا الضعيف .)١(‏ 

ويستعرض -سيد- أيضاً رجس الجاهلية في باب العلاقات 
الجنسية» ويورد حديث عائشة - رضي الله عنها - وهي تصور 
أنواع الاتصال بين الجنسين في الجاهلية ()» والذي يظهر 
الصورة الهابطة الحيوانية المزرية التي تدل على هبوط التصور 
الإنساني وبهيميته» وهي لا تحتاج إلى تعليق» ويكفي تصور 
الرجل وهو يرسل امرأته إلى " فلان " لتأتي له منه بولدٍ نجيب» 
تماماً كما يرسل ناقته أو فرسه أو بهيمته إلى الفحل النجيب... 
ويكفي تصور الرجال - ما دون العشرة! - يدخلون إلى المرأة 
مجتمعين - ' كلهم يصيبها! ".. ثم تختار هي أحدهم لتلحق به 
ولدها! 

أما البغاء - وهو الصورة الرابعة - فهو البغاء! يزيد عليه 
إلحاق نتاجه برجل من البغاة! وليس في ذلك معرة! إنه الوحل 
الذي كانوا غارقين فيه إلى الأذان. 

ولم يكن هذا الوحل في العلاقات الجنسية إلا طرفاً من 


)١(‏ الحديث : رواه أحمد ٠ 701/١‏ 1١٠7ء‏ 510/5 » وبن هشام في السيرة 7١5/7‏ وما 
بعدها وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية - المكتبة الإسلامية عمان ط ١‏ عام 
0١‏ هص ١54‏ وما بعدها . 
0( رواه : البخاري في كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي / ١1‏ برقم 5 . 
١10‏ 





سيت قطي ومنمبة في العقيدة /ج26 





النظرة الهابطة إلى المرأة في الجاهلية؛ والمتمثلة في: أكل 
حقوقهاء وحرمانها من الميراث» وعضلها بعد الطلاق أو وفاة 
الزوج» والتعامل معها كالمتاع الذي يورث» وتحريم بعض 
المأكولات عليهاء والزواج بغير عدد محدد ووأد البنات أحياء 
وغيرها... 

واستعرض- سيد- أيضاً أصل الرجس في الجاهلية وهو 
الشرك والوثنية الهابطة الساذجة في اتخاذ الأصنام» على 
مختلف المستويات» الفرد والبيت والقبيلة والمدينة» وعبادة الجن 
والملائكة والكواكب واعتقاد أن الملائكة بنات اللهء واتخاذ 
الشفعاء والوسطاء وغير ذلك من الرجس الذي كان منتشراً في 
أوساط الجاهلية. 

كما استعرض كذلك ما كان عليه الجاهليون من إراقة الدماء 
وكثرة الحروب لأسباب تافهة» وفراغ حياتهم من الاهتمامات 
الكبيرة التي تشغلهم عن السفاسف .)١(‏ 

وأما وضع أهل الكتاب فكان أكثر انحرافاً وضلالاً ("). 


. 5990/56 1١45/8 وينظر أيضا‎ 01١-105/١ ينظر: في ظلال القرآن‎ )١( 
. 1547-1575 , 5/9/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
10 








الفرع الثاني: أثر بعثه : على البشرية: 

أما أثر بعثته 2# فتبدو واضحة في تطهير البشرية وت 
فالله- سبحانه - بعث محمداً - ةِ - " ليطهر الناس ويرفعهم 
وينقيهم» يطهر قلوبهم وتصوراتهم ومشاعرهم» ويطهر بيوتهم 
وأعراضهم وصلاتهم؛ ويطهر حياتهم ومجتمعهم وأنظمتهم؛ 
يطهرهم من أرجاس الشرك والوثنية والخرافة والأسطورة وما تبثه 
في الحياة من مراسم وشعائر وعادات وتقاليد هابطة مزرية 
بالإنسان وبمعنى إنسانيته» ويطهرهم من دنس الحياة الجاهلية 
وما تلوث به المشاعر والشعائر والتقاليد والقيم والمفاهيم'(") 

' أما العرب فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهمء وإن 
أحست اعتبرتهم على هامش الحياة» وهو الذي جعل لهم دورهم 
الأكبر في تاريخ هذه البشرية» وهو الذي واجهوا به الدنيا 
فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها بالدين» فلما 
أ تكلا عنه أنكرتهم الأزض» واستصغرتهم الدنياء وقذفت بهم 
فلي ذيل القافلة هناكء بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين 
00 

" أما آثار هذا الحادث الهائل في حياة البشرية كلها فقد 


٠ ه٠.ال/‎ ١ المصدر السابق‎ )١( 


. 585-542 /” بتصرف يسير » وينظر‎ 5١91/5 المصدر السابق‎ )١( 


١4 








بدأت منذ اللحظة الأولى» بدأت في تحويل خط التاريخ؛ منذ أن 
بدأت في تحويل خط الضمير الإنساني» منذ أن تحددت الجهة 
التي يتطلع إليها الإنسان ويتلقى عنها تصوراته وقيمه وموازينه؛ 
إنها ليست الأرض وليس الهوىء إنما هي السماء والوحي 
الإلهي.... ومنذ هذه اللحظة عاش أهل الأرض الذين استقرت 
في أرواحهم هذه الحقيقة - الإسلام - في كنف الله ورعايته» 
يحسون يد الله تنقل خطاهم في الطريق»... 

ولقد ظلت آثار هذه الفترة تعمل في حياة البشر منذ تلك 
اللحظة إلى هذه اللحظة» وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. 

لقد ولد الإنسان من جديد.... لقد تحول خط التاريخ كما لم 
يتحول من قبل قطء وكما لم يتحول من بعد أيضاًء وكان هذا 
الحدث هو مفرق الطريق» وقامت المعالم في الأرض واضحة 
عالية لا يطمسها الزمان ولا الأحداث» وقام في الضمير 
الإنساني تصور للوجود وللحياة وللقيم لم يسبق أن اتضح بمثل 
هذه الصورة» ولم يجيء بعده تصور في مثل شموله ونصاعته 
وطلاقته من اعتبارات الأرض جميعاً» مع واقعيته وملاءمته 
للحياة الإنسانية» ولقد استقرت قواعد هذا المنهج الإلهي في 
الأرض! وتبينت خطوطه ومعالمه [لَمَهَلِكَ مَنَ هلك عن بَيَنَةٍ 


م 
سٍ 
م 


117171 7731313131313131313131117171737اااسبك قطي ومنمجه في العفيدة 


4 





ويح مَنْ 7 عن بيِّسَوَّ ) [سورة الأنفال:؟:] » إنه الحادث الفذ 
في تلك اللحظة الفريدة» الحادث الكوني الذي ابتدأ به عهد في 
هذه الأرض وانتهى عهد» والذي كان فرقاناً في تاريخ البشر لا 
في تاريخ أمة ولا جيل :)١('‏ 


. ١59 -11/١ في ظلال القرآن 59717/5 -75978 بتصرف »ء وينظر أيضا‎ )١( 
8١ 








المطلب الثاني 


أدلة نبوة نبينا محمد 26 

أشار سيد - رحمه الله- في معرض حديثه عن نبوة نبينا 
محمد - يِل - في مواضع متفرقة إلى بعض أدلة نبوته - و - 
» وقد سبق الإشارة إلى أدلة نبوة الأنبياء عموماً في المبحث 
السابق» وسنفرد هنا الأدلة الخاصة بنبوة محمد - يه - 
أولاً: البشارات في الكتب السابقة: 

ذكر القرآن الكريم في مواضع عديدة أن الكتب القديمة فيها 
بشارات نبوة نبينا- كَل -» وأنه ذكر باسمه وبصفاته ومن ذلك: 
١‏ - قوله تعالى: (وَإِنَهُ لتِى رب الأولِينَ (50) ور يكن طَمْ عليه أن 


ا ا وه . 


بعل لكو من [تسوين 1 0 

" فقد وردت صفة الرسول الذي ينزل 
عليه القرآن» كما وردت أصول العقيدة التي جاء بها في كتب 
الأولين» ومن ثم كان علماء بني إسرائيل يتوقعون هذه الرسالة؛ 


يقول سيد - رحمه الله-: 


. ١9ا/-1١95 سورة الشعراء : الآية‎ )١( 
80.١ 








بعضهم بعضاً بهذا كما ورد على لسان سلمان الفارسي (١)؛‏ 
ولسان عبد الله بن سلام () - رضي الله عنهما - والأخبار 
في هذا ثابتة كذلك بيقين " (): 


-١‏ قله تعالى: ( لماعك ين تيه م دكت 
و 


ع ص ما ود .وا سم 8 
م اسم ُ رس سا 
5 ا 5 
ليك دؤمئون به-ء ومن د 


2 هرمو 


3 8 
بو من 


6 
موم إِمَامًا ورَحَمَةَ 
الْدحَرَانِ فأَلتَّادُ موعدة 1 [سورة هود:"١]‏ 2 يقول سيد - رحمه 


الله-: " وردت روايات شتى فيما هو المقصود بقوله تعالى: ( 


00 


من كانَ عَّ بيده من ريه )» وفي قوله تعالى: ( يوه سَاهِدُ 


2 
202 


جح هه : 9 3 : 3 ا ا عر ال اك وعود عر ده 1 
مَنْهَ 1 » وفي عائد هذه الضمائر في: ' رَبْهِ " وفي ' يثلوه " وفي 


مِنْهُ ".. وأرجحها كما يبدو لي هو أن المقصود بقوله تعالى: ( 


وى عن كين عي صخت 


أفمَن كان عل بِيْنَةٍ مِّن رَيْهِ 1 هو رسول الله - يله - وبالتبعية 


َه 


له كل من يؤمن بما جاء به وأن المقصود بقوله تعالى: ( ويَلوه 





)١(‏ هو : سلمان أبن الإسلام » أبو عبد الله الفارسي » صحب رسول الله - ِ - وخدمه 


وحدث عنه عمر طويلاً وولي المدائن وكان متواضعاً مصدق بعطائه توفى في المدائن 


سنة 3١5‏ ه ء انظر : سير أعلام النبلاء 505/١‏ والإصابة 77/4 . 


)١(‏ هو : عبد الله بن سلام الإسرائيلي ٠‏ أبو يوسف حليف الخزرج قيل اسه الحصين 
فسماه رسول الله - يل - عبد الله » مشهور له أحاديث وفضل مات بالمدينة سنة 547ه 


انظر التهنيب ١/؟47‏ . 
(؟) في ظلال القرآن 5/ 757717 » وينظر 85/١‏ . 
١4.7‏ 





11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





افك ونه 1 أي ويتبعه شاهد من ربه على نبوته ورسالته وهو 


هذا القرآن الذي يشهد بذاته أنه وحي من الله لا يقدر عليه بشر 
( وَمِن مَل 4 أي من قبل هذا الشاهد وهو القرآن ( كِنَبُ مو 
1 يشهد كذلك بصدق النبي كله سواء بما تضمنه من البشارة به؛ 
أو بموافقة أصله لما جاء به محمد يل من بعده؛ ويكون المعنى 
الكلي للآية: فهذا النبي الذي تتضافر الأدلة والشواهد على 
صدقه وصحة إيمانه ويقينه» حيث يجد في نفسه بينة واضحة 
مستيقنة من ربه» وحيث يتبعه أو يتبع يقينه هذا شاهد من ربه 
هو هذا القران الدال بخصائصه على مصدره الرباني» وحيث 
يقوم على تصديقه شاهد آخر قبله» هو كتاب موسى الذي جاء 
إماماً لقيادة بني إسرائيل ورحمة من الله تنزلت عليهم» وهو 
يصدق رسول الله هَيةْ بما تضمنه من التبشير به» كما يصدقه 
بما فيه من مطابقة للأصول الإعتقادية التي يقوم عليها دين الله 
كله.. 

يقول: أفمن كان هذا شأنه يكون موضعاً للتكذيب والكفر والعناد 
كما تفعل الأحزاب التي تناوئه من شتى فئات المشركين؟ إنه لأمر 
مستنكر إذن في مواجهة هذه الشواهد ' :)١(‏ 


. 20 بتصرف يسير‎ ١865 -4 في ظلال القرآن‎ )١( 
١06. 





اتيك قطيي ومنعجة في العفيدة 





2 


*- قوله تعالى: ( الَدِنَ يَتَيِعْوتَ الْرَسُولَ لبن المح ألزى 
يَدُوكَهُ كوا عِندَهُمْ في لتر وَالاجيل ) سور 
الأعراف:7٠5١]‏ » يقول سيد - رحمه الله: " وانه لنبأ عظيم» 
يشهد بأن بني إسرائيل قد جاءهم الخبر اليقين بالنبي الأمي؛ 
على يدي نبيهم موسى ونبيهم عيسى - عليهما السلام - منذ 
أمد بعيدء جاءهم الخبر اليقين ببعثه» وبصفاته» وبمنهج رسالته؛ 
وبخصائص ملته» وبذلك البلاغ المبكر لبني إسرائيل- على يد 
نبيهم موسى عليه السلام - كشف الله -سبحانه- عن مستقبل 
دينه» وعن حامل رايته» وعن أتباعه» وعن مستقر رحمته» فلم 
يبق عذر لأتباع سائر الديانات السابقة» بعد ذلك البلاغ المبكر 
بالخبر اليقين: وهذا الخبر اليقين من رب العالمين لموسى عليه 
السلام - وهو والسبعون المختارون من قومه في ميقات ربه - 
يكشف كذلك عن مدى جريمة بني إسرائيل في" استقبالهم لهذا 
النبي الأمي وللدين الذي جاء به .)١("‏ 

5 - قوله تعالى عن عيسى -عليه السلام- (تُصَيْكا لَمَا بن يدَىَّ 


ع در 0 معو 


0. 


مِن التُوريةٍ ومسرا ١‏ رسول يق سن بعر بعذى امع فين 1 [إسورة الصف:1] 2 


1 سيد - رحمه الله-: " وبشارة المسيح بأحمد ثابتة بهذا 


. بتصرف يسير‎ ١727/79 في ظلال القرآن‎ )١( 
١5.5 








النصء» سواء تضمنت الأناجيل المتداولة هذه البشارة أم لم 
تتضمنهاء فثابت أن الطريقة التي كتبت بها هذه الأناجيل 
والظروف التي أحاطت بها لا تجعلها هي المرجع في هذا 
التاق 

وقد قرئ القرآن على اليهود والنصارى في الجزيرة العربية 


مح 42 


وفيه [ الزن يتَيعُوتَ الرَسُولَ الت ) 
مَكنُويًا عِنَدَهُمْ في أَلتَوْرنةٍ وَالْإيِلي 1 [سورة الأعراف:517١]‏ ' 
وأقر بعض المخلصين من علمائهم الذين أسلموا كعبد الله بن 
سلام بهذه الحقيقة» التي كانوا يتواصون بكتمها! 

كفنا أفه ثابت: مسن الرواياكت التاريكيعة أن اليهنوة كتانوا 
ينتظرون مبعث نبي قد أظلهم زمانه»ء وكذلك بعض الموحدين 
المنعزلين من أحبار النصارى في الجزيرة العربية» ولكن اليهود 
كانوا يريدونه منهم» فلما شاء الله أن يكون من الفرع الآخر من 
ذرية إبراهيم» كرهوا هذا وحاربوه :)١("‏ 
'وقد سئل رسول الله 5 عن نفسه فقال: " أنا دعوة أبي إبراهيم؛ 


ع أَلِى يجدذونة. 


وبشرى عيسىء ورات امي حين حملت بي كانه خرج منها نور 


. في ظلال القرآن ؟/لاه6”؟‎ )١( 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





أظنا مت له قصور بصرى من أرض الشام 3 0ع 2 
ثانياً: قرائن أحواله - الله عليه 





اونا فيما سيق “عفد 'الحذيت حقذ لاتل:نوزة الأتدجاء عموفا 
إلى أن أحوالهم - عليهم السلام- من الأمور التي يستدل بها 
على صدق نبوتهم» ونذكر هنا بعض النصوص الخاصة بنبينا 
- هلْهْ - ومنها: 
-١‏ في ظلال قوله تعالى (وَمَا صَاحِبَكرٌ بِمَجْنٍ 1 [سورة 
التكوير: ؟؟] يقول سيد حرحمه الله-: " أما الرسول الذي حمله 
إليكم فهو ' صتَاحِْكُمْ ' عرفتموه حق المعرفة عمراً طويلاًء فما 


المذاهب» وهو " صَاحِبْكُمْ " الذي لا تجهلون» وهو الأمين على 
الغيب الذي يحدثكم عنه عن يقين... 

ولقد قالوا عن النبي الكريم الذي يعرفونه حق المعرفة؛ 
ويعرفون رجاحة عقله» وصدقه وأمانته وتثبته... '() 
؟- في ظلال الآيات التي تتحدث عن اقتراحات المشركين 


)١(‏ رواه : الحاكم 7١8/8‏ » والبيهقي في دلائل النبوة ٠١/١‏ وصححه الألباني في 
الصحيحة برقم ١5545‏ وصحيح السيرة النبوية ص ١5‏ . 

” الهامش‎ ٠١55/5 : في ظلال القرآن 575/5" وينظر أيضا‎ )١( 

(؟) في ظلال القرآن 7845/5 . 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وطلبهم الآيات من الرسول - ويه - يقول سيد - رحمه الله-: " 
ومن مثل هذه الاقتراحات يتبين التعنت كما تتبين الجهالة؛ والا 
فقد كان لهم من خلق رسول الله يةِ الذي يعرفونه جيداً بالخبرة 
الطويلة ما يدلهم على صدقة وأمانته وهم كانوا يلقبونه الأمين» 
ويودعون لديه أماناتهم حتى وهم معه على أشد الخلاف» وقد 
هاجر يِ وترك ابن عمه علياً - رضي الله عنه - يرد إلى 
قريش ودائعهم التي كانت ما تزال عنده» وهم معه على الخلاف 
الذي يدبرون معه قتله! وكذلك كان صدقه عندهم مستيقناً 
كأمانته» فإنه لما دعاهم أول مرة دعوة جماعية جهرية على 
الصفا - حين أمره ربه بذلك - وسألهم: إن كانوا يصدقونه لو 
أنبأهم بنبأء أجابوه كلهم بأنه عندهم مصدق '(0)؛ فلو كانوا 
يريدون أن يعلموا صدقه لقد كان لهم في ماضيه برهان» ولقد 
كانوا يعلمون: إنه لصادق؛ وسيأتي في سياق السورة خبر الله 
الصادق لنبيه أنهم لا يكذبونه (تَدَ تن ند لَيَحَوْئكَ الى يوون 


الأنعام:*"] فهي الرغبة في الإنكار والإعراضء وهو العناد 


. 550١19/© ينظر : في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 











11111717 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





والاستكبار عن الحق» وليس أنهم يشكون في صدقه 4# )١('‏ 
'فالمشركون لم يكونوا يشكون في صدق محمد ويه فلقد عرفوه 
صادقاً أميناً» ولم يعلموا عنه كذبة واحدة في حياته الطويلة 
بينهم قبل الرسالة» وحتى الذين كانوا يتزعمون معارضته لم 
يكونوا يشكون في صدق رسالته» وفي أن هذا القرآن ليس من 
كلام البشرء ولا يملك البشر أن يأتوا بمثله. 
ومع ذلك - كانوا يرفضون إظهار التصديقء» والدخول في دينه 
لا شكاً في صدقه؛ ولكن لأن في دعوته خطر على نفوذهم 
ومكانتهم»... 

وقد أورد سيد - رحمه الله- روايات عديدة من السيرة 
توضح أن المشركين والمعاندين لرسول الله - كَلةٍ - كانوا على 
يقين بصدق نبوته كلد وتحدثهم فيما بينهم بذلك» واعترافهم بان 
الذي حملهم على الكفر به هو الحسد والكبر" ('). 

" فإذا كان محمد يَلةِ كما يعلمون عنه قبل البعثة أنه الصادق 
الأمين الذي لا يكذب ولا يخون» فكيف يكذب على الله» وينسب 
إليه قولاً لم يقله "(0). 


. 56.9- 3.08 /5 المصدر السابق  5/5/ا١1-/الا١٠ بتصرف » وأيضا‎ )١( 
. يتصرف يسير‎ 555١/5  قباسلا (؟) المصدر‎ 
81 





يت قطي ومنهجه في العفيدة ' 


وبقرائن الأحوال أيضاً استدلت خديجة - رضي الله عنها - 
على صدق نبوته#يقولها: ' والله لا يخزيك الله أبداً» انك لتصل 
الرحم» وتصدق الحديث» وتحمل الكل» وتقرئ الضيف»ء وتعي 
على نوائب الحق" .)١(‏ 

كما يلفت القرآن الكريم أنظار المشركين إلى حياة النبي 5 
قبل أن يوحى إليه» فقد لبث فيهم عمراً كاملا من قبل إرساله - 
أربعين سنة - فلم يحدثهم بشيء من هذا القرآن» لأنه لم يكن 
يملكه؛ ولم يكن قد أوحي إليه به» ولو كان في استطاعته عمل 
مكل هنذا أو أجزاء عنهه» فلماذا كأخن غصرا كاملة؟ ألا إكة 
الؤحي(” 





شهادة الله - سبحانه - لنبيه كَلِهْ بالنبوة دليل شرعي عقلي» 
جاء به الشرع وأيده العقل»ء قال تعالى: ! لَّكنٍ ألّهُ صَنْبَدُ يمآ 
دل 5-6 أثرلة: يعافد ٠‏ وَالْمَليَكة مَعْبَدُون وَكقَْ بأل 
سَبِيدَا ) [سورة النساء:57١]‏ يقول سيد - رحمه الله: " فإذا 
أنكر أهل الكتاب هذه الرسالة الأخيرة» وهي جارية على سنة الله 


. سبق تخريجه ص57 » وانظر في ظلال القرآن 5/5؟3”9‎ )١( 
. بتصرف‎ 1١17١/” في ظلال القرآن‎ )١( 
١41 








يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


في إرسال الرسل» مبشرين ومنذرين لثئلا يكون للناس على الله 
حجة بعد الرسل» وهم يعترفون بالرسل قبل محمد - وَيهْ - فإذا 
أنكروا رسالتك - يا محمد الوا اه 
مسد يما أل لَك أترلة: يعليده والملتيكة متيد 
وك بِأَسَّهَ سَّهِيدًا ). 

وفي هذه الشهادة من الله.. ثم من ملائكته ومنهم من حملها 
إلى رسوله.. إسقاط لكل ما يقوله أهل الكتاب» فمن هم والله 
يشهد؟ والملائكة تشهد؟ وشهادة الله وحدها فيها الكفاية؟! 0 
وفي ظلال قوله تعالى: [ِوَيَقُولُ الترت كفَروا لست مر 
ل كي بِأَنَّهِ سَّهِيدًا بن وَبَنَبَكْمَ اا 
لكب ) [سورة الرعد:"؛] . يقول سيد - رحمه الله-: "ويختتم 
السورة بحكاية إنكار الكفار للرسالة» وقد بدأها بإثبات الرسالة؛ 
فيلتقي البدء والختام» ويشهد الله مكتفياً بشهادته» وهو الذي عنده 
العلم المطلق: بهذا الككاب ويكل كتانق" (): 

ابعا: القران ١‏ 

يعتبر سيد قطب - رحمه الله- القرآن الكريم أقوى حجة 
)١(‏ في ظلال القرآن 7/7١١بتصرف‏ يسير » وينظر أيضا ٠١555/7‏ 


(؟) في ظلال القرآن 04 . 
١01١‏ 








يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وأظهر برهان على صدق نبوة رسولنا محمد - وي - حيث 
يذكر في ظلال الآيات التي تتحدث عن طلب المشركين للآيات 
الدالة على صدق نبوته - يلهِ- غفلة المشركين عن الآية 
الخارقة الدالة على صدق نبوته - يلهِ- وهي هذا القرآن. ففي 
ظلال قوله تعالى: ( وول الذي كَفروأ لوْلَة أل عَليَهِ ايه من 
يهم 1 [سورة الرعد:1] . يقول سيد - رحمه الله-: " وهؤلاء 
العمي الذين لا يرون آيات الله في الكونء ولا يكفيهم هذا 
القرآن» فإذا هم يطلبون آية... أما القلوب المؤمنة المطمئنة بذكر 
الله» فلا تقلق ولا تطلب خوارق لتؤمنء وهذا القرآن بين أيديهاء 
هذا القرآن العميق التأثير» حتى لتكاد تسير به الجبال وتقطع به 
الأرضء ويكلم به الموتى لما فيه من سلطان وقوة ودفعة 


وحيوية» قال سبحانه: ولو أَنَّ ءانا سَيَرتَ يه الْجبَالُ أَوَ قُطْعَتْ 


يه لاس أو كل يه الْمَوقٌ بل يِنَهِ َلَْمَرُ جمِيعًا 4 [سورة الرعد:١]‏ 
أي أن هذا القرآن عجيب فلو كان من شان قرآن تسير به 
الجبال أو تقطع به الأرض أو يكلم به الموتى لكان في هذا 
القراق .مين الخصيائض والمؤترات ما قم معه هذه الخرارع 
والمعجزات لكنه جاء لخطاب المكلفين الأحياء )١('‏ وبالتالي ' 


. بتصرف‎ 7٠١5١ 7059/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
01 











1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





فإن الذين يطلبون الآيات والخوارق المادية» ويتعنتون في 
اقتراحاتهم الدالة على طفولتهم العقلية» ويعلقوا إيمانهم بالرسول 
يي عليها يغفلون عن الخارقة الباقية في القرآن» وهم يعجزون 
عن الإتيان بمثله في نظمه ومعناه ومنهجه؛ ولكنهم لا يلمسون 
هذا الإعجاز بحواسهم فيطلبون ما تدركه الحواس'("2. 


> سس سح و و 


وفي ظلال قوله تعالى: | أَقَمَن كن عَلّ ييَنَةٍ مَن رَيِْ- وَيَلُوه 


شَاهِدٌ مِنَهُ 1 [سورة هود:؟١]‏ » يقول سيد - رحمه الله-: 
والراجح- كما يبدو لي- هو أن المقصود بقوله تعالى: " أفمن 
كان على بينة من ربه " هو رسول الله - يك - وبالتبعية له كل 
من يؤمن بما جاء به وأن المقصود بقوله تعالى: " ويتلوه شاهد 
منه " أي ويتبعه شاهد من ربه على نبوته ورسالته» وهو هذا 
القرآن» الذي يشهد بذاته أنه وحي من الله لا يقدر عليه بشر ' 
ومن قبله " أي من قبل هذا الشاهد وهو القرآن» " كتاب موسى ' 
يشهد كذلك بصدق النبي 20'5» " فالسياق يذكر أن هذا القرآن 
الذي يشهد للنبي يل بأنه على بينة من ربه؛ وأنه مرسل من 


. بتصرف يسير‎ 7١5٠0/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 0745 (؟) في ظلال القرآن‎ 
١11 





171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








عنده »)١('‏ واقتراح المشركين برهاناً على أن رسول الله كَل 
مرسل من الله في صور مختلفة كلها تبين مدى التعنت 
والجهالة» والا فقد كان لهم من خلق رسول الله كَلِمْ الذي يعرفونه 
ما يدل على صدقة وأمانته... 


ثم لقد كان لهم في القرآن ذاته برهان أصدق من هذه 
البراهين المادية التي يطلبون» فإن هذا القرآن شاهد بذاته؛ 
بتعبيره ثم بمحتوى هذا التعبير على أنه من عند الله وهم كانوا 
يَكَسَو ذلك ويحرفوده "10 فالقران إذا هو المغندزة الخالةةالدالة 
على نبوة محمد يِل وسيأتي بيان لأنواع الإعجاز في القرآن 
الكريم عند الحديث عن معجزاته يي إن شاء الله. 
خامساً: معجزاته وآياته - صلى الله عليه وسلم -: 

من دلائل صدق نبوته يك والأنبياء قبله كذلك ما يؤيدهم الله 
به من المعجزات والآيات الخارقة» وقد سبق معنا أن المعجزات 
والخوارق على نوعين: 
حسية مادية: وهي ما يكون من الآيات الكونية»؛ ومعنوية: 
كالقران الكريم. 

والذي يظهر من خلال جمع كلام سيد - رحمه الله- حول 
)١(‏ المصدر السابق ١857/5‏ . 


(؟) المصدر السابق ٠١‏ بتصرف يسير . 
55305 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





موضوع المعجزات والخوارق أنه يرى أن هناك فرقا بين المعجزة 
والخارقة»؛ فالمعجزة ما كانت على سبيل التحديء لإثبات نبوة 
النبي يل بينما الخارقة ما وقع من غير تحدء وإنما لابتلاء الناس 
وفتنتهم أو كنوع من رحمة الله وعنايته بالنبي# وأصحابه وقت 
الشدائد ومن هذا المنطلق يرى سيد - رحمه الله- أن معجزة 
النبي يه التي أيده الله بها وقام بها التحدي هي القرآن الكريم؛ 
وهو معجزة تناسب كون الرسالة التي جاء بها محمد وَنهْ رسالة 
خاتمة للرسالات باقية إلى قيام الساعة؛ ولم يجعل معجزته في 
خارقة مادية تنتهي بانتهاء من يشاهدهاء وهذا هو الفارق بين 
معجزته يله ومعجزات الأنبياء قبله. 

ويؤيد هذا الرأي بنصوص قرآنية منها قوله تعالى: (ِوَمَا 


منعنا أن يل ليت ِلَّد أن من يا ونون وَءَانْيا مو 


ديد و 2 


لدَاقَدَ مصِرَة هَظَلْمُوا يبأ وما ييل يِالْآَينتٍ إلا عوبسا 1 ألسورة 
الإسراء:51] " فالأنبياء كلهم طولب بالآيات والخوارق» وكلهم 
تمنى لو يأتي الله بخارقة يذعن لها المكذبون» ولكن ما من آية 
إلا بإذن الله» في الوقت الذي يريده الله .)١("‏ 

" ومن خلال قصص الأنبياء وخاصة قصة موسى - عليه 


5 في ظلال القرآن ديق‎ )١( 
١51 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





السلام - والذي كانت آياته وخوارقه المادية أكثر من غيره» يظهر 
لنا صدق قول الله تعالى وتقريره بان الآيات والخوارق لا تهدي قلباً 
لم يتأهل للإيمان (20؛ " فقد كانت الخوارق تصاحب الرسالات 
لتصديق الرسلء» وتخويف الناس من عاقبة التكذيب وهي الهلاك 


بالعذاب ولكن لم يؤمن بهذه الخوارق إلا المستعدة قلوبهم للإيمان» 
أما 'الكاحذون فقد كذيوا نهاء وم “هنا جاءة' الرثالة الأخيرة غير 
مصحوبة بهذه الخوارق '(")» " والسبب في ذلك أن الأولين الذين 
جاءتهم الخوارق المادية وكذبوا حق عليهم الهلاك» وأمة محمد - 
يه - لم يقدر عليها الهلاك» لذلك لم يرسل الله نبيه - هله - 
بالخوارق المادية '(). " فالله سبحانه لم يشأ أن يجعل مع هذه 
الرسالة الأخيرة آية قاهرة» لقد جعل آيتها القرآن» منهاج حياة كاملة 
معجزاً في كل ناحية '(4). 'لقد شاء الله أن يجعل هذا القرآن هو 
معجزة هذه الرسالة ولم يشأ أن ينزل آية قاهرة مادية تلوي الأعناق 
وتخضعها وتضطرها إلى التسليم» ذلك أن هذه الرسالة الأخيرة 
رسالة مفتوحة للأمم كلهاء وللأجيال كلهاء وليست رسالة مغلقة 


. بتصرف‎ 5١91757/5 المصدر السابق‎ )١( 
. 7719/4 المصدر السابق‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ 7١75/4 (؟) المصدر السابق‎ 
. 7585/5 المصدر السابق‎ )4( 
00 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





على أهل زمان أو أهل مكان؛ فناسب أن تكون معجزتها مفتوحة 
كذلك للبعيد والقريب» لكل أمة ولكل جيل. والخوارق القاهرة لا تلوي 
إلا أعناق من يشاهدونهاء ثم تبقى بعد ذلك قصة تروى» لا واقعاً 
يشهدء فأما القرآن فها هو ذا بعد أكثر من ثلاثة عشر قرناً كتاب 
مفتوح ومنهج مرسوم» يستمد منه أهل هذا الزمان ما يقوم حياتهم 
لو هدوا إلى اتخاذه إمامهم ويلبي حاجاتهم كاملة» ويقودهم بعدها 
إلى عالم أفضلء وأفق أعلى» ومصير أمثل؛ وسيجد فيه من بعدنا 
كثيراً مما لم نجده نحن» ذلك أنه يعطي كل طالب بقدر حاجته؛ 
ويبقى رصيده لا ينفد» بل يتجدد» ولكن لم يكونوا يفطنون إلى هذه 
الحكمة الكبرى؛ فكانوا يعرضون عما يتنزل عليهم من هذا القرآن 
يرع ابم عي 010 قااارا م معد يكوا ز فاه 
وليست كالخوارق المادية التي تنقضي في جيل واحد» ولا يتأثر بها 
إلا الذي يرونها من ذلك الجيل: .)١('‏ 

وبناءَ على ما سبق فإن سيد قطب - رحمه الله- يرى أن 
القرآن هو معجزة النبي 4 الخارقة الباقية المتحدى بهاء وأما 
الآيات والخوارق التي حصلت للنبي يِ فإنما كانت إكراما له 
وأصحابه أو فتنة للناس» ومن هنا يمكن أن نستعرض موقف 
)١(‏ في ظلال القرآن 7585/5 . 


(") المصدر السابق 3070/5؟7 . 
/51 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





يعتبر سيد قطب - رحمه الله- القرآن الكريم معجزة النبي 6 
الخالدة المطلقة» والتي وقع بها التحدي ولا يزال» وقد سبق بيان 
أن القرآن من أعظم دلائل نبوة النبي ي» وهنا نتعرض لإعجاز 
القرآن وأوجه الإعجاز فيه عند سيد قطب - رحمه الله- وذلك 





في ظلال قوله تعالى: ( وَيَمُونوت لوْلآ أنْرِكَ علي ايه 
ين ريم ) [سورة يونس:١٠]‏ . يقول سيد - رحمه الله-: 'فكل 
الآيات التي يحتويها هذا الكتاب العظيم المعجز لا تكفيهم؛.. 
وهم يقترحون خارقة كخوارق الرسل في الأمم قبلهم» غير 
مدركين طبيعة الرسالة المحمدية» وطبيعة معجزتهاء فهي ليست 
معجزة وقتية تنتهي بمشاهدة جيل» إنما هي المعجزة الدائمة التي 
تخاطب القلب والعقل في جيل بعد جيل '(0): 'لقد كانوا يطلبون 
آية خارقة» كالخوارق المادية التي صاحبت الرسالات السابقة؛ 


. 3١/77/79 في ظلال القرآن‎ )١( 
١11 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





ولا يقنعون بآية القرآن الباقية» التي تخاطب الإدراك البشري 
الراشدء وتعلن عهد الرشد الإنساني» وتحترم هذا الرشد فتخاطبه 
هذا الخطاب الراقي» والتي لا تنتهي بانتهاء الجيل الذي يرى 
الخارقة المادية» بل تظل باقية تواجه الإدراك البشري بإعجازها 
إلى يوم القيامة. 

كانوا يطلبون خارقة» ولا يفطنون إلى سنة الله في أخذ المكذبين 
بالدعوة بعد مجيء الخارقة» واهلاكهم في الدنياء ولا يدركون حكمة 
الله في عدم مجيثهم بهذه الخارقة» وهو يعلم أنهم سيجحدون بها 
بعد وقوعها - كما وقع في الأقوام قبلهم - فيحق عليهم الهلاك؛ 
بينما يريد الله أن يمهلهم ليؤمن منهم من يؤمن (0)؛ " ومعجزة 
القرآن البارزة تكمن في أنه نزل لمواجهة واقع معين في حياة أمة 
معينة» في فترة من فترات التاريخ محددة» وخاض بهذه الأمة 
معركة كبرى حولت تاريخها وتاريخ البشرية كلها معهاء ولكنه - 
مع هذا - يعايش ويواجه ويملك أن يوجه الحياة الحاضرة؛ وكأنما 
هو يتنزل اللحظة لمواجهة الجماعة المسلمة في شؤونها الجارية؛ 
وفي صراعها الراهن مع الجاهلية من حولهاء وفي معركتها كذلك 
في داخل النفس» وفي عالم الضمير» بنفس الحيوية» ونفس الواقعية 


)1( المصدر السابق ييا ٠.‏ 
١8‏ 





يت قطي ومنهجه في العفيدة ' 


التي له هناك يومذاك .)١1(‏ 
ب- التحدي بالقرآن ١‏ 

وقع التحدي للمشركين بالقران الكريم على عدة صور: 
الأولى: التحدي بأن يأتوا بمثله. ومن ذلك قوله تعالى: ( قل 


ص 


5 2 


ن لختمعق الانن وَالحِن ع أن يأوا ييذل هذا النن ل 

5 ِمِثْلِه وَلَوْ كان بَعْصْمُمَ لبَعَضِ ظهيرا ) [سورة الإسراء:68] 
وقوله تعالى: ( أ يَُوُوتَ تلت بل لَا ومين (2) كوأ يحَدِيث 
مُثلِهِ إن كانوأُ صَدِقِينَ 1 إسورة الطور:4-17"] » حيث يرى سيد 
- رحمه الله- أن المشركين تلقوا هذا التحدي بالعجزء ووقفوا 
تجاهه صاغرين» ولذلك راحوا يطلبون الخوارق المادية هروباً 





من التحدي "010 
الثانية: التحدي بعد * القران: 
. 23 3 5 2 شرو لسر كه اوم قَأىا 6 
وذلك في قولهة تعالى: ا قل بعر 
سور فلك عفار يرق تِ وأدعوأ من مْنِ أَسْعَطعَتُم مّن ون ا إن 5 


صَدِوِينَ ) [سورة هود:١١]‏ " وهي نفس المقولة التي رددوها 


. ”48/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. "8949/5 7780/4 ينظر : في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





مراراً: إن هذا القرآن مفترى» فتحذهم إذن أن يفتروا عشر سور 
كسوره» وليستعينوا بمن يشاءون في هذا الافتراء .)١('‏ 
الثالثة: التحدي بسورة واحدة: 


وذلك في قوله تعالى: ( وَإِنَ كنم في رب هْمَا ْنا علا 
عبن فوأ بسُورَوَ من مَغْلِو وَأدْعُوأ سُهَدَاءَحُم ين ذُونٍ أشن 

وى سا يز 5 > عن هن 5 . َ عر و له 

كم صَددِقِينَ 1 [سورة البقرة:71] وقوله تعالى: ( أمْ يقولون 


وح در 3 و 


1 _ 4 21 اسع رعو واه سه 2ج ءءء قو ان و و 


: الله | 
كُنٌ صدِقِنَ 1 [سورة يونس:88] ففي هاتين الآيتين يتحدى الله 
المكذبين أن يأتوا بسورة من مثل سور القرآن الكريم وليدعوا من 
يستطيعون جمعهم» وليدعوا من يشهد لهم بهذا - من دون الله 
- فالله قد شهد لعبده بالصدق في دعواه» وقد ثبت هذا التحدي؛ 
وثبت العجز عنه» وما يزال ثابتاً ولن يزال» فقد ظل التحدي 
قائما في حياة الرسول - يةٍ - وبعدهاء وما يزال قائماً إلى 
يومنا هذاء وهو حجة لا سبيل إلى المماحكة فيهاء وما يزال 
القرآن يتميز من كل كلام يقوله البشر تميزاً واضحاً وقاطعاً: 
وسيظل أبداً تصديقاً لقوله تعالى: ( وَإن لَمْ تفعلوأ وآن تَفَعَلُوا ) 


. ١851/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
0١ 








[سورة القرة:؛ ؟] » والتحدي هنا عجيبء والجزم بعدم إمكانه 
أعجبء ولو كان في الطاقة تكذيبه ما توانوا عنه لحظة؛ وما 
من شك أن تقرير القرآن الكريم أنهم لن يفعلواء وتحقق هذا كما 
قرره هو بذاته معجزة لا سبيل إلى المماراة فيهاء ولقد كان 
المجال أمامهم مفتوحاً» فلو أنهم جاءوا بما ينقض هذا التقرير 
القاطع لانهارت حجية القرآن ولكن هذا لم يقع ولن يقع كذلك 
فالخطاب للناس جميعاً؛ ولو أنه كان في مواجهة جيل من 
أجيال الثان: وهذه وحدها كلمنة الفضل التازيقية .)١('‏ 
أى سيد قطب ذ 

ذكر سيد - رحمة الل-: " أن المفسرين القدامى يقولون إن 
التحدي بالقراآن كان على الترتيب: بالقرآن كله» ثم بعشر سورء 
0 

بينما ترد تيب آيات التحدي في سور القرآن ليس كذلك» ففي 


سورة البقرة ؟ كان لعن بسورة» وكذا في سورة يونس» وفي سورة 





هود كان التحدي بعشر سورء وفي سورة الإسراء والطور كان 
التحدي بالقران كله 
ويرى سيد أن الترتيب الذي قال به المفسرون القدامى ليس 


. بتصرف‎ ١785-1١184/7 ٠ 48/١ ينظر في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





عليه دليل» بل الظاهر أن سورة يونس سابقة والتحدي فيها 


بسورة واحدة» وسورة هود لاحقة والتحدي فيها بعشر سور. 

وحقيقة أن ترتيب الآيات في النزول ليس من الضروري أن 
يتبع ترتيب السورء فقد كانت تنزل الآية فتلحق بسورة سابقة أو 
لاحقة في النزول» إلا أن هذا يحتاج إلى ما يثبته» وليس في 
أسباب النزول ما يثبت أن آية يونس كانت بعد آية هودء 
والترتيب التحكمي في مثل هذا لا يجوز. 

ولقد حاول- السيد رشيد رضا - في تفسير المنار أن يجد 
لهذا العدة. "عنس هون" علة فأ جيه تفيكة ريا - ريفية ابند 
عليه - ليقول: إن المقصود بالتحدي هنا هو القصص القرآني؛ 
وأنه بالاستقراء يظهر أن السور التي كان قد نزل بها قصص 
مطول إلى وقت نزول سورة هود كانت عشراًء فتحداهم بعشر» 
لأن تحديهم بسورة واحدة فيه يعجزهم أكثر من تحديهم بعشر 
نظراً لتفرق القصص وتعدد أساليبه» واحتياج المتحدي إلى عشر 
سور كالتي ورد فيها ليتمكن من المحاكاة إن كان سيحاكى (). 
ونحسب - والله أعلم - أن المسألة أيسر من كل هذا التعقيد؛ 
وأن التحدي كان يلاحظ حالة القائلين وظروف القولء لأن 


. 3”0-979/١7 : تفسير المنار‎ )١( 
١00 








القرآن كان يواجه حالات واقعة محددة مواجهة واقعة محددة» 


فيقول مرة: اثتوا بمثل هذا القرآن» أو ائتوا بسورة» أو بعشر سورء 
دون ترتيب زمني» لأن الغرض كان هو التحدي في ذاته 
بالنسبة لأي شيء من هذا القرآن» كله أو بعضه أو سورة منه 
على السواءء فالتحدي كان بنوع هذا القرآن لا بمقداره» والعجز 
كان عن النوع لا عن المقدارء وعندئذ يستوي الكل والبعض 
والسورة» ولا يلزم ترتيب» إنما هو مقتضى الحالة التي يكون 
عليها المخاطبون» ونوع ما يقولون عن هذا القراآن في هذه 
الحالة» فهو الذي يجعل من المناسب أن يقال سورة أو عشر 
سور أو هذا القرآن. ونحن اليوم لا نملك تحديد الملابسات التي 
لم يذكرها لنا القرآن .)١('‏ 
د- أوجه التحدي بالقرآن الكريم: 

تحدث سيد - رحمه الله- عن إعجاز القرآن الكريم؛ وأوجه 
هذه الإعجاز في مواطن متفرقة من كتبة وخاصة " التصوير 
الفني " و" الظلال " أما " التصوير الفني " فكان حديثة مقتصراً 
على الإعجاز البياني للقرآن الكريم وما يتفرع عنه» أما حديثة 
في "الظلال " فقد تحدث عن أنواع كثيرة من الإعجاز في القرآن 


)١(‏ في ظلال القرآن ١867-1١851/5‏ بتصرف يسير. 
04 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الكريم» وفي وقفات مطولة» يصعب نقلها كلهاء ولذا فسأحاول 
تلخيص كلامه عن إعجاز القرآن الكريم وأوجه هذه الإعجاز في 
ما يلي: 





يقرر سيد - رحمه الله- في مواضع كثيرة أن إعجاز القرآن 
الكريم إعجاز مطلق» وأنه دليل على أنه كلام الله تعالى» وعلى 
صدق نبوة ورسالة محمد يي فيقول: " إن هذا القران الذي لا 
تبلغ خارقة مادية من الإعجاز ما يبلغه» من أي جانب من 
الجوانب شاء الناس المعجزة» في أي زمان وفي أي مكانء لا 
يستثنى من ذلك من كان من الناس ومن يكون إلي آخر 
الزماة 0 

ويقول: " إن في هذا القرآن سراً خاصاً» يشعر به كل من 
يواجه نصوصه ابتداءً» قبل أن يبحث عن مواضع الإعجاز 
فيهاء إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا القرآن» يشعر 
أن هنالك شيئاً ما وراء المعاني التي يدركها العقل من التعبير» 
وأن هنالك عنصراً ما ينسكب في الحس بمجرد الاستماع لهذا 
القرآن» يدركه بعض الناس... هذا العنصر يصعب تحديد 


. ١57١/9 المصدر السابق‎ )١( 
١0 





سيت قطي ومنمبة في العقيدة /ج26 





مصدره: أهو العبارة ذاتها؟ أهو المعنى الكامن فيها؟ أهو الصور 
والظلال التي تشعها؟ أهو الإيقاع القرآني الخاص المتميز من 
إيقاع سائر القول المصوغ من اللغة؟ أهي هذه العناصر كلها 
مجتمعة؟ أم إنها هي وشيء آخر وراءها غير محدود؟ 
ذلك سر مودع في كل نص قرآني» يشعر به كل من يواجه 
نصوص هذا القرآن ابتداء» ثم تأتي وراءه الأسرار المدركة 
بالتدبر والنظر والتفكير في بناء القرآن كله: 
* في التصور الكامل الصحيح الذي ينشئه في الحس والقلب 
والعقل» لحقيقة وجود الله - سبحانه - وحقيقة الوجود الكوني 
والإنساني. 
* وفي الطريقة التي يتبعها القرآن لبناء هذا التصور الكامل 
الصحيح في الإدراك البشري. 
* وفي الشمول والتوازن والتناسق بين توجيهاته كلهاء والاستواء 
على أفق واحد فيها كلهاء مما لا يعهد إطلاقاً في أعمال البشر» 
فهذه الظواهر المدركة.. وأمثالها.. مع ذلك السر الخافي الذي 
لا سبيل إلى إنكاره» يسبغ على هذا الكتاب سمة الإعجاز 
المطلق في جميع العصورء وهي مسألة لا يماري فيها إنسان 


يحترم حسه؛ ويحترم نفسه ويحترم الحقيقة التي تطالعه بقوة 


١55 


1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








وعمق ووضوح» حيثما واجه هذا القرآن بقلب سليه'(١)‏ 

'" وقد ثبت هذا التحدي» وثبت العجز عنه؛ وما يزال ثابتاً 
ولن يزال» والذين يدركون بلاغة هذه اللغة» ويتذوقون الجمال 
الفني والتناسق فيهاء يدركون أن هذا النسق من القول لا 
يستطيعه إنسان» وكذلك الذين يدرسون النظم الاجتماعية 
الإنسانية» والأصول التشريعية» ويدرسون النظام الذي جاء به 
هذا القرآن» يدركون أن النظرة فيه إلى تنظيم الجماعة الإنسانية 
ومقتضيات حياتها من جميع جوانبها والفرص المدخرة فيه 
لمواجهة الأطوار والتقلبات في يسر ومرونة.. كل أولئك أكبر 
من أن يحيط به عقل بشري واحد» أو مجموعة العقول في جيل 
واحد أو في جميع الأجيال» ومثلهم الذين يدرسون النفس 
الإنسانية ووسائل الأصول إلى التأثير فيها وتوجيهها ثم يدرسون 
وسائل القرآن وأساليبه.. 

فليس هو إعجاز اللفظ والتعبير وأسلوب الأداء وحدهء ولكنه 
الإعجاز المطلق الذي يلمسه الخبراء في هذا وفي النظم 
والتشريعات والنفسيات وما إليها.. 

والذين زاولوا فن التعبير» والذين لهم بصر بالأداء الفني» 


. في ظلال القران 5 بتصرف يسير‎ )١( 
١ / 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





يدركون أكثر من غيرهم مدى ما في الأداء القرآني من إعجاز 
في هذا الجانب»ء والذين زاولوا التفكير الاجتماعي والقانوني 
والنفسي» والإنساني بصفة عامة» يدركون أكثر من غيرهم مدى 
الإعجاز الموضوعي في هذا الكتاب أيضاً .)١('‏ 

'" ومن ثم يبقى النص بعد ذلك مفتوحاً للأجيال» وكلما اتسع 
علم البشر أدركوا شيئاً من معناه الضخم المتجدد على توالي 
الأجيال» وتلك معجزة القرآن في خطابه لجميع العقول» على 
توالي الأزمان! '(1). 
؟- أنواع الإعجاز ذ 





كان حديث سيد - رحمه الله- عن الإعجاز في تفسيره 
الحروف المقطعة في فواتح السور» وفي تفسيره لآيات التحدي 
في سورة البقرة ويونس وهود والإسراء والطور» وفي وقفته أمام 
الآيات التي تبين موضوع القرآن الكريم وسماته وخصائصه 
الدالة على مصدره. 

وكانت أكثر وقفاته في الظلال عن الإعجاز في تفسيره لآية 
التحدي في سورة يونس» تحدث فيها عن الإعجاز البياني 
والموضوعي والإعجاز في التأثير والأداء. 
)١(‏ المصدر السابق ١785/9‏ . 


(؟) المصدر السابق 7561/8 . 
١51578‏ 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





وكان سيد - رحمه الله- يريد أن يستدل بإعجاز القرآن 
الكريم على مصدره الرباني» وأن يتوصل به إلى أن القرآن 
الكريم كلام اللهء فلم يكن حديثه عن الإعجاز من أجل الإعجاز 
أو من أجل عرض أساليب البيان أو فنون البلاغة في القرآن 
الكريم كما فعل بعض من كتب عن الإعجاز("). 

ومن أنواع الإعجاز التي تحدث عنها سيد قطب- رحمه 


الله- ما يأتي: 
أولاً: الإعجاز البياني: 

تحدث سيد - رحمه الله- عن الإعجاز البياني في القرآن 
الكريم وما يتفرع عنه من إعجاز في الأداء والتعبير والعرض 
والتأثير والتصوير في مواطن متعددة يمكن إيجازها فيما يلي: 
-١‏ الإعجاز في الأداء والتعبير: 

يقول - رحمه الله-: " إن هذا القرآن الذي لا تبلغ خارقة 
مادية من الإعجاز ما يبلغه» من أي جانب من الجوانب شاء 
الناس المعجزة في أي زمان وفي أي مكان.. لا يستثتنى من ذلك 
من كان من الناس ومن يكون إلى آخر الزمان! 

فهذا جانبه التعبيري» ولعله كان بالقياس إلى العرب في 
)١(‏ المنهج الحركي في ظلال القرآن » د/ صلاح الخالدي ص١2"‏ . وينظر :في ظلال 


.١١١3-1١١5855- 51/958م‎ 55. 38/١ القرآن‎ 
١81 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








جاهليتهم أظهر جوانبه - بالنسبة لما كانوا يحفلون به من 
الأداء البياني» ويتفاخرون به في أسواقهم! - ها هو ذا كان وما 
يزال إلى اليوم معجزاً لا يتطاول إليه أحد من البشرء تحداهم الله 
به وما يزال هذا التحدي قائماً» والذين يزاولون فن التعبير من 
البشر» ويدركون مدى الطاقة البشرية فيه» هم أعرف الناس بأن 
هذا الأداء القرآاني معجز.. سواء كانوا يؤمنون بهذا الدين عقيدة 
أو لا يؤمنون.. فالتحدي في هذا الجانب قائم على أسس 
موضوعية يستوي أمامها المؤمنون والجاحدون.. وكما كان كبراء 
قريش يجدون من هذا القران - في جاهليتهم - ما لا قبل لهم 
بدفعه عن أنفسهم - وهم جاحدون كارهون - كذلك يجد اليوم 
وغداً كل جاهلي جاحد كاره ما وجد الجاهليون الأولون! ويبقى 
وراء ذلك السر المعجز في هذا الكتاب الفريد .)١('‏ 

ويقول: ' فهذا القرآن الكريم بخصائصه الموضوعية 
والتعبيرية» بهذا الكمال في تناسقه» لا يمكن أن يكون مفترى... 
والذين يدركون بلاغة هذه اللغة» ويتذوقون الجمال الففي 
والتناسق فيهاء يدركون أن هذا النسق من القول لا يستطيعه 
إنسان.... 


. ١57١/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
١0 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





فليس هو إعجاز اللفظ والتعبير وأسلوب الأداء وحده؛ ولكنه 
الإغجاز المطلق'النذي يلفسه الخمراع في هنذا وق التنظم 
والتشريعات والنفسيات وما إليها.. 

واتشن زاولوا قن التغيدروه والذرن لهم يصب بالاذاء القني؛ 
يدركون أكثر من غيرهم مدى ما في الأداء القرآني من إعجاز 
في هذا الجانب .)١('‏ 


وقد عرض سيد - رحمه الله- مزايا الأداء القرآني ومنها: - 
أ- دقة التناسق بين العبارة والمدلول: - 

يقول سيد: " إن الأداء القراني يمتاز بالتعبير عن قضايا 
ومدلولات ضخمة في حيز يستحيل على البشر أن يعبروا فيه 
عن مثل هذه الأغراضء وذلك بأوسع مدلول وأدق تعبير» 
وأجمله وأحياه أيضاً! مع التناسق العجيب بين المدلول والعبارة 
والإيقاع والظلال والجوء ومع جمال التعبير دقة الدلالة في آنِ 
واحدء بحيث لا يغني لفظ عن لفظ في موضعه» وبحيث لا 
يجور الجمال على الدقة ولا الدقة على الجمال» ويبلغ من ذلك 
كله مستوى لا يدرك إعجازه أحدء كما يدرك ذلك من يزاولون فن 
التعبير فعل» لأن هؤلاء هم الذين يدركون حدود الطاقة البشرية 


. المصدر السابق 7785/7 -- 71786 بتصرف يسير‎ )١( 
١١ 





11111717717717 تيت قطي ومنمجة في العقيدة و2 








في هذا المجال» ومن ثم يتبينون بوضوح أن هذا المستوى فوق 
الطاقة البشرية قطعاً :)0١("‏ 





يقول سيد: " وينشأ عن هذه الظاهرة ظاهرة أخرى في الأداء 
القرآني.. هي أن النص الواحد يحوي مدلولات متنوعة متناسقة 
في النص» وكل مدلول منها يستوفي حظه من البيان والوضوح 
دون اضطراب في الأداء أو اختلاط بين المدلولات» وكل قضية 
وكل حقيقة تنال الحيز الذي يناسبهاء» بحيث يستشهد بالنص 
الواحد في مجالات شتى» ويبدو في كل مرة أصيلاً في الموضع 
الذي استشهد به فيه؛ وكأنما هو مصوغ ابتداءً لهذا المجال 
ولهذا الموضع! وهي ظاهرة قرآنية بارزة لا تحتاج منا إلى أكثر 
من الإشارة إليها '(3). 
ج- استحضار المشاهد واستحيائها: 

يقول سيد: " وللأداء القرآني طابع بارز كذلك في القدرة على 
امتتعظينال المتتاهذ: والتقيين: المواسةة كينا و كناف المسشتحية 
حاضراً بطريقة ليست معهودة على الإطلاق في كلام البشرء ولا 


. 59455/56 في ظلال القرآن 1717/9 » وينظر أيضا‎ )١( 
وقد أشار سيد إلى أمثلة من ذلك في مقدمة سورة يونس‎ » ١780/7 (؟) المصدر السابق‎ 
. وما بعدها‎ ١755/9 انظر‎ » 
١ 








يملك الأداء البشري تقليدهاء لأنه يبدو في هذه الحالة مضطربا 
غير مستقيم مع أسلوب الكتابة! والا فكيف يمكن للأداء البشري 
أن يعبر على طريقة الأداء القرآني في مثل هذه المواضع 


2 .< مر ري رتوو 20-8 


م وَحَلوريًا ببى سر يل اه لمكا ورعون وجنوده, بغيا 


د 
ساح 2 صرح سس ل 1 3 مه 
ندر 


وعدوا ع دآ اكه الغرق كال 2 لله ألدَى 


سما 


لا إله 
منت بو نوأ سيل 8 [سورة يونس:10] . 

' والى هنا هي قصة تحكى» ثم يعقبها مباشرة خطاب موجه في 
مشهد [ءِآلَنَ وَقَدَ عَصَِنَتَ هَلْ وسكت هن الْمَفْسِدِينَ 1 ثم 
مسر 47ا التعين على انلزن احفر زه 6/1713 
لئاس عَنّ َايثيَا لَعنِفلُوتَ ) [سورة يونس:15-51] . 

* إل أت عو اكير سبد ص ) د كَهِينا بيني ع 6 4 هذا 
لقان درم به ومن يلم ] إلى هنا أمر يوجه ورسول يتلقى» ثم 
فجأة نجد الرسول يسأل القوم: [ يكم لَتَشَهَدُونَ آر مم أ 
َلِهَدَ أ ) وإذا به يعود للتلقي في شان هذا اذم سأل عنه 
قوس - وأجابوه! (ثل له أقيد قل إِنّمَا هو 
ُشَرِكوْتَ 1 [سورة الأنعام:9١]‏ وكذلك في الالتفاتات المتكررة في 
مثل هذه الايات: 


هو إِله حل 


١11 


يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 





سرح م دج ا سء سا سح يدس 6# بن ا د اق عو أن ص رج صد 
| ووم حَشْرهُم حِيعا يَمَعْشَرَ الجن قل استكرتم مْنَ الس 
دع 2 رسميريو سس صح رس صا ساح سال سج عو سا سام سسحت سرس ل سس سم 
71 0 َ 1 : 
ل أوَلَِاؤْهم منَ الس ربا استمتع بعضنا بِبِعَضٍ وَبِلَعْنَآ أجلنا 
0121 + سا آذ د 7 سو سه ع أ هه 2 رمه 0 عر “سر ست مم ٍ- 
لْذِى أجلت لنا َال النار مثوتحة خَللدين فيها إلا ما شاء الله إن 
200 .© سس بد سا اورف لم 00 سح سه ره 
بك 52 علي (1580 وَكَدلِكَ وَل بعص ألظينيين بتعا يما كادْأ 
وم سح سه 14 ع ام ع رخ ار د 2 
يَكْسِبونَ (0) يْمَعَسَرَ ألْنَ والاذين ألم يأَيَكمْ رسل يكم يقصود 
حر فزي ع عر عور له اسع لم سير مخ ع لاه سه ح سس سم 
عليحكم ءَايْقٍ وَسْذِرونَك لِمَاءَ يَوْمِكمَ هذا قَالوأ شَيدنًا علج 


معرر و 


1 

كينيب © فلك 3 ل يكل يبك مزيك اندها يطث أنه 
عَلفِلُوَنَ 1 [سورة الأنعام:1748- 170] » وأمثالها كثير في القرآن 
كله؛ وهو أسلوب متميز تماماً من الأسلوب البشريء وإلا فمن 
شاء أن يماريء فليحاول أن يعبر على هذا النحوء ثم ليأت 
بكلام مفهوم مستقيم» فضلاً على أن يكون له هذا الجمال 
الرائع» وهذا الإبقاع المؤثر» وهذا التناسق الكامل! هذه بعض 
جوانب الإعجاز في الأداء نلم بها سريعاً :)١("‏ 
'- الإعجاز في التصوير: - 

وهو فرع من فروع الإعجاز البياني في القرآن الكريم» ويقصد 


عو ل روح م قوس لا ل سي العم ا هرهم 
أنفييسن] وحتَهم لديا وَسَهِدُوا عِلحَ أنفسيمٌ أنهم كانوأ 


. ١/88 -1١ا/41//9 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


به: طريقة القرآن الكريم المعجز في التعبير عن المعاني المجردة: 
والأوصاف المعنوية» والحالات النفسية» والنماذج والحوادث 
والقصص والمشاهد» بصورة حية شاخصة متحركة (0). 
وهذه النوع من الإعجاز البياني هو الذي بني عليه -سيد - 
نظرية التصوير الفني في القرآن الكريم. 
وقد عرض نماذج كثيرة من هذا اللون من ألوان الإعجاز 
البياني ذ في القران الكريم تأخذ منها نموذجاً واحد فقط: 

في ظلئل قوله تعالى: ١‏ وَعَْقِدَة مَدَاقعٌ التي لا يتلمها ]ل 
هو ويَدَْدٌ ما فى أل وَالحَرٌ وَمَا شَسَقْظ من وَرَقَةٍ إلا يَتَكمهَا 
وَلَاحََةٍ في ظلمنت الْأَرْضٍ ولا رطب ولا ياس إِلّا في كك مين ) 
[إسوزة 55-5 ؛يقول - رحمه الله-: " إنها صورة لعلم الله 
الشامل المحيطء الذي لا يند عنه شيء في الزمان ولا في 
المكان» في الأرض ولا في السماء في البر و في البحر» في 
جوف الأرض ولا في طباق الجوء من حي وميت ويابس 
ورطب.. 

ولكن أين هذا الذي نقوله نحن - بأسلوبنا البشري المعهود 
- من ذلك النسق القرآني العجيب؟ وأين هذا التعبير 


. ينظر : التصوير الفني في القرآن ص 5-1554" بتصرف‎ )١( 
١11 











1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الإحصائي المجرد» من ذلك التصوير العميق الموحي؟ 

إن الخيال البشري لينطلق وراء النص القصير يرتاد آفاق 
المعلوم والمجهول» وعالم الغيب وعالم الشهود»ء وهو يتبع ظلال 
علم الله في أرجاء الكون الفسيح. ووراء حدود هذا الكون 
المشهود.. وان الوجدان ليرتعش وهو يستقبل الصور والمشاهد 
من كل فج ووادٍ» وهو يرتاد - أو يحاول أن يرتاد - أستار 
الفينوي المختو مة في الماضي والحاضر والمستقبل» البعيدة 
الآماد والآفاق والأغوار.. مفاتحها كلها عند اللهء لا يعلمها إلا 
هو.. ويجول في مجاهل البر وفي غيابات البحر» المكشوفة 
كلها لعلم الله» ويتبع الأوراق الساقطة من أشجار الأرضء لا 
يحصيها عد» وعين الله على كل ورقة تسقطء هنا وهنا وهناك» 
ويلحظ كل حبة مخبوءة في ظلمات الأرض لا تغيب عن عين 
الله ويرقب كل رطب وكل يابس في هذا الكون العريضء» لا يند 
منه شيء عن علم الله المحيط.. 

إنها جولة تدير الرؤوس» وتذهل العقول» جولة في آماد من 
النمان» وآفاق من المكان» وأغوار من المنظور والمحجوب؛ 
والمعلوم والمجهول.. جولة بعيدة موغلة مترامية الأطرافء يعيا 
بتصور آمادها الخيال.. وهي ترسم هكذا دقيقة كاملة شاملة في 


١55 





1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





بضع كلمات.. ألا إنه الإعجاز!. الناطق بمصدر هذا القرآن .)١('‏ 
" ومن ذا الذي يبدع هذا التناسق والجمال.. في هذا التعبير 
اقفن 6 101 
*- الإعجاز الموضوعي: 

موضوع القرآن الكريم دليل على أنه من عند الله» والإعجاز 
الموضوعي فيه شاهد على مصدره؛ ولم يقف سيد - رحمه اللهم- 
عند الإعجاز في الأداء والتصوير بل عرض أيضا للإعجاز 
في الموضوع الذي يعرضه السياق القرآني» والقران معجز بأدائه 
ومعجز بمضمونه (). 

وقد تحدث -سيد- عن الإعجاز الموضوعي في مواضع 
متعددة من الظلال» كان أشملها وأوفاها حديثه في ظلال آية 
التحدي في سورة يونس» فبعد أن ذكر جوانب من الإعجاز في 
الأداء قال: ' ويبقى الإعجاز الموضوعيء والطابع الرباني 
المتميز من الطابع البشري فيه. 


. 7١1715-411١/910/5؟ وينظر‎ ١١١75-1١١١1١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
وينظر أمثلة أخرى في التصوير الفني في القرآن : ص‎ ١١١7/7 (؟) المصدر السابق‎ 
. ومشاهد القيامة كاملا‎ 57-5 
وفي ظلال القرآن‎ » ٠٠١ المنهج الحركي في ظلال القرآن : د/, صلاح الخالدي ص‎ )"( 
. 55/5 ار تك 7الا ل‎ 
١ 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





إن هذا القران يخاطب الكينونة البشرية بجملتهاء فلا يخاطب 
ذهنها المجرد مرة؛ وقلبها الشاعر مرة» وحسها المتوفز مرة؛ 
ولكنه يخاطبها جملة» ويخاطبها من أقصر طريق» ويطرق كل 
أجهزة الاستقبال والتلقي فيها مرة واحدة كلما خاطبهاء وينشئ 
فيها بهذا الخطاب تصورات وتأثرات وانطباعات لحقائق الوجود 
كلهاء لا تملك وسيلة أخرى من الوسائل التي زاولها البشر في 
تاريخهم كله أن تنشئها بهذا العمق» وبهذا الشمول» وبهذه الدقة 
وهذا الوضوح» وبهذه الطريقة وهذا الأسلوب أيضاً! .)١('‏ 

وقد عرض سيد - رحمه الله- وهو يتحدث عن الإعجاز 
الموضوعي عدة مزايا لمنهج القرآن الكريم في عرض 
موضوعاته» نقلها من كتابه " مقومات التصور الإسلامي " 
وهي: 
أ- انه يعرض الحقيقة - كما هي في عالم الواقع - في 
الأسلوب الذي يكشف كل زواياها وكل جوانبها وكل ارتباطاتهاء 
وكل مقتضياتها.. وهو- مع هذا الشمول- لا يعقد الحقيقة» ولا 
يلفها بالضباب! بل يخاطب بها الكينونة البشرية في كل 
مستوياتهاء ولا يملك الأداء البشري هذاء فكل كاتب يخاطب 


. ١784/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
١0 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





مستوى معيناً» ولا يكاد غيره يفهم عنه... 

ب- أنه مبرأ من الانقطاع والتمزق الملحوظين في الدراسات " 
الغلدينة " والتأوئلقف " الفلنيفية * والوسكنات"" الفية " حديماء 
فهو لا يفرد كل جانب من جوانب " الكل " الجميل المتناسق 
بحديث مستقل كما تصنع أساليب الأداء البشرية» إنما يعرض 
هذه الجوانب في سياق موصولء يرتبط فيه عالم الشهادة بعالم 
الغيب» وتتصل فيه حقائق الكون والحياة والإنسان بحقيقة 
الألوهية؛ وتتصل فيه الدنيا بالآخرة» وحياة الناس في الأرض 
بحياة الملأ الأعلى» في أسلوب تتعذر مجاراته أو تقليده... 

ج- أنه يحافظ على إعطاء كل جانب من جوانب الحقيقة- 
المتماسكة والمتناسقة - في الكل المتناسق مساحته التي تساوي 
وزنه الحقيقي في ميزان الله - وهو الميزان- ومن الأمثلة على 
هذا التناسق في عرض حقيقة الألوهية والى جانبها قضية 
العبودية وما يلحق بها من قضايا الوجود الكوني والإنساني 
بحيث يبدو التناسق والتوازن» فتنال كل حقيقة منها نصيبها 
المتناسق مع عالم الواقع» فلا تطغى حقيقة على غيرها ولا تهمل 
ولا تضيع معالم بعض الحقائق في المشهد الكلي الذي تعرض 
فيه الحقائق 

د- أنه يمتاز بالحيوية الدافقة المؤثرة الموحية - مع الدقة 


0 


يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


والتقرير والتحديد الحاسم؛ وهي تمنح هذه الحقائق حيوية وإيقاعاً 
وروعة وجمالاً» لا يتسامى إليها المنهج البشري في العرض ولا 
في الأسلوب البشري في التعبير» ثم هي في الوقت ذاته تعرض 
في دقة عجيبة» وتحديد حاسم» ومع ذلك لا تجور الدقة على 
الحيوية والجمال» ولا يجور التحديد على الإيقاع والروعة. 

ه- أنه يقدم الحقائق- أحياناً- في مجالات لا يخطر للفكر 
البشري عادة أن يلم بها لأنها ليست من طبيعة ما يفكر فيه 
عادة أو يلتفت إليه على هذا النحوء ومن هذا القبيل ما جاء في 
سورة الأنعام في تصوير حقيقة العلم الإلهي ومجالاته ( وَعِنْدَهٌ 
ماق ألمت ل ينلمها الأالكر 1 إسورة الأساء:85] الآبق. فيذة 
المطارح المترامية» الخفية والظاهرة» ليست مما يتوجه الفكر 
البشري إلى ارتيادها على هذا النحوء وهو في معرض تصوير 
شمول العلم؛ مهما أراد تصوير هذا الشمول» ولو أن فكراً بشرياً 
هو الذي يريد تصوير شمول العلم لاتجه اتجاهات أخرى 
كنات احتعاماف لدان وطبيعة قصووراةه: 

ننظر إلى هذه الآية القصيرة من أي جانب فنرى هذا الإعجاز 
الناطق بمصدر هذا القرآن فنجزم للوهلة الأولى بأن هذا كلام لا 


١5٠ 





يت قطي ومنهجه في العفيدة ' 


يقوله بشر فليس عليه طابع البشر(١):‏ 

وبعد أن يعرض سيد - رحمه الله- لظلال الآية في كلام 
أدبي طويل لا يسع المجال هنا لذكره» يذكر أيضاً مثالا آخر 
وهو قوله تعالى: يَعَلَمُ ما يلج في الْأَرَضٍ وَمَا يحرج ينها وَمَا يغ 
مس السَّمَاءِ وما بعر ف وهو البَحِيِمْ الْعَُور ) [سورة سبا:؟] 
قائلا: " ويقف الإنسان أمام هذه الصفحة المعروضة في كلمات 
قليلة» فإذا هو أمام حشد هائل عجيب من الأشياء»ء والحركات» 
والأحجام» والأشكال» والصور» والمعاني» والهيئات» لا يصمد لها 
الخيال! 

ولو أن أهل الأرض جميعاً وقفوا حياتهم كلها يتتبعون 
ويحصون ما يقع في لحظة واحدة؛ مما تشير إليه الآية 
لأعجزهم تتبعه واحصاؤه عن يقين! '("): 
و- أن طريقة الاستدلال في هذا القرآن تقوم على الاستدلال 
بأشياء وأحداث مثيرة صغيرة في ظاهرها وهي ذات حقيقة 
ضخمة تناسب الموضوع الضخم الذي يستدل بها عليه.. بحيث 
يجعل من مألوفات البشر وحوادتهم المكررة» قضايا كونية كبرى 


. بتصرف‎ ١710-1188/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
.1١١17-11١7/؟ وينظر أيضا‎ » ١3797/* في ظلال القرآن‎ )١( 
0١ 











يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود»ء وينشئ بها عقيدة 
تيعية اقنافاء ربصيو كارا ريع ان وني نودوي اداو 
والتفكير» وحياة للأرواح والمشاعر ومن الأمثلة لذلك الاستدلال 
بالآيات المعروضة على البشر في أنفسهم وفي زرعهم وفي 
الماء الذي يشربون وفي النار التي يوقدون وهي أبسط ما يقع 
تحت أبصارهم من مألوفات الحياة " .)١(‏ وغيرها من 
المشاهدات لينشئ بها عقيدة في نفوس المخاطبين " (2). 


ل بين 


شم يبقى وراء ذلك مادة القران وموضوعه؛ وما تتسع 
صفحات عابرة - في ظلال القران - للحديث عن مادة هذا 
القران وموضوعه» فالقول لا ينتهي والمجال لا يحد! وماذا الذي 
يمكن أن يقال في صفحات؟! 

* منهج هذا القرآن العجيب في مخاطبة الكينونة البشرية 
بحقائق الوجودء بحيث يواجهها بجملتهاء دون أن يدع جانباً منها 
لا يخاطبه» أو نافذة لا يدخل منهاء ولا يدع هاتفاً فيها لا يلبيه. 
* منهج هذا القرآن العجيب وهو يتناول قضايا الوجود؛ وتعامل 
الفطزة ينها 

* منهج هذا القرآن العجيب وهو يأخذ بيد الفطرة الإنسانية 
)١(‏ ينظر الآيات 4ه -7 من سورة الواقعة . 


. بتصرف‎ ١1915-١1197717 في ظلال القرآن‎ )١( 
4 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





خطوة خطوة» في رفق وحيوية» ووضوح إلى القمة السامقة 
* منهج هذا القرآن العجيب» وهو يلمس الفطرة الإنسانية» من 
حيث لا يحتسب أحد» فإذا بها تنتفض وتستجيب» ذلك 
المنهج؟.. أم المادة ذاتها التي يعرضها القرآن في هذا المنهج.. 
إن الذي يكتب هذه الكلمات قضى - ولله الحمد والمنة - في 
الحتكية الؤاعية الذازينة لهذا الككاقة.خسة وعكترين عام 
يجول في جنبات الحقائق الموضوعية لهذا الكتاب» في حقول 
المعرفة الإنسانية - ما طرقته معارف البشر وما لم تطرقه - 
ويقرأ في الوقت ذاته ما يحاوله البشر من بعض هذه الجوانب.. 
ويرى.. يرى ذلك الفيض الغامر المنفسح الواسع في هذا القرآن» 
والى جانبه تلك البحيرات المنعزلة» وتلك النقر الصغيرة.. وتلك 
المستتقعات الآسنة أيضا )١("‏ 
- الإعجاز في التأثير: 
وهو من وجوه الإعجاز التي أشار إليها سيد - رحمه اله 
وعرض صوراً منهاء يقول: ' إن الأداء القرآني يمتاز ويتميز 
من الأداء البشريء إن له سلطاناً عجيباً على القلوب ليس 
للأداء البشري» حتى ليبلغ أحياناً أن يؤثر بتلاوته المجردة على 


. بتصرف‎ ١477-١5471/” في ظلال القرآن‎ )١( 
١0 








191 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





الذين لا يعرفون من العربية حرفا .)١('‏ ومن النماذج والصور 

التي عرضها سيد - رحمه الله- لتأثير القرآن في البشر: 

أ- تأثير القرآن في النجاشي رضي الله عنه- وفي أصحابه 

عندما تلا عليهم جعفر ابن أبي طالب -رضي الله - عنه سورة 

مريم» فقاموا تفيض أعينهم من الدمع("). 

ب- تأثر وفد النصارى الذين قدموا إلى النبي# فسمعوا القرآن» 

وبكوا وآمنوا (5). 

ج- تأثر المشركين بالقرآن ومن ذلك عدة حوادث متفرقة رواها 

هيفن القود 50 ): 

د- تأثر امرأة يوغسلافيه سمعت- سيد قطب- وهو يخطب 

على ظهر السفينة» ويقرأ القرآن 0 

ه- تأثر سيد نفسه» مع بعض رفاقه عندما سمعوا سورة النجم .)١(‏ 
ويبين -سيد - سبب هذا النوع من الإعجاز القرآاني - 

الإعجاز في التاثير -فيقول: " إن في هذا القرآن سراً خاصاًء 

. ١785/9 في ظلال القرآن‎ )١ 

؟) المصدر السابق 155/7 . 

*) المصدر السابق 1958/5 . 


( 
5) المصدر السابق فك لاء -كلاء ١‏ . 

( 

( 


5) المصدر السابق 1ك كلكلا ١‏ . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 


5 المصدر السابق 51 . 
١+‏ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





مواضع الإعجاز فيها إنه يشعر بسلطان خاص في عبارات هذا 
القرآن» يشعر أن هنالك شيئاً ما وراء المعاني التي يدركها العقل 
من التعبير» وأن هنالك عنصراً ما ينسكب في الحس بمجرد 
الاستماع لهذا القرآن» يدركه بعض الناس واضحاً ويدركه بعض 
الناس غامضاً» ولكنه على كل حال موجود» هذا العنصر الذي 
ينسكب في الحس» يصعب تحديد مصدره: أهو العبارة ذاتها؟ 
أهو المعنى الكامن فيها؟ أهو الصور والظلال التي تشعها؟ أهو 
الإيقاع القرآني الخاص المتميز من إيقاع سائر القول المصوغ 
من اللغة؟ أهي هذه العناصر كلها مجتمعة؟ أم إنها هي وشيء 
آخر وراءها غير محدود؟! ذلك سر مودع في كل نص قرآني» 
يشعر به كل من يواجه نصوص هذا القرآن ابتداء» ثم يأتي 
وراءه الأسرار المدركة بالتدبر والنظر والتفكير("). 

" إن كل آية وكل سورة تنبض بالعنصر المستكن العجيب 
المعجز في هذا القرآن» وتشي بالقوة الخفية المودعة في هذا 
الكلام» وإن الكيان الإنساني ليهتز ويرتجف ويتزايل ولا يملك 
التماسك أمام هذا القرآن» كلما تفتح القلب؛ وصفا الحسء وارتفع 


. 5099/5 المصدر السابق‎ )١( 
ه86‎ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الإدراك» وارتفعت حساسية التلقي والاستجابة» وإن هذه الظاهرة 
لتزذاد وضوحاً كلما "اعت ثقافة الإنسان 2١7!‏ 

" ويبقى وراء ذلك السر المعجز في هذا الكتاب الفريد» ذلك 
السلطان الذي له على الفطرة» متى خُلي بينها وبينه لحظة! 
وحتى الذين رانت على قلوبهم الحجبء وثقل فوقها الركام؛ 
تنتفض قلوبهم أحياناً وتململ تحت وطأة هذا السلطان وهم 
يستمعون إلى هذا القرآان... 

ولقد كان كبراء قريش يقولون لأتباعهم الذين يستخفونهم - 
ويقولون لأنفسهم في الحقيقة -: [وَهَلَ ان كَمروأ لا صَمعُوا 
دا لمان وَالما ويد كلك مكليوة ١‏ [سورة فضللت:+] للا كتانوا 
يجدونه هم في نفوسهم من مس هذا القرآن وايقاعه الذي لا 
يقاوم! وما يزال كبراء اليوم يحاولون أن يصرفوا القلوب عن هذا 
القرآن بما ينزلونه لهم من مكاتيب! غير أن هذا القرآن يظل - 
مع ذلك كله - غلاباً.. وما إن تعرض الآية منه أو الآيات في 
ثنايا قول البشرء حتى تتميز وتنفرد بإيقاعهاء وتستولي على 
الحس الداخلي للسامعين» وتنحي ما عداها من قول البشر 
المحير الذي تعب فيه القائلون. 


. 78-١١ وينظر أيضا " التصوير الفني في القرآن " ص‎ ١6١5/5 المصدر السابق‎ )١( 
65 








1717717717 1111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





ثانياً: الإعجاز التشريعي. 

أشار سيد - رحمه الله- إلى الإعجاز التشريعي في القرآن 
الكريم في ظلال آية الدين في سورة البقرة حيث قال: ' وان 
الإنسان ليقف في عجب وفي إعجاب أمام التعبير التشريعي 
في القرآن - حيث تتجلى الدقة العجيبة في الصياغة القانونية 
حتى ما يبدل لفظ بلفظء ولا تقدم فقرة عن موضعها أو تؤخرء 
وحيث لا تطغى هذه الدقة المطلقة في الصياغة القانونية على 
جمال التعبير وطلاوته» وحيث يربط التشريع بالوجدان الديني 
ربطاً لطيف المدخل عميق الإيحاء قوي التأثير» دون الإخلال 
بترابط النص من ناحية الدلالة القانونية» وحيث يلحظ كل 
اليؤتراق التحملة فى تيوفت :طرفي الكواقة وموفتقت التيووة 
والكتاب» فينفي هذه المؤثرات كلها ويحتاط لكل احتمال من 
احتمالاتهاء بحيث لا ينتقل من نقطة إلى نقطة إلا وقد استوفى 
النقطة التشريعية بحيث لا يعود إليها إلا حيث يقع ارتباط بينها 
وبين نقطة جديدة يقتضي الإشارة إلى الرابطة بينهما... 

إن الإعجاز في صياغة آيات التشريع هنا لهو الإعجاز في 
صياغة آيات الإيحاء والتوجيه؛ بل هو أوضح وأقوىء لأن 
الغرض هنا دقيق يحرفه لفظ واحد» ولا ينوب فيه لفظ عن لفظء 
ولولا الإعجاز ما حقق الدقة التشريعية المطلقة والجمال الفني 


١5 /ا‎ 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





المطلق على هذا النحو الفريد. 
وذلك كله فوق سبق التشريع الإسلامي بهذه المبادئ للتشريع 
المدني والتجاري بحوالي عشرة قرون كما يعترف الفقهاء 


وبعد أن استعرض سيد - رحمه الله- عظمة التشريع 
الإسلامي في مسالة الدين وما يتعلق به؛ قارن بين عظمة 
واعجاز القرآن في التشريعات والنظم وبين ما سواه من قوانين 
وتشريعات ومناهج بشرية» لا تثمر إلا الشقاء والعنت ('). 
ثالثاً: الإعجاز الحركي. 

ويقصد به: الإعجاز في مهمة القرآن الدعوية وطبيعته 
الحركية» وقد أشار سيد - رحمه الله- إلى هذا النوع من 
الإعجاز في مواضع من الظلال منها: 

حديثه عن بيان القرآن الكريم لطبيعة المعركة المستمرة بين 
المسلمين وأعدائهم» على اختلاف الزمان والمكان» حيث بين 
القرآن الكريم بياناًت شاملا شافياً وافياً معجزاء سواءً طبيعة هذه 
المعركة أو أهدافهم منهاء أو اتفاق جميع فئاتهم على تحقيقهاء 


. 37/0 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 3”538-5؟؟6/١ المصدر السابق‎ )١( 
١1 





111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








أو أسلحتهم المختلفة فيها. ('). 

ففي مقدمة تفسير الجزء الثاني من سورة البقرة يقول سيد - 
رحمه الله-: " ابتداء من هذا الجزء - نجد التركيز على إعداد 
الجماعة المسلمة لحمل الأمانة الكبرى - أمانة العقيدة» وأمانة 
الخلافة في الأرض باسم هذه العقيدة».. واعطاء الجماعة المسلمة 
كضباتسن الأمة المتتخلفة وشتخضبيكها" الحينتقلة يقلتي وتنرائعها 
ومنهجها الشامل المتميزء وقبل ذلك بتصورها الخاص للوجود 
والحياة وعلاقتها بربها ووظيفتها في الأرض وما تقتضيه هذه 
الوظيفة من تكاليف في النفس والمال والشعور والسلوك '("). 

' ومن خلال مراجعة نصوص القرآن في هذا الشأن ندرك 
طبيعة المعركة التي كان يخوضها القران وطبيعة الغاية التي 
كان يستهدفها في بناء الأمة المسلمة» وهي معركة ضخمة مع 
الدسائس والفتن والألاعيب والبلبلة والتلبيس والكذب» ومع 
الضعف البشريء ومداخل الفتنة ومسارب الغواية في النفس 
البشرية على السواء؛ وهي كذلك معركة للبناء والتوجيه وإنشاء 
التصور الصحيح الذي يمكن أن تقوم عليه الأمة المستخلفة في 
الأرض» والتي تتولى القيادة الرشيدة للبشرية جميعاً. 
)١(‏ المنهج الحركي في ظلال القرآن » د/ صلاح الخالدي : ص ”7584-5487 . 


(؟) في ظلال القرآن 0١‏ بتصرف يسير . 
١:1‏ 





سيت قطي ومنمبة في العيدة /ج26 





أما الإعجاز القرآاني فيتجلى في أن هذه التوجيهات» وهذه 
الأسس التي جاء بها القرآن لكي ينشئ الجماعة المسلمة 
الأولىء هي هي ما تزال التوجيهات والأسس الضرورية لقيام 
الجماعة المسلمة في كل زمان ومكانء وأن المعركة التي 
خاضها القرآن ضد أعدائها هي ذاتها المعركة التي يمكن أن 
يخوضها في كل زمان ومكانء لا بل إن أعداءها التقليدين 
الذين كان يواجههم القرآن ويواجه دسائسهم وكيدهم ومكرهم» هم 
هم» ووسائلهم هي هي» تتغير أشكالها بتغير الملابسات وتبقى 
حقيقتها وطبيعتهاء وتحتاج الأمة المسلمة في كفاحها وتوقيها 
إلى توجيهات هذا القرآن حاجة الجماعة المسلمة الأولى» كما 
تحتاج في بناء تصورها الصحيحء وادراك موقفها من الكون 
والناس إلى ذات النصوص وذات التوجيهات» ونجد فيها معالم 
طريقها واضحة» كما لا تجدها في أي مصدر آخر من مصادر 
المعرفة والتوجيه. 

ويظل القرآن الكريم كتاب هذه الأمة العامل في حياتهاء 
وقائدها الحقيقي في طريقها الواقعي» ودستورها الشامل الكامل؛ 
الذي تستمد منه منهج الحياة» ونظام المجتمع» وقواعد التعامل 


١٠ 





111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الدولي والسلوك الأخلاقي والعملي؛ وهذا هو الإعجاز ' .)١(‏ 

وفي مقدمة تفسيره لسورة النساء يوضح سيد - رحمه الله- 
إن هذه السورة تمثل جانباً من الجهد الذي أنفقه الإسلام في 
بناء الجماعة المسلمة» وإنشاء المجتمع الإسلامي» وفي حماية 
تلك الجماعة» وصيانة هذا المجتمع» ونماذج من المجتمع الذي 
انبثئق من خلال نصوص هذا القرآن» ونشأ من خلال المنهج 
الرباني. 

حيث نلمح من منهج القران طريقة تعامله مع الجاهلية 
ورواسبها في النفس والمجتمع» وصراعها مع الحق» وكيف 
يرتقي هذا المنهج بالإنسان والحياة إلى القمة السامقة؛ وما هي 
الملامح التي يتوخى المنهج الإسلامي إنشاءها وتثبيتها في 
المجتمع المسلم بعد تطهيره من رواسب الجاهلية:» وانشاء 
الأوضاع والتشريعات التنفيذية التي تكفل حماية هذه الملامح 
وتثبيتها في الواقع الاجتماعي. 

حيث نجد بيان حقيقة الربوبية ووحدانيتهاء وحقيقة الإنسان 
وأصله وعلاقته بغيره» ونجد التشريعات العملية لتحقيق البناء 
التكاملي للجماعة المسلمة» وتنظيم العلاقات المختلفة بين 


. ١74/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١06١ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





أفرادهاء وحماية المجتمع من الفاحشة والوقاية منهاء ونجد 
الكتوزيعات الخاضحة بالقياة: والطافلة والنولام والفراء والجيناذ 
بأنواعه» وعلاقة الجماعة المسلمة بغيرها سلماً وحرباً» والحرب 
المشبوبة عليها وعلى عقيدتها وقيادتها من المنافقين وأهل 
الكتاب والمشركين عموماء حيث نجد المنهج الرباني الذي يأخذ 
بالجماعة المسلمة السنائزة يوق الأشواك' الخبيكّة» والأحابيئل 
الماكرة» يقودها ويوجهها ويحذرها ويكشف لها طبيعة أعدائهاء 
وطبيعة المعركة التي تخوضهاء وطبيعة الأرض التي تدور فيها 
المعركة وزواياها وجوانبها الخبيتة ('). 

وبعد استعراض سيد - رحمه الله- لما سبق يقول: ' ومن 
علامات الإعجاز في القرآن الكريم؛ أن هذه النصوص التي 
نزلت لتواجه معركة معينة» ما تزال هي بذاتها تصور طبيعة 
المعركة الدائمة المتجددة بين الجماعة المسلمة في كل مكان؛ 
وعلى توالي الأجيال» وبين أعدائها التقليدين الذين ما يزالون هم 
هم» وما تزال حوافزهم هي هي في أصلهاء وان اختلفت أشكالها 
وظواهرها وأسبابها القريبة» وما تزال أهدافهم هي هي في 
طبيعتها وإن اختلفت أدواتها ووسائلهاء وما تزال زلزلة العقيدة 


. بتصرف‎ 555-55154/١ : ينظر : المصدر السابق‎ )١( 
١ 





وزعزعة الصفهء والتشكيك في القيادة الربانية» هي الأهداف 
التي تصوب إليها طلقاتهم الماكرة» للوصول من ورائها إلى 
الاستيلاء على مقاليد الجماعة المسلمة» والتصرف في 
مقاديرهاء واستغلال أرضها وجهدها وغلاتها وقواها وطاقاتهاء 
كما كانت يهود تستغل الأوس والخزرج في المدينة قبل أن 
يعزهم الله ويجمعهم بالإسلام» وبالقيادة المسلمة» وبالمنهج 
الرباني" .)١(‏ 
رابعاً: الإعجاز العلمي. 

ويقصد به: " مطابقة ما توصلت إليه الكشوف العلمية من 
حقائق ونظريات في الكون والآفاق والأنفس لما أشار إليه القرآن 
من الحقائق التي لم تكن معروفة للسابقين" ('). 

وقد انقسم العلماء إزاء هذا النوع إلى مؤيد ومعارضء ولكل 
منهما وجهة النظر التي انطلق منهاء وأدلته في التأييد 
ولمعا د10 


موقف سيد قطب من الإاعجاز العلمي: 


. 555/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ (؟) علم الإعجاز القرآني : د/ خليل رجب الكبيسي . مركز عبادي » صنعاء » ط‎ 
وما بعدها.‎ 18١ اه ء ص‎ 
. 7١89-1١8١ ينظر ذلك بالتفصيل في : المصدر السابق : ص‎ )"( 
١ 7ه‎ 


سيت قطي ومنمبة في العيدة /ج26 





عام 








7171717 197777 اتوص قطي ومنعجة في العفيدة /جم 








أشار سيد - رحمه الله- في مواضع متعددة من " الظلال " 
و'المقومات ' إلى موقفه مما يتعلق بقضية الإعجاز العلمي في 
القران عند حديثه عن بعض القضايا الكونية»؛ وباستقراء كلامه 
حول الموضوع يمكن إيجاز موقفه في القضايا الاتية: 
أولاً: موقف النا ذخ 





أشار سيد- رحمه الله- إلى: " أنه وجدت في هذا العصر 
فتنة بالنظريات والبحوث والكشوف العلمية» جعلت بعض 
المهزومين أمام فتوحات العلم الحديث يحاولون أن يلتمسوا 
الموافقات بين النصوص القرآانية التي تشير إلى بعض الحقائق 
الكونية» وبين النظريات والكشوف العلمية الحديثة» ليتخذوا منها 
سنداً لهذا القرآن ولهذا الدين! وهو اتجاه خاطئ وخطر كذلك 
من الناحية الإعتقادية» فوق خطثه من الناحية المنهجية " .)١(‏ 
' كما حاول بعض الطاعنين في القرآن الكريم أن يلتمسوا 
مخالفاته لهذه العلوم» وكلتا المحاولتين دليل على سوء الإدراك 
لطبيعة هذا الكتاب ووظيفته ومجال عمله '(0): 
ثانياً: طبيعة القرآن ووظيفته ومجاله وعلاقة ذلك با 





العصرية: 


(؟) في ظلال القرآن 8 . 
١06‏ 





171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








* أما طبيعة القرآن فيحددها سيد - رحمه الله- في أنه: ' 


منهج هداية للضمير وللعقل البشري معاء ليستقيما على منهج 
واضح ثابتٍ مستقرٍ في القواعد الكلية الأساسية» ثم هو 5 
هداية كذلك لنظام الحياة البشرية كي يصبح واقع الحياة متناسقاً 
مع استقامة الضمير والعقل» بحيث يسمح هذا الواقع للضمير 
والعقل أن يسلكا طريقهما في سلاح واستقامة إلى ما يحبه 
ويرضاه؛ وعندما يستقيم نظام الحياة بكل جوانبه» ويستقيم 
الضمير والعقل؛ فان للإدراك البشري حينئذ أن يبحث في سنن 
الكون وينتفع بها ليحقق الخلافة في الأرضء فالحقائق العلمية 
الكونية متروكة تفاصيلها للإدراك البشري» وبحوثه وتجاربه ولم 
يتكفل المنهج القراني ببيان تفصيلاتها له» وبناءً على ذلك 
فالقران لم ينزل إذن ليكون كتاب علوم فلكية» أو طبيعية» أو 
بيولوجية» أو فسيولوجية» أو طبية» والحقائق التي وردت فيه عن 
مثل هذه المسائل إنما وردت في صورة الإشارات الكلية» في 
معرض الهداية الإعتقادية؛ ولتصحيح الانحرافات والأضاليل 
والأوهام والتخبطات الإعتقادية» التي أحاطت بهذه المسائل؛ 
وبالقدر الذي يكفي لتصحيح العقيدة» فلا ينبغي إخراج المنهج 


١ هه‎ 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





القرآني عن طبيعته في هذا الصدد :)١("‏ 

*أما وظيفته ومجاله فيقول- سيد -: " إن مجال القرآن هو 
النفس الإنسانية والحياة الإنسانية» وإن وظيفته أن ينشئ تصوراً 
عاماً للوجود وارتباطه بخالقه» ولوضع الإنسان في هذا الوجود 
وارتباطه بربه» وأن يقيم على أساس هذا التصور نظاماً للحياة 
يسمح للإنسان أن يستخدم كل طاقاته ومنها العقلية» التي تقوم 


هي بعد تنشئتها على استقامة» واطلاق المجال لها لتعمل - 
بالبحث العلمي - في الحدود المتاحة للإنسان - وبالتجريب 
والتطبيق» وتصل إلى ما تصل إليه من نتائج ليست نهائية ولا 
مطلقة بطبيعة الحال» إن مادة القرآن التي يعمل فيها هي 
الإنسان ذاته: تصوره واعتقاده» ومشاعره ومفهوماته» وسلوكه 
وأعماله؛ وروابطه وعلاقاته؛ أما العلوم المادية» والإبداع في 
عالم المادة بشتى وسائله وصنوفه» فهي موكولة إلى عقل 
الإنسان وتجاربه وكشوفه وفروضه ونظرياته» بما أنها أساس 
خلافته في الأرضء وبما أنه مهيأ لها بطبيعة تكوينه... 

واني لأعجب لسذاجة المتحمسين لهذا القرآن» الذين يحاولون 
أن يضيفوا إليه ما ليس منه» وأن يحملوا عليه ما لم يقصد إليه 


: مقومات التصور الإسلامي : ص 7 بتصرف‎ )١( 
١5 كه‎ 








وأن يستخرجوا منه جزئيات في علوم الطب والكيمياء والفلك وما 
إليهاء كأنما ليعظموه بهذا ويكبروه! 

إن القرآن الكريم كتاب كامل في موضوعه» وموضوعه 
أضخم من تلك العلوم كلها.. لأنه هو الإنسان ذاته الذي يكشف 
هذه المعلومات وينتفع بهاء والبحث والتجريب والتطبيق من 
خواص العقل في الإنسان» والقرآن يعالج بناء هذا الإنسان 
نفسه» بناء شخصيته وضميره وعقله ونة ل هء كما يعالج بناء 
المجتمع الإنساني الذي يسمح لهذا الإنسان بأن يحسن استخدام 
هذه الطاقات المذخورة فيه؛ وبعد أن يوجد الإنسان السليم 
بالنشاطء يتركه القرآن يبحث ويجرب» ويخطئ ويصيب» في 
مجال ل والبحث والعريم ا 





يوضح سيد رحمه الله- الموقف الذي بذ ينبغي أن يكون 
نحو النظريات والحقائق العلمية التي أشار ليها القرآن الكريم؛ 
والذي يقوم على أمرين: 





. 7858/54 بتصرف يسير » وينظر أيضا‎ ١87-١481١/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ /اه‎ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





العقل اليد نظرياته: 


حيث يرى- سيد- أنه لا يجوز أن نعلق الحقائق النهائية 
التي يذكرها القراآن عن الكون في طريقه لإنشاء التصور 
الصحيح لطبيعة الوجود وارتباطه بخالقه» وطبيعة التناسق بين 
أجزائه» لا يجوز تعليقها بفروض العقل البشري ونظرياته؛ ولا 
حتى بما يسميه " حقائق علمية " مما ينتهي إليه بطريق التجربة 
القاطعة في نظره " :)١(‏ 

" وليس لنا أيضاً أن نلتمس للنصوص القرآنية مصداقاً من 
النظريات التي تسمى ' العلمية " حتى ولو كان ظاهر النص 
يتفق مع النظرية وينطبق '(). 
ويعلل سيد - رحمه الله- ذلك بما يلي: 
-١‏ أن النصوص القرآنية قطعية الدلالة» ومطلقة الدلالة كذلك» 
ونهائتية في تقرير الحقيقة التي تقررهاء ومن ثم لا يجوز أن 
يستشهد على صدقها بقول آخر إلا من جنسهاء ومن مستواها 
من حيث قطعية الدلالة ونهائيتها المطلقة» وقول البشر ومنه 
كل ما يقررونه سواءً من الحقائق العلمية أو النظريات ليس من 
جنس تلك النصوصء ولا هو من مستواها حتى يستشهد به 
)١(‏ في ظلال القرآن ١8١/١‏ بتصرف يسير . 


. ١851//5 المصدر السابق‎ )"( 
١1 








171771777 111 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





على صدقهاء وفي هذا يتجلى الخطاء الاعتقادي» والخطاء 
المنهجي معاً في الاستشهاد بتقريرات البشر" العلمية" على 
صحة أو صدق النصوص القرآنية. 

فالنصوص القرانية صحيحة وصادقة بذاتها لا بشهادة من 
خارجها عليهاء والمؤمن بها لا يجوز أن تدركه الهزيمة أمام علم 
البشرء فيشهد به على صدقها وصحتها " (0). 
؟- أن ما تعارف عليه البشر على أنه " نظريات علمية " أو " 
حقائق علمية " كلاهما ليس قطعي الدلالة ولا مطلق الدلالة؛ 
فهو علمٌ ظنيٌ في أحسن الأحوال. 

فأما " النظريات العلمية " فمعروف عند العلماء المحدثين 
أنفسهم أنها ليست سوى " فروض راجحة " فروض علمية 
لتفسير ظاهرة؛ أو ظواهر كونية» وتظل النظرية قائمة ومعتبرة 
إلى أن يوجد فرض علمي آخر يفسر تلك الظاهرة - أو 
الظواهر- تفسيراً أوضح أو أصح. أو يفسر عدداً أكبر من 
الظواهر تفسيراً متناسقاًء وهي عرضه دائماً للتبدل والتغير 
والتعديل والإلغاء» فأين يذهب النص القرآني إذا نحن فسرناه 
بإحدى تلك النظريات وعلقناه بها؟ أين يذهب عندما يظهر خطأ 


. ١857/١ مقومات التصور الإسلامي : ص 556” » و في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 








تلك النظرية» أو عندما تعدل في د بعض أجزائهاء أو عندما 
يضاف إليها جديد؟ 

إننا سنضطر أن نحمله ونجري به وراء نظرية أخرى لعلها 
تتوافق معه! وهكذا لا نكف عن حمله والجري به؛ فالنظريات 
العلمية لا تكاد 5 تستقرء وهو عناء أغنانا الله عنه» فلا ينبغي أن 


نتكبده» وأن نعرض قول الله لمثله! 

أما " الحقائق العلمية" فهي كما يقرر العلماء المحدثون كذلك» 
مجرد احتمالات راجحة وليست قطعية الدلالة» ولا مطلقة الدلالة - 
إنها حقائق ظنية - بما أنها احتمالات راجحة» وطبيعة المنهج 
العلمي التجريبي لا تسمح بغير هذاء فالإنسان هو الذي يقوم 
بالتجربة ومن ثم فهو لا يعتمد على نتائج إحصائية» وانما يعتمد 
على نتائج قياسية يجري تجاربه على ما تناولته هذه التجارب» لأن 
كل أجزاء المادة ليست في يده؛ ولا تحت سلطانه البشري» وليست 
جميع الظروف خاضعة لسلطانه» بالإضافة إلى أن عمره - لا 
الفردي ولكن الإنساني - محدود كذلكء؛ فلا يملك إجراء التجربة 
على كل أجزاء المادة» ولا يحيط بجميع الظروف والعوامل» وبالتالي 
فهو مضطر إلى أن يتخذ البرهان القياسي لا الإحصائي» ومن 
المسلم به أن البرهان القياسي برهان ظني لا قطعيء ومقيد الدلالة 
كذلك» بالإضافة إلى عامل ' النسبية" الذي يتدخل في الموقف 


١1 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





فيجعل كل حقيقة يصل إليها البشر حقيقة " نسبية" لا مطلقة» 
فالحقائق القطعية المطلقة لا يملكها إلا الله -سبحانه وتعالى- 
بحكم ألوهيته المهيمنة على الكون» وبحكم علمه المحيط غير 
المقيد بالزمان والمكان» وبحكم أنه - سبحانه - هو الأول والأخر 
والظاهر والباطن» وهي الصفات اللازمة لعلم الحقيقة القطعية 
المطلقة» وهي الحقيقة التي يقص منها في كتابه ما يشاء» ومن ثم 
لا تحتاج إلى برهان خارج عنها ولا يستشهد على صدقها وصحتها 
بشيء من الحقائق الظنية النسبية المقيدة» لا من الناحية 
الإعتقادية وحدها ولكن كذلك من الناحية المنهجية العملية " .)١(‏ 
"- "أن كل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية العامة بما يصل 

إليه العلم من نظريات متجددة متغيرة - أو حتى بحقائق علمية 
ليست مطلقة كما أسلفنا - تحتوي أولاً على خطأ منهجي 
أساسي» كما أنها تنطوي على معان ثلاثة كلها لا يليق بجلال 
القراآن الكريم.. 

الأول:_هي الهزيمة الداخلية التي تخيل لبعض الناس أن العلم 
هو المهيمن والقران تابع» ومن هنا يحاولون تثبيت القرآن 
بالعلم» أو الاستدلال له من العلم؛ على حين أن القرآن كتاب 

)١(‏ مقومات التصور الإسلامي : ص 727-7765" بتصرف » وينظر: في ظلال القرآن 


١ ١1/5 / ١1١1 / امل‎ 
١05١ 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





كامل في موضوعه؛ ونهائي في حقائقه» والعلم ما يزال في 
موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس» وكل ما يصل إليه غير 
نهائي ولا مطلق» لأنه مقيد بوسط الإنسان وعقله وأدواته» وكلها 
ليس من طبيعتها أن تعطي حقيقة واحدة نهائية مطلقة .)١('‏ 

" وتلمسٌ موافقات من النظريات " العلمية " للنصوص 
القرآنية هو هزيمة لجدية الإيمان بهذا القرآن واليقين بصحة ما 
فيه وأنه من لدن حكيم خبيرء هزيمة ناشئة من الفتنة " بالعلم ' 
واعطائه أكثر من مجاله ومداه... فلينتبه إلى دبيب الهزيمة في 
نفسه من يحسب أنه بتطبيق القرآن على ' العلم " يخدم القرآن 
ويخدم العقيدة ويثبت الإيمان! إن الإيمان الذي ينتظر كلمة 
العلم البشري المتقلبة ليثبت لهو إيمان يحتاج إلى إعادة النظر 
فيه! إن القرآن هو الأصل والنظريات العلمية توافقه أو تخالفه 
سواء. أما الحقائق العلمية التجريبية فمجالها غير مجال القرآن» 
وقد تركها القران للعقل البشري يعمل فيها بكامل حريته؛ ويصل 
إلى النتائج التي يصل إليها بتجاربه '("). 
والثاني: سوء فهم طبيعة القرآن ووظيفته» وهي أنه حقيقة نهائية 
مطلقة تعالج بناء الإنسان بناء يتفق - بقدر ما تسمح طبيعة 
)١(‏ في ظلال القرآن ١87/١‏ . 


. ١858/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١05 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الإنسان النسبية - مع طبيعة هذا الوجود وناموسه الإلهي» حتى 
لا يصطدم الإنسان بالكون من حوله» بل يصادقه ويعرف 
بعض أسراره» ويستخدم بعض نواميسه في خلافته؛ نواميسه 
التي تكشف له بالنظر والبحث والتجريب والتطبيق» وفق ما 
يهني إليه قله الموقوب: له يعمل الا ليسله 'المعلومات المالىة 
اح 
والثالث:_هي التأويل المستمر - مع التمحل والتكلف- لنصوص 
القرآن كي تحمليا وتلهث يهنا وراء'الفروطن والنظريات التي أ 
تثبت ولا تستقر» وكل يوم يجد فيها جديد» وكل أولئك لا يتفق 
وجلال القرآن» كما أنه يحتوي على خطأ منهجي كما أسلفنا ' .)١(‏ 
الأمر الثاني: الانتفاع بما يثبت من الحقائق العلمية: 

مع أن سيد - رحمه الله- يقرر أنه لا يجوز تعليق الحقائق 
القرآنية بالنظريات والفروض والحقائق العلمية البشرية وعدم 
مدن موافقات لصتبوض القرآن الكريم سن التظويات:العلمية: 
ياغقارها غير قي الدلاثةه وما ايترعب عليه من نوع فهم 
لطبيعة القرآن الكريم ووظيفته وحصول الهزيمة أمام فتنة العلم 
مما يؤدي إلى التكلف في تأويل نصوص القرآن الكريم جرياً 


.١89-١85/١  قباسلا المصدر‎ )١( 
0+ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


وراء النظريات والفروض التي لا تستقر أبداً» إلا أنه يقرر أن 
ذلك المنهج في التعامل مع النظريات والحقائق العلمية لا يمنع 
من الانتفاع بما يثبت من" الحقائق العلمية " وليست " النظريات 
العلمية " في توسيع مدى الرؤية البشرية لدلالات بعض 
النصوص القرآنية " ('). 

يقول سيد - رحمه الله-: " وهذا لا يعني ألا ننتفع بما يكشفه 
العلم من نظريات - ومن حقائق - عن الكون والحياة والإنسان 
في فهم القرآن.. كلا! إن هذا ليس هو الذي عنينا بذلك البيان» 


و <> 


ولقد قال الله سبحانه: ( سَبُرِيِهِم َتنا فى اَلدَمَاقِ وف أَنفيِيمَ 
حَقّ يبن لَهُمَ أَنَهُ ألَقّ وم يكف ريلك لَه عل كل شَىْءِ 
كييك ١‏ [دورة قات 5] م ومن مقتحمى هذه الإشازة أن فطل 
نتدبر كل ما يكشفه العلم في الآفاق وفي الأنفس من آيات الله 
وأن نوسع بما يكشفه مدى المدلولات القرآنية في تصوراتنا "("). 
ويسأل سيد - رحمه الله- سؤالاً: كيف يمكن الانتفاع بما 
كشفه العلم من نظريات وحقائق دون أن نعلق النصوص 
القرآنية النهائية المطلقة بمدلولات ليست نهائية ولا مطلقة؟. 


. 778 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 
. ١85/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
55 








اتوك قطي ومنهجه في العفيدة و2 





يرى سيد - رحمه الله- أن الجواب يتضح من خلال المثال» 
حيث ضرب أمثلة للانتفاع الجائز والمأمون بالكشوف العلمية؛ 
وأمثلة لما لا يجوز ولا يصح علمياًء ومن هذه الأمثلة: 

*يقول القرآن الكريم مثلا: (وَعَقَ كل سَىْء معدده قرا ) 


15 د_روة 4 امع جم 
[سورة الفرقان:"] و ( وَحكل شْيَءٍ عنده: يمِقَدارٍ ) إسورة الرعد:6] و 


سىس سس لوو ل سه 1 


( وَإن ين سَيْءِ إلا ندا سيك وَمَا نمزل إلا بِمَدَرٍ تَعَلُورٍِ ) 

[سورة الحجر:١!]‏ ... الخ» ثم تكشف الملاحظات العلمية أن 
هناك موافقات دقيقة وتناسقات ملحوظة بدقة في هذا الكون.. 
الأرض بهيئتها هذه وببعد الشمس عنها هذا البعد» وبعد القمر 
عنها هذا البعدء وحجم الشمس والقمر بالنسبة لحجمهاء وبسرعة 
حركتها هذه وبميل محورها هذاء وبتكوين سطحها هذا.. وبآلاف 
من الخصائص.. هي التي تصلح للحياة وتوائمها.. فليس شيء 
من هذا كله فلتة عارضة ولا مصادفة غير مقصودة.. هذه 


آذه 
م له و 


الملاحظات تفيدنا في توسيع مدلول (وَعَلَقَ كل شوو فعدده 
قا )) وتعميقه في تصورنا.. فلا بأس من تتبع مثل هذه 
الملاحظات لتوسيع هذا المدلول وتعميقه؛ وتوسع مدى الرؤية 
النقوقة لازال هق اللصبوضن 0 


. 78 ومقومات التصون الإسلامي صن‎ + 37/6*/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١55ه‎ 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


* كذلك حين يقول الله - تعالى -: ( وَأَنَهُ أَيَحَكُم من 
ا ل ل 0 
وَالْأَفِْدَةٌ لعَلَّحُمْ مَدَكُرُوت ) إسورة النحل:8/] فإنه يجوز لنا 
أن ننتفع بالكشوف العلمية المستحدثة» فيما تكشف عنه من 
الدقة الباهرة والتعقيد المدهش في أجهزة السمع والبصر» وفي 
الإدراك العقلي للإنسان» لتوسيع مدى الرؤية البشرية لحقيقة ما 
أمتن الله - سبحانه - به عليهم في الأجهزة التي لا يقاس إليها 
شيء مما صنعة البشر من الأجهزة ')١('‏ هذا جائتز ومطلوب. 
ولكن الذي لا يجوز ولا يصح علمياً هذه الأمثلة الأخرى: 


له-2 سح سا رح 
- 5 


*يقول تعالى ( وَلْقَدَ حَلَقَنَا الإضْن من سَلدَعَ من طِينٍ ) 
[سورة السجدة:6] » شم توجد نظرية النشوء والارتقاء ل 'والاس 
دارون " تفترض أن الحياة بدأت خلية واحدة؛ وأن هذه الخلية 
نشأت في الماء» وأنها تطورت حتى انتهت إلى خلق الإنسان.. 
فنحمل نحن هذا النص القراني ونلهث وراء النظرية لنقول: هذا 
هو الذي عناه القرآن!! لا.. إن هذه النظرية أولآً ليست نهائية: 
فقد دخل عليها من التعديل في أقل من قرنٍ من الزمان ما يكاد 
يغيرها نهائياً» وقد ظهر فيها من النقص المبني على معلومات 


. 3578 مقومات التصور الإسلامي ص‎ )١( 


١555 











117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





ناقصة عن وحدات الوراثة التي تحتفظ لكل نوع بخصائصه ولا 
تسمح بانتقال نوع إلى نوع آخر ما يكاد يبطلهاء وهي معرضة 
غداً للنقض والبطلان.. بينما الحقيقة القرآنية نهائية» وليس من 
الضروري أن يكون هذا معناهاء فهي تثبت فقط أصل نشأة 
الا و 0 


*وكذلك قوله-سبحانه-: ( أَولر بر الَنِنَ كفروأ أن السَموتِ 


2 


ا 
6 وه 
2 افاي 


والأرض, كتكان نافد تايا ا لصون لماي افافيه ذا 
يجوز أن نحمل هذا النص على نظرية أن الأرض كانت قطعة 
من الشمس فانفصلت عنهاء فهذه ليست سوى نظرية» أي مجرد 
فرض ظنيء وليست نهائية في موضوعها. بل إن هناك الآن 
نظريات أخرى تعادلها وترجح عليها ("). 

* وكذلك قوله- سبحانه- ( ثم استوهة إِلَّ لَك و دُحَاهُ ) 
[سورة فصلت:١١]‏ » فإنه لا يجوز لنا أن نحمل هذا النص على 
نظرية السديمء فالسديم ليس إلا مجرد نظرية؛ ومثلها سائر 
النظريات الأخرى عن نشأة هذا الكون التي لم يشهدها أحد من 


0000 عر عر 


3 2 5 6 2 3 17 00 7 صم 
البشر ولا من غيرهم من خلق الله ( مآ أَسْبَدحهم حَلَقَ السَّمْوْتِ 


. ١857/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 31854 23185/١ مقومات التصور الإسلامي ص 55" » و في ظلال القرآن‎ )١( 
0/ 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





وَالْارْضِ ولا حَلْقَّ نشم 1 [سورة الكهف:١:]‏ . " ومع هذا قد 
يكون الكلام صحيحاً لأنه اقرب ما يكون إلى المدلول الذي 
تقرره الحقيقة القرآنية في الآية " .)١(‏ 

" ولعل هذه الأمثلة أن توضح المنهج الصحيح المأمون في 
التعامل مع الإشارات القرآنية والنظريات والحقائق العلمية 
البشرية» في توسيع مدلول الآيات القرآنية وتعميقهاء دون تعليقها 
بنظرية خاصة أو بحقيقة علمية خاصة تعليق تطابق وتصديق» 


وفرق بين هذا وذاك» وفي هذا القدر كفاية "(5): 

وهنالك أمثلة أخرى ذكرها سيد - رحمه الله- في مواطن 
متفرقة على ما يصح وما لا يصح النظريات والحقائق العلمية؛ 
يمكننا هنا الإشارة إليها من باب إتمام الفائدة ومنها: 
أ- نماذ- ذذ 






- 
ره 


-١‏ قوله تعالى: (ِوَإِدْ لَحَدَ رَيّْكَ من بَفَ ءَادَمَ من ظُهُورهرٌ 


و2 


ذرينهم 1 [سورة الأعراف: ؟1١]‏ ؛ حيث ذكر سيد - رحمه الله- 


بعض الآثار التي تدل على اخراج ذرية آدم من صلبه على 


. و مقومات التصور الإسلامي ص 5ه مع الهامش‎ » 5١١5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7551 و مقومات التصور الإسلامي ص‎ » 184/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
03 





يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


هيئة الذر واشهادهم» ثم يعلق سيد على ذلك بقوله: " لقد عرض 
القرآن الكريم هذا المشهد الرائع الباهر العجيب الفريد» لتلك 
الحقيقة الهائلة في أعماق الفطرة والوجود» قبل قرابة أربعة عشر 
قرناً من الزمان» حيث لم يكن إنسان يعلم عن طبيعة النشأة 
الإنسانية وحقائقها إلا الأوهام! ثم يهتدي البشر بعد قرون إلى 
طرف من هذه الحقائق» فإذا " العلم " يقرر أن الناسلات» وهي 
خلايا الوراثة التي تحفظ سجل " الإنسان " وتكمن فيها 
خصائص الأفراد وهم بعد خلايا في الأصلاب تحفظ سجل 
ثلاثة آلاف مليون من البشر» وتكمن فيها خصائصهم كلها ولا 
يزيد حجمها على سنتيمتر مكعب كلمة لو قيلت للناس يوم ذاك 
لاتهموا قائلها بالجنون والخبال وصدق الله العظيم ( سَبُرِيِهمَ 
َإيِنَا فى أَلْآَفَاقَِ وف أي سر يَسَيَنَّ لَهُمَ ند كل وَلَمَ 
يَكْف برَيِكَ أنه عَلَ كل شَىْءِ سَهِيدٌ ) [سورة فصلت:5] (1) 

١-قوله‏ تعالى [يِكَرِرُالَتَلَ عَكَ الببَارٍ َمِكوْرُ التهكار عل أل 
1 [سورة الزنمر:5] . يقول سيد - رحمه الله -: " وهو تعبير 
عجيب يقسر الناظر فيه قسراً على الالتفات إلى ما كشف حديثاً 
عن كروية الأرضء ومع أنني في هذه الظلال حريص على ألا 
)١(‏ في ظلال القرآن 159173-1595/9 . 

١8 








يت قطي ومنهجة في العفيدة ' 


أحمل القرآن على النظريات التي يكشفها الإنسان» لأنها 
نظريات تخطئ وتصيبء وتثبت اليوم وتبطل غداًء والقرآن حق 
ثابت يحمل آية صدقه في ذاته» ولا يستمدها من موافقة أو 
مخالفة لما يكشفه البشر الضعاف المهازيل! 

مع هذا الحرص فإن هذا التعبير يقسرني قسراً على النظر 
في موضوع كروية الأرض» فهو يصور حقيقة مادية ملحوظة 
على وجه الأرض» فالأرض الكروية تدور حول نفسها في 
مواجهة الشمسء فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور 
يغمره الضوء ويكون نهاراً» وكلما تحركت الأرض غمر الليل 
السطح الذي كان عليه النهار وهكذا في حركة دائبة» واللفظ 
القرآني يرسم الشكل» ويحدد الوضع» ويعين نوع طبيعة الأرض 
وحركتهاء وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير تفسيراً 


ا ا 35 2 ١١‏ 
أدق من أي تفسير اخر ) . 


م صءدسم رلاس 0 


اعقوله تغالي» (وتعلتايت الم كل عوو نع أفلا لزيون ) 
[سورة الأنبياء:0] » يقول سيد-رحمه الله-: " وفيها تقرير حقيقة 
خطيرة» يعد العلماء كشفها وتقريرها أمراً عظيماً» ويمجدون ' 
دارون " لاهتدائه إليها! وتقريره أن الماء هو مهد الحياة الأول. 


. ”٠078/ه في ظلال القرآن‎ )١( 
١0 











11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





وهي حقيقة تثير الانتباه حقاً» وان كان ورودها في القرآن 
الكريم لا يثير العجب في نفوسناء ولا يزيدنا يقينا بصدق هذا 
القرآن» فنحن نستمد الاعتقاد بصدقه المطلق في كل ما يقرره 
من إيماننا بأنه من عند الله» لا من موافقة النظريات أو 
الكشوف العلمية له» وأقصى ما يقال هنا كذلك: إن نظرية 
النشوء والارتقاء لدارون وجماعته لا تعارض مفهوم النص 
القراني في هذه النقطة بالذات .)١('‏ 
4- قوله تعالى: (وََحَلَ فيا رَوسِىَ من هَوْقِهَا ) [سورة فصلت:١٠]‏ 
؛ حيث نقل سيد - رحمه الله- عن بعض علماء الجيولوجيا ما 
يتعلق بوضع الجبال وفائدتها في تثبيت الأرض '("). 
5- قوله تعالى: (حَقَ الْإننَ من صَلَصلٍ كَالَتَمَارٍ ) 
إسورة الرحمن:؛ ]١‏ » حيث ذكر سيد - رحمه الله- ما أثبته العلم 
الحديث من احتواء جسم الإنسان على العناصر التي تحتويها 
الأرض جميعاًء إلا أنه يجب ألا يؤخذ على أنه التفسير الحتمي 
ذلكيةة فقة يكور هنا تعنيه وقد يكون شبيثاً آخن :"0 


. في ظلال القرآن‎ )١( 
. 7717/5/4 » وما بعدها‎ "١١7/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
. في ظلال القرآن كله"‎ )*( 

١00 








> حملينهة قوله تعالى: أده رةه تق ل 0 
َطْرَافِهَا وَأَهُ يَحَكُهْ لا مُعَقِّب لِحَكمِوْء 1 إسورة الرعد:١4]‏ » على 
صن أطنراتة الأرشن. طثنة التطسنينببزاناجهناً علي دج 
الاستواءء حيث يرى-سيد - أن هذا هراء»ء وأن السياق القراني 
يحدد مدلول العبارات بأنه بيان لعمل يد الله فيما حولهم؛ فهي 
تأتي الأمم القوية الغنية حين تبطر وتكفر وتفسدء فتنقص من 
قوتها وتنقص من ثرائها وتنقص من قدرهاء وتحصرها في رقعة 


فخ الأرن حنيقة يعد أن كافك ذاخه سلطان: وافقداذ "(1). 

؟- تفسير بعضهم قوله تعالى: ( وَأََسَلَنَا ليلح وْقِمَ أن 
هن اقل مله كَأْمَمَيْككُوة ؟ [نسورة الحيسن:؟1] يان الزياح 
تحمل اللقاح من شجرة إلى شجرة» حيث يرى سيد - رحمه الله- 
أن السياق هنا يشير إلى أنها لواقح بالماء دون سواه (مَنْلْنَا مِنَ 
سمه مَآَهُ 1 وليس هناك ذكر ولو من بعيد للإنبات حتى يكون 
هناك ظل في المشهد للنبات؛ والتعبير القرآني دقيق في رسم 


. ١ مع الهامش‎ ٠١55/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





7171717 197777 اتوص قطي ومنعجة في العفيدة /جم 











ظلال المشاهد من قريب ومن بعيد يدرك ذلك من يعيش في 
ظلاله ناجياً من الشوائب والإيحاءات الغريبة " :)١(‏ 

اكتفي بهذه الأمثلة التي نبه بها سيد -رحمه الله- على 
المنهج المأمون في التعامل مع الحقائق العلمية والنظريات» 
وفيها كفاية. 
والخلاصة في موقف سيد - رحمه الله- من الإعجاز العلمي: 

-١‏ أنه يجب الإيمان بصدق ما جاء به القرآن ابتداء سواءً 
وافق ما توصلت إليه النظريات والحقائق العلمية أم لا. 

-١‏ لا يصح أن نحمل النصوص القرآنية المستيقنة على 
النظريات والحقائق التي تتغير على سبيل القطع والجزم بأن 
هذه النظريات والحقائق هي ما تعنيه النصوص. 
"-جواز الاستفادة من الكشوف العلمية في تفسير نصوص 
القرآن وتوسيع مدلولاتها المجملة في تصوراتناء دون القطع بأنها 
كل ما تعنيه النتصوصء بل على أن يكون هذا بعض ما تشير 
إليه» وهذا ما أشار إليه سيد - رحمه الله- في بعض الأمثلة 
كما سبق. 


4 - استعلاء سيد - رحمه الله- بدينه» واعتزازه بالقران» وحديثه 


. ١ مع الهامش‎ 5١75/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 





7171717 197777 اتوص قطي ومنعجة في العفيدة /جم 











عنه حديث المؤمن الذي لا يحتاج على دينه دليل من سواه. 
خامساً: شبهة القول بالإعجاز بالصرفة وموقف سيد - رحمه 
الله - منه: 
الإعجاز بالصرفة يعني: " أن العرب إنما عجزوا عن الإتيان 
بمثل القرآن أو بسورة من مثله؛ لأن الله -سبحانه- صرفهم عن 
ذلك؛ وأمسك بهم أن يقوموا له؛ ولو قاموا لقالوا مثل ما قال؛ 
ولعارضوه قولاً ونظماً وبلاغة لأنه من جنس كلامهم» فكان هذا 
الصرف خارقاً للعادة وبه وقع الإعجاز'(١):‏ 
أما سيد قطب - رحمه الله- فهو مع إجماع العلماء في بطلان 
القول بالصرفة» حيث يقول: " فتحداهم مرة ومرة... ولكنهم لم يأتوا 
بعشر سورء ولا بسورة مفردة! ولم يحاولوا هذه المحاولة أصلاً إلا ما 
قيل من محاولة بعض المتنبئين بعد محمد يله وليس هذا من الجد في 
شيء» ولا يجوز أن يحسب له في هذا المجال حسابء أما الرأي 
القاكل بصرفهم عن المحاولة فليس له وزن يقام! '("). 
)١(‏ أول من قال بهذا القول هو : أبو إسحاق إبراهيم من سيار النظام » المعتزلي » شيخ 
الجاحظ » المتوفى سنة بضع وعشرين ومائتين » وهو قول مخالف لإجماع العلماء قديماً 
وحديثاًء وقد ورد عليه أهل العلم قديماً وحديثاً » ينظر: الملل والنحل للشهرستاني 


/0١‏ »هء والإتقان للسيوطي ١١8/7‏ »ء والإعجاز القرآني . أ .د / خليل الكبيسي ص 
١/5‏ وما بعدها ٠.‏ 


. ١6-١5 التصوير الفني في القرآن : ص‎ )١( 
0 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





4 


ب٠‏ آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية: 
في سياق الحديث عن آيات نبينا 4 يثبت سيد - رحمه 

الله- وقوع آيات كونية لنبينا #5 على نحو ما وقع لمن سبقه من 

الأنبياء» إلا أنه يرى أن النصوص القرآنية تدل بمفهومها على 

أن النبي #ةِ لم يرسل بالخوارق المادية التي جاءت مع الرسل 

قبله» لسببين: 

الأول: تكذيب الأولين بهاء كما قال سبحانه: [وَمَا منَعمَآ أن 


ِل بِالْآْتِ إِلَّ أن كدب يبا الْدَوَلْونَ 1 [سورة الإسراء:3د] . 
يقول سيد - رحمه الله-: " ومفهوم النص القرآني ومدلوله أن 
النبي يَةٍ لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق التي جاءت مع 
الرسل قبله.. فقد اقتضت حكمة الله منع الآيات- أي الخوارق - 
لما كان من تكذيب الأولين بها .)١('‏ 

ويقول: " والخوارق التي سبقت على أيدي الأنبياء قبل رسالة 
محمد يي امتنتعت في هذه الرسالة لأن الأولين الذين جاءتهم 
كذبوا بها ولم يهتدوا فحق عليهم الهلاك» والهلاك لم يقدر على 
أمة محمد يِه لذلك لم يرسله بالخوارق المادية» وما كانت 
الخوارق إلا تخويفاً للأمم الخالية مما يحل بها من الهلاك إذا 


. في ظلال القرآن 54707-7557/5؟ بتصرف يسير‎ )١( 
١ هاو‎ 








كذبت بعد مجيئها .)١(‏ " وفي كل مناسبة طلب المشركون آية 
من الرسول ول كان الرد يفيد أن هذا الأمر خارج عن حدود 
وظيفته» وأنه ليس إلا بشراً رسولاًء وكان يردهم إلى القرآن 


ص ح ساسا 


0 هذا الدين الوحيدة 0 قل لين الحتمسة 


8 2 ذه 


ا بعصم ضٍ ظهيرا و 0 لِلنّس فى منذًا 


-_ 


6 ط مَكَلِ َأ أَكْثُْ ألئّاين إلا حكهورا (00) وَمَالوأ 


دم ري محعودم ل 


537 


ب دعو ء 
نَؤمرح 0 نا هن الأرض .1 نوع (8 أو 07 
200 م 2 ع 1 0 تين 0 د 


و مقط ألسَّمَآه َّ 5 عَمْتَ عَلِنَا كِسَمًا أو اط 5 


66 


1م سح كو 


22010114 م ي 2 يي لظ سس َ ودو عي ِ 

والمللحكة ميلا 9 أو م ن لك بيت من تخرفي أو ترق فى 
هه عر مد راع 8 

ال اي مره تَ لرقيّكَ حَن دول نينا كنا ريد صٌُ 

6ه رَقَ هَل 5 ثُ إِلَّا مرا 0 

ملعو ' (0), 

الثاني: أن التجارب البشرية في تكذيب الأمم بالخوارق المادية 


لا ) إسورة الإسراء :الآأيات 


. في ظلال القرآن 777207-7775/4 بتصرف‎ )١( 
1 (؟) في ظلال القرآن‎ 
١ 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





بعد طلبها وهلاكهم بعد ذلك» هذه التجارب اقتضت أن تجيء 
الرسالة الأخيرة غير مصحوبة بالخوارق» لأنها رسالة الأجيال 
المقبلة جميعها لا رسالة جيل واحد يراهاء ولأنها رسالة الرشد 
البشري تخاطب مدارك الإنسان جيلاً بعد جيل وتحترم إدراكه 
الذي تتميز به بشريته والذي من أجله كرمه الله على كثير من 
خلقه:" .)١(‏ 


" إن الخوارق الحسية» قد تدهش القلب البشري في طفولته» 
قبل أن يتهيأ لإدراك الآيات الكونية القائمة الدائمة» والتأثر 
بإيقاعها الثابت الهادئ» وكل الخوارق التي ظهرت على أيدي 
الربسل - صلوات الله عليهم - قبل أن تبلغ البشرية الرشد 
والنضوجء يوجد في الكون ما هو أكبر منها وأضخم وإن كان لا 
يستثير الحس البدائي كما تستثيره تلك الخوارق!... ولهذا كان 
اتجاه الرسالة الأخيرة إلى مخاطبة القلب البشري بالقرآن الكريم 
وحده؛ وما فيه من إعجاز ظاهرء ثم توجيه هذا القلب عن 
طريق القرآن الكريم إلى آيات الله القائمة في الأنفس والأفاق 
وفي أحداث التاريخ سواء " ('). 

'" فمعجزة الإسلام هي القرآن الكريم» وهو كتاب يرسم منهجاً 
)١(‏ المصدر السابق 771/4 . 


. 7871/4 المصدر السابق‎ )١( 
١/1 





1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 








كاملا للحياة» ويخاطب الفكر والقلب» ويلبي الفطرة القويمة؛ 
ويبقى مفتوحاً للأجيال المتتابعة تقرؤه وتؤمن به إلى يوم 
القيامة» أما الخارقة المادية فهي تخاطب جيلاً واحداً من 
الناس» وتقتصر على من يشاهدها من هذا الجيل على أن كثرة 
من كانوا يشاهدون الآيات لم يؤمنوا بها " .)١(‏ 

' والقرآن الكريم فرقانٌ» بما فيه من فارق بين الحق والباطل؛ 
والهدى والضلال» - يرسم منهجاً واضحاً للحياة في كل صورها 
- ويمثل عصراً جديداً للبشرية» فرقان ينتهي به عصر الطفولة 
ويبدأ به عهد الرشدء وينتهي به عهد الخوارق المادية» ويبدأ به 
عهد المعجزات العقلية» وينتهي به عهد الرسالات المحلية 
المنوقوقة 4 وييدا: “ضيف الزسالة" العامة التنائلة 307 

وبناء على ما سبق فإن سيداً - رحمه الله- يثبت وقوع 
الآيات والخوارق المادية للنبي كل لكنه يتوقف في تعليلها بأنها 
كانت دليلاً لإثبات رسالته؛ بل يرى أنها إما إكراماً من الله لعبده 
ورسوله محمد يِه أو فتنه للناس. 

يقول- رحمه الله-: ' فأما ما وقع فعلاً للرسول 4 من خوارق 
صحيحة فكانت إكراماً من الله لعبده؛ دليلاً لإثبات رسالته... 
)١(‏ المصدر السابق 7771/4 . 


(") المصدر السابق 5//ا7551 . 
١50‏ 








1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





ومن ثم نثبت حادثة انشقاق القمر بالنص القراني وبالروايات 
المتواترة التي تحدد مكانه وزمانه وهيثئته» ونتوقف في تعليل 
الذي ذكرته بعض الروايات من أن أهل مكة سألوا رسول الله يل 
أن يريهم آية» فأراهم القمر شقين (0). 

ويقول في تعليقه على قصة الإسراء " أما الخوارق التي 
وقعت للرسول يل وأولها خارقة الإسراء والمعراج فلم تتخذ معجزة 
سدق للوودالة إنم] عالت فقن للتتاوق: وايكلا و ولقه ارقة 


بعض من كان آمن بالرسول وَيِةِ بعد حادثة الإسراء» كما ثبت 
بعضهم وازداد يقيناً... 

فماذا كانت الخوارق صانعة مع القوم لو كانت هي آية 
تالت فنا كانت ”لين الزوبا أت انه ومعكزة المزسانة "وها 
زادتهم خارقة الإسراء إلا طغياناً كبيراً؟ 

إن الله لم يقدر إهلاكهم بعذاب من عنده؛ ومن ثم لم يرسل 
إليهم بخارقة» فقد اقتضت إرادته أن يهلك المكذبين بالخوارق» 
أما قريش فقد أمهلت ولم تؤخذ بالإبادة كقوم نوح وهود وصالح 
ولوط وشعيب» ومن المكذبين من آمن بعد ذلك وكان من جند 
الإسلام الصادقين» ومنهم من أنجب المؤمنين الصادقين وظل 


. ”5717/56 في ظلال القرآن‎ )١( 
١8 








1111717 سيت قطي ومنمجه في العقيدة و6 


القرآن معجزة الإسلام كتاباً مفتوحاً لجيل محمد - يه - 
وللأجيال بعده» يهتدي به من هم بعد في ضمير الغيب» وقد 
يكون منهم من هو أشد إيماناً وأصلح عملآً» وأنفع للإسلام من 
كثير سبقوه " .)١(‏ 





أولاً: الإسراء والمعراج: 
-١‏ تعريفه:يقول- سيد -: " الإسراء من السرى: وهو السير 
ليلآء فكلمة " أسرى " تحمل معها زمانهاء ولا تحتاج إلى ذكره: 
ولكن السياق ينص على الليل (سْبَحَنَ الَدِىَ أَسْرَئ يمَبَدوء للا 
[سورة الإسراء:١]‏ . للتظليل والتصوير على طريقة القران الكريم 
- فيلتقي ظل الليل الساكن» ويخيم جوه الساجي على النفس» 
وهي تتملى حركة الإسراء اللطيفة وتتابعها '("). 

" وقصة الإسراء من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد 
الأقصى في بيت المقدس - ومعها قصة المعراج - من بيت 
المقدس إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى وذلك العالم الغيبي 
المجهول لناء كانتا في ليلة واحدة؛ وهذه القصة جاءت فيها روايات 


. بتصرف يسير‎ 7١78-5771 / 5 في ظلال القرآن‎ )١( 
(؟) في ظلال القرآن اا‎ 
١6 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








شتى» وثار حولها جدل كبير» ولا يزال إلى اليوم يثور" .)١(‏ 
- المكان الذي أسري منه: اختلف في المكان الذي أسري 
منه على أقوال: 


- فقيل: هو المسجد الحرام بعينة - وهو الظاهر- وروي عن النبي 
#: " بينما أنا في المسجد في الحجر عند البيت بين النائم 
واليقظان إذ أتاني جبريل - عليه السلام - بالبراق... " (2) 
- وقبل: أسري به من دار أم هاني بنت أبي طالب والمراد 
بالمسجد الحرام الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به» وعن ابن 
عباس: الحرم كله مسجد. 

وروي أنه كان نائماً في بيت أم هانئ بعد صلاة العشاء 
فأسري به ورجع من ليلته» وقص القصة على أم هانئ وقال: " 
مثل لي النبيون فصليت بهم " ثم قام ليخرج إلى المسجد»ء 
فتشبثت أم هانئ بثوبه فقال: " مالك؟ " قالت: أخشى أن يكذبك 
قومك إن أخبرتهم. قال: " وان كذبوني " فخرج فجلس إليه أبو 
جهل» فأخبره رسول الله يه بحديث الإسراء» فقال أبو جهل: يا 


معشر بني كعب ابن لؤي هلم» فحدثهم» فمن بين مصفق 


. المصدر السابق 14 بتصرف يسير‎ )١( 
برقم 7075 وأيضاً برقم‎ ١١77/* رواه : البخاري كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة‎ )١( 
0 
١١ 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








وواضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً» وارتد ناس ممن كان آمن 
به» وسعى رجال إلى أبي بكر- رضي الله عنه - فقال: أو قال 
ذلك؟ قالوا نعم» قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق» 
قالوا: فتصدقه في أن يأتي في الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى 
مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك؛ أصدقه 
بخبر السماء! فسمي الصذيق» وكان منهم من سافر إلى بيت 
المقدس فطلبوا إليه وصف المسجدء فجلي له» فطفق ينظر إليه 
وينعته لهمء فقالوا: أما النعت فقد أصابء فقالوا: أخبرنا عن 
عيرناء فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالهاء وقال: تقدم يوم كذا مع 
طلوع الشمس يقدمها جمل أورق» فخرجوا يشتدون ذلك اليوم 
نحو الثنية -لمراقبة مقدم العير- فقال قائل منهم: هذه والله 
الشمس قد شرقتء فقال آخر: وهذه والله العير قد أقبلت يقدمها 
جمل أورق كما قال محمد.. ثم لم يؤمنوا: وفي الليلة ذاتها كان 
العروج إلى السماء من بيت المقدس '(0). 
'- حقيقة الإسراء والمعراج: 

يقول سيد: " واختلف في أن الإسراء كان في اليقظة أم في 

المنام» - فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والله ما فقد 


. والقصة في سيرة ابن هشام ؟/4/8؟551-9‎ » 77١١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١8 








1117 تترَخ قطي ومنصجه في العقيدة هه 





جسد رسول الله يم ولكن عرج بروحه .)١('‏ 
- وعن الحسن كان في المنام رؤيا رآها. 
- وفي أخبار أخرى أنه كان بروحه وجسمه؛ وأن فراشه وَل لم 
يبرد حتى عاد إليه. 
- والراجح من مجموع الروايات أن رسول الله يد ترك فراشه في 
بيت أم هانئ إلى المسجد فلما كان في الحجر عند البيت بين 
النائم واليقظان أسري به وعرج» ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد. 
على أننا لا نرى محلاً لذلك الجدل الطويل الذي ثار قديماً 
والذي يثور حديثاً حول طبيعة هذه الواقعة المؤكدة في حياة 
الرسول وَل والمسافة بين الإسراء والمعراج بالروح أو بالجسم؛ 
وبين أن تكون رؤيا في المنام أو رؤية في اليقظة.. المسافة بين 
هذه الحالات كلها ليست بعيدة» ولا تغير من طبيعة هذه الواقعة 
شيئاًء وكونها كشفاً وتجلية للرسول يه عن أمكنة بعيدة» وعوالم 
بعيدة في لحظة خاطفة» والذين يدركون شيئاً من طبيعة القدرة 
الإلهية ومن طبيعة النبوة لا يستغربون في الواقعة شيئاً» فأمام 
القدرة الإلهية تتساوى جميع الأعمال التي تبدو في نظر 
الإنسان وبالقياس إلى قدرته والى تصوره متفاوتة السهولة 
)١(‏ في ظلال القرآن 3١١١/54‏ » والقصة في سيرة ابن هشام 7501-17548/7 .2 وينظر 


:شرح الطحاوية ص ا . 
١7‏ 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








والصعوبة حسب ما اعتاده وما رآه» والمعتاد المرئي في عالم 
البشر ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس إلى قدرة الله. 
أما طبيعة النبوة فهي اتصال بالملاً الأعلى على غير قياس 
أو عادة لبقية البشر» وهذه التجلية لمكان بعيد» أو عالم بعيد؛ 
والوصول إليه بوسيلة معلومة أو مجهولة ليست أغرب من 
الاتصال بالملاً والتلقي عنه؛ وقد صدق أبو بكر - رضي الله 
عنه -وهو يرد المسألة المستغربة المستهولة عند القوم إلى 
بساطتها وطبيعتها فيقول: إني لأصدقه بأبعد من ذلك» أصدقه 
مكو الفا 1 
؛ فوائد وأحكام من حادثة الإسراء والمعراج: 
تعرض سيد - رحمه الله- في مواطن متعددة لبعض الحكم 
والأسرار والفوائد والأحكام المستفادة من هذه الحادثة ومنها: 
أ- ذكر وصف العبودية في حادثة الإسراء " أسرى بعبده " 
يقرر ويؤكد حقيقة العبودية في مقام الإسراء والعروج التي لم 
يبلغها بشرء وذلك كي لا تنسى هذه الصفة» ولا يلتبس مقام 
العبودية» بمقام الألوهية كما التبسا في العقائد المسيحية بعد 


عيسى - عليه السلام -» بسبب ما لابس مولده ووفاته» وبسبب 


.7؟١١-57١١/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





الآيات التي أعطيت له فاتخذها بعضهم سبباً للخلط بين مقام 
العبودية ومقام الألوهية» وبذلك تبقى للعقيدة الإسلامية بساطتها 
ونصاعتها وتنزيهها للذات الإلهية عن كل شبهة من شرك أو 
مشابهة» من قريب أو من بعيد (0). 

ب- " أن الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة 
مختارة» تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم 


واسماعيل -عليهما السلام -» إلى محمد خاتم النبيين ييه وتربط 
بين "الأساكة: المقدينة لذيانات الخركية حميها “وكاتما أرية يذه 
الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل 
قبله» واشتمال رسالته على هذه المقدسات» وارتباط رسالته بها 
جميعاًء فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان؛ 
وتشمل آفاقاً أوسع من الزمان والمكان» وتتضمن معاني أكبر 
من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى '("). 

ج- وصف المسجد الأقصى بأنه " الذي باركنا حوله ' وصف 
يرسم البركة حافة بالمسجدء فائضة عليه؛ وهو ظل لم يكن 
ليلقيه تعبير مباشر مثل: باركناه» أو باركنا فيه» وذلك من دقائق 


. 7618-5 ه//1ئه‎ , 551١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 72 و معركتنا مع اليهود - سيد قطب - ص‎ 5١١7/5 (؟) المصدر السابق‎ 
١ 5م‎ 








11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





التعبير القرآني العجيب .)١('‏ 

د- " أن الإسراء آية صاحبتها آيات» كشفت عن حكمتها بقوله: 
" لنريه من آياتنا " والنقلة العجيبة بين المسجد الحرام والمسجد 
الأقصى في البرهة الوجيزة التي لم يبرد فيها فراش الرسول كل 
أياً كانت صورتها وكيفيتها.. آية من آيات الله» تفتح القلب على 
آفاق عجيبة في هذا الوجود» وتكشف عن الطاقات المخبوءة في 
كيان هذا المخلوق البشريء والاستعدادات اللدنية التي يتهيأ بها 
لاستقبال فيض القدرة في أشخاص المختارين من هذا الجنس 
الذي كرمه الله وفضله على كثير من خلقه؛ وأودع فيه هذه 
لزان" اللظنفة *90) 

ه - ثقة الرسول - هَهْ - بالحق الذي جاء به " حيث يلاحظ - 
بمناسبة هذه الواقعة وتبين صدقها للقوم بالدليل المادي الذي 
طلبوه يومئذ في قصة العير وصفتهاء أن الرسول كله لم يسمع 
لتخوف أم هانئ -رضي الله عنها - من تكذيب القوم له بسبب 
غرابة الواقعة» فإن ثقته وله بالحق الذي جاء به» والحق الذي 
وقع له» جعلته يصارح القوم بما رأى كائناً ما كان رأيهم فيه 
وقد ارتد بعضهم فعلاً» واتخذها بعضهم مادة للسخرية 
)١(‏ المصدر السابق 57١5/54‏ . 


. 77١7 /5 المصدر السابق‎ )١( 
8 








111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





والتشكيك» ولكن هذا كله لم يكن ليقعد الرسول كَيهْ عن الجهر 
بالحق الذي آمن به» وفي هذا مثل لأصحاب الدعوة أن يجهروا 
بالحق لا يخشون وقعه في نفوس الناسء» ولا يتملقون به القوم» 
ولا يتحسسون مواضع الرضى والاستحسانء إذا تعارضت مع 
كلمة الحق تقال .)١("‏ 

و- أن النبي وَل لم يتخذ من الواقعة معجزة لتصديق رسالته» مع 
إلحاح القوم في طلب الخوارق وقد قامت البينة عندهم على 
صدق الإسراء على الأقل» ذلك أن هذه الدعوة لا تعتمد على 
الخوارق» إنما تعتمد على طبيعة الدعوة ومنهاجها المستمد من 
الفطرة القويمة» المتفقة مع المدارك بعد تصحيحها وتقويمهاء فلم 
يكن جهر رسول بالواقعة ناشئاً عن اعتماده عليها في شيء 
من رسالته» إنما كان جهراً بالحقيقة المستيقنة له لمجرد أنها 
حقيقة '("2 'فالخوارق التي وقعت للرسول# وأولها خارقة 
الإسراء والمعراج لم تتخذ معجزة مصدقة للرسالة» إنما جعلت 
فتنة للناس وابتلاء.. ولقد ارتد بعض من كان أآمن بالرسول 6 


بعد حادثة الإسراء» كما تبت بعضهم وازداد يقيناً "(). 


. 7١5١١7 /4 المصدر السابق‎ )١( 

. 57١7/4 في ظلال القرآن‎ )١( 

(؟) المصدر السابق 7١720/5‏ وينظر أيضا : 187/9 . 
١1‏ 








1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





ز- في هذه الرحلة إثبات لرؤية النبي و لجبريل -عليه 
السلام- على هيئته وصورته التي خلقه الله عليهاء يسد الأفق 


بخلقه الهائل» حيث رآه وصاحبه إلى سدرة المنتهى.. التي 
انتهت إليها رحلة المعراج» أو انتهت إليها صحبت جبريل 
لرسول له حيث وقف هو» وصعد محمد كَل درجة أخرى أقرب 
إلى عرش ربه وأدنى» وكله غيب من غيب الله» اطلع عليه 
عبده المصطفىء ولم يرد إلينا إلا هذاء وكله أمر فوق طاقتنا أن 
ندرك كيفيته .)١('‏ 

كما رأى الأنبياء في السموات العلىء ورأى البيت المعمور» 
وهو بيت عبادة الملائكة في السماء كما ورد في الصحيحين في 
حديث الإسراء: " ثم رفع بي إلى البيت المعمورء وإذا هو يدخله 
كل يوم سبعون ألفاً لا يعودون إليه آخر ما عليهم (3)؛ يعني 
يتعبدون فيه ويطوفون به كما يطوف أهل الأرض بكعبتهه'(5) 
ح- أما رؤية النبي يل لربه ليلة الإسراء والمعراج» فإن سيد - 
رحمه الله- يقرر ما عليه أهل السنة والجماعة من أنه لم يره؛ 
وإنما رأى النورء حيث أشار إلى فيض نور الله تعالى على 


. 5171/5 المصدر السابق 5507-55065/5 بتصرف . وينظر‎ )١( 

(5) رواه : البخاري في بدء الخلق باب ذكر الملائكة */ ١75‏ برقم 0 

(") في ظلال القرآن 57/5" وينظر "١85 .58١5/5‏ هامش ١‏ . 
١184‏ 








11171 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





قلب محمد ييه في رحلة الإسراء والمعراج» فلما سألته عائشة: 
فل ريك ريك قال "فون أن أراها(1). وذكو يعن عانق 
رضي الله عنها- قولها أيضا: " من زعم أن محمداً رأى ربه فقد 
أعظم على الله الفرية "(")0("): 

ثانيا: انشقا 





وهي الاية الكونية الثانية التي تعرض لها سيد - رحمه الله- 
في الظلال وهو يتحدث عن الخوارق المادية للنبي - يله - ففي 
ظلال قوله تعالى: (أفَرريتِ ألسَاعَةٌ وَأدّقَّ الْكَمَرُ 20 وَإن يَرَوأ 
َيه ُو ولوأ سِحَرٌ مُسَصَرٌّ ] [سورة القمر:١-1]‏ » يقول سيد: 
" والروايات عن انشقاق القمرء ورؤية العرب له في حالة 
انشقاقه أخبار متواترة» تتفق كلها في إثبات وقوع الحادث 
وتختلف في رواية هيئته تفصيلاً وإجمالآء وقد ذكر سيد - 
كمه إرلي> عذة روانات كول حاذقة الشقاق" القمد (2). 

ثم قال سيد: " فهذه روايات متواترة من طرق شتى عن وقوع 
الحادث؛» وتحديد مكانه في مكة - باستثناء رواية لم نذكرها - 


١8 








111171771777 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





أنه كان في منى"»؛ وتحديد زمانه في عهد النبي4 قبل الهجرة؛ 
وتحديد هيئته - في معظم الروايات أنه انشق فلقتين» وفي رواية 
واحدة أنه كسف ( أي خسف ).. فالحادث ثابت من هذه 
الروايات المتواترة المحددة للمكان والزمان والهيئة. 

وهو حادث واجه به القرآن الكريم المشركين في حينه؛ ولم 
يرو عنهم تكذيب لوقوعه؛ فلا بد أن يكون قد وقع فعلاً بصورة 
يتعذر معها التكذيب» ولو على سبيل المراء الذي كانوا يمارونه 
في الآيات لو وجدوا منفذاً للتكذيب» وكل ما روي عنهم أنهم 
قالوا: سحرنا! ولكنهم هم أنفسهم اختبروا الأمر» فعرفوا أنه ليس 
بسحرء فلئن كان قد سحرهم فإنه لا يسحر المسافرين خارج مكة 
الفيق :روا الكادق وكنهدوا يد بحين كوا عد 

ومع إثبات سيد قطب- رحمه الله- لهذه الآية من الآيات 
الخارقة التي وقعت للنبي 4 إلا أنه - كما سبق - يرى أنها لم 
تكن معجزة لتأييدهء حيث يقول بعد سرد الروايات السابقة: ' 
بقيت لنا كلمة في الرواية التي تقول: إن المشركين سألوا النبي 
آية» فانشق القمر» فإن هذه الرواية تصطدم مع مفهوم نص 
قرآني مدلوله أن الرسول #ةِ لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق 
)١(‏ في ظلال القرآن 5477-75475/5 بتصرف يسير و وينظر أيضا : مشاهد القيامة : 


ص هه . 
0 








1117 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





القزى سريه يع را دل قله لعي معية رركا ل 11 


بِآلآيتِ إِلّآ أن كَدَّبَ يبا الَْوَلُونَ ) [سورة الإسراء:59] » فمفهوم 
هذه الآية أن حكمة الله اقتضت منع الآيات - أي الخوارق - 
لمنا كان هن تكذيب الأوليق بها. 
وفي كل مناسبة طلب المشركون آية من الرسولي كان الرد 
يفيد أن هذا الأمر خارج عن حدود وظيفته؛ وأنه ليس إلا بشراً 
رسولاً» وكان يردهم إلى القرآن يتحداهم به بوصفه معجزة هذا 
الدين الوحيدة... 

فالقول بأن انشقاق القمر كان استجابة لطلب المشركين آية 
- أي خارقة - يبدو بعيداً عن مفهوم النصوص القرآنية» وعن 
اتجاه هذه الرسالة الأخيرة إلى مخاطبة القلب البشري بالقرآن 
وحده؛ وما فيه من إعجاز ظاهرء ثم توجيه هذا القلب- عن 
طريق القرآن الكريم - إلى آيات الله القائمة في الآفاق والأنفس» 
وفي أحداث التاريخ سواء.. فأما ما وقع فعلاً للرسول يه من 
خوارق شهدت بها روايات صحيحة فكان إكراماً من الله لعبده: 
لا دليلاً لإثبات رسالته. 

ومن ثم نثبت الحادث - حادث انشقاق القمر - بالنص 
القرآني وبالروايات المتواترة التي تحدد مكان الحادث وزمانه 


١11١ 





وهيئته» ونتوقف في تعليله الذي ذكرته بعض الروايات».. 
ونكتفي بإشارة القران إليه مع الإشارة إلى اقتراب الساعة؛ 
باعتبار هذه الإشارة لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب. 
فانشقاق القمر إذن كان آية كونية يوجه القرآن القلوب والأنظار 
إليهاء كما يوجهها دائماً إلى الآيات الكونية الأخرى» ويعجب من 
موقف الناس تجاهها... 

ولنفرض أن انشقاق القمر جاء آية خارقة» فإن القمر في 
ذاته آية أكبر.. والقرآن جاء ليقف بالقلب البشري في مواجهة 
الكورن كلها فيه دن اناف 01 
ثالثا: ت ي د وحنين الجذع إليه. 

ذكر سيد قطب - رحمه الله- بعض الآيات التي حدثت 
للنبي يي إجمالآء ومنها: 

- تسليم الحصى والحجر والشجر عليه: ففي الصحيح قال 
رسول الله ي: " إن بمكة حجراً كان يسلم عليّ ليالي بعثت» إني 
لأعرفه الآن '(). 





. في ظلال القرآن 578-55477/5” بتصرف‎ )١( 





)١(‏ رواه مسلم : في الفضائل باب فضل النبي- يله - ١577/4‏ بلفظ " أني لأعرف حجرآً 


بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث أني لأعرفه الآن " 
04 





11911 تترّخقطيه ومنصجه في العقيدة هه 





فخرجنا في بعض نواحيهاء فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو 
يقول " السلام عليك يا رسول الله "(0). 
-١‏ حنين الجذع إليه يه في الصحيح عن أنس -رضي الله 
عنه - قال: "خطب رسول الله يله إلى لزق جذع؛ فلما صنعوا له 
المنبر فخطب عليه حن الجذع حنين الناقة» فنزل الرسول 
فمتك في 701 
*- ما حدث يوم الخندق» عندما ضرب النبي © الصخرة 
بالمعول» فلمعت ثلاث مرات فلما سئل قال: " أما الأولى فإن 
الله فتح عليّ بها اليمن» وأما الثانية فإن الله فتح علي بها الشام 
والمغرب» وأما الثالثة فإن الله فتح عليّ بها المشرق " (؟). 

هذه بعض الآيات التي أشار إليها سيد - رحمه الله- والتي 
يرى -كما سبق -أنها كانت إكراماً لنبيه ‏ من ربه جل وعلا. 


)١(‏ رواه الترمذي : في باب إثبات نبوة النبي- يل - 557/5 برقم 56575 وضعفه 
الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص١١‏ ؛ والمشكاة برقم 5919 

)١(‏ رواه الترمذي : في الصلاة باب الخطبة على المنبر 7179/7 برقم ©5٠05‏ وصححه 
الألباني في صحيح سنن الترمذي 7/5/١‏ 

(؟) في ظلال القرآن 8/5/ ”27 57509 . 

(4)رواه النسائي في الجهاد باب عزو الترك 565٠/5‏ برقم 75١177‏ . وصححه الألباني في 
صحيح سنن النسائي 741/7- 518 » و في ظلال القرآن 5857/5 » وسيرة ابن 
هشام 774/9.. 

١00 








المطلب الثالث 


خصائص النبي 25 

اختص الله سبحانه وتعالى نبينا محمداً - 6 - بجملة من 
الخصائص والمميزات في نفسه وفي رسالته» وقد أشار سيد - 
رحمه الله- إلى بعض منها وهي: 
١-أنه‏ - يم - خاتم الأنبياء والرسل: 

َ 1 3 

وهذا بنص القرآن الكريم: ( عَا كن 2 من 
رَجَاْكُمْ ولكن يَسُولٌ أله وِكَائَمَ أَلبيحنَ ) [سورة الأحزاب:٠4]‏ ؛ 
وقد ذكر سيد - رحمه الل- هذه المزية في كثير من المواضع» 
مشيراً إلى أن ذلك يقتضي أن تكون رسالته هي الرسالة 
الخاتمة» وشريعته هي الشريعة الثابتة التي لا تبديل فيها بعد 
ذلك ولا تغيير كونها آخر رسالة السماء إلى الأرض لتسير 
عليها البشرية ومن ثم انقطع الوحي بعده .)١('‏ 
؟- أنه أفضل الأنبياء والرسل: 

ل ا 
سبحانه كك بعض النبيين على بعض وقد أشار سيد - 


- 
0 
أحَلٍ م 


.8.095 الرددى‎ 27879 31/١ وينظر أيضا‎ 187١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
١1 








عديدة» حيث يقول: " ومحمد - يَلةٍ - أفضل الرسل وأولاهم 
بتبرئة الله له والدفاع عنه .)١('‏ 
ويقول: ' وحين ننظر إلى مقامات الرسل - صلوات الله 
وسلامه عليهم - من أية ناحية نجد محمداً - يه - في القمة 
العلياء وسواءً نظرنا إلى الأمر من ناحية شمول الرسالة وكليتهاء 
أ :فق تاحية نيحيظها امك ادها # فاخ النعنحة :لذ هي 0 
'- عموم رسالته وكمالها وشمولها: 
حيث وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم تبين عموم رسالة 
النبي - يله - للخلق أجمعين» كقوله سبحانه ١‏ كُلَّ يتأيُهًا 
أَلنَّآشُ إن رَسُولُ أله كم جمِيكًا ) [سورة الأعراف:586١]‏ 


جه سح 2 


وقولة: ريما فلك الدرعة ملي ١‏ لفورة البوا | 
وقوله: [لِيَكْونَ لِلْعْلّمِيت ندرا 1 [سورة الفرقان:١]‏ وقوله: [إِنَ هُوَ 
إِلّا ذِكرُ يَلحََمِينَ 1 [سورة التكوير:70] وغيرها. 

وق شل بقة قله اسوكم عنام الاناه وكورها مقرو 
عالمية رسالة النبي - يِ - وكمالها وشمولهاء موضحاً أن القرآن 
الكريم طمدخ: تونذ» :الحفيقة بدة فون الرصيانة والآنات المكية في 


. 5885/5 المصدر السابق‎ )١( 
. 5787/١ المصدر السابق‎ )"( 
0116 





11111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








ذلك كثيرة جداً» " حيث أمر النبي - يل - أن يواجه برسالته الناس 
أجمعين» كماافي الآية الأولى+ [إق يَعُول مر الصتم جنيك 
1 وهي آية مكية في سورة مكية» وهي تجبه المزورين من أهل 
الكتاب الذين يزعمون أن محمداً - يه - لم يكن يدور في خلده 
وهو في مكة أن يمد بصره برسالته إلى غير أهلهاء وأنه إنما بدأ 
يفكر في أن يتجاوز بها قريشاً» ثم يجاوز بها العرب إلى دعوة أهل 
الكتاب» ثم يجاوز بها الجزيرة العربية إلى ما وراءها.. كل أولئك 
بعد أن أغراه النجاح الذي ساقته إليه الظروف! وإن هي إلا فرية 
من ذيول الحرب التي شنوها قديماً على هذا الدين وأهله؛ وما 
يزالون ماضين فيه! .)١('‏ 

وقوله تعالى في سورة الفرقان: [لَِكْنَ بلْصَلمِيت نَذِرَا ) وفي 
سورة القلم: (وَمَا مْرَإلَا وك َْعِنَ 1 وفي سورة التكوير: [إِنَ هُوَ 
إلا دكرٌلَحكنَ 1 وهي سورة مكية» والدعوة في مكة تقابل بذلك 
الجحود... وهي في هذا الوقت المبكرء وفي هذا الضيق 
المستحكم تعلن عن عالميتهاء كما هي طبيعتها وحقيقتهاء فلم 
تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة - كما 
يدعي المفترون اليوم - إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة 


. ١179/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
١05 





1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 








الأولى» لأنها حقيقة ثابتة في صلب هذه الدعوة منذ نشأتها. 

كذلك أرادها الله وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى» وكذلك 
تتجه إلى أخر الزمان» والله الذي أرادها كذلك هو صاحبها 
وراعيها والمدافع عنها وحاميها... وليس على أصحابها إلا 
الصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين " .)١(‏ 

" فهي إذاً الرسالة الكاملة» يحملها الرسول الكامل» للبشر 
حميغها»:ولقد كانت رشنالة” محمة > 2 - وحمة لقومه:وللبشرية 
كلها من بعده؛ يقود البشرية إلى الكمال المقدر لها في هذه 
الغناة 1 

ويقرر سيد- رحمه الله- أنه لو لم تكن هذه الرسالة عامة 
للناس كافة» لكان للناس - ممن سيأتون من أجيال وأمم - 
حجة على اللهء فانقطعت هذه الحجة بالرسالة العامة للناس 
وللزمان» وكانت هي الرسالة الأخيرة» فإنكار أن هناك رسالة بعد 
أنبياء بني إسرائيل غير عيسىء أو بعد عيسى - عليه السلام 
- لا يتفق مع عدل الله؛ في أن يأخذ الناس بالعقاب بعد 
البلاغ.. ولم يسبق أن كانت هناك رسالة عامة» ولم يكن بد من 
هذة»الرسالة العامة فكافك يعدل "اش ورستكه بالعياة» وكا حقاً 


. 38495 ,تمل5-751/١‎ /5. 555/8 /6 المصدر السابق‎ )١( 
. بتصرف‎ 56١9/6 . 750١/5 المصدر السابق‎ )'( 


١ 1/ 








سح 2 


قول الله سبحانه: ا لمك إِلَّا مَحمَةٌ ةَ ملم 1 رحمة في 


حمة 5 : 
الدنيا ورحمة في الآخرة )١('‏ 
وقد تحدث سيد - رحمه الله- عن وجوب محبة النبي كيه 

وطاعته والإيمان به» وعن كفر من لم يؤمن به أو أنكر نبوته 

أو شاقة في طريقته؛ وتحدث أيضا عن ولاية النبي 6 
للمؤمنين» وعن كثير من أخلاقه وصفاته» وعن حياته مع 
زوجاته وأصحابه وتعامله مع أعدائه وأقاربه» مما حقه أن يفرد 
ببحث مستقل» ؛ في السيرة والتربية ' 7"). 

بعثة النبي 5 وصفاته حيث يقول في مقدمة سورة التحريم: " عندما 
جرى قدر الله أن يجعل الإسلام هو الرسالة الأخيرة» والمنهاج الباقي 
إلى آخر الخليقة» وأن تجري حياة المؤمنين به وفق الناموس الكوني 
العام جعل الله هذا المنهج في هذه الصورة» شاملاً كاملا متكاملاً 
يلبي كل طاقات البشر واستعداداتهم بما يليق وكرامتهم» فاختار الله 
رسوله يه إنساناً تتمثل فيه العقيدة بكل خصائصهاء ويكون هو بذاته 


. 8١5/7 المصدر السابق‎ )١( 
الاك‎ -4 50664٠٠١ ك١ ينظر في ذلك على سبيل المثال : في ظلال القرآن‎ )١( 
ع كت ع 5510/5 2 5575م #اللمكككا دلرككه”2 /الادلل‎ 
. دكا لمكت .ولت 5855 59537107" وغيرها‎ 15 1 
1 








1111717717717 تيك قطي ومنمجه في العقيدة و2 





وبحياته الترجمة الصحيحة الكاملة لهاء إنساناً قد اكتملت طاقاته 
الإنسانية كلهاء ضليع التكوين الجسديء قوي البنية» سليم البناء 
صحيح الحواس» يقظ الحسء يتذوق المحسوسات تذوقاً كاملا سليماً 
وهو في الوقت ذاته ضخم العاطفة» حي الطبع» سليم الحساسية؛ 
يتذوق الجمال» متفتح للتلقي والاستجابة» وهو في الوقت ذاته كبير 
العقل؛ واسع الفكرء فسيح الأفق» قوي الإرادة» يملك نفسه ولا تملكه؛ 
ثم هو بعد ذلك كله.. النبي الذي تشرق روحه بالنور الكلي» والذي 
تطيق روحه الإسراء والمعراج» والذي ينادى من السماء» والذي يرى 
نور ربه» والذي تتصل حقيقته بحقيقة كل شيء في الوجود من وراء 
الأشكال والظواهر» فيسلم عليه الحصى والحجر» ويحن له الجذع؛ 
ويرتجف به أحد الجبل..! ثم تتوازن في شخصيته هذه الطاقات كلهاء 
فإذا هو التوازن المقابل لتوازن العقيدة التي اختير لها. 

ثم يجعل الله حياته الخاصة والعامة كتاباً مفتوحاً لأمته وللبشرية 
كلهاء تقرأ فيه صورة هذه العقيدة وترى فيه تطبيقاتها الواقعية» ومن ثم 
يعرض القرآان الكريم جوانسب كثيرة من حياته؛ حتى مواضع ا ل ض 
عف البشري الذي لا حيلة فيه للبشر " .)١(‏ 


. في ظلال القران 5 بتصرف يسير‎ )١( 
١11 








المبحث الثالث 


منهجه في الصحابة - رضوان الله عليهم - 

من القضايا المتعلقة بنبوة نبينا يَيِةِ قضية الحديث عن 
الصحابة - رضوان الله عليهم- كونهم الجيل الذي اختاره الله 
تعالى لصحبة نبيه ‏ وحمل هذا الدين. 

والصحابي هو: من لقي النبي - يه - مؤمنا به ومات على 
الإسلام ('). ومن عقيدة أهل السنة والجماعة موالاة جميع 
الصحابة - رضي الله عنهم - والاعتراف بفض لهم وسابقتهم 
الحى لصحم يوا محتجاع بإجباقيم والإكخداء بوم #وتخريم 
كراهتهم أو سبهمء لما لهم من شرف الصحبة والجهاد والصبر 
والبلاء والتضحية وتزكية الله لهم في كتابه الكريم» وعلى لسان 
نبيه يه وأصبح كل ذلك جزءاً من عقيدة أهل السنة والجماعة. 

وفي هذا المبحث بيان لمنهج سيد قطب- رحمه الله - 
وموقفه من الصحابة - رضوان الله عليهم - وهو أمرٌ كثر 
حوله الجدل في الآونة الأخيرة» حيث ينسب إلى سيد قطب- 
رحمه الله- الطعن في أصحاب رسول الله يه بناء على كلام له 


. 7/١ الإصابة في تمبيز الصحابة : لابن حجر‎ )١( 
بن"‎ 








في وعدن : كقة حول يضفي الضكادة 207 


وحتى يتبين لنا موقفه - رحمه الله - من الصحابة كان لابد 
من النظر في جميع كتبه السابق منها على التزامه بالإسلام 
واللاحق منهاء ومعرفة طبيعة المرحلة التي ألف فيها كل كتاب 
وطبيعة ما فيه من صواب أو من خطاءء للخروج بنظرة تكاملية 
قائمة على الاستقراء والموضوعية بغيذاً .عن الاجتزاء والخلظ 
بين المراحل التي كتب فيها الكلام» وبعيداً أيضا عن التعسف 
في التبرير» وذلك من خلال المطالب الآتية: 

المطلب الأول: مكانة الصحابة - رضوان الله عليهم -. 

المطلب الثاني: طبقات الصحابة - رضوان الله عليهم - 
ومراتبهم. 

اللنظلتس الخالتوة اكه كط الغو كيدل سكن - 
رضوان الله عليهم -. 

المطلب الرابع: وقفات مع دعوى " مطاعن سيد قطب في 
الصحابة - رضوان الله عليهم -. 


)١(‏ ينظر : مطاعن سيد قطب في أد حاب رسول الله » وأضواء إسلامية على عقيدة 
سيد قطب ص 77 وما بعدها » والحد الفاصل ص ١١9‏ و ما بعدها » وجميعها 
للدكتور / ربيع المدخلي . 








المطلب الأول 


مكانة الصحابة في هذا الدين والواجب نحوهم 
جاءت آيات عديدة في القرآن الكريم في مدح الصحابة - 
رضوان الله عليهم - وبيان شرفهم وفضلهم وما يجب لهمء 
وكذلك جاءت أحاديث كثيرة في بيان مكانتهم وعلو منزلتهم وما 
بجكى تجرهم» 
ونذكر كلام سيد - رحمه الله- في ظلال هذه الآيات وما 
ذكره من أحاديث عن النبي - يه - في هذا الشأن: 
١‏ - في ظلال قوله تعالى: ( كُدحُمْ حَيْرَأْمَةِ نُِجَتٌ لتايس 1 [سورة 
آل عمران:١٠١١]‏ ' يقول سيد: " وهم أصحاب رسول الله - كه - 
المذل الكامل: النفين: الشونة علي الاطاق 007 
' فالجماعة التي صاحبت رسول الله - يكِ - تمثل أكرم رجال 
هذه الآنة :علئ ابلك :00 
-١‏ في ظلال قوله تعالى: إوَالسَيفُوت الْأوَلْونَ من المهنجرنَ 


-- و 
رصح 2 م2 > مهاسيو عي جه سمال 1 ًٌٍ 


6 مه ل 0200 - 021 
والانصار والذِين أتبعوهم بِإِحْسَنِ رَضى الله عنم ورضوا عنه وأعد 


. 579/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 577/١ المصدر السابق‎ )١( 








مح ع2 


6 
70 - 5 سه + مو يم .رس هسدع سه مح دح 8 76ل 
ا 3 5 | ال" ١‏ خديرين فيا أبدا ذلك الغور العظيم 


وك 


1 [سورة التوبة:١٠٠1]‏ » يقول سيد: " وهذه الطبقة من المسلمين - 
بمجموعاتها الثلاث " السابقون الأولون من المهاجرين» 
والأنصار» والذين اتبعوهم بإحسان " كانت تؤلف القاعدة الصلبة 
للمجتمع المسلم في الجزيرة بعد الفتح وكانت هي التي تمسك 
هذا المجتمع كله في كل شدة» وفي كل رخاء كذلك» فابتلاء 
الريقاع كيرا ايكون اضعب خطز عن ايقلذى القردة! 
والسابقون من المهاجرين نميل إلى اعتبار أنهم هم الذين 
شاحروا قبل هدن» وكذلك الساطون مدخ الاتضمان» أما اقيق 
اتبعوهم بإحسان» - الذين يعنيهم هذا النص وهو يتحدث عما 
كان واقعاً إيان غزوة تبوك فهم الذين اتبعوا طريقهم وآمنوا 
إيمانهم وأبلوا بلاءهم بعد ذلك» وارتفعوا إلى مستواهم الإيماني 
وإن بقيت للسابقين سابقتهم بسبقهم في فترة الشدة قبل بدرء وهي 
أشد الفترات طبعاً. 

وقد وردت أقوال متعددة في اعتبار من هم السابقون من 
المهاجرين والأنصارء 
* فقيل: هم الذين هاجروا ونصروا قبل بدر. 
* وقيل: هم الذين صلوا للقبلتين. 
* وقيل: هم أهل بدر. 





* وقيل: هم الذين هاجروا ونصروا قبل الحديبية. 


*وقيل: هم أهل بيعة الرضوان. 

ونحن نرى من تتبعنا لمراحل بناء المجتمع المسلم وتكون 
طبقاته الإيمانية» أن الاعتبار الذي اعتبرناه أرجح؛ والله أعلم :)١("‏ 
- في ظلال قوله تعالى: [رَضِىَالَهُ عنم وَرَصُوأ عَنَهُ 1 يقول سيد 
- رحمه اله -: '" ورضى الله عنهم هو الرضى التي تتبعتنه 
المثوبة» وهو في ذاته أعلى وأكرم متوبة» ورضاهم عن الله هو 
الاطمئنان إليه سبحانه» والثقة بقدره» وحسن الظن بقضائه» 
والشكن على تعماكة؛ والضسين “على ابتلائة» ولكة التعيسن 
بالرضى هنا وهناك يشيع جو الرضى الشامل الغامرء المتبادل 
الوافز» الوارذ الخنادر بين الله سبحانة وهذه الصفوة المخكازة 
من عباده؛ ويرفع من شأن هذه الصفوة - من البشر - حتى 
ليبادلون ربهم الرضىء وهو ربهم الأعلى» وهم عبيده المخلوقون» 
وهنا حال وشان وك لا تفلك الألفاظ البقترية أن عير عد 

ذلك حالهم الدائم مع ربهم: , رضي الله عنهم ورضوا عنه ". 
وهناك تنتظرهم علامة هذا الرضى " وأعد لهم جنات تجري 


, ١7١7-1١107/7 : في ظلال القرآن‎ )١( 
ع"‎ 








تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً "» " ذلك الفوز العظيم " وأي 
فوز بعد هذا وذلك عظيم؟؟؟ " .)١(‏ 

#- فعي ظحلال قوله تعالى: إلَقَدَ ضصىَ ألنَّهُ عن الْمَوّمِييت 
يبَإيعوتلك حَحتَ السَّجَرَةَ ملم مافى فلْومهمٌ كَأْلَ م 


ربجا 1 [سورة الفتح:8١1]‏ . يقول سيد - رحمه الله-: " هذا الدرس كله 
حديث عن المؤمنين وحديث مع المؤمنين» مع تلك المجموعة 
القروقدة التمعيؤة القى وفعت ردول :اقبت وح فمنة التهرة رارز 
حاضر البيعة وشاهدها وموثقهاء ويده فوق أيديهم فيهاء تلك 
المجموعة التي سمعت الله تعالى يقول عنها لرسوله - يي - إلَمَدَ 
رَضَِ أله عَنِ الْمُؤْمِيِيت إد يبايعوئلف حت الفجرة كلم مَافى لويم ادل 
َلسَحَِةَ عَليومْ وَأَتْبَهمٌ مَتَحَاهريبَّا 1 وسمعت رسول الله - يه- يقول 
لها: " أنتم ا 0 00 

'حديث عنها من الله - سبحانه وتعالى - إلى رسوله - وَل 
- وحديث معها من الله سبحانه وتعالى يبشرها بما أعد لها من 
مغانم كثيرة وفتوح» وما أحاطها به من رعاية وحماية في هذه 


, ١705-117١, المصدر السابق‎ )١( 
برقم‎ ١555/5 و6 رواه البخاري : في كتاب المغازي » باب غزوة الحديبية‎ 
, ١8655 ومسلم في الإمارة ”؟/15١١ برقم‎ ©5577 


ه..*" 








الرحلة» وفيما سيتلوهاء وفيما قدر لها من نصر موصول بسنته 
التي لا ينالها التبديل أبداً» ويندد بأعدائها الذين كفروا تنديداً 
شديداً» ويكشف لها عن حكمته في اختيار الصلح... وانني 
لأحاول اليوم من وراء ألف وأربعمائة عام أن أستشرف تلك 
اللحظة القدسية التي شهد فيها الوجود كله ذلك التبليغ العلوي 
الكريم من الله العلي العظيم إلى رسوله الأمين عن جماعة 
المؤمنين» أحاول أن أستشرف صفحة الوجود في تلك اللحظة 
وضميره المكنون» وهو يتجاوب جميعه بالقول الإلهي الكريم» 
عن أولئك الرجال القائمين إذ ذاك في بقعة معينة من هذا 
الوجود» وأحاول أن أستشعر بالذات شيئاً من حال أولئك 
السعداء الذين يسمعون بآذانهم» أنهم هم» بأشخاصهم وأعيانهم» 
يقول الله عنهم: لقد رضي عنهمء ويحدد المكان الذي كانوا فيه؛ 
والهيئة التي كانوا عليها حين استحقوا هذا الرضى: 'إذ يبايعونك 
تحت الشجرة " يسمعون هذا من نبيهم الصادق المصدوق» على 
لسان ربه العظيم الجليل.. 

يا لله! كيف تلقوا - أولئك السعداء - تلك اللحظة القدسية وذلك 
التبليغ الإلهي؟ التبليغ الذي يشير إلى كل أحد» في ذات نفسه؛ 
ويقول له: أنت أنت بذاتك» يبلغك الله» لقد رضي عنكء وأنت تبايع 
تحت الشجرة! وعلم ما في نفسكء فأنزل السكينة عليك! 


كلء” 





إن الواحد منا ليقرأ أو يسمع " الله ولي الذين آمنوا " فيسعدء 
يقول في نفسه: ألست أطمع أن أكون داخلاً في هذا العموم؟ 
ويقرأ أو يسمع ' إن الله مع الصابرين ' فيطمئن» يقول في نفسه: 
ألست أرجو أن أكون من هؤلاء الصابرين؟ وأولئك الرجال 
يسمعون ويبلغون» واحداً واحداً» أن الله يقصده بعينه وبذاته 


ويبلغه: لقد رضي عنه! وعلم ما في نفسه» ورضي عما في 


علم ما في قلوبهم من حمية لدينهم لا لأنفسهم؛ وعلم ما في 
للومهم يل العندق في تيعديه اوعنم ما في للويهم :من حظم 
لانفعالاتهم تجاه الاستفزاز»ء وضبط لمشاعرهم ليقفوا خلف كلمة 
رسول الله - يك - طائعين مسلمين صابرين " فأنزل السكينة 
عليهم " بهذا التعبير الذي يرسم السكينة نازلة في هينة وهدوء 
ووقارء تضفي على تلك القلوب الحارة المتحمسة المتأهبة 
التتفعلة زودا وساتها 'ورظمادينة وازتسانه 010 

ويمضي السياق في وصفهم بقوله: [مَأنَرَكَ أكَهْسَيِئه: عل 
رَسُولِ- وَعَلَ الْمُؤْمِ وَالْرّمَهُمْ كَلِمَة الَو وَكانوَا نيبا 


سه ره 


وَأمَلَهّا 1 إسورة الفتح:؟] والسكيئة الوقورة الهادفة» كالتقوى 


. في ظلال القرآن 77252-3737575/5” بتصرف يسير‎ )١( 
3 /ا.‎ 








المتحرجة المتواضعة:» كلتاهما تليق بالقلب المؤمن الموصول 
بربه» الساكن بهذه الصلة» المطمئن بما فيه من ثقة» المراقب 
لربه في كل خالجة وكل حركة:؛ فلا يبطر ولا يطغىء ولا 
يغضب لذاته؛ إنما يغضب لربه ودينه» فإذا أمر أن يسكن 


ويهدأء خشع وأطاع في رضى وطمأنينة. 

ومن ثم كان المؤمنون أحق يكلمة التقوى» وكانوا أهلهاء وهذا 
ثناء آخر من ربهم عليهم إلى جانب الامتنان عليهم بما أنزل 
على قلوبهم من سكينة» وما أودع فيها من تقوى» فهم قد 
استحقوها في ميزان الله» وبشهادته» وهو تكريم بعد تكريم» صادر 
عن علم وتقدير'(١).‏ 


ه- في ناكل وله تال ا ل د أَشِدَاء ع1 


عد 


مسو سا عدج ب > سس عا 


الكآر يقري َه رَكَا سين يتوه صْلانَ ألوويفونا 
سِيمَاهُم ف وُجُوهه ينار 1 ار ف 
لإضركع زع كر سَطَه اوه لشتَذلآ تأستون عَلَ سُوقه. يتَحِبُ 
َع يبيط بوم ألْكْتَاروَعَدَأمَهأدِنَ مثو وَعيرثوأ لصحت ينيم 
و عطي ) [سورة الفتح:15] » يقول سيد - رحمه الله-: " 


وتختتم السورة بتلك الصورة الوضيئة التي يرسمها القرآن لواقع 


, في ظلال القرآن 9/5؟5؟”‎ )١( 








صحابة رسول الله - هنةْ - وبذلك الثناء الكريم على تلك 
الجماعة الفريدة السعيدة التي رضي الله عنهاء وبلغها رضاه 

إنها صورة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع؛ 
صورة مؤلفة من عدة لقطات لأيرز حالات هذه الجماعة 
المختارة» حالاتها الظاهرة والمضمرة» فلقطة تصور حالتهم مع 
الكفار ومع أنفسهم: " أشداء على الكفار رحماء بينهم " ولقطة 
تصور هيئتهم في عبادتهم: " تراهم ركعاً سجداً " ولقطة تصور 
قلوبهم وما يشغلها ويجيش بها: " يبتغون فضلاً من الله ورضواناً 
" ولقطة تصور أثر العبادة والتوجه إلى الله في سمتهم وسحنتهم 
وسماتهم: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود" ' ذلك مثلهم 
في التوراة " وهذه صفتهم فيهاء ولقطات متتابعة تصورهم كما 
هم في الإنجيل " كزرع أخرج شطأه " " فآزره " " فاستغلظ " 
'فاستوى على سوقه " " يعجب الزراع' " ليغظ بهم الكفار". 
وتبدأ الآية بإثات صفة محمد - كي - صفته التي أنكرها 
المشركين " محمد رسول الله " ثم ترتسم تلك الصورة الوضيئة 
بذلك الأسلوب البديع. 

والمؤمنون لهم حالات شتىء ولكن اللقطات تتناول الحالات 
الثابتة في حياتهم» ونقط الارتكاز الأصيلة في هذه الحياة» وإرادة 


5-48 





التكريم واضحة في اختيار هذه اللقطات» وتثبيت الملامح 
والسمات التي تصورهاء التكريم الإلهي لهذه الجماعة السعيدة. 
إرادة التكريم واضحة» وهو يسجل لهم في اللقطة الأولى 
أنهم: " أشداء على الكفار رحماء بينهم " أشداء على الكفار 
وفيهم آباؤهم واخوتهم وذوو قرابتهم وصحابتهم» ولكنهم قطعوا 
هذه الوشائج جميعاً رحماء بينهم وهم فقط إخوة دين» فهي الشدة 
لله والرحمة للهء وهي الحمية للعقيدة» والسماحة للعقيدة» فليس 


لهم في أنفسهم شيء» ولا لأنفسهم فيهم شيء» وهم يقيمون 
عواطفهم ومشاعرهم؛ كما يقيمون سلوكهم وروابطهم على أساس 
عقيدتهم وحدهاء يشتدون على أعدائهم فيهاء ويلينون لإخوتهم 
فيهاء قد تجردوا من الأنانية ومن الهوى» ومن الانفعال لغير الله 
والوشيجة التي تربطهم بالله. 

وارادة التكريم واضحة وهو يختار من هيثاتهم وحالاتهم» هيئة 
الركوع والسجود وحالة العبادة» " تراهم ركعاً سجداً " والتعبير 
يوحي كأنما هذه هيئتهم الدائمة التي يراها الرائي حيثما رآهم؛ 
ذلك أن هيئة الركوع والسجود تمثل حالة العبادة» وهي الحالة 
الأصيلة لهم في حقيقة نفوسهم؛ فعبر عنها تعبيراً يثبتها كذلك 
في زمانهم» حتى لكأنهم يقضون زمانهم كله ركعاً سجداً. 

واللقطة الثالثة مثلهاء ولكنها لقطة لبواطن نفوسهم وأعماق 


ل" 





سرائرهم: " يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " فهذه صورة 
مشاعرهم الدائمة الثابتة» كل ما يشغل بالهم» وكل ما تتطلع إليه 
أشواقهم؛ هو فضل الله ورضوانه. ولا شيء وراء الفضل 
والرضوان يتطلعون إليه ويشتغلون به. 

واللقطة الرابعة تثبت أثر العبادة الظاهرة والتطلع المضمر 
في ملامحهم» ونضحها على سماتهم: " سيماهم في وجوهم من 
أثر السجود ' سيماهم في وجوههم من الوضاءة والإشراق 
والصفاء والشفافية ومن ذبول العبادة الحي الوضيء اللطيف» 
وليست هذه السيما هي النكتة المعروفة في الوجه كما يتبادر 
إلى الذهن عند سماع قوله "من أثر السجود " فالمقصود بأثر 
السجود هو أثر العبادة» واختار لفظ السجود لأنه يمثل حالة 
الخشوع والخضوع والعبودية لله في أكمل صورهاء فهو أثر هذا 
الخشوع» أثره في ملامح الوجه» حيث تتوارى الخيلاء والكبرياء 
والفراهة» ويحل مكانها التواضع النبيل» والشفافية الصافية» 
والوضاءة الهادئة والذبول الخفيف الذي يزيد وجه المؤمن 
وضاءة وصباحه ونبلا. 
وهذه الصورة الوضيئة التي تمثلها هذه اللقطات ليست 
مستحدثة» إنما هي ثابتة لهم في لوحة القدر» ومن ثم فهي 
قديمة جاء ذكرها في التوراة " ذلك مثلهم في التوراة"' وصفتهم 


5١ 





التي عرفهم الله بها في كتاب موسى» وبشر الأرض بها قبل أن 


يجيئوا إليها. 

' ومثلهم في الإنجيل '" وصفتهم في بشارته بمحمد ومن 
معه؛ أنهم " كزرع أخرج شطأه " فهو زرع نام قوي» يخرج فرخه؛ 
من قوته وخصوبته» ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشدهء 
اقانره إ ان الحروك اذ ارق لقو لاس" قرو 
وضخمت ساقه وامتلأت " فاستوى على سوقه " لا معوجاً 
ومحنياً» ولكن مستقيماً قوياً سوياً. 

هذه صورته في ذاته» فأما وقعه في نفوس أهل الخبرة في 
الزرع العارفين بالنامي منه والذابل» المستثمر منه والبائر» فهو 
وقع البهجة والإعجاب: " يعجب الزراع " وفي قراءة يعجب " 
الزارع" وهو رسول الله ييخ صاحب هذا الزرع النامي القوي 
المخصب البهيج؛ وأما وقعه في نفوس الكفار فيوحي بأن هذه 
الزرعة هي زرعه الله؛ أو زرعه رسوله يي وأنهم ستار للقدرة 
وأداة لإغاظة أعداء الله! 

وهذا المثل. كذلك ليس مستحدثاء فهؤ ثابت في صفحة القدر؛ 
ومن ثم ورد ذكره قبل أن يجيء محمد يد ومن معه إلى هذه 
الأرضء ثابت في الإنجيل في بشارته بمحمد يه ومن معه حين 


00 





وهكذا يثبت الله في كتابه الخالد صفة هذه الجماعة 
المختارة» صحابة رسول الله يك فتثبت في صلب الوجود كله 


وتتجاوب بها أرجاؤه» وهو يتسمع إليها من بارئ الوجود» وتبقى 
نموذجاً للأجيال» تحاول أن تحققهاء لتحقق معنى الإيمان في 
أعلى الدرجات. 

وفوق هذا التكريم كله» وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم (وعَدَ 
أَهألدِنَ َامَمُوأ وَعَيمدُوا لصحت متهم مَغْفرَةوَلجْرَاعَظِيمًا | وهو وعد 
يجيء في.هذه الصيغة العامة» بعد ما تقدم من :صصفتهم التي 
تجعلهم أول الداخلين في هذه الصيغة العامة. 

مغفرةٌ وأجرٌ عظيمٌ.. وذلك التكريم وحده حسبهمء» وذلك 
الرضى وحده أجرٌ عظيم ولكنه الفيض الإلهي بلا حدود ولا 
قيود» والعطاء الإلهي عطاء غير مجدود. 

*ومرة أخرى أحاول من وراء أربعة عشر قرناً أن استشرف وجود 
هؤلاء الرجال السعداء وقلوبهم» وهم يتلقون هذا الفيض الإلهي من 
الرضى والتكريم والوعد العظيم» وهم يرون أنفسهم هكذا في اعتبار 
اللهء وفي ميزان اللهء وفي كتاب الله» وأنظر إليهم وهم عائدون من 
الحديبية» وقد نزلت هذه السورة» وقد قرئت عليهم» وهم يعيشون فيها 
بأرواحهم وقلوبهم ومشاعرهم وسماتهم» وينظر بعضهم إلى وجوه 
بعض فيرى أثر النعمة التي يحسها هو في كيانه. 


5.17 





وأحاول أن أعيش معهم لحظات في هذا المهرجان العلوي 
الذي عاشوا فيه؛ ولكن أنى لبشر لم يحضر هذا المهرجان أن 
يتذوقه إلا من بعيد؟! اللهم إلا من يكرمه الله إكرامهم» فيقرب له 
البعيد؟! فاللهم إنك تعلم أنني أتطلع لهذا الزاد الفريد؟!! " .)١(‏ 


575 ا ل ل ل صم اخ 01 
5- قوله تعالى: (ِلِلْمْقَرآِ الْمُهَدْجِرِنَ الْذِنَ أَحْرِجوا من ديَدرهة 


سو سه 2 أ 


> 05 0 سا ضيه سا سج و و ل متت سس قو 2ه وو 
وَأمودِلِهِمَ ينتغون فضللا من ألله ورضوانا وبنصرون الله ورسوله: وليك هم 


2 2 لمك > يليه ل سل وى عر لا ل اخ ار سح سح سس او 
الصَدِفونَ '(ز4) وَالَدنَ تبوّءو الذار وَالْإِيِمْنَ من مبِلِهِرٌ يحبونَ من هاج إِلموِم 


ِ 
َه 


ديل > عير يك . وروم سر ا سج و مر در 5 ع 2م 
ولا ييحدون فى صدورهمٌ حاجة هما ونوا ويؤيروت عل أنفسهمٌ ولو 
34 سر رق لس اعرش ع م اه 200 و ل 

د بهم خصاصة ومن يوق سح بفسية4- فَاوْلك لهيكهم لمفلحوت ) 
[إسورة الحشر:8م-1] َ يقول سيد - رحمه ال-: . في الآية 
الأولى صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين 
أخرجوا إخراجا من ديارهم واموالهم» أكرههم قومهم على الخروج» 
لا لذنب إلا أن يقولوا ربنا الله. 


3 
|| سدسم عو سد ساح بآ ديه سا سمس 


وقد خرجوا تاركين ديارهم وأموالهم' يَنَعُونَ مَصَلامَنَ لَه وَرِضَونًا ' 
اعتمادهم على الله في فضله ورضوانه» لا ملجأ لهم سواه؛ ولا 
جناب لهم إلا حماه؛ وهم مع أنهم مطاردون قليلون " ينصرون 
الله ورسوله " بقلوبهم وسيوفهم في أحرج الساعات وأضيق 


)00 في ظلال القرآن 7717799175 , 
501 








الأوقات " أولئك هم الصادقون " الذين قالوا كلمة الإيمان 
بألسنتهم؛ وصدقوها بعملهم؛ وكانوا صادقين مع الله في أنهم 
اختاروه؛ وصادقين مع رسوله في أنهم اتبعوه» وصادقين مع 
الحق في أنهم كانوا صورة منه تدب على الأرض ويراها 
الناس!.. 


وفي الآية الثانية كذلك صورة وضيئة صادقة تبرز أهم 
الملامح المميزة للأنصارء هذه المجموعة التي تفردت بصفات» 
وبلغت إلى آفاق» لولا أنها وقعت بالفعل» لحسبها الناس أحلاماً 
طائرة ورؤى مجنحة ومُثْلاً عُليا قد صاغها خيال محلق. 

' والذين تبوءوا الدار" أي دار الهجرة» يثرب مدينة الرسول 
يد وقد تبوأها الأنصار قبل المهاجرين» كما تبوءوا فيها الإيمان 
وكأنه منزل لهم ودار» وهو تعبير ذو ظلال؛ وهو أقرب ما 
يصور موقف الأنصار من الإيمان» لقد كان دارهم ونزلهم 
ووطنهم الذي تعيش فيه قلوبهم» وتسكن إليه أرواحهم» ويثوبون 
إليه ويطمئنون له» كما يثوب المرء ويطمئن إلى الدار " يحبون 
من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا " ولم 
يعرف تاريخ البشرية كله حادثاً جماعياً كحادث استقبال 
الأنصار للمهاجرين» بهذا الحب الكريم؛ وبهذا البذل السخي؛ 
وبهذه المشاركة الرضية» وبهذا التسابق إلى الإيواء واحتمال 


كا 





الأعباء»ء حتى ليروى أنه لم ينزل مهاجر في دار أنصاري إلا 
بقرعةء لأن عدد الراغبين في الإيواء المتزاحمين عليه أكثر من 
عدد المهاجرين! ' ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا " 
مما يناله المهاجرون من مقام مفضل في بعض المواضع» ومن 
مال يختصون به كهذا الفيء»؛ فلا يجدون في أنفسهم شيئاً من 
هذاء ولا يقول: حسداً ولا ضيقاً» إنما يقول: " شيئاً " مما يلقي 
ظلال النظافة الكاملة لصدورهم والبراءة المطلقة لقلوبهم؛ فلا 
لج اهنا ات ويولرون كن السو ووركان بهن بتصراضيه 
' والإيشار على النفس مع الحاجة قمة علياء وقد بلغ إليها 
الأنصار بما لم تشهد البشرية له نظيراًء وكانوا كذلك في كل مرة 
وفي كل حالة بصورة خارقة لمألوف البشر" .)١(‏ 

ويكفي جيل الصحابة شرفاً قول الله تعالى: [ يما اَلتَىُ 
حَنَبك مهومن أبعَكَ من مؤت ) فالله سبحانه وتعالى يطمئن 
رسوله وَيْهْ والعصبة المسلمة من ورائه» إلى ولاية الله سبحانه له 
ولهاء وهو حسبه وحسبها '(0). 

هذه ملامح صورة جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - 
ومكانتهم في القرآن الكريم» أما مكانتهم عند رسول الله كَل فتمثل 
)١(‏ في ظلال القرآن 5577/5 وينظر أيضا 54/85/56 3585-7 . 


و6 المصدر السابق ١555/79”‏ . 
00 








في إكرامهيّ: لأصحابه» واعزازه لهم» والتنبيه في كل مناسبة إلى 
فضلهم ووجوب رعاية حقهم وخاصة السابقين الأولين» ومن 
الأمثلة لذلك: 

- ما جاء في الصحيح م أبا سفيان - رضي الله عنه‎ -١ 


أتى على سلمان وصهيب وبلال- رضي الله عنهم - ونفر» 


فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها! فقال أبو 
بكر- رضي الله عنه -: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ 
فأتى النبي 5 فأخبره. فقال: يا أبا بكر»ء لعلك أغضبتهم؛ لئن 
كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربكء فأتاهم أبو بكر فقال: يا 
إخوتاه» أغضبتكم؟ قالوا: لا» يغفر الله لك يا أخي ' .)١(‏ 

يقول سيد - رحمه الله-: " وما يملك أي تعليق أن يبلغ هذا 
المذم توما تفلك إلا أق نشاف :«02). 
-١‏ نهي النبي يل أن ينقل إليه أحد ما يغير قلبه على أحدٍ من 
أصحابه فكان يقول: " لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي 
شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " 0 .)١(‏ 


555 
(1") في ظلال القرآن ١٠١١5 -7١١7/7‏ بتصرف يسير . 
(1) رواه :والترمذي المناقب فضل أزواج - هَهِ ‏ 577/5 برقم 78157 » وصححه 
الألباني في صحيح سنن الترمذي ص 55 4. 
.0" 








؟- الإشادة بهم والنهي عن سبهم أو انتقاصهم»؛ ومن ذلك ما 
سبق من اختلاف خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف - 
رضي الله عنهما - وقول خالد: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا 
بها! فلما بلغ ذلك النبي يِل فقال: " دعوا لي أصحابي فو الذي 
نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد - أو مثل الجبال - ذهباً ما بلغتم 
أعمالهم " ('). 


وقوله : "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق 
أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَ أحدهم ولا نصيفه " (5), (4). 

فهذه الإشارات وغيرها كثير تدل على مكانة الصحابة - 
رضوان الله عليهم - في نفس رسول الله- هنةِ- واعزازه لهم - 
*أما الواجب نحو الصحابة - رضوان الله عليهم -: 


فيتحدث عنه سيد - رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: ( 


رم رم 7 ء مبعرير أ ع ا هه 77 
والذزت جاءُو من بعدهم يقولوت ريا أعْفِرٌ لنا وِلإْحونا 


. 7557/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

(") رواه أحمد "/ 5١5‏ » وإسناده صحيح ٠»‏ رجاله رجال الشيخين غير أحمد 
الحراني » روى له أصحاب السنن » انظرمسند أحمد "١9/5١‏ برقم ١7/81١١‏ 
تحقيق الأرناؤوط . 

() رواه البخاري في فضائل الصحابة ١757/7‏ برقم "547١‏ » ومسلم في فضائل 
الصحابة باب تحريم سب الصحابة ١557/5‏ برقم 75054٠‏ وأحمد ١١/7‏ . 

(4؟) ينظر في ظلال القرآن 5/5/5 

01 








ا ع ل ا ين 


لذ سبَقُوًا وَلَا يحَحَلْ في فلوسا علا لَلَذِسَ اموا رَبناإِنكَ رَمُوفُ 


2 - 


َحِبمٌ 1 [سورة الحشر:١٠]‏ » بقوله: " وهذه الصورة النظيفة الرضية 
الواعية» وهي تبرز أهم ملامح التابعين» كما تبرز أخص 
خصائص الأمة المسلمة على الإطلاق في جميع الأوطان 
والارفان: 

هؤلاء الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار» سمة نفوسهم 
أنها تتوجه إلى ربها في طلب المغفرة لا لذاتها ولكن كذلك 
لسلفها الذين سبقوا بالإيمان» وفي طلب براءة القلب من الغل 
للذين آمنوا على وجه الإطلاق» ممن يربطهم معهم رباط 
الإيمان» مع الشعور برأفة الله ورحمته؛ ودعائه بهذه الرحمة؛ 
وتلك الرأفة: " ربنا إنك روف رحيم ". 

وتتجلى من وراء تلك النصوص طبيعة هذه الأمة المسلمة 
وصورتها الوضيئة في هذا الوجودء في الآصرة القوية الوثيقة 
التي تربط أول هذه الأمة بآخرهاء وآخرها بأولهاء في تضامن 
وتكافل وتواد وتعاطف» وشعور بوشيجة القربى العميقة التي 
تتخطى الزمان والمكان والجنس والنسبء وتتفرد وحدها في 
القلوب» تحرك المشاعر خلال القرون الطويلة» فيذكر المؤمن 
أخاه المؤمن بعد القرون المتطاولة» كما يذكر أخاه الحي أو 
أشد» في إعزاز وكرامة وحب» ويحسب السلف حساب الخلف» 


50014 


795959193131313131313-17-11-7171سيك قط ومنميه في العقيدة و2 





ويمضي الخلف على آثار السلف» صفاً واحداً وكتيبة واحدة 
على مدار الزمان واختلاف الأوطان» تحت راية الله ؛ إنها 
صورة باهرة» تمثل حقيقة قائمة» كما تمثل أرفع وأكرم مثال 
للبشرية يتصوره قلب كريم.. ويبدو ذلك عندما تقارن بغيرها... 

هذه هي قافلة الإيمان» وهذا هو دعاء الإيمان» وإنها لقافلة 
كريمة» وإنه لدعاء كريم '(0). 


. في ظلال القرآن 7571/5 بتصرف يسير‎ )١( 
0 








المطلب الثاني 


طبقات الصحابة ومراتبهم 

مع فضل وشرف جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - 
إجمالآء إلا أنهم كانوا متفاوتين في المقامات والمراتب» وقد 
تحدث سيد - رحمه الله- عن مكونات جيل الصحابة وطبقاتهم 
ومراتبهم ونشأة كل طبقة؛ وذلك في ظلال الآيات التي تتحدث 
عنهم: 
-١‏ ففي ظلال قوله تعالى: [وَالسَيُِوت الْأوَلْونَ من الْمهنجرنَ 
وَألْأنصَارِ وَألَدينَ تبَعُوهُم بِحْسَنِ ) [سورة التوبة:١٠٠]‏ » تحدث سيد 
- رحمه الله- عن مراحل بناء المجتمع المسلم وتكون طبقاته 
الإيمانية وبين كيف ولدت الحركة الإسلامية في مكة على 
محك الشدة» فعندما أحست قريش والجاهلية من ورائها بخطر 
الدعوة الإسلامية أعلنتها حرباً شعواء» وانتفض المجتمع 
الجاهلي يدافع عن وجوده؛ وعندئذ تعرض كل فرد في التجمع 
الإسلامي الجديد للأذى والفتنة بكل صنوفهاء إلى حد إهدار 
الدم» وبالتالي فلم يكن يقدم على شهادة أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله والانضمام إلى التجمع الإسلامي الوليد» إلا 
كل من نذر نفسه لله وتهيأ لاحتمال الأذى والفتنة والجوع 


0١ 





والغربة» والموت في أبشع الصور أحيانا. 


وبذلك تكونت للإسلام قاعدة صلبة من أصلب العناصر 
عوداً في المجتمع العربي» فلم يكن يقدم ابتداء على الانتقال من 
الجاهلية إلى الإسلام» وقطع الطريق الشائك الخطر إلا 
النتاضير ‏ المختارة الفريدة 'التكويزة:. 

وهكذًا لقان الله النكانقيق مدو :المنهنا كرو مت كلك (لوكاميين 
الفريدة النادرة» ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين في مكة» ثم 
ليكونوا هم القاعدة الصلبة لهذا الدين بعد ذلك في المدينة مع 
السابقين من الأنصارء الذين وإن كانوا لم يصطلوها في أول 
الأمر كما اصطلاها المهاجرونء إلا أن بيعتهم لرسول الله كن 
بيعة العقبة - قد دلت على أن عنصرهم ذو طبيعة أصيلة 
مكافئة لطبيعة هذا الدين. 
حيث قالوا لرسول الله يَنِةِ ليلة العقبة: " اشترط لربك ولنفسك ما 
شئت. فقال: " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً» 
وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم '. 
قالوا: فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك؟ قال: " الجنة " قالوا: ربح البيع 
لا نقيل ولا نستقيل " .)١(‏ 


)١(‏ القصة رواها البيهقي في دلائل النبوة » دار الكتب العلمية - بيروت - ط؟ عام 
١ه‏ 554/7 , 
0 








فقد كانت بيعتهم للرسول ييه دون أن يرتقبوا من ورائها شيئاً 
إلا الجنة» ووثقوا هذا البيع» فأعلنوا أنهم لا يقبلون أن يرجعوا فيه 
ولا أن يرجع فيه رسول الله يل وهم يعلمون أنهم لا يبايعون 


على أمر هينء بل كانوا مستيقنين أن العرب سترميهم عن قوس 
واحدة ومع ذلك... فلا جرم أن يكونوا - مع السابقين من 
المهاجرين الذين بُنوا هذا البناء وأعدوا هذا الإعداد - هم 
القاعدة الصلبة للمجتمع المسلم أول العهد بالمدينة.. 

وبعد غزوة بدر تغيرت تركيبة مجتمع الصحابة - رضوان 
الله عليهم -» فبالإضافة إلى القاعدة الصلبة المكونة لهذا 
المجتمع وهم المهاجرون والأنصارء فقد دخل في الإسلام أقوام 
لم يكونوا قد فقهوه بعد وما انطبعوا بطابعة» ومنهم من دخل 
نفاقاً» ومع ذلك فقد استمرت عملية الصهر للعناصر الجديدة 
التي تدخل في الإسلام باستمرار» مع بقاء الاعتماد على القاعدة 
الضلية الخالضنة مق السايقية مخ المماحرين :وا لأتكدان وخاصنة 
في وقت الشدائد حتى قبيل فتح مكة حيث كان المجتمع 
الإسلامي أقرب ما يكون إلى التناسق التام مع قاعدته الصلبة 
الخالصة؛ وأقرب ما يكون إلى النموذج الذي يهدف إليه المنهج 
التربوي الرباني الفريد. 

ومع ذلك كانت هناك أقدار متفاوتة أنشأتها الحركة العقيدية 


يتل 





ذاتهاء فتميزت مجموعات من المؤمنين بأقدارها على قدر بلاثها 
في الحركة وسبقها وثباتها. 
- تميز السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. 


- وتميز أهل بدر. 


- وتميز أصحاب بيعة الرضوان في الحديبية. 
- ثم تميز بصفة عامة الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا. 

وجاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية؛ والأوضاع 
العملية في المجتمع المسلم» تؤكد هذه الأقدار التي أنشأتها 
الحركة بالعقيدة»؛ وتنص عليها. 

ولكن تميز هذه الطبقات بأقدارها الإيمانية التي أنشأتها 
الحركة الإسلامية» لم يكن مانعاً أن تتقارب المستويات الإيمانية 
وتتناسق في مجتمع المدينة قبل الفتح» وأن يتوارى الكثير من 
أعراض الخلخلة في الصفء والكثير من ظواهر الضعف والشح 
من ذلك المجتمع المدني. 

إلا أن فتح مكة وما أعقبه من استسلام هوازن وثقيف في 
الطائف - وهما آخر قوتين كبيرتين بعد قريش في الجزيرة - قد 
عاد فصب في المجتمع المسلم أفواكاً جديدة ثيرة دخلت في 
الديق متشطلمة على درجات متفاوقة :من المستويات الإيمائية 
وفيهم كارهون للإسلام منافقون» وفيهم المنساقون إلى الإسلام 


30 





الظاهر القاهرء وفيهم المؤلفة قلوبهم دون انطباع بحقائق 
الإسلام الجوهرية ولا امتزاج بروحه الحقيقية. 

ومن هذه المقتطفات يتضح لنا مركز السابقين الأولين من 
المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بعد ذلك " بإحسان " يصل 


ع 


بهم إلى مستواهم الإيماني وبلائهم الحركي» وندرك حقيقة دورهم 
الباقي في بناء الإسلام وترجمته إلى واقع عملي يبقى مؤثراً في 
التاريخ البشري كلهء كما نستشرف حقيقة قول الله سبحانه فيهم: 
( ير ين نه لتر حَِرنَ بآ دار ىَأمَه عن ووَضُوا عند لِك لِمَن 


ا 


ع 1و سس كد ل سا صم سج بعر م لجو ل 2822 0 سس سل و 6 أ ع 2م هو لا 
أعظم دَرَجَةَ من الْذِينَ أنققوا من بِعَد وَقَْمَلواً وكلا وعد الله الحسىئ وَألنَه يما 


م4 م > وار 


نَحَبِيرٌ 1 [سورة الحديد:١٠]‏ : يقول سيد - رحمه الله-: " ولقد 
بذلت الحفنة المصطقاة من السايقين» من المهاجرين والأتنصارء 
ما وسعها من النفس والمال» في ساعة العسرة وفترة الشدة - 
قبل الفتح - فتح مكة أو فتح الحديبية وكلاهما اعتز به الإسلام 
أيام أن كان الإسلام غريباً محاصراً من كل جانبء مطارداً من 


)١(‏ في ظلال القرآن 15175-1510/7 ١7١5-1707‏ بتصرف. 
هه" 








كل عدو فليل الأتضناق-والأهواة»وكان هذا البذل خالت) :كن 


تشوبه شائبة من طمع في عوض من الأرضء ولا من رياءٍ أمام 
كثرة غالبة من أهل الإسلام؛ كان بذلاً منبثقاً عن خيرة اختاروها 
عند اللهء وعن حمية لهذه العقيدة التي اعتنقوها وآثروها على كل 
شيء وعلى أرواحهم وأموالهم جميعاً» ولكن ما بذلوه - من 
ناحية الكم - كان قليلاً بالقياس إلى ما أصبح الذين جاءوا بعد 
الفتح يملكون أن يبذلوه» فكان بعض هؤلاء يقف ببذله عند القدر 
الذي يعرف ويسمع أن بعض السابقين بذلوه! هنا نزل القرآن 
ليزن بميزان الحق بذل هؤلاء وبذل أولئك» وليقرر أن الكم ليس 
هو الذي يرجح في الميزان» ولكنه الباعث وما يمثله من حقيقة 
الإيمان... 

إن الذي ينفق ويقاتل والعقيدة مطاردة» والأنصار قلة» وليس 
في الأفق ظل منفعة ولا سلطان ولا رخاءء غير الذي ينفق 
ويقاتل والعقيدة آمنة» والأنصار كثرة» والنصر والغلبة والفوز 
قووية!المفاقة: ذلك :متعلق اتير الله متحهرد تحزدا كام ا 
شبهة فيه عميق الثقة والطمأنينة بالله وحده» بعيد عن كل سبب 
ظاهر وكل واقع قريب» لا يجد على الخير عوناً إلا ما يستمده 
مباشرة من عقيدته» وهذا له على الخير أنصار حتى حين تصح 
نيته ويتجرد تجرد الأولين. 


20 


اسيك قطي ومنصجه في العقيسة 22 





جاء في المسند عن أنس - رضي الله عنه(١)‏ - قال: كان 
بين خالد بن الوليد(") وبين عبد الرحمن بن عوف2') كلام؛ 
فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها! 
فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي - يله - فقال دعوا لي أصحابي فو 
الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد- أو مثل الجبال- ذهباً ما 
بلكتع أععالية "50): 

وفي الصحيح: " لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو 
أنفق أحدكم مكل أكذ ذه ما بلغ مد أحدهم ولاتصييفه "0 

ومن هذين الحديثين يتحدد معنىَ لأصحاب الرسول يه الذين 
تكرر تحذيره بشأنهم فهم أولئك السابقون» وقد كان يقول 
للمسلمين حوله ممن صحبوه " دعوا لي أصحابي " فدل على 


)١(‏ هو : أنس بن مالك بن النضر النجاري »صحب النبي ولازمه وخدمه وغزا معه 
وبايع تحت الشجرة ٠»‏ له ١785‏ حديثاً »وهو آخر من مات في البصرة من 
الصحابة »سنة ١41ه‏ ءانظر: سير أعلام النبلاء 595/7 »والأعلام 75/7 . 

(1) هو : خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي »سيف الله » أسلم قبل الفتح » من قادة 
الفاتحين » حارب المرتدين »وشارك في فتوحات الشام والعراق قائدا وجندياً مطيعاً 
»مات سنة ١١ه‏ ءانظر: سير أعلام النبلاء ١/55؟:والأعلام 3٠١/7‏ ,. 

(") هو: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف من أجلاء الصحابة » واحد العشرة 
المبشرين بالجنة »كان من الأغنياء الأجواد الشجعان »شهد بدرا والمشاهد كلها 
»توفي في المدينة سنة 757هء انظر: الإصابة 3١١/56‏ عوالأعلام 7571/7 , . 

(5) سبق تخريجه ص .15٠‏ 

(6) سبق تخريجه ص .15٠‏ 








أنه يك يعني صحبه خاصة كما قال مرة عن الصديق - رضي 
الله عنه - " دعوا لي صاحبي ". ومع ذلك فان القرآن الكريم 
يقرر أن للجميع الحسنى (وَكَلاوَعَدَ أنَّهُلْلمَىَ )فقد أحسنوا 
جميعاً على تفاوت ما بينهم في الدرجات " .)١(‏ 


*- عند استعراض سيد - رحمه الله- لأحداث غزوة تبوك " 
العسرة " وما حصل للصحابة فيها يقول: ' ولعل هذا 
الاستعراض أن يصور لنا اليوم كيف كانت ' العسرة '» كما 
ينقل لنا لمحة من الجو الذي عاشه المجتمع المسلم في تلك 
الفترة» يتجلى فيها تفاوت المقامات الإيمانية: 

- من اليقين الجاد عند طائفة. 

- إلى الزلزلة والأرجحة تحت مطارق العسرة عند طائفة. 

- إلى القعود والتخلف - بغير ريبة - عند طائفة. 

- إلى النفاق الناعم عند طائفة - إلى النفاق الفاجر عند طائفة 
- إلى النفاق المتآمر عند طائفة» مما يشي أولاً بالحالة العامة 
للتركيب العضوي للمجتمع في هذه الفترة» ويشي ثانياً بمشقة 
الغزوة الممحصة الممتحنة الكاشفة» والتي لعل الله سبحانه قد 
قدرها من أجل التمحيص والكشف والتمييز" ("). 

. في ظلال القرآن 5/ 185" مع الهامش‎ )١( 


و6 المصدر السابق ١771//9‏ , 
اليل 





1717 7 آل ال سيصاقطيه ومنمجه في العقيدة 7و2 





ومن خلال عرض النصوص السابقة يتضح لنا أن سيد - 
رحمه الله- قسم الصحابة إلى مراتب أفضلها كما يسميها ' 
القاعدة الصلبة " وهي الرعيل الأول السابقين من المهاجرين 
والأنصار» ثم الذي اتبعوهم بإحسان» وتميز منهم أهل بدر ثم 
أهل بيعة الرضوان» ثم بعدهم من سار على نهجهم ممن أسلم 
بعد الفتح وقاتل» ومع ذلك فالكل قد وعده الله الحسنى لإحسانه. 


20 





المطلب الثالث 


خصائص ومميزات جيل الصحابة 

أولاً: خصائص ومميزات جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - 

أفرد سيد- رحمه الله- فصلاً في كتاب " معالم في الطريق " 
بعنوان: " جيل قرآني فريد " قال فيه: " هنالك ظاهرة تاريخية 
ينبغي أن يقف أمامها أصحاب الدعوة الإسلامية في كل أرض 
وفي كل زمانء وأن يقفوا أمامها طويلاء ذلك أنها ذات أثر 
حاسم في منهج الدعوة واتجاهها. 

لقند كيت هدم القضوة سكلا نو الاين هيل الصيهاية 
رضوان الله عليهم - جيلاً مميرًا في تاريخ الإسلام كله» وفى 
تاريخ البشرية جميعه؛ ثم لم تعد تخرج هذا الطراز مرة أخرى؛ 
نعم وُجد أفراد من ذلك الطراز على مدار التاريخ» ولكن لم 
يحدث قط أن تجمّع مثل ذلك العدد الضخمء في مكان واحدء 
كما وقع في الفترة الأولى من حياة هذه الدعوة " .)١(‏ 

وقد حاول سيد- رحمه الله- أن يبين الأسباب التي جعلت 
من ذلك الجيل نموذجاً فريداً في تاريخ البشرية في أكثر من 
موضع يمكن إجمالها فيما يلي: 


. ١4 معالم في الطريق ص‎ )١( 








-١‏ أنهم جيل صنع على عين الله ورعاه رسول الله كلل: 

يقول سيد - رحمه الله-: " إن نعمة وجود الرسول بين القوم؛ 
يدعوهم بلغة السماء» ويخاطبهم بكلام الله» ويصل بينهم وبين 
الله في ذوات نفوسهم وخواص شؤونهم» نعمة فوق التصور حين 
نتملاها نحن الآن من بعيدء فهذه الفترة - فترة الوحي وحياة 
الرسول يي فترة عجيبة حقاً. 

إن الله - جل جلاله - يخاطب هذا البشر من صنع يديه 
على لسان عبده ييخ في رحمة علوية ندية يقول لهم: خذوا هذا 
ودعوا ذاك! ها هو ذا طريقي فاسلكوه! لقد تعثرت خطاكم فهاكم 
حبلي! لقد أخطأتم وأثمتم فتوبوا وها هو ذا بابي مفتوح» تعالوا 
ولا تشردوا بعيداً» ولا تقنطوا من رحمتي التي وسعت كل شيء.. 
وأنك: يا فلات - بذاتك وشتخضيك - قلت كذاء وهو خطأ» ونويت 
كذا وهو إثم» وفعلت كذا وهي خطيئة» فتعال هنا قدامي وتطهر 
وتب وعد إلى حمايء وأنت يا فلان - بذاتك وشخصك - أمرك 
الذي يعضلك هذا حله؛ وسؤالك الذي يشغلك هذا جوابه» وعملك 
الذي عملت هذا وزنه! 


إنه الله» هو الذي يقول» يقول لهؤلاء المخاليق» وهم يعيشون معه؛ 
كيدو لايور ناور انعا ١بلق‏ إلى لكر م تر جد 


الليل ويستجيب لهاء وأنه يرعاهم في كل خطوة ويعنى بها. 


5 





ألا إنه لأمر فوق ما يطيق الذي لم يعش هذه الفترة أن 
يتصورء ولكنهم عاشوها فعلاً.... 

ورد في الصحيح أن " رسول الله - يخ - قال يوماً 
لأصحابه: " أي المؤمنين أعجب إليكم؟ قالوا الملائكة. قال: ' 
وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ " قالوا: الأنبياء. قال: " وما 
لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ " قالوا فنحن. قال: ' وما لكم 
لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيماناً قوم 
يجيئون بعدكم يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها " ('). 

وصدق رسول الله- يَخِ - إنه لأمر متفاوت» وان موحيات 
الإيمان وموجباته لديهم لشيء هائلٌ هائلٌ» عجيبٌ عجيب " (). 

فجيل الصحابة - رضوان الله عليهم - إذاً جيل صنع على 
عين الله - سبحانه - " فقد كان القرآن الكريم هو مصدر المعرفة 
والتربية والتوجيه والتكوين الوحيد لجيل من البشر فريد» جيل لم 
يتكرر بعد في تاريخ البشرية - لا من قبل ولا من بعد - جيل 
الصحابة الكرام الذين أحدثوا في تاريخ البشرية ذلك الحدث الهائل 
العميق الممتد» الذي لم يدرس حق دراسته إلى الآن " (). 


. رواه : البيهقي في دلائل النبوة 577/5 » وهو مرسل‎ )١( 
في ظلال القرآن 587/5” + 5/ 7515 » وينظر أيضا : هذا الدين لسيد قطب‎ )١( 
, 55-57 ص‎ 
. ١571/79 في ظلال القرآن‎ )3( 
ا‎ 








كان النبع الأول الذي استقى منه ذلك الجيل هو نبع القرآن» 
القرآن وحده؛ء فما كان حديث رسول الله يَةٍ وهديه إلا أثرّا من 
آثار ذلك النبع» فعندما سُئلت عائشة -رضي الله عنها - عن 
خُلق رسول الله يَِ قالت: " كان خُلقه القرآن " .)١(‏ 


لقد كان هذا النبع هو المصدر الوحيد لهذا الجيل» لاعن فقرٍ 
في الثقافات والحضارات» ولكن عن قصدٍ وتصميم مرسوم» يدل 
عليه غضب رسول الله يي عندما رأى صحيفة من التوراة في يد 
عمر- رضي الله عنه - حيث كان يريد وه صنع جيل خالص 
القلب والعقل والتصور والشعور والتكوين من أي مؤثر آخر غير 
المنهج الإلهي؛ الذي يتضمنه القرآن الكريم» وهو الأمر الذي كان 
له الأثر في صنع ذلك الجيل الفريد في تأريخ البشرية " ('). 
؟ - صدق إيمانهم ويذلهم لله: 

أشار سيد - رحمه الله- إلى ما تميز به الصحابة - رضوان 
الله عليهم - من صدق في الإيمان» وبذلٍ لأنفسهم وأموالهم طلباً 
لمرضاته ومثوبته» وخاصة السابقين الأولين من المهاجرين 


(1) رواه : أحمد 17775 والحاكم 415/1؛ وإسناده صحيح على شرط الشيخين ؛ 
ٍ الألباني في صحيح الجامع برقم 48١١‏ » والأرناؤوط في المسند 
.. 


(5) ينظر : معالم في الطريق ص ١7-١5‏ بتصرف » وفي ظلال القرآن ١5١١/7‏ 


5” 








والأنصار ومن تبعهم بإحسان» كونهم صفوة لا تعرف النفاق 


('). ويضرب سيد - رحمه الله- أمثلة لصدق إيمانهم وبذلهم 
في سبيل الله لكل ما يملكون» ومن هذه الأمثلة: 

أ- موقف السابقين الأولين من المؤمنين في مكة» حيث ثبتوا 
على دينهم في وجه البلاء والفتنة واستعلوا بإيمانهم في وجه 
الجاهلية» وتركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا بدينهم رغبة في ما 
عند الله مما يدل على صدق إيمانهم ('). 

ب- موقف الأنصار في بيعة العقبة الثانية» وما ظهر فيها من 
صدق في الإيمان واستعدادٍ للبذل والتضحية حيث كانت بيعتهم 
دون أن يرتقبوا من ورائها شيئا إلا الجنة» ووثقوا ذلك بقولهم: ' 
لأ تفيل ولا تفيل" 00 

ج- موقف الصحابة - رضوان الله عليهم - في بيعة الرضوان 
حيث علم الله - سبحانه - ما في قلوبهم من حمية لدينهم لا 
لأنفسهم؛ وعلم ما في قلوبهم من الصدق في بيعتهم؛ والطاعة 
لربهم فأنزل سكينته على قلوبهم وأثابهم فتح قريباً (؟): 


. 7١١/7 في ظلال القرآن‎ )١( 

(1) ينظر : في ظلال القرآن 2101/1/7 77١‏ . 

9") المصدر السابق 2151/1/5 73705 . 

(5) المصدر السابق 7771/5" بتصرف يسير . 
م" 








ويكفيهم تزكية الله لهم في صدق إيمانهم بقوله: [ من الْمؤْمنِينَ 


رِجَالُ صدقوأ مَاعدهَدُوأ وأ أله عله ممَنْهُم مّن قطو مورك وَمنْهَممّن 5 
اي [سورة الأحزاب:77] » وهي صورة وضيئة للإيمان 
الواتق المطمئن» وصورة المؤمنين المشرقة الوضيئة» في مواجهة 
الأفوال: والأخطاو 210 

حيث صدقوا 0 


القران حالهم يقول: !نا ا انها 


حٌُ 


1 تواقع راك لم ال 0 


وَبفَثلورت 1 [سورة التوبة:١١١]‏ ؛ حيث كان بذلهم لأنفسهم 
وأموالهم خالصاً لا تشوبه شائبة من طمع في عوض من 


20 1 


الأرضنة ذهن واه 10 

- ويقارن سيد - رحمه الله- بين الصحابة - رضوان الله عليهم 
- وبين أصحاب عيسى - عليه السلام - " الحواريين " عند 
تعليقه على طلب الحواريين من عيسى - عليه السلام - مائدة 
من السماء فيقول: " والقصة تكشف لنا عن طبيعة قوم عيسى 
-عليه السلام- المستخلصين منهم وهم الحواريون فإذا بينهم 


. ينظر : في ظلال القرآن 7851/5- 78454 بتصرف‎ )١( 
. في ظلال القرآن ”/ 57715/ 485" بتصرف‎ )"1( 
؟‎ 3 








وبين أصحاب رسولنا يِل فرق بعيد.. 

إنهم الحواريون الذين ألهمهم الله الإيمان به وبرسوله عيسى 
- عليه السلام - فآمنواء وأشهدوا عيسى على إسلامهم؛ ومع 
هذا فهم بعدما رأوا من معجزات عيسى- عليه السلام - ما 
رأواء يطلبون خارقة جديدة» تطمئن بها نفوسهم» ويعلمون منها 
أنه صدقهم» ويشهدون بها له لمن وراءهم. 

فأما أصحاب محمد ي فلم يطلبوا منه خارقة واحدة بعد 
إسلامهم» لقد آمنت قلوبهم واطمأنت منذ أن خالطتها بشاشة 
الإيمان» ولقد صدقوا رسولهم فلم يعودوا يطلبون على صدقه بعد 
ذلك البرهان» ولقد شهدوا له بلا معجزة إلا هذا القرآن» 

هذا هو الفارق الكبير بين حواريي عيسى عليه السلام - 
وحواريي محمد يله ذلك مستوى» وهذا مستوى» وهؤلاء مسلمون 
وأولئك مسلمون» وهؤلاء مقبولون عند الله وهؤلاء مقبولون» ولكن 
فى المستزيات مشاعدة كما أرادها ابن "107). 
"“- جديتهم فى التعا القرانك تعاليمه: 





وهذه الصفة ثمرة لصدقهم في إيمانهم " فالذين يؤمنون هم 
الذين ينتفعون بما جاء به الرسول 5 ويفقهون حقيقة» ويدركون 
ما وراءه»... إن الكلمة لا تعطي مدلولها الحقيقي إلا للقلب 


. في ظلال القرآن ؟/598‎ )١( 
"5 








المفتوح لهاء والعقل الذي يستشرفها ويتقبلهاء وان هذا القرآن 
الكريم لا يفتح كنوزه؛ ولا يكشف أسراره؛ ولا يعطي ثماره» إلا 
لقوم يؤمنون» ولقد ورد عن بعض صحابة رسول الله 5: " كنا 
نؤتى الإيمان قبل أن نؤتى القرآن. 

وهذا الإيمان هو الذي كان يجعلهم يتذوقون القرآن ذلك 
التذوق» ويدركون معانيه وأهدافه ذلك الإدراك ويصنعون به تلك 


الخوارق التي صنعوها في أقصر وقت من الزمان. 

لقد كان ذلك الجيل المتفرد يجد من حلاوة القرآن» ومن نوره؛ 
ومن فرقانه» ما لا يجده إلا الذين يؤمنون إيمان ذلك الجيل» ولئن 
كان القرآن هو الذي أخذ بأرواحهم إلى الإيمان» لقد كان الإيمان 
هو الذي فتح لهم في القرآن ما لا يفتحه إلا الإيمان!. 

لقد عاشوا بهذا القرآن» وعاشوا له كذلك؛ ومن ثم كانوا ذلك 
الجيل المتفرد الذي لم يتكرر - بهذه الكثرة وبهذا التوافي على ذلك 
المستوى - في التاريخ كله؛ اللهم إلا في صورة أفراد على مدار 
التاريخ يسيرون على أقدام ذلك الجيل السامق العجيب! .)١('‏ 
*ويرجع سيد - رحمه الله- أسباب ذلك إلى ما يأتي: 
أ- أن القرآن الكريم كان هو النبع الوحيد الذي استقى منه جيل 
الصحابة - رضوان الله عليهم - كما سبق - فقد خلصوا لهذا 


. بتصرف يسير‎ ١57١/7 المصدر السابق‎ )١( 
ا"‎ 








القرآن فترة طويلة من الزمان» فلم تشب نبعه الرائق شائبة من 
قول البشرء اللهم إلا قول رسول الله - ينه - وهديه؛ وقد كان 
من نبع القرآن ذاته كذلك» ومن ثم كان ذلك الجيل المتفرد ما 
كان> وما أحتهن 'الذيق ككاولوف أذاع هنا اذاه ذلك الحمل أن 


ينهجوا نهجه» فيعيشوا بهذا القرآن ولهذا القران فترة طويلة من 
الزمان» لا يخالط عقولهم وقلوبهم غيره من كلام البشر ليكونوا 
كما كان 00 

ب- أن منهج التلقي عند الصحابة - رضوان الله عليهم - قائم 
على التلقي للتنفيذ والعمل» " فلم يكونوا يقرءون القران بقصد 
الثقافة والاطلاعء ولا بقصد التذوق والمتاع» لم يكن أحدهم 
يتلقى القران ليستكثر به من زاد الثقافة لمجرد الثقافة»؛ ولا 
ليضيف إلى حصيلته من القضايا العلمية والفقهية محصولاً يملأ 
به جعبته» إنما كان يتلقى القرآن ليتلقى أمر الله في خاصة 
شأنه وشأن الجماعة التي يعيش فيهاء وشأن الحياة التي يحياها 
هو وجماعته؛ يتلقى ذلك الأمر ليعمل به فور سماعه؛ كما 
يتلقى الجندي في الميدان " الأمر اليومي ' ليعمل به فور تلقيه! 
ومن ثم لم يكن أحدهم ليستكثر منه في الجلسة الواحدة» لأنه 
كان يحس أنه إنما يستكثر من واجبات وتكاليف يجعلها على 


. ١7-١5 وينظر معالم في الطريق ص‎ » ١51١-1١557١/7 المصدر السابق‎ )١( 
ا"‎ 








عاتقه» فكان يكتفي بعشر آيات حتى يحفظها ويعمل بها كما 
جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه هذا الشعور.. شعور 
التلقي للتنفيذ كان يفتح لهم من القرآن آفاقَا من المتاع وآفاقًا من 
المعرفة» لم تكن لتفتح عليهم لو أنهم قصدوا إليه بشعور البحث 
والدراسة والاطلاعء؛ وكان ييسر لهم العمل ويخفف عنهم 
التكاليف» ويخلط القرآن بذواتهم» ويحوله في نفوسهم وفي 
حياتهم لي ا ا 0 
الأذهان ولا في بطون الصحائفء إنما تتحول آثارًا وأحداثًا 
تحؤوّل خط سير الحياة... 

إن منهج التلقي للتنفيذ والعمل هو الذي صنع الجيل الأول؛ 
ومنهج التلقي للدراسة والمتاع هو الذي خرّج الأجيال التي تليه؛ 
وما من شك أن هذا العامل الثاني كان عاملاً أساسيًا كذلك في 
اختلات الأجيال كلها عَنَ ذلك الجيل: المميز: الفزيد: ١‏ 
ج- أن الصحابة - رضوان الله عليهم - كان أحدهم حين 
يدخل في الإسلام يخلع على عتبته كل ماضيه في الجاهلية؛ 
كان يشعر في تلك اللحظة أنه يبدأ عهداً جديدًا منفصلاً عن 


(1) يشعان كن الطورى هن 9-10 تسرف ينيج وينظان: رحد :في :كلانه افر 
١‏ 


0 








حياته التي عاشها في الجاهلية؛ وكان يقف من كل ما عهده في 


جاهليته موقف المستريب الشاك الحذر المتخوفء الذي يحس 
أن كل هذا رجس لا يصلح للإسلام! 

وبهذا الإحساس كان يتلقى هَذْي الإسلام الجديد» فإذا غلبته 
نفسه مرة» وإذا اجتذبته عاداته مرة؛ وإذا ضعف عن تكاليف 
الإسلام مرة» شعر في الحال بالإثم والخطيئة» وأدرك في قرارة 
نفسه أنه في حاجة إلى التطهر مما وقع فيه» وعاد يحاول من 
جديد أن يكون على وفق الهَذي القرآني. 

كانت هناك عزلة شعورية كاملة بين ماضي المسلم في 
جاهليته وحاضره في إسلامه؛ تنشأ عنها عزلة كاملة في صلاته 
بالمجتمع الجاهلي والروابط الاجتماعية حوله.. حتى ولو كان 
يأخذ من بعض المشركين ويعطي في عالم التجارة والتعامل 
اليومي» فالعزلة الشعورية شيء والتعامل اليومي شيء آخر.... 
وكا فد تسرف العلرنف 210 
؛- كونهم مع ذلك كله بشراً: 

مع كون جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - جيلاً فريداً 
مميزاً في تاريخ البشرية كما سبق» تمثلت فيهم نماذج الإنسانية 
العليا التي ظلت فريدة في سموقها والتي حققت المنهج الإلهي 


. بتصرف يسير‎ ٠١-14 معالم في الطريق ص‎ )١( 
ل‎ 








في حياتها على ذلك النحو العجيب» قد ظلت مع هذا بشراً لم 
يخرجوا عن طبيعتهم ولا عن فترتهم» زاولوا كل ألوان النشاط 
الإنساني» وأصابوا من الطيبات كل ما كان متاحاً لهم في بيئتهم 
وزمانهم؛ وأخطأوا وأصابوا وعثروا ونهضوا وأصابهم الضعف 
البشري أحياناً» كما يصيب سائر البشرء وغالبوا هذا الضعف» 
لصبو تفلن كدان أخيف :100 


* يقول سيد - رحمه الله- في تعليقه على قصة الخندق 
وأحوال الصحابة - رضوان الله عليهم - فيها: " لقد كانوا ناساً 
من البشرء لا يملكون أن يتخلصوا من مشاعر البشرء وضعف 
البشرء وليس مطلوباً منهم أن يتجاوزوا حدود جنسهم البشري؛ 
ولا أن يخرجوا من إطار هذا الجنسء ويفقدوا خصائصه 
ومميزاته» فلهذا خلقهم اللهء خلقهم ليبقوا بشراً ولا يتحولوا جنساً 
القن » لانو لؤتكة ولا تحاطيةة ولا نوين ول حيهر ... 

كانوا ناساً من البشر يفزعون ويضيقون بالشدة؛ ويزلزلون 
للخطر الذي يتجاوز الطاقة» ولكنهم كانوا- مع هذا- مرتبطين 
بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله» وتمنعهم من السقوط»ء 
وتجدد فيهم الأمل» وتحرسهم من القنوطء وكانوا بهذا وذاك 
نموذجاً فريداً في تاريخ البشرية لم يعرف له نظير. 


. 47" هذا الدين لسيد قطب ص‎ )١( 
5.6 








وعلينا أن ندرك هذا لندرك ذلك النموذج الفريد في تاريخ 
العصورء علينا أن ندرك أنهم كانوا بشراً» لم يتخلوا عن طبيعة 
البشر» بما فيها من قوة وضعفء وأن منشأ امتيازهم أنهم بلغوا 
في بشريتهم هذه أعلى قمة مهيأة لبني الإنسان» في الاحتفاظ 
بخصائص البشر في الأرض مع الاستمساك بعروة السماء. 
وحين نرانا ضعفنا مرة؛ أو زلزلنا مرة» أو فزعنا مرة» أو ضقنا 
مرة بالهول والخطر والشدة والضيقء فعلينا ألا نيأس من أنفسناء 
وألا نهلع ونحسب أننا هلكناء أو أننا لم نعد نصلح لشيء عظيم 
أبداً! ولكن علينا في الوقت ذاته ألا نقف إلى جوار ضعفنا لأنه 
من فطرتنا البشرية! ونصّر عليه لأنه يقع لمن هم خير منا! 
هنالك العروة الوثقى» عروة السماء» وعلينا أن نستمسك بها 
لننهض من الكبوة ونسترد الثقة والطمأنينة. 

وهذا هو التوازن الذي صاغ ذلك النموذج الفريد في صدر 
الإسلام» النموذج الذي يذكر عنه القرآن الكريم مواقفه الماضية 
وحسن بلائه وجهاده» وثباته على عهده مع ال 203 

*وفي ظلال حادث تخيير النبي 5 لأزواجه في سورة 
الأحزاب» يقول سيد حرحمه الله-: " ونحن نحب أن نقف 


لحظات أمام هذا الحادث تتدبره من بعض زواياه... 


. 7537/5 : في ظلال القرآن 54/5 785 بتصرف يسير » وينظر أيضا‎ )١( 
0 








[للفبيضطؤق: انا لطر ا قوم يكقيقة هيا ونسول للد ل اليل 
عاشوا معه واتصلوا به» وأجمل ما في هذه الحقيقة أن تلك 
الخراة كات حكاة! إنشان .وحياة نان ميق لبقت لم يتخردرا انق 
ااتريديم فقن اعرد رسكاتيه :انيرا نه نم كال تلك التكلانة 
الفريةة البالعة الكي:ازتفغوا الجماء ومع كل هذا الحلوضل :له 
والتكرد سا هذا ة» التشاسن الإنسسافة والواطفة الشرية الم 


تمت في تلك النفوس» ولكنها ارتفعت» وصفت من الأوشاب» ثم 
بقيت لها طبيعتها البشرية الحلوة» ولم تعوق هذه النفوس عن 
الارتفاع إلى أقصى درجات الكمال المقدر للإنسان. 

وكثيراً ما نخطئ نحن حين نتصور للنبي # ولصحابته - 
رضوان الله عليهم - صورة غير حقيقية» أو غير كاملة؛ 
نجردهم فيها من كل المشاعر والعواطف البشرية» حاسبين أننا 
نرفعهم بهذا وننزههم عما نعده نحن نقصاً وضعفاً! 

وهذا الخطأ يرسم لهم صورة غير واقعية» صورة متلفعة 
بهالات غامضة لا نتبين من خلالها ملامحهم الإنسانية 
الأصيلة» ومن ثم تنقطع الصلة البشرية بيننا وبينهم» وتبقى 
شخوصهم في حِسّنا بين تلك الهالات أقرب إلى الأطياف التي 
لا تلمس ولا تتماسك في الأيدي! ونشعر بهم كما لو كانوا خلقا 
آخر غيرناء ملائكة أو خلقاً مثلهم مجرداً من مشاعر البشر 


5.657 





وعواطفهم على كل حال! 
ومع شفافية هذه الصورة الخيالية فإنها تبعدهم عن 
محيطناء فلا نعود نتأسى بهم أو نتأثرء يأساً من إمكان التشبه 
بهم أو الاقتداء العملي في الحياة الواقعية» وتفقد السيرة بذلك 
أهم عنصر محركء وهو استجاشة مشاعرنا للأسوة والتقليد» 
وتحل محلها الروعة والانبهارء اللذان لا ينتجان إلا شعوراً 
مبهماً غامضاً سحرياً ليس له أثر عملي في حياتنا الواقعية» ثم 
نفقد كذلك التجاوب الحي بيننا وبين هذه الشخصيات العظيمة؛ 
لأن التجاوب إنما يقع نتيجة لشعورنا بأنهم بشر حقيقيون» 
عاشوا بعواطف ومشاعر وانفعالات حقيقية من نوع المشاعر 
والعواطف والانفعالات التي نعانيها نحن» ولكنهم هم ارتقوا بها 
وصفوها من الشوائب التي تخالج مشاعرنا " .)١(‏ 
هذه بعض خصائص ومميزات وفضائل جيل الصحابة كما 
ذكرها سيد - رحمه الله - إجمالاًء وقد أشار في مواضع متفرقة 
إلى فضائل بعض أصحاب النبي و ممن ورد ذكرهم في 
السياق الذي يتحدث عنهء (2). 


, 5865-7866 في ظلال القرآن 6//ره‎ )١( 
5١45/6 ء‎ 755.5/4 (078/9 15١5/9 : ينظر: المصدر السابق‎ )"( 
الا 9.9/5 99217 5515 لم5 5853 . ومعركة الإسلام‎ 5 
. 37 الرأسمالية : ص 77 » وهذا الدين : ص85-85 ومعركتنا مع اليهود : ص‎ 
360 








المطلب الرابع 


وقفة مع دعاوى' مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله 2 '(") 


مما يثار حول سيد قطب- رحمه الله - أنه يطعن في 
أصحاب رسول الله يله ويعتمد من تحدث عن هذه القضية على 
كتابات لسيد في بعض كتبه السابقة لالتزامه أو ما ألفه في 
بداية مرحلة تحوله نحو الإسلام» أو في طبعات تم تعديلها بعد 
ذلك؛ ويجعل ذلك وصفاً ثابتاً لسيد دون النظر في طبيعة 
المرحلة التي ألف فيها هذه الكتب» وكذا النظر في الطبعات 
المعدلة لهذه الكتب» أو النظر في كتبه الأخيرة» التي ألفها بعد 
التزامه بمنهج الإسلام ك " الظلالء المعالم» المقومات» وغيرها 
'» ومعلوم أن سيداً - رحمه الله - كما ذكرنا في الباب الأول - 
مر بمراحل مختلفة في حياته» وحصل له انحراف في بعضهاء 
وبالتالي فمن الظلم تقييم فكر الرجل وعقيدته من خلال جمع 
النصوص من مراحل انحرافة وجعلها هي حقيقة ما كان عليه؛ 
كها:فغله انعط 210 


. مابين القوسين عنوان كتاب لد / ربيع المدخلي‎ )١( 
» انظر مطاعن سيد قطب في أصحاب الرسول يَهِ للدكتور / ربيع المدخلي‎ )١( 
وكذا الحد الفاصل للمدخلي أيضا‎ ٠» وأضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره‎ 
. وسيأتي بيان حقيقة ما في هذه الكتب » في هذا المطلب‎ » 
هع"‎ 








فالموضوعية والأمانة في البحث العلمي المتجرد من الهوى 
والتعصب تقتضي النظر في موقفه من الصحابة - رضوان الله 
عليهم - عموماً» وكذا كلامه في بعض الصحابة - رضوان الله 
عليهم - وحقيقته» وفي أي مرحلة كان؟ وهل تراجع عنه أو 
عدله؟ وما هو موقفة في كتبة الأخيرة من الصحابة - رضوان 
الله عليهم - الذي تكلم فيهم في كتبة الأدبية السابقة؟ وهو ما 
نحاول عرضة في الفروع الآتية: 


: لمحة تاريخية ن الكتب التي 





قطب عن بعض الصحابة: 

العبارات التي انتقدت على سيد قطب عند كلامه عن بعض 
الصحابة - رضوان الله عليهم - جاءت في كتابين: 
الأول: كتاب ' كتب وشخصيات ': وهو في الأصل عبارة عن 
مجموعة مقالات أدبية ونقدية» كان سيد - رحمه الله- ينشرها 
في بعض الصحف والمجلات في فترات متفرقة» بين عامي ( 
مم -155١م‏ ) أي قبل سفره إلى أمريكا بسنتين ثم جمعها 
وأصدرها في كتاب بهذا العنوان يقع في )١5(‏ صفحة وتحدث 
فيه عن الصراع بين علي(١)‏ ومعاوية - رضي الله عنهما - 


)١(‏ هو:علي بن أبي طالب بن عبد المطلب .ابن عم رسول الله ع وزوج 
الزهراءءأبو الحسن والحسينءأول من آمن من الصبيان» شهد المشاهد كلها إلا 
آ» 








في معرض رده على بعض الكُتّاب» مستعرضاً أسباب غلبة 
معاوية على علي - رضي الله عنهما - بعبارات غير لائقة 
بمعاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - منطلقاً - كما 
يقول :حامق الانتضان للخلق الفاخل» وليين لأنه شينيا .)0١(‏ 
الثشاني: كتاب ' العدالة الاجتماعية في الإسلام ": وهو أول 
كتاب فكري ألفه في بداية مرحلة تحوله إلى الدراسات 
الإسلامية» حيث كان قد ألف قبله كتابين هما: " التصوير الفني 
في القرآن الكريم " و" مشاهد القيامة " وخلال دراسته الفنية 
للقرآن الكريم وجد أنه يحتوي على حقائق وموضوعات فكرية 
وتشريعية المجتمع المعاصر في أمس الحاجة إليهاء خاصة مع 
نشاط الشيوعيين في الدعاية لمناهجهم في تلك الفترة» وفساد 
أحوال الأنظمة والمجتمعات» فتحول سيد - رحمه الله - من 
الدراسات البيانية البلاغية للقران الكريم إلى الدراسات الفكرية 
وألف كتابة " العدالة الاجتماعية في الإسلام " عام 154١م‏ قبل 
سفره إلى أمريكاء وأصدره أخوه محمد قطب - حفظه الله - 
48 امء وكان سيد حينها في أمريكا. 

تبوك؛, قتل بالكوفة سنة ٠‏ :5ه ءانظر: الإصابة لابن حجر.8/١؟١والاستيعاب‏ لابن 

عبد البر/ا/لاه . 
)١(‏ ينظر : كتب وشخصيات سيد قطب ص 75767547 » وكذا سيد قطب الأديب 


الناقد للدكتور / صلاح الخالدي ص 757 وما بعدها . 
.3 








والكتاب يتحدث عن نظرة الإسلام إلى الدين والمجتمع 
والإصلاح» وتميزه عن غيره من الأديان وخاصة المسيحية؛ وكذا 
الحديث عن طبيعة العدالة الاجتماعية في الإسلام وعلاقتها 
بالعقيدة» وعن أسس ووسائل العدالة في الإسلام» وانتقل للحديث 
عن سياسة الحكم والمال والواقع التاريخي في الإسلام وعرض 
نماذج من عصر الصحابة - رضوان الله عليهم - في سياسة 
الحكم والمال من الوجهة الرسمية في الدولة واختلاف تصرفات 
الحكام المسلمين الأمويين والعباسيين عن ما كان عليه الوضع 
في الخلافة الراشدة. 

وتكلم في هذا الفصل عن عثمان ومعاوية - رضي الله 
عنهما - بكلام غير لاثق بهماء انتقده العلامة محمود شاكر - 
رحمه الله - في مقالات نشرها عام - (١/1١ه‏ - 1157م )»2 
ثم انضم سيد - رحمه الله- إلى الإخوان المسلمين عام 
155١م‏ )» وعمل معهم حتى كانت محنة عام ( 155١م‏ ) 
حيث سجن سيد قطب وحكم عليه بالأشغال الشاقة» واستمر 
حتى عام ( 1115م ) حيث خرج بعفو صحيء وفي عام ( 
14م) أعاد النظر في كتاب العدالة الاجتماعية؛ وخاصة 
المواضع والألفاظ التي انتقده فيها محمود شاكرء حيث حذف 
بعضها وعدل بعضهاء وأبقى بعضها كما هوء واصدر الطبعة 


١8 





السادسة المعدلة عام ( 515١م‏ ). 

ومن هذا العرض التاريخي السابق لطبيعة الكتب والمرحلة 
التي جاء كلام سيد - رحمه الله- عن بعض الصحابة - 
رضوان الله عليهم - فيها نجد: 
-١‏ أنها كانت في بداية مرحله تحوله نحو الدراسات الإسلامية 
بعد مرحله طويلة من الضياع الفكري والدراسات الأدبية 
والنقدية. 


-١‏ أن سيد - رحمه الله- عدل بعض الألفاظ التي انتقدها 
عليه محمود شاكر - رحمه الله - كما سيأتي- بعد ؟١عاماء‏ 
في مرحلة سيد الإسلامية والتي تعمق فيها في الدراسات 
الإسلامية أكثر من ذي قبل» مع بقاء بعض الألفاظ التي كان 
الأولى بسيد - رحمه الله- أيضا أن يعدلها. 

- أن كلام سيد - رحمه الله- عن الصحابة - رضوان الله 
عليهم - عموماً وعن بعض الصحابة الذين تكلم فيهم في هذين 
الكتابين مختلف تماماً في كتبه الأخيرة - كما سيأتي بيانه - 
مما يدل على أن هذا الكلام كان في مرحلة ولها حكمهاء 
وبالتالي فالاعتماد على ما في هذه الكتب» وعلى الطبعة غير 
المعدلة» ليس من الإنصاف والموضوعية في الردود والمناقشات 
العلمية. 


584 





الفرع الثاني مع الدكة المدخلي حول ' مطاعن سيد 


يعتبر الدكتور / ربيع المدخلي أبرز من تفرغ في هذا 
العصر للتصدي لفكر سيد - رحمه الله - ومواجهته حيث ألف 
عدداً من الكتب في بيان مخالفات -سيد- وخاصة ما يتعلق 
منها بالعقيدة .)١(‏ وما انتقده على سيد - رحمه الله - لاشك أن 
فيه ما هو صواب وحقء وفيه ما هو غير ذلك. 
وقد سبق بيان كثير من الأمور التي انتقدها المدخلي على سيد 
قطب في ما سبق من مباحث الرسالة كل في موضعه (). 

ونقف هنا مع ما يتعلق بالصحابة - رضوان الله عليهم - 
حيث خصص الدكتور المدخلي كتابا بعنوان " مطاعن سيد 
قطب في أصحاب الرسول يل " جمع فيه العبارات التي اخطأ 
فيها سيد في حق بعض الصحابة - رضوان الله عليهم -» كما 
أورد فصلاً كاملا في كتابه " أضواء إسلامية 'حول " موقف 
سيد قطب من عثمان- رضي الله عنه- ومعظم الصحابة " 


)١(‏ منها : مطاعن سيد قطب في أصحاب الرسول يله » وأضواء إسلامية على عقيدة 
سيد قطب وفكره » والحد الفاصل . 

)١(‏ ينظر على سبيل المثال القضايا الآتية : موقف سيد قطب من حديث الآحاد» 
وسحر النبي يَلِكِ » والألوهية والربوبية » وموقف سيد قطب من الصفات وتأويلها » 
ووحدة الوجود » وخلق القرآن » وغيرها » من القضايا التي ذكرها الدكتور 
المدخلي في كتبه . 








وكذا أعاد نفس الكلام في كتابه " الحد الفاصل " .)١(‏ 

ومن خلال الاطلاع على كتب الكتور المدخلي السابقة؛ 
وعلى رسالة العلامة محمود شاكر - رحمه الله - التي انتقد 
فيها سيد قطب حول الموضوعء وعلى كتاب العدالة الاجتماعية 
لسيد قطب - رحمه الله - والمقارنة بين كلامه في الطبعات 
الأولى وبين الطبعة المعدلة وجدت الآتي: 


أولاًأن سيد -رحمه الله- عدل بعض الألفاظ التي انتقدها عليه 
محمود شاكر- رحمه الله - في الطبعة السادسة» ومع ذلك 
ففيها عبارات كان الأولى بسيد-رحمه الله- حذفها أو تعديلها 
كما فعل في غيرها. 

ثانياً: يلاحظ على كلام الدكتور / ربيع المدخلي في كتبه حول 
موقف سيد من الصحابة ما يلي: 

-١‏ أن الدكتور / ربيع المدخلي جعل اعتماده في نقد سيد 
- رحمه الله- وإدانته له على الألفاظ السابقة التي ذكرها محمود 
شاكر- رحمه الله- في نقده لسيدء أي أنه أعتمد على الطبعة 
الخامسة قبل تعديل سيد لها وجعلها هي الأصلء وربما 
أصبحت مفقودة في عالم اليوم لأنها طبعت قبل أكثر من خمس 


-1717 ينظر : مطاعن سيد قطب في أصحاب النبي يه » وأضواء إسلاميه : ص‎ )١( 
, ١71/١١9 والحد الفاصل : ص‎ "” 


"ه١‎ 











وأربعين عاماء ولم يعتمد في نقده على الطبعة التي عدلها سيد 
قبل موته بسنتين عام "115١م‏ " والتي تكررت طباعتها إلى 
اليوم» بل كان المدخلي يشير في الهامش بعد أن يذكر النص 
من الطبعة الخامسة بقوله ومعناه في الثانية عشر- أي في 
المعدلة - مما يدل على أنه يرى أن التعديل غير ذي قيمة!! 
وأحيانا يذكر أن سيد - رحمه الله- تلاعب بالألفاظ وتحايل في 
تغيير شكلها مع بقاء المضمون!!. 

وعلى فرض صحة كلام الدكتور المدخلي ومع أنه دخول 
في نية الرجلء إلا أن المنهج العلمي والموضوعي في النقد 
يقتضي الاعتماد على آخر ما سطره الرجل ولا يمنع ذلك من 
الإشارة إلى ما قبل التعديل إن كان الناقد يرى أن التعديل غير 
حقيقي أو أنه شكلي» واستسمح القارئ في أن انقل له جدولاً فيه 
مقارنة بين كلام سيد -رحمه الله- في الطبعة القديمة من 
العدالة الاجتماعية التي انتقده فيها الشيخ محمود شاكر ونقل 
عنها المدخلي في الغالب» وبين الطبعة المعدلة للكتاب» حتى 
يتبين الأمر وذلك كما يلي: 
أولا: مقارنه داشنا 


ما أنتقده ٠‏ الطبعة المعدلة: 








رقم الفقرة نص الفقرة في الطبعة تمصن الفقيرة فسني 








الخامسة قبل التعديل وفي رسالة | الطبعات المعدلة 


اه" 














محمود شاكر - رحمه الله - 
الخلافة الإمسلامية ملكاً 


عضوضاً في بني أميه» لم يكن 
ذلك من وحي الإسلام» إنما كان 
من وحي الجاهلية» فأمية بصفة 
عامة لم يعمر الإيمان قلوبها 
وما كان الإسلام لها إلا رداء 
تخلعه وتلبسه حسب المصالح 


والملايسات (0) 


يقول شاكر: " ثم يذكر يزيد 
بن معاوية بأسوأ الذكر» ثم 
يقول: أي-سيد- " وهذا هو 
الكافكة الى يوضع عار 
عن الننانن وسوفوها ران ذلك 








فلمحنا أن خنباء 
الأمويون» وصارت 
الخلافة الإسلامية ملكا 
لم يكن ذلك من وحي 
الإسلام؛ إنما كان من 
وحي الجاهلية الذي 
أطفأ إشراقة الروح 
الإسلامي (") 


ثبت سيد - رحمه 
الله- بعض الروايات 
والملابسات التي 


وطريقة معاوية رضي 




















» مجلة المسلمون : العدد " سنة 1717 مقال للعلامة محمود شاكر رحمه الله‎ )١( 
. ١7 نقلا عن : مطاعن سيد قطب في الصحابة د/ المدخلي ص‎ 
. ١54 العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص‎ )1( 
م"‎ 








جدائم المحدية الدكلية الكلحة 
وما هي بكثيرة على معاوية ولا 
بغريبة عليه» فمعاوية هو ابن 


أبي سفيان» وابن هند بنت 
عند ,)١(5‏ وه 9 ورد تت قوم 4 


جميعاء وأشبه شيء بهم في بعد 


روحه عن حقيقة الإسلام» فلا 


يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو 


بني أمية فهو منه ومنهم بريء 
ف 








الله عنه - في إكراه 
الناس عليهاء ثم يذكر في 
الهامش معلقا عليها بقوله 
' ذكرها ابن الأثير في 
حوادث سنة( 5ه ( 
ونحن لا نحب أن نجزم 
بصدق مثل هذه الرواية» 
ولكن تبرئة للإسلام في 
اكه تنكول" إقينا ءام 
ضحت كان هذا مخالفة 
أساسية لطبيعة المنهج 
الإسلامي في الحكم لا 
تبررها حجة» ولا يقوم لها 
عذر"”. ثم ذكر مقالة 
لبعض خصوم يزيد بن 











)١(‏ هي : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي » أم معاوية رضي الله عنها 
» كان لها دور في قتل حمزة ذه وأسلمت عام الفتح » انظر: الإصابة لابن 
حجر 555/5 ., 

. ١5 2١7 مطاعن سيد قطب : للمدخلي ص‎ )١( 

5”. 

















وقال: فإذا كانت :هذه 
مقالة خصم ليزيد فإن 
تصرفات يزيد العملية 
الواقعية فيما بعد من قتل 
للحيستنين- رشبحصيئ: الله 
عنه- على ذلك النحو 
الشنيع إلى حصار البيت 
ورميه.. تشهد بأن خصوم 
يزيد لم يبالغوا كثيرا فيما 
قالوه. 

وأياً ما كان الأمر 
فان أحداً لا جرد على 
الزعم بأن يزيد كان 
أصلح المسلمين للخلافة 
وفيهم الصحابة - 
رضون الله عليهم - 
والتابعون» إنما كانت 
مسالة وراثة الملك في 
البييت الأموي» وكان هذا 

















رقم 
الفقرة 





نص الفقرة في الطبعة الخامسة 
شاكر - رحمه الله - 

لمطذا نكل سات ارين 
في سياسة الحكم ابتداعه نظاء 








العاف طككة كافذةفني 
قلب الإسلام واتجاه 
الإسلام» وفي سبيل تبرئة 
الإسلام - روحه ومبادثه 
حرق ذلك القطاء الوراكع 
الذي ابتدع ابتداعا في 
الإسلام نقرر هذه 
الحقائق» لتكون واضحة 
فبجالستون,الككجم 
الإسلامي على حقيقته ' 
00 


- في الطبعة المعدلة 
وَل فقرة وهي قولة : 


)١(‏ العدالة الاجتماعية سيد قطب ص ١55 -١54‏ بتصرفء حيث يلاحظ أن الفقرة 
التي انتقدها محمود شاكر - رحمه الله- حذفها سيد بأكملها في الطبعة المعدلة . 


كه" 


























الراك رقيكو النقانن حلنيكا 


وقبل كل شيء إقصاء العنصر 
الأخلاقي في صراعه مع علي 
وفي سيرته في الحكم بعد ذلك 
إقصاءً كاملا لأول مرة في تاريخ 

فكانئة كرينة معاوية 
الأرلحي لقي منت روم 
الإسلام في أوائل عهده هي نفي 
العنصر الأخلاقى من سياسته 
نقيأ نأنا »:وهما اعت الجريمة 
أن هذه الكارثة باكرت الإسلا؛ 
ولم تنقض إلا ثلاثون سنة على 


سننه الرفيعة. 





ولكنى سفرك "عق هذه 


/اه.” 








ولسنا ننتكر على 
محاوئة :إلى قوله: سنته 
الرفيعة ' وأتبت فقط من 
قوله: ولكي ندرك مع 
تعديل فيها على النحو 
الالى: 

" ولكي ندرك عمق 
هذه الحقيقة يجب أن 
نستعرض صوراً من 
سياسة الحكم في العهود 
المختلفة على أيدي أبي 
بكر وعمر وعلى أيدي 
عثمان ومروان» وعلى 
أيدي علي الإمام ثم على 
أيدي الملوك من بني 
أمية» ومن بعدهم من 


بني العباس» بعد هذه 














العهود المختلفة على أيدي أبي | الإسلام. (") 
بكر وعمر وعلى أيدي عثمان 
ومروان.. ثم على أيدي الملوك 


من بين أمية... ومن بعدهم من 


بني العباس» بعد أن خنقت روح 
الإسلام خنقاً على أيدي معاوية 
وبنى أمية )١(‏ 

)5( ' ومضى علي إلى رحمة ١‏ "عذل سيد - رحمه 
ربه» وجاء معاوية ابن هند وابن | الله - الفقرة جذرياً في 
أبي سفيان» فلئن كان إيمان | الطبعة المنقحة ونصها 


عثمان وورعه ورقته كانت تفف " ومضى عليّ إلى 
ادزا أمام أمية» لقد رحمة ربه» وجاء بنو 


أنهار هذا الحاجز» وانساح | أمية؛ فلئن كان إيمان 
ذلك السدء وارتدت أمية طليقة | عثمان وورعه ورقته؛ 
حرة إلى وراثتها في الجاهلية | كانت تقف حاجزا أمام 
والإسلام» وجاء معاوية تعاونه | أمية» لقد انهار هذا 














15 مطاعن سيد قطب في الصحابة - د/ المدخلي ص‎ )١( 
.١156 العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص‎ )3( 
مه"‎ 




















العصبة التي على شاكلته؛ وعلى 


رأسها عمرو بن العاص» قوم 


يمسكهم خلق ولا دين ولا ضمير 
3" " ولا حاجة بنا للحديث عن 
وبحسبنا تصرفه في توريث يزيد 
الملك؛ لنعلم أي رجل هو!! ثم 
بحسبنا سيرة يزيد لنقرر أي 
جريمة كانت تعيش في أسلاخ 
أمية على الإسلام والمسلمين ' 
ثم ينقل خطبة يزعم أنها 
لمعاوية في أهل الكوفة بعد 
الصلح يقول فيها: " وكل شرط 
ويعقب عليه بأن الله أمر بالوفاء 
يقول أما معاوية فيخسيس بعهده 


"48 








فم تحعقتث عمسن 
انحراف ملوك بني أمية 
وبني العباس في سياسة 
الفنان :و تصدريفة والييات 
لمن لا يستحق» باستثناء 
عهد عمر بن عبد العزيز 
الذي أعاد الأمر إلى ما 
كان عليه في عهد 
الخلافة الراشدة؛ في 
العكسم والبحانوتكتر. 
نماذج من سيرة عمر بن 
عبد العزيز - رحمه الله 
في رده للمظالم وعدله 
في حكمه؛ ثم قال " واذا 
كنا لا نؤرخ هنا للدولة 
الإسلامية» ولكن الروح 
الإسلامي في الحكم؛ 

















للمسلمين ويجهر بهذه الكلمة 
جهرة المتبجحين» إنه من أمية 
التي أبت نحيزتها أن تدخل في 
كلف الفستو 210 








وبا تكسي حي اإجرار» 
منلاهر التحول 
والانحسار في هذا الروح 
عهد الملوك وبموازنتها 
بالخطب الثلاث التي 
سبقت في عهد الخلفاء 
تبين الفارق العميق. 

تم ذكر خطبية 
معاوية في أهل الكوفة 
بعد الصلحء وفيها '.. إلا 
أن كل مال أو دم أصيب 
في هذه الفتنة فمطلول» 
وك شتركظ شرطته فتحت 
قدمي هاتين '" وحذف 
التعقيب الموجود في 


يك" 




















الطبعة السابقة كاملا. 
00 


ثميذكر خطبه أخرى | - يذكر خطبته في أهل 
9 لمعاوية في أهل المدينة " أما | المدينة فقطء ويحذف 
بعد فإني والله ما وليتها بيعة | التعقيب كاملا من قوله " 
بمحبة علمتها منكم " ثم يعلق | أجل!! " إلى نهاية الفقرة. 
كركة * أحل] انما ولنهنا شحكة ا 

منهم؛ وانه ليعلم أن الخلافة بيعة 
الرضا في دين الإسلام ولكن ما 
لمعاوية وهذا الإسلامء وهو ابن 


هند وابن أبي سفيان!! " (") 


يقتول+ "رامنا مكاوية بععة " فأما بنو أميه فقد 
3( علئٌ فقد سار في سياسة المال | ساروا في سياسة المال 
سيرته التي ينتفي منها العنصر | سيرة أخرى» حتى كان 
الأخلاقي» فجعله للرشى واللهى | عمر عبد العزيزء فصنع 











)١(‏ العدالة الاجتماعية سيد قطب ص ١17-1١55‏ بتصرف م. 
(1) مطاعن سيد قطب في الصحابة د/ المدخلي ص ١١‏ . 
(1) العدالة الاجتماعية سيد قطب ص ١١8‏ . 

الل 




















وشراء الأمم (ولعله الذمم ) في 
البيعة ليزيد وما أشبه هذه 
الأغراض» بجانب مطالب الدولة 
والأجناد والفتوح بطبيعة الحال " 
00 


0( ابفدذا شي الإنبات» فلن 
الرغم مما اعترض خطواته 
العملية الأولى من غلبة أسرة لم 





. ١5 مطاعن سيد قطب في الصحابة د/ المدخلي ص‎ )١( 
. ١76 العدالة الاجتماعية سيد قطب ص‎ )١١( 
"0 








الذي أسلفنا من رد 


المظالم» وفي الكف عن 
بعثرة أموال المسلمين في 
أميه إلا مالسائر 
الناسء ولم يكن 
نصيب في هذا المال؛ 
فقد انقطع عن الشعراء 
المداح '(1). 

حيث يلاحظ حذف 
الفقرة المنتقدة كاملة» 
وتعديل فكرتها تماماً كما 
ف النضن: 

' وهذا هو الإسلام 
على الرغم مما اعترض 
خطواته العملية الأولى» 




















تعمر روح الإسلام نفوسهاء | من انحراف في تصور 
فأمنت على حرفب حين غلب | معنى الحكم وسياسة 
الإسلام» وظلت تحلم بالملك | المال التي كانت له آثار 
الموروث العضوض حتى نالته؛ | ضخام.. ' (5): 
فسارت بالأمر سيرة لا يعرفها 1 و«الفرق بين الفقرتين 
الإسلام 09 واضح. 

' أبو سفيان هو ذلك الرجل1 محذوفة كلهافي 
(60 |الذي لقي الإسسلام منه | الطبعة المعدلة. 
والسعاموق كا "هات ودةشيتهانتم 
التازيخ والنذي للع يسلم إلا وقة 
تقررت غلبة الإسلام» فهو إسلام 
الشفة واللسانء لا إيمان القلب 
والوجدان» وما نفذ الإسلام إلى 
قلب ذلك الرجل... ' (5) 
)3( ' ولقد كان أبو سفيان يحلم محذوفة كلها في 














. ١58 مطاعن سيد قطب في الصحابة د/ المدخلي ص‎ )١( 

. 18١ العدالة الاجتماعية سيد قطب ص‎ )١١( 

. ١١ مطاعن سيد قطب في أصحاب النبي يخ : د/, المدخلي ص‎ )١( 
5 























8 


بملك وراثي في بني أمية منذ | الطبعة المعدلة. 


نولي عفني ار 








له "ذلك أبنو متغاوية فاما أمنة محذوفة تماما في 


هند بنت عتبة فهي تلك التي الطبعة المعدلة. (") 
وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ 
الم اا 

هذه هي النقاط العشر التي انتقدها الشيخ محمود شاكر- 
رحمه الله - على سيد قطب في الرسالة التي أوردها الدكتور 
المدخلي في مقدمة كتابه: ' مطاعن سيد قطب في أصحاب 
رسول الله يل "» وكما لاحظنا من خلال المقارنة بينها وبين 
الطبعة التي عدلها سيد قطب فيما بعد أن سيداً حذف ما كان 
أساء فيه» وعدل بعض الألفاظ عما كانت عليه في الطبعة 
السادسة:» ولا أدري لماذا يصر الدكتور المدخلي على وصف 
حذف سيد - رحمه الله- لما انتقده عليه محمود شاكر كما رأينا 
في الجدول السابق بأنه تلاعب بالألفاظ مع بقاء المعنى 








. ١6 المصدر السابق: د/ المدخلي: ص‎ )١( 

. ١7ص‎ : مطاعن سيد قطب في أصحاب النبي يه‎ )١( 

(1) انظرالعدالة الاجتماعية: ص ١76‏ وما بعدها حيث حذفت العبارات ٠١-8‏ منهاء 
305 














والمضمون مع أن القارئ المنصف يجد أن التعديل جذري 
بحذف العبارات والجمل المنتقدة» أو تعديلها لتعطي معنى 
مغايراً» كما سبق بيانه في جدول المقارنة. 

* وهناك ملاحظة أخرى: وهي أن الدكتور المدخلي وبعد 
أن أورت رسالة محمود شاكر - رحمه الله - في نقده لعتلكة أورد 


رسالة من سيد - رحمه الله - لأحد أصدقائه حول ما كتبه 
محمود شاكر من انتقادات لكتاب العدالة الاجتماعية» وفيها 
ل 
فئ معاوية ويتتي أحنة لسين: كنذا 6 «تخصييدا لمق هذا 
للصحابة» وسوء نية في تدنيس المسلمين» إنما كان محاولة منه 
لبيان انحراف سياسة الحكم والمال عما كانت عليه في عهد 
الخلافة الراشدة» ومحاولة تبرئة الإسلام من ما يلصقه به أعداؤه 
من التهم بسبب انحرافات الحكام من بني أمية في سياستهم في 
الحكم والمال. )١(‏ 

وهذه الرسالة نشرها سيد حرحمه الله- في مارس عام 
"161١م‏ "» أي في نفس الفترة التي نُشِرَ فيها نقد العلامة 
محمود شاكر حرحمه الله-. 

ومع أننا لا نوافق سيداً في العبارات التي انتقده فيها محمود 


. 71-75 تنظر الرسالة في : مطاعن سيد قطب د/ المدخلي ص‎ )١( 
هك"‎ 








شاكرء ولا في التبريرات التي ذكرها في رسالته حول نقد شاكر 


له» إلا أننا يجب أن نذكر أن- سيداً- عدل ما انتقده فيه 


محمود شاكر بعد ١7"‏ عاماً '» مما يعني أن سيداً تحول عما 
كان عليه في موقفه من انتقاد شاكر له؛ وبالتالي فلا يصح أن 
ندندن كثيراً حول رفض سيد قطب لانتقاد شاكر مادام الأمر قد 
أصبح في خبر كانء والأولى النظر في ما استقر عليه سيد - 
رحمه الله- في كتابه بعد التعديل» ونقده فيما اخطأ فيه. 
0 ا 51 ٠‏ . : 5 : 7 الضشئعة 
المعدلة لكتاب العدالة الاجتماعية: 

ذكر الدكتور / المدخلي في كتبه الثلائة حول سيد قطب 
انتقادات لما جاء في كتاب العدالة مما يتعلق بالإساءة إلى 
الصحابة - رضوان الله عليهم - والطعن فيهم» وقبل أن أورد 
جدولاً للمقارنة بين العبارات الموجودة في كتب الدكتور/ 
المدخلي وبين ما في العدالة الاجتماعية» أود التذكير بما سبق 
من أن الدكتور / المدخلي اتخذ منهجاً في معالجة الموضوع 
يقوم على الاعتماد على الطبعة الخامسة " قبل التعديل " ونقل 
النصوص منها وجعلها هي " النسخة الأم!! ' مع علمة بأ 
سيد - رحمه الله- عدلها في الطبعة السادسة أو حذفها منهاء 
واكتفى بالإشارة في الهامش بعد كل فقرة بقوله: " صفحه كذا 





لحيل 








الطبعة الخامسة» ومعناه في صفحة كذا الطبعة الثانية عشرة - 
أي المعدلة - .)١(‏ 

وأحيانا ينقل في الهامش التعديل ويعقب عليه بقوله: " ما هو 
إلا تغيير للفظ مع الحفاظ على المعنى'(). 

وأحيانا ينقل من الثانية عشرة ما لم يكن من الألفاظ في 
الخامسة» وأحيانا العكس - كما يعمل المحقق لنسخ المخطوطة 
(). ولا أدري ما هو السبب الذي حمله على فعل ذلك» مع أن 
الأصل في المنهج العلمي والنقدي أن يُعتمد الرأي الأخير الذي 
استقر عليه المؤلف وينقد أو يناقش ولا يمنع ذلك من الإشارة 
إلى رأيه السابق إن كان لا يوجد بينه وبين الجديد خلاف. 

وفيما يأتي جدول يبين النقولات التي أوردها الدكتور 
المدخلي في كتبه؛ مقارنة بما هو في الطبعة المعدلة من العدالة 
الاجتماعية لسيد قطب: 
الفقرة قبل التعديل بعد التعديل 








,”” انظرأمثلة لذلك في : " أضواء إسلامية " د/ المدخلي هوامش الصفحات‎ )١( 
١١5 . 55 “الا, 94, ه30 551.738 و" مطاعن سيد قطب " هوامش الصفحات‎ 
,. 355٠6 

55 أضواء إسلامية: هوامش الصفحات 547 » 54 و " مطاعن سيد قطب " ص‎ )١( 
. 7” هامش‎ ٠١7 ص‎ . ١ هامش‎ ٠١8 هامش ” » ص‎ 

» ” ص57 هامش ؟ . ص 11 هامش‎ » ١ مطاعن سيد قطب : ص 55 هامش‎ )١( 
. ١ هامش‎ ١١7 ص‎ 

ا 




















' وفي سبيل تبرئة 
الإسلام - روحه ومبادثئه 
- من ذلك النظام الذي 
ابتدع ابتداعاً في الإسلام 
نقرر هذه الحقائق لتكون 
واضحة في تصور الحكم 
الإسلامي على حقيقته. 

ورتين قن عفن الا ركه 
أن هذا الانحراف باكر 
الإسلام ولم تنقض إلا 
الرفيعة» فلم تتح له فرصة 
الثبات والاستقرار وتكوين 
التقاليد العميقة والأوضاع 
النظامية التي يصعب فيما 


بعد الخروج عليها هو 
سوء حظ ولا شك فيه 


4 


ولكنه في الواقع ليس 








حذف سيد رحمه 
الله- الفقرة التي تحتها خط 
من قوله: ' ومما ضاعف 


وعدل في الفقرة الأخيرة 
قوله " بعد أن خفقت روح 
الإسلام " إلى ' بعد هذه 
الهزة المبكرة في تاريخ 
الا 


)00 العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص ,١55 ١٠55‏ 


١ 























المصادفة السيئة الأولى» 
فلقد كات أسوأ مضحادفة 


هي: تأخير علي وتقديم 
عثمان وهو شيخ ضعيف» 
وتسلم مروان بن الحكم 
الأموى مقاليد السلطة» فلو 
شاء حسن الطالع أن يتقدم 
لاستمرت تقاليد الإسلام 
فترة أخرىء ولاستطردت 
موجته عهداً ثالثاء ولكان 
غير ما كان من طمس 
روح الإسلامء فإن استقرار 
التقاليد الإسلامية فترة 
أخرى وقيام أوضاع 
نظامية محدودة من شأنة 
أن ايحعل التكيتة أضبعن 
على من يحاولهاء ولكي 
ندرك عمق هذه الحقيقة 


21 




















مق تحيافنة الحقدار" انال 
" في العهود المختلفة على 
أيدي. أبئ :يكن وعم وعلى 
أيدي عثمان ومروان» 
وعلى أيدي علي الإمام؛ 
ثم على أيدي الملوك من 


بني أمية ومن بعدهم من 


بني العباس بعد أن خفقت 
روح الإسلام " (') 

" لقد اتسعت رقعهة 
الإسلام فيما بعدء ولكن 
روحه انحسرت بلا جدال 
سا فتحة قفن ذا 
انحسرت الروح؟! ولولا قوة 
كامشية في طبيعسة هذا 








حذف الجملة الأولى التي 
كحكينا خبط وصفل الأخيرة 
بقوله " لكانت أيام أمية 
الأحصيفل 1505 


)١(‏ مطاعن سيد قطب / للمدخلي ص 15» وقد نقلها عن الطبعة الخامسة من العدالة 
الاجتماعية ص ؟8١»‏ وكلمة " المال " أضافها من الطبعة الثانية عشرة المعدلة 
وأشار في هامش إلى ذلك !!! 

5( العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص ,١55‏ 


ث/لا.”» 























الدين» وفيض عارم في 
طاقته لكانت أيام أمية 
الفضباءالأهيد 01:7 

" هذا التصور لحقيقة 
الحكم قد تغير شيئا ما 
بدون شك على عهد 
عثمان» ولقد كان من سوء 
الطالع أن تدرك_الخلافة 
عثمان وهو شيخ كبيرء 
ضعفت عزيمته عن عزائم 
الإسلام وضعفت إرادته 
عن الصمود لكيد مروان» 
وكيد أمية من ورائه. 

فهم عثمان - رحمه الله - 
أن كونه إماماً يمنحه حرية 
التصرف في مال 








' هذا التصور لحقيقة 
الحكم قد تغير شيئا ما 
بدون شك على عهد 
عثمان - وإن بقي في 
سياج الإسلام - ولقد 
أدركت الخلافة عثمان وهو 
شيخ كبير» ومن ورائه 
مروان بن الحكم يصرف 
الأمور بكثير من الانحراف 
عن الإسلام» كما إن 
طبيعة عثمان الرخية» 
وحدبه الشديد على أهله. 
قد ساهم كلاهما في 


1 نام مني قلت «اللنشيذلي حى اك 15 حيت نفله مم الطيعة الاسية فين 
التعديل » وأضواء إسلامية ص ”07 , 


لا" 























المسلمين بالهبة والعطية؛ 
فكان رده في كثير من 
الأحيان على منتقديه في 
هذه السياسة " وإلا ففيم 
كنك إنات)؟! "كنا يماحة 
حرية أن يحمل بني معيط 
وبني أمية - من قرابته - 
على رقاب الناس» وفيهم 
الحكم طريد رسول الله ك4 
لمجرد أن من حقه أن 
يكرم أهله ويبرهم ويرعاهم 
.)١(٠‏ 


'ولقد كان الصحابة يرون 


هذا الانحراف عن روح 








صدور تصرفات أنكرها 


الكثيرون من الصحابة من 
حوله» وكانت لها معقبات 
كثيرة» وآثار في الفتنة التي 
عانى منها الإسلام كثيراً ' 
0 

هوت كدف الحتلة ايقذاء 
من قوله " فهم عثمان - 
رحمه الله - أن كونه 
إماما.... إلى أخرها. ' ومع 
ذلك يثبتها المدخلي في 
أكثر من مكان من كتبه 
نقلاً عن الطبعة السابقة 
للتعديل. 

-" ولقد كان الصحابة 


يرون هذه التصرفات 


(3) العدالة الاجتماعية : سيد قطب ص ١5١4‏ » وقد أشار إليها المدخلي في هامش 


30 




















(0) 





الإسلام؛ فيتداعون إلى 
المدينة لإنقاذ الإسلام؛ 
وإنقاذ الخليفة من المحنة؛ 
والخليفة في كبرته وهرمه 
لا يملك أمره من مروان» 
وانه لمن الصعب أن نتهم 
روح الإسلام في نفس 
عثمان» ولكن من الصعب 
كذلك أن نعفيه من الخطأء 
الذي هو خطا المصادفة 
السيئة في ولايته الخلافة 
وهو شيخ موهون تحيط به 
حاشية سوء من أميه )١("‏ 


تحت عنوان: سيد قطب 








الخطيرة العواقب» فيتداعون 
إلى المدينة لإنقاذ الإسلام» 
وانقاذ الخليفة من المحنة؛ 
والخليفة في كبرته لا يملك 


أمره مروان» وانه لمن 
الأبداف في رشن عا 
ولعن من الصعب كذلك 
أن نعفيه من الخطأء الذي 
كرون البورارة ني عمرة 
عثمان ل (5). 


- عدل فيها سيد ما تحته 


)١(‏ مطاعن سيد قطب , للمدخلي ص ٠١8‏ » نقله من الخامسة » ثم أشار في 
الهامش إلى أن سيداً أو غيره تحايل فحذف هذه التهم الأولى » وأبقى- حمعناها 
ومضمونها . وقد غير بعض الألفاظ في النص محافظاً على معناه » ثم ذكر ما في 
الطبعة المعدلة . وينظر أيضا: أضواء إسلامية ص 5 

( ")العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص ..١15١0 ١55‏ 


ا" 























يرى أن الثورة التي قادها 
ابن سبأ اليهودي أقرب إلى 
روح الإسلام من عثمان 
بن عفان! ينقل نصاً من 
الهف كانيع وعدا 
وأخيراً ثارت الثائرة على 
عثمان واختلط فيها الحق 
بالباطلء والخير بالشرء 
ولكن لابد لمن ينظر إلى 
الأمور بعين الإسلام؛ 
ويستشعر الأمور بروح 
الإسلام أن يقرر: أن تلك 
الثورة في عمومها كانت 
أقرب إلى روح الإسلام؛ 
واتجادهه من موقفف 


عتنيماك :أو "متا لاد هنح 


5”. 








خط بقوله: " أن يقرر أن 
تلك الثورة في عمومها 
كانت فورة من روح 
الإسلام. وذلك دون إغفال 
لما كان وراءها من كيد 
اليهودي ابن سبأ لعنه الله! 
را 

















موقف مروان ومن ورا 


بنو أميه 1 )0 


واعتذرنا لعثمان - رحمه 
شت 01 المسحختاننات 
السيئة قد ساقت إليه 
الخلافة متأخرة فكانت 
العصبة الأموية حوله وهو 
يدلف إلى الثمانين» واهن 
القفوى ض عيف 





" جاء عثمان فلم ير أن 
يأخذ بالعزيمتين أو 








واعتذرنا لعثمان - رحمه 
الله - أن الخلافة قد 
جاءت إليه متأخرة» فكانت 
العصبة الأموية حوله وهو 
يدلف إلى الثمانين " (5) 
حيث حذف قوله ' واهن 
القوى ضعيف الشيخوخة " 


عدل فيها ما تحته خط 


بزلعه "إن سوم مدن 




















(1) العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص 215-١5٠0‏ 174, 
شيئا من التغيير » مع الإصرار على مضمونه » و أضواء إسلاميه ص 5”؛ 55 . 
منقول من الطبعة الخامسة قبل التعديل . 
(5) العدالة الاجتماعية : سيد قطب ص ا 
وما ؟ 








أحدهماء ترك الفضول 
لأصحابها.. وترك 
الأعطيات.. ووسع على 
الناس..... فإذا عهد من 
عهود الإقطاع يسود 


العحتستو ]ا تفن شين 


نهاية عهده يرحمه الله " 
0 

- " ولقد كان ذلك برا 
ورحمه بالمسلمين وبكبرهم 
كاضحية ولكجة نشيدا شرا 
عظيماً لم يكن خافياً على 
فطنة أبي بكر وعمر بعده؛ 
أنشاً الفوارق المالية 
والاجتماعية الضخمة في 
الحماغة التديية كما 








اسراف النالمة السيفية 
يسنو التجتاسع' ا اااي 
في نهاية عهده -رحمه الله 
2 (5) 


000 
فأصبحت ' كما أنشأ طبقه 
تأتيها أرزاقها من كل مكان 


فون كد وشو 27 














)١(‏ مطاعن سيد قطب / للمدخلي ص 7١7‏ وأضواء إسلاميه ص ”4 » مع الإشارة 
في الهامش إلى أن سيداً غير بعض الألفاظ مع بقاء المعنى . 
(3) العدالة الاجتماعية : سيد قطب ص ١177,‏ 
(5) العدالة الاجتماعية : سيد قطب ص .١77‏ 
6 











أنشأ طبقة ارس تقراطية 
فارغة يأتيها رزقها من كل 
مكان دون كد ولا تعب " 
00 

فلما أن جاء عليّ لم يكن 


من اليسير أن يرد الأمر 


إلى نصابه في هوادة» وقد 
علم المستنفعون على عهد 
عثمان وبخاصة من أمية؛ 
أن علياً لن يسكت عليهم 
2 
وبمصالحهم إلى معاوية. 
- ولو قد جاء على 
عقب عمر ماكان لهم 
إلى هذا الانحياز من 
سبيل» فقوة معاوية يوم 


ذاك لم تكن تصمد لقوة 





دمطاعن سيد قطب / للمدخلي ص .5١5‏ 


(5) العدالة الاجتماعية: ص 105١‏ 


ااا 





حذف سيد - رحمه الل- 
الفقرة كاملة في الطبعة 
النعدلتة إيخداة مين قزل ؟ 
ولو قد جاء علي عقب 


عمر - إلى آخر الفقرة 
60 























الخلافة؛ ولا لقوة الروح 
الفمتفنة فد التفيوسن وفنا 
ا 0 20 © 


بالخروج على الخليفة كما 
خرجء فإن ثلاثة عشر 
عاماً من حكم عثمان هي 
التي جعلت من معاوية 
معاوية» إذ جمعت له قوة 
المال وقوة الجند وقوة 
الدولة فى الأقطار الأربعة 
بالشام.. إنها المحنة الحقة 
أن عليا لم يكن ثالث 
الخلفاء! " )١(‏ 

والذين يرون في معاوية 
دهاءً وبراعة ولا يرونها في 
علي» ويعزون إليهما غلبة 








حذف سيد رحمه اله- 


الكلمات التي تحتها خط ' 


وو ٠.‏ ل" ا 1 : وى 


» أضواء إسلامية » للمدخلي ص 8” نقله من الطبعة الخامسة قبل التعديل‎ )١( 
وأشار في الهامش إلى أن ملخصه في الطبعة الثانية عشر المعدلة » وينظر أيضا‎ 
, ١70 الحد الفاصل : ص‎ 


ا" 























معاوية في النهاية؛ إنما 
يخطئون تقدير الظروف 
وواكينة كه كان رالعده 
فلنحدي الأول والأخودد : أَنْ 
يرد للتقاليد الإسلامية 
قوتهاء وأن يرد إلى الدين 
ووه رآن :يون العاف 
التي غشت هذا الروح 
على أيدي أمية في كبرة 
عثمان ووهنه؛ ولو جارى 
الأخلاقى من حسابه 
لسقطت مهمته ولما كان 
لظفره بالخلافة خالصة من 
قيمة في حياة هذا الدين» 


بمعاوية؟ إن عليا إما أن 


5049 








استبدال معاوية بمعاوية "2 
وعدل قوله " فلو جارى 
معاوية...» بقوله " فلو 
جارى وسائل بني أمية في 
المعركة لبطلت مهمته 


- وزاد عند ذكره 
الرواية عن علي قوله ' 
فيما روي عنه إن صحت 


الاب 


.155 ١517 العدالة الاجتماعية: سيد قطب ص‎ )١( 

















10 





يكون علياًء أو فلتذهب 
الخلافة عنه» بل فلتذهب 
حياته معها وهذا هو الفهم 
الصحيح الذي لم يغب 
عنه- كرم الله وجهه - 
وهو يقول:'"ولله ما 
معاوية بأدهى مني» ولكنه 


يغدر ويفجرء ولولا كراهية 
الغدر لكذت من أدهى 
القن 107 . 

ومما انتقده المدخلي على 
تشنة: أنه شحاف القتوارف 
ومنها ثورة القرامطة مساق 
الاعتزاز والتباهي» ونقل 
نهنا ان الطيية الخافيية: 
ليس موجوداً في الطبعة 
المعدلة 0). 








القحواوة سن التلسحة 
المعدلة. 


99 سوام إساقمية طن #0 هلها من الطبعة#الخاضبة واللعكلة. 
)١(‏ أضواء إسلامية: ص 45. 




















وعموما فهذه نماذج لمنهج الدكتور/ ربيع المدخلي في جميع 
كتبه في قضية نقده لسيد قطب واعتماده على فقرات من الطبعة 
القديمة رغم أن المعدلة بين يديه» ولا يعني ذلك أن سيداً لم 
يخطئ بل نوافق المدخلي في بعض العبارات التي انتقدها على 
سيد - رحمه الله- في حديثه عن بعض الصحابة - رضوان 
الله عليهم - والتي كان الأولى بسيد - رحمه الله- حذفها أو 
تعديلها. 

الفرع الثالث: ' موقف سيد قطب من الصحابة في كتبه 





الإسلامية الأخيرة: 

ذكرنا سابقاً أن سيد - رحمه الله- مر بمراحل مختلفة» 
وكانت كتاباته مختلفة أيضاً في كل مرحلة» وإذا كنا قد 
استعرضنا في الفرعين السابقين ما كتبه سيد - رحمه الله- في 
بعض كتبه الأدبية والفكرية التي ألفها في بداية تحوله نحو 
الإسلام» فإن من الواجب أن ننظر في كتبه الإسلامية الأخيرة 
وما يتعلق بموقفه من الصحابة - رضوان الله عليهم - عموماً 
والصحابة الذين تكلم فيهم في كتبه السابقة خصوصاً» لنعرف 
هل عدّل سيد- رحمه الله- موقفه منهم؛ أم ما يزال هو هو؟ 
وبيان ذلك فيما يلي: 
أولاً موقف سيد قطب من الصحابة عموماً: 


5 





استعرضنا في المطلب الأول من هذا المبحث مكانة 
الصحابة - رضوان الله عليهم - من خلال كلام سيد - رحمه 
الله- في ظلال الآيات التي تحدثت عن مكانة الصحابة في 
هذا الدين وفضائلهم ونستطيع هنا أن نلخص رؤية سيد - 
رحمه الله- لمكانة الصحابة عموماً فيما يأتي: 
-١‏ الصحابة هم الصفوة المختارة من البشر» الذين رفعهم الله 
ورفع من شأنهم - حتى أنهم يبادلونه الرضى والحب. 
-١‏ وعد الله لهم بالجنة والفوز .)١(‏ 
"-الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا أهل صدق وحمية 
لدينهم وطاعة لربهم ونبيهم وبالتالي حصلوا على رضوان الله 
عنهم» وتكريم الله لهم. (") 
4 - تكريم الله لهم في مدحه وتصويره لظاهرهم وباطنهم بما يدل 
على عظمتهم وحب الله لهم» فهم أخلص العباد ولاءً وبراءً» وهم 
أعبد الناس لربهم وأحرص الخلق على رضوانه سبحانه واثبات 
مكانتهم في الكتب السابقة والأديان الأولى» قبل أن يظهروا إلى 
الوكوة: (5) 


. بتصرف يسير‎ ١7١5-1705/7 ينظر: في ظلال القرآن‎ )١( 
. المصدر السابق 5/ 77555- 77370 بتصرف‎ )5( 
. بتصرف‎ 73373-373557١7/5 المصدر السابق‎ )"( 

ا 








ه- إشادة سيد - رحمه الله- بالقاعدة الصلبة لهذه الأمة 
والمتمثلة بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ووصفهم 
بأنهم لم تشهد البشرية مثلهم في إيمانهم وبذلهم وصدق أخوتهم 
وشرف صحبتهم لرسول الله ي. )١(‏ 

5- تميز جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - مع تفاوت 
الأفراد في هذا الجيل حيث يقرر- سيد - ما عليه أهل السنة 
في أن أفضل الصحابة - رضوان الله عليهم - هم السابقون 
الأولون من المهاجرين والأنصار ثم أهل بدر ثم أصحاب بيعة 
العقبة» ثم الذين أنفقوا وجاهدوا قبل الفتح» ثم مسلمة الفتح " 
("). ومع هذا إلا أن الله وعد جميع الصحابة بالحسنى [وَكْلا 
وَعَدَ أنه لني )على تقاوث ما بينهم ("). 

- أن الصحابة هم الجيل الذين صنعوا على عين الله وتربوا 
على يد رسول الله هَيِهْ فهم جيل مميز من بين البشرء عايشوا 
النبي #ِ وسدد الوحي خطواتهم أولاً بأول استقوا من النبع 
الصافي - الوحي - فكانوا جيلاً فريداً في تاريخ البشرية (؟). 


,! 538١5 في ظلال القرآن 5/ 55ه؟,‎ )١( 
,١1006- ١1/07 5/اه ل‎ 1١61.077 المصدر السابق‎ )"( 
.55/85/5 المصدر السابق‎ (2 
-١5 ومعالم في الطريق: ص‎ "4877/5 7535/54 ,١ 571/7 المصدر السابق‎ )5( 
.55 24” هذا الدين: ص‎ ١٠ 
م"‎ 








- جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - أصدق الناس إيماناً 
وتضحية وثباتاً في مواجهة الأهوال والأخطارء وتصديقاً لما 
جاء به الرسول يه :)١(‏ 
4- وعموماً فسيد قطب يرى أن جيل الصحابة - رضوان الله 
عليهم - " جيل قراني فريد " لم ولن تشهد الحياة تكرر جيل 
مثله بتلك الصورة وبذلك التجمع. 

هذا مجمل ما جاء في كلام سيد - رحمه الله- في كتبه 
الأخيرة عن جيل الصحابة إجمالا. 





تحدث سيد قطب في ' الظلال والمعالم ' وغيرها عن الخلفاء 
الإتنعك لا جئلة تعقوف انكلم ليى والدوقن لكا شي« زوتكن 
الأشتارة إلى عيض فكتسائل الكلفاه اأرافتدون الت تكرها تيد 
قطب فيما يأتي: 





صفاته: 

أشار- سيد- إلى عدد من فضائل أبي بكر الصديق - 
رضي الله عنه - في مواطن متفرقة يمكن إجمالها فيما يلي: 
-١‏ "'أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أكرم من أقلت 


, 5414 في ظلال القرآن 998/7 الله ل 01/119 1ك 8ت‎ )١( 
0 








الأرضن فغد زسؤل الث يله )١(‏ وأعرف» أصتتحاب زستوك اللرعة 
-١‏ صدق إيمانه وقوة يقينه وثباته في مواطن الخطر: والأمثلة 
على ذلك في حياة الصديق - رضي الله عنه - كثيرة جداً 
منها: 
* ثباته على الأذى فى مكة: يقول سيد: " فلقد كان أبو بكر 
الصديق- رضي الله عنه - يردد والمشركون يتناولونه بالأذى» 
ويضربون وجهه الكريم بالنعال المخصوفة يحرفونها إلى عينيه 
ووجهه حتى تركوه وما يعرف له فمٌ من عين! كان يردد طوال 
هذا الاعتداء المنكر الفاجر على أكرم من أقلت الأرض بعد 
رسول الله يَلِ: ' رب ما أحلمك! رب ما أحلمك! رب ما أحلمك! 
' كان يعرف في قرارة نفسه ما وراء هذا الأذى من حلم ربه! لقد 
كان واثقأ أن ربه لا يعجز عن التدمير على أعدائه؛ كما كان 
وأئقاً أن ريه لا يقخلى عن أولياقة ! " (0): 
* موقفه في حادثة الإسراء والمعراج: 

عندما حدث رسول الله يك الناس بما وقع له في الإسراء 


.١ 515/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
."١ معركة الإسلام والرأسمالية: ص‎ )1( 
. ١517/7 في ظلال القرآن‎ )5( 

هل ؟ 








والمعراج تفاوتت مواقفهم " بين مصفق وواضع يده على رأسه 
تعجباً وانكاراً» وارتد ناس ممن كان آمن به» وسعى رجال إلى 
أبي بكر - رضي الله عنه- فقال: أو قال ذلك؟ قالوا نعم. قا 

فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدقء قالوا: فتصدقه في أن 


يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ 
قال: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك» أصدقه بخبر السماء! فسمي 
الصذيق ام وله حيدق ابو بكر- رضي الله عنه- وهو يرد 
المسألة المستغربة المستهولة عند القوم إلى بساطتها وطبيعتها 
فيقول: إني لأصدقه بأبعد من ذلك» أصدقه بخبر السماء! " 
22 
* موقفه فى الغار فى حادثة الهجرة: 

وهذا الموقف من مواقف الصديق - رضي الله عنه - سجله 

0 


القران ال إلا 2 تعحرورة فقيل كر أله إذ 


لقيبة الزن حكَيروا نت أنين ]ة هما ف الصار إذ نول 
إعحيةه الخ كت الله مك 311 101 تمك كه 


عله وَأَيِكَدَهُ. 0 1 [سورة التوبة:٠5]‏ » وذلك حين 
كباقت قري بمحمد 46 ذأرها كما تكبيق القوة الغاشمة ذائماً 
)١(‏ المصدر السابق 511 


(1) المصدر السابق 75١1/54‏ . 
1 








بكلمة الحق» لا تملك لها دفعاً» ولا تطيق عليها صبراً» فاتتمرت 
به» وقررت أن تتخلص منه» فأطلعه الله على ذلك» وأوحي إليه 
بالخروج؛ فخرج وحيداً إلا من صاحبه الصديق.. والسياق يرسم 
مشهد الرسولةّة وصاحبه " إذ هما في الغار " والقوم على 
إثرهما يتعقبون» والصديق - رضي الله عنه - يجزع - لا على 
نفسه ولكن على صاحبه - أن يطلعوا عليهما فيخلصوا إلى 
صاحبه الحبيب» يقول له: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه 
لأبصرنا تحت قدميه؛ والرسول يله وقد أنزل الله سكينته على 
قلبه» يهدئ من روعه ويطمئن من قلبه فيقول له: ' يا أبا بكر 
ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ " :)١(‏ 
* موقفه في بدر وأحد والحديبية وغيرها من المشاهد: 

حيث يتجلى صدق إيمانه ويقينه بربه سبحانه في موقفه مع 
النبي يله وهو يناشد ربه» حيث جاء في الحديث: " إن النبي - 
يخ - قال وهو في قبة له يوم بدر: " أنشدك عهدك ووعدك» 
اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبداً " فأخذ أبو 
بكر- رضي الله عنه- بيدهء وقال: حسبك يا رسول الله ألححت 
على ربك! فخرج وهو يثب في الدرع» وهو يقول: " سيهزم الجمع 
)١(‏ في ظلال القرآن ١757/7”‏ والحديث في الصحيحين »وقد سبق تخريجه 


ص6 وه : 
/امى. ؟ 








را ا 

وفي رواية أخرى: أن النبية# نظر يوم بدر إلى أصحابه 
وهم ثلاث مائة ونيف» ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف 
وزيادة» فاستقبل النبي 5 القبلة» وعليه رداؤه وإزاره» ثم قال: " 
اللهم أنجز لي ما وعدتنيء اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل 
الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً " قال: فما زال يستغيث ربه 


ويدعوه» حتى سقط رداؤه عن منكبيه» فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه 
فرداه» ثم ألتزمه من ورائه؛ ثم قال: يا نبي الله» كفاك مناشدتك 
ربك» فإنه سينجز لك ما وعدكء فأنزل الله عز وجل: إإِدْ 
و اللا 

كما روي انه - رضي الله عنه - هم بقتل ولده عبد الرحمن 
وكان مع المشركين في بدر. (©) 
- أما في أحد فقد انقلبت المعركة على المسلمين ووقع الهرج 


. 7375/7 برقم‎ ٠١51/7 - رواه : البخاري ي الجهاد باب ما قيل في درعه - يخ‎ )١( 
. 3”476 في ظلال القرآن "؟/‎ )"1( 
. ١751 برقم‎ ١١١9/7” رواه : مسلم في الجهاد باب الإمداد باللائكة في بدر‎ )١ 
. ١ 537779 (؟) في ظلال القرآن‎ 
. 55١/56 المصدر السابق‎ )6( 

1 








في صفوفهم» وخلص المشركون إلى رسول الله َلْهْ ولم يبق معه 
إلا نفر من أصحابه يعدون على الأصابع يدافعون عنه؛ وفيهم 
ا .)١ 1 . ٠.‏ 

أبو بكر وعمر وبعض الأنصار" (') 

- أما في الحديبية فقد كان موقفه - رضي الله عنه - موقف 
عنه - في شأن الصلح مع المشركين» قال له أبو بكر- رضي 
الله عنه -: إلزم غرزه» (5) فإني أشهد أنه رسول الله " (')؛ ففي 
موقفه هذا - رضي الله عنه - نرى اليقين والقبول الخالص 
العميق» فالصديق أبي بكر- رضي الله عنه - لم تفقد روحه 
اطمئنانها دائماً» ولم تفارقها الطمأنينة أبداً "(5). 

- ومن مواقف ثباته ورسوخه أيضاً ما جاء في الصحيحين 
وغيرها: بينما النبي 5 يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل 
طعاماء فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي 5 إلا اثنا عشر 
رجلا من الراسخين منهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما 


. 457/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. إلزم غرزه : أي التزم طريقه » وأصله وضع القدم في الركاب موضعه‎ )١( 
. 59:9/5 في ظلال القرآن‎ )( 
, 3739١7 /5 المصدر السابق‎ (5 
54 








"011 
* ثباته يوم وفاة النبى 2 " فلقد أصيب المسلمون - عند موت 
النبييَكة بالدهشة والذهول» حتى لقد وقف عمر - رضي الله عنه 


- شاهراً سيفه يهدد به من يقول: إن محمداً قد مات! 

ولم يثبت إلا أبو بكرء الموصول القلب بصاحبه وبقدر الله 
فيه الاتفصال المباشر الوقيق» حين ذكرهم بقوله تعالى* ١‏ ون 
حم إِلَّا وَسُول قد حَلَتَ ون قلسل ماين كات َو يِل نمم 
َلتَّدكرِيَ ! [سورة آل عمران:44١]‏ فإذا هم يثوبون ويرجعون '" 
00 
* ثباته أيام الردة: ومن ذلك ثباته في قتال المرتدين» حيث وقف 
وقفته المشهورة وقال قولته الخالدة " والله لو منعوني عقالاً كانوا 
يؤدونه إلى رسول الله يك لقاتلتهم على منعه ' مخالفاً في ذلك 
رأي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي كان يرى قبل 
أن يفيء إلى رأي أبي بكر ويشرح الله له صدره ويعلم أنه الحق 
«(1). 


,. 511١75 رواه : البخاري في التفسير - سورة الجمعة 5 برقم‎ )١( 
. في ظلال القرآن 20/11 يتصرف دير‎ )99 
. ١7١-١55 العدالة الاجتماعية : سيد قطب ص‎ )3( 

”. 








- ومن ذلك أيضا: إنفاذه جيش أسامة -)١(‏ رضي الله عنه - 


وقتال المرتدين ومانعي الزكاة» يقول سيد - رحمه الله- " وكان 
من تدبير الله لهذا الأمر أن يليه بعد رسول الله يه صاحبه 
الأول أبو بكرء وصاحبه الثاني عمرء أقرب اثنين لإدراك طبيعة 
هذا الأمرء وأشد اثنين انطباعاً بهدي رسول الله يي وأعمق اثنين 
حباً لرسول الله يه وحرصاً على تتبع مواضع حبه ومواقع 

حفظ أبو بكر رضي الله عنه عن صاحبه يِ ما أراده في 
أمر أسامة» فكان أول عمل له بعد توليه الخلافة هو إنفاذه بعث 
أسامة على رأس الجيش الذي أعده رسول الله وسار يودعه 
بنفسه إلى ظاهر المدينة» أسامة راكب وأبو بكر الخليفة راجل» 
فيستحي أسامة الفتى الحدث أن يركب والخليفة الشيخ يمشي. 
فيقول: " يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن " فيقسم الخليفة " 
والله لا تنزل» ووالله لا أركب " وما علي أن أغبر قدمي في 
سييل "الله وناعة؟ 

ثم يرى أبو بكر أنه في حاجة إلى عمرء وقد حمل عبء 


)١(‏ هو: أسامة بن زيد بن حارثة » صحابي ابن صحابي »ولد بمكة ونشأ على 


الإسلام كان يحبه الرسول 0١حباً‏ جماً »أمره النبي قبل العشرين من عمره » 
توفي سنة 5 5ههبالمدينة » انظر :سير أعلام النبلاء 57/5؟ والأعلام ١. 75931/١‏ 


5600١ 








الخلافة الثقيل» ولكن عمر إنما هو جندي في جيش أسامة؛ 
وأسامة هو الأمير» فلا بد من استثذانه فيه» فإذا الخليفة يقول: " 


إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ".. يا لله! إن رأيت أن تعينني 
فافعل.. إنها آفاق عوال» لا يرقى إليها الناس إلا بإرادة الله» على 
يذ رسول'م :عند الله! .)١("‏ 
*- بذله فى سبيل الله تعالى: 

بل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في سبيل الله من 
الأمور المستفاضة والتي تحدث عنها القرآن الكريم والسنة 
والتاريخ؛ فقد كان - رضي الله عنه - من أصحاب السعة 
والفضل كما سماه القرآن الكريم» ومن ذلك: 
* شراؤه - رضي الله عنه - للموالي: الذين كانوا يعذبون في 
أول الإسلام واعتاقهم» ليمنع بذلك تعذيبهم بهذا الإجراء» وتمتنع 
فتنتهم عن دينهم» ولا يخفى ما في هذا الوضع من ميزة بالقياس 
إلى اتشأة الديق الحديد 10 

يقول سيد في ظلال قوله تعالى: ١‏ لا أهَدَحَمَالْمَقبَةَ (0)ومآ 


سس ا 


2 م 72 ا 
أدرثك ما العقبة فك رمِة) إسورة البللد: ١‏ ١-١؟١]‏ ِ نفات 


وطمأنينة واستقامة» ثم أورد سيد - رحمه الله- روايات في 


. 7579/79 2 7791/١ : في ظلال القرآن 5875/56 وينظر أيضا‎ )١( 
. 5١55” /8 المصدر السابق‎ )١( 
5200 








أسماء من اعتقهم أبو بكر - رضي الله عنه - من الموالي 
والعبيد» وكان يريد ما يريد للهء فعندما قال له أبوه: يا بني إني 
أراك تعتق رقاباً ضعافاً» فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت 
رجالاً جُلداً يمنعونك ويقومون دونك! فقال له أبو بكر - رضي 
الله عنه-: يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله... 


لقد كان- رضي الله عنه- يقتحم العقبة وهو يعتق هذه 
الرقاب العانية لله» وكانت الملابسات الحاضرة في البيئة تجعل 
هذا العمل يذكر في مقدمة الخطوات والوثبات لاقتحام العقبة 
في سبيل الله'(١)‏ 

" بل إنه- رضي الله عنه - أسلم وله أربعون ألف درهم 
مدخرة بمكة من ربح تجارته فأنفقها في شراء الموالي» حتى أنه 
هاجر إلى المدينة وليس له إلا خمسة آلاف درهم " ('). 
* إنفاقه على المحتاجين من الفقراء والمهاجرين: 

ومن ذلك ما جاء في سورة النور في سبب نزول قوله تعالى: 
١‏ وَلَايَألٍأونوا مضل وك وَالسّعةٍ أن يووا أؤلي لمر وَالسسدكينَ 


صلدل قد 
وه ص سح سج فو 6س ج ساس سلسم 0 
: 8 


7 ويف كه تسرسدة 
وَالْمُهَدحِرِت ف سيل اله وَلِحَهوا ولصفحوا ألا بون أن يغفر الله لكر 


موسو ,دع ري 84 


والله غَفُور يجيم ] إسورة النور:”١]‏ 'يقول سيد - رحمه الله-: 


. في ظلال القرآن 55> بتصرف يسير‎ )١( 
. ١5١ العدالة الاجتماعية : ص‎ )1( 
+؟9,.؟‎ 








نزلت في أبي بكر - رضي الله عنه- بعد نزول القرآن ببراءة 
الصديقة؛ وقد عرف أن مسطح بن أثاثه كان ممن خاضوا فيه؛ 
وهو قريبه» وهو من فقراء المهاجرين» وكان أبو بكر -رضي الله 
عنه- ينفق عليه» فآلى على نفسه لا ينفع مسطحاً بنافعة أبداً. 
فنزلت هذه الآية تذكر أبا بكرء وتذكر المؤمنين» بأنهم هم 


بعضهم مع بعض بهذا الذي يحبونه؛ ولا يحلفوا أن يمنعوا البر 
عن مستحقيه» وإن كانوا قد أخطئوا وأساعوا. 

وهنا نطلع على أفق عال من آفاق النفوس الزكية» التي 
تطهرت بنور الله» أفق يشرق في نفس أبي بكر الصديق - 
رضي الله عنه- أبي بكر الذي مسه حديث الإفك في أعماق 
قلبه» والذي احتمل مرارة الاتهام لبيته وعرضه؛ وما يكاد يسمع 
دعوة ربه إلى العفوء وما يكاد يلمس وجدانيه ذلك السؤال 
الموحي: ' ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ " حتى يرتفع على 
الآلام» ويرتفع على مشاعر الإنسان» ويرتفع على منطق البيئة؛ 
وحتى تشف روحه وترف وتشرق بنور الله» فإذا هو يلبي داعي 
الله في طمأنينة وصدق يقول: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله 
لي» ويعيد إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه» ويحلف: والله 
لا أنزعها منه أبداء ذلك في مقابل ما حلف: والله لا أنفعه بنافعة 


3 





أبداً. 
بذلك يمسح الله على آلام ذلك القلب الكبيرء ويغسله من أوضار 
المعركة» ليبقى أبداً نظيفاً طاهراً زكياً مشرقاً بالنور " ('). 


4- رقته وتحرجه وحساسيته: 


كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - رجلاً رقيقاً رحيماً 
شديد الحساسية والتأثيرء فما أن يسمع الآية من القرآن الكريم 
حت تأخذ منة شأخذا »وقد .جا عه وواياك متعددة فيها إشيارة إلن 
هذه الصفة من صفات الصديق - رضي الله عنه - منهاء 


ه- 


- لما نزل قوله تعالى: ( لَيسَبِامَانِيَكَْ وَلَآ أمايّ هل 


-_- 


2 وم سلس 


الحتككس من يَعمَل نوكا عد يود ) [سورة النساء:؟١]‏ .قال أبو 
بكر- رضي الله عنه-: " يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه 
الآية؟ فكل سوء عملناه جزينا به» فقال النبي 5 " غفر الله لك 
بأآباويكن .الث وطن ؟ السك تتهنبي؟ ألبيت تحزن ؟ السفت 
تصيبك اللأواء؟ " قال بلى! قال: " فهو مما تجزون به '» وفي 
رواية: " أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون 
بذلك في الدنياء حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب» وأما الآخرون 


. 7505-76٠0 5 /8 في ظلال القرآن‎ )١( 
هه"‎ 








فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة " )١(‏ ('). 

- ومن ذلك أيضا ما جاء في الصحيح: " كاد الخيران أن 
يهلكاء أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- رفعا أصواتهما عند 
النبي - 5 - حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما 
بالأقرع بن حابس وأشار الآخر بالقعقاع بن معبد»ء فقال: أبو 
بكر لعمر - رضي الله عنهما - ما أردت إلا خلافي» قال: ما 
أردت خلافك؛ فارتفعت أصواتهما في ذلكء فأنزل الله تعالى: ( 


- 
أذ لس رمه سس ساح سم بوسرة © <2 لم حت مه 2 
.0 2 2 . 3 


تأيه ألَذِنَءامنوا لاترمعوأ أَصوائكُم وَوْقَصَوْتٍ البق 1 للبورة 
الحجرات:"] قال فما كان عمر - رضي الله عنه- يسمع رسول 
الله يخ بعد هذه الآية حتى يستفهمه!.. وأما أبو بكر - رضي 
الله عنه - فقال: يا رسول الله» والله لا أكلمك إلا كأخي السرار " 
يعني كالهمين! 501007 

- ومن ذلك بكاؤه - رضي الله عنه - مع النبي يك لما نزلت 
الآية في شان الأسرى حين استشاره النبي ‏ في شانهم فقال: 


)١(‏ رواه : أحمد »١١ /١‏ والحاكم 5/7 وهو صحيح بشواهده وطرقه » انظر :مسند 
أحمد بتحقيق الأرناؤوط 7377-750/١‏ . 
() في ظلال القرآن ١‏ بتصرف يسير . 
(1) رواه : البخاري في كتاب الاعتصام باب ما يكره في التعمق والتنازع في العلم 
57/5 برقم 5811 . 
(5) في ظلال القرآن 7721/5” بتصرف يسير . 
21 








يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان» واني أرى أن 
تأخذ منهم الفدية» فيكون ما أخذناه منهم قوة لنا على الكفار» 
وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضداًء - واستشار عمر بن 
الخطاب - رضي الله عنه - فأشار بقتلهم - فهوى رسول الله 
يه ما قال أبو بكر فلما كان من الغد - قال عمر - فغدوت 
إلى النبييّة وأبي بكر وهما يبكيان.. الحديث "» وفي رواية أن 
النبي كَلِةٍ قال: " إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين 
من اللبن» وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من 
الحجارة» وان مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم -عليه السلام- قال: 
إبراهيم:7"] » وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى -عليه السلام-: 
قال: [ إن دِيم كإِنَُم حبَادكَ وإن تَخْفرَ لهم َإِنَكَ َتَالْعَرِيرُ كيم ) 


[سورة المائدة:78١١]‏ ٠وان‏ مثلك يا عمر كمثل موسى - عليه 
5 0 ره 3-2 3 آ# هه عي 2 رص ج ع جح ساد وو عر ا 6 
السلام - قال: [رَبَنَا مس عَكَ أمولهم واَسَدَدَ عل قلويهم فلا مؤْصنواأ 


حَقَّيروا لعا بَالْأَلِمَ ) [سورة يونس:88] 


وان مثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام قال: | وَدَالَ هم رََتََا 


5.1/ 


عيد قطي ومنهجة في العفيدة 


در عل الْرضٍ من الكفرنَ 5 انا قور 000017 
- ومنها قول عائشة - رضي الله عنها - للنبي كي لما قال: 
مروا أبا بكر فليصل بالناس» إن أبا بكر رجل أسيفء فإذا قام 
النان لغ ستمعوا يوق 003 

5 تواضعه ولين جانبه - رضي الله عنه -: وذكر سيد من 
ذلك: 

* مشيه مع أسامة - رضي الله عنه - عند إنفاذ جيشه راجلا 
وأسامة راكبا وحلفه عليه ألا ينزل (؟): 

* إنكاره على بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - (*©) 
كلامهم في شأن أبي سفيان- رضي الله عنه- واخباره للنبي 25 
فقال له:يا أبا بكر لعلك أغضبتهم» لئن كنت أغضبتهم لقد 
أعضضة ردق ” 


)١(‏ رواه:احمد 587/٠١‏ والترمذي برقم5١١‏ وفي سنده ضعف ,انظر:المسند 
بتحقيق الأرناؤوط 7/8/6١وضعيف‏ سنن الترمذي للألباني ص ١64‏ حديث رقم 
01 
(1") في ظلال القرآن ١557-1551/7‏ بتصرف يسير . 
2( العدالة الاجتماعية : ص ١5”‏ والقصة في . 
(؟) في ظلال القرآن 7875/5 . 
(6©) وهم سفيان وصهيب وبلال - رضي الله عنهم - مر بهم أبو سفيان فقالوا : ما 
أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها » فقال لهم أبو بكر : أتقولون هذا الشيخ 
قريش وسيدهم ..الحديث . 
0 











فأتاهم أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: يا اخو تاه أغضبتكم؟ قالوا: لا 
يغفر الش لك " (5(:)01). 

*عندما سئل عن الكلالة قال: أقول فيها برأيي» فإن يكن 
صواباً فمن الله» وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطانء والله ورسوله 
بزيكان افد : القلالة م ل ولذ: له ول والك (0), 


* " قوله رضي الله عنهم بعد وفاة رسول الله يِ لعمر انطلق 
بنا إلى أم أيمن - رضي الله عنها - نزورها كما كان رسول الله 
يزورهاء فلما أتيا إليها بكت» فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين 
أن ما عند الله خير لرسول الله يِ؟ قالت: بلى» إني لأعلم أن ما 
عند الله خير لرسول يةِ ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من 
السماء» فهيجتهما على البكاء» فجعلا يبكيان معها "(5). 

* تواضعه بعد توليه الخلافة: حيث بقي في سكنه في منزله 
الصغير المتواضع بالقرب من المدينة» وكان يمشي على قدميه 
إلى المدينة» وكان يعمل في التجارة حتى جعلوا له من بيت 
المال ما يكفيه ليتفرغ وكان يحلب للضعفاء أغنامهم (0). 


:155 سبق تخريجه ص‎ )١( 

(5) في ظلال القرآن ١5‏ بتصرف يسير . 

. 515/7 تفسير الطبري »7 /575-575,. وفي ظلال القرآن‎ )١ 

(5) رواه : مسلم في فضائل الصحابة » باب فضائل أم أيمن ١5١5/5‏ برقم 7555 . 
)5( العدالة الاجتماعية: ص ١١5‏ بتصرف. 


ك5 





7979595913131313131313131313-17-17-7171سيك قطب ومنمجه في العقيدة و 





فهذه بعض النصوص التي ذكرها سيد - رحمه الله- عن 
مواقف وفضائل وصفات أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - 
باعتباره» كما يقول سيد - رحمه الله- واحداً من الرجال العظام 
في الجيل الأول في حياة الرسول و " .)'١(‏ 


. 3١55/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
"3١و‎ 








ب- فضائل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - و بعضص 
صفاته: 





أشار سيد قطب في مواطن كثيرة إلى فضائل وصفات عمر 
- رضي الله عنه - ومن ذلك. 
-١‏ أنه هو وأبو بكر - رضي الله عنهما - أقرب اثنين لإدراك 
طبيعة هذا الدين» وأشد اثنين انطباعاً بهدي رسول الله يك 
وأعمق اثنين حباً لرسول اشيّ وحرصاً على تتبع مواضع حبه 
ومواقع خطاه؛ فكان من تدبير الله أن يليا الأمر بعد رسول الله 
يه * .)0١(‏ 
؟- ثيباته وقوته فى الحق: 

والأمثلة في حياة عمر كثيرة جداً» تبين مدى ثباته - رضي 
الله عنه - وصدق إيمانه وقوته في الحق وقد مر معنا في 
فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مواقف كان عمر 
- رضي الله عنه - صاحبه فيها ومن ذلك: 
* ثباته مع النبي يِ في احد»ء ورده على أبي سفيان يومذاك " 
0 


)0( المصدر السابق 9/5؟585, 
و6 المصدر السابق .5557/١‏ 








*وثباته يوم الجمعة مع أبي بكر والراسخين حين انصرف 
الناس إلى القافلة .)١(‏ 


* قوته أمام أهل الكفر والنفاق ومن ذلك موقفه يوم بدر في 
شأن الأسرىء وتمثيل النبي يله بموسى ونوح - عليهما السلام 
- في شدتهما على أهل الكفر ('). 
* موقفه يوم الحديبية في شأن الصلح ومعارضته لبنود الاتفاق 
ظناً منه أن فيها تنازل لقريش» ومراجعته لأبي بكر- رضي الله 
عنه - ولرسول اشيّ في ذلك غيرةً على الدين واعتزازاً به ("). 
*ضربه صبيغ بن عسل بعد حواره معه» عندما وجده يسأل عن 
المتشابهات تعنتء حتى ذهب ما في رأسه (؟). 
- بذله فى سبيل الله: 

حيث كان من السباقين إلى البذل بعد أبي بكر الصديق - 
رضي الله عنه - ومن ذلك: وقفه لأرضه التي بخيبر جاء في 
الصحيحين أن عمر- رضي الله عنه - قال: يا رسول الله؛ لم 


.5"571/5 المصدر السابق‎ )١( 
,15557-1١551/7 المصدر السابق‎ )١( 
.59١57/56 (؟) المصدر السابق‎ 
المصدر السابق9175/5:".‎ )5( 








تأمرني به؟ قال: احبس الأصل» وسبل الثمرة" )١(‏ (5). 
5 - خوفه وتأثره بالقرآن الكريم: رغم ما عرف به عمر - رضي 
الله عنه - من القوة والشدة إلا أنه كان سريع التأثر بالقرآن 
الكريم والخوف من الله - سبحانه وتعالى - ومن ذلك: 

* أنه خرج ذات ليلة يعس بالمدينة» فمر بدار رجل من 
المسلمين فوافقه قائماً يصليء فوقف يستمع قراءته فقرأ: ' 
والطور.. حتى بلغ: إن عذاب ربك لواقع» ما له من دافع " فقال: 
قسم ورب الكعبة حق» فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث 
ملياً» ثم رجع إلى منزله» فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما 
مرضه رضي الل عنه ():. 

* خوفه لما قرأ قوله تعالى: (آلَدِنَ !موا ولد ينْبِسوَا إِيمَتَهُم 
ِظّلّمِ 1 [سورة الأنعام:87] » حيث فزع وأتى أبيَ بن كعب فقال: يا 
أبا المنذرء قرأت آية من كتاب الله من يَسلم؟ فقال: ما هي؟؛ 
فقرأها عليه فأينا لا يظلم نفسه؟ فقال: غفر الله لك! أما سمعت 
الله تعالى ذكره يقول: " إن الشرك لظلم عظيم ؟ إنما هو: ولم 


6 برقم‎ ٠١١7/7 رواه : مسلم في كتاب الوصية باب الوقف‎ )١( 
, ١6١ والعدالة الاجتماعية ص‎ » :55/١ في ظلال القرآن‎ )5( 
في ظلال القرآن 5535/5 والقصة في‎ )5( 

"١. 








يلبسوا إيمانهم بشرك. ('). 
5- وصية النبى ي بالاقتداء بهدي أبي بكر وعمر - رضي 
الله عنهما -: 

كيد أورد سيد - رحمه الله- قوله يَلِةِ: " إني لا أدري ما 
بقائي فيكم فاقتدوا بالذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر 
خوقئ !لين بخ 11 
5- سداد رأيه في كثير من القضايا التي اقترحها وموافقة القرآن 
الكريم له ومنها: 

* إشارته بقتل الأسرى في بدر (4) 

* قصة الحجاب وعرضه على النبي - وله - حجب نسائه 
2 
/ا-عدله وضبطه لعماله ووفاؤه: 

حيث أشار سيد - رحمه الله- إلى عدد من المواقف التي 


,. ١ في ظلال القرآن‎ )١( 

)١١(‏ رواه : الترمذي في المناقب 570-5575/5 برقم 3777-9777 » وابن ماجة 
وأحمد 787/5 في فضائل الصحابة برقم /591 » وصححه الألباني في صحيح سنن 
الترمذي 507/7 . 

(5) في ظلال القرآن 5878/5 . 

(5) في ظلال القرآن ١551/79‏ ١ه‏ ., 

(6) المصدر السابق ©/ 781/17 . 








لعماله وأمره لهم بالوفاء .)١(‏ 


هذه بعض النصوص التي تبين موقف سيد - رحمه الله- 
من فضائل عمر - رضي الله عنه - في كتبه الأخيرة؛ أما في 
كتبه السابقة ومنها: العدالة الاجتماعية فقد تحدث كثيراً عن 


عمر وذكر قصص وروايات عن ورعه وزهده وعدله وسياسته 
0 





وهنا ينبغي أن نقف قليلاً ونحن نعرض موقف سيد - رحمه 
الله- من عثمان - رضي الله عنه -» ذلك لأن سيد - رحمه 
الله- كما مر معنا سابقاً - تعرض لعثمان - رضي الله عنه - 
في بعض كتبه السابقة بكلام لا يليق انتقده عليه بعض أهل 
العلم المعاصرين له» وعدل بعضه بعد فترة» وان كان لا يزال 
في كتابه " العدالة " ألفاظا تحتاج إلى حذف أو تعديل» ومن 
العدل أن ننظر موقفه من عثمان - رضي الله عنه - في كتبه 
الأخيرة وعلى رأسها الظلال» ويمكن بيان ذلك من خلال الأتي: 
-١‏ يذكر سيد قطبء عثمان - رضي الله عنه - مادحاً له في 
سياق ترتيبه الطبيعي بين الخلفاء الراشدين وهو يتحدث عن 
)١(‏ ينظر المصدر السابق 2.35/١‏ 758575/5.556. 


(25) ينظر العدالة الاجتماعية : ص ١595 ١56‏ 2 ١5ل‏ مهل "اها كهلء, 
مه 1 ١/05‏ , 


"١. 








الزجال الفظام في هذا 'الدين حي يقول وهو يننتعرطن مقوننات 
العرب عند مجيء الإسلام: " ولعل هذا بعض ما يفسر لنا 
وجود هذا الحشد من الرجال العظام في الصحابة في الجيل 
الأول في حياة الرسول - ين - من أمثال: أبي بكر وعمر 
وعثمان وعلي».... وغيرهم من تلك العصبة التي تلقت الإسلام» 
فتفتحت له» وحملته» وكبرت به من غير شك وصلحت" .)١(‏ 


ويذكر سيد - رحمه الله- أيضا في كتاب " هذا الدين " 
وتعاملهما مع الأمة» ويذكر بعض خطبهما ومواقفهما ويلحق 
بهما عثمان - رضي الله عنه - في السياق مادحاً له فيقول: ' 
وكتب عثمان - رضي الله عنه - إلى جميع الأمصار كتاباً 
قال فيه: " إني آخذ عمالي بموافاتي كل موسم» وقد سلطت 
الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» فلا يرفع علي 
شيء ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته» وليس لعمالي حق 
قبل الرعية لا متروك لهم» وقدر رفع آليا أهل المدينة أن أقواماً 
يشتمون ويضربون» فمن أدعي شيئاً من ذلك فليوافي الموسم؛ 
يأخذ حقه حيث كان» مني أو من عمالي أو تصدقوا فأن الله 


. 5١51/0 في ظلال القرآن‎ )١( 








يجزي المتصدقين " :)١(‏ 

ويذكر أن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله 
عنهم - قائمة على أساس الاختيار المطلق (5): 
-١‏ يذكر مكانة عثمان عند الصحابة - رضوان الله عليهم - 


وعند غيرهم في صلح الحديبية» حيث يورد سيد - رحمه الله- 
قول عمر رضي الله عنه - للنبي يِ لما دعاه ليرسله إلى 
قريش.. " ولكني أدلك على رجل أعز بها منيء عثمان بن عفان 
- رضي الله عنه -.. فدعاه الرسول يل وأرسله إلى قريش» ثم 
ذكر أن عثمان - رضي الله عنه - انطلق إلى قريش فأبلغهم 
رسالة النبي » وعرضوا عليه أن يطوف بالبيت إن شاء فأبى؛ 
وقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله يل فاحتبسته 
قريش عندهاء وبلغ النبي يه أنه قد قتل... فقال 5: " لا نبرح 
حتى نناجز القوم " ثم دعا المسلمين إلى البيعة» فبايعوا تحت 
الشجرة».. وذكر الرواية التي فيها أن رسول الله ينك بايع لعثمان 
- رضي الله عنه - فضرب بإحدى يديه على الأخرى " (). 

"- إشادة سيد - رحمه الله- بعثمان - رضي الله عنه - وبذله 


. 55-84 هذا الدين لسيد قطب ص‎ )١( 

(1) معركة الإسلام والرأسمالية ص ”7 . 

(؟) في ظلال القرآن 7707/5 737١١‏ بتصرف . 
00١.‏ 








وسخائه في غزوة العسرة حيث يقول: " شم إن رسول الله ولد 
حض أهل الغنى على النفقة... فحمل رجال من أهل الغنى 
محتسبين عند الله» وكان في مقدمة المنفقين المحتسبين» عثمان 
بن عفان - رضي الله عنه - فأنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد 


مثلهاء حيث روي أن عثمان - رضي الله عنه - أنفق في جيش 
العسرة في غزوة تبوك ألف دينار» فقال رسول الله وَةِ: "اللهم 
ارض عن عثمان فإني عنه راض » وفي رواية: " خطب النبي 
يل فحث على جيش العسرة» فقال عثمان بن عفان: علي مائة 
بعير بأحلاسها وأقتابها. قال: ثم نزل مرقاة من المنبر» ثم حث؛ 
فقال عثمان: عليّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها. قال: فرأيت 
رسول الله وَل يقول بيده هكذا يحركها - وأخرج الراوي يده 
كالمتعجب -: " ما على عثمان ما عمل بعد هذا ". وفي رواية: 
ثلاث مرات وأنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها ')١(‏ (") 
5- دفاع سيد - رحمه الله- عن عثمان - رضي الله عنه -: 
ففي ظلال قوله تعالى: ( أََرَْتَ الى توك (2) وَأعَطن قبلا 


و 1 [إسورة النجم:؟؟- :]© يقول سيد - رحمه الله -: 


)١(‏ رواه : الترمذي في مناقب عثمان 585/5 برقم 77٠١‏ وضعفه الألباني في 
ضعيف سنن الترمذي ص ١‏ وضعيف المشكاة برقم 1٠١11‏ . 
)١(‏ في ظلال القرآن 1777/7- ١7725‏ بتصرف يسير . 
18" 








ويحدد صاحب الكتيافت اتخصيةة أنه عثمان بن عفان - 


رضي الله عنه - ويذكر في ذلك قصة:» لا يستند فيها إلى 
شيء» ولا يقبلها من يعرف عثمان - رضي الله عنه - وطبيعته 
وبذله الكثير الطويل في سبيل الله بلا توقف وبلا حساب كذلك» 
وعقيدته في الله وتصوره لتبعة العمل وفرديته؛ 

ثم يعلق في الهامش بقوله: " أي صاحب " الكشاف " وروي 
أن عثمان - رضي الله عنه - كان يعطي ماله في الخير فقال 
له عبد الله بن سعد بن أبي سرح -وهو أخوه من الرضاعة- 
يوشك ألا تبقي لك شيئاً» فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا واني 
اطلب بما أصنع رضى الله تعالى وأرجو عفوه» فقال عبد الله: 
أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها! فأعطاه 
وأشهد عليه؛ وأمسك عن العطاء فنزلت! '» يقول سيد - رحمه 
الله-: " وهي رواية ظاهرة البطلان» وما هكذا يتصور عثمان - 
رضي الله عنه -! )١('‏ 
ه- يذكر سيد - رحمه الله- أن عثمان - رضي الله عنه - 
سار سيرة النبي يل وأبي بكرء وعمر في عدم قبولهم لصدقة 
ثعلبة بن حاطب أحد المنافقين» ومع أن القصة باطلة إلا أنه 


)١(‏ في ظلال القرآن 5/ 75١5‏ مع الهامش » وينظر : الكشاف للزمخشري - دار 
إحياء التراث ط١‏ عام /1١71١ه‏ 577/4 . 


53648 








يفهم من خلال سياقها مدح سيد لعثمان وأنه سار بسيرة من قبله 
ولم يخالفهم.. 
5- تحدث سيد - رحمه الله- في مواضع من الظلال وغيره 
عن دور اليهود في التأمر على المجتمع المسلم في عهد عثمان 
- رضي الله عنه -» وعن الفتنة التي أشعلها اليهودي ابن سبأ 
في خلافة عثمان - رضي الله عنه - فقال: " والذي ألب العوام؛ 
وجمع الشراذم» وأطلق الشائعات» في فتنة مقتل عثمان - رضي 
الدخنه خروم قاذها من النكراكة. يوودف 007 

وقال: ".. ثم تابع اليهود كيدهم للإسلام وأهله وكانوا عناصر 
أساسية في إثارة الفتنة الكبرى التي قتل فيها الخليفة الراشد 
عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وانتثر بعدها شمل التجمع 
الإسلامي إلى حد كبير " (0). 

هذه لمحات من صورة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في 
ظلال القرآن الكريم وكتب سيد - رحمه الله- الأخيرة» لعلها تعطينا 
صورة عن موقف سيد - رحمه الله- من عثمان بن عفان - رضي 
الله عنه - في كتبه الأخيرة مقارنة بما كتب عنه سابقاً. 


. معركتنا مع اليهود لسيد قطب ص ؟”‎ )١( 
. 75 وينظر أيضا : 551/5” » وهذا الدين ص‎ » ١577/7” في ظلال القرآن‎ )١١ 
500١6 








ذكر سيد - رحمه الله- كثيراً من فضائل ومواقف علي - 
رضي الله عنه - في كتبه السابقة كالعدالة الاجتماعية؛ وأشار 
في الظلال إلى بعض المواقف منها: 

١‏ - ذكره لعلي - رضي الله عنه - في الرجال العظام من 
الصحابة - رضوان الله عليهم - مع بقية الخلفاء الراشدين 
الأربعة بقوله " وهذا يفسر وجود هذا الحشد من الرجال العظام 
في الصحابة - رضوان الله عليهم -.. كأبي بكر وعمر وعثمان 
و00 

- استشارة النبي يك له في شأن عائشة - رضي الله عنها‎ -١ 
في واقعة الإفك (") وإرساله لإعلان ما تضمنته سورة براءة من‎ 
المبادئ في حج العام التاسع الهجري (')؛ وفي ذلك دلالة على‎ 
علو منزلته.‎ 

- سعة علمه - رضي الله عنه - حيث أورد سيد - رحمه 
الله- في تفسير قوله تعالى: إوَآلدَّريتٍِ دَرُوَا 1 [سورة الذاريات: ]١‏ 
أن علياً - رضي الله عنه - صعد منبر الكوفة فقال: " لا 


. 373١5 5/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
, 5555/5 المصدر السابق‎ 6 
. ١597/8/7” المصدر السابق‎ (2 
51 








تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى ولا عن سنة عن رسول 
الله يي إلا أنبأتكم بذلك» فقام أحدهمء فقال: يا أمير المؤمنين» ما 


معنى قوله تعالى: [وَآلدَّرِيتِ دَرُوَا 1؟ قال علي - رضي الله 


رصم 2 - 


عنه: الريح» قال: | فَآلَْمِدتِ وقرَا 1؟ قال - رضي الله عنه -: " 
السحاب © قال: | فلكت وقرا 4؟ قال - رضي الله عنه -: 
السفن» قال: ( فَلْكَرِت م )؟ قال - رضي الله عنه -: 
الملائكة .)١('‏ 

4- يشير سيد - رحمه الله- إلى دور اليهود في الفتنة الكبرى 
في عهد عثمان - رضي الله عنه - ويقول: " وكانوا - أي 
اليهود - رأس الفتنة في ما وقع بعد ذلك بين علي ومعاوية - 
رضي الله عنهما " ('). في إشارة إلى ابن سبأ وأتباعه» وان كان 
- سيد- يعتبر قتال علي - رضي الله عنه - لأهل الجمل 
وصفين فقال بغاة كون علي - رضي الله عنه - هو الإمام 
0 

ه- كما أشار سيد - رحمه الله- إلى عظمة علي - رضي الله 


جزل تت خب .تين 


. 7701/7 في ظلال القرآن 1174/5" » وقد نقله عن تفسير ابن كثير‎ )١( 
. ١774/7 المصدر السابق‎ )١( 
. 7555/5 المصدر السابق‎ )39 

01 








ورادكج ده 


20 د ١‏ 00 
عل إخوانا عل سرر مَْقَدِيِلِينَ 1 [سورة الحجر:47] حيث ينقل عن 


-_-_--_ 


علي - رضي الله عنه - قوله: " أرجوا أن أكون أنا وعثمان 
وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: " ونزعنا ما في 
ميدو زهو هن هل 191): 
هذا استعراطن موحز الموقف:سيد - رحمة الت مخ الخلفاء 
الراشدين في كتبه الإسلامية الأخيرة وقد أشار فيها أيضا إلى 
فضائل عدد من الصحابة - رضوان الله عليهم - وأمهات 
المؤمنين. 0 
ه - موقفه من معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله 
أفردت هذين الصحابيين - رضي الله عنهما - لننظر موقف 
سيد - رحمه الله- في كتبه الأخيرة منهماء حيث وأكثر ما انتقد 
عليه من أخطاء في حق الصحابة - رضوان الله عنهم - كان 
فيهما وفي عثمان - رضي الله عنه - 


. ء والأثر رواه القرطبي‎ ١79777 في ظلال القرآن‎ )١( 

(1) ينظر كلامه في فضائل بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - فيما يأتي : 
فضائل أمهات المؤمنين : في ظلال القرآن 75٠5/8‏ . 586/8 7859 . 7/517 
٠‏ 3,6” »ء وينظر أيضا فضائل بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - 
في : في ظلال القرآن 9/.ه6 1١‏ , 5 الال, هالالء مك25 لامك 
اتا كلت 


5117 








*أما موقفه النهائى من عثمان - رضى الله عنه - فقد سبق 
معنا قبل قليل. 
* وأما موقفه من معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنه - 


فقد ذكر سيد - رحمه الله- معاوية بن أبي سفيان- رضي الله 
عنه- في الظلال في موضعين يفهم من سياقهما المدح 
والترضي عنه وهما: 

-١‏ يقول سيد - رحمه الله-: " ولقد ترك القرآن الكريم وسنة 
الرسول يل في نفوس المسلمين أثراً قوياً وطابعاً عاماً في هذه 
الناحية - أي الوفاء بالعهد - ظل هو طابع التعامل الإسلامي 
الفردي والدولي المتميز.. روي أنه كان بين معاوية بن أبي سفيان 
وملك الروم أمدء فسار إليهم في أخر الأجل» حتى إذا انقضى وهو 
قريب من بلادهم أغار عليهم وهم غارون لا يشعرون» فقال له 
عمر بن عتبة: الله أكبر يا معاوية» وفاء لا غدرء سمعت رسول 
الله ييدِ يقول: " من كان بينه وبين قوم أجل فلا يحلن عقده حتى 
ينقضي أمدها " فرجع معاوية بالجيش " .)١(‏ 

؟- ذكر حديث معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي 
يي يقول " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن 
تفسدهم " فقال أبو الدرداء - رضي الله عنه - كلمة سمعها 


. 5١15172-15١95/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








معاوية - رضى الله عنه - من رسول الله و نفعه الله تعالى 


بها .)١(«‏ 
* أما عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فإن سيداً - 


رحمه الله- يذكره مترضياً عنه» عند ذكره حديثاً عن عبد الله بن 
عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - (') في الرحمة. 

ويصفه بأنه حاكم مسلم؛ عندما تحدث عن استنقاذ الإسلام 
لأهفل مصر من الذلء وإطلاقهم من العبودية للبشر من 
الطواغيت الفراعنة» ثم الرومان حيث يقول: " فلما أن ضرب 
ابن عمرو بن العاص - فاتح مصر وحاكمها المسلم - ظهر 
ابن قبطي من أهل مصر.. '" (). 

ويقول عنه أيضا: " وعمرو بن العاص هو فاتح هذا الإقليم 
- أي مصر- وأول أمير عليه من قبَلٍ الإسلام " (؟). 

هذه لمحة عن موقف سيد - رحمه الله- من الصحابة - 
رضوان الله عليهم - عموماً» وعن من تكلم فيهم في كتبه 
السابقة خصوصاً» لعلها تصحح ما علق في كثير من الأذهان 
حول الموضوع مع إقرارنا بأن في كلام سيد - رحمه الله- بعد 
)١(‏ المصدر السابق 5545/56” » والحديث رواه : أبو داود . 
(1") المصدر السابق ل 
2( المصدر السابق .١575/7”‏ 


(5) هذا الدين ص 556. 
1" 








التعديل لكتابه العدالة الاجتماعية ألفاظاً الأولى أن تحذف» 
أما ما يتعلق بمسألة بني أمية وبني العباس وكلام سيد - رحمه 
الله- في العدالة الاجتماعية والذي قد يفهمه بعضهم على أنه 
تكفير لهم فالذي يظهر أنه يقصد بقوله " وبذلك خرجت سياسة 
الحكم نهائياً من دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام.. وخرج الحكام 
نهائياً من كل حدود الإسلام في المال ' )١(‏ خروجهم عن 
تعاليم الإسلام فيما يتعلق بتوريث الحكم بدلاً من كونه حقاً 
للأمة تختار خليفتها حسب الشروط الشرعية؛ وكذلك صرف 
المال في غير أوجهه الشرعية بدليل قوله في الظلال: " ولقد 
حكم الإسلام في الجولة الأولى الأرض ألف ومائتي عام تقريباً 
لم ينقطع فيها حكم شريعة الإسلام» وقيام القيادة المسلمة على 
قويعة ونه 11 

فسيد - رحمه الله- يصرح في هذا النص ببقاء الحكام 
الأمويين والعباسيين والعثمانيين أيضاً على الإسلام لأن 
الحاكمية العامة كانت للشريعة الإسلامية؛ وان حصل خروج 
عن بعض حدود الإسلام سواء في المال أو طريقة تولي الحكم 
بالوراثة ونحوهاء مما انتقده في العدالة الاجتماعية. 


. ١548 العدالة الاجتماعية : ص‎ )١( 
. ١550/7 في ظلال القرآن‎ )5( 
05 








المبحث الرابع 


منهجه في الإمامة والخلافة 

الإمامة العظمى أو الخلافة» منصب كبير ومسئولية 
عظمية» وهي تولّي تدبير أمور المسلمين» وتعد الإمامة 
والخلافة من أهم المسائل الدينية» لما لها من أثرٍ كبير في حياة 
الناس» ولذلك أهتم علماء أهل السنة والجماعة ببيان المنهج 
الذي ينبغي أن يسير عليه الناس في شأن الإمامة والخلافة؛ 
وأدرجوه ضمن مباحث العقيدة التي يجب علمها والعمل بها. 

ومناسبة إدراج مسألة الإمامة والخلافة ضمن المباحث 
المتعلقة بالنبوة هي: أنها امتداد لمهمة النبي يك والمتمثلة في 
حماية الدين 17 الدنيا به» وفي هذا المبحث نعرض منهج 
سيد قطب- رحمه الله- فيما يتعلق بمسألة الإمامة والخلافة. 

ومعلوم أن سيداً - رحمه الله- عاصر نهاية وسقوط الخلافة 
العثمانية آخر مظلة كانت تجمع المسلمين» وبسقوطها تغيرت 
الأحوال والأوضاع في العالم الإسلامي» الأمر الذي كان له 
الأثر البالغ ولا يزال على جميع جوانب الحياة الإسلامية. 

وبيان منهج سيد قطب - رحمه الله- في هذه المسألة من 
خلال المطالب الآتية: 


/ا11" 





المطلب الأول: أهمية الإمامة والخلافة. 

المطلب الثاني: خصائص ومميزات نظام الحكم في 
الإسلام. 

المطلب الثالث: الحاكم في النظام الإسلامي. 

المطلب الرابع: مصدر السلطات في النظام الإسلامي. 

المطلب الخامس: الشورى في النظام الإسلامي. 

المطلب السادس: شبهات حول الحكم الإسلامي. 

المطلب السابع: موقف سيد قطب من الأنظمة المعاصرة 
ومنهجه في التغيير. 


المطلب الأول 


أهمية الإمامة والخلافة 

ركز المنهج القرآني كثيراً على أهمية إيجاد الجماعة 
المسلمة؛ التي تحمل الأمانة الكبرى - أمانة العقيدة - وأمانة 
الخلافة في الأرض باسم العقيدة. 

كما ركز أيضما على أعطاء الحفاحة المسلية خصنائضن 
الأمة المينتخلفة وقخصبيتها الفيمتفلة» يقيلتهنا ويشنراتهيا 
المهيمنة على ما قبلها من الشرائع» ومنهجها الجامع الشامل 
المميز» وقبل ذلك بتصورها الخاص للوجود والحياة» ولحقيقة 


5118 





ارتباطها بربهاء ولوظيفتها في الأرض وما تقتضيه من تكاليف» 
وتهيئتتها للطاعة المطلقة للقيادة الإلهية المتمثلة في القرآن 
الكريم وتوجيهات النبي كَنهْ وتلقي ذلك بالرضى والثقة واليقين 
والأنشنلت 07 

وقد بيّن سيد قطب - رحمه الله- أهمية وجود الخلافة 
القائمة على الحق في أكثر من موضعء ومن ذلك ما نقله عن 
المودودي في بيان أهمية الإمامة والخلافة الصالحة في الأرض 
حيث يقول: ' وكل من له أدنى بصيرة بمسائل الحياة الإنسانية؛ 
لا يخفى عليه أن المسألة - التي تتوقف عليها قضية صلاح 
الشؤون البشرية وفسادها - إنما هي مسألة زعامة الشؤون 
البشرية ومن بيده زمام أمرهاء وذلك كما تشاهد في القطار أنه 
لا يجري إلا إلى الجهة التي يوجهه إليها سائقه» وأنه لا بد 
للركاب أن يسافروا - طوعاً أو كرهاً - إلى تلك الجهة نفسهاء 
فكذلك لا يجري قطار المدنية الإنسانية إلا إلى جهة يوجهه 
إليها من بأيديهم زمام أمر تلك المدنية» ومن الظاهر البين أن 
السير على تلك الخطة التي رسمها لهم الذين بأيديهم وسائل 
الأرض وأسبابها طراء ولهم الهيمنة كل الهيمنة على أزمَّة 


. بتصرف‎ ١77/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
11 








الأمرء وبيدهم السلطة المطلقة في تدبير شؤون الإنسانية؛ 
وتتعلق بأذيالهم نفوس الجماهير وآمالهم» وهم يملكون أدوات 
تكوين الأفكار والنظريات وصوغها في قوالب يحبونهاء وإليهم 
المرجع في تنشئة الطباع الفردية» وانشاء النظام الجماعيء 
وتحديد القيم الخلقية» فإذا كان هولاء الزعماء والقوّاد ممن 


يؤمنون بالله ويرجون حسابه» فلا بد لنظام الحياة بأسره أن يسير 
على طريق من الخير والرشد والصلاح» وأن يعود الخبثاء 
الأشرار إلى كنف الدين ويصلحوا شؤونهم» وكذلك تنمو 
الحسنات ويزكو غراسهاء وأقل ما يكون من تأثير المجتمع في 
السيئات أنها لا تربو» إن لم تمحق وتنقرض آثارها. 

وأما إذا كانت هذه السلطة - سلطة الزعامة والقيادة والإمامة 
- بأيدي رجال انحرفوا عن الله ورسوله؛ واتبعوا الشهوات» 
وانغمسوا في الفجور والطغيان» فلا محالة أن يسير نظام الحياة 
بقضه وقضيضه على البغي والعدوان والفحشاء» ويدب دبيب 
الفساد والفوضى في الأفكار والنظريات والعلوم والآداب 
والسياسة والمدنية والثقافة والعمران والأخلاق والمعاملات 
والعدالة والقانون برمتهاء وتنمو السيئات ويستفحل أمرها... 

إن أول ما يطالب به دين الله عباده؛ أن يدخلوا في عبودية 
الحق كافة مخلصين له الطاعة والانقياد حتى لا يبقى فى 


ل 





أعناقهم قلادة من قلائد العبودية لغير الله تعالى» ثم يتطلب 
منهم إلا يكون لحياتهم قانون إلا ما أنزله الله تعالى» وجاء به 
الرسول الأمي الكريم يله ثم إن الإسلام يطالبهم أن ينعدم من 
الأرض الفساد» وتستأصل شأفة السيئات والمنكرات الجالبة على 
العباد غضب الله تعالى وسخطه. 

وهذه الغايات السامية لا يمكن أن يتحقق منها شيء ما دامت 
قيادة أبناء البشر وتسيير شؤونهم في الأرض بأيدي أئمة الكفر 
والضلالء ولا يكون من أمر أتباع الدين الحق وأنصاره إلا أن 
يستسلموا لأمر هؤلاء وينقادوا لجبروتهم» يذكرون الله قابعين في 
زواياهم» منقطعين عن الدنيا وشؤونهاء مغتنمين ما يتصدق به 
هؤلاء الجبابرة عليهم من المسامحات والضمانات! 


ومن هنا يظهر ما للإمامة الصالحة واقامة نظام الحق من 
أهمية خطيرة تجعلها من غايات الدين وأسسه؛ والحق أن 
الإنسان لا يمكنه أن يبلغ رضى الله تعالى بأي عمل من أعماله 





إذا تناسى هذه الفريضة وتقاعس عن القيام بها. بالإضافة إلى 
ما جاء في الكتاب والسنة من ذكر الجماعة ولزومها والسمع 
والطاعة؛ حتى إن الإنسان ليستوجب القتل إذا خرج من 
الجماعة - ولو قيد شعره - وان صام وصلى وزعم أنه مسلم؛ 
وليس لذلك من سبب سوى أن غرض الدين الحقيقي وهدفه إنما 


51١ 





هو إقامة نظام الحقء والإمامة الراشدة وتوطيد دعائمه في 


الأرظ ب 

وما جعل الجهاد في أعلى المنازل في هذا الدين حتى أنه 
يحكم بالنفاق على من ينكلون عنه إلا لأنه سبيل لإقامة نظام 
الحق» ليس غيره.... 

إن إقامة الإمامة الصالحة في أرض الله لها أهمية جوهرية 
وخطورة بالغة في نظام الإسلام؛ فكل من يؤمن بالله ورسوله 
ويدين دين الحق» لا ينتهي عمله بأن يبذل الجهد المستطاع 
لإفراغ حياته في قالب الإسلام؛ ولا تبرأ ذمته من ذلك فحسب» 
بل يلزمه بمقتضى ذلك الإيمان أن يستنفد جميع قواه ومساعيه 
في انتزاع زمام الأمر من أيدي الكافرين والفجرة والظالمين حتى 
يتسلمه رجال ذوو صلاح ممن يتقون الله» ويريجون حسابه؛ 
ويقوم في الأرض ذلك النظام الحق المرضيّ عند الله الذي به 
صلاح أمور الدنيا وقوام شؤونها '(0). 
- كما بيّن سيد ح-رحمه الله - أن وجود الإمامة والسلطة في 
الحياة الإسلامية ضرورة لإقامة منهج الله في الأرض ولتغليب 


)١(‏ في ظلال القرآن ١771١-١770/*‏ بتصرف يسير » وينظر أيضاً : فصل لابد 
للإسلام أن يحكم من كتاب معركة الإسلام والرأسمالية لسيد قطب ص 5ه وما 
بعدها » والأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية للسيد أبي الأعلى المودودي . 

2 








الحق على الباطل» والمعروف على المنكر» والخير على الشرء 
فلا بد من سلطة في الأرض تدعو إلى الخير»ء وتأمر بالمعروف 
وتنهي عن المنكر».. وإذا أمكن أن يقوم بالدعوة غير ذي 
سلطان فإن " الأمر والنهي ' لا يقوم بهما إلا ذو سلطان... 
فلابد إذاً من سلطة تأمر وتنهى وتحقق منهج الله في حياة 
البشر»ء وتصون الحياة من الشر والفسادء وتحقق القيم الروحية 
والمادية على حدٍ ننواي ؟ ,)١(‏ 

ويقول سيد أيضاً: " إن حياة الناس لا تصلح إلا بأن يتولى 
قيادتها المبصرون أولوا الألباب» الذين يعلمون ما أنزل من 
الحق» ويدينون به لله وحدهء ويدفعون السوء والفساد في الأرض 
بالإصلاح والإحسان» وتسير على هدى الله وحدهء» وتصوغ 
الحياة كلها وفق منهجه وهديه» أما القيادات الضالة العمياء؛ 
التي لا تعلم أن ما أنزل من الحق ولا تتبع منهج الله بل تتبع 
مناهج أخرى غيره كالشيوعية والرأسمالية والديمقراطية وغيرها 
من مناهج العميء التي شقيت بها البشرية في تاريخها كلها ولا 
تزال» ولم تسعد الإنسانية إلا في ظل خلافة قائمة على منهج 
اش '(), 


. 5150/١ » بتصرف‎ 457 2455/١ في ظلال القرآن‎ )١١ 
. بتصرف‎ 7٠١175-7١75/5 (")المصدر السابق‎ 
لد‎ 








المطلب الثاني 


خصائص ومميزات نظام الحكم في الإسلام 

تحدث سيد قطب- رحمه اللهعن خصائص نظام الحكم في 
الإسلام التي تميزه عن سائر أنظمة الحكم في الحياة» ومنها: 
-١‏ ارتباطه بالعقيدة: فالعقيدة الإسلامية تتسع لتشمل كل 
نشاط الإنسان في كل حقول الحياة» فلا تقتصر على حقل دون 
حقل... إنها لا تدع ما لقيصر لقيصرء وما لله لله» إنها تتولى 
روح الفرد وجسده وشعائره وشرائعه وضميره وسلوكه» وتتولى 
الفرد والجماعة على السواءء سواء في الحياة الشخصية أو في 
نظام الحكم والعلاقات الدولية. 

فكل أنظمة الحياة في الإسلام موصولة كلها بالعقيدة وجوداً 
وعدماً» فالأحكام المختلفة في النظام الإسلامي منبثقة من 
المنهج الإلهي للحياة البشرية» ومرتبطة بأصول العقيدة التي 
ينبتق منها النظام الإسلامي. )١(‏ 





الإسلامي كل متكامل» فلا تفهم حكمة الجزئيات التشريعية فيه 
حق فهمها إلا أن ينظر في طبيعة النظام وأصوله ومبادئه 
)١(‏ ينظر السلام العالمي والإسلام - سيد قطب - ص ١١-1‏ » في ظلال القرآن 


671 بتصرف ء 840/7 , 
0 








وضماناته» كذلك لا تصلح هذه الجزئيات في التطبيق إلا أن 
يؤخذ النظام كاملآء ويعمل به جملة» أما اجتزاء بعض أحكامه 


أو مبادئه في ظل أنظمة أخرى غير إسلامية فلا جدوى منه؛ 
والجزء المقتطع منه تطبيقاً للإسلام» لأن الإسلام ليس أجزاء 
وتفاريق» إنما هو نظام متكامل يشمل تطبيقه كل جوانب الحياة 
00 

*- قيامة على الرضى والاختيار بين الحاكم والأمة: فنظام 
الحكم في الإسلام يقرر العلاقات بين الراعي والرعية على 
أساس من السلم والطمأنينة.. فالراعي لا يصل إلى مكانه إلا 
عن طريق واحد: رغبة الرعية المطلقة واختيارها الحر» لا 
يستبقي الراعي مكانه بين الرعية إلا عن طريق واحدٍ: طاعة الله 
والعمل بشريعة الله» وحكم يقوم على رضا واختيار بعد مشورة 
واذن من الناس ولا يحكم إلا بما انزل الله»ء حكم يشيع الثقة 
والطمأنينة في النفوس ويثبت الرضى والارتياح في القلوب» فلا 
مجال للبرم به والضيق منه» والتفكير في الخروج عليه؛ مادام 
ينهض بتبعاته بالطريقة التي رسمها الإسلام» وفي الحدود التي 
شرعها الإسلام ('). 


. بتصرف يسير‎ ١717-1١77 السلام العالمي والإسلام - سيد قطب - ص‎ )١( 
1 








أما أكذوبة الاختيار الحر في النظم الديمقراطية وغير 
الإسلامية فسيأتي الحديث عنه عند الكلام عن موقف سيد من 
الأنظمة العلمانية. 
؛ - قيامة على مبدأ الشورى: فنظام الحكم في الإسلام يرتكز 
على مبدأ الشورى لقوله تعالى: وَمَرهُمْ ورَييهمَ 1 [سورة 
الشورى:8"] » وقوله تعالى (وَسَاورَهُمْ في اَلْذَنَيِ 1 اسورة آل 
عمران:51 ]١‏ » واذا كانت الشريعة لم تحدد طريقة معينة للشورى» 
فذلك متروك لحاجة العصر وضروراته» وطريقة حياته» ولكن 
المبدأ مقرر والطريقة معينة» ومن شأنها إشراك المسلمين في 
تدبير أمورهم» فلا مجال إذن لان يسخطوا وهم شركاء في 
الككين 110 





وتحميه: ' حيث يستمد الحكم الإسلامي عدالته أول ما يستمد 
من عدالة القانون ذاته» فهو ليس من صنع فردء ولا من صنع 
طائفة» حتى تظن به الظنون» ويخشى أن يميل مع المبوف» أو 
يتلبس به الخطأء فيفوته تحقيق العدالة المطلقة» أما عند التنفيذ 


فقد ناط الإسلام ذلك بوضوح القانون» وبضمير القاضي ورقابة 


. ١77 السلام العالمي والإسلام - سيد قطب - ص‎ )١( 
ال‎ 








الجماعة» وكل فرد في الجماعة الإسلامية منوط به هذه الرقابة: 


منوط به أن يدفع الظلم حين يقع؛ وأن ينبه الحاكم حين يطغى؛ 
والقاضي حين يخطئ» وانه ليبوء بالإثم حين يكتم الشهادة» أو 
حين يقر الخطأء ولا ينبه إليه إذ يراه. 

والعدل الذي يطلبه الإسلام هو العدل المطلق الذي لا يتأثر 
بالمحبة والشنآن» ولا بالمال والجاه والحكام» والآيات في ذلك 
كثيرة جداً» والنماذج من التاريخ الإسلامي لا تحصى. .)١(‏ 

كما تتوفر في نظام الحكم الإسلامي ضمانات الأمن 
والسلامة» الأمن على الحياة والأنفس والدين» والأمن على 
الأموال والأعراضء والأمن على الحقوق الشخصية كالعمل 
والمعيشة ونحوهاء فالعدل أساس النظام الإسلامي وهو الأمر 
الذي يجعل من النظام الإسلامي نظاماً عالمياً يملك الجميع 
الحياة في ظله دون تعب ولا اضطهاد (). 

وفك أككان سك اتن مدن« هذه الكصو اسن احمالا تقر" 
تقوم نظرية الحكم في الإسلام على أساس شهادة أن لا اله إلا 
اللهء حيث يتقرر عليها أن الحاكمية في حياة البشر لله وحده؛ ثم 


»1١١57/١ بتصرف » وينظر : في ظلال القرآن‎ ١47-1١7١ المصدر السابق ص‎ )١( 
, 131 رخزي على الل‎ 


"1 / 








بعد التسليم بقاعدة الألوهية والحاكمية الواحدة تقوم على أساس 
العدل من الحكام؛» والطاعة من المحكومين» والشورى بين 
الحاكم والمحكوم؛ وهي خطوط أساسية ترسم شكل الحكم 
وصبورقة كن النطاء الأبدلافي 007 


المطلب الثالث 


الحاكم في النظام الإسلامي 

أولاًه مواصفات الحاكم في النظام الإسلامي: تحدث سيد قطب 
رحمه الله- عمن يصلح أن يعون حاكماً في النظام 
الإسلامي» وعن الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى الحكم 
ومنها: 

-١‏ الإسلام: فلابد فيمن يتولى أمر المسلمين أن يكون مسلماً؛ 
يقول سيد - رحمه اله-: " فأما أولو الأمر» فالنص يعين من 
هم '" وأولي الأمر منكم " أي من المؤمنين» الذين يتحقق فيهم 
شرط الإيمان وحَدْ الإسلام المبين في الآية.. من طاعة الله 
وطاعة الرسول ينه وافراد الله - سبحانه - بالحاكمية وحق 
التشريع للناس ابتداءً» والتلقي منه وحده - فيما نص عليه - 
والرجوع إليه أيضاً فيما تختلف فيه العقول والإفهام والآراء» مما 


. ٠١ العدالة الاجتماعية ص‎ )١( 
"18 








لم يرد فيه نصء لتطبيق المبادئ العامة في النصوص .)١(‏ 

- الأهلية والصلاح: يقول سيد - رحمه الله-: " إن الإمامة 
لمن يستحقونها بالعمل والشعور» وبالصلاح والإيمان» وليست 
وراثة أصلاب وأنساب» والإمامة الممنوعة على الظالمين تشمل 
كل معاني الإمامة: إمامة الرسالة؛ وإمامة الخلافة» وإمامة 
الصلاة.. وكل معنى من معاني الإمامة والقيادة» فالعدل بكل 


معانيه هو أساس استحقاق هذه الإمامة في أية صورة من 
صورها. ومن ظلَمَ - أي لون من الظلم - فقد جرّد نفسه من 
كن" العامة و أسنفنلك تحقه فوا "يكل عت هن سطانييا 0077 
*- اختيار الأمة ورضاها: يقول سيد - رحمه الله-: " والأمة 
في النظام الإسلامي هي التي تختار الحاكم فتعطيه شرعية 
مزاولة الحكم بشريعة الله " (). 

ويقول أيضاً: " والإمام هو الذي اختارته الأمة بعد ترشيح 
أفل الحل:والعقد أو أهك الشووع 40( 

ويقول أيضاً: " والحاكم في الإسلام يتلقى الحكم من مصدر 
واحد» هو إرادة المحكومينء» فالبيعة الاختيارية هي الطريقة 
)١(‏ في ظلال القرآن 1911/7 . 
)١(‏ المصدر السابق ١١7/١‏ . 
(39) المصدر السابق ١19٠/5‏ 


(5) المصدر السابق 7٠١5/5‏ . 
1 








الوحيدة لتلقي الحكم. والواقع التاريخي قام على هذا المبدأء 
فخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي قامت على أساس 
الاختيار المطلق» ولا يتعارض هذا مع وصية أن تكون في 
واحد من ستة» فقد كانت هذه نصيحة للمسلمين» ولم تكن أمراً 
واكحث الطاعة: ولق اككان المساموة. واهد ا عدن البيقة لاخدا رراء 
ولكن هؤلاء كانوا بالإجماع أصلح الجميع؛ فاختاروا واحداً منهم 
برضاهم واذنهم» لا بأمر عمر ووصايته. 
لما عدل بنو أمية عن هذه القاعدة الإسلامية الأساسية في 
الحكم رده إليها الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز »)١(‏ رده 
إلى الأمة التي يجب أن تختار حكامها حرة طائعة مختارة: 
حيث صع المنبر وقال: يا أيها الناس إني قد ابتليت بهذا 
الأمر عن غير رأي كان مني فيه؛ ولا طلبة له ولا مشورة من 
المسلمين» وأني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا 
لأنفسكم» فقال الناس: قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضيناك» 
فل الأمر باليمن والبركة. 

وبذلك رد الأمر إلى نصابه في ولاية الأمر» فلا ولاية بغير 


)١(‏ هو: عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي القرشي » الخليفة الصالح »ولد ونشا 
في المدينة » ووليها للوليد »ثم استوزره سليمان بالشام »وولي الخلافة بعده »ولقب 
بخامس الخلفاء الراشدين » توفي سنة ١١٠ه‏ ءانظر : سير أعلام النبلاء ١١5/8‏ 
»والأعلام 0/0ه , 

51 








شورى ورضى وقبول" .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " إن الراعي لا يصل إلى مكانه إلا عن طريق 
واحد: رغبة الرعية المطلقة» واختيارها الحر " ("). 

ويقول: " والحاكم في الإسلام إنما يصبح حاكماً باختيار 
المسلمين الكامل وحريتهم المطلقة لا يقيدهم عهد حاكم قبله؛ ولا 
وراثة كذلك في أسرة.. فإذا لم يرضه المسلمون لم تقم له ولاية " 
00 
؛ - أن يعترف ابتداءً بسلطان الله شريعته في الحياة: 





يقول سيد - رحمه الله-: " ولا يكون إماماً حتى يعترف ابتداءً 
بسلطان الله» وبتحكيم شريعته» فالذى لا يحكم شريعة الله لا يقال 
لك "إماندا " إنها كول عقن الابدك رجانه وقعا ل رك و كد 
سه رس ع ل معو عأ ب د ووم سم .ع ره 1 5 6 
0 يِمَا أنزل الله فأؤْلتيك هم أ هرون 1 [سورة المائدة: ؛ ؛ | 2 : 
ويقول سيد أيضا: " والحاكم المسلم هو الذي يطبق شريعة 
الإسلام " 00). 

ثانياً: ٠‏ للقاد 2 هم 550 : 

. 75-1” معركة الإسلام والرأسمالية ص‎ )١( 

. 7 ومعركة الإسلام والرأسمالية ص‎ » ١١7 دراسات إسلامية ص‎ )١( 

2( العدالة الاجتماعية ص 27 , 

(5) في ظلال القرآن 153/7 » وينظر أيضاً : 6/ه/1١ 7١75-57‏ . 


)5( المصدر السابق 375/57 . 
1" 








يرى سيد - رحمه الله- أن الإمام أو الحاكم نائب عن الأمة؛ 


حيث يقول: ' إن الأمة المسلمة بمجموعها مسؤولة عن إقامة 
منهج الله في الحياة» ومنع الفساد والمنكر» والقيام على الشريعة 
وحراستها وتنفيذهاء والإمام نائب عن الأمة في هذاء وهذه 
الحدود تنحصر حقوق الأمة وسلطتها وكذا سلطة الإمام النائب 
عدي :10) 

ويقول أيضاً " والإسلام يقرر حق كل فرد في المجتمع 
المسلم في الحياة وفي الوسائل الضرورية لحفظ الحياة.. وعلى 
الفولة الناقة خرق ,العماعة 2 أن كرفيها 20 217 
وسخ التصييق المائقيث تحد أن ندا - رحمه اشه- يرى أن 
الحاكم أو الإمام يعتبر نائباً عن الأمة والجماعة المسلمة في 
تحقيق منهج الله في الأرض» وأن الحكومة والدولة ووظيفتها 
ومهمتها النيابة عن مجموع الأمة في تحقيق خلافة الله في 
الأرض على منهاجه الذي جاء به رسول الله- هله - في 
الكتاب والسنة. 
ثالثاً: طاعة الحاكم وحدودها:_الأصل في هذه المسألة قوله 


1 


4 سس ص اس سا سيره 6 ومهر سه رع , صم 2 عار 
تعالى: ( ييا الْذِنَ ءا منوا أطِيعوا الله وأطِيعوا الرسول وأوؤلى الام نك إن 


بيه المصدر السابق ”/ 5857 , 
1" 








لح قره :9 هه 2 0 صم مره 04 م هه 
لنازعام د إل ات و الله واليوو الآخر ذإك 


د قل س2 جح سال 


الل 

يقول سيد - رحمه الله-": وفي هذا النص القصير يبين الله 
- سبحانه - شرط الإيمان وحد الإسلام في الوقت الذي يبين 
فيه قاعدة النظام الأساسي في الجماعة المسلمة» وقاعدة الحكم؛ 
ومصدر السلطان فالحاكمية لله وحده في حياة البشرء فيما سنة 
الله وشرعة في قرآنه وسنة رسول الله يِ. فطاعة الله واجبة 
ابتداءً بماله من الألوهية وحق التشريع؛ وطاعة الرسول يل 
واحبة أيضباً يمألة مخ ضدفة الرسالة مخ الله فطاعته فين طاعة 
اللهء والإيمان يتعلق - وجوداً وعدماً - بهذه الطاعة وهذا التنفيذ 
بنص القرآن "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر "» فأما أولي 
الأمرء فالنص يعين من هم ' أولي الأمر منكم " أي من 
المؤمنين» الذين يتحقق فيهم شرط الإيمان وحد الإسلام المبين 
في الآية» من طاعة الله وطاعة الرسولء وافراد الله - سبحانه - 
بالحاكمية وحق التشريع للناس ابتداء. 

والكضن يجعل :طاصة الك أصضملاً» وطاعة وشولة أصكلا كذلك 
- بما أنه مرسل منه - ويجعل طاعة أولي الأمر 'منكم' تبعاً 


. في ظلال القرآن كه 1ه" بتصرف يسير‎ )١( 
"17 








لطاعة الله وطاعة رسوله» فلا يكرر لفظ الطاعة عند ذكرهم؛ 
كما كررها عند ذكر الرسول- يل - ليقرر أن طاعتهم مستمدة 
من طاعة الله وطاعة رسوله بعد أن قرر أنهم 'منكم " بقيد 
الإيمان وشرطه.. 

وطاعة أولي الأمر" منكم " بعد هذه التقريرات كلهاء في 
حدود المعروف المشروع من الله» والذي لم يرد نص بحرمته» 
ولا يكون من المحرم عندما يرد إلى مبادئ الشريعة عند 
الاختلاف فيه» والسنة تقرر حدود هذه الطاعة» على وجه الجزم 
واليقين: 
- في الصحيحين قال- يه -: " إنما الطاعة في المعروف " 
('» وقال #: " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو 
كره ما لم يؤمر بمعصية» فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة 
" ('). وفي رواية: ' ولو استعمل عليكم عبدء يقودكم بكتاب الله 
الكمعرا لكي كيدا “11 

بهذا يجعل الإسلام كل فرد أميناً على شريعة الله وسنة 


)00 رواه : البخاري في المغازي باب سرية عبد الله بن جحش ١‏ برقم 
مار . 
)١١(‏ رواه : البخاري في الأحكام باب السمع والطاعة للإمام 55١7/5‏ برقم 5175 » 
ومسلم في الإمارة ١١77/7‏ برقم ١859‏ . 
لا 








رسوله يِ وعلى إيمانه هو ودينه ونفسه وعقله أميناً على 
مصيره في الدنيا والآخرة» ولا يجعله بهيمة في القطيع تزجر من 
هنا أو من هنا فتسمع وتطيع» فالمنهج واضحء وحدود الطاعة 
واضحة» والشريعة التي تطاع والسنة التي تتبع واحدة لا تتعدد 
ولا تتفرق» ولا يتوه فيها الفرد بين الظنون! " ('). 


وفي ظلال قوله تعالى: إوَلا يِحْصِيِسَكَ ف مَعَرُوفِ ) [سورة 
الممتحنة:؟١]‏ " يقول سيد: وهذا الشرط أحد قواعد الدستور في 
الإسلام» وهو يقرر أن لا طاعة على الرعية لإمام أو حاكم إلا 
في المعروف الذي يتفق مع دين الله وشريعته؛ وأنها ليست 
طاعة مطلقة لولي الأمر في كل أمرء وهي القاعدة التي تجعل 
قوة التشريع مستمدة من شريعة الله لا من إرادة إمام ولا من إرادة 
أمة إذا خالفت شريعة الله» فالإمام والأمة كلاهما محكوم بشريعة 
اللفة ومنها يشهدات السلطتان :00 

ويقول أيضا: " والحاكم الإسلامي يتلقى الطاعة بعد توليه 
من قيامه على تنفيذ الشريعة فقد سقطت طاعته عليهم» بقول 
صاحب هذا الدين يل ' اسمعوا وأطيعواء وان تأمر عليكم عبد 


. في ظلال القرآن 511-530/7 بتصرف يسير‎ )١( 
. 7555/8/5 في ظلال القرآن‎ )5( 
ماندل‎ 





759919191313131:1:1:131:13131717171اسيت قطي ومنسجه في العقيدة 





حبشي كأن رأسه زبيبة - ما أقام فيكم كتاب الله تعالى" :)١(‏ 
فليس هي الطاعة المطلقة 


)١(‏ رواه : البخاري في الأحكام 76١7/5‏ برقم 5177اء ومسلم في الإمارة 
537/7 برقم ١518‏ واللفظ له . 


515 








لإرادة الحاكم» وليس هي الطاعة الدائمة لو ترك شريعة الله ورسوله " 
1 
ومن خلال النصوص السابقة نجد: 

-١‏ أن سيداً - رحمه الله- يجعل طاعة الحاكم وولي الأمر 
واجبة بشرط أن يكون مسلماً لقوله تعالى: " منكم " أي من 
المؤمنين. 

؟- أن طاعة ولي الأمر مستمدة من طاعته هو لله ورسوله 
وتنفيذه لشريعة الله وحكمه بهاء فإذا لم يقم بذلك فلا طاعة له 
فطاعته موقوتة بتنفيذه للشريعة. 

"- أن الطاعة له تكون في المعروف» فلا طاعة لمخلوق في 
معضية العالق. 
بالإضافة إلى طاعة الحاكم فإن له على الرعية أيضاً حق 
النصح له؛ والمعونة على إقامة الشريعة» وليس له حقوق أخرى 
وراع :ذلك الما بلك المسلينة 00 

ابعاً: الخرو- الحاكم | 

يقرر سيد أنه إذا كان الحاكم مسلماً يحكم بشريعة الله» فعندئذ 
يجب على الأمة طاعته - كما سبق - ولا يجوز الخروج عليه 


. 57-8١ معركة الإسلام والرأسمالية ص 5" » العدالة الاجتماعية ص‎ )١( 
. بتصرف‎ 7١ العدالة الاجتماعية ص‎ )3( 
ا‎ 








ويعتبر الخارج على الإمام المسلم باغياً مجرماً محارباً لله 
رسوله» ويجب على المسلمين قتاله. 

وفي ذلك يقول سيد: " إن أمن الجماعة المسلمة في دار 
الإسلام» وصيانة النظام العام الذي تستمتع في ظله بالأمان» 
وتزاول نشاطها الخير في طمأنينة» ذلك كله ضروري كأمن 
الأفراد» والذي يهدد أمن المجتمع هو عنصر خبيث يجب 
استئصاله» ما لم يثب إلى الرشد والصواب»ء والشريعة قررت 
عقوبة هذا العنصر الخبيث هو ما يعرف ب"بحد الحرابة '» قال 
سبحانه وتعالى: [ إِنَّمَا جَرَاؤاألَدِنَ يحَاربُونَ أله وَوَسُوهُ وَيَسَعَوَنَ 
ف الْأرضٍِ هَسَادًا أن يصَمَّلوا أو يُصَصلَيوَا أو تْقَطَلمَ أَيَدِيهُمَ 
وَأَرَجُلْهُم ين حِلفٍ أو ينْمَوًا مرت الْأَرَضٍ وَللك لهم ِرَىُ في 
لديا وَلَكْرَ ف الدَوَعَدَاك عَظِيءٌ 1 [سورة الناقدة:؟] ,توضدوة 
هذه الجريمة التي ورد فيها هذا النصء هي الخروج على الإماه 
المسلم الذي يحكم بشريعة الله والتجمع في شكل عصابة؛ 
خارجة على سلطان هذا الإمام» تروع أهل دار الإسلام» وتعتدي 
على أرواحهم وأموالهم وحرماتهم؛ ويشترط بعض الفقهاء أن 
يكون ذلك خارج المصر بعيداً عن مدى سلطان الإمام» ويرى 


بعضهم أن مجرد تجمع مثل هذه العصابة وأخذها في الاعتداء 


5711 





على أهل دار الإسلام بالقوة» يجعل النص منطبقاً عليهاء سواء 
خارج المصر أو داخلة. وهذا هو الأقرب للواقع العملي 
ومجابهته بما يستحقه. 

وهؤلاء الخارجون على حاكم يحكم بشريعة الله؛ المعتدون 
على أهل دار الإسلام المقيمين للشريعة - سواء كانوا مسلمين 
أو ذميين أو مستأمنين بعهد - لا يحاربون الحاكم وحده؛ ولا 


يحاربون الناس وحدهمء إنما هم يحاربون الله ورسوله حينما 
يحاربون شريعته» ويعتدون على الأمة القائمة على هذه 
الشريعة» ويهددون دار الإسلام المحكومة بهذه الشريعة. كما 
أنهم بحربهم لله ورسوله» وحربهم لشريعته وللأمة القائمة عليها 
وللدار التي تطبقهاء يسعون في الأرض فساداً.. فليس هناك 
فساد أشنع من محاولة تعطيل شريعة الله وترويع الدار التي 
تقام فيها هذه الشريعة. 

إنهم يحاربون الله ورسوله.. وان كانوا إنما يحاربون الجماعة 
المسلمة والإمام المسلم» * كما أن للنص - في صورته هذه - 
مفهوماً آخر متعيناً كهذا المفهوم - هو أن السلطان الذي يحق 
له - بأمر الله - أن يأخذ الخارجين عليه بهذه العقوبات المقررة 
لهذه الجريمة» هو السلطان الذي يقوم على شريعة الله ورسوله؛ 
في دار الإسلام المحكومة بشريعة الله ورسوله» وليس أي 


5778 





سلطان آخر لا تتوافر له هذه الصفة» في أية دار أخرى لا 


يتوافر لها هذا الوصف. 

نقرر هذا بوضوح؛ لأن بعض أذناب السلطة في كل زمان» 
كانوا يفتون لحكام لا يستمدون سلطانهم من شريعة الله ولا 
يقومون على تنفيذ هذه الشريعة» ولا يحققون وجود دار الإسلام 
في بلادهم؛ ولو زعموا أنهم مسلمون.. كانوا يفتون لهم بأن 
يأخذوا الخارجين عليهم بهذه العقوبات - باسم شريعة الله - 
بينما كان هؤلاء الخارجون لا يحاربون الله ورسوله» بل يحاربون 
سلطة خارجة على الله ورسوله.. إنه ليس لسلطة لا تقوم على 
شريعة الله في دار الإسلام؛ أن تأخذ الخارجين عليها باسم 
شريجة الله وما لمثل هذه الملطة وشؤويعة الله؟ انها تختصيت 
حق الألوهية وتدعيه» فما لها تتحكك بقانون الله وتدعيه؟! 
إنما هذا جزاء أفراد العصابات المسلحة التي تخرج على 
سلطان الإمام المسلم المقيم لشريعة الله )١('‏ 
ثم ذكر سيد - رحمه الله- كلام الفقهاء في عقوبة الخارجين 
على سلطان الإمام المسلم وماذا يوقع بهم الإمام المسلم من 
أنواع العقوبات المذكورة في الآية»؛ حيث اختار رأي الإمام مالك 
- رحمه الله- في أن العقوبة توقع على مجرد الخروج واخافة 


. في ظلال القرآن 81791-878/1 بتصرف يسير‎ )١( 
46 








السبيل» باعتبار هذا إجراء وقائي المقصود منه أولاً منع وقوع 
الجريمة» والتغليظ على المفسدين في الأرض» الذين يروعون 
الجماعة المسلمة القائمة على شريعة الله في هذه الدار الأجدر 
بالأمن والطمأنينة والإسلام.. وذلك أن الجماعة المسلمة في دار 
الإسلام يجب أن تعيش آمنة» وأن السلطة المسلمة القائمة على 


شريعة اشيهب أن كوت مطافة 10 

*وفي ظلال قوله تعالى: ( وَإِنَطَأقََانِ مِنَ الْمُؤْمِِينَ أَفمَلُوا 
صلخو أييمَضَا دمحت ِحَدَسهُمَا عل الْذُتركئ قيال يَِتِى حَقٌّ تنه ) 
[سورة الحجرات:1] . 

يقول سيد - رحمه الله-: " من مستلزمات الإخوة أن يكون 
الحب والسلام والتعاون والوحدة هي الأصل في الجماعة 
المسلمة» وأن يكون الخلاف أو القتال هو الاستثناء الذي يجب 
أن يرد إلى الأصل فور وقوعه؛ وأن يستباح في سبيل تقريره 
قتال المؤمنين الآخرين للبغاة من إخوانهم ليردوهم إلى الصف» 
وليزيلوا هذا الخروج على الأصل والقاعدة» وهو إجراء صارم 
وحازم كذلك. 


ومن مقتضيات هذه القاعدة كذلك ألا يجهز على جريح في 


, 58٠ 41/9/75” المصدر السابق‎ 6 
56١ 








معارك التحكيم هذه؛ وألا يقتل أسير»ء وألا يتعقب مدبر ترك 
المعركة؛ وألقى السلاح؛ ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة» لأن 
الغرض من قتالهم ليس هو القضاء عليهم؛ وانما هو ردهم إلى 
الصف؛ وضمهم إلى لواء الأخوة الإسلامية. 

والأصل في نظام الأمة المسلمة أن يكون للمسلمين في 
أنحاء الأرض إمامة واحدة؛ وأنه إذا بويع لإمام؛ وجب قتل 


الثاني» واعتباره ومن معه فئة باغية يقاتلها المؤمنون مع الإمام. 
وعلى هذا الأصل قام الإمام علي - رضي الله عنه - بقتال 
البغاة في وقعة الجمل وفي وقعة صفين» وقام معه بقتالهم 
أجِلآءُ الصحابة رضوان الله عليهم» وتخلف بعضهم عن 
المعركة إما لأنهم لم يتبينوا وجه الحق في الموقف في حينه 
فاعتبروها فتنة» واما لأنهم كما يقول الإمام الجصاص " ربما 
رأوا الإمام مكتفياً بمن معه مستغنياً عنهم بأصحابه فاستجازوا 
القعود عنه لذلك " والاحتمال الأول أرجح... 

ومع قيام هذا الأصل فإن النص القرآاني يمكن إعماله في 
جميع الحالات - بما في ذلك الحالات الاستثنائية التي يقوم 
فيها إمامان أو أكثر في أقطار متفرقة متباعدة بين بلاد 
المسلمين» وهي حالة ضرورة واستثناء من القاعدة - فواجب 
المسلمين أن يحاربوا البغاة مع الإمام الواحدء إذا خرج هؤلاء 


5 





البغاة عليه؛ أو إذا بغت طائفة على طائفة في إمامته دون 


خروج عليه. 

وواجب المسلمين كذلك أن يقاتلوا البغاة إذا تمثلوا في إحدى 
الإمامات المتعددة في حالات التعدد الاستثنائية» بتجمعهم ضد 
الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله» وهكذا يعمل النص 
القراني في جميع الظروف والأحوال .)١(‏ 

ويوضح سيد - رحمه الله - أن الخروج على الحاكم المسلم 
الذي يعترف ابتداءً بسلطان الله وحاكمية شريعته لا يجوز وإن 
وجد منه ظلم أو طغيان في بعض الأحيان» فيقول: ' كل 
النصوص القرآنية والنبوية التي ورد فيها الأمر بالمعروف 
والنهي عن المنكر كانت تتحدث عن واجب المسلم في مجتمع 
مسلم» مجتمع يعترف ابتداءً بسلطان الله» ويتحاكم إلى شريعته؛ 
مهما وجد فيه من طغيان الحكم» في بعض الأحيان» ومن شيوع 
الإثم في بعض الأحيان.. وهكذا نجد في قول الرسول ك: ' 
أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر " ('). 

فهو ' إمام " ولا يكون إماماً حتى يعترف ابتداءً بسلطان الله 


. في ظلال القرآن 5-7757/5 7175 بتصرف‎ )١( 
5٠5/5 برقم 4755 » والترمذي في الفتن‎ 5١5/5 رواه : أبو داود في الملاحم‎ )١( 
وصححه الألباني في صحيح‎ 40١١ وابن ماجة في الفتن 57/5 برقم‎ 7١15 برقم‎ 
. 557/7 سنن الترمذي‎ 

عع" 








وبتحكيم شريعته» فالذي لا يحكم شريعة الله لا يقال له: ' إمام ' 
إنما يقول عنه الله - سبحانه -: (ِوَمَن لَّرَ يتك يمآ أَنرَلَ أنه 


0 له وح سس 
َأَوْلتيِكَ هم الْككفْرونَ ؟ [سورة المائدة:؛ 4] » .)١(‏ 


المطلب الرابع 


مصدر السلطات في النظام الإسلامي 

يقصد بمصدر السلطات: الجهة التي تملك سلطة وضع 
التشريعات والقوانين والأحكام التي يسير البشر علي وفقهاء في 
جميع جوانب الحياة. 
وقد تكلم سيد قطب عن مصدر السلطات في نظام الحكم 
الإسلامي» والأنظمة الوضعية المختلفة في مواطن متفرقة يمكن 
إجمال كلامه في النقاط الآتية: 
أولاً: اهتمام القرآن الكريم بتحديد مصدر السلطة: - 

تعتبر مسألة مصدر السلطات من قضايا العقيدة والمنهج 
الإسلامي» ونظام الحكم والحياة في الإسلام» يقول سيد - رحمه 
الله-: " تحدث القرآن الكريم عن نظام الحكم والحياة بشكل 


محدد وبنصوص وعبارات واضحة» حيث ربط القرآن الكريم بين 


51 








ذلك وبين الألوهية والتوحيد والإيمان» فقضية الحكم والشريعة 
والتقاضي - ومن ورائها قضية الألوهية والتوحيد والإيمان - 
تتلخص في الإجابة على هذا السؤال: 

أيكون الحكم والشريعة والتقاضي حسب مواثيق الله وعقوده 
وشرائعه التي استحفظ عليها أصحاب الديانات السماوية واحدة 
بعد الأخرى؛ وكتبها على الرسل» وعلى من يتولون الأمر بعدهم 
ليسيروا على هداهم؟ أم يكون ذلك كله للأهواء المتقلبة؛ 
والمصالح التي لا ترجع إلى أصل ثابت من شرع الله والعرف 
الذي يصطلح عليه جيل أو أجيال؟ وبتعبير آخر: أتكون 
الألوهية والربوبية والقوامة لله في الأرض وفي حياة الناس؟ أم 
تكون كلها أو بعضها لأحد من خلقه يشرع للناس ما لم يأذن به 
الله؟ الله - سبحانه - يقول: إنه هو الله لا إله إلا هوء وان 
شرائعه التي سنها للناس بمقتضى ألوهيته لهم وعبوديتهم له 
وعاهدهم عليها وعلى القيام بهاء هي التي يجب أن تحكم هذه 
الأرض» وهي التي يجب أن يتحاكم» إليها الناس وهي التي 
يجب أن يقضي بها الأنبياء ومن بعدهم من الحكام.. 

والله - سبحانه - يقول: إنه لا هوادة في هذا الأمرء ولا 
ترخص في شيء منهء ولا انحراف عن جانب ولو صغير» وانه 


لا عبرة بما تواضع عليه جيل» أو لما اصطلح عليه قبيل؛ مما 


515 





لم يأذن به الله في قليل ولا كثير! 

والله - سبحانه - يقول: إن المسألة - في هذا كله - مسألة 
إيمان أو كفرء أو إسلام أو جاهلية»؛ وشرع أو هوى. وأنه لا 
وسط في هذا الأمر ولا هدنة ولا صلح! " .)١(‏ 

فقبيى :فول الله تغاالئ؟ ١‏ وأطبعوا لهدوا لول ١‏ للمنوزةآن 
عمران:57١]‏ بيان قاعدة النظام الأساسي في الجماعة المسلمة؛ 
وقاعدة الحكم؛ ومصدر السلطان.. وكلها تبدأ وتنتهي عند التلقي 
من الله وحده» والرجوع إليه فيما لم ينص عليه نصاً من جزيئات 
الحياة التي تعرض في حياة الناس على مدى الأجيال؛ مما 
تختلف فيه العقول والآراء والأفهام.. ليكون هنالك الميزان 
الثابت» الذي ترجع إليه العقول والآراء والأفهام! ('). 
وفي قوله تعالى: ( وماك اليَسُولُ فَحْدُوه وما سكم عَنْهُ هوأ 
1 [سورة الحشر:"] » تتمثل النظرية الدستورية الإسلامية» فسلطان 
القانون في الإسلام مستمد من أن هذا التشريع جاء به الرسول 
يي قرآناً أو سنة. 
والأمة كلها والإمام معها لا تملك أن تخالف عما جاء به 
الرسولء» فإذا شرعت ما يخالفه لم يكن لتشريعها هذا سلطان» 
)١(‏ في ظلال القرآن 888/7 بتصرف يسير » 5411/7 . 


. 540/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
5575 








لأنه فقد السند الأول الذي يستمد منه السلطان.. وهذه النظرية 
تخالف جميع النظريات البشرية الوضعية» بما فيها تلك التي 
تجعل الأمة مصدر السلطات»ء بمعنى أن للأمة أن تشرع لنفسها 
ما تشاء؛ وكل ما تشاءء وكل ما تشرعه فهو ذو سلطان. 


فمصدر السلطات في الإسلام هو شرع الله الذي جاء به 
الرسول وَل والأمة تقوم على هذه الشريعة وتحرسها وتنفذها 
والإمام نائب عن الأمة في هذا وفي هذا تنحصر حقوق الأمة. 
فليس لها أن تخالف عما آتاها الرسول في أي تشريع. .)١(‏ 

ويبين سيد - رحمه اله أهمية تحديد مصدر السلطة 
باعتباره الميزان الذي يحكم حياة البشر» فيقول: ' فلا بد من 
ميزان ثابت نرجع إليه بالأعمالء ولا بد من قيم معترف بها 
نقيس إليها المعروف والمنكرء فمن أين نستمد هذه القيم؟ ومن 
أين نأتي بهذا الميزان؟ من تقديرات الناس وعرفهم وأهوائهم 
وشهواتهم وهي متقلبة لا تثبت على حال؟ إننا ننتهي إذن إلى 
متاهة لا دليل فيهاء والى خضم لا معالم فيه! فلابد ابتداء من 
إقامة الميزان.. ولا بد أن يكون هذا الميزان ثابتاً لا يتأرجح مع 
الأهواء» هذا الميزان الثابت هو ميزان الله.. فلابد من اعتراف 


)١(‏ في ظلال القرآن 7575/5 وينظر أيضاً : 7548/5 ٠»‏ والسلام العالمي 
والرأسمالية ص ؟5 . 


5١ /ا‎ 








بسلطان الله ومنهجه للحياة ابتداءً وعلى هذا الأساس يقام بعد 
ذلك البنيان"(١).‏ 


ويوضح سيد - رحمه الله- أن تشدد القرآن الكريم في مسألة 

مصدر السلطة على النحو الذي سبق وجعلها مسألة إيمان أو 
كفر يعود إلى أسباب منها: 

-١‏ أن مقتضى الإيمان بربوبية الله وألوهيته -سبحانه- هو 
إفراده بحق السلطان والحاكمية والتشريع» باعتباره- سبحانه - 
وحده هو الخالق الرازق المالك للوجود وبالتالي يجب أن يكون 
هو صاحب السلطان في حياة البشر. 

-١‏ الأفضلية الحتمية المقطوع بها لشريعة الله على شرائع 
الناس» وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُينَ سه حَكمَا 
لِعَوَمِيوْقُِوْنَ 1 [سورة المائدة:0٠2]‏ » والاعتراف بهذه الأفضلية هو 
5 الإيمان» واعطاء حق التشريع والسلطان لغير الله لا 
يستقيم مع دعوى الإيمان والإسلام " (1). 

" فمظهر الإيمان الأول بالله هو استمداذ الأنظمة من منهجه 
ووؤعفة ول" مان تفيل :د القانهةة القوري 001 


. بتصرف‎ 15٠0/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. في ظلال القرآن 8689/7 بتصرف‎ )١١( 
., 585/١ المصدر السابق‎ (2 

14 








"- أن جعل مصدر السلطة لغير الله هو أبرز مظاهر 
الجاهلية» يقول سيد - رحمه الله-: " والجاهلية حالة توجد كلما 


وجدت مقوماتها في وضع أو نظام.. وهي في صميمها الرجوع 
بالحكم والتشريع إلى أهواء البشرء لا إلى منهج الله وشريعته 
للحياة» ويستوي أن تكون هذه الأهواء أهواء فردء أو أهواء 
طبقة» أو أهواء أمة» أو أهواء جيل كامل من الناسء فكلها ما 
دامت لا ترجع إلى شريعة الله أهواء؛ 

*يشرع فرد لجماعة فإذا هي جاهلية» لأن هواه هو القانون» أو 
رأيه هو القانون لا فرق إلا في العبارات! 

*وتشرع طبقة لسائر الطبقات فإذا هي جاهلية» لأن مصالح 
تلك الطبقة هي القانون - أو رأي الأغلبية البرلمانية هو القانون 
- فلا فرق إلا في العبارات! 

*ويشرع ممثلو جميع الطبقات وجميع القطاعات في الأمة 
لأنفسهم فإذا هي جاهلية.. لأن أهواء الناس الذين لا يتجردون 
أجذا اميك" الأهواءة ولاخ حمل 'القاينن الحيف: لذ بتحودوةم. أنذا عق 
الجهل هو القانون - أو لأن رأي الشعب هو القانون - فلا فرق 
إلا في العبارات! 

*وتشرع مجموعة من الأمم للبشرية فإذا هي جاهلية. لأن 
أهدافها القومية هي القانون - أو رأي المجامع الدولية هو 


548 





القانون - فلا فرق إلا في العبارات! 

*ويشرع خالق الأفراد» وخالق الجماعات» وخالق الأمم 
والأجيال» للجميع» فإذا هي شريعة الله التي لا محاباة فيها لأحد 
على حساب أحدء لا لفرد ولا لجماعة ولا لدولة» ولا لجيل من 
الأجيال» لأن الله رب الجميع والكل لديه سواءء ولأن الله يعلم 
حقيقة الجميع ومصلحة الجميع؛ فلا يفوته - سبحانه - أن 
يرعى مصالحهم وحاجاتهم بدون تفريط ولا إفراط. 

*ويشرع غير الله للناس فإذا هم عبيد من يشرع لهم؛ كائناً من 
كان» فرداً أو طبقة أو أمة أو مجموعة من الأمم. 

*ويشرع الله للناس فإذا هم كلهم أحرار متساوون» لا يحنون 
جباههم إلا لله» ولا يعبدون إلا الله. 
ومن هنا خطورة هذه القضية في حياة بني الإنسان» وفي نظام 
الكون كله ( وَل وِأتَبَمَآلْحَُأَموَهُمَ لنسَدتٍ لسوت وَالْايْضُ ومن 
فيهرك ) إسورة المؤمنون:١/]‏ » .)١(‏ 

ويقول أيضاً: " إن الجاهلية هي الجاهلية» ولكل جاهلية 
أرجاسها وأدناسهاء لا يهم موقعها من الزمان والمكان» فحيثما 
خلت قلوب الناس من عقيدة إلهية تحكم تصوراتهم» ومن شريعة 


١7٠0 في ظلال القرآن 541/7 ء وينظر أيضاً : السلام العالمي والرأسمالية ص‎ )١( 
وما بعدها.‎ 


"١و‎ 








- منبثقة من هذه العقيدة - تحكم حياتهم فلن تكون إلا الجاهلية 


في صورة من صورها الكثيرة " ('). 
ثانياً: الفرق بين مصدر السلطة ومزاولة السلطة. 

يبين سيد - رحمه الله- أن الجهة التي تملك حق الحاكمية؛ 
أي التي تكون هي مصدر السلطات هي لله سبحانه وتعالى» 
وأن استمداد القوانئين من مصدر أخر أو من جهة أخرى غير 
لله سبحانه - ولو كان هو مجموع الأمة أو مجموع البشرية - 
ينافي الإيمان والتوحيد ويكون منازعة الله سبحانه في أولى 
خصائص ألوهيته. 

والأمة في النظام الإسلامي هي التي تختار الحاكم فتعطيه 
شرعية مزاولة الحكم بشريعة الله» ولكنها ليست هي مصدر 
الحاكمية التي تعطي القانون شرعيته» إنما مصدر الحاكمية 
هو الله» وكثيرون حتى من الباحثين المسلمين يخلطون بين 
مزاولة السلطة وبين مصدر السلطة» فالناس بجملتهم لا 
يملكون حق الحاكمية إنما يملكه الله وحده؛ والناس إنما 
يزاولون تطبيق ما شرعه الله بسلطانه» أما ما لم يشرعه الله فلا 


. 5٠6١/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
١ 








سلطان» وهذا ما يرشد إليه قوله تعالى: (ِإنٍ ألْحْكُم إِلَِيد آمَرَألَا دكا لَه 


قاذ لق الئل الله رتك التق الى لذ يتنترك 1 إنورة يرسف:.4] + 
00 

وهذه المسألة هي الفارق بين النظام الإسلامي والأنظمة 
الوضعية الجاهلية التي تجعل الأمة أو الشعب هو المصدر 
السلطات بمعنى هو صاحب الحق في وضع التشريعات 
والقوانين عن طريق البرلمانات والأغلبية النيابية وان كانت 
مضادة لشرع الله وحكمه. 

بينما النظام الإسلامي يجعل الأمة هي صاحبة الحق في 
مزاولة السلطة من خلال اختيار الحاكم ومراقبة تطبيق أحكام 
الله لا أنها هي مصدر السلطة والتشريع. 

ويقول أيضاً " ويجب أن نفرق بين قيام الحاكم بتنفيذ الشريعة 
الدينية» وبين استمداده السلطان من صفة دينية لشخصه» 
فليست للحاكم سلطة دينية يتلقاها مباشرة من السماء كما كان 
لبعض الحكام في القديم في نوع الحكم المسمى ' ثيوقراطية " 
إنما هو يصبح حاكماً باختيار المسلمين الكامل وحريتهم 
المطلقة» لا يقيدهم عهد من حاكم قبله» ولا وراثة كذلك في أسرة؛ 


ثم يستمد سلطته بعد ذلك من قيامه بتنفيذ شريعة الله دون ان 


. بتصرف يسير‎ ١130/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








يدعي لنفسه حق التشريع ابتداء بسلطان ذاتي له؛ فإذا لم يرضه 
المسلمون لم نقم له ولاية» واذا رضوه ثم ترك شريعة الله لم تكن 
له طاعة. 

ومن هنا ندرك حكمة النبي كَل في أنه لم يعين خليفة من 
بعده إذ كان هذا مظنة أن يستمد خليفته سلطة دينيه ذاتية من 
اميكخلففه الرمول فد لف 
ثالثاً: الاجتهاد لمواجهة المستجدات فى الحياة وضوابظ ذلك: 


في الفقرة السابقة بين سيد - رحمه الله- أن مصدر السلطة 
هو الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له» وذلك مقتضى 
الألوهية وعلامة الإيمان» وأنه لا يجوز لأحد سواه أن يشرع 
للبشر تحت أي مسمى وأن البشر مأمورون - حكاماً ومحكومين 
- بالرجوع إلى ما شرعه الله لهم من أحكام ونظم في مختلف 
جوانب حياتهم على السواء " باعتبار أن استئناف حياة إسلامية 
لا يتم بمجرد وضع تشريعات وقوانين ونظم مستمدة من الشريعة 
الإسلامية» فهذا ركن واحد من ركنين يعتمد عليهما الإسلام في 
إقامة الحياة» وهو الركن الثاني لا الأول. 

أما الركن الأول» فهو العقيدة الصحيحة التي تفرد الله سبحانه 
وتعالى بالألوهية» ومن ثم تفرده بالحاكمية وتنكر على غير الله 


, 87١ العدالة الاجتماعية ص‎ )١( 
"١0 








أن يدعي الحاكمية أو يزاولها " ('). 

وبناء على ذلك يوضح سيد - رحمه الله- طريقة التعامل مع 
ما يعرض للبشر من مشكلات وأقضية على مدى الزمان فيقول 
بعد أن بين وجوب التحاكم إلى نصوص الشرع: " ذلك فيما ورد 
فيه نص صريحء فأما الذي لم يرد فيه نصء وأما الذي يعرض 
من المشكلات والأقضية على مدى الزمان وتطور الحاجات 
واختلاف البيئات - ولا يكون فيه نص قاطع؛ أو لا يكون فيه 
نص على الإطلاق» مما تختلف في تقديره العقول والآراء 
والأفهام - فإنه لم يترك كذلك تيهاً» ولم يترك بلا ميزان» ولم 
يترك بلا منهج للتشريع فيه والتفريع؛ فقد وضع الله منهجاً 
للاجتهاد كله» وحدده بحدوده» وأقام "الأضيل ' الذي يحكم 
منهج الاجتهاد أيضاً بقوله تعالى: !لَتَرَعَامٌ فعَىْء روه إِلَ أله 
وَالرسُولِ 1 [سورة النساء:51] » ردوه إلى النصوص التي تنطبق 
عليه ضمناً» فإن لم توجد النصوص التي تنطبق على هذا 
النحو» فردوه إلى المبادئ الكلية العامة في منهج الله وشريعته.. 
وهذه ليست عائمة ولا فوضىء ولا هي من المجهلات التي تتيه 
فيها العقول كما يحاول بعض المخادعين أن يقول: وهناك - 


. ١156 المصدر السابق ص‎ )١( 
1 








في هذا الدين - مبادئ أساسية واضحة كل الوضوح؛ تغطي 


كل جوانب الحياة الأساسية» وتضع لها سياجاً خرقه لا يخفى 
على الضمير المسلم المضبوط بميزان هذا الدين " .)١(‏ 

- كما يحدد سيد - رحمه الله- أن الاجتهاد في حالة وجود 
نص يكون في تطبيق النص على الواقع فيقول: " وما قرره الله 
سبحانه من العقائد والتصورات» أو من منهج الحياة ونظامهاء 
سواء في موقف العقل إزاءه متى صح النصء» وكان قطعي 
الدلالة ولم يوقت بوقت» فليس للعقل أن يقول: آخذ في العقائد 
والشعائر التعبدية؛ ولكني أرى أن الزمن قد تغير في منهج 
الحياة ونظامها؛ فلو شاء الله أن يوقت مفعول الخصوصضن لوقته. 
فما دام النص مطلقاً فإنه يستوي زمان نزوله وآخر الزمان 
احترازاً من الجرأة على الله» ورمي علمه بالنقص والقصور - 
سبحانه وتعالى عما يقولون علواً - إنما يكون الاجتهاد في 
تطبيق النص العام على الحالة الجزئية» لا في قبول المبدأ العام 
أو رفضه.؛ تحت أي مقولة من مقولات العقل في جيل من 
الأجيال! " ('). 


)١(‏ في ظلال القرآن 11١‏ » ويراجع بتوسع فصل " الثبات" في كتاب " خصائص 
(5) في ظلال القرآن ؟/4١6‏ , 


"1١ هه‎ 








ويقول أيضاً: " فأما حين لا يوجد نصوص فيما جاء به 
الرسول 2 بخصوص أمر يعرض للأمة فسبيلها أن تشرع له 
بما لا يخالف أصلاً من أصول ما جاء به الرسول؛ وهذا لا 
ينقض تلك النظرية - النظرية الدستورية الإسلامية التي تجعل 
الله وحده مصدر السلطات - إنما هو فرع عنهاء فالمرجع في 
أي تشريع هو أن يتبع ما جاء به الرسول #يِ إن كان هناك 
نصء وألا يخالف أصلاً من أصوله فيما لا نص فيه؛ وتنحصر 
سلطة الأمة - والإمام النائب عنها- في هذه الحدود» وهذا 
نظام فريد لا يماثله نظام آخر مما عرفته البشرية من نظم 
وضعيه يربط التشريع للناس بناموس الكون كله» وينسق بينه 
وبين القانون الذي يحكم البشر وهو من منهج اللهء كي لا 
يصطدم قانون البشر بناموس الكون» فيشقى الإنسان " ('). 

ويقول أيضاً: ' وحين يُضيّق الإسلام سلطة الإمام فيما 
يختص بشخصه» يوسع له إلى أقصى الحدود في رعاية 
المصالح المرسلة للجماعة» تلك المصالح التي لم يرد فيها نص 
والتي تتجدد بتجدد الزمان والأحوال» فالقاعدة العامة: أن للإمام 
المسلم القائم على شريعة الله أن يحدث من الاقضية بقدر ما 


)١(‏ المصدر السابق 5 بتصرف يسير » وينظر أيضاً : نحو مجتمع إسلامي 
ص "2 ؛ وما بعدها. 


1 








04 
9 


يجد من مشكلات:؛ تنفيذاً لقوله تعالى: [وَجَهِدُوا فِ الله حَقَّ 
جهكادو هْوَ لْحيَسَكُم وَمَاجَعَلَ عَلَكددٌ في لين مِنْحَرَجٍ 1 إسورة 
الحج:67] » وتحقيقاً لأهداف الدين العامة؛ في إصلاح حال 
الفرد» وحال الجماعة» وحال الإنسانية كلهاء في حدود المبادئ 
المقررة في الإسلام» وبشرط العدل الذي يجب توافره في الإمام؛ 
فكل ما يوقع بالأمة ضرراً من أي نوع؛ على الإمام ان يزيله: 
وكل ما يتحقق للأمة نفعاً من أي نوع عليه أن يقوم به» على 
أن الأ مخالقه تحبا مق تضبوصن الفيين" 1 

ثم يتحدث سيد - رحمه الله- طويلاً حول مبدأ " المصالح 
المرسلة 'و" وسد الذرائع " كدائرة واسعة تشمل تحقيق كافة 
المصالح للجماعة» وتضمن دفع جميع المضارء وينقل نقولات 
عن ألائمه والفقهاء حول اعتبار مبدأ المصالح المرسلة وسد 
الذرائع في مواجهة مستجدات الحياة مما لا نص فيه؛ وينقل 
أمثلة لما قام به الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - بعد 
موت النبي ييه كجمع القرآن الكريم» وزيادة حد الخمرء وتضمين 
الصُنّاع» وقتل الجماعة بالواحد وغير ذلك مما فيه حفاظاً على 
الحياة الإسلامية ويلخص سيد - رحمه الله- ما يتعلق بقضية 


)00 العدالة الاجتماعية ص 2,85 55 , 


"1١ /اه‎ 








الاجتهاد في مواجهة مستجدات الحياة في صورة تطبيق 
تشريعي جزئي للشريعة الإسلامية الثابتة»؛ مستشهداً بفعل بعض 
الخلفاء الراشدين ومواقفهم إزاء المستجدات في عصورهم مما 
ليس فيه نص» واعتبار ذلك منارات ومعالم تهتدي بها الأمة؛ 
ويذكر أن التطبيقات التي يحتاجها المجتمع لمواجهة 
المستجدات في أي زمن لا تخرج عن أربعة احتمالات: 

الأول: أن تكون الشريعة قد نصت على حكمة نصاً معيناً 
صريحاًء فهذا واجب التطبيق دون تحوير أو تبديل. 

الثاني: أن تكون الشريعة قد جاءت فيه بنص أو نصوص قابلة 
للتأويل فيكون حينئذ قابلاً للاجتهاد ترجيحاً أو توفيقاً بين 
النصوص والحالات المراد تطبيقه عليهاء وهذا يسترشد 
بالتطبيقات العملية في صدر الإسلام وأقوال الفقهاء. 

الثالث: أن تكون الشريعة قد جاءت بمبدأ عام» تدخل هذه 
المسألة الخاصة فيه حتمأ ولكنه لا ينص عليها تصريحاًء عندئذ 
يكون الأمر موضع اجتهاد لي تطبيق المبدأ العام على 
الجزئيات المعروضة والاسترشاد بالسوابق التاريخية والأحكام 
الفقهية. 

الرابع: أن لا يوجد في الشريعة نص عليه» فهو متروك للاجتهاد 
المطلق على ألا يصدم الحكم الذي يصل إليه مبدأ من مبادئ 


"1١5م‎ 





الإسلام ولا أصلاً من أصول الشريعة» مع الاسترشاد بتصرف 
فقهاء الإسلام في ما يماثله " .)١(‏ 

وفيما سبق نجد أن سيداً - رحمه الله- يرى أن ما لم يرد 
فيه نص من المستجدات في حياة البشر فلهم أن يواجهوها 
بالاجتهاد والرجوع إلى النصوص الشرعية في الكتاب والسنة 
واستنباط الأحكام من المبادئ العامة المقررة في الشريعة؛ 
ووطبع النظم الثى تحكم الستتجذات بشرط ألا تخالكتنصوض 
الشرع أو تصطدم مع أصوله؛ وإنما تنطلق من خلال ما قرره 
العلماء في باب " المصالح المرسلة ودرء المفاسد " وهما مبدآن 
عظيمان من مبادئ النظام الإسلامي. 
ابعاً: وقفة مع دعوى أن سيد قطب 





أورد الدكتور/ ربيع المدخلي في كتابة " أضواء إسلامية 
على عقيدة سيد قطب وفكره " فصلا بعنوان: " سيد قطب يجوّز 
للبشر أن يشرعوا قوانين لتحقيق حياة إسلامية صحيحة ”© ذكر 
فيه كلاماً لسيد قطب في العدالة الاجتماعية ونصه: " فإذا 
انتهينا من وسيلة التوجيه الفكري» بقيت أمامنا وسيلة التشريع 
القانوني» لتحقيق حياة إسلامية صحيحة تكفل فيها العدالة 


54 








الاجتماعية للجميع» وفي هذا المجال لا يجوز أن نقف عند 
مجرد ما تم في الحياة الإسلامية الأولى بل يجب الانتفاع بكافة 
الممكنات التي تتيحها مبادئ الإسلام وقواعده المجملة» فكل ما 
أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية ولا تخالف أصوله 
- أصول الإسلام - ولا تصطدم بفكرته عن الحياة والناس» 
يجب أن لا نحجم عن الانتفاع به عند وضع ت" تشريعاتناء ما دام 


يحقق مصلحة شرعية للمجتمع» أو يدفع مضرة متوقعة» ولنا في 
مبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع وهما مبدآن إسلاميان 
صريحان ما يمنح ولي الأمر سلطة واسعة لتحقيق المصالح 
العامة في كل زمان ومكان" .)١(‏ 
ثم يعقب الدكتور المدخلي على النص السابق بقوله: وعلى 
هذا مآخذ: 
١-كأن‏ سيد يرى أن الإسلام غير كاف ولا واف بمتطلبات 
الأمة الإسلامية! 
؟-يمكن لأي دولة تنتمي إلى الإسلام أن تأخذ بكل ما تهواه 
من القوانين الوضعية بحجة تحقيق المصالح ودرء المفاسد» 
وبحجة إنها لا تنافي أصول الإسلام... 


)١(‏ أضواء إسلامية د/ المدخلي ص 75١6‏ », وقد نقله عن العدالة الاجتماعية لسيد 
قطب - الطبعة الخامسة ولم أجده في الطبعة المعدلة . 
للدل 








"-يرى سيد أخذ كل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم 
اجتماعية إذا لم تخالف أصول تلك التشريعات أصول 
الإسلام... أي لا تحرم التشريعات والنظم الكافرة إلا في حالة 
مصادمة أصولها أصول الإسلام. أما إذا خالفت أصول تلك 
التشريعات الكافرة نصوص الإسلام في الأمور الفرعية فلا 
تحرم بل يجب الأخذ بها والحال كذلك (!!! ) وإذا خالفت 
تفريعات القوانين الكافرة أصول الإسلام فلا حرج فيها بل 
يجب الأخذ بهاء لأنها فروع صادمت أصول الإسلام؛ وانما 
الضرر فقط في مصادمة الأصول الكافرة لأصول الإسلام. 
وبهذا التأصيل والتقعيد الذي يضعه سيد تنفتح أبواب 
التلاعب بدين الله فكل طاغية يجلب قوانين أوربا وأمريكا 
تحية شقان هذه التأضيوقة:10). 

والحقيقة أن هذه المأخذ التي ذكرها د/ المدخلي على كلام سيد 

في النص السابق لم أجد لها سنداً في النصء وبيان ذلك كما 

يأذي: 

-١‏ أين كلام سيد - رحمه الله- الذي يدل على أن الإسلام 

غير كامل ولا واف بمتطلبات الأمة الإسلامية؟!! 

-١‏ من أين فهم الدكتور المدخلي أن سيداً يقرر أن لكل دولة 


. بتصرف يسير‎ 7١170١75 أضواء إسلامية د/ ربيع المدخلي ص‎ )١( 
20١ 








أن تكد ما أتهواة :من القوانية الوضيعية؟؟؟ 

5 -أنه في المأخذ الثالث يطبق لازم الكلام» فإذا أشار سيد إلى 
الاستفادة مما عند الغير بشرط إلا تخالف أصوله أصول 
الإسلام ولا تصطدم بفكرته عن الحياة» فهل يعني هذا ما 
فهمه الدكتور المدخلي من أن سيد - رحمه الله- يرى 
وجوب الأخذ بأنظمة الكفار إذا كانت أصولها مخالفة لفروع 
الإسلام أو العكس؟؟؟ 

أظن أن القارئ المتأمل في كلام سيد - رحمه اش- لا 
يفهم شيئاً من هذه المآخذ»ء وخاصة إذا أضاف إليها الشروط 
التي وضعها سيد - رحمه الله- في النصوص السابقة للاجتهاد 

في مواجهة المستجدات؛ من رده الأمر إلى: 

- النصوص التي تنطبق عليه ضمناً. 

- واذا لم يوجد» فيرد إلى المبادئ الكلية العامة في منهج الله 

وشريعته. 

- وأن للأمة أن تضع من التشريعات لمواجهة تطور الحياة فيما 

للواهرف: فيها فصن يشتوطة آلآ تقالك»تصبوهن: القيرج وله أصمولة 

ومبادئه العامة من خلال مبدأ المصالح المرسلة وسد الذرائع. 


53 





المطلب الخامس 


الشورى في النظام الإسلامي 
الفرع الأول: تعريف الث قيقتها: 

الشورى في اللغة: - الشورى والمشاورة والمشورة» مصادر 
للفعل ' شور » وأصلها في اللغة يعنى: الاستخراج والإظهار 
والإعانة. )١(‏ 

وفي الاصطلاح: هي استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه 
للوصول إلى أقرب الأمور للحق(). 

والشورى من المبادئ الإسلامية العامة التي قررتها الشريعة 
الإسلامية» وتحدث عنها أهل العلم والسياسة الشرعية في أبواب 
الإمامة والخلافة كثيراء موضحين أهميتها ومكانتها في الإسلام؛ 
وحدودها ومجالاتهاء وشروط أهلها وكيفيهاء وما يتعلق بها من 
مسائل إجرائية. 

حقيقة الشورى: 

يرى سيد قطب - رحمه الله- أن حقيقة الشورى ومهمتها هي 


. 555 -9549/4 لسان العرب‎ )١( 
الشورى في ظل الحكم الإسلامي - عبد الرحمن عبد الخالق - الدار السلفية‎ )1( 
. ١5 ص‎ ١91/١ الكويت ط عام‎ 
0 








تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة:» فإذا 
انتهى الأمر إلى هذا الحدء انتهى دور الشورى وجاء دور التنفيذ 
في عزم وحسم وفي توكل على اللهء يصل الأمر بقدر الله ويدع 
لمشيئته تصوغ العواقب كما تشاء " .)١(‏ 


ويقول: ' وهذا الأمر - أي مبدأ الشورى وإنفاذه - يقتضي 
الأخذ بالرأي الذي بدا رجحان الاتجاه إليه في الجماعة " ('). 





ذكر سيد -رحمه الله- أهمية الشورى ومكانتها في الإسلام 
وكونها أصلاً من أصول الحياة الإسلامية من خلال ما يأتي: 
-١‏ ورودها في الآيات المكية ضمن صفات الجماعة المسلمة 
يدل على عمقها في الحياة الإسلامية: 

ففي ظلال قوله تعالى: ( وَاَْأستَجَا َم وأقاموأالصَلزة أيهم 
سور ينم وما ع مَا سه و1 [سورة الشورى:/١]‏ يقول سيد - رحمه 
الله-: " وهنا يصور خصائص هذه الجماعة المسلمة التي 
تطبعها وتميزهاء ومع أن هذه الآيات مكية» نزلت قبل قيام 
الدولة المسلمة في المدينة» فإننا نجد فيها أن من صفة هذه 
الجماعة المسلمة " وأمرهم شورى بينهم " مما يوحي بأن وضع 
)١(‏ في ظلال القرآن 507/١‏ . 


و6 المصدر السابق 5١77/١‏ بتصرف يسير . 
523352 








الشورى أعمق في حياة المسلمين من مجرد أن تكون نظاماً 
سياسياً للدولة» فهو طابع أساسي للجماعة كلهاء يقوم عليه 
أمرها كجماعة»؛ ثم يتسرب من الجماعة إلى الدولة» بوصفها 
إفرازاً طبيعيا للجماعة...» وذكر هذه الصفات المميزة لطابع 
الجماعة المسلمة» المختارة لقيادة البشرية واخراجها من ظلام 
الجاهلية إلى نور الإسلام» ذكرها في سورة مكية وقبل أن تكون 
القيادة العملية في يدها فعلاء جدير بالتأمل» فهي الصفات التي 
يجب أن تقوم أولاً» وهي الإيمان» والتوكل» واجتناب كبائر الإثم 
والفواحش» والمغفرة عند الغضب. والاستجابة لله» واقامة 
الصلاة» والشورى الشاملة» والإنفاق مما رزق الله» والانتصار 
من البغيء والعفو» والإصلاح؛ والصبر " ('). 

ويقول أيضا: ' وقوله سبحانه وتعالى: (وَأمَرهع ريبج 1 هذا 
التعبير يجعل أمرهم كله شورى ليصبغ الحياة كلها بهذه 
الصبغة» وهو كما قلنا نص مكيء كان قبل قيام الدولة 
الإسلامية» فهذا الطابع إذن أعم وأشمل من الدولة في حياة 
المسلمين» إنه طابع الجماعة الإسلامية في كل حالاتهاء ولو 
كانت الدولة بمعناها الخاص لم تقم فيها بعد... ومن ثم كان 
طابع الشورى في الجماعة مبكراً» وكان مدلوله أوسع وأعمق من 


. بتصرف يسير‎ ١ 2"”١50/8 في ظلال القرآن‎ )١( 
516 








محيط الدولة وشؤون الحكم فيهاء إنه طابع ذاتي للحياة 
الإسلامية» وسمة مميزة للجماعة المختارة لقيادة البشرية» وهي 

من ألزم صفات القيادة " .)١(‏ 

؟"-أمر الله تعالى لنبيه ي بالشورى: وذلك في قوله تعالى: ( 
وَسَاوِرُهُمْ ف الْذّسيِ 1 [سورة آل عمران:55١]‏ » يقول سيد - رحمه 
الله- " وفي هذه الآية نجد أصل النظام الذي تقوم عليه الحياة 
الجماعية الإسلامية - وهو الشورى - يؤمر به في الموضع 
الذي كان للشورى - في ظاهر الأمر - نتائج مريرة! ('). فهذا 
النص الجازم " وشاورهم في الأمر " يقرر الإسلام هذا المبدأ 
في نظام الحكم» حتى محمد رسول الله يله هذا الذي يتولاه» وهو 
نص قاطع لا يدع للأمة المسلمة شكاً في أن الشورى مبدأ 
أساسي لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه ("). 

ويقول أيضاً: " ومما يلفت النظر أكثرء الكلام - في صدد التعقيب 
على معركة حربية» عن الشورى والأخذ بهاء على الرغم مما كان 
للشورى من معقبات ظاهرية في النتائج السيئة للمعركة! ' (؟). 


. 554/١ : بتصرف يسير »ء وينظر أيضاً‎ 7١75/5 المصدر السابق‎ )١( 
. أي : نتائج غزوة أحد‎ )1( 
بتصرف‎ 501١-5٠00/١ في ظلال القرآن‎ )" 
. 458/١ المصدر السابق‎ )5( 
كدف‎ 








"- ممارسة النبي يه للشورى: ولأهمية الشورى في الإسلام 
فقد درب النبي يِل أصحابه - رضوان الله عليهم - والأمة من 
بعدهم على هذا المبدأء مهما كانت نتائجه» يقول سيد - رحمه 
الله- " كان الإسلام ينشىء أمة ويربيها ويعدها للقيادة الراشدة؛ 
ولتحقيق ذلك فقد دربهما على الشورى في حياتها العملية 
بإشراف النبي يَن» ولو كان وجود القيادة الراشدة يمنع الشورى 
ويمنع تدريب الأمة عليها تدريباً عملياً واقعياً في أخطر الشؤون 
- كمعركة أحد التي قد تقرر مصير الأمة المسلمة نهائياً وهي 
أمة ناشئة تحيط بها العداوات والأخطار من كل جانب - ويحل 
للقيادة أن تستقل بالأمر وله كل هذه الخطورة - لو كان وجود 
القيادة الراشدة في الأمة يكفي ويسد مسد مزاولة الشورى في 
أخطر الشؤون لكان وجود محمد - - ومعه الوحي من الله 
سبحانه وتعالى - كافياً لحرمان الجماعة المسلمة يومها من 
حق الشورى! - وبخاصة على ضووء النتائج المريرة التي 
صاحبتها في ظل الملابسات الخطيرة لنشأة الأمة المسلمة ولكن 
وجود محمد رسول الله - كم - ومعه الوحي الإلهي ووقوع تلك 
الأحداث ووجود تلك الملابسات لم يلغ هذا الحق» لأن الله - 
سبحانه - يعلم أن لا بد من مزاولته في أخطر الشؤون ومهما 
تكن النتائج ومهما تكن الخسائر والتضحيات والأخطار» لان 


516 / 





هذه كلها جزئيات لا تقوم أمام إنشاء الأمة الراشدة المدربة 
بالفعل على الحياة» المدركة لتبعات الرأي والعمل الواعية لنتائج 
الرأي والعمل ومن هنا جاء هذا الأمر الإلهي بالشورى في مثل 
هذه لظطزوف” 2017 

ه-ممارسة النبي يه وكذا خلفاؤه الراشدون: 

ومما يظهر أهمية الشورى ومكانتها في الإسلام أيضاًء ممارسة 
النبي يك لمبدأ الشورى وتربية الأمة عليه وكذا ممارسة خلفائه 
الراشدين لهذا المبدأء وقد أشار سيد - رحمه الله- إلى أن النبي 
كان يستشير المسلمين - فيما لم يرد فيه نص - ويأخذ 
برأيهم فيما هم اعرف به من شؤون دنياهم؛ ومن ذلك: 

* استشارته يل لأصحابه في معركة بدر في شأن القتال» وكذا 
أخذه بمشورة الخباب بن المنذر - رضي الله عنه - فنزل على 
ماع مدن نهد أل علخ سهد ده 70. 

* وكذا استشارته لهم في شأن أسرى بدر وأخذه بمشورة أبي 
بكر - رضي الله عنه - حتى نزل القرآن الكريم مؤيداً رأي 
عمر - رضي الله عنه - )2 واستشارهم في معركة أ( أن 
)١(‏ في ظلال القرآن 507/١‏ وينظر : ,5737/١‏ 577 . 

(5) المصدر السابق 555/7 »١ 4517-١‏ والعدالة الاجتماعية ص 67 . 

9") في ظلال القرآن »١551/7‏ العدالة الاجتماعية ص 87 . 


(5) في ظلال القرآن "50/١‏ . 
511 








وسمع رأيهم في حفر الخندق» وكذا في مصالحة غطفان على 
نصف ثمار المدينة في غزوة الأحزاب »)١(‏ واستشار بعض 
أصحابه في حادثة الإفك (')»؛ وغيرها. 


* وكذلك سار الخلفاء الراشدون من بعده في استشارة 
المسلمين» واستشار أبو بكر - رضي الله عنه - في دخول 
الموبؤة» وانتهى إلى رأي» ثم وجد نصاً من السنة يؤيده فالتزمه» 
وجعل الخلافة شورى في ستة من الصحابة ولم يستخلف أحداً 


بعينه» وغير ذلك. (") 





يقرر سيد - رحمه الله- أن الشورى إنما تكون فيما لم يرد فيه 
نص أما ما ودر فيه نص فلا مجال للشورى فيه بل يجب العمل 
به " (*). فيقول: " كان النبي ِ يستشير المسلمين - فيما لم يرد 
فيه وحي ويأخذ برأيهم فيما هم عرف به من شؤون دنياهم.. أما ما 
كان فيه وحي فلا مجال فيه للشورى بطبيعة الحال؛ فهو من 


, 77 المصدر السابق 14/5؟578 » العدالة الاجتماعية ص‎ )١( 

. 7595/54 في ظلال القرآن‎ )١( 

39) العدالة الاجتماعية ص 87 . 

(5) ينظر: في ظلال القرآن 8١/7‏ 5575/7 ء ونحو مجتمع إسلامي ص ”57 ما 
بعدها 


574 








قررات الدين» وكذلك سار الخلفاء في استشارة المسلمين " .)١(‏ 
*أما طريقة الشورى: فيرى سيد - رحمه الله- أنها ليست 
محدودة بنظام خاص وشكل معينء بل طريقة تطبيقها متروك 
للأمة وفق أوضاعها وظروفها. 
يقول - رحمه الله -: " أما شكل الشورىء والوسيلة التي تحقق 
بهاء فهذه أمور قابلة للتحوير والتطوير وفق أوضاع الأمة 
وملابسات حياتهم» وكل شكل وكل وسيلة تتم بها حقيقة الشورى 
- لا مظهرها - فهي من الإسلام )0١.‏ 

ويقول أيضاً: " أما الشكل الذي تتم به الشورى فليس مصبوباً 
في قالب حديدي» فهو متروك للصورة الملائمة لكل بيئة وزمان» 
لتحقيق ذلك الطابع في حياة الجماعة الإسلامية» والنظم 
الإنتلامية كلها ليسيك أشكالاً خامدة؛ ولييت تصوصاً خرفية: 
إنما هي قبل كل شيء روح ينشأ عن استقرار حقيقة الإيمان في 
القلب»؛ وتكيف الشعور والسلوك بهذه الحقيقة. والبحث في أشكال 
الأنظمة الإسلامية دون الاهتمام بحقيقة الإيمان الكامنة وراءها 


ا يؤدي إلى شيء ل بل 


. بتصرف يسير‎ 7١ العدالة الاجتماعية ص‎ )١( 
ه١ في ظلال القرآن‎ )( 
, 5١565 /© المصدر السابق‎ (2 

5 








ويقول أيضاً: " أن الإسلام يجعل الشورى من أسس الحكم 
في الدولة الإسلامية» فما كيف تتحقق الشورى على الوجه 
الأمثل فهذا ما لم ينص عليه» ولقد وقعت في المجتمع 
الإسلامي على عهد رسول الله يخِ وبعده ألوان من الشورى 
ولكن هذه الذي وقع لا يحدد جميع وسائل الشورى» بل إن ذلك 
متروك لما يجد من تطورات في جسم المجتمع الإسلامي» وفي 
ظروفه» ومتروك كذلك لما يبتكر من وسائل الشورى الناجحة 
حسب التجارب المتجددة» 
- فهل تتم الشورى على الوجه الأمثل بالتصويت العام في كل 
الشؤون أم في بعضها؟ 
- أم تتم بتصويت أهل الحل العقد من ممثلي الأمة الذين لا 
يختلف عليهم؟ 
- أم تتم بواسطة ممثلين للنقابات والجامعات والطوائف 
المختلفة؟ 
- وهل تتم بالتصويت الشفهي أم الكتابي؟ 
- وهل تتم بمسؤولية الوزراء أمام الحاكم الأعلى المنتخب؟ 
- أم بمسؤوليته أمام الهيئة الممثلة للشعب؟ 
- وهل نتم بمجلس واحد أم بمجلسين؟... الخ 

كل ذلك متروك لظروف كل أمة وزمانها ومكانهاء وللتجارب 


"1/١ 





البشرية التي تحقق الشورى على الوجه الأمثل " .)١(‏ 
الفرع الرابع: أهل الشورى وطريقة اختيارهم. 
يرى سيد - رحمه الله- أن أهل الشورى أو أهل الحل والعقد 
في الأمة المسلمة هم طائفة من الأمة يبرزون لا من خلال 
تزكية أنفسهم وترشيحهم والدعاية لأشخاصهم بدعاية ما كي 
يختاروا لمجلس الشورى أو لغيره - كما هو الحال اليوم.. 

وانما تبرز هذه الطائفة في الأمة من خلال حركتهم بهذا 
الدين والعمل له؛ ففي أثناء الحركة بهذا الدين - تتميز أقدار 
الناس وتتحدد مقاماتهم في المجتمع» ويقوم هذا التحديد وذلك 
التميز على موازين وقيم إيمانية» الجميع يتعارفون عليهاء ومن 
البلاء في الجهاد» والتقوى والصلاح والعبادة والأخلاق والقدرة 
والكفاءة» وكلها قيم يحكم عليها الواقع» وتبرزها الحركة» ويعرفها 
المجتمع؛ ويعرف المتسمين بهاء ومن ثم لا يحتاج أصحابها أن 
يزكوا أنفسهم ولا أن يطلبوا الإمارة أو مراكز الشورى والتوجيه 
على أساس هذه التزكية.. 

وهذا ما حدث في النشأة الأولى للمجتمع المسلم - في عهد 
النبي 2# حيث تميز السابقين من المهاجرين ثم الأنصار» وأهل 


)١(‏ نحو مجتمع إسلامي لسيد قطب ص »١5١‏ وينظر أيضاً: العدالة الاجتماعية ص 
0 
/ا١1"‏ 








بدرء وأهل بيعة الرضوان» ومن أنفق من قبل الفتح وقاتل ثم 
ظل يتميز الناس فيه بحسن البلاء في الإسلام... 

وقد يخيل للناس الآن أن هذه خاصية متفردة للمجتمع المسلم 
الأول بسبب نشأته؛ وينسون أن أي مجتمع مسلم لن يوجد إلا 
بمثل هذه النشأة في أي زمان» دعوة إلى الإسلام» وفتنة البلاء 
وتميز للصادقين المجاهدين المتحركين إلى طبقات إيمانية» وفق 
الموازين والقيم الإيمانية.. ويومئذ لن يحتاج إلى ترشيح أنفسهم 
وتزكيتهاء لأن مجتمعهم الذي جاهد كله معهم يعرفهم ويزكيهم 
ويرشحهم! 

وقد يقال: ولكن هذا يكون في المرحلة الأولى» فإذا استقر 
المجتمع بعد ذلك؟ وهذا سؤال من لا يعرف طبيعة هذا الدين! 
إن هذا الدين يتحرك دائماً ولا يكف عن الحركة.. يتحرك 
لتحرير" الإنسان " كل الإنسان.. في" الأرض".. كل الأرض.. 
من العبودية لغير الله من الطواغيت واذن فستظل الحركة التي 
هي طبيعة هذا الدين الأصيلة تميز أصحاب البلاء وأصحاب 
الكفايات والمواهبء ولا تقف أبداً ليركد هذا المجتمع ويأسن إلا 
أن ينحرف عن الإسلام. 

وقد يقال: ولكن المجتمع حين يتسع لا يعرف الناس بعضهم 
بعضاً» ويصبح الأكفاء الموهوبون في حاجة إلى الإعلان عن 


"1 





أنفسهم وتزكيتها وطلب العمل على أساس هذه التزكية! 

وهذا القول كذلك وهم ناشئ من التأثر بواقع المجتمعات 
الجاهلية الحاضرة» إن المجتمع المسلم يكون أهل كل محلة فيه 
متعارفين متواصلين متكافلين - كما هي طبيعة التربية والتكوين 
والتوجيه» والالتزام في المجتمع المسلم - ومن ثم يكون أهل كل 
محلة عارفين بأصحاب الكفايات والمواهب فيهم؛ موزونة هذه 
الكفايات والمواهب بموازين وقيم إيمانية» فلا يعز عليهم أن 
ينتدبوا هم من بينهم أهل البلاء والتقوى والكفاية.. سواء لمجلس 
الشورى أو للشؤون المحلية.. أما الإمارات العامة فيختار لها 
الإمام.. بين مجموعة الرجال المختارين الذين ميزتهم الحركة؛ 
والحركة دائبة كما قلنا في المجتمع المسلم» والجهاد ماض إلى 
يوم القيامة " .)١(‏ 

ويتحدث سيد - رحمه الله- عن إشكالية محاولة تطبيق 
قواعد النظام الإسلامي وأحكامه في المجتمعات المعاصرة 
وتركيبها العضوي الذي يناقض التركيب العضوي للمجتمع 
المسلم؛ فالمجتمع المسلم يقوم تركيبه على أساس ترتيب 
الشخصيات والفئات كما ترتبها الحركة لإقرار هذا النظام في 
عالم الواقع» ومجاهدة الجاهلية» وتحمل الفتنة والأذى» بينما 


. بتصرف يسير‎ 7٠٠١3-7٠١07/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
07 








المجتمعات المعاصرة تقوم على قيم لا علاقة لها بالإسلام 
والقيم الإيمانية في ترتيب الشخصيات والفثات. 

وبالتالي فأول ما يحير الباحثين والكتّاب هو طريقة اختيار 
أهل الحل والعقد - أو أهل الشورى - من غير ترشيح من 
أنفسهم ولا تزكية! في مجتمعات لا يعرف الناس فيها بعضهم 
بعضاء ولا يزنون بموازين الكفاية والنزاهة والأمانة» ثم تحيرهم 
أيضاً طريقة اختيار الإمام؟ أيكون الاختيار من عامة الشعب؟ 
أم يكون من ترشيح أهل الحل والعقد؟ وإذا كان الإمام سيختار 
أهل الحل والعقد» فكيف يعودون فيختارونه؟ ألا يؤثر هذا في 
ميزانهم؟ ألا تكون لهم ولاية عليه وهو الإمام الأعظم؟ ثم ألا 
يجعله هذا يختار أشخاصاً يضمن ولاءهم له؟... وأسئلة كثيرة لا 
يجدون لها جواب! 

ويحدد سيد - رحمه الله- أن نقطة البدء في هذه المتاهة هو 
عدم إدراك الفرق بين المجتمعات المعاصرة بتركيبتها العضوية 
وبين طبيعة المجتمع المسلم المطلوب وكذا اختلاف القيم 
والموازين والتصورات بينهماء ما يجعل تطبيق الأحكام الإسلامية 
في مثل هذه الأوضاع فراغاً لا يمكن أن تعمل فيه .)١('‏ 


. ينظر : المصدر السابق 4ه بتصرف‎ )١( 
"1 








المطلب السادس 


شبهات حول نظام الحكم في الإسلام 
استعرض سيد قطب - رحمه الله- عدداً من الشبهات التي 
تثار حول نظام الحكم في الإسلامء وبين أسبابها وحقيقتها ورد 
عليها وخاصة في كتابه " معركة الإسلام والرأسمالية '" حيث 
عقد فصلا بعنوان " شبهات حول حكم الإسلام " ويمكن 
استعراضها بإيجاز فيما يأتي: 





يقول -سيد-: " تغيم على الإسلام وعلى حكم الإسلام 

شبهات داكنة في نفوس هذا الجيل» وهي ناشئة إما من: 

-١‏ الجهل الفاضح بكل شيء عن هذا الدين. 

؟- إلتباس فكرة الدين ذاته بمن يسمون في هذا العصر ب" 
رجال الدين " وهو التباس مؤذ للإسلام وصورته في نفوس 
الناس» بسبب جهلهم لحقيقة الدين» وتأثرهم بثقافة الاحتلال. 

*- إلتباس صورة الحكم الإسلامي ببعض أنواع الحكومات 
التي تسمى نفسها " حكومات إسلامية " وهي لا تمثل حقيقة 
الإسلام. 


ك1" 





30 إلتباس صورة الحاكم الإسلامي ببعض الشخصيات 


التاريخية التي تنتسب إلى الإسلام وتزعم أنها تحكم باسمه " 
00 


- كيد أعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام بشتى الوسائل 


وعلى مر العصور. 

ثانياً: بعض الشبهات والرد 

عرض سيد - رحمه الله- بعض الشبهات المثارة في عصره 
حول الحكم الإسلامي وناقشها ورد على أصحابها ويمكن 
إيجازها فيما يأتي: 

الشبهة الأولى: " بدائية الحكم ': عندما يسمع البعض " 
الحكم الإسلامي " يتصور بسذاجة أن معناه هو العودة إلى 
الصورة البدائية التي كانت عليها العرب عند مجيء الإسلام؛ 
والبعد عن صورة الحضارة والمدنية وما أفرزته من تأثيرات على 
الحياة. 

ويرى سيد - رحمه الله- أن سبب هذا يعود إلى: 

-١‏ الخلط بين النشأة التاريخية للإسلام وبين النظام 
الإسلامي ذاته كنظام» فالنظام الإسلامي كنظام يحتوي على 
حاجات العصر المتجددة التي تشمل كل حضارة البشرية 


56 55” معركة الإسلام والرأسمالية ص‎ )١( 
ا"‎ 








النظيفة وتجاربها العلمية والفكرية اللائقة بالإنسان» والشظف 
والبداوة التي كانت عند مجيء الإسلام ليست أصلآة من 
أصوله» بل كانت ظاهرة اقتصادية في مرحلة معينة. 
؟- الخلط بين الشريعة الإسلامية في ذاتها وبين النشأة 
التاريخية للفقه الإسلامي» فيظنون أن معنى استحياء القوانين 
من الشريعة هو الوقوف عند الأحكام الفقهية وهي لا تكفي 
لمواجهة حاجات المجتمع في هذه العصور!!! 
ويبين سيد - رحمه اله أن هذا خلط مضحك؛ 

فالشريعة فيها من المرونة والشمول ما يجعلها تستجيب لحاجات 
ومطالب الحياة في كل عصرء كما حدث ذلك في عهد النبي 
وعهد الخلافة الراشدة الذي توسع كثيراً في الأرض وحتى 
اليوم. 
"- جهل كثير من المشتغلين بالتشريع اليوم بالإسلام وشريعته» 
حيث تلقوا تعليمهم غالباً في ظل عقلية تشريعية أجنبيه؛ لا 
تعرف عن الشريعة الإسلامية إلا اليسير. 

ثم يقرر سيد - رحمه الله- تميز الشريعة الإسلامية عن 
غيرها من القوانين» بما في ذلك مراعاتها لحاجات الفرد 
والجماعة ومطالب الحياة المتجددة والمتحضرة؛ من دون أن 
يعني ذلك إخضاع الإسلام ومبادئه وأنظمته لشهوات الجماهير 


"1 





[الفلقاة اكد "التخضيو بو التمديه اع ري بين ل 
المسلمين العصريين ' أو الأقزام " المتحررين " الذين يسيرون 


على طريقة الكنيسة في تملق شهوات الناس وتقديم الدين 
بالطريقة التي كاسنب شهوات اينيع 0 





تقول ميك تزه اللرك:" بتضيون الحسضن 020 
معناه حكم المشايخ والدراود 3 بسبب الثقافة السطحية الناقصة» 
وملابسات الواقع في هذا الجيل. 

وفي الرد على هذه الشبهة يقرر-سيد- أن الإسلام الحق له 
أصوله وأحكامه التي يقوم عليهاء وليس مسألة الزي واللباس هي 
التي يُوَلىَ الناس بناءً عليهاء فالإسلام له شريعة واحدة تنظم 
جميع حالات الحياة وتصدر عنها نشاط البشرء والذي يتولى 
عملا في الأمة يشترط فيه أن يكون حاذقاً فيه» قاضياً كان أو 
ظبيياً أو :مينذينا أى خيو ذلق: 

فالحكم الإسلامي لا يتحقق بوجود طائفة من الناس " رجال 
الدين " على سدة الحكم؛ إنما يتحقق بكون شريعة الإسلام 
وقوانينه ومبادئه هي التي تحكم؛ ويكون الحكم قائماً على 
الشورى بين الحاكم والأمة» والتلقي من مصدر واحد هو الشرع؛ 


. معركة الإسلام والرأسمالية ص 511-55 بتصرف‎ ١ 
51010 








وبالتالي فلا مكان للدراويش ومشايخ الطرق الذين يسترزقون 
نامع للقن قي ملل الح الاباك لزنا عورا إلني الشنك 
المثمر كغيرهم من أفراد المجتمع م 


الثالثة: طغيان 

ارتبط في أذهان كثير من المثقفين وغيرهم أن الحكم 
الإسلامي يعني الحكومة الدينية التي من طبيعتها الاستبداد 
والظلم والجمود وخنق الحريات» وقد جاءت هذه الصورة البائسة 
من محاكم التفتيش في عصور الظلمات في أورباء والتي حرقت 
الغلدها ا بوامتكسوقيف الشركة دن سفن الحكومناه القائفة 
اليوم باسم الدين في بعض بلاد المسلمين» والتي لا تقوم على 
الإسلام» وانما تتخذه شعاراً للاستبداد. 





*وفي الرد على هذه الشبهة يقرر سيد - رحمه الله- أن 
وجود مثل هذا النوع من الحكومات المستبدة باسم الدين لا يعني 
اتهام الدين ووجوب إقصائه من الحياة. 

ثم يذكر أمثلة كثيرة للأنظمة الديمقراطية؛ التي تحكم اليوم 
في كثير من دول العالم والتي فيها الظلم والاستبداد» وكتم 
الحريات وانتهاك الحقوق» ويروي قصصاً عن الجرائم والتعذيب 
للمواطنين في ظل بعض الأنظمة الديمقراطية المعاصرة! فلماذا 


؟ المصدر السابق ص 7١-53‏ بتصرف . 
1 








لا يطعنون في هذه الأنظمة كما يطعنون في الحكم الإسلامي 
بسبب سوء تطبيق البعض له أو بسبب انحرافات باسمه؟؟؟ 

ثم يبين سيد - رحمه الله-: أن المرجع في الحكم على نظام 
مايجب أن يكون هو قواعده وأصوله» أما حين تخالف هذه 
الأصول لأي سبب فلا يصح الطعن فيه. 
فالإسلام بأصوله النظرية ومواقفه التاريخية يمثل نموذجاً فريداً 
للعدل وحماية الحقوق المشروعة للبشرء» وحتى الحدود التي 
شرعها الله» والتي يخطر للبعض - ممن لم يدرس فكرة الإسلام 
الكلية وقواعده العامة - أن فيها قسوة» فإن الإسلام لا يقيمها إلا 
بعد أن لا يكون للمجرمين عذر ولا شبهة» فالإسلام يمنع أولآه 
الأسباب التي تضطر الفرد إلى الجريمة ويعالجها علاج وقاية 
قبل وقوعهاء فإذا استهتر الفرد بها وأقدم عليها فالعقوبة 
ضرورية لحماية المجتمع .)١(‏ 
الشبهة الرابعة: غموض الذ 

يصدق بعض الجهلة ما يشيعه المغرضون بقصد التخويف» 
عن غموض النصوص في الشريعة الإسلامية» ويظنون أن 
كتب الشروح والحواشي التي تمثل المذاهب الإسلامية وخلافات 


الفقهاء وردودهم شيء غامض لا يمكن الاستفادة منه. 


. معركة الإسلام والرأسمالية ص 84-175 بتصرف‎ )١( 
20 








وفي الرد على هذه الشبهة يقول سيد: " ينسى هؤلاء أن 
المذاهب الأربعة الكبرى في الإسلام كان مصدر ما فيها من 
أحكام وتشريعات هو الكتاب والسنة؛ وان وجد فيها آراء مختلفة 
في الجزئيات والتطبيقات. 

وكل نظرية تشريعية في العالم تختلف حولها الشروح؛ 
ويتجادل فيها القانونيون» ومع ذلك لا يدعو أحد إلى نبذها بعذر 
اختلاف الشراح حولها. 

إل الأضيوق الإسلانية واشتكة في الكقاب: والسنة وها 
الينابيع الأصيلة في الإسلام» وسعة المبادئ وعمومها في 
الشؤون العامة المتجددة تترك مجالآ لتطبيقها على الواقع في 
كل العصيون 2007 
الشبهة الخامسة: ' الحريم ': 

وف :شيية السنفتوفيذا انحن رسدة في عي الأكراقة 
حيث يتحدث البعض أن الإسلام لو حكم فسيعيد النساء رقيقاً: 
يحيسن في الحريم. 

* وفي الرد على هذه الشبهة يقرر سيد - رحمه الله-: أن 
وثبة الإسلام بالمرأة وثبة إنسانية كريمة» لم تصل إليها حتى 
الحضارة الغربية اليوم. 


. معركة الإسلام والرأسمالية ص 865-85 بتصرف‎ ١ 
حدلض‎ 








فالإسلام منح المرأة حقوقها التي تحتاجها لتعيش امرأة 
فاضلة: شريفة ميكتزمة. 

ويشير-سيد- إلى أن الذين يتحككون بقضايا المرأة اليوم لهم 
أهدافهم في تجريد المرأة من مقوماتها الإنسانية» ليتحول 
المجتمع إلى بهائم باسم الحرية. 

وبالتالي فلا خوف على المرأة من حكم الإسلام» لأنه يسمح 
لها بمزاولة نشاطها الإنساني في حدود الشرف والكرامة .)١(‏ 
الشبهة السادسة: التعصب ضد الأقليات: 

ذكر سيد - رحمه الله- أن التخوف من حكم الإسلام على 
الأقليات القومية نوع من التجني الذي لا يليق» فليس هناك دينٌ 
ولا حكمٌ في الدنيا ضمن لهذه الأقليات حرياتهم وكرامتهم 
جزاء الإسلام من هذه القوميات هو الاضطهاد لأتباعه في بلاد 
الأديان الأخرى» مما يجعل الحديث عن قومية الحكم في ظل 
التشريع الإسلامي حديثاً بغيضاً لا سند له من الحق ولا من 
الواقع والتاريخ ولا من الإنصاف. 

ثم ذكر مثالاً لعهد الأتراك وأورد كلاماً لأحد المستشرقين 
حول معاملة العثمانيين للمسيحيين مقارنة بما حدث بين بعض 


"18 








الفرق المسيحية في أوربا وروسيا من اضطهاد لأفراد الفرق 
المخالفة لها من المسيحيين» وأشار إلى أن اليهود الذين 
أضطهدوا في أسبانيا لم يجدوا لهم مكاناً يؤويهم إلا الخلافة 
العثمانية» وبالمقابل أشار إلى ما يعانيه المسلمون في بلاد غير 
المسلمين كالحبشة وروسيا ويوغسلافيا وسائر بلاد الشيوعية 
والمسيحية من تعصب واضطهاد .)١(‏ 

وأشار سيد - رحمه الله- إلى أن هذه الشبهات وغيرها يكفي 
في جلائها مجرد المعرفة الصحيحة للحقائق التاريخية 
والاجتماعية الإسلامية ('). 


المطلب السابع 


موقف سيد قطب من الأنظمة المعاصرة ومنهج التغيير عنده 

تحدث سيد - رحمه الله- عن الأنظمة المعاصرة وحقيقتهاء 
والموقف الذي ينبغي أن يكون حيالها وكيفية التعامل معهاء 
ويمكن بيان ذلك في الفروع الاتية: 
الفرع الآ 





٠ 


يرى سيد - رحمه الله- أن هذه الأنظمة من صنائع 


“" المصدر السابق ص 17-848 , 
5 معركة الإسلام والرأسمالية ص 54 . 
0 








الاستعمار ومخلفات الغزو الصليبي لبلاد المسلمين في القرنين 


الماضيين» وأنها أنظمة جاهلية» لأنها لا تقرٌّ لله بالحاكمية» وإنما 
تعتدي على سلطان الله» وتدعي لنفسها الحاكمية. 

يقول سيد: ' إِنَّ العالم يعيش اليوم كله في جاهلية» من 
ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتهاء هذه 
الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض 
وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية» إنها تسند 
الحاكمية إلى البشرء فتجعل بعضهم لبعض أرباباً» لا في 
الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى؛ ولكن في 
صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم» والشرائع والقوانين» 
والأنظمة والأوضاع؛ بمعزل عن منهج الله للحياة» وفيما لم يأذن 
انر 1 

ويبني سيد - رحمه الله- حكمه هذا على أنه لا يوجد في 
الأرض إلا حكمان: حكم الله سبحانه وتعالى أو حكم الجاهلية؛ 
فلا وسط بين الطرفين ولا بديل. 

* فحكم الله هو الذي يقوم على تنفيذ شريعة الله في حياة 
الناس» والناس - في أي زمان وفي أي مكان - إما أنهم 


»1١١748/؟ »ء وينظر : في ظلال القرآن‎ ٠١ معالم في الطريق لسيد قطب ص‎ )١( 
, ها‎ 


"115 








يحكمون بشريعة الله - دون فتنة عن بعضها - ويقبلونها 
ويسلمون بها فهم في دين الله» واما أنهم يحكمون بشريعة من 
صنع البشر» ويقبلونها فهم إذن في جاهلية.. والذي لا يبتغي 
حكم الله يبتغي حكم الجاهلية» والذي يرفض شريعة الله يقبل 
شريعة الجاهلية» ويعيش في الجاهلية وهذا مفرق الطريق" .)١(‏ 

وأشار- رحمه الله - إلى دور اليهود والصليبين في القضاء 
على الخلافة الإسلامية العثمانية» واقامة أنظمة وأوضاع في 
العالم الإسلامي تتزيا بزي الإسلام» وتتمسح بالعقيدة؛ ولا تنكر 
الدين جملة» بل تحوله إلى مجرد شعائر ومشاعر في نفوس 
الأفراد مع طرده من واقع الحياة» وهي بذلك تنفذ الأهداف 
والخطط التي عجز أعداء الإسلام عن تنفيذها من خلال 
الشيوعية والتنصير والاستعمار بالقوة. 

وأحياناً يلجأ أعداء الإسلام إلى إثارة حروب مصطنعة - 
باردة أو ساخنة - وعداوات مصطنعة في شتى الصور» بينهم 
وبين هذه الأنظمة والأوضاع التي أقامتها والتي تكفلها 
بالمساعدات المادية والأدبية» وتحرسها بالقوى الظاهرة والخفية؛ 
وتجعل أقلام مخابراتها في خدمتها وحراستها المباشرة! 

تين :هذه الحروب المصيطتعة والعذاراة المضيطتحة؛ لتزيد 


. 7011/5 في ظلال القرآن 405/7 بتصرف ء وأيضاً‎ )١( 
1 








من عمق الخدعة» ولتبعد الشبهة عن العملاء» الذين يقومون لها 
بما عجزت هي عن إتمامه في خلال ثلاثة قرون أو تزيد» من 
تدمير القيم والأخلاق» وسحق العقائد والتصورات» وتجريد 
المسلمين في هذه الرقعة العريضة من مصدر قوتهم الأول وهو 
قيام حياتهم على أساس دينهم وشريعتهم» وتنفيذ المخططات 
الرهيبة التي تضمنتها بروتوكولات الصهيونيين ومؤتمرات 
المبشرين» في غفلة من الرقباء والعيون! 

فإذا بقيت بقية في هذه الرقعة لم تجز عليها الخدعة» ولم 
تستسلم للتخدير باسم الدين المزيفء وباسم الأجهزة الدينية المسخرة 
لتحريف الكلم عن مواضعه؛ ولوصف الكفر بأنه الإسلام» والفسق 
والفجور والانحلال» بأنه تطور وتقدم وتجدد.. إذا بقيت بقية كهذه 
سلطت عليها الحرب الساحقة الماحقة»؛ وصبت عليها التهم الكاذبة 
الفذاتكزة سدقت هق ننه 5ك لاك لأواب العالدية وأكيزة 
الإعلام العالمية خرساء صماء عمياء!!! .)١(‏ 

ويحتاجون في سبيل ذلك أن يخلقوا أبطالآة مزيفين في 
أرض الإسلام يعملون لهم في تنفيذ أحقادهم ومكايدهم ضد 
الإسلام كما فعلوا مع " أتاتورك " حتى صنعوا منه بطلآة قومياً 
في أعين مواطنيه؛ وبذلك استطاع أن يلغي الخلافة ويمحوا 


. بتصرف‎ ٠١77-97١737/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
11 








الإسلام من تركيا ويحولها إلى دولة علمانية» وهم يكررون صنع 
هذه البطولات المزيفة كلما أرادوا أن يضربوا الإسلام والحركات 
الإسلامية في بلد من بلاد المسلمين " ('). 

ومما سبق يظهر لنا أن سيد قطب - رحمه الله- كان ينظر 
إلى الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي على أنها أنظمة غير 
إسلامية أو بتعبير أخر أنظمة جاهلية» لقيام الحاكمية فيها على 
غير شريعة الله ولكن هذا لا يعني الحكم بكفر الشعوب 
والأفراد» فتلك مسألة أخرى! 

وقد وضح سيد - رحمه الله- ذلك كما نقله عنه غير واحد 
وفي محاضر التحقيق أيضاً حيث سئل - رحمه الح عن ماذا 
يقصد بقوله: " إن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ فترة 
طويلة؟ " فقال: " لابد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التي 
أعنيهاء فالأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب 
حياتها الفردية والعامة؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية 
والأخلاقية» شريعة الله ومنهجه» وهي بهذا الوصف غير قائمة 
الآن لاافي مصرء ولا في أي مكان في الأرض! وان كان هذا 
لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين» لأنه فيما يتعلق بالفرد يكون 
الاحتكام إلى عقيدته وخلقه» وفيما يتعلق بالأمة يكون الأحتكام 


. المصدر السابق 7551/5-/55” بتصرف‎ )١( 
5184 








إسلامي» 


أو تعبير آخر نظام جاهلي 00 
الفرع الثاذ 


: الموقف من هذه الأنظمة: 





يعترف بشرعية الأنظمة التي تقوم على تحكيم غير شريعة الله؛ 
ويعتبرها أنظمة طاغوتية جاهلية»؛ وبالتالي يجب مفاصلتها 
وفضح حقيقتها والسعي لتغييرهاء» ويمكن تلخيص موقف سيد - 
رحمه الله- من الأنظمة العلمانية في النقاط الآتية: 

أولاً: وجوب مفاصلتها والبراءة مذ 

الجاهلية وأهلها عموماً» ووجوب مفاصلتها والتميز عنهاء ويعتبر 
ذلك :شرظا عن شروكك القكيق العمضية المؤفقة افيقول !هذا 
يقودنا إلى موقف العصبة المسلمة في الأرض» وضرورة 
مسارعتها بالتميز من الجاهلية المحيطة بها - والجاهلية كل 
وضع وكل حكم وكل مجتمع لا تحكمه شريعة الله وحدهاء ولا 
يفرد الله سبحانه بالألوهية والحاكمية - وضرورة مفاصلتها 
للجاهلية من حولهاء باعتبار نفسها أمة متميزة من قومها الذي 


)١(‏ ينظر في ذلك : " الموتى يتكلمون " لسامي جوهر ص ١55-1١١١‏ » وسيد 
قطب من الميلاد إلى الاستشهاد للخالدي ص 5779 - 555 . 


571 








يؤثرون البقاء في الجاهلية:» والتقيد بأوضاعها وشرائعها 
وأحكامها وموازينها وقيمها. 

إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض.. إلا بأن تنفصل 
هذه العصبة عقيدياً وشعورياً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية.. 
وأن تفاصل قومها على العقيدة والمنهج.. فإذا لم تفاصل هذه 
المفاصلة» ولم تتميز هذا التميز» حق عليها وعيد الله هذاء وهو 
أن تظل شيعة من الشيع في المجتمع» شيعة تتلبس بغيرها من 
الشيع» ولا تتبين نفسهاء ولا يتبينها الناس مما حولهاء وعندئذ 
يصيبها ذلك العذاب المقيم المديد»ء دون أن يدركها فتح الله 
الموعود! 
تضحيات ومشقات.. لكنها لن تكون أشد ولا أكبر من الآلام 
والعذاب الذي يصيبها نتيجة التباس موقفها وعدم تميزه» ونتيجة 
انضمامها وتميعها في قومها والمجتمع الجاهلي من حولها. 

ومراجعة تاريخ الدعوة إلى الله على أيدي الرسل يعطينا يقيناً 
جازماً بأن فتح الله ونصرهء وتحقيق وعده للذين آمنوا لم يقع 
مرة واحدة» قبل تميز العصبة المسلمة ومفاصلتها لقومها على 
العقيدة ع وكريق المعرة زلكد اا 


. 11517-1955/54 بتصرف يسيرء‎ ١١75/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
51959٠ 








ويقرر سيد قطب - رحمه الله- أن المفاصلة تمر بمراحل: 
المرحلة الأولى: المفاصلة العقدية الشعورية: وهي شعور 
المسلم بانفصاله عن أهل الجاهلية؛ وبغضهم وعداوتهم؛ 
والانخلاع من تصورات الجاهلية» وقيمها وروابطهاء والتحلي 
بالقيم الإيمانية» وهذه المفاصلة العقيدية الشعورية يجب أن تتم 
مه اللحظة الأولي 0 

حلة الثانية: |١‏ 





فلا بد من الوضوح في دعوة الناس إلى الدينونة لله وحده في 
كل شؤون الحياة» ونبذ الدينونة لغير في أي صورة من الصورء 
وقد قطول فترة الدهزة فيل المفاصلة المعلية 10 

وتحدث سيد - رحمه الله- عن العرض المتميز للدعوة في 
فصل كامل من 0 " بعنوان! " نقلة بعيدة " 


فقال: : هناك حقيقة أولية» ين ينبغي أن تكون واضحة في نفوسنا 
هاف ونحن نقدم الإسلام للناس: الموستو ديه أ + غير المؤمنين 
على :الشيوا ع 


متميزة» ينبثشق منه منهج مستقل للحياة بكل مقوماتهاء ويقوم 


. ١151-١955 5/5 وفي ظلال القرآن‎ » ٠١ معالم في الطريق ص‎ )١( 
30١ 








عليه نظام خاصء يخالف سائر التصورات الجاهلية قديماً 


وحديثا.. 

ووظيفة الإسلام الأولى هي إنشاء حياة توافق هذا التصور 
وتمثله في الواقع نظاماً» وليس الاصطلاح مع التصورات 
والأوضاع الجاهلية - أو الالتقاء معها في منتصف الطريق 
والقبول بأنصاف الحلول» 

فالإسلام وظيفته إقصاء الجاهلية من قيادة البشرية» وتولي 
قيادتها على منهجه الخاص» لم يجيء ليربت على شهوات 
الناس وأنظمتهم وأوضاعهم الجاهلية.. 

فالجاهلية خبثت قديماً وخبثشت حديثاً.. يختلف خبثها في 
مظهره وشكله؛ ولكنه واحد في أصله ومغرسه.. وهذه الحقيقة 
ينبغي أن تكون من القوة والوضوح في نفوسنا ونحن نقدم 
الإسلام للناس بحيث لا نتلجلج في الإدلاء بها ولا نتلعثم» ولا 
ندع الناس في شك منها... 

يجب ألا ندع الناس حتى يدركوا أن الإسلام ليس هو أي 
مذهب من المذاهب الاجتماعية الوضعية» كما أنه ليس أي 
نظام من أنظمة الحكم الوضعية.. بشتى أسمائها وشياتها 
وراياتها جميعاً.. وإنما هو الإسلام فقط! الإسلام بشخصيته 
المستقلة وتصسووة المستفل» وأواعة؛ المسقفلةوحنين ندرك 


505 





حقيقة الإسلام على هذا النحو» فسيجعلنا نخاطب الناس ونقدم 
لهم الإسلام» في ثقة وقوة»؛ وفي عطف كذلك ورحمة.. ثقة الذي 
يستيقن أن ما معه هو الحق وأن ما عليه الناس هو الباطل؛ 
وعطف الذي يرى شقوة البشرء وهو يعرف كيف يسعدهم.. 

لن نتدسس إليهم بالإسلام تدسساًء ولن نربت على شهواتهم 
وتصوراتهم المنحرفة.. سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة.. 
هذه الجاهلية التي أنتم فيها نجس والله يريد أن يطهركم.. هذه 
الأوضاع التي أنتم فيها خبثء والله يريد أن يطيّبكم.. هذه الحياة 
التي تحيونها دَوْنٌ» والله يريد أن يرفعكم؛ والإسلام سيغير 
تصوراتكم وأوضاعكم وقيمكم» ويرفعكم إلى حياة وأوضاع وقيم 
أفضل منها وهكذا ينبغي أن تخاطب الناس ونحن نقدم لهم 
الإسلام. 

وهذه هي الصورة التي خاطب الإسلام الناس بها أول مرة؛ 
نظر إليهم من علٍ» خاطبهم بلغة الحب والعطفء وفاصلهم 
مفاصلة كاملة لا غموض فيها ولا تردد لأن هذه هي طريقته.. 
ولم يقل لهم أبداً إنه لن يمس حياتهم وأوضاعهم وتصوراتهم 
وقيمهم إلا بتعديلات طفيفة! أو أنه يشبه نظمهم وأوضاعهم: 
كما يقول بعضنا اليوم للناس وهو يقدم إليهم الإسلام.. مرة تحت 
عنوان: " ديمقراطية الإسلام "! ومرة تحت عنوان " اشتراكية 


510 





الإننام "!إلى اخن هنذا 'التذيمجن: الشاعمهوالتريت على 
الشهوات! 

كلا إن الأمر مختلف جداً.. فضورة الحياة الإسلامية مغايرة 
قناما احدون «الحياة الشاهلية ديم وحفينا .هده تكقيفة يمك 
أن نجهر بها ونصدع؛ وألا ندع الناس في شك منها ولا لبس. 
وقد يكره الناس هذا في أول الأمر ويجفلون منه كما كرهوه في 
أول الدعوة وحاربوه» ومع ذلك فقد فاؤوا إلى الحق الذي لم 
يعجبهم أول مرة... وعموماً فليس لنا أن نجاري الجاهلية في 
شيء من تصوراتها وأوضاعها وتقاليدهاء مهما كان ضغطها 
عليناء لابد لنا أن نثبت أولآء وأن نستعلي ثانياً» وأن نبين حقيقة 
الجاهلية بالقياس إلى الآفاق العليا للحياة الإسلامية التي نريدها 
0 
المرحلة الثالثة: المفاصلة العملية: وتكون في حالة الضعف 
تكون بهجر مجالس المنكر والزور وعدم مجاراة أهل الجاهلية 
في باطلهم أو السكوت عنهمء فالمسلم مأمور بمفاصلتهم 
وبمقاطعتهم إلا للذكرى ('). 

يقول سيد - رحمه الله-: " ولن يكون هذا- أي التميز 


. بتصرف يسير‎ ١1717-١57 معالم في الطريق : فصل نقله بعيدة ص‎ )١( 
. بتصرف‎ ١١18/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
08 








والمفاصلة- بأن نجاري الجاهلية في بعض الخطوات؛ كما أنه 
لن يكون بأن نقاطعها الآن وننزوي عنها وننعزل.. كلا!» إنما 
هي المخالطة مع التميزء والأخذ والعطاء مع الترفع» والصدع 
بالحق في مودة» والاستعلاء بالإيمان في تواضع .)١(‏ فسيد - 


رحمه الله- في كلامه السابق يرفض أمرين: 

الأول:_مجارة أهل الجاهلية في جاهليتهم سواء كانت في 
التصور أو الحكم أو السلوك. 

والثاني: الانعزال والانزواء في الكهوف وترك أهل الجاهلية 
يزاولون منكراتهم» ويحدد طريقة التعامل: بالمخالطة مع التميز» 
والتعامل مع الترفع» والصدع بالدعوة في مودة والاستعلاء 
بالإيمان الذي يحمله الداعية. 

وهذا يرد على من يقول بأن سيد - رحمه الله- دعا إلى عزلة 
المجتمعات ومفاصلة الناس. أما قضية تولي المناصب في ظل 
الأنظمة غير الإسلامية» فيفهم من كلام سيد قطب - رحمه الله- 
في قصة يوسف - عليه السلام - أنه يرى جوازها بشرط أن يكون 
من يتولاها في عمله حاكماً مطاعاً لا خادماً للوضع الجاهلي» وأن 
يتمكن بسيطرته من الدعوة لدينه ونشره وإلا فلا (5). 
)١(‏ معالم في الطريق كلا 


. 7١١7/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 








ويقرر سيد - رحمه الله- أن فترة الدعوة قد تطول قبل 
المفاصلة العملية» وقد يبطئ الفصلء وتكثر التضحيات؛ ولكن 
وعد الله بالفصل يجب أن يكون في قلوب العصبة المؤمنة 
أصدق من الواقع الظاهر في جيل أو أجيال فهو لا شك آت؛» 
ولن يخلف الله وعده .)١(‏ 
ثانياً: إزالة اللافتات المضللة عن الأنظمة الجاهلية: 

يقول سيد - رحمه الله-: " وأعداء هذا الدين الراأصدون 
لحركات البعث الإسلامي الجديدة في هذا الجيل» يرصدونها 
عن خبرة واسعة بطبيعة النفس البشرية وبتاريخ الحركة 
الإسلامية على السواء وهم من أجل ذلك حريصون كل الحرص 
على رفع لافتة إسلامية على الأوضاع والحركات والاتجاهات 
والقيم والتقاليد والأفكار التي يعدونها لسحق حركات البعث 
الإسلامي الجديدة في أرجاء الأرض جميعاً 

ذلك لتكون هذه اللافتة الخادعة مانعة من الانطلاق لمواجهة 
"الجاهلية" الحقيقية القابعة وراء تلك اللافتة الكاذبة!... كما فعلوا 
مع حركة " أتاتورك " التي ألبسوها " لافتة إسلامية " فتحتم - 
إذن - إزالة هذه اللافتة» وتعريتهم من ظلها الخادع؛ وكشفهم 
على حقيقتهم الواقعة» لأن السذج من الدعاة إلى الإسلام في 


)00 المصدر السابق ١957/5‏ . 
15 








الأرض يتحرجون من إنزالها عن " الجاهلية " القائمة تحتهاء 
ويتحرجون من وصف هذه الأوضاع بصفتها الحقيقية التي 
تحجبها هذه اللافتة الخادعة.. وكل هذا يحول دون الانطلاق 
الحقيقي الكامل لمواجهة هذه الجاهلية» بل يؤدي إلى تخدير 
حركات البعث الإسلامي» وتقوم حاجزاً دون الوعي الحقيقي» 

وهؤلاء السذج - من الدعاة إلى الإسلام - أخطر في نظري 
على حركات البعث الإسلامي من أعداء هذا الدين الواعين 
الذين يرفعون لافتة الإسلام على الأوضاع والحركات 
والاتجاهات والأفكار والقيم والتقاليد التي يقيمونها ويكفلونها 
لتسحق هذا الدين. 

والخطر الحقيقي على هذا الدين ليس في قوة أعدائه بقدر ما 
يكمن في سذاجة أبنائه.. لذا فالواجب الأول على الدعاة في 
الأرض أن ينزلوا تلك اللافتات الخادعة المرفوعة على الأوضاع 
الجاهلية.. وهذا نقطة البدء في أية حركة إسلامية " .)١(‏ 
ثالثاً: السعي لتغيير الأنظمة الجاهلية وإقامة النظام الإسلامي: 

الذي يقرأ كتب سيد - رحمه الله- وخاصة " الظلال " و" 
المعالم " يجد أنه يتحدث كثيراً عن وجوب العمل الدائب لتغيير 
الأنظمة الجاهلية» من خلال إستراتيجية طويلة» إبتداءً بتوعية 





. بتصرف‎ ١55٠0-1١554// 57 المصدر السابق‎ )١( 
000 








الأمة بالإسلام وتكوين قاعدة شعبية تقبل الإسلام وتطالب به 
وتحافظ عليه. 

ومع ذلك لا يغفل محاربة المنكرات الجزئية» بل يرى وجوب 
ربطها بالمنكر الأكبر وهو " حاكمية غير الله " وعدم الانشغال 
بها عن هذا المنكر الأكبر. 

وقنكا انققة ره ال النتين يتشيكلوةالمتكرات :الحزئيتة: 
ويجعلون منها إستراتيجية تشتغل الناس عن المنكر الأكبر. 

ويحدد - سيد قطب - بوضوح موقفه من الأنظمة الجاهلية؛ 
ويقرر أن الاكتفاء بترقيعها والانشغال بالجزئيات عن الأصل وهو 
التغييرء لا يصح مطلقاً» بل هو انحراف عن المنهج الإسلامي الذي 
يرفض التعايش مع الجاهلية أو الالتقاء معها في منتصف الطريق 
فيقول: ' وليست وظيفة الإسلام إذن أن يصطلح مع التصورات 
الجاهلية السائدة في الأرضء ولا الأوضاع الجاهلية القائمة في كل 
مكان» لم تكن هذه وظيفته يوم جاء» ولن تكون هذه وظيفته اليوم» ولا 
في المستقبل» فالجاهلية هي الجاهلية» الجاهلية هي الانحراف عن 
العبودية لله وحده» وعن المنهج الإلهي في الحياة» واستنباط النظم 
والشرائع والقوانين والعادات والتقاليد والقيم والموازين من مصدر آخر 
غير المصدر الإلهي والإسلام هو الإسلام» ووظيفته هي نقل الناس 


5710 





من الجاهلية إلى الإسلام " .)١(‏ 

ويقول: " إن الإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية؛ 
لا من ناحية التصورء ولا من ناحية الأوضاع المنبثقة من هذا 
التصور.. فإما إسلام واما جاهلية؛ وليس هنالك وضع آخر 
نصفه إسلام ونصفه جاهلية يقبله الإسلام ويرضاه.. فنظرة 
الإسلام واضحة في أن الحق واحد لا يتعدد» وأن ما عدا هذا 
الحق فهو الضلال» وهما غير قابلين للتلبس والامتزاج» وانه إما 
حكم الله واما حكم الجاهلية» واما شريعة الله؛ واما الهوى.. 
والآيات القرآنية في هذا المعنى متواترة كثيرة: | وَأَنِ أَحَكم بيثم 
بمَآ اَل أ وَلَامَبَعَ أَهوَاءهُمْ وَأَحَدَرَهُمَْ أن يَفْيِمُولكَ عن بض مآ أل 
هيك 1 [سورة المائدة:41] 0 

ويقول: ' ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع المجتمع 
الجاهليء ولا أن ندين له بالولاء.. فهو غير قابل لأن نصطلح 
معه» إن مهمتنا أن نغير من أنفسنا أولاً لنغير هذا المجتمع 


آخيرا. 


إن مهمتنا الأولى هي تغيير واقع هذا المجتمع من أساسه لأنه 
يصطدم اصطداما أساسيا بالمنهج والتصور الإسلامي ويحرمنا بالقهر 


. ١517 معالم في الطريق ص‎ )١( 
. ١57 معالم في الطريق ص‎ )١( 
1 








والضغط أن نعيش كما يريد لنا المنهج الإلهي أن نعيش .)١(‏ 
ويقول: ' إن الإسلام إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية 
للعباد» فهو يهدف إلى إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس 
حاكمية البشر للبشر وعبودية الإنسان للإنسان ("). 
* مراحل التغيير ووسائلها عند سيد قطب. 
يرى سيد قطب: أن تغيير الأنظمة الجاهلية يحتاج إلى 


إستراتيجية طويلة تمر بعدة مراحل هي: - 

المرحلة الأولى: مرحلة الدعوة والبيان وإحياء العقيدة في 
نفوس الناس وتربيت الإسلام: 

حيث خلص -سيد قطب- من خلال مراجعته ودراست 

الطويلة للحركة الإسلامية المعاصرة ومقارنتها بالحركة 
الإسلامية الأولى - جيل الصحابة - إلى أن الحركة اليوم 
تواجه حالة شبيهة بالحالة التي كانت عليها المجتمعات يوم 
جاء الإسلام من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة الإسلامية» والبعد 
عن القيم والأخلاق الإسلامية» وليس فقط البعد عن النظام 
والشريعة الإسلامية» وفي الوقت نفسه توجد معسكرات مختلفة 
تحارب الدعوة الإسلامية وتعمل على تدميرها بوسائل مختلفة... 


. ١57 المصدر السابق ص‎ )١( 
.١ 575/7” في ظلال القرآن‎ )5( 
ا‎ 








وبما أن المجتمعات بجملتها قد بعدت عن فهم مدلول العقيدة 
الإسلامية والغيرة عليهاء وبعدت عن الأخلاق الإسلامية» فلابد 
إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهي إحياء مدلول 
العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول ('). 

ويرى أن" أصحاب الدعوة إلى دين الله واقامة النظام الذي 
يتمثل فيه هذا الدين والواقع خليقون أن يقفوا أمام ظاهرة اهتمام 
القران الكريم والنبي 5 بتقرير العقيدة في بداية الدعوة وعدم 
مجاوزتها إلى غيرها.. فمتى استقرت العقيدة في النفوس استقر 
معها النظام الذي تتمثل فيه ' لا اله إلا الله " بعد ذلك في 
الواقع.. 

وينبغي أن تطول مرحلة بناء العقيدة» وأن تتم خطوات البناء 
على مهلٍ» وفي عمق وتثبت»ء فبناء النفوس والجماعات لا يتم 
بين يوم وليلة 00 

' وأشق ما تعانيه حركات الإسلام اليوم هو الغبش والغموض 
واللبس الذي أحاط بمدلول" لا إله إلا الله" ومدلول الإسلام في 
جانب» وبمدلول الشرك وبمدلول الجاهلية في الجانب الآخر.. 
وبالتالي فيجب أن تبدأ الدعوة إلى الله ببيان الحق والباطل وألا 


. ينظر : لماذا أعدموني ص 7-717 بتصرف‎ )١( 
. 7١١5-١٠١5/7 ينظر : معالم في الطريق ص 51-57 » في ظلال القرآن‎ )١( 
الم‎ 








تأخذها خشية أو خوف في سبيل بيان الواقع وتعريف الناس بما 
يجب أن يكونوا عليه " ('). 





المؤمنة ): 

يرى - سيد قطب - أن التغيير ينبغي أن يكون عن طريق 
تكوين تنظيم ناجح» يتنامى هذا التنظيم ويزداد انتشاراً حتى 
يكون قاعدة إسلامية صلبة قادرة على التغيير الشامل للأنظمة 
الجاهلية» فيقول: " وهذا يقتضي عملية بعث في الرقعة 
الإسلامية» هذا البعث الذي يتبعه - على مسافة ما بعيدة أو 
قريبة - تسلم قيادة البشرية» فكيف تبدأ عملية البعث الإسلامي؟ 

إنه لا بد من طليعة تعزم هذه العزمة» وتمضي في الطريق» 
تمضي في خضم الجاهلية الضاربة الأطناب في أرجاء الأرض 
جميعًاء تمضي وهي تزاول نوعاً من العزلة من جانب» ونوعاً 
من الاتصال من الجانب الآخر بالجاهلية المحيطة.. 

ولا بد لهذه الطليعة من معرفة بدورهاء وحقيقة وظيفتهاء 
ونقطة البدء في الرحلة الطويلة» وموقفها من الجاهلية وأين 
تلتقي مع الناس وأين تفترق وكيف تخاطبهم وبم تخاطبهم؟ ("). 


. بتصرف‎ ١٠١١7-1١٠١١7/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ ١ ١ معالم في الطريق ص‎ )١( 
حل‎ 








ويطلق سيد - رحمه الله- على هذا التنظيم أسماء متعددة 
في كتاباته» فأحياناً يسميه " الجماعة المسلمة" وأحيانا " العصبة 
المسلمة " وأحياناً " طلائع البعث الإسلامي ' وأحياناً " الطليعة 
المؤمنة " وأحياناً " التجمع الحركي العضوي ' .)١(‏ 

ويعلل سيد - رحمه الله- ظروف وجود هذا التنظيم والتجمع 
الحركي لتغيير الأنظمة الجاهلية بقوله: '" ومن أجل أن الجاهلية 
لا تتمثل في نظرية مجردة؛ ولكن تتمثل في تجمع حركي على 
هذا النحو»ء فإن محاولة إلغاء هذه الجاهلية» ورد الناس إلى الله 
مرة أخرى» لا يجوز - ولا يجدي شيئاً - أن تتمثل في نظرية 
مجردة؛ فإنها حينئذ لا تكون مكافئثة للجاهلية القائمة فعلآمً 
والمتمثلة في تجمع حركي عضويء فضلآت على أن تكون 
متفوقة عليها كما هو المطلوب في حالة محاولة إلغاء وجود 
قائم بالفعل؛» لإقامة وجود آخر يخالفه مخالفة أساسية في 
طبيعته وفي منهجه وفي كلياته وجزئياته» لا بد لهذه المحاولة 
الجديدة أن تتمثل في تجمع عضوي حركي أقوى في قواعده 
النظرية والتنظيمية» وفي روابطه وعلاقاته ووشائجه من ذلك 


٠» 545 2 50٠,١١ و معالم في الطريق ص‎ ١557/7 ينظر : في ظلال القرآن‎ )١( 
. 5 وهذا الدين ص‎ » 5 


يي 








التجمع الجاهلي القائم فعلاً " .)١(‏ 

ويقول أيضا " والمنهج الإلهي الذي يمثله الإسلام في صورته التي 
جاء بها محمد ييه لا يتحقق في الأرض وفي دنيا الناس مجرد تنزله؛ 
ولا مجرد إبلاغه للناس وبيانه» ولا بالقهر الإلهي على نحو ما يمضي 
ناموسه في دورة الفلك وسير الكواكب» إنما يتحقق بأنه تحمله جماعة 
من البشرء تؤمن به إيماناً كاملء وتستقيم عليه - بقدر طاقتها - 
وتجتهد لتحقيقه في قلوب الآخرين وفي حياتهم كذلك» وتجاهد لهذه 
الغاية بكل ما تملك؛ فتجاهد الضعف البشري والهوى داخل نفوسهاء 
وتجاهد الذين يدفعهم الضعف والهوى للوقوف في وجه الهدى " ("). 
وقد حاول سيد - رحمه الله- إنشاء هذا التنظيم من خلال محاولة 
إحياء تنظيم يستفيد من قاعدة الإخوان المسلمين المحظورة» وهو ما 
عرف بتنظيم " 165 " والذي شارك فيه مع مجموعة من قيادات 
الإخوان المسلمين» ووضع له برنامجاً تربوياً يقوم على إحياء مدلول 
العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول» وتربية من يقبل هذه الدعوة 
وهذه المفهومات الصحيحة» تربية إسلامية صحيحة»؛ وفق برنامج 
تربوي متكامل بل 


. 4 ء معالم في الطريق ص‎ ١557/7” في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف يسير‎ ٠١-1 هذا الدين ص‎ )5( 
بتصرف يسير » وسيد قطب من الميلاد إلى‎ 71-76 2١7 لماذا أعدموني ص‎ )1( 
. الاستشهاد للخالدي ص 85" وما بعدها‎ 
236 








وبعد ذلك تجيء الخطوات التالية بطبيعتهاء بحكم اقتناع 
وتربية القاعدة في المجتمع والتي تكون نواة للعمل والتغيير('). 

وقد أشار سيد - رحمه الله- إلى أنه " لا يجوز البدء بأي 
تنظيم إلا بعد وصول الأفراد إلى درجة عالية من فهم العقيدة؛ 
ومن الأخذ بالخلق الإسلامي في السلوك والتعامل» ومن الوعي 
بالمفاهيم الإسلامية وطريقة التعامل مع المعسكرات المعادية 
والعقبات في طريق الدعوة " (5). 
المرحلة الثالثة: إزالة الأنظمة الجاهلية. 

وهذه المرحلة هي المرحلة النهائية في طريق التغيير عند 
سيد قطبء حيث يقول: " وقيام مملكة الله في الأرض» وإزالة 
مملكة البشرء وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد 
ورده إلى الله وحدهء وسيادة الشريعة الإلهية وحدهاء والغاء 
القوانين البشرية» كل أولتك لا يتم بمجرد التبليغ والبيان» لان 
المتسلطين على رقاب العباد» المغتصبين لسلطان الله في 
الأرض لا يسلمون في سلطانهم بمجرد التبليغ والبيان» والا فما 
كان أيسر عمل الرسل في إقرار دين الله في الأرضء وهذا 
عكس ما عرفه تاريخ الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم 


"” 








أجمعين - وتاريخ هذه الدين على مر الأجيال! 

إندهة1 لاعلا العام لفحرين ""الأسان ا في" الأرطن #نن 
كل سلطان غير سلطان الله» لم يكن نظرياً سلبياً» إنما كان 
إعلاناً حركياً ايجابياً.. ومن ثم لم يكن بد من أن يتخذ شكل ' 
الحركة"؟ إلى حائقه شكل " البيان “ اليراكه: * الررقع " البتيري 
نكل باز اف وود اقل بيك ]فقة لكل, جوانفة؟ فالكياء ' ووالخاه المقائد 
والتسيؤرات »و1 الحزفة “ترجه النقفات المادية اللخرس )وهنا 
معاً يواجهان" الواقع البشري" بجملته " .)١(‏ 

ومن ثم لم يكن بد " للإسلام " أن ينطلق في الأرض لإزالة " 
الواقع " المخالف لذلك الإعلان العام» بالبيان وبالحركة 
مجتتعين» وأن .يرجه الضنزيات للقرنى النبياسية التئ: مُعبد 'الناين 
لغير الله - أي تحكم بغير شرع الله وسلطانه - والتي تحول 
بيتهة :رييخ الماع إلى" النوان © والذى يدرك طلبيعة هذا 
القينت خلن. "الكو “المتقذوت اليذرك. امعها: بحتمية ' الانطلاق 
الحركي للإسلام في صورة جهاد بالسيف - إلى جانب الجهاد 
بالبيان "5907 

ويقول أيضا: " وان هذا الدين لا يقوم إلا بجهد وجهادء ولا 


(١)في‏ ظلال القرآن ١474/7‏ بتصرف . 
)١(‏ المصدر السابق ١578/9‏ . 








يصلح إلا بعمل وكفاح» ولا بد لهذا الدين من أهل يبذلون 
جهدهم لرد الناس إليهء واخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة 
الله وحده» وتقرير ألوهية الله في الأرض» وردع للمغتصبين 
سلطان الله» واقامة شريعة الله في الحياة» لا بد من جهد: 

- بالحسنى:_حين يكون الضالون أفراداً ضالين» يحتاجون 
إلى الإرشاد والإنارة 


- ويالقوة:_حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي 
التي تصدهم عن الهدى» وتعطل دين الله أن يوجدء وتعوق 
شريعة الله أن تقوم " .)١(‏ 

ومما سبق عرضه من النصوص نجد أن سيداً - رحمه الله- 
يؤكد على ضرورة التغيير بالقوة بشرط: 

-١‏ أن يكون هذا التغير بعد مرحلة تعريف الناس بالإسلام 

الحق ودعوتهم إليه وتربيتهم عليه» -7١‏ وجود القاعدة 

الإسلامية الصلبة في شكل تجمع عضوي وحركي مؤثر في 

المجتمع. 

*- وجود القدرة على تغيير الأنظمة. 

أما قبل وجود هذه الأمور فإن سيد قطب - رحمه الله- يرى 
استبعاد استخدام القوة لتغيير الأنظمة لان النتائج لن تكون 


.117-1957/7 في ظلال القرآن‎ )١( 








نافعة بل ضارة حيث يقول: " فإذا كان المسلمون اليوم لا 
يملكون بواقعهم تحقيق هذه الأحكام» فهم - اللحظة وموقتاً - 
غير مكلفين بتحقيقها - ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها - ولهم 
في الأحكام المرحلية سعة يتدرجون معها حتى ينتهوا إلى تنفيذ 
هذه الأحكام عندما يكونون في الحال التي يستطيعون معها 
تتفيدها " .)١(‏ 

ويوضح سيد قطب - رحمه الله- طبيعة تنظيم "125" 
ووسائل التغيير التي وضعها فيقول: " وكنا قد اتفقنا على 
استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم أو إقامة 
النظام الإسلامي» وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة 
الاعتداء على هذا التنظيم الذي يسير على منهج تعليم العقيدة 
وتربية الخلق وانشاء قاعدة للإسلام في المجتمع " ('). 

ويقول: " ولابد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة: 
وهي إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول» وتربية 
من يقبل الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة تربية إسلامية 
صحيحة؛ وعدم إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية؛ 


. بتصرف يسير‎ ١١/87” المصدر السابق‎ )١( 
ا‎ 








على الحكم قبل أن تكون هناك القاعدة المسلمة في المجتمعات 
هي التي تطلب النظام الإسلامي لأنها عرفته على حقيقته وتريد 
أن تحكم به.. وفي الوقت نفسه ومع المضي في برنامج تربوي 
كهذاء لابد من حماية الحركة من الاعتداء عليها أو تدميرها من 
خلال وجود مجموعات فدائية مدربة بعد تمام تربيتها للتدخل في 
حالة الاعتداء على الجماعة " .)١(‏ 


ويفهم من كلام سيد - رحمه الله- السابق أن استخدام القوة 


يكون في حالتين: 
الأولى: في حالة الاعتداء على التنظيم من قبل الأنظمة 
الجاهلية. 


الثانية: في حالة تكوين القاعدة الإسلامية في المجتمع ووجود 
القدرة على تغيير الأنظمة الجاهلية. 

أما قبل ذلك فلا يجوز استخدام القوة» بل يجب الانصراف 
إلى الدعوة والبيان وتعريف الناس بالعقيدة وتربيتهم على 
الإسلام مهما اقتضى ذلك من الزمن الطويل والمراحل البطيئة 
0( 


. 569 لماذا أعدموني ص‎ )١1١( 
2 








تبين لنا فيما سبق أن إستراتيجية تغيير الأنظمة الجاهلية في 
فكر سيد قطب تقوم على التدرج في ثلاث مراحل: 
الأولى:_الدعوة والبيان والبلاغ وتعريف الناس بالإسلام الحق 
والمفاهيم العقدية الصحيحة وتربيتهم عليها. 
الثانية: إنشاء تنظيم حركي من العناصر التي تم تربيتها على 
العقيدة والخلق» لتكون هي القاعدة 
الصلبة في المجتمع والتي ستنقل المجتمع إلى الإسلام 
الصحيح. 
الثالثة:_تغيير الأنظمة عند وجود القدرة وتوفر الوسائل التي 
تضمن النجاح. 

وقد نبه سيد - رحمه الله- إلى بعض الطرق والوسائل التي 
يراها خاطئة في عملية التغيير ومنها: 

-١‏ الانشغال بالمشاركة السياسية عن التربية: 

وذلك نابع من نظرة سيد - رحمه الله- إلى الأنظمة القائمة 
اليوم سواء كانت رأسمالية أو اشتراكية أو ديمقراطية بأنها أنظمة 
علمانية جاهلية(١).‏ 

*وبالتالي فالمشاركة فيها والانشغال بالعمل السياسي دون 





. بتبصرف يسير‎ ١١ في ظلال القرآن ؟/ركه‎ )١( 
"1 








الاهتمام بالتربية فيه إضاعة للوقت» وفيه تلبيس على الناس 
بشرعية هذه الأنظمة المضادة للإسلام» يقول سيد: " أن 
محاولة وضع أقنعة على الإسلام أخرى كالاشتراكية 
والديمقراطية» وغيرها هي محاولة ذليلة» فالاشتراكية مذهب 
اجتماعي اقتصادي من صنع البشرء والديمقراطية نظام للحياة 
أو للحكم من صنع البشر كذلك يحمل صنع البشر من القابلية 
للصواب والخطأء بينما الإسلام منهج حياة مبرأ من النقص 
والعيب... فالإسلام هو الإسلام» والاشتراكية هي الاشتراكية؛ 
والديمقراطية هي الديمقراطية.. ذلك منهج الله.. وهذه مناهج 
البشرء ولا ينبغي لصاحب الدعوة إلى دين الله» أن يستجيب 
لإغراء الزي الرائج.. فيقدم الإسلام للناس في أزياء اليوم التي 
يحبها البشر» بل لابد أن يستعلي بدينه فلا يستجيب لاقتراحات 
المقترحين» ولا يحاول تزيين هذا الدين بغير اسمه وعنوانه؛ ولا 
مخاطبة الناس بغير منهجه ووسيلته " ("). 

*" فالديمقراطية ليست إلا لافتة خادعة أوقعت الأكثرية 
الساحقة في عبودية ذليلة للأقلية الطاغية التي تملك رأس المال 
وتملك معة الأغلبية البزلمائية والسباتين الوضنغية والحريناتك 
الصحيفة... وغيرها مما ظنها الناس كفيلة بضمان إنسانيتهم 


. المصدر السابق ؟87/7١7١-85١٠ بتصرف‎ )١( 
371١ 








وكرامتهم» فكانت العاقبة ذلك الطغيان الذي أحال كل تلك 
الأمون ' الى محزه لأفكاات وهنا رك 10 

*ويقرر سيد - كما سبق معنا- وجوب مفاصلة الأنظمة 
الجاهلية»؛ وعدم لبس الإسلام باللافتات الخادعة للجماهير» 
فعلى العصبة المسلمة أن تتميز بعقيدتهاء وتفاصل مفاصلة 
كاملة واضحة لا غموض فيهاء كما كان رسول الله هَلةْ يعرضها 
مفاصلاً ومتميزاً» لا كما يفعل اليوم البعض ممن يقدم الإسلام 
للناس مرة تحت عنوان " ديمقراطية الإسلام " ومرة تحت عنوان 
" اشتراكية الإسلام '... إلى أخر هذا التدسس الناعم.. والأمر 
تتاف هذ 1107 

* فالإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية» ولا يقبل 
التلبس والامتزاج بهاء وإنه إما حكم الله واما حكم الجاهلية: 
موف لذ خالك :نينا '0): 

* ويؤكد سيد - رحمه الله- أن عدم مفاصلة أهل الباطل 
تسبب التباس الأمر على الناس وتحرم الدعوة من النصر في 
النهاية (5). 

. بتصرف‎ ١157-١557/4 في ظلال القرآن‎ )١( 


(1) معالم في الطريق ص ١51‏ بتصرف . 
(1) المصدر السابق ص ١55-١614‏ بتصرف . 


(5) في ظلال القرآن ١١15/7‏ بتصرف . 
30 








* وكان من مآخذ سيد - رحمه الله- على الجماعات 
الإسلامية انشغالها في أحيان كثيرة بالاستغراق في الحركات 
السياسية» وشغل نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق النظام 
الإسلامي» بينما المجتمعات ذاتها بجملتها قد بعدت عن فهم 
مدلول العقيدة والغيرة عليها والأخلاق الإسلامية» ومن هنا يؤكد 
على أهمية التربية والتنظيم» وعدم إضاعة الوقت في الإحداث 
الف ك0 

* ويرى أن قيام حكم إسلامي في أي بلد لن يجيء عن 
طريق الانتخابات» وأنه لن يكون إلا بمنهج بطيء طويل المدى 
يستهدف القاعدة لا القمة» ويبدأ من غرس العقيدة من جديد؛ 
والتربية الإسلامية والأخلاقية» وأن هذا الطريق الذي يبدو بطيئاً 
وطويلاً جداً أقرب الطرق وأسرعها (2). 

* وكان من توجيهاته العامة للإخوان ولكل الحركات 
الإسلامية بعد خروجه من السجن أن لا تستغرقهم الأحداث 
الجارية» وألا ينغمسوا فيها وفي المناورات الحزبية والسياسية؛ 
فإن لهم حقلاً أخر أوسع وأبعد مدى وإن كان بطيئاً وطويل 


. 3١0551-78 لماذا أعدموني ص‎ )١( 
. السودان بالانتخابات في وقته » ولكن كانت نتيجتها كما توقع سيد مخيبة لآمالهم‎ 
"17 








الأمدء وهو حقل البعث الإسلامي للعقيدة والقيم والأخلاق 
والتقاليد الإسلامية في صلب المجتمع حتى بإذن الله بقيام 
النظام الإسلامي .)١(‏ 

” - الانقلابات على الأنظمة: 


تحنلدة سيد -"زحصه الل علق وسدائل كتين الأتطحة 
الجاهلية بالخطوات الإستراتيجية كما سبق» واستبعد التغيير عن 
طريق الانقلابات لما فيه من مفاسدء حيث يرى أن التنظيم الذي 
يمثل القاعدة الصلبة لإقامة النظام الإسلامي مهمته تربية 
المجتمع ونقل قطاعات كبيرة من الأمة إلى الإسلام بالوسائل 
المشروعة؛ وأن المجموعات الفدائية في هذا التنظيم ليس لها أن 
تبدأ الاعتداء» ولا أن تحاول قلب نظام الحكم» طالما والدعوة 
ممكنة بغير مصادرة أ تدمير... 

ويقرر أن الوصول إلى تطبيق النظام الإسلامي " الحكم 
بشريعة الإسلام ليس هدفاً عاجلاً لأنه لا يمكن تحقيقه إلا بعد 
نقل المجتمعات ذاتها أو غالبيتها إلى ممارسة الحياة الإسلامية 
الحقة (0). 

وبالتالي لا يكون الوصول إلى إقامة النظام الإسلامي 
)١(‏ لماذا أعدموني ص 7١‏ . 


551 








وتحكيم الشريعة الإسلامية عن طريق انقلاب في الحكم يجيء 
من أعلى» ولكن عن طريق تغيير في تصورات المجتمع كله - 
أو مجموعات كافية لتوجيه المجتمع كله - وفي قيمه وأخلاقه 


والتزامه بالإسلام» يجعل نظامه وشريعته فريضة لابد منها في 
0006 

-٠‏ رفع_رايات _القومية والإصلاح الاجتماعي والأخلاقي 
والاقتصادي وغيرها. 

كذ عدية > زحسه الت الدهاة مره بعكن الطرى :الخاطفة 
التي تخالف منهج التغيير الإسلامي وتعتبر مزالق للحركة 
الإسلامية أو استدراج لهاء ومن ذلك رفع راية للإصلاح والتغيير 
غير راية العقيدة»؛ حيث يقرر أن الأصل في الدعوة الإسلامية 
التغييرية هو البدء بالعقيدة كما بداء بها النبي يل * فقد كان 
من الممكن لرسول الله كَيهِ أن يقوم بحركة قومية عربية: 
تستهدف تجميع العرب وتحريرهم من الاستعمار الفارسي 
والروماني» فإذا نجح طبق عليهم الإسلام بحكم ما له من 
سلطان» ومع ذلك بدأ بالعقيدة: 

* وكذلك كان بإمكان النبي يلِةِ أن يقود حركة إصلاح 
اجتماعي وينادي بحقوق الفقراء والمستضعفين ويقودهم لتحطيم 


. 4" في ظلال القرآن ص‎ )١( 
1 





سبح قطي ومنعجه في العفيدة /و6 





الطواغيت» ثم يحكم الإسلام وينشر العقيدة» ولكن الله لم يوجهه 
لهذا لأنه ليس هو الطريق. 

* وكذلك كان بإمكانه و القيام بحركة أخلاقية لمحاربة 
الفساد المستشري في المجتمعء فإذا استجاب له الناس حكمهم 
بالإسلام» ولكنه لم ينطلق من هذا المنطلق ولا مما سبقه» وانما 
وجهه الله أن يبدأ بالعقيدة وتربية الناس عليها وتجميعهم على 
أساسهاء فإذا تقررت العقيدة في النفوس وعرف الناس ربهم 
وعبدوه وحده؛ء وتحرروا من سلطان العبيد والشهوات سواءء 
تطهرت الأرض من الطواغيت كلها وتطهر المجتمع من 
المفاسد وقام " نظام الإسلام " في صورة دولة وشرائع وأحكام 
على الأرض (0). 


)١(‏ معالم في الطريق ص ؛ ١‏ وما بعدها بتصرف ٠‏ وينظر أيضاً : في ظلال القرآن 
"ره ٠١‏ ومابعدها. 


5715 








المطلب الثامن 


أسباب معارضة الحكم الإسلامي والعدول عنه 

تعرض سيد قطب - رحمه الله - لأسباب معارضة حكم 
الله والعدول عنه» والعداوات التي تواجهه؛ وكذا مفاسد العدول 
عن الحكم الإسلامي إلى غيره وفيما يلي عرض لهذه القضايا 
بإيجاز: 
أولاً: معارضة نظام الحكم الإسلامي وأسبا 

يقول- سيد -: " ولقد علم الله - سبحانه - أن الحكم بما 
أنزل الله ستواجهه - في كل زمان وفي كل أمة - معارضة من 
بعض الناسء» ولن تتقبله نفوس هذا البعض بالرضى والقبول 
والاستسلام.. * ستواجهه معارضة الكبراء والطغاة وأصحاب 
السلطان الموروث» ذلك أنه سينزع عنهم رداء الألوهية الذي 
يدعونه» ويرد الألوهية لله خالصة؛ حين ينزع عنهم حق 
الحاكمية والتشريع والحكم بما يشرعونه هم للناس مما لم يأذن 
به الله.. 
* وستواجهه معارضة أصحاب المصالح المادية القائمة على 
الاستغلال والظلم والسحت»ء ذلك أن شريعة الله العادلة لن تبقي 
على مصالحهم الظالمة.. 


51/ 





* وستواجهه معارضة ذوي الشهوات والأهواء والمتاع الفاجر 
والانحلال» ذلك أن دين الله سيأخذهم بالتطهر منها وسيأخذهم 
بالعقوبة عليها.. 

* وستواجهه معارضة جهات شتى غير هذه وتلك» ممن لا 
يرضون أن يسود الخير والعدل والصلاح في الأرض. علم الله 
- سبحانه - أن الحكم بما أنزل ستواجهه هذه المقاومة من 
شتى الجبهات» وأنه لا بد للمستحفظين عليه والشهداء أن 
يواجهوا هذه المقاومة» وأن يصمدوا لهاء وأن يحتملوا تكاليفها في 
النفس والمال فيقول لهم: إقَلا تَحَسّوأ لاس وآحَمَّوّنِ 1 كما 
علم الله - سبحانه - أن بعض المستحفظين على كتاب الله 
المستشهدين» قد تراودهم أطماع الحياة الدنياء وهم يجدون 
أكتتحافي المنلطان وأجشكات المال:وأضختتحكات القديوات» ذأ 
يريدون حكم الله فيتملقون شهوات هؤلاء جميعاً»ء طمعاً في 
عرض الحياة الدنيا - كما يقع من رجال الدين المحترفين في 
كل زمان وفي كل قبيل» فناداهم: (وَلاتَمْموَْابتقٍ كَمَنا فيلا ,)١(4‏ 
" لقد قال الرجل العربي - بفطرته وسليقته - حين سمع رسول 
الله يل يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً 


١776 371361037150577 في ظلال القرآن 8917/7 بتصرف يسيرء وينظر‎ )١( 


571 








رسول الله: " هذا أمر تكرهه الملوك! 


' فما يمكن أن تجتمع شهادة ' أن لا إله إلا الله " مع الحكم 
بغير شرع الله» ولهذا يخاف منها الطواغيت " .)'١(‏ 
ثانياً: أسباب العد ١‏ 





الله أو شيء منه: 

يقول سيد: ' وقد علم الله أن معاذير كثيرة يمكن أن تقوم 
وأن يبرر بها العدول عن شيء مما أنزل الله واتباع أهواء 
المحكومين المتحكمين.. وأن هواجس قد تتسرب في ضرورة 
الحكم بما أنزل الله كله بلا عدول عن شيء فيه» في بعض 
الملابسات والظروف. فحذر الله نبيه يَةِ من إتباع أهواء 
المتحكمين» ومن فتنتهم له عن بعض ما أنزل الله إليه.. 

وأولى هذه الهواجس: الرغبة البشرية الخفية في تأليف 
القلوب بين الطوائف المتعددة» والاتجاهات والعقائد المتجمعة 
في بلد واحد» ومسايرة بعض رغباتهم عند ما تصطدم ببعض 
أحكام الشريعة» والميل إلى التساهل في الأمور الطفيفة» أو التي 
يبدو أنها ليست من أساسيات الشريعة! 

وقد روي أن اليهود عرضوا على رسول الله يل أن يؤمنوا له 
إذا تصالح معهم على التسامح في أحكام معينة.. ولكن الأمر - 


. 737-75 بتصرف » وينظر معالم في الطريق ص‎ ١75448/“ في ظلال القرآن‎ )١( 
53-3030 








كما هو ظاهر - أعم من ذلك.. 

وقد شاء الله - سبحانه - أن يحسم هذا الأمرء ويقطع 
الطريق على الرغبة البشرية الخفية في التساهل مراعاة 
للاعتبارات والظروف» وتأليفاً للقلوب حين تختلف الرغبات 
والأهواء. فقال لنبيه: إن الله لو شاء لجعل الناس أمة واحدة؛ 
ولكنه جعل لكل منهم طريقاً ومنهاجاً» وجعلهم مبتلين مختبرين 
فيما آتاهم من الدين والشريعة... واذن فللا يحور أرق يفكر في 
التساهل في شيء من الشريعة لتجميع المختلفين في المشارب 
والمناهج.. فهم لا يتجمعون.. بذلك أغلق الله - سبحانه - 
مداخل الشيطان كلهاء وبخاصة ما يبدو منها خيراً وتأليفاً 
للقلوب وتجميعاً للصفوفء بالتساهل في شيء من شريعة الله 
في مقابل إرضاء الجميع! أو في مقابل ما يسمونه وحده 
المافوات! 

إن شريعة الله أبقى وأغلى من أن يضحى بجزءٍ منها في 
مقابل شيء قدر الله ألا يكون! فالناس قد خلقوا ولكل منهم 
استعداد» ومشرب» ومنهج» وطريق" .)١(‏ 

*وفي ظلال قوله تعالى: (وَمنْ كَسنُي لله نالو وق ) 

[سورة المائدة:٠5]‏ . يقول سيد: " وأجل! فمن أحسن من الله حكماً؟ 


يي 








ومن ذا الذي يجرؤ على ادعاء أنه يشرع للناس» ويحكم فيهمء 
خيراً مما يشرع الله لهم؟ وأية حجة يملك أن يسوقها؟ أيستطيع 
أن يقول: إنه أعلم بالناس من خالق الناس؟ أيستطيع أن يقول: 
أو إنه أرحم بهم من ربهم؟ أو أنه أعرف بمصالحهم من إلههم؟ 
أم أن الله كان يجهل ما سيطرأ ويستجد من أحوال البشرء ما 
الذي يستطيع أن يقوله من ينحي شريعة الله عن حكم الحياة: 
ويستبدل بها شريعة الجاهلية» وبخاصة إذا كان يدعي أنه من 
المسليية؟! 

الظروف؟ الملابسات؟ عدم رغبة الناس؟ الخوف من 
الأعداء؟.. ألم يكن هذا كله في علم الله» وهو يأمر المسلمين أن 
يقيموا بينهم شريعته؛ وأن يسيروا على منهجه» وألا يفتنوا عن 
بعض ما أنزله؟ 

قفنسيون الكزيعة أنه عسرةانجنيعاي'العاهمنات الطارقة: 
والأوضاع المتجددة؛ والأحوال المتغلبة؟ ألم يكن ذلك في علم 
الله وهو يشدد هذا التشديد؛ ويحذر هذا التحذير؟ 

يستطيع غير المسلم أن يقول ما يشاء.. ولكن المسلم.. أو 
من يدعون الإسلام.. ما الذي يقولونه من هذا كله» ثم يبقون 
على شيء من الإسلام؟ أو يبقى لهم شيء من الإسلام؟ إنه 
مفرق الطريق... إما إسلام واما جاهلية. إما إيمان واما كفر. إما 


53١ 





حكم الله وإما حكم الجاهلية " ('). 

" واردة الشيطان إضلال البشر هي العلة الكامنة وراء 
التحاكم إلى الطاغوت " (). 

"كما أن مكائد وحورب اهل الكتاب لهذا الدين وإقامتهم 
ألواهيات لغير الله في البلاد الإسلامية سبب من أسباب العدول 


طق اكحكيم اشريعة الله" 012 





ثالثاً: عداوات ١ ١‏ 
عقد سيد قطب فصلا كاملا في كتابه " معركة الإسلام 
والرأسمالية ' باسم " عداوات حول الإسلام ' وضح فيه أن 
للإسلام أعداء كثيرون في الخارج والداخل» تلتقي مصالحهم في 
إقصاء الإسلام عن الحكم في الحياة» وأهم هؤلاء: 

-١‏ الصليبيون: فهم يتنادون لحماية الحضارة الصليبية 
المادية» والدين والتوحيد الذي يواجههم هو الإسلام الحق؛ الذي 
يقوم على الشريعة والعقيدة» وبالتالي يحاربون رجعة الحكم إلى 
الإسلام بنفوذهم وقوتهم» وبالمغفلين أصحاب المصالح من 
المسلمين. 


. ١١915 -1١١95/7 في ظلال القرآن 105/7- بتصرف يسير » وينظر أيضا‎ )١( 
5 المصدر السابق‎ )"1( 
. بتصرف‎ ١١95/7 (؟) المصدر السابق‎ 

520 








-١‏ المستعمرون: لأنهم يرون في الإسلام عقيدة تكافح 
الاستعمارء والحكم الإسلامي هو الذي يوقظ هذه الروح بشدة 
لذا لابد من أن يبقى حكم الإسلام بعيداً. 

- المستغلون والطغاة: لأنهم يعرفون أن الجماهير تصعب 
قيادتها وتسخيرها ضد عقيدتها الدينية» فهم حريصون على جعل 
الإسلام شعاراً لا حقيقة في الواقع» فلا ضير عندهم من الإسلام 
حين يكون طقطقة بالمسابح» وأدعية وموالد» وطرق ونحو ذلك 
من أجهزة التخدير للجماهيرء أما أن يكون حكما جاداً ينفذ 
شريعة الله في الحكم والمال والحقوق فهذا ما يتقيه الطغاة.. 

5 - المحترفون من رجال الدين: الذين يسترزقون باسم الدين» 
والذين يعرفون أن حكم الإسلام الحق لو قام لما وجدوا لهم 
مكاناً» لأنه يطارد الدجالين والمتبطلين والدراويش الذين يعيشون 
على الاستغلال للجماهير باسم الدين. 

ه- المستهترون والمنحلون: الذين غرقوا في أو حال الجنس 
والمخدرات والفاحشة لأنهم يعلمون أن حكم الإسلام سوف يكبح 
جماحهم ويمنعهم من تحللهم واستهتارهم. 

5- الشيوعيون والملاحدة: وعداؤهم للإسلام وحكمه شديد 


5 





لأنه الوحيد الذي يقف في وجوه إلحادهم وفسادهم 0 


4 


ابعاً: مفاسد الاعراض عه الله فى حياة البشربية: 





* بِيّن سيد قطب - رحمه الله - حتمية التلازم بين " دين الله 
' و" الحكم بما أنزل الله " وأن ذلك ناشئ من أن الحكم بما أنزل 
الله إقرار بألوهية الله وتحقيق مدلول الإسلام الحق» وناشئ 
أيضاً من أن ما أنزل الله خير مما يصنع البشر لأنفسهم من 
مناهج وشرائع وأنظمة وأوضاع (). 

* "وبين كذلك توافى الديانات التي جاءت من عند الله كلها 
على تحتيم الحكم بما أنزل الله» واقامة الحياة كلها على شريعة 
الله» وجعل هذا الأمر مفرق الطريق بين الإسلام والجاهلية ("). 

* " وبين الأفضلية المطلقة لشريعة الله ومنهجه- سبحانه القائم 
على العلم المطلق بحقيقة الكائن الإنساني» والحاجات الإنسانية؛ 
وبحقيقة الكون وطبيعة نواميس الحياة التي تحكمه وتحكم الكينونة 
الإنسانية.. حتى لا يقع تصادم بينهماء ومن ثم قيامه على العدل 
المطلق والبراءة من الهوى والميل والجهل والقصور وقيامه على 


)١(‏ انظر: معركة الإسلام والرأسمالية ص ١١7-17”‏ بتصرف » وفي ظلال القرآن 
00 
)١(‏ في ظلال القرآن 878/١‏ 
2( المصدر السابق ؟//58 . 
37 








تقرين (النحوية تين الفرحية لسو اللي لل 
- رحمه الله - مفاسد وأضرار وأثار العد 





في حياة البشرية ومنها: - 

١‏ -فساد الحياة البشرية وعدم استقامد 

يقول: " فالحياة البشرية لا تستقيم إلا إذا تلقت العقيدة والشعائر 
والشرائع من مصدر واحدء يملك السلطان على الضمائر 
والسرائر» كما يملك السلطان على الحركة والسلوك. ويجزي 
الناس وفق شرائعه في الحياة الدنياء فأما حين تتوزع السلطة: 
وتتعدد مصادر التلقي.. حين تكون السلطة لله في الضمائر 
والشعائر بينما السلطة لغيره في الأنظمة والشرائع.. وحين 
تكون السلطة لله في جزاء الآخرة بينما السلطة لغيره في 
عقوبات الدنيا.. حينئذ تتمزق النفس البشرية بين سلطتين 
مختلفتين» وبين اتجاهين مختلفين» وبين منهجين مختلفين.. 
وحينئذ تفسد الحياة البشرية ذلك الفساد الذي تشير إليه آيات 
القرآن في مناسبات شتى: ( لَوْكَنَ فيما هَل أَه هَسَنَكَا ) 


ص هدس سل وح را ا سر 


إسورة الأنبياء :7 ؟] ٠‏ | لوا تبع الحق أهواء مَهُمْ لَفَسَدَتٍ السَّمْوتٌ 


ره عَبرِ و سسا 


والارض ومن فيهرك 1 إسورة المؤمنون:١"]‏ . 


)١(‏ المصدر السابق ؟/510. 
مت 








حكم بغير ما أنزل الله معناه الشر والفساد والخروج في النهاية 
عن نطاق الإيمان بنص القرآن " .)١(‏ 

؟ - القضاء ' إنسانية ' الانسان ومقومات الحياة 
الكريمة: 

يقول سيد: " إن تكاليف العبودية للطواغيت فاحشة - مهما 

لاح فيها من السلامة والأمن والطمأنينة على الحياة والمقام 
والرزق! - إنها تكاليف بطيئة طويلة مديدة! تكاليف في إنسانية 
الإنسان ذاته فهذه " الإنسانية " لا توجد» والإنسان عبد للإنسان 
- وأي عبودية شر من خضوع الإنسان لما يشرعه له إنسان؟! 
وتعلق قلب إنسان بإرادة إنسان أخر به» ورضاه أو غضبه 
عليه؟!.. وأي عبودية شر من أن تتعلق مصائر إنسان بهوى 
إنسان مثله ورغباته وشهواته؟! وأي عبودية شر من أن يكون 
للإنسان خطام أو لجام يقوده منه كيفما شاء إنسان؟! 


1 في ظلال القرآن‎ )١( 
3 





سبح قطي ومنعجه في العفيدة /و6 





علماً أن الأمر لا يقف عند حد هذه المعاني الرفيعة.. إنه 
يهبط ويهبط حتى يكلف الناس - في حكم الطواغيت - أموالهم 
التي لا يحميها شرع... ويكلفهم أولادهم إذ ينشئهم الطاغوت كما 
شاء على ما شاء من التصورات والأفكار والأخلاق والعادات... 
ثم يكلفهم أعراضهم في النهاية.. حيث لا يملك أب أن يمنع 
فتاته من الدعارة التي يريدها بها الطواغيت؛ سواء في صورة 
الغصب المباشر - أو في صورة تنشئتهن على تصورات 
ومفاهيم تجعلهن نهباً مباحاً للشهوات تحت أي شعار!... فالذي 
يتصور أنه ينجو بماله وعرضه وحياته وحياة أبنائه وبناته في 
حكم الطواغيت من دون الله. إنما يعيش في وهمء أو يفقد 
الإحساس بالواقع! " )١(‏ 


. بتصرف‎ ١71-1١175/7 المصدر السابق‎ )١( 
تق‎ 








*- التخلف والفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي: 

ربط سيد قطب - رحمه اله- بين الانحراف عن الحاكمية 
وبين ضعف المسلمين وتخلفهم في الجانب السياسي 
والاجتماعي والاقتصادي باعتبار أن الحاكمية - على شمول 
مفهومها - تنطلق أول ما تنطلق إلى الجانب السياسي والذي 
يقوم عليه بعد ذلك النظام الاقتصادي والاجتماعي» فالنظام في 
المجتمع الإسلامي نظام رباني قائم على العقيدة الإسلامية 
والشريعة المنبثقة منهاء وبالتالي فأثر العقيدة الإسلامية واضح 
في كل جزيئات النظام بما فيها السياسية الداخلية والخارجية؛ 
والاجتماع والاقتصاد وغيرها من النظم التي تحكم الحياة. 

ويقرر- رحمه الله " أنه لابد للإسلام أن يحكم؛» لأن غياب 
الحكم الإسلامي سبّب فساداً عريضاً في حياة المسلمين» وأدى 
إلى الانحطاط والتخلف والتيه في الجانب السياس ي 
والاقتصادي والاجتماعي على حدٍ سواء .)١(‏ 


)١(‏ ينظر : معركة الإسلام والرأسمالية ص 65-55 » والسلام العالمي في الإسلام 
ص ٠١١‏ », والإسلام ومشكلات الحضارة فصل تخبط واضطراب» وعقوبة 
الفطرة ص 5”. ١7‏ » والمستقبل لهذا الدين فصل الفصام النكد ص5 ؟. 58 » 
وخصائص التصور الإسلامي فصل تيه وركام ص 73١‏ » والصلة بين الحاكمية 
والعقيدة عند سيد قطب للوهيبي ص 55 ١‏ وما بعدها . 

مسف 








الفصل الثالسث 
منهجه ني الإيمان باليوم الآخر 
والمعاد 


وفيه أربعة مباحث: 
المبحث الأول: الإيمان باليوم الآخر وآثره. 
المبحث الثاني: مقدمات اليوم الآخر. 
المبحث الثالث: اليوم الآخر" يوم القيامة ". 
المبحث الرابع: الجنة والنار. 


334 





توطئة 


ترتبط حياة الخلق بأمرين هما: 
الأول: المبدأً: وهو إخراج الخلق من العدم إلى الوجود. 
الثاني: المعاد: وهو رجوعهم إلى الوجود بعد الفناء» أو إلى 
الحياة بعد الموت » والى هذين الأمرين يشير القرآن الكريم في 


ع د لسر ره م ءلءر نوما 


كثير من الآيات كقوله تعالى: [ قل مَلْ من سركي مَنِيبَدَوا للق ء 
نل كن يسبدؤا لقلق فيد تن أزقكرة ) [دسورة يسوقين:84] 
قوله سبحانه وتعالى: [كَا بَدَأَكُمْتمُوَدُوتَ 1 [سورة الأعراف 15] » 
وغيرهاء وكما أنه لا مجال لإنكار المبدأ بعد الوجود» فكذلك لا 
مجال لإنكار المعاد بعد الموت» لأن الذي قدر على البدء» قادر 
على الإعادة من باب أولى» كما قال سبحانه وتعالى: ( وهو 


عي للم داهم 2 


م مه 200 __- مر 00 لس اج ع اير ضح رما لل صر< 4م ١‏ 
لّْذِى ِبِدَوَا الخلق ثم يعِيدهء وهو أهورت عَلِنَ4ِ وله المثل الْأَعلْ في 


22 


هه 
ع 2< مزود صدسما 


لسَمُوتِ والارضٍ وهو الْعَرِيِرٌ َلْحَكِمٌ 1 [سورة الروم:7١]‏ » وقد 
وقع :التعبير غن النعاد في الككاب: والسبكة بعياراك متفحدة متها" 
' اليوم الآخر ' و" يوم القيامة " و" الساعة" و" البعث والنشور" 
وغيرهاء والإيمان بالمعاد وما يتعلق به من الموضوعات الهامة 
التي تناولها سيد - رحمه الله - بالشرح والبيان وخاصة في 


اللي 





كتاب " الظلال ' و " مشاهد القيامة في القرآن " ولو جمع 
كلامه حول الموضوع لكان في حد ذاته رسالة مستقلة أو أكثر 
00 

وسأعرض في هذا الفصل لأهم المسائل التي تناولها سيد 
قطب بنوع من الإيجازء وذلك من خلال المباحث الآتية: 


المبحث الأول 


الإيمان باليوم الآخر وأثره 
تحدث سيد قطب - رحمه الله - عن الإيمان باليوم الآخر 
في كل مناسبة ورد ذكره فيها في كتاب الله تعالى؛ مبيناً حكم 
الإيمان باليوم الآخرء وأهميته في الحياة» وآثار الكفر به أيضاء 
ويمكن بيان ذلك بإيجاز في المطالب الاتية. 


)١(‏ جمع الشيخ / احمد فائز ما يتعلق باليوم الآخر من مسائل في ظلال القرآن في 
كتاب سماه ' اليوم الآخر في ظلال القرآن " وهو كتاب نفيس ٠‏ إلا أن مما يؤخذ 
على المؤلف أنه لم يعزو الأقوال إلى مواضعها في الظلال » الأمر الذي يصعب 
معه التمييز بين كلام سيد وكلام غيره . 

55١ 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


المطلب الأول 


معنى الإيمان باليوم الآخر وحكمه 

أولا: معنى الإيمان باليوم الآخر: الايمان باليوم الآخر يعني: 
التصديق باليوم الذي يرجع فيه العباد إلى الله وما يكون فيه من 
البعث والحساب والجزاء على الأعمال» والتصديق بما يقع في 
ذلك اليوم من الأمور العظام» وما يقع قبله من الموت والحياة 
البرزخية. 
ثانيا: حكم الإيمان باليوم الآخر: 

الإيمان باليوم الآخر وما فيه ركن من أركان الإيمان الستة 
التي يجب الإيمان بهاء وهو أحد عناصر الإيمان وأصول 
العقيدة في كل الديانات السماوية التي جاءت من عند الله» وقد 
دل على وجوب الإيمان باليوم الآخر الكتاب والسنة والإجماع. 
أما أدلة الكتاب فكثيرة جداً: منها قول الله تعالى: ( لَسَىَالينَ أن 
ولوأ وْجوهكُم وبل لْمَشَرِقٍ امب وَلككن لي من ءامن بأل ايو و ألآيزٍ 
وَالْمَلِِكةٍ والكتب وَالبَيَنَ 1 [سورة البقرة:707١]‏ . وقوله 


تعالى: (ومن يَكَفرٌ يله وم 


رم 


حَ 2 أ-ه فر مه م و2 
كد وَدنْبو- وَرُسِو- وَالِوْو الآلز دَقَدَ 


وردنا 





صج-ه 


صَلَّ صَكَلآ بَعِيدًا 1 ('). 

وأما السنة: فقد جعله النبي يي من أركان الإيمان» كما جاء في 
حديث جبريل المشهور قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: " أن 
تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر» وتؤمن بالقدر 


خيره وشره» قال: صدقت " (5) 
وأما الإجماع: فقد اجمع المسلمون على وجوب الإيمان باليوم 
الآخر وكفر من أنكره ("). 

وقد تحدث سيد - رحمه الله - كثيراً عن وجوب الإيمان 
باليوم الآخر وكفر من أنكره ومن ذلك: 
* قوله حرحمه الله-: " والاعتقاد بيوم الدين كلية من كليات 
العقيدة الإسلامية '(5)؛ " وأحد عناصر وأركان الإيمان التي 
يجب أن يؤمن بها الذين امنوا "(0). 

* ويقول أيضاً: " والإيمان باليوم الآخر هو أحد مقتضيات 


)١(‏ سورة النساء : الآية ١5‏ وينظر الآيات : البقرة ؟5 آل عمران ١١54‏ النساء 
المائدة 59. 
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان /١‏ 55» برقم / 
() ينظر : مراتب الإجماع لابن حزم » دار أبن حزم بيروت - ط١‏ عام 5195١ه‏ 
»ص 73١1١‏ » وموسوعة الإجماع لسعدي أبو حبيب 1١51/١‏ . 
(؟) في ظلال القرآن .754/١:‏ 
(©) في ظلال القرآن 359/١‏ ؟/لالالا-م/الا. 
١‏ 








الإيمان بالله وفق التصور الإسلامي.. فاليوم الآخر والجزاء فيه 
حتمية من حتميات الإيمان وفق التصور الإسلامي... حيث 


ذكره الله تعالى في سياق أركان الإيمان في قوله تعالى: [ءَامَنَ 


ا و ذه 2 و وو و _ 00 - رر 
الرسولٌ يمآ أَنْزِلٌ إِليْهِ من ريد والْمؤّصوت كل ءامن يالله وملتيكدء وكليوء 


أ و د سوسم وس سن ايدو جك و وار 


وَرُسُلوء لَاتْفرَقُ بي أحَلٍ من مسرو ولوأ سَوِعْمًا وَأطعنا عُفْرائلك 
رََاوَإِلكَأَلْمَصِيرٌ 1 [سورة البقرة:185] . فذكرت الاية حقيقة 
الإيمان الشامل الذي جاء به هذا الدين والذي يشمل الإيمان 
بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ('). 
*ويقول أيضا: " وقضية البعث والحساب والجزاء في الدار 
الآخرة من قضايا العقيدة الأساسية التي جاء بها الإسلام» والتي 
يقوم عليه بناء هذه العقيدة بعد قضية وحدانية الألوهية» والتي لا 
يقوم هذا الدين - عقيدة وتصوراً» وخلقاً وسلوكاً» وشريعة 
ونظاماً» إلا عليها و بها.. (') " فالإيمان باليوم الآخر شطر 
الاساق *00). 

كما يقرر سيد - رحمه الله - أن الإيمان باليوم الآخر أحد 
أصول العقيدة التي جاء بها رسل الله جميعا حيث يشير رحمه 
)١(‏ في ظلال القرآن : ”44-1940/١‏ بتصرف . 
)١(‏ المصدر السابق: ٠١54/7‏ وينظر أيضا ٠١57/5‏ . 


2( المصدر السابق: /. ا 
550 








الله في ظلال قصة يوسف إلى أن الإيمان بالآخرة كان عنصرآأ 
من عناصر العقيدة على لسان الرسل جميعا منذ فجر البشرية 
الأول 1 0 





بين سيد قطب - رحمه الله - أن عقيدة الإيمان باليوم 
الآخر من الأصول التي جاء بها كل نبي من أنبياء الله ولكن 
البشر عندما ينحرفون عن الدين الحق تغيب هذه الحقيقة عنهم 
أو تصبح مشوهة. 
#وأورة كيه حافضة في كقابه "#مشنافة القرامنة فتن القرانا 
بعنوان ': العالم الآخر في الضمير البشري '» تحدث فيه عن 
عقيدة الإيمان باليوم الآخر عند الأمم والشعوب في التاريخ 
البشري» وكيف انحرف الناس عنهاء فبعض الأمم والشعوب 
كانت تؤمن بالحياة بعد الموت» ولكن يشوب ذلك كثير من 
الشوائب لأنها قامت في ظل عقيدة وثنية كما كان الحال عند 
قدماء المصريين. 
* وبعض الشعوب لا نجد عندها إيمان باليوم الآخر ولا 
الحساب والجزاء؛ وإنما نجد عندها التناسخ والفناء في الروح 
الأعظم كما هو شان عقيدة ' النيرفانا " في الديانات الهندوكية 


.3198/8 51950/4 المصدر السابق:‎ )١( 
موقي‎ 








والبوذية. 
* أما أهل الكتاب فقد حرفوا دينهم فبعض فرق اليهود ك" 
الصدوقيين" ينكرون القيامة» وآخرون يؤمنون بها " كالفريسيين 
' ولكنه إيمان تشوبه كثير من الشوائب والانحرافات. 

و أما الأناجيل فقد أشارت إلى اليوم الآخر إشارات متفرقة؛ 
يشوبها ما شاب التوراة قبلها من تحريف لحقائق هذا اليوم 
العظيه(١).‏ 
* أما العرب فقد كانوا يزعمون أنهم على دين أبيهم إسماعيل 
وجدهم إبراهيم - عليهما السلام - ومع أن عقيدة الإيمان باليوم 
الآخر كانت أصيلة في دين جدهم إبراهيم - عليه السلام - 
وفي دين أبيهم إسماعيل - عليه السلام - أيضاًء إلا أنه كان 
قد طال عليهم الأمدء وبَعْدَ ما بينهم وبين أصول الإسلام الذي 
كان عليه إبراهيم واسماعيل - عليهما السلام - لقد اندثرت 
عقيدة الإيمان بالآخرة تماما من تصوراتهم» فكانت أغرب شيء 
عليهم وأبعده عن تصورهمء حتى لقد كانوا يعجبون ويُعَجِبُون 
من رسول الله - يِل - لأنه يحدثهم عن الحياة بعد الموت» وعن 
البعث والنشور والحساب والجزاء» كما حكى القرآن الكريم عنهم: 


. بتصرف‎ 4١-١7 مشاهد القيامة في القرآن - سيد قطب ص‎ )١( 
511 








١‏ وَمَالَالَدِينَ كَفَروأ هَلُْ ص ل عل رجل ٠‏ 2 بتك إِذا مشر هل ا 
لّى حَلْقٍ ربد (5) أفرئ عل أله كَزِيًا مي د 


هات ع صرح سل سا رص س سل صرءوس 


بالآجِرةِ ف الْعَدَابٍ وَألصَّلَ لالد 1 [سورة سبا:١-5]‏ » 


0. 


" لذا كانت حقيقة الآخرة من الحقائق العسيرة الإدراك عند 
مشركي العرب» ولقد لقيت منهم معارضه نفسية عميقة»؛ وكانوا 
يتلقونها بغاية العجب والدهش والاستغراب» وينكرونها أشد 
الإنكار ويتحدون الرسول كله في صور شتى أن يأتيهم بهذا 
اليوم الموعود»ء أو أن يقول لهم: متى يكون؟ ' ('). ' والعجيب 
في أمر المشركين أنهم كانوا يعتقدون بوجود الله وخلقه للكون 
أول مرة» ولكنهم مع هذا لم يعتقدوا بيوم الجزاء كما أخبر الله 
عنهم في مواضع متعددة من القرآن الكريم كقوله: [ولَّين 


- 
0 ع سس مسر لي مم5 سحيو هي 


سَأَلتهم مَنْ حَلَقَ السلواتٍ وَالْارْض لَيَفولنَ أله فل لْحَمَد ينه 1 [سورة 
لقمان:5؟] ثم يحكى عنهم في موضع آخر: ييه 


خوكت ‏ خب نزو قي بر ييز ذه -- 


لبو تنه نان الكيوة كداغ 2 عيك ١0‏ ذا وتنا بك زا لك 


رحوم م ور د ١‏ 
َجْهٌأ بعِيدٌ 1 [سورة ق:١-5]]‏ » (0). 


.31١508/79 : في ظلال القرآن‎ )١( 
. "595/5 المصدر السابق:‎ )١( 
. 75/١ : (")في ظلال القرآن‎ 
ففف‎ 








المطلب الثاني 


أهمية الإيمان باليوم الآخر وآثاره 
الإيمان باليوم الآخر هو أحد الأصول التي بعث بها الرسل 
جميعا والتي تشمل: إثبات التوحيد والنبوات والمعاد " .)١(‏ 
أولاً: أهمية الإيمان باليوم الآخر: 
بيّن سيد قطب- رحمه الله - أن أهمية الإيمان باليوم الآخر 
تظهر فيما يأتي: 
-١‏ أنه أحد أصول الإيمان والعقيدة التي جاء بها الرسل جميعاء 
وفتصترا وق تاضبن 'الفقيذة نمدة تح الزيون لل 0117 
؟- أنه كلية من كليات العقيدة الإسلامية وأحد مقتضيات 
الإيمان بالله التي يجب الإيمان بهاء بل هو شطر الإيمان 
الذي لآ يتم إلايه*(0). 
؟- أنه" مفرق الطريق في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة " 
0 


(١)ينظر‏ في ذلك : مجموع فتاوى ابن تيمية 15/١‏ و مدارج السالكين لابن القيم 
“0١‏ ولوامع الأنوار للسفاريني 554/7 وشرح العقيدة الطحاوية ص 5-5 » وإرشاد 
الثقات للشوكاني ص "؛ 5 وغيرها . 
)١(‏ في ظلال القرآن .1١98401570/5‏ 
(5) المصدر السابق 75/١‏ 9هد2 #لالالاء 36437 00/523:54لا؟. 
(5) المصدر السابق 4١ + 50/١‏ . 

ينف 








ثانياً: أثار الايمان باليوم الآخر: 
وأما أثار الإيمان باليوم الآخر فكثيرة جداً وقد ذكر سيد - 

رحمه الله - عدداً منها هي: 

-١‏ ' أن الاعتقاد باليوم الآخر ضروري لاكتمال الشعور بأن 
وراء الحياة حكمة» وأن الخير الذي تدعو إليه الرسالات هو 
غاية الحياة ومن ثم لابد من أن يلقي جزاءه؛ فإن لم يلقي في 
هذه الحياة الدنيا فجزاؤه مضمون في العالم الآخر» الذي تصل 
فيه الحياة البشرية إلى الكمال المقدر لهاء أما الذين يزيغون 
عن نهج الله وحكمته في الحياة فهؤلاء يرتكسون وينتكسون 
إلى درك العذاب» وفي هذا ضمان للفطرة السليمة ألا تنحرف 
فإن غلبتها شهوة أو استبد بها ضعف عادة تائبة ولم تلج في 
العصيان» ومن ثم تصلح هذه الأرض لحياة البشر وتمضي 
الحياة على سنتها في طريق الخير" ('). 

؟- أن الاعتقاد باليوم الآخر ليس طريقا للثشواب في الآخرة 
فحسب - كما يعتقد بعض الناس - إنما هو الحافز على 
الخير في الحياة الدنياء والحافز على إصلاحها ونمائها» على 
أن يراعى في هذه النماء أنه ليس هدفاً في ذاته؛ إنما هو 


.١854-١8557/4 المصدر السابق‎ )١( 
مرف‎ 








وسيلة لتحقيق حياة لائقة بالإنسان المكرم " )١(‏ " فالباعث 
على العمل الطيب» والخلق الطيب» هو الإيمان بالله واليوم 
الآخرء والتطلع إلى رضاء الله.. وجزاء الآخرة» فهو باعث 
رفيع لا ينتظر صاحبه جزاء من الناس» ولا يتلقاه ابتداءً من 
عرف الناس! فإذا لم يكن هناك إيمان بإله يبتغي وجهه؛ 
وتتحدد بواعث العمل بالرغبة في رضاه؛ وإذا لم يكن هناك 
اعتقاد بيوم آخر يتم فيه الجزاء.. اتجه هم الناس إلى نيل القيم 
الأرضية المستمدة من عرف الناس» وهذه لا ضابط لها في 
جيل واحد في رقعة واحدة» فضلاً عن أن يكون لها ضابط 
ثابت في كل زمان وفي كل مكان! فيكون التأرجح المستمر 
وتكون الصفات الذميمة في حياة البشر" ('). 

-٠‏ أن" الاعتقاد بالآخرة يؤدي دوره الأساسي في إفاضة السلام 
على روح المؤمن وعالمه؛ ونفي القلق والسخط والقنوط.. إن 
الحساب الختامي ليس في هذه الأرضء والجزاء الأوفى ليس 
في هذه العاجلة.. إن الحساب الختامي هناك؛ والعدالة 
المطلقة مضمونة في هذا الحساب» فلا ندم على الخير 
والجهاد في سبيله إذا لم يتحقق في الأرض أو لم يلق 

. بتصرف يسير‎ ١854 /5 المصدر السابق‎ )١( 


٠ بتصرف يسير‎ 57١ /7 في ظلال القرآن‎ )١( 
3 








جزاءه» ولا قلق على الأجر إذا لم يوفت في هذه العاجلة 
بمقاييس الناس» فسوف يوفاه بميزان الله» ولا قنوط من العدل 
إذا توزعت الحظوظ في الرحلة القصيرة على غير ما يريد 
فالعدل لا بد واقع؛ وما الله يريد ظلماً للعباد " .)١(‏ 

- أن الاعتقاد بالآخرة حاجز كذلك دون الصراع المجنون 
المحموم الذي تداس فيه القيم وتداس فيه الحرمات بلا تحرج 
ولا حياءء فهناك الآخرة فيها عطاءء وفيها غناءء وفيها 
عوض عما يفوت»؛ وهذا التصور من شأنه أن يفيض السلام 
على مجال السباق والمنافسة» وأن يخلع التجمل على 
حركات المتسابقين؛ وأن يخفف السعار الذي ينطلق من 
الشعور بأن الفرصة الوحيدة المتاحة هي فرصة هذا العمر 
القصير المحدود! ” ' فالإيمان باليوم الآخر هو الإيمان 
بالعدالة الإلهية المطلقة في الجزاء وبأن حياة الإنسان على 
هذه الأرض ليست سدى ولا فوضى بغير ميزان» وبأن الخير 
لا يعدم جزاءه» ولو بدأ أنه في هذه الأرض لا يلقى الجزاء " 
فهناك الجزاء عما يفوت " ('). 


. 34/١ المصدر السابق‎ )١( 
.784560205159 504 /١ المصدر السابق‎ )"( 
24١ 








' والإيمان بالآخرة هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات 
ويضمن القصد والاعتدال في الحياة» والذي لا يعتقد في الآخرة 
لا يملك أن يحرم نفسه شهوة أو يكبح فيها نزوة» وهو يظن أن 
الفرصة الوحيدة المتاحة له للمتاع هي فرصة الحياة على هذا 
الكوكب» وهي قصيرة مهما طالت» وما تكاد تتسع لشيء من 
مطالب النفوس وأمانيها التي لا تنال» ثم ما الذي يمسكه حين 
يملك إرضاء شهواته ونزواته» وتحقيق لذاته ورغباته» وهو لا 


يحسب حساب وقفته بين يدي الله» ولا يتوقع ثواباً ولا عقاباً يوم 
يقوم الأشهاد» ومن ثم يصبح كل تحقيق للشهوة واللذة مزيناً 
للنفس التي لا تؤمن بالآخرة تندفع إليه بلا معوق من تقوى أو 
حياء» والنفس مطبوعة على أن تحب ما يلذ لهاء وأن تجده حسناً 
جميلاً ما لم تهتدٍ بآيات الله ورسالته إلى الإيمان بعالم آخر باق 
بعد هذا العالم الفاني» فإذا هي تجد لذاتها في أعمال وأشواق 
أخرى» تصغر إلى جوارها لذائذ البطون والأجسام " ('). 


' فالإيمان بالدار الآخرة وحده هو الذي يرجح الكفة» ويعصم من 
فتنة العرض الأدنى القريب في هذه الدنيا.. فلا يصلح قلب ولا حياة 
ولا تستقيم نفس إلا به؛ والا فما الذي يعدل في النفس البشرية الرغبة 
الملحة في حيازة كل عرض يلوح لها من أعراض الأرض؟ وما الذي 


. 5771/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
حيس‎ 








يحجزها عن الطمع ويكفها عن البغي؟ وما الذي يهدئ فيها هياج 
الرغائب وسعار الشهوات وجنون المطامع؟ وما الذي يطمئنها في 
صراع الحياة الدنيا على النصيب الذي لا يضيع بفوات الحياة 
الدنيا؟ وما الذي يثبتها في المعركة بين الحق والباطل» وبين الخير 
والشرء وأعراض الأرض تفر من بين يديها وتنأى؟ والشر يتبجح 
والباطل يطغى؟ لا شيء يثبت على الغيّر والأحداث وتقلبات 
الأحوال في هذا الخضم الهائج؛ وفي هذه المعركة الكبرىء إلا اليقين 
بالآخرة م 

5- أن" اليقين بالآخرة هو الضمان ليقظة القلب البشري؛ 
وتطلعه إلى ما عند الله» واستعلائه على أوهاق الأرض» وترفعه 
على متاع الحياة الدنياء ومراقبة الله في السر والعلن وفي الدقيق 
والجليل» والوصول إلى درجة الإحسان التي سثل عنها رسول 
الله يله فقال: " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه 
فإنه يراك " (5): (). 

5- أن الإيمان بالآخرة نعمة وهبة وفسحة في التصور: " 
فالإيمان بالحياة الآخرة نعمة يفيضها الإيمان على القلب» نعمة 


. ١781/4 المصدر السابق‎ )١( 
. 705 (")سبق تخريجه ص‎ 
. في ظلال القرآن © /7854؟‎ )"( 
يحيةق‎ 








يهبها الله للفرد الفاني العاني» المحدود الأجل الواسع الأمل وما 
يغلق أحد على نفسه هذا المنفذ إلى الخلود» إلا وحقيقة الحياة فى 


روحه ناقصة أو مطموسة» فالإيمان بالآخرة - فوق أنه إيمان 
بعدل الله المطلقء» وجزائه الأوفى- هو ذاته دلالة على فيض 
النفس بالحيوية» وعلى امتلاءٍ بالحياة لا يقف عند حدود الأرض» 
إنما يتجاوزها إلى البقاء الطليق» الذي لا يعلم إلا الله مداه والى 
المرتقى السامي الذي يتجه صعداً إلى جوار الله " .)١(‏ 

' إن العقيدة في الآخرة فسحة في التصور» وسعة في النفس» 
وامتداد في الحياة ضروري في تكوين النفس البشرية ذاتهاء 
لتصلح أن تناط بها تلك الوظيفة الكبيرة» كذلك هي ضرورية 
لضبط النفس عن شهواتها الصغيرة ومطامعها المحدودة؛ 
ولفسحة مجال الحركة حتى لا تيئسها النتائج القريبة ولا تقعدها 
التضحيات الأليمة عن المضي في التبشير بالخير» وفعل الخير 
والقيادة إلى الخير» على الرغم من النتائج القريبة» والتضحيات 
الأليمة.. وهي صفات ومشاعر ضرورية كذلك للنهوض بتلك 
الوظيفة الكبيرة.. 

والاعتقاد في الآخرة مفرق طريق بين فسحة الرؤية والتصور 
في نفس " الإنسان " وضيق الرؤية واحتباسها في حدود الحس 


. 357/١ المصدر السابق‎ )١( 
7 44 








في إدراك " الحيوان "! وما يصلح إدراك الحيوان لقيادة البشرية؛ 
والقيام بأمانة الله في الخلافة الراشدة! " .)١(‏ 


- أن" الإيمان باليوم الآخر يغير من تصورات الإنسان 
ومن موازينه ومن حوافزه ومن أهدافه» ويربط الحاسة الأخلاقية 
في نفسه بمصيره كله؛ فيزيدها قوة وفاعلية» لأن هلاكه أو 
نجاته مرهونة بيقظة هذه الحاسة وتأثيرها في نيته وعمله. 

إن مسألة الإيمان بالآخرة مسألة أساسية في حياة البشرء 
إنها حاجة أكبر من حاجات الطعام والشراب والكساءء وإنها إما 
أن تكون فيكون" الإنسان ' وإما ألا تكون فهو حيوان من ذلك 
الحيزاة 250:1 

وذلك لان " التصديق بيوم الدين شطر الإيمان» وهو أثرذو 
حاسم في منهج الحياة شعوراً وسلوكاً» والميزان في يد المصدق 
بيوم الدين غير الميزان في يد المكذب بهذا اليوم أو المستريب 
فيه» ميزان الحياة والقيم والأعمال والأحداث.. المصدق بيوم 
الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض» 
ولحساب الآخرة لا لحساب الدنيا ويتقبل الأحداث خيرها وشرها 
وفي حسابه أنها مقدمات نتائجها هناك» فيضيف إليها النتائج 


. 7١/7” وأيضا‎ » ١508/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
. بتصرف » وينظر : 5057/7 01 1/5/5/ا1”‎ "4١١/5 المصدر السابق‎ )١( 
ع2‎ 








المرتقبة حين يزنها ويقوّمها.. والمكذب بيوم الدين يحسب كل 
شيء بحسب ما يقع له منه في هذه الحياة القصيرة المحدودة» 


ويتحرك وحدوده هي حدود هذة الأرطن وهكوة هذا العضزء وص 
ثم يتغير حسابه وتختلف نتائج موازينه» وينتهي إلى نتائج 
خاطئة فوق ما ينحصر في مساحة من المكان ومساحة من 
الزمان محدودة.. وهو بائس مسكين معذب قلق " .)١(‏ 

" فالكفر باليوم الآخر سبب للضلال وتنكب الطريق والخيلاء 
والبخل واختلال القيم والموازين " (5) 
* ومما سبق اختياره من النصوص يظهر لنا أهمية الإيمان 
باليوم الآخر وأثر في حياة البشرء في كونه ضروري لاكتمال 
الشعور بأن وراء الحياة حكمة؛ ومن كونه أيضاً حافزاً للعمل 
الصالح والخلق الطيبء ولأنه يفيض السلام على روح المؤمن 
وعالمه وينفى القلق والسخط والقنوط» ويحجز عن الصراع 
المحموم على الدنياء ويكبح الشهوات والنزوات» و يعصم من 
الفتن» ويغرس في القلب الاستعلاء على الدنيا ولذائذهاء» ويفسح 
في تصور الإنسان لنفسه ولما حوله» كما أنه يقيم التصورات 
والموازين الصحيحة للحياة " لذلك كله كان التوكيد شديداً على 


. بتصرف‎ 77٠١/5 المصدر السابق‎ )١( 
. 7057/5 المصدر السابق 55/5 ء ذلالا, 54/5 , ه5855‎ )"( 
1 








عقيدة الآخرة في دين الله كله.. ثم بلغت صورة الآخرة في هذا 
الدين الأخير غايتها من السعة والعمق والوضوح» حتى بات 
عالم الآخرة في حس الأمة المسلمة أثبت وأوضح وأعمق من 
عالم الدنيا الذي يعيشونه فعلاء وبهذا صلحت هذه الأمة لقيادة 
البشرية» تلك القيادة الراشدة التي وعاها التاريخ الإنساني! " (). 


. ١508/5 المصدر السابق‎ )١( 
لحل‎ 








المبحث الثاني 


مقدمات اليوم الآخر 
وفيه ثلاثة مطالب: 


المطلب الأول: الموت. 
المطلب الثاني: القبر والبرزخ. 


المطلب الثالث: أشراط الساعة. 


778 





المطلب الأول 


الموت ومقدماته 
الفرع الأول: التوية 

لسيد قطب - رحمه الله حوقفات كثيرة في ظلال الآيات التي 
ورد فيها ذكر التوبة وفي مواضع أخر في كتبة» ويمكن إيجاز 
ذلك في النقاط الآتية: 
أولاً: فكرة الإسلام عن الخطيئة: 

تحدث سيد - رحمه الله - كثيراً عن فكرة الإسلام عن 
الخطيئة والتوبة مبيناً: 

-١‏ أن الإسلام لا يقف عند حد الاعتراف في الفرد بضروراته 
وتنسيقها مع أشواقه» بل يعترف للفرد بدوافع الخطأ والخطيئة؛ 
فأما الخطأ والنسيان والإكراه فمعفي عنه: " رفع عن أمتي الخطأ 
والنسيان وما استكرهوا عليه " ('2» وأما الذنب والخطيئة فباب 
التوبة منهما مفتوح في كل لحظة.. فإذا انزلق الفرد إلى الخطيئة 


هه 


لم تقطع دونه السبل: (ِقُلْ يعِبَادِىَ الدنَ أَتَرَهُوا عَكَ نميه لا نَقْسَطوأ 


2» 37١568 روا ه : أبن ماجه بلفظ ' إن الله تجاوز عن أمتي .." 551/7 برقم‎ )١( 
وصحيح المشكاة برقم‎ » ١ وصححه الألباني في صحيح سنن أبن ماجه‎ 
. 5 


553”304 








ع 


رتد< سي 0 بيه - هه ور ده .وى م شه واس ءى كررصسر .ولا 2-120 ع موي بيو 3 
من رحمة الله إن الله يعفر الذنوب جميعا إِنَّهء هو الغمور الرْحِم 1 إسورة 
الزقر»87] +" إوبهذا الدين درك شعف هذا النخلوق الشري 


الذي تهبط به ثقلة الجسد أحياناً إلى درك الفاحشة وتهيج به فورة 
اللحم والدم فينزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة» وتدفعه نزواته 
وشهواته وأطماعه ورغباته إلى المخالفة عن أمر الله في حمى 
الاندفاع» يدرك ضعفه هذا فلا يقسو عليه ولا يبادر إلى طرده من 
رحمة الله حين يظلم نفسه؛ حين يرتكب الفاحشة.. المعصية 
الكبيرة.. فمادام أن شعلة الإيمان في قلبه لم تنطفئ» وما دام 
يعرف أنه عبد يخطئ وأن له رباً يغفر فما يزال بخير.. فليعثر ما 
شاء له ضعفه أن يعثر» فهو واصل في النهاية ما دام يذكر ربه 
ويستغفره ويقر بالعبودية له» إن الطفل الذي يخطئ ويعرف أن 
السوط - لا سواه - في الدار.. سيروح آبقاً شارداً لا يثوب إلى 
الدار أبداً» فأما إذا كان يعلم أن إلى جانب السوط يداً حانية 
تربت على ضعفه حين يعتذر من الذنب وتقبل عذره حين 
يستغفر من الخطيئة.. فإنه سيعود! 

وهكذا يأخذ الإسلام الإنسان الضعيف في لحظات ضعفه.. 
ويأخذ بيده ليصعد ما دام لا يصر على الخطيئة وهو يعلم أنها 
الخطيئة! قال الرسول ي: ' ما أصر من استغفر وإن عاد في 


و" 





اليوم سبعين مرة " )١(‏ والإسلام لا يدعو- بهذا- إلى الترخص 
ولك يمحن عات النافتك كنا تنو حال :"لوقي" انما شوييل 
عثرة الضعف ويستجيش في النفس الحياء من الله! فالمغفرة 
تخجل ولا تطمع» وهكذا يجمع الإسلام بين الهتاف للبشرية إلى 
الآفاق العلى» والرحمة بهذه البشرية التي يعلم طاقتهاء ويفتح 
ماما ياتا الجاع أبذ ا ويأخذ بيذها إل أقصنى طافت :0 

بل يذهب الإسلام مذهباً بعيداً حتى ليحسبه المرء عند النظرة 
السريعة يزين للناس الخطيئة ليتوبوا من الخطيئة! يقول 5: " كل 
بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون "(2). 

ويقول: " والذي نفسه بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم 
يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم(*) وهو لا يزين الخطيئة هناء 
ولكن بيسر التوبة» ويملئ نفوس الخاطئين بالرجاء» وينير لأرواحهم 


» 151١5 برقم‎ ١71/5 رواه : أبو داود في كتاب الصلاة باب الاستغفار‎ )١( 
برقم 7559 . وضعفه الألباني في ضعيف سنن‎ 57١/5 والترمذي في الدعوات‎ 
. ”947” الترمذي ص‎ 

. بتصرف‎ 411 -4175/١ في ظلال القرآن‎ )١( 

(1) رواه : الترمذي في صفة القيامة 519/4 برقم 7449 ٠»‏ وصحيح ابن ماجه 
برقم 475١‏ ء وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 505/١‏ . 

(؟) رواه : مسلم في التوبة باب سقوط الذنوب بالاستغفار 17/4" ابرقم 717544 »2 
وأحمد "١5/7‏ . 


١ 








الطريق» وهو في الوقت ذاته يفرض على ضمير الفرد الرقابة على 
نفسه ويحذره من الشهوات والفتن بأنواعهاء ويبين له عداوة 
الشيطان ومكائده والدعوة إلى اليقظة والحذر من دوافع الشر 
والخطيئة وعدم الاستسلام للإغواء " ('). 

-١‏ فردية الخطيئة وفردية التوبة: حيث يقرر الإسلام أن 
الخطيئة فردية» والتوبة فردية» في تصور واضح بسيط لا تعقيد فيه 
ولا غموضء ليست هنالك خطيئة مفروضة على الإنسان قبل 
مولده - كما تقول نظرية الكنيسة - وليست هناك تكفير لاهوتي» 
كالذي تقول الكنيسة من أن عيسى- عليه السلام - " ابن الله 
بزعمهم " قام بصلبه تخليصاً لبني آدم من خطيئة آدم!! كلا! 
خطيئة ادم كانت خطيئته الشخصية» والخلاص منها كان بالتوبة 
المباشرة في يسر وبساطة» وخطيئة كل ولد من أولاده خطيئة كذلك 
شخصية» والطريق مفتوح للتوبة في يسر وبساطة» تصور مريح 

يح» يحمل كل إنسان وزره» ويوحي إلى كل إنسان بالجهد 
والمحاولة وعدم اليأس والقنوط: ([ِإنَّ أنه ترات 2 071). 


. السلام العالمي والإسلام سيد قطب ص 48 - 07 بتصرف‎ )١( 
وينظر أيضا السلام‎ ١774/9 5/5ه/ا ء‎ ٠ 5١/١ في ظلال القرآن‎ )5( 
ه١” العالمي والإسلام ص‎ 


حي 








"-أن باب التوبة مفتوح في كل وقت لكل ذنب: " فمن رحمة 
الله أن جعل باب التوبة مفتوحا للإنسان في كل لحظة» فإذا 


نسي ثم تذكرء واذا عثر ثم نهضء واذا غوى ثم تاب» وجد 
الباب مفتوحاً له» وقبل الله توبته» وأقال عثرته» فإذا استقام على 
طريقه بدل الله سيئاته حسنات» وضاعف له ما شاءء ولم يجعل 
خطيئته الأولى لعنة مكتوبة عليه» فليست هنالك خطيئة أبدية 
ولا موروثة ولا تزر وازرة وزر أخرى " ('). 

' والله تواب في كل وقت على من يتوبء والله رحيم في كل 
وقت على من يؤوب» وهو - سبحانه - يصف نفسه بصفته - 
تواباً رحيماً - ويعد العائدين إليه قبول التوبة.. وباب الله مفتوحاً لا 
يغلق ووعده قائماً» فمن شاء لنفسه الخير فليدلف إلى الباب 
المفتوح.. الذي ليس عليه بواب يمنع ولا يحتاج إلى استتذان " (5). 

*أما شمول التوبة لكل الذنوب فيكفي فيها قول الله تعالى: ( 
قُلْ يَعِبَادِى ألدِينَ أَترَهوَا ع نمه لا نَقَمَطوأ ون يَحمَةِ أله إِنَّألَهيَخْفْرَ 


. 7775/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
؟إدهلاء‎ 2 474/١ 2 515١/١ وينظر أيضا‎ 595/١ في ظلال القرآن‎ )" (( 
. 3 اكد كزرحه.‎ 
يكلف‎ 








ف 


لدوب يما إِنَّه هو الْعمور الحم ) (') حيث تظهر رحمة الله 
الواسعة التي تسع كل معصية كائنة ما كانت '(2). 
' فباب التوبة دائماً مفتوح» يدخل منه كل من استيقظ 


ضميره» لا يصد عنه قاصدء ولا يغلق في وجه لاجئء أياً كان» 
وأياً ما ارتكب من الآثام» جاء رجل إلى النبي يي فقال: " أرأيت 
رجلاً عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة (') فهل له 
من توبة؟ فقال: كَخِ أسلمت؟ " فقال: نعم. قال: " فافعل الخيرات 
واترك السيئات» فيجعلها الله لك خيرات كلها ". قال: و غدراتي و 
فجراتي؟ قال: 'نعم '"» فما زال يكبر حتى توارى " (5). 

5 - التوبة تصلح ما فات وتقلب السيئات حسنات: وهذا من 
عظيم رحمة الله بعباده كما جاء في الحديث السابق " فيجعلها 
الله لك خيرات كلها " وقبل هذا قول الله تعالى: إِلَامَنَتَابَ 


عن اح حجر ار ل ا 00 مني 20 ل عر زمر كد 
وَدَاضَ وَعَيِلَ عملا صليحا فَأؤلهلك دل الله سَيْمَاتهمٌ حَسَمَتٍ 


. "١58/56 : المصدر السابق‎ )١( 
. "058/56 : المصدر السابق‎ )١( 
. ) (؟) يقصد بالحاجة ( الصغيرة ) » والداجه ( الكبيرة‎ 
وصححه الألباني في‎ ٠ 7١174 رواه : المنذري في الترغيب والترهيب برقم‎ )5( 
. 778/79 صحيح الترغيب والترهيب‎ 
0 








(') حيث يعد التائبين المؤمنين العاملين أن يبدل ما عملوه من 


سيئات قبل التوبة حسنات بعدها تضاف إلى حسناتهم الجديدة 
وهو فيض من عطاء الله لا مقابل له من عمل العبد إلا أنه 


الشرود والتيه: (ِوَكنَاَلَه حَمُورا تَحِيمًا 1" ("). 


مي ةي » مي 





حث الله تعالى عباده على التوبة النصوح فقال سبحانه: ( 


-ه اجو ١‏ تعن 
ع ود سس ولا سم سح ل ره 7 
جا ماه 


م س سار 5 بر بوره و آآك هه يح 4 سس 
لذت موأ نبوأ ل أله به نُصوحا عم ربكم أن يُكفر عدكم 
2و ع ماعو لور سم برج 


سي ع 1 للح حي قجس 7 
سَياتِح ويد غلحكم جنات تجْرى من نحتها الانهدر نوم لامخرى 


سر جر سا 


أده ألتَنَوَارَيقَ امنا تنه لوقع حت يتك الددية وبأنكني بترا 

ربكآ أيمَاوْرَا َف اك ككل نو ريد اورة 
التحريم:6] » فالتوبة النصوح هي: التي تنصح القلب وتخلصه»؛ 
ثم لا تغشه ولا تخدعه وتخلصه من رواسب المعاصي وعكارهاء 
وتحضه على العمل الصالح بعدهاء فهذه هي التوبة النصوح؛ 
التوبة التي تظل تذكر القلب بعدها وتنصحه فلا يعود إلى 


.7١ سورة الفرقان : الآية‎ )١( 
. 7519/5 في ظلال القرآن‎ )"( 
مف‎ 








الذنوب» وهي بهذا مرجوة لتكفير السيئات" .)١(‏ 
وقد أشار سيد قطب- رحمه الله - إلى قاعدة التوبة النصوح 
وشروطها في ظلال بعض الايات: ومن هذه الشروط: 
١‏ الندم. 
؟. الإقلاع عن المعصية. 
". إتباعها بعمل صالح يثبت جديتها. 
5. أن تكون في وقت القبول. 
حيث يقول سيد - رحمه الله -: " فالتوبة تبدأ بالندم والإقلاع 
عن المعصية» وتنتهي بالعمل الصالح الذي يثبت أن التوبة 
صحيحة وأنها جدية» وهو في الوقت ذاته ينشئ التعويض 
الإيجابي في النفس للإقلاع عن المعصية» فالمعصية عمل 
وحركة» يجب ملء فراغه بعمل مضاد وحركة» والا حنت النفس 
إلى الخطيئة بتأثير الفراغ الذي تحسه بعد الإقلاع؛ وهذه لمحة 
في منهج التربية القراني عجيبة تقوم على خبرة بالنفس الإنسانية 
عميقة» ومن أخبر من الخالق بما خلق؟ سبحانه وتعالى! " ('). 
ويقول: " وباب التوبة يظل مفتوحاً للكافر والعاصي حتى 
يغرغر» فإذا بلغت الروح الحلقوم فلا توبة ولا مغفرة» فقد ذهبت 
)١(‏ في ظلال القرآن : 7514/5 بتصرف يسير . 


ل المصدر السابق اليكل ِ 
لمحي 








3 لح سل ل سلسم 22 ور 
لذب يعملون السوة جهدلة ثم سوبوت من 


ص 
ا 
0 
م 
1١‏ 1 
اين 
5 
ىا 
0 


ويم 6ح ساح لم - 


ال مر ررك وَهُمَ كُمَدأوْكتيِكَ أَعْمَدَنَالكَمْ عَدَائًا ليما ) 
[سورة النساء:1١-18]‏ » يدل على أن الذين يرتكبون الذنوب 
ويتوبون إلى الله قبل أن يتبين لهم الموت وقبل أن يدخلوا في 
سكراته ويحسوا أنهم على عتباته» هم الذين تقبل توبتهم لأنها 
توبة ندم وانخلاع من الخطيئة ونية على العمل الصالح 
أما التوبة عند رؤية الموت فهي توبة المضطر الذي لجت 
به الغواية وأحاطت به الخطيئة» توبة الذي يتوب لأنه لم يعد 
لديه متسع لارتكاب الذنوب ولا فسحة لمقارفة الخطيئة؛ وهذه لا 
يقبلها الله لأنها لا تتشئ صلاحاً في القلب ولا صلاحاً في 
الحياة ولا تدل على تبدل في الطبع ولا تغير في الاتجاه " ('). 


. "90١/5: المصدر السابق‎ )١( 


. في ظلال القرآن : 7504-701/7 بتصرف‎ )١( 
70 








وضبرها ف الإستاة لا يدق الأبزات فى رجاه نعلي 
والخاطئات»ء ولا يطردهم من المجتمع إن أرادوا أن يتطهرواء بل 
يفسح لهم الطريق ويشجعهم على التوبة» ويبلغ من التشجيع أن 
يجعل الله قبول توبتهم - متى أخلصوا فيها - حقاً عليه سبحانه 
يكتبه على نفسه بقوله الكريم؛ وليس وراء هذا الفضل زيادة 
لمستزيد.. 

"إن التوبنة التي يقبلها الله؛ والتي تفضل فكتب على نفسه 
قبوليا هي التي 'تضبدن من التفين:فتدل على أده قد أنشتت 
نشأة أخرى؛ وقد هزها الندم من الأعماق ورجها رجاً شديداً حتى 
استفاقت فثابت وأنابت وهي في فسحة من العمر وبحبوحة من 
الأمل واستجدت رغبة حقيقية في التطهرء ونية حقيقية في 
سلوك طريق جديد " (). 

' ولذا لا يجوز تعيير التائبين بما كان منهم من ذنب تابوا 
عنه وتطهروا منه وأصلحوا حالهم بعده؛ بل ينبغي مساعدتهم 
على استئناف حياة طيبة نظيفة تنسيهم جريمتهم؛ لان تذكيرهم 
وتعييرهم يؤذي نفوسهم» وقد يحمل البعض منهم على الانتكاس 
والأزتكاءن والتجا ع فى القطيفة وكيمارة اشير هي النهيا 


. 505/7 في ظلال القرآن:‎ )١( 
لدي‎ 








والآخرة؛ والإفساد في الأرض وتلويث المجتمع والنقمة عليه " 
2 


الثانى,: حقيقة | 





يقول سيد قطب - رحمه الله -: ' تكثر الإشارة في القرآن 
لكريم إتى "ليقي الكياة والعوف؟» نهنا كسان قلي الإنشسان 
بشدة وعمق» ثم لأنهما الظاهرتان البارزتان المكررتان في كل 
ما يقع/علية حبق الإسنان#وللجهياة:والإماقة مخلوق أكدر :مننا 
يبدو لأول مرة " (5). 

فقوله تعالى: ( وَأَنَههْوَآَمَاتَ ولا 1 [سورة النجم:4 4] » يعني: 
انشأ الموت والحياة» كما قال في سورة أخرى: ( الَرِىحَقَّ اموت 
لوه 1 [سورة الملك:١]‏ » فكلاهما من خلق الله وهما أمران 
محزوقنان :ككل اشيرق بوفوههنا المنكون: ولقنهما خافيان كن 
الخفاء حين يحاول البشر أن يعرفوا طبيعتهما وسرهما الخافي 
على الأحياء. 

فنا الموت كوي الدواة؟ جا عويهبا حبق يجار الإشسان 
لفخلهما #وشكليها الذق زراة#كيف سبيت الحناة في الكائن' الحد ؟ 
ما هي؟ ومن أين جاءت؟ وكيف تلبست بهذا الكائن فكان؟ 
)١(‏ المصدر السابق: 500/١‏ . 


)0 ؟) المصدر السابق: 5095/8 . 
2 








وكيف سارت في طريقها الذي سارت فيه بهذا الكائن أو بهذه 
الكائنات الأحياء؟ وما الموت؟ وكيف كان.. قبل دبيب الحياة؛ 
وبعد مفارقتها للأحياء؟ إنه السر الخافي وراء الستر المسبل» بيد 
ايثه! " 0 


هذا الموت الذي ينتهي إليه كل حي» ما هو؟ وكيف يقع؟ 
وأ سلطان الله لا يقاوم؟ إنه قد :الله: ( عن مدَرتايتك الْمَوَتَ وما 


0 
وو دحوم + 


حَنيِسَسَبُوونَ 1 [سورة الواقعة:0١1]‏ » ومن ثم لا يفلت منه أحد» 
ولا يسبقه فيفوته أحد.. وهو حلقة في سلسلة النشأة التي لا بد 
كافك" 0 

إنه الموت نهاية كل حيء ولا يتفرد بالبقاء إلا الله: / إِنَكَ 


سس لود سس | سو عل و 


ميت وإنهم ميِنَونٍ 1 [إسورة الزمر: 6 ففي الموت يستوي كل 
البشر بما فيهم محمد رسول الله يَيْةِ فالموت ليس نهاية 
المطاف»ء إنما هو حلقة لها ما بعدها من حلقات النشأة المقدرة 
المدبرة» التي ليس شيء منها عبثاً ولا سدى" (). 

" إنه الموت الذي ينتهي إليه كل حيء والذي لا يدفعه عن 
نفسه ولا عن غيره حي» الموت الذي يفرق الأحبة» ويعخبي في 
)١(‏ في ظلال القرآن : 5515/5 75177 بتصرف . 
)١(‏ في ظلال القرآن : 5574/5 . 


(59) في ظلال القران : 5 بتصرف يسير . 
531 








طريقه لا يتوقف» ولا يتلفت» ولا يستجيب لصرخة ملهوف» ولا 
لحسرة مفارق» ولا لرغبة راغب ولا لخوف خائف! الموت الذي 


يصرع الجبابرة بنفس السهولة التي يصرع بها الأقزام» ويقهر بها 
المتسلطين كما يقهر المستضعفين سواء! الموت الذي لا حيلة 
للبشر فيه وهم مع هذا لا يتدبرون القوة القاهرة التي تجريه " 
0 

ويقرر القرآن أن لكل نفس كتاباً مؤجلاً إلى أجل مرسوم» ولن 
تموت نفس حتى تستوفي هذا الأجل المرسوم» فالخوف والهلع 
والحرص والتخلف لا تطيل أجلآً» والثبات والإقدام والوفاء لا 
اسيئر خندزا فدلا كناف الحكنة ولاكامييهت 0 الجبناء والأجل 
المكتوب لا ينقص منه يوم ولا يزيد! وبذلك ت تستقر حقيقة الأجل 
في النفس... ثم ينتقل بالنفس خطوة أخرى.. فإنه إذا كان العمر 
مكتوباً والأجل مرسوماً» فلتنظر نفس ما قدمت لغدء ولتنظر 
نفس ماذا تريد؟ أتريد أن تقعد عن تكاليف الإيمان وأن 
تحصرهما في هذه الدنيا؟ أم تريد أن تتطلع إلى أفق أعلى والى 
اهتمامات أرفع و حياة أكبر؟ وشتان بين حياة وحياة! وشتان 
بين اهتمام واهتمام! - مع اتحاد النتيجة بالقياس إلى العمر 
والأجل - فكلاهما يموت في موعده المضروب بأجله المكتوب» 


. 31/77/56 المصدر السابق:‎ )١( 
52١ 








( وَمَاكَانَ لِتَفْين أن تَمُوتَ إلا بإِذْنِ الله ككبًا مُقَجَلَاُ 1 [سورة آل 
عمران:5: ]١‏ » وبهذا يلمس القرآن مكمن الخوف من الموت 
في النفس البشرية لمسة موحية تطرد ذلك الخوف» عن طريق 
بيان الحقيقة الثابتة في شأن الموت وشأن الحياة وما بعد الحياة 
والموت من حكمة لله وتدبير ومن ابتلاء للعباد وجزاء " .)١(‏ 


"شرك قوت" ز مذوق: ساف نك تدرفة» فيه اذا علا 
الحياة» وبيده استرداد ما أعطى ذ في الموعد المضروب والأجل 
المرسوم سواء كان الناس في بيوتهم وبين أهلهم أو في ميادين 
الكفاح للرزق أو للعقيدة: | واه بي 3 الله يِمَاتَعَمَلُونَ بصي 
] [سورة آل عمران:57١]‏ » ("). 

" ولكن ليس معنى هذا أن لا يأخذ الإنسان حذره وحيطته؛ 
ويستعد للموت عدته» فالإنسان لا يعرف متى يحين أجله فيجب 
عليه أن يستيقظ» فالحياة إلى نهاية» والموت الذي يفر منه فإنه 
ملاقيبده: ١‏ قَلْإنَ َلْمَوََّألَرَى هرو هِنْه ونه مُلَقِيِحكُمْ 1 
اللدوزةالسيفة :10] وجا فق السديكا أن ال حاون حافال 
مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب» تطلبه الأرض بدَيْنء 


. 7١5 /7 وينظر أيضا‎ ٠ بتصرف‎ 447 /١ : في ظلال القرآن‎ )١( 
. 15ل‎ 0515595 555 /١ : في ظلال القرآن‎ )1( 
حل‎ 








فجاء يسعى» حتى إذا أعيا وأنهر دخل جحره فقالت له الأرض 
عنقه فمات 200 وهي صورة متحركة موحية عميقة الإيحاء 
0١‏ 





جاءت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة مبينة أن 
للموت سكرات وغمرات» وأن لحظة الاحتضار وخروج الروح من 
الجسد لحظة رهيبة مفزعة» وأن أحوال الناس تختلف عند 
الاحتضارء وقد أشار سيد - رحمه الله - في ظلال الآيات 
التي تتحدث عن سكرات الموت وغمراته إلى أحوال الناس عند 
الأحتضيار :وق ذلك: 
-١‏ في ظلال قوله تعالى ( وَبَدَتَ سَكَرَُ ألمت يللي مَك ما 
من تيدٌ 1 [سورة ق:1١]‏ . يقول: ' والموت أشد ما يحاول 
المخلوق البشري أن يروغ منه» أو يبعد شبحه عن خاطره؛ ولكن 
أنى له ذلك» والموت طالب لا يمل الطلبء ولا يبطئ الخطى» 


27 


)١(‏ رواه : الطبراني في الكبير » مطبعة الزهراء العراق ط١؟‏ عام ١5١085‏ هاء 
برقم 59377 ءوفي سنده معاذ الهذلي ٠»‏ قال العقيلي: لا يتابع على رفع 
حديثه » وفيه أيضاً عنعنة الحسن وهو مدلس . 
(1) ينظر في ظلال القرآن : 4/ 711/17 7554/5 بتصرف . 

تدسف 








ولا يخلف الميعاد»ء وذكر سكرة الموت كفيل برجفة تدب في 
الأوصال! وبينما المشهد معروض يسمع الإنسان: (دَلِكَ مَاكُتَ 
مه تيد ] وانه ليرجف لصداها وهو بعد في عالم الحياة! فكيف 
به حين تقال له وهو يعاني السكرات! وقد ثبت في الصحيح أن 
رسول اه عن وجهه 
ويقول: ' سبحان الله إن للموت ت " (0). يقولها وهو قد 
اختار الرفيق الأعلى واشتاق إلى لقاء الله» فكيف بمن عداه؟ 
ويلفت النظر في التعبير ذكر كلمة الحق ( وَجََتَ سَكْرهُ أَلْمَوَتِ 
لَقّ 1 وهي توحي بأن النفس البشرية ترى الحق كاملاً وهي في 
سكرات الموت» تراه بلا حجاب» وتدرك منه ما كانت تجهل وما 
كانت تجحدء ولكن بعد فوات الأوان حين لا تنفع رؤية» ولا 
يجدي إدراك» ولا تقبل توبة» ولا يحسب إيمان» وذلك الحق هو 
الذي كذبوا به فانتهوا إلى الأمر المريج! وحين يدركونه 
ويصدقون به لا يجدي شيئاً ولا يفيد! " ("). 
-١‏ ويعقب- سيد- على وصية يعقوب - عليه السلام - لأبنائه 
عند موقهديانها مشهد عظيم الدلالة قوي الإيحاءء» عميق 


. 5١55 برقم‎ 7١81/5 رواه : البخاري في الرقاق باب سكرات الموت‎ )١( 
. 2١7 /” في ظلال القرآن : 755/5 وينظر أيضا‎ )5( 
53335 








التأسي حيث لم تصرفه سكرات الموت وصراعاته» وساعة 
الاحتضار عن الاستيثاق من أينائه حول القضية الكبرى " 
العقيدة " مما يدل على أن سكرات الموت حق على كل إنسان 
1 )00 


ويتحدث عن لحظة الاحتضار بقوله: " ولحظة الموت.. 
ترجف لها الأوصال» وهي اللحظة التي تنهي كل جدال» و يقف 
فيها الحي بين نهاية طريق وبداية طريق» حيث لا يملك الرجوع 
ولا يملك النكوصء» ويصور القرآن موقف الاحتضار تصويراً 
موحياً» يرسم ظلال الموقف كله في لمسات سريعة ناطقة بكل 


له سر سم 


ما فيه» وبكل ما وراءه: ( فَوْكَا دا بَلعَتٍ العم (5) وَأنْرَ حبذ 
2 4 جر لي 2 - م م - . ل سس عو 
أغزوة (2) مق أب إلو مم ولك لا زد (2) مول إن هم 
عه ا د 22 ب سو ل و ا 2 5 الاقعة 
عير مديزين ((0) رحعوتها إن كم صَدِقِينَ 1 [سورة الواقعة:8- 80] 
ونحس الكرب والضيق من خلال قوله: ١‏ كَوْلَا إِدًا بلَعَّتِلَكُلْعُوم )» 
كما نكاد نبصر نظرة العجز وذهول اليأس في ملامح 
5 . .4 و <> مي 0 0 . ٠.‏ 
الحاضرين من خلال قوله: ( وَأنَسْمٌ حِيَذٍ تظرونَ]1 في هذه 


اللحظة» وقد فرغت الروح من أمر الدنياء وخلفت وراءها الأرض 


. بتصرف‎ ١١6/١ : المصدر السابق‎ )١( 
سق‎ 








وما فيهاء وهي تستقبل عالماً لا عهد لها به» ولا تملك من أمره 
شيئاً إلا ما ادخرت من عمل.. وهي ترى ولا تملك الحديث عما 
ترى» وقد انفصلت عمن حولها وما حولهاء الجسد هو الذي يراه 
الناظرون» وهم ينظرون ولا يرون ما يجري ولا يملكون من 
الأمو يتابن هذا “محلل الموقشة اذل الم ردقيه صو 
سبحانه وتعالى وهو حاضر في كل وقت " .)١(‏ 

' وهي صورة عميقة مؤثرة» حين تبلغ الروح الحلقوم» ويقف 
صاحبها على حافة العالم الآخرء ويقف الجميع مكتوفي الأيدي 
عاجزين؛ لا يملكون له شيئاً؛ ولا يدرون ما يجري حوله؛ ولا ما 
يجري في كيانه؛ ويخلص أمره كله لله» قبل أن يفارق هذه 
الحياة» ويرى هو طريقه المقبل» حين لا يملك أن يقول شيئاً عما 
يرى ولا أن يشير" ()» ' ويصور مشهد الاحتضار أيضا في 
موضع ثالث بقوله سبحانه وتعالى: (كلآ ذا بعت الاق (©)وَقيل من 
اق 00 وطنَأََهُ اناق )ولتت أَلَاقُ ساق 1 [سورة القيامة:الآيات 
]"١ -75‏ » فحين تبلغ الروح التراقي يكون النزع الأخير»ء 
وتكون السكرات المذهلة» ويكون الكرب الذي تزوغ منه الأبصار 
ويتلفت الحاضرون حول المحتضر يتلمسون حيلة أو وسيلة 
)١(‏ في ظلال القرآن : 5/ 74377-7954171١‏ بتصرف يسير . 


. "557/5 : المصدر السابق‎ )١( 
2 








لاستنقاذ الروح المكروب وتلوّى المكروب من السكرات والنزع» 
وبطلت كل حيلة» وعجزت كل وسيلة» وتبين الطريق الواحد: ( 


إِلَرَيْكَ يوْمِذٍ ألْمَسَاقُ 1 وهو مشهد يرسم حالة الاحتضارء ومعها 
الجزع والحيرة واللهفة ومواجهة الحقيقة القاسية المريرة» التي لا 
دافع لها ولا راد " .)١(‏ 
*- يقرر سيد - رحمه الله - أن الله تعالى أوكل إلى ملك 
الموت وأعوانه فيقبض أرواح العباد وسماهم رسلاً كما قال 
تعالى: (تَوََنَهُ ُسُنَاوَهُمَ امَو ! [سورة الأنعام:١1]‏ » وبين 
في ظلال الآيات التي تتحدث عن أحوال الناس لحظة 
الاحتضار وكيفية قبض الأرواح: 
أ- أما المؤمنون: فقد أخبر الله تعالى أن الملائكة تبشرهم 
بالجنة عند قبض أرواحهم بقوله: ( أن ونه الملتيكة طبن 
يلوت ملم عَليَك أدَخْلُوا الْجَنَّد يما كر تعْمَلُونَ 1 إسورة 
الأنعام:١1]‏ . 

'فمشهد احتضار المؤمنين الطيبين مشهد هين لين كريم و 
نفوسهم طيبة بلقاء الله» معافين من الكرب وعذاب الموت» تسلم 
عليهم الملائكة طمأنة لقلوبهم وترحيبا بقدومهم: [أَدَخَلُوا الْجَنَّهَ 


. في ظلال القرآن : 5/ 17177 بتصرف‎ )١( 
1 








مَاكُبْرْكَمَبوْنَ) تعجيلاً لهم بالبشرى وهم على أعتاب الآخرة؛ 
جزاء وفاقا بما كانوا يعملون " .)١(‏ 
ب- أما الكافرون والظالمون: فإن الملائكة تقبض أرواحهم في 


مشهد مفزع مكروب مرهوب يصوره قوله تعالى: ولو تركذ 
لقددمُوت ف عَمَر تاوت والمليكة بأرظوَا دهم أخرجرًا 
فكع يم مرو عَذَاب لون يمانت موود عل أله حي 
يمح عن َايَيِه- َتتَّكرُونَ 1 [سورة الأنعام الأية:17] ' (). 

إنها صورة الظالمين في غمرات الموت وسكراته - ولفظ 
غمرات يلقي ظله المكروب - والملائكة يبسطون إليهم أيديهم 
بالعذاب» وهم يطلبون أرواحهم للخروج! وهم يتابعونهم بالتأنيب.. 
عذاب مهين.. وتأنيب فاضح.. يضفي على المشهد ظلالاً 
مكروبه '(1)» وأعظم من ذلك ما صوره القرآن لمشهد احتضار 
الكقان في قولنه قالق: [و2 مَرْطاة يَتَوَقَ الرَنَ حكتواً 
لْمَلتكة يَضْروْت وُجُوهَهُمَ وََدْبرَهُم وَدُوفهْأْعَدَاب الْحَربِقٍ ] [سورة 


المائدة: ١؟]‏ » فالملائكة ت ذأ منهم أرواحهم في مشهد مهين 


. بتصرف يسير‎ >353/5 » 8١/5 : في ظلال القرآن‎ )١( 

(") في ظلال القرآن: 5١559/5 + ٠١55/7‏ بتصرف يسير . 

(1) المصدر السابق: 5١59/4 . ٠١45/7‏ بتصرف يسير . 
238 








يضيف المهانة والخزي إلى العذاب والموت - وهم يحتضرون 
- وفي نهاية حياتهم على الأرض ومستهل حياتهم الآخرى التي 
تفتتح بضرب الوجوه والأدبار لحظة الوفاة» والضيق والكرب 
والمخافة " .)١(‏ 


المطلب الثاني 


القبر والبرزخ 

القبر هو أول منازل الآخرة» والحياة التي يقضيها الإنسان 
في قبره إلى يوم القيامة تسمى حياة البرزخ وقد أشار سيد - 
رحمه الله - إلى ما يتعلق بالقبر والحياة البرزخية في مواضع 
متعددة يمكن إجمالها في النقاط الآتية: 
أولاً: مشروعية القبره - 

أشار سيد - رحمه الله - إلى مشروعية دفن الميت في 


طتلال قوكهاقفالى”: !سك اشغ إنا حك ف الأرض ريه كق 


-_ 


2 مسي 2 سرحت تر 
3 .- 


- ال لاي لا م وسثر سا اج ب صجول 
توارى سَوْءَةٌ أخيه قَالَ يويلية أعجرت أن أكون مِئْنَ هنذا الغاب 


؟ ينظر: في ظلال القرآن : 5١593 /4 ., 1575/9 + 3٠١55/7‏ بتصرف يسير» 
وينظر أيضا : ؟/ 54لا 2171/9/9 5515/5 2 3511/5 . 


58 








-9 


عر 


وى سَوْءَهَ أن فَأصْبَحَ من أَلنَدِونَ 1 (')؛ حيث بين أن هذا 
كان أول حادث عدواني متعمد» وأن الفاعل لم يكن يعرف 
طريقة دفن الجثث» وفي بعض الروايات أن الغراب قتل غراباً 


آخر» فجعل يحفر في الأرضء ثم واراه وأهال عليه التراب.. 
فقال القاتل قولته» وفعل مثلما رأى الغراب يفعل.. وظاهرأن 
القاتل لم يكن قد رأى من قبل ميتاً يدفن - وإلا لفعل " ("). 
وفي ظلال قوله تعالى: ( شال هقرم 4()» يقول سيد: ' 
فأمره في نهايته كأمره في بدايته» في يد الذي أخرجه إلى الحياة 
حين شاءء وأنهى حياته حين شاءء وجعل مثواه جوف الأرض» 
كرامَة لفتورعاية»ولم:يجدل السنة أن يتركف عتى'ظهرها الجوارخ 
والكواسرء وأودع فطرته الحرص على مواراة ميتة وقبره» فكان 


هذا ظرقاً هر تدبيره له وتقديره 0 20 


في ظلال القرآن : ؟/875, 41/17 بتصرف . 

5 سورة عبس : الآية .5١‏ 

دفي ظلال القرآن : 585١/6‏ »ء وينظر أيضا : ١06/9‏ 2 3789/4اء2 
الال ولا 

" سورة المؤمنون : الآية ١١٠١-99‏ . 


3 








أخبر الله سبحانه وتعالى أن الفترة التي يقضيها الناس بعد 


-ه 
2 
من جم 


موتهم إلى يوم القيامة تسمى بالبرزخ فقال سبحانه: ‏ حَوََإِدًا 
جا أحَدَهم لوت فال و أحغون (©الْمََأَعْمَلُ ملِحَافِمًا رَكْتُ 
01 8 سم رحا سلسم سرغل 1 سو 201 
كلا إِنَهَا كلِمَة هو قَايلها ومن ورايهم مَرَخْ لور تون 0 
الحياة لتدارك ما فات» وبيان أن ذلك لا ينفع في هذا الموقف» 
حيث جاء الرد بأنها كلمة لا مدلول لها ولا يلتفت إليها فقد 
قضى الأمر وأسدلت الأستار.. " من ورائهم برزخ إلى يوم 
يبعثون " فلا هم من أهل الدنيا ولا هم من أهل الآخرة» إنما هم 
٠. ٠‏ 5000 .2 1 5 
في ذلك البرزخ بين. بين» إلى يوم يبعثون " ('). 

' وهذه الحياة البرزخية التي يقضيها الإنسان بعد موته يعيش 
فيها إما منعماً أو معذباً» وقد أشار القرآن الكريم إلى عذاب 


القبر لمن كان له أهلا بقوله عن قوم نوح ١‏ وَقَالَ نه َل نذر على 


ذه 
7 ل سس 


رض من الْكفْرنَ دَيّارَا1 [سورة نوح:15١]‏ » يقول سيد - رحمه 


2 
5 
0 


الله: "- فبخطيئتهم وذنوبهم ومعصيتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً» 


(") في ظلال القرآن : /481-75” بتصرف يسير . 
ا" 








والتعقيب بالفاء مقصود هناء لأن إدخالهم النار موصول 


بإغراقهم» والفاصل الزمني القصير كأنه غير موجودء لأنه في 
موازين الله لا يحسب شيئاً.. وقد يكون هو عذاب القبر في الفترة 
الل ا 

وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ دن يُعوَمُوت عَكَِا عدوا وَحَِيا 
وَيَومَ َعم ألسَاعَهُ دلوا َال فرصو أَسَّدَ الْعَدَافِ 1 لس ورة 
غافر:1؟] » " يقول سيد - رحمه الله-: " والنص يلهم أن 
عرضهم على النار غدواً وعشياًء هو في الفترة من بعد الموت 
إلى قيام الساعة» وقد يكون هذا هو عذاب القبرء إذ أنه يقول 
بعد هذا: (وَيَومَ تَهُومُ لاه دلوا َال فرعو أَسَّدَآلْمَدَانٍِ ) 
للتعذيب برؤيتها وتوقع لذعها وحرها وهو عذاب شديد واما 
لمزاولتها فعلاً. فكثيراً ما يستعمل لفظ العرض للمس والمزاولة» 
وهذه أدهى.. ثم إذا كان يوم القيامة أدخلوا أشد العذاب! " (5). 


. 7715/5 : في ظلال القرآن‎ )١( 
. 5085/5 : في ظلال القرآن‎ )١( 
فخ‎ 








وأما في السنة فقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - 
من عذاب القن © واكور يل أن التتهية يت خهحال ومني ١‏ 
نا 
ثالثا: ما ينفع الميت بعد موته 

في ظلال قوله تعالى: | وَأ لَيَسَلِلَإِشَْنِإِلَا مَاسَع 1 [سورة 
النجم:1 ؟] ٠‏ يقول سيد - رحمه الله -: " فما يحسب للإنسان 
إلا كسبه وسعيه وعمله؛ لا يزاد عليه شيء من عمل غيره؛ ولا 


ينقص منه شيء ليناله غيره وهذه الحياة الدنيا هي الفرصة 
المعطاة له ليعمل ويسعىء فإذا مات ذهبت الفرصة وانقطع 
العمل؛ إلا ما نص عليه حديث رسول الله يك في قوله: ' إذا 
مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو 
له» أو صدقة جارية من بعده؛ أو علم ينتفع به " (5)» وهذه 


)١(‏ رواه : البخاري في الصلاة باب قبل السلام 587/١‏ برقم 7298 » ومسلم في 
المساجد باب ما يستعاذ منه 555/١‏ .5552 برقم 58/8, .55١‏ 
)١(‏ رواه : الترمذي في فضائل الجهاد ١١١/5‏ برقم ١577‏ وابن ماجه في الجهاد 
7" برقم 717345 » وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 50/١‏ 7؟. 
(") في ظلال القرآن : 8951/5 77817 . 
(؟) رواه : مسلم في الوصية باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته ٠١١5/7‏ 
برقم 112١‏ ء والترمذي في الأحكام 70/7 ابرقم 17/5؟١.‏ 

افيف 








ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي - رحمه الله - ومن 
اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى» لأنه ليس من 
عملهم ولا كسبهم» ولهذا لم يندب إليه رسول الله يَلِةِ أمته؛ ولا 
حثهم عليه؛ ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء» ولم ينقل ذلك عن 
أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - ولو كان خيراً لسبقونا 
إليه» وباب القربات يقتصر فيه على النصوصء ولا يتصرف فيه 
بأنواع الأقيسة والآراء» فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على 
وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما " )١(‏ ("). 


المطلب الثالث 


أشراط الساعة 


الفرع الأول: تعريف أشراط الساعة 
ال " أشراط ': بفتح الهمزة» جمع شَرَط " بفتحتين " كقلم وأقلام؛ 
بمعنىالعلتماك» وقيل القترط الردى هن كل شيع :(0. 


.”7545/1 تفسير ابن كثير‎ )١( 
. 54١5/5 : في ظلال القرآن‎ )١( 
وفتح الباري‎ » ١١/5 لسان العرب : 50-771/197” » ومعاني القرآن للزجاج‎ )١( 


:ا 








و" الساعة " في اللغة هي: الجزء من الزمن وتسمى ساعة 


زمنية:؛ ومنه قوله تعالى: !لَايََلوُودسَعَهٌ ) [سورة 


الأعراف:4؟] " وفي عرف أهل الميقات جزء من أربعة 
وعشرين جزءاً من اليوم والليلة"(0). 

أما الساعة الشرعية: فالمراد بها يوم القيامة» وتأتي في 
القرآن معرفة بأل العهد بخلاف الساعة الزمانية» وقد جمع الله 
بين الساعة الزمانية والشرعية في قوله تعالى: [ِوَيَوْمَ تَقُوم ألسّاعَةُ 
فس الْمَجَرِمُوْبَ ما بَتُوأ ير مََاعَةٍ ) [سورة الروم:565] » وسمي 
يوم القيامة " الساعة " لأنها كلمح البصرء ولم يكن في كلام 
العرب في المدد أقصر من الساعة:» وقيل لأنها خفية» أو 
لوقوعها بغتة» أو لسرعة الحساب فيها" (). 

والبعض يرى أن هناك فرق بين الساعة والقيامة» فالساعة 
هي الوقت الذي يموت فيه الأحياء في هذا العالم ويضطرب 
نظامه ويخربء والقيامة_هي البعث والحشر وما يكون فيه من 
حساب وما يتلوه» فالساعة هي المبدأ والقيامة هي الغاية (). 





. 584/١١ : فتح الباري‎ )١( 

.١77” وهدي الساري ص‎ 584/1١١ +177١/١ : فتح الباري‎ )١( 

. تفسير المنار : لمحمد سيد رضا 4-47/9 5 بتصرف‎ )١( 
تيسق‎ 








والمقصود ب " أشراط الساعة ": هي العلامات التي يعقبها قيام 
الساعة "011 


الفرع الثاني: الإيمان بقيام الساعة: 

جاء في القران الكريم والسنة الشريفة الإخبار عن قيام 
الساعة» وأنه أعظم حدث يحصل في الكون» وبه تنتهي الحياة 
الدنياء والآيات والأحاديث الواردة في ذلك أكثر من أن تحصر. 
وأحداث قيام الساعة وأهوالها عظام جسام لا يعلم مداها إلا 
الله وقد أخبر الله تعالى وأخبر رسوله يَنِةِ عنهاء موعظة للناس 
وتذكيراً لهم ليعدوا عدتهم من الإيمان والعمل الصالح. 

والإيمان بقيام الساعة يشتمل على مسائل عديدة» تحدث 
عنها سيد قطب ويمكن بيانها فيما يأتي: - 
أولاً: علم وقت قيام الساعة: 

جاءت الأدلة في الكتاب والسنة على أن الله- سبحانه 
وتعالى - استأثر بعلم وقت قيام الساعة» فلا يعلم أحد متى 
الساعة إلا الله تعالى وحده؛ قال سبحانه: [يسسَلْكَ ألنَاسُ عن 
لَاعةِ هل تا مها م دََّهِ ادك لَمَلَّأليَاعَةَ كن قرا ) 


[سورة الأحزاب:17] . 


. 79/1١١: فتح الباري‎ )١( 
ا"‎ 








وقال سبحانه: ( يِحَلُويكَ عن لمع ل مْسَهَامُل اومان 


ع 


حدر رس بن س02 سرت سم به م 3ك م 7 
0 إلا هو نَقلَتَ في سمو وَالْارْضٍ لا تأي؟: إِلَا بعد 


سَحَُوئَكَ كَأنَكَ حَوعٌ عَنْها كلتما علْمْهَ عند أله وَلكنَأَكْدَرٌ َال 
يَعُلَمُونَ 1 [سورة الأعراف:817١]‏ » وغيرها من الآيات»ء يقول سيد 
حرحمه الله-: " والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه» ولم 
يشأ أن يطلع عليه أحداً من خلقه جميعاً» بما فيهم الرسل 
والملائكة المقربون» وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام أن 
جبريل - عليه السلام - قال: للنبي ين... فأخبرني عن الساعة؛ 
قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل الخ» ثم قال رسول الله 
فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم " .)١(‏ 

فالمسئول رسول الله و والسائل جبريل -عليه السلام - 
كلاهما لا يعلم علم الساعة " قل إنما علمها عند الله "على وجه 
الاختصاص والتفرد من دون غناة (ننيا 10 

وابله تتحاته قد خوق النتاعة نعيق ا( معلفية مدو 49 انفقا دن : الث 
به» فلم يطلع عليه أحدا من خلقه " 9 


. 705 سبق تخريجه ص‎ )١( 

. في ظلال القرآن : 7887/5 بتصرف يسير‎ )١( 

(5) المصدر السابق : "/ ١408‏ . 77948/56374094 بتصرف » وينظر أيضا 
وف ا ل تي ل الت في نا 


عسل 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


واذا ثبت أن علم وقت قيام الساعة مما استأثر الله تعالى به 
فإن الانشغال بتحديد عمر الدنيا بطريقة ما من الطرق يعد 
خوضا فيما ليس للإنسان به علمء لأنه إذا حدد عمر الدنيا فقد 
حدد وقت قيام الساعة وهذا مستحيل لما سبق من الأدلة " .)١(‏ 
ثانياً: الحكمة من إخفاء وقت الساعة غيباً: 





أشار سيد - رحمه الله - في عدة مواضع إلى بعض الحكم 
كق :كوم المائفة بغويا». عوك يفول" ناما الساعة فهي الوعد 
المرتقب للجزاء الكامل العادل» الذي تتوجه إليه النفوس فتحسب 
حسابه» وتسير في الطريق وهي تراقب وتحاسب وتخشى 
الانزلاق» والله سبحانه يؤكد مجيئها " إن الساعة آتية " وأنه يكاد 
يخفيهاء فعلم الناس بها قليل لا يتجاوز ما يطلعهم عليه من 
أمرها بقدر ما يحقق حكمته من معرفتهم ومن جهلهم؛ والمجهول 
عنصر أساسي في حياة البشر وفي تكوينهم النفسي فلا بد من 
مجهول في حياتهم يتطلعون إليه» ولو كان كل شيء مكشوفاً 
لهم وهم بهذه الفطرة لوقف نشاطهم وأسنت حياتهم؛ فوراء 
المجهول يجرونء فيحذرون ويأملون» ويجربون ويتعلمون؛ 
ويكشفون المخبوء من طاقاتهم وطاقات الكون من حولهم» 


» 5١5/4 ينظر : رد العلماء على من يشتغل بتحديد عمر الدنيا : فتح الباري‎ )١( 
: تفسير المنار لاحي‎ » "501-0١ 
"1 








وتعليق قلوبهم ومشاعرهم بالساعة المجهولة الموعد» يحفظهم 
من الشرود» فهم لا يدرون متى تأتي الساعة» فهم من موعدها 
على حذر دائم وعلى استعداد دائم» ذلك لمن صحت فطرته 
واستقام» فأما من فسدت فطرته واتبع هواه فيغفل ويجهل» فيسقط 
ومصيره إلى الردى " .)١(‏ 

ويقول ' وانه لمن رحمة الله بالناس أن يجهلوا ما وراء 
اللحظة الحاضرة ليؤملوا ويعملوا وينتجوا وينشئواء والساعة من 
هذا الغيب المستور» ولو علم الناس موعدها لتوقفت عجلة 
الحياة» أو اختلت» ولما سارت الحياة وفق الخط الذي رسمته لها 
القدرة "('). 

' قدر الله هذا لحكمة يعلمهاء نلمح طرفاً منهاء في ترك 
الناس على حذر من أمرهاء وفي توقع دائم لهاء وفي استعداد 
مستمر لفجأتهاء ذلك لمن أراد الله له الخير وأودع قلبه التقوى 
دون الغافلين"0). 
ثالثاً: قرب قيام الساعة: 


. 7571/54 في ظلال القرآن‎ )١( 

(") المصدر السابق 5١75/4‏ 

(1) المصدر السابق 5887/5 وينظر 7794/5 . 
3 








أشارت بعض الآيات والأحاديث إلى قرب قيام الساعة وهذا 


يعني أن ما بقى من عمر الدنيا أقل مما مضى منه؛ والقرب 
والبعد من الأمور النسبية. (") 

وقد ذكر سيد - رحمه الله - في ظلال قوله تعالى إِإِنّ هو 
إلا دأ هم بينَيدَىَ عَدَابٍِ سَّدِيدٍ 1 [سورة سبأ:47] » تصوير 
القران الكريم لقرب الساعة التي توشك أن تقع؛ وهو تصوير 
فوق أنه صادق - بارع موح مثير - ثم أورد حديث النبيكة 
وفيه: أنه يد خرج يوماً فنادى ثلاث مرات ' أيها الناس أتدرون 
ما مثلي ومثلكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم» قال ي: " إنما مثلي 
ومثلكم مثل قوم خافوا عدواً يأتيهم فبعثوا رجلاً يتراءى لهم 
فينما هو كذلك أبصر العدوء فاقبل لينذرهم وخشي أن يدركه 
العدو قبل أن ينذر قومه؛ فأهوى بثوبه» أيها الناس أتيتم» أيها 
الناس أتيتم» أيها الناس أتيتم " ("). 


وقال يَِ: " بعثت أنا والساعة جميعاً أن كادت لتسبقني '(), (5). 


5٠١/9 تفسير المنار‎ )١( 
رواه : أحمد 58/5" » قال الأرناؤوط صحيح لغيره » انظرمسند أحمد بتحقيق‎ )1( 
. 779154 الأرناؤوط 707/98 برقم‎ 
. 717/98 رواه : أحمد 4/8/5" وحسنه الأرناؤوط » المصدر السابق‎ )١( 
7915/5 (؟) في ظلال القرآن‎ 
ا‎ 








*وفي ظلال قوله تعالى: 4ل زوه إل ألقاعة أن كادي : 1 


سم 


فَفَلٌ جك أ شَرَاطها َأ طم دا ةجهم رهم 11 يشو فيد - رحمه 
الله -: " هل ينظرون إلا الساعة؟ " فقد جاء أشراطها " ووجدت 
علاماتهاء والرسالة الأخيرة أضخم هذه العلامات؛ فهي إيذان 
بأنها النذارة الأخيرة قرب الأجل المضروبء وقد قال رسول الله 
6: " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والتي 
تأنه" ا وإذا كان الزمن يلوح ممتداً منذ هذه الرسالة الأخيرة؛ 
فإن أيام الله غير أيامناء ولكنها في حساب الله قد جاءت 
الأشراط الأولى» وما عاد لعاقل أن يغفل حتى تأخذه الساعة 
بغتة حيث لا يملك صحواً ولا ذكرا'("). 

*وفي ظلال قوله تعالى: (أمرَيتِ السَاعَهُ انق الْقمَدُ ) 
[سورة القمر: ]١‏ » يقول سيد - رحمه الله -: " مطلع باهر مثيرء 
على حادث كوني كبير»ء وارهاص بحادث أكبرء لا يقاس إليه 
ذلك الحدث الكوني... فيا له من إرهاص! ويا له من خبر» ولقد 


7915/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
رواه : البخاري في الرقاق باب قول - 4 - بعثت أنا والساعة كهاتين‎ )1( 
ومسلم في الفتن باب قرب الساعة 5/ 95 برقم‎ » ”١4٠0- 7١18 برقم‎ 65 
. ١ 
. 5595/5 في ظلال القرآن‎ )"( 

58١ 








أوا الحدث الأول فلم يبق إلا أن ينتظروا الحدث الأكبر. وبعد 
أن أورد روايات عدة حول انشقاق القمر يقول: " ونكتفي بإشارة 
القران الكريم إليه مع الإشارة إلى اقتراب الساعة باعتبار هذه 
الإشارة» لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب " .)١(‏ 


*ويقول سيد - رحمه الله -: " فاقتراب الوعد بمعنى اقتراب 


وح ساسا 


الساعة قد وقع منذ زمن الرسول يله فجاء في القرآن: (أقترتِ 
ألسَّاعَةُ وَأنمَقَ آلَْمَرُ 1 والزمان في الحساب الإلهي غيره في 
حساب البشرء فقد تمر بين اقتراب الساعة ووقوعها ملايين 
السنين أو القرون» يراها البشر طويلة مديدة؛ وهي عند الله 
وعظية تقوو الثار 


. في ظلال القرآن 5476/5 3471754717 3478 ء بتصرف يسير‎ )١( 
. 7598 :559315/4 المصدر السابق‎ )"( 
دق‎ 








ابعاً: استبعاد المشركين لقيام الساعة وسببه: 

أشار القران الكريم في عدة آيات إلى استبعاد المشركين لقيام 
الساعة وشكهم فيهاء لذا راحوا يسألون الرسول كد عنها 
ويسخرون من حديثه عن الساعة» وقد بين سيد - رحمه الله - 
في ظلال بعض الآيات أسباب إنكار المشركين لقيام الساعة 
ومن خذه الأسباب: 

-١‏ اندثار عقيدة الإيمان وما فيها من حساب وجزاء عند 
المشركين مع أنها عقيدة أصيلة في دين إبراهيم واسماعيل - 
عليهما السلام- بسبب طول الأمدء وبعد ما بينهم وبين أصول 
الإسلام الذي كان عليه إبراهيم واسماعيل - عليهما السلام-» حتى 
أصبحت غريبة في تصوراتهم؛ فكانوا يعجبون منها كما حكى الله 
عنهم في قوله: ( وَمَالَالَدِينَ كَفَروا 0 عل رجل ام 
طق مُمَرَق فك لتى حَأَقِ كريد ) [سورة سبأ:/١-5]‏ » 

؟5- قصر علمهم وعدم إدراكهم لحكمة الله وتقديره» فإنكار 
الذين كفروا للآخرة ناشئ من عدم إدراكهم لحكمة الله وتقديره؛ 
فحكمة الله لا تترك الناس سدىء» يحسن منهم من يحسن ويسيء 
منهم من يسيء» ثم لا يلقى المحسن جزاء إحسانه» ولا يلقى 


. بتصرف يسير‎ ١508/* في ظلال القرآن‎ )١( 
يي‎ 








المسيء جزاء إساءته؛ وقد أخبر الله على لسان رسله أنه 
يستبقي الجزاء كله أو بعضه للآخرة» فكل من يدرك حكمة الله 


في خلقه يدرك أن الآخرة ضرورية لتحقيق وعد الله وخبره.. 


ولكن الذين كفروا محجوبون عن تلك الحكمة؛ من ثم يقولون 
قولتهم هذه: ( وَمَالَالدِنَ كَفرُوأ لَاتَأَا َلسَاعَةٌُ 1 [سورة سبأ:*] . 
فيرد عليهم مؤكداً جازما: (قُلْ بل وَرقٍ تَأْبدَكُمْ 1 [سورة 
سبأ:؟] . 

؟- الكفر وما ينتج عنه من حجب على القلوب» فالذين لا 
محجوبون لا يدركون» بخلاف الذين آمنوا حيث نجدهم مشفقين 
يخافون الساعة» وينتظرونها بوجل وخشية» وهم يعرفون ما هي 
حين تكون .)١(‏ 

4- الكبر والغرور والبطر والاغترار بالنعم»؛ حيث أشارت 
الآيات القرآنية إلى أن من أسباب إنكار الآخرة واستبعاد قيام 
الساعة الكبر وعدم الإذعان للحق والجدال بالباطلء وكذا 
الاغترار بالنعمة» فغير المؤمن تستخفه النعمة فينسى الشكر؛ 


. 7505/5 بتصرف ء وينظر‎ 5١5١/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


وسشهد: أن :تقوم ابر 
الفرع الثالث: علامات وأشراط الساعة: 





علامات الساعة على قسمين: 
الأول: العلامات الصغرى: وهي التي تتقدم الساعة بأزمان بعيدة 
وتكون في أصلها معتادة الوقوع. 
الثاني: العلامات الكبرى: وهي التي تقارب قيام الساعة مقاربة 
وشيكة سريعة» وتكون في ذاتها غير معتادة الوقوع. (5) 
موقف سيد قطب من أشراط الساعة: 

أما موقف سيد - رحمه الله - من أشراط الساعة فبيانه كما 
أتي: 
أ- موقفه من أشراط الساعة إجمالاً: 
١-أما‏ أشراط الساعة الصغرى فلم يتعرض لها سيد- رحمه 
الله- تفصيلاً وإنما أشار إلى اثنين منها: 
الأول: بعثة الذ 


. 77719 29079 5.91/6 2 7717/5 ينظر ذلك : في ظلال القرآن‎ )١( 
- واليوم الآخر في ظلال القرآن - احمد فائز‎ 187 + ١7١/١ فتح الباري‎ )١( 
. ٠١7ص‎ ه١54١4 مؤسسة الرسالة » ط7/8 عام‎ 

ا 








الشاني: انشقاق القمر وقد سبق الحديث عنهما في الفرع 
السابق» حيث أشار سيد - رحمه الله - إلى أن بعثة النبي 46 
وكذا انشقاق القمر من علامات الساعة:» فذكر قوله يه " بعخت 
أنا والساعة كهاتين» وأشار بإصبعه السبابة والتي تليها " ('), 
وذكر أ انشقاق القمك هن اخترافل البتاعة 59 

؟ - أشراط الساعة الكبرى: أما أشراط الساعة الكبرى فقد 
تعالى: ( فَرتِب يَوْمَ كأق أَلسَمَآء يدُحَانٍ من 1 [سورة الدخان:١٠]‏ 
؛ حديث: " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر أآيات: طلوع الشمس 
من مغربهاء والدخان» والدابة» وخروج يأجوج ومأجوج» وخروج 
عيسى ابن مريم» والدجال» وثلاثة خسوف» خسف بالمشرق» 
وخسف بالمغرب» وخسف بجزيرة العرب» ونار تخرج من قعر 
عدن تسوق الناس أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتواء 
وتقيل معهم حيث قالوا " ("). 


. ٠١75 سبق تخريجه ص‎ )١( 
١17585471 25478 2, 559/5 2 5901/8 ينظر : في ظلال القرآن‎ )"( 


. 5/4 وأحمد‎ 510١ برقم‎ ١777/5 رواه : مسلم في الفتن وأشراط الساعة‎ )١( 
70 








وحديث: " إن ربكم أنذركم ثلاثاً الدخان يأخذ المؤمن 


كالزكمة» ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه؛ 
والثانية 'الدابة» والقالخة الدجال 01(7:-0), 
ب- موقفه من أشراط الساعة تفصيلا: 
١‏ - الدجال: لم يتعرض سيد - رحمه الله - للحديث عن 
الدجال تفصيلاً» إنما ذكره في ضمن حديث العشر الآيات الذي 
فبيق كر 
؟- نز - عليه | 

يقول سيد - رحمه الله - في ظلال قوله تعالى: ( وَإِنَهلَعِلَمٌ 


سه سس 9 ذ-_- 
يني ٍ- 


لَسَّاعَةٍ ربنون عتا ور مُسَنَقِمٌ ] إسبم ورة 
النخرف:١1]‏ : " وقد وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى - 
عليه السلام -إلى الأرض قبيل الساعة وهو ما تشير إليه الآية: 
' وانه لعلم للساعة" بمعنى أنه يُعلِم بقرب مجيئهاء والقراءة 
الثانية: " وإنه لَعَلَمّ للساعة " بمعنى أمارة وعلامة؛ وكلاهما 
قريب من قريب. ثم ذكر قوله يَلِهِ: " والذي نفسي بيده ليوشكن 

أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطأًء فيكسر الصليب» ويقتل 


. 7717/١١ تفسير الطبري‎ )١( 
. 7717/١١ تفسير الطبري‎ )١( 


1 








الخنزيرء ويضع الجزية؛ ويفيض المال حتى لا يقبله أحد؛ء حتى 
تون السبحد» الرانحةة خيراً من الدتنا وهنا فيي] 107 

وقوله كه ' لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق 
ظاهرين إلى يوم القيامة» فينزل عيسى ابن مريم» فيقول أميرهم: 
تعال: صل لناء فيقول: لاء إن بعضكم على بعض أمراء تكرمه 
اللوتعالق ليذه الكية لان( 


؟- خروج يأجوج ومأجوج: جاء ذكر يأجوج ومأجوج في 
موضعين من القران الكريم: 

الأول قوله تعالى: ١‏ لمأي وجح نوتف لض 
هليل كعك أن جل يتويد دا [سورة الكهف:الآيات 
4- 14] ., 


والشاني: قوله تعالى: ( حوَّح إدًا فحت ياجو 


و سس ساسا 


كل حَدَ ب يَنِسِلُو ] [سورة الأنبياء:17] . 


)١(‏ رواه البخاري في الأنبياء باب نزول عيس ١777/7”‏ برقم 3١4‏ وكذا برقم 
3514668" », ومسلم في باب نزول عيسى بن مريم ١77/١‏ برقم ١55‏ . 
(1) رواه : مسلم كتاب الإيمان باب نزول عيسى بن مريم ١75/١‏ برقم ١55‏ . 
(3) في ظلال القرآن 5١15 ٠ 3١94/5‏ وينظر أيضاً : 207/7 . 

1 








وأما في السنة فقد جاء ذكرهم في الحديث الذي يتحدث عن 
الآيات العشر ' لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات وذكر 


منها... خروج يأجوج ومأجوج 10 


ويرى سيد قطب - رحمه الله - أن الآيات لا تجزم بشيء 
عن مكان يأجوج ومأجوج وانما تثبت وجود قوم يسمون ب " 
يأجوج ومأجوج " مفسدون في الأرضء وأن ذا القرنين وصل إلى 
منطقة بين حاجزين طبيعيين» أو بين سدين صناعيين تفصلهما 
فجوة أو ممرء وأن قوماً ضعافاً كانوا يعيشون هناك» عرضوا 
عليه أن يقيم لهم سداً في وجه يأجوج ومأجوج الذين يهاجمونهم 
من وراء الحاجزين» ويغيرون عليهم من ذلك الممر» ويعيثون 
في الأرض فساداً... وتبعاً للمنهج الصالح الذي أعلنه ذلك 
الحاكم الصالح» فقد رأى أن أيسر الطرق هي ردم الممر بين 
الحاجزين» فطلب من القوم أن يعينوه بقوتهم المادية والعضلية 
فجمعوا له قطع الحديد» وكومها في الفتحة بين الحاجزين» 
وسخنها بالنار ثم افرغ عليها النحاس ليزيد من صلابتهاء وبذلك 
أغلق الطريق على يأجوج ومأجوج» فلم يستطيعوا أن يتسوروه أو 
يتقو 101 . 


. 7١75 سبق تخريجه ص‎ )١( 
. في ظلال القران 5 بتصرف‎ )5( 
1 








ثم يقول سيد - رحمه الله - بعد ذلك: " وبعد فمن يأجوج 


ومأجوج؟ وأين هم الآن؟ وماذا كان من أمرهم وماذا سيكون؟ كل 
هذه أسئلة تصعب الإجابة عليها على وجه التحقيق» فنحن لا 
نعرف عنهم إلا ما ورد في القرآن» وفي بعض الأثر الصحيح. 

والقرآن يذكر في هذا الموضع ما حكاه من قول ذي القرنين: 
هل هَدَارََةٌ يرق وَداجَوعدْرَقَ لكوك دَوعْدُ رق حا [سورة 
الكيف:48] وهنذا النص لأ يحدد زماتأً» ووعد الله بمعني: 
وعده بدك السد ربما يكون قد جاء منذ أن هجم التتار» وانساحوا 
في الأرض» ودمروا الممالك تدميراً. 


م قر مسا جح 


وفي موضع آخر سي سورة الأنبياء ( حَيَّحإِدًا فحت 
لّوح وَمَلْحوحُ وهم ين حك حَدَ يدلو (0) وأَفوب الوق 
أَلْحَىٌّ 1 [سورة الأنبياء 9- /317] , 

وهذا النص كذلك لا يحدد زمانا معيناً لخروج يأجوج 
ومأجوج» فاقتراب الوعد بمعنى اقتراب الساعة قد وقع منذ زمن 
الرسول #ِ فجاء في القران: (أفيرتٍ السّاعَةُ وَأدتَقَّ الْعَمَرُ ) 
[سورة القمر:١]‏ » والزمان في الحساب الإلهي غيره في حساب 
البشر»ء فقد تمر بين اقتراب الساعة ووقوعها ملايين السنين أو 
القرون» يراها البشر طويلة مديدة» وهي عند الله ومضة قصيرة. 


0 





واذن فمن الجائز أن يكون السد قد فتح في الفترة ما بين: ( 


و« دسا 


َتَرتِ أَلسََاعَةٌ 1 ويومنا هذاء وتكون غارات المغول والتتار التي 
اجتاحت الشرق هي انسياح يأجوج ومأجوج. 

وهنالك حديث صحيح عن زينب بنت جحش زوج النبي كله 
قالت: " استيقظ الرسول هَدةْ من نومه وهو محمر الوجه وهو يقول: 
' ويل للعرب من شر قد اقتربت» فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج 
وكل هذا ؟ كلق بإضيعيه التبياية والأتهنام اقلت ينا زول الله 
أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبيث " .)١(‏ 

وقد كانت الرؤيا:منذ أكثر من ثلاثة عش فقوتا ونصف قرق: 
وقد وقعت غارات التتار بعدهاء ودمرت ملك العرب بتدمير 
الخلافة العباسية على يد -هولاكو- في خلافة... آخر ملوك 
العباسيين» وقد يكون هذا تعبير رؤيا الرسول ونه وعلم ذلك عند 
الله وكل ما نقوله ترجيح لا يقين " ('). 


)١(‏ رواه : البخاري في كتاب الأنبياء باب قصة يأجوج ومأجوج ١١7١/9‏ برقم 
ومسلم في الفتن باب اقتراب الفتن ١759/5‏ برقم 588٠١‏ . 

(1) في ظلال القرآن 73715-7737/5 » وقد ذكر سيد - رحمه الله - في الهامش 
أنه كشف سد بمقربة من مدينة ترمز وعرف بباب الحديد وقد مر به أوائل القرن 
الخامس الميلادي العالم الألماني" سيلد برجر" وسجله في كتابه » وكذا المؤرخ 
الاسباني "كلا فيجو" في رحلة عام ”0١5١م‏ .. وقد يكون هو السد الذي بناه ذي 
القرنين ٠‏ 


5304١ 








وفي سورة الأنبياء يقول سيد: " ثم يعرض مشهداً من مشاهد 
القيامة» يبدؤه بالعلامة التي تدل على قرب الموعد وهي فتح 
وا ل ا ل 00 أن أة قتراب الوعد الحق الذي 
يقرنه السياق بفتح يأجوج مأجوج» ربما يكون قد وقع بانسياح 
التتار وتدفقهم شرقاً وغرباً» وتحطيم المماليك والعروشء لأن 


وح ساسا 


القرآن قد قال منذ أيام الرسولهغ +أفْرَيتِ ألاعَةُ 14» غير أن 
اقفراتة اله العف لزا وحه :تمان رونا للقاعةة فسان الذمن 
في تقدير الله غيره في تقدير البشر: ( ويب يوم عِندَ رَيكَكَالقٍ 
سكو فك كدوك )4 إننا المقضوه :هنا بجو رضف ذلك اليوه 
حين يجيء» والتقديم له بصورة مصغرة من مشاهد الأرض» هي 
تدفق يأجوج ومأجوج من كل حدب في سرعة واضطراب .)١(‏ 
وما ذكره سيد من القول بأن المقصود بخروج يأجوج ومأجوج 
قد يكون هو انسياح التتار في الأرض خلاف ما عليه جمهور 


. 7598/54 في ظلال القرآن‎ )١( 
2١ 








أهل السنة والجماعة» فالراجح أنهم من علامات الساعة الكبرى 
الف لع تأض رهد 10 ): 


؛ - الدخان: 
ّ . 0 4 0 ا ا ا 0 0-0 


() يَعْعَى لئان هَددًا عَدَابُ يي 1 [سورة الدخان:١٠١-١١]‏ . 

يقول سيد - رحمه الله -: " وقد اختلف السلف في تفسير آية 

الدخان: 

*فقال بعضهم: إنه دخان يوم القيامة» وإن التهديد بارتقابه 

كالتهديد المتكررفي القرآن» وانه آتِ يترقبونه ويترقبه رسول الله 

د 

*وقال بعضهم: بل هو قد وقع فعلاً كما توعدهم به» ثم كشف 

عن المشركين بدعاء الرسول 5 فنذكر هنا ملخص القولين 

وأسانيدهاء ثم نعقب بما فتح الله به» ونحسبه صواباً إن شاء الله. 
ثم ذكر سيد - رحمه الله - حديث مسروق(2)0. قال: دخلنا 


مسجد الكوفة -عند أبواب كندة - فإذا رجل يقص على 


)١(‏ يضيف الدكتور /خليل الكبيسي -حفظه الله- قائلاآ " وما المانع أن يكون لهم 
ظهور جزئي قبل القيامة كما أخبر النبي يخ عنه » وتكون علامة الساعة الكبرى هي 
خروجهم الكلي فلا تعارض بينهما والله أعلم " . 

5507 








أصحابه: (ِيَومَ تأت آلسَمَآءُ يدُحَانٍ مُبِينٍ 1 تدرون ما الدخان؟ ذلك 
دخان يأتي يوم القيامة؛ فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم» 


ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام» قال: فأتينا ابن مسعود- رضي 
الله عنه- فذكرنا ذلك له» وكان مضطجعاً ففزع فقعد» وقال: إن 
الله عز وجل قال لنبيكم يَي: ( مُلَْمَ أسَلُكمْ عليه نْجْرِ وَمَ نَأ ِنَ 
َلْتَكلِدِينَ 1 [سورة ص:87] إن من العلم أن يقول الرجل لما لا 
يعلم: الله أعلم؛ أحدثكم عن ذلكء إن ريشن لفيا أبظالة: ع 
الإسلام» واستعصت على رسول الله وَل دعا عليهم بسنين كسني 
يوسف» فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة؛ 
وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان وفي 
رواية فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة 
الدخان من الجهد»ء قال الله تعالى: ( مَأربَعِبَ بَوْمَ تأق السَماة 
يِدُعَانٍ تين () يَعْقَى تاس هَددَا عَدَابُ ألم )؛ فأتي رسول الله 
يه فقيل له: " يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت» 


7 ّ عه * مر 0 م‎ 5 | 46 ٠. 
فاستسقى وي لهم فسقواء فنزلت: [ إِتَكَاشِمُا الْعَدَابِ قَلِيلا تك‎ 


)١(‏ هو : مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني »تابعي ثقة » من أهل اليمن عقدم 
المدينة في أيام أبي بكر رضي الله عنه »وسكن الكوفة .كان فقيها عالما بالفتيا 
»توفي سنة 5ه ءانظر : سير أعلام النبلاء 57/5 »الأعلام 7١5/007‏ . 

53530: 








عََيِدُويَ 1» قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: أفيكشف عنهم 
العذاب يوم القيامة؟ فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم؛ 
فأنزل الله عزوجل: ( يَوْم تس البَطسَةَ الْكْركإنًا متَقَمُونَ )» قال: 
يعني يوم بدر» قال ابن مسعود -رضي الله عنه- فقد مضى 
خمس: الدخان» والروم» والقمرء والبطشة» واللزام " .)١(‏ 
*وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد» بل هو من أمارات 
الساعة» كما جاء في حديث: " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر 
آيات وذكر منها: الدخان" (5). 

وكما جاء في قوله ي: " إن ربكم أنذركم ثلاثاً الدخان يأخذ 
المؤمن كالزكمة» ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع 
قلا والخانية” الداية»:والثالكة الههاك: 07 

وكذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما نمت 
الليلة حتى أصبحتء قيل: لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو 


)١(‏ رواه البخاري في التفسير ١877/5‏ برقم 45754 » وقد واقف ابن مسعود على 
تفسير الآية بهذا جماعة من السلف كمجاهد وأبي العالية » والنخعي ٠‏ والضحاك 
والصوفية » واختاره ابن جرير الطبري » ينظر :تفسير ابن جرير١١/2,578‏ في ظلال 
القرآن 57١١/8‏ . 

(1) سبق تخريجه : ص 7٠١75‏ . 

(1) تفسير الطبري 7717/١١‏ . 


8 








الذنب» فخشيت أن يكون الدخان قد طرق» فما نمت حتى 
50 000 

قال ابن كثير: " وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي 
الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن» وهكذا قول من وافقه من 
الصحابة والتابعين- رضي الله عنهم أجمعين - مع الأحاديث 
المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوهاء مما فيه 
مقتنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة؛ مع 
أنه ظاهر القرآن؛ قال الله تبارك وتعالى: ‏ مَرتَِب يوم تأ 
انلعج كان بين 0 كفت التاق مدَاعدَاك اليك ) أن يكين 
واضح يراه كل أحد» وعلى ما فسر به ابن مسعود - رضي الله 
عنه- إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهدء 
وهكذا قوله تعالى: ( يَعْمَى أَلنّاسَ )أي يتغشاهم ويعميهم؛ ولو 
كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه يَعْتَى 


أَلنّاسٌ » وقوله تعالى: هَدَدَاعَدَاكٌ ليد أي يقال لهم ذلك» تقريعاً 


وتوبيخاً.. أو يقول بعضهم لبعضء وقوله تعالى: ١‏ رَبَماَكَيْفٌ عَنَا 


لْعَدَابح إِذَّا مُؤْمبُوتَ 1أي يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله 


. 77ا//١١ تفسير الطبري‎ )١( 


5315 








وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم» كقوله جلت عظمته: ( ولوتركة 


إِذ 


م مراصض<ت 


قشاءك كدر عقافأييك نوكا مكبٍكَتٍ ركفن نبي ) 
[الأنعام:7 ؟] 

وقوله تعالى: [ إِنََكاشِمُوا الْمَدَاب ويلا نَم علدُونَ ) يحتمل 
معنيين: 

أحدهما: أنه يقول: ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى 
الدار الدنيا لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب: | وَلَوْردُوأ 
عَادوََلِمَا موأعَنَه وَإِمَهمَ لكَدِبوْنَ 1 [سورة الأنعام:8١]‏ . 
والكائى: أن يكنون المراذ: إنا ميؤخرى العنذاب عتكم قليلاً بعد 
انعقاد أسبابه» ووصوله إليكم» وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من 
الطغيان والضلال» ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم؛ 


عي 2# 


كقوله تعالى: [إِلَّا هَْم وى لَمَ1 َامَيْواْكَمَقََا عَتْومَ عَدَاب لزي في 
لْحيرةَ لديا ومََعَكمْ إِلَ حِيِنٍ ) [سورة يونس:18] ولم يكن العذاب 
باشرهم واتصل بهم» بل كان قد انعقد سببه عليهم. 

وقيل: معناه إنكم عائدون إلى عذاب الله. 

وقوله تعالى ( يَومْتبِْشالبطمَّة ركنا مْتَقِمُونَ 1 فسرها ابن 


مسعود رضي الله عنه بيوم بدر ووافقه جماعة» وجماعة على أن 


53041/ 





ذلك يوم القيامة» قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: قال ابن 
مسعود البطشة الكبرى يوم بدرء وأنا أقول: هي يوم القيامة .)١('‏ 
وبعد أن ساق سيد - رحمه الله - الآثار السابقة قال: ونحن 


نختار قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الدخان بأنه 
عند يوم القيامة» وقول ابن كثير في تفسيره» فهو تهديد له 
نظائره الكثيرة في القرآن الكريم» في مثل هذه المناسبة» ومعناه: 
إنهم يشكون ويلعبون» فدعهم وارتقب ذلك اليوم المرهوب» يوم 
تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس» ووصف هذا بأنه عذاب 
أليم» وصور اسنتغاتتهم: ( رَيََا يِف عَنَاالْعَدَاب إِنَا مُؤْمِنُونَ ] » 
ورده عليهم باستحالة الاستجابة؛ فقد مضى وقتها ! أَنَّ كم 
الكريك ودج مْوَسُولٌ فين 27 لاعن والُوا معديو ؟ ("). 
ه - الدابة: 

في ظلال قوله تعالى: (وَإِدَا وَهَمَ الْمَول علِمَ حرجا هم ابه مِنَ 
لْارْض فلمو أن الا كانوا بايا لوقبو ؟ [سبوزة النمل:؟1] 


٠‏ يقول سيد - رحمه الله -: " والسياق يجول بهم في أشراط 


: أخرجه ابن جرير بسنده إلى ابن عباس وقال : وهذا إسناد صحيح عنه : وبه 
يقول الحسن البصري وعكرمة في اصح الروايتين » انظر: تفسير 
الطبري .577/١١‏ 
١‏ في ظلال القرآن : 6/ 32١7-77١١‏ بتصرف . 
/551 








الساعة» وبعض مشاهدها ويذكر فيها ظهور الدابة التي تكلم 
الناس الذين كانوا لا يؤمنون بأيات الله الكونية... 

وقد ورد ذكر خروج الدابة المذكورة هنا في أحاديث كثيرة 
بعضها صحيح» وليس في هذا الصحيح وصف لدابة» إنما جاء 
وصفها في روايات لم تبلغ حد الصحة» لذلك نضرب صفحاً 
عن أوصافهاء فما يعني شيئاً أن يكون طولها ستين ذراعاً» وأن 
تكون ذات زغب وريش وحافر» وأن يكون لها لحية! وأن يكون 
رأسها رأس ثور» وعينها عين خنزير» وأذنها أذن فيل» وقرنها 
قرن أيل» وعنقها عنق نعامة» وصدرها صدر أسدء ولونها لون 
نمرء وخاصرتها خاصرة هرء وذنبها ذنب كبشء وقوائمها قوائم 
بعير.. الخ هذه الأوصاف التي افتن فيها المفسرون! 

وحسبنا أن نقف عند النص القرآني والحديث الصحيح الذي 
يفيد أن خروج الدابة من علامات الساعة» وأنه إذا انتهى الأجل 
الذي تنفع فيه التوبة» وحق القول على الباقين فلم تقبل منهم 
توبة بعد ذلك» وانما يقضى عليهم بما هم عليه.. عندئذ يخرج 
الله لهم دابة تكلمهم» والدواب لا تتكلم» أولا يفهم عنها الناس 
ولكنهم اليوم يفهمونء» ويعلمون أنها الخارقة المنبئة باقتراب 


5338 





الساعة» وقد كانوا لا يؤمنون بآيات اللهء ولا يصدقون باليوم 
لوطي 0 


5- ال المغرب: 
ذكر سيد حديث أشراط الساعة الكبرى وفيه قوله 5: " طلوع 
الشمس من مغربها '(5) 
ولكنه عند تفسيره لقوله تعالى: [هَل يرود إل أن تَأيَهُمٌ 
الملتيكة ريق رَبك ساق بنش ايت ريك يميق بش ايت ويك لا 


- 


م بح ع | سلس ع سرح سا سس م 92 م حي بر 12 0 00 رقاو صرء بوره 
نفع نفْسَا يما لد نكن ءَامَنَتَ من قَبَلُ أَوَكْسَبَتَ ف إيمننها حيرا فل انكظروأ 
إِنَا مُنََظِوُونَ 1 [سورة الأنعام:58١]‏ . 

يقول: " إنه تهديد واضح حاسم؛ فقد مضت سنة الله بأن 
يكون عذاب الاستئصال حتماً إذا جاءت الخارقة ثم لم يؤمن 
بها المكذبون» والله سبحانه يقول لهم: إن ما طلبوه من الخوارق 
لو جاءهم بعضه لقضي عليهم بعده.. وانه يوم تأتي بعض آيات 
الله تكون الخاتمة التي لا ينفع بعدها إيمان ولا عمل لنفسٍ لم 
تؤمن من قبل» ولم تكسب عملاً صالحاً في إيمانهاء فالعمل 
الصالح هو دائماً قرين الإيمان وترجمته في ميزان الإسلام؛ ولقد 


" في ظلال القرآن : 5555/5-/73551 . 
: سبق تخريجه ص ٠١75‏ »ء وانظر: في ظلال القرآن : 6/ 552١‏ . 
ا" 








ورد في روايات متعددة أن المقصود بقوله تعالى: و بن ع 


ءَايي رَيّْكَ 1 هو أشراط الساعة وعلاماتهاء التي لا ينفع بعدها 
إيمان ولا عمل» وعدوا من ذلك أشراطاً بعينها.. ولكن تأويل 
الآية على وفق السنة الجارية في هذه الحياة أولى» فقد سبق 
مثله في أول السورة وهو قوله تعالى: [ وَهَافوأ]ج]" لَ عَلَِهِ ]6 
وَل ارلا ملكا ل الم شر لايطرُونَ ؛ والملاحظ أن السياق 
يكرر وهو بصدد الكلام عن الشريعة والحاكمية» ما جاء مثله 
من قبل وهو بصدد الكلام عن الإيمان والعقيدة» وأن هذا 
ملحوظ ومقصودء لتقرير حقيقة بعينهاء فأولى أن نحمل هذا 
الذي في آخر السورة على ما جاء من مثله في أولها من تقرير 
سنة الله الجارية» وهو كاف في التأويل بدون الالتجاء إلى 
الأكالة عن "ذلك الغنب المحهول؟ :010 
- وكلام سيد - رحمه الله - في تفسير الاية له وجهه» وهو 
أن النص عام لم يخصص وما جاء في بعض الاحاديث فهو 
مثال لبعض الآيات»ء وان كان جمهور المفسرين على أن 
المقصود بالآية هو طلوع الشمس من مغربها " (")؛ لورود 


. 1759-1718 /9 : في ظلال القرآن‎ ١ 
: ١9107 -1١5937/9 ؟ ينظر : تفسير الطبري 1/5 - 5.5 », وتفسير ابن كثير‎ 
ارق‎ 








أحاديث عن النبي يِل فيها بيان أن المراد هو طلوع الشمس من 
مغربهاء ومن ذلك: 

قوله يَلُ: " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا 
رآها الناس آمن من عليها فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن 
أمفت من قبل * ,)0١0(‏ 

وقوله ونه :© أكدزون أن اقذهنت هذه الكنجين؟ “قالوا: الله -وزشولة 
أعلم» قال: " إن هذه الشمس تجري حتى تنتهي إلى مستقرها 
تحت العرش فتخر ساجدة» فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي 
ارجعي من حيث جئت»ء فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم 
تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا 
تزال كذلك حتى يقال لهاء ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح 
طالعة من مطلعهاء ثم تجري» لا يستنكر الناس شيئا حتى تنتهي 
إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها: ارتفعي أصبحي من 


مغربك» فتصبح طالعة من مغربها فقال الرسول 5: أتدرون متى 


رواه البخاري من كتاب التفسير ٠‏ باب ' لا ينفع نفسا إيمانها " 4/ 197 ابرقم 
45 ومسلم ء في كتاب الإيمان » باب ' الزمن الذي لا يقبل منه إيمان " ١‏ 


. ١6ا/ برقم‎ ١١4/ 








ذاك؟ ذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو 
كسبت في إيمانها خيراً " (0). 

هذه العلامات التي تعرض لها سيد - رحمه الله - بالتفصيل 
في ضوء الآيات التي جاء ذكرها فيها. أما بقية العلامات وهي 
النار والخسوفات فلم يتعرض لها بالتفصيل وانما جاء ذكرها 
إجمالا في الحديث الذي جمع العشر الآيات. 


كرواه البخاري في كتاب التوحيد 4 باب ٍ وكان عرشه على الماء , مخض برقم 
4 ء: ومسلم في كتاب الإيمان » باب ' الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ٠"‏ / 
5 "برقم ١551‏ واللفظ له . 








المبحث الثالث 


يبدأ يوم القيامة من النفخ في الصور ثم البعث والنشور ثم 
العرض الحساب والموازين والصراط وينتهي بالاستقرار في دار 
الخلود الجنة أو النار. 

وفيما يلي استعراض لأحداث هذا اليوم العظيم وما فيه 
ومنهج سيد قطب - رحمه الله - فيهاء وذلك من خلال 
المطالب الآتية: 


المطلب الأول 


النفخ في الصور 
النفخ في الصور هو المؤذن بقيام الساعة؛ وعنه ينشأ 
الصعق والبعث» كما قال سبحانه وتعالى: (وَبُقِحَ في أَلصُورِ 
فصَعِقَ من فى ألسَمَنوتٍ وَمَن ف الْخرّضٍ إلا م طآء أل شنح يأر 
َإِدَاهُمَ ِيَامينَظرُونَ ) [سورة الزمر:18] . 
وقد تكلم سيد-رحمه الله- عن النفخ في الصور موضحاً 
معناه وصفاته وعدد النفخات وذلك كالأتي: 





أولاًه تعريف الصور: - 

الثابت عند أهل السنة والجماعة أن الصور قرن ينفخ فيه؛ 
وهو واحد لا اسم جمع؛ ويسمى بالناقور أيضاً ('). 

وزعم بعضهم أن الصور ليس قرناً بل صورة» كالصوف 
جمع صوفة» وهذا خطأ فاحش وتحريف لكلمات الله عز وجل؛» 


ع 


لان الله عز وجل قال: (وَصَوَرَةٌ مَحْسَنَصْوَرَُ ) - بفتح الواو - 
ولا نعلم أحداً من القراء قرأها فأحسن صُؤركم - بسكون الواو - 
فمن قرأ: ونفخ في الصُوّر» وقرأ: فأحسن صُؤركم» فقد افترى 
ويد( 

ويرد أيضاً على من فسر الصورء بأنه جمع صورة» بقوله 
تعالى: [م نيِح يه رين فَإِداهُم يرون فالمعلوم أن إرجاع 
الأرواح يكون مرة واحدة» فهل معنى هذا أن الصور ترجع لها 
الروح مرتين؟ لا شك في بطلان هذا (). 

أما سيد - رحمه الله - فقد قرر ما عليه أهل السنة في 
تعريف الصور من أنه البوق الذي ينفخ فيه فقال: " الصور: هو 


51 فتح الباري : م 2 ١‏ : 

" لسان العرب : 2 بتصرف يسير . 

#«اليوم ا لككن. في الفراه والتنة ضيه (المسسين المطوري جا وار "العاف يدوت 
ط١-عام‏ /51'هصدص"١35.‏ 








القرن المجوف كالبوق» غيب من ناحية ماهيته وحقيقته» ومن 


ناحية كيفية استجابة الموتى له» والروايات المأثورة تقول: هو 


بوق من نور ينفخ فيه ملك» فيسمع من في القبور» حيث يهبون 
للنشور - وهذه هي النفخة الثانية - أما الأولى فيصعق لها من 
في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله كما جاء في آية 
الزمر: إِوَبْقِحَ في أَلضُورٍ فَصَعِقٌ من فى السَّموّتِ وَمَن في الْأَرْضٍ إِلّا من 
]شه فر د را تسر ا عه لسع بخ ىم الة 
شاء أللّهُ ثم فِحَ فيو أُخريى وَإذَا هم قيَام بل رَونَ 2 [إسورة الزمر:18] 
»وهذه الأوضاف للصور ولآثار النفخة فيه تعطينا - عن يقين 
- أنه على غير ما يمكن أن يكون البشر قد عهدوه في هذه 
الأرض أو تصوروه.. وهو من ثم غيب من غيب الله.. نعلمه 
بقدر ما أعطانا الله من وصفه وأثره» ولا نتجاوز هذا القدر الذي 
لا أمان في تجاوزه» ولا يقين» إنما هي الظنون! " .)١(‏ 

ويقول في موضع أخر: " والصور البوق ينفخ فيه» ونحن لا 
ندري عنه إلا اسمه» ولا نعلم إلا أنه سينفخ فيه وليس لنا أن 
نشغل أنفسنا بكيفية ذلك» فهي لا تزيدنا إيماناً ولا تأثراً بالحادث» 
وقد صان الله طاقتنا عن أن تتبدد في البحث وراء هذا الغيب 
المكنون وأعطانا منه القدر الذي ينفعنا فلا نزيد" ("). 
)١(‏ في ظلال القرآن 5/7١15-1١1ء‏ وينظر : 7765/4 . 


(5) المصدر السابق 5578/6 6/5ل/اكت, 381.107 . 
ارق 








ويسمى أيضاً بالناقور» كما قال تعالى: [يَّدَاَْرَ فالَفْرٍ ) 
إسورة المدثر:6] » يقول سيد - رحمه الله -: ' والنقر في 
الناقور» هو ما يعبر عنه في مواضع أخرى بالنفخ في الصورء 
ولكن التعبير هنا أشد إيحاء بشدة الصوت ورنينه كأنه نقر 
يصوّت ويدوّي» والصوت الذي ينقر الآذان أشد وقعاً من 
الضتوف الذى تتنسحة الإذان107). 

ويسمى أيضاً بالقرن يقول سيد -رحمه الله- في ظلال قوله 
تعالى: ( وَبفحَ ف ألصُور ذَلِكَ بَوْمألوعِيدٍ 1 [سورة ق:١٠]‏ : " وهو 
مشهد يكفي استحضاره في النفس لتقضي رحلتها كلها على 
الأرض في توجس وحذر وارتقاب» وقد قال رسول الله 6: ' 
كيف أنعم؛ وصاحب القرن قد التقم القرن» وحنى جبهته؛ وانتظر 
أن يؤذن له؟ " قالوا: يا رسول اللهء كيف نقول؟ قال 6: " قولوا: 
حسبنا الله ونعم الوكيل " فقال القوم: حسبنا الله ونعم الوكيل 
"رك (0) 
ثانياً: عدد النفخات 





. في ظلال القرآن 5/هه/7ا؟‎ )١( 

(5) رواه : الترمذي في كتاب صفة القيامة » باب ما جاء في الصور 575/54 برقم 
١‏ »ء: وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ص 5/8 . 

(") في ظلال القرآن 7855/5 . 








اختلف العلماء في عدد النفخات على أقوال: 
القول الأول: أنها نفختان: نفخة الصعق» ونفخة البعث» واستدلوا 
ببعض الآيات والأحاديث مثل قوله تعالى: (وَبْقِحَ في أَلصُورٍ 


م 


اعد و " ض” تن الرعن ار عقن 0 


صَعِقٌ من في لسوت ومن في الْدرضٍ إَِام طآء لَه مح فيه أُخرئن 
َإِدَاهُمَ يام يرون [سورة الزمر:18] ٠‏ وبحديث أبي هريره- 
رضي الله عنه- أن النبي ول قال: " بين النفختين أربعون يوماً' 
(')» وبيبعض الآثار عن بعض الصحابة والتابعين " ('). 
القول الثاني: أنها ثلاث نفخات: نفخة الفزع؛ ونفخة الصعق» 
ونفخة البعث» واستدلوا بالآيات التي ذكرت الألفاظ الثلاثة وهي: 
* قوله تعالى: ( وَيَوم ينف ف ألصُور هَمَنعَ من ف سمت وَمَنف 
لْديَضٍ ) [سورة النمل:87] . 
* وقوله تعالى إ[ِوَبْقِحَ في أَلصُورٍ فَصَعِقَّ من في أَلسَّموتِ وَمَن في 
لْدرْضِ ) [سورة الزمر:18] . 


كسا امحتداوا يطكية' الحو «الطويل» وفحة أن التقفدات 


١ 


)١(‏ رواه البخاري : في التفسير باب ونفخ في الصور ١8١7/5‏ برقم 4575 ء 
ومسلم في الفتن باب ما بين النفختين ١795/5‏ برقم ©5715 . 
(5) ممن قال بهذا : ابن عباس ومجاهد والسحن وقتادة والضحاك وغيرهم » 
انظر:تفسير أبن كثير 5١55/17‏ » وفتح الباري ."1754/١١‏ 

ليق 








الثلاث(١)»‏ ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير 
وغيرهما 0 

- ويرد البعض على أصحاب هذا القول بأنه " لا يلزم من 
مغايرة الصعق للفزع كما ورد في الآيات أن لا يحصلا معاً في 
النفخة الأولى» فالناس يسمعون الصيحة الأولى فيفزعون ثم 
يصعقون» فهي نفخة واحدة لا اثنتان» وقد ورد في السنة ما يدل 
على أن النفخة الأولى يستمع إليها الناس من بعيد فيصغون لها 
الرؤوس ثم تزداد قوتها فيفزعون -كما في الآية - ثم يصعقون 
كما في الآية الأخرى" (). 
القول الثالث: أنها أربع نفخات: قال الحافظ ابن حجر: " وزعم 
ابن حزم أن النفخات يوم القيامة أربع؛ الأولى: إماتة يموت فيها 
من بقى حياً في الأرضء والثانية نفخة إحياء يقوم بها كل 
ميت» وينتشرون من القبورء والثالثة: نفخة فزع وصعق يفيقون 
منها كالمغشي عليه لا يموت منها أحدء والرابعة: نفخة إقامة 
من ذلك الغشي ' ثم قال الحافظ: وهذا الذي ذكره من كون 


. 7760 الحديث رواه البيهقي في البعث والنشور ص‎ )١( 
وتفسير أبن كثير 5065/17 ء»‎ » 755/1١6 . ١7١0/5 ينظر مجموع الفتاوى‎ )5( 
. 7017/١١ عوفتح الباري‎ ١5١/7 لوامع الأنوار للسفاريني‎ 
ومعالم‎ » ١87/86 ١59/5 تفسير القرطبي‎ » 511/1١١ ينظر: فتح الباربي‎ )1( 
. 458/5 وفتح القدير للشوكاني‎ » ١7١/7 التنزيل للبغوي‎ 

81 





10-7776 سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


الثنتين أربعاً ليس بواضح» بل هما نفختان فقطء» وقد قع التغاير 
في كل واحدة منها باعتبار من يستمعهاء فالأولى يموت بها كل 
من كان حياً» ويغشى على من لم يمت ممن استثنى الله 
والثانية: يعيش بها من مات ويفيق من غشي عليه والله أعلم " 
00 
*أما سيد قطب فيرى أن عدد النفخات ثلاث: - 
الأولى: نفخة الفزع والصعق: 

يقول سيد - رحمه الله -: " أما في الأولى فيصعق من في 
السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله كما جاء في آية 
الأمسزر: إوَبْقِحَ فى الشُور مَصَوِقَ من ف الَموت وَمَن ف لاض ) 
(')» ويقول في ظلال قوله تعالى: [ وَيَوْم ينمَعُ فلصُور فَمَرعَ من 
ف السَّمُوتِ وَمَن ف ِالْأَضٍ إِلَّامن مآ أنّهُ 1 [سورة النمل:17] : ' 
وهذه هي نفخة الفزع الذي يشمل كل من في السماوات ومن في 
الأرض إلا من شاء الله أن يأمن ويستقر.. قيل هم الشهداء.. 
وفيها يصعق كل حي في السماوات والأرض إلا من شاء الله... 
ويصاحب الفزع الانقلاب الكوني العام الذي تختل فيه الأفلاك؛ 
وتضطرب دورتهاء ومن مظاهر هذا الاضطراب أن تسير 
)١(‏ فتح الباري : 5/5 : ١‏ ١١/لالا؟‏ . 


(3) في ظلال القرآن ؟/76-1175١71.‏ 
8١6‏ 








الجبال الراسية» وتمر كأنها السحاب في خفته وسرعته وتناثره» 
وهو مشهد يتناسق مع ظل الفزع؛ ويتجلى الفزع فيه؛ وكأنما 
الجبال مذعورة مع المذعورين» مفزوعة مع المفزوعين» هائمة 


مع الهائمين" .)١(‏ 

وفي ظلال آية الزمر نفسها يقول سيد: " ها هي ذي 
الصيحة الأولى تنبعث» فيصعق من يكون باقياً على ظهر 
الأرض من الأحياء» ومن في السماوات كذلك إلا من شاء الله 
ولا نعلم كم يمضي من الوقت حتى تنبعث الصيحة الثانية " 
فق 
الثانية: نفخة البعث: 

يقول سيد - رحمه الله -: " والصور البوق ينفخ فيه- 
النفخة الأولى - نفخة الفزع الذي يشمل كل من في السماوات 
ومن في الأرض إلا من شاء الله» وفيها يصعق كل حي في 
السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم تكون نفخة البعث "(0). 


7 ع لخر ع 


وفي ظلال قوله تعالى: | مَانَظرَونَ إلا صبحه وِدَهٌتَأُذّهُمَ 


)١(‏ في ظلال القرآن 7774/6 ٠‏ 7555 وينظر أيضاً 1775/5 , 7911/5 ء 
. 
(1) المصدر السابق ©6/؟378055 . 
)١9(‏ المصدر السابق 7554/8 . 
مم 








هر 


وَهُمْ محْضَِمُونَ ) [إسورة يس :]| يقول سيد حرحمه اله-: 


فهي تأخذهم بغتة وهم في جدالهم وخصامهم في معترك الحياة» 
لا يتوقعونها ولا يحسبون لها حساباً 


فإذا هم منتهون» كل على حاله التي هو عليها... ' 

ثم ينفخ في الصور فإذا هم ينتفضون من القبورء ويمضون 
سراعاً» وهم في دهش وذعر يتساءلون "من بعثنا من مرقدنا؟ " 
0 فهذه هي النفخة الثانية نفخة البعث والقيام لرب العالمين. 
الثالثة: نفخة | 





أشار سيد - رحمه الله - إلى النفخة الثالثة وسماها نفخة 
الحشر والتجميع في أكثر من موضع؛ ففي ظلال آية الزمر 
ذكر الصحية الأولى التي يصعق بها كل من في السموات 
والأرض إلا من شاء الله» ثم تأتي الصيحة الثانية صيحة البعث 
والنشور من القبور ثم قال " ولا تذكر الصيحة الثالثئة صيحة 
الحشر والتجميع" ('). 

*وفي ظلال قوله تعالى: ١‏ مَايِنْظرُونَ إلا صَسَةَ وده 1 في 
سورة يس يقول: " فهي تأخذهم كل على حاله... ثم ينفخ في 
الصور فإذا هم ينتفضون من القبور... ثم إذا الصيحة الأخيرة؛ 
)١(‏ في ظلال القرآن 7177/5 » وينظر أيضاً ©/5.0717 2 7801/56 . 


(1) المصدر السابق 7٠575/5‏ بتصرف يسير . 
نميف 








ديع راسد ة فزن هذ لقف العاتر /التذهر اه الإسطارع فني 
خطاه المدهوش يثوب مَإِدَاهُمجمِيمُ دنا محَصَرُونَ ) وتنتظم 


الصفوف وتتهيأ للاستعراض في مثل لمح البصر ورجع الصدى 
000 


*وفي سورة النمل يذكر سيد - رحمه الله - نفخة الفزع التي 
يضق فنينا كل ننن فتي المحتواك والكرضك الأسين بشناء اند 
ويقول ثم تكون نفخة البعث ثم نفخة الحشر» وفي هذه يحشر 
الجميع " وكل أتوه داخرين ' أذلاء مستسلمين " (). 

* وفي ظلال قوله تعالى: (وَرَكُا بعصم يوم فيح فعض وَيمَفي 
أأصُور جَمَعْتَهُمَ جَنعَا1 [سورة الكهف:11] » يقول سيد: " وهو مشهد 
يرسم حركة الجموع البشرية» من كل لون وجنس وأرضء» ومن 
كل جيل وزمان وعصرء مبعوثين منشرين» يختلطون 
ويضطربون في غير نظام وفي غير انتباه» تتدافع جموعهم 
تدافع الموج وتختلط اختلاط الموج.. ثم إذا نفخة التجمع والنظام: 
' ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا" فإذا هم في الصف في 
نظام! " (0), 


. المصدر السابق 7177/5 بتصرف يسير‎ )١( 

و6 المصدر السابق 7١77/5‏ تصرف يسير . 

(3) في ظلال القرآن 7١94/4‏ »وينظر أيضاً ©/7755 . 
11 








*وفي ظلال قوله تعالى: [ ماي رَعرَهُ وحدَة داهم 


ألسَاهِرَوَ) [إسورة النازعات:7١-‏ ء: ١‏ ؛ يجمع سيد قطب بين 


النفخة الثانية والثالثشة في نفخة واحدة فيقول: " وهذه الزجرة 
الواحدة يغلب بالاستناد إلى النصوص الأخرى أنها النفخة 
الافنة#حففة البح الهش 00 

ويلاحظ من كلام سيد قطب السابق في تحديد عدد النفخات 
أنه وان اتفق مع أصحاب القول الثاني القائلين بأنها ثلاث إلا 
انه يختلف معهم في تحديدها فهم يقولون إنها: نفخة الفزع؛ 
ونفخة الصعق ونفخة البعث» وهو يقول: إنها نفخة الفزع 
والصعقء ونفخة البعث» ونفخة الحشر والتجميع» حيث جعل 
الاثنتين الأوليين واحدة وزاد نفخة الحشر والتجميع. 
* كيفية النفخ في الصور: يرى سيد - رحمه الله - أن كيفية 
النفخ في الصور من الأمور الغيبية مثلها مثل كيفية الصورء 
فيقول: " ونحن نؤمن أن هناك نفخة في الصور وهو البوق 
تحدث بعدها هذه الأحداث» ولا نزيد في تفصيلها شيئاً» لأنها 
غيب» ليس عندنا من دلائله إلا مثل هذه النصوص المجملة» 
وليس لنا مصدر آخر لتفصيل هذا الإجمال؛ والتفصيل لا يزيد 


581/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 








في حكمة النص شيئاً» والجري وراءه عبث لا طائل تحته إلا 
٠. 30 5‏ 1 5 ا 5 لل ١‏ 
إتباع الظن المنهيّ عنه أصلاً " .)١(‏ 

* ويقول أيضا " والصور: البوق. ونحن لا ندري عنه إلا 
اسمه؛ ولا نعلم إلا أنه سينفخ فيه» وليس لنا أن نشغل أنفسنا 
بكيفية ذلك» فهي لا تزيدنا إيماناً ولا تأثراً بالحادث» وقد صان 
الله طاقتنا عن أن تتبدد في البحث وراء هذا الغيب المكنون؛ 
وأعطانا منه القدر الذي ينفعنا فلا نزيد! " ('). 


* ويقول: " والصور كذلك غيب من ناحية ماهيته وحقيقته؛ 
ومن ناحية كيفية استجابة الموتى له.. ولكن الأوصاف له ولآثار 
النفخة فيه تعطينا -عن يقين- أنه على غير ما يمكن أن يكون 
البشر قد عهدوه في هذه الأرض أو تصوروه؛ وهو من ثم غيب 
من غيب الله» نعلمه بقدر ما أعطانا الله من وصفه وأثره» ولا 
نتجاوز هذا القدر الذي لا أمان في تجاوزه» ولا يقين» إنما هي 
الطلنوة 0211 


. 7179/5 في ظلال القرآن‎ )١( 

. 3”8017/5 المصدر السابق‎ )١( 

. المصدر السابق ؟/4*١١-55١١ بتصرف يسير‎ )١( 
ام‎ 








البتعث والنشور لفظان مترادفان وأصل البعث إثارة الشيء 
عن جفاءٍ وتحريكه عن سكون )١(‏ 
والمراد بالبعث هنا: إحياء الأموات يوم القيامة0'). 

أما النشور: فهو البعث والإحياء بعد الإماتة أيضاً» يقال 
نشر الله الموتى: أي أحياهه(). 
ثانياً: حتمية البعث: 


يقول سيد - رحمه الله -: " قضية البعث والحساب والجزاء 
في الدار الآخرة من قضايا العقيدة الأساسية» التي جاء بها 
الإسلام» والتي يقوم عليها بناء هذه العقيدة بعد قضية وحدانية 
الألوهية» والتي لا يقوم هذا الدين - عقيدة وتصوراً» وخلقاً 
وسلوكاً» وشريعة ونظاماً - إلا عليها و بها " (5). 


١‏ لسان العرب ١١7/7”‏ »ومعجم مقاييس اللغة ٠» 77/١‏ وتفسير الطبري 
8/١‏ ءوفتح الباري .597/1١١‏ 
"فتح الباري 517/١١‏ »شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص ١١5‏ . 
" فتح الباري ١١5/١١‏ . 
#في ظلال القرآن 0 . 
حمسي 








ويقول: ' والإيمان بالبعث والحشرء وبالحساب والجزاء»؛ 
عنصر أصيل في العقيدة» لا يستقيم منهجها في الحياة إلا به 
فلا بد من عالم مرتقب» يكمل فيه الجزاء؛ ويتناسق فيه العمل 
والأجر» ويتعلق به القلب» وتحسب حسابه النفس» ويقيم الإنسان 
نشاطه في هذه الأرض على أساس ما ينتظره هناك. 

ولقد وقفت البشرية في أجيالها المختلفة ورسالاتها المتوالية 
موقفاً عجيباً من قضية البعث والدار الآخرة على بساطتها 
وضرورتهاء فكان أعجب ما تدهش له أن ينبئها رسول أن هناك 
بعثاً بعد الموت وحياة بعد الدثور " (0). 

" ولقد كانت قضية البعث دائماً هي مشكلة العقيدة عند كثير 
من الأقوام منذ أن أرسل الله الرسل للناس» يأمرونهم بالمعروف 
وينهونهم عن المنكرء ويخوفونهم حساب الله يوم البعث 
والكينات: 7 0). 

ويفا كخلى ذلك" ققد كانت قضبية البعك مكان كدل: طويل 
بين الرسول ييه والمشركين» واشتمل القرآن الكريم على الكثير 
من هذا الجدل» مع بساطة هذه القضية ووضوحها عند من 
يتصور طبيعة الحياة والموت» وطبيعة البعث والحشرء ولقد 
«المصدر السابق 75717/0 . 


*المصدر السابق 7١71/5‏ . 
سرف 








عرضها القرآن الكريم في هذا الضوء مرات» ولكن القوم لم 
يكونوا يتصورونها بهذا الوضوح وبتلك البساطة» فكان يصعب 
عليهم تصور البعث بعد البلى والفناء المسلط على الأجسام 
")0 

' والسبب في ذلك: أنهم لم يكونوا يتدبرون نشأتهم الأولى؛ 
ويغفلون عن معجزة الحياة الأولى» ويغفلون عن طبيعة القدرة 
الإلهية وأنها لا تقاس إلى تصورات البشر وطاقتهم؛ وأن إيجاد 
شيء لا يكلف تلك القدرة شيئاً» فيكفي أن تتوجه الإرادة إلى 
كون الشيء فيكون. 

وغفلوا كذلك عن حكمة الله في البعث.. ليتم الجزاء في 
الآخرة على ما كان من الناس في الدنيا بالإضافة إلى جهل 
المشركين بنواميس الله الخاصة بخلق الإنسان على هذا النحو 
من القدرة على الاختيار والاتجاه.. وجهلهم بسنن الله في 
الرسالات والمعجزات والعذاب جعلهم يتسألون عن تأخر البعث 
والقبافية )0 

لذلك نجد أن المنهج القرآني اعتنى بتقرير البعث والحساب 
- عناية واضحة - مقرراً أهمية البعث ومؤكداً لوقوعه في كثير 


. 73888 3185/54 , ١5١4/* »وينظر أيضاً‎ 7١75/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ابتصرف‎ 7605117١ 051459/4 المصدر السابق‎ )١( 
يلضف‎ 








وذ الأتاك ومقافقت لنميات'المشسر كيو «التذيرن ١‏ انكتوو ا لشت 
واستبعدوا حدوثه مدللاً على وقوع البعث بأنواع من الأدلة» وهي 
ما نعرض له في الفقرة الآتية. 
ثالثاً: أدلة البعث: 
الدليل الأول: الاستدلال بالنشأة الأولى: 

كثيراً ما يربط القرآن الكريم بين البدء والإعادة وهو يناقش 
مقولات المنكرين للبعث ويرد عليهم» حيث يبين أن حقيقة البعث 
والماب طرف من الحق الأكبر الذي يقوم عليه الوجود» يقول 
مسبحاته وتعتالئ: [ أده يدوا العاق غييةة غ زو يسوي 
[سورة الروم:١١]‏ » في حقيقة بسيطة واضحة:» والترابط والتناسق 
بين جزئيها أو بين حلقتيها واضح كذلكء فالإعادة كالبدء لا 
غرابة فيهاء وهما حلقتان في سلسلة النشأة مترابطتان لا انفصام 
بينهماء والرجعة في النهاية إلى رب العالمين» الذي أنشأ النشأة 
الأذك :والنقناة التحرة" 10 

" والمنهج القرآني يجعل حقيقة النشأة الأولى دليلاآً على 
البعث ولهذا يكثر من مواجهة المشركين بهذا السؤال (أَمَنْيِبَدَوَأ 


و < 2< سه وما 


لَفَنَتْرَيميدُه 1 [سورة النمل:14] » وذلك لأن بدء الخلق حقيقة 


. في ظلال القرآن 7517/0؟‎ )١( 
سق‎ 








واقعة لا يملك أحد إنكارهاء ولا يمكن لأحد تعليلها بغير وجود 
الله ووحدانيته» وجوده لأن وجود هذا الكون ملجئ للإقرار 
بوجوده وقد باءت بالفشل المنطقي كل محاولة لتعليل وجود هذا 
الكون على هذا النحو الذي يظهر فيه التدبير والقصد بغير 
الإقرار بوجود الله» ووحدانيته لأن آثار صنعته ملجئة للإقرار 
بوحدانيته» فعليها آثار التقدير الواحد» والتدبير الواحد.. 

فأما إعادة الخلق فهذه التي كانوا يجادلون فيها ويمارون» 
ولكن الإقرار ببدء الخلق على هذا النحو الذي يظهر فيه 
التقدير والتدبير والقصد والتنسيق ملجئ كذلك للتصديق بإعادة 
الخلق» ليلقوا جزاءهم الحق على أعمالهم في دار الفناء.. ومن 
هذا التلازم بين الإقرار بمبدأ الحياة والإقرار بمعيدها يسألهم 
ذلك السؤال: " أم من يبدأ الخلق ثم يعيده؟ " " أإله مع اش؟ ". " 
قل: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين '.. 

وانهم ليعجزون عن البرهان.. وهذه طريقة القراآن في الجدل 
عن العقيدة» يستخدم حقائق الكون النفس» ويوقظ الفطرة 
ويستجيش المشاعر والوجدان بما هو مركوز فيها من الحقائق 
التي تغشيها الغفلة» ويحجبها الجحود والكفران» ويصل إلى 
تقرير الحقائق بطريقة لا تقبل المراء الذي يقود إليه المنطق 
الذهني البارد» الذي انتقلت عدواه إلينا من المنطق الإغريقي» 


الف 





وفشا فيما يسمى علم التوحيد» أو علم الكلام! .)١('‏ 
*وقد جاءت أيات عدة ترد على مقولات الكفار في استبعاد 
البعث منها: 


آآ ا ل هذ[ 


-١‏ قوله تعالى: ( أوَلَرْيَرَ الإضكنٌ أنا حَلَقَسَهُمِن تُطفَةِكإِدَاهْوَ 
وه رمسم 10 قل يها الى أنشأها وَل مَرَوْوَهْوَبَكُلَ حَلْقٍ عَلِيِءٌ 
] [إسورة يس:/21-17"] . يقول سيد- رحمه الله-: " والآيات 
تبدأ بمواجهة الإنسان بواقعه هو ذاته في خاصة نفسه؛ وهذا 
الواقع يصور نشأته وصيرورته مما يراه واقعاً في حياته» ويشهده 
بعينه وحسه مكرراً معاداًء ثم لا ينتبه إلى دلالته» ولا يتخذ منه 
مصداقاً لوعد الله ببعثه ونشوره بعد موته ودثوره.. 

فما النطفة التي لا يشك الإنسان في أنها أصله القريب؟ إنها 
نقطة من ماء مهين» لا قوام لها ولا قيمة! نقطة من ماء تحوي 
ألوف الخلايا.. خلية واحدة من هذه الألوف هي التي تصير 
جنيناً» ثم تصير هذا الإنسان الذي يجادل ربه ويخاصمه 
ويطلب منه البرهان والدليل! 

والقدرة الخالقة هي التي تجعل من هذه النطفة ذلك الخصيم 


. بتصرف‎ 7١615١١١65 في ظلال القران‎ )١( 
ا"‎ 








الفيين» وهنا أبعد النقلة فِيْن المنشا والمصصير ! أقهذه القدرة 
يستعظم الإنسان عليها أن تعيده وتنشره بعد البلى و الدثور؟ 


دح لو يس 
م 


تك كلا وبق ان الاق تك الطلة رهن دود 1 كل 
يه الى ماه وَل مَرَوَّوَهُوَبَكُل حَلْقٍ عَلِيِمٌ 1 يا للبساطة! ويا 
لمنطق الفطرة! ومنطق الواقع القريب المنظور! 
وهل تزيد النطفة حيوية أو قدرة أو قيمة على العظم الرميم 
المفتوت؟ أو ليس من تلك النطفة كان الإنسان؟ أو ليست هذه 
هي النشأة الأولى؟ أو ليس الذي حول تلك النطفة إنساناً وجعله 
خصيماً مبيناً بقادر على أن يحول العظم الرميم مخلوقاً حياً 
جديداً؟ إن الأمر أيسر وأظهر من أن يدور حوله سؤال؛ فما بال 
الجدل الطويل؟! " .)00١(‏ 
١-قوله‏ تعالى: ١‏ حَن حَلَقََكم فلولا ُصَدَفونَ (00) ريم امَو 
4 1 مي سم 


يمَسْموقِينَ (0) عَلك أن بَوْلَ أ 


ع مهاه ه- مدع > ع سس سه و 
اما لشّسَأَة الْأُوك فلولا يَدَكَرُونَ 1 [سورة الواقعة:/اه-17] . 


إن هذا الأمر أمر النشأة الأولى ونهايتهاء أمر الخلق وأمر 
الموت» إنه أمر منظور ومألوف وواقع في حياة الناس» فكيف 


عد لو ل كه 


0 00 
ندع م فى ما لا تعلمون ولعّد 


. 5911/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
00 








لا يصدقون أن الله خلقهم؟ إن ضغط هذه الحقيقة على الفطرة 
أضخم وأثقل من أن يقف له الكيان البشري أو يجادل فيه.. إن 
دور البشر في أمر هذا الخلق لا يزيد على أن يودع الرجل ما 
يُمنى رحمّ امرأة» ثم ينقطع عمله وعملهاء وتأخذ يد القدرة في 


العمل وحدها.. وهذا القدر من التأمل يدركه كل إنسان» وهذا 
يكفي لتقدير هذه المعجزة.. فقصة هذه الخلية منذ أن تمنى» إلى 
أن تصير خلقاًء قصة أغرب من الخيالء لولا أنها تقع فعلاً 
ويشهدها الإنسان!.. والنهاية فلا تقل إعجازاً» وان كانت مثلها 
من مشاهدات البشر المألوفة [ حَنَدَرتَايَمٌ الْمَوْتَوَمَاححنيِسَسَبوْقينَ 
] فهو حلقة في سلسلة النشأة التي لا بد أن تتكامل.. فإذا جاء 
الأجل المضروب كانت النشأة الآخرى 'وننشككم فيما لا 
تعلمون" في ذلك العالم المغيب المجهول.. تكون النشأة الآخرة 
'ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون! " فهي قريب من قريب» 
وليس فيها من غريب. 

بهذه البساطة وبهذه السهولة يعرض القرآن قصة النشأة الأولى 
والنشأة الآخرة؛ وبهذه البساطة وهذه السهولة يقف الفطرة أمام 
المنطق الذي تعرفه» ولا تملك أن تجادل فيه» لأنه مأخوذ من 
بديهياتها هي ومن مشاهدات البشر في حياتهم القريبة» بلا 
تعقيد ولا تجريد ولا فلسفة تكد الأذهان» ولا تبلغ إلى الوجدان» 


7 





إنها طريقة الله مبدع الكون وخالق الإنسان ومنزل القرآن" ('). 


ا ي 0 ا ل عو وى انه بن سر رج سرح م 
-قوله تعالى: ( يأيها النَّاس إن كسم في ربب من البعثٍ ذإ 
ساسع ل يهن دل شت ل ديه ع عرص وه ظح سر ل 
حَلقتكر من تراب ثم من نَطفَةٍ كم مِنْ عَلفَيِر ثم من مُضِعَةٍ تحْلَقَةٍ 
سه ورم _- و ا م ع رع عي م عي - و 2 آذه | هه 
وَغيرٍ خلقَة سين لكم وَنْقِرٌ ف الأَرْحام ما ضشَاءإِكَ أجل مس 


د 
رح سا 02 


حرم طِفلا ثم نلعا أَشْيكُم وَونحكُم من ينو 
[سورة الحج:5] . 

يقول سيد - رحمه الله -: " إن كانوا يشكون في إعادة الحياة 
فليتدبروا كيف تنشأ الحياة» ولينظروا في أنفسهم» وفي الأرض 
من حولهم» حيث تنطق لهم الدلائل بأن الأمر مألوف ميسور... 

إن البعث إعادة لحياة كانت» فهو في تقدير البشر أيسر من 
إنشاء الحياة» وإن لم يكن بالقياس إلى قدرة الله شيء أيسر ولا 
شيء أصعب. فالبدء كالإعادة أثر لتوجه الإرادة " إنما أمره إذا 
أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون" ولكن القرآن يأخذ البشر 
بمقاييسهم» ومنطقهم» وادراكهم» فيوجه قلوبهم إلى تدبر المشهود 
المعهود لهم» وهو يقع لهم كل لحظة» ويمر بهم في كل برهة.. 
فما هؤلاء الناس؟ ما هم؟ من أين جاءوا؟ وكيف كانوا؟ وفي أي 


. في ظلال القرآن 478-1451//5" بتصرف‎ )١( 
تيسق‎ 








الأطوار مروا؟ 

من تراب: ولكن أين التراب وأين الإنسان؟.. نقلة ضخمة 
بعيدة الأغوار والآماد» تشهد بالقدرة التي لا يعجزها البعث» وهي 
أنشأت ذلك الخلق من تراب " ثم من نطفة " والمسافة بين 
عناصر التراب والنطفة مسافة هائلة.. وتحول النقطة إلى علقة 
ثم مضغة ثم إنسان مركب معجزة تدل على القدرة الإلهية.. 
فدلالة هذه الأطوار على البعث دلالة مزدوجة.. فهي تدل على 
البعث من ناحية أن القادر على الإنشاء قادر على الإعادة؛ 
وهي تدل على البعث لأن الإرادة المدبرة تكمل تطوير الإنسان 
في الدار الآخرة .)١('‏ 


لس سمه 2 سا ك0 


4 - قوله ا وَقَالُوا وا كنا عِظلما ورفلا لون لمبعويُونَ حلم 


سرح بر 


جَدِيدًا 0 ## فل ونوا حِجَارَة أَوَحَرِيدًَا (0) أَوسَلَقَامَئَا كرف 


0 سد رخ مسبرء فى سم سحلا 


وكثى ممه 
صَدورِهر فسيمولون من يعدا ف لذِى فَطَرَكُم أَوَلَ مرق فسيتغِضون إليك 


وو لاوس مشر لس نويه جرح لاسا م سج سس سح ابو 
لهو سه ويفولُوتت م هو قُلْعَمَو أن يكورك قربا 00 يوم يدعوم 
1 َس 2و 


فتسئيبوت مله وَتَظنُونَ إن تسم إلا فيلا ) إبب 'ورة 
الإسراء: 59 -55] . 


وقوله تعالى: ( سب لانن أجتة شت (© أل يفشلةين و 


. بتصرف‎ 751١١-75409/54 في ظلال القرآن‎ )١( 
مضق‎ 





10-7776 سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


آذه 
21 


ننق 3/57 علقة مَل سَوَى 70 جَمَلينهُ دك وال (50) أبس 
لِك بقَدِرٍ عَكَ أن يحي ألَوّقَ 1 [سورة القيامة:5؟-50] . 

حيث وقف سيد - رحمه الله - في ظلال هذه الآيات مبيناً 
منهج القرآن الكريم في الاستدلال بالنشأة الأولى على قدرة الله 
على البعث والنشور بعد الموت("). 


: الاستدلا 5 


ما 





الانسان: 
فالذي قدر على أن يخلق الأعظمء قادرعلى أن يخلق ما 
دونه مع أنه يساوى الجميع في حق الله تعالى» ومن ذلك: 


* قولة تعغنالى: (أول برو أن أله الذى حلق التموات والارض قاو 


لس سح سح جورلا 


عل أن لق ْلَه وَجَعَلَ لبر ألا لريب فيه َف الطَديمُون لَه ورا 
] [سورة الإسراء:11] » " فالقراآن يجادلهم بالمنطق الواقعي 
الذي يرونه فيغفلونه.. فأية غرابة في البعثء والله خالق هذا 
الكون الهائل قادر على أن يخلق مثلهم» فهو قادر إذاً على أن 
يعيدهم " (). 


)١(‏ ينظر في ذلك : في ظلال القرآن 30710/9-7111/5 7738 1/56ه/اك- 
مهما . 
(3) في ظلال القرآن 5557/4 . 

ضف 








0 


السَّمَنوتِ وَالارض ِعَدِدِرٍ 
عَكَأَنيكَلْقَ مِتْلَهُم بَلَ وَهْوَلْخَلّقُ لْعِيمْ 1 اسورة يس:١]‏ ' 
فالاية تعرض دلائل القدرة» وتبسط قضية الخلق والإيمان 
والإعادة للبشر أجمعين.. فالسموات والأرض خلق عجيب هائل 
دقيق» في أحجامها ومكوناتهاء ودقتها.. فأين الناس من ذلك 
اتكلى :الهائل العسعت؟. "كاه سحانة وتفالى يكل هذا وذلك 
وغيرهما بلا كلفة ولا جهد ولا يختلف بالقياس إليه خلق الكبير 
والصغير ' إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ". 
يكون هذا الشيء سماءً أو أرضاء ويكون بعوضة أو نملة» هذا 
وذلك سواء أمام الكلمة.. كن.. فيكون! ليس هناك صعب ولا 
سهل» وليس قريب ولا بعيد» فتوجه الإرادة لخلق الشيء كاف 
وحده لوجوده كائناً ما يكون إنما يقرب الله للبشر الأمور 
ليدركوها بمقياسهم البشري المحدود " ('). 
*وقوله تعالى: ( تَأسْتَفم أ م أَمّدٌ حَلنَا م عَنحَلََنإِنَ حَلفَسَهُم 
طن ارب 07 بل عيجنت> وِسكَرُوة 80 وَإذا دوا لا يود 05 
لمارا كَيدوْسسيُون '(5] وكالوا إن هذل لا فك مين 10 لوذا يننا وكا 


سر 


ا ا 000 1 


* وقوله تعالى: انالف خلق 


(١)في‏ ظلال القرآن 91/17//6 7917-5 . 
فشك 








. ]١ 8-١١ [سورة الصافات:‎ 


يقول سيد - رحمه الله -: " بعد أن ذكر الله الملائكة وذكر 
السماوات والأرض وما بينماء وذكر الكواكب التي تزين السماء 
الدنياء وذكر الشياطين المردة والقذائف التي تلاحقهاء يكلف 
الرسول و أن يسألهم أهم أشد خلقاً أم هذه الخلائق؟ واذا كانت 
هذه الخلائق أشد وأقوى ففيم يدهشون لقضية البعث ويسخرون 
منهاء ويستبعدون وقوعهاء وهي لا تقاس إلى خلق تلك الخلائق 
الكبرى.. فاستفتهم واسألهم إذا كانت الملائكة والسماوات 
والأرض وما بينهما والشياطين والكواكب والشهب كلها من خلق 
الله فهل خلقهم هم أشد وأصعب من خلق هذه الأكوان 
والخلائق؟ ولا ينتظر منهم جواباً» فالأمر ظاهرء إنما هو سؤال 
الاستنكار والتعجب من حالهم العجيب» وغفلتهم عما حولهم» 
والسخرية من تقديرهم للأمور.. وغفلتهم عن آثار القدرة الإلهية 
فيما حولهم» واستبعداهم للبعث» وما في هذا البعث من غريب 
على تلك القدرة الإلهية ولا بعيد لمن يتأمل الواقع وما يحيط به " 
000 


. في ظلال القرآن 9/85/0؟7185-1 بتصرف‎ )١( 
يلضف‎ 








ان 5 رء خخ 8-2 مدع عه 00 00 
وقوله تعالى: [ َنم أَحَدَ لما أو لماه بها (50) رهم سَمَكَهَا وها 
حدم مي 


(0) عطس لالم ها( وَالْارص بَعَدَ دلِكَ حسَنها 50 اج ينها 
مها وَمرَحَنهَا ((80) وَاخْبَالَ أَرسَهَا 1 [سورة النازعات:/١-؟"]‏ . 


يقول سيد- رحمه الله-: " وهو استفهام لا يحتمل إلا إجابة 
واحدة بالتسليم الذي لا يقبل الجدل ' أأنتم أشد خلقاً أم السماء؟ 
السماء! بلا جدال ولا كلام! فما الذي يغركم من قوتكم والسماء 
أشد خلقاً منكم» والذي خلقها أشد منها؟ هذا جانب من إيحاء 
السؤال. 

وهناك جانب آخرء فما الذي تستصعبونه من أمر بعثكم؟ 
وهو خلق السماء وهي أشد من خلقكم؛ وبعتكم هو إعادة 
لخلقكم؛ والذي بنى السماء وهي أشدء قادر على إعادتكم وهي 
1 

* وكذلك قوله تعالى: ( أوَلَرروَا أَنَأَمَه الى حَلَقَاَلسَمُوت 


كو اراك .العا ع عر > جرء م«س ءبع 2 م.م 
وَالارْصَ وَل بق يحَلْقهنَ بَِددِرٍ عَك أن يح ىالْمَوقٌ بل إِنَه. علكل سَىْءِ 


تَدِيرٌ 1 [سورة الأحقاف:57] " وهي لفتة إلى كتاب الكون 


. 581/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
0 








المنظورء الذي يشهد بالقدرة المبدعة ويوحي بيسر الإحياء بعد 
الموت:" 200 

- إذاً فعجيب أمر قوم ينكرون البعث وهم يرون الآيات 
الضخام» وعجائب الكون الدالة على قدرة الخالق -جل وعلا- 
وحكمته الناطقة بان من مقتضيات هذه الحكمة أن يكون هناك 
وحي لتبصير الناسء وأن يكون هناك بعث لحساب الناس» وأن 
من مقتضيات تلك القدرة أن تكون مستطيعة بعث الناس 
ورحعهم تالذي كلق :هذا الكون اليك وديزه على :هذا التحزة 
قادر على إعادة الأناسي في بعث جديد("). 

وعموماً فالقرآن الكريم يجعل من الكون وما فيه من 
مخلوقات عظمية دليلاً كونياً على يسر الخلق وسهولة البعث» 
فقدرة الله يستوي عندها الواحد والكثير» والكبير والصغير» فهي 
لا تبذل جهداً في خلق الأشياء» إنما هي الكلمة والمشيئة " كن 
فيكون ' وعندئذ يستوي خلق الواحد وخلق الملايين» وبعث 
النفس الواحدة وبعث الملابين قال سبحانه وتعالى: ( مَاحَلَفُكٌ 


. في ظلال القران 11 بتصرف يسير‎ )١( 
. بتصرف‎ 7٠١517 .70554/5 المصدر السابق‎ )"1( 
5 





10-7776 سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


لقمان:8؟] » .)١(‏ 
الدليل الثالث: الاستدلال بإحياء الأرض الميتة بالمطر: 
من البراهين التي جاءت في القرآن الكريم في معرض 
الاستدلال على قضية البعث: الاستدلال بإحياء الأرض الميتة 
بالمطرء حيث جاء ذلك البرهان في كثير من الايات منها: 
١-قوله‏ تعالى: ( تَأنظزٌ إِكَ ءاثر يمن لَه كيف ب الارص بعد 


صد 


سه و دوحج مدسء د للنزؤر يرن رلكرس ‏ 7 ذه 
ويا إِنَ ذلك لمح الْموفٌ وهو عل م[ شىء فَرِيرٌ 1 [آسصسورة 


. ]5١:مورلا‎ 

يقول سيد - رحمه الله -: " السياق يقرر أن الله هو الذي 

يرسل الرياح» وينزل المطرء ويحيي الأرض بعد موتهاء وكذلك 
يحيي الموتى فيبعثون» سنة واحدة» وطريقة واحدة» وحلقات في 
سلسلة الناموس الكبير... إنها حقيقة واقعة منظورة» لا تحتاج 
إلى أكثر من النظر والتدبرء ومن ثم يتخذها برهاناً على قضية 
البعث والإحياء في الآخرة» على طريقة الجدل القرآني» الذي 
يتخذ من مشاهد الكون المنظورة وواقع الحياة المشهودة» مادته 
وبرهانه» ويجعل من ساحة الكون العريض مجاله وميدانه " 


. في ظلال القرآن 7795/5 بتصرف‎ )١( 
ضف‎ 








فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن 
ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" فهذه آثار رحمة 


الله في الأرض تنطق بصدق هذا الوعد وتؤكد هذا المصير " 
00 


-١‏ قوله تعالى: ( يحرج ألْحَّمنَ ألْمَيتِ وج الْمِبِتَمِن الح وغ 
الْدَرْصَ بعد مَوتبَاوَكَدَِكَ رمت ) [سورة الروم:9١]‏ . 
عملية دائبة لا تكف ولا تني لحظة واحدة من لحظات الليل 
والنهار في كل مكان» على سطح الأرض» وفي أجواز الفضاء» 
وفي أعماق البحار.. ففي كل لحظة يتم هذا التحول» بل هذه 
المعجزة الخارقة التي لا ننتبه إليها لطول الألفة والتكرار» في 
كل لحظة يخرج حي من ميت ويخرج ميت من حيء» ويتحرك 
برعم ساكن في جوف حبة أو نواة فيفلقها ويخرج إلى وجه 
الحياة» وفي كل لحظة يجف عود أو شجرة تستوفي أجلها 
فتتحول إلى هشيم؛ ومن الهشيم توجد الحبة الجديدة المتهيئة 
للحياة والإنبات.. إنها دورة دائبة عجيبة رهيبة لن يتأملها بالحس 
الواعي والقلب البصير" وكذلك تخرجون" فالأمر عادي واقعي لا 
غرابة فيه» وليس بدعاً مما يشهده الكون في كل لحظة من 


. في ظلال القرآن 7715/5 بتصرف يسير‎ )١( 
ظضف‎ 








لحظات الليل والنهار في كل مكان! ' (2. " إن إحياء الموتى 
إعادة للحياة» والذي أنشأ الحياة الأولى في نفس والأرض 
والقناك :قافن غلك أن حتقناها اموه أحرى :00 


2 


*- قوله تعالى: ( وَأَنَّه ألِىَ أيَسَلَ أَلرَكمَ قير مكاًا َقَئَه إل , 


نل 


جح عم ره 


يت فََحِينَا يه الْوْصَ بِعْدَ مَويهَا كَدَلِكَ الدعُورُ 1 [سورة فاطر :4] . 
يقول سيد - رحمه الله -: " وهذا المشهد يتردد في معرض 
دلائل الإيمان الكونية في القران» مشهد الرياح والسحاب والمطر 
الذي يحي الأرض الميتة» وهي خارقة تحدث كل لحظة:» والناس 
في غفلة عن العجب العاجب فيهاء مع وقوعها في كل لحظة 
يستبعدون النشور في الآخرة» وهو يقع بين أيديهم في الدنياء ' 
كذلك النشور " في بساطة ويسرء وبلا تعقيد ولا جدل بعيد! " ("). 
- قوله تعالى: ل 
ألْمَه هيت وَرَبَتَ إن الى أَحَاهَا لمج المووإنّه. علكُل عْء قَرِبرُ 
[سورة فضلت:85] » وقوله تعالى* (وترى الأتضع عَامدة 00 


رسع رج سكج سس سر 2 3 


عَيِّها ألما هرت وربت وأَنْبَتتَ من كل زوج بهيج ) إسسورة 


)0 في ظلال القرآن 7757-71/57/6 بتصرف . 

(2) المصدر السابق 5/١557؟-١١741‏ بتصرف . 

. بتصرف يسير‎ ١174/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ضف‎ 








الحج:5] فالآيات تشير إلى الموتى» وتتخذ من إحياء الأرض 
نموذجاً ودليلاً.. " إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل 
شيء قدير » ويتكرر في القرآن الكريم عرض مثل هذا المشهد 
واتخاذه نموذجاً للإحياء في الآخرة ودليلاً على القدرة؛ فمشهد 
الحياة في الأرض قريب من كل قلب لأنه يلمس القلوب قبل أن 
يلمس العقول» والحياة تنبض من بين الأموات» وتوحي بالقدرة 
المنشئة إيحاءً خفياً في أعماق الشعورء والقرآن الكريم يخاطب 
الفطرة بلغتها من أقرب طريق .)١(‏ 

د - وقوله تعالى: | وَتَرََامِنَ اَمَك مَك توك دَأََْسَنَايوِء جَنَّتٍ 


نسو 
4 


سسا ناج جا لاع ار عط 


وَحَبَ أْفْصِيد (0) وَالدَخْلَ بَاسِفَاتٍ طاطم تيد (00) رَنا لاد 

ولجنا بيد تلن مدنا يعن كَدِكَ ليوج ) إسورة ق:9-١١]‏ » يقول سيد 
- رحمه الله -: " يمضي السياق في عرض صفحات الحق في 
كتاب الكون» في طريقه إلى قضية الإحياء والبعث؛ من خلال 
عرض آية الماء والنبات لينتهي إلى الهدف الأخير (وَأَحمَيَابدء 
دهي كَدَِكَ الج فهي عملية دائمة التكرار» مألوفة للناس» 
ولكنهم لا ينتبهون إليهاء ولا يلحظونها قبل الاعتراض والتعجب» 


. بتصرف‎ 17١4/6 5177/6 في ظلال القرآن‎ )١( 
انفف‎ 





10-7776 سرت قطي ومنمجه في العقيدة 22/7 


كذلك الخروج» على هذه الوتيرة» وبهذه السهولة " .)١(‏ 
الدليل الرابع: الاستدلال بإحياء الله لبعض الموتى في الدنيا: 
حيث وردت عدة قصص في القرآن الكريم لإحياء الله لبعض 
الموتى من المخلوقات إنساناً وطيراً وحيوانات» وقد أشار سيد - 
رحمه الله - في ظلال الايات التي تحدثت عن إحياء الله 
لبعض الموتى إلى دلالتها على البعث والنشور. 
* ففي ظلال قوله تعالى في قصة أصحاب الكهف: ( 


ع عو امد 


يكاين السام يكلو اك ون الف زا أرقف رارك 
فِيهّآ) [سورة الكهف:١!]‏ » يقول سيد- رحمه الله -: " إن 
العبرة في خاتمة هؤلاء الفتية هي دلالتها على البعث بمثلٍ 
واقعي قريب محسوس» يقرب إلى الناس قضية البعثء فيعلموا 
لوزعم ] نالهك عو كران الناعة الأرزوب لوطل ينذا 
النحو بعث الفتية من نومتهم وأعثر قومهم عليهم' (2). 

*وفي ظلال قوله تعالى في قصة بنى إسرائيل: ! فَعَلَنا 
أضْرِهه ببَعْيْباً كَدِكَ يت أله الْمَوَقٌ وَرِيصكُمْ َإِييِو- َلك تْقَُونَ 
[سورة البقرة:77] » يقول سيد -رحمه الله -: " وهنا نصل إلى 


. في ظلال القرآن 7551-13950/5 بتصرف‎ )١( 
. 7775/4 في ظلال القرآن‎ )5( 
م‎ 








الجانب الثاني من جوانب القصة»؛ جانب دلالتها على قدرة 
الخالق» وحقيقة البعث» وطبيعة الموت والحياة»... إنها مجرد 
وسيلة تكشف لهم عن قدرة الله التي لا يعرف البشر كيف 
تعمل» فهم يشاهدون أثارها ولا يدركون كنهها [ِكَدَلِكَ يح أله 
لْمَوْنَ إكذلك بمثل هذا الذي ترونه واقعاً ولا تدرون كيف وقعء 
وبمثل هذا اليسر الذي لا مشقة فيه ولا عسر" .)١(‏ 

*ومن ذلك قصة الرجل الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه؛ 


2 5 7 أت به د 7 سم سمس ا 


آ ‏ - 
َس 
06 
3 


ود . هو لوس لس رتسل سير مهو وي سل فو جو 2 
أن يحى- هدز و الله بعد مُوْتَه فأ نه لله ماكة عاورثم بعثه, 3 


ده 24 2 112 1 2 و ددع ع مرو ل اله مه 12 2 23 سمل وج 
صد 
صقر 1 6 ل ال 00 0 مسر 
فانظر إ! مِكَ وشرايك لم يتسنّه أنظر إِن جماراء 
1211 - 0ه حا رامع 2 مد لد دح سد الخ فو سسا 
وَلِتَجَعَراكَ ءايئة لِلبّّاس وأنظرْ إل الْهِظَا حيفّ تنشزهًا 


مَنِسِرٌ 1 [سورة البقرة:59١]‏ » " فهذا القائل يعرف أن الله هناك» 
ولكن مشهد البلى جعله يحار كيف تدب الحياة في هذا الموات؟ 
لم يقل له كيف» إنما أراه في عالم الواقع كيف! ' فأماته الله مائة 


. بتصرف‎ 80-19/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
ضيف‎ 








عام ثم بعثه " فالمشاعر تكون أحياناً من العمق بحيث لا تعالج 
بالبرهان العقلي والمنطق الوجدانيء ولا بالواقع العام الذي يراه 
العيان» إنما يكون العلاج بالتجربة الشخصية الذاتية المباشرة؛ 
التي يمتلئ بها الحس ويطمئن بها القلب» دون كلام! فأدرك 
كيف يحي الله الموتى " فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل 


شيء قدير" 0 


* ومثل هذا قصة سؤال إبراهيم ربه أن يريه كيف يحي الله 


وح ضح ساد 


الموتى» قال تعالى: (وَإِد دَالَ رهم وك ل 


صد لا ما د ل سا سا قرو د سه 


َالَ ألم »م تومن قَالَ بَلَ ولكن لَِظْمَِينَ كَلَى قَالَ فَحَدْ أرب عد كن الطان 


-_ 


ء وه سوس 


فَصَرَهنَ إِلَيَكَ خُمَأَجِصَلٌ عل صُِ جَبَلٍ مَهْنَّ جزءا تمَاَدْعْهُنَ يأتِسَكَ 


معنا وغل أن أله عير حَكي ) اشتحعورة القحرة:؟] + وقهة 
استجاب الله لهذا الشوق والتطلع من إبراهيم -عليه السلام- 
وتنحة التهزية الذاقية النذاك 001 , 
الدليل الخامس: تنزه الله عن العبث: 





إن الذين ينكرون البعث ويرونه أمراً عسيراً بعد الموت والبلى 
وتفرق الأشلاء» إنما غفلوا - كما سبق - عن معجزة الحياة 


. بتصرف‎ "٠١-17995/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
. 307/١ في ظلال القرآن‎ )3( 
يفف‎ 








الأولى» وغفلوا عن طبيعة القدرة الإلهية التي لا تقاس إلى 
تصورات البشر وطاقاتهم»؛ وكذلك غفلوا عن حكمة الله في 
البعث» فهذه الدنيا لا يبلغ أمر فيها تمامه» فالناس يختلفون 
حول الحق والباطل» والهدى والضلال» والخير والشرء وقد لا 
يفصل بينهم فيما يختلفون فيه هذه الأرض لإن إرادة الله شاءت 
أن يمتد ببعضهم الأجلء» وألا يحل بهم عذابه في هذه الدار 
حتى يتم الجزاء في الآخرة» ويبلغ كل أمر تمامه هناك " .)١(‏ 

هذا من جانب» ومن جانب آخر فان الحياة الإنسانية التي 
نشأت من الأرض لا تنتهي في الأرضء لأن عنصراً غير 
أرضي قد امتزج بهاء وتدخل في خط سيرهاء ولأن تلك النفخة 
العلوية قد جعلت لها غاية غير غاية الجسد الحيواني» ونهاية 
غير نهاية اللحم والدم القريبة» وجعلت كمالها الحقيقي لا يتم في 
هذه الأرضء ولا في هذه الحياة الدنياء إنما يتم هنالك في مرحلة 
جديدة وفي الحياة الآخرى... 

فالذين ينكرون البعث لا يدركوا حكمة الحياة الكبرى» ودقة 
التدبير في أطوارها للوصول بها إلى غايتها البعيدة» هذه الغاية 
التي لا تتحقق بكمالها في هذه الأرضء فالخير لا يلقى جزاءه 
الكامل في الحياة الدنياء والشر كذلك» إنما يستكملان هذا الجزاء 


. بتصرف يسير‎ 5١7-57117١/4 المصدر السابق‎ )١( 
١ 








فتالك يتحنة برصيلالكومتوف ”الل هون الى قسن السواة الفظر»ه 
التي لا خوف فيها ولا نصبء ولا تحول فيها ولا تعب» ويصل 
المرتكسون المنتكسون إلى درك الحياة السفلية ويرتدون فيها 
عكار أى #التهها رت ا 

" فالبعث في الآخرة ضرورة للنشأة الإنسانية لتستكمل 
حون الوكين نوريا دزقلها اث مضيرنه ا" الأرنن في بالفياة 
الدنياء فلا مجال للظن بأنه لن يبعث أحداً من الناسء» فهذا 
الظن مخالف للاعتقاد في حكمة الله وكماله سبحانه وتعالى ' 
0 

" ولقد كانت الحياة في نظر المنكرين حركة لا علة لها ولا 
هدف ولا غاية» أرحام تدفع وقبور تبلع وبين هاتين لهو ولعب» 
وزينة وتفاخر» ومتاع قريب من متاع الحيوان» فأما أن يكون 
هناك ناموس وراءه هدف» ووراء الهدف حكمة» ووجود لإنسان 
إلى الدنيا وفق قدر يجري إلى غاية وينتهي إلى حساب؛ فلم 
يكن في تصورهم ومداركهم '(") 

ولهذا كان الرد الإلهي على من ينكر البعث ( أَفَحَمِبسْرَاتم 


. في ظلال القرآن 7570/54 5517 ؟ بتصرف‎ )١( 

. 3179/5 المصدر السابق‎ )١( 

(1) المصدر السابق 1/177/5 5714-5 بتصرف . 
مضق 








محر رو 


َه إل هو رت الْمَرَشِ ألْحكَرمٍ ) [سورة المؤمنون:5١١-7١١]‏ 
؛ بهذا التعقيب ينهي القرآن الكريم الجدل مع المشركين حول 
إنكارهم البعث» فحكمة البعث من حكمة الخلق» محسوب 
حسابهاء ومقدر وقوعهاء ومدبر غايتهاء وما البعث إلا حلقة في 
سلسلة النشأة» تبلغ بها كمالهاء ويتم فيها تمامهاء ولا يغفل عن 
فنك 1ق لسدزودون: لوست 3 دون لا كفو خفينة لذ 
الكبرى» وهي متجلية في صفحات الكون والوجود " .)١(‏ 


. 7587/54 في ظلال القرآن‎ )١( 
3 








المطلب الثالث 


الحشر والقيامة 

الحشر في اللغة بمعنى: الحشد أي الجمع» ومنه قوله تعالى: 
١‏ كَالَ مَوْعِدكُم بوم الْسَةِوَأَحُيرَأَنَآسُ صُّحّ) [سورة طه:؟ه] » 
ويغلب استعمال الحشر للجمع مع السوق .)١(‏ 
أما في الاصطلاح الشرعي: فالحشر يعني: جمع الخلائق يوم 
القيامة لحسابهم والقضاء بينهم ('). 

وحشر الناس والخلائق وجمعهم ليوم الفصل يكون بعد 
البعث» وقد سبق معنا أن سيد قطب حرحمه الله- يرى أن يوم 
القيامة يبدأ بنفخة الصعق والفزع» التي تقضي على كل حي - 
إلا من شاء الله - ثم تأتي نفخة البعث والنشور والخروج من 
القبور» ثم تأتي نفخة الحشر والتجميع والسوق للحساب والجزاء؛ 
وَيَتََاحَن ذلك أحذاقا وأهوالاً عظاما: 

وقد قرر القرآن الكريم تلك الإحداث والأهوال في كثير من 
الآيات» وكلها تشير إلى اختلال كامل في النظام الذي يربط 
أجزاء هذا الكون المنظور وأفلاكه ونجومه؛ وانقلاب في 
)١(‏ معجم مقاييس اللغة لابن فارس 55/7 . 


(1) شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص ١١5‏ . 
55١‏ 








أوضاعه وأشكاله وارتباطاته» تكون بها نهاية هذا العالم» وهو 
انقلاب لا يقتصر على الأرض» إنما يشمل النجوم والكواكب 
والأفلاك» وقد جاء استعراض مظاهر من هذا الانقلاب في 


سور متعددة مثل: 
* قوله تعالى: (إِذَا الشّمس مورت"( وَإدًا التجُوم أنكدرت 5 وَإذَا 
َال عزيت )ررد اليد طيللت (ج) ويا ايوش خدرت (ه 
وَإِذَاألِْسَارُ سرت )وذ النفوس رُوْجَتَ (0) وا لوده سات 
هبأي دب فيلت (ره) ود لصحف شرت )ليطت 00 
وَإِذَ لم سْعِرتٌ 00 وله 2 َه زفت (0اعَامَتَ سن نا لْحصَرَت 1 '[سوزة 
التكوير: ]١ 5-١‏ . 
* وقوله تعالى: إِإِذَاألسَماءُ أَنمَطْرَتٌ "و2 )وَإدًا الكواكب أنتيرت '(ر) وَإِدَا 
الْعَاك فُجَرف 5 ) وإذا القور مارك "1 علدت تق كا فَدملت ولحرق) 
[سورة الانفطار:١-‏ 5] . 
* وقوله تعالى: (إدَا أل أنتَقَّتَ 00 َأَؤِتْرَيا وَحَقّتَ '(ك)وإدَا الْدرْضُ مُدَّتْ 0 
وَأَْعَتَمَا با ولت ع )وَأوِتِْرَيهَا وَحْقَّتَ) [سورة الانشقاق:الآيات ]5-١‏ . 
* وقوله تعالى: [ فَإِدًا أَنتَفَّتِ أَلسَّمَآه فكت وَرْدَهُ كليّهَانِ 1 [أسورة 


الرحمن:2ا؟] . 


553 





سل ع مه 


5 م ح ساخيو سا لا رعواي صح عم عبرا ع تصترا 
* وقوله تعالى: | فَإدَانتِمَفِالصورِ نفَحَهُ وبحِدَه (05) وحمل تٍالْارْض وَلَنْبَالُ 


5 


اكه وده )موصت واه )تاسمه مه يويد 
ايه (5)وَالمَكُ عل يها وَحخِل عَرسَ رَيْكَ طوقّهُمْ يوذ فيه ) 

[سورة الحاقة:؟١-/"١]‏ . 

* وقوله تعالى: (ِينَمَكونُالسَمآة لهل (4)وَتَكونليَْاللْعَمْنِ ) 
[سورة المعارج:8/-1] . 

*وقوله تعالى: ( يَوْمَ يَكوْنٌ ألنّاسُ كالْفَرَاشٍ الِْيُوثِ 80 


2 


2 04 و رم« و صدم 8 5 2 
ود وود الجبحالٌ كا لْمِهَنٍ الْمَنقوش ) [سورة القارعة:غ#- 6]. 
* وقوله تعالى: [ وَِذَارِنَائْصْ (()وحَسَفَالْفَمر ")وجح تمس وَالْقَمد 
[سورة القيامة:/١-1]‏ . 

سد 


* وقوله تعالى: ١‏ وَيَسَيَكَعِكْبَالِ مفلْيسِفهَارَقَ ًا( 


فتعَاكَامًا جح م فا 3 لا تر فا عِوَبَا ولا متنا 1 امسيكتحورة 
طهءه الكحلا. ٠. ]١‏ 


- 
0 


هٌُ 0 2 2 ل لص سس و ل سس ور ع 
*وقوله تعالى: ( يوم دل الأرض عير الأرض والسّموت ويرزوا لله 
لْوَحِدٍ أَلْمَهََارٍ 1 [سورة إبراهيم:4/8] 
# وق له تعا 2 سي ك1 د اه 7 ورءع 


2 6 جح 
خسم دسا 2 له ل مرت م 
2 م دوع سح ع سس سه 


ع 
دنا ازل حجان هيده وعدا فك ذا كا تفلي ) اتبححصورة 


- 
0 


راسي 


577 





الأنبياء: ؛ ]٠١‏ . 


8 ص سم صرح مل رسك صرح و 


* وقوله تعالى ( وَيَوْمَ تَتَصَنُ لياحم ويل الْكهَكَةٌ تَِيلًا 1 [سورة 
الفرقان: 0 ؟] . 

وغيرها من الآيات التي تصور أهوال القيامة وأحداثها 
الكونية» وتنبئ بأن نهاية عالمنا هذا ستكون نهاية مروعة» ترج 
فيها الأرض وتدكء وتنسف فيها الجبال» وتتفجر فيها البحار.. 
وتطمس فيها النجوم وتتكور» وتشقق السماء وتنفطرء وتتحطم 
الكواكب وتنتثرء وتختل فيها المسافات فيجمع الشمس والقمرء 
وتبدو السماء مرة كالدخان ومرة ملتهبة حمراء.. إلى آخر هذا 
الهول الكوني الرهيب. 

وقد استعرض سيد - رحمه الله - مظاهر هذا اليوم في 
كتابه " مشاهد القيامة في القرآن الكريم " وأيضاً في ظلال 
الآيات التي تتحدث عن أهوال وأحداث يوم القيامة في القرآن 
الكريم موضحاً إيحاءات تلك الآيات والأحداث وظلالها التي 
تطبعها على الحس وهو يطالعها ويتخيلها. (") 

وفي ظل هذه الأحداث والمشاهد العنيفة والمروعة» يبعث 


» 7١١7/54 ينظر في ذلك : مشاهد القيامة في القرآن كاملاً »وفي ظلال القرآن‎ )١( 
؟ه؟'لل 255955 مسقن , كهة”؟ 2 5لاك” ,2 لاك" , همهدلا؟ ص ”5 ء,‎ 
5111 مرك "ارك تكلرلل ه516 ةتالت :5هت“الاهت55‎ 

57 








الناس من القبور ويحشرهم إلى أرض المحشر مع بقية الخلائق 


ليكون الحساب والجزاء " وتنصت الجموع المحشودة؛ وتخفت 
كل حركة وكل نأمة» ويستمعون الداعي إلى الموقف فيتبعون 
توجيهه كالقطيع صامتين مستسلمين» لا يتلفتون ولا يتخلفون.. 
ويخيم الصمت الرهيب والسكون الغامر: ( يَوْمبِقِ يتََمَألدَايىَ 
اعوج أدوَمَمَعَ تِالْْسْوَاتُ لتم فلا شَسْمِعْ إلا هَنَمًا 1 أاسورة 
طه:8١٠]‏ » ويخيم الجلال على الموقف كله؛ وتغمر الساحة 
التي لا يحدها البصر رهبة وصمت وخشوع. فالكلام همس» 
والسؤال تخافت؛ والخشوع ضافء والوجوه عانية؛ وجلال الحي 
القيوم يغمر النفوس بالجلال الرزين» ولا شفاعة إلا لمن ارتضى 
الله قوله؛ والعلم كله لله» وهم لا يحيطون به علماً» والظالمون 
يحملون ظلمهم فيلقون الخيبة» والذين أمنوا مطمئنون لا يخشون 
ظلماً في الحساب ولا هضماً لما عملوا من صالحات " .)١(‏ 

' ونقف أمام المشهد المرهوب يوم القيامة» نتملى ما وراءه 
من الهول المذهل الذي ينطبع في النفوس ويصبح هم كل 
واحدِبٍ نفسه» فقد قطع الهول المروّع جميع الوشائج وحبس 
النفوس على همومها " (). 
)١(‏ في ظلال القرآن 707/4 . 


م 








* " أما أحوال الناس يوم الحشر فأنهم ينقسمون إلى 


0-8 


دكات كلاقة:"07١)‏ كينا قال :مهاف وناك ( وَكم روما 


كه ل سا مره لس 6ح سا 00 ا ا 0 
الك () كتحت التتمتة ءانث المتسئو (2) رتك التفة ا 


جنغ "تقل ره 


حصب الْمنْسَمَةٍ (ره) والسَِبُِوت الْسَِيعُوتَ (:) أوليك الْمقرَوَ 1 [إسورة 
الواقعة:/ا-١١]‏ . 
- فالصنف الأول: الكفار وحالهم كما ذكره الله في كثير من 
الآيات القرآنية أنهم يحشرون في ذلة سود الوجوه كأنما أغشيت 
وجوههم قطعاً من الليل مظلماً زرقاً مبلسون» نادمون» خاشعة 
أبصارهم مهطعين مقنعي الرؤوس لا يرتد إليهم طرفهم و 
أفئدتهم هواء» عمياً وبكماً وصماً» يتلاومون فيما بينهم؛ ينادى 
على رؤوسهم: ( ألا لَمَمَةُ نعل لطيلِيِينَ ) ("). 

وقد وقف سيد - رحمه الله - في ظلال الآيات التي تتحدث 
عن حال الكفار يوم القيامة وقفات عديدة بين فيها ما تدل عليه 
الآيات من أحوال وصفات في ذلك الموقف الرهيب. (5) 


. "4957/5 المصدر السابق‎ )١( 
إبراهيم‎ » ١5 السجدة‎ ٠ 55 المعارج‎ » ١١ ينظر الآيات : يونس 77 » الروم‎ )1( 
١8 .هود‎ ٠١” ع)طه‎ 5١-4٠ .عبس‎ 5“ 
ينظر كلامه : في ظلال القرآن 5/9/الا١ , 5118-95111/4 7565ا,‎ )1( 
. 555 هلكات اللركتء كمالكل‎ 

2 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


الصنف الثاد ي: عصاة | 


وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم حال عصاة الموحدين الذين 
ماتوا على الذنوب والكبائر من غير توبة» و أنهم يحشرون يوم القيامة 
ويطالهم عذاب ذلك اليوم وشدته» وخاصة أصحاب بعض الذنوب 
كمنع الزكاة» وكنز العلم» والغلول» ونحوها مما جاءت النصوص 
بعذاب أصحابها يوم القيامة» حتى يروا سبيلهم أما إلى الجنة أو إلى 
النار. 
الصنف الثالث: الصالحون الأتقياء 





وهؤلاء كما أخبر ربنا -جل وعلا- عنهم في آيات كثيرة أنهم يحشرون» 

بيض الوجوه؛ لا يحزنهم الفزع الأكبر» كما في قول تعالى: ( وس أمَّهُ 
الب مقا بِمَقَارَتَهِمْ لَايَمَسَهُمْ لسع وَلَاَهُمْ يَحْرَوْب 1 [سورة الزمر:١1]‏ » 
لاا ك2 كَرْنهم الْمَوعْ لمكي وََتََفَهُمْ ادكه هذا 
52 ال سكت وعدورك 1 [سوزة الأنسا ١1‏ ] عرزقولة اليم 


وو ويد 2. مءادط 


وجوه بوْمِيِلٍ مسفرة ((5) صَا سك د 3 1 [إسورة عبس ٠.‏ 50 -9؟] » فهي مستنيرة 
متهللة مستبشرة» راجية في ربهاء » مطمئنة بما تستد مستشعزة مق رطباة عنهاء أو 
هي قد عرفت مصيرهاء وتبين لها مكانهاء فتهللت واستبشرت .)١(‏ 


. في ظلال القران 0" 2 1 بتصرف‎ )١( 
ا"‎ 








الشفاعة:_هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة (١)؛‏ 


والشفاعة في الآخرة على قسمين: 

١‏ - شفاعة عامة: يشفع فيها الملائكة والأنبياء والمؤمنون» 
للموحدين أصحاب المعاصي في أن لا يدخلون النار أو في 
إخراج من دخلها. 

١‏ - شفاعة خاصة: وهي شفاعة النبي يل في أهل الموقف 
عند الله ليقضي بينهم ويبدأ الحساب» وكذا شفاعته في دخول 
أفل اتحفة الححة )2 

والشفاعة يوم القيامة تبدأ بالشفاعة العظمى» وتكون بعد 

الحشر» وذلك لأن الله تعالى يحشر الخلق إلى أرض المحشر 
حفاة عراة غرلاً وتدنوا الشمس من رؤوسهم بمقدار ميل؛ 
ويغرقهم العرق» ويصبح الناس في عذاب وهم لا يطاق» فعند 
ذلك يفزعون إلى الأنبياء والمرسلين حتى يشفعون عند الله ليبدأ 
الحسابء أما الشفاعات الأخرى فهي متأخرة فبعضها بعد 


. ١78 شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص‎ )١( 
. ١79 المصدر السابق ص‎ )"1( 
57 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


الحساب» وبعضها بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار 
0 

أما موقف سيد - رحمه الله - من الشفاعة» فقد تلكم كلاماً 
عاماً في ظلال الآيات القرآنية التي تتحدث عن الشفاعة» مبيناً 
اكخيراق تصصون المقتركيق النفاعة"وكةا الشنفاعة المققية 
وشروطهاء ولم يتعرض لأنواع الشفاعات» لأن حدثيه كان حول 
الآيات القرآنية التي ذكرت فيها الشفاعة» بيان ذلك فيما يأتي: 


أولاً: الشفاعة المنفية: - 

وردت آيات عديدة في القرآن الكريم فيها نفي للشفاعة ومن 
خلال استقراء تلك الآيات نجد أنها تقرر تفرد الله سبحانه 
وتعالى بالحكم والقضاءء وترد على ضلالات المشركين في 
اتخاذ الشركاء ليشفعوا لهم بزعمهم؛ وتصحح أوهامهم حول 
الشفاعة في الآخرة ومن ذلك: 
-١‏ نفي استحقاق الشفاعة بدون إيمان صا 





احاقولة كعالي: :( كايها )اذى امنا الطكوا يا ا 


رعرء لوفو 7 سس لوه أ م 
يأف يوم لا بَيْعٌ فِيدِ ولا حلَه ولا شفعة والكفزون ه هم له لظنلمونَ 2 


. 787 اليوم الآخر في القرآن الكريم د.عبد المحسن المطيري ص‎ )١( 
556.4 








[سورة البقرة:54١]‏ حيث تدعو الآية إلى الفرصة التي إن أفلتت 
منهم فلن تعود.. فهي فرصة لو فوّتوها على أنفسهم» فليس 
بعدها بيع تربح فيه ولا صداقة أو شفاعة ترد عنهم عاقبة 
الكو والتقضئزن 217 


ب- قوله تعالى: ١‏ وار له جرى نفس عن نفس سَّينَاوََا يُقبَلُ 


عير 0 320 


مها سَفَعَهُ وَلَايُؤْحَدُ متَاعَدَلُ وَلَاهْم يُْصَرُونَ 1 [سورة البقرة:8؟ ]١٠‏ » 
محا د ال يو ا 


ضيالا ولا فدية قد خذ منه للتجاوز عن كفره ومعصيته 0 
الشفاعة ونفعها للكافرين بسيب 





حيث صرحت الآيات بأن الشفاعة لا تنفع المشركين بسبب 
كفرهم وشركهم بالله ومن ذلك: 

أ- قوله تعالى: ١‏ وَالَذِرَهْمْيوْمَالآرفَةٍ إز لْقَلوْبٌ لدى ألَْنَاجِر 
كَطِمِنَ مَِلطَِلِينَ مِنْحجيِ و وَلَاسّفيع يطَاعٌ 1 [سورة غافر:8١]‏ 
وقوله تعالى: (مَامَلكَ: ف سَكَرَ )الور تك يت الْمَصَلِنَ )ركز 
نك نطوم الِْسَكنَ 40 وسكا وض مع الإيِضِينَ (0) وكا نكر ب بور ألدين 


حَبََأَتَنَا لين (50) هَمَا تَمَمْهُم مَفعَةُ مه السهين 1 إبدسب 'ورة 


(1) في ظلال القرآن 70/١‏ . 





10-7776 سرد قطي ومنمجه في العقيدة 22/7 


المدثر:8-547:] » " فقد قضي الأمرء وحق القول» وتقرر 
المصيرء الذي يليق بالمجرمين المعترفين! وليس هناك من 
شفيع للمجرمين أصلآء وحتى على فرض ما لا وجود له فما 
تنفعهم شفاعة الشافعين" .)١(‏ 

نفي الشفاعة التى 
أهل البدع: 

يظن المنحرفون في باب الشفاعة أن بعض الخلق لهم من 
القدر عند الله ما يجعلهم يشفعوا عنده بغير إذنه» كما يشفع 
الناس بعضهم عند بعضء فيقبل المشفوع إليه شفاعة الشافع 
لحاجته إليه رغبة أو رهبة» وكما يعامل المخلوق المخلوق 
بالمعاوضة» فالمشركون كانوا يتخذون من دون الله شفعاء من 
الملائكة والأنبياء والصالحين» ويصورون تماثيلهم ويستشفعون 
بهاء ويقولون: هؤلاء خواص الله» فنحن نتوسل إلى الله بدعائهم 
وعبادتهم ليشفعوا لناء كما يتوسل إلى الملوك بخواصهم ("). 
وقد جاءت آيات كثيرة ترد على أوهام المشركين حول الشفاعة؛ 
ومن ذلك: 





6 في لال القرآن 5231 » وينظر : ١0‏ َ له ؛» اكلا ء, 
علض 1 كلا . 
(١‏ اليوم الآخر في القرآن الكريم د.عبد المحسن المطيري ص 59154 

"١ 








به دعو 


* قوله تعالى: ( أ أَحَحَدُوأمن دون أله سْفَعَاء كَل أَوَلَوْ حكانوأ 


كل سيا ول مقا تور 2 قل لَه آلمَّمحَةُ جِيعا هه مُلْكُ 
لسَّمُوَتِ لكين فد ليه يعلورس [سورة الزمر:؟:-55] 
؛ يقول سيد - رحمه الله -: " وهو سؤال للتهكم والسخرية من 
زعمهم أنهم يعبدون تماثيل الملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى! 
يعقبه تقرير جازم بأن لله الشفاعة جميعاً» فهو الذي يأذن بها 
لمن يشاء على يد من شاءء فهل مما يؤهلهم للشفاعة أن يتخذوا 
نفو ا 0 

' يعالج الأسطورة المعقدة التي كان المشركون يواجهون بها 


دعوة التوحيد بقوله: ١‏ ألا نَالدِنُ َلنَا! 


ها 
6 
د 
3 


"فلقد. كمانوا يعلنون أن الله خالقهم وخالق السماوات 
والأرض.. ولكنهم لم يكونوا يسيرون مع منطق الفطرة في إفراد 
الخالق إذن بالعبادة» وفي إخلاص الدين لله بلا شريك. إنما 


1 ١. في ظلال القرآن هده‎ )١( 
١ 








كانوا يبتدعون أسطورة بنوة الملائكة لله سبحانه» ثم يصوغون 
للملائكة تماثيل يعبدونها فيهاء ثم يزعمون أن عبادتهم لتماثيل 
الملائكة وهي التي دعوها آلهة أمثال اللات والعزى ومناة ليست 
عبادة لها في ذاتهاء إنما هي زلفى وقربى لله» كي تشفع لهم 
عنده؛ وتقربهم منه! 

وهو انحراف عن بساطة الفطرة واستقامتهاء إلى هذا التعقيد 
والتخريف»؛ فلا الملائكة بنات الله» ولا الأصنام تماثيل للملائكة؛ 


ولا الله سبحانه يرضى بهذا الانحراف» ولا هو يقبل فيهم شفاعة» 
ولا هو يقربهم إليه عن هذا الطريق! وان البشرية لتدنحرف عن 
منطق الفطرة كلما انحرفت عن التوحيد الخالص البسيط الذي 
جاء به الإسلام وجاءت به العقيدة الإلهية الواحدة مع كل 
رسولء وإنا لنرى اليوم في كل مكان عبادة للقديسين والأولياء 
تشبه عبادة العرب الأولين للملائكة أو تماثيل الملائكة تقرباً إلى 
الله بزعمهم وطلباً لشفاعتهم عنده» وهو سبحانه يحدد الطريق 
إليه» طريق التوحيد الخالص الذي لا يتلبس بوساطة أو شفاعة 
على هذا النحو الأسطوري العجيب! ' إن الله لا يهدي من هو 
كاذب كفار " فهم يكذبون على الله» يكذبون عليه بنسبة بنوة 
الملائكة إليه» ويكذبون عليه بأن هذه العبادة تشفع لهم عنده! 
وهم يكفرون بهذه العبادة» ويخالفون فيها عن أمر الله الواضح 


م 





1١١ 
.)١(' الصريح‎ 
وقد كان المشركون يعتقدون أن هناك كائنات من خلق الله‎ " 
لها مشاركة - عن طريق الشفاعة الملزمة عند الله - في تسيير‎ 
" الأحداث والأقدارء كالملائكة " ('). فنفى ذلك وقرر أنه‎ 


يومذاك لا أحد ممن يدعونهم أولاداً أو شركاء يملك أ يشفع 


لأحد منهم كما كانوا يزعمون أنهم يتخذونهم شفعاء عند الله؛ 
فإنه لا شفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن به» ومن يشهد بالحق 
لا يشفع في من جحده وعاداه! " (). 





حوكف تق اللو دانم وقكالن فى القرا كم الكرو كك اط 
تتوافر فيها الشروط المعتبرة في الشفاعة المقبولة والمثبتة» والتي 
تقنذل فى 'إذرع الث يفاده وكسالن: للقنافموتورطداة خخ الاقم 
وعن المشفوع فيه أيضاً وفي حدود معينة وهو ما يأتي بيانه في 
الفقرة الاتية:. 
ثانياً: الشفاعة المثيتة ود 





. 7071/0 في ظلال القرآن‎ )١( 
.37٠١55/؟ المصدر السابق‎ )١( 
ء ه/37554ء‎ ١١55/9 : المصدر السابق 5705/5 » وينظر أيضاً‎ )'9( 
. 74.5 
57 








ثبت الله سبحانه وتعالى الشفاعة في الآخرة» لكنها شفاعة 
ليست من جنس ثشفاعة الدنيا . فالله سبحانه وتعالى- هو 
المتفرد وحده بالحكم والقضاء والملك " فالعبيد جميعاً يقفون في 


حضرة الألوهية موقف العبودية» لا يتعدونه ولا يتجاوزونه؛ 
يقفون في مقام العبد الخاشع الخاضعء الذي لا يقدم بين يدي 
ربه» ولا يجرؤ على الشفاعة عنده» إلا بعد أن يؤذن له» فيخضع 
للإذن ويشفع في حدوده " ('). 

شروط الشفاعة عند الله وهي: 

-١‏ إذن الله بالشفاعة: قال سبحانه: [ من ذا الَذِى يَمْعَمُ عِنَدَهءٍ 
بِإِدْنِء 4 [سورة البقرة:156] » وقال أيضاً: [ِمَامِنَ سَّفِيع إلا مِنْ 


بَعَدِإِذِهِء 1 [إسورة يونس:"1] » وقال أيضاً: ( وَكَريّن مَك ف 


بعد إدية 


وه 


لسوت لا تَكْن سَفَعَُهُمٌ سيا ! 
[سورة النجم:٠ ]١‏ . 

فالآيات تقررأنه " ما من شفيع يشفع عند الله إلا بإذنه '(") 
و" أنه لا يجرؤ أحد على الشفاعة إلا بعد أن يؤذن له» فيخضع 
للإذن ويشفع في حدوده " 0). " فالشفاعة مرهونة بإذن الله.. 


. 788/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
٠١35/7 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 788/١ (؟) المصدر السابق‎ 
"1 








وفقاً لتدبيره وتقريره» فلا الملائكة» ولا غيرها يملك الشفاعة إلا 


حين يأذن الله في شيء منها " .)١(‏ 
؟ - رضى الله عن الشافع: 

قال سبحانه وتعالى: ( يَوْميِلَاحمَعألتَّمَعهإلَا مَنْأوِدَكهُ تمن 
وري أ 16" [نغورة عليه ]1١.3‏ “ف قفاعة إلا لمخ ارتحيى 
ال قوله " (0). 


و 
ثُُ 


"- رضى الله عن المشفوع فيه: 

قال سيبحانه وتعالى: ل سورهم ال م إسورة 
الأنبياء:8١]‏ » " فلا شفاعة إلا بعد الإذن» ولمن ارتضاه الله؛ 
ورضي أن تقبل الشفاعة فيه " (). 


ثالثاً: شفاعة الذ 





لم يتعرض سيد - رحمه الله - لأنواع الشفاعات الخاصة بالنبي 
عدا الشفاعة العظمى حيث ذكر في ظلال قوله تعالى: ( 


ومن الكل متك يداد تافل لك يد أن 2 بعك فلك ريف مانا 1 
[سورة الإسراء:724] . " أن الله تعالى يأمر نبيه يد بالصلاة 


. بتصرف‎ "409/5 553٠05/5 ء‎ ١771/9 المصدر السابق‎ )١( 
. 7559/4 في ظلال القرآن‎ )"5( 
. 7١99/7 : (؟) في ظلال القرآن 77275/4 » وينظر‎ 

حارف 








والتهجد والقرآن ليبعثه ربه المقام الفحمود المأذوة له به» :وهو 
مقام الشفاغة يوم اانه كاف + عضن الوواناف: 1 127 


المطلب الخامس 


العرض والحساب 

اهتم القرآن الكريم كثيراً بقضية الحساب في الآخرة وخاصة 
في السور المكية» وبيّن أنه بعد الحشر الجامع يكون العرض 
الشامل والحساب» وأن الناس في ساحة العرض الهائلة يجثون 
على الركب متميزين أمة أمة في ارتقاب الحساب المرهوب (). 

وكا الننائن كما قال سييحانه: ( دويز مسو لاخى مد 
حَافيَةٌ 1 [سورة الحاقة:18] » يقول سيد قطب: " فالكل مكشوف.. 
الجسد.. والنفس.. والضمير.. والعمل.. والمصير» تسقط جميع 
الأستار التي كانت تحجب الأسرار» وتتعرى النفوس تعري 
الأجسادء وتبرز الغيوب بروز الشهود» ويتجرد الإنسان من 
حيطته ومن مكره ومن تدبيره ومن شعوره» ويفتضح منه ما كان 
حريصاً على أن يستره حتى عن نفسه! وتكون الفضيحة القاسية 


. مع الهامش‎ ١١ 57/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
ينظر في ذلك : في ظلال القرآن 774/4 2 73010 2 ه/2,750‎ )١( 
كا لكت لملم‎ 

لاه" 








على الملأ» أمام تلك الحشود الهائلة من خلق الله» من الإنس 
والجن والملائكة؛ وتحت جلال الله وعرشه المرفوع فوق الجميع 
»)١("‏ ويبدأ الحساب بإيتاء الكتب وينتهي بالميزان وبيان ذلك 
فيما يأتي: 


أولاً: إيتاء الكتب: 
يبدأ الحساب يوم القيامة بإيتاء الكتب» فقد ذكر الله في 
القرآن الكريم الحساب بعد إيتاء الكتب» قال سبحانه: | مَأَمَامَنَ 


سح سس اورم 


أو كيه منبووك (0)َوْفَ ست عساا مييا) السحصورة 
الانشقاق:٠-5]‏ » فذكر إيتاء الكتب أولاً ثم التعقيب بحرف الفاء 
- الذي يقتضي الترتيب والتعقيب» ثم ذكر الحساب. 
ومن تمام ل الله تعالى أن وكل مع كل إنسان ملائكة 
يكتبون عليه كل شيء كما في قوله سبحانه: ( إِنَانحَنٌ نحي 
لمرو متها انرا اقرف ركل بد أَحَصَنَُْ ف ِمَاوِ مين 
] آسورة يس:"١]‏ » وقوله سبحانه: [ وَإِنَعَليكُْم حَنفِظِينَ 00 
كرام كَنبِينَ '(00)يَعْاسونَ مَاتَفعَلوَنَ 1 [سورة الانفطار:١٠١-5١]‏ » فإذا 
كان يوم القيامة نشرت الصحف كما قال سبحانه: (وَدَاأافحْفُ 


. في ظلال القرآن 510/5 بتصرف‎ )١( 
م١‎ 








يرت 1 [سورة التكوير:١٠]‏ وتطايرت فيأخذ كل واحد كتابه 


عسو لعي وو عار جرد و 


ليقرأه كما قال سبحانه: ( وَكل إضان الرمئه طكيره. فى علق وغ 


و هه 1 ا 70 الوه دول د عل عبر ل زر 2 مدوم 
لددبوم الْمِيمَةِ كتنبا يلفَنه منشورًا (05) را كتبكَ كف بِنَفْسِك الوم 
أ ته 


ليك حَسِيسًا 1 [سورة الإسراء: ]١ 5-١‏ . 
وهذا الكتاب في غاية الدقة؛ فلا يترك صغيراً ولا كبيراً إلا 


أحصاه؛ قال سبحانه: ( وَوْضِعَالكنبُ فرك الْمُجْرِمِينَ مُشْفْقِينَ مما 


: ده راس صة - تعد بو حل ع سر سر س2 م 
فيه ويَفُولُونَ يوَيَكئَنَا مَل هْذَا ألحكتب لايغادر صعِيرَة ولا مره إلآ 


مه لله - 


عونك إن ل - عزوي 


ها وَوجَدُوأ مَاعلوا امولظم وَيْكَ أََدَا 1 إلسصورة 
الكهف:45] وقوله تعالى: ( وَكلَىءِ مَصَلُوه ف لسر (2) وَكلُ 
صَغِي وجي رِمُسَتَطرٌ 1 [سورة القمر:9ه-57] 

فالمؤمن يأخذ كتابه بيمينه؛ وأما الكافر فيأخذ كتابه بشماله 
من وراء ظهره؛ قال سبحانه [َأمَامَنَ أو كتبهُ بيو مُولُ هآو 
أفيوأكتبية )نط أق ملق حسّة (8) فهو ف عِسَوِ َي (50) في 
كد عاسو 10 فظوفُها َي (50) هلوأ وأشروأ يناما نلنثف 
لَه لابية )ولام أ قكتبة. يْمَاه وبر كه 
در مَاسَاِيَة 2 بَتَاءاتٍ القاضيَةَ 15 مآ عق عد مَايَهَ (58)عَلَكَ 
عوكاطية: إسورة الكاقةه2ك:4؟] وقال: أينيا :(تأنامن أو 


ليق 





دمعو سه سح سل اوه 
1 


4 و را ال 2 هج و ل 2 
طبه سميزهء )أ سوف * م ع ا 0 اه إ4 أهلى 


- 


مسوورًا ل" وأمَامنَ أو قككبه: ورآة ظهروء (1) وف يدع وأ سُورا (10) وَيَضَل 
سَعيرا 1 [سورة الانشقاق:/١-7١]‏ . 

يقول سيد - رحمه الله -: " وأخذ الكتاب باليمين وبالشمال 
ومن وراء الظهر قد يكون حقيقة مادية» وقد يكون تمثيلاً لغوياً 
جارياً على اصطلاحات اللغة العربية من تعبيرهم عن وجهة 
الخير باليمين ووجهة الشر بالشمال أو من وراء الظهر»ء وسواء 
كان هذا أو ذاك فالمدلول واحد» وهو لا يستدعي جدلاً يضيع 
فيه جلال الموقف! " »2١(‏ " والذي ألفناه في تعبيرات القرآن من 
قبل هو كتاب اليمين وكتاب الشمال» أما الصورة التالية وهي 
إعطاء الكتاب من وراء الظهر» فليس يمتتع أن يكون الذي 
يعطى كتابه بشماله يعطاه كذلك من وراء ظهره؛ فهي هيئة 
الكاره المكره الخزيان من المواجهة» وكذلك لا ندري حقيقة 
الكتاب وكيفية إيتائه باليمين أو بالشمال ومن وراء الظهرء إنما 
تخلص لنا حقيقة النجاة من وراء التعبير الأول» وحقيقة الهلاك 
من وراء التعبير الثاني» وهما الحقيقتان المقصود أن نستيقنهما.. 


. 7581/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
ل‎ 








والله أعلم بحقيقة ما يكون كيف يكون! " .)١(‏ 

وبعد أن يأخذ الناس كتبهم يقرأونها ويعرفون ما فيها ويبدأ 
الحساب والسؤال والتقرير» فأما المؤمن الذي يؤتى كتابه بيمينه 
فهو المرضي السعيد» وهو يحاسب حساباً يسيراً» فلا يناقش ولا 
يدقق معه في الحساب» والذي يصور ذلك هو الآثار الواردة 
عن الرسول يله وفيها غناء " ('). 

" فينطلق في فرحة غامرة» بين الجموع الحاشدة» تملا الفرحة 
جوانحه؛ وتغلبه على لسانه» فيهتف ( مَاوم أفروأكتبيَة 1 » ثم يذكر 
في بهجة أنه لم يكن يصدق أنه ناج» بل كان يتوقع أن يناقش 
الكيات "ومن ترقن الحياك 5 ' كما جاء في الأثر: عن 
عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله 5: ' من نوقش 
الحساب عذب " فقلت: أليس يقول الله تعالى " فأما من أوتي 
كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله 
مسروراً " فقال: " إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم 
القيامة إلا هلك " (). 


. ”851/5 المصدر السابق‎ )١( 

. 3851/5 المصدر السابق‎ )١( 

(') رواه : البخاري في الرقاق باب من نوقش الحساب عذب 794/5 برقم 
ثلاكت 505. 


751١ 








وفي الصحيح قال رسول الله : " يدني الله العبد يوم 
القيامة» فيقرره بذنوبه كلهاء حتى إذا رأى أنه قد هلكء قال الله 
تعالى: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم؛ ثم 
يعطى كتاب حسناته بيمينه؛ وأما الكافر والمنافق فيقول 
الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهمء ألا لعنة الله على 
الظالمين " ,)١(‏ (2). 


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صن 
يقرك فى وش مدت اللي رجنس بن سر ااه 
اتشسرفه قلف تبها :كول الها :الهينانة. السعود .قال أن 
ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه؛ من نوقش الحساب يا عائشة 
يوفقة سلف" 00), 


فهذا هو حال المؤمن حساب ثم ينجو وينقلب إلى أهله في 
اي 1 1 5 
الجنة مسروراً " (5). 


)١(‏ رواه : البخاري في المظالم ”567/7 برقم 71205 » ومسلم في التوبة باب قبول 
توبة القاتل 685/5 ١برقم‏ 7/54 . 
(1) في ظلال القرآن 7581/5 يتصرف يسير . 
(1) رواه : أحمد 48/56 » وصححه دون قوله " اللهم حاسبني حساباً يسيرا " فهي 
زيادة منكرة » وقصة الحديث في الصحيحين » انظر:مسند أحمد لمحقق الأرناؤوط 
. 
(؟) في ظلال القرآن 7851/5 . 

حكرق 








وأما التعيس الذي قضى حياته في الأرض كدحاً في 
المعصية والإثم والضلالء فيأخذ كتابه بشماله ومن وراء ظهره؛ 
ويعرف نهايته ومصيره» فيدرك أنه العناء الطويل بلا توقف 
فيدعو تبوراً» وينادي الهلاك لينقذه مما هو مقدم عليه من 
الشقاء؛ وحين يدعو الإنسان بالهلاك لينجو به» يكون في 
الموقف الذي ليس بعده ما يتقيه»ء حتى ليصبح الهلاك أقصى 
أمانيه» وهذا هو المعنى الذي أراده الشاعر وهو يقول: كفى بك 
اك توق "لفوت دافا :وليف لمكا اد نك الاي 010 

فهي التعاسة والشقاء الذي ليس بعدهما تعاسة ولا شقاء! " 
)0 





بعد أخذ الكتب يكون الاستجواب والشهادة» ومن عدل الله 
تعالى أن يقيم الحجة على الجميع قبل المؤاخذة؛ ولهذا ضرب 
موعداً للفصل بين الخلق يوم القيامة» وهو الموعد الذي تنتهي 
إليه الرسل بحسابها مع البشرء يقول سيد - رحمه الله -: " فهو 
موعد الرسل لعرض حصيلة الدعوة» فالرسل قد أقتت لهذا اليوم 


م١985 البيت للمتنبي » انظر: ديوان المتنبي » دار صادر بيروت ط١؟ عام‎ )١( 

ص 784 . 

. 3587/5 في ظلال القرآن 78578-17871/5 بتصرف يسير ء وينظر أيضاً‎ )١( 
م‎ 








وضرب لها الموعد هناك لتقديم الحساب الختامي عن ذلك 
الأمر العظيم.. للفصل في جميع القضايا المعلقة في الحياة 
الأرضية» والقضاء بحكم الله فيهاء واعلان الكلمة الأخيرة التي 
تنتهي إليها الأجيال والقرون " .)١(‏ 


8 م 2 سخا مرح اث عل طاح و أو جد :وا عر ”سرد رز ا بعد 
يقول سبحانه وتعالى: [يَوْمَ يجْمَعٌ الله الرسل فَيقُولُ مَادآ ببحم 


ره و مج وو 


انألا عام نانك أَنت عَلَم أَلْعْيُوبِ ) [سورة المائدة:9١٠]‏ " حيث 
يجمع الله الرسل الذين فرقهم في الزمان فتتابعوا على مداره؛ 
وفرقهم في المكان فذهب كل إلى قريته» وفرقهم في الأجناس 
فمضى كل إلى قومه.. يدعون كلهم بدعوة واحدة على اختلاف 
الزمان والمكان والأقوام»ء حتى جاء خاتمهم يي بالدعوة الواحدة 
لكل زمان ومكان وللناس كافة من جميع الأجناس والألوان.. 
هؤلاء الرسل إلى شتى الأقوام» في شتى الأمكنة والأزمان ها 
هو ذا مرسلهم فرادى» يجمعهم جميعاً» ويجمع فيهم شتى 
الاستجابات» وشتى الاتجاهات» وها هم أولاء.. نقباء البشرية في 
حياتها الدنياء ومعهم رسالات الله إلى البشرية في شتى أرجائهاء 
ووراءهم استجابات البشرية في : شتى أعصارهاء هؤلاء هم أمام 
الله رب البشرية - سبحانه - في مشهد يوم عظيم.. تجمع فيه 


. 70795/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
3 








الحصيلة»ويطيم الشكات» ويققخ: الرسل بحساب الزسالالك» وتعلن 
اكاك كلتى يوون الأقتياة. اناا لحيف؟ والريتل بقس مين 
التشرزة لوم كلم ونا كظموة بر ليق لكريم علمها مقن اله انها 
أقوامهم إلى الهدى؛ فاستجاب منهم من استجاب» وتولى منهم 
من تولى وما يعلم الرسول حقيقة من استجاب إن كان يعرف 
حقيقة من تولىء فإنما له ظاهر الأمر وعلم ما بطن لله وحده 


وهم في حضرة الله الذي يعرفونه خير من يعرف» والذي يهابونه 


أشد من يهاب» والذي يستحيون أن يدلوا بحضرته بشيء من 
العلم وهم يعلمون أنه العليم الخبير. 

إنةا الانكجوات المرهوبة فى يود الحفن العظيرة على متنيه 
من الملا الأعلى» وعلى مشهد من الناس أجمعين» الاستجواب 
ادلو ركه المومينة مراكسيمة عكري روبناه اودر يعي 
المكذبيين من هذه البشرية خاصة برسلهم الذين كانوا يكذبونهم» 
ليفان في موقت الإعلاق» أن دولا الرسل الكزام «إنما خاغرف 
من عند الله بدين الله وها هم أولاء مسؤولون بين يديه - 
سبحانه - عن رسالاتهم وعن أقوامهم الذين كانوا من قبل 


سحو ور 


1 ل ٠. 1. ١‏ 0 َ 
يكذبون " .)١(‏ ويتوجه السؤال إلى المكذبين: ( ووم ينادم فيقول 


. في ظلال القرآن ؟/9917-9195‎ )١( 
م‎ 








سس ع سو وو + لل سر بعر به م جح در وم 2مس و ددم ا 
ماذا احمتم المرسلين 29 فحت عَلموم لباه يوميد فهملا 
لود 8 - - 3 


5 


عو م 


يَتسَآدَلْت ) [سورة القصص:11-55] * ( وَيَوَمَيَاديهم فقول أبن 
شُكاوىَالَذِىَ كير رَعْمُوت ... 1 [سورة القصص:7" 5/] . 

' ون الله ليعلم ماذا أجابوا المرسلين» ولكنه كذلك سؤال 
التأنيب والترذيل» والخزي والفضيحة على رؤوس الإشهاد ومن 
ثم لا يجيب المسؤولون عن السؤال» فليس المقصود به هو 
اللحرا: "00 

وبعد المواجهة بين الرسل والأمم تكون الشهود» والشهود يوم 
القيامة هم الله سبحانه وتعالى والملائكة والأنبياء» والمؤمنون 
والأرض والأعضاء. 
* أما الله تعالى فهو خير الشاهدين كما قال سبحانه: (مُلأَءُ 
َىَءِا كر سَدَةٌ ل آمَهُ 1 [سورة الأنعام:3١]‏ *وإما شهادة الملائكة 
يوم القيامة فيقول سبحانه: ( وَجَةَتَكُلٌ تفي مَمَهَا نيد ) 
[إسورة ق:١1]‏ » " كل نفس معها سائق يسوقها وشاهد يشهد 
عليهاء قد يكونان هما الكاتبان الحافظان لها في الدنياء وقد 


يكونان غيرهما والأول أرجح؛ وهو مشهد أشبه شيء بالسوق 


. بتصرف‎ 77١7/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
الشف‎ 








للمحاكمة» ولكن بين يدي الجبار" )١(‏ 
* وأما شهادة الأنبياء فقد جاءت في آيات كثيرة منها: 


بج ري ب ودمءو 


عل عط وَيَوْم بحت من كل كو شهفيةا كد لاود 
ِيدِنَ كفروأ وَلَاهُمٌ ممْتَعْتبنَ 1 [سورة النحل: 64] 

0 ل ب‎ ١: 
مسوم وَحِسْنَا يلك شَهِيدً عل هَوْلآةِ ) [سورة النحل:64]‎ 

- وقوله تعالى: و لاقن مكو شَّهِيدًا... 1 [سورة 
القصص: ]2١‏ 

- وقوله تعالى: ( مَكِْيفَادًا حِسَنَا مِنَكَلٌ مم هيد وَحِعَنَا 
يك عل هتؤلكه سيدا [سورة النساء:١5]‏ 

- وقوله تعالى عن عيسى - عليه السلام -: (وَيَوم ليمَج 


ل م 


يَكْونُ عَليَ سيدا 1 [سورة النساء:59١]‏ 

فهذه الآيات وغيرها تقرر شهادة الأنبياء على أقوامهم بما 
أجابوه وما استقبلوا به رسالته» وتوضح موقف الشهداء من 
الأنبياء وهم يدلون بما يعلمون مما وقع لهم في الدنيا مع 
أقوامهم من تبليغ وتكذيب وهو عام لكل الرسلء فالشهيد على 


. 7554/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
نف‎ 








كل أمة هو نبيها الذي يشهد عليها .)١(‏ 
* أما شهادة المؤمنين فيقول سبحانه ١‏ وَكَدَلِكَ جَعَلتَكَ أَمَّدٌ 
وَسَطا لِنَكووأ شُبَدَآء عَكَ ألنّاس ) [سورة البقرة:57 ]١‏ . ويقول 


سبحنه: ( وقول الْأطْهدد عَوْلةَ أي تَكدَيواْ عل رَيَهِرٌ 
َعَمَةُ أسَّهِ عل أَلظَلِِيتَ ؟ [سورة هود:8١]‏ . 

يقول سيد - رحمه الله -: " والأشهاد هم الملائكة والرسل 
والمؤمنون» أو هم الناس أجمعون " ("). 
* وأما شهادة الأعضاءء فيقول سبحانه: يوم بد عَم لمهم 
لدم وَأَْملُهُم يمَاكاناْ يَعَمَلْْنَ 1 [سورة النور :؛ ؟] 

- ويقول سبحانه ١‏ الوم نخِيِمْ عل أفؤههم وَتُكنْسَا يديم 
وَتشهر شبد لمهم يمَا انوأ يَيسبُونَ 1 [إسورة يس:15] - ويقول 
سبخانه: ( حَوََإِدَا مَاجَامُوهَاثَ ل ا بصلرهم وَجَلُود هُميما 
0 قَالُوالِجَلُووهِمَ بم 


انعط كل شنو لفك اول مر وله يفون 10 وما كر 
)كل ع و وهو و مَرَوَ وَل ليه نريّحعون 


)١(‏ ينظر في ذلك : في ظلال القرآن ١/31737اء‏ #الرككت 75ل ع4/لاها 
مات 6/ا؟ . 
)١(‏ في ظلال القرآن : ١851/9‏ . 

الضف 








تيون أن يَتْسَدَ عَكِكُمَ مععك وله أصرَكة ولا جلودكُ ولكن طَنشْرٌ 
أن أله لايحَلَد كيرا هما كَمَلْونَ (8) وول ظطنكد الى 5 
زكر َاَصَبحَتم مَِنَلَنَيِرِينَ )1 [سورة فصلت:١؟17-5]‏ . 

فشهادة الأعضاء في سياق الآيات خاصة بأعداء الله من 
الكفار والمشركين الذين يناقشون الحساب وينكرون الكتاب ولا 
يقبلون الشهود إلا من أنفسهم» فتكون أعضائهم هي الشهود 
عليهم. 

يقول سيد - رحمه الله -: " ويحشر أعداء الله كالقطيع! إلى 
النار حتى إذا كانوا حيالها وقام الحساب» إذا شهود عليهم لم 
يكونوا لهم في حساب» إن ألسنتهم معقودة لا تنطق» وقد كانت 
تكذب وتفتري وتستهزئ» وان أسماعهم وأبصارهم وجلودهم تخرج 
عليهم» لتستجيب لربها طائعة مستسلمة» تروي عنهم ما حسبوه 
سراء فقد يستترون من الله ويظنون أنه لا يراهم وهم يتخفون 
بنواياهم» ويتخفون بجرائمهم» ولم يكونوا ليستخفوا من أبصارهم 
وأسماعهم وجلودهم»؛ وكيف وهي معهم؟ بل كيف وهي 
أعضائهم؟! وها هي ذي تفضح ما حسبوه مستوراً عن الخلق 
أجمعين» وعن الله رب العالمين... وتأخذهم المفاجئة " وقالوا 
لجالووهم لم حيدة طحا 0د لكي كجبهيم بالحيدة الدي 
خفيت عليهم في غير مواربة ولا مجاملة: " قالوا: أنطقنا الله 


54 





الذي أنطق كل شيء ”؛ وقد أنطق كل شيء فهو يتحدث 
وينطق ويبين " .)١(‏ 
ثالثاً: قواعد الحساب يوم القيامة: 

أشار القرآن الكريم إلى عدد من القواعد التي يتم وفقها 


حساب الله تعالى للعباد» ومنها: 
-١‏ العدل التام والدقة فى الحساب: 


حيث يقرر الله تعالى أن الحساب في الآخرة يقوم على مبدأ 
العدل التام» فلا ظلم ولا بخسء قال سبحانه: ( وضع الْمَوزينَ 
عن كل ايها تك كا حنسييت] [سورة الأنبياء:] . 

وقال سبحانه: ( وَل َكامُكم تفتل يداولا محرو إلا ما 
كر َمَنوْنَ 1 إسورة يس:54] » وقال سبحانه: إوَلا 
يُْكمْونَ متِيكا ) ("). 


ا فلا غبن ولا ٠.‏ : ولا د ٠.‏ في | أب الختامي الخ ا ولا 


. 7917/0 بتصرف يسير » وينظر أيضاً‎ 5١١4/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
سورة النساء : الآية 71 » وقد ورد نفي الظلم في ذلك اليوم في القرآن الكريم‎ )1( 
» في احد عشر موضعاً من القرآن الكريم » ينظر : اليوم الآخر في القرآن والسنة‎ 
. 3775-5517 د.عبد المحسن المطيري ص‎ 

الضف 








مجال للمغالطة في الوزن» ولا التلبيس في الحكمء ولا الجدل 
الذي يذهب بصحة الأحكام والموازين © " فكل شيء مسجل لا 
يبدل» ولا يجزى أحد إلا بما هو مسجل ولا يظلم أحدء فالمجازي 
هو الحكم العدل ‏ " وما يبلغ تعبير مجرد عن دقة علم الله 
وشموله وقدرته» وعن دقة الحساب وعدالة الميزان ما يبلغه قوله 


2 سح مر 7 


ممحكاالي: إن ب تفال حَبُوَمْنَ خردل ف في صَخْرَةَ أَوَ في 
السميوث او في الارض يأتٍ بها أكَهُ : 200 حير 1 إسورة 
لقمان:” 010 

فكل شخص مسئول عن نفسه؛ لا يتحمل أحد ذنب أحدء ولا 
يحاسب أحد عن أخطاء أحد فلا تزر وازرة وزر أخرى: يقول 
سبحانه: (وَلَا وْر وَاِدَهٌوررَ أرق ) ("). 


" فكل مجزيّ بذنبه لا يحمله عنه غيره '(0)» " فهي التبعة الفردية 


التي تربط كل إنسان بنفسه» إن اهتدى فلهاء وان ضل فعليهاء وما 


. في ظلال القرآن ؟5/5الاء 21550/9 75519/54, ملخالاكء كزه؟؟‎ )١( 
. ١4 سورة فاطر : الآية‎ » ١5 سورة الإسراء‎ » ١15 سورة الأنعام : الآية‎ )١( 
. ١741/9 في ظلال القرآن‎ )١( 

فى 








يسأل كل عن عمله» ويجزي كل بعمله ولا يسأل حميم حميما " .)١(‏ 


دا سم واس سشافغزل «دم مر ج دل« ووء دد8 ل 


- وفي قوله تعالى: ( وَلاتَزِروازرة وزدأخَر وين تدع مثقلة إن 


يها لا دلول كن واواكان اشر انرز ان طدوريت 
لْمَصِيرُ 1 [سورة فاطر:18] » " لمسة أخرى بحقيقة فردية 
التبعة» والجزاء الفردي الذي لا يغني فيه أحد عن أحد شيئاً» فما 
بالنبي يي من حاجة إلى هدايتهم يحققها لنفسه» فهو محاسب 
على عمله وحده؛ كما أن كلا منهم محاسب على ما كسبت 
يداهء يحمل حمله وحده؛ لا يعينه أحد عليه... 

وحقيقة فردية التبعة والجزاء ذات أثر حاسم في الشعور 
الأخلاقي؛ وفي السلوك العملي سواء. فشعور كل فرد بأنه 
مجزيٌّ بعمله» لا يؤاخذ بكسب غيره؛ ولا يتخلص هو من كسبه؛ 
عامل قوي في يقظته لمحاسبة نفسه قبل أن تحاسب! مع 
التخلي عن كل أمل خادع في أن ينفعه أحد بشيء»ء أو ا 
يحمل عنه أحد شيئاً.. إن الله - سبحانه- لا يحاسب الناس 
جملة بالقائمة! إنما يحاسبهم فرداً فرداً كل على عمله؛ وفي 


. 7؟١17/4 المصدر السابق‎ )١( 
فضف‎ 





10-7776 سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


000000000 


ويدخل في عمل الإنسان الذي يحاسب عليه إضلاله لغيره 


من الناسء كما قال سبحانه: ( وَلْسَحلُرى عاط وَانقَالَا مَمَأَنَعآيِمٌ 
ا سر ل ود سح سر رح 


وَلسَلْنَ يوم الِْكمَةَ عَمَا حاو يَفَئرَوت 1 [سورة العنكبوت:7١]‏ » 
" فهم يحملون وزر ضلالهم وشركهم وافترائهم» ووزر إضلالهم 
للآخرين دون أن يعفي هؤلاء من تبعة الضلال " (0). 


*- إطلاع العباد على أعمالهم إعذارا لهم ومحاسبتهم عليها. 

من تمام عدل الله وحكمته أن يطلع الخلق على ما قدموه من 
أعمال من خلال إعطائهم كتبهم التي أحصت تلك الأعمال؛ 
قال سبحانه: إِيَوْم د كل َس مَاعَلَتٌ مِنْ حي مخْصَهًا وَمَاعَوَتَ 
ين سو وو لد أ َه أمدا هوكم سوه 


رَءو ف بِالْعِبَادٍ ] [سورة آل عمران:١"]‏ » ويقول سبحانه: ( وَوْضِع 
و - اا لا 


لكب َرَى الْمُجرِمِينَ مَسَفْقِينَ مِمَا فيه وَيَفُولُونَ يوَيَلئنَا مال هذا 


م - ور أ حت م ه22 ا 00 0 عوه 
ألحكتب لايقادر صغِيرةٌ ولا مره إلا أخصنها ووجَدُوأ مَاعَيُوأ 


هه سير 


عَارَوكَايطِمُ رَيْكَ لََدَا 1 [سورة الكهف:43] . 


-98414/5 2 7175/5 بتصرف يسير » وينظر‎ ١178/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 56 
. 7775/5 في ظلال القرآن‎ )5( 

0١ 








يقول سيد - رحمه الله -: " إن الحساب والجزاء والحكم في 
الآخرة» إنما يقوم على عمل الناس في الدنيا؛ ولا يحاسب الناس 
على ما اجترحوا في الدنيا إلا أن تكون هناك شريعة من الله 
تعين لهم ما يحل وما يحرم» مما يحاسبون يوم القيامة على 
أساسه» وتوحد الحاكمية في الدنيا والآخرة على هذا الأساس. 


فأما حين يحكم الناس في الأرض بشريعة غير شريعة الله 
فعلام يحاسبون في الآخرة؟ 

أيحاسبون وفق شريعة الأرض البشرية التي كانوا يحكمون 
بهاء ويتحاكمون إليها؟ 

أم يحاسبون وفق شريعة الله السماوية التي لم يكونوا يحكمون 
بهاء ولا يتحاكمون إليها؟ 

إنه لا بد أن يستيقن الناس أن الله محاسبهم على أساس 
شريعته هوء لا شريعة العباد» وأنهم إن لم ينظموا حياتهم ويقيموا 
معاملاتهم - كما يقيمون شعائرهم وعباداتهم - وفق شريعة الله 
في الدنياء فإن هذا سيكون أول ما يحاسبون عليه بين يدي الله 
وأنهم يومئذ سيحاسبون على أنهم لم يتخذوا الله - سبحانه - 
إلهاً في الأرضء ولكنهم اتخذوا من دونه أرباباً متفرقة» وأنهم 
محاسبون إذن على الكفر بألوهية الله - أو الشرك به بإتباعهم 
شريعته في جانب العبادات والشعائر» واتباعهم شريعة غيره في 


0 


سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي؛ وفي المعاملات 


والارتباطات - والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك 
لمن يشاء ' )١(‏ 





وهذا من كمال فضل الله تعالى وعدله قال سبحانه: ١‏ منج 
بأَلسَكَةٍ هله عَغْرُ أمَكَاِهَا ومن جأ انكو ملا رج إِلَامِعْلَهَا وَهْمْ لا 
يظَلَمُونَ 1 [سورة الإنعام:١١]‏ وقال سبحانه [ مَنُحَمِلَ سَنَكَةٌ 
لا جرعلا مثْلَهَا ) [سورة غافر:٠؛]‏ . 

وقال سبحانه: [ إِلَّامَنْتَابَوَءَامَ وَعَِلَ عحمَلاصّحَ] 
أوْلهِكِبَوَلُ همتهم حَسَئَنب ون أنه مَفُورا تحِيمًا 1 [سورة 
الفرقان: ٠‏ 5] » "ففي هذه وأمثالها يقرر الله -سبحانه- قاعدة 
الحساب والجزاء في الآخرة.. 

فقد اقتضى فضل الله أن تضاعف الحسنات ولا تضاعف 
السيئات» رحمة من الله بعباده» وتقديراً لضعفهم وللجواذب 
والموانع لهم في طريق الخير والاستقامة» فضاعف لهم 
الحسنات» وجعلها كفارة للسيئات فإذا وصلوا إلى الجنة بعد 


. ١١75/9 في ظلال القرآن‎ )١( 
ير‎ 








الحساب رزقهم الله فيها بغير حساب .)١(‏ " وهو فيض من 
عطاء الله لا مقابل له من عمل العبد إلا أنه اهتدى ورجع عن 
الضلالء وثاب إلى حمى الله» ولاذ به بعد الشرود والمتاهة.. وقد 
جاء في الحديث أن رجلا أتى النبي 4 فقال: أرأيت رجلا عمل 
الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة» فهل له من توبة؟ فقال: " 
أسلمت؟ " فقال: نعم. قال: " فافعل الخيرات واترك السيئات» 
فيجعلها الله لك خيرات كلها " قال: وغدراتي وفجراتي؟ قال: " 
نعم ". فما زال يكبر حتى توارى ". ("), (0). 

ه- إقامة الشهود على الناس. وقد سبق 

5- وزن الأعمال لإقامة الحجة؛ء وهو ما يأتي تفضيله في 
الفقرة القادمة. 

رابعاً: إقامة الموازين: 

الموازين لغة: جمع ميزان» والميزان المقدار» وأصله موزان» 
فقلبت الواو ياءً لكسرما قبلها فأصبحت ميزان» والميزان العدل 
(؟). وقيل: ما تقدر به الأشياء خفة وثقلاً (2). 


. 3087 3.85/6 في ظلال القرآن‎ )١( 

(1) سبق تخريجه ص ٠١50‏ . 

(") في ظلال القرآن 7580-1761/1/0 بتصرف . 

(؟) لسان العرب 458/١7‏ بتصرف . 

(©) شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص ١١١‏ . 
ا 








وشرعاً:_هو ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد خيرها 
وشرها إظهاراً للعدل الإلهي .)١(‏ 

وقد ورد ذكر الوزن والموازين في عدة آيات من القرآن 
الكريم؛ وكذا في عدة أحاديث» *وأهل السنة والجماعة على أنه 
ميزان حقيقي له لسان وكفتان» يميل بالأعمال» *وذهب بعض 
أهل السنة إلى أن الميزان بمعنى العدل والقضاءء فقد روى عن 
مجاهد )١(‏ في قوله تعالى: (وَبََع الَو الْيسط ور امَو ) 
[سورة الأنبياء:417] قال: إنما هو مثل كما يجوز وزن الإعمال 
كذلك يجوز الحط وفي رواية عنه: قال: الموازين العدل» والراجح 
تنا "ذفت إلحة الحفهون :017 

قال الحافظ ابن حجر: ' وأنكرت المعتزلة الميزان» وقالت هو 
عبارة عن العدل.. بناءً منهم على أن الأعراض يستحيل وزنهاء 


)١(‏ السنة لابن أبي عاصم 55/5" ». فتح الباربي ٠» 548/١7‏ شرح العقيدة 
الطحاوية 508/7 » شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص ١7٠١‏ . 

» هو : مجاهد بن جبر » أبو الحجاج المخزومي مولاهم »المكي تابعي »ثقة‎ )١( 
توفي سنة 5١٠هءانظر :سير أعلام‎ ٠ إمام في التفسير أخذ التفسير عن ابن عباس‎ 
. . 778/5 النبلاء 459/54 والأعلام‎ 

» 57١/؟ وينظر أيضاً : شرح العقيدة الطحاوية‎ » 559-578/١ فتح الباري‎ )١( 
. ١7/7 التذكرة للقرطبي‎ 


غدل 








إذ لا تقوم بأنفسها " (0). 

أما سيد - رحمه الله - فالذي يظهر من خلال استقراء 
كلامه في التصور الفني وفي ظلال بعض الآيات التي تتحدث 
عن الموازين والوزن في ظلال القرآن أنه يرى: " أن عملية 
الوزن بالميزان تجري على طريقة القرآن الكريم في التعبير 
بالتصوير» وتجسيم المعاني في صورة حسية ومشاهد ذات 
جرع 0 

يقول: " وثقل الموازين وخفتها تفيدنا قيماً لها عند الله اعتبار» 
وقيماً ليس لها عنده اعتبار» وهذا ما يلقيه التعبير بجملته؛ 
وهذا- والله أعلم -ما يريده الله بكلماته» فالدخول في جدل عقلي 
ولفظي حول هذه التعبيرات هو جفاء للحس القرآاني» وعبث 
ينشئه الفراغ من الاهتمام الحقيقي بالقران والإسلام! 

فمن ثقلت موازينه في اعتبار الله وتقويمه فهو في عيشة 
راضية» ومن خفت موازينه في اعتبار الله وتقويمه فأمه هاوية " 
0 

ويقول: " فالوزن يومئذٍ الحق» لا مجال للمغالطة في الوزن 


. 584/1 فتح الباري»‎ )١( 
. 758١/5 ء في ظلال القرآن‎ 7١ التصوير الفني ص‎ )1( 
. 5451/5 في ظلال القرآن‎ )"( 

١ 








والتلبيس في الحكم» والجدل الذي يذهب بصحة الموازين " .)١(‏ 


فهو فيما سبق من النصوص يرى أن الموازين هي عدل الله 
وأن وزن أفعال العباد من أفعال الله وبالتالي فهو يقرر في 
موضع أخر بأن " لا ندخل في طبيعة الوزن وحقيقة الميزان - 
كما دخل فيه المتجادلون بعقلية غير إسلامية في تاريخ الفكر" 
الإسلامي"!.. فكيفيات أفعال الله كلها خارجة عن الشبيه 
والمثيل» منذ كان الله سبحانه ليس كمثله شيء.. وحسبنا تقرير 
الحقيقة التي يقصد إليها السياق» من أن الحساب يومئذ بالحق» 
وأنه لا يظلم أحد مثقال ذرة» وأن عملا لا يبخس ولا يغفل ولا 
يضيع , 2 

وهو بهذا موافق لرأي المعتزلة وبعض السلف كمجاهد في 
أن الوزن والموازين مثل للعدل الإلهي - كما سبق - وهو 
خلاف ما عليه جمهور أهل السنة والجماعة من أنه ميزان 
حقيقي» بل 

ووحدكة أبضبا كلما لسحة فطلب - رحمه الله - ظاهره أنه 


. ١؟5017/79 المصدر السابق‎ )١( 

(1) في ظلال القرآن ١771/7”‏ » وينظر أيضاً : 7715/5 . 

(') ينظر: أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب د. ربيع المدخلي ص ١1٠١‏ وما 
بعدها . 


لحدرسن 








يثبت الميزان وهو قوله: " والحبة من خردل تصور أصغر ما 
تراه العيون» وأخفه في الميزان وهي لا تترك يوم الحساب ولا 
تضيع» والميزان يشيل بها أو يميل.. وهم - أي الكفار - وان 
فوا م كدان الدقن :ا فيداك بعذانت ‏ لأكرة دمر يفل كاز الخال 
نفس شيئاً ولا يهمل مثقال حبة من خردل " .)١(‏ 

ويقول: ' وفضل الله يتجلى به على عباده المتقين» يكفر 


٠. 


عنهم أسوأ أعمالهم فلا يبقى لها حساب في ميزانهم ويجزيهم 
أجرهم بحساب الأحسن فيما كانوا يعملون» فتزيد حسناتهم وتعلو 
وترجح في الميزان " 29 " ويبلغ فضل الله سبحانه وتعالى 
وفيضه على عبده المؤمن» أنه إذا قال: الحمد لله كتبها له حسنة 
ترجح كل الموازين " ("). 

ويقول: ' إن لهم في صلوات الله ورحمته وشهادته جزاءء 
كران كل التبحنة بلالأوان: والأنقى الراك تجا على 
الخوف والجوع والشدة» وجزاء على القتل والشهادة» إن الكفة 
ترجح بهذا العطاء فهو أتقل في الميزان من كل عطاء " (5). 


. 5581/4 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 3”٠51١/6 المصدر السابق‎ )١( 
. 77/١ المصدر السابق‎ )1( 
. ١55/١ (؟)المصدر السابق‎ 
ميرف‎ 








المطلب السادس 


الحوض والصراط 

أولاً: الحوض: 
الحوض في اللغة:_هو مجمع الماء )"١(‏ 
وشرعاً:_هو حوض الماء النازل من الكوثر»ء والذي أعطيه النبي 
يل في عرصات القيامة ('). 
فالحوض غير الكوثر ولكنه وثيق الصلة به» حيث يطلق عليه 
أحياناً كؤقزة لكودة يكذ هته 00): 

ولم أجد سيد - رحمه الله - تعرض لتفاصيل الحوضء وإنما 
أشار في ظلال قوله تعالى: [إِنَآ أَعَطَبِنَ الور 1 [سورة 
الكوثر:١]‏ » إلى أن الكوثر: صيغة من الكثرة» وهو مطلق غير 
محددء على عكس ما أطلقه السفهاء عن النبي يل وإذا أراد أحد 
أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه 5 فهو واجده حيثما 
نظر أو تصور. 


هو واجده في النبوة.. وواجده في هذا القرآن الكريم» وسورة 


. 1١51/9 لسان العرب‎ )١( 
. ١77 شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص‎ » :57/١١ فتح الباري‎ )١( 
. 5517/١١ فتح الباري‎ )3( 

سيق 








واحدة منه كوثر لا نهاية لكثرته» وهو واجده في الملأ الأعلى 

الذي يصلي عليه.. وهو واجده في سنته الممتدة على مدار 

القرون» وفي الملايين بعد الملايين السائرة على أثره.. الهاتفة 

باسمهء المحبة له» وهو واجده في الخير الذي فاض على 

البشرية في جميع أجيالها بسببه وعن طريقه » ولهذا تركه 
وقد وردت روايات من طرق كثيرة أن الكوثر نهر في الجنة 

أوتيه رسول الله يةٍ ولكن ابن عباس أجاب بأن هذا النهر هو 

من بين الخير الكثير الذي أوتيه الرسول» فهو كوثر من 

الكوثر! وهذا هو الأنسب في هذا السياق " .)١(‏ 

ثانياً: الصرط: 

الصراط في اللغة: الطريق (2). 

وشرعاً: الجسر المنصوب على متن جهنم لعبور المسلمين عليه 
والمفسرون على أن المراد بالورد في قوله تعالى: ( ثم شَجّى 

لْذِينَ توأ وَتَدَرالطللويت فا ثرا 1 [سورة مريم: ]77-١/١‏ . هو 


ل م 


. في ظلال القرآن 9184/5" بتصرف يسير‎ )١( 
. 550/7 لسان العرب‎ )1( 
. 555/١١ فتح الباري لابن حجر‎ )'( 

دسف 








المرور على الصراط» وهو الجسر المنصوب على جهنم» فيقع 
فيها أهلها وينجو الآخرون. 


ويرى آخرون أن المراد بالورود الدخول. والأول هو الراجح 
00 
ولكنه يقول في تفسير آية الورود: " وان المؤمنين ليشهدون 
العرض الرهيب " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً 
مقضياً " فهم يردون فيدنون ويمرون بها وهي تتأجج وتتميز 
وتتلمظ» ويرون العتاة ينزعون ويقذفون " ثم ننجي الذين اتقوا " 
فتزحزح عنهم وينجون منها لا يكادون! " ونذر الظالمين فيها 
جثيا ' (0, 

ويقوله في ظلال قوله تعالى: ( وَلَوَ شَمَآءُ لَطَمَسَمَا عل عينم 
فاش هوا ال نان تن ررضت ١‏ /[ستسورة ين :]ب 'كبذلك 
نتن المنتم واأستتهنبمتشودة! وأيدووم انكلم أرجليتع اشقية 
على غير ما يعهدون من أمرهم وعلى غير ما كانوا ينتظرون... 
ثم يعرض مشهداً أخر فيه من البلاء قدر ما فيه من السخرية 
والاستهزاء... فهم عميان مطموسونء ثم هم مع هذا العمى 
)١(‏ فتح الباري 154/١١‏ . 


(5") في ظلال القرآن 5718/54 . 
ا 








يستبقون الصراط ويتزاحمون على العبور ويتخبطون تخبط 
العميان حين يتسابقون! ويتساقطون تساقط العميان حين 


يسارعون متنافسين " ('). 

' ويجعل الله للمؤمنين نوراً " يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ' 
نوراً يعرفون به في ذلك اليوم الهائل المائج العصيب الرهيب» 
ونوراً يهتدون به في الزحام المريج» ونوراً يسعى بين أيديهم 
وبأيمانهم إلى الجنة في نهاية المطاف!.. " ("). 


المطلب السابع 


النار وعذابها 

ومن الإيمان باليوم الآخر أيضاً: الإيمان بوجود النارء وهي 
دار أعدها الله سبحانه وتعالى لأعدائه ولمن عصاه وخالفه» 
فهي دار العقوبة في الآخرة» وقد ورد ذكر النار وعذابها في 
كتاب الله كثيراًء وكذا في أحاديث النبي 26. 

وتحدث سيد- رحمه الله- عن النار وعذابها في ظلال 
الآيات التي ذكرت فيها النار وهي كثيرة جداً ويكننا بيان ذلك 
بإيجاز في ما يأتي: 


. في ظلال القرآن 7977/5 بتصرف يسير‎ )١( 
. 5486/5 المصدر السابق 5148/5” وينظر أيضاً‎ )١( 
ا‎ 








-١‏ أنها مخلوقة موجودة: قال سبحانه وتعالى (إِنَ جَهَنَمَكَاتْ 
مرصَاًا 0 الَلطحِينَ مَكَابَا1 [سورة النبأ:١١-7١]‏ يقول سيد: " إنها 
خلقت ووجدت وكانت مرصاداً للطاغين تنتظرهم وتترقبهم 
وينتهون إليها فإذا هي معدة لهم» مهيأة لاستقبالهم؛ وكأنما كانوا 
في رحلة في الأرض ثم آبوا إلى مأواهم الأصيل! وهم يردون 
هذا المآب للإقامة الطويلة المتجددة أحقاباً بعد أحقاب " .)١(‏ 

وفي ظلال قوله تعالى: | إدَآأموَا عوط سَِيعًاوَتفُورٌ (0) 
تكد َمَيرُ مَِالْقَيٍْ 1 [سورة الملك:5-1] » يقول سيد - رحمه 
الله -: " وجهنم هنا مخلوقة حية» تكظم غيظهاء فترتفع أنفاسها 
في شهيق وزفير» ويملأ جوانحها الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ 
الكظيم وهي تنطوي على بغض وكره يبلغ إلى حد الغيظ والحنق 
على الكافرين! 

والتعبير في ظاهره يبدو مجازاً تصويرياً لحالة جهنم» ولكنه 
- فيما نحس- يقرر حقيقة» فكل خليقة من خلائق الله حية ذات 
روح من نوعهاء وكل خليقة تعرف ربها وتسبح بحمده» وتدهش 
حين ترى الإنسان يكفر بربه» وتتغيظ لهذا الجحود المنكر الذي 
تنكره فطرتها وتنفر منه روحهاء وهذه الحقيقة وردت في القرآن 


. 7801/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
سق‎ 








في مواضع شتى تشعر بأنها تقرر حقيقة مكنونة في كل شيء 
فقد جاء بصريح العبارة في القرآن: ( شسيعله لوت السَبعْ وَالْارْضُ 


تق مدق تنو اذ عو ليق انقزر اليف ل 061 
حَلِيِمَاعَفُوا 1 [سورة الإسراء:؛ 4] » (0). 
١‏ - صفاتها وعذا 

ذكر القرآن الكريم لجهنم وصفاً مفصلاً في كثير من الآيات 
القرآنية وقد وقف سيد- رحمه الله- في ظلال تلك الآيات 
وقفات عديدة ومن كلامه في وصف النار: - 

* يقول: " إنها نار فظيعةٌ متسعرةٌ وقودها الناس والحجارة: 
الناس فيها كالحجارة سواءء في مهانة الحجارة وفي يرخص 
الحجارة» وفي قذف الحجارة» دون اعتبار ولا عناية» وما أفظعها 
ناراً هذه التي توقد بالحجارة! وما أشده عذاباً هذا الذي يجمع 
إلى شدة اللذع المهانة والحقارة! وكل ما بها وما يلابسها فظيع 
رهيب» عليها ملائكة غلاظ شداد تتناسب طبيعتهم مع طبيعة 
العذاب الذي هم به موكلون " (). 


. 5570/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
. 5578/5 في ظلال القرآن‎ )"( 
كف‎ 








ويقول: " فهي حطمة تحطم كل ما يلقى فيهاء واضافتها إلى 


ورد 


الله في قوله تعالى: ( تار أله ألْمُومَدَةٌ 1 [سورة الهمزة:1] 
وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة» غير معهودة» ويخلع 
عليها رهبة مفزعة رعيبة... مغلقة على أهلهاء لا ينقذهم أحد ولا 
يسأل عنهم فيها أحد» وهم موثوقون فيها إلى الأعمدة كما توثق 
البهائم بلا احترام " .)١(‏ 

ويقول: " إنها شيء أعظم و أهوال من الإدراك.. فهي ١‏ 
بت وَلَائَدَرُ 1 [سورة المدثر:18١]‏ » تكنس كنساً» وتبلع بلعاً» وتمحو 
محواء فلا يقف لها شيء» ولا يبقى وراءها شيء» ولا يفضل 
منها شيء! 
تتعرض للبشر وتلوح» وتدعو من أدبر وتولى» فهي تدل على 
نفسهاء وكأنما تقصد إثارة الفزع في النفوس» بمنظرها المخيف! " 
0 

ويقول: " وفي النار لأهلها | سموو وَحَِيو © وَظِلِ من مور (:0)) 
لَابارٍِ وَلَاكريرٍ 1 [سورة الواقعة: 5-47 4] » فالهواء شواظ ساخن 
ينفذ إلى المسام ويشوي الأجسام» والماء متناه في الحرارة لا يُبرد 


. في ظلال القرآن 7977/5 بتصرف يسير‎ )١( 
. 7594/5 في ظلال القرآن 7517/5 بتصرف »وينظر أيضاً‎ )١( 
ار‎ 








ولا يُروي وهناك ظل! ولكنه | وَظِلِينيحْمْرٍ 14 ظل الدخان 
اللافح الخانق» إنه ظل للسخرية والتهكم؛ ظل " لا بارد ولا كريم 
' فهو ظل ساخن لا رؤح فيه ولا برد؛ وهو كذلك كز لا يمنح 
وازكهواحة ولا اها اه 

طعامهم من زقوم شجرة طلعها كرؤوس الشياطين» ورؤوس 
الشياطين لم يرها أحد ولكنها تلقي في الحس ما تلقيه! ولفظ 
الزقوم نفسه يصور بجرسه ملمساً خشناً شائكاً مدبباً يشوك 
الأكف- بله الحلوق- ومع ذلك فإنهم لآكلون منها " فمالئون 
منها البطون " فالجوع طاغ والمحنة غالبة» وان الشوك الخشن 
لبدفع الي لضا قيمليك الطوق ,وروي البطوق! وانهن لهتارووة:" 
من الحميم " الساخن الذي لا يبرد غلة ولا يروي ظمأ " فشاربون 
شرب الهيم " وهي الإبل المصابة بداء الاستسقاء لا تكاد ترتوي 
من الماء! "هذا نزلهم يوم الدين ".. والنزل للراحة والاستقرار» 
ولكن أصحاب الشمال هذا نزلهم الذي لا راحة فيه ولا قرار! بما 
كانوا يشركون بالله ولا يخافون وعيده " .)١(‏ 

' وسعير النار يشوى الجلود وينضجهاء وكلما نضجت بدلت» 


ليعود الاحتراق من جديدء ويعود الألم من جديد " ()» " لهم 


. في ظلال القرآن 475/5؟ بتصرف يسير‎ )١( 
. المصدر السابق 5854/7 بتصرف‎ )١( 
سق‎ 








ظلل من النار من فوقهم وظلل من تحتهم» وهم في طبقات هذه 
الظلل المعتمة تلفهم وتحتوي عليهم وهي من النار " )١(‏ 

' والأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون كما تسحب 
الأنعام والوحوش في العذاب والمهانة» ثم ينتهي بهم المطاف 
إلى ماء حار ونار» يربطون ويحبسون فيه على طريقة سجر 
الكلاب أي يملا لهم المكان ماءً حاراً وناراً موقدة وإلى هذا 


لوو تا 
“"-خلود النار وأهلها: 
ما دامت النار هي دار الجزاء للكافرين» وما دام الله قد حكم 
حت القفا ىا تكارن في انان دفهود ا متضى قاف الفا ور افيا 
كالجنة؛ وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الجنة والنار 
باقيتان لا تفنيان وهو ما قررته الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة. 
وقد قرر سيد - رحمه الله - خلود النار ودوامها وبقاءها في 
ظلال الآيات التي تتحدث عن خلود النار وأهلها وهي كثيرة 


00 


. 3"١54ه/5 المصدر السابق‎ )١( 

. 5٠91//5 المصدر السابق‎ )١( 

(5) ينظر : المصدر السابق : 318١/١‏ , 79# , 6و5 , 55ل 7م23 
للا. 17 ء حؤككء كلككا متلاك/ ١١59/4‏ 5865 /, ووكاء 
إزلاه ا لاما 91/552457 . 


51 








وبيّن أن الاستثناء الوارد في بعض الآيات إنما هو لبيان طلاقة 
المشيئة الإلهية» ففي ظلال قوله تعالى: [ مَل َلنَارُ مَتْوَسَكمْ كَيِديَ 
هآلا مَاضَآَأمَدْنَ رَبّكَ َك عَاِيعٌ 1 [سورة الأنعام:8١؟١]‏ » يقول 
سيد: " فالنار مثابة ومأوى» والمثوى للإقامة» وهي إقامة الدوام " إلا 
ما شاء الله " لتبقى صورة المشيئة الطليقة هي المسيطرة على 
التصور الاعتقادي» فطلاقة المشيئة الإلهية قاعدة من قواعد هذا 
التصورء والمشيئة لا تنحبس ولا تتقيد» ولا في مقرراتها هي " .)'١(‏ 

ويقول: 'ومن خلال التعبير نشهد: " الذين شقوا " نشهدهم في النار 
مكروبي الأنفاس" لهم فيها زفير وشهيق " من الحر والكتمة 
والضيق» ونشهد " الذين سعدوا " نشهدهم في الجنة لهم فيها عطاء 
دائم غير مقطوع ولا ممنوع. 

هؤلاء وأولئك خالدون حيث هم " ما دامت السماوات والأرض " 
وهو تعبير يلقي في الذهن صفة الدوام والاستمرار» وقد علق 
السياق هذا الاستمرار بمشيئة الله في كلتا الحالتين» وكل قرار وكل 
سنة معلقة بمشيئة الله في النهاية» فمشيئة الله هي التي اقتضت 
السنة وليست مقيدة بها ولا محصورة فيهاء إنما هي طليقة تبدل 
هذه السيذة ديق : يشاك انو 207 


. ١7١1//9 في ظلال القرآن‎ )١( 
. ١179/54 في ظلال القرآن‎ )5( 
8 








المطلب الثامن 


الجنة ونعيمها 

من الإيمان باليوم الآخرء الإيمان بالجنة» وأنها حق لا ريب 
فيه» والجنة هي دار النعيم التي أعدها الله تعالى لعباده 
المؤمنين المتقين» المشتملة على أصناف النعيم والسرور» وقد 
أكثر الله تعالى من ذكر الجنة ونعيمها في كتابه الكريم (١)؛‏ 
وكذا جاءت أحاديث كثيرة تتحدث عن الجنة وما أعده الله فيها 
لغباده الضالكين هما لا يغعين رأثت ولا أذن سمغت ولا خطق 
على قلب بشر. 

ولخ تسةة مات هيه ات هين الححة وفدونيا: عندة كن 


موضع ذكرت فيه في القرآن الكريم» ومن ذلك. 





كافر ولا مشرك: 
ففي ظلال قوله تعالى: ( إِنَالَدِكَدَبوا ايا وَأسْتَكيوأ 
له ل ورك أنشلل الا يتقاره الجه وجل الممل و لاد 


أه-ه 


وَكَدَلِك محَرى الْمْجَرِمِينَ 1 [سورة الأعراف: ٠‏ 4] » يقول سيد: " 


)١(‏ ينظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم - محمد فؤاد عبد الباقي - دار 
الحديث - القاهرة طبعة 55757 ١ه‏ .ع ص 5779-559١‏ ., 
5580١‏ 








ودونك فقف بتصورك ما تشاء أمام هذا المشهد العجيب.. مشهد 
الجمل تجاه ثقب الإبرة» فحين يفتح ذلك الثقب الصغير لمرور 
الجمل الكبير» فانتظر حينئذ - وحينئذ فقط - أن تفتح أبواب 
السماء لهؤلاء المكذبين» فيقبل دعاءهم أو توبتهم - وقد فات 
الأوان - وأن يدخلوا إلى جنات النعيم! أما الآن» والى أن يلج 
الجمل في سم الخياطء فهم هنا في النار» التي تداركوا فيها 
جميعاً وتلاحقواء وتلاوموا فيها وتلاعنوا " .)١(‏ 

؟ - أن دخول الجنة إنما حمة الله: فالمؤمن يعمل ما في 
وسعه» ويشعر بالتقصير» ويرجو بعد ذلك ويتطلع إلى رحمة الله 
وعفوه بالعمل الصالح والإيمان واتباع الرسول وه و طاعة الله 
ورسوله» ففي ظلال قوله تعالى: (وَبُودُوَا نيلك اسه أُورنمْمُوهَا 
مَاصُثُرَ مون 1 [سورة الأعراف:"4] . يقول سيد - رحمه الله 
-: " هؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات قدر استطاعتهم» 
لا يكلفون إلا طاقتهم» هؤلاء هم يعودون إلى جنتهم! إنهم 
أصحابها - بإذن الله وفضله - ورثها لهم - برحمته - بعملهم 
الصالح مع الإيمان.. جزاء ما اتبعوا رسل الله وعصوا الشيطان» 


وجزاء ما أطاعوا أمر الله العظيم الرحيم»؛ وعصوا وسوسة العدو 





. 117/١ : عوينظر أيضاً‎ ١١11/* في ظلال القرآن‎ )١( 
حرق‎ 








اللئيم القديم! ولولا رحمة الله ما كفى عملهم - في حدود طاقتهم 
- وقد قال رسول الله 5: " لن يُدْخْلَ أحداً منكم الجنة عمله " 
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ' ولا أنا إلا أن يتغمدني الله 
برحمة فهو فل :10 
وليس هنالك تناقض ولا اختلاف بين قول الله سبحانه في هذا الشأن» 
وقول رسوله ونه وهو لا ينطق عن الهوى.. فكل ما ثار من الجدل حول 


هذه القضية بين الفرق الإسلامية لم يقم على الفهم الصحيح لهذا الدين؛ 
إنما ثار عن الهوى! فلقد علم الله من بني آدم ضعفهم وعجزهم 
وقصورهم عن أن تفي أعمالهم بحق الجنة» ولا بحق نعمة واحدة من 
نعمه عليهم في الدنياء فكتب على نفسه الرحمة» وقبل منهم جهد المقل 
القاصر الضعيف» وكتب لهم به الجنة» فضلاً منه ورحمة» فاستحقوها 
بعملهم ولكن بهذه الرحمة " (5). 

ويقول سيد: ' ويعرف المؤمنون أن العمل لا يدخل صاحبه الجنة إلا 
بمنة من الله وفضلء فما يبلغ العمل أكثر من أن يشهد لصاحبه أنه بذل 
جهدهء ورغب فيما عند اللهء وهذا هو المؤهل لفضل الله " (). 
*- سعة الجنة: وأما سعة الجنة فيقول سبحانه وتعالى: ١‏ 


. 648 سبق تخريجه ص‎ )١( 
. 3417/١ ء وينظر أيضاً‎ ١711/7” في ظلال القرآن‎ )1( 
. المصدر السابق 7”5517/5 بتصرف يسير‎ )١( 

للف 








أذ اسع ا سح سس ص د ل سر لو ل سس سج عت ل م 906 
سَايِمُوأ إلى معفرو من رت وَجَدَّقِ عرصها عرض الْسَّمَكِ <3 أع تت 


7 مغرو اع 


دّيس انوأ بأنْهِوَرسله- دَلِكَ هَضْلُ َه موه مَنيسَاُ اله ذو 
َلْمَضْ ل الْمَظِيو) [سورة الحديد: ١؟]‏ . 

يقول سيد - رحمه الله -: ' وربما كان بعضهم في الزمن 
الخالي - قبل أن تكشف بعض الحقائق عن سعة هذا الكون - 
يميل إلى حمل مثل هذه الآية على المجاز» وكذلك حمل بعض 
الأحاديث النبوية» كذلك الحديث الذي أسلفنا عن أصحاب 
الغرف التي يتراءاها سكان الجنة كما يتراءون الكوكب الدري 
الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب.. فأما اليوم ومراصد 
البشر الصغيرة تكشف عن الأبعاد الكونية الهائلة التي ليس لها 
حدودء فإن الحديث عن عرض الجنة» والحديث عن تراءي 
الغرف من بعيد» يقع قطعاً موقع الحقيقة القريبة البسيطة 
المشهودة؛ ولا يحتاج إلى حمله على المجاز إطلاقاً! فإن ما بين 
الأرض والشمس مثلاً لا يبلغ أن يكون شيئاً في أبعاد الكون 
يقاس! وذلك الملك العريض في الجنة يبلغه كل من أرادء 
ويسابق إليه كل من يشاء» وعربونه: الإيمان بالله ورسوله )"١('‏ 
-١‏ نعيم الجنة: أما حقيقة النعيم في الجنة وألوانه» فقد ذكر الله 


. ”5957/5 في ظلال القرآن‎ )١( 
1 








سبحانه تعالى في القرآن الكريم وذكر رسوله #ةِ من أنواع النعيم 
مالا يدرك الإنسان حقيقته في هذه الحياةء يقول سبحانه 


وتعالى: [وَبِيْ رأ ءا مَمُوأوَب ووأ ألصديِحَنتٍ مجنت تجْرى 
من كه الْأَنْهَرٌ حكُلَّمَا دهان فَمَرَوَ رَذْقمَاُوأ هذا الى 
لوفكاين لوالا وواشقوم ولق ينا الور يكرا وق ينا 
خَدَلِدُوتَ ) [سورة البقرة:5١]‏ . 
يقول سيد - رحمه الله -: " وهي ألوان من النعيم يستوقف النظر 
منها- إلى جانب الأزواج المطهرة- تلك الثمار المتشابهة» التي يخيل 
إليهم أنهم رزقوها من قبل - إما ثمار الدنيا التي تشبهها بالاسم أو 
الشكل» واما ثمار الجنة التي رزقوها من قبل - فربما كان في هذا 
التشابه الظاهري والتنوع الداخلي مزية المفاجأة في كل مرة.. وهي 
ترسم جواً من الدعابة الحلوة» والرضى السابغ» والتفكه الجميل» بتقديم 
المفاجأة بعد المفاجأة» وفي كل مرة ينكشف التشابه الظاهري عن 
شيء جديد! 
وهذا التشابه في الشكلء والتنوع في المزية» سمة واضحة في 
صنعة البارئ تعالى» تجعل الوجود أكبر في حقيقته من مظهره " .)١(‏ 
ويقول: ' وهذا النعيم والمتاع الآخروي هو نعيم حسي في 


. 53/١ في ظلال القرآن‎ )١( 
م‎ 








عمومه» ولكن هنالك فارقاً أساسياً بينه وبين متاع الدنيا.. فالذين 
اتقوا ربهم يتطلعون إلى هذا المتاع الحسي الذي يبشرون به 
يتطلعون إليه في شفافية مبرأة من غلظة الحس! وفي حساسية 
مبرأة من بهيمية الشهوة.. وفي هذا المتاع النظيف العفيف 
عوض كامل عن متاع الدنيا.. وفيه زيادة.. 

فإذا كان متاعهم في الدنيا حرثاً مُعطياً مخصباًء ففي الآخرة 
جنات كاملة تجري من تحتها الأنهارء وهي فوق هذا خالدة وهم 
خالدون فيهاء لا كالحرث المحدود الميقات! 

وإذا كان متاعهم في الدنيا نساء وبنين» ففي الآخرة أزواج 
مطهرة» وفي طهارتها فضل وارتفاع على شهوات الأرض في 
الحياة! 

فأما الخيل المسومة والأنعام» وأما القناطير المقنطرة من 
الذهب والفضة» فقد كانت في الدنيا وسائل لتحقيق متاع» فأما 
في نعيم الآخرة فلا حاجة إلى الوسائل لبلوغ الغايات! 

ثم.. هنالك ما هو أكبر من كل متاع.. هنالك " رضوان من 
الله " رضوان يعدل الحياة الدنيا والحياة الأخرى كليهما.. 
ويرجح.. رضوان بكل ما في لفظه من نداوة» وبكل ما في ظله 
من 00000 


. 3176/١ المصدر السابق‎ )١( 
501 








' فالنعيم بلا منغصات وبدون عقابيل تعقب اللذة غاية من 
غايات الخلق والإعادة» وفيه قمة الكمال البشري.. وهذا كله في 
الجنة كما وصف القرآن الكريم نعيمها الكامل الشامل " .)١(‏ 
ومن الآيات التي وصفت نعيم الجنة أيضاً: ما جاء في سورة 
الرحمن في الآيات (0738-5457)» وتبدأ بقوله تعالى: | وَلِمَنَ حَاتَ 
مَقَامَرَيهمبنََّانِ 1 والأظهر أنهما ضمن الجنة الكبيرة المعروفة؛ 
ولكن اختصاصهما هنا بالذكر قد يكون لمرتبتهما.. فلنشهد 
الجنتين ولنعش فيهما لحظات: 
* إنهما ١‏ دَوَابَآأَفَآَنِ 1 وهي الأغصان الصغيرة الندية. 
* (فيمَاعََانِ يران 1 فماؤها غزير وسهل يسير. 
* [ فِِمَا َكل مَكهَة يوبن ] ففاكهتهما منوعة كثيرة وفيرة. 
* ' وأهل الجنتين ما حالهم؟ إننا ننظرهم: '( متكي كمض 
َطَلِيئهًا من إِسَتَْرَقِ 1 وهو المخمل الحرير السميك» فكيف بظاهر 
هذه الفرش إذا كانت تلك بطائنها؟ 
* [وَبَىَ الْجَتَيِ دان ] قريب دان» لا يتعب في قطاف. 
ولكن هذا ليس كل ما فيها من رفاهية ومتاع» فهناك بقية بهيجة 


. بتصرف‎ ١775/7” المصدر السابق‎ )١( 
ضف‎ 








لهذا المتاع: 
* فين قَصِرْتُ الطَرَفِ لَرَيَظتهُنَ إل متَكَهُمْ ,]اج فهفن 
عفيفات الشعور والنظرء لا تمتد إيصارهن إلى غير أصحابهن» 
ناضرات لامعات " كأنهن الياقوت والمرجان " فهذا حال الجنتين 
الأوليين» ومن دونهما جنتان أوصافهما أدنى من الجنتين 
السابقتين: 
* ( مَدَهَآتَنَانِ 1 مخضرتان خضرة تميل إلى السواد لما فيها من 
* (فِيهِما عَينَانِ تضَاحَئَانِ 1 بالماء وهو دون الجريان. 

اس" لق ساسح ود وس َ 0 بوره رس سمل سوسا 
* (فييمائكهة ونحل ورِمَآن ) وهناك ( فِيِمَامِنَكلٌ مكهةٍ رَوْجَانِ ) 
* [فِينَحََدحِمَانُ] بسكون ياء إِحَيَرَتُ ) أو بتشديدها على 
الوصفء وتأويلها 
* (حود مَقَصُورَاتٌ فى لَلْيَاوِ » الَو يَطِمِنَ إن صَلَهُم ولاجآن ) 
فهن يشتركن مع زميلاتهن هناك في 
أما أهل هاتين الجنتين فنحن ننظرهما: 
5 تكن عل رَفْرَفِ حَضْر وَعَبَمَرِيَ حِسَانِ 1 وهفي الأبسطة؛ 


0 





وكأنها من صنع "عبقر " لتقريب وصفها إلى العرب" .)١(‏ 
والآيات في بيان نعيم الجنة وما فيها من لذات كثيرة جداًء 
ووقفات سيد - رحمه الله - في ظلالها متنوعة لا يسع المجال 
هنا لاستقصائتها وعرضهاء ونكتفي بما سبق الإشارة إلية " ("). 
5- بقاء الجنة ودوامها: يقرر سيد - رحمه الله- أيضاً في 
ظلال الآيات التي تتحدث عن خلود الجنة وأهلهاء أن الجنة لا 
تبيد ولا تفنى» بل هي باقية خالدة» خالدٌ فيها أهلها (). 
أما الاستثناء الذي جاء في بعض الآيات كقوله تعالى: ( 


حَدِزِيت فيا مَادَامَتٍ اتوت والْارْض إِلَّا ماس ريك 4 إسورة 


هود:7١٠]‏ » وقوله أيضاً: ا لذبن سعدوا فى اََنَدٍ حَلِدِينَ فبَاما 


تتا سس ص مه ١‏ اهن 


صد 
ا و هدم مح له 


دَامَتِ الْسَمْوات والارض إلا ماسَاء ريك عطة عير يحَدُوذِ 1 إسورة 
هود:8١٠]‏ » ونحوها فيرى سيد قطب: أنه يقرر طلاقة المشيئة 
الإلهية من كل قيد يرد عليها حتى من عملها هيء لتبقى 


. في ظلال القرآن 5451//5 7458-15 بتصرف يسير‎ )١( 
لمزيد من التوسع حول الموضوع ينظر : في ظلال القرآن 7:991//5, 755717اء‎ )1( 
. لزلا 69و93‎ 
ءالك١‎ ,455 . 595/5 ينظر كلامه : في ظلال القرآن في المواضع الآتية‎ )( 
لالع الع 4/9 تك تدلالل الالاكء #الختضطء 21959 مك20‎ 
ص 53049 , لاغ 5, هإدده ل مزلا الكل تلاك مككى‎ 3 
. لت 9و3‎ 

تلضف 





10-7776 سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


واضحة» ويبقى تصورها غير مشوبء فقد وعد الله أهل الجنة 
بالخلود وأهل النار كذلك» وهذا الوعد صادر من المشيئة» ولكنه 
أبقى المشيئة طليقة خارج نطاق هذا الوعد ذاته وهو من عملها 


باختيارهاء فقال عن هؤلاء وهؤلاء ! خَدِنَ فَبَامَادَامَتِ السَّموَتٌ 


وَاَلْارض إلا ما سه ويك ) وهكذا في كل موضع وردت فيه مثل 
هذه التكايية 1 





تكلم سيد - رحمه الله - حول الجنة التي كان فيها آدم- 
عليه السلام- وزوجه قبل أن يهبطا إلى الأرض» وفي موضعين 
من الظلال» وتساءل بقوله: " ولكن أين كانوا؟ أين هي الجنة؟ 
هذا من الغيب الذي ليس عندنا نبأ عنه إلا ما أخبرنا به من 
عنده مفاتيح الغيب وحده» وكل محاولة لمعرفة هذا الغيب بعد 
انقطاع الوحي هي محاولة فاشلة " ('). 

وقد ذكر د/ ربيع المدخلي " أن سيد - رحمه الله - خالف 
أهل السنة والجماعة وسار وراء مذهب المعتزلة والقدرية في هذا 


. ١979/4 في ظلال القرآن 474/5" » وينظر أيضاً‎ )١( 
. 595/١ وينظر أيضاً‎ ١7720/* (؟) المصدر السابق‎ 
ع5"‎ 








الرأي " .)١(‏ وذكر الشيخ الدويش أيضاً في المورد الزلال " أن 
سيداً - رحمه الله - أخطأ في هذاء وبين أن الجنة التي عاش 
فيها آدم وزوجه - عليهما السلام - هي جنة الخلدء لكونها 
عرفت بالألف واللام» وهي تفيد الجنة المتعارف عليها بين 
الخلق عندما يطلبونهاء وكذا الحديث: " أن موسى قال لآدم 
أكوحةة| وتشياك منرم 'الكفة :140:1 وتكدية القفافة: "فياه 
إلى آدم - عليه السلام - فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة؟ 
فيقل هل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم " (). 

وكذا إجماع أهل السنة على أنها جنة الخلدء كما حكاه 
القرطبي في تفسيره وابن القيم في أول مفتاح دار السعادة " (؟). 

وقد جاء في تقرير إدارة المطبوعات بالرئاسة العامة للبحوث 
العلمية والدعوة والإفتاء والإرشاد تعقيب على كلام الشيخ 
الدويش السابق حول ذكره الإجماع من أهل السنة على أنها 
جنة الخلد» حيث جاء فيه ذكر كلام ابن القيم» الذي بين فيه 
حجج القائلين بأنها جنة الخلد وحجج القائلين بأنها غيرهاء 


. ١7١ أضواء على عقيدة سيد قطب د.ربيع المدخلي ص‎ )١( 
.577/ برقم‎ ١75١/9 رواه : البخاري في كتاب الأنبياء باب وفاة موسى‎ )١( 
.١15 برقم‎ ١51/١ رواه : مسلم في كتاب الإيمان‎ )١( 
. 31١١ -١١ص (؟) المورد الزلال للدويش‎ 
ع8‎ 








وأطال فيه الكلام والنقل عن غير واحد من السلف» مما يدل 
على أنه لم يثبت الإجماع على أن الجنة التي عاش فيها آدم 
وزوجه - عليهما السلام - هي جنة الخلدء وكذلك ذكر الحافظ 
ابن كثير القولين وأطال الكلام حولهما. (') 


المطلب التاسع 


رؤية الله تعالى 

رؤية الله -تعالى- من أشرف وأجل مسائل أصول الدين» 
وهي الغاية التي شمرٌ إليها المشمرون» وتنافس فيها 
المتنافسون؛ وحرمها الذين هم عن ربهم محجوبون (") 

وقد زعمت الجهمية والمعتزلة أن الله -تعالى - لا يدرك ولن 
يدرك بشيء من الحواس الخمس(). 

ولذلك نفوا رؤية الله- تعالى -في الدنيا والآخرة (؟). 

أما أهل السنة والجماعة فإنهم يقولون بجواز الرؤية في الدنيا 
عقلآً» ولكنها لم تقع لأحد قط لا نبي ولا غير نبي» ولم يختلفوا 


. 551/١ المورد الزلال للدويش ص 770-178 ءوينظر : تفسير ابن كثير‎ )١( 
.708/١ : شرح العقيدة الطحاوية‎ )1( 
2» 548 ينظر في ذلك : شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص‎ )١( 
. ١5-١1 والرد على المريسي للدرامي ص‎ 7١/١ والمقالات للأشعري‎ 
. "58 وما بعدها » وا ص‎ 7١7 (؟) شرح الأصول الخمسة ص‎ 

د 








في ذلك إلا في نبينا ي ويقولون بجوازها عقلاً25 ووقوعها قطعاً 
في الآخرة(١).‏ 

واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة. 
موقف سيد قطب من مسألة الرؤية: أما موقف سيد-رحمه 
الله- من مسألة الرؤية فبيانه فيما يأتي: 
أولا: نفي رؤية الله في الدنيا وسبب ذلك: 

ذكر سيد - رحمه الله- في أكثر من موضع أن الناس لا 
يرون الله تعالى في الدنياء ولكنهم يجدونه في نفوسهم حين 
يؤمنون.. فهو بالنسبة لهم غيبء وان كانت قلوبهم تعرفه حين 


تؤمن به (1). 
#قفي تناكل اقول تساك[ لاند رضت عكر هريد 3 
ا أن للَطِيِفُ أَخِيرٌ ) [سورة الأنعام:7١٠]‏ يقول سيد: 


إن الذين كانوا يطلبون في سذاجة أن يروا الله» كالذين يطلبون 
في سماجة دليلاً مادياً على الله! هؤلاء وهؤلاء لا يدركون ماذا 
يقولون! 


١917 ينظر ذلك : التوحيد لابن خزيمة ص 185 والسنة لابن أبي عاصم ص‎ )١( 
. 777 ومنهاج السنة لابن تيمية 739/7" وحادي الأرواح لابن القيم » ص‎ 
. 7١7177 : في ظلال القرآن : 180/7 وينظر أيضا‎ )١( 

ا 








إن أبصار البشر وحواسهم وادراكهم الذهني كذلكء كلها إنما 
خلقت لهم ليزاولوا بها التعامل مع هذا الكون» والقيام بالخلافة 
في الأرضء وادراك آثار الوجود الإلهي في صفحات هذا الوجود 
المخلوق» فأما ذات الله - سبحانه - فهم لم يوهبوا القدرة على 
إدراكهاء لأنه لا طاقة للحادث الفاني أن يرى الأزلي الأبدي؛ 
فضلاً على أن هذه الرؤية لا تلزم لهم في خلافة الأرض» وهي 
الوظيفة التي هم معانون عليها وموهوبون ما يلزم لها " ('). 

* وفي ظلال قوله تعالى: [ وَلَمَاجَكَ مُوم لعا وكلَمَهُه َيه 


عر ب 


صَعِكَاعمَا فاق َال شبِحسَك بت لتك َنأ وَل المُؤمييت ) 
[سورة الأعراف:”": ]١‏ . 

يقول سيد - رحمه الله -: " إننا لفي حاجة إلى استحضار 
ذلك الموقف الفريد في خيالنا وفي أعصابنا وفي كياننا كله» في 
حاجة إلى استحضاره لنستشرف ونحاول الاقتراب من تصوره؛ 
ولنشعر بشيء من مشاعر موسى -عليه السلام - فيه.. إنها 


. 5091 /5 : في ظلال القرآن : 17/5١-517١1ء وينظر أيضا‎ )١( 
35356 





سس سرد قطي ومنصجه في العقيدة 22/7 


وتستشرف وتشتاق إلى ما يشوق! فينسى من هوء وينسى ما 
هوء ويطلب ما لا يكون لبشر في هذه الأرض» وما لا يطيقه 
بشر في هذه الأرضء يطلب الرؤية الكبرى» وهو مدفوع في 
زحمة الشوق ودفعة الرجاء ولهفة الحب ورغبة الشهود» حتى 
تنبهه الكلمة الحاسمة الجازمة [قَالَ لَنَئرني) ثم يترفق به الرب 
العظيم الجليل» فيعلمه لماذا لن يراه» إنه لا يطيق (وَلكنٍ أنظرٌ 
إِكَ الْجَبَلٍ إن سْتَمَرٌ مَحكَائَهُ صََوَفٌ رن والجبل أمكن وأثبت» 
والجبل مع تمكنه وثباته أقل تأثراً واستجابة من الكيان البشري» 
ومع ذلك فماذا؟ [مَلَمَابحَلَ رَيْهُ لْصَبَلٍ جككة تك ). 
فكيف كان هذا التجلي؟ نحن لا نملك أن نصفه» ولا نملك أن 
ندركه» ولا نملك أن نستشرفه إلا بتلك اللطيفة التي تصلنا بالله» 
حين تشف أرواحنا وتصفوء وتتجه بكليتها إلى مصدرهاء فأما 
الألفاظ المجردة فلا تملك أن تتقل شيئاً» لذلك لا نحاول بالألفاظ 
أن نصور هذا التجلي» ونحن نميل إلى اطراح كل الروايات 
التي وردت في تفسيره» وليس منها رواية عن المعصوم كه 
والقرآن الكريم لم يقل عن ذلك شيئاً. 
(كلَمَابحَنَ دَسُهُ ِلكبلٍ جاه دحك ! وقد ساخت نتوءاته؛ 


فبدا مسوَّىّ بالأرض مدكوكاًء وأدركت موسى رهبة الموقف» 





0000 ُ 8 3 خ# و 0 
وسرت في كيانه البشري الضعيف (وَحَرٌ مُومَى صعِقَا ) 


سرسسه سرصسعم 


مغشياً عليه» غاتباً عن وعيه [مَلمَ أفاقَ) وثاب إلى نفسه؛ 
وأدرك مدى طاقته» واستشعر أنه تجاوز المدى في سؤاله [مَالَ 
سُبْحَتنَلكَ)! تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار 
وتدرك (يتُ إِِيَلَتَ ) عن تجاوزي للمدى في سؤالك! (ِوَأَنَا وَل 
لْمُؤْمِنِ ) والرسل دائماً هم أول المؤمنين بعظمة ربهم وجلاله 
04 


* وفي ظلال قوله تعالى: (وَمَاكنَ بسر أن يكلم أسَهَإِلَا ويا َو 


-_- هه 


ذه 


من ورَآي حَابٍ ) [سورة الشورى: ]5١‏ . 

يقول سيد: " ويقطع هذا النص بأنه ليس من شأن إنسان 
أن يكلمه الله مواجهة» وقد روي عن عائشة رضي الله عنها: ' 
من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية '(). إنما 
يتم كلام الله للبشر بواحدة من ثلاث ( وَحَّا إيلقى في النفس 
مباشرة فتعرف أنه من اللهء ( أو مِن ورَآى حََابٍ ]كما كلم الله 
موسى -عليه السلام -وحين طلب الرؤية لم يجب إليهاء ولم 


. ١3359 -1١754 /9 : في ظلال القرآن‎ )١( 


(1) سبق تخريجه ص 5754 . 








يطق تجلي الله على الجبل (وَحَرَّ مومئ صَهكَاً فلآ أقَاقَ كَالَ 
متحتلت بت كلك ونا وَل المؤودرت 21 ١‏ أو رسِلَ رمك 
أوهو الملك( فيو بِإِذْنِ م531 بالطرق التي وردت عن 
رسول الله يك " .)١(‏ 

فمن هذه النصوص يتبين لنا أن سيد - رحمه الله - يقرر ما 
عليه أهل السنة والجماعة من أن الله تعالى لا يرى في الدنياء 
ويوضح أن السبب في ذلك هو أن البشر بتركيبتهم وخلقتهم لا 
يطيقون رؤية الله تعالى وأن هذه الرؤية لا تلزمهم في الدنيا. 

أما رؤية النبي 6 لربه فقد قرر سيد - رحمه الله - أيضا ما 
عليه جمهور أهل السنة والجماعة من أنه يِل لم ير ربه ليلة 
المعراج وإنما رأى النور الذي هو حجاب الرحمن وقد أورد 
حديث عائشة رضي الله عنها: " من زعم أن محمداً رأى ربه فقد 
أعظم على الله الفرية " وحديث أنه يَلِِ سئل: " هل رأيت ربك؟ 
فقال: نور إني أراه " ("): ("). 


. 37070 -7155 /© : في ظلال القرآن‎ )١( 

. 551 سبق تخريجه ص‎ )١( 

(1) في ظلال القرآن : 4/ 5519 , 5/ 5755 . 
ا 








قرر سيد - رحمه الله - أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة؛ 


وأن الكفار محجوبون عن رؤيته؛ ففي ظلال قوله تعالى: ١‏ ك5 
ِنَم عَن ريم يوْميذٍ لَحْجُوبْنَ 1 [سورة المطففين:5١]‏ . 
عن الإحساس بربها في الدنياء وطمستها حتى أظلمت وعميت 
في الجيناة فالدياية الطيعينة والجراء الوقاق في الأغرة أن 
يحرموا النظر إلى وجه الله الكريم» وأن يحال بينهم وبين هذه 
السعادة الكبرى» الذين لا تتاح إلا لمن شفت روحه ورقت وصفت 
واستحقت أن تكشف الحجب بينها وبين ربهاء ممن قال فيهم في 
سورة القيامة " وجوه يومئذ ناضرة؛ إلى ربها ناظرة " وهذا 
الحجاب عن ربهم» عذاب فوق كل عذاب» وحرمان فوق كل 
حرمان ونهاية بائسة لإنسان يستمد إنسانيته من مصدر واحد 
احص 0١‏ 
: 1 5 2 . اعوسسمم. جلك سس سعد 

وفي ظلال قوله تعالى: ( وُجُهيوْسزٍ ضِرةٌ 8 إل يماناظرة ] 

[سورة القيامة:١١-‏ ”1 ؟] 


. 35858 /5 : في ظلال القرآن‎ )١( 
5 








يقول سيد: " إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة 
تعجز الكلمات عن تصويرهاء كما يعجز الإدراك عن تصورها 
بكل حقيقتهاء ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من 
السعادة لا تشبهها حالة حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل 
ما فيها من ألوان النعيم! هذه الوجوه الناضرة» نضرها أنها إلى 
ربها ناظرة.. إلى ربها..؟! فأي مستوى من الرفعة هذا؟ أي 
مستوى من السعادة؟ 

إن روح الإنسان لتستمتع أحياناً بلمحة من جمال الإبداع 
الإلهي في الكون أو النفسء تراها في الليلة المقمرة» أو الليل 
الساجيء أو الفجر الوليد» أو الظل المديد» أو البحر العباب» أو 
الصحراء المنسابة أو الروض البهيجء أو الطلعة البهية» أو 
القلب النبيل» أو الإيمان الوائق» أو الصبر الجميل».. إلى آخر 
مطالع الجمال في هذا الوجود.. فتغمرها النشوة؛ وتفيض 
بالسعادة» وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة؛ 
تتوارى عنها أشواك الحياة» وما فيها من ألم وقبح» وثقلة طين 
وعرامة لحم ودم» وصراع شهوات وأهواء.. 

فكيف؟ كيف بها وهي تنظر لا إلى جمال صنع الله ولكن 
إلى جمال ذات الله؟ 





ألا إنه مقام يحتاج أولاً إلى مد من الله» ويحتاج ثانياً إلى 


تثبيت من الله» ليملك الإنسان نفسه» فيثبت ويستمتع بالسعادة» 
التي لا يحيط بها وصفء ولا يتصور حقيقتها إدراك! 

١‏ مسد نضهُ (55) إل رَيهااِرةٌ 1 ومالها لا تتنضر وهي إلى 
جمال ربها تنظر؟ 

إن الإنسان لينظر إلى شيء من صنع الله في الأرضء من 
طلعة بهية» أو زهرة ندية» أو جناح رفاف أو روح نبيل» أو فعل 
جميلء فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه» فيبدو فيها 
الوضاءة والنضارة» فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال» 
مطلقاً من كل ما في الوجود من شواغل عن السعادة بالجمال؟ 
فما تبلغ الكينونة الإنسانية ذلك المقام» إلا وقد خلصت من كل 
شائبة تصدها عن بلوغ ذلك المرتقى الذي يعز على الخيال! كل 
شائبة لا فيما حولها فقط» ولكن فيها هي ذاتها من دواعي 
النقص والحاجة إلى شيء ما سوى النظر إلى الله.. 

فأما كيف تنظر؟ بأي جارحة تنظر؟ وبأي وسيلة تنظر؟ 
فذلك حديث لا يخطر على قلب يمسه طائف من الفرح الذي 
يطلقه النص القراني» في القلب المؤمن» والسعادة التي يفيضها 
على الروح؛ والتشوف والتطلع والانطلاق! فما بال أناس 
يحرمون أرواحهم أن تعانئق هذا النور الفائض بالفرح والسعادة؟ 


55 





ويشغلونها بالجدل حول مطلقء لا تدركه العقول المقيدة 
بمألوفات العقل ومقرراته؟! 

إن ارتقاء الكينونة الإنسانية وانطلاقها من قيود هذه الكينونة 
الأرضية المحدودة» هو فقط محط الرجاء في التقائها بالحقيقة 
الطليقة يومذاك» وقبل هذا الانطلاق سيعز عليها أن تتصور 
مجرد تصور كيف يكون ذلك اللقاء. 

وإذن فقد كان جدلاً ضائعاً ذلك الجدل الطويل المديد الذي 
شغل به المعتزلة أنفسهم ومعارضيهم من أهل السنة والمتكلمين 
حول حقيقة النظر والرؤية في مثل ذلك المقام. 

لقد كانوا يقيسون بمقاييس الأرضء ويتحدثون عن الإنسان 
المثقل بمقررات العقل في الأرضء» ويتصورون الأمر بالمدارك 
المحدودة المجال. 

إفامذلون الكلتاك ذاكه يفيه يننا تذركته عقرلنا وتصيوراتة 
المحدوذة فإذا اتظطلفظ:وتكررك مق هذه التصسورات فقذ تتغين 
طبيعة الكلمات» فالكلمات ليست سوى رموز يختلف ما ترمز 
إليه بحسب التصورات الكامنة في مدارك الإنسان» فإذا تغيرت 
طاقته تغير معها رصيده من التصورات» وتغيرت معها طبيعة 
مُدلول الكلمبات»:وتحن تتعامل فى :هذه الأرطن يتنك الرصوق 


551١ 





على قدر حالنا! فما لنا نخوض في أمر لا يثبت لنا منه حتى 
ل الكليات؟! 

فلنتطلع إلى فيض السعادة الغامر الهادئ» وفيض الفرح 
على قدر ما نملك» ولنشغل أرواحنا بالتطلع إلى هذا الفيض» 
فهذا التطلع ذاته نعمة» لا تفوقها إلا نعمة النظر إلى وجهه 

١ 1 

.)١( " الكريم‎ 

* وقفة مع دعوى إنكار سيد قطب لرؤية الله وتأويلها: 
السابق تحت عنوان: " تشكيك سيد قطب في رؤية الله بل إنكاره 
لها ' حيث ذكر بداية كلام سيد في النص السابق وهو قوله " 
إن هذا النص يشير إشارة سريعة... إلى قول سيد - رحمه الله - 
' بكل ما فيها من نعيم. 

ثم تجاوز كلاما كثيراً لسيد بعد هذا يتحدث فيه عن سبب 
نضارة وجوه المؤمنين وأنها بسبب نظرهم إلى الله تعالى» ثم ذكر 
فقرة من كلام سيد - رحمه الله - وهي قوله " فأما كيف تنظر؟ 
وبأي جارحة تنظر؟ وبأي وسيلة تنظر؟ فذلك حديث لا يخطر 
على قلب يمسه طائف الفرح الذي يطلقه النص... إلى قوله: 1 


. في ظلال القرآن : 6/ .ل/ا/ااك- الال"‎ )١( 
11 








وإذن فقد كان جدلاً ضائعاً ذلك الجدل الذي شغل المعتزلة 
أنفسهم ومعارضيه من أهل السنة والمتكلمين حول حقيقة النظر 
والرؤية. 

ثم تجاوز بقية كلام سيد - رحمه الله - كله المذكور في 
النضن السابق» وعقب بعد ذلك بقولِه: " وهكذا!! يمثل هذه 
السفسطة والتهاويل يظن سيد قطب أنه قد حل مشكلة الخلاف 
بين أهل السنة والمعتزلة! ولا يدري أنه قد انحاز إلى المعتزلة 
في إنكار رؤية الله تعالى فما هي تلك الحالة من السعادة التي 
لا يدري القارئ ما هي؟ والقرآن قد حددها بالنظر إلى الله 
والسنة المتواترة أكدتها وآمن بها السلف الصالح» ثم ذكر حديث 
النبي 5ة: " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون 
في رؤيته " »)١(‏ وغيره من الأحاديث التي تثبت أن المؤمنين 
يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة ثم قال: " وسيد قطب يشكك 
في هذا الأمر العظيم الثابت بالكتاب والسنة المتواترة» ويرى انه 
يعز تصوره مجرد تصور»ء ولا يدري كيف ينظر وبأي جارحه 
وبأي وسيلة ينظر... 


» 185 برقم‎ ١57/١ رواه : مسلم في كتاب الإيمان باب معرفة طريق الرؤية‎ )١( 
. 87 
57217 








ثم ذكر أنه ليس وحده الذي أدان سيد قطب بإنكاره لرؤية الله 
في الدار الآخرة فقد سبقه صاحب كتاب " على مائدة القرآن ١‏ 


(') حيث انتقد فيه كلام سيد - رحمه الله - في كتاب " مشاهد 
القيامة " والذي يقول فيه: " ونشهد الفجار محجوبين عن ربهم لا 
يرونه؛ والله لن يراه إنسان.. " ("). 

وقد ذكر أيضاً سليم الهلالي في كتابه "الجماعات الإسلامية" 
كلاماً قريباً من كلام الدكتور المدخلي(”) 
ولنا هنا وقفة: 
أولاً:_أن فيما سبق بيانه من نفي سيد - رحمه الله - للرؤية في 
الدنيا وبيانه لسبب ذلك» ومن إتباته للرؤية في الآخرة كما في 
النصوص السابقة» ما يرد على من يقول بأن سيد قطب ينكر 
الرؤية ويشكك فيها. 
ثانياً: لا أدري لماذا استبعد الدكتور المدخلي فقرات من كلام 
سنت رحشة 1ل وفييها إثفات النظر ١‏ احى داك انه ورحه 
الكريم؛ وإذا كان كلامه في هذا النص كلاماً موهماً في بعض 


)00 هو الأستاذ / احمد محمود جمال وكلامه في كتاب " على مائدة القران '" ص 
لاه- هم 
لي كوا + إسلا مية على عقيدة سيد قطب 3 / ربيع المدخلي ص ه73١‏ - م١١‏ 
بتصرف . 
2( انظر: الجماعات الإسلامية سليم الهلالي 

551+ 








الايات التى تتحدث عن رؤية الله وحجب الكفار عن رؤيته» وقد 


سبق عرض كلامه فيهاء وكيف يقرر أن سيداً - رحمه الله - قد 
انحاز للمعتزلة في إنكاره الرؤية من أين فهم ذلك؟؟ 

إن سيداً - رحمه الله - في النص نفسه ينتقد المعتزلة الذين 
شغلوا أنفسهم وغيرهم من أهل السنة بالجدل حول القضية بقوله: 
" وإذن فقد كان جدلاً ضائعاً ذلك الجدل الطويل المديد الذي 
شغل به المعتزلة أنفسهم ومعارضيهم من أهل السنة والمتكلمين 
حول حقيقة النظر والرؤية " فكلامه نقدا للمعتزلة الذين شغلوا 
أنفسهم ومعارضيهم.. "» وليس نقداً لأهل السنة وانحيازاً للمعتزلة 
كما فهمه الدكتور المدخلي. 

وأظن أن وقفة تأمل منصفة متجردة للنصوص السابقة 
توضح بجلاء حقيقة موقف سيد قطب من مسألة الرؤي ة: 
وحقيقة ما أشيع حوله من نفي لها وتأويل. 


551 





سيد قطي ومنمجه في العقيدة /و2 


أحمد الله تعالى على ما أنعم به علىّ من تيسير الأسباب لإتمام 
كتابة هذا البحث» الذي عرضت فيه منهج سيد قطب - رحمه 
الله- وآراءه في أبواب ومسائل العقيدة» وقد توصلت إلى النتائج 
والتوصيات الاتية: 
أولاً: نتائج البحث: 

-١‏ عاش سيد قطب - رحمه الله - في القرن الرابع عشر الهجري 
٠١ (‏ الميلادي )» وهو عصر شهد تحولات وتغيرات في كثير 
من ملامح الحياة في العالم عموماً والعالم الإسلامي خصوصاً 
حيث تميز بنمو الروح القومية لدى الشعوب» وظهور الفكر 
الاشتراكي» وسقوط الخلافة الإسلامية ووقوع العالم الإسلامي 
تحت الاحتلال الصليبيء بالإضافة إلى سيادة الاتجاه العلمي 
وموجة الانحلال الخلقي وما نتج عنها. 

؟- شهدت الحالة السياسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية في 
مصر في هذه الفترة حراكاً واسعاً وتقلبات عدة في النظم 
القائمة» وكذا في الأوضاع العلمية والاجتماعية والثقافية» حيث 


ساد الفساد السياسي في الوزارات المتعاقبة وزاد خط الانحراف 


5755 





سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 


العقدي والضعف والجمود العلمي» وظهرت الطبقية في فئات 
المجتمع وبرزت حركات التنصير والتغريب والعلمنة» وتحرير 
المرأة؛ والصراع بين أصحاب التوجه الإسلامي والتوجهات غير 
الإسلامية عموماً. 

"- ولد سيد قطب في أسرة متدينة وعاش حياته الأولى في القرية؛ 
نشأ فيها وتلقى تعليمه الأولى» ثم سافر إلى القاهرة وواصل 
حياته فيها حتى وفاته» وقد مر سيد قطب في حياته بخمس 
مراحل لكل مرحلة منها ملامحها وخصائصهاء وهي إجمالاً: 
المرحلة الأولى: نشأته في القرية على تقاليد الإسلام السائدة في 
عصره؛ وفيها أنهى دراسته الأولية وحفظ القرآن بجهد ذاتي» مع 
اهتمامه بالقراءة والمطالعة. 
المرحلة الثانية: انتقاله إلى القاهرة وانقطاع صلته بنشأته 
الأولى» وتحوله نحو الأدب وتأثره بأستاذه العقاد ومكتبته؛ 


وبالثقافة و الأوضاع السائدة. 


"1 / 





سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 


المرحلة الثالثة: مرحلة الضياع والارتياب في الحقائق الدينية» 
نقيجة لتأثره: بالثقافة-الغريية السائدة» حيث عاش ضياعا 'فكرياً نا 
سلوكياً» عبرت عنه كتاباته في هذه المرحلة. 

المرحلة الرابعة: مرحلة الإقبال على مطالعة القرآن لدواع أدبية 
ونقدية»؛ حيث اكتشف الإسلام من خلال الأدب. 

المرحلة الخامسة: مرحلة تأثره بالقرآن وتدرجه في الإيمان وهي 
مرحلة حياته الإسلامية» والتتي بدأت بتوجهه إلى الفكر 
الإسلامي قبل سفره إلى أمريكا وانتهت بإعدامه عام 95757١ه‏ 
وتشمل ثلاث محطات ولكل منها ملامحها وهي: 

أ- مرحلة الإسلاميات الفنية: وتمثلت في دراسته للقرآن من 
منطلق الدراسة الأدبية النقدية البحتة» وفيها كتب التصوير 
الفني ومشاهد القيامة في القرآن. 

ب- مرحلة الإسلاميات الفكرية: وفيها تحول إلى القضايا 
الفكرية التي لاحظها أثناء دراسته الأدبية للقرآن» وفيها ألف 
كتاب العدالة الاجتماعية. 


518 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة /و2 





ج- مرحلة الإسلاميات الحركية: وتمثل مرحلة الانتماء الحقيقي 
للإسلام والعمل الدعوي والحركيء وفيها ألف كتبه الإسلامية 
كلهاء وانشأ تنظيم 15م. 

4 - أتصف سيد قطب بمجموعة من الصفات تمثلت في الهمة 
العالية وقوة الشخصية والاستعلاء بالإيمان وسعة الثقافة والثبات 
وصدق التدين وغيرها. 
- تولى سيد مجوعة من الأعمال تمثلت في التدريس والعمل 
في وزارة المعارف وخبيراً للمناهج وعمله التربوي مع الإخوان 
بالإضافة إلى رحلاته إلى أمريكا ودمشق والقدس ثم انشغاله 
بالتأليف طوال سجنه وحتى وفاته. 

5- تعرض سيد قطب لمحنتين في حياته تمثلت في سجنه 
مرتين» الأولى مع قيادات الإخوان لمدة عشر سنوات من عام 
4 -1115١م»‏ حيث خرج بعفو صحيء والثانية من عام 56- 
5م وانتهت بإعدامه» حيث صب عليه صنوفا من العذاب في 


السجنء بالإضافة إلى أمراضه المزمنة؛ ومع ذلك فقد جعل من 


584 


سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 





سجنه فرصة للتأمل والتأليف حيث بلغت مؤلفاته قرابة 7٠‏ 
مؤلفاً طبع بعضها و فقد الأخر. 

- لسيد مكانته العلمية والدعوية والفكرية في أوساط الصحوة 
المعاصرة» وتتمثل في كثرة مؤلفاته التي كان لها أثرها في مسيرة 
العمل الإسلامي والدعوة والحركة المعاصرة» وما نتج عنها من 
اختلاف الناس حول فكره وآرائه بين غالٍ وجافف ومنصف» 
وكذلك في كشرة الاطروحات العلمية والمؤلفات حوله» حيث 
نلغت:عذة الأطروحات حوله أكثر من خمسة وحتتريق رسالة 
علمية بالإضافة إلى عدد كبير من الكتب والمقالات. 

/- فيما يتعلق بمنهجه في تقرير العقيدة: 

أ- كان سيد قطب موافقاً لما عليه أهل السنة في الاعتماد على 
مصادر تلقي تقرير العقيدة» والمتمثلة في الكتاب والسنة والفطرة 
والعقل» ومخالفته لمنهج الفلاسفة وعلماء الكلام في تقرير 
العقيدة»؛ حيث بين مخالفتهم لمنهج القرآن في هذا الباب ونقد ما 
عندهم من أخطاء في هذا الباب» مع وقوعه في خطأ فيما 
يتعلق بالأخذ بحديث الأحاد في العقيدة» 


35 


سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 





ب- فيما يتعلق بموقفه من العقل وفطرية المعرفة يقرر ما عليه 
أهل السنة وينتقد المخالفين» وكذا فيما يتعلق بقضية تطور 
العقيدة ومقارنة الأديان» حيث يرى سيد بطلان نظرية تطور 
العقيدة وبطلان منهج علماء مقارنة الأديان الغربيين ومن تأثر 
بهم في هذا الباب ومخالفتهم لنمهج القرآن الكريم. 
4- اهتم سيد قطب - رحمه الله - كثيراً ببيان أهمية العقيدة 
الإسلامية و خصائصها ومميزاتهاء وتقرير منهج القرآن في 
عرضها والدعوة إليهاء كما حذر كثيراً من وسائل الأعداء في 
محاربتها وصرف الناس عنهاء 
-٠‏ فيما يتعلق بموقف سيد قطب - رحمه الله - من 
المخالفين عقدياً نجد أنه: 

أ- يقرر ما جاء في القرآن والسنة حول الموقف من أهل الكتاب 
والمشركين والوثنيين والملاحدة عموماً والمتمثل في اعتقاد كفرهم 
ووجوب بغضهم والتميز عنهم؛ كما عمل على فضح أهدافهم 


ومخططاتهن طب الأملام ويهذن. من المتذاهف:والتظريات 


572١ 





الإلحادية والمادية كالشيوعية والوجودية والداروينية والعلمانية 
والقومية وغيرهاء وبين فسادها و ضلالها. 

ب-المخالفين لمنهج السلف من المتكلمين والفلاسفة والصوفية وأهل 
الأهواء 'العصرانيين" وغيرهم» بين سيد قطب المأخذ عليهم: 
ونقد ما عندهم من أخطاء في باب العقيدة. 


-١‏ فيما يتعلق بمنهجه في باب مساثل الإيمان: 


أ- يقرر سيد قطب ما عليه أهل السنة والجماعة من تعريف 
الإيمان لغةً واضطلاحاًء وعلاقته:بالعمل» وكذا الغلاقة بين 
الإيمان والإسلام» وزيادة الإيمان ونقصانه؛ وكذا حكم مرتكب 
الكبيرة. 

ب-فيما يتعلق بقضية التكفير وما ثار حولها من جدل تبيّن لنا من 
خلال جمع النصوص المتعلقة بهذه القضية أن سيد قطب يفرق 
بين الحكم على الأنظمة 00 وبين الحكم على الأفراد؛ 
وأن الذين اعتمدوا على بعض النصوص دون بعضها الآخرء 
أو على فقرات مجتزأة من سياقهاء أو اغفلوا الضوابط التي 


١ لحر‎ 





سيد قطي ومنمجه في العقيدة /و2 


ذكرت في سياق بعض النصوص فهموا كلامه على غير ما 
أراد. 


-١‏ فيما يتعلق بمنهجه في باب التوحيد: 


أ- يوافق سيد قطب ما عليه أهل السنة والجماعة في حقيقة 
التوحيد وشموله للألوهية والربوبية والأسماء والصفات»ء وإن كان 
له رأي في بيان معنى الألوهية والربوبية غير ما عليه السلف 

ب- في باب توحيد الربوبية يقرر سيد منهج القرآن في الاستدلال 
على الربوبية وينتقد المناهج المخالفة في تقرير وجود الله 
ووحدانيته. 
كما انتقد نظرية قدم العالم» وكذا وحدة الوجود والحلول والإتحاد 
فيما يتعلق بالقدر يقرر ما عليه أهل السنة في مسائل القدر 
فموها ويخالفه ها عند المتكلمين: والقلاسيفة: 

ج- في باب توحيد الأسماء والصفات: يثبت الأسماء الحسنى 


بمعانيها التي دلت عليها. 


5” 


سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 





ويثبت الصفات الإلهية إجمالاً ويرد على النفاة والمؤولين وإن 
وقع في بعض الأحيان في التأويل باعترافه نفسه وتراجعه عن 
التأويل. 
أما موقفه من الصفات تفصيلاً فقد كان في الغالب موافقاً لما 
عليه أهل السنة والجماعة إلا في قضايا قليلة محدده كما سبق. 
د- في باب توحيد الألوهية اهتم سيد قطب كثيراً ببيان منهج 
القرآن الكريم في تقرير توحيد الألوهية حيث بي أن للألوهية 
ثلاثة مجالات: 

أ- مجال الاعتقاد وهو: معنى لا إله إلا الله. 

سودسهال العيادة والشعاتق: 
ج - مجال الحاكمية والتشريع. 
-١7‏ في باب نواقض التوحيد والإيمان ذكر سيد حرحمه الله 
النواقض المتمثلة بالشرك وأنواعه» والكفر وأنواعه» والنفاق وهو 
في ذلك يقرر ما جاء في القرآن الكريم والسنة الشريفة» مع 
اهتمامه كثيراً ببيان شرك الحاكمية وما تفرع عنه باعتباره أبرز 


أنواع الكفر في هذا العصرء وعنه ينتج ما سواه. 


ل 


سيد قطي ومنمجه في العقيدة /و2 





-١ 4‏ فيما يتعلق بمنهجه في باب الملائكة والجن والشياطين 
يقرر ما عليه السلف من وجودهم وصفاتهم وأعمالهم ويرد على 
المخالفين في هذا الباب. 

- فيما يتعلق بالأنبياء والرسل يقرر أيضاً ما عليه السلف 
في هذا الباب من حقيقة النبوة وصفات الأنبياء ووظائفهم 
وعصمتهم وغير ذلكء» ويرد على المخالفين في هذا الباب» وما 
يتعلق بكلام سيد حول موسى اكفك: في بعض كتبه السابقة نجد 
أن له كلاماً مختلفاً في كتبه الإسلامية الأخيرة فيه تعظيم 
لموسى اتنا مما يدل على أن كلامه في التصوير الفني كان 
في مرحلة لها حكمها. 

-١5‏ فيما يتعلق بنبوة محمد 4# يقرر سيد أهمية بعثته يل 
وحاجة العالم إليها وأثرها على البشرية» وكذا دلائل نبوته 
وصفاته وخصائصه ومعجزاته وبيناته» حيث يرى أن معجزة 
النبي يله هي القرآن الكريم وما سواه من الخوارق فإنما كان 
إكراماً أو تثبيتاً له» ولم يكن خارقة على سبيل التحدي بها. 

- فيما يتعلق بالصحابة - رضوان الله عليهم - تحدث سيد 


قخامة هر عكلية خيلا الكوحادةتووة معز اغا ةا" الجيل ١‏ القنة 


8 





سيد قطي ومنمجه في العجيدة /و2 


وخصائصه والواجب نحوهم؛ أما كلامه حول بعض الصحابة 
فقد تبّين لنا أنه كان قبل التزامه أو في بداية تحوله نحو 
الإسلام» وأنه عدل ما جاء في كتابه" العدالة الاجتماعية" في 
الطبعة المنقحة قبل موته بسنتين» بالإضافة إلى أن في كتبه 
الأخيرة ما ينقضه. 

- فيما يتعلق بالخلافة يقرر سيد قطب أهمية الخلافة 
الصالحة ويستعرض خصائص نظام الحكم في الإسلام» وكذا 
مكانة الحاكم المسلم وحقوقه وواجباته» ونظام الشورى وما يتعلق 
به ونظرته للأنظمة المعاصرة ووسائل التغيير» حيث يقرر 
أهمية بناء القاعدة الإسلامية في المجتمع كأساس للتغيير. 

41- فيما يتعلق بالمعاد واليوم الآخر يبين سيد قطب - رحمه 
الله - أهمية اليوم الآخر وأثره في الحياة» كما تناول مقدمات 
اليوم الآخر من التوبة والموت وحياة البرزخ وأشراط الساعة 
وكذا أحداث القيامة وما فيها حتى الاستقرار في الجنة أو النار» 
وله بعض الآراء التي خالف فيها القول الراجح عند أهل السنة 
والجماعة في هذا الباب مثل: رأيه في خروج يأجوج ومأجوج: 
والميزان. 


525 





والخلاصة: نستطيع القول بأن سيد قطب - رحمه الله - كان 


إجمالاً في باب العقيدة موافقاً لما عند أهل السنة والجماعة 
مخالفاً للفرق المخالفة لهمء وأن الأخطاء التي وقع فيها سيد 
قط :في يات العقيدة تتمثل في الآتي: 

أ- إما قضايا علمية خلافية كالموقف من حديث الآحاد: 
وقضية سحر النبي وَل. 

ب- أخطاء في كتبه الأدبية السابقة لالتزامه» أو في الكتب التي 
ألفها في بداية تحوله نحو الفكر الإسلامي وقبل تعمقه في 
الدراسات الإسلامية» في الطبعات المنقحة منها وكذا كتبه 
المتأخرة ما يخالفها أو ينقضها. 

ج- إما كلام موهم أدبي حول بعض القضايا استنتج بعضهم 
منه أن سيد قطب يقرر خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة؛ 
ولكن يوجد له كلام آخرأكثر وضوحاً حول تلك القضاياء من 
أمثلة ذلك: القول بخلق القرآن» ووحدة الوجود» وتأويل الصفات 


ونحوها. 


"2 / 





سيد قطي ومنمجه في العقيدة /و2 


ثانياً: توصيات: 
-١‏ بالرغم من كثرة البحوث التي دارت موضوعاتها حول سيد 
قطب - رحمه الله- من جوانب متعددة؛ إلا أنه لا زال هناك 
بعض الجوانب التي لم تدرس» أوصي الباحثين بالاهتمام ببحثها 
منها: 
أ- منهج سيد قطب وآراءه واختياراته الفقهية. 
ب- أحداث السيرة في ظلال القرآن ( دروس وعبر ) 

ج- المنظومة القيّمِيّة في فكر سيد قطب. 

د- معالم الدعوة في ظلال القرآن. 

-١‏ أوصي الباحثين أيضاً بالاهتمام بتقريب تراث سيد قطبء وإبراز 
الجوانب المضيئة في فكره وهي كثيرة جداء حتى يتسنى الاستفادة 
منها في العمل الإسلامي المعاصر. 

- أوصي القائمين على نشر تراث سيد قطب - رحمه الله- بإعادة 
طباعة كتب سيد مع تدوين الملاحظات التي أشار إليها كثير من 
أهل العلم والباحثين حول الأخطاء التي وقع فيها سيد في 
المواضع التي وردت فيها من كتبه؛ بياناً للحق» وقطعاً للطريق 


"7 





79777777171717 توساقطويه ومنعجه في العقيدة ج26 


على الذين يتخذون من هذه الأخطاء ذريعة للطعن في سيد قطب 
والتحذير من فكره وكتبه بدعوى حماية الشباب - زعموا -. 

وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يلهمنا رشدناء وأن يبرم 
ليذه الأمة أمرا وشداء تعق فيه أهل الظاعة ويذل فيه أهل 
المعصية» وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه» وأن يرينا الباطل 
باطلاً ويرزقنا اجتنابه» وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد 
وعلى آله وأصحابه أج معين» وآخر دعوانا أن الحمد لله رب 
العالئين 


544 


77 


-5 


17 7779777931313131319193937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





الإحسان في تقريب صحيح ابن حيان للفارسي 2 مؤسسة الرسالة » بيروت عطكء عام 


0 
إحياء علوم الدين » لأبي حامد الغزالي » دار الكتاب العربي » بيروت » ط . ب . ت 
إرشاد الفحول . للإمام الشوكاني»ء مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت » ط؛ » 5١5١ه‏ 
أساس التقديس ٠‏ لفخر الدين الرازي » مطبعة كردستان العلمية » عام .1574١ه.‏ 

أساليب الغزو الفكري . د/ علي جريشة » دار الاعتصام » القاهرة » طبعة عام /13١م.‏ 
أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير » دار الفكر - بيروت ٠‏ طبعة عام ١197‏ م. 
أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني ٠‏ مطبعة الاستقامة »القاهرة » ب.ت » 

أسرار حركة الضباط الأحرار » حسين حمودة » دار الزهراء » القاهرة » ط؟ , 311١م‏ . 
إصلاح الوجوه والنظائر للدامغاني » دار العلم » بيروت » طه185 ١م‏ . 

أصول الفقه الإسلامي : محمد أبو زهرة - دار الفكر العربي - القاهرة - ب. ت. 
أصول الكافي للكليني تحقيق محمد جواد القصة . دار الأضواء بيروت ط١‏ عام 1947١م.‏ 


أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره » د / ربيع بن هادي المدخلي ٠‏ مكتبة الفرقان 


» عجمان » ط؟ » عام ١.دكام.‏ 
أضواء البيان » للشنقيطيي » دار إحياء التراث الإسلامي » بيروت » ط١‏ » عام /1١51١ه.‏ 


أضواء على معالم في الطريق » سالم البهنساويء دار البحوث الكويتية » طبعة عام 


75 ام. 


5844 


3 


7ت 


1 


7 


17 7779797791133119191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





أفراح الروح » سيد قطب .مركز الشرق العربي » ب» ت. 


أقوال التابعين في مسائل الإيمان والتوحيد . عبد العزيز المبدل . دار التوحيد - الرياض . 


١‏ عام ١5575‏ ه. 


الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر . د / محمد محمد حسين «المطبعة النموذجية - 


القاهرة اط ”" -..5١اه.‏ 


الإتقان في علوم القران» لجلال الدين السيوطي 2 دار الكتب العلمية » بيروت طهء عام 


.ها١ةءا/‎ 


الإحكام في أصول الأحكام » لابن حزم » دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ » عام 


هءةآاهى. 

الإحكام في أصول الأحكام للآمدي » المكتب الإسلامي » دمشق » ط7؟ عام 07٠5١ه‏ 
الإخوان المسلمون . أحداث صنعت التأريخ » لمحمود عبد الحليم » دار الدعوة » 
الإسكندرية » ط عام 319١م.‏ 

الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية » زكريا سليمان بيومي » رسالة في كلية الآداب » 
جامعة عين شمس . 

الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة » لعبد القادر شيبة الحمد » مطبوعات الجامعة 
الإسلامية » المدينة النبوية » ١‏ » ب. ت. 

الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد » لإمام الحرمين الجويني - مطبعة السعادة 
- مصر عام ٠16١م..‏ 


الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر » دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ » 


عام 65 ام. 


15 


ا - 


-1 


8 


| 


9ت 


7 


_ 


1 


د 


- 


- 


8 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





الأسس الأخلاقية للحركة الإسلامية للسيد أبي الأعلى المودودي. 
الإسلام والخلافة في العصر الحديث : د/ محمد ضياء الدين الريس ب. ت. 


الاشتراكية العربية . أمين مصطفى وآخرون ٠‏ مطبعة لجنة البيان العربي ٠‏ القاهرة » طبعة 


عام ام. 
الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجرء دار الكتب العلمية» بيروت »طبعة ١”57١ه.‏ 


الاعتصام ٠‏ للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ٠‏ دار الفكر - بيروت . ب. 


ت. 


الإعلام بقواطع الإسلام » ابن حجر ال »دار المعرفة » بيروت » طبعة عام 505١ه‏ 


.الاقتصاد فى الاعتقاد للإمام الغزالى. 
في يمام . 


أمريكا من الداخل بمنظار سيد قطب . د/ صلاح الخالدي »دار القلم » دمشق » طلم 


537 اه. 


أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين . جمعه أمين عبد العزيز » دار التوزيع » القاهرة » ط١‏ 
»عام 7١٠7م‏ . 


الإيمان لابن تيمية » المكتب الإسلامي - بيروت --ط؟- 5١٠/8‏ ١ه‏ . 

إيثار الحق » لابن الوزير » دار الكتب العلمية » بيروت - ط؟ » عام 5٠1‏ ١ه.‏ 
الإنسان الكامل ؛ لعبد الكريم الجيلي » مطبعة الحلبي » مصر . ط ؛ » ب . ت. 
الأم للإمام الشافعي » دار الكتب العلمية » بيروت » ط١‏ » عام 5١7‏ ١ه.‏ 
أصول الحديث لمحمد عجاج الخطيب .» دار المنارة » جده » ط”. 5١5‏ ١ه.‏ 


الأوائل للباقلاني » مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت - ط” , عام 5١5‏ ١ه‏ ء 


"7١ 


-- 


7 


5-0 


-65 


1 


/اغ- 


-/ 


-8 


أآه- 


لاه- 


عام 


+ه- 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





أحكام القرآن للحصياص ٠‏ دار الكتب العلمية » بيروت ٠‏ طبعة عام 5١5‏ ١ه.‏ 
أعلام السنة المنشورة لحافظ الحكمي مكتبة الرشد الرياض ط؛ عام 5١57‏ ١ه.‏ 
أيام من حياتي لزينب الغزالي . دار التوزيع » القاهرة ١57١٠ ١»‏ ه. 
الإسلام ومشكلات الحضارة » سيد قطب », دار الشروق » ط؟١‏ » عام 577 ١ه‏ . 
الأعلام » للزركلي » دار العلم » بيروت» ط ١5‏ .939١م‏ . 
(ب) 
البداية والنهاية لابن كثير دار المؤيد - الرياض » ط"؟ »عام ١5١١/‏ ه . 
البدر الطالع »للإمام محمد بن علي الشوكاني »مطبعة السعادة » بيروت عط ١184‏ م. 
البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين الجويني دار الوفاء المنصورة ط” عام 57١‏ ١ه..‏ 


البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان » لأبي الفضل السكسكي ٠‏ مكتبة المنار »الأردن» 


ط١‏ » عام 5١4‏ ١ه.‏ 
البوابة السوداء » لأحمد رائف » دار الزهراء » القاهرة » ط١‏ »؛ عام 18م. 
(ت) 
التاريخ الإسلامي » لمحمود شاكر , المكتب الإسلامي » بيروت » ط ,»١‏ عام 5١١‏ ١ه.‏ 


تأويل الدعائم للقاضي نعمان بن محمد الإسماعيلي » تحقيق الأعظمي ؛» دار المعارف 
مصر . ب.تث. 

تاريخ الدعوة الإسلامية ٠‏ أنور الجندي » دار القافلة » السعودية » طبعة عام 8م . 
تاريخ النضال بين الاستقلال والاحتلال : أنور الجندي » دار الطباعة » القاهرة » طبعة 


عام /11ام. 


5” 


-5 


كه- 


/اه- 


/ه- 


8ه- 


--١ 


ك- 


1ك 


-0 


5 


/اك- 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





تاريخ مصر الاقتصادي . أمين مصطفى عفيفي » مكتبة الأنجلو المصرية » القاهرة » 


ط”ق, عام ثم. 


تاريخ مصر السياسي : أمين سعيد , دار إحياء الكتب العلمية » القاهرة » طبعة عام 


117١م‏ . 
تحكيم القوانين للشيح محمد بن إبراهيم آل الشيخ . 
تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي» دار الكتب العلمية؛ بيروت»طبعة عام /ا5 اه. 


تعظيم قدر الصلاة لمجد بن نصر المروزي » مكتبة الدار - المدينة - ط١‏ » 


عام ٠‏ :اه. 


تفسير ابن كثير » تحقيق د/ البناء » دار بن حزم » بيروت » ط١‏ » عام 48 ام. 


العلمية؛ بيروت» طقن عام ١١ه.‏ 


» بيروت » طهء عام 5ام. 
تفسير البغوي» المسمى بصالح التنزيل 2 دار الهيثم 3 الرياض» طى, عام ١5‏ 
تفسير المنار » لرشيد رضا دار إحياء التراث العربي - بيروت - ط١‏ عام 11 اهء 


تفسير بن كثير » تحقيق : مصطفى السيد وآخرون » مكتبة أولاد الشيخ - القاهرة ط ١‏ عام 


١‏ هه. 


تفسير جزء عم لمحمد عبده » مطبعة مجلة المنار القاهرة - ط؟ » عام 75١١ه.‏ 


521 


-7 


84 


ولاب 


-ا/١‎ 


؟/ا- 


لا - 


:/ا- 


ه/ا- 


ك/ا- 


ات 


//ا- 


0/1 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





تكملة معجم المؤلفين » محمد خير رمضان ٠‏ دار ابن حزم » بيروت » ط ١‏ » عام 
5١6‏ اه. 
تهذيب اللغة للأزهري ٠‏ مطبعة البابي الحلبي - القاهرة - ط؟ » عام 5/١١ه.‏ 


تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن السعدي دار الذخائر 
الرياض طبعة عام 135 ١م.‏ 


التصوير الفني في القرآن - سيد قطب »دار المعارف 2 القاهرة » طق ام. 


تطهير الاعتقاد للإمام الصنعاني تحقيق / حلاق » دار الهجرة » صنعاء » ط١‏ عام 


١١5١ه.‏ 
التعريفات للجرجاني 2 دار الريان 2 القاهرة تت 


التمهيد » لابن عبد البر » تحقيق أسامة إبراهيم » دار الفاروق » القاهرة » ط١‏ » عام 


5٠‏ هه 


التمهيد لقواعد التوحيد » لمحمود بن زيد اللآمشي الماتريدي ؛ دار الغرب الإسلامي » 


بيروت» طق 6 ام. 
التوحيد لابن خزيمة.تحقيق د / عبد العزيز الشهوان دار الرشد » ط١‏ . 5٠/8‏ ١ه‏ 


التوحيد لابن منده » تحقيق د/ علي الفقيهي مكتبة العلوم والحكم - المدينة ط١‏ عام 
5517 اه . 


(ث) 
الثورة العرابية » عبد الرحمن الرافعي » بيروت » دار نشر » ط” » عام 19557١م.‏ 
الثورة والتنظيم السياسيء جلال يحيى » دار المعارف ٠‏ القاهرة » طبعة عام 957١م‏ . 
(ج) 


5” 


-/١ 


م/- 


-/ 


- 


-/5 


/ا/- 


- 


84 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





الجامع لشعب الإيمان ٠»‏ الحافظ أبي بكر أحمد بن حسين البيهقيء الدار السلفية » الهند 


٠ ١ماع ١“‏ اه. 


الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة » تأليف / سليم الهلالي » دار البصيرة 


الإسكندرية » ب .ت. 


جامع العلوم والحكم لابن رجب »تحقيق الارناؤوط » مؤسسة الرسالة »بيروت »طلا »عام 


آم 


جمع الجوامع » للسبكي » مطبعة الحلبي - القاهرة - ط؟ - ب . ت . 


جمهرة اللغة لابن دريد » دار العلم للملايين - بيروت- ط(؟) 2 عام /117 ام : 


جهود علماء الحنفية في العقيدة» لشمس الدين الأفغاني» دار الصميعيء الرياضء. ط١‏ 


١5166‏ هه 


جواهر المعاني في فيض أبي العباس التيجاني ٠‏ لعلي بن حرازم الفارسي » دار الجيل » 


بيروت » طبعة عام 5٠/‏ ١ه‏ 


(ح) 


الحاكمية في الفكر الإسلامي د. حسن لحساسنه ٠‏ كتاب الأمة » قطر » العدد 2١7/8‏ 


سنة 578 اه. 
الحد الفاصل د/ربيع المدخلي مكتبة الفرقان عجمان » ط" عام 57١7‏ ١ه‏ . 


الحدود » لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي » مؤسسة الزغبي » حمص » ط١‏ » عام 


اه 


الحدود لابن سيناء » تحقيق أميليه حواشن - منشورات المعهد الفرنسي -القاهرة » ب . ت 


"5 


17 7779777913131319191937-71717اشيت قطي ومنمجه في العقيدة 





القاهرة » ب.ت. 
5- حكم الجاهلية لأحمد شاكر » مكتبة السنة - القاهرة ط١عام ١5١7‏ ه. 
41- حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني . دار الكتب العلمية - بيروت ط١‏ عام ١508‏ ه . 
45- حين غابت الشمس ٠»‏ لعبد المنعم خفاجي ٠‏ دار الوفاء » القاهرة »عب .ت. 
(خ) 
65- خصائص التصور الإسلامي » سيد قطب - دار الشروق - طه١‏ - ٠١٠١7‏ 5م. 
57- خلق أفعال العباد للبخاري الدار السلفية الكويت ط عام 5٠5‏ ١ه‏ . 
رد 
7- الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد للشوكاني دار الكتب العلمية ب٠ت.‏ 


- الدرر السنية في الأجوبة النجدية » جمع عبد الرحمن النجدي »ط5 » ب.ت »؛ عام 


.هها١‎ 48 


8- الدلالة العقلية في القرآن ومكانها في تقرير العقيدة . د/ عبد الكريم عبيداتء دار النفائس . 


الأردن.طثء ١157اه‏ 


6.لا- درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام بن تيمية » تحقيق : محمد رشاد سالم» طبعة 


جامعة الإمام محمد بن سعود ‏ 2 - الرياض »عام 48اه. 
ك- دراسات إسلامية » سيد قطب » دار الشروق » بيروت » طا) عام ١5آاه.‏ 


؟.ك- دراسات في السيرة لمحمد سرور زين العابدين » دار الأرقم » بريطانيا » طه . عام 


.ه١(١‎ 1 


"725 


7 


- 65 


-١.5ه‎ 


- 5 


/ا.ا- 


- 


8 


-٠ 


-- 


ا 1 


17 


0 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





دراسات في الفرق والعقائد » د / عرفان عبد الحميدء مؤسسة الرسالة » بيروت طاء 


عام هه 


دراسات في حضارة الإسلام . هاملتون جب )2 ترجمة د / إحسان عباس وآخرون 2 دار 


العلم » بيروت »2 ب .ت. 
دعاة لا قضاة» للهضيي. 


دعوة التقريب بين الأديان » د / أحمد القاضي » دار بن الجوزي » الدمام » ط١‏ » عام 


5 اه. 
دعوة التوحيد لمحمد خليل هراس مكتبة ابن تيمية» القاهرة» ط١»‏ عام 5٠١1/‏ ١ه.‏ 
دلائل الإمامة لأبى جعفر الطبري الشيعي المطبعة الحيدرية النجف طبعة عام 595١١ه‏ 


دلائل التوحيد » لمحمد جمال الدين القاسمي » دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ - 


.ه١ئء.5‎ 

دلائل النبوة » البيهقي . دار الكتب العلمية - بيروت - ط؟ عام 57١‏ ١ه.‏ 

ديوان المتنبي » دار صادر بيروت ط١؟‏ عام 186 ١م.‏ 

ديوان سيد قطب : جمع عبد الباقي محمد حسن » دار الوفاء » ط"؟ » عام 5١/4‏ ١ه.‏ 

الدين الخالص» لمحمد صديق خانء وزارة الأوقاف. قطرء ط١ء‏ عام 57/8 ١ه.‏ 
8 


ذكريات لا مذكرات ٠‏ عمر التلمساني » دار الطباعة الإسلامية » القاهرة » طبعة عام 


6 ام. 


(د) 


52 / 


-6 


-1 5 


-1/ 


-11 


81 


- 


-- 


1 


1 


0 


6 


0 


/ك- 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





الرد على الجهمية للدارمي الدار السلفية الكويت ط١‏ عام 05٠5١ه‏ . 


الرسالة » للإمام محمد بن إدريس الشافعي ٠»‏ تحقيق أحمد شاكر - المكتبة العلمية - 


بيروت ب .ت. 
الرسالة الذهبية للشيخ / بكر أبو زيد . 

الرسالة القشيرية » لأبى القاسم القشيري » دار الكتب الحديثة » القاهرة » ب.ت. 
روضة المحبين لابن القيم » دار الكتاب العربي » بيروت » ط١ء‏ عام 5١54‏ ١ه.‏ 


رائد الفكر الإسلامي ؛ الشهيد سيد قطب , ليوسف العظم » دار القلم » دمشق ٠»‏ طبعة عام 


1/٠‏ ام. 


رد الدارمي على بشر المريسي» تحفيق :الفقي طبعة باكستان »عام ١6.‏ ه. 


رفع الملام عن الأئمة الأعلام » لابن تيمية » دار البصيرة - الإسكندرية - ط١‏ » عام 


ه١‎ 848 


روضة التعريف بالحب الشريف .«للسان الدين الخطيب ؛ دار الفكر دص 5357» بيروت» 


اه 


روضة الناظر لابن قدامه المقدسي » دار الكتاب العربي - بيروت ط١‏ » عام 0 
(ذ) 


زاد المعاد لابن القيم مؤسسة الرسالة بيروت ط١”‏ عام 511 ١ه.‏ 


(س) 


السحر بين الحقيقة والخيال » أحمد الحمد » مكتبة التراث » مكة » ط١ء‏ عام 5٠/8‏ ١ه.‏ 


5" 


-1 


81 


- 


1 


7 


عم 


0 


ه16 


و 


-/ 


-11 


8 


-١5٠ 


-5 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





السلام العالمي في الإسلام»سيد قطبء دار الشروقء القاهرة» ط؟١١‏ » عام 145 ام. 
السنة لابن أب عاصم» تحفقيق الألباني» المكتب الإسلامي» بيروت.ط” عام 4١١‏ اه. 


عام 5آاه. 


السيرة النبوية لابن هشام دار التراث العربي القاهرة » ب.ت. 
سلسلة أعلام المسلمين سيد قطب للخالدي ٠‏ دار القلم » بيروت » ط” » عام١٠٠٠م.‏ 
سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني » دار المعارف »الرياض »ط ١‏ » عام ©١5١ه..‏ 


سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني » مكتبة المعارف - الرياض » طه » 


.ىهه١‎ 5. 

سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد القزويني » دار المعرفة بيروت ط١‏ عام ١5١5‏ ه. 
سنن الترمذي » تحقيق : أحمد شاكر . دار الكتب العلمية » بيروت » ب.ت. 

سنن النسائي » دار المعرفة » بيروت » ب. ت. 


سيد قطب . خلاصة حياته ومنهجه في الحركة . محمد توفيق بركات » دار الدعوة » 


بيروت » ب .ا ت. 
سيد قطب الأديب الناقد . د / عبد الله الخباص » مكتبة المنار » الزرقاء » ط١‏ عام 235 


سيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي ) لمحمد علي قطب . دار الحديث » بيروت » ط7؟ » 


٠. 
لا .لا.‎ 


سيد قطب بين العاطفة والموضوعية ٠‏ لسالم البهنساوي. 


51 


-5 


ا 


-68 


7-6 


-5 


-١ /ا‎ 


-1١/ 


-8 


-1١6 م‎ 


-١ 


- 5 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





سيد قطب حياته وأدبه » لعبد الباقي محمد حسين دار الوفاء » المنصورة » ط؟ » عام 


ا 


سيد قطب من القرية إلى المشنقة . عادل حمودة » دار سيناء للنشر » القاهرة » ط١‏ » عام 


/11 ام. 


سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد . د / صلاح الخالدي » دار القلم » دمشق » ط” » 


عام 00 اه. 


سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي مؤسسة الرسالة »بيروت » ط١ء‏ عام 501 ١م‏ 


(ش) 


الشرك بالله تعالى » أنواعه وأحكامه » ماجد محمد شباله » دار الإيمان » الإسكندرية » 


طقن عام 65 آم. 
شريط بعنوان : ( رأي معتدل في سيد قطب ٠‏ للشيخ الألباني في ١/1317/9١م‏ ). 


شريط بعنوان : ( المنهج الصحيح لاستثئناف الحياة الإسلامية » لشيخ الألباني في 
ا 


بيروت » ب .ت. 


الشهيد سيد قطبء إعداد جماعة أصدقاء الشهيد » بدون ناشر أو تاريخ . 


55 


7ه 1- 


-١6 م‎ 


-١هه‎ 


-١5 


-١ /اة‎ 


-1١ه/‎ 


8 


-5٠ 


-5١ 


1 


لك 


ات 


17 7779797972722111199191937-71717احيت قط ومنعجه في العقيدة 





الشورى في ظل الحكم الإسلامي - عبد الرحمن عبد الخالق - الدار السلفية الكويت ط 
ام 11م 


الشوكاني وسيد قطب » الأبعاد الحضارية » د / حسن ناصر سرار » إصدار وزارة الثقافة 


؛.صشتعاء ١‏ عام 5 ١٠5م.‏ 


شيخ العربية : محمود شاكرء لإبراهيم الرضواني ٠‏ مكتبة الخانجي - القاهرة » طه١4 ١‏ 


ه. 
شذرات الذهبء لابن العماد الحنبلي » دار الكتب العلمية بيروت » ب. ت. 


شرح أصول اعتقاد أهل السنة لأبي القاسم اللالكائي دار طيبة - الرياض . طة عام 


. ها‎ ١52 


شرح الأسماء الحسنى »لمحمد بن عمر الرازي »مكتبة الكليات الأزهرية »طبعة عام 


1 ام. 


شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي » تحقيق د / عبد الكريم 


عثمان » مكتبة وهبة - القاهرة - ط١‏ عام 1/5١ه.‏ 
شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية» دار الكتب الحديثة» القاهرة» ب.ت. 


شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ٠‏ تحقيق / التركي والأرناؤوط » مؤسسة 
الرسالة » بيروت ط5”ا.”"١:١ه.‏ 


شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 3 دار ابن الجوزي ح- الرياض اطة ,ع عام 
6 شد 


شرح ألفية السيوطي » لأحمد شاكر »دار المعرفة حبيروت هب . ت. 


551١ 


--16 


1 


/6ك- 


-157 


8 


6/اا- 


-1ا/١‎ 


؟/اك- 


؟/اا- 


1 


-١ا/ه‎ 


ك/اا- 


اا ا- 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





شرح الكبرى للسنوسيءالمكتبة المصرية » ب.ت ,)ص ده . 


شرح الكوكب المنير» لابن النجار ؛ مكتبة العبيكان » الرياض »1 8١ة١اه.‏ 


- عام /ا5 اه ٠.‏ 


شرح المقاصد للنفتازاني » عالم الكتب » بيروت » ط؟ ؛ عام 08 ١ه.‏ 
شرح صحيح مسلم للإمام النووي دار المعرفة - بيروت » ط؟ عام ١ ١511/‏ هى. 


شرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني مع حاشية بن قطلوبغا » دار الوطن - الرياض - 


ط١هاء‏ عام ١55١ه.‏ 


الك حك الرياسن 


شعراء الدعوة الإسلامية »لأحمد الجدع وحسني جرار »مؤسسة الرسالة »ط١‏ . 917١ام.‏ 
شفاء العليل 2 لابن القيم » دار الكتاب العربي - بيروت دط١اء‏ عام 2 اه. 
(ص) 


الصحاح ٠»‏ لإسماعيل بن حماد الجوهري - تحقيق أحمد عبد الغفور عطار » دار العلم 


للملايين- بيروت - ط؟ »عام 1995١ه.‏ 


الصفات الإلهية» لمحمد أمان الجامي » طبعة الجامعة الإسلامية - بالمدينة النبوية - ط١‏ 


.١5٠١8 .عام‎ 


الصلة بين العقيدة الحاكمية عند سيد قطب . د/ عبد العزيز الوهيبي » دار المسلم » 


الرياض ط؟اء عام هه ١اه.‏ 
الصواعق المرسلة 2 لابن القيم »دار العاصمة » الرياض ط؟ / » /١اة١اهه.‏ 


55 


ااك- 


8 


-18٠ 


-1١ 


- 


-87 


-1 


-1١6 


-15 


-١ /ام‎ 


-11/ 


11 


-58 


0 


17 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة» لابن القيم» تحقيق» د.علي الدخيل 
اللهء» دار العاأصمة؛ الرياض» ص عام 5١6‏ ١اه.‏ 


صحيح الإمام البخاري »محمد بن اسماعيل البخاري» دار ابن كثير - بيروت - طه 2 


عام 1 ١اهه.‏ 
صحيح السيرة النبوية للالباني- المكتبة الإسلامية عمان ط ١‏ عام ١57١‏ ه. 
صحيح سنن ابن ماجة » الألباني» مكتبة المعارف - الرياض ط١‏ عام 5١1‏ ١ه.‏ 
صحيح سنن أبي داود للألباني » مكتبة المعارف الرياض . ط؟ . 57١‏ ١ه.‏ 
صحيح مسلم » دار ابن حزم » بيروت » ط١‏ » عام 5١5‏ ١ه‏ . 
صفحات من التاريخ » لصلاح شاديء دار الشعاعء الكويت» ط ١‏ »عام ١18١م‏ . 
(ض) 
ضعيف الترغيب والترهيب ٠‏ للألباني » مكتبة المعارف ٠‏ الرياض ٠‏ ط١‏ عام ١57١ه.‏ 
ضوء المعاني في شرح بدء المعالي ٠‏ للملأ علي القاري » دار السعادة » تركيا »ب.ت. 
ضوابط التكفير » راشد الراشد » مكتبة الرشد » الرياض ٠‏ طبعة عام 4717 ١ه.‏ 
(ط) 
الطبراني في الكبير » مطبعة الزهراء العراق ط" عام ١5٠6‏ ه. 
الطريق نحو حكم إسلامي » محمد علي ضناوي » دار الإيمان » طرابلس » ب . ت. 
طبقات الحفاظ للسيوطي ., دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ - عام 5٠07‏ ١ه.‏ 
طريق الهجرتينء لابن القيم المطبعة السلفية القاهرة طبعة عام 16 ١١ه.‏ 
طفل من القرية» سيد قطب, الدار السعودية للنشرء جدة» ب. ت . 


5557 


1 


8 


-6 


1 


/ا1- 


- 


8 


ثيلآا- 


5.١ 


عاوبات 


4 


17 77779777291313131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





(ظ) 


ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي . د/ سفر بن عبدالرحمن الحوالي » دارالكلمة » هولندا 


طاو ١ه‏ . 


الظلم وأثره السيء على الفرد والمجتمع » لمحمد عبدالله الحكمي ». دار المجتمع جده » ط١‏ 


؛ 6١ة5اه.‏ 

(ع) 
العالم الرباني الشهيد سيد قطب »٠‏ لعشماوي أحمد سليمان » ب. د » طبعة عام 3959١م.‏ 
العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية» دار الفضيلة» الرياضء؛ طاء عام 57١‏ ١ه..‏ 
العدالة الاجتماعية - سيد قطب - دار الشروق » بيروت ٠‏ طبعة عام 54١8©‏ ١ه.‏ 


العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء » تحقيق د / أحمد 


المباركي » مؤسسة الرسالة - بيروت » ط١ا‏ عام ا ا 


العقيدة بين السلف والمتكلمين » أ .د / حسن شباله » دار الإيمان » الإسكندرية » ط١‏ » 


عام “٠‏ 5. ٠كم.‏ 
العلمانية »د /سفر الحوالي » مكتبة الطيب »القاهرة “طاعم١اةاه..‏ 


طت عام 5١‏ ١ه.‏ 


عالم السحر والشعوذة » د/ عمر الأشقر » دار النفائس - الأردن » ط”؟ » عام 5١14‏ ١ه.‏ 


عبد الناصر وعلاقاته الخفية » أحمد عبد المجيد » دار الزهراء » القاهرة » ط 5١5. ١‏ ١ه‏ 


506 


1 


5١ 


2-0 


1 


0ت 


6 


165 


17 7779777913131319191937-71717اشيت قطي ومنمجه في العقيدة 





عبقري الإسلام » سيد قطب ., د . سيد بشير كشميري » دار الفضيلة » القاهرة » ب . ت. 


عصر محمد علي باشا » عبد الرحمن الرافعي » مكتبة النهضة ., القاهرة » ط؟ » عام 


١ه‏ ام 1 
عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني تحقيق د/ الجديع دار العاصمة الرياض ط 


"عام 59١5١اه.‏ 


العلم يدعو إلى الإيمان » كريس موريسون » ترجمة : محمود صالح » مؤسسة فرانكلين» 
القاهرة 6 طم عام 65ام ٠.‏ 


علم الإعجاز القرآني : د/ خليل رجب الكبيسي ٠»‏ مركز عبادي » صنعاء » ط ١‏ عام 
555 اه. 


غلناء فكو كلا بتقة فون لني ارنحتن (الساء مكف يكة جا اها 11 
علماء ومفكرون عرفتهم » لمحمد المجذوبء؛ دار الشواف ؛. الرياض » ط 5» عام 5ام. 


عملاق الفكر الإسلامي . سيد قطب ,٠‏ للشهيد عبد الله عزام - رحمه الله - مركز شهيد 


زام » بيشاور » ١‏ بات 


عوامل تقهقر الأمة المسلمة » د/ سليم القباطي » مكتبة الجيل» صنعاء » ط١‏ » عام 


0ام. 
(غ) 


الغاية القصوى في ولاية الفتوى » للعلامة البيضاوي ٠‏ تحقيق : قرة داغي ؛ دار الإصلاح 
» الدمام » ط١‏ ؛ ١.٠ةلاه.‏ 
غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى » لمرعى الكرمي » المؤسسة السعيدية » 
الووافن 1ه 
الغنية لطالبي طريق الحق »٠‏ لعبدالقادر الجيلاني » مطبعة الحلبي » القاهرة » ط965١."م‏ 


55 


-1/ 


1 


181 


0 


2-20 


0 


7 


+ 


1 


5 


ا 


17 


6 


ما 


17 777977729131319191937-71717اشيت قطي ومنعجه في العقيدة 





(ف) 
ففنارئع اللفحة الداكمة للتحوة اللمية والإنكاء والستغودية + ترتيتة أخطه الدويةن داق 
العاصمة » الرياض عط" ., 9١5١ه.‏ 
الفطرة » حقيقتها ومذاهب الناس فيها » علي بن عبد الله القرني » دار المسلم » الرياض 2 
١‏ عام 5١5١ه..‏ 


فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم مطبعة الحكومة مكة المكرمة .ط١‏ عام ١١99‏ ه. 
فتح الباري لابن حجر » دار الفكر - بيروت طبعة عام 5١١‏ ١ه.‏ 

فتح القدير للشوكاني المكتبة العلمية - بيروت - ط عام 5١6‏ ١ه..‏ 

فتح المغيث للسخاوي » دار الكتب العلمية - بيروت - طبعة عام 57١‏ ١ه.‏ 

الفروق لأبي هلال العسكري » دار الآفاق » بيروت » طه » عام 5٠5‏ ١ه.‏ 


فصوص الحكم لابن عربي » تحقيق د / أبي العلا عفيفي » دار الكتاب العربي» بيروت» 


6. 


نت لت ١‏ 
الفقه الميسر لأحمد عاشور » دار ال.يوسف » بيروت » ب.ت. 
فكر سيد قطب . لمحمد أبو صعيليك » الدار الشامية » عمان » ط١‏ » عام ٠5١(اه..‏ 


في أعقاب الثورة المصرية : عبد الرحمن الرافعي ٠‏ مكتبة النهضة ٠‏ القاهرة » ط؟ » عام 
0 


في التاريخ فكرة ومنهاج - سيد قطب ب دار الشروق » القاهرة » طلم 2 عام اه. 
في ظلال القرآن - سيد قطب .دار الشروق ٠‏ القاهرة » بيروت » ط١"؟‏ ؛ عام ١٠6آم.‏ 
في ظلال القرآن رؤية استشراقية فرنسية : تأليف أوليفيه كاريه » ترجمة / محمد رضا 


حجاج » دار الزهري 2 القاهرة ع طكقء عام ؟١ة١ه.‏ 


5555 


1 


0 


م _ 


0 


م 


15 


- 


لك 


18 


6 


1 


7 


ع 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





في ظلال القرآن في الميزان » د / صلاح الخالدي » دار عمار الأردن » ط؟ عام 


.هه١‎ ١ 
(ق)‎ 
. ه١‎ 5١”ماع‎ » للفيروز أبادي » مؤسسة الرسالة - بيروت . طه‎ ٠ القاموس المحيط‎ 


القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة » د / عبد الرحمن المحمود . الدار الدولي - 


الرياض- ط١‏ . 5١5١ه.‏ 

القواعد الفقهية » لابن رجب الحنبلي . دار المعرفة »بيروت » ب. ت. 

الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي. 

قصة الأدب المصري » عبد المنعم خفاجي ٠‏ المطبعة اللندنية » ط١ء‏ عام 1557 ١م.‏ 
قواعد التكفير » عبد المنعم حليمه » دار البشيرء الأردن » ط١‏ » عام 5١6‏ ١ه.‏ 
قوانين حكم الإشراق للشاذلي » الكليات الأزهرية - القاهرة - ١8١١ه‏ . 


القول السديد للسعديء طبعة الجامعة الإسلامية » المدينة عام » 5٠5١ه.‏ 


(ك) 
الكشاف للزمخشري دار إحياء التراث العربي بيروت ط١‏ عام 511 ١ه.‏ 
(ل) 


الله » لعباس العقاد » دار الهلال » القاهرة » ب كه 
لسان العرب لابن منظور » دار إحياء التراث العربي » بيروت » ط؟ » عام اه 
لسان الميزان لابن حجر » دار الكتب العلمية » بيروت » طاء» عام 15 ام. 


/ا 5 5” 


8 


هع 


-6 


- 7 / 


-7 


111 


ثمه- 


ه١‎ 


- 


0 


- +: 


همه- 


كال- 


17ت ات 


/ه- 


17 7779797791133119191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





لماذا أعدموني - سيد قطب - بدون دار النشر ولا تاريخ. 
لوامع الأنوار البهية للسفاريني مؤسسة الخافقين» دمشق ط؟ عام 5١07‏ ١ه.‏ 

(م) 
المحصول للرازي» تحقيق د/ جابر العلواني»مؤسسة الرسالة» بيروت» ط؟, عام 5١١‏ ١ه.‏ 
المدخل لدراسة العقيدة» د. إبراهيم البريكان» دار ابن عفانء الرياضء, طهء عام 5١18‏ ١ه.‏ 
المستدرك على الصحيحين ., للحاكم النيسابوري » دار الكتب العلمية» بيروت» ب. ت. 
المستصفى في علم الأصول لأبي حامد الغزالي دار الأرقم الكويت ط" عام 57١‏ ١ه‏ .. 


المستقبل لهذا الدين - سيد قطب - دار الشروق » القاهرة » ط5 ١‏ » عام 6 اه. 


دة ه أ فقه لآل تيمبة » تحقيق د أحفة »كد فص 6غ غن » 
التتودة فى اضدؤل الفقه لان قيدية «قطفيق 5 /"احمه القورين :دار التضيلة + الزياطن 


ط 57:١اه.‏ 
المصطلحات الأربعة لأبي الأعلى المودوديء دار الفكرء الكويت,.ط١»‏ عام 50١‏ ١ه.‏ 


المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم - محمد فؤاد عبد الباقي - دار الحديث - القاهرة 
طبعة 577:١ه‏ 


المعجم الوسيط . د / إبراهيم أنيس وآخرون .دار الفكر حبيروت . ط"؟ . ب .ا ت. 
لمفردات من غريب القرآن للراغب الأصفهاني . دار القلم » بيروت “ط” 991١م‏ . 


المفسرون بين التأويل والإثبات للشيخ / محمد بن عبد الرحمن المغراوي » مؤسسة الرسالة 


- بيروت- ط١‏ .5ع ١اه.‏ 
الملل والنحل للشهرستاني 2 مكتبة الانجلومصرية 2 القاهرة ١‏ “نيه علكاد 


"7 


41 


6 


5 


0 


7 


4 


ه7- 


1 


-/ 


5 


لت 


اا 


اا - 


ا 


17 777979772993131313119191937-71717اشيت قط ومنمجه في العقيدة 





المنهج الحركي في ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي دار عمار الأردن ط؟ عام 
5١‏ آاهى. 


ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ٠»‏ أبي الحسن الندويء دار الكتاب العربي » بيروت » 
طكت عام 1516 ١م.‏ 


متن الأوطار للإمام الشوكاني؛ دار الجيل » طبعة عام 917١م‏ . 


مجموع رسائل ومقالات الشيخ عبد الله بن قعود »جمع : عبد الله آل مهنا » دار طيبة 
الخضراء » مكة » ط”. عام /ا1 ١5‏ ه. 


مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية » جمع عبد الرحمن النجدي » طبعة عام 5١/4‏ ١ه.‏ 


مجموع فتاوى ورسائل الشيخ : محمد بن إبراهيم » مطبعة الحكومة » مكة » ط١‏ » عام 
46اه. 


محمد حسين عدار الوفاء » المنصورة » ط؟ » عام 1515ام. 
مختار الصحاح لأبي بكر الرازي » دار الفكرء بيروت؛ عام 5٠0١‏ ١ه.‏ 


مختصر الصواعق المرسلة . للموصلي » دار الكتب العلمية - بيروت - ط١‏ - عام 


.ها١ة:ة.ه‎ 


مختصر العلو للعلي الغفار » للشيخ الألباني »المكتب الإسلامي .بيروت »ط١‏ »عام 


١‏ ه. 

مدارج السالكين لابن القيم دار الكتاب العربي ط"اعام 5١5‏ ١ه‏ . 

مدخل إلى ظلال القرآن » د / صلاح الخالدي . دار عمار الأردن »ط١؟‏ »عام 57١‏ ١ه‏ . 
مذابح الإخوان في سجون ناصر ٠‏ لجابر رزق » دار الوفاء » القاهرة » 985١م‏ . 


54 


م _ 


ا 


ه/ا- 


- 


اا 


-1 


قد 


1 


١ 


0 


ات 


4 


هم/”- 


1 


17 7779797972722111199191937-71717احيت قط ومنعجه في العقيدة 





مذاهب فكرية معاصرة » محمد قطب . دار الشروق » بيروت» طاء 5٠7‏ ١اه..‏ 


مذكرات سائح في الشرق الإسلامي, لأبي الحسن الندوي » مؤسسة الرسالة » بيروت » ط١‏ 


62 عام ان ام. 


مذكرة في أصول الفقه للشيخ / محمد الأمين الشنقيطي » دار القلم - بيروت - طبعة 
15اه. 


مراتب الإجماع لابن حزم دار أبن حزم بيروت - ط١‏ عام 5١5١ه.‏ 


مسند الإمام أحية » للمصسنف الأرناؤوط 2 مؤسسة الرسالة » بيروت طلدءع عام 


١ه‏ 
مشاهد القيامة في القرآن » سيد قطب » دار الشروق » بيروت » طهة ك2 عام 5كمم. 


مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي » تحقيق الألباني ٠‏ المكتب الإسلامي » بيروت ٠‏ ط” 


5:١6 »‏ ١اه.‏ 
مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله ربيع » الدكتور/ المدخلي. 


مع سيد قطب في فكره السياسي والديني » د / مهدي فضل الله . مؤسسة الرسالة » بيروت 
٠‏ طذ١‏ » عام 11 ام. 


معارج القبول للحكمي دار ابن القيم - الدمام ط؟ عام 5١65‏ ١ه.‏ 

معالم في الطريق - سيد قطب , دار الشروق » بيروت . طه ١‏ » عام 51315١م.‏ 
معتقد أهل السنة والجماعة » لمحمد بن خليفة التميمي » دار الحريري - القاهرة » ب.ت. 
معجم ألفاظ القران - مجمع اللغة العربية - القاهرة طبعة 5٠5١ه.‏ 


معجم المؤلفين» لعمر رضا كحالة, دار إحياء التراث» بيروت» ب ٠ت‏ . 


ل 


-11/ 


7 


11 


٠ 


1 


07 


47 


4 


6 


115 


1 


0 


11 


ثءات 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





معجم مقاييس اللغة لابن فارس - دار الجيل - بيروت ب .٠ت.‏ 
معركة الإسلام والرأسمالية- سيد قطب - دار الشروق - القاهرة » ط؟١‏ » عام 5١5١ه.‏ 


معركة السفور والحجاب , لمحمد أحمد إسماعيل المقدم » دار طيبة الرياض » ط ” » عام 


0 1ام. 

معركثنا مع اليهود سيد قطب » دار الشروق » بيروت 5.3١٠1‏ ١م.‏ 

المغني لابن قدامة تحقيق د/ التركي » دار هجر » القاهرة » ط”", عام 5١/8‏ ١ه.‏ 
مفتاح دار السعادة لابن القيم» دار ابن عفانء الرياضء؛ طا١ء‏ عام 5١5‏ ١ه.‏ 


مقالات الاسلاميين ٠‏ لأبي الحسن الأشعري » تحقيق / محمد محي الدين » مكتبة النهضة 


االقاقرة عات عا اق اد 

مقامة لراك وسيل لكق الال ان ا د 

مقدمة مجموع فتاوى ابن عثيمين. 

وترينات لون لتاقي يم اكصوه إن الشدزو و تورزوك حل وي 1 


من أعلام الحركة الإسلامية »للمستشار عبد الله العقيل» دار التوزيع؛ القاهرة » طبعة عام 


.آم 


من أعلام المسلمين سيد قطب »د / صلاح الخالدي » دار القلم » دمشق » ط١‏ » عام 


.آم 
منازل السائرين ٠‏ لأبي إسماعيل الهروي ٠‏ مطبعة البابي الحلبي » مصر -ط7- ب.ت. 


مناهج الأدلة في عقائد الملة » لابن رشد » تحقيق د/ محمد قاسم . ط" » مكتبة الأنجلو 


المصرية » القاهرة ب.ت 


5١ 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





-١‏ مناهل العرفان »؛ للزرقاني »دار الفكر - بيروت ط عام مءة اه. 


5ل منهاج السنة لابن تيمية» تحقيق/ محمد رشاد سالم» جامعة الإمام» الرياضء» طاء عام 


كءدةلاه. 


0- منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة» لعثمان بن علي حسن ٠‏ مكتبة 


الركد + الرياضن 6 ل حور ااه 


4- منهج الإمام الخطابي في العقيدة للحسن بن عبد الرحمن العلوي » دار الوطن - الرياض 
- ط(١)-‏ ا 


الرياض » طاء عام /1١ة١ه..‏ 


ل منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة » لتامر محمد متولي »؛ دار ماجد عسيري » جدة 
»ط١‏ » عام ه":١اه..‏ 


7- منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي ٠»‏ طبعة الجامعة 


الإسلامية عام ١٠5١ه.‏ 
- مهمة الشاعر في الحياة » سيد قطب , دار الشروق » بيروت » ب . ت. 
41- الموافقات للإمام الشاطبي دار الكتب العلمية بيروت ب.ت. 
-٠‏ المواقف في علم الكلام » عبد الرحمن الإيجيء دار عالم الكتب- بيروت» ب.ت. 


1- الموتى يتكلمون 2 سامي جوهر »2 المكتب المصري الحديث »القاهرة طاء عام 


/ 110 ام. 


- المورد العذب الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال ٠»‏ للشيخ / عبد الله بن محمد الدويش 


دار العليان » بريده » ط١‏ » عام ١١5١اه.‏ 


إلى 


حل 


لك 


0 


6 


0ك 


1 


1 


1 


ع 


١ 


00 


لك 


م 


م 


17 777979772911313119191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





موسوعة الإجماع لسعدي أبوجبيب. 


موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة » مجموع مؤلفين » مكتبة المعارف - 


لرياض »ط١‏ عام ١5١19‏ ه. 


موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية » د/أحمد شلبي » مكتبة النهضة المصرية 
» طه » عام 5ام. 


الموسوعة الميسرة في الأديان المعاصرة » الندوة العالمية للشباب الإسلامي ٠‏ الرياض » 


ط" . عام 5١/8‏ ١ه.‏ 


الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة » الندوة العالمية للشباب الإسلامي » 


لرياض » ط١‏ » عام 5١15‏ ١ه.‏ 

موسوعة تاريخ مصر . لأحمد حسين ٠‏ دار الشعب » القاهرة » ب .ت. 
موقع الإسلام الذهبي. 

موقع الإسلام اليوم 

موقع ابن جبرين على الانترنت. 


موقف البشر تحت سلطان القدر » لمصطفى صبري ٠؛‏ المطبعة السلفية - القاهرة - ط١‏ 


.ها١؟هالا‎ 


موقف العقل والعلم من رب العالمين ١‏ لمصطفى صبري » دار إحياء التراث - بيروت» 


ب.ت. 

ميلاد ثورة »محمد عودة »دار الجمهورية » القاهرة »طبعة عام 11/١‏ ١م.‏ 
(ن) 

النبوات لابن تيمية» دار الكتب العلمية» بيروت» ط عام 987١م‏ . 


هع ” 


15 


- 


عات 


11 


امات 


ام 


ايت 


م 


م 


هعم 


بسانت 


ا 


لك 


17 777797977291131319191937-71717اشيت قط ومنعجه في العقيدة 





النبوة و الأنبياء » محمد بن علي مكتبة الغزالي » طبعة عام 5٠٠‏ ١ه.‏ 

النجوم الزاهرة » لابن تغري بردي » دار الكتب .بيروت ع»ب-ت. 

النحو الوافي » لعباس حسن : دار المعارف - مصر - ط 5 ب.ت. 

نحو مجتمع إسلامي - سيد قطب - دار الشروق - بيروت طبعة عام 5١5‏ ١ه.‏ 
(ه) 

هدي الساري مقدمة فتح الباري » لابن حجرء دار الفكرء بيروت؛ ط عام 5١١‏ ١ه.‏ 

هذا الدين لسيد قطب , دار الشروق » بيروت» طلا » عام 5٠57‏ ١ه.‏ 
(د) 

واقعنا المعاصر . محمد قطب » مؤسسة المدينة » جدة » ط" » عام ٠1935١م.‏ 


وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة للشيخ / محمد ناصر الدين الألباني ٠»‏ المكتبة 


الإسلامية » عمان » ط؟ » عام 57١‏ ١ه.‏ 
الوحي المحمدي . لمحمد رشيد رضاء المكتب الإسلامي » بيروت » ط 1 عام 395١١ه.‏ 
وفيات الأعيان لأين خلكان » دار صادر » بيروت » ب .ت. 
واقعنا المعاصر . محمد قطب » مؤسسة المدينة » جدة » ط"؟ » عام ٠131١م.‏ 
(ي) 


اليوم الأخر في القرآن والسنة د/عبد المحسن المطيري- دار البشائر - لبنان - ط7-عام 


/ااةٌ١اه.‏ 
اليوم الأخر في ظلال القرآن - احمد فائز - مؤسسة الرسالة » ط1؟ عام 5١17‏ ١ه.‏ 
ثالثاً: المجلات : 


لا 


19171 777737373717137137171717171737اسيسامطت ومنمجة في العقيدة 





48- مجلة ( كلمة الحق ) السنة الأولى - العدد الثاني - مايو 35717١م.‏ 
0 <- مجلة الدعوة » العدد ١59١‏ .» بتاريخ 9/١/514١اه‏ . 
-0١‏ مجلة الرسالة » العدد 954" لسنة ١55١م.‏ 

1"- مجلة الرسالة » ج١‏ » العدد 557 » سنة 9545١م.‏ 

4#- مسجلة الشيات : العدد ادكه 5 اه 

4 "- مجلة الشهاب اللبنانية » عدد١؟‏ بتاريخ /١5‏ ” / 17917١ه.‏ 
65 - مجلة الشهاب اللبنانية العدد "١‏ . صفر عام ؟557١ه.‏ 
5- مجلة المجتمع » عدد 8١57‏ بتاريخ .١1/1// 5 /١‏ 

1- مجلة المجتمع الكويتية » العدد ١/ا”‏ عام 7556١ه..‏ 
- مجلة المجتمع الكويتية » العدد ٠ه‏ 

48- مجلة المجتمع الكويتية » العدد 555, جماد آخر 5٠07‏ ١ه‏ . 
- مجلة المجتمع الكويتية » العدد 155 لعام ”“٠5١ه.‏ 
-0١‏ مجلة المجتمع الكويتية »العدد:” ١١‏ عتاريخ 1177/8/8 ١م.‏ 
5- مجلة المجتمع الكويتية العدد ١/١‏ "شوال » 5365١ه‏ . 
617"- مجلة المجتمع الكويتية عدد 555 » جماد آخر7٠5١‏ ه. 
+"- مجلة المسلمون : العدد " سنة /ا١ه‏ . 


هه"- مجلة المنار الجديد العددة ١‏ ذو الحجة 57٠0‏ ١ه.‏ 


دهع" 


7771717171717171717171717-717-17-1771اسرصاقطكي ومنمجة في العقيدة 





كهع ” 





فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المقدمة 
الباب الأول : عصره وحياته 
وفيه ثلاثة فصول 
الفصل الأول عصره. 
الفصل الثاني حياته الشخصية . 
الفصل الثالث حياته العلمية .توطئة 
الفصل الأول 
المبحث الأول 
الحالة السياسية 
المبحث الثاني 
الحالة الاجتماعية والاقتصادية 
المطلب الأول الحياة الاجتماعية . 
المطلب الثاني الحياة الاقتصادية . 
المطلب الأول 
الحياة الاجتماعية 
المطلب الثاني 
الحياة الاقتتصادية 


"265 





١ * 


١ * 
١ * 
١ * 
١ * 


١ ه‎ 


5" 
5" 
0" 
0" 
0" 
0" 
و 
؟ 
بل 
ذل 










































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المبحث الثالث 
الحالة العلمية والفكرية 
المطلب الأول 
الحياة العلمية 
المطلب الثاني 
الحالة الثقافية والأدبية 
حياته الشخصية 
المبحث الأول إسمه ونسبه وأسرته . 
المبحث الثاني نشأته وصفاته . 
المبحث الثالث أعماله ووفاته . 
المبحث الأول 
اسمه ونسبه وأسرته 
المطلب الأول إسمه ونسبه . 
المطلب الثاني مولده وأسرته . 
المطلب الأول 
اسمة ونسبة 
أولاآً اسمه ولقبه 
ثانياً أصله ونسبه 


/اه ؛ ؟" 





الصفحه 
5 
5 
5 
5 
5 
"؛ 
ا 
ا 
ا 
ا 
:2 
:2 
:2 
:2 
: 
5 
1 
65 







































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب الثاني 
مولده وأسرته 
أولاً مولده 
ثانياً أسرته 
المبحث الثاني 
نشأته وصفاته 
وفيه مطلبان 
المطلب الأول نشأته ومراحل حياته . 
المطلب الثاني صفاته . 
المطلب الأول 
نشأته ومراحل حياته 
المطلب الثاني 
صفتتته 
أولاً صفاته الخَلّقية 
ثانياً صفاته الخُلقية 
المبحث الثالث 
أعماله ووفاته 
المطلب الأول أعماله ووظائفه . 


هه" 










































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب الثاني محنته ووفاته . 
المطلب الأول 
أعماله ووظائفه 
المطلب الثاني 
محنته ووفاته 
أ المحنة الأولى 
وفاته 
الفصل الثالث 
حياته العلمية 
المبحث الأول تعليمه ورحلاته. 
المبحث الثاني ثقافته ومؤلفاته. 
المبحث الثالث جهوده في العمل الدعوي ومكانته 


العلمية. 


المبحث الأول 
تعليمه ورحلاته 
المطلب الأول تعليمه. 


المطلب الثاني رحلاته. 


"48 





١ ”5 


١ ”5 


١ ”5 


١ ”5 


١ ”5 


١ ”1/ 


١ ”1/ 


١ ”1/ 


١ ”1/ 




































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب الأول 
تعليمه 
الأول الدراسة النظامية 
الثاني الدراسة غير النظامية 
المطلب الثاني 
رحلاته 
المبحث الثاني 
ثقافته ومؤلفاته 
المطلب الأول ثقافته وأدبه. 
المطلب الثاني مؤلفاته وكتبه. 
المطلب الأول 
ثقافته وأدبه 
المطلب الثاني 
مؤلفاته وكتبه 
أولا مؤلفاته الأدبية (مرتبة حسب سنة الإصدار ) 


ثانياً مؤلفاته في الدراسات الإسلامية 


556 





الصفحه 
١ *7/‏ 
١ 7/‏ 
١ *7/‏ 


١ 

































































الموضوع 

ثالثاً بحوث وكتب لسيد قطب لم تنشر " مفقودة ' 

رابعاً هل تخلى سيد عن بعض مولفاته 

المبحث الثشالث 

جهوده في العمل الدعوي ومكانته العلمية 

المطلب الأول جهوده في العمل الدعوي. 

المطلب الثاني مكانته العلمية. 

المطلب الأول 

جهوده في العمل الدعوي 

المطلب الثاني 

مكانته العلمية وآراء العلماء فيه 

الفرع الأول مكانته العلمية 

الفرع الثاني أقوال العلماء في سيد قطب 

الباب الثاني : منهجه في تقرير مسائل 

العقيدة والإيمان 

وفيه ثلاثئة فصول 

الفصل الأول_منهجه في تقرير العقيدة 

الفصل الثاني_منهجه في الدعوة إلى العقيدة 
"55١‏ 





ب فههسالموضوعان 0000 _ 


الصفحة 
١‏ 
0/1 
١8‏ 
١8‏ 
١8‏ 
١1‏ 
١/1‏ 


١/مه‎ 







































































فهرس الموضوعات 


الموضوع 
الفصل الثالث_منهجه في تقرير مسائل الإيمان 
الفصل الأول 


منهجه في تقرير العقيدة 

وفيه أربعة مباحث 

المبحث الأول_مصادر تلقي العقيدة عند سيد قطب. 

المبحث الثاني_منهجه في الاستدلال وتقرير مسائل 
العقيدة. 

المبحث الثالث_ موقفه من الفلسفة وعلم الكلام. 

المبحث الرابع_موقفه من قضية تطور العقيدة 
ومقارنة الأديان 

توطنة 

المبحث الأول 

مصادر تلقي العقيدة عند سيد قطب 

المطلب الأول_القرآن الكريم. 

المطلب الثاني_السنة النبوية. 

المطلب الثالث_الفطرة. 

المطلب الرابع_العقل. 

المطلب الأول 


55 





"2 * 
52 1*7 
5” 1*7 
52 7 
"2 7 


5” 7 
52 1*7 


"566 
"566 
"56 
"56 
"56 
56 

































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
القرآن الكريم 
المطلب الثاني 
السنة النبوية 
المطلج الكالث 
الفطرة 
المطلب الرابع 
العقل 
المبحث الثاني 
منهجه في الاستدلال وتقرير مسائل العقيدة 
المبحث الثالث 
موقفه من الفلسفة وعلم الكلام 
المبحث الرابع 
موقفه من قضية تطور العقيدة ومقارنة الأديان 
أولاً المقصود بتطور العقيدة 
منهجه في الدعوة إلى العقيدة 
وفيه ثلاثة مباحث 


أهمية العقيدة وخصائصها. 


منهجه في عرض مسائل العقيدة والدعوة إليها. 


"526 1* 










































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
موقفه من المخالفين. 
المبحث الأول 
المبحث الثاني 
المبحث الثالث 
المبحث الأول 
أهمية العقيدة الإسلامية وخصائصها 
المطلب الأول 
أهمية العقيدة الإسلامية 
المطلب الثاني 
خصائص العقيدة الإسلامية 
المطلب الثالث 
وسائل الأعداء وأساليبهم في محاربة العقيدة 


0 


الإسلاميهة 
أولاً إخفاؤهم العداء للعقيدة ورفع راية للمعركة غير 
راية العقيدة 
ثانياً إثارة الشبهات لزعزعة العقيدة والتشكيك فيها 
ثالثاً ربط الناس بمفاهيم وقيم وضعية مقام المفاهيم 
والقيم العقدية 


55 

































































فهرس الموضوعات 


الموضوع 
رابع إيجاد المأجورين من المسلمين لتحريف 
الإسلام من الداخل 


خامساً إشاعة ثقافة الإلحاد والعلمنة 

سادساً_محاربة حملة العقيدة الحقة_وذلك من 
خلال 

المبحث الثاني 

منهجه في عرض العقيدة والدعوة إليها 

المبحث الثالث 

موقفه من المخالفين 

توطئة 

المطلب الأول 

موقفه من أهل الكتاب 

المطلب الثاني 

موقفه من الأديان الوثنية والمذاهب المادية 
المعاصرة 

الفرع الأول_موقفه من الوثنية 

الفرع الثاني موقفه من المشركين 

الفرع الثالث_موقفه من الإلحاد 


56 





ا 
“ا 
6 

































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
الفرع الرابع موقفه من النظريات الإلحادية والمادية 
ثالثاً موقفه من الوجودية 
رابعاً_ موقفه من العلمانية والديمقراطية 
الفرع الخامس_موقفه من الاستشراق 
الفرع السادس_موقفه من القومية 


المطلب الثالث 
موقفه من بعض الفرق والجماعات الإسلامية 
الفرع الأول موقفه من المعتزلة . 


الفرع الثاني موقفه من التصوف والصوفية 

الفرع الثالث موقفه من مدرسة الإمام محمد عبده " 
العصرانية " 

الفصل الثالث 

منهجه في تقرير مسائل الإيمان 

وسأذكر هنا أبرز قضايا الإيمان التي حصل 
الخلاف فيها بين الفرقء مبينآ رأي أهل السنة 
والجماعة وموقف سيد قطب من هذه القضايا وذلك في 
المباحث الآتية 

المبحث الأول تعريف الإيمان وبيان حقيقته. 


"255 








الصفحة 


6 


« ىه 


"ره 
؟"'ره 


:مه 


:مه 

































































فهرس الموضوعات 


الموضوع 


المبحث الثاني ثمرات الإيمان والتوحيد وآثاره في 


الحياة. 


م 


المبحث الثالث زيادة الإيمان ونقصانه وعلاقته 


بالإسلام. 


سيد 


المبحث الرابع الكبائر وأحكام مرتكبيها. 

المبحث الخامس التكفير. 

المبحث الأول 

تعريف الإيمان وبيان حقيقته 

وفيه مطلبان 

المطلب الأول تعريف الإيمان لغة وشرعاً. 
المطلب الثاني حقيقة الإيمان وعلاقته بالعمل عند 
المطلب الأول 

تعريف الإيمان لغة وشرعاً 


6و 


تمهيد 

أولا الإيمان في اللغة 
ثانياً الإيمان في الشرع 
المطلب الثاني 


"2 61/ 





:مه 
:مه 
وله 
وله 
وله 
وله 


همه 


كله 
كله 
كله 
لاله 


ووه 






























































فهرس الموضوعات 


الموضوع 
حقيقة الإيمان وعلاقته بالعمل عند سيد قطب 
المبحث الثاني 


ثمرات الإيمان والتوحيد وآثاره في الحياة 
المبحث الثالث 

زيادة الإيمان ونقصانه وعلاقته بالإسلام 
المطلب الأول زيادة الإيمان ونقصانه. 
المطلب الثاني العلاقة بين الإيمان والإسلام 


والإحسان. 
المطلب الأول 
زيادة الإيمان ونقصانه 
المطلب الثاني 
مراتب الدين والعلاقة بينهما 
المبحث الرابع 


الكبائر وأحكام مرتكبيها 
أولاً تعريف الكبائر 

ثانياً حكم مرتكب الكبيرة 
الْعَبَحْف الكامس 
التففير 


"5 







































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب الأول 
التكفير عند أهل السنة ومخالفيهم 
باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت فيه الفتنة. 


وكثر فيه الافتراق. وتشعبت فيه والاراء» والناس فيه 


على طرفين ووسط 

المطلب الثاني 

سيد قطب وقضية التكفير 

الفرع الأول وقفات مع النصوص 

الفرع الثاني حقيقة نسبة تكفير المسلمين إلى سيد 
قطب 





الباب الرابع : منهجه في توحيد الربوبية والأسماء 
والصفات والألوهية . 

وفيه تمهيد وأربعة فصول 

التمهيد تعريف التوحيد وأقسامه. 

الفصل الأول منهجه في توحيد الربوبية. 

الفصل الثاني منهجه في توحيد الأسماء والصفات. 

الفصل الثالث منهجه في توحيد الإلوهية. 

الفصل الرابع نواقض التوحيد والإيمان. 


5848 








الصفحة ا 
:+ ه 5 
:+ ه 5 


566: 


565 
165 
ب 


"891 





0/6 1* 


0/61 
0/6 
0/6 
0/1 
١/1 
١/6 

































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
التمهيد 
تعريف التوحيد وأقسامه 
وفيه مطلبان 
المطلب الأول تعريف التوحيد وأقسامه. 
المطلب الثاني مفهوم التوحيد. المطلب الأول تعريف 
التوحيد وأقسامه 
الفرع الأول تعريف التوحيد لغة واصطلاحآً 
أولاً التوحيد في اللغة 
ثانياً التوحيد اصطلاحآ 
المطلب الثاني 
مفهوم التوحيد 
الفرع الأول مفهوم التوحيد عند سيد قطب 
الفرع الثاني مفهوم الألوهية والربوبية بين السلف 
وسيد قطب 
الفصل الأول 
منهجه في توحيد الربوبية 
المبحث الأول وجود الله ووحدانيته. 
المبحث الثاني موقفه من القول بقدم العالم. 


"52 





2 ا 
5 /ا 
5 /ا 
5 /ا 
5 /ا 
5 /ا 


.“7 
“7 
.“7 
و“ 
و“ 
و“ 
ةل“ 


م7 
م7 
م7 
م7 

































































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

المبحث الثالث موقفه من وحدة الوجود. 

المبحث الرابع منهجه في الإيمان بالقدر. 

المبحث الأول 

وجود الله ووحدانيته 

المطلب الأول 

مناهج الاستدلال على وجود الله وموقف سيد قطب 
منها 

المطلب الثاني 

منهج سيد قطب في تقرير وجود الله ووحدانيته 
والاستدلال عليه 

الفرع الأول الاستدلال بالفطرة 

الفرع الثالث الاستدلال بالأدلة العقلية " انتظام الكون 
وعدم فساده " 

الفرع الرابع الاستدلال بالمعجزات وخوارق العادات 

المبحث الثاني 

موقف سيد قطب من القول ب " قدم العالم " 

المبحث الثالث 


موقفه من وحدة الوجود 


"؟غا/١‎ 





لكك ا 
ى.ءىىل7”2 
,7 
م“ 
م“ 
7/8 
7/8 


07" ٠ 
07" 


٠و"‏ 
"م 


ام 
ك4 
4 


4 





4 



























































فهرس الموضوعات 


الموضوع 

المطلب الأول 

معنى ' وحدة الوجود ' عند القائلين بها 
المطلب الثاني 


سبب اتهام سيد قطب بالقول بوحدة الوجود 

الفرع الأول مناقشة السبب الأول " الاعتماد على 
كلام سيد في كتبه السابقة لإلتزامه" 

الفرع الثاني مناقشة السبب الثاني " الاعتماد على 
كلام أدبي موهم في الظلال' 

المطلب الثالث 

سيد قطب ونقض ' وحدة الوجود " 

المبحث الرابع 

منهجه في الإيمان بالقدر 

المطلب الأول تعريف القدر ومكانة الإيمان به في 
الدين. 

المطلب الثاني منهجه في إثبات القدر وموقفه من 
الفرق المخالفة. 

المطلب الثالث أفعال العباد والعلاقة بين المشيئة 
الإلهية والمشيئة البشرية. 


؟/ا غ2" 





المنكة ا 
هم 
هم 
/:م/ 
/ :م 
وهم 


لام 
لام 
هم 
هم 
5م 


5م 


5م 
























































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

المطلب الرابع قضايا متعلقة بالقدر. 

المطلب الأول 

تعريف القدر ومكانة الإيمان به في الدين 

المطلب الثاني 

منهجه في إثبات القدر وموقفه من الفرق المخالفة 

المطلب الثالث 

أفعال العباد والعلاقة بين المشيئة الإلهية والمشيئة 
البشرية 

الفرع الأول سبب الخلاف وأقوال الفرق في مسألة 
أفعال العباد 

الفرع الثاني موقف سيد قطب من قضية أفعال العباد 

المطلب الرابع 

قضايا متعلقة بالقدر 

الفرع الأول الهدى والضلال 

الفرع الثالث الاحتجاج بالقدر 

الفرع الرابع التكليف بما لا يطاق 

الفرع الخامس الحكمة والتعليل في أفعال الله 

الفرع السادس الأجل والتقدير 


*/ا ع ؟" 

































































فهرس الموضوعات 

ا الموضوع 

الفصل الثاني 

منهجه في توحيد الأسماء والصفات 

ويحتوي على أربعة مباحث 

المبحث الأول توحيد الأسماء والصفات بين أهل 
السنة والجماعة ومخالفيهم. 

المبحث الثاني منهج سيد قطب في تقرير توحيد 
الأسماء والصفات. 

المبحث الثالث منهج سيد قطب في إثبات الأسماء 
الحسنى. 

المبحث الرابع منهج سيد قطب في إثبات الصفات. 

المبحث الأول 

توحيد الأسماء والصفات بين أهل السنة ومخالفيهم 

المطلب الأول 

المقصود بتوحيد الأسماء والصفات ومنهج أهل 
السنة فيه 

أولاً تعريفه 

المطلب الثاني 





أسس توحيد الأسماء والصفات وموقف سيد قطب 


:/ا 2" 





الصفحه 
ه11 
ه11 
1/5 
ه11 


هم 


هم 


هم 
1/5 
1/5 
1/5 
1/5 


1/5 
١١٠ 
١١٠ 



























































فهرس الموضوعات 


الموضوع 

منها 
المبحث الثالث 
منهجه في إثبات الأسماء الحسنى 
المطلب الأول 
الأسماء الحسنى وموقف الناس منها 
المطلب الثاني 


منهج سيد قطب في الأسماء الحسنى 
الفرع الأول إثبات الأسماء الحسنى وما دلت عليه 


من معان 
الفرع الثاني أسماء الله توقيفية 


الفرع الثالث أسماء الله كلها حسنى. 
الفرع الرابع الإلحاد في أسماء الله 


المبحث الرابع 

منهجه في إثبات الصفات تفصيلاً 
المطلب الأول 

أقسام الصفات الإلهية 

المطلب الثاني 


الصفات الذاتية العقلية 


ه/اغ" 





الصفحة 


١٠١:5 
١٠١ه‎ 
١٠١ه‎ 
١٠١ه‎ 
١٠١ 5 1/ 
١٠١ 5 1/ 
١٠١ 5 1/ 


٠١/ 
١٠١ه‎ 
١٠١ه‎ 
١.هه‎ 
١١هه‎ 
١١ /اه‎ 
١١ لاه‎ 
١١ه/‎ 
١٠١ه/‎ 




































































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

الفرع الأول صفة الحياة 

الفرع الثاني صفة القيومية 

الفرع الثالث صفة العلم 

الفرع الرابع صفة القدرة المطلقة 

الفرع الخامس صفة الإرادة 

الفرع السادس صفتا السمع والبصر 

الفرع السابع صفة الكلام 

الفرع الثامن صفات العزة والعظمة والكبرياء والجلال 
ونحوها 

المطلب الثالث 

الصفات الذاتية الخبرية 

الفرع الثاني صفة النفس 

الفرع الثالكَ صفة اليد والأصابع 

الفرع الرابع صفة العين الإلهية 

الفرع الخامس صفة الساق 

الفرع السادس صفة النور 

الفرع السابع صفة الأول والاخر والظاهر والباطن 

المطلب الرابع 


كلا" 





الصفحه 
١١48‏ 
١١5١‏ 
١٠١55‏ 
؟'/ا١٠١‏ 
هل/ا١٠١‏ 
//ا١٠١‏ 
م١٠١‏ 
/ا ١١‏ 


١١48 
١١6 
١١ هه‎ 
١١ / 
١١57 
١1١ا/‎ 
١1١١/1 
١١8 
١١/١ 




































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
الصفات الفعلية ' العقلية السمعية ' 
المطلت: لكان 
الصفات الفعلية " الخبرية ' 
الفرع الأول صفة الاستواء 
الفرع الثاني صفة المجيء والإتيان 
الفرع الثالث صفات المحبة والرضى والود والخلة 
الفرع الرابع صفات الكره والغضب والسخط والمقت 
الفرع الخامس صفة المعية والقرب 
الفرع السادس صفة الرحمة 
الفصل الثالث 
منهجه في توحيد الألوهية 
المبحث الأول تعريف توحيد الألوهية ومكانته في 


الدين. 


المبحث الثاني منهجه في تقرير توحيد الألوهية 


وابطال الشرك. 


المبحث الثالث خصائص الألوهية ومجالاتها. 
المبحث الأول 


تعريف توحيد الألوهية ومكانته في الدين 


/ا/ا ع ؟" 





الصفحه 
١١/١‏ 
١١5‏ 
١١5‏ 
١١5‏ 
/١١1؟١‏ 
١”‏ 
/ا” ” ١‏ 
١١4‏ 
هه"١‏ 
ه/ا ١"‏ 
ه/ا ١"‏ 
ه/ا ١"‏ 


١” ه/ا‎ 


١" ه/ا‎ 


١ ك/ا”‎ 
١ ك/ا”‎ 




































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المبحث الثاني 
منهجه في تقرير توحيد الألوهية وابطال الشرك. 
المبحث الثالث 
خصائص الألوهية ومجالاتها 
المطلب الأول 
' لا إله إلا الله " معناهاء ومقتضياتها 
المطلب الثاني 
العبادة 
الفرع الأول مفهوم العبادة لغة واصطلاحآً 
الفرع الثاني مفهوم العبادة عند سيد قطب 
المطلب الثالث 


4 


الحاكمية 
الفرع الأول تعريف الحاكمية لغة واصطلاحآً 
الفصل الرابع 

منهجه في نواقض التوحيد والإيمان 

المبحث الأول اللثشرك. 

المبحث الثاني الكخفر. 

المبحث الثالث النفاق. 


"0 





الصفحه 
١١5‏ 
١١5‏ 
١"‏ 
١"‏ 
5ه"١‏ 
5ه"١‏ 
١5"‏ 
١59+‏ 
١5+‏ 
ه١١‏ 
١:١‏ 
١١‏ 
١54 ”1*‏ 
١ 848‏ 
١6‏ 
١ 848‏ 
١ 6‏ 
١ 848‏ 










































































الموضوع 

التمهيد 

تعريف النواقض وأقسامها 

المبحث الأول 

الثشرك 

المطلب الأول 

تعريف الشرك وبيان حقيقته 

المطلب الثاني 

منهج سيد قطب في بيان الشرك وأنواعه 
الفرع الأول معنى الشرك وحقيقته 
الفرع الثاني نشأة الشرك وأسبابه 
المبحث الثاني 

الكفر 

المبحث الثالث 

النفاق 

التمهيد 

مقدمة حول الغيب 

الإيمان بالملائكة والكتب وما يتعلق بها 
وفيه ثلاثة مباحث 


"49 





فهرس الموضوعات 


١/١ 
١/١ 
١ 
١ 
١ /'* 
١ ا ع‎ 
١ / 
١ / 
١ ه/‎ 
١ 848 
١ 
١ 
١55 * 
١55 * 
١4 
١4 
١56 


١56٠م‎ 










































































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

المبحث الأول الإيمان بالملائكة. 

المبحث الثاني الإيمان بالكتب. 

المبحث الثالث الإيمان بوجود الجن والشياطين. 

المبحث الأول 

الإيمان بالملائكة 

المطلب الأول 

تعريف الملائكة وحكم الإيمان بهم أثره 

الفرع الأول تعريف الملائكة 

الفرع الثاني حكم الإيمان بالملائكة. 

الفرع الثالث أثر الإيمان بالملائكة في حياة البشر 

المطلب الثاني 

طبيعة الملائكة وخصائصهم 

الفرع الأول صفات الملائكة من صفات الملائكة 
التي أشار إليها سيد قطب ما يأتي 

الفرع الثاني وظائف الملائكة وأعمالهم 

المطلب الثالث 


ا لمنحرفون في تصورهم للملائكة وموقف سيد قطب 


منهم 


"4 





الصفحة 
١١6‏ 
ا 
١١6‏ 
١١6١‏ 
١١6١‏ 
ل 
ا 
ل 
١٠6‏ 
هوودا١‏ 
١5 /‏ 
١5 /‏ 
١5 /‏ 


١55 ؟1‎ 
١/4 
١51/6 

































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب الرابع 
التفضيل بين الملائكة وصالحي البشر 
المبحث الثاني 
الإيمان بالكتب 
المطلب الأول 
الإيمان العام بالكتب إجمالاً 
المطلب الثاني 
الإيمان بالقرآن الكريم 
المبحث الثالث 
الإيمان بوجود الجن والشياطين 
المطلب الأول 
تعريف الجن والشياطين 
المطلب الثاني 
إثبات وجود الجن والرد على من ينكر ذلك 
المطلب الثالث 
أصل الجن وبعض صفاتهم 
الفصل الثاني 
منهجه في الإيمان بالرسل وما يتعلق به 


"4 





الصفحه 
١5/‏ 
١57/‏ 
١55١‏ 
١55١‏ 
١551‏ 
١551‏ 
١/٠5‏ 
١/٠5‏ 
١/١‏ 
١/١‏ 
١75‏ 
١7"‏ 
١/5” *‏ 
١/5 *‏ 
م١‏ 
م١‏ 
١/6‏ 
١/6‏ 







































































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

المبحث الأول الإيمان بالرسل وما يتعلق به من 
مسائل. 

المبحث الثاني الإيمان بنبوة محمد 5 وما يتعلق 
بها. 

المبحث الثالث منهجه في الصحابة - رضوان الله 
عليهم 

المبحث الرابع منهجه في الإمامة والخلافة. 

المبحث الأول 

الإيمان بالرسل وما يتعلق به من مسائل 

المطلب الأول تعريف النبوة وحقيقتها. 

المطلب الثاني حاجة البشرية إلى الرسل وحكم 
الإيمان بهم. 

المطلب الثالث صفات الرسل وخصائصهم. 

المطلب الرابع وظائف الرسل. 

المطلب الخامس دلائل النبوة وآيات الأنبياء. 

المطلب السادس التفاضل بين الأنبياء والرسل. 

المطلب السابع وقفة مع كلام سيد قطب عن موسى 
عليه السلام 


"1 





الصفحة 


١/6 


١/6 


١/6 


١/6 
١ *اه/ا‎ 
١ / *اه‎ 
١ *اه/‎ 
١ *اه /ا‎ 


١ *اه/‎ 
١ *اه/‎ 
١ *اه/‎ 
١ *اه/‎ 
١ *اه/‎ 
























































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

المطلب الأول 

تعريف النبوة وحقيقتها 

الفرع الأول تعريف النبي والرسول والفرق بينهما 

الفرع الثاني طبيعة النبوة وحقيقتها 

الفرع الثالث منهج القرآن الكريم في تصحيح 
التصورات الجاهلية عن الرسل والرسالات 

المطلب الثاني 

حاجة البشرية إلى الرسل وحكم الإيمان بهم 

الفرع الأول الحكمة من إرسال الرسل 

الفرع الثاني حكم الإيمان بالرسل وموقف الناس 
منهم 

المطلب الثالث 

صفات الرسل وخصائصهم 

المطلب الرابع 

المطلب الخامس 

دلائل النبوة وآيات الأنبياء 

المطلب السادس 

التفاضل بين الأنبياء والرسل 


"2 





الصفحه 
ه /ا١‏ 
ه /ا١‏ 
ه /ا١‏ 
١/5‏ 
٠كل/ا١‏ 


١امكا/‎ 
١ كما‎ 
١/57 


١ ا‎ 


١ كلام‎ 
١ كلام‎ 
855 
١8م /ا‎ 
١8م‎ ١/ 
١84 
١84 




































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
المطلب السابع 
المبحث الثاني 
نبوة نبينا محمد ذَْ وما يتعلق بها 
المطلب الأول حاجة العلم إلى بعثتهية وآثارها في 


البشرية. 


المطلب الثاني أدلة نبوته 26. 
المطلب الأول 
حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين - يل - وأثارها في 


البشرية. 


الفرع الأول حاجة العالم لبعثة خاتم المرسلين محمد 


ا ل 


الفرع الثاني أثر بعثه : على البشرية 
المطلب الثاني 

أدلة نبوة نبينا محمد ك4 

المطلب الثالث 


"5 





الصفحه 
١48‏ 
48" 
١5٠‏ 
١5٠‏ 
5١‏ 


5١ 
5١ 
6 
١56 


56 


١8 
١5.1 
١5.1 
١١545 
١١55 



























































فهرس الموضوعات 
ا الموضوع 
المبحث الثالث 
منهجه في الصحابة - رضون الله عليهم 
المطلب الأول 
مكانة الصحابة في هذا الدين والواجب نحوهم 
المطلب الثاني 
طبقات الصحابة ومراتبهم 
المطلب الثالث 
خصائض: زممرز نت جيل الضكابة 
المطلب الرابع 
وقفة مع دعاوى" مطاعن سيد قطب في أصحاب 
رسول الله يه ' 
المبحث الرابع 
منهجه في الإمامة والخلافة 
المطلب الأول 
أهمية الإمامة والخلافة 
المطلب الثاني 
خصائص ومميزات نظام الحكم في الإسلام 
المطلب الثالث 





ع" 





"51١1 / 
"51١1 / 
"51 
"51 
51١": 
5١: 
"١ 




































































فهرس الموضوعات 

الموضوع 

الحاكم في النظام الإسلامي 

المطلب الرابع 

مصدر السلطات في النظام الإسلامي 

المطلب الخامس 

الشورى في النظام الإسلامي 

المطلب السادس 

شبهات حول نظام الحكم في الإسلام 

المطلب السابع 

موقف سيد قطب من الأنظمة المعاصرة ومنهج 
التغيير عنده 

المطلب الثامن 

أسباب معارضة الحكم الإسلامي والعدول عنه 

الفصل الثالث 

منهجه في الإيمان باليوم الآخر والمعاد 

وفيه أربعة مباحث 

المبحث الأول الإيمان باليوم الآخر وأثره. 

المبحث الثاني مقدمات اليوم الآخر. 

المبحث الثالث اليوم الآخر" يوم القيامة ". 


"2/5 





الصفحه 
"١‏ 
5١55‏ 
"5١5:‏ 
*1 516 
51617 
ك/ا١؟"‏ 
"١/5‏ 
54" 
514" 


551 / 
551 / 
5584 
"55 
5584 
"556 
5584 
"55 







































































الموضوع 

المبحث الرابع الجنة والنار. 
توطئة 

المبحث الأول 

الإيمان باليوم الآخر وأثره 
المطلب الأول 

معنى الإيمان باليوم الآخر وحكمه 
المطلب الثاني 

أهمية الإيمان باليوم الآخر وآثاره 
المبحث الثاني 

مقدمات اليوم الآخر 

المطلب الأول الموت. 
المطلب الثاني القبر والبرزخ. 
المطلب الثالث أشراط الساعة. 
المطلب الأول 

الموت ومقدماته 

المطلب الثاني 

القبر والبرزخ 

المطلب الثالث 


/١م‏ ع " 





فهرس الموضوعات 


الصفحة 
556" 
55 
55١‏ 
55١‏ 
55 
55 
0" 
0" 
"5" 
"5" 
"5" 
"5" 
"5" 
16 "5" 
5564 
548" 
54 
:/ 1" 







































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
أشراط الساعة 
المبحث الثالث 
يوم القيامة وأحداثه 
المطلب الأول 
النفخ في الصور 
المطلب الثاني 
البعث والنشور 
المطلب الثالث 
الحشر والقيامة 
المطلب الرابع 
الشفاعة 
الفظلت: الخاسين 
العرض والحساب 
المطلب السادس 
الحوض والصراط 
المطلب السابع 
النار وعذابها 
المطلب الثامن 


"2 





الصفحه 
:/ 1" 
5 
5 
5 
5 
515 
5015 
54١‏ 
54١‏ 
"5 
"5 
/اه ”؟" 
/اه ”؟" 
"5 
"5 
504 
504 
5١‏ 







































































فهرس الموضوعات 
الموضوع 
الجنة ونعيمها 
المطلب التاسع 
رؤية الله تعالى 
الخاتمه 
فهرس المصادر والمراجع 


"46 





الصفحة 
مشر 
4١‏ 
ذلك 
يدك 
8